سُرمہ چشم آریہ

سُرمہ چشم آریہ
Author: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad

Language: AR

AR

هذا الكتاب يحوي المناظرة الدينية بين المسيح الموعود عليه السلام، وبين مدرس الرسم لاله مرليدهر العضو البارز في آرية سماج، تفصيل وشروط هذه المناظرة مسجلة في الصفحة رقم 4-9 من هذا الكتاب. فهذا الكتاب يحتوي على النقاش المفصل حول معجزة شق القمر، وهل النجاة أبدية أم محدودة، وهل الروح والمادة حادثتان أو أزليتان، والمقارنة بين تعاليم الفيدا والقرآن الكريم.


Book Content

Page 1

الكحل العرب الآرية حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي الليلة ترجمة: محمد أحمد نعيم

Page 2

ISLAM INTERNATIONAL PUBLICATIONS LTD اسم الكتاب: الكحل لعيون الآرية الطبعة الأولى: ١٤٤٣هـ الموافق لــ ٢٠٢٢ م Guidance for the Aryas An Arabic rendering of Surmah Chashm-e-Arya Written by: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad, on whom be peace, the Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Ahmadiyya Muslim Jama'at Translated from Urdu by: Muhammad Ahmad Naeem First Published in UK in 2022 O Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd.Unit 3, Bourne Mill Business Park, Guildford Road, Farnham, Surrey, GU9 9PS United Kingdom Printed in the UK at: Raqeem Press Farnham, Surrey GU9 9PS For further information please contact: Phone: +44 1252 891330 Fax: +44 1252821796 www.islamahmadiyya.net ISBN: 978-1-84880-978-9

Page 3

Page 4

Page 5

أ 14 ٦٤ ٦٤ ٧٦ ۸۸ १० ۱۰۰ ۲۲۰ ۲۳۲ ٢٣٤ ۲۳۷ ٢٦٧ فهرس المحتويات مقدمة الناشر إعلان واجب التبيان الكحل لعيون الآرية المقدمة اعتراض من لاله مرليدهر المحترم مدرس الرس جواب من مؤلف هذا الكتاب جواب الجواب للمدرس المحترم والرد عليه تتمة سم المناظرة الثانية - اعتراض من مؤلف هذا الكتاب جواب لاله مرليدهر المحترم مع جواب الجواب من مؤلف هذا الكتاب الخطاب الموجز ملخصا للمناظرة نموذج مضمون المباهلة من طرف مؤلف هذا الكتاب نموذج مضمون المباهلة من طرف السيد الآري من الفريق الخصم حاشية منقولة من الصفحة ١٩٠ إعلان صدق الأنوار بهدف دعوة المواجهة لأربعين يوما

Page 6

۲۷۱ ۲۷۰ ۲۸۱ ۲۸۷ الإعلان مفيد الأخيار إعلان محك الأخيار والأشرار الإعلان الإعلان بجائزة خمسمئة روبية

Page 7

مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم مقدمة يسعدنا أن نقدم لقراء العربية ترجمة كتاب رائع آخر من مكتبة سيدنا المسيح الموعود الل، باسم "".كان سيدنا المسيح الموعود اللي ما زال مقيما في هوشيار بور بعد نشر النبوءة عن ولادة الابن الموعود عنده في ١٨٨٦/٢/٢٠ إذ تقررت المناظرة الدينية بينه وبين مدرس الرسم لاله مرليدهر العضو البارز في آرية سماج، في ١١ و ١٤ من مارس آزار ١٨٨٦ ، وتفصيل ذلك وشروط المناظرة مسجلة في الصفحة رقم ٤-٩ من هذا الكتاب فهذا الكتاب يحتوي على النقاش المفصل حول معجزة شق القمر، وهل النجاة أبدية أم محدودة، وهل الروح والمادة حادثتان أو أزليتان والمقارنة بين تعاليم الفيدا والقرآن الكريم.وعند صدور هذا الكتاب علّق عليه المولوي محمد حسين البطالوي ممثل أهل الحديث، في مجلته إشاعة السنة التعليق التالي: التعليق على هذا الكتاب، عديم الجواب لمؤلف البراهين الأحمدية مرزا غلام أحمد المحترم زعيم قاديان، يضم تفصيل مناظرة المؤلف مع أحد أعضاء الآرية سماج في هوشیار بور حول معجزة شق القمر، وتعليم الفيدا.ولقد أثبت جناب المؤلف في هذه المناظرة معجزة انشقاق القمر من خلال سرد الأحداث من

Page 8

مربه مقدمة الناشر التاريخ والأدلة العقلية، ومقابل ذلك أثبت بطلان تعاليم كتاب الآرية سماج الفيدا ومعتقداتهم بأدلة وافية وبدلا من أن نكتب التعليق من عندنا نهدي القراء مقتبسا من نص الكتاب ليتبين لهم قدره وقيمته وهو سيشهد بنفسه كما يقال العطر ما ينطق بنفسه لا ما يحتاج إلى بيان العطار.ولن يبقى حاجة لتعليقنا، فقد ورد فيه:.....فحمية كل مسلم وحبه للدفاع عن الإسلام يكمن في أن يشتري عشرة أو عشرين نسخة لهذا الكتاب ليوزعها على الهندوس والمسلمين، فإحدى فوائده أن ينتشر أكثر جمالُ تعاليم الإسلام وقبح مبادئ الديانة الآرية، ويعاق أعمال الآرية سماج العدائية ضد الإسلام.والفائدة الثانية هي أن من ثمن هذا الكتاب ستتيسر النفقات لطباعة ونشر مؤلفات أخرى لمرزا المحترم مثل السراج المنير وغيره) عاجلا.لقد سمعنا أن طباعة السراج المنير يتوقف إلى الآن بسبب عدم توفر النفقات، وهناك انتظار لنفقات طبعها من ثمن كتاب.لا شك أن أوضاع المسلمين مدعاة للأسف الشديد، حيث نرى أن شخصا كرس نفسه وضحى بها من أجل الدفاع عن الإسلام في العالم كله ويتصدى لمواجهة كل الأديان والمسلمون لا يساعدونه على هذا العمل بأموالهم." (إشاعة السنة مجلد ۹ عدد ٥-٦ صفحة ١٤٥-١٥٨) لقد حظى بتعريب هذا الكتاب الداعية الإسلامي الأحمدي محمد أحمد نعيم وصدر بإشراف المكتب العربي المركزي بتعاون عدد من الإخوة العرب

Page 9

مقدمة الناشر الذين أسهموا في أعمال المراجعة والتدقيق ونخص بالذكر السيد خالد عزام، والدكتور علي خالد البراقي، والدكتور وسام البراقي المحترمين والآنسة أمان الله البراقي.نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في نشر هذا الكتاب داعين أن يجزيهم ا الله أحسن الجزاء ويجعله في ميزان حسناتهم، كما نسأل الله تعالى أن يوفق القراء الكرام للاستفادة من هذا الكنز ويجعله سببا لهداية الباحثين عن صراط الله المستقيم، آمين الناشر

Page 10

Page 11

کسانیکه پوشیده چشم مال اند صفحة غلاف الطبعة الأولى لهذا الكتاب ٹائیٹل بار اوّل جَاءَ الحَقُّ وَزَهَة الْبَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا نا عند اللكافرين سلاسل الادو محمدالله که این کملا الجواہر شداد کوه صدای صدوق ملی بهر تاب زمرہ ڈوگر روشنی چشم سے بانده که عامل زدن جان است دارید نیم مینا را از تالیفات مرزا غلام احمد صاحب مسولیت پر امین احمدیه درباره ما رد اصول دید دایا حقیت صول قرآن شریف بوعده العام بانت ورودیه آیند و یا آری کے لئے جو اس سال کا روک کر کہا ہے ریان رییس امرتسرمین با تمام شیخ نور احمد مبا مالک مہم کے طبع کا بار اول اینکه ران همانا کزین توتیا خالی از

Page 12

Page 13

ترجمة صفحة غلاف الطبعة الأولى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا شكرا الله على أن كحل الجواهر هذا قد ظهر من جبل الصدق والسداد.إذا كنت تبغي نور العين فلا ترفض هذا الكحل، ذلك لأن اللبيب يحب العين الباصرة بالروح والقلب.فالذين أغمضوا عين القلب هم الذين يغفلون عن هذا الكحل.(ترجمة أبيات فارسية) فيه شفاء للناس من مؤلفات سيادة مرزا غلام أحمد مؤلف البراهين الأحمدية في دحض أصول الفيدا وإثبات صدق أصول القرآن الشريف مع وعد بتقديم خمسمائة روبية جائزة لمن يكتب ردًّا عليه من الهندوس أو الآريين طبع في مطبعة رياض هند بأمرتسر بإشراف صاحب المطبعة ومديرها الشيخ نور أحمد الطبعة الأولى ألف نسخة في شهر ذي الحجة المبارك سنة ١٣٠٣ هجرية الموافق شهر سبتمبر/أيلول سنة ١٨٨٦ ميلادية

Page 14

Page 15

10 الحللة بلله الحمدالة نحمده ونصلي على رسوله الكريم إعلان واجب التبيان إن كتاب "كحل الجواهر سُرمه جشم آريه" هذا قد ظهر بطباعة نقية وتقرر ثمنه لعامة الناس روبية وثلاثة أرباع الروبية، أما الخواص وأصحاب المقدرة فبقدر ما قدموا من مساعدة سيكون لهم مدعاة للثواب، لأن من هذا الثمن سيتيسر المال لطباعة "السراج المنير" و "البراهين الأحمدية"، وبعد طباعة كتاب السراج المنير إن شاء الله القدير سنبدأ بطباعة الجزء الخامس من البراهين الأحمدية فالذين يضطربون من توقف طباعة البراهين لا يعرفون ما الأعمال التي ظهرت في زمن التوقف هذا تمهيدًا للكتاب البراهين؛ فقد وُزِّع قرابة ٤٣٠٠٠ إعلان، وأرسلت رسائل الدعوة إلى الإسلام مطبوعة باللغة الأردية والإنجليزية بالبريد المسجل إلى مئات المناطق في آسيا وأميركا وأوروبا، وسوف تذكر تلك الأعمال في الجزء الخامس إن شاء الله؛ وإنما الأعمال بالنيات.ومع ذلك إذا كان بعض السادة منزعجين من التوقف فنحن نسمح لهم بفسخ البيع، وعليهم أن يخبرونا برسالة شخصية، وسوف نعيد لهم الثمن بعد استلام الكتاب عندما يتيسر لنا ثمنه.بل أرى من هي هذا

Page 16

المناسب أن تسجل أسماء هؤلاء في قائمة ويسوَّى أمرهم كلهم معا، وقد كتبنا في إعلان سابق ونوضح هنا أيضًا أن سلسلة تأليف الكتاب قد تصبّغت بصبغة أخرى بسبب الإلهامات الإلهية و لم نعد ملزمين بشرط بلوغ الكتاب ثلاثمائة جزء حتمًا، بل سوف يكمله الله في أجزاء أقل أو أكثر كيفما يراه مناسبا دون مراعاة الشروط السابقة فهذا الأمر كله بيده وبأمر منه، فقد أظهرتُ الواجب والسلام على من اتبع الهدى.المعلن العبد المتواضع مرزا غلام أحمد من قاديان محافظة غورداسبور البنجاب

Page 17

بسم الله الرحمن الرحيم سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "أيها الحبيب والمعشوق والصديق يا روح العالم ونور الأنوار النفس والقلب يرتجفان من تحلياتك، فالقلوب والأبصار محتارة بمشاهدة وجهك كلما فكّر المرء فيك وتدبّر لم يجد غير الاستغراب والحيرة إنك وراء الغيب لكن قدرتك متجلية، وإنك خفي لكن أفعالك جلية واضحة إنك بعيد لكنك في الوقت نفسه أقرب من حبل الوريد، وأنت نور لكنك أخفى من الليلة الظلماء من ذا الذي أدرك منتهاك، ومن ذا الذي تمكن من الإحاطة بأسرارك لقد خلقت كلا العالمين من العدم بمحض قدرتك ومستغنيا عن الأنصار البقرة: ٣٣

Page 18

ثم من اللطف أنه لا يحدث أي نقص في هذه النعم مع أن عطاءك لا حد له إن حسنك يغني عن كل حسن، وإن حبك يصرف المرء عن كل صديق لو لم يكن حسنك المليح لما كان هناك أي أثر للحسن إن وجوه ذوي الحسن والجمال قد اكتسبت رونقا منك، كما أن الزهرة في الحديقة اكتسبت اللون منك إن ما لدى الحسناوات من خدود مثل التفاح، لم تتأت إلا من تلك الأشجار الشامخة وهذان أي شعر الحسناوات ومسك التتر لا يأتيان إلا من تلك الديار إنني أحسب كل شيء مرآة لإظهار جمالك إن كل ورقةٍ كتاب للهداية وكلُّ جوهر وعرض حامل قنديل وكلّ نفس يهدي إليك وكل حي ينادي بذلك إن كل ذرة تنشر نورك وكل قطرة تُجري أنهار صفاتك إن صيت عجائبك ذائع في كل مكان وهى تذكر في كل مكان إني لأرى الأنوار في جماعة العشاق المتضرعين ببركة ذكرك إن الذي قد أسره قيد حبك لا يسمع إلى غيرك يا أنيس نفسي ما أعظمك من حبيب، إذ قد أنشيتني بنظرة واحدة في ذكرك قد غرق قلبي في الغَمّ، وهو بمنزلة الصدف الذي يحتوي على لؤلؤة إن عيني ورأسي فداء لوجهك، كما أن نفسي وقلبي أسيران في حبك

Page 19

لقد اشترينا حبك ببذل الحياة دفعة واحدة لكي لا يتقدم أي مشترٍ آخر من ذا الذي كان يمكن أن يتجلى من صدري؟! إذ لا أحد يقيم في قصر قلبي لقد مضى عمري قاطعًا العلاقة مع الأعزة والأقارب، أما أنت فلا يسعني العيش لحظة واحدة بعيدا عنك" \ آلاف الشكر لذلك القادر المقتدر الذي خلق بمحض قوة إرادته روح الإنسان وكل مخلوق وكل ذرة وأودعها القوى والخواص والقدرات التي بالتدبر فيها يتراءى لنا العالم العجيب العظمة الله عليه وقدرته التي بملاحظتها والتفكر فيها ينفتح باب المعرفة الإلهية على مصراعيه.يجب أن ينشغل المرء في مدح ذلك القادر القوي ،وحمده الذي لم يظهر أي شيء دون أن يخلقه، فهو الذي وحده ذات عجيبة الحكمة وعظيمة القدرة التي بقوتها الحكيمة ظهر كل موجود.فكل ذرة تلهج بنداء أنت ربي أنت ربي" وكل روح تتغنى بشهادة "أنت مالكي أنت مالكي فهو الحكيم الكامل الذي وهب للأرواح الإنسانية جسما نافعا يشكل مساعدا قويا لإحراز الكمالات في هذا العالم والتمتع بها في العالم الآخر على وجه كامل.فالروح والجسم كلاهما معا يثبتان وجوده، والقوى الظاهرة والباطنة كلتاهما تشهد له؛ فهو المحسن الحقيقي الذي بشّر المؤمنين الأوفياء بالنجاة الدائمة وفاء منه، ووعد عارفيه الصادقين ومحبيه المخلصين بالجنة الخالدة، التي هي مظهر العجائب على وجه أتم وأكمل، التي أنهارها تبدأ بالتدفق في هذه الحياة الدنيوية، والتي ترجمة قصيدة فارسية.(المترجم) "

Page 20

أشجارها تنمو بري هذا العالم.فقدرته وحكمته موجودة في كل مكان وفي كل شيء.وإن الحماية التي يتمتع بها الجميع تشهد على خالقيته العامة.لا حصر لقدراته الحكيمة، فمن ذا الذي يقدر على بلوغ كنهها؟ إن قدراته الحكميه لا حصر لها، ومن ذا الذي يقدر على أن يحيط بها، ففي كل شيء تكمن الشهادة على وجوده، وكل مصنوع يهدي إلى ذلك الصانع الكامل، خلقه فالموجود بوجود حقيقي هو رب العالمين وحده، وكل من سواه من ويقوم بسنده وهو آثار قدرته."ما أجلى نور مبدأ الأنوار ذلك، فالعالم كله يصبح مرآة الأبصار حين رأيت القمر يوم الأمس أصابتني صبابة شديدة، إذ كان فيه أثر من جمال الحبيب إن قلبي نشوان بربيع جماله، فلا تذكروا لنا الأتراك ولا التتر مطلقا يا حبيبي، إن تجلّي قدرتك الغريب منتشر في كل مكان، فحيثما ننظر نجد الطريق إلى رؤيتك إن أمواجك مشهودة في نبع الشمس كما يتجلى بريقك في كل نجم لقد أودعت الأرواح بنفسك الحرقة لوصالك، فبسبب ذلك يُسمع ضجيج الحب لأحبتك ما أعجب الخصائص التي أودعتها كل ذرة، فمن ذا الذي يقدر على قراءة دفتر الأسرار هذا كله؟ لا يقدر أحد على الوصول إلى منتهى قدرتك، ومن ذا الذي يقدر على حل هذه العقدة العويصة

Page 21

إن ملاحة حسنك هذا تنعكس في ذوي الحسن والجمال ويتجلى حسنك في كل وَرْدٍ وحديقة إن العين المنتشية لكل جميل تعكس وجهك كل حين وآن، كما أن كل شعرة ملتوية تشير إليك قد انسدلت مئات الحُجُب أمام أعين العميان، وإلا كان وجهك هو قبلة الكافر والمؤمن اك إن نظراتك الجميلة أيها الحبيب، سيف صارم يقطع الصلة عن كل ما سوا لقد ألصقنا أنفسنا بالتراب من أجل لقائك، لعل ذلك يعالج آلام هذا الفراق والهجر إني لا يهدأ لي البال ولا أرتاح دونك، وإن روحي تضطرب كما يضطرب قلب المريض النبي ما هذه الضجة في زقاقك فانتبه إليها لئلا تزهق نفس مجنون".أما بعد؛ وبعد الصلاة والسلام على الكريم خير الأنام محمد المصطفى أحمد المجتبى خاتم المرسلين رحمة للعالمين وآله وأصحابه المطهرين المهذبين أجمعين، أود أن أقول أنا العبد المتواضع مؤلف كتاب "البراهين الأحمدية" لطلاب الحق أني يوم كنت مقيما في هوشيار بور قد تسنى لي الخوض في مناظرة دينية في شهر مارس ١٨٨٦ مع لاله مرليدهر مدرس الفنون، الذي هو عضو بارز في آريا سماج في هوشياربور ويعد مسؤولا قصيدة نظمها اللي بالأردية.(المترجم)

Page 22

كبيرا له وسبب ذلك أن المدرس المذكور جاءني شخصيا وطلب مني الرد على بعض تساؤلاته عن تعليم الإسلام فلما كان هذا العبد المتواضع يعرف بعد تحقيق وتدقيق ممتد على سنين طويلة أنه لا يمكن ورود أي اعتراض على عقائد الإسلام الحقة، وأن الأمر الذي يعترض عليه الخصم، سطحي النظر، يكون في الحقيقة حقيقةً عظمى وحكمة من الدرجة الأولى تبقى خافية عن نظره المريض، لذا رأيت من المناسب رغم قلة فراغي أن أساعد المدرس المحترم على كشف حقيقة اعتراضاته وأكشف له على سبيل المثال أي من الفيدا والقرآن الكريم يلائم عظمة الله وقدرته وشوكته وشأنه، وعلى أي كتاب ترد الاعتراضات في الحقيقة.ولهذا الهدف قلت للمدرس المحترم بأنه إذا كان لديه حماس للمناظرة الدينية فأنا أوافق على ذلك بكل سرور، لكن من المناسب أن تُعرض الأسئلة من كلا الفريقين كشفا لحقيقة مبادئ كلا الفريقين، وذلك لكي يتسنى لمن يقرأ تلك الأسئلة والأجوبة أن يمعن النظر في كلا الدينين ويختبرهما.فبموافقة كلا الفريقين بدأت المناظرة بالتزام هذا المبدأ.حيث طرح - في مقرّ هذا العبد المتواضع ليلة ١٨٨٦/٣/١١ - من قبل المدرس أولا اعتراض على انشقاق القمر ، ثم صدر من هذا العبد المتواضع- في صباح ١٨٨٦/٣/١٤ - اعتراض على مبدأ الآريين: "إن البرميشور لم يخلق أي روح، ولن يخلّص أي روح أحد للأبد من عذاب الموت والحياة المتكررة مهما كان صالحا ووفيا وعابدا مخلصا".وعند هذين النقاشين كان قد تقرر النقاش عند الرد على جواب الجواب لا قبله.لكننا نقول مع أن ينتهي

Page 23

الأسف إن المدرس المحترم لم يراع الشروط المحددة سلفا أيما مراعاة، ففي الجلسة الأولى المنعقدة في ١٨٨٦/٣/١١ ليلا ظهر منه عدم الإنصاف؛ حيث أنه حين أن أوان كتابة الرد على جواب الجواب، الذي كان قد سلفا بأنه سيكتبه، اعتذر المدرس بأن الوقت ليل وقد تأخر كثيرًا.صرح ومع أني فهمته أنا ومعظم الحضور كثيرا أن يا أيها المدرس، لم يتأخر الوقت كثيرا، وأننا كلنا نتأثر بالليل على حدّ سواء، لذا لا تجوز مخالفة ما قد أقررت سلفا، وأنه لا بد من كتابة الجواب حتما.لكنه لم يُعِر ذلك أي التفات.وأخيرا قيل له أمام جميع الحضور من المستحيل أن لا يسجل هذا الجواب، أما إذا كنت تريد أن تؤجله الآن فسوف يُكتب ويُلحق بالكتاب بمفرده حتمًا.فوافق عليه طوعا وكرها إلا أنه تضايق جدا من أن يُقرأ في الجلسة نفسها، فنهض وانصرف.فورا.والحقيقة أن المدرس اضطرب من أنه لو قدم الرد على جواب الجواب فورا فلا يدري كم من الخجل سيواجهه.فانتهت هذه الجلسة على هذا المنوال، وجميع مجرياتها المندرجة في هذا المقال يمكن أن يشهد عليها شركاء الجلسة الذين نسجل أسماءهم في الحاشية.الأكبر حاشية: أسماء الحاضرين في جلسة ۱۱ مارس: ميان شتروغن المحترم النجل لراجه رودرسين المحترم حاكم ولاية سوكيت النزيل حاليا في هوشياربور، ميان شترنجي المحترم النجل الصغير لراجه المحترم نفسه، ميان جنمي جي المحترم النجل الأصغر لراجه المحترم بابو مولراج المحترم النساخ لاله رام لتشهمن المحترم مدير المدرسة في لدهیانه، بابو هر کشن داس المحترم المدرس الثاني في هوشيار بور.وهنا أقول مكررا أن ميان شتروغن المحترم قد التمس مرارا من المدرس المحترم أن يسمح بكتابة الرد على

Page 24

والآن اسمعوا كيفية الجلسة الثانية المنعقدة في ١٨٨٦/٣/١٤ نهارا في منزل الشيخ مهر علي الزعيم الأعظم في هوشيار بور.فأولا قدم اعتراض خطي من قبل هذا العبد المتواضع حسب ما اتفقنا عليه، وكان ملخصه أن إنكار خالقية الله تعالى والذي يلزم إنكار النجاة الأبدية كما هو مبدأ أصحاب آريا سماج- يُبعد المرء عن توحيد الله الله ورحمته كليهما.فحين قرئ هذا الاعتراض في جلسة عامة أصابت المدرس حالة عجيبة لا يعرفها غيره، ولعل الأذكياء الفطنين من حاضري الجلسة أيضًا أدركوها؛ فلم يخطر ببال المدرس المحترم شيء من الجواب، فظل يقدِّم الأعذار لمدة ساعة أو ساعة وربع بحثا عن الحيلة بأن هذا السؤال ليس واحدا بل سؤالان.فقيل في جواب ذلك إن السؤال في الحقيقة ،واحد، أي أن إنكار كون الله تعالى خالقا وأن النجاة المؤقتة نتيجة لذلك المبدأ الفاسد ولا تنفصل عنه.ومن هذا المنطلق كلا الجزأين للسؤال في الحقيقة أمر واحد ذلك لأن الذي يجحد كون الله خالقا، لا يسعه الإقرار بالنجاة الأبدية.فإنكار خالقية الله وإنكار النجاة الأبدية متلازمان حيث يتولد أحدهما من الآخر.فمن أراد أن يثبت في الحقيقة أنه لا بأس إذا لم يكن الله رب العالمين والخالق، فقد استلزمه الإثبات أيضًا أنّ تعرض عباد الله الكمّل لعذاب الولادة والموت بشكل متكرر وعدم الفوز بالنجاة الأبدية لا يشكل أي حرج.باختصار ؛ فهم المدرس شيئا بعد تفهيم جواب الجواب، وأنهم سوف يجلسون بكل سرور، ولن ينزعجوا أبدا، بل هم مشتاقون لسماع الجواب.وكذلك قد أبدى عدد من الهندوس رأيهم إلا أن المدرس المحترم لم يستجب لأحد، ورأى أنه من الحكمة الانصراف، فنهض وانصرف منه.

Page 25

طويل وبدأ يكتب الرد، وسجل الرد بغضب على جزء من السؤال ببذل ثلاث ساعات وقرأه أما الجزء الثاني المتعلق بالنجاة فقال بأنه سيكتب الرد عليه بعد الذهاب إلى البيت وسيرسله من هناك فرفضت استلام مثل هذا الرد وقلت له يجب أن تكتب كل ما تريد أن تكتبه هنا أمام الحضور في الجلسة نفسها، فإذا كنت ستكتب في البيت فلم يكن أي داع لإقامة الجلسة للنقاش.إلا أن المدرس لم يقبل ومتى كان له أن يقبل إذ كان يصيبه الفزع والهلع.باختصار؛ حين لم يقبل المدرس في حال من الأحوال أن يكتب، قلت له مضطرا أن يقرأ عليَّ ما كتبه في البيت لكي أتمكن من الرد عليه.فقال في جواب ذلك بأنه لا يسعُه الجلوس لأن موعد "مجلسه الديني" قد حان.فحين استعد أخيرًا للانصراف قلت له: لم تحسن صنعا بنقض ما اتفقنا عليه سلفا، إذ لم تكتب الجواب كاملا و لم تسمح لنا بكتابة جواب الجواب الآن.على كل حال سوف أكتب جواب الجواب هذا شخصيا وأُلحقه بالكتاب مضطرا وعند سماع هذا القول نهض المدرس وانصرف مع رفاقه وأدرك الحاضرون في الجلسة جيدا الذين أسماؤهم مسجلة في الحاشية- أن تصرُّف المدرس كان عذرا فقط للتهرب والإعراض.الآن قبل أن نردّ على اعتراض المدرس الأول وهو عن انشقاق القمر، نسجل لنقاء البيان مقدمةً، وهي في الحقيقة جزء لذلك المقال الذي أردنا حاشية: أسماء الذين حضروا الجلسة وشهدوا على التصرف السخيف للمدرس: الشيخ مهر علي المحترم الزعيم الأعظم في هوشياربور، المولوي إلهي بخش المحترم المحامي في هوشياربور، الدكتور مصطفى علي المحترم بابو أحمد حسين المحترم نائب

Page 26

ومع ۱۲ ذلك مفتش شرطة هوشياربور، ميان عبد الله الحكيم، ميان شهاب الدين المحترم الضابط العسكري، المحامي لاله نرائن داس المحترم، البانديت جغن ناته المحامي المحترم، لاله رام لتشمهن المحترم مدير المدرسة في لدهيانة، بابو هرکشن داس المحترم المدرس الثاني، المحامي لاله غنيش داس المحترم التاجر لاله سيتا رام المحترم، ميان شتروغن المحترم النجل الأكبر لراجه سوكيت ميان شترنجي المحترم النجل الأصغر لراجه المحترم نفسه المنشي غلاب سنغ المحترم الموظف الحكومي، المولوي غلام رسول المدرس، المولوي فتح دين المدرس.لقد أجحف لاله مرليدهر مدرس الفنون في كل أمر أمام هؤلاء الحضور كلهم.كنت قد قرأت عليه اعتراضي في ساعة تقريبا، لكنه أخذ ما يقارب ثلاث ساعات ترك جزءا من الاعتراض، وكان يبدو أن غايته المتوخاة أن ينقضي يوم في أي حال، ويتخلص من هذه المصيبة، بينما كان عدوه أي النهار ثلثه تقريبا ما زال باقيا.وليتضح أن عذر المدرس المحترم أنه قد حان حضور الاجتماع الديني عبث تماما وعذر واه، ذلك لأن المدرس لم يشترط سلفا أنه إذا حان موعد الاجتماع الديني فسوف ينصرف أثناء المناظرة مع أنها عمل ديني.والذين كانوا سيحضرون الاجتماع الديني كانوا ما زالوا جالسين، بل كان كثير من والمسلمين قد حضروا المناظرة تاركين ،أعمالهم، وكان صحن البيت مكتظا بالناس.فلو لم يكن في نية المدرس خلل، لعد الجلسة العظيمة نفسها المؤلفة من مئات الناس "مجلسا دينيا"؛ إذ أن الغاية من عقد المجالس الدينية هي إلقاء المحاضرات فحسب، فهذا كان مهياً هنا بحيث لم يكن مثله متيسرا في الاجتماع الديني قط.أضف إلى ذلك أن المدرس حين بدأ كتابة الجواب بفتور وتكاسل بعد إضاعة الوقت الطويل في الحديث فقط، أيقنت في الوقت نفسه أن في نيته فتورا.وبناء على هذه الفكرة قلت له أنه من المفضل أنه كلما ينتهي من كتابة ورقة فليسلمها لي لكي أكتب فورا جواب الجواب، فبذلك سيفرغ الفريقان عاجلا ، لكنه كان ينوي شيئا آخر.فما كان له أن يقبل أمور الإنصاف هذه؛ فرفض اقتراحي.عندها قال لي رفيقه الهندوس

Page 27

كتابته في جلسة ١٨٨٦/٣/١١ ردًّا على جواب الجواب للمدرس.ولكن نقض المدرس للعهد وانصرافه وانتهاء جلسة النقاش، لم نستطع كتابته و لم نجد مناصا من كتابته الآن تحقيقا للوعد، فسوف نكتب شيئا منه هنا وشيئا نسجله في المستقبل بحسب الترتيب والمحل.وما توفيقي إلا بالله هو نعم المولى ونعم النصير.لاله لتشهمن المحترم بأنه فطن إلى غايتي، إلا أن المدرس المحترم لا يريد ذلك.فهذا ما حدث حيث انصرف المدرس بعذر المجلس الديني تاركا العمل ناقصا.فلو كانت هناك قضية مادية أو عمل دنيوي آخر لضحى بوقت المجلس الديني ألف مرة.فالحق أن الحضور في المجلس الديني إنما كان عذرا فقط، بينما السبب الحقيقي كان ذلك الاضطراب الذي أصاب قلبه بسبب عظمة الاعتراض وهيبته ودهشته.ولهذا السبب ضيّع المدرس الوقت أولا في الحديث واضطرب عند سماع الاعتراض وبهت لدرجة أن ظهرت على محيَّاه آثار القلق، وأراد بتقديم الأعذار الواهية أن ينصرف قبل كتابة الجواب.ولهذا السبب انتشر الناس يائسين من كتابة الجواب، وبعضهم انصرفوا قائلين: قد انتهى النقاش فلا داعي للجلوس.وأخيرا كتب المدرس كارها خجلا من الحضور شيئا كان نصفه على ورقة والنصف الآخر بقي في قلبه، فترك جوابه في حالة الاحتضار هذه ونهض قلت له عند نهوضه بأنه إذا كان يرى أن بقاءه هنا ليس من الحكمة لسبب ما، فأنا هنا ليومين آخرين، وأستطيع أن أقضي الليل والنهار في هذا العمل لكنه قال بأنه ليس عنده وقت فراغ.وأخيرا نرى من المناسب الإظهار أن ما سيكتبه المدرس في البيت لا نعرف عنه شيئا، لذا نعتذر عن عدم الكتابة عنه شيئا.منه

Page 28

من مع المقدمة لقد اعترض المدرس على معتقد إسلامي بانشقاق القمر، ويبدو قصده هذا الاعتراض أنه لما كان المثقفون حديثا يحسبون هذه العجائب الأرضية والسماوية كلها - التي لا تحيط بها عقولُهم خلافا لقانون الطبيعة بسبب انتشار الفلسفة الإنجليزية التي لم يروها بأم أعينهم ولم يجدوا أثرها في كتبهم الفلسفية، لذا قد أثار المدرس اعتراضا لكي يتفق في الرأي دونما سبب الفلاسفة الذين تستولي على عقولهم وأذهانهم الأفكار الفلسفية أن انشقاق القمر مستحيل.ومهما كان كلامه ناقصا وسخيفا إلا أنه سيكسب شيئا من الرونق واللمعان باتفاق لجنة التحكيم.فأولا نريد أن نكشف أن معجزة انشقاق القمر ليست في نظر أهل الإسلام أمرا يتوقف عليه إثبات صدق الإسلام، وهو لا يعدّ البرهان الأعظم على صدق كلام الله، بل هي آية طبيعية من آلاف الشواهد الداخلية والخارجية ومئات المعجزات والآيات، وتتمتع بإثبات كاف من التاريخ نذكره في الصفحات التالية عن قريب.فلو افترضنا متجاهلين جميع الإثباتات الجلية أن هذه المعجزة ليست ثابتة، وفسرنا الآية كما يفهمها النصارى المعاصرون والطبيعيون أو منكرو الخوارق الآخرون، ففي هذه الحالة إذا حصل أي حرج فلعله يساوي خسارة مليم واحد من عقار يقدر ثمنه بمائتي مليون من الدراهم.فالجلي من هذا البحث أنه لو لم يستطع أهل الإسلام إثبات هذه المعجزة تاريخيا- على

Page 29

>> سبيل المحال فإن عدم قدرتهم على هذا الإثبات لا يضر الإسلام أيما ضرر.بل الحق أن الكلام الإلهي قد أغنى المسلمين عن سائر المعجزات كليا، فهو حاشية للمعجزات والخوارق القرآنية أربعة أقسام، (۱) معجزات عقلية (٢) معجزات علمية (۳) معجزات البركات الروحانية (٤) معجزات التصرفات الخارجية.فالمعجزات ١-٢-٣ من الخواص الذاتية للقرآن الكريم، وهي عظيمة جدا وبدهية الثبوت، بحيث يستطيع أن يكتشفها كل إنسان في كل عصر، متجددة مثل حادث رآه بأم عينه.أما المعجزات من القسم الرابع أي التصرفات الخارجية، فهي الخوارق الخارجية التي لا علاقة ذاتية لها بالقرآن الكريم.ومنها معجزة انشقاق القمر.فالميزة الأصلية للقرآن الكريم وجماله وحسنه يرتبط بأنواع ثلاثة من المعجزات.بل الآية العظمى لكل كلام إلهي أن يتضمن شيئا من المعجزات من هذه الأنواع الثلاثة.أما القرآن الكريم فتتوفر فيه المعجزات من هذه الأنواع الثلاثة كلها على أعلى وأكمل وأتم وجه.ويقدمها القرآن الكريم مرارا إثباتا على كونه منقطع النظير وعديم المثال، كما يقول: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظهيرا (الإسراء: (۸۹)..فقوله: "الإنس والجن" أي جميع المخلوقات.ثم يقول: ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ (الأنعام: (۳۹) أي لم تبق أي حقيقة دينية خارج هذا الكتاب (القرآن الكريم بل هو يحتوي على جميع الحقائق والمعارف الدينية.ثم يقول في آية أخرى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ (النحل: ٩٠) أي نزلنا هذا الكتاب القرآن الكريم) محتويا على جميع العلوم الضرورية.ثم يقول: (يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةٌ * فِيهَا كُتُب قيِّمَةٌ ﴾ (البينة : ٣-٤) أي هذا القرآن الكريم أوراق مقدسة تشمل مغزى جميع الكتب السماوية ولبها.ثم يقول: (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ...فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: (٢٤-٢٥) أي أيها المنكرون، إذا كنتم لا تعدونه كلام الله وتظنون أن الإنسان قادر على الإتيان بمثل هذا الكلام فألفوا أنتم أيضا سورة

Page 30

تشتمل على الكمالات الظاهرية والباطنية مثله...الحجارة (الأوثان)...أي أن الأصنام والمشركون والعصاة هم من يتسببون في اتقاد هذه النار.فلو لم تكن في الدنيا عبادة الأوثان والشرك والإلحاد والمعصية لما اشتعلت تلك النار فكأن هذه الأشياء حصرا وقودها وتتسبب في اشتعالها.ثم قال في موضع آخر : لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَل لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (الحشر: (۲۲)،...لكي يتدبر ويتفكر الناس من أجل اكتشاف عظمة الكلام الإلهي.فهذا ذكر الكمالات الإعجازية التي توجد في صفحاته الغالية، إلا أن إعجاز التصرفات الخارجية أيضًا يتوفر في القرآن الكريم بكثرة.فإن هذا النوع من المعجزات بمنزلة الحلي لجمال القرآن الكريم التي يُحلَّى بها ذوو الجمال.والواضح أن النفوس ليست بحاجة إلى جمال الحلي، وإن كان الجمال يزيد بها لمعانا وتألقا وليكن معلوما هنا أن معجزات التصرفات الخارجية قد وردت في القرآن الكريم على عدة أنواع منها أن الله الله قد أظهر تصرُّف قدرته في السماء فجعل القمر بدعاء النبي شقين.والثاني ذلك التصرف الذي أظهره الله بدعاء ذلك الممدوح له في الأرض حيث أحدث مجاعةً شديدة امتدت سبع سنوات.حتى اضطر الناس لسحق العظام للأكل.والثالث هو ذلك التصرف الإعجازي الذي أراه الله يوم الهجرة لحماية النبي الا الله من شر الكفار، أي حين عقد كفار مكة العزم على قتل النبي الله أنبأ الله الا الله نبيه المقدس بتلك العزيمة السيئة، وأمره بالهجرة مكة إلى المدينة وبشره بالعودة فاتحا منتصرا فكان يوم الأربعاء وقت الظهر في الصيف الشديد الحرارة حين ظهر هذا الابتلاء من الله ففي هذه المصيبة حين ترك النبي فجأة بلده القديم وحاصر الأعداء بيته المبارك من الجهات الأربع بنية القتل، استلقى على سرير النبي صاحبه العزيز الحميم- الذي كان قد ملئ حبا وإيمانا فداءً له وذلك بإشارة منه المواريا وجهه بقصد أن لا يطلع جواسيس الأعداء على خروج ، ويظلوا يحسبونه النبي ﷺ فلا يبرحوا مكانهم ليقتلوه.من النبي "لا أحد يجود بروحه من أجل أحد، وإنما العشق والحب يقود إلى هذا العمل بكل إخلاص * !!*.ترجمة بيت فارسي.( المترجم)

Page 31

النبي فحين خرج النبي تاركا عزيزه الوفي المخلص في مكانه لاحقه أخيرا أولئك الأشقياء خبيثو الطوية بعد البحث عنه، وأرادوا أن يلقوا عليه القبض في الطريق ويقتلوه.وفي تلك الساعة والرحلة الخطرة لم يكن أحد يرافق النبي سوى صديق مخلص وفي حميم صادق، إلا أنه في كل لحظة من تلك الرحلة الخطرة كان يرافقه المولى الكريم الذي كان قد بعث عبده الكامل والوفي ذلك في العالم لإصلاح عظيم الشأن.فقد أرى كبار التصرفات العجيبة في الطريق لحماية عبده الحبيب هذا، وهي مندرجة في القرآن الكريم إجمالا.ومن جملتها أن أيا من الأعداء لم يشاهد النبي أثناء الخروج من البيت مع أن الوقت كان نهارا، وكان جميع الأعداء قد حاصروا بيت النبي.فالله قد ألقى الحجاب على عيون جميع أولئك الأشقياء كما هو مذكور في سورة يس- وخرج النبي ناثرا الرماد على رؤوسهم.ومن جملتها أن الله الله الحماية نبيه المعصوم أظهر أمرا خارقا للعادة إذ رغم أن الأعداء وصلوا إلى مدخل الغار الذي كان قد اختفى فيه مع رفيقه، إلا أنهم لم يتمكنوا من رؤية النبي ا ل ل ا ل ، لأن الله بعث زوجي حمام فبنيا عشا في مدخل الغار في الليلة نفسها، وباضت الحمامة أيضًا، وكذلك نسج العنكبوت أيضا بيته بإذن من على فوهة ذلك الغار ، فانخدع المعارضون وعادوا خائبين.ومن جملتها أن أحد الأعداء الذي كان يعدو بفرسه على الطريق إلى المدينة لإلقاء القبض على النبي ، حين اقترب من النبي غاصت قوائم حصانه الأربعة في الأرض بدعاء جناب الممدوح فسقط ثم عاد بعدما طلب الأمان من النبي ﷺ والعفو عن تقصيره.والرابع من التصرفات الإعجازية هو أن الأعداء حين شنوا الهجوم على النبي ﷺ بجيوشهم الكثيرة منفعلين بخيبتهم لكي يقضوا على المسلمين الذين كانوا ما زالوا بأعداد ضئيلة جدا، ولكي يمحوا كل أثر لدين الإسلام.عندئذ سبب الله الهلاك في صفوف الأعداء نتيجة رمي النبي ﷺ حفنة من الحصى في ميدان بدر.حيث مني جيشهم بهزيمة نكراء، فجعل الله كبار زعماء الأعداء مضطربين وعميانا وفزعين بتلك الحصى المعدودة، وأبقاهم هناك وألقى جثثهم في أماكن متفرقة كان النبي ﷺ قد حددها سلفا.وكذلك قد ذُكرت في القرآن الكريم أنواع عديدة لتأييد الله العجيب والتصرفات الإلهية (التي هي الله

Page 32

خارقة للعادة).وملخصها كيف بعث الله نبيه مسكينا وفقيرا ويتيما ووحيدا وعديم الحيلة ثم جعله في مدة قصيرة جدا تقل عن ٣٠ عاما منتصرا على عالم كبير، ووهب له الغلبة على إمبراطور القسطنطينة وملوك ديار الشام ومصر وبلاد ما بين دجلة والفرات وغيرها.وفي هذه المدة القصيرة مدّ سلسلة هذه الفتوح من شبه الجزيرة العربية إلى نهر جيحون، وأنبئ باعتناق هذه البلاد الإسلام سلفا في القرآن الكريم.فحين ألقى كبار المثقفين الأفاضل الإنجليز النظر على الفتوح العجيبة والغريبة في حالة انعدام الوسائل هذه شهدوا هم أيضًا أنه لا يوجد أي نظير في تاريخ العالم لسرعة انتشار الدولة الإسلامية والإسلام في العالم.والواضح أن الذي لا يوجد له نظير يسمى بتعبير آخر خارقا للعادة أيضا.باختصار؛ قد ورد في القرآن الكريم ذكر التصرفات الخارجية أيضا في آيات عدة بصفتها خارقة للعادة.بل إذا رأيتم بعيون باصرة فستجدون كل عبارة من هذا الكلام المقدس تذكر بملء صوتها التأييدات الإلهية وترسم صورة كيفية بذر بذرة الإسلام في البداية كبذرة صغيرة جدا في العالم ثم صارت جليلة وعظيمة القدر وانتشرت في معظم أجزاء العالم في مدة قصيرة تعدّ خارقة للعادة.وكيف ظلت تأييدات إلهية عجيبة تظهر في كل مناسبة لحمايته.الآن اكتفاء بهذا القدر من بيان المعجزات الخارجية التي هي التصرفات الإعجازية) نريد أن نبين بشيء من التفصيل تلك التي تتعلق بذات القرآن الكريم؛ وهي خصائصه الباطنية والنفسية.لأن هذه الفئة من المعجزات قوية التأثير بسبب وجودها وتيسر الشهود عليها دوما، التي يستطيع أن يراها كل طالب صادق بأم عينه وتُعدّ في نظر كل منصف جديرة باليقين حتمًا.فليكن معلوما أولا أن المعجزة سنة من سنن الله، أو بتعبير آخر فعل من أفعال ذلك القدير المقتدر الله الذي ينبغي أن يوصف بأنه خارق للعادة نظرا للقوانين العادية.فإنما حقيقة الأمر الخارق أن الطيبين حين يتقدمون في أسلوب الحياة العادي ويخرقون العادات العادية ويتقدمون إلى ميادين القرب الإلهي، فإن يخصهم بمعاملة غريبة بحسب حالتهم لدرجة أن تتراءى أمرا خارقا للعادة نظرا إلى أوضاع الإنسان العادية.فبقدر ما يتخلى الإنسان عن مواطن بشريته ويشقّ حُجب نفسه ويتقدم بعيدا الله

Page 33

بسبب إلى عرصات العشق والحب، تظهر له هذه الخوارق نقية وشفافة جدا ومضيئة ومتلألئة.فحين تبلغ تزكية النفس الإنسانية كمالها التام ويتخلى القلب عن غير الله نهائيا، ويمتلئ بالحب الإلهي، فإن جميع أقواله وأفعاله وأعماله وحركاته وسكناته وعباداته ومعاملاته وأخلاقه التي تصدر منه على وجه كامل، تصير كلها خارقة للعادة.فمقابل ذلك تكون معاملة الله البارئ أيضًا خارقة للعادة تجاه من أحدث في نفسه ذلك التبدل التام.فلما كان النبي ﷺ مبدلا تاما وسيد المبدلين وإمام المطهرين الذي طهره الله القادر القدير بيده.لذا كان وجوده من قمة رأسه إلى أخمص قدميه معجزةً في الحقيقة.وكان من الضروري أن يكون الكلام النازل على هذا النبي العظيم خارقا للعادة بدرجة قصوى تبدله التام، ليبهر عيون جميع الأولين والآخرين؛ لأنه وإن كان الكلام الإلهي متميزا في حد ذاته عن الكلام الإنساني كما يتميز الله الله نفسه عن الإنسان بصفة تامة.إلا أن المرء مع ذلك يتشرف بفيوض الوحي بحسب الكفاءات والصفاء والأخلاق الفاضلة والمواهب الصالحة، وإلى ذلك توجد إشارة روحانية في القرآن الكريم.أي قد نزل هذا الكلام المقدس في حفظ كثير من الملائكة، فالملائكة بصفة عامة معروفون، إلا أن الأخلاق الطيبة والأوضاع الطاهرة والتصرفات الفياضة بالشوق والذوق والحرقة وحماس الحب والصدق والصفاء والتبتل والوفاء والتوكل والرضى والانعدام والتفاني وضجيج العشق الإلهي هي كلها أنواع من الملائكة أيضًا، وقد خلقها الله القادر الا الله على وجه أتم وأكمل في شخص حبيبه أفضل الرسل.ثم تتولد نتيجة اتباعه في قلب كل مؤمن كامل بإذن الله.صحیح أن عامة المؤمنين الذين لم يحرزوا حالة الكمال بعد، توجد بذرتها فيهم، إلا أن تلك البذرة مثلها كمثل النار الكامنة التي لا تعمل عمل النار المشتعلة.كما من الواضح أن البيضة لا تقوم مقام الديك، ولا تكون البذرة بمنزلة الشجرة، ومع أن تحت كل أرض ماء، إلا أنه لا يستخرج إلا بمشقة بالغة وجهود مضنية وبعد حفر الأرض لمدة، وكذلك ما لا تبلغ نار الشوق الإلهي كمال اشتعالها فلا تترتب عليها فوائدها.لكنها حين تضطرم كاملة، وتشتعل من كل الجهات الأربعة، فعندئذ تكون بمنزلة الملائكة للحماية من دخل الشيطان وتعدّ من ملائكة الحفظ.فالأعمال

Page 34

الطيبة والحالات الطيبة والتصرفات الطاهرة والحماس الطاهر والألم الطاهر والحزن الطيب والظهور الطيب للأخلاق، عندما تكون في حالة اشتعال كامل فهي كمثل أولئك الحراس الصالحين النشيطين الذين يقومون للحراسة على أبواب قصر مالكهم في الجهات الأربع ليل نهار.فمع أن جميع أبواب ذلك القصر (أي كل أنواع الكفاءات والمواهب) مفتوحة إلا أنه بسبب الحراس لا يمكن أن يدخل إليه أي شيء رديء أو خبيث، وإنما يدخل الهواء البارد والأشياء المرغوب فيها.وإذا أراد كلب أو لص الدخول إليه يلقى عليه القبض ويتلقى الضرب.أما القصر الذي أبوابه مفتوحة لكنه لا يوجد له أي حارس صالح نشط، فصحيح أن الهواء البارد والأشياء الجيدة أيضا تدخله، إلا أن اللصوص يتربصون بمثل هذا البيت، وتنجس الكلابُ أغراضه دومًا، فيبقى هذا البيت دومًا عرضة للفساد والخراب.فالمكان الذي يوجد فيه الصفاء والعصمة والتبتل والحب الكامل والتام والحزن والألم والشوق والخوف تنزل عليه التجليات الكاملة لأنوار الوحي بانتظام دون أن يشوبها أي نوع من الظلمة، وتتراءى مشرقة كالشمس.أما المكان الذي لا يتمتع بمرتبة الكمال التام هذه فيكون الوحي فيه أيضًا ساقطا المرتبة العليا.باختصار؛ إن الوحي الإلهي مرآة يتجلى فيها وجه صفات الله الكمالية بحسب النقاء الباطني للنبي المنزل عليه.ولما كان النبي ﷺ يفوق جميع الأنبياء في سريرته الطيبة وانشراح الصدر والعصمة والحياء والصدق والصفاء والتوكل والوفاء والعشق الإلهي بجميع ،لوازمه وكان أفضلهم وأعلاهم وأكملهم وأرفعهم وأجلاهم وأصفاهم لذا فإن الله جل شأنه قد عطّره بعطر الكمالات الخاصة أكثر من الجميع.والصدر والقلب الذي كان أكثر رحابة من صدور جميع الأولين والآخرين وقلوبهم وأكثرها طهارة وبراءة ونورا وعشقا، فقد عُدَّ وحده جديرا بأن ينزل عليه وحي هو أقوى من أنزل على جميع الأولين والآخرين وأكمله وأرفعه وأتمه، وبذلك تمثل مرآةً وواسعة وعريضة لانعكاس الصفات الإلهية.فهذا هو السبب وراء تمتع القرآن الكريم بكمالات عالية الذي تبهر أشعته القوية وبريقه الخلاب لمعان جميع كل وحي نقية جدا عن هذه الصحف السابقة، وتجعلها كالمعدوم.فلا يقدر أي عقل على استخراج حقيقة لم تندرج فيه سلفا.

Page 35

وتعالى.صفاته ولا يستطيع أي فكر تقديم برهان عقلي لم يسبق القرآن الكريم إلى تقديمه، ولا يقدر أي خطاب على التأثير القوي في قلب ما كما ظل يلقي تأثيرا قويا ومباركا في مئات الألوف من القلوب على الدوام.فلا شك أنه مرآة صافية ونقية لصفات الله الكمالية ، حيث يتوفر فيه كل ما يحتاج إليه السالك للوصول إلى أعلى مدارج المعرفة.وكما كتبنا في بداية هذه الحاشية، هناك ثلاثة أبواب مفتوحة في القرآن الكريم لإعطاء المعرفة الحقة، أحدها عقلي: أي فيما يخص العلوم العقلية لإثبات وجود الله ومعرفة من الخالقية والتوحيد والقدرة والرحمة والقيومية والدينونة وغيرها، فقد استخدم طريق الاستدلال على وجه كامل.وبخصوص الاستدلال بين بأسلوب لطيف جدا ومتوازن جميع العلوم من صناعة المنطق وعلم البلاغة والفصاحة وعلوم الطبيعة والطب والهيئة والهندسة والدقائق الفلسفية وطريق المجادلة والمناظرة وغيرها، بحيث تنحل غالبية المسائل الدقيقة.فأسلوب البيان هذا فوق العادة من نوع الإعجاز العقلي، لأن كبار الفلاسفة الذين أوجدوا المنطق ودوّنوا قواعد الفلسفة وبذلوا جهودًا مضنية في اكتشاف علوم الطبيعة والهيئة لم يستطيعوا دعم دينهم بهذه العلوم بسبب العقل، ولم يقدروا على إصلاح أخطائهم ولم يفيدوا الآخرين دينيا مطلقا، بل ظل أكثر هم دهريين وملحدين وضعاف الإيمان.أما بعضهم الذين آمنوا بالله نوعا ما، فهم قد ضلوا عن الصراط المستقيم بخلطهم الضلال مع الصدق ولبس الخبيث بالطيب.فهذا العقل الإلهي من قبيل خارق للعادة ولا يخطئ في استدلاله قط، وقد وظف العلوم المذكورة بروعة بحيث لم يوظفها أي إنسان من قبل وكفى برهانا عليه أن بيان القرآن الكريم في تقديم الأدلة على وجود الله البارئ عزَّ اسمه وإثبات صفاته الكمالية من التوحيد والخالقية وغيرها، محيط وشامل لدرجة أنه من المستحيل أن يقدم الإنسان أي برهان جديد أكثر من ذلك.وإذا كان أحد يشك في ذلك فليقدّم كاختبار بضع أدلة عقلية بخصوص إثبات وجود عز اسمه أو توحيده أو خالقيته أو عن أي صفة إلهية أخرى.وذلك لكى نريه مقابلها الأدلة نفسها من القرآن الكريم أو أقوى منها.وإن إراءتها مسؤوليتنا نحن.باختصار ؛ إن هذه الدعوى وهذا الثناء على القرآن الكريم ليس الله نقصان

Page 36

عنه.۲۲ مجرد تباه، بل ذلك حق في واقع الأمر.ولا أحد يقدر على تقديم دليل قد غفل عنه القرآن الكريم إثباتا للعقائد الحقة.لقد ادعى القرآن الكريم بصوت عال في عشرات المواضع بأنه محيط إحاطة تامة.فقد سجلنا بعض الآيات منها في هذه الحاشية نفسها.فإذا كان أي طالب الحق يريد الاختبار، فأنا مستعد وجاهز لإقناعه الكامل، ومسؤول لكن الأسف كل الأسف على أن في الزمن المليء بالغفلة واللامبالاة وانعدام القدرة، قليلون جدا من يريدون بصدق القلب - بصفتهم طلاب الحق- اختبار هذه الميزة العظمى والمعجزة الكبرى بل هم يحسبون نجاحهم حصراً في إنكار الحديث فور سماعه.لكن من الواضح والبين أن الأمر المتنازع فيه لا ينحسم بمجرد القول "إنا لن نقبله، أو نراه خلافا للعقل أو خلافا لقانون الطبيعة"، فهذا ليس أبدا من دأب محبي الصدق.فهل من شيمة محب الصدق الحقيقي أن يرى شخصا يتصدى في الميدان لإثبات أمر متنازع فيه وينادي للمبارزة مرارا وتكرارا ثم لا يتوجه إليه ولا يختبره ويظل يقول جالسا بعيدا عنه بأن كلامه كذب وعديم الأصل؟ كلا ثم كلا.والباب الثاني لمعرفة الله الذي قد فتحه القرآن الكريم على مصراعيه- هو بيان الدقائق العلمية التي يجب أن تسمى إعجازا علميا لكونها خارقة للعادة، وتلك العلوم على أنواع عدة.العلم الأول هو معارف الدين؛ أي بقدر ما يوجد من المعارف الدينية السامية وحقائقها الطيبة وبقدر ما توجد النكات واللطائف من العلم الإلهي التي يحتاج إليها تكميلُ النفس في هذا العالم، وكذلك بقدر ما توجد أمراض النفس الأمارة، وثوائرها وبعدها أو الآفات الدائمة أو ما يوجد لها من العلاج وتدبيرات الإصلاح وبقدر ما توجد الطرق لتزكية النفس وتطهيرها، وبقدر ما توجد العلامات والخواص واللوازم للظهور الكامل للأخلاق الفاضلة؛ فإن القرآن الكريم يزخر بكلّها باستيفاء تام.فلا أحد يقدر على اكتشاف حقيقة أو نكتة إلهية أو طريق للوصول إلى الله أو = أسلوب طيب نادر للمجاهدة وعبادة الله، لم تندرج في هذا الكلام المقدس سلفًا.والعلم الثاني هو علم خواص الروح وعلم النفس الذي اندرج في هذا الكلام ذي النظام المعجز بإحاطة وشمول بحيث يمكن أن يفهم المتدبر أنه لا يقدر عليه أحد غير القادر

Page 37

المقتدر.والثالث علم المبدأ والمعاد وأمور غيبية أخرى هي ميزة تخص كلام عالم الغيب، تقتنع القلوب وتطمئن.وإن علم الله القادر المقتدر للغيب ثابت ومتحقق كالمشهود.و به لها وإن هذا العلم يوجد في القرآن الكريم بتفصيل وكثرة لا يضاهيه فيه أي كتاب في العالم.بالإضافة إلى ذلك فقد استخدم القرآن الكريم علومًا متنوعة أخرى أيضًا لتأييد الدين بشكل إعجازي، وجعل نصب عينه تفهيم الدين وترسيخه في الأذهان باستخدام وسائل علوم المنطق والطبيعة والفلسفة والهيئة وعلم النفس والطب والهندسة وعلم البلاغة والفصاحة وغيرها من العلوم، أو تسهيل فهمه تدريجيا أو إقامة البرهان عليه أو رفع اعتراض أي سفيه عنه.باختصار؛ إن القرآن الكريم زاخر بجميع هذه العلوم الإضافية لخدمة الدين على نحو غريب وخارق للعادة بحيث يمكن لكل عاقل- مهما كان مستواه - أن ينتفع بها.وصحيح أن الحماس القلبي لهذا العبد المتواضع يشد قلبي إلى أن أسجل هنا كنموذج مثالين أو ثلاثة من مسائل علمية لكل العلوم الواردة في القرآن الكريم، وأن أكتب هنا شيئا من البراهين العقلية المذكورة في هذا الكلام المقدس لإثبات أصول الدين، لكن لما كانت هذه البيانات كلها تسبب الإطالة، بينما لا هذا يتسع الكتاب لكونه صغير الحجم، كما يتكفل كتاب البراهين الأحمدية أيضا كل هذه الأمور، لذا قد تركتها خشية الإسهاب وإن طلاب الحق سيجدون هذه المطالب كلها في البراهين الأحمدية إن شاء الله.لكن لا يغيب عن البال هنا أيضًا أن هذه العلوم ينالها الناس اكتسابا أيضًا، إلا أن الأمي المحض الذي وُلد في بلد صحراوي في زمن يسوده الظلام الدامس والجهل و لم يتعلم ولا كلمة واحدة في أي كتاب ولم يخالط الفلاسفة قط، ولم قط حتى عن اسم المنطق والطبيعة والهيئة وعلم النفس وغيرها من العلوم في بلده الذي تنتشر فيه الأمية، فمن المؤكد عقليا أن تدفق ينبوع الفيض عنده كاملا وصحيحا- بحيث لا يفوقه أي فيلسوف - أمر خارق للعادة بالبداهة.فالإنسان الذي يبين السامية من الفلسفة والطبيعة والهيئة وعلم خواص الأرواح ومعارف الدين بأسلوب منقطع النظير مع كونه أميا ودون أن يعلمه أو يقرأ عليه أي أستاذ، فلا أحد من العقلاء المنصفين يشك في كونه معجزة.يسمع الحقائق

Page 38

٢٤ الله هو بركات الباب الثالث الذي فتحه الله الله لطفا منه في القرآن الكريم لمعرفة روحانية ينبغي أن تسمى إعجازا تأثيريا.قد لا يخفى على عاقل أن النبي ﷺ تربى وترعرع في شبه الجزيرة العربية التي كانت في زاوية الخمول لكونها منقطعة عن سائر البلاد دومًا.وإن عيش أهل هذا البلد كالوحوش والبهائم تماما قبل بعثة النبي ﷺ وجهلهم المحض بالدين والإيمانِ وحقٌّ الله وحق العباد وتورطهم في عبادة الأوثان وأفكار خبيثة أخرى منذ مئات السنين، وانغماسهم في الملذات والسكر وشرب الخمر والقمار وغير ذلك من أعمال الفسق، وعدم عدّهم السرقة وقطع الطرق وسفك الدماء ووأد البنات وأكل أموال اليتامى وغصب حقوق الآخرين من الذنوب.باختصار إن استيلاء كل أنواع السيئة وكل أنواع الظلام والغفلة عموما على قلوب العرب كلهم لحادث مشهور معروف لا يسع إنكاره أيَّ معارض متعصب بشرط أن يكون ملما.ثم من الواضح على كل منصف أن الجهلة والهمجيين والوقحين والطالحين أنفسهم تغيروا تماما بعد اعتناقهم الإسلام وقبول القرآن الكريم.وكيف غيرت قلوبهم تأثيرات الكلام الإلهي وصحبة النبي المعصوم ل الله خلال مدة قصيرة دفعةً واحدة، بحيث تمتعوا بعد الجهل - بمعارف الدين وتفانوا في الحب الإلهي بعد الحب الدنيوي بحيث تركوا أوطانهم وأموالهم وأعزاءهم وشرفهم وراحة نفوسهم من أجل رضوان الله.فكلتا السلسلتين لحالتهم السابقة والحياة الجديدة التي تمتعوا بها بعد الإسلام- مذكورة في القرآن الكريم بوضوح لدرجة أنها حين يقرأها إنسان صالح سعيد القلب تفيض عيناه من الدمع تلقائيا.فما الذي جذبهم من عالم إلى عالم آخر بهذه السرعة؟ ألا إنما كانا أمرين حصرًا؛ أحدهما أن القوة القدسية لذلك النبي المعصوم كانت قوية التأثير لدرجة لم يسبق لها نظير ولن تظهر في المستقبل والثاني هو تأثيرات كلام الله القادر المقتدر الحي القيوم القوية والعجيبة التي أخرجت حزبا كبيرا من آلاف الظلمات إلى النور.لا شك أن تأثيرات القرآن الكريم هذه خارقة للعادة، لأنه لا أحد في العالم يستطيع أن يخبرنا عن نظير كتاب ينافسه في التأثير.من ذا الذي يقدر على إثبات أن هناك كتابا قام بالتبديل والإصلاح الغريب كما قام به القرآن الكريم.أما

Page 39

الفيدا فهو نفسه خالي اليدين ولا يثبت حتى وجود شخص أحرز الكمالات الباطنية بفضل تأثيرات الفيدا في أي زمن قط.وإن أتباع الفيدا أنفسهم يُقرون بأن أربعة أشخاص فقط وصلوا إلى الكمال وهم الذين نزل عليهم الفيدا.لكن وصول هؤلاء الأربعة إلى الكمال أيضا غير ثابت.والحق أن أتباع الفيدا لم يكن من حظهم قط أن يؤمنوا بأن الله واحد لا شريك له ويعدوه مبدأ جميع الفيوض ويعتبروا يد قدرته الكاملة مُوجدة كل وجود ولا يصبحوا إخوة شركاء له.وإذا تضايق من ذلك أحد منهم فمن مسؤوليته أن يثبت تأثيرات الفيدا الطيبة ويبرئ ساحته من هذه التهم، التي بسببها لم يبق أي شرف للبرميشور إله الهندوس.نحن لا نعاند الفيدا عبثا ودونما سبب، وإنما نقول صدقا وحقا وتشهد إلهنا القادر المقتدر على أن إنصافنا القلبي نحن وأي تقي آخر لن يتقبل أبدا أن سلطة الإله الكامل الذي بوجوده المبارك تقوم كل ذرة والذي يدعى مالك العالم كله مدينة لسند الآخرين لا بقدرته الخاصة.وقد حصل على جميع الأرواح والأجسام مصادفة وحظا، لا بسبب كونه خالقا لها.وأن ألوهيته وليدة المصادفة وليست حقيقية.والآن يجب النظر في القرآن الكريم - إعراضا عن الفيدا- إلى يتمتع به من تأثيرات طيبة كثيرة؛ فمئات الآلاف من القديسين يشهدون على أن بركات الله تنزل على القلب باتباع القرآن الكريم، وتنشأ العلاقة الغريبة بالمولى الكريم، وتنزل أنوار الله تعالى وإلهامه على قلوبهم، وتصدر المعارف والنكات من أفواههم ويوهب لهم توكل قوي، ويعطى لهم يقين محكم، ويودع في قلوبهم حب إلهي لذيذ يتربى بلذة الوصال.وإذا مزقت قلوبهم ودقت في هاون المصاعب وعُصروا في معاصر قوية، فلا يكون عصيرهم غير الحب الإلهي.الدنيا لا تعرفهم وهم بعيدون عن الدنيا وأرفع عنها، وإن معاملات الله تجاههم خارقة للعادة.فقد ثبت عليهم هم أنفسهم فقط أن الله الله ،موجود، فانكشف عليهم وحدهم أنه أحد.فحين يدعونه يجيبهم وحين ينادونه يستجيب لهم، وحين يلجأون إليه يُهرول إليهم.فهو يحبهم أكثر من آبائهم، ويُنزل على أبوابهم وجدرانهم غيث البركات؛ فهم يعرفون بتأييداته الظاهرة والباطنة والروحانية والجسمانية، وهو ينصرهم في كل مجال.لأنهم له وهو

Page 40

ليس إعجازا فحسب، بل يُظهر المعجزات أيضًا ببركاته وتنويراته.الحق أن القرآن الكريم يتمتع في ذاته بصفات كمالية تغنيه عن معجزات خارجية، فالمعجزات الخارجية لا تشكل أي إضافة إليه، كما لا يترتب أي نقص على عدمها.إن كيانه الخلاب الجذاب لا يتحلى بحلي المعجزات الخارجية فحسب، بل هو نفسه جامع آلاف المعجزات العجيبة والغريبة التي يراها الناس في كل عصر لا أن يذكر رؤيتها في الماضي فقط؛ فهو محبوب مليح الحسن، ويتحلّى كل شيء بوجوده ويتزين به، أما هو فلا يحتاج إلى شيء يتزين به."إن جميع ذوي الحسن في العالم يتزيَّنون بالحلي، أما أنت فضى الجسم فتتزين بك الحلي يتمتع لهم.هذه الأمور ليست دون برهان بل سوف نسجل عما قريب في كتاب "السراج المنير" إن شاء الله القدير، إثباتا بينا لها.أما هنا فنريد أن تظهر أن أي دين آخر لا بهذه البركات قط.إذا كان الفيدا قد أثر في قلوب الآريين فإنما هو يتمثل في الإساءة وإطلاق الشتائم، فوصف جميع المقدسين بالمحتالين وتسمية جميع الأنبياء بالمكارين، ووصف صلحاء العالم كله - إلا ثلاثة أو أربعة من الريشيين مجهولي الهوية الذين نزل عليهم الفيدا بالكاذبين والخادعين والنصابين من شأن هؤلاء فقط.فهل خرج من أفواه هؤلاء قط شيء من المعارف الإلهية غير الظنون السيئة والإساءات؟ فهل سمع لطيف للمعرفة الإلهية من لسان هؤلاء سوى الكلام البذيء والأفكار الفاسدة أو الكلمات الفياضة بالتحقير والإساءة والاستهزاء والشر والرائحة الكريهة؟ فهل رشحت أي قطرة من النقاء القلبي من هذه الأواني، أو هل تقدموا في الطهارة الباطنية شيئا؟ كلا ثم كلا، فتأثير الفيدا فيهم جلي وغني عن سر البيان.منه.ترجمة بيت فارسي (المترجم)

Page 41

وبالإضافة إلى ذلك فليكن مفهوما أن الذين يعترضون على معجزة انشقاق القمر فإنما يملكون حجة وحيدة وهي أيضا ناقصة وداحضة، أن انشقاق القمر ينافي قوانين الطبيعة.لذا أرى من المناسب أن نبحث شيئا في قانون الطبيعة الذي يذكرونه، ثم نذكر من التاريخ الإثبات الذي يبرهن على صحة هذا الحادث.فليكن معلوما أن المؤمنين بالطبيعة، أي الذين يُدعون أتباع قانون الطبيعة، يركزون على أنه من البدهي أن كل ما يستطيع الإنسان معرفته بقواه العقلية هو ليس سوى الطبيعة وقانون الطبيعة.أي بإلقاء نظرة على أن المصنوعات والموجودات المشهودة الموجودة، يتراءى لنا من كل جانب حصرًا أن كل شيء مادي أو غير مادي سواء كان فينا أو في ما حولنا أو فوقنا أو تحتنا، مرتبط دومًا بنظام مترابط غريب في ذاته ووجوده وقيامه وفي الآثار التي تترتب عليه، ولا ينفصل عنه أبدًا.فحيثما قرر الله صنع شيء ما، حصل على المنوال نفسه دون خطأ، وسيحدث بحسب ذلك، فإنما الصدق والمبادئ الحقة ما يوافقه فأقول لا شك أن كل ذلك حق، لكن هل ثبت من ذلك أن طرق القدرة الإلهية وقوانينها تنحصر في حد اطلعنا عليه من خلال التجربة والمشاهدة ليس أكثر؟ فما دام الإيمان بالقدرات الإلهية غير المحدودة مسألة مهمة لدرجة أن يتوقف عليه نظام الألوهية والكون بأسره، وبه يتفتح باب التقدم العلمي على الدوام، فكم من الخطأ تقديم الحجة السخيفة القائلة بأن الأمر الذي هو خارج نطاق فهمنا ومشاهدتنا لخارج عن نطاق قانون الطبيعة أيضًا.بل ما دمنا قد أقررنا

Page 42

۲۸ بألسنتنا بأن قوانين الطبيعة غير محدودة ولا نهاية لها، فيجب أن يكون مبدأنا أن لا نردّ سلفا كل جديد نكتشفه بعد أن نلاحظه يفوق عقولنا.بل يجب أن نفحص جيدا وباهتمام هل هو ثابت أم لا.فإذا ثبت فلنسجله في قائمة سنن الكون التي نعرفها، أما إذا لم يثبت فعلينا أن نكتفي بالقول إنه غير ثابت، ولن يكون مسموحا لنا بأن نقول إنه خارج نطاق قانون الطبيعة.كلا بل يجب لاعتبارنا شيئا خارج قانون الطبيعة أن نكون محيطين بجميع قوانين الله الأزلية والأبدية ،كدائرة ، ويحيط فكرنا تماما بكل ما أظهره الله الله منذ الأزل من القدرات المختلفة وما سيُظهره منها في المستقبل للأبد.فهل سيكون قادرًا على إظهار قدرات جديدة متجددة على الدوام أم سيبقى مقيدا- كثور المعصرة ومحصوراً في القدرات التي شاهدناها سلفا، والتي أحطنا بها جيدًا.وإن قلتم إنه سيبقى مقيدًا ومحصوررًا، فلأي سبب يكون مع كون ألوهيته وقدرته وطاقته غير محدودة؟ هل بنفسه سيعجز عن ذلك إظهار قدراته الواسعة أم سيُجبر عليه أي قاسر آخر؟ أم هل بضعة أنواع من القدرة هذه فقط تعزز قدرات ألوهيته؟ ويصيبه الزوال نتيجة إظهار قدرات أخرى؟ باختصار؛ إذا كنا نؤمن بأن قدرات الله غير محدودة فمن الغباء والسفه أن نتوقع الإحاطة بجميع قدراته.وذلك لأنها إذا انحصرت في وعاء مشاهدتنا فكيف تعدُّ غير محدودة وغير متناهية؟ وفي هذه الحالة يظهر عيب وهو أن تجربتنا الفانية والناقصة تُعدّ حاصرة جميع قدرات الله الأزلية والأبدية كلها، بل تطرأ مشكلة أخرى وهي أن اعتبار قدراته محدودة سيقودنا إلى

Page 43

۲۹ الاعتقاد بأنه نفسه لالالالالالاله أيضًا محدود وسنضطر للقول بأننا اكتشفنا حقيقة الله كلها وكنهه وتوصلنا إلى أعماقها وسبرنا أغوارها، وإن الكفر والإساءة والإلحاد الذي يوجد في هذه الكلمة لغني عن البيان.فاعتبار التجارب المحدودة جدا في الزمن المحدود قانون الطبيعة بأسره وإنهاء سلسلة غير متناهية للطبيعة عندها وقطع الأمل في انكشاف أسرار جديدة في المستقبل نتيجة تلك الأنظار القاصرة التي لم تعرف الله ذا الجلال كما تجب معرفته والذين ثبت أن طبعهم منقبض جدا، حتى إنهم يزعمون كضفدع البركة أنهم استولوا على محيط لا ساحل له.فجميع أفراح العارفين وراحات المحزونين تكمن في الإيمان بأن قدرات الله الله غير مدركة، لا أقول أن آمنوا بأي أمر حديث دون أي بحث أو بغير إثبات عقلي أو اختباري أو تاريخي، لأن ذلك سيؤدي إلى جمع كثير من الغث والسمين وإنما أقول: عظموا الله عزّ وجلّ ولا تعترضوا عنادا وعبثا على أفعال الله ذي الجلال - الجديدة (التي تتراءى جديدة في أنظاركم المحدودة)، لأن الإنسان كما بينت سابقا لم يتمكن بعد تحديد قدرات الله العجيبة والحكم الدقيقة وأسراره المعقدة، ولا يبدو من من جدارته وقدرته مستقبلا أن يقيس أسرار مالك الملك المختومة، على شاكلة مساحة الأرض الصغيرة جدا، أو يدعى بأنه قد أحاط بجميع خواص شيء معين.أما أنقياء السريرة أولئك الذين يحبون مالكهم الحبيب بصدق، فليس لي أي حاجة لأقدم لهم الأدلة المنطقية، لأنني أعلم أن حبهم الصادق نفسه سيعلمهم طريق الأدب؛ بأنّ عدَّ علم حضرة الأحدية الجامعة الكمالات

Page 44

۳۰ مساويًا لعلمهم المحدود، وعدم اعتبار قدراته الأزلية والأبدية أكثر من مشاهداتهم ومعلوماتهم، لفكرة خبيثة جدا وغير لائقة، وبعيدة جدا عن الأدب والتعظيم والتواضع وحقيقة العبودية.لكنني أحب أن أوجه إلى الصراط القويم- بدلائل مقنعة- أولئك الفلاسفة الماديين الغافلين عن العشق الإلهي ومعرفة تلك الذات الجليلة العظيمة بقدر ما أوتيت من القوة العقلية؛ لأنني أرى أن حياتهم الروحانية قد ضعفت جدا، وإن تحررهم بغير حق وضعف إيمانهم قد أثر جدا وبشكل سلبي في إرادتهم الباطنية وعزيمتهم للدين وأوضاعهم الداخلية، إذ قد خلطوا الضلال مع الصدق على نحو عجيب.فالدين أمر يقوم أساس بركاته الحقيقي على الإيمان والثقة وحسن العقيدة وحسن الظن والطاعة واتباع المخبر الصادق والكلام الإلهي.أما هؤلاء أن فيحسبون حقيقة الدين غير هذا بسبب فلسفتهم الخاطئة؛ فيجب عليهم يتأملوا بعيدين عن ضجيج التعصب والأنانية وشغبهما بنظرة سديدة وفكرة قويمة في السؤال ما هو الإيمان؟ ولماذا يُعقد الأمل في ترتب الثواب عليه؟ فليكن معلوما أن المراد من الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب لدعوة نبي أو رسالته انطلاقا من مجرد التقوى والفراسة وبناء على حسن الظن فقط ؛ أي أن يبدي المرء الاستجابة والتسليم بانشراح القلب دون أي انتظار لإثبات كامل وقطعي وواضح، معتبرًا بعض الأوجه جديرة بالثقة وبعد ملاحظة كفتها راجحةً والميل إليها.أما إذا تم العثور على الأوجه الكاملة القياسية والأدلة العقلية الكافية على صحة خبر ما، فهو يسم ایک

Page 45

۳۱ إيقانا، وهو ما يدعى بتعبير آخر بعلم اليقين أيضًا.لكن إذا كشف الله الله نفسه أنوار الهداية بجذب خاص وموهبة خارقة للعادة وعرف العبد آلاءه ونعماءه ووهبه العقل والعلم من لدنه بالإضافة إلى فتح أبواب الكشوف والوحى وهياً لعبده جولة في عجائب ألوهيته وأطلعه على حسنه وجماله لكونه حبيبا، فهذا ما يسمى بمرتبة ،العرفان والذي بتعبير آخر يسمى عين اليقين والهداية والبصيرة.أيضًا أما إذا نشأت بإذنه لا اله الله الكيفية والحال للعشق والحب في قلب العارف نتيجة تأثير كل هذه المراتب الشديدة بحيث يمتلئ وجود العارف بأسره من لذته، وتحيط بقلبه الأنوار السماوية إحاطة تامة، وتُرفع من داخلها كل أنواع الظلمة والقبض والضيق، حتى يكون تأثير البلاء والمصيبة أيضًا - بسبب علاقة كمال العشق والحب نتيجة الحماس المفرط للصدق والصفاء- محسوس اللذة ومدرَك الحلاوة؛ فهذه المرتبة تسمى اطمئنانا، وبتعبير آخر تسمى حق اليقين والفلاح والنجاة أيضًا.إلا أن هذه المراتب كلها تنال بعد مرتبة الإيمان وتترتب عليه.فقوي الإيمان ينال هذه المراتب كلها تدريجيا، أما الذي لا يتخذ الإيمان سبيلا، ويطلب قبل قبول كل حقيقة إثباتا قطعيا ويقينيا واضحا جدا، فليست لطبعه أي علاقة بهذا الطريق.ولا يكون أبدًا جديرا بأن ينال فيوض ذلك القادر الغني الصمد.فسنة الله الله منذ القدم جارية على هذا النحو.هذه نقطة لطيفة جدا لفنّ العلم الإلهي، ذلك الذي يجب أن يتأمل فيه السعداء، أي أن الثواب والفيض السماوي يترتب دوما على الإيمان فحسب وإنما الفلسفة الحقة لهذا الطريق

Page 46

۳۲ أن يجتنب الإنسان في الحالة البدائية لقبول الدين - الإنكار السافر لذلك الغني المستغني وقدرته ووعده ووعيده والإيمان بأخباره وأسراره.لأن المحافظة على صورة الإيمان (الذي يترتب عليه الثواب كله) تقتضي حتمًا أن لا يكشف الله أمور الإيمان لدرجة أن تصير في نظر كل خاص وعام مسلمة الوجود كالبديهيات الأخرى.وصحيح أن الإنسان جعل مكلفا بسبب العقل، ولا يسعه التسليم بأمور غير عقلانية، ولا يُتهم في حالة الإنكار، لكن تأملوا بأنفسكم هداكم الله - لتروا أن الله الله أيضًا لا يجبركم على الإيمان بأمر غير معقول (يستبعده العقل عن قدرته وطاقته).ولا يستنبطن من أي قول لنا أن تؤمنوا بأمر يعدّ في الحقيقة غير معقول لدى ثاقبي النظر، وإنما مغزى كلامنا ولبه أن الإيمانيات يجب أن تكون ظاهرةً من وجه وتكون في الوقت نفسه خافية أيضًا من وجه آخر ويكون العقل موقنا بإمكانية وجودها، لكن لا يقدر على أن يُريها غيره عيانا بلمسها كالمشهودات والمرئيات البدهية.أي لا يكون لها وجود كالأشياء المادية المحسوسة كالإنسان والحمار وغيرهما، بحيث يمكن إدراكها باللمس، أو يمكن أن يراها الإنسان بأم عينه أو يريها للآخرين.أو تكون منكشفة كأشكال هندسية وأعمال حسابية لا يختلف فيها حتى الصغار الذين تقدر أعمارهم عشر سنوات فقط.باختصار ؛ ينبغي أن تكمن فيها كيفية هي ضرورية للمحافظة على مدلول الإيمان، ولا تكون مع ذلك سخيفة وبعيدة عن العقل في نظر المتفرسين وعارفي الحقيقة.

Page 47

۳۳ "لا تأكل كثيرا حتى يفيض فمك بالطعام، ولا تقلل منه حتى توشك على الهلاك الضعف" بسبب الآن: إن ملخص هذا البحث وعصارته أن الغاية من اعتناق أي دين أن يختار المرء طريقا يُكسبه رضوان الله الغني الصمد تماما والمستغني عن المخلوق وعبادته نهائيا، حيث يبدأ نزول فيوض رحمته عليه لكي تطهره من الشوائب الداخلية وتعمر صدره باليقين والمعرفة الإلهية.لكن ليس في وسع الإنسان العثور على هذا التدبير بفكره، لذا قد جعل الله وجوده وعجائب قدرته على الخلق، أي الأرواح والأجسام والملائكة والنار والجنة والبعث والحشر والرسالة وسائر أسرار المبدأ والمعاد في معرض الخفاء على حد سواء، ووهب العقل أيضا شيئا من القدرة على اكتشاف شيء منها قياسا أو إمكانا؛ أي من خلال إظهار شيء وإخفاء شيء آخر.وأمر الناس بأن يؤمنوا بهذه الأمور كلها.وقد فعل كل ذلك لأن العبد إذا آمن بالله رغم صراعه مع شتى الأفكار والوساوس وآمن بوجود جميع عجائب الآخرة ووجود الجحيم والجنة والملائكة وغيرها باعتبارها من قدرة الله، وذلك قبل مشاهدته لها عيانا، فإن قبوله هذا سيعدّ إيمانا صادقا، لأن هذه الأمور ما زالت مخفية ولم تظهر ولم تتجل كالمرئيات والمشهودات.فهذا الصدق سيكون سببا لتوجه رحمة الله إليه، لأن الله الا الله لا استغنائه الذاتي يتوب برحمة على أولئك الذين يتجلى صدقهم.فالملاحظ أن الإنسان بفطرته يفر بكراهية ترجمة بيت فارسي (المترجم).

Page 48

من الشيء بين الضرر أو يندفع برغبة عارمة لتلقي الشيء بين النفع، أي بحسب الوضع.لكنه لا يترتب أي ثواب على عادته هذه، فإذا لجأ أحد إلى الغرفة خوفا من البرق أو هرب إلى المدينة خائفًا الأسد فلا يسعه القول: أيها البرق أو الأسد، قد خفتك فارضَ عني.فالبديهي أن الخوف أو الأمل الذي لا بد منه لا يوجب أي إعجاب أو حمد، لذا يجب على الذي يريد مرضاة الله إيمانا به وبعجائبه في الآخرة أن يجتنب التعصب والعناد بغير حق، وليكن لينا في طلب الأدلة قدر الإمكان وليس عليه إلا أن يختار طريقًا أفضل من طرق أخرى ولا يدع عقله غير الناضج يتيه ويهيم في البحث عن إثبات كما يكون نصف الأربعة اثنان بل السعادة كلها تكمن في قبول يقيني الذي ما زال في الغيب، واجتناب طلب الشهادة من الحواس الظاهرية والنزاعات الفلسفية الطويلة والعريضة التي لا طائل منها قدر الإمكان، لأن الذي آمن بالله بعد رؤيته أو بعد البحوث المتناهية وآمن بالدينونة بعد التجربة فقط، فأي فضيلة أو صدق يتحلى به هذا الإيمان؟ فمن ذا الذي لا يؤمن بعد كل هذا وذاك؟ فلا يوجد في العالم أحد يبقى منكرا بعد فوزه ببراهين كاملة ووافية على وجود الله أو عالم المجازات أو عجائب الكون.فمثلا إذا تراءى الله الا الله لكل واحد وأظهر للجميع قدرات ألوهيته أو خرج مثلا عشرة آلاف أو عشرون ألف شخص من كل قوم ومن كل بلد من قبورهم وعادوا إلى شعبهم وقبيلتهم وبينوا لأبنائهم وأحفادهم حقيقة الله والدينونة بكل تفاصيلها، فيستحيل أن يبقى حتى بعد ذلك أي إنسان كافرا

Page 49

و ملحدا.هنا ينشأ السؤال بالطبع أنه ما دام الله له الا الله قادرا على هذه الأفعال وكان من شأن هذا الإثبات القوي المتين أن يقطع شأفة الكفر والإلحاد، فلماذا لم يفعل الله الله ذلك ؟ فلو فعل لكان من المؤكد أن يتميز الباطل من الحق بكل جلاء، ولما بقيت أي حاجة إلى أدلة رديئة وظنية ووهمية من الفلسفة.فالرد على ذلك ما قد سبق آنفا فلا شك أن الله الله كان قادرا على ذلك، بل كان قادرا على أن يتجلى بنفسه حتى تخضع له جميع الأعناق بتجل واحد فقط، وتنحسم جميع النزاعات الدينية في العالم.إلا أنه في هذه الحالة ما كان ليبقى الأمر الذي يترتب عليه الثواب وتوهب للصادقين بسببه المراتب العالية والقرب والجاه أي لما تحقق الإيمان بالغيب- على حالته الأصلية - الذي تترتب عليه الدرجات في الآخرة.فهذه حقيقة عظمى ويدركها الكبير والصغير بالتدبر في هذا السؤال المذكور آنفا.باختصار؛ إن سرَّ ترتب الثواب والأجر على الإيمان هو أن الأمور التي يؤمن بها الإنسان تتحقق صحيحةً وصائبة بالتدبر وإمعان النظر، لكن إثباتها ليس جليا بينا كما تكون المشهودات والمحسوسات، وإنما تندرج في الإيمان بالغيب.فالصادق حين يؤمن بالله والثواب والعقاب وغيره من الأمور الغيبية فهو يواجه ابتلاء شديدا بسبب أنواع الأوهام وصنوفها وثوائر النفس الأمارة من كل طرف وصوب، إلا أنه يختار في نهاية المطاف سبيل ذلك الرب الرحيم تاركا جميع السبل وقاهرا جميع الأفكار والوساوس لكونه صادقا في إيمانه.وبسبب بركة صدقه حين يتخذ الإنابة أكثر من علمه، والوفاء أكثر من

Page 50

معرفته والاستقامة أكثر من تجربته يُتقبل عند الله.ثم توهب له عيون العرفان ببركة الصدق والصفاء نفسه، ويُرزق اللذة والمحبة الربانية حتى يصل إلى درجة تنتهي عندها كمالات الإنسان لكن ذلك كله يعطى أخيرا لا سلفا.سنة الله أو قانون الطبيعة بتعبير آخر للوصول إلى المعرفة الصحيحة، غير أن الفلاسفة الماديين في العصر الراهن لم يطلعوا على هذه الحقيقة مثقال ذرة، وهم يجهلون تماما كيف يصعد المرء إلى برج العرفان فهذه هي حاشية: فليكن معلوما أن طريقة الفلاسفة في الإيمان بالله وعالم المجازاة والأمور الأخرى المتعلقة بالمبدأ والمعاد تختلف كثيرا عن طريقة الأنبياء.فالأصل الأعظم لطريقة الأنبياء أن الثواب يترتب على الإيمان ويُثمر الإيمان عندما يؤمن المرء بأمور غيبية ما زالت في الغيب، ولا يطلب الشهادات البينة من الحواس الظاهرة ولا الإثباتات القطعية اليقينية من الأدلة الهندسية والحسابية.لأن الثواب بأكمله واستحقاق القرب والوصال الإلهي يتوقف على التقوى فقط وإنما يتحلى بالتقوى من يجنب نفسه البحوث المفرطة والإنكارات العريضة الطويلة وتفصيل كل جزئية، ويتقبل بحسن الظن المحض طريقا غالبا ومتفوقا على طرق أخرى، وذلك إثر ملاحظة صدقه وبناء على الفراسة، وهذا إيمانا.وبهذا الإيمان ينفتح باب الفيوض الإلهية وينال المرء السعادة في الدنيا والآخرة.فحين يتمسك أي صالح بالإيمان ثم يريد التقدم في حالته العلمية بالدعاء والصلاة والفكر والنظر فإن الله الا الله يتولاه ويمسك بيده ويوصله من درجة الإيمان إلى درجة عين اليقين.لكن كل ذلك يتحقق بعد الاستقامة والمجاهدات والرياضات وتزكية النفس وتنقيتها لا قبل ذلك.أما الذي يريد سلفا تسوية جميع الجزئيات كليا، ولا يريد التخلي عن معتقداته السيئة وأعماله السيئة قبل التنقية، فهو محروم من الثواب والفوز بهذا الطريق لأن الإيمان إنما يعدّ إيمانا عندما تكون الأمور التي آمن بها المرء ما زالت في خفاء نوعا ما، أي هي تكون في حالة لم يُحط بها البرهان العقلي ما يسمى هذا

Page 51

إحاطة تامة، ولا هي تراءت في صورة الكشف، وإنما ثبت وجودها على سبيل الظن الغالب فقط.هذه وجود هي فلسفة الأنبياء الحقة التي بالتحلي بها قد نال الملايين من عباد الله البركاتِ السماوية، والتي بالتمسك الدقيق بها قد بلغ عدد لا يحصى من خلق الله مرتبة المعرفة الكاملة ولا يزال يصل، والمراتب السامية التي توحّاها الفلاسفة بعجلة واستكبار ولم يفوزوا بها فقد نال هؤلاء المؤمنون تلك المراتب كلها بسهولة كبيرة وأحرزوا في المعرفة التامة درجة لم يسمع عنها الفلسفي قط ولم ترها عينه و لم تخطر على قلبه قط.لكن مقابل ذلك فالفلسفة المزورة المغشوشة للفلاسفة الماديين التي يُعجب بها المثقفون في العصر الراهن والتي قد دمر جهلُ عواقبها الوخيمة كثيرا من السذج، هي أنه ما لم ينحسم أي أصل أو فرع نهائيا و لم ينكشف كليا، فلا ينبغي الإيمان به أبدًا سواء كان الله أو غيره.فالفلاسفة العظام والكمّل الذين تمسكوا بهذه المبادئ جدا سموا أنفسهم باحثين واسمهم الثاني الملاحدة أيضًا.كان مذهب هؤلاء الفلاسفة الكبار المتمسكين بمبادئهم القديمة أنه لما لم يثبت وجود الله قطعا بواسطة العقل ولا هم رأوه بأم أعينهم فإن الإيمان بمثل هذا الإله هو الإيمان بأمر ظني وملتبس، وهو بعيد جدا عن المبادئ المحددة للفلسفة.فهم أزاحوا الله سلفا من الساحة، ثم قرروا عن الملائكة أنهم أيضًا لا يتراؤون كالله فينبغي التخلي عن الإيمان بوجودهم أيضا، ثم توجهوا إلى الأرواح وأبدوا رأيا بأنهم لا يجدون دليلا مقنعا على أن الروح تدوم بعد الموت إذ لا ثرى أي روح، ولم تقص أي روح قصتها بعد العودة من هناك.بل كل الأرواح بعد مفارقتها الأبدان عديمة الأثر والعلامة مثل الله والملائكة.فلا برهان على الإيمان ببقائها.ثم بعد كل هذه القرارات حسب نظرهم العميق مشقة التكاليف الشرعية وتمييز الحرام من الحلال مُعارضًا شديدا لمبادئ الفلسفة، فأبدوا رأيهم صراحةً وبجلاء أن الفرق بين الأم والأخت والزوجة أو عدَّ بعض الأشياء محرمة دون إثبات ضررها الطبي، هي صنع البشر.ولا يقوم عليه أي دليل من الفلسفة.وكذلك قالوا بأنه لا يثبت أي شناعة عقليا في تعرّي المرء، بل تكمن في ذلك فوائد من حيث أمور من

Page 52

۳۸ العالي بسلّم الإيمان المحكم والمستقيم.وبسبب هذا الجهل والغفلة قد امتلأوا القواعد الطبية.وكذلك لهؤلاء الفلاسفة مسائل أخرى، وإنما ملخص مذهبهم أنهم لا يؤمنون بشيء سوى الأدلة القاطعة العقلية.وفي نظرتهم الفلسفية لا يثبت أي عمل أنه خبيث مهما كان سيئا ما لم يثبت خبثه ببراهين فلسفية قاطعة أي ما لا يتحقق فيه أي ضرر طبيا أو خلل في نظام الدنيا، فإنّ تركه في غير محله.أما الفلاسفة من الدرجة الله الثانية فهم قد خففوا مبادئهم الفلسفية خوفا من طعن الناس وخوفا من القوم وخجلا من بني جنسهم وسلموا ظنيا بوجود وعالم الجزاء وأمور أخرى كثيرة.إلا أن هؤلاء الفلاسفة الكبار من الدرجة العليا يعدونهم أغبياء جدا وقاصري الفهم وسفهاء الطبع وجبناء ومسيئين إلى جماعتهم.ذلك لأنهم ادعوا الفلسفة لكنهم لم يتمسكوا بمبادئ الفلسفة كما يجب.لذا فالفلاسفة من الدرجة العليا ينزعجون من ذكر أو دعوة هؤلاء الناقصين أو تسميتهم باسم الفلاسفة العظيم.لأنهم سلكوا على طريق الفلسفة شيئا وقبلوا خوفا من لعن العامة وطعنهم شيئا من معتقدات الأنبياء أيضًا (التي لا تثبت بأدلة قاطعة يقينية في رأي الفلاسفة.لذا هم يعدّون هؤلاء حكماء ناقصين، لا فلاسفة حقيقيين.ومن المحتمل بل الأقرب إلى القياس والمأمول أنه بقدر ما سينشأ في قلوب النشيطين والجديرين منهم حماس قوي وقاطع ويقيني وبين لطلب الإثبات العقلي، ستفارق كل النقائص الباقية أفكارهم، وسيطابقون إخوتهم الكبار كليا في العقائد والأعمال.عندئذ سيلتقي نهر الشيطان ونهر الظلام ويصبحان نهرا واحدا يسيل أن باتجاه موحد لتدمير العالم.وإذا تطورت الفلسفة في الأجيال القادمة فبدلا من يطرحوا السؤال كالفلاسفة المعاصرين بأن يُرَوا الملائكة أو الشيطان إذا كان لهما أي وجود، سيطرحون سؤالا عالي الطراز بأن يُرَوا الله وقدراته عيانا دون واسطة أسباب إذا كان لهما أي وجود.وكذلك إذا كانت الأرواح تبقى بعد مفارقة الأبدان وكان لها أي وجود فليروها أيضًا.باختصار؛ بقدر ما ستتقدم فلسفة هؤلاء المثقفين حديثا، ستنشأ في قلوبهم هذه الأسئلة الجريئة باستمرار، حتى إنهم سينضمون إلى الفلاسفة من الدرجة الأولى.أما الآن فأوضاعهم غير بالغة وأفكارهم أيضا غير ناضجة.منه

Page 53

۳۹ استعجالا وتسرعا منذ البدء، حيث يريدون بمنتهى التسرع- باعتبارهم تلقي علم الدين عملا هينا وصناعة عديمة الجدوى- أن يكتشفوا في حالتهم البدائية جميع أصول الدين وفروعه دون انتظار الأوضاع المرتقبة لكمالات الفطرة؛ كما تكتشف أي مسألة حسابية أو هندسية، وإذا لم تبلغ أي من الدقائق الدينية هذه الدرجة من الانكشاف فيصدروا بحقها حكما صريحا بأنها باطلة تماما وتخلو من منهج الصدق.لكن ذلك كما بينا آنفا ليس طريق الحكمة ،الإيمانية، بل هو ظلمة إنسانية أو خصلة من غطرسة شيطانية.لأنه لو كان الأمر هكذا وكانت جميع أجزاء الدين وما تفيض به أظهر من الشمس سلفا وبدهيةً وبينة الانكشاف أو تراءت قطعية الإثبات على شاكلة الأشكال الهندسية أو العمليات الحسابية لما بقي الإيمان إيمانا ولما وسع الإنسان نيلُ الثواب والسعادات والبركات التى تترتب على الإيمان أبدا.لأن من الواضح أن التسليم بوجود الأمور بينة الحقيقة وبديهية الوجود لا يسمى إيمانا.فلو قال أحد مثلا: إني قد آمنت بأن الماء بارد وأن النار حارة، وأن كل إنسان ينظر بالعين ويسمع بالأذن ويأكل بالفم ويمشي بالقدم وآمنتُ بأن الشمس والقمر موجودان وأنه توجد على الأرض كثير من الجمادات والنباتات والحيوانات فإن هذا الإيمان بمنزلة الأضحوكة ولا يسمى إيمانا.وعند ولذلك لا يُعدّ الإيمان بأمور بدهية وبينة جالب أي ثواب عند الله العقلاء.بل الإيمان أن يسلّم المرء بأمور يتقبل العقل وجودها ولا يدرك كنهها كما يجب لكونها مخفية وراء حُجُب كثيرة - بعد ملاحظة كفتها

Page 54

راجحة بفراسته الطبعية، أي بعد رؤية آثار الصدق فيها وملاحظة غلبة الأدلة العقلية عندها بالإضافة إلى كون كلام الله شاهدا ناطقا عليها ومصدقا لها.هذا هو الإيمان الذي يتسبب في تحقق رضوان الله جل شأنه.وبعد الإيمان هناك مرتبة الإيقان كما بينا ،آنفا وتتلوه مرتبة العرفان.أي حين يؤمن المرء بأمور يقبلها عقله إمكانا أو جوازا أو وجوبا دون أن يحيط بها كانكشاف كلي، فإن مثل هذا الرجل يُعدّ صادقا في نظر الله له.وإن حضرة الله الكريم عز اسمه يهب له مرتبة العرفان ببركة إيمانه، أي يُنزل عليه العلم والمعرفة والسكينة من عنده ويرفع الظلمة المتبقية أيضا بأنوار كشفية وإلهامية كان العقل المجرد قد عجز عن رفعها.وبناء على ذلك؛ فكما أودع الله للفطرة الإنسان قوة العقل لفهم مبادئ الأمور إلى حد ما، كذلك قد أودعه الله الله لا قوة خفية لتلقي الإلهام والكشف.فحين يصبح عقل الإنسان عاجزا عن التقدم بعد بلوغه الحد المعين فعندها يرشد الله عباده الصادقين والأوفياء لإيصالهم إلى الكمال في العرفان واليقين بالإلهام والكشف.والمحطات التي كان بقي قطعها بواسطة العقل تُقطع الآن بواسطة الكشف والإلهام، ويصل السالكون إلى مرتبة عين اليقين، بل حق اليقين.فهذه هي سنة الله وعادته؛ التي للهداية إليها جاء جميع الأنبياء الأطهار، والتي لا يسعُ أي إنسان الوصول إلى المعرفة الصادقة والكاملة دون العمل بحسبها.لكن الفيلسوف المادي الشقي يستعجل لدرجة أن يتمنى أن ينكشف عليه عند مرتبة العقل فحسب كل ما قُدِّر اكتشافه مستقبلا، ولا يعرف أن العقل

Page 55

الإنساني لا يقدر على تحمل ما لا طاقة له به، ولا يستطيع أن يتجاوز مبلغ قدرته، ولا هو يجيل الفكر في أن الله لم يرزق الإنسان العقل فقط للوصول إلى كمالاته المتوخاة، بل قد أودع فطرته القدرة على تلقي الكشف والإلهام أيضًا.فلو استخدم الإنسان الوسيلة البدائية والدنيا فقط من الوسائل التي أعطاه إياها الله الا الله بحكمته الكاملة لمعرفته وتغافل عن سائر الوسائل لمعرفة الله، لكان من شقاوته العظمى.وإن تضييع تلك القوى بتعطيلها على الدوام، وعدم الانتفاع بها لجهل شديد من الدرجة القصوى.يستحيل أن يعد فيلسوفًا صادقًا مثل هذا الرجل الذي لا يترك قوة تلقي الكشف والإلهام عاطلةً وباطلة فحسب بل ينكرها، مع أن الكشف والإلهام قد ثبت على أكمل وجه بشهادة آلاف القديسين، وأن جميع العارفين الصادقين قد وصلوا إلى المعرفة الكاملة بهذه الطريقة وحدها.فأصحاب الديانة الآرية الذين لا علاقة لدينهم بنور القلب، ينكرون قطعا الكشف والإلهام الذي يشتمل على أمور الغيب والخوارق الإعجازية.فالفيدا بحسب زعمهم يخلو تماما من النبوءات، ومجرد من قوانين الطبيعة نهائيا، ومع ذلك يؤمنون بأن الكتاب الإلهامي هو الفيدا فحسب.باختصار؛ كما يجب أن يكون كلام الله مرآة لصفاته الكمالية لا يسعهم إثبات الأنوار الإلهية في الفيدا، بل يقرون بألسنتهم بأن فيداهم يخلو تماما من أخبار الغيب وأسرار القدرة وعاجز عن بيانها، إلا أنهم مع كل هذه المساوئ يصرون على أن الإلهام الإلهى انتهى عند الفيدا وحده.فهم ينكرون أبدية

Page 56

٢٤٢ الكشف والإلهام ويقولون بأن القادر له قد منح القدرة على تلقي الإلهام- بسبب الأعمال الصالحة - الأشخاص الأربعة فقط الذين نزل عليهم الفيدا، و لم يرزقها أحدا بعدهم.وكأن أولئك الأربعة كانوا نادري الخلقة، و لم تكن لهم أي علاقة بسائر بني البشر بحسب فطرتهم أو عملهم.فهؤلاء القوم راضون بالعمى الروحاني.وصحيح أنهم يرفعون هتاف العقل وسمعوا من أحد اسم قانون الطبيعة أيضًا؛ ولذلك اعترض لاله مرليدهر على أن انشقاق القمر ينافي قانون الطبيعة.لكنني تأسفت على سماع هذا الاعتراض التقليدي المحض من لاله المحترم.ليته سمع من أحد أيضًا أن ألوهية الله وربوبيته تتوقف على قدرته غير المحدودة وأسراره اللامعدودة، التي ليست في وسع أي إنسان الإحاطة بها في قانون فلمعرفة الله لمة مسألة أساسية أن قدرات الله ذي الجلال وحكمه لا حصر لها.فبإدراك حقيقة هذه المسألة والتدبر العميق فيها تزول الأفكار المتشابكة والمعقدة كلها ويستبين الطريق المستقيم لمعرفة الحق وعبادته هنا لا ننكر بأن الله دوما يفعل بحسب صفاته الأزلية والأبدية، وإذا سمينا التمسك بهذه الصفات الأزلية والأبدية سنة الله بتعبير آخر، فليس ذلك في غير محله.لكن اعتراضنا ونقاشنا ينحصر في أنه لماذا نعدّ آثار الصفات الأزلية والأبدية - أو قولوا تلك السنة الإلهية الأزلية- محدودةً أو معدودة؟ صحيح أننا نسلّم بلا شك وينبغي التسليم بأن جميع الصفات غير المحدودة التي يتصف بها الله لاتتجلى آثارها نفسها في مواعيدها، لا أمرٌ آخر غيرُها.وتلك الصفات تؤثر في كل مخلوق أرضيا

Page 57

٤٣ كان أو سماويا.واسم آثار الصفات نفسها هذه سنة الله أو قانون الطبيعة.لكن لما كان الله له بصفاته الكاملة غير محدود ولا نهاية له، لذا لو ادّعينا أن آثار صفاته أي قوانين الطبيعة - هي ما علمناه بحسب تجربتنا أو فهمنا أو مشاهدتنا ليس أكثر لكان ذلك سفهنا وغباءنا.فقد ارتكب المولعون بالفلسفة في العصر الحاضر خطأ فادحا إذ حسبوا قانون الطبيعة أولا شيئا تم تعيينه وتحديده من كل الوجوه.وبعد ذلك إذا طرأ أمر جديد لا يقبلونه بحال من الأحوال.والواضح أن هذه الفكرة ليست مبنية على الصدق، إذ لو كان هذا حقا لما بقي أي مجال لقبول أي جديد، وصار اكتشاف الأمور الجديدة مستحيلا.لأن كل فعل جديد في هذه الحالة سيبدو ناقضا لقانون الطبيعة.وبتركه نضطر لترك حقيقة جديدة بغير مبرر.ولهذا السبب ظل هذا المبدأ النحس لا ينطبق على الواقع، وإن الظهور القوي لأمور جديدة ظل يستأصل هذا المبدأ من الجذور على الدوام.فكلما اكتشفت ميزة لعلم الطبيعة أو الهيئة وغيرهما من العلوم ضرب زلزال قوي صرْحَ الفلسفة المبني من الزجاج، وظل يتبخر بها ضجيج الفلاسفة المتكبرين وشغبهم لفترة ما.ولهذا السبب ظلت أفكارهم تتغير وتتخذ أشكالا مختلفة على الدوام، ولم تبق قط على صورة واحدة أو في صيغة واحدة.وإذا تصفح أحد أوراق التاريخ وتأمل في أحداث سوانح الحكماء فسيتبين له كم من سكك مختلفة قد سار عليها قطار أفكارهم، أو كم هي المسارات المتناقضة التي سلكها.وكم ظلوا يغيرون رأيا بآخر بوصمة الخجل والندم وكيف ظلوا يقبلون، في

Page 58

٢٤٤٥ التي نهاية المطاف وبندم ،كبير أمرا بعد أن ظلوا يرفضونه لمدة طويلة زعما منهم بأنه خارج نطاق قانون الطبيعة.فما السبب لتغير الآراء هذا؟ إنما السبب أن ما حسبوه لم يكن إلا ظنا كذبته المشاهدات الجديدة.ففي الصور والأحوال تجلت فيها تلك المشاهدات الجديدة تغير بحسبها مسار آرائهم، وحيثما توجهت التجارب الجديدة انصرفت رياح أفكارهم تجاهها.باختصار؛ إن عنان أفكار الفلاسفة ظل دوما بيد الأمور جديدة الظهور، وما زال الكثير خافيا عن أنظارهم، ونأمل بحقه أنهم سيقبلونه مستقبلاً في زمن ما، وذلك تعرضهم لأنواع العثرات ومواجهة أنواع الهوان، لأن العقل الإنساني ما زال لم يُحط بقوانين الطبيعة بعد ولا يمكن ذلك بحيث لو ألقى المرء نظرة عليه يئس من التحقيقات الجديدة.فهل لعاقل أن يفكر أن الإنسان- رغم حياته القصيرة جدا- قد تمكّن تماما من العثور على الأسرار الأزلية والأبدية في العالم؟ والآن قد أصبحت تجربته محيطة بالعجائب الإلهية بحيث كل ما هو خارج عن تجربته هو في الحقيقة خارج القدرة الإلهية.أنا أعلم أن هذه الفكرة لا يمكن أن تخطر ببال أي عاقل سوى الأبله والوقح.فالذين كانوا من الفلاسفة صلحاء في الحقيقة أو متفرسين وروحانيين صادقين قد سلموا أنفسهم بأن أفكارهم المحدودة والضيقة لا يمكن أن تعدّ وسيلة لاكتشاف أسرار الله وحكمه التي لا حصر لها.فقد واجه الفلاسفة مرارا وتكرارا الندم على آرائهم وحين ثبتت مئات الخواص بالمشاهدة رغم كونها مخالفة لقانون الطبيعة ومناقضة للقوانين في الطبيعة فلم يجدوا بدا من قبولها في نهاية

Page 59

المطاف.فلم تقاومها علوم الطبيعة والهيئة مطلقا.غير أن وجود أحداث عجيبة مثل معجزة انشقاق القمر، التي تناقض قانون البرميشور الأزلي والأبدي في نظر لاله مرليدهر ثابت تاريخيا.فإن الإيقان بمثل هذه المعجزات أو عدمه يتوقف على علم المرء الواسع أو المحدود.فلا تصح الحجة أبدًا أن حادثا معينا ينافي علوم الطبيعة أو الهيئة.ذلك لأن التأكد من كون أمر ما موافقا أو مخالفا للقدرة القديمة الأزلية الكاملة إنما يمكن فقط بعد الإحاطة بالقدرة.لذا فعلوم الهيئة والطبيعة الناقصة المسجلة في كتبنا، لا تجدر بالمدح أبدا بأنها لم تترك أي دقيقة أو أمر خفي في الأعماق، كما ليس من المعقول الاعتماد عليها.إن الخصائص جديدة الظهور ظاهرة غريبة ظلت تخطئ العلوم القياسية على الدوام وتفضحها، وستفضح في المستقبل أيضا.وكما أن العلوم الحديثة التي خلا الأوَّلون غير مطلعين عليها قد اكتشفت في عصرنا، أو رقدوا معتبرين الباطل حقا، كذلك من الممكن بل الأقرب إلى القياس أن تخطئ الأجيال القادمة هذا الزمن وتنكشف عليهم أمور لم تنكشف على هذا الزمن.فالإنسان لم يفرغ بعد من اكتشاف خواص الأرض ودونك أسرار السماء."هل أصلحت الشؤون الأرضية حتى توجهت إلى الشؤون السماوية"" باختصار؛ لا يبدو أن سلسلة العلوم الجديدة ستنقطع.فلم هذا النفور والاستغراب من الحادث التاريخي؛ أي انشقاق القمر؟ ففي الأيام الماضية التي ترجمة بيت فارسي (المترجم)

Page 60

لم تمض عليها مدة طويلة أصاب فيلسوفا أوروبيا قلق عن انشقاق الشمس وربما حدث فيها ثقب والتأم.فورا.فما زال هناك كثير على الفلاسفة أن يفهموه أو يطلعوا عليه."متى ولدت ومتى أصبحت شيخا!"، "لقد تفتحت حالا أيها النور و لم تهب عليك النسيم بعد."" فالحقيقة الثابتة جدا أن في كل شيء تكمن خاصية تجعله يتأثر بواسطتها بقدرات الله غير المتناهية.وبذلك ثبت أنه لا يمكن أن تنتهي خواص الأشياء سواء اطلعنا عليها أم لم نطلع.فلو وظف جميع الفلاسفة الأولين والآخرين قواهم الدماغية إلى يوم القيامة لاكتشاف خصائص حبة الخشخاش، فلا أحد من العاقلين يوقن بأنهم سيتمكنون من الإحاطة التامة بهذه الخصائص.فليس هناك غباء أكبر من الفكرة بأن ما تم اكتشافه من خصائص الأجرام العلوية أو الأجسام السفلية إلى الآن بواسطة علم الهيئة أو الطبيعة يُعدّ كاملا ومنتهيا.فملخص هذه المقدمة كلها أنه ليس في وسع قانون الطبيعة الصمود أمام حقيقة ثابتة.لأن المراد من قانون الطبيعة أفعال الله التي ظهرت طبيعيا، أو ستظهر في المستقبل.لكن بما أن الله لم يَعْيَ من إظهار قدراته و لم يعجز عن إظهارها، ولم ينم و لم يتسلل إلى ناحية و لم يجبره عامل خارجي قاهر، ولم يتخلَّ عن إظهار العجائب في المستقبل مضطرا ولم يترك لنا أعمالا أنجزها خلال بضعة قرون فقط أو أكثر من ذلك بقليل، لذا يقتصر كل العقل والحكمة والفلسفة والأدب والعلم على أن لا نعد عددًا من القدرات ترجمة مثل فارسي، وبيت أردي.(المترجم)

Page 61

EV الموجودة المشهودة- التي ما زال فيها مئات أنواع الإجمال- مجموعة قوانين الطبيعة.ولا نتعنت كالأغبياء على أن الفعل الإلهي لا يسعه تجاوز مشاهداتنا أبدا.لأن ذلك ادّعاء الحمقى فحسب الذي لم يُثبت ولا يمكن إثباته في المستقبل.سلّمنا بأن الدين لا ينافي ولا يعادي مذهب الطبيعة، لكن كيف تستصدر منا الإقرار بأن الإنسان قد أحاط بجميع الخواص الطبيعية.فهل هناك برهان على ذلك أم أنكم تريدون لجم اللسان بالقوة فقط.فالبديهي الجلي أنه لو كانت المشاهدات والتجارب التي قد دونت إلى اليوم صحيحةً وكاملة لما كان هناك مجال لانكشاف العلوم الجديدة.مع أنكم أيضًا تقولون بأن باب العلوم الجديدة مفتوح على الدوام.إنني أتأمل وأفكر كيف تعدّ الأشياء التي ما زالت هناك أشواط عديدة لانكشافها التام - مقياس الصدق أو ميزان الحق على وجه الكمال والقطع.ولقد حيرت هذه العقدة المعقدة الحكماء وجعلتهم يتيهون في الحيرة، لدرجة أن جحد بعضهم حقائق الأشياء هذه الفئة من منكري الحقائق هم الذين يقال لهم السفسطائيون)، وبعضهم أن خصائص الأشياء ،متحققة إلا أن إثباتها لا يوجد على قالوا: صحيح الدوام.إذ من المعلوم أن الماء يطفئ النار، ومع ذلك من المحتمل أن يخرج أي نبع من الماء من هذه الميزة، نتيجة أي تأثير أرضي أو سماوي.كما أن النار تحرق الخشب، لكن من المحتمل أن لا تقدر نار على إظهار هذه الميزة نتيجة بعض المؤثرات الداخلية أو الخارجية.فالعجائب من هذا القبيل لا تكاد تنقطع من الظهور دوما فمن أقوال الفلاسفة أيضًا أن بعض التأثيرات

Page 62

الأرضية أو السماوية تظهر بعد آلاف السنين بل بعد مئات الألوف من السنين ويعدّها غير المطلعين والغافلون خارقة للعادة.وأحيانا وفي بعض الأزمنة يحدث باستمرار أن بعض العجائب تظهر في السماء أو الأرض فتلقى كبار الفلاسفة في ورطة وحيرة ومن ثم يقحمونها في علوم الطبيعة أو الهيئة بتكلف بعد أن يندموا ويُبهروا بالدليل القاطع والمشاهدة، وذلك لكي لا يختل قانونهم في الطبيعة وكذلك يمشون الأمور بربط بعضها ببعض وبتطبيق قاعدة علمية على الأمور الجديدة بإصرار وتكلف.فما لم تشاهد سمكة طائرة لم يكن أي فيلسوف يسلّم بوجودها، وما لم يولد الكلاب دون ذيل نتيجة قطع الذيل بالتوالي لم يقرّ بهذه الخاصية أي فيلسوف.وما لم تخرج من بعض الأراضي- نتيجة زلزال عنيف - نارٌ لا تحرق الخشب لكنها تصهر الأحجار، كان الفلاسفة يرون هذه الخاصية في النار معارضةً لقانون الطبيعة.وما لم تخترع آلة "Aspirator" (أي جهاز تحديد زمرة الدم) فأي الفلاسفة كان يعرف أن Transfusion of blood (أي نقل الدم من إنسان إلى إنسان آخر يندرج في قوانين الطبيعة؟ يجب أن يُذكر الفيلسوف الذي كان يعتقد قبل ابتكار الماكينة الكهربائية - بأنه سوف تُستخدم الأدوات الكهربائية.من إن عين الفيلسوف لرؤية الحق عمياء جدا، سواء كان بيكُن أو أبا علي "ابن سينا ترجمة بيت فارسي (المترجم)

Page 63

لقد ثبت ويلاحظ دوما أن الذين يُدعون متمسكين بقانون الطبيعة عبثا، العقلاء يكونون غير ناضجين في رأيهم.فلو حدّث عشرة أو عشرون من الثقات ومن في مستواهم عن أمر - حتى لو كان بدافع الفكاهة فزعموا - مثلا أنهم رأوا بأم أعينهم إنسانا يطير أو قد شاهدوا العسل يرشح من الحجر بل وتناولوه أيضا، أو شاهدوا أزهارا نزلت من السماء وخرج منها الذهب، وربما ظهر حادث صحيح على أرض الواقع كما قد نُشر في الجرائد المعاصرة خبر يفيد أنه قد نزل في أحد البلاد الأوروبية حجر قدر وزنه أكثر من طنّ واحد- وكانت عظام أيضًا وربما هي عظام الذين يسكنون في حُجرةٍ معه في القمر؛ فعلى الفور سوف تختلج في قلب الفيلسوف وسوسة.فهذه الوسوسة والبلبلة تشهد صراحة على نقصان عقل ذلك الشقي وفهمه.الأمر الذي يُثبت أن معظم ذخائره هو الظن، لأن الإنسان لا يتردد في أمر قطعي الإثبات.فمثلا إذا قال عشرة أو عشرون شخصا لحي بأنه ليس حيا بل قد فارقته الحياة فلن يصيبه أي شك في حياته حتى لو أدلى عشرة آلاف شخص بشهادة موته.بل لن يتمكن جم غفير - يضم عددا لا يحصى- من توليد الاضطراب بشهاداتهم الحلفية.ذلك لأن يقينه بحياته تام وكامل.وقد لوحظ أن العقلاء من الفلاسفة فعلا قلما يثقون بالتجارب الفلسفية، لأن معلوماتهم.واسعة وهم مطلعون على حقيقة فلسفتهم الداخلية.العلامة شارح "القانون" الذي هو طبيب حاذق وفيلسوف عظيم قد كتب في كتابه قصصاً شهيرة جدا في أهل اليونان تفيد أن بعض السيدات المعروفات

Page 64

في زمنهن بالصلاح والعفاف قد حملن وأنجبن دون أن يمسهن رجل.ثم علق العلّامة على ذلك بقوله إن عدَّ هذه الأحداث كلها افتراء متعذر، لأنه بدون أي أصل صحيح لا يمكن أن تُقبل مثل هذه الدعاوي في أناس مختلفين وشعوب متحضرة.كما لا تتجرأ الزانيات على تبرير حملهن بأمور تبعث أكثر على الضحك.وعلينا أن نجتنب إلصاق التهم عبثا بالزنا بكل هؤلاء السيدات اللاتي خلون في مختلف البلاد والشعوب مستورات الحال؛ لأن مثل هذا الحمل ممكن من حيث القواعد الطبية.وذلك لأن مني بعض السيدات اللاتي -هي نادرة الوجود جدا - يتمتع لغلبة عامل الذكورة فيه بقوة الفاعلية والانفعالية كلتيهما، بحيث يتم الحمل تلقائيا نتيجة اختلاط القوتين إثر إثارة الشهوة القوية.وأقول إن مثل هذه الأحداث موجودة لدى الهندوس أيضًا، الحكمة في شيء أن تسقط فبناء عائلتي "سورج بنسي" و"جاند بنسي" يقوم على هذه القصص.باختصار ؛ هذه الفكرة معروفة في الهندوس منذ القدم حتى قد ورد في رج فيدا" أن ابنة ريشي صالح حملت نتيجة التفات الإله "إندر" فقط.وكذلك ظلت البنات العفيفات للآريين النجباء يحملن من الشمس والقمر أيضًا.فليس من من الثقة دفعة واحدة هذه الأحداث والقصص الموجودة بكثرة عند مختلف الشعوب ظنا بأنها مردودة وباطلة.بل الحق أنه لو ألقيت نظرة على هذه الأحداث بفصلها عن الزوائد لوجدنا الخاصة الدقيقة لعلم الطبيعة التي أشار إليها العلامة تكمن فيها.ينبغي أن لا يصرّ أحد على أنه لو كان هذا الأمر حقا فلماذا لا يظهر عادة،

Page 65

فذلك لأن هذه السوانح ليست نادرة الوقوع أولا كما يحسبها الفلاسفة المعاصرون، بل قد وُجدت آثارها المتتالية في شتى الشعوب.صحيح أن في كتب العبرانيين ذكرت ولادة المسيح ال فقط على هذا المنوال، لكن كتب اليونانيين والآريين زاخرة بهذه الأمثلة وكذلك بعض السيدات من بعض البلاد في العصر الراهن والماضي القريب قد ذكرن أيضًا حملهن دون أن يمسهن رجل.فمهما كان رأي أي منكر في هذه الأحداث كلها، لكنها لا تدحض كلها لمجرد كونها نادرة الوقوع ولا يقوم أي دليل فلسفي على أنه، في إبطالها.بل قد اتفق معظم الفلاسفة اليونانيين الذين يؤمنون بالسماوات) بما فيهم أفلاطون وأرسطو - على أن تحرُّك السماوات ودوراتها المختلفة تتسبب في حدوث الأشياء الحادثة.ومن هذا المنطلق يختلف حكم الأشياء العلوية والسفلية ووضعُها أيضًا.وبناء على هذا، من المحتمل في دينهم زمن ما، تُولد العجائب أو الحيوانات ذات الأشكال الغريبة التي لا يوجد لها أي نظير في العهد السابق ولا في العهد اللاحق أيضًا.باختصار؛ إن سلسلة الأشياء نادرة الظهور تلازم هذا الوضع للعالم.ولقد سجل العلّامة خطابا أن صحيح طباع جميع الناس متلائمة بسبب اشتراكهم في جنس واحد، ومع ذلك يعطى بعضهم أحيانا وفي عصر معين قدرات متميزة أو قوى سامية لا تلاحظ عمومًا في الآخرين.كما قد ثبت بالمشاهدة أن بعضهم عاشوا في العصر الحالي أكثر من ٣٠٠ عام، وهذا العمر خارق للعادة.كما أن قوة الذاكرة أو قوة البصر لبعضهم تبلغ الكمال رائعا بهذا الخصوص فقال:

Page 66

بحيث لا نظير لها.ويكون الناس من هذا القبيل نادري الوجود جدا، بحيث وإن ما يظهر أحدهم بعد مئات السنين بل آلاف السنين.ولما كان نظر العامة يتوقف عادة عند الأمور كثيرة الوقوع ومتواترة الظهور فهي تعد قاعدة أو قانون الطبيعة، وهم يثقون بصدقها فقط.ولذا لا تتراءى لهم أمور أخرى نادرة الوقوع ضعيفة ومشتبهة فحسب بل باطلة بالمقارنة مع الأمور كثيرة الوقوع.ولذلك تتولد الشكوك في وجودها في قلوب الخواص أيضا ودونك العامة، فالخطأ العظيم الذي يرتكبه الحكماء والعثرة التي تمنعهم من التقدم إلى الأمام، هي أنهم لا يبحثون في أمور نادرة مقابل الأمور كثيرة الوقوع.يوجد لها آثار يتخلصون منها بعدها قصصا وأساطير، مع أن من سنة الله منذ القدم أنه بإزاء الأمور كثيرة الوقوع يُظهر أحيانا أمورا نادرة الوقوع أيضًا، وأمثلتها كثيرة لكن تسجيلها هنا مدعاة للإطالة.وقد كتب الحكيم "أبقراط" في أحد كتبه الطبية أحوال المرضى الذين رآهم بأم عينيه ولم يكونوا بحال من الأحوال قابلين للعلاج نظرا للقواعد الطبية وفي ضوء تجارب الأطباء، لكنهم نالوا الشفاء على نحو غريب، ويُظن أن ذلك الشفاء كان نتيجة بعض التأثيرات الأرضية أو السماوية النادرة.هنا نود أن نكتب أكثر أن هذا الأمر لا يخص بني البشر فقط بحيث تستمر فيهم سلسلة خواص كثيرة الوقوع أو نادرة الوقوع بل لو أمعنا النظر فيها وجدنا هذه السلسلة ثنائية في كل نوع فانظروا إلى شجرة نبتة العُشر" مثلا من بين النباتات ما أكثرها مرارة وسُميّة، ولكن بعد عصور وسنين ينشأ فيها نوع من النبات

Page 67

ком حلو جدا ولذيد فالذي لم يلاحظ هذا النبات قط ولاحظ فيها مرارة معتادة قديمة، فمن المؤكد أنه سيرى هذا النبات نقيضا للأمر الطبيعي وكذلك في أشياء من نوع آخر أيضًا تظهر خاصية نادرة بعد مضي مدة طويلة.فقبل مدة غير طويلة ولد في مدينة "مظفر جره" تيس يُحلب كالماعزة، فحين شاع خبره في المدينة كثيرا واطلع عليه نائب المفوض جناب ميكالف أيضًا، طلب إحضاره أمامه باعتباره أمرا غريبا يعارض قانون الطبيعة، فحين حلب ذلك التيس أمامه وقُدر الحليب الذي حلب منه بلتر ونصف تقريبا، أرسل التيس إلى متحف لاهور بأمر من نائب المفوض، فنظم أحد الشعراء بيتا من الشعر حول التيس وقال ما معناه: "مدينة مظفر جره التي يقيم بها سمو ميكالف تنزل عليها أفضال الله لدرجة أن يُحلب فيها المعز" وبالإضافة إلى ذلك قد بين لي ثلاثة من الثقات النجباء الكرام أنهم رأوا بأم أعينهم بعض الرجال الذين كانت أثداؤهم مليئة بالحليب مثل النساء، بل قال أحدهم إن الشاب أمير علي من عائلة سادات من سكان قريته رضع أباه وتغذى على حليب أبيه، لأن أمه كانت قد توفيت.وكذلك قد لاحظ بعض الناس أن أنثى دودة القز أحيانا تبيض دون تلقيح الذكر وتفقس أيضًا، كما شاهد بعضهم أن فأرة ولدت من تراب يابس حيث كان نصف جسمه من تراب والنصف الآخر صار فأرةً.الحكيم الفاضل "قرشي" أو ربما العلّامة أيضا كتب في موضع أنه رأى مريضا قد أصيبت أذنه فصم، فظهر تحت

Page 68

الأذن ناسور تسبب في نشوء ثقب، وكان من خلال ذلك الثقب يسمع تماما، فكأن الله الا الله هيأ له أذنا أخرى وأحد هذين الطبيبين ولعله "قرشي" قد سجل أن في عقبه حصل ثقب، ولاحظ خروج البراز لمدة طويلة عن طريق ذلك الثقب، كما سئل "جالينوس" هل كان الإنسان يمكن أن يسمع عن طريق العين.فقال: إلى الآن لم تشهد على ذلك التجارب، إلا أنه من المحتمل أن تكون مشاركة خفية بين الأذن والعين وتظهر نتيجة عمل اليد أو موجب سماوي، فتؤدي إلى ظهور هذه الميزة، لأن علم استدراك الخواص لم يختتم بعد لقد كتب الدكتور برنير في كتابه عن الرحلة إلى كشمير ضمن بيان تسلق جبل بير بنجال حكايةً غريبة قد سُجلت في الصفحة ٨٠ من ترجمة الكتاب المذكور نفسه؛ وهي أنه رأى عقربا أسود كبيرا في مكان إثر تحريكه الأحجار، فأمسكه أحد الشباب من المغول من معارفه ووضعه في كفه ثم وضعه على يدي ويد خادمي أيضًا، فلم يلسع أحدنا.وبين ذلك الراكب الشاب سبب ذلك أنه نفخ عليه آية من القرآن الكريم، وبذلك العمل يمسك العقارب في أحيان كثيرة.كما كتب صاحب الفتوحات والفصوص في كتاب "الفتوحات" وهو فاضل عظيم مشهور ومختص في علوم الفلسفة والتصوف، أن في بيته حصل نقاش بين رجل عادي وفيلسوف حول خاصية الإحراق للنار، فقام الشخص بتصرف غريب إذ أخذ يد الفيلسوف بيده فوضعهما على الجمرات المتقدة في محمر موضوع أمامهما وبقي على هذا الحال لمدة قصيرة فلم تؤثر النار في أي من اليدين أيما

Page 69

" تأثير.ولقد رأى مؤلف هذا الكتاب ناسكًا كان يمسك في الصيف الحار زنبورا بعد قراءة الآية القرآنية: ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ، و لم يكن يلسعه.ولقد جربت أنا شخصيا بعض تأثيرات عجيبة للآية القرآنية تتبين منها عجائب قدرة الله البارئ جل شأنه.باختصار؛ إن هذه الدنيا دار العجائب مليئة بعجائب لا حصر لها.فالحكماء العاقلون والنجباء الذين خلوا لم يتباهوا قط بمعلوماتهم المعدودة وظلوا يعدّون من الوقاحة والإساءة أن يسموا تجربتهم المحدودة قانون الله في الطبيعة.بينما يلاحظ أن مقلديهم نقص فيهم يتمسكون بقانون الطبيعة بشدة متناهية، بل هم عبيد له.فهذا مصداق للمثل الفارسي الذي تعريبه في الوالد حلاوة كثيرة، لكن في الولد حدة".وقد تزايدت فكرة قانون الطبيعة في الشباب المثقفين حديثا خاصة أكثر من اللازم ومعظم المتحررين والهائمين وذوي الطبع الملحد يُفسدون هؤلاء الشباب الذين غباوتهم وسذاجتهم تجدر بالرحمة.لا يفهم هؤلاء أنه إذا كانت الخصائص الطبيعية قد انتهت فينبغي أن تكون النتيجة الحتمية لذلك أن لا تظهر في المستقبل خواص جديدة.أما إذا لم تنته وهناك أمل في ظهور الانكشافات الحديثة والمعلومات الجديدة، فلماذا يهزون رقابهم كالماعز رفضا فور سماع أمر جديد.لم يرزقهم الله الله الفهم أنه كيف يمكن أن يحيط وعاء التجارب المحدودة الضيق بميدان العجائب الإلهية الحافل بالينابيع المتنوعة والجداول والشلالات لري شجرة النفس الناطقة للإنسان؟ الشعراء ١٣١

Page 70

يسع يسمي معلوماته وحتى لو افترض أن قدرات الله تنتهي عند حد نعرفه، فكيف يثبت أنّ الله غير محدود في ذاته وقدراته وحكمه؟ ألا إنما الطريق الوحيد لاستيعاب حكمه وقدراته اللامحدودة هو الإيمان بأنه ليس بوسع العقول الإنسانية كلها أن تدرك أعماق عجائب شيء ما مثقال ذرة حتى لو ظلت تتدبر فيه إلى يوم القيامة.فهل يمكن لأحدٍ الوصول إلى غاية قدرات من خلق بمحض إرادته دون تحمل ذرة من المشقة- السماء البديعة المزينة بالشمس والقمر ومصابيح النجوم، وهذه الأرض العامرة بأنواع المخلوقات والتي تغبطها البساتين الخلابة؟ ومن الجلي البديهي جدا أنه ما دامت العلوم والخواص الجديدة الظهور ترتبط بهذا العالم الفاني فلا أي عاقل أن المحدودة والمعدودة قانون الطبيعة.ويجب أن نخجل نحن من العادة غير الثابتة وغير اللائقة أن نصر بشدة على عدم إمكانية أي شيء أولا، لدرجة أن نعدّ الله عاجزا عن أفعال الألوهية.ثم نبدأ بالقول باللسان نفسه بأنه مندرج في قائمة قانون الطبيعة إثر ملاحظة وقوع الشيء نفسه وظهوره وتحققه فلو سلك هذا المسلك أولئك الذين تتضاءل فيهم صفة الحياء بالطبع فلا بأس عليهم.أما إذا اتخذ هذا الطريق المتزلزل شخص نبيل ومتحضر ونجيب وصاحب مرتبة بحيث لا يجد مناصا من الإقرار بعد عشرات الإنكارات الشديدة فهذا مؤسف بعضهم يقولون بأنهم لو لم يثقوا بتجاربهم ومشاهداتهم لضاعت العلوم كلها لكن ما الذي يمكن أن أقول في الرد على ذلك سوى أن أدعو القادر القدير أن يهب لهم إدراكا لمعرفة الحقيقة.فهل

Page 71

Lov بظهور الخصائص الجديدة تضيع العلوم السابقة؟ فالنار مثلا تتصف بصفة الإحراق وقد جربنا نحن وأنتم أيضًا هذه الميزة في النار مرارا وشاهدناها بالتواتر.ومع ذلك من المحتمل أن يُكتشف دواء أو زيت إذا وضع على أي من أعضاء الجسم أو شيء آخر فلا تظهر عليه ميزة النار هذه أي الإحراق.كما من المحتمل أيضًا أن تنشأ في النار نفسها بإذنه تعالى هذه الميزة نتيجة الحوادث الداخلية أو الخارجية.كما من الممكن أيضًا أن تنشأ من الأرض أو السماء نار تكون مختلفة عن النار المعروفة في خصائصها.كما كانت نار الحجاز التي تنبأ النبي بظهورها قبل ٦٥٢ عاما وسجل هذا النبأ في ٥٠٠ صحيحي البخاري ومسلم قبل ٥۰۰ عام من ظهورها ونُشر.باختصار؛ من المحتمل ظهور مئات الأوضاع نتيجة التأثيرات الأرضية والسماوية والدوافع الداخلية والخارجية، التي يمكن أن تُحدث الخلل في الميزة المعروفة المجربة لشيء ما.إن باب العلوم الجديدة المفتوح على مصراعيه للأبد هو بس هذا فقط.لا أقول لكم أن تؤسسوا رأيكم على قولي عشوائيا دون تدبر، وإنما أقول: يجب أن تفحصوا جيدًا، واختبروا وميزوا الغش من الأصل ثم انظروا بتأمل إلى ما يُريكم الزمن، ثم إذا وجدتم - أيها الشباب المواطنون- هذا الرأي غالبا ومتفوقا فاقبلوه."استمع إلى النصيحة أيها الحبيب فإن الشباب السعداء يعدون نصيحة شیخ عاقل أحب من الحياة."" ترجمة بيت فارسي (المترجم).

Page 72

لعل الوضع القلبي لأي قوم لن يكون أكثر فسادًا من الفلاسفة.إن ما وعبده سريعا هو الزهو والأنانية والتكبر.فهذه الصفات تلزم يفصل بين الله مبادئ هؤلاء القوم لدرجةٍ وكأنها من نصيبهم هم فقط، هؤلاء يريدون أن يستولوا على قدرات الله كالحكام وإن الذين يسمعون من فمه خلاف ذلك ينظرون إليه بمنتهى التحقير والإذلال والمؤسف أن أفكار الشباب الحدثان تتوجه إلى هذا فهو ليس تأثير أي دليل قوي بل إنها عادة التقليد الأعمى في بلدنا، وليست الجماعة المثقفة أيضا مستثناة من ذلك.فالناس من هذه الفطرة والطبع حين يرون أي ذي لحية طويلة واقعا في هوة يقفزون فيها فورا ولا يملكون أي دليل على فعلهم هذا سوى أن العاقل الفلاني قال ذلك.باختصار؛ عند هبوب الرياح السامة يهلك الضعاف عاجلا جدا، لكن صاحب القلب النير الذي وهبه الله سعة في العلم يرى الفكرة القائلة بأن الإنسان يمكن أن يحيط بأسرار الله الله أبعد ما يكون عن العقل والإيمان.اسمه فالحق أن الإنسان بقدر ما يطلع على عجائب حضرة البارئ عز اللامنتهية يتلاشى استكباره وغطرسته ويزول عن دماغه وقلبه تباهي الطلاب الجدد وانحرافهم، وبسبب تعرضه للعثرات لمدة طويلة تهتدي أفكاره المتزلزلة في الحالة البدائية إلى الصواب نوعا ما.كما قال أحد كبار الفلاسفة بأنه أحرز تقدما هائلا في العلم والخبرة، وإن العلم الأخير الذي تلقاه هو أنه إلى الآن لم يتلق أي علم و لم يحرز أي خبرة.فالحق أنه ليس للإنسان الحقير أن يدعي شيئًا أمام بحر علم الله جل شأنه وقدرته التي لا نهاية لها.وما هي حقيقة علمه

Page 73

4097 وتجربته ليفتخر بهما! سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا.ما أروع العقيدة وأوضحها وأطهرها وكم هي تلائم عظمة الله وجلاله أن يقبل الإنسان ما عز اسمه قادر ثبت منه ويستعد لقبول ما يثبت في المستقبل.وأن يؤمن بأن الله على كل أفعال لا تنافي صفاته الكمالية، وأن يؤمن بما يمكن حدوثه بقدرته.الإيمان فهذا هو طريق أهل الحق الذي به تتقبل عظمة الله وكبرياؤه ويسلم به الذي عليه مدار الثواب كله أيضًا.لا أن يُلزم غيرُ المحدود ذلك بأمور محدودة حصرا، ويُظن بأنه في زمنه الأزلي والأبدي قد حصر جميع قواه في هذا الكم من القدرات منذ الأزل أو أجبره أي قاسر لهذا الحد.فلو كان الله لا محدود القدرة على هذا النحو لكان ذلك مدعاة للحداد والمصيبة لعباده.ألا إن صاحب القدرات العظيمة "لا يُدرك ولا نهاية له" في ذاته وصفاته.فمن ذا الذي يعلم ما أنجزه في الماضي وما الذي سينجزه في المستقبل، تعالى الله علوا كبيرا.فقد قال حكيم بأنه ليس ثمة ضلال أكبر من أن يقيس الإنسان اسمه بمقياس عقله.هذه الأقوال واضحة وبينة جدا وليس عز ملكوت الله هناك أي صعوبة في فهمها.لكن الكارثة أن الإنسان المادي الذي يتمركز نظره على مدح الدنيا وذمّها حين يتخذ رأيا ويذيعه يجد التخلي عنه صعبا عليه جدا، (مهما ظهرت أوجة بينة معارضة لرأيه).ثم إذا اعتنق بعض المشهورين هذه الأفكار فإن ذوي الكفاءة البسيطة يتخذون اتباع تلك الأفكار والعمل بها عشوائيا وسيلة لإثبات عقلهم.فقد ظل التقليد الفلسفي البقرة: ٣٣

Page 74

على هذا النحو دوما، فحين ينظر ذوو الكفاءة الضئيلة الضعفاء كالأولاد إلى شيخ، يقلدون أقوالا خرجت من فم ذلك الكبير، بغض النظر عن التأكد هل هي واقعية أم غير واقعية أو صحيحة أم غير صحيحة؛ فهم لا يملكون فهما، فيقعون في فخ صياد مشهور.فعلى قدر ما ينفر الإنسان من التقليد منه يتورط في التقليد مرارا وتكرارا.ويهرب من المناسب هنا الردّ على تساؤل أنه لو كانت كل هذه الأمور قوانين أزلية ،وأبدية، أي هى مقيدة ومحددة سلفا من الأزل، فما هي المعجزات؟ فليكن معلوما أنه أنه لا شيء يخرج من القوانين الأزلية والأبدية، أو صحيح يمكن أن تقولوا من المشيئة الإلهية الأزلية وقضائه وقدره، سواء اطلعنا عليه أم لا، فقد جفّ القلم بما هو كائن، إلا أن السنة الإلهية- التي يمكن أن تسمّى بقانون الطبيعة قد جعلت ظهور بعض الأمور مشروطة ببعضها الآخر.فالأمور التي جعلتها المشيئة الأزلية والأبدية مرتبطة بأدعية المقدسين وبركاتِ أنفاسهم والتفاتهم وعزيمتهم وازدهارهم وهي تترتب على تضرعاتهم وابتهالاتهم، حين تظهر تلك الأمور بحسب الشروط نفسها وبالوسائل نفسها تسمى في تلك الحالة الخاصة معجزةً أو كرامة أو آية أو أمرا خارقا أحد بلفظة "خرق العادة" أن المراد منها أن لا ينخدع للعادة.هنا ينبغي الأمور التي تخرج من نطاق العادة الإلهية، لأن المراد من "خرق العادة" في هذا السياق مفهوم نسبي.أي صحيح أن لا شيء يخرج عن سنن جل شأنه الأزلية والأبدية، إلا أن سننه المتعلقة ببني البشر على نوعين؛ الله الكريم

Page 75

أحدهما العادات العامة التي تكمن في الأسباب وتؤثر في الجميع.والثاني هي العادات المتميزة التي تتعلق بواسطة الأسباب أو بلا واسطة الأسباب بأناس متميزين يتفانون في حبه ورضوانه أي عندما يغير الإنسان عاداته البشرية لنيل رضوان الله بالانقطاع التام إليه فهو الله يعامله بحسب حالته المبدلة معاملة خاصة لا يعامل بها الآخرين.وهذه المعاملة كأنها خارقة للعادة نسبيا، ولا تنكشف حقيقتها إلا على الذين ينجذبون إلى الله برحمته.فحين يخالف الإنسان عاداته البشرية الحائلة بينه وبين ربه شوقا للوصول إليه، فإن الله الا الله هو الآخر يخرق عاداته المعروفة من أجله فهذا الخرق للعادة يندرج في عاداته الأزلية وليس أمرا مستحدثا يمكن الاعتراض عليه.فكأن قانون حضرة الأحدية القديم جل شأنه هو أنه كلما زاد توكَّلُ الإنسان على الله الله زاد وقوع أشعة قدرات ألوهيته ولمعانها عليه.وكلما تقوّت علاقة المرء الكاملة والطاهرة بالله تنزلت البركات الكاملة والطيبة على الظاهر والباطن منه الله أيضًا.وكلما تدفقت أمواج الحب الإلهي من قلب العاشق الصادق تدفق منه بكل قوة وشدة نهر صاف وشفاف للحب وأحاط به كدائرة، وأوصله بقوته الإلهية إلى أبعد الحدود.وكما أن هذا الأمر واضح وبين كذلك يطابق طبعنا أيضًا.فنحن البشر أيضًا حين تتوثق عرى صداقتنا ونزداد حبا وإخلاصا لأحد، فعلامة هذا الحب النقي الثنائي أن تظهر آثار الإخلاص والاتحاد والصدق من كلا الجانبين لا من طرف واحد فقط.فمعاملة كل صديق تجاه صديقه تكون خارقة للعادة مقارنة مع العامة.فحين

Page 76

ينال الإنسان حياة جديدة تُعدّ خارقة للعادة مقارنة بحياته السابقة، فمن الله القديم إلها جديدًا له من حيث تجلياته النادرة.اللحظة نفسها يصبح ويُظهر له تصرفات لم تكن لتخطر بباله في الحياة السابقة.فجهاز الخوارق الذي تتحرك به عجائب القدرة هو روح الإنسان المبدل.ويري ذلك التغيرُ الصادق تأثيراته البارزة، بحيث يستولي الحب المتدفق أحيانا على القلب وجذبات العشق الإلهي القوية، وجاذبية الصدق واليقين القوية توصل الإنسان إلى مرتبة أنه لو ألقي به في هذه الحالة العجيبة في النار فلن تضره النار أيما ضرر ولو طُرح أمام الأسود والذئاب والدببة فلن تتمكن من الإضرار به أبدا.لأنه في هذه الحالة يكون قد تغيّر تماما نتيجة شق خصائص البشرية إثر تجليات الصدق والعشق الكاملة والقوية.وكما أن النار تستولي على ظاهر الحديد وباطنه وتصبغه بصبغتها، كذلك تماما يشرع بإظهار شيء من خواص القوة العظمى بعد أن تستولي عليه بشدة نار الحب الإلهي التي أحاطت به فليس مما يثير التعجب أن تظهر من العبودية مثل هذه الخوارق أن تؤثر فيها الربوبية كاملة.وإنما مثار التعجب أن لا يحدث حتى تغير بسيط في العبودية بعد هذا التأثير.لأن الحديد حين تشعل عليه النار يُظهر نوعا من خواص النار فهذا يوافق قانون الطبيعة تماما.أما إذا بقي على حالته الأولى حتى بعد إشعال النار عليه ولم تنشأ فيه ميزة جديدة فهذا باطل صراحة عند العقل.إن تجارب الفلاسفة أيضًا تشهد على أن هذه الخوارق ضرورية.فهذا ليس قصة أو خيال بل يجب أن تتأملوا فيه بروح العارفين.ما بعد

Page 77

أشقى الإنسان الذي يحسبه قصة ولا يتدبره.فقلب العارف المبدل يعرف هذه الحالة الخارقة جيدًا.الدنيا غافلة عن هذه الحالة وترفضها، أما الذي قد بلغ هذه المرتبة فهو ينتشي بتصور هذه الحقيقة اليقينية.هذا سر دقيق للتجليات الإلهية وسر المعرفة من الدرجة الأولى.إن علاقات الروح الإنسانية بربها الكريم في الخفاء، وعلى نحو لطيف لا يُدرك، إنما تتحقق عند هذه هذه النقطة فقط تصير يدُ الإنسان - لطرفة عين- يد الله النقطة.وعند بلوغ وعينه عين الله ولسانه لسان الله.وإن رداء الربوبية يدرك ذرة العبودية ويواريها بأنواره ويخفيها تحت أمواجه القوية.إن نفوس الفلاسفة المتكبرة القلب حُرمت من اكتشاف هذه الدرجة المتناهية.بينما أرى الله الحليمي والبسطاء هذه الحالات وأوردها عليهم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.فملخص الكلام أن الله لن يتصف بكثير من عجائب الرحمة والوفاء النادر، إلا أنها لا تنكشف بجلاء إلا على الذين يكونون له وحده ويكونون أوفياء له.ويتحملون فراق الكثيرين ليفوزوا به يخرون على التراب ليمسك بهم، ويخسرون الصيت والسمعة كلها ليرضى عنهم.رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا في أَمْرِنَا وأدخلنا في عبادك المخلصين.آمين "لقد تخليت عن جنس الصيت والعرض والشرف وسويت نفسي بالتراب لكي أفوز بالحبيب.لقد تخليت عن قلبي وضحيت بنفسي في سبيله، وقد اتخذت طرقا كثيرة لوصال الحبيب" ترجمة بيتين فارسيين.(المترجم) \11

Page 78

٦٤ والآن نسجل هنا تفاصيل المناظرة الدينية التي حصلت بيني وبين لاله مرليدهر المحترم مدرس الرسم وجها لوجه، وهي التالية: اعتراض من لاله مرليدهر المحترم مدرس الرسم سأطرح الآن ستة أسئلة أولها أن من عقائد أهل الإسلام أن الأنبياء يُظهرون المعجزات، فقد شقَّ حضرة محمد المحترم القمر شقين، وأخرجهما كُمَّيه.فخروج شيء طوله وعرضه آلاف الأميال أو قطره آلاف الأميال من من فتحة قطرها ست بوصات أو قدم واحدة فقط يخالف قانون الطبيعة.وانحراف القمر، الذي يدور دورةً حول الأرض شهريا، عن مداره، ثم لا يشاهده أحد في العالم سوى بضعة أشخاص، مع أنه بذلك يختل نظام العالم؛ إذ لا ذكر له في تاريخ أي بلد مثل الهند والصين وبورما وغيرها.ومن هنا أن هذه الأمور كلها مزيفة ومختلقة.فإذا كانت حقيقية فما يثبت بوضوح الدليل على ذلك.مرليدهر جواب من مؤلف هذا الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم إن الاعتراض الذي أثاره المدرس المحترم هو على معجزة انشقاق القمر؛ أي أن انشقاق القمر يخالف العقل أولا، والثاني أن خروج شقي القمر من الكمين أيضًا ينافي العقل صراحة.وليتضح ردًّا على ذلك أن الاعتراض أنه

Page 79

كيف انشق القمر وخرج الشقان من الكمّين، هو عديم الأصل وباطل تماما.فلا نؤمن أبدا أن القمر انشق وخرج الشقان من كمي النبي ، وهو غير مذكور في القرآن الكريم ولا في أي حديث صحيح.وإذا كان أحد يدعي أنه وارد في القرآن الكريم أو الحديث فليذكره.فمثل هذا الاعتراض كمثل من اعترض على السادة الآريين أنه قد ورد في كتبهم أن نهر الغانج نبع من ضفائر "مها" ديوجي".فالاعتراض الذي لا أصل له في القرآن الكريم أو الحديث إذا كان يثبت منه شيء فإنما أن المدرس المحترم ليس لديه أي إلمام بأصول الإسلام وكتبه الموثوق بها.فإذا كان اعتراض المدرس مبنيا على أصل صحيح فعليه أن يستخرج لنا من القرآن الكريم في هذا المجلس نفسه الآية التي ورد فيها هذا التفصيل.وإن لم يجد آية من القرآن الكريم فليقدم أي حديث صحيح قد ورد فيه هذا المضمون، وإن لم يستطع فليخجل وليستحي.لأن الحوار يليق بمن يكون مطلعا على دين الفريق الخصم.أما السؤال بأن انشقاق القمر يخالف العقل في رأي المدرس المحترم وبحدوثه يختل نظام العالم ففكرة المدرس هذه ناشئة عن قلة التدبر فقط، لأن العمل الذي يقوم به الله الا الله لإظهار القدرة فقط فإنما يتحقق ذلك العمل بسبب القدرة الكاملة لا بالقدرة الناقصة.أي أن القادر القدير الذي من صلاحيته وقدرته أن يشق القمر فهو قادر على تحقيق ذلك بحكمة بحيث لا يحدث أي خلل في نظامه.ولذلك يسمى "سرب شكتي مان" أي القادر المقتدر.ولو لم يكن قادرا ومقتدرا لما قدر على إنجاز عمل

Page 80

من أعمال الدنيا.صحيح أن شناعة العقل هذه توجد بكثرة في معظم معتقدات الآريين التي بها تثبت معتقداتهم مخالفة للعقل تماما من ناحية، ومن ناحية ثانية معارضةً لقدرة الله وعظمته مثل كون الأرواح وأجزاء العالم الصغيرة وذراته غير مخلوقة وقديمةً ومن تلقاء نفسها، هي من عقائد آريا سماج.وهذا المبدأ يخالف العقل ،صراحة، لأنه لو كان صحيحا لكان كل شيء واجب الوجود كالبرميشور، ولما بقي أي دليل على وجود الله، بل لأصبح نظام الدين كله أبتر ومختلا.لأنه إذا كنا كلنا غير مخلوقين وأزليين فأي حق الله الله علينا ولماذا يطالبنا بالعبادة والعبودية والشكر؟ ولماذا يعاقبنا على ارتكاب الذنب؟ لأنه إذا كانت بصارتنا الروحانية وجميعُ قوانا الروحانية قديمةً ومن تلقاء نفسها، فكيف احتجنا إلى البرميشور لخلق القوى الفانية؟ فلو كان أحد يبحث عن أمور غير عقلانية فليس هناك ما يعارض العقل أكثر من الإيمان بالله ربا لنا ثم فصله عن أعمال إلهية.أما الفعل الإلهي الذي له علاقة بالقدرة وحدها فلا يستطيع أن يعترض عليه أحاط يجميع قدرات الله أولا وليكن واضحا هنا أيضًا أن انشقاق حادث تاريخي قد ورد ذكره في القرآن الكريم، والواضح أن القرآن الكريم كتاب كانت كل آية عند نزولها تُقرأ على مسامع آلاف من المسلمين والمنكرين.وكانت تُبلغ، وكان له مئات الحفاظ، وكان المسلمون يقرأون القرآن في الصلاة وخارجها أيضًا.فلما ورد في القرآن الكريم صراحة أن القمر قد انشق، وأن الكفار حين رأوا هذه الآية قالوا إنه إلا من القمر

Page 81

سحر، كما يقول الله : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشق القمر * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً رضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِنٌ ، فكان لزاما على المنكرين في ذلك الزمن 6 أن يتوجهوا إلى بيت النبي الله ويقولوا له : متى و في أي وقت شققت القمر، ومتى رأينا ذلك؟ لكن لما سكت جميع المخالفين و لم ينبسوا ببنت شفة بعد نشر هذه الآيات وكونها معروفةً، فهذا يبرهن على أنهم كانوا قد رأوا القمر قد انشق حتمًا.ولذلك لم يجدوا مجالا للاعتراض.باختصار؛ من والمفيد للباحث صادق الطبع أنه لم يكن في وسع النبي ﷺ أن يسجل في القرآن الكريم أي معجزة كاذبة بذكر شهادة معارضيه لأنه لو كتب زيفا لما تركه معارضوه المعاصرون المقيمون في المدينة نفسها.الواضح جدا وبالإضافة إلى ذلك ينبغي التأمل في أن المسلمين الذين قُرئت عليهم هذه الآية كانوا هم أيضًا بالألوف.ومعلوم أن كل إنسان يتلقى من قلبه شهادة محكمة أنه لو صدر من أي شيخ أو مرشد أو رسول أمر كذب وافتراء محض لتلاشى اعتقاده له كله فورا.وسيصبح مثل هذا الرجل مكروها في نظر كل واحد.ففي هذه الحالة من الواضح جدا أنه إذا لم تكن هذه المعجزة قد ظهرت وكانت افتراء محضا، لتحتّم أن يرتد فورا ألوف مؤلفة من المسلمين الذين آمنوا بالنبي الله كلهم.لكن من الجلى البين أن شيئا من هذه الأمور لم يظهر.ومن ثم ثبت بالتأكيد أن معجزة انشقاق القمر ظهرت حتمًا.فليفكر كل منصف في نفسه؛ ألا يكفي إثباتا تاريخيا أن القمر : ٢-٣

Page 82

معجزة انشقاق القمر سُجلت في القرآن الكريم بشهادة المعارضين ونُشرت في الزمن نفسه.ولزم جميع المعارضين الصمت عند سماع هذا المضمون.فلم يدحضه أحد شفهيا أو خطيا وآلاف المسلمين من ذلك الزمن شهدوا شهادة عيان وأريد أن أقول مكررا : إن الاعتراض على قدرة الله هو كفر بالله الله من وجه.لأنه إذا لم نؤمن بالقدرة المطلقة الله ، واعتقدنا بحسب مبادئ تناسخ الآريين أنه ما لم يمت زيد لاستحال أن يولد بكر، ففي هذه الحالة تبطل الألوهية كلها بل الاعتقاد الصحيح والحق أن نؤمن بأن الله "سرب شكتي مان" أي القادر القدير.ولا نجعل عقلنا الناقص وتجربتنا الناقصة مقياسا لاختبار أسرار قدرة الله غير المنتهية.وإلا سوف ترد اعتراضات كثيرة على دعوى العلم الكامل ولن نجد بدا من مواجهة أنواع الخجل والندم التي لا حد لها.فمن دأب الإنسان أنه حين يرى أي شيء أرفع من عقله يظنه مخالفًا للعقل.مع أن كون شيء فوق العقل أمر وكونه مخالفا للعقل أمر آخر تماما.فأنا أسأل المدرس المحترم: لو وظف الله نصف الكتلة القمرية التي تلاحظ وتُحَسُّ فهل كان الله سيعد قادرا أم لا؟ وإن قلتم لا فما هو الدليل العقلى على ذلك الذي يقبله العقل وفي أي كتب جاء ذلك الدليل؟ فما دام معروفا ومسلما به في معجزة انشقاق القمر أن جزءا من القمر ظل على حالته المعهودة وانشق عنه الآخر، وذلك أيضًا لدقيقة أو نصفها أو أقل من ذلك، فأي استبعاد عقلي في ذلك؟ وحتى لو كان هناك استبعاد عقلي على سبيل الافتراض لقلنا : متى كان في

Page 83

197 وسع العقل الإنساني الناقص أن يتوصل إلى كنه كل عمل رباني.فأخبرنا أنت أن المسألة التى كتبها البانديت في كتاب ستيارته بركاش بحسب مبادئك، أي أن الروح الإنسانية تسقط كالندى على العشب والكلأ وغيره ثم تأكلها المرأة وبذلك يولد الولد.كم تناقض هذه المسألة العقل وتعارض بحوث جميع الأطباء والفلاسفة، لأن من الجلي الواضح أن الطفل لا حاشية: بدأ لاله مرليدهر مدرس الرسم في جلسة ١٨٨٦/٣/١٤ النقاش الذي كان من حق مؤلف هذا الكتاب أن يطرح اعتراضه أولا بجدال سخيف لقتل الوقت بغير حق، يتعلق بالنقاش الجاري من ١٨٨٦/٣/١١، وكتب بضعة أسطر ووقع عليها وقرأها قائما بمنتهى الحماس في اجتماع عام، وهي: اليوم بدلا من أن أقدم أي سؤال جديد أود أن أقدم من خطاب المرزا المحترم لليوم الأول الجزء الذي قال فيه إنه قد ورد في ستيارته بركاش أن الأرواح تنتشر على الندى وغيره وتأكلها النساء فينجبن أولادا.وأقول إن ذلك لم يرد في أي مكان في ستيارته بركاش وإذا أصر فأنا أقدم له كتاب ستيارته بركاش فليخرج منه ما ذكره لنا، لكي يميز الناس الصدق من الكذب.١٨٨٦/٣/١٤ مرليدهر، مدرس الرسم.فردا على ذلك أقول : أولا إن خطاب اليوم الأول كان قد انتهى بانتهاء اليوم نفسه.كان يجب عليك أن تبدأ الجدال في اليوم نفسه، أما الآن فلا يجدر البحث فيه في هذا الاجتماع، بل ينطبق عليك المثل الذي يفيد بأن الخطة التي تخطر بالبال بعد الحرب لا تفيد أبدا.إذا كنت تذكرت أمرا بعد مرور أربعة أيام فعليك أن تنشره بنفسك ضمن مقالك أن هذا المصدر خاطئ، وسوف نرى.وإنني مستعد على استخراج النص المذكور إلى الآن لكنني لا أعرف الموضع المعين ولا أستطيع قراءة اللغة السنسكريتية.فبعد سماع هذه الأعذار بدأ المدرسُ العناد بالاستكبار المحض أنه ما لم يُبت في هذه القضية فلن يخوض في أي نقاش آخر عندها فهمه المحامي المولوي إلهي بخش أيضا أنّ

Page 84

ذكر القصص الماضية بهذه المناسبة ليس في محله، ويجب أن يتم النقاش اليوم على أمور من أحد حدّدت لليوم.فالكتاب الضخم الذي لم يُذكر المكان المعين منه إذا طلبت قراءته فلن يتمكن من إنهائه قبل بضعة أيام فقال له لاله بغضب: "هل تقوم بأمور المحاماة في المحاكم على هذا النحو؟ فقولك هذا ناجم عن انحياز".باختصار؛ حين لاحظنا أن الله قد وهب للمدرس هذا القدر من الفهم بحيث يحسب اعوجاجه مستقيما بإصرار ومستقيم غيره معوجا، قيل له لإنهاء البحث بأننا حين ننشر هذا البحث في كتاب فسوف نذكر معه أيضًا موضعه في ستيارته بركاش حتما.فلم يوافق المدرس ما لم يستلم إقرارا خطيا بذلك.فاليوم سنفي بذلك الوعد لنرى لأي مدى يوظف المدرس الغيرة الإنسانية فيخجل ويتأثر.لكن من الضروري جدا أن نشرح أولا أنه إذا كان الموضوع المقتبس مذكورا صراحة في ستيارته بركاش فلماذا أنكر المدرس وجوده علنا وطالب استخراج النص بعناد وأضاع الوقت الكثير وضاع حقنا بالمقابل بالاعتراض؟ فإنما سببه أحد ثلاثة: فإما أنه ليس للمدرس إلمام بكتب دينه إلى الآن وإنما جاء للنقاش تقليدا للآخرين.والسبب المحتمل الآخر أنه كان يعرف ولكنه كتم أمرا حقا خيانة لإغواء الآخرين وخداعهم.أو يمكن أن نقول بأن هناك توصية من قبل البانديت ديانند بأن لا تكشف مثل هذه المسائل الباطلة والسخيفة على العامة قدر الإمكان، وينفّذ أتباعه وصيَّته.وهذا السبب الأخير أقرب إلى القياس ولهذا السبب بذل المدرس حماسه كله في القول بأن مثل هذا الموضوع النجس الوقح وهذه الفكرة الباطلة لا توجد في ستيارته بركاش بحال من الأحوال، ولا يليق بالبانديت ديانند أن تصدر مثل هذه الغباوة من قلمه، لكننا ممتنون أنه ألقي القبض على اللص أخيرا هنا لا يغيبن عن بال المدرس أيضًا، أن هذا الخطأ ليس جديدا على البانديت المحترم، بل معظم عباراته على هذا النحو؛ إذ ينبغي أن يُطلق عليه اسم "مجموعة الأغلاط".فلم يكن بطبعه قادرًا على فهم الأمور الدقيقة بعقله.ولم يكن يقدر على التمييز بين الدلائل الخالصة ،والمغشوشة إلا أنه أحيانا كان يدرك بعد فوات الأوان أنه أخطأ، إلا أن ذلك الفهم أيضًا لم يكن ناتجا من كفاءته، بل كانت

Page 85

تنهمر عليه بغزارة اعتراضات الناس من كل حدب وصوب، وتنبهه.فكان دأب الباندیت دیانند طول الحياة بسبب هذا الفهم الناقص أنه كان أولا يدعي بأن المسألة الفلانية مذكورة في الفيدا وأنها على هذا النحو قد وردت في الفيدات، ثم ينشرها في مجلة ما وغيرها.ثم إذا اعترض عليها العقلاء وأثبتوا بطلانها وأفحموه تهرب منها، وقدَّم عذرا بأن ما كتب إنما هو من سهو الناسخ وليس ذنبه هو، وأنه ليس مسؤولا عنه.فكان قد كتب أولا في الصفحة ٤٢ من كتابه ستيارته بركاش الذي ألفه قبل نشره لتفسير الفيدا، أن الذي كان حيا من الأحجار فينبغي ألا يهتم بإرضائه، أما الذين ماتوا فيجب أن يُرضيهم حتما، وعلى هذا كان قد كتب بعض الأدلة والفوائد أيضًا.ثم بعد مضي مدة من الزمن أعلن أن ذلك كان من سهو الناسخ، وكأن الناسخ كتب عنده صفحة مع الأدلة والفوائد وظل البانديت ينام ولم ينتبه مطلقا.من ثم ربما مضت مدة اثني عشر عاما تقريبا حيث كان البانديت قد نشر إعلانا موقعا بيده في كاهنبور يحدد كلام إيشر – أي كلام الله - ٢١ كتابا.ثم حين انكشفت عليه ب محاسن النصوص رويدا رويدا بدأ يظنها كلام الإنسان حتى خلال مدة قصيرة بقيت أربع فيدات فقط كلام الله وحسبت بقية الكتب كلها كتبًا إنسانية.ثم بعد ذلك حين تبين له أن جزء -الفيدا الذي يقال له براهمن ليس صحيحا في نظره، أخرجه جه هو من كلام الله أخيرا.وحسب الجزء الثاني منه فقط "سنغتا" (منتر بهاك) إلهاميًا.ليت البانديت عاش سنة أو سنتين أكثر ليحرر هؤلاء الآريين ذوي الأفكار الحديثة من الفيدات الأربعة كلها.أما فيدا "المرون" فكان سيُقضى عليه عاجلا لأن بعض الهندوس يظنون بحقه سلفا أنه من نصوص البراهمن، وليس له أي ذكر في الفيدات الثلاثة.باختصار؛ لا علاقة لهذا النزاع بالنقاش الدائر بيننا حاليا، وإنما أردتُ أن أبين أن البانديت ديانند لم يكن يستقر على رأيه، وكان قد وهب له عقل سطحي بالطبع كان غافلا في أغلب الأحيان عن نتائج رأيه، ودونك فهمه لأقوال الآخرين.ولهذا السبب لم تستقر أفكاره على موقف موحد، فكان رأيه في الأوائل أن التناسخ باطل، وقد نشرت جريدة "وكيل هند" الصادرة من أمرتسر مرة رأيه هذا، ثم نُشر في وبسببه

Page 86

معر يسير الجريدة نفسها لاحقا أن البانديت المحترم يقول إنه قد اعتنق عقيدة التناسخ وإن كان لا يؤمن بها من قبل.كما كان قد أقر بوضوح بالنجاة الأبدية في كتاب نشره حول مناظرته في "جاندا بور".وهذا الكتاب ما زال موجودا، فلما سئل أنه إذا كانت النجاة أبدية فسوف تنتهي الأرواح بنيل النجاة يوما من الأيام، لأن البرميشور لا يقدر على خلق أي روح، ففي جوابه علم أتباعه أن الأرواح لا حصر لها ولن تنتهي أبدا.وحين نشرنا في جريدة وكيل هند سؤالا هل كان البرميشور أيضا يعرف عددها أم لا؟ تلقينا الجواب بأن البرميشور أيضا لا يعرف عدد الأرواح.ورغم عدم فته نظام العالم هذا كله ثم عندما بدأ الناس يضحكون على هذا الاعتقاد ويسخرون منه، اتخذ اتجاها آخر، وقال متضايقا وعاجزا: صحيح أن الأرواح ليست غير معدودة، إلا من الناس لن يفوز بالنجاة الأبدية سواء كان صالحا أو ريشيا.ومهما بلغ المرء أسمى درجات الحب الإلهي والصلاح لن يتخلص للأبد من الآفة وصحيح أن البرميشور كان رحيما، لكن ذلك المسكين لا يقدر على منح الخلاص الأبدي، فليس بيده حيلة، لأنه لا يستطيع أن يخلق أي روح.وهذا هو أساس سمعته السيئة كلها.باختصار ؛ كانت أعمال البانديت تزخر بمثل هذه الخيانات، بحيث كان يتفوه بأمر أو ينشره في كتاب ثم حين ثبت كذبه أنكره فورا.ثم ينشر الطبعة المنقحة المصححة لذلك الكتاب، فالآن عودًا إلى أصل القضية نسجل الموضع في كتاب ستيارته بركاش الذي وعدنا المدرس مرليدهر بتسجيله، وهو: "ستيارته بركاش أن من الدائمة.الحق أن أحدًا طبعة ١٨٧٥ سمولاس ثامن صفحة ٢٦٣" سؤال: كيف تتم الولادة والموت وغيرهما؟ جواب: حين يظهر الجسم اللطيف (الروح) مقترنا مع الجسم المادي، فمعناه الولادة، أما افتراقهما فيدعى الموت.فيحدث أن الروح تنتقل نتيجة أعمالها وبتأثير أفعالها وتندمج مع الماء أو غلة من الغلال أو الهواء.فحين تلتصق بالماء أو بنبات، فبحسب ما قُدرت لأحد الراحة أو الألم بأمر من الله تدخل بطن الأم ملتصقة بذلك المكان أو الجسم، وحين تدخل في أي حيوان أو

Page 87

إنسان مع الغذاء يتشكل جسمه نتيجة جاذبية الجسم الذي هي فيه بحسب الطريقة التي قدرها الله لها.ثم تُجذب الروح بعد الخروج إلى الأعلى مع أشعة الشمس- بحسب الطريقة التي قدرها الله لها- ثم تسقط مع نور القمر (كالندى) على أي نبات أو عشب على الأرض، ثم تتخذ جسما بحسب الطريق المذكور آنفا.هذه هي عبارة البانديت المحترم قد اقتبسناها هنا من ستيارته بركاش، والآن نسأل المدرس المحترم، أخبرنا يا صاحبنا، هل تميز الباطل من الحق أم لا؟ فقل الآن ما حالُ قلبك؟ فهل صدق قولك إن المضمون المذكور لا يوجد في ستيارته بركاش؟ فالمؤسف أنك ضيعت وقتنا ذلك اليوم وفضحت نفسك علميا، واليوم تبين كذبك.وصدق المثل الفارسي أن كل من يريد أن يهين الصادقين يتعرض نفسه للهوان.الآن تدبر أنت بنفسك كيف أبدى بانديتك المحترم العالم بالفيدا فكرة ناقصة منافية للعقل وتجارب الطبيعة والطب.فجميع العقلاء يعرفون أن علاقة الروح لا تكون بوالدة الجنين وحدها بل تكون بالوالد والوالدة كليهما، وينال الولد فيوض الأخلاق الروحانية من قبل الوالدين كليهما، لا من أحدهما فقط غير أن البانديت المحترم لو زعم أن الروح تسقط في صورة جزأين على نبات وغيره، ويتناوله الرجل والمرأة كلاهما وتختلط عصارة الروح مع المنيَّين كليهما، لكان أمرا إلا أنه ستنشأ الشبهة هنا هل تسقط الروح نصفين؟ وإذا كان كذلك فينشأ السؤال أنه كيف يندمج النصفان؟ باختصار؛ قد جعل البانديت المحترم أتباعه يتخبطون في متاهات غريبة باعتقاده الباطل وتركه نموذجا عجيبا لفلسفة الفيدا.ونود أن نقول هنا أيضا إن اعتقاد البانديت ديانند بأن الروح جسم، هو الآخر خطأ محض وفاسد.فمن المؤكد أن الروح ليست جسما، لأن الجسم قابل للانقسام، أما الروح فلا تقبل الانقسام وإذا قلتم إنها جزء لا يتجزأ ، أي أنها جوهر لطيف فهذا يلزم إمكانية تشكل كبير - باجتماع الأرواح الكثيرة قابل للرؤية واللمس لأن هذه هي ميزة الجزء الذي لا يتجزأ الذي يسميه الآريون "برمانو" أو "بركرتي".كما يقول البانديت المحترم نفسه إن الأجسام تتشكل باجتماع "برمانوات" مادية.لكن هل جسم

Page 88

AVE يتكون من مني المرأة فقط، بل يُخلق بمني الرجل والمرأة كليهما، كما أن أخلاقه أيضًا لا تشبه أخلاق الأمّ فقط، بل تشبه أخلاق الوالدين كليهما.جسم في وسع أي تلميذ للبانديت أن يرينا أي تشكل باجتماع بضعة آلاف أو بضع مئات الآلاف من الأرواح، ونستطيع أن نلمسه ونراه؟ ففكرة ديانند بأن الأرواح أيضا "برمانو" سخيفة.بالإضافة إلى ذلك نقول أيضًا إن فكرة "جزء لا يتجزأ " باطلة من حيث الأدلة العقلية والهندسية.وعلى إبطالها دليل سهل أن جزءا لا يتجزأ أي "برمانو" أو "بركرتي" إذا وضع بين شيئين فلا بد أن يلمسه ذانك الشيئان كلاهما من جهتين متقابلتين وهذا يُثبت الانقسام.ودليل ثانٍ أن النقطة أيضًا جزء لا يتجزأ، فلنا الخيار بموجب الأصول الموضوعة لعلم الهندسة أن نمد خطًا مستقيما بين نقطتين، فمثلا لنا خيار أن نرسم خطا مستقيما بين نقطة " أ " ونقطة "ب" على النحو: (أ ب) بحيث يتكون من إحدى عشرة نقطة، وبعد ذلك أيضًا لنا خيار أن نقسم الخط المحدود إلى نصفين بحسب الشكل العاشر في المقالة الأولى لما حرّره إقليدس.فالبيّن أنه يجعلها قسمين متساويين ستشطر النقطة الوسطى التي هي برمانو، وهو كان المطلوب.وبالإضافة إلى ذلك سيتبين جليا أن على كل من لديه إلمام بعلم النفس واطلاع على الأدلة على عدم تجسد الروح البانديت ديانند قد ارتكب في هذا الاعتقاد خطاً مزدوجا؛ حيث أثبت أنه لا علم له ولا إلمام بعلم الروح، فهل تتمتع الروح بلوازم وخواص مادية أيضا؟ وهل هي تشبه في ارتباطها بالبدن ارتباطا ماديا وهل هي لدخولها الجسم أو الخروج منه سقطت على شاكلة الأجسام؟ فما دامت لا مماثلة للروح بالجسم ولا للجسم بالروح فكم من قصور الفهم عد الروح جسما؟ ثم تقدم كغذاء للنساء ولإناث الحيوانات.نحن نستغرب ما هذه الأمور التي وردت في الفيدا، ولماذا قبل الناس هذه الأخطاء الفادحة؟ الأسف الأسف الأسف! منه

Page 89

خروج آلاف الحيوانات من تحت إذن فكم هو سخيف ومنافٍ للعقل المعتقد القائل بأن الروح تؤكل ضمن غذاء المرأة فقط ويبقى الرجل محروما منها ! ثم ينبغي التفكير: هل الروح نوع من الجسم حتى تختلط بالجسم؟ فانظروا كم يبعد هذا المبدأ عن العقل؟ ثم بالإضافة إلى ذلك نلاحظ الأرض كما تتولد الديدان في أشياء كثيرة بعد مرور مئات السنين.فمن أين ومن أي طريق تدخل فيها الروح.باختصار؛ لو لم تدع أن الأمر الذي يبدو في الظاهر بعيدًا عن العقل هو بعيد عن قدرة الله الا الله أيضا لما كان لنا أي حاجة ماسة إلى أن نوجه إليك الاعتراض.أما الآن فقد وجب أيها المدرس المحترم أن تثبت أن معتقداتك التي تبدو مخالفة للعقل صراحة) عليك هي صحيحة عقلا.ثم وجه الاعتراض إلى أحد آخر.فما دامت الروح أيضًا في رأيك جسما دقيقا يسقط من السماء كالندى، فسوف يرد عليك السؤال أن الصوص حين يموت داخل البيضة فمن أي طريق تخرج روحه؟ ثم حين تتولد في الجثمان أو الميت ديدان فمن أي طريق تأتي؟ ومن أي ندى تتولد الجراثيم في الماء والهواء والفواكه؟ فكل منصف يمكن أن يفهم أن القول بأن الأمر الفلاني مخالف للعقل، إنما يجوز فقط لمن أصلح نفسه أولا.أما عقائد الإسلام فليس فيها أي أمر يخالف العقل في الحقيقة، إلا أن هناك بعض الأمور الدقيقة تفوق العقول الناقصة ولكنها تنكشف في حالة کمال المعرفة.أما دينك فيضم آلاف الأمور المعادية للعقل والمنافية لشأن الألوهية.فكيف يحق لك الاعتراض على الآخرين؟ ففي هذا القدر كفاية.

Page 90

جواب الجواب للمدرس المحترم والرد عليه قوله: إن سيادة المرزا يطالبني بحديث أو آية وإلى جانب ذلك أقر بنفسه بتسجيل آية من القرآن بأن حضرة محمد شق القمر شقين.أقول: يا صاحبي أنا لم أطلب منك أي آية أو حديث لإثبات انشقاق القمر، بل إن الملم باللغة الأردية يدرك بقراءة جوابي أني قد طلبت منك أن تثبت من القرآن الكريم أو الحديث أن القمر بعد انشقاقه سقط على الأرض وأخرجه النبي ﷺ من كميه، فهذا لم تثبته مطلقا.قوله كان سؤالي كيف يمكن أن يحدث ما يعارض قانون الطبيعة (أي انشقاق القمر)؟ أقول: لا شك أن الجزء القائل من سؤالك بأنه لا شيء معارض لقانون الطبيعة الأزلي والأبدي يمكن أن يحدث صحيح جدا، وفي محله.إلا أن ادعاءك بأن العقل الإنساني قد أحاط بهذا القانون الأزلي والأبدي تماما، واعتراضك على انشقاق القمر بناء على هذه الفكرة الباطلة خطأ تماما وانخداع واختلال العقل.إنما العقل أن قانون الطبيعة الذي ما زال غير كامل في علوم الإنسان يجب أن يُجعل تابعا للعجائب جديدة الظهور دوما، لا أن تُرفض عجائب العالم الخاصة المنكشفة الجديدة رغم تمتعها بالبراهين بحجة تزيد على ما قد اكتشفنا حتى الآن.وأي سخف وغباء أكبر أن نعد التجربة المحدودة لمدة قصيرة من الزمن والمشتبهة قانونًا إلهيًّا كاملا في الطبيعة؟ أنها من

Page 91

وأن نعدّ الأسرار التي تنكشف بعدها مخالفة لقانون الطبيعة بحجة أنها تزيد على معلوماتنا السابقة عندي أمل واثق بأنك قد أدركت جيدا بعد قراءة المقدمة المذكورة آنفا ما هو قانون الطبيعة وفي أي حالة يمكن أن نعدّ أي أمر مخالفا لقانون الطبيعة.أما إذا لم تقرأ هذه المقدمة بتمعن حتى الآن فأنا ألفت انتباهك إلى أن تقرأ هذا الموضع المفيد بتدبر، لأنه بدون معرفة النكات العلمية لا يسعُك فهم حقيقة قانون الطبيعة.قوله : لو كان القمر قد انشق لاختل نظام العالم.أقول: إذا كان عقل المرء غير مصاب بالخلل فهو يفهم بسهولة أن ظهور ميزة جديدة لشيء لا يستلزم إبطال ميزاته السابقة فبناء على هذه القاعدة إن العقلاء الذين يهابون دوما قدرات الله العظيمة الشأن يعرفون جيدا أن الحكيم القدير الذي لا نهاية لحكمه من المحتمل أن يكون قد أودع الشمس والقمر ميزة لا يحدث بموجبها الخلل في عملهما حتى بعد الانشقاق.وإلى ذلك يشير قول الله : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.إن هذه الآية تعنى أن الله الحكيم كان قد أودع القمر منذ الأزل ميزة خفية هي أنه سينشق في ساعة محددة.كما من الواضح الجلي أن ظهور خواص النجوم والشمس والقمر مرتبط بساعات معينة، وأن للساعات دخلا كبيرا في حدوث العجائب السماوية والأرضية.وإن ظهور قوانين الطبيعة مرتبط في الحقيقة بهذه الساعات.فما أروع الإشارة الحكيمة والفلسفية الذي سجلها الله الله في الآية الكريمة المذكورة آنفا؛ أي أن الساعة المحددة المقدرة لانشقاق القمر

Page 92

قد اقتربت فانشق القمر.كما يقول الله في آية تالية: وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ، أي قد حمل الكفار انشقاق القمــر محمــل السحر وكذَّبوا، لكنه ليس من السحر في شيء بل هو من الأمور الإلهيــــة، أي القوانين الطبيعية التي تستقر في ساعاتها المحددة وكيف يتعجب العاقل من آية القدرة هذه؟ فهل هذا الأمر هو الوحيد في نظام العالم الذي يفوق عقول الحكماء والفلاسفة؟ وهل قد أحاطوا بسائر أسرار القـدرة فهمــا وإدراكا؟ فهل هذه هي العقدة الوحيدة التي لم تنحل بعد وقد فرغوا من حلّ بقية العُقد كلها؟ فهل هذا العمل هو الوحيد من عجائب أفعال الله دون غيره؟ كلا بل لو تدبرتم لوجدتم آلاف العجائب من أفعال الله في العالم.فالزلازل القوية العنيفة تضرب الأرض دومًا وأحيانا تنشق الأرض وتنقلب لعدة أميال ذلك لا يحدث أي خلل في نظام العالم.مع أنه كما للقمر ومع دخل في هذا النظام، فللأرض مثله.باختصار؛ إن هذه الشبهات الناجمة عن الإلحاد تنشأ في قلوب الذين يزعمون أن الله تعالى ضعيف وعاجز ومحـــدود القوة مثلهم.فإذا كانت مثل هذه الاعتراضات ترد على الله ، فلا يمكن أن يقتنع العقل ويطمئن بحال من الأحوال كيف وبأي أجهزة صُنعت كبار الأجرام العلوية والسفلية؟ قوله: يجب أن يكون الحادث العظيم من هذا القبيل (أي انشقاق القمر) مذكورًا في تاريخ البلاد الأجنبية والشعوب الأخرى.القمر : ٣

Page 93

أقول: إن قولك هذا يمكن أن يكون حجة عليك، لأنه حين كان الادعاء بانشقاق القمر شقين قد صدر بكل قوة حتى قد أقيمت الحجة على المخالفين في القرآن الكريم بالذات أنهم رأوا القمر قد انشق وقالوا إعراضا عنه إنه سحر قوي.ثم هذه الدعوى لم تشتهر في العرب فقط بل في الزمن نفسه كانت قد اشتهرت في بلاد الروم والشام ومصر وفارس وغيرها من البلاد النائية.ففي هذه الحالة لم يكن مدعاة للعجب أن تنبهر شتى الأمم- كانت تعارض الإسلام وتلزم الصمت ولا تنبس بأي كلمة، وتمتنع العناد والبغض والحسد من الإدلاء بالشهادة على حدوث انشقاق التي بدافع القمر.فمتى كان يروق للمنكر والمعارض في حالة الكفر والمعارضة أن يؤلف الكتب تأييدا للدين المعارض أو يشهد على معجزاته؟ فقد حدث حاليا أن الآريين لاله شرمبت وملاوامل من سكان قاديان وبعض إخوتك الآريين الآخرين قد شهدوا أنهم رأوا بأم أعينهم تحقق قرابة ٧٠ نبوءة لهذا العبد المتواضع بما فيها التنبؤ بوفاة البانديت ديانند أيضًا.وإلى الآن بحوزتنا إقرارات البعض الخطية، إلا أنهم أخرسوا ألسنهم الآن خوفا نتيجة لوم قومهم وطعنهم، بالإضافة إلى التهديد بأن شهادتهم ستؤيد الإسلام وتحقق ما ليس فيه خيرُ الفيدا ،أيضًا، فامتنعوا عن إدلاء الشهادة بحق الصدق حبا للباطل.فإذا امتنع أحد عن إدلاء الشهادة حال كونه معارضا، فليس مدعاة للاستغراب.بل مما يثير التعجب أن لا يكتب شيئا بعد أن ثبت بطلان دعوى الخصم وكذبه، ولا يقيم عليه الحجة ولا يفضحه.فأنا أتساءل:

Page 94

لما كان النبي ﷺ قد نشر علنا في العامة أن معجزة انشقاق القمر ظهرت على يديه، وقد رآها الكفار بأم أعينهم وعدّوها سحرا، فإن لم يكن حضرته صادقا في دعواه هذه، فلماذا لزم الصمت معارضو النبي المعاصرون الذين كانت قد بلغتهم هذه الأخبار كصوت الناقوس؟ ولماذا لم يدينوا النبي بقولهم: متى شققت القمر شقين ومتى وصفنا ذلك سحرا، ومتى أعرضنا عن قبوله؟ لماذا لزموا الصمت إلى الموت ولجموا ألسنتهم حتى خلوا من هذا العالم؟ ألم يكن صمتهم المنافي تماماً لوضعهم المعارض وحماسهم للمواجهة، يؤكد على أنه كان هناك مانع قوي عن الكلام.لكن أي مانع كان هناك سوى ظهور الصدق ؟ فقد ظهرت هذه المعجزة في مكة، وكان المسلمون ما زالوا ضعافا وفقراء وعديمي الحيلة.ثم مما يزيد الاستغراب أن أبناءهم وأحفادهم أيضًا لم يفتحوا أفواههم للإنكار مع أنهم لو كانوا قد وجدوا هذه الدعوى العظيمة التي كانت قد انتشرت على بعد مئات الأميال- افتراء محضا، لوجب وتحتم عليهم أن يؤلفوا كتبا لدحضها وينشروها في العالم.فلِمَ لم يتجرأ أحد من مئات الألوف من النصارى والعرب واليهود والمجوس وغيرهم على الرد؟ ومعلوم أن المسلمين ظلوا يقدمون شهادة عيان ألفت أمام ألوف من الناس علنا وشهاداتهم ما زالت مسجلة في الكتب التي في ذلك العصر، فهذا يشكل دليلا صريحا على أن المعارضين رأوا انشقاق القمر بأم أعينهم حتما ولم يبق لديهم أي مجال للرد، وهو الذي منعهم من إثارة الشغب في الإنكار.ولمّا كانت معجزة انشقاق القمر قد اشتهرت

Page 95

117 هذه في ملايين الناس في الزمن نفسه، فهم لم يتصدوا لمواجهتها خجلا.فمن هنا يتبين بجلاء أن صمت معارضي الإسلام في ذلك العصر يشكل برهانا على حدوث انشقاق القمر لا على بطلانه ذلك لأن معارضي الإسلام لا يقدرون تبرير امتناعهم عن كتابة الرد على الدعوى التي كان يجب عليهم أن يفندوها حتمًا.لم يكن النبي ﷺ ناسكا عاديا أو منطويا في زاوية حتى يقال أن ناسكا مسالما لم يهاجم الأديان الأخرى جدير بغض النظر عنه.كلا بل كان النبي الكريم يبين علنا أن معارضيه سيدخلون جهنم.ففي الحالة كانت هناك دواعي الثورة المعادية مطلقة.بالإضافة إلى ذلك لا يبدو من الضروري أن يطلع سكان كل بلد على حادث انشقاق القمر الذي لم يحدث لأكثر من ثوان.لأن التفاوت الطبعي في الأيام والليالي في مختلف البلدان وكون الجو غير صاف ومغبراً وغائماً في موضع وكذلك الأمور الأخرى تتسبب في عدم الرؤية.كما أنه ليس من طبع الإنسان وعادته أن يشد أنظاره دوما إلى السماء ولا سيما ليلا وهو وقت للنوم والراحة، وفي بعض الفصول وقت الجلوس داخل الغرف فهذا الالتزام مستبعد وإضافة إلى هذه الأمور نكتب أن كتب الهندوس الموثوق بها أيضا تتضمن الشهادة على حدوث انشقاق القمر.فقد كتب بياس المحترم في باب الدين في "مها" بهارت" أن القمر كان قد انشق في زمنه ثم اتصل.وقد وصف انشقاق القمر هذا على حد زعمه الضعيف بأنه معجزة "بسوامتر".لكنه يُستنتج من شهادة البانديت ديانند وأقوال الباحثين الأوروبيين، أن كتب القصص مثل جدا.

Page 96

"مها بمارتهمه" ليست قديمة جدا بل قد مضت على صدور بعض كتب القصص ثمانية أو تسعة قرون فقط.الآن من الأقرب إلى القياس أن يكون كتاب "مها بهارتمه" أو حادثته قد كُتبت بعد مشاهدة حادث انشقاق القمر الذي وصف بأنه معجزةً للنبي.أما اسم "بسوامتر" فقد سُجل لكيل المدح دون حق اتباعا للتقليد السائد عند الهندوس بحق أسلافهم.ويبدو أن شهرة هذا الحادث كانت سائدة في الهندوس في زمن مؤلف كتاب "تاريخ فرشتة" لأنه قد كتب في الباب الحادي عشر قول الهندوس المشهور أن الراجا كان جالسا على سطح قصره في مدينة "دهار" المتصلة بنهر "بهنبل" والواقع في ولاية "مالوه"، ولعلها تسمى في هذه الأيام بـ دهار" نغري"، إذ رأى فجأة أن القمر قد انشق، وبعد البحث والتحري انكشف على ذلك الراجا أنها معجزة النبي العربي له فأسلم.فسكان تلك المنطقة يذكرون أن هذه المعجزة حصرا كانت سبب إسلامه.وكانت هذه المعجزة حادثا مشهورا في هندوس المناطق المجاورة.وبناء على ذلك سجله المؤلف الباحث في كتابه.باختصار؛ إذا كان الخبر قد بلغ الراجات في الهند وسُجل في كتاب السادة الآريين "مها بهارتهه" ويرى البانديت ديانند زمن هذه النصوص معاصرا لزمن النبي ﷺ وتبينت حقيقة قانون الطبيعة أيضًا.وإذا كان لاله مرليدهر المحترم ما زال يشك في انشقاق القمر فسنظل نبدي أسفًا كبيرا على فهمه.قوله : إن ورود هذا الخبر في القرآن الكريم ليس إثباتًا تاريخيا، وإلا ستعدّ العجائب التي يذكرها أتباع الأديان الأخرى عن آلهتهم في العالم صادقةً.

Page 97

هذه أقول: أيها المدرس المحترم من المؤسف إلام أوصلتك ثورة التعصب؟ إذ قد استوت عندك وقائع القرآن الكريم ومزخرفات العامة.إنك تشبه بأحداث القرآن الكريم المفتريات عديمة الإثبات التي يختلقها الناس عن آلهتهم بعد مئات بل آلاف السنين عبثا ودون أي برهان والتي لم تدوّن و لم تنشر في زمن تلك الآلهة، ولم تصل سلسلة رواتها إلى الشهود النبلاء والأشراف بالتواتر والثقة، فما هي إلا مفتريات عبدة الخلق فحسب، ولا يقترن بها أي دليل نير؛ إذ تقول بأن ورودها في القرآن الكريم لا يشكل أي إثبات تاريخي، ففي الحالة قل أنت أنه إذا كان الكتاب الذي يذكر حادثا مشهورا في زمنه بشهادة المعارضين - وصاحب هذا الكتاب مشهور في العالم كله بأدب واحترام - لا يشكل إثباتا تاريخيا، فما هو تعريف الإثبات التاريخي في رأيك؟ فهل يمكن أن نجد في مجموعة التواريخ إثباتا أروع من هذا؟ إذ نجد حادثا ما مسجلا في كتاب يكون قد حدث في الزمن نفسه الذي صدر فيه ذلك الكتاب ويكون المؤلف نفسه قد سجله في الكتاب بعد رؤية ذلك الحادث ويكون المؤلف أيضا مشهورا جدا باحترام، ثم بالإضافة إلى هذه الأمور كلها يكون المؤلف قد جعل المعارضين شهود عيان ويكون الكتاب أيضًا محفوظا لدرجة أنه قد کسب صيتا في الزمن نفسه في معظم أجزاء العالم وكان له آلاف الحفاظ منذ البداية حتى بلغ عدد الحفاظ مئات الآلاف، وتكون مخطوطاته من الزمن نفسه وتفاسيره أيضا موجودة ويقرأه عدد لا يحصى من عباد الله في صلواتهم الخمس كل يوم، ويتلونه ويعلمونه الآخرين.فإذا كنت قد رأيت في التاريخ

Page 98

أي كتاب جامع لهذه الصفات في العالم غير القرآن الكريم فقدمه، وإن لم تستطع فيكفيك عقابا وجع الخجل نفسه والانفعال الذي يترتب على عدم تمكنك من الرد.ألا تعرف أن جميع كبار المعارضين العلماء من المسيحيين واليهود والمجوس وغيرهم في العالم لا يسعهم إنكار الشهادات القرآنية، أي الأحداث التي سجلها القرآن الكريم عن زمنه وإن كانوا يفسرون بعض الآيات على نحو آخر تعصبا، فلا يقولون مثلك بخصوص انشقاق القمر مثلا بأن النبي ﷺ كتب في القرآن الكريم هذا الحادث خلاف الواقع.فأنت نفسك يمكن أن تشهد على أنك في أغلب الظن لم تلاحظ أي كتاب لفاضل إنجليزي أو يهودي كتب فيه مثلك أن النبي الله سجل في القرآن الكريم ادعاء كاذبا بأن القمر انشق.لأن القساوسة الأفاضل والإنجليز المطلعين يعرفون جيدا لمعرفتهم العامة والواسعة أن الأسلوب والالتزام الذي تمتع به نشر القرآن الكريم والشدة التي راقب بها المعارضون والمؤمنون كل آية له، وأن السرعة والعجلة التي بها بُلّغ كل موضوع فيه إلى مئات الآلاف من الناس، وأنه كيف انتشر في معظم بقاع العالم في زمن قصير قدّر بعد وفاة النبي بأقل من ثلاثين عاما فقط هو طريق محفوظ من كل جهة لدرجة أنه من المستحيل أن تسجل معجزة مزيفة أو نبوءة كاذبة في القرآن الكريم افتراء دون أن يطلع على ذلك الافتراء أحدٌ من النصارى واليهود والعرب والمجوس.ولهذا السبب لم يتقدم أحدهم إلى اليوم بهذا الرأي الذي أبديته مع أن مئات الإنجليز الأفاضل قد شنوا هجمات شرسة على القرآن الكريم في كتبهم وتفاسيرهم

Page 99

☑10> لشدة العناد، ولم ينجحوا لكونهم على الباطل.فعدُّك هذا الكتاب ساقطا عن الأهمية التاريخية واعتبارك الجوهر النقى والأعشاب والأدران سواسية، وإسدالك الحجاب على العين رغم العثور على الفرق البين الجلي، إنما هو محض قصور نظر.قوله: إذا أيقنا بما يخالف قانون الطبيعة بمجرد الحجة أن الله قادر، فلا نسمي أي أمر في العالم كذبا، ويمكن أن يغوي المزيفون نستطيع أن والمكارون الناس كل يوم.أقول: يا صاحبي، متى قلتُ لك أن تقبل كل شيء دون إثبات وبحث؟ كلا بل أقدم لك إثباتا واضحا جليا ومن مبادئي الشخصية أنه لا ينبغي التسليم بحادث تاريخي دون تحقيق.إلا أنني أقول لك أيضا أنه إذا كانت لديك رغبة في الحصول على العقل الحقيقي فلا تسم عددا من التجارب المحدودة والسخيفة بقانون الطبيعة.ولا تظن كضفدعة البئر أن الماء في العالم هو ما تراه عينك.إن دينك مشوب بفساد سلفًا؛ حيث تعدّون أنفسكم إخوة البرميشور في القدم ووجوب الوجود، فإذا أضيف إليه اعتقاد فاسد آخر بأن قدرات البرميشور وقواه ليست أكثر من معلوماتكم، ففي الحالة لم تبقوا إخوته فقط بل أصبحتم شيوخه، لأن الشيوخ والآباء يحق لهم القول بحق الأولاد: إن معلوماتكم ليست أكثر من معلوماتنا.قوله : بقية الأسئلة التي طرحها المرزا المحترم بهدف أنه يجب على الإنسان أن يفحص بيته أولا فإذا وجد في نفسه عيبا فلا يعترض على الآخرين، هذه المسألة باطلة في رأي العالم كله.هذه

Page 100

أقول: يا سيادة المدرس، لماذا تشوه سمعة العالم كله عبثا، ينبغي أن تُعنى بأفكارك العجيبة وحدها.فمن ذا الذي لا يعرف أن النقاش والمناظرة ينبغي أن يكونا لإظهار الحق، أي بنية أنه إذا ظهر الحق فليقبل.أما الذي يُبيح شيئا لنفسه لكنه إذا وجد عند الفريق الخصم واحدا من ألف جزء من الأمور المسلّم بها لديه فلا يقبله.فنيّة مثل هذا الرجل لا تكون سليمة أبدا، والوقت الذي يُصرف في النقاش معه يضيع عبثا.فهل من السيئة أن نفهم مثل هذا الرجل ونقول له: يا أخي، ما دمت تؤمن شخصيا بأمور لا تفوق العقل فحسب بل تنافي العقل أيضًا، فلماذا تتردد في التسليم بأمور تفوق العقل الإنساني المحدود ويقدم لك البرهان عليها؟ بل إن الإيمان والإخلاص كله يكمن في أن الإنسان إذا كان يعد أمرا صحيحا في رأيه فيجب ألا يجادل خصمه في أمر من النوع نفسه.لأن ذلك طريق الأوباش، وفيه هدر أوقات الفريقين.ثم من الواضح كم سيكون الجدل من هذا النوع سيئًا ومنافيا للعدل؛ إذ ينكر الإنسان أمرا هو أنقى وأطهر من مسلّماته مئات المرات وداخل في قانون الطبيعة وثابت تاريخيا من المؤكد أن صاحب هذا الجدال العابث يريد أن يُضيع أوقاته العزيزة وأوقات خصمه، والذي لتنبيهه يجب أن يستخدم المرء أسلوب الرد الإلزامي في المناظرة لكي يحفظ وقته.ثم لما كان في العالم أناس من طباع مختلفة فبعض الذين يندر وجودهم عندما يسمعون أمرا متحققا يتخلون عن عنادهم وغالبية العامة الذين لا يقدرون على فهم أمر تحقيقي، أو بعض الذين يقدرون على ذلك لكنهم يريدون أن يذروا الغبار

Page 101

على القمر عن قصد؛ فيُفحَمون بالرد الإلزامي ولهذا قرأت عليك بعض مسلماتك إلزاميا، وإلا فمدار البحث الحقيقي هو على التحقيق فقط.فليكن واضحا في الأخير أنه قد وردت في الفيدا قصص خرافية كثيرة عن الآلهة السابقة كمعجزة، كما قد ورد في باب أول من "رج فيدا" أن "أسونون" (أي الآلهة في زمن مجهول كانت قد وهبت لعرجاء رجلين من حديد، وجعلت العقيم مرضعا، كما جعلت الأعمى بصيرا.والرجل الذي كان رأسه قد قطع قد ركب في مكانه رأسُ حصان، والولي "سياوا" الذي كان قد قطع ثلاث قطع قد أحيثه من جديد، وغير ذلك..لكننا لم نقدم في الرد الإلزامي هذه القصص، علما أن أصحاب جميع النصوص الدينية يسلمون بها وإن كانت هذه القصص عديمة الأصل قد ذُكرت من زمن سحيق مجهول مضى قبل الفيدا.إلا أن بعض أتباع آريا سماج المعاصرين يقدمون لهذه النصوص من الفيدا تأويلات سخيفة بمشقة كبيرة وبتكلف شديد.

Page 102

تتمة إن مبدأ الآريين للتناسخ ينافي مبادئ قانون الطبيعة أيها السادة الآريون لن تجدوا السبيل إلى التسليم بقانون الطبيعة حتى لو سلّم العالم كله به، ذلك لأن الإيمان بقانون الطبيعة يقتلع دينكم من جذوره.إنكم لا تؤمنون بتصرفات الله الدالة على قدرته ولا يمكن أن تؤمنوا بها.وإن الإيمان بقانون الطبيعة ليس من دينكم ولا يمكن أن يكون.وسبب ذلك أن مسألة التناسخ عندكم لا تستقيم إلا إذا عد الله ال عاطلا عن أعماله التي ينجزها بمشيئته وقدراته التي تظهر بإرادته والتصرفات التي يقوم بها بقوته وقواه الذاتية وقدراته الشخصية منذ الأزل إلى الأبد- وفارغا 6.الله في وعاجزا ومضطرا فمن هنا يتبين أن عقيدتكم في التناسخ تنافي قانون الطبيعة تماما، بحيث إذا آمنا بأحدهما لا يستقيم الآخر.لأنه إذا سلمنا بتصرفات الله الناتجة عن قدراته وآمنا بأنه خلق جميع الأجرام العلوية الله الأشياء والسفلية بقدرة ربوبيته وخلق أجزاء العالم متناسقة، وربط جميع المادية وغير المادية بقدرته الكاملة المحضة وبإرادته ومشيئته الخاصة بسلسلة النظام الحكيمة لمصلحته الحكيمة، فهذا الإيمان الذي يسمى بتعبير آخر قانون الطبيعة، يقضي على مبادئكم للتناسخ.وذلك لأن مسألة التناسخ أقيمت على أساس الاعتقاد بأن هذا الترتيب الموجود في العالم فعلا ليس بإرادة البرميشور ،وقدرته ولا بحكمته ومصلحته.بل إن ذنوب المذنبين تسببت في

Page 103

خلق هذه الأشياء المختلفة وليس فيها أدنى دخل للبرميشور.فمثلا البقرة التي تهيئ الحليب أو الحصان الذي نركبه أو الحمار الذي يحمل الأثقال، أو الأرض التي نسكنها أو القمر والشمس النيران اللذان يجلبان للعالم أنواع الفوائد بقواهما المختلفة وخواصهما وأنواع المنافع أو المأكولات' -مثل القمح حاشية: قد ينخدع آري غير مطلع هنا ويقول إن أتباع الآريا سماج لا يعتقدون بأن الروح تنشئ العلاقة بالقمر أو الشمس أو الأرض من منطلق التناسخ، بل يرون هذه الأشياء عديمة الحياة.وغيرها ففي جواب ذلك يجب التسليم بأن اعتقاد الآريين بكون الشمس والقمر والأرض والنار والهواء وغيرها من الأشياء عديمة الروح وبدون حياة هو أولا خاطئ تماما ومناف لتعليم الفيدا.لأنه قد ثبت من مئات النصوص من الفيدا أن الشمس والقمر والنار وغيرها من الأشياء بمنزلة الروح لأركان هذا العالم الأولية.وإن أهل اليونان والمجوس أيضا يعتقدون بوجود هذه الأرواح، وكذلك جميع الفرق التناسخية تؤمن بهذه الأرواح، بل إن بيانهم أن روح الإنسان حين تتعلق بالشمس والقمر والنجوم الأشياء من تصبح آلهة تستحق العبادة ولهذا السبب ظل الهندوس يعبدون الشمس والنار وغيرهما منذ القدم وما زال عدد كبير منهم يتمسك بهذه العبادة، كما ظل أهل اليونان أيضًا يعبدون هذه الأشياء ويسمونها أرباب الأنواع.أما عبادة عبدة النار للنار ففوق ذلك كله."إذا ظل عابد النار يشعلها لمدة مائة سنة فهي تحرقه إذا وقع فيها مرة.بالإضافة إلى ذلك من الواضح الجلي أن جميع الذرات الموجودة في كل جسم لها علاقة بالعدد نفسه من الأرواح.فلو رئيت قطرة من الماء تحت مجهر تراءت فيها آلاف الجراثيم وكذلك في الفواكه والنباتات والهواء تُرى الجراثيم وتحس.باختصار؛ كل * ترجمة بيت فارسي (المترجم) *!!

Page 104

أو الحمص أو الأرز التي نأكلها كلها في الحقيقة أرواح إنسانية بحسب اعتقادكم وظهرت في هذه الصور تناسخا عقابا على أعمالها في الولادة السابقة.وأن مجموعة هذه الأشياء التى نراها في الأرض والسماء كلها وليدة المصادفة بحسب اعتقادكم بحيث لا دخل لإرادة البرميشور أو قدرته قيد شعرة في ظهورها وليس له أدنى صلاحية في زيادة هذه الأشياء أو نقصها الكائنات شيء ذي جسد مليء بالجراثيم.إلا أنها أحيانا تكون خفية أو يمكن أن تقولوا توجد بالقوة وأحيانا تنتقل من مكمن القوة إلى حيز الفعل.فمثلا إذا رأيتم غلّة ما؛ فيبدو في الظاهر أنه لا توجد فيها أي جرثومة، ولكن جراثيم كثيرة تتولد فيها تلقائيا نتيجة تغير ما، حتى يبدو ذلك الجسم كله عبارة عن جراثيم فقط.هنا ومن يتبين أن للأرواح علاقة إلزامية ودائمة بالأجسام.فالذي يؤمن بالتناسخ لن يجد بدا من الإقرار بأن كل ذرة من أجسام النباتات والمعادن والحيوانات والأجرام العلوية كانت روح إنسان يوما من الأيام، لأن كل ذرة من الجسم تتعلق بها روح وهذا ثابت بالتجارب.وقد يكون وجود الأرواح في الأجرام العلوية مدعاة للعجب في نظر غير المطلعين، لكن بحوث الفلاسفة المعاصرين قد اكتشفت أن كرة الشمس والقمر وغيرهما لا تخلو من الحية.فالبانديت ديانند وأتباعه أيضًا يعتقدون بذلك.إذن فكل إنسان يعرف أن الجرم التي يسكنها أي كائن حي، ، فهو يتولد من مادة الجرم نفسها.كما أن كل ما يوجد في الأرض قد خُلق ويُخلَق منها حصرًا.فحين ثبت وجود الكائنات الحية في الأجرام العلوية وسلّم به الآريون أيضًا، فمن هنا يتضح أن جميع تلك الأحياء قد خُلقت من الشمس والقمر وغيرهما من الأجرام.وثبت من هذا الخلق أن الأجرام العلوية أيضا مناجم الأرواح المختلفة مثل الأجرام السفلية، ومن ذلك يُضطر أصحاب التناسخ للقبول بأن الشمس والقمر وغيرهما من الأجرام كانت أرواحا إنسانية في زمن ما، ثم تحولت نتيجة عمل صالح أو طالح إلى الشمس والقمر والأجرام الأخرى.وكم ينافي هذا الاعتقاد قانون الطبيعة والعقل، فهو غني عن البيان، فتدبر.منه

Page 105

4917 أو إيجادها أو إعدامها.وقد رسخ في مخيلتكم أنه لو لم ترتكب أرواح الإنسان الذنوب لما وجد أحد من آلاف العوالم من المخلوقات التي تتراءى لنا.فكأن كل راحة في العالم تتيسر بحسب زعمكم بسبب الذنوب فقط.وإنما الذنوب هي السبب الحقيقي للحصول على جميع النعماء الدنيوية.فلا يمكن أن تحصل على الحليب إلا إذا وُلد شخص في صورة البقرة عقابا على ذنوبه.ثم إذا ولد في صورة فرس عقابا على ذنوبه تيسر لك المركب، ثم عقابا على ذنوبه ولد في صورة أتان أو بغل أو ناقة فتهيأ لك نقل الأحمال ثم إذا ارتكب ذنبا عظيما ولد عقابا عليه في صورة المرأة فتتيسر لك الزوجة، ثم إذا مات أحد عقابا على معصيته فيمكن أن يجعلكم صاحب الأولاد بولادته في صورة صبي أو طفلة.فمن هنا ثبت أن أفعال الألوهية كلها تتوقف بموجب مبدئكم على صدور الذنوب فقط.فلو لم تكن هناك ذنوب لما قدر البرميشور على عمل ما ولما كانت لقدراته وحكمه أي وجود أو أهمية.فلا يجدر بكم أن تتفوهوا بقانون الطبيعة؛ لأن من مقتضى قانون الطبيعة أن تكون جميع أجزاء الكون بحسب هذا القانون الواضح منضبطة ومركبة منذ الأزل، لا أن تُخلق آلاف أنواع المخلوقات نتيجة عقوبة مفاجئة.ولو لم تظهر أي مصادفة لما خُلقت ولما قدر البرميشور على خلقها مهما بذل من جهود.باختصار؛ إذا كان دينك وإيمانك يعلمك هذه الأمور فأنى لك أن تذكر قدرات البرميشور، وما هذه المناسبة لذكر قانون الطبيعة! ذلك لأن القدرة أو قانون الطبيعة هي أن نؤمن أولا بقدرة ذلك المالك على

Page 106

الخلق وتصرفاته الناتجة عن قدرته الشاملة وأعماله التي ينجزها بمشيئته، ثم نسمّي سلسلة ظهور هذه القدرات بقانون الطبيعة.أما هنا فليس الأمر على هذا النحو، وإنما البرميشور بالاسم فقط، الذي لا يقدر على الخلق مطلقا.غير أنه تحققت له السيطرة على الأرواح لسبب خفي، وربما أنجز في ولادة سابقة أعمالا حسنة جدا فأحرز الجدارة بهذه السلطة.باختصار؛ حين لم يبق في البرميشور أي أثر للقدرة ولا صلاحية للتصرف بحسب مشيئته ولا كفاءة لإنجاز الأعمال بقدرته ولا دخل له في نظام العالم؛ فالواضح أنه ليس جديرًا أيضًا بأن يكون له أي قانون في الطبيعة.وسوف ينطبق عليه المثل الفارسي "ليس عندي لباس فمن أين آتي بذيل" ويجب أن تشكروا ذنوبكم التي بفضلها شربتم حليب البقر وركبتم الخيول وتمكنتم من إنجاز أعمال أخرى.فمسألة التناسخ هذه قد نفعتكم في الحقيقة كثيرا! أما إذا كان لها ضرر ما فإنما أنكم خسرتم البرميشور من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يكن أي فرق بين الحلال والحرام.أما البرميشور فلعلكم لا تأسفون على فقدانه إذ تسير أموركم على ما يرام.إلا أن الفساد الذي حصل بعدم التمييز بين الحلال والحرام فهو غير مقبول حتى عند أي إنسان مادي غيور يقيم وزنا للشرف والكرامة.ذلك لأنه إذا كانت مسألة التناسخ صحيحة فمن المحتمل بموجبها أن تولد والدة شخص أو ابنته أو شقيقته أو جدته في ولادة ثانية في صورة امرأة فيتزوجها هذا الشخص وهي مكان أمه أو ابنته.وإن الدنيا التي هي الظلمات والفساد من يمكن أن يأتي فيها لينبهه :قائلا: يا رجل، لا تتزوجها

Page 107

۹۳ أمك أو أختك أو جدتك ينبغي التأمل في أن مسألة التناسخ هذه لم فهي تفضح برميشورك و لم تهتك عرضه فقط، بل تكمن فيها أضرار جسيمة من هذا القبيل أيضًا.فلا شك أن الذي يراها صحيحة وجائزة فلا بد أن يقول إنه لا بأس من نتائجها الوخيمة.لكن المؤسف أشد الأسف أن الذين هم عبدة الدنيا ومصفدون في سلاسل التعصب القومي لا يريدون التخلي عن معتقداتهم الفاسدة بأي حال من الأحوال.إن رعب القوم يستولي عليهم بشدة لدرجةٍ بلغت عبودية المخلوق، ولا يقدرون الله قدر العجوز لإبرة من أثاث بيتها."كم من المساعي والجهود يبذلونها لكسب الدنيا، وإذا واجهوا خسارة مليم واحد يكادون يهلكون بسببها يحبون المال ويشغفون به ويعقدون علاقة قوية به، حتى أنهم يتفانون فيه فهم عندما لا يجدون أحباءهم بسرعة، تدمع عيونهم كثيرا في فراقهم والحنين إليهم أما ذلك الحبيب فلا يهتمون به أي اهتمام فليس لهم عيون ولا آذان ولا خوف في القلوب مهما كان الفساد العظيم في دينهم ومذهبهم ومهما كان بطلان الاعتقاد بارزا وجليا مع العناد ذلك يؤمنون به في كل حال وا أسفاه إلى ما آل إليه حالهم بسبب

Page 108

إنما رسخ في قلوبهم أنهم لن يموتوا ولن يفارقوا عيالهم وقومهم أبدًا أيها الغافلون، إن هذه الدار الفانية ليست دائمةً، فهذه الدنيا الدنية غير خالدة و لم يخلد فيها أحد" تمت المناظرة الأولى ولله الحمد في الأولى والأخرى ترجمة أبيات أردية (المترجم)

Page 109

المناظرة الثانية المنعقدة في ١٨٨٦/٣/١٤ اعتراض من مؤلف هذا الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم من معتقدات الآريين أن البرميشور لم يخلق أي روح، بل إن جميع الأرواح هي من تلقاء نفسها ومنذ القدم وغير مخلوقة، وكذلك يقولون بأن الإنسان لا يمكن أن يفوز بالنجاة الأبدية، بل يُدخل في دار النجاة لمدة معينة ثم يُخرج منها.فاعتراضنا على ذلك أن هذين المعتقدين كليهما من نوع يزول باعتناق أحدهما توحيد الله لا بل ألوهيته أصلا.أما المعتقد الثاني فيعرض العبد الوفي للقسوة بغير حق.وتفصيل هذا الإجمال أنه لو سلم بأن جميع الأرواح، والأجزاء الصغيرة للأجسام أيضا قديمة وغير مخلوقة، لترتبت على ذلك عيوب كثيرة.ومن جملتها أنه لا يقوم في هذه الحالة أي دليل على وجود الله لأنه إذا كانت الأرواح بحسب زعم الآريين من تلقاء الله نفسها، وكذلك الأجزاء الصغيرة للأجسام من تلقاء نفسها، فلا تثبت الحاجة إلى صانع يركبها مع بعض.بل الملحد الذي ينكر الله الله وجود يمكن أن يقول بأنكم إذا آمنتم بأنفسكم أن الأشياء من تلقاء نفسها جميع دون أن يخلقها أي ،خالق فما هو الدليل على أن هناك حاجة للبرميشور

Page 110

o1 لتركيب هذه الأشياء مع بعض؟ والعيب الثاني أن هذا الاعتقاد يعطّل ألوهية جميع الله، لأن المطلعين على علم النفس وخواص الأرواح يدركون جيدا أن العجائب والغرائب التي تزخر بها الأرواح لا يمكن أن تتولد بالتركيب فقط.فمثلا في الأرواح قوة الكشف التي تكتشف بها أمورا خفية بعد المجاهدات، وفيها قوة العقل أيضًا وتكتشف بها الأمور العقلانية، وكذلك أُودعت الأرواح قوة الحب أيضًا، وبها تميل إلى الله تعالى.وإذا سلم بأن هذه جميع القوى من تلقاء نفسها دون أن يخلقها أي خالق، ففي ذلك إساءة كبيرة إلى البرميشور فكأننا سنقول بأن أسمى أمر وأروعه قد حدث من تلقاء نفسه، أما العمل الأدنى والناقص فأنجز بواسطة البرميشور.ولن نجد بدا من الإقرار بأن الحكم العجيبة التي توجد من تلقاء نفسها هي أفضل بكثير أعمال من البرميشور حتى أن البرميشور نفسه محتار بشأنها.باختصار؛ إن إله الآريين يتعرض بهذا الاعتقاد لصدمة كبيرة لدرجة أن يستوي وجوده وعدمه.ولا يتأتى أي دليل عقلي على وجوده، وهو لا يبقى مصدر جميع الفيوض، بل سيُعدّ عمله ناقصا.أما أسمى الأعمال فنضطر لأن نقبل أنها من تلقاء نفسها.لكن كل عاقل يدرك أنه إذا كان الأمر كذلك في الحقيقة، فلو تم الإيمان بوجود مثل هذا البرميشور جدلا لتحقق وجودُ الإله الضعيف جدا والسخيف الذي يستوي وُجوده ،وعدمه، إذ لو افترض موته أيضا فلا يترتب عليه حرج للأرواح، ولن يكون من حقه أبدا أن يُجبر أي روح على عبادته.لأن كل روح يمكن أن تردّ عليه قائلة: ما دمت لم تخلقني و لم تخلق

Page 111

قدراتي وقواي وكفاءاتي، فبأي حق تطالبني بعبادتك.ثم لما لم يكن البرميشور خالق الأرواح فلا يستطيع أن يحيط بها، فإذا لم يحط بها فقد حصل الحجاب بينه وبينها، وحين حصل هذا الحجاب لم يعد البرميشور قادرا على علم الغيب، وحين لم يعد قادرا فقد فسدت ألوهيته وتلاشت كلها، فكأن البرميشور نفسه ضاع.فالبديهي أن حصول المرء على العلم الكامل بشيء يجعله قادرا على صنعه أيضًا، فلذا يقول الحكماء حين يصل العلم کماله يصبح العمل بعينه.ففي هذه الحالة ينشأ السؤال بالطبع: هل البرميشور حائز على العلم الكامل بكيفية الأرواح وكنهها أم لا؟ فإن كان حائزا على العلم الكامل فلأي سبب لا يستطيع أن يخلق مثل هذه الأرواح رغم كونه عليما خبيرا؟ فبالتدبر في هذا السؤال يتبين أن البرميشور ليس غير قادر على خلق الأرواح فحسب بل لا يحوز على العلم الكامل بها أيضًا.والجزء الثاني لسؤالنا يتعلق بحقوق العباد؛ أي يثبت من المعتقد المذكور للسادة الآريين أن البرميشور يبخل تجاه عباده بغير حق.لأنه من الواضح الجلي أن حقيقة النجاة أن يُعرض الإنسان عمّا سوى الله ويتفانى في حب الله بحيث يستمتع بتصور المحبوب الحقيقى كما يجد العاشق لذة في رؤية الحبيب.ومعلوم أن الحب لا يتحقق دون المعرفة.ومعلوم أن الدافع للحب أمران اثنان فقط؛ أي إما الحسن أو الإحسان.فحين يطلع الإنسان اطلاعا كاملا على حسن الله وإحسانه بموجب معرفته الكاملة، فبالطبع ينشأ لديه الحب الكامل له والحب الكامل يولّد لذة.فحياة العارف الفردوسية

Page 112

تبدأ لذا من هذا العالم.ونفس المعرفة والمحبة تكون في الآخرة وسيلة السرور الأبدي الذي يسمى بتعبير آخر بالنجاة.الآن أود أن أسأل: إذا تيسرت للإنسان وسائل النجاة كاملةً وحظي بالنجاة بفضل البرميشور ولطفه، فلماذا يخرجه البرميشور من دار النجاة دون ارتكاب أي ذنب؟ فهل ينزعج ويتضايق من أن يستريح أي عبد ضعيف للأبد؟ فما دامت قوة البقاء الأبدي أودعت في الأرواح، فلأي سبب لا يمكن البرميشور عباده من السرور الأبدي؟ بعض الناس يحتجون هنا ويقولون إن أعمال العباد محدودة، ينبغي أن يكون الجزاء أيضًا محدودا.لكنني أقول إن هذه الفكرة باطلة، وذلك لأن أعظم أعمال الإنسان أن يؤمن بوفاء ويبقى مستعدا كل حين وآن بوفاء لا حد له لتحمل كل أنواع الأضرار في الأموال والأنفس.ففي هذه الحالة لا يبقى عمله محدودا، بل يصبح غير محدود، فلو تركه البرميشور حيا إلى الأبد لما غدر قط.ومن ثم يُعدّ من ذنب البرميشور في هذه الحالة والعياذ بالله أنه لم يعطه مهلة.بالإضافة إلى ذلك إن ما يُكسب النجاة لا يقل في صحبة البرميشور - كما قلت سابقا - بل يجب أن يتطور، فلا يزعم أي عاقل أن بصحبة البرميشور يطرأ فتور على المعرفة والحب.وكما لا يمكن أن يحدث ظلام مع وجود السراج كذلك لا يمكن أن يُخرج أحدٌ من دار النجاة رغم وجود العلل الموجبة للنجاة.فالبرميشور ليس بمنزلة المشتري حتى يقال إنه دفع الثمن بحسب ما اشترى من البضاعة، بل القضية هنا للحب والعشق فمن المستحيل أن تصدر من المعشوق المنصف معاملة

Page 113

۹۹ سيئة تجاه عاشقه الوفي بحيث يسبب له الإزعاج دون مبرر.فنحن نسأل: هل البرميشور قادر على أن ينجي عبده للأبد أم لا؟ فإذا كان قادرا النجاة والعبد الوفي أيضا يستحق ذلك والعلل اللازمة الموجبة أيضا تقتضى الأبدية- فلماذا يمارس البرميشور قسوة لدرجة أن يجعل أحد عباده مقربا أولا، حتى يصبح من أوليائه أو ينزل عليه الفيدا، ثم يشوه عزته بغير حق ثم يلقيه رويدا رويدا في شتى الولادات حتى يخلقه في صورة الحشرات؟ بعض الناس يقولون إن البرميشور قام بكل هذا لحكمة؛ وهي أنه لما كان غير قادر على خلق الأرواح، ومعلوم أن جميع الأرواح معدودة ومحدودة، هذه الحالة إذا نجاها كلها فسوف ينقطع نظام خلق العالم للأبد.لأن ففي الروح التي دخلت دار النجاة بعد الفوز بالنجاة الأبدية قد انفلتت من سيطرته.وبسبب عدم التدخل ووجود النفقات اليومية ستنتهي الأرواح كلها أخيرا في يوم من الأيام، ويبقى البرميشور قاصرا وعاجزا عن خلق العالم، وذلك يعارض مبادئ الآريا سماج.باختصار ؛ بموجب مبادئ الآريين لا تبقى الله عظمة ولا توحيد ولا تتخلص الروح الحائزة على النجاة من الآفة المفاجئة، بل ستظل الأرواح مصابة دومًا بنوع من المرض- على شاكلة المصاب بنوبة الصرع - وحيثما تقترب ساعة إخراجها من دار النجاة تصاب بالفزع والجزع.بينما يقول الله الله في القرآن الكريم: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى.أي من زكَّى 1 النازعات: ٤١-٤٢

Page 114

> نفسه خوفا من ربه وتاب إلى الله الا الله إعراضا عمن سواه، فهو في الجنة، والجنة مقره.أي تنشأ في قلبه جنة روحانية بسبب قوة إيمانه وحالة العرفان، وهي ترافقه ،دوما، وهو يعيش فيها.هنا ألتمس من المدرس المحترم أن يقدم الآخر عبارة الفيدا المحتوية على فلسفة الفيدا حول النجاة المحدودة مقابل هذه الآية القرآنية الدالة على النجاة الخالدة والخلاص الأبدي.هو ١٨٨٦/٣/١٤ جواب لاله مرليدهر المحترم مع جواب الجواب من مؤلف هذا الكتاب قوله: يقول سيادة المرزا: إن من معتقدات الآريا سماج أن البرميشور لم يخلق أي روح وأن جميع الأرواح من تلقاء نفسها وقديمة وغير مخلوقة.وكذلك من معتقداتهم أنه ليس في وسع أي إنسان الفوز بالنجاة الأبدية، بل يُسكّن لمدة معينة في دار النجاة ثم يُخرج منها.فبيان المرزا المحترم هذا يختلف كثيرا عن مبادئ الآريا سماج وسوف نبين ذلك لاحقا.أقول: يعرف المطَّلعون جيدا أنه ليس هناك أدنى اختلاف في ذلك البيان، ولا شك أن هذين الاعتقادين لمن معتقدات الآريا سماج، وعليهما أُسس بناء التناسخ.لو كان هناك اختلاف ليتك بينته.أنك وعدت بأنك صحيح ستذكر ذلك الاختلاف لاحقا ولم تصرح في مكان بوضوح أن هذا هو الاختلاف.أما لاحقًا فبحسب المثل الفارسي القائل إن ذاكرة الكاذب

Page 115

1.17.ليست قوية تكون قد اعترفت بأنهما من معتقدات أتباع الآريا سماج.فالحقيقة أن قلوبكم أيضا تشهد على أن هذين المبدأين للفيدا يعارضان عظمة الله وقدرته وتوحيده وشأنه أشد المعارضة.لذا تميل طباعكم أحيانا إلى إخفائهما خجلا من الناس.لكن أنى لكم إخفاء ما صدر من قلم البانديت ديانند وانتشر، واطلع عليه الأقارب والأغيار.أيها المدرس، عدم المؤاخذة، إن تعاليم الفيدا من هذا القبيل قد دعمت أصحاب ناستك مت (الملحدين كثيرا، فإذا نظرنا بتدبر وجدنا أن فيدا الآريين يدلّ على إله ينفر منه طالب الحق حتما.فهم لا يعدون البرميشور مسبب مُلكه بل يعتقدون أنه فاز بهذا الملك بحظ وبختِ مصادفة.أي بسعادة حظه قد حظي بعدد من الأرواح والأجسام المخلوقة، وقد تكون هناك أرواح وأجسام أخرى دفينة وخفية في موضع لم يطلع عليها البرميشور بعد.لكن هل يمكن أن يُعد هذا الاعتقاد مع عظمة حضرة الله جل شأنه وقدرته وكبريائه؟ إن الله هو منسجما مبدأ الذات الكاملة التي هي الأشياء وجامع جميع المحاسن والكمالات ومنزه عن كل عجز جميع الفيوض ومصدر جميع الأنوار وقيوم جميع ونقص واحتياج إلى الغير.لكن تدبَّروا أنتم لتروا؛ أليس صحيحا أن بالإيمان بأن الأرواح والأجسام غير مخلوقة ومن تلقاء نفسها لا تستقيم أي من جميع هذه الصفات الإلهية الكاملة، وتصيب شأن ألوهيته صدمة عنيفة بحيث لا يبقى لها أي شيء؟

Page 116

أن يمكن أن يفهم العقل من الدرجة الدنيا أن كون الله واحدا يعني الوجود في الحقيقة وجوده، وسائر الأشياء صدرت منه وتقوم بقيوميته وتصل إلى كمالاتها المطلوبة برشحات فيضه.لكن المؤسف أن العلم الإلهي عند الآريين يفيد خلاف ذلك.إن كتبهم زاخرة بادعاءات أنا نحن أيضا قدامى وغير مخلوقين ومن تلقاء أنفسنا وخالقو أنفسنا مثله.فهم لا يفكرون أنهم إذا كانوا هم أيضًا قدامى الذات وقائمين بذاتهم وواجبي الوجود، فكيف صاروا خاضعين لله رغم كونهم أمثاله؟ ومن الذي توسط بينهما وأنشأ بينهما علاقات ثنائية الأسف كل الأسف أن هؤلاء أحبوا عقيدة الفيدا الباطلة لدرجة لم تبقَ عندهم ذرة من الغيرة لعظمة الله وكماله.وأن النتيجة الوخيمة لهذه العقيدة المذكورة آنفا لم تترك لهم شيئا.وإن التأثير السيئ لهذا المعتقد السيئ أضلهم عن طريق النجاة الأبدية، وبنحوستها نفسها تحدث ضجة المفاسد في بناء المذهب الآري.لأن المعرفة الصحيحة أو الخاطئة لذات الله الله وصفاته أمر يؤثر - بحسب نوعها في بقية المبادئ أيضًا؛ فإذا صلحت صلحت المبادئ كلُّها.وإذا فسدت، تسرب الفساد إلى المبادئ كلها.فمن هذا المنطلق قد دمرت جميع معتقدات الآريين بفساد أصل الأصول هذا.وقد قلب هذا الخيال الفاسد وحده موازين جميع الأفكار، وما لا يتم إصلاحه لا يمكن أن يتم إصلاح سائر الأفكار الفاسدة بحال من الأحوال والآن يواجه الآريون مشكلة كبيرة؛ فلم يبق لهم مناص من التخلي عن أحدهما، فإما الفيدا أو البرميشور.

Page 117

في وسع ولد صغير أن يفهم أنه إذا كانت جميع الأرواح والأجسام من تلقاء نفسها وقديمة كالبرميشور وغير مخلوقة وخالقة نفسها فلم يبق من حق البرميشور أبدا أن يدعي بأنه رب هذه الأشياء وخالقها.ذلك لأنه إذا كانت هذه الأشياء لم تكسب الوجود من يد البرميشور، فأنى لمثل هذا البرميشور أن يُعَدّ ربَّها ومالكها؟ فمثلا لو سقط صبي مخلوق من السماء أو خرج من الأرض مولودا تلقائيا فلا يحق لأي امرأة الادعاء بأنه ابنها.كلا بل سيكون ابنها حصرًا من خرج من بطنها.فالذي خرج من يد البرميشور فإنما هو وحده الله.أما الذي لم يخرج من يده فلا يمكن أن يكون له بحال من الأحوال.ومعلوم أن أي نبيل وصالح لا يحتل أشياء ليست ملكه، فكيف أن إذن احتل برميشور الآريين أشياء لم يكن من حقه احتلالها.فينبغي يتأملوا كم من المكروه وبعيد عن الحق الاعتقاد بأن مالك الخلق ورب العالمين محروم من مخلوقاته، ويُفصل عن الحقيقة الأصلية للألوهية.نقول صدقا وحقا بأن ارتكاب فيدا الهندوس خطأ في بيان صفات الله الحقة وحده إذ قد اقتلع من الجذور الأمر المهم جدا لإقامة ألوهية الله الله يكفي للدلالة الواضحة على مخالفته للحق حتى لو لم يكن فيه أي خطأ آخر.حاشية: كلمة "خدا" باللغة الفارسية تعني من ظهر من تلقاء نفسه، ولذلك يسمى الله "خدا" لكونه من تلقاء نفسه دون أن يخلقه أحد.فإذا كانت الأرواح والأجسام أيضًا من تلقاء نفسها فهي أيضا تكون آلهة وبموجب مبادئ الآريين ينبغي بل يجب أن تسمى آلهة.منه

Page 118

وكذلك ينبغي المعرفة بعد تأمل بسيط أنه لو حظيت هذه الأرواح التي لم يقدر البرميشور على خلقها بالنجاة الأبدية، لما كان بوسع البرميشور شيء إلا أن يجلس مضطرا خالي اليدين.وفي هذه الحالة لن يستقيم مبدأ الآريين بأن سلسلة العالم لا تنقطع.فالواضح أنه بحسب معتقداتكم تقوم سلطة البرميشور اعتمادا على الأرواح غير المخلوقة فقط.وإن قلتم إن البرميشور لن يُكسب الأرواح النجاة الأبدية أبدا، فكيف تنقطع سلسلة العالم وكيف يجلس البرميشور عاطلا بدافع الاضطرار والجبر؟ فنقول: لإثارة الاعتراض يكفي مجرد افتراض النجاة الأبدية التي من الأمور الممكنة، تعد من السم لأن في فن الفلسفة يناقش افتراض الوقوع فقط في الأمور جائزة الوقوع، لا في تحققها في الخارج.فلا يُهم الفيلسوف هل تحقق ذلك الأمر أم لا.بل الفيلسوف يقيم البرهان على مادة الجواز فقط بغض النظر عن الوقوع أو عدمه فيقول الفيلسوف مثلا بأنه إذا تناول زيد عشر غرامات من فسيموت حتما، لأن مئات التجارب الصحيحة والصادقة تشهد على ذلك.ففي الجواب إذا عارضه أحد قائلا بأن زيدًا قد عقد عزما على ألا يتناول السم في حال من الأحوال فهذا لا يبطل الحجة لأنه حتى لو كان زيد لا يريد تناول السم، ولنفترض أنه قد عقد العزم على أنه لن يتناول السم في أي حال، إلا أن تناوله السم ومن ثَم موتُه محتمل عند العقل.ولذا وُصفت القضية الضرورية المطلقة في صناعة المنطق أخص مطلقا بالقضية الدائمة المطلقة.فالقضية مثلا أن كل إنسان حيوان بالضرورة، أي الحيوانية صفة

Page 119

صحيح £1.00.ضرورية لوجود الإنسان لا تنفك عن وجوده قط.فهذه قضية ضرورية مطلقة.والقضية الثانية أن زيدًا المحامي يكسب القضية دوما، دائمة مطلقة.فلذا أعِدَّت هذه الدائمة المطلقة أخصَّ بالقضية الضرورية المطلقة.أي أن كسب زيد النجاح في كل قضية بحسب مدلول الضرورة المطلقة، وأن النجاح دائما يحالف زيدًا حتما أي أن نجاحه ونيله الفتح ليس ضروريا عند العقل على عكس القضية الضرورية المطلقة.بحيث دوام نسبة الحيوانية إلى الإنسان الذي هو موضوع القضية ضروري، لأن نجاح زيد أو فشله في قضية ما يجوز عند العقل وإن كان زيد لم يخسر أي قضية لمصادفة ما و لم يواجه الهزيمة قط.أما سلب نسبة الحيوانية من الإنسان فلا يعدّه أي عقل سليم ممكنا.باختصار؛ إن الأمر الذي هو ممكن الوقوع عند العقل ليس من الضروري أن يحدث في الخارج أيضًا.كما لا يوجد تلازم ذهني بين الحدوث في الخارج والإمكان في نفس الأمر.فبهذا الدليل وحده إن عدّ الأرواح غير مخلوقة لا يضر الجلال الأزلي لله وربوبيته وكونه مبدأ الفيوض فقط، بل من شأنه أن يمحو كل أثر له ، وذلك باستئصال ألوهيته الأبدية وتجلي قدرته التي هي مدار نظام الألوهية.باختصار؛ إن هذا المبدأ يعادي ذات الله الله وصفاته.وكذلك تذكرنا كل حين وأن النتيجة السلبية للاعتقاد بأن النجاة محدودة؛ أي أن الله تعالى ناقص القدرة لكونه غير خالق.وكانت لا تستقيم ألوهيته إلا أن يجعل النجاة محدودة، لذا جعلها محدودة.وكأن الناس وجدوا لشقاوتهم إلها

Page 120

ضعفه ناقصا، لا يقدر على أن يهب لهم النجاة الأبدية.لذا قد حرم عباده الأشقياء من النجاة الأبدية.وإنه لمهزلةٌ ردُّ البانديت بصفته ناصحا للبرميشور- على سؤال أنه لماذا جعلت النجاة محدودة، بقوله إن الإنسان لا يستحق نيل النجاة الأبدية، لذا لا يهبه البرميشور النجاة الأبدية.لأن البرميشور بسبب و عجزه وعدم قدرته لا يمكن أن ينجى أحدا للأبد، ولا يملك القدرة على ذلك.ففي هذه الحالة يكون ذكر أعمال العبد عبثا ولغوا.ألا يستحق العبد الجزاء الأبدي على إيمانه الدائم ووفائه؟ إلا أنه إذا كان البرميشور أصلا لا يقدر على ذلك فمن يهب النجاة الأبدية؟ حتى لو أراد البرميشور النجاة منح الأبدية لما كان ذلك في وسعه.لاحظوا الآن كم يسيء السادة الآريون إلى برميشورهم؟ فكيف نقبل أنهم لا يقدرون على فهم أمر سطحي أو كيف نسلّم بأن عقلهم الإنساني قد مُسخ لدرجة أنهم يرون الحقائق الجلية والواضحة خاطئة في نظرهم الزائغ وإنما مردّه اتباع القوم وتقليد الأقارب الذي بسببه يترك مئات الألوف من عبدة الدنيا الله وسبله الطاهرة."يا من قد ضللت بسبب تعليم الفيدا وأنكرت الإله ذا الفيوض الخالدة إنك ترى ذلك القادر الذي لا يستطيع أحد العيش دونه عاجزا وضعيفا لو بقيت منتبها إلى الحق لسمعت ضجيج قَالُوا بَلَى من كل طرف وصوب ذلك الذي يرتبط به كل بقاء وحياة كيف لا يكون خالقنا إن الضعف من صفات المخلوقات فقط، فهيهات أن يكون الله ضعيفا لا يقبل العقل أن يكون الرب القدير ضعيفا وعاجزا وعديم الحيلة

Page 121

تدبر شأن الله ولا تجادل سفَها وغباء ما هذا الدين وما هذا القانون أن يعدّ الله هو الآخر ضعيفا ومسكينا إذا كنت راضيا بهذا الدين والمذهب فإنك تدمر ما كسبته طول الحياة"" قوله: يقول المرزا المحترم بأن الحائز على النجاة بحسب اعتقاد أتباع آريا سماج- يُخرج من دار النجاة، فجواب ذلك أن دار النجاة بحسب معتقدات آریا سماج ليست مبنى مستقلا.أقول: سبحان الله ما أروع الجواب! كان اعتراضي أنه بعد الأرواح قديمةً ومن تلقاء نفسها وغير مخلوقة وواجبة الوجود كالبرميشور، يصبح برميشور ضعيفا وعاجزا لا يقدر على منح الأرواح نجاة أبدية حتى لو أراد ذلك.لأنه النجاة الدائمة يأتي الفناء على نظام ألوهيته وأنت تردّ عليه أن دار النجاة ليست مبنى مستقلا حتى يتم الإخراج منها.يمكن أن يقدر القراء مدى روعة هذا الجواب ودقته.فما دام من معتقدات الآريين المتفق عليها أنه لا أحد يمكن أن ينال النجاة الأبدية سواء أكان وليا أو صالحا وملهما من الله، بل الناس بعد إسكانهم مدة معينة في دار النجاة يُرسلون إلى دار التناسخ حيث يمرون من ولادات مختلفة حتى يولدون في صورة الديدان والحشرات.أفلم يتذكر المدرس المحترم هذا المعتقد، أم أنه يريد أن يخدع الناس عن عمد؟ أما إذا كان اعتراضه - كنزاع لفظي - على استخدامي عبارة "دار النجاة" إذ لیست دار النجاة مبنى من الطوب والحجر، فلن نأسف على اعتقاد المدرس بمنح ترجمة أبيات فارسية.(المترجم)

Page 122

هذا فحسب، بل سوف نبدي أسفا شديدا على علميته ومعرفته للتعابير اللغوية.ألا يعرف المدرس المحترم أن جميع الكلمات لا تستخدم بحسب معانيها اللغوية فقط، بل تستخدم مجازا واستعارة أيضا.فمثلا يقول أحدهم إنه شرب زجاجة عصير أو أكل صحن أرز ، فهل سوف يفهم المدرس من ذلك أنه كسر الزجاج والصحن وتناوله؟ كذلك تستخدم كلمة "دار" في سياقات ومحال مختلفة، ولا يراد منها في كل محل المبنى من الطوب والحجر.ومعلوم أنه لما كانت الدنيا "دار التناسخ" في نظر الآريين فهل في غير المحل إطلاق "دار النجاة" على العالم الآخر؟ وإذا كانت أي شبهة لا تزال تختلج في قلب المدرس المحترم فعليه أن يستفسر أحد إخوته الآريين المتفرسين.قوله: ينبغي أن يتذكر المرزا المحترم معتقده إذ يؤمن بأن الإنسان بعد نيل النجاة بعد الموت سيقيم في مكان في الجنة التي زرع الله فيها الحدائق الرائعة وتوجد فيها النساء الجميلات أو الحور وتجري فيها أنهار الخمر وغيرها.أي في حالة النجاة أيضًا هناك أشياء مادية ليس أكثر، بل ستُحل هناك الأشياء التي حُرمت هنا؛ مثل الخمر والنساء الكثيرات.لكن ذلك ليس صحيحا، بل الحائزون على النجاة سيعيشون بمنتهى الفرحة والحرية.التي وس أقول: أيها المدرس، ينبغي أن تستحي قليلا عند التفوه بمثل هذه الأمور لا أصل لها، كيف تستسيغ هذا الكذب العظيم؟ فأخبرني بالله عليك أن الحائزين على النجاة عندما يُخرجون عنوة- بحسب معتقداتكم من دار النجاة بعد العيش فيها مدة معينة ولن يُرحموا إثر بكائهم وعويلهم، بل

Page 123

×1.97 سوف ينفذ أمر الإخراج بمنتهى القسوة خلاف رغبتهم، وسيُلقى بهم خارج دار النجاة بمنتهى الهوان والخزي بحسب قول قائل "اليد في قبضة أحد والقدم عند آخر."" أفلن تكون تلك الجنة في ذلك الحين مثيلة لجهنم بل أسوأ منها؟ فأين يبقى الخيار والسعادة في ذلك الوقت العصيب المليء بالاضطرار؟ أنت تقول إن الحائزين على النجاة يقيمون في السعادة والفرحة.فالأسف كل الأسف على فهمك.فهل يمكن أن تتولد في مثل هذا الوضع الفرحة الكاملة حيث يتعرض الإنسان لمصيبة الإخراج بالإضافة إلى مصيبة مزودجة للمرور من الولادات لملايين السنين.إذ دوما يأخذه الهم والقلق أنه سيتعرض بعد مدة قصيرة لذلة لا حصر لها وهوان لا يحصى.فلن يجد بدا من الولادة في صورة الحشرات والكلاب والقطط، ثم يواجه مئات الآلاف من الولادات المتعاقبة مقابل ذنب واحد ويتحمل الآلام والمعاناة زمنا طويلا جدا ومدةً غير محددة.فهل الذي يتعرض لهذا الهم المؤكد والمحتم الذي لا علاج ولا راد له، يمكن أن يفرح ويعيش بسعادة؟ فبأي لسان تدعي أن دار النجاة التي ذكرها الفيدا هي موضع سعادة كبرى وحرية وفرحة؟ نعوذ بالله من دار نجاتك! إذا كان هذا هو حال برميشورك ودار من ينجيهم، فلن يكون للزهاد والعبدة الأشقياء غير البكاء في هذا العالم وذلك العالم أيضًا.أما اعتراضك على أن في جنة المسلمين نعما مادية أيضًا، فلا يقع اعتراض على ذلك، بل ينبغي أن تستحي من ذلك كثيرا أنت وبرميشورك ترجمة مثل فارسي.(المترجم)

Page 124

أيضًا؛ لأن إله المسلمين القادر والغني قد أعطى المؤمنين بالقرآن الكريم- من خزائنه التي لا حصر لها في الآخرة، بصفة دائمة وخالدة وأعطاهم النعم المادية والروحانية كلتيهما، لأنه كان يعلم أن عبدته الصادقين لا يعبدونه ولا يطيعونه في هذا العالم بالروح فقط، بل بالروح والجسم كليهما.وإن كمال الخلق الإنساني لا ينشأ من الروح فقط، بل يتولد بامتزاج الجسم والروح كليهما واختلاطهما فهو لإيصال المطيعين إلى السعادة التامة ولإعطائهم الأجر الوافي قد قسم لذات النجاة الأبدية قسمين.فقد أعطاهم لذات النظر إلى الحبيب كما أنزل عليهم أمطار النعم الأخرى أيضا بغزارة.باختصار؛ قد تصرف تجاههم بما هو جدير بقدرات ذلك القادر العظيم الشأن وعظمته ورحمته التي لا نهاية لها.لكن برميشوركم قد أفلس وافتقر وأعوز ولم يستطع أن يدبر لكم أو يهيئ لكم مستقرا لعجزه وبساطته وإفلاسه وعدم قدرته وعدم حوزته على أي خيار و لم يهيئ لكم فرحة دائمة.باختصار؛ لم يستطع إنجاز شيء و لم يهيئ لكم النعم الروحانية ولا الجسمانية المادية للأبد، بل أبقاكم فاشلين وخائبي الأمل ومحرومين وعديمي الحظ من كلتا الجهتين.هل يمكن أن يزيد حبُّ المرء لمثل هذا البرميشور البخيل والضعيف وعديم الفهم الذي كانوا يضحون من أجله ويموتون من أجله - الذي تبين أنه غير عادل وغير عاقل وغبي وغافل بحيث لم يقدر مشقتهم الروحانية والجسدية أي قدر وعدَّ - لغبائه - تصرفاتِ الوفاء والفداء الناجمة عن العشق عمالة وشغل بضعة أيام؟ وهل يمكن أن يتوب إليه أي قلب بكامل النقاء؟

Page 125

كلا لا يمكن، بل عند انكشاف حقيقة قدرته وسخائه وشكره تبدي أرواح العبدة الأسف والندم الشديدين بحماس أنه إذا كان هذا هو حال البرميشور عند وهذا هو حال تنجيته، فلماذا تخبطنا عبثا من أجله؟ وسترددن الأرواح إخراجها من دار النجاة مضمون بيت من الشعر باكية: الآن سوف نضحي بأرواحنا من أجلك بعد تدبر وتأمل، فنحن نندم على يوم أعطيناك قلوبنا فيه." \ 11 فأعمال الألوهية تلك، وليست هذه؛ وذلك ما يسمى بحل المشاكل والإغاثة والإكرام لا.هذا وشتان ما بين هذا وذلك.والحق أن الفوز بالنجاة الناقصة والرديئة مستحيل عليكم بحسب الفيدا، لأن برميشوركم قد وضع في طريق الفوز بالنجاة - من أجل صرفكم عنها فقط - صعوبات لا يمكن أن تذللوها أبدا.فلما حدد عقوبة ذنب واحد المرور من مئات الآلاف من الولادات، وفي الطرف الآخر عُدَّت الغفلة للحظة واحدة فقط ذنبا، فأي طريق بقي للفوز بالنجاة؟ فلو أمعنتم النظر في حقيقة الحال لأقمتم الحداد ورثيتم حالتكم اليائسة.ذلك لأن البرميشور قد رفض أن يعطيكم النجاة من ناحية لأنه لن يتيسر ٣٦٠ لترا من الزيت، ولن ترقص رادها"".فهل أحدكم يمكن أن يدعي في هذه الحياة الحالية أنه لم يرتكب أي نوع من الذنوب من الصغائر ولا الكبائر ولم يكذب قط، و لم يؤذ أحدا قط بلسانه ترجمة بيت أردي.(المترجم) ترجمة مثل أردي.(المترجم)

Page 126

۱۱۲۰ ولا بيده ولا بعينه وغيرها من الأعضاء و لم يأكل قط مالا حراما و لم يغفل عن البرميشور ولا لثانية واحدة ولم يخطر بباله أي ذنب ولا فكرة سيئة من نوع آخر؟ أنا أعرف أن الادعاء من هذا القبيل مستحيل.إذن فيمكن أن تقيسوا على ذلك الولادات القادمة أيضًا، لأن الإنسان مفطور على ارتكاب الذنب في هذه الدنيا دار الغفلة.وكما أن الخواص الفطرية لا يمكن أن تفارقكم في هذه الحياة المادية، كذلك فإن الانفصال تماما عن هذه الخواص الفطرية في أي ولادة في المستقبل أيضًا مستحيل ومتعذر.قد يفكر بعض سطحيي العقول الذين لا يدركون فلسفة الذنب بسبب غبائهم وقلة علمهم معتقدين- لكمال سذاجتهم- أن الذنب عبارة عن بضعة أمور فقط؛ أي ارتكاب الزنا أو القتل أو التجاسر على شهادة الزور أو السرقة أو النقب، أو نشل جيب أحد، ثم إذا تخلى عن هذه الجرائم المعدودة والمشهورة فقد تطهر وتنزه تماما من الذنب وصار ممكنا له أن يقول لبرميشوره: ها قد أديت جميع حقوقك علي وقد أنجزتُ كل ما كان واجبا علي.لكن هذه الفكرة في الحقيقة خاطئة تماما بل من الذنب الكبير أن يعد الإنسان نفسه بريئا، وأنه قد أدى حقوق الله عليه.ولذلك اتخذ الصادقون والمقدسون طريق التواضع والانكسار وداوموا على الاستغفار ولم يدعوا قط أنهم صالحون تماما وبريئون من الذنوب.فقد قال أحد للمسيح اللة: أيها المعلم الصالح.فردّ عليه حضرته الا ردا جميلا رائعا حيث قال له: لست صالحًا، أي أنا مذنب، ولماذا تسميني صالحا ؟ سبحان الله، فكانت المعرفة الإلهية من

Page 127

سير الله نصيب هؤلاء فقط الذين رغم قداستهم البالغة لم يَعُدُّوا أنفسهم أبرارا وعديمي الذنوب والحقيقة أنه ليس هناك ذنب أكبر من أن يعدّ الإنسان نفسه بريئا من الذنوب.بل الحقيقة أن الإنسان قد فطر على ارتكاب الذنب، وهو جزء لا يتجزأ من ،طبعه ولا يقدر على تداركه غيرُ رحمة الله ومغفرته ولو بدأ الله بالمؤاخذة على كل ذنب ولم يقبل التوبة والاستغفار ولم يحالف الإنسان الفضلُ من الله فلا يسعه الفوز بالنجاة أبدا.فمثلا لو صدرت العقوبة بموجب مبادئ الهندوس، أي ألقي المرء في شتى الولادات، ولو كان برميشور الهندوس قد اكتفى بمعاقبة ولادة واحدة عقابا على ذنب واحد بغض النظر عن مئة ألف ولادة لكان مستحيلا حتى في ألف هذه الحالة أن تنقطع هذه السلسلة غير المنتهية، ودونك التعرض لمائتي ولادة تقريبا نتيجة ارتكاب ذنب.واحد ثم تبدأ عقوبة ذنب جديد بعد التخلص من عقوبة ذنب سابق فمن ناحية يتعرض الإنسان للعقوبة ومن ناحية أخرى يرتكب باستمرار الذنب الذي يلازم طبعه ويصدر منه في كل حين وآن حيث تتراكم الذنوب.فلما كانت هذه هي حقيقة الذنب، وكان التخلص منه مستحيلا عند العقل، فمن البين الواضح في هذه الحالة أن الفوز بالنجاة إذا كان يقتصر على أن لا يبقى أي ذنب من أي نوع وأن لا يبقى احتمال صدور أي نوع من الخطأ فلا تبدو علامات فوز الآريين بالنجاة.ولو سلمنا جدلا أن أحد الآريين سيفوز بالنجاة في زمن ما نتيجة الوفاء بكل هذه الشروط لكان فوزه بالنجاة وعدمه سيّين.لأنه سيمكث في دار

Page 128

النجاة مدة قصيرة كحجر، ثم يثور عليه غضب البرميشور بغير حق نتيجة مزاجه المتقلب - كما بينا - ليُخرجه منها ذليلا مهانا جدا.وستكون في يديه أغلال الجبر والإكراه مثل اللصوص وفي رجله سلسلة العقوبة وفي رقبته حبل طويل لغضب البرميشور.ثم سوف يلقى بذلك السعيد -سواء أكان وليا أو ريشيا نزل عليه الفيدا أو بارا آخر أو درويشا أو رجلا دينيا- من جديد رأسًا على عقب في هوة هذه الدنيا التي كان ذلك المسكين قد تمكن الخروج منها مصادفة بعد تكبد الجهود والمشقة لبلايين السنين.فهذا هو برميشوركم وهذه هي تنجيته وهذا هو إنعامه وإكرامه، وهذه هي بدايته ونهايته.فسلام على مثل هذا البرميشور من بعيد وينطبق عليه مضمون بيت الشعر التالي: "متى أحسنت إلى الأصدقاء حتى تحسن إلى الأغيار، فوالله يجب الاحتراز منك أما إذا كان المدرس المحترم يقصد من اعتراضه أن الجنة الإسلامية تذكر النعم المادية فقط و لم تذكر الوصال الإلهي واللذات الروحانية قط، فللبت في هذه القضية نقدم اقتراحا رائعا هو أن يخبرنا المدرس المحترم عن طريق جريدة ما ويؤكد فيها أنه يرى فعلا أن القرآن الكريم لم يذكر قط الوصال الإلهي واللذات الروحانية بينما ورد الكثير عن ذلك في الفيدا.فنحن نتعهد أننا سنؤلف كتابا مستقلا في غضون ثلاثة أسابيع أو أربعة فقط في هذا الخصوص ترجمة بيت فارسي (المترجم)

Page 129

110 بقصد مقارنة الفيدا مع القرآن الكريم وننشره بأسرع ما يمكن.وستودع مائة روبية جائزة أمانةً عند أحد المشهورين الأفاضل من أتباع برهمو الذين هم إخوة الآريين.وإذا تمكّن المدرس المحترم من إثبات تنافس الفيدات الأربعة التي يعدها إلهامية- للقرآن الكريم في بيان اللذات الروحانية والوصال الإلهي الذي سيتمتع به الناجون وصدّقه ذلك البرهمو وأيده، فسوف ينال المدرس المحترم المائة روبية تلك.أما إذا حصل العكس فلا نطلب من المدرس المحترم شيئا.وإنما نشترط عليه أن يتخذ طريق الإسلام الحق حال كونه مغلوبا، متخليا عن الفيدا الذي عرّضه للخجل مراراً وتكرارًا كما يقول المثل الفارسي "كن رفيق الغالب لتكون أنت أيضًا غالبا ، وإذا سكت المدرس المحترم مدة شهر بعد نشر هذا الكتاب و لم ينشر مقالا بهذا المضمون في أي جريدة أو أي كتاب له، فاعلموا أيها القراء أنه لاذ بالفرار.أما الاعتراض: كيف تكون الخمر في الجنة جائزة وهي من الممنوعات والمحرمات حتى في هذه الدنيا، فجوابه ما قاله الله الله نفسه بأن حمر الجنة لا دوه علاقة لها بخمور هذه الدنيا المفسدة؛ إذ يقول الله وَسَقَاهُمْ رَبَّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا، ويقول: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا بهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْحِيرًا، أي أن الذين يدخلون الجنة سيسقيهم ربهم شرابا طهورا يطهرهم كاملا..أي أن قلوبهم ستفتر عن حب يَشْرَبُ الإنسان: ٢٢ الإنسان: ٦-٧

Page 130

* الغير نهائيا بعد ارتشاف تلك الكأس.وتلك الخمر الكافورية عين يبدأ عباد الله الشرب منها في هذه الدنيا.فهم يُسيلونها بحيث تجري بسهولة متناهية وتصبح أنهارا واسعة؛ أي نتيجة الرياضات العشقية والمجاهدات تزول جميع عقباتهم ويستوي ارتفاع البشرية وانخفاضها، ويحدث الاتساع التام في المعارف الإلهية إثر تحقق الانقطاع الكلي إلى الله.ويقول الله ﷺ في موضع آخر: وكأس مِنْ مَعِينِ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ، ثم يقول: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوا وَلَا تَأْثِيمًا " إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا، ويقول: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ، ويقول: (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبيلا، أي سيُعطى أهل الجنة كؤوسا من الشراب الصافي الذي سيكون مصفى كالماء الزلال، وسيكون ذلك الشراب خاليا من جميع العيوب، بحيث لن يتسبب في صداع ولن يصيب بإغماء أو سُكر.لن يسمعوا في الجنة أي كلام لغو وبذيء ولن يُسمع أي أمر أثيم، بل سوف يُسمع "سلاما سلاما" من كل طرف وصوب وهو علامة الرحمة والحب والفرحة.ستكون وجوه المؤمنين نضرة طرية وجميلة، وسيرون ربهم.أما الأعمى في هذا العالم فسيبقى أعمى في ذلك العالم أيضا، بل سيكون أسوأ من ذلك.الواقعة : ۱۹ - ۲۰ الواقعة: ٢٦-٢٧ القيامة: ٢٣-٢٤ الإسراء: ٧٣

Page 131

سر يتجلى من هذه الآيات كلها أن شرابات الجنة لا علاقة لها بشرابات الدنيا ولا هي تشبهها، بل هي تخالفها وتباينها في جميع مزاياها وصفاتها، ولم يرد في موضع من القرآن الكريم أن ذلك الشراب سيُصنع مثل خمور الدنيا - من العنب أو السكر الأسود أو قشور شجر السمر أو من أي مادة دنيوية.كلا بل قد ورد في الكلام الإلهي مرارا وتكرارا أن البذرة الحقيقية لذلك الشراب هي حب الله الله ومعرفته التي يأخذها العبد المؤمن من هذا العالم.أما القول كيف سيتمثل الأمر الروحاني في صورة الشراب، فهذا من أسرار الله وينكشف على العارفين في المكاشفات.وإن العقلاء يتوصلون إلى حقيقته من خلال بقية الآثار والعلامات إن تمثل الأمور الروحانية في صورة الأشياء المادية قد ورد في عدة مواضع من القرآن الكريم.كما ورد أيضًا أن أمور التسبيح والتقديس الله ستتمثل هناك في صورة الأشجار المثمرة.وستتراءى الأعمال الحسنة في صورة الأنهار الصافية الطيبة.وإلى ذلك أشار الله الله حيث قال : كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ السَّمَاء * تُؤْتِي أَكُلَهَا كُلِّ حِين، وكذلك قد شبه الله الله أمور الإيمان في موضع بالحدائق، والأعمال الصالحة بالأنهار التي تجري من تحت تلك الحدائق وتُبقيها طرية نضرة بإيصال المياه إلى جذورها.كما ورد في القرآن الكريم أيضًا بموضع أن العارفين عندما يجدون في الجنة أي نوع من اللذة حسّيًا، فسوف يوقنون أن تلك اللذات تماثل اللذات الروحانية التي وَفَرْعُهَا فِي إبراهيم: ٢٥-٢٦

Page 132

كانوا يجدونها في العشق الإلهي والحب الإلهي.وكذلك قد ورد في عشرات الآيات من القرآن الكريم أن النعم التي سيُعطاها أهل الجنة ماديا في العالم الآخر، ستكون في الحقيقة أظلالا وآثارا للذة الروحانية.فلو كتبتُ تلك الآيات كلها هنا مع ذكر اسم السورة ورقم الآية لزاد حجم هذا الكتاب كثيرا.وسوف نسجل هذه الأمور كلها بالتفصيل في كتاب مستقل كما وعدنا سابقا استجابةً لطلب المدرس مرليدهر المحترم.وليكن واضحا أن تمثل اللذات الروحانية في صورة مادية كما ورد عن الجنة ليس أمرًا يُعدُّ جديدا وبعيدا عن الفهم.ينبغي أن يلاحظ كيف تشاهد الأمور المعقولة محسوسة في عالم الرؤيا (الذي يشابه عالم الآخرة كثيرا وكأنه فرع آخر له).ولعل كل عاقل يعرف جيدًا من خلال التجربة الشخصية كيف تتمثل المعقولات في عالم الرؤيا في صورة المحسوسات.فنحن وأنتم نرى مرات كثيرة في حالة السرور والفرحة وهي أمر روحاني في عالم الرؤيا حديقة خضراء جدا نتجول فيها أو نشاهد ثمارا رائعة نتناولها فهي تكون في الحقيقة الفرحة أو الراحة الروحانية التي تتراءى لنا ماديا.وكذلك نرى أحيانا حالة الحزن متمثلة في ثعبان أو عقرب أو صاعقة أو سبع أو زلزال أو في صورة الأشياء الرديئة والكريهة مثل البصل أو الفجل أو الفلفل أو في صورة أشياء ذات رائحة كريهة أو في وحل نجس وغير ذلك.باختصار؛ قد ثبت من خلال مشاهدات كثيرة متواترة للباحثين والمجربين - وقد قبلها الفلاسفة أيضًا - أن عالم الرؤيا وعالم الآخرة كمرايا متقابلة.إن ما أودعته الفطرة والقدرة الإلهية و

Page 133

عالم الرؤيا من خواص عجيبة وبأسلوب غريب، حيث تتراءى الأمور الروحانية فيه مشهودة ومحسوسة، فالحال نفسه لعالم الآخرة أيضا.أو يمكن أن تقولوا إن عالم الرؤيا كالمرآة العاكسة لعالم الآخرة بحيث يعكس صورته تماما.ولذلك قيل إن الموت والرؤيا شقيقان؛ لأن ملامحهما وشكلهما ولوازمهما وخواصهما متقاربة تقريبا.وإذا كنا نستطيع اكتشاف بعض أسرار عالم الآخرة في هذه الحياة المادية دون الإلهام والوحي، فالوسيلة الوحيدة له هي عالم الرؤيا فقط.فإذا أراد العاقلون اكتشاف كيفية ذلك العالم فعليهم أن يتأملوا كثيرا في عالم الرؤيا ويتدبروه.لأن العجائب التي يمتلئ بها عالم الرؤيا هذا توجد عجائب مماثلة لها في عالم الآخرة أيضًا.وكما ينشأ عالم الرؤيا بحدوث تغير غريب ثم تظهر فيه هذه العجائب، كذلك في عالم الآخرة تغير مشابه له؛ فلما كانت سنة الله في عالم الرؤيا أنه الروحانيات متمثلة في صورة الماديات ويُلبس المعقولاتِ زي المحسوسات، فينبغي أن يُفهم أن السنة هي نفسها في عالم الآخرة أيضًا.أما فكرة الآريين بأن الروح فقط ستبقى في عالم الآخرة ولن يكون معها جسم وأن اللذات أيضا ستكون روحانية وعقلانية فقط، فهذا تعنُّت محض لا يسعفه أي دليل.فمن الواضح وبديهي الإثبات جدا أن الإنسان قد خُلق لإحراز التقدم غير المنتهي وأن وسيلة تلك الترقيات تركيبه الجسمى الذي صوره القدير بحكمة كاملة بحيث ترتبت عليه الآثار العجيبة لتكميل النفس الناطقة.فكأن الحكيم المطلق قد وهب لروح الإنسان السلّم الضروري لإيصالها إلى مراتبها العالية؛ يري

Page 134

۱۲۰۰ فكما أن من البديهي أنه لا نهاية لتلك المراتب العالية، كذلك من الواضح جدا أن هناك حاجةً أبدية دائمة لهذا السلّم وكيف يمكن أن تفصل الروحُ عن وسيلة الترقيات التي تحتاج إليها دومًا.وبالإضافة إلى ذلك لا تبقى العلوم التي حصلت عليها محفوظة دون أن يحويها الجسم ناهيك عن إحراز الترقيات، لأننا نلاحظ أنه فور إصابة الجسم بالشلل يحدث خلل في أفعال الإنسان؛ فمثلا إذا تعرّض الرأس لضربة، فالقوة الدماغية المتعلقة بذلك الموضع - المتلقي صدمةً من تلك الضربة - تصاب بالخلل أو تتعطل.فإذا كان أحد يشك في ذلك فليحرّب.فلما كان صدور الأفعال الإنسانية يستلزم صحة الجسم وعافيته، واختلالُ الجسم يستلزم اختلال الروح، فمن هنا ثبت بوضوح أن روحنا لا يمكن أن تكون مصدر لوازم الإنسان وكمالاته وحفظ كمالاته ومظهرها دون مشاركة الجسم.فنحن نلاحظ في العالم صراحة أن تعرُّض الجسم لآفة يتسبب في حدوث الفتور والخلل في النظام الروحاني.فحين لا تبقى أجسام المجانين على حالها الطبيعي ويحدث فتور ما في اعتدال الدماغ، فلا تصدر منهم أفعال الإنسانية أبدا بالروح وحدها.فقد لوحظ بعض الناس متأثرين بالفتور في الدماغ لدرجة أنهم نسوا دفعة واحدة جميع العلوم حتى أسماءهم، ويسألون الآخرين مرارا: ما اسمي؟ الآن، إذا كان خلل بسيط في الجسم يتسبب في حدوث الآفات في الأفعال الإنسانية لهذه الدرجة، فكيف نوقن وأي دليل نملك حتى نستعد للقبول تماما أنه عندما تفارق الروح الجسم نهائيا فلن يترتب على تلك المفارقة التامة أي ضرر في

Page 135

۱۲۱۰ كمالات الإنسان؟ كلا، بل نعلم أن حدوث الضرر مؤكد.فالتجارب الطبية تكفينا دليلا؛ أي نحن نرى بأم أعيننا أن الاختلال في الجسم يؤدي إلى الاختلال في الروح، وأن لصحة الجسم أو المرض تأثيرا قويا في الصلاح الروحاني أو الفساد.أما الذي يعتقد خلاف هذا الدليل البديهي ويدعي أن خواص الإنسانية الكاملة يمكن أن تصدر من الروح فقط كما يجب، دون الاقتران بالجسم؛ فمسؤولية إثبات ذلك تقع على عاتقه، ولن يتمكن منها أبدا.ذلك لأن تجارب الباحثين قد بلغت منتهاها في تأييد القول بأن صدور أفعال الإنسانية الكاملة يستلزم اقتران الجسم مع الروح.إن وجود الجسم يستلزم وجود لوازمه الجسمانية أيضًا، وبما أن ذلك الجسم في الجنة سيكون لطيفا ونورانيا، ستكون لوازمه أيضًا لطيفة ونورانية حصرا.والآن يجب أن يلاحظ هل الأقرب إلى القياس والمنسجم مع قانون الطبيعة والمؤيد بالدلائل الطبيعية والطبية والثابتة تلك الجنة التي ذكرها القرآن الكريم بمنتهى الطهارة وأثبتها ببراهين مقنعة، أم تلك الدار للنجاة الموهومة والمعارضة للقياس والمنحوسة التي ذكرت في الفيدا؟ أي أن الأرواح وحدها ستبقى كالأحجار، وبعد مدة قصيرة ستُخرج من دار النجاة.فهل السعادة المتناهية للإنسان أن يبقى مجرد روح ويفقد الحواس المباركة والنافعة جدا التي هي سبب ترقياته غير المنتهية، ولا يتوقف الأمر هنا، بل الكارثة والآفة أن تُخرج في النهاية من دار النجاة مهانة ذليلة؟ ينبغي الإنصاف؛ فهل يمكن أن يقوم أي برهان فلسفي على النجاة غير المعقولة هذه؟ وهل يمكن أن نفوز في هذا

Page 136

۱۲۲۰ العالم وفي هذه الحياة بأي دليل مقنع على أن الأفعال الإنسانية الكاملة التي ترتبط بالقوى الظاهرة والباطنة وتظهر من خلال الحواس الدماغية يمكن أن تصدر من الأرواح وحدها؟ إذا كان عند أي آري دليل يثبت ذلك فلماذا لا يقدمه؟ فمن المحتم واللزام عليه أن يقدمه، ولا سيما المدرس مرليدهر المحترم الذي يثني على الفيدا ثناء من الدرجة القصوى وبحسب المثل القائل: "الخالة تضحي بنفسها من أجل ابن أختها الذي لم تره بعد"" فهو يتغنى بمدائح الفيدا دون مبرر قبل أن يكتشف حقيقة الفيدا.فمن الواجب عليه أن يقدم فلسفة الفيدا هنا، لكي يسلم جزء ما من سفينة الفيدا الموشكة على الغرق."إن لم تتفوه بشيء فأنت لا تعني أحدا، أما إذا قلت شيئا فلا بد من تقديم البرهان"٢ قوله: يشرح المرزا المحترم اعتراضه قائلا: لو كانت جميع الأرواح وكذلك الأجزاء الصغيرة للأجسام قديمةً وغير مخلوقة ومن تلقاء نفسها، فتترتب على ذلك عيوب كثيرة من جملتها أنه بذلك لا يقوم أي دليل على وجود الله لأنه ما دامت الأرواح غير مخلوقة وكذلك الأجزاء الصغيرة للأجسام هي من تلقاء نفسها، فإن مجرد التركيب لا يُثبت ضرورة الخالق، بل يمكن أن يحتج الملحد الذي لا يؤمن بوجود الله الله أيضا ويقول: ما دمتم آمنتم بوجود شيئين من تلقاء نفسهما، أي دون أن يخلقهما الخالق، فأي دليل على أن ترجمة مثل أردي.(المترجم) ترجمة بيت فارسی.(المترجم)

Page 137

۱۲۳ تركيبهما بحاجة إلى البرميشور؟ فجواب ذلك أن هذه الأمور يتفوه بها أولئك الذين لا يدركون كيفية الروح، ولا يدركون ماهية المادة أيضًا؟ أقول: واها لك! ما أروع هذا الجواب! لو كان المدرس المحترم قاضيًا في أي محكمة لكتب قرارا رائعا مثل هذا فالذين يؤمنون بأن الله ذا الجلال القادر خالق العالم بأسره، ومبدأ كل نوع من الفيض وموجد كل موجود وقيومه، ومنتهى كل سلسلة، ولا يقبلون ظهور أي شيء من تلقاء نفسه دون أن يُظهره هو ، ولا يسلّمون بأن أي شيء يمكن أن يكون من تلقاء نفسه دون أن يخلقه هو ، بل يعدونه هو مبدأ جميع الأشياء ومرجعها ويعتقدون بحق جميع أجزاء العالم أنها موجودة بإيجاده ، وتقوم بقيومته وتتربى من رشحات فيضه؛ فلا علم لهم بكيفية الأرواح ولا للمادة عند العقلية العجيبة للمدرس.بل كانت معرفة الروح والمادة بحسب قول المدرس المحترم حصرًا من نصيب أولئك الذين يعتقدون بأن أرواحهم ومادة أجسامهم غير مخلوقة مثل الله تعالى وخالقة وجودها.يا لاله المحترم، إذا كنت تساوي برميشورك لكونك غير مخلوق فأرني من أعمال ألوهيتك شيئا، أو قص علينا قصة لروحك من الأزمنة غير المنتهية وإلا إذا كانت هذه ادعاءات محضة منك فما هو إثبات هذه البذاءة؟ لا نعرف من أين حصلت على هذا العلم والمعرفة؟ إذا كان هذا هو تعليم الفيدا فلماذا لا تنشر إعلانا أن برميشور الآريين غير قادر على خلق الأرواح الأسف كل الأسف على أنكم لا تفقهون أن الإله الذي يجب أن لا يكون محتاجا إلى وجود غيره قد ظهر

Page 138

۱۲۰ بالمصادفة لتسيير أموره، بل يجب أن تكون جميع الأشياء التي يفرض عليها سيطرته صادرة من يده.فالأسف كل الأسف لماذا لا تفهمون أي إله هذا الذي توجد مقابله منذ القدم ملايين الكائنات التي لم يخلقها، وأي ألوهية توجد فيه؟ أيها الأغبياء وناقصي الفهم، في أي شيء تكمن ميزة الله الكاملة؟ أفي عجزه عن القيام بشيء بقدرته الشخصية واستنادِ ألوهيته إلى غيره أم في قدرته على كل شيء وكون ألوهيته سائرةً بقدراته غير المنتهية؟ تأملوا قليلا جالسين على انفراد، وأوصلوا الفكر الخالص إلى أعماقه مستلقين على السرير؛ كم هي حاجتنا إلى الله؟ بعض أتباع الآريا سماج يستدلون على كون الأرواح غير مخلوقة وكونها هي خالقة نفسها، بقولهم: إذا كانت الأرواح معدومة في زمن ثم أوجدها الله، فكأنه حدث شيء من العدم والفناء.والحدوث من العدم والفناء أمر يستبعده العقل والإدراك لدرجة أن لا يقبله الله أي عاقل.لكنني أقول بأن هناك فاسدي العقل وناقصيه لا يؤمنون بوجود أيضًا.أما سليم العقل ففور الإيمان بوجود الله لا يجد بدا من الإيمان بصفاته أيضًا التي تتوقف عليها ألوهيته وربوبيته وإن الذي سوف يؤمن بصفة الله الأساسية الضرورية جدا أنه القادر القدير وصاحب القدرات التي لا حصر لها، فلن يقيس قدراته على عقله الناقص.ولن يقبل بأن قوى قدرة المحدود محدودة في حد معين.ثم عندما يلاحظ حد معين.ثم عندما يلاحظ أي عاقل أن الله الله مظهر العجائب في ذاته ويفوق مدى فكره وقياسه، إذ ينظر بدون وسيلة العيون ويسمع بدون وسيلة الآذان ويتكلم دون وسيلة اللسان ويقدر على بناء الله غير

Page 139

۱۲۰ الأرض والسماء في طرفة عين بمجرد إرادته وأمره دون أن يستعين بالعمال والبنائين والنجارين ودون توفر آلات البناء واللبن والأحجار؛ يوقن بلا شك بأن ذلك الإله القادر يستطيع أن يخلق من العدم والفناء.فهذه هي ألوهيته، ولذلك يسمى قادرا وقديرا ومالك قدرات لا حصر لها.فلو كان هو الآخر محتاجا إلى الأسباب والوسائل والمواد والأوقات الضرورية لإنجاز أفعاله مثل الإنسان فأنى له أن يكون إلها، وكيف يمكن أن تسير أفعال ألوهيته؟ أليست جميع أفعاله تفوق العقل؟ أليست قدراته العجيبة من نوع حين يلاحظها العقل الإنساني الناقص ينبهر ؟ فكم من الجهل أن يعترض المرء على أمر تتوقف عليه ألوهيته ويُعدُّ حقيقتها! فإذا لم ترتفع من القلب الأوهام الناتجة عن مثل هذا الجهل فأي حاجة للإيمان بالبرميشور الناقص والعاجز لهذه الدرجة؟ فلو كان بإمكان العقل الإنساني أن يحيط بأسرار قدرات الله الدقيقة لاطلع على كيفية الله وكنهه بأسره.فلو تمكن العقل الإنساني الناقص من الاطلاع التام على أي من صفات الله بحذافيرها لصارت تلك الصفة محدودة.وكون الصفة محدودة يستلزم كون الله محدودا.فمن أي نوع هذا الإله الذي يحيط يجميع قدراته مخلوق حقير؟ وعلى أي أساس يدعى البرميشور برميشورا إذا قال لأمر ما في نفسه أن يكون فلا يكون شيئا.ألا إنما "الله" اسم للذات عجيبة القدرة التي بإرادتها يحدث كل شيء.حين يقول لأمر قصده أن يكون فيكون فورا بقدرته الكاملة.إن كون جميع المخلوقات كلمات إلهية لمن أسرار المعرفة الدقيقة جدا.فحين بدأ النصارى يقولون لغبائهم بأن المسيح الليل صفة

Page 140

ردًّا كلمة الله، أي أن روحه هي الكلمة الإلهية التي الكلمة الإلهية التي تجسدت، ردّ الله عليهم حقا بقوله إنه لا توجد أي روح ليست كلمة الله، و لم تصدر بمجرد الأمر الإلهي.وإلى ذلك أشار في قوله: (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي.أما ظهور كلمات الله في صورة الأرواح والمخلوقات الأخرى فسر من أسرار الخالقية، ونكتة دقيقة من الأسرار الإلهية التي لم تخطر على بال أي عقل إنساني، وإنما كشفه كلام الله الكامل والمقدس بالنور الإلهي.وإن لم نسلم بأن الله يخلق الأرواح والأجسام بكلمته وأمره فلن نجد بدا من الإقرار في نهاية المطاف بأنه ما لا تأتي الأرواح والأجسام من الخارج لا يقدر البرميشور على فعل شيء مطلقا.لكن هل يمكن أن يسمى برميشورا هذا الشقي الذي هو في الحقيقة مفلس في بيته وخاوي الوفاض وصفر اليدين تماما ولكن تجارة ألوهيته تسير بالمصادفة.فلو كان البرميشور متصفا بهذه الصفات فكل الآمال خابت.كما أن الاتكال على مثل هذا البرميشور عرضة لخطر كبير.أما القول بأنا لن نسلّم بقدرة الله إلا بقدر ما نفهمه منها، فلا نعرف هل نسميه جهلا أو تعصبا أو جنونا.فلو كان يُشترط على قدرات الله أن لا تفوق ما يقدره فهم الإنسان فعلى قدراته السلام ألا إنما القدرة الربانية ما لا يدرك أسرارها العقل الإنساني.فإذا كنا نحن البشر قادرين على الإحاطة بقدرات الله بتمامها وكمالها فقد أحطنا بالله الله نفسه.فيا أيها الآريون الذين اشتريتم العقل حديثا، لماذا تتخبطون عبثا في مسائل تفوق نطاق عقولكم؟ الإسراء: ٨٦

Page 141

فإذا كنا عاقلين فمن مقتضى عقولنا أن نبحث في قدرة الله بحثا كاملا لنتأكد هل يثبت بالنظر إلى الأفعال التي أنجزها إلى الآن أن أفعاله العجيبة وغرائب قدرته تخرج عن نطاق عقولنا الناقصة أم لا.إن عقولنا الناقصة لا تدرك أفعاله العجيبة وغرائب قدرته.وكما صنع هذا العالم بربوبية وطاقة لا تدرك مستغنيا عن بذل الأوقات والاحتياج إلى الأنصار والآلات، فبالتفكير فيه وحده تحترق أجنحة عقولنا.فمن مقتضى عقولنا أن نتعلم من هذا الخلق الإجمالي للعالم، ولا نهلك بإلقاء أنفسنا في بحر لا ساحل ،له لحل أسرار معقدة لأجزاء هذا العالم المستعصية على تقدير عقولنا وأفهامنا.بعض الناس يقولون: إذا كانت عقولنا لا تقدر على فهم أسرار القدرة (التي هي مأخذ العلم والحكمة فما فائدتها؟ وكيف يمكن أن نكتسب الحكم بمجرد الإيمان في كل مكان بالقدرة الإلهية وتعطيل الفكر؟ فهذا عدم فهمهم فحسب فلا نقصد من الكلام السابق قط أنه يجب الاكتفاء في كل محال بقول : "آمنا وصدقنا معرضين عن البحث والتحقيق نهائيا.وأنه لا ينبغي إعمال النظر والفكر في أي مكان وأي موضوع.وإنما مُدَّعانا ومقصدنا ألا تجعلوا عقولكم وأفكاركم تتخبط أملا في اكتشاف الأمور التي لا تقدرون عليها والتعمق فيها أليس من الحق أن هناك كثيرين يخرجون بأفكارهم غير الشرعية من حدودهم المحددة وسعتهم المعينة التي وهبتها لهم القدرة الإلهية؟ وهم بذلك يريدون بعقولهم المحدودة حل جميع الأسرار العميقة للكون.فهذا هو الإفراط.كما أن الإعراض نهائيا عن التحقيق والتفتيش هو التفريط.يقول

Page 142

۱۲۸ أن الله وَاقْصِدْ فِي مَشيكَ ، أي اتخذ التوسط في سلوكك، إذ ينبغي لا تجمدوا التفكير فتكونوا محرومين من آلاف النكات واللطائف الإلهية التي تجدر بالاكتشاف، كما لا ينبغي التنشط لدرجة أن يشغل بالكم التفكير في من خلق الله أو كيف خلق هذا الكم الهائل من الأرواح والأجسام أو كيف من صنع هذا العالم الهائل وحده؟ تمكّن من صنع فليكن واضحا هنا أيضًا أن كون الأرواح حادثة ومخلوقة قد أُثبت بأقوى الأدلة القطعية في القرآن الكريم، فأسجل هنا بعضا من تلك الأدلة مراعاة للإيجاز والإجمال كنموذج: أولا: قد ثبت بداهة أن جميع الأرواح تخضع لسلطة الله وتتبعه دوما وفي كل حال وليس هناك أي سبب لكونها خاضعة تماما لله و تحت سيطرته سوى كونها مخلوقة.فهذا أول دليل على كون الأرواح حادثة ومخلوقة.ثانيا: قد ثبت أيضًا بداهة أن الجميع الأرواح كفاءات وقدرات معينة ومحددة.كما هو ثابت بالنظر إلى مختلف الأوضاع الروحانية والكفاءات لبني آدم وهذا التحديد يتطلب محددا، وبذلك تثبت ضرورةُ المُحْدِث (أي المحدد) ويتحقق إثبات حدوث الأرواح.ثالثا: إن كون جميع الأرواح مشوبة بوصمة العجز والاحتياج ليس بحاجة لأي برهان وكونها محتاجة لتكميلها وبقائها إلى ذات كاملة وقادرة وعالمة وكريمة بلا حدود أمر يُثبت أنها مخلوقة.لقمان: ۲۰

Page 143

۱۲۹ بتعبير رابعا: يتبين بأدنى تدبر أن أرواحنا تحتوي إجمالا على جميع الحكم الإلهية والصنائع المتنوعة التي توجد في الأجرام العلوية والسفلية.ولذلك تعدّ الدنيا نظرا لجزئياتها المختلفة عالما تفصيليا، ويسمى الإنسان عالما إجماليا، أو آخر يمكن أن تقولوا إنه عالم صغير وهي عالم كبير.فلما كان العالم الجزئي يسمى- لكونه يشمل الأمور الحكمية- صنعة الصانع الحكيم، فينبغي التأمل كيف لا يكون صنعةً إلهيةً من وجوده، نظرا لعجائبه الذاتية، صورة منعكسة لجميع أجزاء العالم، ويشمل الخواص العجيبة لكل جزء، ويشمل الحكمة الإلهية البالغة بوجه أتم.الشيء الذي هو مظهر جميع عجائب الصنعة الإلهية لا يمكن أن يخرج من نطاق المصنوعات والمخلوقات.بل هو يحمل ختم المصنوعية على وجوده أكثر من الجميع.ويدل على وجود الصانع الأزلي بوجه أقوى وأكمل.فمن هذا الدليل لا يثبت كون الأرواح مخلوقة نظريًا فقط، بل هو من أجلى البديهيات في الحقيقة أيضًا بالإضافة إلى ذلك ليس للأشياء الأخرى علم بكونها مخلوقة.أما الأرواح فتعرف بالطبع أنها مخلوقة فروح أي بدوي أيضا لا ترضى بأن تكون من تلقاء نفسها، وإلى ذلك أشار الله تعالى في قوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، أي سألتُ الأرواح ألست بربكم، أي خالقكم؟ قالوا بلى.فهذا السؤال والجواب في الحقيقة إشارة إلى تلك العلاقة التي تتحقق بين المخلوق وخالقه بالطبع، التي شهادتها قد نقشت على فطرة الأرواح.الأعراف: ۱۷۳

Page 144

۱۳۰۰ 28 خامسا: كما توجد في الابن بعض ملامح أمه وأبيه وصفاتهما، وكذلك الأرواح التي خرجت من يد الله لا تملك نصيبا من سيرة صانعها وخصلته إجمالا.صحيح أن تلك الصبغة الإلهية تصير شاحبة في بعض النفوس لاستيلاء ظلمة المخلوقية وغفلتها عليها، لكننا لا نستطيع الإنكار أن كل روح تتمتع بشيء من تلك الصبغة.كما تبدو تلك الصبغة في بعض النفوس قبيحة لسوء الاستخدام.إلا أن ذلك ليس عيب الصبغة وإنما العيب يعود إلى سوء الاستخدام.فليست أي قوة وموهبة من قدرات الإنسان الحقيقية سيئة، وإنما تتراءى القدرة الحسنة أحيانا سيئة لسوء الاستخدام.فلو استخدمت تلك القوة في محلها فهي نافعة تماما وخير محض، وإن جميع القوى التي أعطيها الإنسان هي في الحقيقة ظلال القوى الإلهية وآثارها.فكما تظهر بعض صفات الوالد في المولود كذلك توجد في أرواحنا ملامح ربنا وآثار صفاته، ويعرفها العارفون جيدا.وكما أن الولد الذي انحدر من والده يحبه بطبعه لا بالتكلف، وكذلك نحن الذين خرجنا من ربنا نحبه في الحقيقة بالطبع لا بالتكلف.فلو لم تكن لأرواحنا علاقة طبعية وفطرية بربها لما كان للسالكين أي سبيل أو طريقة للوصول إليه.فالأدلة العقلية التي ذكرها الله الا الله نفسه في القرآن الكريم على كون الأرواح مخلوقة كثيرة لدرجة أننا لو أردنا تسجيلها هنا لصار كتابا ضخما يحتوي عليها ،وحدها، لكننا مبدئيا نكتفي بهذا القدر، لأننا نعلم أن فيه كفاية لطلاب الحق.

Page 145

۱۳۱ الآن نقول باحترام لحضرة المدرس المحترم: إنا قد بينا من أدلة القرآن الكريم أن الأرواح مخلوقة بما فيه الكفاية بحيث تظهر كيفيتها على أكمل وجه.فإذا كان فيدا المدرس المحترم يتمتع أيضًا بحظ من العلم الإلهى فيتحتم عليه أن يقدم الآن من الفيدا مقابل القرآن الكريم تلك الأدلة العقلية التي تُثبت أن الأرواح غير مخلوقة وغير حادثة بل نريد أن نلتمس مكررا، أن من الأفضل أن يسمح لنا المدرس المحترم قصد مقارنة فلسفة الفيدا والقرآن الكريم - بتأليف كتاب مستقل عن مخلوقية الأرواح وخواصها وقدراتها وكفاءاتها وبقية نكات علم الروح ولطائفه بشرط أن لا نخرج في بيان أي أمر أو دليل عن آيات القرآن الكريم أي يجب أن نقدم على كون الأرواح مخلوقة الأدلة والبراهين نفسها التي قدمها القرآن الكريم بنفسه، ونكتب لعلم الروح الدقائق والمعارف نفسها التي سجلها القرآن الكريم نفسه.فليفعل ذلك المدرس المحترم أيضًا بمحاذاتنا، أي أن يتمسك هو الآخر بنصوص الفيدا في كتابة الأدلة العقلية على كون الأرواح غير مخلوقة وبيان علم الروح.ويسجل الأدلة وغيرها التي بينها الفيدا نفسه حصراً، وينبغي ألا يكتفي أي من الفريقين بذكر مصدر الآية أو العبارة من الفيدا بل سيكون محتما علينا أن نسجل الآية، أو العبارة من الفيدا بكلماتها بذكر المصدر بالتفصيل.فمن هذا النوع من المناظرة والمقارنة يتبين الغالب من المغلوب بجلاء.ستتحقق هذه الشروط كاملة في الذي يكون منهما كلام الله في الحقيقة، ويصيب خصمه بهزيمة نكراء، ويُظهر خزيه وهوانه إلا أننا نتنبأ أنه ليس بوسع الفيدا

Page 146

۱۳۲۰ أبدًا أن ينافس القرآن الكريم على هذا النحو، لأن الفيدا على خطأ محض في بياناته، وهو بسبب كونه مجموعة الأفكار الإنسانية لا يتمتع بقوة ولا قدرة على منافسة الكلام الكامل المقدس الله العليم الحكيم.يمكن أن يدرك القراء أننا قدمنا هذا الشرط على التساوي، أي لم أخصص نفسي في المواجهة على هذا النحو لفائدة معينة لا يقدر الفريق الخصم على الانتفاع بها، فإذا أعرض المدرس المحترم الآن أيضًا، فسوف يهيئ بذلك برهانا ساطعا على أن فيداهم خال تماما من هذه الكمالات ومحردٌ من المحاسن والحقائق المقدسة.قوله: إن المرزا المحترم وسائر المسلمين يعتقدون حصرا- وهو وارد في القرآن الكريم - أن الناس حين سألوا حضرته (محمد) المحترم)، ما هي الروح؟ لم يتمكن من الجواب، فنزلت آية مفادها: قل يا محمد، الروح أمر ربي.فكيف يُتوقع أن يفهم المسلمون الروح إذ لم يكشف الله كيفية الروح حتى على هاديهم! فما أروع رد الله القائل بأن الروح أمر ربي، أليست الأشياء الأخرى "أمر ربي"؟ أقول: لقد تذكرت الآن بتصور حسن فهم المدرس المحترم وتسرعه حكايةً وهي أن في مدينة كان شخص يلزم الصمت دوما و لم يكن يتكلم قط، فتوهم الناس أنه عاقل وفاضل كبير.فبناء على هذه الفكرة اجتمعت حوله جماعة من الناس للخدمة.ذات يوم خطر بباله أنه يجب أن يتكلم شيئا لإظهار عقله وذكائه، فلم يكد يتفوه بجملتين أو ثلاث حتى أدرك الناس أنه أشدّ الناس سفاهة في هذا البلد فانصرف عنه الناس كلهم وتشتتت الجماعة

Page 147

۱۳۳ وبقي وحيدا وبكى كثيرا متألما فبات ليلة بمنتهى الكرب.فلما أصبح خرج فورا من المدينة، وعند الخروج كتب على أحد الجدران: لو رأيتُ وجهي في المرآة في السابق لما افتضحت في الغباء.فكذلك، المدرس المحترم لم يحسن صنعا حين تفوه بالاعتراض بدافع الجهل وعدم المعرفة وعدم الفهم.يا لاله المحترم، إلامَ أصحح أخطاءك؟ فممَّن سمعت أن من عقائد المسلمين أن النبي الله لم يوهب علم الروح من الله الله وأين قرأت في القرآن الكريم وفي أي موضع قرأت أن حضرة الممدوح كان عديم المعرفة بعلم الروح.أنا أعرف أنك الناقص تعرضت لسوء الفهم لآية القرآن الكريم: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، أي يسألك الكفار عقلك بسبب عَنِ الرُّوح (يا محمد) ما هي الروح؟ ومن أي شيء وكيف خُلقت؟ فقل لهم إن الروح من أمر ربي وأنتم أيها الكفار، لم تُعطوا إلا قليلا من علم الروح والأسرار الإلهية.فهنا قد أخطأت يا أيها المدرس المحترم، لنقصان فهمك إذ حسبت أن الخطاب في آية (مَا أُوتِيتُمْ موجه إلى النبي ﷺ مع أنها وردت بصيغة الجمع وتدل صراحة على أن الخطاب فيها موجه إلى الكفار.لأن الخطاب إلى النبي لم يوجه في هذه الآيات بصيغة الجمع قط بل قد وجه الخطاب إليه الله بصيغة المفرد في كل مكان وخوطبت جماعة الكفار بصيغة الجمع بأنهم يسألون كذا.فإذا لم يكن أحد قد تماما فيستطيع الإسراء: ٨٦ عمي

Page 148

١٣٤٥ أن يلاحظ بسهولة أن هناك صيغتين للجمع في هذه الآية أولاهما: يَسْأَلُونَ) والثانية: مَا أُوتِيتُمْ.والواضح أن الضمير في "يسألون" عائد على الكفار الذين سألوا عن كيفية الروح.وكذلك من الواضح أن الضمير في: مَا أُوتِيتُمْ أيضًا عائد إلى الكفار أنفسهم.أما النبي ﷺ فلم يخاطب ولا مرة واحدة في هذه الآيات بصيغة الجمع، بل في البداية وجه إليه الخطاب بكاف الخطاب الدال على المفرد أي قيل: إن الكفار يسألونك.وما قيل: إن الكفار يسألونكم.وبعد ذلك قيل بصيغة المفرد: قل وما قيل: قولوا على خلاف الصيغة الموجهة إلى الكفار حيث استخدمت صيغة الجمع بحق الكفار في كلا الموضعين.فمعنى الآية السلس المفهوم من السياق والمستنبط من العبارة بجلاء هو أن الكفار يسألونك يا محمد، ما هي كيفية الروح؟ أي ما هي الروح وممَّ خُلقت؟ فقل لهم: إن الروح من أمر ربي.أي من عالم الأمر، وأنى لكم أن تعرفوا ما هي الروح؟ ذلك لأنه لتلقي علم الروح لا بد من أن يكون المرء مؤمنا وعارفا بالله، ولستم حائزين على أي شيء من هذا القبيل.الآن يمكن أن يدرك كل منصف ما هي الندامة التي يؤدي إليها اجتماع الغباء والتسرع.يجب التدبر كم هي واضحة معاني هذه الآية الكريمة المذكورة أعلاه؛ فالواضح أن جماعة من الكفار سألت النبي ﷺ عن ماهية الروح.فرُدَّ عليهم في صيغة الجمع بحسب مقتضى المحل أن الروح من عالم الأمر.أي هي كلمة الله أو ظل الكلمة التي تشكلت بحكمة من الله وقدرته

Page 149

۱۳۵ في صورة الروح وليس لها أي حظ من الألوهية، وهي في الحقيقة حادثة وخاضعة لله.وهذا سر دقيق للقدرة الربانية وأنتم لا تقدرون على فهمه أيها الكافرون، إلا قليلا كُلفتم بسببه بالإيمان، ويمكن أن تكتشفه عقولكم ظلال حاشية: من أسرار الربوبية أن المخلوقات الإلهية تتولد من كلمات الله، وكل واحد يمكن أن يرسخها في ذهنه بحسب فهمه.فيمكن أن يفهم أن المخلوقات هي الكلمات الإلهية وآثارها أو يمكن أن يفهم أن الكلمات الإلهية بنفسها تتحول بقدرة الله إلى مخلوقات.فنص الكلام الإلهي يشمل فهم هذين المعنيين.وفي العبارة الظاهرة لبعض آيات القرآن الكريم سُميت المخلوقات كلماتِ الله، وقد حازت الصفات والخواص الجديدة بتجليات الربوبية بقدرة الله تعالى وتصبغت بصبغة الحدوث الكاملة.وهذا في الحقيقة سر من أسرار الخالقية التي لا تدرك جيدًا بمقياس العقل.وإنما الطريق القويم لعامة الناس لإدراكها هو التسليم بأن كل ما أراد الله خلقه قد حدث، وهو الذي خلق كل شيء، وكل شيء هو من مخلوقاته، وحدث من يد قدرته.أما العارفون فتنكشف عليهم كيفية الحدوث هذه بعد المجاهدات.ويتراءى لهم في الكشوف كأن هذه الأرواح والأجسام كلها إنما هي كلمات الله، والتي قد تلبست بحكمة الله لا اله الا الله الكاملة بلباس الحدوث والمخلوقية إلا أن المبدأ المحكم الذي لا بد من التمسك به والثبات عليه هو أن يأخذ المرء قاسما مشتركا من هذه الأمور العقلية والكشفية؛ بمعنى أن الله هو خالق كل شيء ومُحدثه، ولم يظهر أي شيء بدونه، سواء أكان من الأرواح أو الأجسام، ولا يمكن أن يحدث ذلك؛ لأن التعبير "الكلام الإلهي" هنا ذو وجوه في الحقيقة.وإن ما يركز عليه القرآن الكريم بالقطع واليقين هو أن كل شيء قد ظهر من الله واكتسب وجوده منه.و لم يُخلق أي شيء بدونه، ولا هو من تلقاء نفسه.فهذا الاعتقاد كاف مبدئيا.أما من كان من حظه التجوال في حقول المعرفة بعده فمن كان من حظه فستتبين عليه تلك الكيفية تلقائيا بعد المجاهدات.كما يقول الله : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (العنكبوت: ٧٠)، أي أن الذين

Page 150

يجاهدون في سبلنا فسوف نريهم بأنفسنا سبلنا الخاصة التي لا تدرك بمجرد العقل والقياس.ولقد قسم الله عالمه العجيب في الحقيقة إلى ثلاثة أقسام: (۱) العالم الظاهر الذي يُحس بالحواس الظاهرية مثل العيون والآذان وغيرها، وبواسطة الأدوات الخارجية.(۲) العالم الباطن الذي يمكن إدراكه بالعقل والقياس.(۳) العالم الباطن جدا، وهو لطيف وغير مدرك وفوق الأفكار، وقليلون من يطلعون عليه.وهذا العالم غيب محض، ولم توهب العقولُ أي قدرة للوصول إليه إلا ظنا محضا.ويتم الاطلاع على هذا العالم بالكشف والوحي والإلهام فقط لا بوسيلة أخرى.وكما أن عادة الله ثابتة ومتحققة بدهيا أنه لاكتشاف العالمين الأولين المذكورين آنفا، وهبت للإنسان أنواع الحواس والقوى، كذلك قد هيأ ذلك الكريم الوهاب وسيلةً لاكتشاف ذلك العالم الثالث أيضًا، وتلك الوسيلة هي الوحي والإلهام والكشف.وهو لا ينقطع ولا يتوقف كليًّا في أي زمن، بل إن الذين حققوا شروطه ظلوا يتلقونه دوما وسيتلقونه في المستقبل أيضًا.وبما أن الإنسان قد خُلق لترقيات غير محدودة وأن الله تعالى منزه عن عيب البخل والإمساك تماما، فبهذا الدليل القوي يُعدّ فكرة نجسةً جدا الظن بأن الله قد خلق في قلب الإنسان رغبةً في اكتشاف الأسرار من كل هذه العوالم الثلاثة ثم حرمه كليا من وسائل الوصول إلى العالم الثالث.فبهذا الدليل يوقن العقلاء دوما بضرورة الإلهام والكشف، ولا يؤمنون بأن الإلهام قد انقطع بعد الريشيين الأربعة الذين من المستحيل أن يصل خامس إلى الكمال مثلهم في نظرهم الغريب.بل يعد العقلاء بإيمانهم بكون الله جوادا وكريما - أبواب الإلهام مفتوحة على الدوام.ولا يخصونه بأي ولاية أو بلد، وإنما يخصصونه بالصراط المستقيم الذي بالسير عليه بدقة تنال هذه البركات؛ لأنه للحصول على شيء يجب العمل بالقواعد والطرق التي يُمكن الحصول على ذلك الشيء بالتمسك بها.باختصار؛ إن العقلاء لا ينكرون عجائب عالم الكشف، بل لا يجدون بدا من الإقرار بأن الجواد الكريم الذي وهب للإنسان الحواس والقوى لاكتشاف أدنى الأمور في العالم الأول، لم يحرم الإنسان من اكتشاف

Page 151

لا حصر الأمور العظيمة والعالية السامية في العالم الثالث التي بواسطتها تنشأ العلاقة الصادقة والكاملة بالله الا الله وتتحقق المعرفة الحقة واليقينية في هذا العالم.وتتبين أنوار النجاة بجلاء في هذا العالم (الثالث) بالذات؛ فمن المؤكد أن هذا الطريق أيضًا مفتوح مثل الطريقين الآخرين ويتمسك به الصادقون بكل قوة، ويفوزون به، وينالون ثماره.إن عجائب هذا العالم الثالث لا حصر لها.وإن مثل العالمين الآخرين مقابله كمثل حبة خشخاش مقابل الشمس.أما الإصرار على الاعتقاد بأن اكتشاف أسرار هذا العالم كليا ممكن بقوة العقل، فمثله كمثل إنسان يغمض عينيه ويسعى جاهدا لرؤية المرئيات بواسطة حاسة الشم.بل إن العقل محتار جدا من عجائب العالم الخفي للغاية لدرجة أن لا يسعه إدراك هذا السر.لماذا يتعجب المرء من خلق الأرواح؟ ففي هذا العالم نفسه تنكشف على صاحب الكشوف أسرار يعجز العقل تماما عن إدراك كنهها؛ فصاحب الكشف أحيانا يتمكن من رؤية شيء بوضوح وجلاء رغم حيلولة مئات الحجب التي لها وبعد مئات الأميال، بل يسمع صوته أحيانا بإذنه تعالى في اليقظة أيضًا.والأغرب من ذلك أن من ظهر في الكشف يسمع صوت صاحب الكشف أحيانا.وفي بعض الأحيان يتمكن صاحب الكشف من لقاء الأرواح الماضية في عالم الكشف المشابه جدا لليقظة.ومعلوم أن لقاء كل روح سعيدة أو شقية يمكن أن يكون على شاكلة كشف القبور.فصاحب الكتاب هذا نفسه صاحب تجربة في هذا المجال.وهذا الأمر يستأصل مسألة التناسخ عند الهندوس والأمر الأكثر غرابة هو أن صاحب الكشف أحيانا يظهر بتركيزه وقوة تأثيره لشخص آخر على بعد مئات الأميال بإذنه تعالى في عالم اليقظة تماما.مع أن وجوده المادي لا يتحرك من مكانه.وكون شيء في مكانين مختلفين محال عقلا، لكن هذا المحال ممكن الوقوع في هذا العالم الثالث.وكذلك يتمكن العارف من رؤية مئات العجائب بأم عينه، ويبدي التعجب والاستغراب من هؤلاء العميان باطنيا الذين ينكرون عجائب هذا العالم الثالث إنكارا قاطعا.فقد لاحظ مؤلف هذا الكتاب زهاء خمسة آلاف من عجائب هذا العالم الثالث ومكاشفاته النادرة تقريبا بأم عينه، فقد شاهدتها بتجربة ذاتية ووجدتها تتحقق في

Page 152

۱۳۸ عجیب هو جدا أن أحدا منهم نفسي.لو كتبت كلُّها بالتفصيل لشكلت كتابا ضخما.فمن هذه العجائب ثبت أمر وهو بعض الأمور الكشفية التي ليس لها أي أثر في الخارج، تتخذ وجودًا في الخارج بقدرة الله.صحيح أن مؤلف كتاب الفتوحات والفصوص ومعظم كبار المتصوفين الآخرين قد كتبوا في مؤلفاتهم كثيرا من الأحداث التي جربوها بأنفسهم في هذا المجال، لكن لما كان الخبر ليس كالمعاينة، لذا لم يكن يتحقق لنا اليقين بمجرد الاستماع إلى هذه الأحداث كما حصل لي بالتجربة الذاتية.أتذكر أنني رأيت ذات مرة في عالم الكشف أني كتبتُ بيدي بعض الأحكام من القضاء والقدر باعتبار أن هذا ما سيقع في المستقبل، ثم عرضتها على الله القدير جلّ شأنه ليوقع عليها.(علمًا أن في المكاشفات والرؤى الصالحة في أحيان كثيرة تتمثل بعض الصفات الإلهية الجمالية أو الجلالية لصاحب الكشف على صورة إنسان، فيعتقد على سبيل المجاز أنه الله القادر كامل القدرة.وهذا الأمر شائع ومتعارف ومعلوم الحقيقة عند ذوي الخبرة بعالم الكشف، ولا يسع إنكاره.) باختصار، إن تلك الصفة الإلهية الجمالية ظهرت لقوتي المتخيلة في الكشف أنها الله تعالى القادر المطلق.فعرضتُ كتاب القضاء والقدر على الله الذي ليس كمثله شيء، حيث كان متمثلاً بصورة حاكم، فغمس قلمه في المحبرة ذات الحبر الأحمر ورش الحبر تجاهي أولاً، ثم وقع على ذلك الكتاب بما تبقى برأس القلم من الحبر.وعندها زالت عني الحالة الكشفية، وفتحت عيني ونظرت إلى ما حولي فرأيت قطرات الحبر الأحمر وقعت على ثيابي نديّة.وقد وقعت قطرتان أو ثلاث من ذلك الحبر على طربوش شخص اسمه عبد الله - سكان من "سنور" بولاية "بتياله" حيث كان عندها جالسًا بالقرب مني.فذلك الحبر الأحمر الذي كان أمرًا كشفيًا قد تجسد وصار مرئيا.وهناك مكاشفات أخرى عديدة قد شاهدتها، غير أن ذكرها يسبب الإطالة.وثبت من التجارب الشخصية أيضا، أن الأمور الكشفية تتخذ بلا شك وجودا في الخارج بإذنه تعالى.هذه الأمور لا تُرسخ في الأذهان أبدا بواسطة العقل فقط.بل إن الذي يتورط في غرور العقل وخداعه سيقول فور سماعه لهذه الأمور بمنتهى التكبر بأنه محال محض وفكرة باطلة.وإن قائلها إما

Page 153

۱۳۹ أيضًا.ما أفدح الخطأ الذي تعرض له المدرس المحترم في فهم هذا المطلب؛ كاذب أو مجنون أو منخدع لسذاجته، فيبقى محروما من الوصول إلى مغزى الأمر لتحقيقه الناقص.لكن المؤسف أنه لا يخطر ببال هؤلاء العقلاء قط أن الأمور التي أدلى آلاف العارفين والصادقين بشهادتهم على صدقها من خلال تجاربهم الشخصية ولا يزالون، ويتلقون مسؤولية إثباتها لجلسائهم بإذن الله هل هي أمور بسيطة يمكن إبطالها بمجرد الإنكار بتحريك اللسان؟ فالحق أن العقل لم يحقق إدراك العالم العقلي (أي الأمور التي يمكن أن يدركها العقلُ) فدونك عجائب عالم الكشف.وملايين الأسرار الإلهية مختفية وراء ستار الغيب التي لم يقترب منها العقل بعد.فليس في وسع أي فلسفي الإتيان بدليل عقلي على سبب تولّد الذباب الفصلي- الذي يحط على الجروح الخبيثة والنجسة، ويؤذي الحمير والثيران المجروحة عادة- في موسم الأمطار على صورة تكون.وذراريه ديدان حصرا وتخرج بالعشرات من جسمها في ثانية واحدة.فهل ينافي العقل أم لا، أن يجتمع الذكر والأنثى في نوع واحد فقط، وذريته خارجة تماما عن جنسه.وكذلك السحلية التي يقال لها في البنجاب "كرلي") إذا قطعت من الوسط فكل من الجزأين الأمامي والخلفي من جسمها يتقلب على نفسه ويضطرب.فإذا كانت الروح أيضًا نوعا من الجسم بحسب قول البانديت ديانند، فهذا يستلزم انقسام أيضًا إلى قسمين.أما إذا اعتبرنا الروح منزهة عن الجسم والمادة واعتبرنا علاقتها بالجسم مجهولة الكيفية وفوق العقل والفهم كما يفوق حدوث الروح العقل والفهم، فلا يرد على ذلك أي اعتراض.وهو يستأصل دين البانديت ديانند.وكذلك تقع اعتراضات كثيرة على ما يجود به العقل الناقص للعقلاء ويواجهون الندم المتناهي، ويُقرون أخيرا بمنتهى الذلة والهوان بأن الإحاطة بقدرات الله العجيبة والغريبة التي لا حصر لها ليست في وسع البشر.الروح "كل ما يفعله العاقل يُقدم عليه الغبي أيضًا، لكن بعد مواجهة كمال الخزي والهوان".منه * ترجمة بيت فارسی (المترجم).

Page 154

حيث زعم أن الخطاب في مَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ عائد إلى النبي ﷺ لا حول ولا قوة، فليمطَر هذا الفهم بالأحجار.ليت المدرس المحترم تعلم شيئا لكي من اللغة العربية أو اطلع على كتاب صغير للنحو والصرف يا صاحبي انظر بفتح العينين قليلا من الذين سألوا عن الروح؟ فهم كانوا إخوتك أنت؛ أي من منكري دين الإسلام فهم الذين تلقوا هذا الجواب وهو أن الروح من عالم الأمر، وأنى لكم أن تدركوا هذه الأسرار الإلهية أيها الكفار؟ فآمنوا تطلعوا على كيفية الروح وعلومها.وأما ما قاله الله : الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي - وأثار المدرس المحترم الاعتراض عليه فورا معجبا بفهمه فهو بيان لحقيقة عظمى.وتفصيلها أن الربوبية الإلهية تخلق الأشياء من العدم على وجهين، وفي كل وجه من الخلق يسمى المخلوق باسم منفصل.فحين يخلق الله شيئا لا يكون له أي وجود من قبل فاسم هذا النوع من الخلق في المصطلح القرآني "أمر"، أما إذا خلق شيئا بحيث يكون له من قبل وجود في صورة أو هيئة أخرى، فاسم هذا النوع من الخلق "خلق".وملخص الكلام أن خلق شيء بسيط من العدم المحض هو من عالم الأمر، أما صياغة شيء مركب في صورة أو هيئة معينة فهو من عالم الخلق.كما قال الله في موضع آخر من القرآن الكريم : أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، أي خلق أشياء بسيطة من العدم المحض وإظهار المركبات كلاهما من فعل الله فالبسيط والمركب كلاهما من خلق الله.فهل لاحظت أيها المدرس، ما أروع هذه الحقيقة وما الأعراف: ٥٥

Page 155

يسمح لنا أسماها التي قد بينها الله الله في آية قصيرة وفي كلمات معدودة! ومقابل ذلك إذا فكرت في عقائد الفيدا فمهما خجلت وندمت فهو قليل.ولذلك قصصتُ عليك قصة الدرويش الصامت.فلو سكت عن بيان مثل هذه الشبهات الواهية والسخيفة لما ساورنا الشك في كفاءتك العلمية كما نشك الآن.وأخيرًا نود أن نقول أيضًا بأنه إذا كان المدرس المحترم يظن أن علم الروح لم يرد في القرآن الكريم وورد في الفيدا، وأن النبي ﷺ لم يكن عنده أي خبر عن كيفية الروح بينما كان الصلحاء الأربعة الذين نزل عليهم الفيدا مطلعين عليها، فحسم هذه القضية سهل جدا.وهو أن المدرس - بشرط أن يتقدم هو الآخر للمواجهة - بإعداد كتاب يضم بيان علم الروح الوارد في القرآن الكريم والذي تثبت به المعرفة الكاملة للنبي ﷺ وكمالُ القرآن الكريم بذكر الآيات القرآنية ونشره.وعند صدور هذا الكتاب منا سيكون من الواجب على المدرس المحترم أن يُعد هو الآخر كتابا يضم نصوصا من الفيدا تبين فلسفة الفيدا عن الروح أنها غير مخلوقة وقديمة مثل الله ومستقلة عن الله منذ القدم، وما هي خواصها.وسيكون من الواجب على كل واحد منا أن لا يخرج عن كتابه الإلهامي ولا يقدم فكرة عنده بل يبين حصرًا ما بينه كتابه الإلهامي.وأن يسجل النص مختلقة من بكلماته من كتابه مع المرجع والترجمة، لكي يقدِّر القراء هل يُستنتج ذلك من النص أم لا.فإذا وافق المدرس المحترم على هذه المواجهة بهذا الشرط أو شخص آخر من علماء الآريين المتميزين، فأنا أعد أني سوف أقدم مائة

Page 156

روبية نقدا لذلك الرجل كجائزة سواء أكان المدرس المحترم نفسه أو المنشي إندر من المراد آبادي المحترم أو المنشي جيونداس المحترم سكرتير آريا سماج في لاهور، أو شخص آخر يكون معترفاً بعلمه.وهذا المبلغ (أي مائة روبية) سيودع سلفا أمانةً –لاطمئنان الفريق الخصم- عند أي برهمو محترم مثل بابو نوبين شندر راي المحترم أو البانديت شيف نرائن أغني هوتري المحترم.وسيكون مخولا بأنه إذا رأى أن الآري في الحقيقة قد تمكن من منافسة الفيدا مع القرآن الكريم أن يسلّم المبلغ المذكور لذلك الآري مباشرة دون إذن مني.أما إذا لزم المدرس المحترم وإخوته الآخرون العلماء الصمت بعد قراءة هذا الموضوع، ولم يرغبوني في إعداد مثل هذا الكتاب بوعد المنافسة، فليعلم القراء أن أصواتهم كلها كلام فارغ وأنهم لا يريدون السلوك على دروب الصادقين.إن هذا إلا طريق الأوغاد أن يسيئوا أولا إلى كلام الله المقدس ونبيه الكامل ويتفوهوا بحقهما كلمات بذيئة، وعندما يبارزون لمنافسة الفيدا بالقرآن الكريم يلزمون الصمت كأنهم غادروا العالم.فليتأمل القراء: ما الذي يمكن أن يكون في الأمر أكثر وضوحا من أننا في حالة المغلوبية نعد بإعطاء ١٠٠ روبية نقدا أما في حالة الغلبة فلا نسأل أي شيء وإنما نتوقع أن تتخذ أي روح طريق الحق نادمة على طريق الضلال.الآن سوف ننتظر متى يتقدم بمثل هذا الطلب لاله مرليدهر المحترم أو أحد إخوته الآريين الحائزين على مكانة علمية متميزة في قومهم.لكي يسود وجه كل جميع كاذب.

Page 157

قوله: وكذلك لم يفهم الإسلام كيفية المادة ولم يعرف العالم المادي؛ أي با هي الأرض والشمس والقمر وغيرهما من الكواكب، فجميع مسائل الإسلام تعارض حقيقة الكرة الأرضية ودورانها وجاذبيتها.ما أقول: إنك على خطأ تماما في فكرتك المتضاربة هذه أيضًا.وإن قولك هذا كذب محض وافتراء أو مقتضى الجهل أو وليد عدم العلم، بحيث تزعم هذه المزاعم بحق تعليم القرآن الكريم.بل كما ذكرت في القرآن الكريم خواص الأرواح وكيفيتها على وجه حق وواقعي، كذلك ورد في القرآن الكريم ذكرُ الأشياء المادية مثل الأرض والسماء والقمر وغيرها على وجه صحيح وواقعي أيضًا، وتوجد فيه أسمى وأعمق أسرار الطبيعة والهيئة والطب ولطائف أخرى للفلسفة التي لم يسبق إليها عقلُ أي حكيم أو فيلسوف.وإذا أردت اختبار ذلك فيمكن أن نسجل في كتاب واحد المسائل من كلا النوعين، أي علم الروح ومسائل علم الأشياء المادية، وذلك بعد استخراجها من القرآن الكريم والفيدا، استجابة لطلبك كما وعدنا بذلك في قول سابق بقصد مقارنة الفيدا مع القرآن الكريم.لكن ذلك بحسب الشرط المذكور آنفا؛ أي كما يجب أن لا نخرج عن القرآن الكريم في بياننا، كذلك يجب أن تنجز مقابلنا مثل ذلك أنت أيضًا.واعلم أن أقوالك كلها سخيفة وادعاء محض.أما الفيدا فلم يستطع أن يميز الخالق من المخلوق، فأنى له بيان الحقائق الأخرى لاحظوا دعوى التناسخ للفيدا ،فقط أي مسألة الولادات المتعددة المختلفة، كم هي تنافي الطبيعة والطب والهيئة.فالذين يرتكبون أشنع

Page 158

12> الذنوب والمعاصي فهم بحسب بيان الفيدا يصيرون ديدانا وحشرات في الولادة التالية، ولا يحظى بولادة الإنسان إلا من كانت ذنوبه خفيفة نوعا ما.فالآن يمكن أن يتأمل الباحث العاقل أنه لو كان هذا الأمر صحيحا للزم أن يكون ظهور الديدان بكثرة تابعا لكثرة الذنوب دوما، مع أن هذا الأمر باطل بداهة، لأنه يلاحظ قانون الله في الطبيعة بوضوح أن أغلبية الديدان والضفادع والحيوانات الطائرة الصغيرة والحشرات الأخرى تتولد في موسم الأمطار.فهل نظرا إلى ذلك يمكن أن يقال إن الناس يكثرون الذنوب في الأمطار فحسب، ولا يرتكبونها في أيام أخرى قط.فانظروا كم تنافي هذه العقيدة علم الطبيعة.وكذلك قد ثبت من بحوث كتب جميع الأطباء في أغلب الحالات أن باختلاط نطفتي الرجل والمرأة يولد المولود ذكرا كان أم موسم أنثى.بينما يقول ديانند بأنه بحسب الفيدا تتسبب نطفة المرأة في الحمل وأن الروح تسقط على النبات كالندى وبتناولها من قبل المرأة يستقر لديها الحمل.لاحظوا كم تنافي هذه المسألة مسائل الطب! وكذلك قد ورد في الأُذن الفيدا أن "إندر" كان سببا لحمل ابنة أحد الريشيين، بل قد ولد نفسه من بطنها.وقد كتب أسلافكم أيضًا أن بعض الريشيين ولدوا عن طريق وبعضهم عن طريق الفم وبعضهم من بطن حيوان آخر.وكذلك ينسب فيداكم مثل هذه الخواص الكثيرة للقمر والشمس، والتي كذبته البحوث الحديثة المعاصرة بكمال الإثبات البديهي.وإذا أردنا اقتباس هذا الموضوع من الفيدا أمامنا الآن والأمور التي تنافي المسائل الثابتة للطبيعة والطب والهيئة

Page 159

التي يزخر بها الفيدا، فسوف يصبح هذا الكتاب ضخما جدا.لذا نؤجل تسجيل هذه الأمور كلها حاليا ونسجلها في الكتاب المستقل الذي وعدنا بتأليفه بحسب الشروط المذكورة آنفا.قوله: إلى اليوم لم يعرف المسلمون كنه القمر وغيره من الأجرام، ومتى يطلع ومتى يغرب، حتى بمناسبة العيد يشكون في أي يوم يطلع الهلال.أقول: من الغنيمة أنكم أدركتم جيدًا حقيقة القمر وغيره! أيها المدرس المحترم لا أعرف ماذا تقصد من مثل هذه الأمور السخيفة التي لا أصل لها.إذا كنت تهدف من مثل هذا الانتقاد أنه جد في العامة يو من المسلمين من لا يعرفون شيئا عن علوم الطبيعة والهيئة فأقول في أي أمة لا يوجد أمثال هؤلاء العامة؟ بل الحقيقة أن التوهم والسذاجة وعبادة العجائب قد ختمت على العامة من الهندوس.فقد نُشر خبر في الجرائد مؤخرا أن أحد الهندوس حين رأى القطار سجد له مطأطئا رأسه وقال : ما أعظم شأنك، أنتِ الإلهة الأم.فهل يمكن أن نقول بحق هؤلاء إنهم شموا رائحة علوم الطبيعة والفلسفة؟ فقل لي أنت أليس أصحاب هذه الأفكار قريبين من الحيوانات؟ فهل يمكن أن نقول بأن الذين يعبدون الشمس والقمر وجميع عناصر الأرض بل الأحجار والأعشاب ملِمُّون بهذه الفلسفة الحقة القائلة بأن هذه الأشياء كلها مخلوقة وتحت سيطرة قدرة الصانع القادر، فلا هي تنفع أحدا ولا تضره؟ وكذلك لا إلمام للخواص من السادة الآريين في كل مكان بعلوم الفلسفة، وهم غافلون عنها نهائيا دعك العامة فانظروا إلى فلسفة عن منهم.

Page 160

الآريين؛ فمن ناحية تقول بأن البقرة - التي هي حيوان كانت بموجب مسألة التناسخ من قوم براهمن في زمن من الماضي، أي كانت سيدة برهمنية، وعقابا على عمل خبيث وهو عند البعض ارتكاب الزنا قد ولدت في صورة البقرة.ثم انظروا كم تحوز المرأة الفاسقة المجرمة نفسها من التعظيم والتكريم عند الهندوس كأنهم سينجون بإمساك ذنبها وإن عظمتها قد سلّم بما لدرجة أنْ لا يُعدّ قتل إنسان أساء إليها ذنبًا بل مدعاة للثواب.فبعض الهندوس حتى في العصر الراهن يقومون بمثل هذه التصرفات السخيفة تباهيا.فقتل الكوكات" عددا من القصابين في أمرتسر بمنتهى القسوة حادث معاصر لم تمض عليه مدة طويلة، أما في عهد حكومة السيخ في البنجاب التي بدأت خلال خمسين عاما الماضية وانتهت فكانت تحدث مثل هذه الوقائع بأمر من الحكام بكل نشاط وحماس.فمن الكتابات في ذلك الزمن وأقوال المطلعين المؤيدة لها نطلع على القضية المؤلمة، وهي أنه نتيجة تعرض هذا الحيوان الجرح بالمصادفة أو نتيجة ذبحها من قبل أحد المصابين بالمجاعة قد تم قتل أكثر من أربعة آلاف مسلم في شتى الأماكن والأوقات في زمن السيخ بمنتهى القسوة وبأساليب ظالمة جدا وإحراقهم وإعدامهم.وظلت مثل هذه العمليات الجائرة جدا تصدر من الهندوس دوما في هذا العهد السيخي الظالم تأييدا لهذا الحيوان النحس حتى سُمعت استغاثة المظلومين عند الله وثار غضب المنعم الحقيقي الا الله على هذا الحيوان وحماتها فسلب منهم وللأبد عنان الحكومة في كل مكان وزمان.وجاء من بعيد بقوم متحضر - كغيث الرحمة- يتمتعون

Page 161

بالقدرات على التمييز بين الإنسان والحيوان والذين كانوا يتمتعون بجدارة بتربية الرعية وتسيير نظام الحكم وإكرام أشرف المخلوقات.وبقيام حكومة أولئك القوم الفاتحين والجديرين بالشكر في البنجاب (أي الحكومة البريطانية)، تخلص جميع المسلمين من هذا العذاب الذي كانوا يواجهونه منذ مدة طويلة على أيدي الهندوس والسيخ كبني إسرائيل، ودماء آلاف المسلمين الشرفاء التي أريقت في هذا العهد الظالم عقابا على الإساءة إلى هذا الحيوان.وكذلك لم يبق أي أثر لأولئك الزعماء الظالمين، فاحمرت الأرض أخيرا من دمائهم أيضًا.أما الغضب الإلهي الذي حل بالبقرة أيضًا ويحل بها إلى الآن وللأبد فغني عن البيان."إن الله ل لا يُخزي قومًا ما حتى يتأذى منهم قلب أحد من أهل الحق".فاعلموا الآن من أي أنواع الفلسفة تفضيلكم حيوانا غير عاقل على الإنسان وعدُّكم إياه نفسه صورة مشوهة لامرأة فاسقة سابقا ثم تكريمكم لها لدرجة أنكم تستعدون لسفك دماء آلاف الناس نتيجة إصابتها بجرح طفيف؟ فإذا بحثتم فلن تجدوا في أي أمة في العالم كله الحماس الهمجي من أجل حيوان كما يوجد في الهندوس من أجل البقرة.فقد سمع بعض البرهمن المتعصبين يقولون إن ذنب البقرة في الحقيقة كان خفيفا، لكن البرميشور عاقبها عقابا شديدا لحكمة ما.فقد يكون فعل الستر هذا وعد البرميشور ظالما ناتجا عن كون البقرة في زعمهم المجنون في الحقيقة أختهم، أي برهمنية.ترجمة بيت فارسي.(المترجم)

Page 162

والبرهمن بحسب الفيدا شعب مختار قد أُعفُوا من عدة أنواع الذنوب.فإذا نطق أي شودر" كلمة مسيئة بحق البرهمن، فقد ورد في كتاب منوسمرت بأن عقوبته أن يثقب لسانه.وإذا كان أحد من الهندوس غير البرهمن لم ينجب، فإن كتبهم الدينية تأمره بأن يرسل زوجته إلى برهمن ليضاجعها فتحمل.وكذلك هناك قرابة ٣٢ حقا غريبا جعلتها تعاليم "الشاسترات" بالتفصيل خاصةً بالبرهمن كما تُحدَّد الأراضي لأصحابها.فلا يخفى ذلك على قراء "منو شاستر" والكتب الدينية الأخرى للهندوس.كما يدعي البرهمن أن كل هذه الأمور مأخوذة من الفيدا وهي واردة في الفيدا.أما بابا نانك المحترم فيعد جميع برانات وشاسترات" "إيشر كرت" كالفيدا، أي كلام الله، كما كتب في غرنتهـ ما تعريبه "إن الفيدا والبرانات والشاسترات كلها كلام الله " فالذين قد انضموا إلى آريا سماج من السيخ وقد وضعوا على رؤوسهم لمما بطول مترين، فقد وجب عليهم أن يعملوا بقول المرشد "باوا نانك" لهم فيعدوا جميع البرانات كلام الله.باختصار؛ لما كان البرهمن حائزين على هذا الشرف وتلك الحقوق بحسب المنوسمرت والبرانات، فقد قام برميشور الهندوس في الحقيقة بعمل سخيف؛ إذ قد عاقب برهمنية على ذنب صغير بهذه العقوبة القاسية.والحقيقة أن هذه العقوبة القاسية تلصق بعدل البرميشور وصمة عار إذ قد عاقب عقوبة شديدة وقاسية بحيث مسخ صورة برهمنية مسكينة فسلَّمها كالأسارى لأناس وهي مجموعات شتى الكتب الدينية الهندوسية.(المترجم)

Page 163

1970.مغرضين وقساة القلوب.فأحدهم يشرب حليبها تاركا ولدها جائعا والآخر يهمه جلدها وعظامها وغيره يضع النير على رقاب أولادها ويضربها ليل نهار، وأحدهم بتحميلها الأثقال يجرحها باختصار؛ يظلمها البعض بطريقة والآخر بطريقة أخرى حتى إن الآريين أنفسهم لا يرحمونها، ويشتغلون في تجارتها كالعبيد، ويسجنونها للأبد، ويمارسون بحقها شتى أنواع القسوة مقيّدة.فلو قارن أحد الأوضاع البئيسة التي تعيشها البقرة مع الأنعام وحيوانات الغابة أو الطيور أو حيوانات البحر لتبين له في الحقيقة بجلاء أن البرميشور قد عاقب البقرة معاقبة قاسية جدا.وإن قلتم إن البرميشور عاقبها بعقوبة قاسية حتى تكون عبرة ولا ترتكب أي برهمنية مثل هذه الفعلة النكراء..فهذا الجواب أيضًا سخيف، لأنه لو كان البرميشور يقصد ذلك لوهب للبقرة لسانا ناطقا كالإنسان لكي تذهب إلى بيوت البرهمن وتنصح أخواتها قائلة: يا أخواتي، انظرن إلى حالي البئيس وإذا ارتكبتن هذا الفعل فسوف تتعرضن أيضا لهذا العقاب أو كان يمكن أن يذكر البقرة، إذا ولدت بصورة إنسان في حياةٍ تالية بكل تلك المصائب حتى لا ترتكب مرة أخرى أعمالا سيئة فلماذا عاقبها البرميشور بهذه القسوة ومع ذلك لم يعطها ولا مرة واحدة لسانا ولم يُطلعها بعد ولادتها بصورة إنسان على المشاكل والمعاناة التي مرت بها قبل هذه الولادة يبدو أنه لم يتم تدارك الإثم أجله كانت ولادة البقرة، بل بسبب كون هذا الإثم مجهولا قد الذي من تقدم نسل هذا الحيوان لدرجة أن انتشرت عشرات الملايين من البقرات في

Page 164

الأرض.فلو لم تصدر هذه الفوضى من البرميشور لما تحقق هذا التقدم الهائل من لهذا الحيوان الشقي.بل كان ينبغي أن لا يبقى أي أثر للبقر على سطح الأرض.لكن حتى الآن يخطر بالبال اقتراح رائع للحد هذه الولادة النحسة، فيمكن أن تتخلص هذه البرهمنية الجديرة بالرحم من هذه الولادة بمحاولات الآريين إن وافقوا على ذلك، وهو أن تُجمع البقرات والثيران كلها من البنجاب والهند في مكان ثم تُقتل بتدبير معين في هذا العالم.بعد ذلك إذا تجاسر برميشور الهندوس على عقاب أي برهمنية بهذه العقوبة القاسية فنحن سنكون مسؤولين عن ذلك.وذلك بشرط أن لا تُحضر البقرات والثيران من جديد من بلد آخر لإبقاء النسل.لأنه لو فعل ذلك الآريون لكان المعنى أنهم أنفسهم يريدون أن لا يتخلص البرهمن أبدا من هذه الولادة المنحوسة.باختصار؛ قد زودناكم بوصفة، لكم الخيار في العمل بها.يستحيي الآريون العقلاء قليلا ويتدبروا إلى أي نوع من الأفكار الجنونية أوصلتهم فلسفة فيداهم؟ فهل هذه هي معرفة الفيدا أن يعدّ حيوانًا امرأةً فاسقة أولا بلا دليل أو حجة ثم يرغب في شرب حليب الحيوان الخبيث الشقي نفسه؟ أيها الإخوة الآريون وهبكم الله الفهم والرشد.عليكم أن تتأملوا قليلا بعيدا عن الغيظ والغضب وتردّوا بالرد العلمي على الاعتراض العلمي؛ فإذا كانت البقرة في الحقيقة امرأة شقية معاقبة فلأي سبب تعتبر مباركة وجديرة بالتعظيم؟ كلا بل عليكم أن تشمئزوا من رؤية شكلها، ويجب أن تخافوها وتتذمروا منها من بعيد، لا أن تتوجهوا إلى الآن ينبغي أن

Page 165

زيارتها كل صباح باعتبارها مباركة.وعند الموت تُقدَّم نفسها نذرا للبرهمن.أن وإذا تعرضت بالمصادفة لجرح بسيط جدا على يد إنسان، فلا ينبغي تصبروا على ذلك حتى تمزقوه إربا.أهذه هي فلسفة فيداكم؟ أهذا ما يسمى معرفة الفيدا؟ أفبهذه المشيخة اعترضت على العامة من المسلمين أنهم لا يعرفون كيفية الشمس والقمر؟ فقل لي بالله عليك إيمانا: هل معرفة قانون الإنصاف وفهمه أولى أم الشمس والقمر؟ إن مسائل فيداكم لم تهتم بشرف البرميشور و لم تميز الفرق بين إنسان وحيوان ولم تعلمكم أي حرف من قانون الإنصاف فحيثما نظرتم وجدتم إجحافا وجورا، وحيثما أجلتم النظر لاحظتم عبادة غير الحق.فأولا أنكر الفيدا كون الله خالقا ورحيما وكريما ثم النجاة الأبدية، وحصر الإلهام عبثا في أربعة ريشيين وعد حرم عباده من نزول الكتاب الإلهامي حقا ثابتا لأهل الهند.ووصفت السنسكريتية لغة خاصة بالبرميشور، ورفض للأبد أن يرتقي جميع المجاهدين والعابدين إلى درجة الملهم والعارف بالله على شاكلة الريشيين الذين نزلت عليهم الفيدات الأربع، وذلك مهما أخلصوا العبادة والعبودية لله.فهل هذه الأمور صدرت من قانون العدل؟ فهل يمكن أن يعد منزل هذه التعاليم منصفا وعادلا؟ فهل ينسجم عند أي عاقل مع شأن الكرم الإلهي أن يجعل النبوة وتلقي الإلهام حكرا على أربعة ريشيين من الهند فقط؟ ويحرم منه للأبد سائر عباده المقيمين في بلاده العامرة والواسعة.كيف نتوقع حقائق أخرى من الكتاب الذي علّم قانون العدل هذا؟ فالهدف الحقيقى من معرفة الشمس والقمر

Page 166

وسائر الأجرام والأجسام في نظر جميع العارفين أن يؤدي التدبر في هذه المصنوعات إلى التفكير في الصانع الحقيقي.أما الدين الذي أنكر كونَ الله صانعا كاملا فماذا يستفيد أحد أتباعه إذا نال نصيبا من علوم الطبيعة والهيئة وغيرهما من العلوم.إنما القرآن الكريم وحده يضم البركات إذ استخدم جميع هذه العلوم من الطبيعة والطب والهيئة وغيرها لمعرفة الله.فالحقيقة أن هذه العلوم نافعة للمسلمين ولا تنفع الآريين الذين رفضوا أن يكون الله خالقا.الآن نقول مرة أخرى عودًا إلى صلب الموضوع إننا إلى الآن قارنا بين الأفكار العلمية لعامة المسلمين وعامة الهندوس ردا على قول المدرس مرليدهر المحترم.أما إذا كان يقصد من انتقاده أن المسلمين عموما لا نصيب لهم من علوم الطبيعة والهيئة وأن كل هذه العلوم إرث للهندوس فقط، فسوف تعرض هذه الإثارة المدرس الخجل أكثر.فأهل الإسلام قوم رُغْبوا في عدة مواضع من القرآن الكريم في أن يمارسوا التفكر والتأمل ويسعوا للاطلاع على جميع عجائب الصنعة التي تزخر بها السماوات والأرض.فقد قال الله في القرآن الكريم في وصف المؤمنين: (يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا،...فالمؤمنون يتفكرون في عجائب خلق السماوات والأرض،..وعندما تنكشف عليهم لطائف الصنع الإلهي يقولون...أي أن المؤمنين المتميزين لا يقصدون من معرفة الصنع وتلقي علم الهيئة كعبدة ۱ آل عمران: ۱۹۲

Page 167

الدنيا أن يكتفوا مثلا بمعرفة هيئة الأرض وقطرها وكيفية جاذبيتها وعلاقاتها بالشمس والقمر والنجوم.كلا! بل يتنبهون إلى الصانع ويقوون إيمانهم بعد معرفة كمال الصنعة واكتشاف خواصها.ثم يقول في آية أخرى: الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ، فالملاحظ كم تحت هذه الآيات المسلمين على تلقي العلم والحكمة، كما ورد في الحديث النبوي الشريف أيضًا طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، غير أنه من الحق أن الله يا الله لتيسير أحكام الدين وتسهيلها قد أخبر الناس بالطريق القويم والسديد، ولم يعرضهم عبثا للأمور الدقيقة والمعقدة.أي لم يأمرهم مثلا بخصوص بدء الصيام أن لا يثقوا بالرؤية مطلقا أن وينبغي يغمضوا العيون ما لم يتأكدوا من قواعد النجوم الظنية أن الشهر ٢٩ يوما أو ٣٠.فالواضح أن الطلب من الناس أن يتمسكوا دوما بالحركات الدقيقة للنجوم يعدّ إزعاجا دون مبرر وتكليفا لا يطاق.كما من البين الواضح أن في مثل هذه الحسابات تحدث أخطاء دوما.فالأمر البسيط والمناسب لفهم العامة أن لا يبقى الناس محتاجين إلى المنجمين وعلماء الهيئة، فليجعلوا مدار معرفة طلوع القمر على رؤيتهم وإنما يجب أن يراعوا علميا أن لا يتجاوزوا الثلاثين.كما ينبغي أن تتذكروا أن الرؤية تفوق القياسات الرياضية عند العقل، إذ أن فلاسفة أوروبا أيضا حين وجدوا الرؤية أكثر ثقة فببركة هذه الفكرة الطيبة تمكنوا بتأييد القوة الباصرة من ابتكار أنواع البقرة: ۲۷۰

Page 168

الآلات مثل المنظار والمجهر.وبواسطة الرؤية فقط قد اكتشفوا خلال أيام قليلة الحقائق حول الأجرام العلوية والسفلية التي لم يكتشفها الهندوس المساكين خلال آلاف السنين بقياساتهم وتقديراتهم.أفرأيت كم تضم الرؤية من البركات فلتأسيس نيل هذه البركات رغب الله الله في الرؤية.فتأمل قليلا لترى أنه لو كان أهل أوروبا أيضًا قد عدّوا الرؤية كالهندوس شيئا باطلا غير نافع، واعتمدوا على الحسابات القياسية، التي كتبت بالجلوس في الحجرات المظلمة، لما تمكنوا من اكتشاف هذه المعلومات الجديدة والحديثة عن القمر والشمس والنجوم الجديدة نكتب هنا مكررا أن انظروا بفتح العيون كم تزخر الرؤية بأنواع البركات وكم من نتائج رائعة تظهر منها في نهاية المطاف! بالإضافة إلى ذلك فإن الفكرة بأن المسلمين لا حظ لهم من تحصيل علوم الطبيعة والهيئة نهائيا منذ الأزل، ناتجة عن التعصب، بحيث ينبغي أن ويندم كثيرا إذا تحلى بالإنصاف قليلا.أما أنا فلا حاجة لي أن أطيل القضية لأثبت الفضائل العلمية للمسلمين، بل أكتفي بكتابة بضعة أسطر فقط كتبها "أيف جون ديفون بورت" المحترم في كتابه الذي تُرجم وسمي الإسلام" وهي: بهم عبارة الصفحة ۹۲ - ۹۸ من كتاب جون بورت ب يستحيي "مؤيد "لقد قال موشيم (Mosheim) أنه قد تقرر في رأي المؤرخين الموثوق أن أوروبا كانت غارقة في قعر الجهل حتى القرن العاشر.فمن المؤكد

Page 169

أن العرب في ذلك العصر (أي أهل الإسلام قد فتحوا مدارس عدة في إسبانيا وإيطاليا التى كان آلاف الطلاب المسيحيين يتلقون فيها علوم العربية والفارسية والطب، ومن ثم كانوا يُروّجون هذه العلوم- التي تلقوها في المدارس الإسلامية في المدارس المسيحية.يجب أن نقر بأن جميع أنواع العلوم مثل الطب والطبيعة والفلسفة والرياضيات التي بدأت في القرن العاشر في أوروبا، كلها في الحقيقة تم تلقيها من المدارس الفلسفية للعرب من المسلمين وخاصة يعدّ المسلمون الإسبان مؤسسي الفلسفة الأوروبية.فقد حقق المسلمون التقدم العلمي أيضًا بسرعة كما فتحوا هذه البلاد بسرعة.فمن إشبيلية إلى أصفهان قد انتشرت علوم العرب بسرعة فائقة.وقد نال طب العرب رواجا سريعا في بغداد والكوفة والقاهرة والبصرة وفاس والمغرب وقرطبة وغرناطة وفلنسيا وإشبيلية الحقيقة أن العرب المسلمين قد طوروا جميع العلوم من جديد ونفخوا الحياة من جديد في علوم اليونان والرومان ومن القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ظل يُكسب هذا النور من علوم العرب وأفضالهم، ونُقل أهل أوروبا من ظلمة الجهل إلى نور العلم والعقل.فلو لم يفتح الخليفة الثامن "عبد الرحمن" المدارس والمكتبات في إسبانيا لما استفدنا من علوم العرب حتما.لأن مدارس بغداد وبخارى والبصرة كانت مشهورة جدا، لكنها كانت بعيدة جدا لدرجة أن الطلاب الأوربيين كانوا يواجهون مشكلة عويصة للوصول إلى هناك.فلم يكن دين الإسلام ميالا إلى نشر العلوم في زمن تقدمه

Page 170

فحسب، بل كان ميالا إليها منذ البداية مقارنة بالأديان الأخرى.لقد قال النبي روح.(صلى الله عليه وسلم نفسه بأن الإنسان بلا علم كالجسد بلا " كل هذا الكلام لجون بورت المحترم بنصه، وسجلناه ليطلع عليه المدرس المحترم وزملاؤه فهو يتضمن شهادة محكمة للمنصفين على أن المسلمين قوم يحبون العلم وقد أودعت فطرتُهم وسجيتهم العلم والمعرفة.ويُقر أهل أوروبا بأنهم تلاميذهم رغم إحرازهم الفضائل العلمية الهائلة.ثم ينبغي أن تلاحظوا أن الأستاذ ديفون بورت نفسه قد مدح القرآن الكريم في الصفحة ٧٢-٨٣ من كتابه نفسه بالكلمات التالية: "إن المسلمين يعظمون القرآن الكريم تعظيمًا لم يلاحظ النصارى التكريم مثله لإنجيلهم.لم يرد في القرآن الكريم ذكرُ الأحكام الدينية وتهذيب الأخلاق فقط، بل قد قال "جيبون" (Gibbon) المحترم إن القرآن الكريم يُعد مجموعة القوانين من المحيط الأطلسي إلى نهر الغانج.ففي القرآن الكريم قوانين مدنية وجنائية ومعاملات.كما يحتوي القرآن الكريم على مسائل نجاة الروح والحقوق العامة والحقوق الشخصية ونفع الخلق.ومن جملة محاسن القرآن الكريم التي ينبغي أن يفتخر بها المسلمون أمران رائعان جدا: أولا أسلوب البيان الرائع لذكر الله الذي يؤثر في المستمع إليه ويصيبه بخشية.وثانيا تنزه القرآن الكريم من جميع الأفكار التي يمكن أن تعدّ معادية للتحضّر.وجميع معتقداته من نوع لا يعارض أي منها العقل.لكن

Page 171

المؤسف أن هذه العيوب توجد بكثرة في كتب اليهود المقدسة.إن الإسلام دين يتفق على مبادئه الجميع وليس هناك أي أمر يتعذر على الفهم ويحتاج للإكراه." هذا ما قاله الأستاذ جون ديفون بورت عن القرآن الكريم، وكذلك يقول الأستاذ كارليل في الصفحة ۲۱٤ من الجزء السادس لكتابه أنه يتبين من قراءة القرآن الكريم بجلاء أنه كلام الصادق وزاخر بالصدق.لاحظوا الآن كيف يُقر كبار فلاسفة أوروبا - الذين ولدت في بيوتهم علوم الطبيعة والهيئة والذين يعرفون كيفية الشمس والقمر وغيرهما من الأجرام أكثر منكم ويستوعبونها- مادحين بأن مسائل القرآن الكريم معقولة، وكيف يُقرون بوضوح وبنقاء طبعهم بأن مسائل القرآن الكريم لا تنافي أبدا العلوم العقلية، وليس فيها أي معتقد يُفرض قبوله عنوة.فإذا كان أولئك الذين يُعَدّون عشاق الفلسفة يشهدون بجلاء على روعة أساليب القرآن الكريم الحكيمة، وأنكرت أنت أيها المدرس المحترم أو أحد إخوتك- الذين تفتحت عيونكم قليلا نتيجة قراءة علوم هؤلاء الذين هم معلموكم وأساتذتكم- فضائل القرآن الكريم، فماذا يضر ذلك القرآن الكريم؟ بل الحق أنه لو أنكر جميع المعرضين من آسيا وأوروبا كلهم فضائل القرآن الكريم لما كان هناك أي ضرر له فالشمس شمس في كل حال سواء أقر بضوئها أحد أم لا.أما العلماء والأفاضل من أوروبا فهم جديرون بالمدح Thomas Carlyle.(المترجم)

Page 172

لما أدلوا بالشهادة الحقة للقرآن الكريم بتأليف عشرات الكتب.وينشأ حب الإسلام رويدا رويدا في قلوب سائر العقلاء والفلاسفة باستثناء بعض القساوسة المزعومين الذين يتقاضون الرواتب على عناد الإسلام.أما أنتم فماذا أقول لكم وماذا أكتب وماذا أسجل حيث تنتقدون بغير حق وبلا مبرر بدافع العناد والبخل المحض.ومثلكم في هذه الاعتراضات في الحقيقة كمثل شخص يجهل علم القوافي والعروض ولا إلمام له بتقطيع الشعر، ولا علم له بربط المعاني والكلمات وهو عديم العلم تماما بتصحيح الأوزان ومعرفة الزحافات في اللغة بل هو محروم مطلقا من معرفة اللغة أيضًا، ثم يدعي بأن السعدي والحافظ الشيرازي وظهير والفارابي والفردوسي والطوسي وأنوري والسنائي وغيرهم من الشعراء المشهورين كانوا عديمي المعرفة وغير ملمين بفن نظم الشعر وفهمه وكانوا محرومين مطلقا.ويحتج على ذلك بأنه لم يفهم كلامهم! فهذا هو حالكم رحمكم الله ! قوله: إن الذين يدركون حقيقة الروح والمادة يعرفون جيدا أن هذا الفعل الطبعي الذي يسميه المرزا المحترم "تركيبا فقط بكلمات كاذبة وحقيرة، لعمل عظيم وجبار لدرجة أن لا يقدر عليه غير عالم الغيب والشهادة أحد مائة ألف صانع أن يعلم كيف والحكيم الكامل، وليس في وسع من صُنع حتى أصغر جزء منه دع عنك صنعه بكامله.إذا كان هذا العمل حقيراً لهذه الدرجة إذ يسميه المرزا المحترم مجرد تركيب، فعلى المرزا المحترم، أو شخص آخر يدعي نفسه مثل ذلك أو كان يعده المرزا المحترم قويا في رأيه،

Page 173

أن يصنع حبة قمح أو حبة دخن فقط ناهيك عن صنع أشياء عملاقة كالسيارات مثلا، أو يشرح لنا شيئا من مبادئ صنعها وتركيبها.أقول: ويحك أيها المدرس إلى أين انسللت ليتك فهمت سؤالي أولا بإمعان النظر فيه.لقد ختم عليك فهم الحديث فمتى وفي أي وقت قلت لك إن أحدا آخر أيضا يقدر على أي صناعة مثل الله القدير، أو يمكن أن يشابه أي صنع من أعماله الله الا الله إنما هذا المعتقد لكم أنتم واعترضتُ عليه، أي أنتم تقولون بأن تقولون بأن جميع الصناعات التي تظهر من عالم الغيب، والتي ينسبها العقلاء إلى الصانع الكامل والقادر الحكيم والحي القيوم باعتبارها متعذرة على أي ناقص، لم تصدر كل أعمال الصنعة تلك على حد زعمكم من يد الله الخالق الكامل والقادر وإنما هو قام بالتركيب فقط، أما بقية أعمال الحكمة والصناعة وأنواع الخواص العجيبة التي توجد في الأرواح والأجسام فهي بحسب زعمكم منذ القدم ومن تلقاء نفسها وليس لها أي موجد وخالق ولا هي بحاجة إلى أي خالق.وكنت اعترضت على عقيدتكم هذه ولذلك طلبتُ منك الرد، أي ما دمتم آمنتم بأن وجود الأرواح التي توجد فيها الصناعات العجيبة والخواص، وهي إجمالا تحتوي على عجائب العالم كله من تلقاء نفسها دون أي خالق، فلماذا مست الحاجة إلى وجود البرميشور لمجرد التركيب الذي هو فعل أدنى درجة.فتأمل: هل كان من المناسب أن تكتب ردا على ذلك ما كتبت؟ أنا أستغرب أنك لأي هدف وأي قصد أثرت هذا النقاش بأنه لا أحد يقدر

Page 174

على خلق حبة من القمح أو الدخن دون البرميشور.فأنا أسألك أنه إذا كان أحد من الناس عاجزا عن خلق حبة من القمح أو الدخن، فهل يقدر هذا الرجل نفسه على القيام بأعمال الحكمة والصنعة التي توجد في الأرواح؟ فما دام أحد من الناس لا يقدر على منافسة الأرواح أو الأجسام في أعمال عجائب الحكمة وغرائب الصنعة التي توجد فيها وتستدل من تأليف الأجسام أي تركيب الله لكون هذا العمل عديم النظير، على وجود صانع هذا الفعل، وتستدل من الدليل نفسه أي من تأليف الأجسام ضرورةً المؤلف فلا بد لك من أن تسلّم بوجه أولى بحق الأرواح أيضا أن هناك أيضا حاجة إلى موجدها؛ ذلك لأن الشيئين إذا كانا على صورة واحدة و شكل واحد فلا بد من إطلاق الأحكام نفسها على كليهما، وإلا سيتحتم الترجيح بلا مرجح، ثم إذا قبلت في موضع أن هذه الأعمال بلا شك عديمة النظير وتفوق قدرة البشر، ومع ذلك هي من تلقاء نفسها ولا تحتاج إلى برميشور لصنعها، فأنى لك أن تقول في موضع آخر بحق الأعمال من النوع والشكل نفسه إنها بحاجة إلى البرميشور دونما سبب؟ فالواضح أنه إذا كانت هناك حاجة لبرميشور فستكون في الأعمال من كلا النوعين.وإلا فلا يجوز التسليم بالحاجة في أحد النوعين من الأعمال.فما هذا التعنت وما هذا المنطق بحيث تدعي بخصوص تأليف الأجسام أن ما ظهر من الله من تأليف الأجسام هو عديم النظير ولا يقدر الإنسان على صنع مثله، ولذا تثبت من هذا التأليف ضرورة المؤلف، لكنه حين يقال لك بأن عجائب القدرة المودعة

Page 175

في الأرواح هي الأخرى عديمة النظير وتفوق القوى البشرية فإنك تعرض عن ذلك.فهل ينبغي أن يبكي أحد على فهمك هذا أو يضحك؟ إذ عندما تنظر إلى شيئين يستحقان أمرا واحدا على حد سواء، تعد أحدهما ليس من خلق البرميشور، والشيء الثاني الذي هو أدنى درجة وعمل مؤقت، تنسبه إلى البرميشور.لكنه لن يحدث ولن يؤيد أي نوع من الحجة مطلبك هذا أن نصف الجسم من العالم كله يكون من تلقاء نفسه ويكون النصف الآخر محتاجا إلى البرميشور.أما ما قلتُ آنفا إن عملية التركيب أمر بسيط وأدنى درجة وإنما كتبته لأنه بمجرد التركيب لا تنشأ أي ميزة جديدة.بل تظهر وتتجلى ميزات الأرواح والأجسام نفسها التي كانت كامنة في الأرواح والأجسام سلفا.فمثله كمثل الصورة التي حين توضع وراء زجاج نقي فإن ملامح تلك الصورة تظهر بمنتهى النقاء والروعة، فليس صحيحا أن وضع الصورة وراء الزجاج يخلق فيها ملامح إضافية من عنده لم تكن فيها من قبل.كلا بل الملامح التي كانت موجودة سلفا في تلك الصورة وكانت قد رسمت بيد الرسام فإنما الزجاج يجليها نفسها ويوضحها.وهنا أقول: إذا لم تكن في أجزاء الأجسام الصغيرة ميزة الانجذاب إلى الاتصال، التي بسببها تعيش معا فما الذي كان بوسع برميشورك الذي ليس خالق الأشياء وخواصها؟ فلو لم تكن أجزاء دقيقة للشمس التي هي من عند نفسها على زعمكم تتميز ذاتيا بميزة الإضاءة، فكيف كان يمكن لبرميشور أن يجمعها ليصنع منها النير الأعظم، أي الشمس ؟ فليكن معلوما أن الله الله إذا حد

Page 176

لم يكن يتمتع بالقدرة على الخلق أي لم يخلق جميع الأشياء ومزاياها من العدم المحض، فإن توظيف الخواص الموجودة سلفا، بمجرد ابتكار بعض التراكيب، ليس عملا عظيما.فالصناع من الناس أيضا يبتكرون أنواع التراكيب والصناعات من علمهم بالخواص، وإنما الفرق أن الذي عنده علم حاشية: قد اطلع العقلاء إلى الآن على خواص الأرواح وخواص الأجسام والأوضاع لحد ما، واخترعوا مئات الأشكال والتركيبات الرائعة استعانة بعلوم الطبيعة والهندسة.وبقدر ما يزيد علم الإنسان يحرز القدرة أكثر في اختراع الصنائع، فتسيير القطار بقوة البخار واختراع البرقية وإيجاد تراكيب المطبعة كم هي اختراعات مفيدة ينتفع بها بنو آدم كلهم.كذلك قد ابتكر الإنسان مئات الأنواع من الأدوات في الأعمال البسيطة الأخرى، فكل أنواع الساعات الرائعة التي تخبر عن الوقت تلقائيا وآلة الخياطة والطاحونة وأدوات نسج القماش وصناعة التثليج وأداة معرفة كمية الماء في الحليب والصندوق الكهربائي والمروحة التي تتحرك من تلقاء نفسها والطاووس الذي يمشي ويتجول ويرقص مثل الأحياء والدجاج والحصان اللذان يسيران بالمفتاح، وكذلك المعز والكلب اللذان يمشيان بالمفتاح، وكراسي الموسيقى التي إذا ضبطناها تعزف الموسيقى لمدة معينة، ومثلها هناك مئات الأدوات الصغيرة والكبيرة التي اخترعها الصناعون المعاصرون وهي متوفرة في محلات تجار بومباي وكلكوتا ومعظم المدن الأخرى.ومعظم الصناع في أوروبا إذا فقدوا أي سنّ أو جفن أو رجل أو شعر فيمشون الحال بتغيير السن والجفن والرجل والشعر بوضع أعضاء صناعية مكانها.وكذلك بعض الحكماء صنعوا قمرا وأطلعوه واستخدموا نوره لحد ما، كما صنع الآخرون طيرا وأروا أنه يطير لحد ما بالمفتاح، وبعضهم اخترعوا طريقة لإنزال المطر وأنزلوا المطر في دائرة محدودة، وكذلك صنع الإنسان أنواع الأزهار والفواكه واللآلئ والجواهر الأخرى التي تحير الناظرين إليها.و لم تنته هنا صناعة الإنسان؛ لأنه قد خُلق لإحراز ترقيات غير محدودة، وهو يسعى لإحرازها لأنه مشغول بها بفطرته.منه

Page 177

١٦٣ أكثر بخواص الأشياء فقد اخترع التراكيب أكثر.أما من قل علمه، فقل ما اخترعه من تراكيب.باختصار؛ مما لا شك فيه أن بني آدم أيضا قاموا بأعمال محيرة جدا.وحيثما عثروا على خاصية جديدة للأشياء المادية وأشكالها وأوضاعها أو اختلاطها وامتزاجها، فقد اخترعوا بواسطتها جهازا أو أداة.فالعالم كله يبدو عامرا بعجائب صنع الإنسان.فإذا ألقيتم- جالسين في بيوتكم- نظرة على جميع الضرورات وأثاث البيت بدءا من العقار غير المنقول إلى كل شيء يمكن نقله، لعلمتم أن جميع الأشياء التي تفيدكم في أمور المعيشة هي مصنوعات البشر.وكذلك لا تخفى على السياح والمطلعين الآلات التي ابتكروها بفكرهم وتدبرهم للسفر في البر والبحر.إن ما أريد أن أقوله هنا هو أن ميزة برميشور الهندوس أيضًا تنحصر في اختراع الصناعات بتعديل وتركيب خواص الأشياء المادية وغير المادية التي يعرفها.وهذا الأمر ليس ذا قيمة كبيرة، وفي هذه الحالة عرفنا حقيقة ألوهيته كلها وتبين أن الفرق بينه وبين الإنسان هو التفاوت في العلم حصرا، ومن الممكن يصبح الإنسان أيضا برميشورا بقطع أشواط التقدم في العلم.فكما تملك النحلة ميزة صنع العسل بذكاء لدرجة أنّ الإنسان لا يقدر على صنع العسل مثلها، ثم إذا كان برميشور الهندوس أيضًا لا يملك القدرة على الخلق، وفي هذه الحالة لو كان مجرد تركيبه كالنحل عديم ،النظير فأي كمال في ذلك؟ فلا ينخدعن أي غير عارف هنا أن أتباع آريا سماج يسلمون بأنه البرميشور ليس قادرا على الخلق، إلا أنه من خلال تركيب الأرواح أن مع أن

Page 178

والأجسام يصنع أنواع الأشياء المفيدة، وكما خلق القمر أو الشمس أو مهد الأرض بروعة ووهب الإنسان عيونا وأنفا ووهب له قوة الشم والنطق، أفلا تثبت إذن قدرته من عجائب الأعمال هذه؟ فجواب ذلك أن كل ذلك يتوقف على السعة العلمية، أما القدرة على الإيجاد التي هي عبارة عن خلق شيء وميزته من العدم، فلا تتحقق من هذا القدر من الأفعال قط.بل هي تثبت فقط في حالة التسليم أيضًا بأن الله ليس مركب الأشياء فقط بل هو خالق هذه الأشياء كلها وجميع خواصها أيضا؛ لأنه إذا لم نسلّم بذلك وحصرنا قدرة الله وصلاحيته في تركيب بعض الأشياء مع بعض وإظهار خواصها الأصلية، فمن ذلك تثبت كثرة معلوماته فقط لا القدرة الكاملة، وذلك لأنه إذا تم التسليم بأن جميع الأشياء قديمة ومن تلقاء نفسها فلا بد من الإيمان بأن خصائصها أيضًا التي تكمن فيها في حالة الانفصال، أو تظهر في حالة التركيب بجلاء ووضوح- هي الأخرى كلها قديمة، سواء اطلعنا عليها أم لم نطلع.فالعين التي خلقها مثلا بطريقة عجيبة فلا يُتصور أن ميزة الرؤية حصلت بعد ظهور تركيبها الإجمالي فقط، بل الفلسفة الصحيحة في ذلك أن النتيجة التي ظهرت بعد التركيب الإجمالي أي الرؤية كانت تكمن في جميع الأجزاء التي تشكلت في صورة رطوبات وطبقات وعصبة محوفة وغيرها، التي يعدُّها الآريون قديمة وغير مخلوقة وفوق قدرة البرميشور.فقد سلّم بذلك البانديت ديانند أيضًا في تفسيره للفيدا وأظهر فكرته أنه لا يمكن الخلق من العدم قط.فإنما يظهر ما هو موجود سلفا، وأما الذي هو

Page 179

170 غير موجود فلا يحدث قط.فقد سلم هنا بنفسه أنه لا شيء جديد يتحقق إثر تركيب الأشياء؛ بمعنى أنه كان معدوما محضا فظهر إثر التركيب.وإنما تظهر الخواص القديمة التى كانت كامنة منذ البدء في كل الأجزاء باستقلالية.الآن حين ثبت أنه لا تظهر الخواص إثر التركيب إلا ما كانت كامنةً من قبل في كل شيء على حالها.ففي هذه الحالة يمكن أن يفهم القراء أن البرميشور إذا صنع مثلا عين الإنسان في جسمه والأجزاء المفيدة للعين كانت موجودة على حالها من قبل، فجمعها في موضع فأي عظمة تكمن في مثل هذا الصنع.لأن جميع الأجزاء التي كان يمكن أن تُصنع بها العين كانت موجودة سلفا، وإنما كان ظهور تلك الميزة يتوقف على تركيب معين ووضع خاص، فاطلع البرميشور نتيجة سعته العلمية على ذلك التركيب المعين والوضع الخاص وأظهر تلك الميزة القديمة الموجودة سلفا دون أن يخلقها هو.فإذا كان منصب البرميشور وجدارته تتوقف على إظهاره خواص الأشياء إثر تركيبها في صور معينة نتيجة اطلاعه الواسع عليها فأي فرق بارز بقي بينه وبين الصناع الآخرين؟ وإنما الفرق أنه أكثر منهم حرفة بينما الآخرون إخوته الصغار.قوله : أما المادة فهي ) تملك الإرادة أو القدرة على التحرك.باختصار، إنهما الروح (والمادة الموجودتان في العالم والتي قال عنهما المرزا المحترم على لسان ،ملحد أنهما يمكن أن يتركبا مع بعضهما تلقائيا، قد ثبت أن كلا منهما عاجزة عن التركب مع بعض وتجهل التألف على عكس ما قاله المرزا

Page 180

المحترم.وفي حالة كون كلِّ منهما أزلية غير مخلوقة لا يتم تركيبها من تلقاء نفسها.ومن هنا تثبت الحاجة إلى ثالث عظيم الشأن ليركبها، وهو الذي أسميه "سجدانند سروب" ويسميه المرزا الله الله أقول : أيها المدرس المحترم ماذا أقول وماذا أكتب عن فهمك وإدراكك، فقد رقدت ولا تكاد تستيقظ وقد أرهقنا إيقاظك.يا صاحبي، إنما كان سؤالي أنه إذا كانت كل من الروح والمادة الجسمية، التي تزخر كتب الفلسفة بخصائصها الذاتية، من تلقاء نفسها على حد زعمكم، فلماذا تعدّ بقية الأشياء التي لا تفوق في صنعها وجود الروح والمادة المليئة بالحكمة والعجائب محتاجة إلى صانع؟ فأجبت على ذلك أن التركيب لا يتم تلقائيا دون البرميشور فمعنى ذلك أنك تعتقد بأن الخلق يمكن تلقائيا دون الله، إلا أن التركيب لا يتأتى دون الله.فإنما اعتراضي هو على دينك هذا، وأسألك هل الخلق أكبر أم التركيب؟ فالواضح أن الخلق هو أعظم وأكبر عمل.فلما قبلت عقولكم العجيبة أن جميع الأرواح والمواد بخواصها وعجائبها قديمة ومن تلقاء نفسها دون أن يخلقها أحد فيجب عليكم أن تقبلوا أيضا أن بعض الأشياء يمكن أن ترتبط ببعضها من تلقاء نفسها.لأن التركيب عمل تافه بالمقارنة مع خلق الأشياء أصلا.فهو أولى أن يتحقق من تلقاء نفسه.أما أنا فلا أؤمن بأن التركيب أو الخلق يمكن أن يتم تلقائيا دون الخالق، حتى تقول لي مرة بعد أخرى أن أخلق لك حبة قمح أو دخن.إنما أرثي لدينك أنه إذا كان خلق حبة من القمح أو الدخن تلقائيا مستحيلا ولا يستطيع أن

Page 181

التي يخلقها أحد من البشر، فكيف يمكن أن تعدّ ملايين الأرواح وأجزاء الأجسام لا حصر لها مخلوقةً من تلقاء نفسها.تأمل وتدبر أنك سوّدت أوراقا كثيرة و لم تبين أي دليل على كون هذه الأشياء من تلقاء نفسها.فلما آمنت بلا دليل بأن جميع الموجودات المليئة بالحكمة في العالم من تلقاء نفسها دون أن يخلقها البرميشور، فلماذا لا تطبق الفتوى نفسها على تأليف الأجسام، أي التركيب؟ لا شك أن الأمر الواقع والذي لا يرفضه أي عاقل هو أن أفعال الله له الا الله عديمة النظير.أما أنتم فمتى ترونها عديمة النظير.فالوصمة على فيداتكم أشنع من بقعة سوداء؛ فالذات التي ينبغي أن تعد مبدأ جميع الفيوض قد جعلتها، إثر الحطّ من شأنها تدريجا، رديئة بحيث مرغتها بالتراب.تدبروا أيها السادة الآريون، تدبروا، أليست فيكم روح تتأمل قليلا بتطهير القلب من شوائب التعصب.تأملوا في السؤال: ما الذي يسمى الربوبية؟ افحصوا باهتمام ما الذي يسمى إلها؟ وما معنى القوم والقبيلة؟ فلا أحد يزر وزر : غيره، تعالوا فاتقوا الله ولا تقولوا قولا يؤدي إلى الإساءة إلى ذي القدرات الهائلة.ألا تستحيون قليلا من الادعاء بأن أرواحكم، بل كل ذرة من أجسامكم، من تلقاء نفسها كالبرميشور؟ لقد تبين الحق وأقيمت الحجة عليكم أنكم مخلوقون، فلا تفرّوا من أن تكونوا عباد الله.الله قوله: يمكن أن يقدّم أي ملحد عذرا أن التركيب ليس من بل قد حدث مصادفة.لكننا نقول إن حدوث التركيب مصادفة ليس من طبع المادة لأنها لا تقدر على التحرك.أما الروح فإذا كانت يمكن أن تتركب مصادفة

Page 182

فيجب أن يظهر نموذج ذلك.ولو قدم الناس الطريقة الموجودة إثباتا لهم (أي صحيح أن أحدا لم لو قالوا: من الذي رأى البرميشور يركب؟ بل كل ما يحدث فإنما يحدث من تلقاء نفسه بالطبع، وهذا كاف نموذجا) فجواب ذلك أنه ير البرميشور يركب، لكن في الأشياء التى تترابط مصادفة لا يكون النظم والصنعة والارتباطات لازمة كما هي موجودة الآن.فثبت أن تركيب هذه الأشياء ليس من تلقاء نفسها، بل إن مركبها منظم كامل القدرة.أقول: أيها المدرس المحترم، لماذا أثرت القضية مع الملحدين، أي منكري الله وجود في الحقيقة أنتم تؤمنون أن كل ذرة من الأرواح والأجسام هي وليدة المصادفة، وأن الله لم يخلقها في زمن ما.إذن لما سلمت شخصيا بوجود كل ذرة من الأرواح والأجسام تلقائيا بالمصادفة، فقد أصبحت تدعم الملحدين، وينبغي أن يشكروك على ذلك.وأي داع لإثارة النزاع معهم وما سبب النقاش؟ فمن ذا الذي يخاصم صديقه الصادق وحبيبه الموافق؟ لقد ورد في كتاب أن شخصا خرج من مكان بعد ارتكاب الزنا أو شرب الخمر، فلعَن الشيطان فور خروجه، وكان الشيطان واقفا بجنبه، فقال له بمنتهى اللطف والرفق أيها الأخ، أنت في الخفاء تتفق معي وتساعدني وتطيعني وتعمل بحسب رضاي، فلماذا تلعنني في الظاهر وتسخط علي؟ وهذا هو حال أتباع آريا سماج حيث إنهم في الحقيقة يبذلون قصارى جهدهم لنشر أفكار الملحدين، ومن هذا المنطلق ينبغي أن يُعدّوا خادمين

Page 183

بارعين للملحدين، إلا أنهم في الظاهر عاتبون على الملحدين.فهذا العتاب من نوع بيناه في المثال المذكور آنفا فالأمر الذي كان عين مطلب الملحدين الأشياء وكان مبتغاهم الحقيقي، أي الإعلان بأن الله لم يخلق شيئا..بل جميع قديمة وغير مخلوقة مثل الله قد سلّم به هؤلاء أنفسهم وعدوه أساس دينهم.فما الذي بقي بعده؟ فقد تم ابتلاع الجمل كله، أما الذئب المتبقي فأي مشكلة في دخوله.ينبغي أن تناقشوا المؤمنين بالخالق الحقيقي برفقة إخوتكم الملحدين ويجب أن تستعينوا بهم، كما قد لوحظ أيضا أن بعض الآريين يستشيرون الملحدين مضطرين، وذلك لكي يفوزوا بأي دليل على كون العالم من تلقاء نفسه وغير مخلوق.لكن يا أيها المدرس، مهما أنكرتم ولو ألف مرة كونَ العالم غير مخلوق لكننا لن نرضى إلا أن نجعلكم عباد الله.فإلامَ وحتامَ تهربون؟ وأين المفر؟ فأي أثر تركه خطابك المذكور آنفا في اعتراضنا؟ إلا أنكم اعترفتم بقولكم بأن الأشياء التي توجد فيها الصناعة والنظام والعلاقات الضرورية لا يمكن أن تكون من تلقاء نفسها.فانظروا أن جاذبية الاتصال توجد في الأجزاء التي لا تتجزأ، ولذلك لا تتفرق أجزاء أي جسم بدون قسر قاسر.وإن جاذبية الاتصال أساس للعلاقات الضرورية؛ لأنه لو لم توجد قوة الاتصال في الأجزاء التي لا تتجزأ، لكان نشوء العلاقات المتبادلة في أجزاء الجسم والتصاق بعض الأجزاء بالآخر والدوام على الاتصال ممتنعا ومستحيلا.فقد بينا شيئا من صنعة الصانع وبراعته التي توجد في الأرواح، وفي المستقبل أيضًا سنبينها في مناسبة ما بإذن الله.وكما

Page 184

أي أودع الله قوة الاتصال في الأجزاء التي لا تتجزأ، كذلك أودع الأرواح قوةً وكفاءة على قبول العلاقة بالجسم.أي توجد في الأرواح أيضًا قوة قبول العلاقة بالجسم كوجود قوة الاتصال في الأجسام وبواسطتها تتصل طبعا بلا أي نفور وكراهية بالجسم كما يتعلق المحب بحبيبه أو العاشق بعشيقه التي لا تنقطع إلا بالموت ومفارقتها تشق على الطبع وهو يستاء منها.فهذا النظام قد أقامه الحكيم القدير سلفا لوصل الروح بالجسم معا.فلو كانت الأرواح وليدة المصادفة و لم يكن لها أي خالق لما كان هناك أي سبب لخلوّ روح- من بين ملايين الأرواح التي لا حصر لها- من العلاقة بالجسم وتكون خلافا لها.فلو كان البرميشور قد وجد مصادفة جميع الأرواح من نوع لا تتمتع بالقدرة على قبول الجسم، لما قدر البرميشور في هذه الحالة على أمر.وإلى أي صانع كان سيتوجه ليقول له أن يصنع له الأرواح من جديد والتي تتمتع بعلاقة قبول الجسم ؟ فاعلم أن جميع الأمور التي بينتها عن الصناعة والنظام قد وُجدت في أجزاء الجسم والتي بموجب قولك تحتم أن يكون لها خالق ،تفضل قد أقيمت عليك الحجة الآن! أخيرا نرى من المناسب أن نُطلعك على أن دعواك بأنه لو سلمنا الأرواح ومواد الجسم مع جميع خواصها العجيبة والغريبة، من تلقاء جميع بوجود نفسها دون أن يخلقها أي خالق كما هي مبادئ الآريا سماج، أي نزعم الأرواح ومواد الأجسام بجميع خواصها هي من تلقاء نفسها، فهذا لا يضر إثبات الخالق أي ضرر، بل التركيب الذي يسلم به الآريون يكفي لإثبات

Page 185

۱۷۱ الخالق.فقولك هذا يُثبت بجلاء أن قدرة طبعك على معرفة الإثبات وغيره ضئيلة جدا.لقد فضحت خطأك في الأقوال المذكورة آنفا، ففيها الكفاية للعاقل.لكنني أعظك نصحا محضا أنه إذا كان لديك شوق في النقاش والحوار فيجب أن تقرأ كتابا في المنطق.فمهمة النقاش والحوار حساسة جدا، فلتحقيقها لا يكفي الحماس الديني فقط.ينبغي أن يكون المرء قادرا على تمييز الدعوى من الدليل على الأقل، بحيث لا يقدم الادعاءات السخيفة محل الأدلة.فتأمل أن ما كتبت ردًّا على اعتراضي: أي "صحيح أن الأرواح والأجزاء الصغيرة للأجسام وجميع خواصها وجميع الأمور المتعلقة بالصنعة التي توجد فيها كلُّها غير مخلوقة وقديمة بحسب بيان الفيدا إذ لم يمسها البرميشور بيده، وإنما تثبت ألوهية البرميشور بالتركيب فقط، فمن أي نوع ينشأ هذا الخطاب"؟ فلو رُدَّ إلى قوانين الاستدلال فأي شكل منطقي صحيح منه؟ فإذا كنت تتذكر شيئا فقدم.أيها المدرس، ينبغي أن لا تستاء من قولي إنه ليس لك أي إلمام بمعرفة المبرهَن وغير المبرهن، فكيف نتوقع سماع أمر معقول من لسانك؟ فإنك عبثا تعرض قومك للخجل.فها نحن نُسمع الشكل الأول وهو يدلل بداهةً على كون الأرواح مخلوقة، فتدبره وتخلّ عن ادعاءاتك الفارغة، وذلك الشكل هو : إن الأرواح من بين موجودات العالم تتمتع بآلاف عجائب القدرة والحكمة ويجب أن يكون لجميع أشياء العالم التي توجد فيها عجائب القدرة والحكمة موجد قدير وكامل وحكيم، فالنتيجة أنه لا بد أن يكون للأرواح موجد قادر وكامل وحكيم.إن

Page 186

۱۷۲۰ دقيقة، وهي إثبات مفهوم الصغرى أي إثبات أن الأرواح من بين موجودات العالم أشياء توجد فيها الحكمة وآلاف عجائب القدرة يتحقق، لأن نقيضه أي خلوّ الأرواح من أي عجائب الحكمة والقدرة بديهي البطلان.وأي قوم من أقوام العالم ذوي العلم لا يعتقد بأن الأرواح تخلو من عجائب القدرة والصنع الإلهي.بل إن المطلعين على علم الإلهيات قد توصلوا إلى حقيقة أن الخواص التي تكمن سرًّا في جميع مخلوقات العالم متفرقة، توجد كلها موحدةً في الأرواح.فصغرى هذا الشكل بين الثبوت جدا.أما إثبات الكبرى أي القضية بأن جميع الأشياء من بين أشياء العالم التي توجد فيها عجائب القدرة والحكمة، لا بد أن يكون لها الخالق القادر الكامل الحكيم على شاكلة أنه إن لم يكن من الضروري لبعض أشياء العالم الزاخرة بعجائب القدرة والحكمة أن يكون لها خالق فلن يبقى أي شيء بحاجة إلى خالق.لأنه لا يقوم أي دليل على صحة وصفنا بلا دليل بعضا من الأشياء التي هي متساوية تماما في أوجه الاحتياج إلى الخالق- مستغنية عن الخالق، ونعد بعضها الآخر بلا دليل محتاجة لوجودها إلى الخالق.بل لو حكمنا بحق أي شيء من أشياء العالم بأنه محتاج إلى خالق بسبب أعماله الحكيمة الموجودة فيه، فسيتحتم علينا إصدار الحكم نفسه بحق بقية الأشياء الموجودة في العالم مثله وإلا سيستلزم الترجيح بلا مرجح، فلم يبق بد من تصديق مفهوم الكبرى أيضًا بحسب هذا الشكل.وظهر صدق هذه النتيجة في أنه يجب أن يكون للأرواح موجد كامل وقادر وحكيم وكان ذلك هو

Page 187

المقصود.فليكن معلوما أن هذا الدليل على كون الأرواح مخلوقة ليس مقابل الملحد بل هو لإفحام الآريين وإقامة الحجة عليهم الذين هم يعدون مجرد ترکیب بعض الأشياء المتماثلة في الهيئة والخاصية في العالم فعل الخالق القادر الحكيم فقط، ويعدّون البعض الأخرى التي تدل على القدرة والحكمة الإلهية أكثر من هذا الفعل خارجة عن نطاق المصنوعات والمخلوقات.أما الأدلة مقابل الملحدين فمستقلة وقد سُجلت في كتابنا "البراهين الأحمدية" في محلها.هنا فقط نريد أن ننبه الآريين على جماحهم، أنهم كيف ينحرفون الله هو حاشية: إذا قدّم أي آري هنا حجة نقضا لدليلي وقال بأن الذات الإلهية أيضًا تتصف بعجائب القدرة والحكمة، فهل الآخر بحاجة إلى صانع؟ فجوابه أننا جعلنا الموجودات –في مقدمتي الشكل الأول اللتين تُثبتان مخلوقية الأرواح- مقيدة ومشروطة بلفظة "العالم" آنفا لهذا السبب نفسه أي قد أشرنا بكلمتي "موجودات العالم" إلى أن هذا الدليل يخص موجودات العالم فقط.أي يتعلق بأشياء تندرج في العالم، أما الله له الا الله ف خارج العالم.وإن إثارة الشبهة بأنه لما كان الله هو الآخر مجموعة أنواع القدرات والقوى والصفات العجيبة، فلا بد أن يكون له أيضا خالق، فهذه الوسوسة تنشأ فقط في قلوب الذين ما أوتوا حظ من المعرفة الإلهية.لأننا لا نجد بدا من الإقرار بخصوص وجود الله الله أن ذاته وقدراته وقواه الخاصة وصفاته الكاملة غير محدودة ولا نهاية لها، بحيث لا يحدها أي حد أو نطاق العقل أو القياس أو الوهم.ويسلم من البداية أيضًا أن وجوده غالب على كل شيء وأفضل من كل وأوله، وأن قواه فوق جميع القوى، وأن قدراته تفوق جميع القدرات وأن صفاته الكاملة أكمل وأتم من جميع الصفات وقد أثبتنا أيضا أن كل وجود محدود ومقيد وناقص وغير كامل بحاجة إلى وجود يحوز الكمال التام من كل الوجوه ويكون منزها عن الحدود والقيود ويكون فوقها.إذن فلما تم الإيمان بأنه كامل تام وجود

Page 188

لأنه من وغير متناه وغير محدود وفوق كل فوق، وعُدَّ مبدأ الفيوض لجميع الناقصين، فالتفكير بحقه أنه يجب أن يكون له خالق، فهذا جهل سيء للغاية وغباء شنيع.إذا كان بحاجة إلى صانع فلا يبقى في هذه الحالة كاملا ولا غير محدود مع أنه اشترط على كونه إلها أن يحوز الكمال التام وأن تكون ذاته منزهة عن الحدود والقيود.باختصار، إن بعد الإيمان بكونه غير متناه وفوق كل طاقة، وكاملا وتاما ثم القول بأنه أيضًا بحاجة إلى خالق بمنزلة جمع النقيضين.لأنه إذا كان الإيمان الصحيح يتوقف على أن يُعد أكمل وأتم وغير متناه ومنزها من كل ضعف ونقصان فالتفكير بأنه يجب أن يكون له صانع بمنزلة الارتداد عن الإيمان نهائيا وإنكاره.كما من البين أيضًا أن الخالق يجب أن يكون أعلى من المخلوق، فلما كنا نسمي الذات الأكمل والأتم نفسه إلها ليس هناك أعلى منه، فلا بد من التسليم بأنه تلقاء نفسه.باختصار؛ إن تحقق الألوهية يلزم الإيمان بأن الله حائز على أقصى درجة الكمال.كما أن الكمال بالغ الغاية يلزم أن يكون من تلقاء نفسه.والقاعدة بأننا برؤية شيء مليء بالحكمة وحائز على أنواع الصفات العجيبة نتوصل إلى أن له صانعا حكيما، فهذه تخص أشياء العالم التي تثبت سلفا أنها ناقصة، والتي يتبين علينا أدلة كاشفة أنها محدودة ومقيدة ومحتاجة إلى غيرها لتكميل ذاتها.ثم إن جميع أعمال الصناعات التي توجد في مثل الوجودات الناقصة لا نجد بدا من الإقرار بحقها يقينا وقطعا أن منجز هذه العجائب موجود حتما وراء الستار.وهو القادر والحكيم والكامل.ومن الواضح على كل واحد أننا حين نجد بالنظر إلى أشياء العالم أنها محتاجة إلى موجد كامل وقادر أو نصدر الحكم بحقها أنه يجب أن يكون لهذه الموجودات صانع، فكل هذه الأشياء تبدو محسوسة ومعلومة الوجود أمام نظرنا وفكرنا بلا واسطة الأدلة بأي شكل من الأشكال؛ إلا الذات الوحيدة رب العالمين جل شأنه الذي لا نستطيع معرفته دون وسيلة الوحي أو المصنوعات الدالة على صانعها.فوجوده في الحقيقة ليس معلوم التعيين كوجود سائر الأشياء حتى يخطر ببالنا فكرة وجود موجده ومعينه.بل هو نتيجة لازمة للتدبر في جميع المصنوعات، من

Page 189

بل هو VO الذي ذاته أرفع من الخيال والقياس والظن والوهم وفوقها باختصار؛ ليس وجوده كسائر الأشياء بل المراد من وجوده ذلك الوجود النهائي الذي تتحقق ضرورته بالنظر إلى جميع الأشياء.فلما كان أسلوب معرفته يتميز عن جميع أساليب المعرفة في العالم، فذلك الأسلوب نفسه يفهمنا أن وجود موجده ممتنع، وخلاف للعقل.ولا نرى أي شيء منزها من وصمة النقص والاحتياج إلى الغير سوى ذلك الكامل والغني المطلق وغير المحدود.وفي الجهة الثانية نرى غيره أيضًا - سواء أكانت أرواحا أو أجساما- يكنّ في طياته أنواع الخواص المليئة بالحكمة ذاتا وصفات، فبالنظر إلى هذه المصنوعات لا نجد بدا من التسليم بالضرورة أنها خرجت كلُّها من يد صانع قديم وحكيم وقادر كامل القدرة.أما الله الله الكامل في ذاته والمنزه عن الاحتياج إلى الغير وصاحب القدرات غير المحدودة والمتناهية فلا تنشأ بحقه هذه الفكرة.لأنه من ذا الذي عسى أن يكون خالق من هو غير متناه.لذا لا يقاس على أشياء العالم، ذات لا تدرك، والذي لا نجد مناصا من الإيمان بوجوده بعد إلقاء النظر على أشياء العالم بأسرها، لا بإحاطة العقل أو الرؤية.فالذي تم الإيمان به بصفته لا يُدرك، فاسم ذلك الكامل والفائق على العقل والفهم هو "الله".أما إيجاد ما سواه من الموجودات فقد ادعى هو بنفسه بواسطة إلهامه قائلا عبر أراوح الملهمين الطيبين، بأن كل ما يتراءى لا يخلو من النقص وهو خالقه كله لأنه هو الكامل.أما هؤلاء الملهمون فليسوا أفذاذا، ينحصر عددهم في أربعة فقط، دون أن يشاركهم خامس.كلا بل قد مضى عدد لا يحصى من أمثال هؤلاء، وإن باب الإلهام مفتوح في المستقبل أيضًا، حيث يستطيع كل إنسان بالسير على الصراط المستقيم، الذي هو وسيلة للحصول على مرضاة الله الله أن يتلقى الإلهام بحسب سعته وقدرته على تلقي الإلهام.ويمكن أن يستفيض من المكالمة والمخاطبة الإلهية.فإذا كان الله الا الله منذ القدم بواسطة إلهامه يدعي "أنا الخالق" وكل روح تجد في نفسها ضرورة إليه أيضًا نقصانها الذاتي واحتياجها إلى رب يتدارك هذا النقصان.ففي هذه الحالة كونُ كامل الصفات خالقا بديهي الثبوت ولا يمكن أن يوصف أحد بأنه خالق ذلك بسبب

Page 190

عن الطريق المستقيم للأدلة المنطقية.وقد سكروا وانتشوا حبا للفيدا لدرجة أنهم فقدوا دفعة واحدة العقل والفهم الموهوبين من الله، لكن يجب أن يتذكروا أن أتباع الفيدا لم يعد صالحا في العصر الراهن، وأن التركيز الآن على أننا منذ القدم من تلقاء أنفسنا، وأنه لا ربَّ لأرواحنا ومادة أجسامنا، سیجلب الفناء عن قريب على الفيدا.فالجيل المعاصر ليس سطحي العقل لدرجة أننا يمكن إقناعه بهذه التعاليم كالأولاد الصغار أن جميع الأرواح وذرات الأجسام كلها موجودة من تلقاء نفسها منذ القدم دون تدخل مالك الملك.وأن كل ذرات الأجسام من تلقاء نفسها منذ القدم.كلا، بل سوف يبتون في القضية ويتخذون القرار.فإما أن يصبحوا ملحدين تماما متخلين عن أفكار آبائهم وأجدادهم، وإما أن يؤمنوا برب العالمين إذا كانوا سعداء ويُقروا بأنهم مخلوقون لكنهم في كلتا الصورتين سيتخلصون من براثن الفيدا.لقد مضى العصر حيث كان الناس يعبدون الشمس والقمر طاعة لقول الفيدا، ويتوسلون أمام أغني"، وكانوا قد اتخذوا عجائب الهند كلها آلهة.الآن قد يعود الزمن السعيد للفيدا عندما يصبح الناس سطحيي العقول من جديد مثلما كانوا في زمن نزول الفيدا إلا أن انقلاب الزمن إلى الظلام والضيق من جديد مستبعد، إذ كان البانديتات المسنّون يعتقدون أنه ليس الخالق الحقيقي إلا إذا نهض أحد وادعى بأنه خالقه، ويغلبه ويحكمه.لكن لما لم يثبت أي شيء من هذه الأمور، وأن الله كامل الذات والصفات من كل الأوجه وأنه واحد في ذاته ولا شريك له، وأفضل من كل أفضل، فإن هذه الفكرة إنما هي محض سفه وحمق.منه.

Page 191

وراء جبال الهملايا أيُّ بلد ، وكان يسود الاعتقاد أن عقار البرميشور وملكه كله بلد الآريين هذا فقط، لذا يحب البرميشور عقاره هذا كثيرا.وأنه قد تعهد للأبد مع الآريين أن كلامه سينزل فيهم حصرًا وأن لغته سنسكريتية فقط.ويكون الهند بلده ويكون الفيدا وحده كلامه للأبد، ولن يعنيه آخرون.أما في العصر الراهن فيمكن أن يطّلع الطفل الذي عمره عشر سنوات، بتلقي شيء من علوم الجغرافيا، على كم تحتوي أرض الله من أنواع العمران، وكيف تعيش المخلوقات من ملايين الأنواع المختلفة على سطح الأرض، وكيف أن الله لالالالالاله فضلهم تفضيلا على الآريين في العقل والفهم والدنيا والدين.فهل يمكن أن يجعل صاحب هذا العالم العظيم الواسع فيوضه الإلهامية خاصةً ببلد معين للآريين كإنسان بخيل وخسيس.ثم إن الإلهام الذي يتباهون به لهذه الدرجة (أي الفيدا لهو إلهام عجيب، إذ لا يتكلم من البداية إلى النهاية عن غير عبادة المخلوق.ولقد بذل الباندیت دیانند الجهود المضنية في التأويلات.لكن إلى أي مدى يمكن أن يسعى لتقويم الزائغ المعوج.فلم يستطع إنجاز شيء أخيرا.فلم يعلم الفيدا عبادة المخلوق في موضع أو موضعين فقط حتى يمكن إخفاؤهما ، بل هو زاخر بهذه الأفكار فقط.تحوّلوا في العالم كله واسألوا الشعوب كلها فلن تجدوا قوما يستنتجون من قراءة الفيدا أنه يعلّم التوحيد نقول صدقا وحقا- ولا نريد إضاعة الوقت في أمور أخرى إنه إذا أخرج لنا أحد من ألف ورقة من الفيدا مثل معارف التوحيد التي تتجلى كالشمس المشرقة من عشر صفحات من القرآن

Page 192

الكريم، فسوف نسلّم أن في الفيدا توحيدا.وهذا الرجل يمكن أن يفرض علينا أي شرط يريده حسب قدرتنا.نقول حلفا بالله ومقسمين بالأحد الذي لا شريك له أننا في كل حال سنحضر بحسب الموعد المحدد، لكن ينبغي أن يتذكر القراء جيدا وأنتم أيها الشباب الآريون حديثو العهد بالفيدا تذكروا أيضًا أن الفيدا لم يعلم التوحيد الخالص قط.بل هو في كل مكان مشوب بتعليم الشرك، ومن المؤكد أنه مشوب، ولا يقدر أحد على تبرئة ساحته.وإن الزمن لآت عندما تماما يفتضح وترتفع عنه كل الحجب.فاتقوا الله الذي لا يمكن الاستتار في محكمته بأي طريقة.إن بعض أتباع نانك المحترم أيضًا قد انضموا إلى الآريا سماج، فنحن ننصحهم بوجه خاص ونقول إن زعيمكم قد عارض الفيدا في مواضع شتى، وأبدى إعجابه بحسب كفاءته العلمية بعقائد الإسلام.بل قد صرح أمامنا شخص يدعى "نرائن سنغ " الواعظ، قارئ غرنته، في اجتماع يضم أكثر مائة شخص، أن نانك كان أحيانا يمارس أعمال العبادة الإسلامية.مما يتبين منه أنه كان قد استعد كثيرا في الخفاء لقبول الإسلام.من أحد يقول في غرنته: إن ما وُجد منذ الأزل من تلقاء نفسه دون أن يخلقه هو برميشور نفسه.كما قال: "تها پیانہ جاکیتا نہ ہو آپے آپ نرنجن سو" أي أن ما وُجد منذ الأزل ومنذ القدم دون أن يخلقه أحد هو وحده "إله".فلاحظوا إذا سُلّم بأن الأرواح من تلقاء نفسها دون أن يخلقها أي خالق فيلزم أن تكون كل الأرواح بحسب هذا التعريف آلهة.فما هذا التعريف

Page 193

۱۷۹ ووضوح لبرميشور الذي يشاركه فيه العالم كلُّه؟ أما إذا قلنا إن هذا التعريف ليس صحيحا وهو يعارض عقائد الهندوس وزعَمنا أن نانك المحترم عرف بر میشوره لعدم معرفته بالفيدا تعريفا ينافي صراحةً مبادئ الفيدا، فهذا الزعم يسيء إلى نانك المحترم.لأنه قد كتب في مواضع عدة من غرنته بجلاء أنه قرأ الفيدا ولا تخفى عليه تعاليم الفيدات الأربع.وأنه يعرف جيدا أن الفيدا يؤيد التناسخ الذي أساسه كون الأرواح غير مخلوقة.فمن هنا يتبين بجلاء أن نانك لم يقبل هنا تعليم الفيدا، كما أكد في مواضع عديدة أنه لا يجهل تعاليم الفيدا، وليس غير عالم به بل قد قرأ الفيدات الأربع وأدركها واستوعبها جيدًا.فمع هذه الدعوى العظيمة؛ إن تخلي نانك عن العقيدة الأساسية للفيدا يدل صراحة على أن نانك المحترم كان قد تبرأ في حياته من عقيدة الفيدات الكبرى التي هي مدار التناسخ.وكان الهادي الحقيقي قد هدى قلبه إلى أن نصَّ الفيدا هذا كاذب تماما وباطل.فلما كان نانك قد آمن بأن الله الله خالق ورب العالمين بحسب تعليم القرآن الكريم، وكان قد تخلى دفعة واحدة عن مثل تلك التعاليم في الفيدا؛ فنلتمس بمنتهى من هؤلاء السادة الذين مع أنهم من أتباع نانك ويتسمون بكشن الأدب سنغ وبشن سنغ ونرائن سنغ وبهغوان سنغ وغيرهم يخالفون غرنته زعيمهم أن يتخلوا هم أيضًا عن تعاليم الفيدا من هذا القبيل.وإلا إذا لم يكن لهم انسجام روحاني مع نانك فما الحاجة إلى حمل حزمة ثقيلة من الشعر على الرؤوس، عبثا وتحمُّل آلام الحرارة والعفونة؟ لقد أدلى نانك

Page 194

بشهادة كافية في غرنته على كون الأرواح مخلوقة، فقد قال في موضع: أي إذا أراد الله الله أن يخلق الأرواح والأجسام بقدر ما خلقها سابقا فهو قادر على ذلك.إن المحامد لا تحاذي قدراته ولا تجاريها".فقول نانك هذا ترجمة حرفية لآية من القرآن الكريم ويطابقها تماما.فلما كان نانك يزور سمع علماء الإسلام كثيرا بإخلاص ويستمع إلى أمور الدين فمن المحتمل أنه من شيخ موضوع هذه الآية، لأنه كان يعايش المسلمين كثيرا.فقد ورد أنه كان أحيانا يصلي أيضًا.وله قول آخر أيضًا نسجله فيما يلي: "أي أن ما يحدث هو ما أراده الله حصرا، وإن ما قاله نانك هو الصواب والحق." فواها لك يا نانك، فهذا القول أيضًا ترجمة مطابقة تماما لآية: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) أي أن المحامد جميع وجميع الكمالات والمدائح والأمجاد والمحاسن التي يتطلبها منصب الألوهية الجليل، يتمتع بها كلها الله ، وهي مجتمعة في الذي خلق كل شيء موجود، وهو رب جميع العالمين وخالقها.إن قول نانك المحترم بحسب هذه الآية الكريمة يفيد أن الله الله حائز على الجلال والعظمة والقدرة التي يستحقها وتليق به فمن أدرك هذا يا نانك هو وحده صادق.يا للأسف، لماذا لا يعرف الفيدا هذا الأمر؟ و لم لا يعرفه الآريون؟ لماذا رحل ديانند دون أن يدرك هذا؟ فالواضح أن الخلق ومنح الوجود بقدرة كمال يجدر حمدًا عظيما.وينبغي أن يُعد إلها من تتحقق فيه الكمالات والمحامد كلها أما برميشور الفيدا فلا نعرف ما الآفة التي حلت ترجمة جملة بنجابية.(المترجم).

Page 195

۱۸۱ به إذ قد حُرم من هذا الكمال العظيم الذي يعدّ مفتاحا لنظام العالم كله.انظروا أيها الآريون ذوي الشعر الطويل، الذين تدعون اتباع نانك؛ إن نانك المحترم يقول تصديقا لآية من القرآن الكريم: إنما الصادق من يسلّم بوجود العظمات والمحامد التي يقتضيها الله الا الله لكماله التام، وإلا فهو كاذب ومزور.فاتركوا الفيدا الآن إذ إن زعيمكم يصرخ بأعلى صوته ويُسمعكم ملفوظاته، ثم لاحظوا ماذا يقول بعده بحق المعارضين ساخطا عليهم: أي إذا لم يسلّم بذلك أحد وتفوه بما ينافيه فيجب أن يدعى رئيس الجهلة.يا نانك المحترم، أين أنت وفي أي مكان؟ فإن أتباعك الآن يشوهون الأقوال بالانضمام إلى الآريا سماج ويقولون صراحة بأنه ليس لهذا العالم خالق.بل هم يظنون بتصديقهم نصوص الفيدا فعلا أن كون الله الله خالقا وربَّ العالمين مستحيل.وإذا نسي أحدهم وتفوه بأن ربّ روحه وخالقها بر میشور فيعدّونه قد ارتكب إثما كبيرا، ويعدون برميشورهم حائزا على القدرة على التركيب فقط ليس أكثر.لقد كنت علّمتهم بحسب القرآن الكريم أن جميع القدرات والعظمات والمحامد من الدرجة القصوى التي يمكن أن تخطر ببال الإنسان يحوزها البرميشور و أن أسمى الكمالات كلها تليق بالله.أما أتباعك فبانضمامهم إلى الآريا سماج بضعة أيام والاستماع إلى نصوص الفيدا الإلحادية قد تخلوا عن أقوالك، وقد نسوا المسار الذي سيرتهم عليه ومحوا من ذاكرة قلوبهم أول كلمة يتجلى بها اسم البرميشور في العالم، أي الخلق، لدرجة كأنهم لم يسمعوها قط، ودونك محامد أخرى للبرميشور.

Page 196

۱۸۲۰ " إنهم معجبون ،بالفيدات وقلوبهم مبتلاة بالفيدات أيها الآريون، لم تبدون هذا الحماس المفرط، فما الذي رأيتم في الفيدات؟ فالذي لم يخلق شيئا ولا يقدر على خلق شيء لهو إله الفيدات، فتدبروا تدبروا أنتم أيضا فأنتم عاقلون، فلماذا تتكلون على الفيدات؟ كيف يمكن أن يكون شيء من تلقاء نفسه دون أن يخلقه الله، إنما هذا خطأ الفيدات تماما إن الفيدات تؤيد الإلحاد، وهو ما تقصده الفيدات حصرا إن مثل هذه الأديان لا تدوم إذ يلاحقها ملك الموت الذي اسمه الفيدا" وليتضح أن تعليم الفيدا هو أن العالم موجود من تلقاء نفسه منذ الأزل، وليس له خالق ومالك، وإنما هناك مركب ناقص.إن هذا الاعتقاد الناقص يؤدي بنا إلى التسليم عنوة بأن هذا المركب إما يجهل تماما بلاده المحتلة وإما له علم ناقص غير تام كما أن المصاب بالماء الأزرق يرى أولا أغباشا، ترجمة أبيات أردية (المترجم) حاشية من الحقيقة اللطيفة والدقيقة جدا كيف هو علم البارئ له الا الله الذي بسب كماله يطلع الله على ظاهر كل ذرة وباطنها وكيف حصل له وما كنهه.وصحيح أن أي عقل لا يسعه الإحاطة بكيفيته الأصلية، ومع ذلك من تمام الصدق القول أن ذلك العلم أشد وأقوى وأتم وأكمل من جميع أنواع العلم التي يمكن أن تخطر ببال الإنسان.فحين ننظر إلى طرقنا للحصول على العلم ونلقي نظرة على أنواعه، نجد العلم بكياننا أشد يقينا وقطعا من جميع علومنا البسيطة لأننا نحن وكل إنسان مثلنا لا يمكن أن ينسى نفسه في أي حالة، ولا ينتابه أي شبهة في ذلك.فحيثما يصل عقلنا نجد هذا العلم أشد وأقوى وأتم وأكمل ونرى أبعد ما يكون تماما عن الذات الإلهية الكاملة أن يكون علمها بعبادها أقل وأحطّ من هذه الدرجة وهذا النوع من

Page 197

۱۸۳ العلم، لأن من العيب الكبير أن يكون الله المحروما من أسمى أنواع العلم الذي يخطر ببال الإنسان.ويرد الاعتراض: لماذا كان علم الله لعل الله أقل من أسمى درجات العلم، أمشيئته الشخصية أو بإكراه قاسر ما؟ وإن قلتم إن ذلك حدث بمشيئته الشخصية فهذا لا يجوز لأنه لا أحد من الناس يرضى بالنقصان لنفسه عن عمد.فأنى لنا أن نظن أن الله الذي يحب الكمال نفسه يرضى بمثل هذا النقص لنفسه.أما إذا قلتم إنه واجه هذا النقص نتيجة قسر قاسر، فهذا القاسر ينبغي أن يكون غالبا على الله في قدراته وقواه.وذلك لكي يتمكن من منعه في مشيئته بفرط القوة، وذلك مستحيل وممتنع؛ لأنه ليس هناك أي قاسر على الله حتى يواجه مقاومته أي اضطرار.فثبت أن الله الله كامل وتام حتمًا.وقد أثبتنا آنفا أن العلم الكامل والتام بجميع أنواع العلم كما يعرف أي إنسان عن نفسه.فلا نجد بدا من من الله علم هو التسليم أن علم عن مخلوقاته يشبه هذا العلم ويماثله وإن كنا لا نستطيع الإحاطة بكيفيته الأصلية، إلا أننا نستطيع أن نفهم بعقولنا - التي بسببها كلفنا - أن العلم القطعي اليقيني هو أن لا يكون أي بعد وحجاب بين العالم والمعلوم.وذلك النوع العلم هو هذا.فكما أن الإنسان ليس بحاجة إلى وسائل أخرى للاطلاع على كيانه، بل كون المرء حيا وعده نفسه ذا حياة قريبان جدا لدرجة أن ليس بينهما أي فرق ولو قيد شعرة.وهكذا يجب أن يكون علم الله عن جميع الموجودات.أي هنا أيضًا ينبغي أن لا يكون بين العالم والمعلوم فرق قدر ذرة.وهذا العلم الأسمى الذي يحتاجه الله الا الله لتحقيق ألوهيته يمكن أن يتحقق حصرًا في حالة إذا سلمنا أن بينه وبين معلوماته قربا وعلاقة قوية لا يُتصور أكثر منها.وهذه العلاقة الكاملة بالمعلومات إنما تتحقق له في حال كانت جميع الأشياء التي يعلمها في العالم قد خرجت من يد قدرته، وتكون من مخلوقاته التي خلقها، ويعتمد وجودها على وجوده.أي عندما يكون الوضع حيث يكون الموجود الحقيقي هو وحده وتكون بقية الموجودات تولدت منه، وترتبط به، أي لا تستغني عنه ولا تنفصل عنه حتى بعد الخلق.بل يكون الحي الحقيقي هو وحده حتى بعد خلق الأشياء كلها ويكون كل ما

Page 198

س الاله بربوبيته سواه مخلوقه وقائما به ويكون وحده في الحقيقة غير مقيد، وتكون سائر الأشياء سواء أكانت أرواحا أم أجساما مقيدة في قيوده ومرتبطة بارتباطات يده ومحدودة في حدود حددها، ويكون هو محيطا بكل شيء، وتكون سائر الأشياء محاطة ، ولا يكون هناك شيء لم يخرج من يده ولم تُحط به ربوبيته أو لا يكون قائما بقيوميته.باختصار؛ في هذا الوضع حصرًا تتحقق علاقة الله التامة بمعلوماته التي هي شرط للعلم التام، وإلى هذه العلاقة التامة قد أشار الله له الا الله في آية: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ )) (ق) (۱۷) وكذلك قال في آية أخرى: (هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (البقرة: (٢٥٦، أي أنّ الحائز على الحياة الحقيقية هو وحده ، وبقية الأشياء قد خلقها هو، وهي تنال الحياة منه.أي أنه هو وحده روح جميع الأرواح وقدرة كل القدرات في الحقيقة.أما إذا ظن أحد أنه منفصل منذ القدم وأن ربوبيته لم تُحِطّ بشيء ولم يكسب أي شيء ظهوره منه....ففي هذه الحالة سيُعَدُّ واحدا من الأشياء المحدودة، ولا يكون لنا مناص من البحث عن محدّده ناهيك أن يكون عالما بالكون.وليكن معلوما أيضًا أن الشيء الذي يُفترض غير مخلوق فقد بينا سلفا أنه لا يمكن أن يكون لدى الله علم تام بشيء منفصل عنه وغير مخلوق وقديم.ولا يلزم بإلقاء نظرة على وجود ذلك الشيء أن يكون الله حتى علم ناقص عنه.ولا يتحقق دليل على أنه كيف يمكن أن يحوز على ذلك العلم.فالشيء الذي هو ممكن الوجود وحادث و مسبوق بعدم ذاتي، من الضروري أن يكون الله الله عالما به حتما، ولا يكون خارجا عن نطاق العلم الإلهي.لأن الشيء غير المعلوم لا يمكن أن يعطى الوجود.فعلم الممكنات قبل وجود الممكنات ضروري لله، وبذلك ثبت حتما أن الممكنات بأسرها تندرج في المعلومات الإلهية.أما الشيء الذي لا يعد ممكنا وحادثا ومسبوقا بعدم ذاتي ولا يعد معلولا للذات علة العلل ومُحاطها؛ فلا يقوم برهان عقلي على كونه خارجا من العلم الإلهي.فمثلا إذا لم تُعدّ الروح مخلوقة وحادثة، فليس هناك للتسليم بأن شخصا أجنبيا يسمى برميشورا ،افتراضا، ولا علاقة له بها مطلع على حقيقتها، وأن علمه بها بالغ منتهاه.لأن الذي عنده علم كامل بشيء يكون مبرر

Page 199

سكان وأخيرا يصير أعمى تماما.فالواضح بداهة أن هذا التعليم الفاسد الذي يؤدي إلى نتائج سيئة، لا يمكن أن تقبله روح أي هندوسي نقي القلب، بل لم يقبله قلب البانديت ديانند أيضًا.لقد ذكر لي الآري لاله شرمبت من قاديان أنه حين استفسر ديانند عن ولادة الأرواح بدأ يماطل، ويتحدث بأمور أخرى، ثم قال: لقد مضى ما مضى، أما في المستقبل فإذا ظل البرميشور يخلق على الدوام فمن أين يأتي بمكان واسع جدا لإسكان الأرواح فلاحظوا كيف اعترف ديانند في هذا الخطاب مضطرا أن البرميشور كان حتما قد خلق الأرواح أول الأمر، لكنه بعد ذلك تخلى عن ذلك خوفا منه بأن لا يجد مكانا واسعا لإقامتها من هذا القول يتبين أيضا أن البانديت ديانند في آخر عمره كان قد نشأت لديه شكوك وشبهات كثيرة عن مثل هذه التعاليم للفيدا.بل قد ورد في مجلة "دهرم جيون" الصادرة في ١٨٨٦/٧/١٥ أن البانديت ديانند كان قد فهم عند رحيله بعض أتباع مذهب البرهمو النجباء في الإشارات والكنايات أنه لم يعد يؤمن بالفيدا.أقول: كان البانديت بانديتا أولا وآخرا، أما المنصف فلا يمكن أن قادرا على خلقه أيضًا.أما إذا لم يقدر على خلقه فمعنى ذلك أن علمه ناقص حتمًا.فإذا لم يكن عنده علم كامل فلا يقدر على التمييز بين المتشابهات ودونك خلقها.فإذا كان الله الله ليس خالق الأشياء فلا يترتب على ذلك عيب كونه ناقص العلم فحسب، بل يلزم أن ينخدع يوميا في معرفة ملايين الأرواح وتمييزها.فيحسب أحيانا كثيرة أن روح زيدٍ هي لبكر.فالعلم الناقص يتعرض حتمًا لمثل هذه الخدائع، وإن قلتم إنه لا ينخدع فعليكم الإثبات والبرهان.منه

Page 200

يبقى مؤمنا بالفيدات في الحقيقة.فأي عمِهِ أعمى القلب إذ لا يستطيع أن يفهم أمرا معروفا وهو أن البرميشور الذي لا يعرف كيف يخلق وإنما هو يمشي أموره بعقار مستعار كيف يدعى برميشور؟ فالذي بلغ ضعفه لدرجة أنه إذا لم تتيسر له الأرواح والمواد فيصبح عاطلا عن عمله، فمن يمكن أن هذا المقصر برميشور.فالأمر واضح وجلي وموافق لمقتضى فطرة يسمي الإنسان وهو أن كل إنسان ذي قلب طاهر يجد في قلبه شهادة بلا تردد كما لا يرضى الهندوس أنفسهم بحال من الأحوال - بأن تكون في برميشورهم هذه النقائص والعيوب.أتذكر أن في مناظرة هوشياربور حين قلت للناس بأن من معتقدات الآريا سماج أن برميشورهم عاجز عن خلق الأرواح، بدأ كثير من الهندوس الأشراف الذين كانوا يجلسون معي يستغفرون منذهلين.وقالوا ما أفسد هذا الاعتقاد فلما جلس لاله مرليدهر للرد على هذا الاعتراض انصرف بعض أولئك الهندوس قائلين إنهم لا يريدون الاستماع أبدا إلى رد سخيف يؤدي إلى الإساءة إلى البرميشور.وكذلك ذكر لي أحد أن في إحدى أسواق أمرتسر كان آري يذكر شرحا ومدحا قائلا بأن عمل البرميشور ينحصر في التركيب فقط ولا يقدر على ذلك.فبدأ هندوسي آخر يناقشه حول هذا الموضوع، شيء أكثر من فغضب "لاله" أثناء الحديث وقال: قد ورد في الفيدات صراحة أن الروح والمادة هما من تلقاء نفسيهما وهما منذ الأزل، و لم يخلقهما أحد.فعند سماع الذي كان يناقش ذلك الآري لدرجة أن هذا القول ثار ذلك الهندوسي

Page 201

✓ خرج من فمه تلقائيا دون قصد منه القول : إذا كان البرميشور عاجزا لهذه الدرجة فما الفائدة من هذا البرميشور؟ فتبا لمثل هذا البرميشور." تعصباته.وهو نفسه فكادا أن يشتبكا ويتعاركا، لكن الناس تدخلوا ففصلوا أحدهما عن الآخر.فمن هذا النفور السائد عموما يتبين أنه لا يوجد في العالم إنسان لا يسعه الوصول إلى هذا الحق الصراح البديهي الجلي إذا تأمل قليلا بعيدا عن أنه إذا فصل الله الله عن محاسنه وقدراته، فلا يجد هو بدا من التخلي عن ألوهيته.فهل هناك أمر خفي آخر يسمى الله بناء عليه إلها سوى كونه خالق كل شيء؟ قوله: يقول المرزا المحترم "إن الاعتقاد بكون الأرواح غير مخلوقة ومن تلقاء نفسها يضم عيبا آخر وهو أن هذا الاعتقاد يعطل الله الله عن ألوهيته.لأن المطلعين على علم النفس وخواص الأرواح يعرفون ويستوعبون جيدا أن العجائب والغرائب والخواص التي تتمتع بها الأرواح لا تتحقق بمجرد التركيب.ففي الأرواح قوة كشفية مثلا تكشف بها بعض الأمور الخفية بإذنه تعالى بالمجاهدات، وهناك قوة عقلية تدرك بها الأمور العقلية، وكذلك فيها قوة الحب أيضًا التي بموجبها تميل إلى الله.فلو آمنا بأن كل هذه القوى موجودة تلقائيا بلا خالق ففى ذلك إساءة شنيعة إلى البرميشور فكأننا سنضطر للقول بأن العمل الرائع والأسمى قد حصل تلقائيا، أما العمل الناقص الأدنى فقد تحقق على يد البرميشور.ولن نجد بدا من الإقرار بأن الأعمال العجيبة التي هي من تلقاء نفسها هي أعظم بكثير من أعمال جميع

Page 202

البرميشور، حتى إن البرميشور نفسه مندهش منها.باختصار؛ إن هذا الاعتقاد يصيب ألوهية إله الآريين بصدمة كبيرة، لدرجة أن يستوي كونه وعدمه.ولن يقوم أي دليل عقلى على وجوده أيضًا." فأنا أرد على ذلك بالقول إن المرزا المحترم عيّن لإقامة ألوهية الإله أناسا شهودا ملمين بخواص الأرواح، لكنه بحسب معتقد الإسلام لم يُظهر الله خواص الأرواح كما بينت من قبل، فكيف اطلعوا عليها؟ أقول: يا لاله المحترم، إذا كان القرآن الكريم لم يذكر خواص الأرواح فمن ذا الذي ذكرها؟ أما الفيدا فقد لزم الصمت بعد قوله: ليس لمؤلّفي أي حق واجب على الأرواح، وأن الأرواح في كونها غير مخلوقة ومن تلقاء نفسها لا تقل شأنا عنه.بينما وصف منزّلُ القرآن الكريم الأرواح بأنها ملك له، وادعى أنها مخلوقة وخادمة له، وأثبت بنفسه من خلال أكثر من خمسين دليلا عقليا أن أرواح جميع بني آدم والحيوانات الأخرى مخلوقة وخادمة الله.ثم فصل صراحة ما هي القدرات والقوى والكفاءات والخواص التي قد أُودعتها.إنما القرآن الكريم قد بين حقيقة دقيقة جدا وهي أن ما يوجد في العالم العلوي والسفلي من الخواص العجيبة المتفرقة، كلها قد جمعت في وجود أرواح إنسانية.أما بحسب الفيدا فلا قيمة للروح، كما أن خواصها أيضا ناقصة لدرجة أن يستوي وجودها وعدمها.فقد اعترفت بنفسك أنت والقراء سوف يقرأون ذلك النص في الصفحات التالية.فقل لي الآن ما دام الفيدا نفسه يُقر بأن الأرواح غير مخلوقة فكيف اطلع مؤلفه الذي لا علاقة له بها على حقيقتها

Page 203

الداخلية؟ كل إنسان بوسع أن يفهم أنه كما يعرف الصانع دقائق ما صنعته يده، لا يمكن لغيره الجاهل بصنع ذلك الشيء وعديم العلاقة به أن يعرف تلك التفاصيل أبدا هذه الحقيقة جلية بينة وواضحة جدا، ولا يشك فيها أحد أدنى شك ما لم يكن في غاية الجهل وبعيدا عن العقل تماما.هنا يجب على الآريين على الأقل أن يقروا بأنه بقدر ما يعرف برميشورهم تفاصيل دقيقة لعمله الذي أنجزه بيده - أي التركيب والتشكيل- لا تتحقق له معرفة هذه الحقيقة عن كيفية وجود الأرواح التي لا علاقة له بها لأن العمل الذي ينجزه أحد بیده لا يمكن أن تخفى عليه جزئياته الدقيقة.أما العمل الذي لا ينجزه بيده فيصعب عليه إنجازه حتى لو رأى غيره ينجزه أمامه.فأنى لمؤلف الفيدا أن يطلع على حقيقة الأرواح وخواصها، إذ لم يخلق أي روح بنفسه و لم يشاهد صانع يخلقها؟ فإقرار برميشور الهندوس بأنه ليس قادرا على خلق الروح، يحتوي صراحة على إقرار آخر بأنه لا يعرف الحقيقة الداخلية للأرواح.ذلك لأنا قد بينا في السابق أيضًا أن العلم الكامل والواسع لأحد بشيء يوجب أن يكون قادرا على صنعه أيضًا.أي إذا حصل المرء على العلم الأكمل والأتم بحقيقة شيء ما، واطلع كليا على أمور خفية ظهر شيء بواسطتها، تحققت له القدرة على صنع ذلك الشيء.فقد بين الله هذا الدليل أيضا من جملة الأدلة في القرآن الكريم على أنّ الأرواح مخلوقة.فمن الواضح الجلي البديهي أن عجز الإنسان عن صنع شيء ناجم عن علمه الناقص به، فحين تتلقون علما كاملا بشيء وتتوصلون إلى كنهه ولا يبقى أي حجاب بينكم، فسوف

Page 204

تحققون فورا القدرة على صنعه.وإذا تيسرت لكم الأسباب الضرورية لصنعه فمن المؤكد أنكم ستتمكنون من صنعه بأيديكم.غير أنه ما دام علمكم ناقصا وما زالت هناك أمور تخفى عن أنظاركم فلن تحرزوا القدرة على صنعه.فبرميشور الهندوس الذي لا يقدر على خلق الأرواح فإنما السبب لهذا العجز والضعف في الحقيقة أنه محروم من علم كيفية الأرواح وخواصها'.فإذا كان برميشور الهندوس نفسه محروما من علم الأرواح، فكيف يهبه للآخرين؟ كما يقول المثل الفارسي: "أنى لمن ضل شخصيا أن يهدي الآخرين"! فثبت منه أن الاتهام الذي ألصقه المدرس المحترم لمجرد العناد بالإسلام والقرآن الكريم والنبي الهلال لو أنه لا علم له بالأرواح، ينطبق في الحقيقة على برميشور الهندوس والفيدا الذي أنزله.بل قد سلّم الفيدا نفسه ضمنيا بهذا الاتهام على مؤلفه.لأن الفيدا أقرَّ صراحة أن برميشوره الخيالي عاجز تماما عن خلق الأرواح وغير قادر.فلما ثبت من إقرار الفيدا نفسه أن الروح غير مخلوقة، وأن البرميشور ليس له أي دخل فيها، وأن البرميشور عاجز تماما عن خلق الأرواح؛ فمن هنا يمكن أن يفهم العاقل أن الذي ليس لديه علم خلق الأرواح أنى له أن تكون عنده معلومات أخرى عن الأرواح ؟ فخلق شيء والإحاطة بحقيقته على أكمل وجه متلازمان.بل إذا تدبرتم أكثر علمتم أن الحصول على أقصى درجات العلم الكامل والقدرة على الخلق سيّان في الحقيقة.فقد ينكر هذه الحقيقة ا كانت هنا حاشية طويلة نقلناها إلى الصفحة ٢٣٧.(المترجم)

Page 205

علم ۱۹۱۵ سفيه الطبع الذي يعدّ العلم الناقص كاملا.أما العاقل الذي يصل تفكيره إلى نقطة دقيقة، أي ما الذي يسمى علما كاملا، وفي أي حال يقال عن بأنه كامل، فسوف يوقن حتما بانشراح القلب أن العلم التام يلازم العمل حتمًا، بل بينهما اتحاد.باختصار ؛ من المستحيل على برميشور الهندوس الادعاء بأنه حائز على العلم التام بالأرواح، أو هو مطلع على خواص الأرواح على أكمل وجه.وإنما تحقُ هذه الدعوى لمنزل القرآن الكريم (الذي هو رب العالمين وحري به ،وحده، لأنه هو خالق الأرواح وهو مطلع جيدًا على الحقيقة الداخلية لما خلقه."فالخالق هو الأعلم، أما غيره فلا يعرف عنه شيئا.أنى لأحد أن يعرف حقيقة غيره؟ والنظر عن بعد لا ينفع شيئا" ١.فبما أنه الله خالق الأرواح، لذا قد بين في كتابه بناء على علمه الذاتي وعلاقته الناتجة عن الخلق كنة الأرواح وخواصها، لدرجة أنه لا يوجد في العالم أي كتاب ينافسه في ذلك.أما الفيدا فلا حقيقة له.يمكن أن يشهد القراء بإنصاف من الذي يمكن أن يُعدّ جاهلا بعلم الأرواح.فهل هو في الحقيقة كما أدّعي- البرميشور، الذي اعترف بنفسه أنه عاجز عن خلق الأرواح وغير عالم بطريقة خلقها تماماً، أو يليق بالقادر القدير رب العالمين الذي يدعي بأنه خالق كل ذرة في العالم، ويصف وجود كل روح وجسم وكل نفس بأنه علامة قدرته الكاملة؟ إنني أوقن بأن جميع العاقلين سيشهدون ترجمة بيتين أرديين.(المترجم)

Page 206

۱۹۲۰ على أن الذي لا يقدر على الخلق لا يمكن له أن يلمّ بالحقيقة الداخلية للأشياء التي لم يخلقها.وإنما يتحقق هذا العلم بالتمام والكمال لكامل القدرة ذلك الذي يحوز على القوة والقدرة على خلق الأرواح.فبهذا البيان انكشفت حقيقة برميشور الهندوس وفيداهم كلُّها.أما ادعاء الآريين بأن مؤلف الفيدا عالم بالأرواح، فقد افتضح دفعة واحدة.وإذا كان المدرس المحترم ما زال يصر على افتضاح الفيدا أكثر ولا يحب أن تبقى عيوبه خافية على العامة، فالطريق الرائع كما بينت سابقا أن يؤلف كل واحد منا كتابا مستقلا عن هذا البحث الدقيق واللطيف جدا.بمعنى أن أكتب كتابا مستقلا عن علم الأرواح ويكتب المدرس المحترم أيضا كتابا مستقلا، ويجب أن يلتزم كل فريق منا- كما سبق بيانه بكتابه الإلهامي لتقديم كل دعوى ودليل وأنا أقسم بالله أني جاهز ومستعد - نتيجة حث المدرس المحترم - لتأليف "كتاب الروح"، لكن بالتزام الشروط نفسها التي وردت في هذا الكتاب لا تنزعج أيها المدرس المحترم، إنما أقول صدقا وحقا تماما بعيدا عن كل أنواع المبالغة إنه سام ولطيف ومليء بالحكمة ذلك الجمال والروعة والنقاء والصدق الذي بين به القرآن الكريم خواص الأرواح وقواها وقدراتها وكفاءاتها وعجائبها الأخرى، ثم أثبت بيانه هذا.وتلك الحقائق كاملة لدرجة أنه لو ولد ريشيو الفيدا الأربعة من جديد وعادوا إلى هذا العالم واستنزفوا الجهود في التفكير والتأمل قدر المستطاع، فلن يحظوا بالسعة في العلم وهذه المعارف السامية حتى لو ماتوا مفكرين.لا للاستياء ولا محلّ لإبداء الغضب."ما الحاجة إلى توضيح الواضح داعي

Page 207

۱۹۳۰ البين."" تعالوا وتأكدوا من ذلك بإجراء المقارنة بين الفيدا والقرآن الكريم.جربوا القوة العلمية لهذين الكتابين.ألا أنا نلعن بمحض طريق الحق، أيا من الفريقين يتهرب من هذه المناظرة كتمانا للحق ويصرف القضية بأعذار واهية لكم وحجج ضعيفة.لكن لا يغيبن عن البال أن في هذه المناظرة لن يسمح بالخروج من عبارات الفيدا في بيان دعوى أو دليل، كما سوف نلتزم نحن أيضًا بالقرآن الكريم، وسيتحتم عليكم أيضًا أن تكتبوا كل عبارة من الفيدا باللغة السنسكريتية بالضبط ولكن بالحروف الفارسية، مع ترجمتها الحرفية ومصدرها.كما سيكون واجبًا علينا نحن أيضا الالتزام بهذه الأمور في تقديم الآيات من القرآن الكريم.قوله: لقد كتب المرزا المحترم خاصةً أو خاصتين للأرواح فقط، فقد كتب مثلا عن قوة اكتشاف الأمور الخفية.وإن المرزا المحترم نفسه يدعى بأنه حائز عليها مع أنه لم يثبتها حتى اليوم؟ من الله فقد أقول : لا شك أن بركات المكاشفات والمكالمة والمخاطبة الإلهية وغيرها هذه توهب في صورة أجلى وأصفى للأرواح المطيعة بالسير على الصراط المستقيم.وإن النبوءات التي تحققت على يد مؤلف هذا الكتاب شهد إخوتكم من الآريا سماج المقيمون هنا في قاديان على سبعين منها تقريبا.بل أنت أيضًا منهم إذ كنت قد قرأت النبوءة عن تعرض دليب سنغ لابتلاء في إعلان ١٨٨٦/٢/٢٠ قبل تحققها.ثم سمعت من لساني في اجتماع ترجمة مثل أردي.(المترجم)

Page 208

عام حيث حضر عدد من أصدقائك الهندوس أيضًا، فلا أعتقد أن تكون قد نسيت هذا الحادث الجديد بهذه العجالة.فلاحظ بتيقظ كيف تحققت هذه النبوءة حرفيا حيث تعرض دليب سنغ في قصده لزيارة البنجاب للمرارة والغيظ والغضب ومشاق السفر ثم أعيد باستخفاف خائبا.فهل يمكن أن تقسم على أنك لم تُطلع على ابتلاء دليب سنغ قبل حدوثه؟ وهل تستطيع الأمير أن تقول حالفًا بالله على أنك لم تخبر في الاجتماع العام أن المراد من في جملة: "هناك أخبار مخيفة عن الأمير حديث الورود بنجابي الأصل" في إعلان ١٨٨٦/٢/٢٠، هو دليب سنغ.وكذلك أخبر بهذا الخبر مئاتُ الهندوس والمسلمين الذين يقدر عددهم بأكثر من ٥٠٠ إنسان في عدة مدن قبل التحقق.كما وزع إعلان ١٨٨٦/٢/٢٠ في بلاد نائية كثيرة، فتحققت أخيرا جميع الأمور التي أنبئ عنها عن دليب سنغ ونُشرت قبل التحقق.وكانت هذه النبوءة قد صدرت وأشيعت في زمن أي في ١٨٨٦/٢/٢٠، حيث كان خبر مجيء دليب سنغ يشاع بكثرة بأن زيارته للبنجاب مؤكدة؛ فقد وصل بعض إخوته والأصدقاء بهذه الفرحة الخيالية إلى مومباي لاستقباله؛ حيث نُشرت هذه النبوءة خلافا لأفكار ملايين الناس وعلى عكس الأوضاع السائدة.ثم شاهد الجميع تحققها بوضوح وجلاء.فقل الآن بالله عليك هل يصح قولك بأنك لم تلاحظ تحقق أي نبوءة لي إلى الآن أم يعد كذبا ؟ وكذلك أقول لصاحب جريدة أخبار" "عام" لاهور: إن ما نشره في جريدته في ١٨٨٦/٧/٢١ رفضا لهذه النبوءة فإنما نبدي الأسف الكثير

Page 209

۱۹۰۰ فقط على تعصبه وقلة فهمه.فقد قال إن برنامج دليب سنغ كان قد اشتهر وأشيع في الخواص والعامة في الهند قبل ١٨٨٦/٢/٢٠ بكثير، لكن المؤسف أنه لم يفهم ما علاقة هذه الشهرة بموضوع النبوءة.وإنما النبوءة تفيد أن دليب سنغ سوف يخفق في زيارة البنجاب وأن شرفه أو حياته أو رفاهيته ستتضرر في هذه الرحلة الآن ينبغي أن يُنصف القراء كيف يؤثر انتقاد "أخبار" "عام لاهور في النبوءة وكم تردَّى مستوى إنصافه وفهمه الذي هو شرط أساسي لمهنة الصحافة.فالأسف كل الأسف أن كثيرين لا يفكرون في حقيقة الأمر مشتعلين بالحسد والعناد أنه كما نشر شخص يدعى البانديت ليكهرام- لإظهار ما يكن قلبه من العناد والإجحاف والتعنت- إعلانات كثيرة بغير حق عن هذه النبوءات واتهمني بأني نشرت نبوءة في إعلان بأن الولد المذكور المتصف بصفات معينة في إعلان ١٨٨٦/٢/٢٠ سيولد حتما من الحمل الحالي؛ ولن يتأخر بحال من الأحوال أنها لم تتحقق.أن الإعلان من هذا القبيل وبهذه التفاصيل لم يصدر مني قط.وإذا كان فلم لا يقدِّمه؟ فالحق أن عماية الأبصار لا تضر الإنسان أيما ضرر وإنما يتضرر الإنسان بعماية القلوب الناتجة عن حمّى التعصب.هذا الرجل الذي ذكرته آنفا لم يرضَ بأن يعيش عندنا مدة أربعين يوما لاختبارنا، مع أني كنت قد عرضت على هذا البانديت راتبا أيضًا لهذه المدة.إن هؤلاء لا يتذكرون شيئا من الصلاح والمعقولية سوى إطلاق الشتائم والإساءة والأمور القذرة التي تعمر بها صدورهم.لو رضي هؤلاء حتى الآن ليعيشوا مع

Page 210

عندي أربعين يوما ثم ظهر كذب نبوءاتي الإلهامية فسوف أستحق أي عقوبة مهينة ومخزية يحددونها لي وأقبل بها.لكن في المقابل سيكون من الواجب عليهم اعتناق الإسلام وقص الضفيرة.أما دعوانا عن النبوءات فلا تقتصر على إثبات نبوءة أو اثنتين، بل لإثبات هذه الدعوى سأنشر بفضل الله قريبا كتاب "السراج المنير" مطبوعا.وهذا الكتاب بأكمله يحتوي على النبوءات الإلهامية.وعندها سيرى الجميع ما حقيقة جميع الآراء المتنوعة التي يبديها خصومنا عنا وما أصالتها سننشر في هذا الكتاب عددا من النبوءات عن المرزا إمام الدين الذي هو من عائلتنا وارتد عن الإسلام وانضم إلى آريا فقد كشف علينا اليوم أيضًا المؤرخ في ١٨٨٦/٨/٣ من الله بحقه أنه سماج.إذا لم يتب فسوف يصيبه وبال ضلاله وغوايته عاجلا.وإذا كان من الأحزان العادية البسيطة فلا تعتبروه مصداق النبوءة.أما إذا تعرض لألم لم يكن قد خطر ببال أحد فيجب أن يُفهم أنه مصداق النبوءة.أما إذا تاب فسوف تكون العاقبة أيضًا حسنة أو سوف تصيبه الراحة بعد التأديب.وإن دعوانا بأنه يمكن أن يتلقى الطالب الصادق الإلهام من الله بالسير على الصراط المستقيم هي صحيحة وثابتة بمنتهى الجلاء؛ لأن تجربتنا الذاتية تؤكد ذلك أولا.كما يفهم كل عاقل بالإضافة إلى ذلك أنه ليس في هذا العالم أعلى مرتبة للمعرفة الإلهية من أن ينال المرء شرف مكالمة ربه الكريم جل شأنه.فبهذه الدرجة تطمئن الأرواح وترتفع جميع الشكوك والشبهات، وعند بلوغ هذه الدرجة الصافية يحظى الإنسان بنقطة المعرفة التي قد خُلق

Page 211

۱۹۷۷ من أجل الفوز بها.هذه الدرجة مفتاح النجاة في الحقيقة وحل عقدة الذات الموهومة، وبها يثبت وينكشف كم يقترب الخالق الحقيقى من مخلوقه الضعيف.فللوصول إلى هذه الدرجة أخبرنا ذلك النور الذي يسمى القرآن الكريم، وهذا النور يبشر بجلاء ووضوح أن من المستحيل أن ينقطع نبع الإلهام أبدا.وعندما سيبحث عن الله بنقاء القلب أي من سكان الشرق أو الغرب ويعقد معه صلحا تاما، ويرفع الحجب من الوسط فسيفوزن به.وعندما يجده على وجه الحق والكمال والصدق فمن المحتم أن الله سيكلمه.لكن الفيدا أنكر وصول المرء إلى هذه الدرجة، وقصر هذه الدرجة على أربعة ريشيين فقط الذين هم مؤلفو الفيدا على حد زعم أصحاب الآريا سماج).فهذا خطأ من الأخطاء الفادحة التي يزخر بها الفيدا.فمن الواضح جميع بني آدم متحدو الفطرة، وإنّ ما هو ممكن لأحد من البشر ممكن أيضًا.وإن ما يجوز من القرب والمعرفة لشخص واحد يجوز للجميع.لأنهم جميعا من جوهر واحد من حيث أصل الطينة.صحيح أن هناك تفاوتا في الكمالات، لكن ليس هناك إنكار مطلق لأي من الكمالات.وإذا وُجد شخص لا يتمتع مطلقا بكفاءة للحصول على كمالات الإنسان فلا يمكن أن يكون إنسانا أصلا باختصار ؛ لا بد من التفاوت البسيط في الكمالات الإنسانية.لكن الكفاءة لا تُفقد نهائيا من الإنسان.نحن نسأل: ما هو الهدف والغاية لبرميشور الهندوس من إنزال الفيدات؟ فإذا كان يقصد أن يصل الناس بقراءتها والتمسك بها جيدًا إلى كمالهم المطلوب، فلماذا يسد الطريق أن للجميع

Page 212

۱۹۸۰ بنفسه للوصول إلى ذلك الكمال؟ فلو لم يكن وجود الصلحاء الذين نزلت عليهم الفيدات أسوةً، لكي يتأسى بهم الناس في اتباع الفيدا؛ فأي ضرورة لكي كانت لإرسالهم؟ فمن الواضح أن كتب الله الله وأنبياءه إنما يأتون يكونوا أسوة أمام الناس ويرغبوا الناس ويحتوهم على أن الذي سيقتفي أما آثارهم ويتفانى في سبيلهم فسوف يكون مظهرا لهم، ويتصبغ بصبغتهم.إذا لم يتوج برميشور الهندوس أن يتصبغ أحدٌ من طلاب الحق بصبغة أولئك الصلحاء الأربعة الذين أُرسلوا أسوة، فإن عمل برميشورهم هذا يعد سخيفا تماما وعابثا.هنا لا داعي لطرح السؤال أنه إذا كان برميشور الهندوس قد أنزل الفيدات لتكميل النفوس الناقصة فكم من المخلوق بلغتهم الفيدات بعد نزولها إلى الكمال.لأن الهندوس أنفسهم في هذا المجال يُقرون بأن الفيدات لم توصل أحدا إلى الكمال.فالواضح أن كيفية الكمال وحقيقته هي في نظر برميشور الهندوس أيضا نفس التي أقام مثالها في ريشيّي الفيدات، وهي أن أولئك الصلحاء كانوا قد شُرِّفوا بالإلهام الإلهي على حد الآريين.الآن لمَّا عُدّ ذلك حقيقةً "كمال المعرفة"، وفي الطرف زعم الآخر قد صرح برميشورهم أيضًا بوضوح أنه، وإلى الأبد، ما من أحد غير هؤلاء الريشيين الأربعة سوف يتلقى الإلهام، فهذا تصرف طائش.فإذا كان أحد لا يستطيع أن يتصبغ بصبغة هؤلاء الريشيين الأربعة ولا يتصف بصفاتهم نتيجة اتباعه لهم، فأنى لعاقل أن يتخبط في اتباع الفيدات والعمل بها بغير حق؟ من أي نوع هذا التصرف العابث، الذي صدر من برميشور

Page 213

۱۹۹۰ الهندوس، بحيث أرسل أولا أربعة صلحاء ليتأسى الناس بأسوتهم ويتصبغوا بصبغتهم، ويتلقوا النعمة نفسها التي ،أوتوها ثم بين من طرف آخر أن من المستحيل تماما أن يتلقى أحد الإلهام بعد التصبغ بصبغة هؤلاء الصلحاء.يمكن أن يفهم القراء أن الفيدات إذا كانت لا تقدر على إيصال أحد إلى الكمال المطلوب، فإن إنزالها عبث وسخيف تماما.فأي ثمرة طيبة ترتبت عليها سوى أن تعاليمها المليئة بالشرك أثرت سلبيا وجعلت الملايين مشركين.وإن الأشخاص الأربعة الذين نزلت عليهم الفيدات بحسب زعم الآريين، هم أيضًا لا يمكن أن يمتنوا بفضل الفيدا في الحقيقة، بل قد استحقوا تلقي الإلهام - بحسب زعم الآريين - ببركة أعمالهم في ولادة سابقة.قوله: أما ذكر بقية الصفات فلا شك أنها موجودة في الروح كالبذرة وهي دون صناعة الله تعالى (التي يسميها المرزا المحترم التركيب والتشكيل) كأنها ليست موجودة.أقول: إن الخواص والقوى التي توجد حتما في الأرواح باعتراف المدرس المحترم، حتى لو كانت كالبذرة كما يزعم لماذا كالمعدومة رغم وجودها؟ فكان ينبغي بيان سببها أيضًا؛ فهل تلك القوى والخواص في الأرواح عديمة الجدوى ولم يستفد منها البرميشور عند التركيب؟ كلا فالواضح أن البرميشور قد استعان بتلك الخواص والقوى العجيبة استعانة كبيرة عند التركيب والتشكيل، بحيث حافظت على شرف البرميشور وأثبتت كونه برميشورا.فلو لم تكن تلك الخواص في الأرواح فأخبروني ما الذي كان في وسع البرميشور؟ هي

Page 214

وكيف كان له أن يُحضر من عنده خاصية روحانية وكيف كان يمكن له أن يجعل الجسم الميت إنسانا حيًّا! ويصدق عليه المثل الأردي تعريبه: "المفلس لا يقدر على العطاء حتى لو كان سخيًّا".إنما هي منة محضة للأرواح عليه أنها جاءت إلى قبضته مخلوقة ومصنوعة مع جميع خصائصها وقواها العجيبة فكان حظه جيدا إذ كسب السمعة مجانا وصار برميشورا وإلا فالواضح على العقول المتدبرة أنه لا قيمة للتركيب دون هذه الخواص العجيبة والكفاءات التي توجد في الأرواح والأجسام.بل لو لم توجد تلك الخواص في الأرواح والأجسام لكان من المستحيل على برميشور الهندوس أن ينجز مهمة التركيب أيضًا.فمثلا إذا لم توجد قوة الاتصال في القِطَع الصغيرة للأجسام، التي تسمى قوة جاذبية الاتصال، فإن برميشور الهندوس لا يقدر أبدا على أن يجري الاتصال بين ذرتين على الأقل.وكذلك إن الخواص الروحانية التي تنكشف عند التركيب ففيها أيضًا لا يقدر برميشور الهندوس أبدا على أن يصنع منها شيئا دون تأييد الأرواح وصفاتها وخواصها العجيبة وإعانتها التي يظنها المدرس المحترم كالبذرة.فالواضح الجلي أن البرميشور الذي لم يخلق الأرواح ولا خواصها و لم يخلق ذرات الأجسام وميزاتها، لا يتطلب منه مجرد التركيب والتشكيل أي جهد وكلفة.بل الخواص كانت مُودَعة في الأشياء سلفا، فهى تبرز للعيان تلقائيا باتصال الروح بالجسم؛ لأن الخاصية التي أُودعت فيها سلفا ترجمة مثل أردي.(المترجم)

Page 215

ستنكشف تلقائيا بالاتصال كما توجد في مئات الألوف من الأشياء في العالم ميزة غريبة تظهر نتيجة اختلاطها وامتزاجها لكنها تبقى خافية في حالة الانفصال.فليس صحيحا أن الذي يخلط شيئين فهو يودعهما من عنده ميزة معينة، بل يتمتع كل واحد من الشيئين على حدة بتلك الخاصة التي تظهر تلقائيا باختلاطهما، كما بينت أنفا.فمثلا في السمن والعسل والبورق، تنشأ ميزة عند خلط هذه الأشياء الثلاثة معاً، أنه لو وضع في مزيجها الذهب المحروق أو الفضة التي تكون قد صارت رمادا تماما وأشعلت عليها النار في بوتقة، فإنها تعود إلى الحياة؛ أي يعود الذهب أو الفضة أو أي شيء كان إلى حالته الأصلية.فميزة إعادة الحياة إلى المحروق تكمن في خليط هذه الأشياء الثلاثة، ولا بد أن تتحقق، سواء قام بخلطها برميشور الهندوس أو صبي عمره عشر سنين فقط.وليس من الضروري أن تظهر نتيجة خلط البرميشور حصراً ولا تظهر على يد شخص آخر.فالأرواح قد أودعت كثيرا من الخواص والقوى الغريبة والكفاءات التي ذكرها القرآن الكريم بالتفصيل، ونذكر عددا منها فيما يلي: ١ - قوة الرغبة إلى العلوم والمعارف ۲- قوة الحصول على العلوم - قوة حفظ العلوم المتلقاة ٤- قوة الحب الإلهى قوة الاستمتاع بلذة الوصال الإلهي

Page 216

۲۰۲۰ ٦- قوة المكاشفات قوة التأثير والتأثر ، أو بتعبير آخر قوة العامل والمعمول بينهما قوة قبول علاقة الأجسام ۹ - قوة التخلق بأخلاق الله -۱۲ - ۱۳ -12 -10 -17 - ۱۷ وأشكالها الخاصة -11 - ۱۹ وهي -۲۰ قوة تلقي الإلهام من الله قوة التعرّض للانقباض والانبساط قوة قبول المعارف غير المنتهية قوة التصبغ بصبغة التجلي الإلهي قوة العقل التي يميز بها القبح من الحسن قوة التأثير والتأثر بالأجسام المتعلقة بها قوة الإقرار بوجود الخالق الحقيقي قوة إظهار الخواص الجديدة بالالتقاء مع الأجسام قوة الجاذبية بينها والتي يمكن أن نسميها القوة المغناطيسية قوة البقاء إلى الأبد قوة المحافظة على ارتباط معين بتراب الجسم الذي فارقته تنكشف على أرباب كشف القبور في الكشف وكذلك هناك قوى كثيرة ورد بيانها المفصل بمنتهى اللطف والروعة في القرآن الكريم.وإذا تسنى لنا تأليف الكتاب الشرطي فسوف نكتب كل

Page 217

هذه القوى مع خواصها الروحانية مقتبسا من آيات الله البينات بأسلوب معقول ومفصل - بالأدلة في الكتاب نفسه الذي تكون الغاية منه المقارنة بين الفيدا والقرآن الكريم.والآن نود أن نبين هنا مكررا أن المدرس المحترم قد انخدع كثيرا في قوله: إن هذه القوى موجودة في الأرواح كالبذرة، وما لم أن تنشأ علاقة الجسم بالروح فإن وجودها وعدمها سيان.حيث يزعم المزايا الروحانية والمادية التي تلمع في وجود الإنسان بعد اختلاط الأرواح والأجسام كأنها نشأت بصنع برميشورهم مع أن هذه الفكرة خاطئة تماما وغير عقلانية ونشأت من فهم سطحي.بل الحقيقة هي ما بيناها من قبل؛ أي أن الخواص التي تكمن في كلِّ من الأرواح والأجسام، تتجلى نفسها حصرا بالتركيب والامتزاج معا.وإنما نشأت علاقة بين الروح والجسم، وهذا الأمر حق وصدق في الحقيقة، وأسلّم أنا أيضًا بأن جميع الخواص التي تنكشف بعد التركيب ونشوء علاقة الأرواح بالأجسام لا يمكن أن تظهر بوضوح من الأجسام فقط ولا من الأرواح وحدها.بل إن ظهورها وبروزها على أكمل وجه يتوقف على نشوء العلاقة بينهما، ولذلك قد بينتُ في هذا الكتاب نفسه من قبل أن الأرواح يجب أن تنال جسما أبديا في الآخرة للوصول إلى سعادتها الكاملة وذلك لكى تنكشف تلك الخواص على وجه كامل نتيجة العلاقة بالجسم التي لا تظهر بهذا النقاء والكمال في الأرواح وحدها.لكن المؤسف أن الفيدا لا يؤمن بهذه العلاقة الأبدية بين الجسم والروح، وإنما يعدّ الروح التي لا تتجلى فيها أي مزية روحية دون

Page 218

علاقتها بالجسم بحسب قول المدرس المحترم - كافية لنيل المتعة الكاملة للنجاة والوصال الإلهي.مع أن المدرس المسكين قد اعترف آنفا بأن الصفات الروحانية لا يمكن أن تُظهر أي نوع من الكمال دون الارتباط بالجسم الحالي.فمن يمكن أن يفهم الفيدا ويوصل هذا الخبر إلى روح ديانند لكي يتلقى الدرس من المدرس المحترم، ويصحح أخطاءه في تفسيره للفيدا؟ لقد بينت من قبل أيضًا في هذا الكتاب نفسه أن الصفات التي أودعها الله أنها جل شأنه في الأرواح، أو الخواص التي أودعها ذراتِ الأجسام، صحيح ثابتة ومتحققة في كل منهما على حالها، إلا أن ظهورها البين والواضح لا يتم ولا تنكشف فوائدها على أكمل وأتم وجه إلا حين تنشأ العلاقة بين الأرواح والأجسام.وكنت قد بينت مثالا عن هذه العلاقة سابقا وهو أنه كما تظهر ملامح الإنسان في المرآة بوضوح وجلاء أكثر، لكنه ليس صحيحا أن المرآة تزيد شيئا في الملامح، بل الملامح هي هي، إلا أنها تنعكس في المرآة بجلاء أكثر.كذلك فإنّ الجسم والأشكال المادية بمنزلة المرآة للخواص التي أودعتها الأرواحُ.وإن الخواص التي توجد في ذرات الأجسام فإن مرآتها تركيب الجسم والأرواح التي تتعلق بها.وإن كونهما بمنزلة المرآة أيضًا خاصة فطرية.وإذا لم يكن الله الخالق الأرواح والذرات والأجسام فليس له أي دخل في خلق هذه الخاصة.لأن خواص الأشياء تظهر في محلها شئنا أم أبينا.وهذه الخاصة أيضًا في الحقيقة من خواص الأرواح والأجسام التي يراها الآريون غير مخلوقة وقديمة.أما الآن فيريد

Page 219

المدرس المحترم أن يمن على بر میشوره سترًا له لكى تُنسب ولادة هذه الخاصة أيضًا إليه وهو لا يمكن بحال من الأحوال؛ إذ قد أقر البانديت ديانند بجلاء في شرح الفيدا وستيارته بركاش أنه لا يمكن الخلقُ من العدم.فالذي هو موجود يظهر وجوده فقط، أما الذي لم يكن موجودا فلا يحدث لاحقا أبدا.فإذا كانت هذه الخاصة غير موجودة في الشيئين بصفة مستقلة، فمن أين جاءت فيما بعد؟ ففي العالم مئات الحالات حيث تكون الخاصة مخفية في كل واحد من شيئين معينين لكنها بعد ربطهما وتركيبهما تتجلى بقوة وشدة أكثر.فبمزج دوائين يظهر دواء ذو مزاج وميزة جديدة، إلا أن ذلك المزاج والميزة لا تكون جديدة أصلا، بل تكون كامنة في كل منهما سلفا.وكذلك بخلط لونين يظهر لون جديد، لكنه أيضًا لا يكون جديدا بل يكون مخفيا سلفا وبشكل مستقل في كل منهما.وكذلك بمزج طعامين ذوي طعم مختلف يظهر طعم جديد.إلا أنه لا يكون في الحقيقة جديدا بل يكون موجودا سلفا في كل منهما قبل الاختلاط فأقول: إذا كان مجرد خلق ميزة مشتركة بجمع الأجزاء المتفرقة والخواص المختلفة الموجودة في الحقيقة يمثل علامة للبرميشور ويعد دليلا له، فلماذا لا يسجد الآريون للإنجليز والصناع الأوروبيين الآخرين؟ ولماذا لا يعدونهم برميشورًا لهم؟ ألا تشابه أعمال هؤلاء أعمال البرميشور من هذا النوع؟ ألم يبتكر هؤلاء أيضا مئات الأدوات والأجهزة مثل برميشور الهندوس بالاطلاع على خواص مختلفة لأشياء في العالم؟ بلى، وما زالوا يبتكرون آلاف الآلات الحديثة المتعلقة بكل

Page 220

حرفة ومهنة بانتظام.فإذا كانت مهمة برميشور الهندوس أيضًا تقتصر على ابتكار أنواع المخترعات إثر تلقي علوم خواص الأشياء، فإنما الفرق بينه وبين هؤلاء وبين البرميشور هو في قلة العلم وكثرته، فلو تمكنوا من الفوز بذلك العلم السامي لأصبحوا نوعًا من البرميشور.قوله: أما إذا كان القول بأن خلق الأشياء تلقائيا دون خالق أفضلُ من أعمال البرميشور صحيحا فأي إساءة في ذلك إلى البرميشور؟ بدلا أن شرف برميشورك قوي جدا بحيث لا يتأثر بأي نوع أن أقول: صحيح من الإساءة! فقد علمنا اليوم أن برميشوركم ساذج لهذه الدرجة، بحيث لو عُدّت ملايين الأشياء أفضل من أعماله وصناعاته فلا يبالي بهتك عرضه أبدا.فواها لهذا البرميشور ولكتابكم الفيدا ومعرفته وعلمه الذي كنتم تفتخرون به.فمثَله كمثل من حفر بئرا بعمق ألف ذراع، فوجد أخيرا ضفدعة ميتة من الماء الصافي.وإذا كان البرميشور حائزا على هذه المكانة وهذه الأعمال فلأي سبب يمكن أن يتحمل أحد معاناة من أجله عبثا؟ فواضح كلمة الإساءة وهتك العرض تؤثر حتمًا في قلب ذي حياء وغيرة.فلو كان لدى برميشوركم أي خجل أو غيرة لما كان هناك أمر أكثر إساءةً وهتكا للعرض من أن الأمور التي أن الأمور التي كان يفتخر بها ويعدّها دليلا على ألوهيته- أي أعمال التركيب والخلط قد تحققت مقابلها أمور أخرى، سُلّم بها أنها حدثت من تلقاء نفسها دون تدخل البرميشور، وكانت أروع وأسمى لدرجة أنه لم تعد بينهما أي نسبة.ففي هذه الحالة إذا لم يكن شرف البرميشور

Page 221

تعرض لهتك فهل زاد شرفه؟ وإذا كانت هذه الأمور لا تتسبب في الحط من شأن البرميشور فهل تُعَدُّ وسيلة لإظهار عظمته وجلاله؟ ينبغي التأمل أنه إذا كانت جميع الأعمال الغريبة والقدرات العديمة النظير والخواص المتنوعة الكثيرة هي من تلقاء نفسها فهل يمكن أن يفوز الضعيف المستكين لقدرته على التركيب فقط بدرجة برميشور الكبرى؟ كلا بل إذا تدبرتم وأعملتم العقل الموهوب من الله لعرفتم أن التركيب في الحقيقة فرع لخلق الأرواح والأجسام؛ أي أن التركيب أيضًا يمكن أن يحدث على يد ذلك القدير المقتدر الذي يقدر على الخلق من العدم.وحتى لو سلمنا كفرض محال أن التركيب أيضًا ممكن على يد ضعيف وغير نافع لم يخلق أي روح ولا مادة، و لم يخلق مئات الخواص والقدرات والكفاءات الموجودة في الأرواح والمواد كلها؛ فإن مجرد التركيب لا يُكسبه أي مدح بل ستعود كل هذه المدائح إلى الأرواح وذرات الأجسام، وسيتحتم على البرميشور في هذه الحالة أن يشكر الأرواح والمواد التي أكسبته السمعة الطيبة مجانا ويثني عليها.كما يقول المثل الأردي "إن السمن يجعل الطعام لذيذا والكنة الكبرى تكسب السمعة مجانا." قوله: كان يمكن الإساءة إلى البرميشور لو قُدِّم صانع أكبر منه.أقول: ها قد ثبتت الإساءة إلى برميشورك بلسانك أنت، لأنه قد ظهر صانع أكثر خبرة ومهارةً من برميشورك الموهوم والخيالي والافتراضي، الذي ترجمة مثل أردي.(المترجم)

Page 222

بظهوره صار برميشورك الموهوم معدوما وعديم الأثر في الحقيقة.ذلك لأن بر ميشورك كان متواريا في الهند بسبب ضعفه وعدم قدرته وإفلاسه ومسكنته، وكان قد عقد اتفاقية بأنه سيكلم سكان الهند وحدهم فقط، وكان يخاف الخروج منها، وكان يُقر بلسانه بأنه لا يستطيع إنجاز شيء شخصيا، وإنما تسير أموره اعتمادا على غيره فكان الآريون يفرحون بهذا البرميشور الخيالي الذي كان في الحقيقة لصا وليس إلها، حتى أشرقت عليهم شمس الحق وتجلى في بلدهم الهند كلامُ ذلك الإله الحق الكامل الذي كان يجهله الآريون؛ أي القرآن الكريم، وجذب الملايين من الآريين إلى الصدق.وبذلك قد أطلعهم على وجوده الكامل القادر وأظهر عليهم ألوهيته وأثبت لهم بيده القوية أنه صاحب جميع القدرات وبيَّن عن جميع الأرواح والمواد أنه هو خالقها كلها.فالأشياء التى كان الآريون وبرميشورهم الناقص يتعجبون ويحتارون من خلقها، قد بلغهم الخالقُ كلامه وأراهم آياته النيرة، وبذلك قد كشف عليهم أنه هو خالقها وحده فمن هذا الخالق؟ إنما هو ذلك الإله الكامل والقادر منزل الفرقان الذي أثبت ألوهيته من خلال إلهامه عديم المثال وعمله منقطع النظير، الذي لم يوجد شيء إلا بإيجاده، والذي ورد ضمن تعريفه في القرآن الكريم - الذي هو كلامه - حمد طيب أنه مبدأ جميع الفيوض ومستجمع لجميع الصفات الكاملة وجامع الجميع المحاسن ومرجع كل شيء وواحد لا شريك له في ذاته ولا في صفاته وألوهيته.فهذا هو الإله الحق الكامل الذي ألقى هذا التعليم في أرواح آلاف

Page 223

الأنبياء المقدسين والذي قوله وفعله يشهدان معا أنه منزه عن كل أنواع الضعف والنقصان وعدم الكمال.باختصار؛ إن كامل الصفات الذي يوجد في العالم الملايين من أتباعه، والذي بركات تعليمه وآياته السماوية قد انتشرت في الأرض كلها قد أعلن في صُحفه المطهرة المقدسة بجلاء أنه إله كامل وقادر وأنه هو خالق الأرواح وذراتِ الجسم كلها.فهل يمكن أن تقولوا في هذه الحالة بأنه لم يقدَّم من هو أكثر صنعا من برميشوركم؟ الذي ادعى أنه خالق الأرواح والأجسام.فانظر أيها المدرس المحترم، بفتح العينين، قد قدمنا من هو أكثر مهارة وإليه أدعوك، فقد تجلى من هو أكثر صنعا وخبرة من البرميشور الخيالي وأعلم منه بآياته الكاملة؛ فتعال وآمن بمن هو أكثر عزة وحكمة وقدرة، الذي قد أثبت أنه قادر بصفة عامة.فالأشياء التي كنت تعدّها بلا مالك وخالق قد ظهر مالكها.فاترك البرميشور الناقص الخيالي غير التام وكن مطيعا للصادق والكامل والقادر صاحب القدرات الكاملة الذي يتجلى صدقه من قدراته إن برميشوركم السابق ليس في الحقيقة إلها، وليس في الحقيقة قادرا حتى على التركيب، بل هو لا شيء.فإنما الإله الحق الذي هو مالك العالم كله وليس له علاقة خاصة بأي بلد؛ فالباحثون من كل بلد يجدونه.فتعالوا إليه بصدق القلب لكي تفوزوا أنتم أيضًا بحظ من البركات التي يتمتع بها الصادقون.قوله: إن كون الله الله من تلقاء نفسه لَهُو أعظم بكثير من أعماله، وبذلك لا يهتك عرضه.

Page 224

۲۱۰۰ أقول: ما الذي أقول غير "واها لهذا العقل والذكاء"! كنتُ قد اعترضت على أنه إذا لم يكن خلق الأشياء في الحقيقة من الله، بل جميع الأشياء سواء كانت مادية أو غير مادية مع جميع خواصها وعجائبها من تلقاء نفسها بحسب زعم الآريين، فهذا يؤدي إلى الإساءة البالغة إلى الله.أي أن الأمر الذي يسيء إلى عظمته وجلاله ويحط من شأن ألوهيته، هو أن تكون الأمور التي تحت إمرته وسيطرته وهي مليئة بأسمى عجائب القدرة في جميع - وصفاته خواصها من تلقاء نفسها ويكون العمل الأدنى الذي يسير مستندا إلى العمل الأول وحده قد صدر من يد البرميشور فالمدرس المحترم يردّ على ذلك بقوله إن وجود الله الذي ظهر من تلقاء نفسه أعظم بكثير من أعماله التي أنجزها.وبذلك لا تحدث أي إساءة إلى الله كذلك الأشياء التي ظهرت من تلقاء نفسها لا تسيء إليه أي إساءة.ويمكن أن يفهم القراء ما علاقة رده هذا باعتراضنا.فمن الجلي البين جدا أنه لو لم تكن ذات الله أفضل مما صنع وخلق لاستوى المخلوق بخالقه والمملوك بسيده.وبذلك حدثت الإساءة حتمًا إلى الله الا الله لأن استواء المخلوق بخالقه واحتلال المملوك نفس الدرجة التي احتلها مالكه يؤدي إلى الإساءة الصريحة حتما، وهذا هو السبب وراء امتناع الله عن خلق مثيله، لأنه ينافي عزته الأبدية وجلاله الأزلي ووحدته القديمة.الآن حين ثبت أن الإساءة إلى الله تكمن في يستوي هو ومخلوقه ومملوكه في الذات والصفات، فالواضح أن الأمر النقيض له، أي أن يكون المخلوق أقل درجة من خالقه في الذات والصفات، أن

Page 225

۲۱۱۰ وممتنع.لكن لا يؤدي إلى هتك العرض أبدا لأن اجتماع النقيضين محال الأشياء التي هي، على عكس ذلك، خاضعة لها وتحت سيطرته، فإن لم إخراجها من قدرته الله بعد الإقرار بكونها خاضعة له، والاعتقاد بأن الله يخلقها وأنها ليست من صنع يده، رغم كونها زاخرة بمئات العجائب والخواص الغريبة التي أودعتها وهي أفضل آلاف المرات من العمل البسيط؛ أي التركيب وما شابهه- بالإضافة إلى الإيمان بأن الله لم يخلق هذه الأشياء وهي ليست من صنع يده والإيمان بأن البرميشور مجرد مركب الأشياء دون أن تكون له علاقة بخواصها، مع أن تركيبها أقل شأنا بكثير من خلق تلك الخواص الدقيقة فيها.إذا لم تكن كل هذه الأفكار الفاسدة تؤدي إلى الإساءة إلى شرف برميشورك، فهذا الشرف غريب جدا.باختصار؛ إن قياسك هذا مجرد "قياس مع الفارق بحيث تقيس الأشياء الخاضعة الله الله على ذاته وصفاته.وإنني على يقين بأنك ستخجل كثيرا بعد فهم هذا الفرق البين، وتندم في نفسك على تفوّهك بمثل هذه الأقوال السخيفة.وأخيرًا أذكرك أيضًا أن تقرأ عند قراءتك هذه العبارة الحاشية في هذا الكتاب التي قد سجلت قبل هذا المتن كحاشية ملحقة.قوله: بعد ذلك يقول سيادة المرزا بأنه إذا كانت جميع الأرواح غير مخلوقة ومن تلقاء نفسها، فلن يبقى الله أي حق بأن يطالب أي روح بعبادته؛ لأن جميع الأرواح يمكن أن تقول له: ما دمت لم تخلقنا ولم تخلق قوانا وقدراتنا وكفاءاتنا، فبناء على أي حق تريد منا أن نعبدك؟ فجواب ذلك أني

Page 226

۰۲۱۲۶۰ قد أثبتُ سلفا في الرد على نشوء العيوب المترتبة على ذلك المعتقد بحسب زعمك، أنه بدون تركيب البرميشور تبقى جميع الأرواح وقدراتها كالمعدومة، فالذي هيّأ وسائل الراحة والسكينة والتقدم بالتركيب، أفلا يستحق الشكر والعبادة إذن؟ أقول: الأسف كل الأسف أنك لم تدَّخر جهدا في الدفاع عن البرميشور الناقص وغير المجدي.لكن لما كان نقصه ليس من نوع يقدر على إخفائه أحد، لذا لم تنتفع من هذا القيل والقال سوى التعرض للخجل مرارا وتكرارا.فقل أنت بالله عليك ما الذي أثبت في الرد على العيوب السابقة.فما دمت تعترف بلسانك بأن جميع الأرواح وخواصها من تلقاء نفسها، وكذلك جميع قواها من تلقاء نفسها، وكذلك المادة من تلقاء نفسها، وجميع ذرات الأجسام وخواصها وقدراتها أيضا من تلقاء نفسها، وهي أزلية وأبدية أيضا من تلقاء نفسها، فهي قائمة بذاتها وواجبة الوجود سواء كان هناك بر میشور أم لا.باختصار إذا كان العالم كله بجزأيه كليهما من تلقاء نفسه فأي شكر يستحقه البرميشور ما دامت الأرواح تتمتع بهذه الخواص والقوى والخلود من تلقاء نفسها؟ فهل أعطى البرميشور أيضًا شيئا من هذه الأمور من عنده؟ وهل أنفق شيئا على ذلك من جيبه أيضًا.أما الصراخ المتكرر بأن البرميشور ركب الأرواح والأجسام معا، فأقول: إن هذا البرميشور المقصر لا يمكن أن يكون قادرا على التركيب أيضًا.فلو كان مطلعا اطلاعا كاملا أي الأرواح والأجسام.(المترجم)

Page 227

على حقيقة الأرواح لقدر على خلقها حتمًا؛ لأن العلم الكامل بشيء يستلزم صنعه أيضًا.وما دام البرميشور غير قادر على خلق الأرواح فثبت بجلاء أنه لا يملك علما كاملا بخواص الأرواح وقواها الباطنية وكيفياتها.فما دام علمه غير كامل فكيف يُعَدُّ قادرًا على التركيب بعلم ناقص غير كامل؟ فإذا كان هناك إثبات فليُقدَّم.فلو ثبت كافتراض محال أن البرميشور الناقص وغير النافع قادر على تركيب الأرواح والأجسام، فسيستحق الشكر الناقص الذي يستوي وجوده وعدمه إلا أنه لن تعدّه الأرواح الحرة تماما - وغير في كونها قديمة المخلوقة والتي تستوي مع وموجودة من تلقاء نفسها وواجبة الوجود وتحتل نفس الدرجة - ربا لها ومستحقا للعبادة التي هي واجبة بحق الخالق والرب.ولن تراه مستحقا للعبادة الجليلة.وهذا المطلب كتبناه في الاعتراض، لكنك لم تفكر فيه ولم تردّ عليه بشيء.قوله: بالإضافة إلى ذلك فإن الله الكريم رحيم ورزاق؛ فحين أمر الإنسان الله الله بالعبادة فذلك لصالح الإنسان فقط ولا يرتفع شأنه بها.أقول: صحيح ذلك تفور ربوبية الله تعالى وتقتضي بإلحاح أن يسير الناس على صراطه المستقيم، ويجتنبوا الأمور التي لا تجوز ويتفانوا في عبادته وطاعته لينالوا سعادتهم المنشودة.وإن لم يريدوا السير على هذا الصراط فإن غضبه يثور من أجلهم لا من أجله.فهو يحذرهم وينبههم بأساليب شتى، لكن الذين لا يفهمون حتى بذلك، فهم يحترقون في نار البعد والحرمان.فلا يسعُ أن في العبادة والعبودية تكمن منفعة الإنسان نفسه، ومع أحدًا

Page 228

۲۱ القولُ: لماذا يشغل بالك نفعي أو ضرري؟ ولماذا تنصحنا مرارا وتكرارا وترسل الكتب الإلهامية وتنزل العقوبات؟ لأنه إذا عبدناك فمن أجل فائدتنا، أما إذا لم نفعل فسوف نتعرض نحن للخسارة، لماذا تتحمس أنت عبثا؟ فإذا قال له أحد ذلك بل لو تقدم إليه سكان العالم بأسره وبنو آدم كلهم متفقين بطلب مفاده أعفنا عن نصائحك وأوامرك وكتبك الإلهامية؛ فنحن لا نريد جنتك أو لا نريد الدخول في دار النجاة، وسنعيش في هذا العالم مهما كانت الظروف.نرجو أن تتركنا للأبد في هذا العالم وحده، نحن نتنازل عن النعم العظيمة في الآخرة، ونرجو أن لا تتدخل في أعمالنا أيما دخل، ونرجو أن تتخلى عن الجزاء والعقاب الذي تقرره بحقنا على الدوام، ولا تتعرض لنفعنا أو خسارتنا في شيء؛ فلن يُقبل طلبهم هذا أبدًا حتى لو ظلوا يبكون من أجله طول الحياة.فمن هنا يثبت بجلاء أنه ليس صحيحا أن الإنسان حر في حالته، وهو يعبد لفائدته، ولا دخل فيها للبرميشور، بل من مقتضى جلال الله وعظمته أيضًا أن يعبده الإنسان، ويسلك الطرق الصالحة.وإن ألوهيته بالطبع تقتضي أن تظهر له آثار العبودية.وإن كماله يريد بدافع الحماس الذاتي أن يتذلل له من لا يخلو من النقص.ولهذا السبب، يصيب العصاة والمتمردين وجميع الذين يصرون على الفتن والشرور بعذابه في نهاية المطاف.وإلا لا يظهر أي سبب مقنع على أنه لماذا يشغل باله عبثا دوما بأن يجزي أصحاب الأعمال الحسنة خيرًا ومرتكبي السيئات عقابا دون أن تكون فيه قوة ذاتية تتمتع بها ذاته المباركة من الأزل على الثواب والعقاب.بل إذا

Page 229

لم تكن يتمتع بقوة ذاتية تدفعه إلى الثواب والعقاب فكان ينبغي أن يلزم الصمت ويمتنع نهائيا عن ذكر الجزاء والعقاب وصحيح أن الضرر أو النفع المترتب على أعمال الإنسان يعود إليه حصرا، ولا تزيد به عظمة الله تعالى وسلطته ولا تنقص شيئا، كذلك من الصحيح والحقيقة المحكمة أن الربوبية تقتضي إقامة العباد على حيثية العبودية.أما الذي يأنف قليلا استكبارا فإن رأسه يمزق فورا.باختصار؛ إن ذات الله تعالى تقتضي إظهار عظمته وألوهيته و كبرياءه وجلاله وملكه.وإن الدينونة ومطالبة الطاعة والعبودية والعبادة فرع لهذا المقتضى.ولإظهار الربوبية والألوهية قد خلق العالم المليء بأنواع المخلوقات، وإلا لو لم تكن لديه الإرادة للإظهار لما توجه إلى الخلق عبثا.ومن ذا الذي كان قد ألقى المسؤولية عليه أن يخلق حتما هذا العالم ويخلق العلاقة بين الأرواح والأجسام، وبذلك يجعل هذا الخان، الذي يدعى بالدنيا، مكان عجائب قدراته؛ لا بد أنه كان فيه طبع اقتضى منه بدء ذلك.ونجد في القرآن الكريم، الذي هو كلامه المقدس، إشارات إليه تُثبت أن الله قد استهدف من خلق العالم كله أن يُعرف بصفته الخالق.ثم بعد الخلق أنزل على مخلوقاته غيث الرحمة والكرم بغزارة ليُعرف برحيميته وكريميته.وكذلك حدد الثواب والعقاب ليُعرف أنه منتقم ومنعم، وكذلك سيبعث بعد الموت ليعرف بقدرته.باختصار؛ يقصد من جميع عجائبه أن يُعرَف.فلما كان الهدف الحقيقي من خلق العالم وتحديد الثواب والعقاب أن يتمكن الإنسان من المعرفة الإلهية، التي هي مغزى العبادة والعبودية؛ فيتبين بجلاء أن

Page 230

الله نفسه يقتضي أن يحرز عباده ،معرفته التي تتجلى حقيقتها الكاملة بالعبادة.فكما أن الجميل يريد أن يظهر حسنه كمال جماله، فالله بسبب الذي ختمت عليه كمالات الحسن الحقيقي كلها هو الآخر يريد بطبعه الجياش أن تظهر كمالاته على الناس.فقد ثبت من هذا البحث أن الله يريد من عباده أن يعبدوه حتمًا، لأن العبادة مدار المعرفة ووسيلتها.والذي يقاوم من الناس مشيئته الله هذه ويرفض عبادته وينحرف عن سبيله، فإن كبرياءه تتوجه إلى مثل هذا الرجل للقضاء عليه.فإذا تدبرتم تاريخ العالم وألقيتم نظرة عميقة على فعل الله لاتجاه المتمردين والملحدين وما صدر منه دوما بحق المعتدين والظالمين منذ القدم فسوف يتبين لكم بمنتهى الجلاء أنه من الحقيقة الثابتة بلا شك أن الله الله بمقتضى فطرته يحب الصلاح حتمًا ويكره السيئة ويعاديها.ومع أن الحسنة والسيئة التي تصدر من المرء لا تترك أي تأثير مفيد أو ضار في ملكه الا الله لكنه بمقتضاه الذاتي يريد حصرا أن يتخلى الناس عن السيئة ويتحلوا بالحسنة.فالواضح الآن أن الله إذا لم يخلق الأرواح فلا يحق له أن يستجوب أي روح على أنه لماذا لم تقم بالعبادة الكاملة التي تجب على المخلوق بحق خالقه.قوله : أما القول بأنه إذا لم يكن الله له الا الله خالقا فلا يمكن أن يكون محيطا أيضًا.فلعل هذا القول يصدر من "مَن خلق الله أيضًا" لأن الله لم يكسب جميع صفاته وقدراته من خلق الأرواح، كلا بل في الحقيقة هو يتصف بجميع الصفات أصلا.

Page 231

أقول: قد استمتعتُ اليوم كثيرا بالاطلاع على كمالات المدرس المحترم العلمية ! أستغرب لماذا لا يجعله الآريون خليفة ديانند.فالذي يقول: "إن كون الله الله محيطا بطل شيء يستلزم كونه خالقا" يصبح بهذا القول خالقا لله الله في نظر المدرس! الآن يجب مراجعة المطلب الحقيقي حاسبين قول المدرس المحترم هذا أمانة.فمن البديهي والواضح جدا أنه إذا كان الله الا الله محيطا بشيء فإن علمه أيضًا محيط به، وتكون قدرته الكاملة أيضا محيطة به؛ لأن ذات الله غير منفصلة عن صفاته حتى يقال بأنه عند الإحاطة يتخلى عن صفاته.الآن حين ثبت أن قدرة الله الكاملة وعلمه الكامل محيط بكل أن شيء فهذه هي حقيقة الخالقية، فقد كتبنا من قبل أيضا في عدة مواضع العلم الكامل يستلزم الصنع بشرط تحقق القدرة الكاملة.فلو كان الإنسان يملك علما كاملا عن شيء بالإضافة إلى توفر الوسائل التي تكسبه القدرة والطاقة للصنع لقدر على صنع ذلك الشيء بل هما حصرا الشرطان الأساسيان لآلاف الصنائع التي ابتكرها منذ بدء الخلق؛ فإذا نال المرء العلم الكامل عن شيء والقدرة الكاملة أيضًا على التصرف فيه، فلن يعجز في حال من الأحوال عن صنعه إذن؛ لما كان هذا هو حال الإنسان فأي آفة حلت بالبرميشور؟ إذ من ناحية يقال في حقه إن علمه عن كل شيء كامل وهو محيط بكل شيء وكل ذرة من الكون بعلمه الكامل وقدرته التامة، ومن ناحية أخرى يُرفض علنًا كونُه خالقا وصانعا.فلما ثبت بداهةً أن كونَ أحدٍ خالقًا لشيء فرع لكونه محيطا به، فبعد أن آمنتم بأن الله محيط وهي

Page 232

عنه ، ۰۲۱۸ صفته الأصلية لماذا تنكرون فرعها؟ فمن أجلى البديهيات أن الفرع يستلزم الأصل.فالذي يُقر بطلوع الشمس مثلا ثم يصر على أن الليل ما زال باقيا، فهو يدحض قوله بقوله هو.فكذلك حين سلّمتم بأنفسكم بأن الله يحيط بكل ذرات العالم بذاته وعلمه الكامل وقدرته الكاملة بحيث كل شيء في قبضته التامة بكل كنهه وكيفيته، فلا بد لكم من التسليم بفرعه أيضًا؛ أي أنه خالق هذه الأشياء أيضًا.لأن العلم التام يستلزم الصنع الذي هو فرع له.وكما من الواضح أنه قبل صنع شيء ما لا بد من حصول العلم الكامل أي بأي طريقة وأسلوب ينبغي أن يُصنع، كذلك من البين الجلي أن الطريق الوحيد لإحراز القدرة على خلق شيء أن يتحقق العلم التام بذلك الصنع.فإن كان الله الا الله مطلعا على حقيقة أعيان الموجودات كما يجب، أنه يملك القدرة على صنعها أيضًا؛ ذلك لأن العلم التام يقال عن العلم الذي تنكشف به الحقيقة الأصلية لوجود الأشياء كما ينبغي، بحيث لا يبقى أي جزء من الوجود غير منكشف إن علم الإنسان يعد ناقصا لأنه لا يتمكن من إدراك كنه الأشياء، بل يعجز بعد تقدم قليل؛ فمثلا يمكن أن يقول عن المستحاثات الحجرية حين ينظر إليه إن هذه المستحاثات خرجت من الأبخرة اللطيفة للحجر، ثم بإمعان النظر في الحجر يمكن أن يقول إنه تشكّل من "بالو"، أي أجزاء الرمل الدهنية ثم يمكن أن يقول بحق بالو أنه تشكل من تغيرات التراب.لكنه إذا طُرح عليه السؤال أخيرا كيف خُلق التراب ومن أين جاء وما هي الفلسفة لاكتشاف كنهه، فيبقى عاجزا عن فمن المحتم

Page 233

الرد على هذا السؤال، ويعترف بجهله وعجزه.ومثل ذلك لا يجد مناصا من الاعتراف بجهله عند السؤال الأخير عن كل شيء.والآن نقول أنه لو كان الحال نفسه للبرميشور أيضًا بحيث يتوقف علمه أيضا عند حد كعلم الإنسان، وعند الوصول إلى ذلك الحد لا يجد بدا من الإقرار بجهله وعدم معرفته وضعفه، فقد عُرفت حقيقة برميشور الهندوس كلها.وثبت أن البرميشور الخيالي للهندوس جاهل وعاجز أيضًا بالإضافة إلى نقائص أخرى.أما إذا كان علمه غير محدود وغير منقطع وواصلا إلى درجة كاملة لمعرفة كنه الأشياء التي يستلزم الوصول إليه الخلق، فقد ثبت كونه خالقا.ثم بعد ذلك يُظهر المدرس المحترم عقله وذكاءه الآخر ويقول بأنه حين ثبت أن البرميشور ركب أشياء العالم كلها، أفلم يثبت أنه محيط بها أيضًا؟ أيها القراء، ألم تدركوا إلى الآن كم يحوز المدرس الفاضل من العلم والفضل؟ يا صاحبي، لو كان برميشورك - رغم علمه التام وقدرته الكاملة التي لا يمكن أن تنفصل عنها في أي حال محيطا إحاطة تامة بأشياء العالم وكان علمه قد بلغ كنهها، وكان عالما بكيفية خواصها وحقيقة قواها من الدرجة القصوى، لما أصيبت قدرته بهذه الآفة؛ أي أن تقتصر على التركيب فقط.ألا يستلزم العلم من الدرجة القصوى العمل من الدرجة القصوى؟ فهل رأى أحد في العالم أو سمع أحد لا يبلغ حد علمه؟ فليتضح أن عمل أن بقول المدرس هذا الذي فندناه آنفا قد انتهت أقواله الفاسدة بسوء.والحمد الله على ما نصرنا وأخزى أعداءنا وظهر الحق وهم كارهون.

Page 234

۲۲۰ الخطاب الموجز ملخصاً للمناظرة - يستطيع أن يفهم القراء من قراءة هذا الكتاب ما أسخف اعتراض المدرس مرليدهر المحترم على انشقاق القمر وأبعده عن الحق، لأنه حتى لو سلّم بصحة هذا الاعتراض افتراضا، وتقرر أن للآية القرآنية الكريمة معنى آخر، فهذا لا يضر الإسلام في شيء، وإنما إذا حدث شيء فهو أن معجزة من آلاف المعجزات لم يتم إثباتها.لكن في حالة وجود مئات الشواهد القاطعة على صدق الإسلام والقرآن الكريم نفسه يجمع في طياته مجموعة البراهين والأدلة لو افترض أن انشقاق القمر غير ثابت فأي ضرر أو حرج ترتب على ذلك؟ فهل من كتاب يدعى إلهاميا يقدر على منافسة معجزات القرآن الكريم التي تُثبت أن القرآن الكريم في حد ذاته معجزة وخصائصه الروحانية تبلغ الكمال؟ إن القرآن الكريم في بيانه الكامل والقوي للتوحيد، وإثباته مبادله عقلانيةً ومزودة بالأدلة، وتسجيله الأخلاق الفاضلة بجميع جزئياتها، ومعالجاته اللطيفة للأخلاق الذميمة، و توضيح جميع الطرق المؤدية إلى الله، وكشفه الفلسفة الحقة للنجاة، وذكره الصفات الإلهية الكاملة على وجه أتم وأكمل، وبيانه الحكيم للمبدأ والمعاد، وبيانه خواص الروح وقواها وقدراتها وكفاءاتها، وإحاطته بجميع وسائل الحكمة الإلهية البالغة واحتوائه على جميع أنواع الحقائق، ورده عقليا على جميع الأديان الباطلة، وإقامة حقوق عباد الله، وفي التأثيرات والتنويرات الروحانية، وبالإضافة إلى كل ذلك قد بلغ درجة

Page 235

۲۲ الكمال في عبارته الفصيحة والبليغة ،والمليحة لدرجة يُعد كل بيان من هذه البيانات في الحقيقة معجزةً عظيمة ليس من وسع أي آري ولا مسيحي ولا يهودي ولا أحد من أتباع الأديان الأخرى أن ينافسه في ذلك.فالفيدا في هذا المجال غير مُجدٍ تمامًا، ولا تأثير للتوراة والإنجيل أيضا، ولهذا السبب لم يقدِّم أي كتاب دعوى أعلنها القرآن الكريم، كما يقول نفسه: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْل هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ).إذا كان أي آري أو غيره يجد في قلبه زهوا أو في رأسه كبرا ويزعم أن ما سجلنا هنا من معجزات القرآن الكريم الذاتية ليس من المعجزة، بل ادّعى أن الفيدا أو أي كتاب يعدّه إلهاميا يقدر على أن ينافسه، فله الخيار أن يجربه.إذا كان أي معارض من ذوي العلم والمتميزين منكرا لأي من معجزات القرآن الكريم هذه ويزعم أن كتابه الإلهامي قادر على المواجهة فنعده أنا سوف نسجل في كتاب مستقل نوعًا من أقسام معجزات القرآن الكريم الذاتية طلبه وننشره.ثم إذا استطاع كتابه الإلهامي منافسة القرآن الكريم فسيكون من حقه أن ينكر معجزات القرآن الكريم بأسرها، ويطلب منا الوفاء بالشرط المحدد وإلا فإنكار معجزة انشقاق القمر لمجرد العناد والعماية الباطنية ليس مما يضر الإسلام قيد شعرة.إذا كان المعارضون لا يقدرون على رد المعجزات الموجودة في القرآن فبدء النقاش حول ما هو غائب عن الأنظار، الإسراء: ۸۹

Page 236

۲۲۲۰ تاركين ما هو موجود، زيع تماما واعوجاج.وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن يفهم القراء بقراءة ما كتبناه في المقدمة عن البحث في قانون الطبيعة، أن انشقاق القمر ليس مستبعدا في الحقيقة عقليا كما يظنه الأغبياء والمشعوذون؛ فإلى الآن لم يتمكن أحدٌ من الإحاطة بخواص الشمس والقمر، ولم يثبت أن الله الله قد تخلّى عن هذه الأشياء نهائيا بعد خلقها.وأن هذه الأشياء تتمرد عليه الآن.كلا بل إن يدي الله الله مبسوطتان على الدوام للمحو والإثبات وهو يفعل ما يشاء بقدراته غير المنتهية التي لا حصر لها.والواضح أن عدم العلم بشيء لا يستلزم عدم وجوده.فما دامت الكرة الأرضية تتصف بخاصية الزلازل والانشقاق والاتصال إذ قد انقلبت الأرض في الأزمنة الغابرة على مسافة مئات الأميال نتيجة الانشقاق، كما يلاحظ ظهور مثل هذه الأحداث الآن أيضًا، وهذه الأحداث لا تؤثر في دورانها أيما تأثير، فلماذا يثار التعجب أحداث القمر؟ أليس من المحتمل أن يكون الله الحكيم قد أودعه ميزتي الانشقاق والاتصال كلتيهما؟ ويكون ظهورهما مرتبطا بموعد معين.ويكون ذلك الموعد في الإرادة الأزلية وقتًا طلبت فيه من النبي هذه المعجزة؟ كما من الممكن أن تكون القوة القدسية للنبي ﷺ قد وهبت للمشاهدين عيونا كشفية أحضر أمامهم مشهد الانشقاق الذي سيحدث قرب القيامة.لأنه من الثابث المتحقق أن قوى المقربين الكشفية، تؤثر بسبب قوتها الكبيرة في الآخرين أيضًا.والأمثلة على ذلك موجودة بكثرة في سوانح المكاشفات.فبعض الأكابر أظهروا وجودهم في بلدان مختلفة وأماكن مختلفة أصحاب

Page 237

في آن واحد بإذن الله.وهنا نقول أيضًا إن البحوث العلمية المعاصرة تشهد على أن انشقاق القمر لم يحدث مرة واحدة فقط، بل إن الاتصال والانشقاق جاریان سرًّا في الشمس والقمر باستمرار، لأن الفسلفات المعاصرة تبدي رأيها المحكم بأن الشمس والقمر عامرتان بالحيوانات والنباتات وغيرهما كما هي الأرض وهذا الأمر يُثبت الانشقاق والاتصال للقمر، لأن من الواضح جدًّا أن الحيوانات والنباتات وغيرها تتخذ جسمها من مادة الكوكب نفسه الذي تكون عليه، وليس صحيحا أن تلك المادة تنقل إليها بالعجلات والمركبات من كوكب آخر.الآن حين لم نجد بدا من الإقرار بأنه قدر ما يوجد في القمر من كائنات حية وهي تتحرك بإرادتها وتتولد بانتظام، فإن مادة جسمها هي نفس كانت تتصل بحزم القمر ؛ فهذا يستلزم الإقرار بأن جرم القمر يلزمه الانشقاق دومًا.ثم بموت هذه الكائنات يلزم الاتصال أيضًا.فالواضح من هذا التحقيق أن الانشقاق والاتصال موجودان في القمر كل حين وآن بل في الشمس أيضًا.وإن مثالا عظيما لهذا الانشقاق والاتصال يكمن في حادثة انشقاق القمر المذكور في القرآن الكريم.فما دام الفلاسفة يُقرون بأنفسهم بنموذج أصغر فما الذي يدفعهم إلى إنكار العظيم؟ فالأمر الحقيقي ثابت بحسب طريق الفلاسفة أيضًا أن الانشقاق والاتصال يحدثان بانتظام في جرمي الشمس والقمر؛ فبناء على ذلك قد سلّم بكون هاتين الكرتين عامرتين بالحياة.إذن إنها لَضحةٌ سخيفة أن البرميشور ليس قادرا على شق القمر.وبالإضافة إلى ذلك قد أثبتنا تاريخيا وبأدلة قوية أن انشقاق القمر قد حدث التي

Page 238

حتمًا.وذكرنا أيضًا أنه لو كُتبت هذه المعجزة على عكس الحقيقة ونُشرت على عكس الواقع لكان من المستحيل أن يبقى المعارضون الذين عُدّوا شهود عيان- صامتين.لقد كتبنا في هذا البحث أيضًا أن كتاب "مها بهارت" الذي نُسب تأليفه إلى بياس يشهد على أن انشقاق القمر حصل حتما في زمن ما.فليتأمل القراء بالعقل والإنصاف هل الإثباتات التي قدمناها قليلة؟ فهل الذين يثبتون الأحداث التاريخية يقدمون إثباتا أكبر من هذا؟ وإن الاعتراضات التي وجهناها إلى مبادئ الآريين ومعتقداتهم هي الأخرى أمام القراء.لقد بينا في هذا الكتاب نفسه المساوئ كلها لتعاليم الفيدا بأن الله الله ليس خالق الأرواح والمواد، وأن كل شيء من تلقاء نفسه مثله وقديم وواجب، وأنه لن يحظى أحد بالنجاة الأبدية، وكتبنا الأدلة بيدنا ردًّا عليها.ونكشف على الجميع أن التعليم الذي يريد أن يقطع علاقة المرء الحقيقية بخالقه لسيّئ جدا فضلا أن يبشره بإنشاء علاقة ثانية.وكذلك ينكر هؤلاء وجود الإلهامات عن الإلهية إلى نهاية العالم بعد الفيدا.فكم هذه الفكرة فاسدة! فإنما النبي يُبعث لكي يُظهر بوجوده آخر نقطة للترقيات الإنسانية ويقيم بوجوده العلاقة الثنائية لصدق العبودية وفضل الربوبية.وبذلك يقوي همة السالكين والمجاهدين ويريد إيصالهم بعطفه إلى غاية الكمال الذي أقامه الله بلطفه.أما هؤلاء فيحصرون الإلهام الذي يشكّل علامة حقيقية للكمال في الفيدا فقط.فإذا لم يُرِدْ أي آري التخلي عن عناده حتى بعد قراءة كتابنا هذا بأكمله، ولم يرتدع عن كفره، فنحن ندعوه للمباهلة بتلقي الإشارة من الله

Page 239

وتعالى.۲۲۰ إن أصل الدين معرفة الله الله الله و عرفان النعماء الإلهية، وفروعه الأعمال الصالحة، وأزهاره الأخلاق الفاضلة وثماره البركات الروحانية والحب اللطيف جدا الذي ينشأ بين الرب وعبده وإن التمتع بتلك الثمرة هو الفوز بالتقدس الروحاني والطهارة."إنما الأجمل يغني عن الجميل، كما أن العشق يعالج بالعشق إنما الأسد يتصدى للأسد كما أن الحديد يفل بالحديد 11 إذا كان جسمك غارقا في النجاسة فاذهب إلى أي نهر واغطس فيه ١ إن كمال الحب ينشأ من كمال المعرفة.وإن العشق الإلهى يفور بقدر المعرفة، وفي اليوم الذي ينشأ فيه الحب الذاتي يكون نفسه أول يوم من الولادة الجديدة.وتلك الساعة تكون ساعة أولى للعالم الجديد.لكن الفيدا ناقص من الدرجة القصوى في أمر معرفة الله ومضل وقاصر لأقصى حد في بيان النعماء الإلهية؛ لأنه ينكر تماما رحمة الله الأصلية وفضله، ولا يعتقد بأي نعمة ورحمة له بدون ثمرة الأعمال حتى أن القمر والشمس والأرض وغيرها من أجزاء العالم الضرورية الأولية، ليست من الرحمة الذاتية الأصلية لله بحسب الفيدا.بل إن البرميشور لا يجد بدا من خلقها في كل عالم جديد نتيجة عمل حسن لأحد الآريين.باختصار؛ لا توجد في البرميشور أي أثر لرحمة ذاتية بحسب الفيدا، بل كل ما نراه في السماوات والأرض قد خُلق نتيجة أعمال الآريين الحسنة.لكن البرميشور في ذلك قد ارتكب خطأ ترجمة أبيات فارسية.(المترجم)

Page 240

٢٢٦ فادحا وهو أنه خلق الأرض والقمر والشمس وغيرها نتيجة أعمال حسنة للآريين فقط، ثم أشرك سكان البلاد الأخرى أيضًا في حق الهندوس الخاص.فما أشنعه من ظلم وكذلك الفيدا انقطع نهائيا عن بيان الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة أيضًا.فسبب تحرُّر الآريين على شاكلة خليع الرسن يعود إلى خلو الفيدا تماما من الطرق الطيبة للعبادة والعبودية والوسائل الخالصة لتزكية النفس.إن أصل العبادة تلاوة الكلام الإلهي؛ لأنه إذا قرئ كلام المحبوب أو استمع له، فهو يخلق الحب حتما في قلب المحب الصادق ويولد فيه ثورة العشق إلا أن الآريين أبعد ما يكونون عنه؛ فلو قرأوا الفيدا لانكشفت عليهم حقيقته.أما الآن فإن عبادتهم تنحصر في إشعالهم النار عبثا على بعض الأشياء مثل السمن، ظنا منهم أنهم يؤدون مراسم "هوم".فلو قدموا هذه الأشياء لأحد للأكل لكان تصرُّفُهم معقولا.فلم يثبت أن مي الصلحاء الذين نزل عليهم الفيدا كانوا متمتعين حتى بهذه النعمة فضلا عن فوزهم بالبركات الروحانية والحب الثنائي.بل لا يثبت وجودهم أصلا، وما أسماؤهم، وفي أي مدينة كانوا يسكنون، وفي أي عمر تلقوا الإلهام، وما الإثباتات أنهم كانوا ملهمين.وإن ما يقال إنهم كانوا يسمون بــ"أغني" و"وايو" أي النار والهواء وغيرهما، فكل هذه الأمور مخترعات كما يقول بذلك المنشي إندر من المراد آبادي أيضًا في كتابه "آريو بركاش".إن الهندوس يحبون آلهتهم مثل النار وغيرها.وإن الفقرة الأولى من "رج فيدا" تبدأ بـ "أغني" نفسها.فالأشياء التي كانوا يحبونها ادعوا أن الفيدا نزل عليها.هي

Page 241

يتحتم د في أي موضع من الفيدا أن في الحقيقة خلا أربعة أشخاص في 6 وإلا لم زمن بدائي وعليهم حصرا نزلت الفيدات.وإذا كان قد ورد فعلى الآريين أن يُثبتوا من خلال الفيدا أنهم تلقوا الإلهام وينشروا في أي مجلة سوانح حياتهم.فمن معتقدات الآريين الأساسية أنه في بدء العالم قد خلق ملايين الملايين من الناس- وليس بضعة أشخاص فقط كالضفادع في شتى البلاد نتيجة حرارة الأرض وأربعة ريشيين منهم ملهَمون في الهند، بينما سائر المخلوقات حُرمت من الإلهام وسُلّمت لهؤلاء الملهمين.ففي هذه الحالة أن يكون البرميشور قد أعطى أولئك الريشيين آيات يعرفهم بها الآخرون الذين ولدوا في الزمن نفسه.فإذا كان الله قد أعطاهم هذه الآيات فيجب أن تُثبت من الفيدا.ويجب أن يُفهم أنه من التباهي والازدهاء أيضا أن صلحاء الفيدا كانوا قد أتوا لإصلاح جميع البلدان، لأنه لو كان ذلك صحيحا لكُتب في الفيدا حتمًا أن أولئك الأربعة خرجوا مرة من حدود الهند لإلقاء الوعظ في أي من البلاد النائية؛ فمتى ذكرت أميركا في الفيدا، وأين ورد ذكر أفريقيا أيضًا، ومتى اطَّلع الفيدا على شتى بلاد أوروبا ومناطقها المختلفة.بل إن الفيدا غافل حتى عن البلاد الآسيوية، وبقراءته يتبين من عباراته المتعددة بجلاء أن عقار البرميشور كله ينحصر في الهند- أي بلاد الآريين وحدها.فإن لم يكونوا صادقين في كل هذه الأمور فيجب الإثبات من الفيدات أن الريشيين خرجوا من الهند يوما وسافروا إلى بلاد أجنبية متأبطين الفيدا، وإثباته مستحيل.فلم يستطع إثباته البانديت ديانند

Page 242

۲۲۸ ۲۲ أيضا.فالآن يثبت ظلم عجيب لبرميشور الفيدا إذ من ناحية يُقر الفيدا صراحةً أن الناس كانوا قد ولدوا عند بدء العالم متفرقين في شتى بلاد العالم، وكان الفيدا قد نزل لإصلاحهم جميعا.ومن ناحية لا یهیئ هذا الفيدا الغريب أي إثبات أنه متى وفي أي وقت سافر الريشيون إلى بلاد أخرى للإصلاح أو كانوا قد أرسلوا الرسائل أو حققوا شرط التبليغ بإيصال رسالة، أو كانوا قد أوصوا في الفيدا بأن هناك بلادا معينة أخرى، فاذهبوا إليها وانشروا فيها تعليم الفيدا.فلما ثبت أن الفيدات لم تكن تعنيها البلاد الأخرى مطلقا، فمن هنا يمكن أن تقدَّر سلاطة السن الآريين، إذ يسمون ألوفا مؤلفة من أنبياء الله الأطهار - الذين ظهروا في مختلف البلاد، وانتشر نورهم في الأرض كأشعة الشمس مكارين ونصابين ومخادعين مقابل من ريشيي الفيدا الأربعة المجهولين.فلا يفكر أي سليم الطبع منهم أنه المستبعد جدا من حكمة الله ورحمته الواسعة أولا أن ينشئ علاقته الخاصة منذ القدم ومن الأزل إلى الأبد بمكان خاص ومحدود دونما سبب؛ وبذلك يحرم آلاف البلاد الواسعة من كلامه وفيضه مباشرة وتلقي الإلهام منه.وبالإضافة إلى ذلك كم من التعنت والعجرفة الزعم أن هذا البرميشور، عجيب العقل، قد حصر كل أنواع الهداية في الفيدا، وأنهى كلامه وإلهامه عند الفيدا.ثم لم يفتح فمه ليوجه أولئك الصلحاء إلى أن له في العالم عبادا آخرين أيضًا لا يمكن أن أبعث إليهم أي نبي؛ لأن صداقتي منذ الأزل تخصكم أنتم الأربعة فقط، فتوجهوا أنتم إلى هذه البلاد أيضًا حاملين معكم

Page 243

الفيدا.لكن البرميشور لم يعط أولئك الصلحاء هذه التوجيهات ولم ينزل رحمته المستقلة على البلاد الأخرى قط.فقد ظهر فيهم آلاف المكارين نَذِيرٌ الله والنصابين بل مئات الآلاف منهم ولم يظهر قط أي ملهم صادق فهل يقبل نور قلب أي صادق هذه الفكرة؟ فهل ينبغي أن يتصف الله رب العالمين بهذه الصفات؟ لاحظوا مقابل ذلك كم يتسم القول الوارد في القرآن الكريم بالعدل والصدق؛ حيث يقول الله : وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا أي لا يوجد أي بلد عامر لم يكن فيه رسول أو مصلح، ثم قال: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ، أي أن سنة الله منذ القدم أنه يحيي الأرض من جديد حين تموت فلا يكتفي بإنزال غيث واحد.يجب التدبر ما أروعها من حقيقة أن باب الإلهام المتجدد لا ينغلق أبدا.أما بحسب الفيدا فقد انغلق منذ ملايين السنين، وإن أوراقه القديمة دفينة الآن في حقائب البانديتات الوسخة القذرة، وقد أكلت شيئا منها دودة التحريفات النفسانية، وكانت سلفا سخيفة ومثقوبة وملطخة بالعفونات الفطرية.الآن نقول عوداً إلى الكلام السابق إن الفيدا قاصر وعاجز عن إيصال المرء إلى البركات الروحانية والحب الإلهي، وكيف لا يكون قاصرا وعاجزا ؟! فالوسائل التي تتوفر بها هذه النعم، أي الطريقة الحقة لمعرفة الله ومعرفة النعماء الإلهية وإحراز الأعمال الصالحة والتحلي بالأخلاق المرضية فاطر: ٢٥ الحديد: ۱۸

Page 244

۲۳۰ وتزكية النفس عن الرذائل النفسانية، فإن الفيدا محروم تماما من بيان كل هذه المعارف على وجه حق وصحيح.فهل على سطح الأرض آري يقدر على إثبات منافسة الفيدا للقرآن الكريم في هذه الأمور مقابلنا؟ إذا كان هناك حي فليخبرنا وليُطلعنا على أمر أراده من الأمور الدينية، فسوف ننشر بهذا الهدف كتابا بالتزام الآيات البينات والأدلة العقلية من القرآن الكريم لكي يرينا معارف الفيدا وفلسفتها بالالتزام نفسه.ومقابل هذا الإزعاج لقارئ الفيدا سنُودع جائزة ما عند شخص محايد، وينالها في حالة الغلبة.فإنما الشرط أن يكون قادرا على قراءة الفيدا، لكي لا يضيع أوقاتنا عبثا.فليكن معلوما أن الذي يبعد نفسه عن الحق يدعى ملعونا وأما الذي يساعد نفسه على الفوز بالحق فهو يدعى مقرونا والآن للآريين خيار في أن يكونوا مقابلنا "مقرونا" أو "ملعونا".إذا جاء إلى الميدان أي آري مؤدب مطلع على حقيقة الفيدا خلال ثلاثة أشهر بنية منافسة الفيدا للقرآن الكريم والمقارنة بينهما وتمكن من خلال عبارات الفيدا من دحض الآيات والأدلة التي نكون قد سجلناها من القرآن الكريم في ذلك الكتاب؛ فقد صان شرف الفيدا وأتباعه ونال لقب المقرون الكريم.أما إذا لم يتقدم خلال هذه الفترة أي عالم بالفيدا فمعنى ذلك أن الجميع رضوا باللقب الذي هو مقابل المقرون.وإذا لم يكفوا حتى بعد ذلك أيضًا فآخر الحيل هي المباهلة التي قد أشرنا إليها من قبل.وليس من الضروري للمباهل أن يكون عالما بالفيدا، إلا أنه يجب أن يكون آريا نبيلا ومؤدبا ومحترما ومعروفا، لكي يؤثر في الآخرين أيضًا.

Page 245

۲۳۱ فنخاطب أولا لاله مرليدهر ثم لاله جيونداس سكرتير آريا سماج لاهور، ثم المنشي إندر من المرادآبادي، ثم شخصا من الآريين قد عُدّ من النجباء وذوي العلم، أنهم إذا كانوا يعدّون تعاليم الفيدا التي سجلنا شيئا منها في هذا الكتاب صحيحةً وصادقة في الحقيقة، ويعدّون تعاليم القرآن الكريم ومبادئه التي ذكرت مقابلها في الكتاب نفسه باطلةً وكاذبة، فليباهلونا حول هذا الموضوع فلنحدد مكانا للمباهلة باتفاق الفريقين لنحضره نحن الفريقان حيث يقسم كل من الفريقين ثلاث مرات في الاجتماع العام واقفا بحق مضمون المباهلة الذي سجلنا نموذجه في نهاية هذا الكتاب بخط بارز بإقرار الفريقين ويصدّق بأنه يراه حقا في الحقيقة.وإن لم يكن بيانه على حق فلينزل عليه الوبال والعذاب في هذا العالم نفسه باختصار؛ إن العبارات التي كتبت على كل من ورقتي المباهلة وهي معتقدات الفريقين، ينبغي تصديقها بشرط نزول العذاب في حالة الكذب.ثم تكون المهلة لمدة سنة كاملة لصدور السماوي.فإذا نزل العذاب أو الوبال على مؤلف هذا الكتاب بعد مرور سنة أو لم ينزل على الخصم ففي كلتا الحالتين سيدفع هذا العبد المتواضع غرامة قدرها ٥٠٠ ،روبية يمكن إيداعها في الخزينة الحكومية باتفاق الفريقين أو في مكان ينال منه ذلك المبلغ بسهولة وسيكون من حق الفريق الخصم أن يناله تلقائيا في حالة غلبته، أما إذا غلبنا نحن فليس لدينا أي شرط؛ لأننا نرى في ظهور آثار الدعاء كفايةً بدلا من أي شرط.والآن ننهي هذا الكتاب بعد تسجيل مضمون المباهلة على ورقتين.وبالله التوفيق.

Page 246

۲۳۲۰ نموذج مضمون المباهلة من مؤلف هذا الكتاب نحمده ونصلي على رسوله الكريم بعد الحمد والصلاة؛ أنا مؤلف كتاب البراهين الأحمدية) عبد الله الأحد الصمد أحمد ابن المرحوم میرزا غلام مرتضى: أقول مقسما بالله الكريم جل شأنه وعز اسمه بأني قد تثبت بقضاء الجزء الأكبر من حياتي العزيزة في التحقيق الديني أن الدين الصادق من الله في العالم هو الإسلام فقط، وأن حضرة سيدنا ومولانا محمدا المصطفى هو رسول الله وأفضل الرسل.وأن القرآن الكريم كلام الله جل شأنه المقدس والكامل وهو يشتمل على الحقائق المقدسة والصدق.وأن كل ما ذكر في هذا الكلام المقدس أن الله واحده لا شريك له في وجوبه الذاتي وقدامة وجوده وقدرته الكاملة وفي جميع صفاته الأخرى، وأنه خالق المخلوقات كلها وبارئ جميع الأرواح والأجسام وأنه سيمنح المؤمنين الصادقين الأوفياء النجاة الأبدية.وهو الرحمن والرحيم وقابل التوب، وكذلك جميع الصفات الإلهية والتعاليم الأخرى الواردة في القرآن الكريم كلها صحيحة وصواب.وإني أصدق كل هذه الأمور من صميم الفؤاد، وأوقن بها

Page 247

بالروح والقلب.وصحيح أن الله جل شأنه قد أعطاني مئات البراهين أنه العقلية القطعية واليقينية، إلا أن هناك فضلا آخر له قد حالفني وهو شرفني بكلامه وإلهامه مباشرة وبذلك هيأ لي برهانا إضافيا على صحة هذه الحقائق.الآن إن قلبي مفعم بيقين مثل زجاجة مليئة بالعطر الخالص بأن كلام الله القرآن الكريم هو مجموعة جميع البركات الدينية.وأن الله في الحقيقة موجد جميع الموجودات وخالق جميع الأرواح والأجسام ومصدر كل أنواع الخير والبر والفيض.وأن رسوله المقدس محمدا المصطفى نبي صادق وحق وكامل يتوقف فلاح الآخرة على اتباعه.بينما خصمي الفلاني (هنا) يسجل اسم من يتقدم للمباهلة من المعارضين) الذي حضر لمواجهتي الآن يدعي أن جناب سيدنا محمد المصطفى ﷺ ليس نبيا صادقا والعياذ بالله، وأنه قد ألف القرآن الكريم افتراء من عنده.ويقول أيضا إن الله تعالى ليس خالق الأرواح والأجسام وأن أي عابد صادق ومؤمن صادق لن يفوز بالنجاة الأبدية وأن كل ما يزخر به الفيدا حق في الحقيقة.وأن ما يوجد في القرآن الكريم خلاف ذلك فكله كذب محض فاحكم بيننا نحن الفريقين أيها الإله القادر المقتدر، بالحق، وإن الذي هو كاذب منا في أقواله ومعتقداته ويتفوه تعصبا وعنادا لا بصيرةً بأمور لا يملك أي دليل قاطع لإثباتها، وليس قلبه عامرا بنور اليقين بل يخترع من عنده بمحض العناد والانحياز وعدم التقوى أمورا لا يصدقها قلبه، فأنزل عليه أيها القادر الكبير، عذابك خلال سنة، وانصر بافتضاحه

Page 248

٢٣٤ من كان على حق.وأصِبْ الذي يبتعد عن الحق عن عمد ويعادي الصدق ويخالف الصادق، بعذاب مليء باللعنة والألم.لأن القدرة كلها والإنصاف والعدل بيدك أنت آمين يا رب العالمين.**** نموذج مضمون المباهلة من السيد الآري من الفريق الخصم أنا فلان ابن فلان أقول مقسما وحالفا بالله إني قد قرأت كتاب" من أوله إلى آخره وفهمت أدلته جيدا، فلم تؤثر في قلبي تلك الأدلة أي تأثير ولا أراها صادقة.وأقول مقسما ببرميشوري بأني كما ورد في الفيدا أؤمن بصدق القلب أن روحي ومادة جسمي ليس لهما أيُّ ربِّ وأي خالق.وكذلك فإن مادة جسمي أيضا غنية عن الخالق تماما.فأنا جئت إلى حيز الوجود من تلقاء نفسي وواجب الوجود وقديم وأزلي كالبرميشور.فإن روحي ومادة جسمي ليست بحاجة إلى سند أحد، بل هذان الجزءان لكياني منذ القدم قائمان بالذات.وكذلك أؤمن إيمانا كاملا بتعليم الفيدا بأن أحدا لن يفوز بالنجاة للأبد.فدوما هناك دورة للذلة بعد العزة، فأنا أؤمن بتعاليم الفيدا هذه بيقين القلب أن البرميشور ليس قادرًا على خلق حتى ذرة واحدة ولا يستطيع أن يرحم

Page 249

۲۳۵ أحدًا مثقال ذرة دون عمل عامل ولا يقدر على غفران ذنب بسيط جدا 6 بالتوبة أو الاستغفار أو العبادة الحقة والحب دون الإلقاء في دوامة آلاف الولادات.وأنا أوقن انطلاقا من تعليم الفيدا أن الفيدات الأربع كلام البرميشور حتما، وظل ينزل منذ القدم على الريشيين الأربعة دوما في كل زمن جديد في الهند حصرا ، وهم "أغني" و"وايو" وغيرهما.ولم ينزل خارج الهند قط، ولم ينزل في أي لغة غير لغتنا السنسكريتية، وأن آلاف الرسل الذين جاؤوا في بلاد أخرى خارج بلادنا وجاؤوا بعدة كتب، أعدّهم جميعا مزيفين وكتبهم أيضا نصوصا مزيفة.وأوقن بأن الكاذبين فقط جاؤوا في تلك البلاد الأخرى، ولم يأت أي ملهم صادق.وإن الصدق خاص بوطننا الهند منذ الأزل، وبها أنشأ البرميشور الارتباط والعلاقة الخاصة الدائمة، وفي المستقبل أيضا سيتعلق به وحده.ومثل ذلك أؤمن بأن القرآن ومبادئه وتعاليمه المعارضة لمبادئ الفيدا وتعاليمه كاذبة ومزيفة.لكن خصمي المعارض الذي هو مؤلف كتاب"الكحل لعيون الآرية" يعد القرآن الكريم كلام الله ويؤمن بأن جميع جميع تعاليمه صحيحة وعلى حق، ويعد الفيدا ومبادئه وتعاليمه الأخرى المعارضة للقرآن باطلةً تماما وكاذبة فاحكم بيننا يا "إيشر"، نحن الفريقين بالحق.وإن الفريق الذي مبادئه ومعتقداته كاذبة ونجسة والتي يؤمن بها انطلاقا من كتاب نجس أصبه بذلة وهوان وإن الكاذب والمزيف منا في نظرك والذي معتقداته ومبادئه تؤدي إلى الإساءة إليك وهتك شرفك وهو هي

Page 250

يتمسك بها عن عمد فأصبه يا إيشر بأذى وخزي مليء باللعنة، بحيث ينبغي أن يصيبه تأثير اللعنة عيانا في صورة العذاب المؤلم خلال سنة واحدة فافعل هذا يا إيشر ، لأن الكاذب لا ينال العزة عندك كالصادق أبدا.آمين.

Page 251

حاشية منقولة من الصفحة ۱۹۰ قد تنتاب قلب أحد وسوسة أنه إذا تمت الإحاطة بشيء علمًا فيمكن أن يُخلق ذلك الشيء، فإن علم الله بذاته تعالى هو الآخر لكونه كاملا حتما، فهل يكون الله خالق نفسه أو هل يقدر على خلق مثيله؟ أما الجزء الأول لهذا الاعتراض فجوابه أنه إذا عد الله الله خالق نفسه، فهذا يلزم وجوده مسبقا، والواضح أن أي شيء لا يمكن أن يكون قبل وجوده، وإلا يلزم تَقَدُّم الشيء على نفسه.بل لما كان عند الله الله علم كامل بذاته، فالعالم والعلم والمعلوم هنا شيء واحد.إذ ليس فيهما مجال لانفصال أو افتراق، فأي شيء إذن هنا منفصل حتى يُعدّ مخلوقا، فلا يقاس علم الله الذاتي لنفسه على أشياء أخرى ففى علم الله الله الله الذاتي عن نفسه لا ينفصل العالم عن المعلوم، حتى يعد أحدهما خالقا والثاني مخلوقا.فبدلا من أن يعد مخلوقا، ينبغي أن يقال إن ذلك الوجود لم يخلقه أحدٌ غيره.بل قد ظهر من تلقاء نفسه منذ الأزل والقدم.كما تعني كلمة "خدا" الفارسية أيضًا "من أتى بنفسه".أما الجزء الثاني للاعتراض وهو أن البيان المذكور آنفا يستلزم أن يكون الله قادرا على خلق مثيله.فجوابه أن القدرة الإلهية تتوجه فقط إلى أشياء لا تنافي ولا تعارض صفاته الأزلية والأبدية.فلا شك أنه ومبرهن من كل ناحية ومعقول أن الشيء الذي يحوز الله علما كاملا به، إذا أراد الله خلقه فهو قادر على ذلك إلا أنه ليس من الصحيح والضروري أبدا أن الأمور التي يملك القدرة على إنجازها، فإنه سينجزها على أرض الواقع صحیح

Page 252

- حتما دون أن يراعي صفاته الكمالية أيضًا.بل إنه في إظهار كل قدرة له وتنفيذها، يراعي صفاته الكمالية حتمًا، ويتأكد هل الأمر الذي يريد إنجازه بقدرته ينافي ويعارض صفاته الكمالية أم لا.فهو قادر مثلا على أن يلقي أي تقي ورع في جهنم، لكن صفات رحمته وعدله ومجازاته تنافي ذلك؛ فلا يُقدم على ذلك قط.وكذلك لا تتوجه قدرته إلى أن يُهلك نفسه، لأن هذا الفعل ينافي حياته الأزلية الأبدية.وعلى هذا المنوال يجب أن يدرك الإنسان أن الله الله لا يخلق إلها مثله أيضًا، لأن صفة الأحدية الموجودة فيه منذ الأزل حيث لا شريك له ولا نظير منذ الأزل تمنعه من ذلك.فاعلموا بفتح العيون أن العجز عن إنجاز عمل ما هو أمر ، وعدم التوجه مع قدرته إلى أمر ينافي صفاته مراعاةً لصفاته الكمالية أمرٌ آخر تماما.إلا أنه يمكن أن يخلق نموذجا لذاته عديم النظير والمثيل، بحيث يودع محاسنه الذاتية التي يحيط بها علمه في بعض مخلوقاته كانعكاس.ويهب المرتبة النهائية لكمالاته التي يتصف بها حقيقةً ذلك المخلوق أيضًا ظليًّا.وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله: (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ، فالمراد من صاحب الدرجات الرفيعة في هذه الآية نبينا ، الذي وهبت له ظليًّا كمالات من الدرجة القصوى التي ظلال كمالات الألوهية وآثارها.وظهرت الخلافة الحقة التي لخلق مظهرها الكامل قد خُلقت سلسلة بني آدم، بل قد خُلق الكون كله في وجود النبي الغالي ، وصارت ببلوغ مرتبتها الكاملة والتامة مرآةً تري الله.هي البقرة: ٢٥٤

Page 253

۲۳۹ هذا النقاش من المعارف الإلهية دقيق ولطيف جدا.وإن معارضينا الذين ليس لديهم أي علم بنكات المعرفة الدقيقة هذه ويجهلون تماما زقاق أسرار الألوهية، سيتعجبون كيف يمكن أن ينال مرتبة الخلافة الكاملة التامة الحقة هذه التي هي ظلّ مرتبة الألوهية - شخص واحد فقط من بين ملايين المخلوقات التي لا حصر لها.ومع أن المجال لا يتسع لإطالة هذا النقاش، إلا أنني أرى أنه من الضروري البيان لإفهام طالب الحق، أن من عادة الله - أنه ويمكن أن تقولوا أن من سنّته في الكون الملائمة لصفتة الوحدانية- هي بسبب كونه واحدا، يحب أن يراعي الوحدة في أفعال الخلق، فكل ما خلقه إذا نظرنا إليه كله بإمعان فسوف نجد جميع المخلوقات التي صدرت من يد قدرته، منخرطة في سلسلة الوحدانية ومرتبة، كأنها خط مستقيم ممتد محدود، أحد طرفيه ارتفاع والثاني انخفاض على النحو التالي: طرف الارتفاع طرف الانخفاض فسوف يتفق معي حتى صاحب العقل السطحي أيضا في بيان أن الإنسان هو أشرف المخلوقات، وأن في دائرة الإنسانية كفاءات متفاوتة كثيرة، بحيث لو رتبناها في سلسلة مرتبة حسب التفاوت، لظهر خط مستقيم ممتد محدود مثل الذي رسم آنفًا.فعند النقطة الأخيرة في طرف الارتفاع سيكون الإنسان الذي يفوق جميعَ بني نوع البشر من حيث الكفاءة الإنسانية، أما طرف الانخفاض فسيكون في نهايته روح ناقصة الكفاءة التي تقترب بسبب

Page 254

نقصها البالغ غايته من حيوانات لا تعقل.أما إذا نظرنا إلى سلسلة الجمادات، فهذه القاعدة تدعمها أكثر ؛ لأن الله يعمل أكمل صفته الخالق بدءا من أصغر الأجسام الذي هو ذرّة، إلى أكبر الأجسام وهو شمس- ولا شك أن الله قد خلق الشمس عظيمة ونافعة ومباركة من بين سلسلة الجمادات، بحيث لا نجد في طرف الارتفاع وجودا يماثلها.فنظرا إلى ارتفاع هذه السلسلة وانخفاضها، التي هي دوما أمام أعيننا، نفهم بلا تردد أن السلسلة الروحانية التي خرجت من اليد نفسها وظهرت بحسب عادة الله نفسها، هي الأخرى تقع على شاكلتها بلا تفاوت.وفيها أيضا الارتفاع والانخفاض نفسهما.وبما أن أفعال الله تتسم بسمة موحدة وتتصبغ بصبغة موحدة، وذلك لأنه واحد ويحب الوحدانية في أفعاله، والتي لا يمكن أن يتطرق إليها الاختلافُ والفوضى.وكم يبدو طريقا جميلا ومتزنا أن تكون أفعال الله منظمة ومرتبة ومنخرطة في سلك موحد.الآن حين سلمنا بقانون الله في الطبيعة بعد العثور على كل الإثباتات من كل النواحي، بل بملاحظته بداهة أنه لا توجد أي فوضى أو اختلاف في جميع أفعاله سواء أكانت روحانية أو مادية، وهي لم تتعرض لأي اختلال واضطراب، بل هي مرتبة بترتيب حكيم ومرتبطة بارتباط منسق يبدأ من الدرجة الدنيا ويصل إلى الدرجة العليا، وهو عل يحب طريق الوحدة هذا حصرا.فبالتسليم بهذا القانون في الطبيعة اضطررنا للقبول بأنه كما بدأ الله الله الأمر في السلسلة الجمادية من الذرة وأوصلها إلى الوجود الأعظم، أي

Page 255

الشمس - التي هي جامعة الكمالات الظاهرية والتي ليس هناك جسم جمادي أعظم منها كذلك ينبغي أن يكون هناك شمس روحانية تقع في نهاية الخط المستقيم المثالي ارتفاعا.القضية التي بقيت الآن من هو الإنسان الكامل الذي سمي شمسا روحانية؟ وما اسمه؟ ليس بوسع العقل وحده أن يحكم في هذا الأمر.فلا أحد دون الله يتميز بهذه الميزة ويقدر على إنجاز هذه المهمة بمجرد العقل، أي أن يضع أمام نظره الملايين من عباد الله الذين لا حصر لهم ويقارن بين قواهم وكفاءاتهم الروحانية ويميز الأعظم منهم.لا شك أنه ليس في وسع أحد أن يدعي ذلك عقلا.غير أن الكتب الإلهامية وسيلة لهذا الاكتشاف العظيم والعميق، وقد دلّ الله الله فيها بنفسه على ذلك الإنسان الكامل قبل ظهوره بآلاف السنين.فالذي هدى الله قلبه بتوفيقه الخاص للإيمان بالإلهام والوحى والتأمل في النبوءات الواردة في الكتاب المقدس لن يجد بدا من الإيمان حتما بأن ذلك الإنسان الكامل الذي هو الشمس الروحانية والذي اكتملت به نقطة الارتفاع والذي هو آخر لبنة لجدار النبوة، لهو سيدنا محمد المصطفى.وكما كتبنا سلفا نقول هنا مكررا بأن الإنسان الكامل مظهر للذات الإلهية، فالله لا يخلق أبدا إلها آخر، لأن ذلك ينافي صفته الأحدية، إلا أنه يخلق نموذجا لصفاته الكمالية.فكما تنعكس في المرآة الكبيرة الصافية صورة الرائي إليها بالتمام والكمال كذلك تماما تنعكس الصفات الإلهية في نموذج الإنسان الكامل.ففى إقامة الله هذا المثال على هذا النحو تكمن القناعة

Page 256

الكافية للمعترض.وليتضح هنا أن الوجود الكريم الحائز على الغاية في الكمال قد وصف في كتب الله بأنه المظهر التام للألوهية.ولما كان الإسهاب في بيان هذا المطلب مفيدا للطلاب أرى من المناسب أن أفصله أكثر قليلا.لقد بينا من قبل أن صاحب الكمال المتناهي، الذي وجوده يقع في أعلى طرف لخط الخالقية على نقطة الارتفاع، هو سيدنا محمد المصطفى ، ومقابله ذلك الوجود الخسيس الواقع في النقطة الغاية في الانخفاض، ونسميه نحن شيطانا.وصحيح أن وجود الشيطان في الظاهر غير مشهود ومحسوس، إلا أننا بالنظر إلى سلسلة خط الخالقية لا نجد بدا من التسليم عقليا أنه كما في نهاية خط الارتفاع وجود خير متجسد، بعث إلى الدنيا هاديا إلى الخير، لا بد أن يكون مقابل ذلك وجود شرير في أسفل خط الانخفاض في ذوي العقول يجذب إلى الشر.ولهذا السبب يلاحظ عادةً في قلب كل إنسان تأثير الوجودين باطنيا.فالتأثير الطاهر للوجود الطيب الذي يسمى روح الحق ونورا أيضًا، أي سيدنا محمد المصطفى ، يدعو كل قلب إلى الحسنة بالجذبات القدسية والالتفاتات الباطنية.فقدر ما يحبه أحد وينشئ العلاقة به يحظى بالقوة الإيمانية وينتشر في قلبه النور، حتى يتصبغ بصبغته تماما وينال الكمالات التي يتمتع بها هو.أما الوجود الشرير، أي وجود الشيطان الذي مكانته تقع في أسفل الانخفاص في ذوي العقول، فتأثيره يجذب إلى الشرك كل قلب ينشئ به علاقة ما.فبقدر ما يقوي أحد علاقته ظليا جميع

Page 257

به يخطر بباله أفكار الإلحاد والخبث، حتى أن الذي ينسجم معه انسجاما تاما يتصبغ بصبغته تماما ويصبح شيطانا كاملا، وينال ظليا جميع كمالات الخبث التي يتمتع بها الشيطان الحقيقي.وعلى هذا النحو ينجذب أولياء الرحمن وأولياء الشيطان كلِّ بحسب علاقته وطبعه.أما وجود الخير المتجسد الذي تقع نقطته النفسية في أعلى نقطة لكمال الارتفاع، أي سيدنا محمد المصطفى ، فقد وصفت مكانته بالمعراج الخارجي الذي هو منتهى العلو (أي عرش رب العالمين).فهو في الحقيقة إشارة إلى الغاية في كمال الارتفاع، الذي يتمتع به ذلك الإنسان الكريم.فكأن كل ما كان يحوزه ذلك الخير المتجسد في عالم القضاء والقدر قد أُري في عالم المثال مشهودا ومحسوسا.كما يقول الله في الشأن الرفيع لهذا النبي الكريم: وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)، فالمراد الله من رفع الدرجات، الدرجة الأخيرة في الارتفاع التي حظي بها النبي ظاهرا وباطنا.وهذا الوجود الجواد الذي هو الخير المتجسد أعلى وأكمل من ثلاثة أنواع المقربين، ويدعى المظهر الأتم للألوهية.اعلموا أن ثلاثة أنواع القرب الإلهي تتوقف على ثلاثة أنواع التمثيل، التي بتفصيلها تتبين حقيقة المراتب الثلاث للقرب.أول نوع للقرب يناسب تشابه الخادم بالمخدوم كما يقول الله وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ، أي أنّ المؤمن الذي يمكن أن يسمى العبد المطيع، يحب مولاه أكثر من كل شيء.وتفصيل ذلك أنه كما يتقدّم الخادم المخلص والصادق الوفي في حب 6 البقرة: ١٦٦

Page 258

٢٤٤٠ سیده - بسبب مشاهدته مننه المتواترة وإنعاماته المتكاثرة وكمالاته الذاتية وفي الإخلاص له والاتحاد معه لدرجة أن يصبح متحد الطبع والطريق مع سيده بسبب الحب الذاتي الكامن في قلبه، ويتمنى تحقيق مراداته ويتوخاها مثلما يتمنى السيد نفسه تحقيق مراداته الشخصية، كذلك تكون حالة العبد الوفي مع ربه الكريم..أي هو أيضًا يتقدم في إخلاصه وصدقه ووفائه حتى يبلغ درجة أن يمحو ويفني وجوده كليا ويتصبغ بصبغة مولاه الكريم."حين يفور الحب يرتفع كل نوع من الحجاب من الوسط.إن هذه النفس الدنيئة التي لها مئات الألوف من الأفواه، تخرس حين يفور العشق حين يزول لون أنانية أحد بسبب العشق، فإن حبيبه يصبغه بصبغته \"die لطفا منه " فالخادم الذي يتحد مع سيده في الطبع والمزاج ينفر بالطبع من كل ما يستاء منه سيده ؛ فلا يترك المعصية خوفا من العقاب المترتب عليها، كما لا يمتثل للأوامر طمعا في الجائزة.ولا يصدر منه أي قول أو فعل بمقتضى أخلاقه الكاملة، وإنما يقوم بذلك بدافع طاعة سيده الحقيقي التي أشربها.فهو ينجذب من تلقاء نفسه إليه وإلى مرضياته فلا يرى إدارة خد آخر بعد تلقي لطمة على خد واجبةً عليه عبثا، ولا يرى ردّ اللطمة بمثلها واجبا لا بد منه، بل هو يستفتي قلبه المخلص، في أي تصرف يكمن رضوان محبوبه ترجمة أبيات فارسية (المترجم)

Page 259

الحقيقي في كل وضع، ويبحث عن تبرير معقول لاتخاذ طريق فيه الخير أكثر والذي يُكسبه مرضاة حضرة البارئ جل شأنه أفي العفو أو الانتقام؟ ثم ينجز العمل الذي يراه مناسبا للوضع الراهن.وكذلك لا يكون كرمه وعطاؤه بمقتضى السخاء الجميل بل يكون بدافع الطاعة الكاملة.ويفكر جيدًا بحماس الطاعة نفسها في الوضع الراهن ليتأكد هل سينال رضوان مولاه الكريم بالسخاء في هذا الوضع، أو الإحسان إلى شخص معين أم لا؟ وعندما يرى السخاء غير ملائم فلا ينفق ولا حبة واحدة ولا يخاف لومة لائم أبدا.باختصار لا يقوم بأي تصرف بتقليد ناتج عن الحمق، بل يصبح بحبه الكامل والصادق عارف مزاج سيده.ونور الاتحاد والإخلاص الموجود في قلبه يُفهمه مجددا في كل وضع طارئ كيف وبأي طريقة يجب أن يتصرف في هذا الوضع الراهن، حتى يكسب رضا المخدوم الحقيقي.ولما كانت علاقة شخصية له قد نشأت بربه المنعم الحقيقي، فلا يجد الطاعة والانقياد ثقلا مؤذيا، بل يصير الانقياد بمنزلة الأمر الطبعي له، حيث يحبه بالطبع ويصدر منه باستمرار دون أي تصنّع وتكلف.وكما أن الله الا الله يحب صفاته وعظمته بالطبع، كذلك يحب بالطبع إظهار الجلال الإلهي.وتصبح كل عادة وسيرة لمخدومه الحقيقي في نظره محبّبة كما يحبها هو نفسه.فهذا المقام يناله أولئك الذين تخلو صدورهم من حب الغير نهائيا وتصفو، ويستعدون للتضحية بأرواحهم كل حين وأن للفوز برضوان الله."يجب أن يخلو الصدر من كل شيء سوى الحبيب، وينبغي أن يظل القلب عامرا بذكر الحبيب.

Page 260

٢٤٦٠ يجب أن تكون الحياة فداء في سبيله، كما يجب أن يضحى بالرأس عند قدميه.هل تعرف ما هو دين العشاق؟ فاسمع مني إذا كنت جاهزا للاستماع كالعشاق.هو أن يُغمض المرء عينه عن العالم كله وأن يغسل لوح قلبه من كل شيء سوى الحبيب" \ أما النوع الثاني للقرب فيتعلق بتشابه الولد بالوالد، كما قال الله الله فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا"، أي اذكروا ربكم جــــل شأنه بحماس قلبي كما يُذكر الآباء.وليكن واضحا أن الحب حين يشتد كثيرا يشبه المخدوم الوالد.والحب المنزه عن كل كدورة وغرض يترسخ في صميم جزء القلب بشق جميع حُجبه كأنه ء منه عندها تبدو علاقة المحب بالمحبوب وارتباطه الوثيق به كأنها في الحقيقة من الولادة، ويتحد مع طبعه وكأنه جزء منه لا يتجزأ، بحيث لا يتذكر وسيلة السعي والجهد أبدًا.وكما أن الابن يشعر بعلاقة روحانية بأبيه عند تصور وجوده، كذلك يشعر هو الآخر كل حين وآن بهذه العلاقة باطنيا.وكما أن ملامح الأب وحليته تظهر بجلاء على وجه الابن ويحوز الابن سلوك الأب وعمله وخصاله وشمائله بنقاء ،تام فقياسا على ذلك يكون الحال نفسه له أيضًا.والفرق بين هذه الدرجة ودرجة القرب الأول أن درجة القرب الأول المشابهة بالعلاقــــة ترجمة أبيات فارسية.(المترجم) البقرة: ٢٠١

Page 261

٢٤٧ أنه صحيح بين الخادم والمخدوم هي أيضا وإن كانت تشبه جدا هذه الدرجة الثانية من حيث الكمال، إلا أن هذه الدرجة بسبب نقائها المتناهي تنوب مناب العلاقة بين الشقيقين.وكما يتساوى إنسانان من حيث كونهما بشرا ومع ذلك تظهر آثار الإنسانية متفاوتة من منطلق الشدة والضعف في الخواص الإنسانية، كذلك تتفاوت هاتان الدرجتان باختصار ؛ يبلغ الحب في هذه الدرجة كمال اللطف وتتبين المناسبة والمشابهة في كل شعرة.فليكن معلوما أن العاشق يتحد مع المعشوق عند بلوغ عشقه الكمال.ويتصبغ بصبغته، إلا أن الذي يشابه أباه الذي خرج منه، فلتشابــــه تألقا ولمعانا من نوع آخر تماما.أما النوع الثالث من القرب فمثله كمثل تماثل عكس المـــرء لوجوده؛ أي كما ينظر المرء صورته في مرآة نظيفة وكبيرة فيرى صورته الكاملة منعكسة فيها بجميع ملامحه وكذلك تنعكس جميع الصفات الإلهية بجلاء تام في وجود صاحب القرب في هذا النوع الثالث للقرب.وهـذا الانعكاس أتم وأكمل من أنواع الشبه الذي سبق ذكره.لأن من البديهي أنه كما يرى المرء صورته في مرآة نظيفة ويجدها مطابقة له، يستحيل أن يتحقق لغيره ذلك التطابق والتشابه بأي حيلة أو تكلف حتى لا يوجد هذا التطابق التام في أحد أبنائه.هنا ينشأ التساؤل من الذي تيسرت له هذه المرتبة ومن الذي حاز على الدرجة الكاملة من القرب؟ وجوابه إنما يتهيأ فقط للــذي يكون في وسط قوسي الألوهية والعبودية وينشئ العلاقة القويـــة بكـــلا القوسين وكأنه عينُهما، ويرفع نفسه من الوسط نهائيا ويماثل المرآة النظيفة.

Page 262

٢٤٨٠ وتلك المرآة لكونها ذات جهتين تتلقى الصورة الإلهية ظليا من جهة ومن جهة أخرى توصل ذلك الفيض كله إلى من يقابلونها بحسب كفاءة طباعهم المختلفة.وإلى ذلك أشير في قول الله : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.أي دنا من الله ثم تدلى (أي نزل إلى المخلوق لتبليغ أحكام الله).فنظرا إلى أنه صعد إلى الجهة العليا فوصل إلى غاية القرب التام حيث لم يبق أي حجاب بينه وبين الحق، ثم نزل إلى الأسفل ولم يبق أي حجاب بينه وبين الخلق أي لما صار أكمل وأتم في صعوده ونــــــــزوله ووصل إلى الكمالات المتناهية- فقد استقر مكانه بين قوسين؛ أي مكـــان القاب- وهو قطر الدائرة وبصورة أتم وأكمل.بل قد دنا من قوس الألوهية وقوس العبودية أكثر مما يُتصور ويخطر بالبال فهذه صورة القوسين مثلا: فالخط الذي ينصف الدائرة في هذه الصورة، أي القوس الأعلى لوجود قديم قطر الدائرة، هو نفسه قاب القوسين كليهما.فليكن القوس الأسفل لوجود حادث وممكن معلوماً أن كلا النوعين للوجود أي الواجب والممكن، كدائرة يقطعها الخط المار بالمركز إلى القرآن الكريم باسم قوسين، نفس الخط الذي هو قطر الدائرة والذي عبر عنه "قاب قوسين"، ويقال له في الحديث اليومى وتر القوسين في علم الهندسة.قد وقع كبرزخ بين الذات المفيضة والمستفيضة، وهو يشبه - في أخص كماله الذي هو عبارة عن الدرجة الأخيرة للكمالات النقطة التي هي مركز الدائرة 1 النجم: ٩-١٠

Page 263

جميع والنقطة الوسطى لوتر القوس.وهذه النقطة نفسها قلب الكامل.ولها نسبة بخطين متساويين؛ بقوسى الألوهية والعبودية.كمالات الإنسان من المحيط وهذه النقطة حصرا أرفع نقط تلك الخطوط العمودية التي إلى قطر الدائرة.وصحيح أن وتر القوسين مؤلف من كثير من النقط التي هي في الحقيقة صور محسوسة للكمالات الروحانية لصاحب الوتر، لكن الأنبياء والرسل وأرباب الصدق والصفاء الآخرين أيضا يشاركون في جميع نقط الوتر ما عدا هذه النقطة المركزية ونقطة المركز تمثل الكمال الذي يحوزه صاحب الوتر بدرجة أعلى وأرفع وأخص وممتازا مقارنة مع سائر الكمالات، والتي لا يشاركه فيها حقيقيا أي من المخلوق، إلا أن المشاركة ظليا وبالاتباع والانقياد ممكنة.فليكن معلوما الآن أن هذه النقطة الوسطى تسمى الحقيقة المحمدية؛ التي هي منبع جميع حقائق العالم إجمالا وأصلُها.وفي الحقيقة انبسط وامتد خط الوتر من هذه النقطة وحدها وروحانية هذه النقطة نفسها في خط الوتر كله هوية سارية، فيضها المقدس عين هذا الخط كله.العالم الذي يعدّه المتصوفون من أسماء الله ، فإن أول وأعلى مظهر له - الذي صدر منه على وجه التفصيل- هو هذه النقطة الوسطى بالضبط، التي تسمى في مصطلحات أهل الله بالنقطة النفسية لأحمد المجتبى ومحمد المصطفى.وسميت في مصطلح الفلاسفة بالعقل الأول أيضا.وإن علاقة هذه النقطة بالنقط الوترية الأخرى كعلاقة الاسم الأعظم بأسماء الله الأخرى الله باختصار؛ إن مصدر الرموز الغيبية ومفتاح الكنوز اللاريبية والمرآة التي تعكس الإنسان الكامل هي هذه

Page 264

النقطة وحدها، وهي حصرًا علةٌ غائية لجميع أسرار المبدأ والمعاد، ولِمية خلق كل منخفض ومرتفع، والتي تعجز جميع العقول والأفهام البشرية عن التصور بكنهها.وكما أن كل حياة مستفاضة من حياة الله وكل وجود ظهر بوجوده وكل معين مرتد رداء تعيينه، وكذلك النقطة المحمدية تؤثر بإذنه تعالى في جميع مراتب الأكوان وخطائر الإمكان بحسب كفاءات مختلفة وطبائع متفاوتة..ولما كانت هذه النقطة جامعة جميع المراتب الإلهية ظليا وجميع المراتب الكونية منبعيا وأصلا، بل هي مجموعة هاتين كلتيهما، لذا فهي تحيط إجمالا بكل مرتبة كونية وهي العقول والنفوس الكلية والجزئية ومراتب طبعية إلى نهاية تنزلات الوجود.وكذلك لها مماثلة بالمرتبة الإلهية لكونها ظل الألوهية كتشابه العكس في المرآة بالأصل.وتنعكس فيها أمهات الصفات الإلهية- أي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام بجميع فروعها انعكاسا أتم وأكمل.لا نستطيع أن نحدّ هذه النقطة المركزية- التي هي برزخ الله الله وبين المخلوق، أي النقطة النفسية لحضرة سيدنا محمد المصطفى بين في حدودِ مفهوم كلمة الله فقط، كما حدد المسيح بهذا الاسم؛ لأن هذه النقطة المحمدية ظليا تستجمع جميع مراتب الألوهية.ولهذا السبب قد شُبه المسيح في البيان التمثيلي بالابن، بسبب النقص الذي بقى فيه.ذلك لأن الحقيقة العيسوية ليست مظهر أتم الصفات الألوهية بل هي فرع من فروعها، على عكس الحقيقية المحمدية؛ لأنها مظهر أتم وأكمل لجميع الصفات الإلهية.وإثبات ذلك قد بلغ الكمال عقلا ونقلا ولذلك قد شبه حضرته ظليا –

Page 265

في البيان التمثيلى الوارد في الأسفار السماوية بالله القادر ذي الجلال، وهو بمنزلة الأب للابن.وإضافة إلى ذلك إن سبب كون تعليم المسيح العليا وكون تعليم القرآن الكريم أكمل وأتم من جميع التعاليم الإلهامية يرجع ناقصا في الحقيقة إلى أن فيض الناقص يكون ناقصا وفيض الأكمل يكون أكمل.ومن التمثيلات التي شبه فيها النبي في القرآن الكريم بالله القادر ظليا، الآية التي قال الله فيها: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْن أَوْ أي بسبب ترقيات القرب الكاملة قد صار (أي سيدنا محمد ) قاب قوسين بل أدنى من ذلك.فالواضح الآن أن في الطرف الأعلى للوتر قوس الألوهية.فلما تقدمت النفس المحمدية المقدسة لشدة قربها ونقائها المتناهي من حدود الوتر واقتربت جدا من نهر الألوهية، فقد وقعت في النهر الذي لا ساحل ،له واختفت ذرة البشرية في بحر الألوهية الأعظم.وهذا التقدم لم يكن مستحدثا وجديدا بل كان متقدما منذ الأزل.وكان جديرا، ظليا واستعارة، بأن تصفه الصحف السماوية والكتابات الإلهامية بأنه مظهر الألوهية الأتم وتعدّه المرآة التي تعكس الحق.والآية الثانية في القرآن الكريم التي ورد فيها هذا التشبيه أجلى وأصفى جدا، هي: الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ، وليكن معلوما أن الذين كانوا يبايعون النبي كانوا يضعون أيديهم في يد النبي ، وهذا هو طريق البيعة للرجال.فهنا قد وصف الله وذات النبي المباركة الفتح: ١١

Page 266

مجازا بأنها ذات الله المقدسة؛ حيث وصف يده بأنها يدها وردت هذه الكلمة في مقام الجمع، وصدرت بحق النبي بسبب القرب المتناهي.وإلى مرتبة الجمع هذه نفسها التي تتوقف على الحب الثنائي التام قد أشير في الآية: مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى، كما توجد هذه الإشارة في آية أخرى هي: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ،..إن الذين أسرفوا على أنفسهم (أي ارتكبوا الكبائر والبين أن بني آدم ليسوا عباد النبي ﷺ بل كل نبي وغير النبي عباد الله لكن لما كان النبي ﷺ حائزا على القرب الأتم بمولاه الكريم، أي كان يحظى بالقرب من الدرجة الثالثة، فقد صدر هذا الكلام أيضا من مقام الجمع، ومقام الجمع هو مقام قاب قوسين وتفاصيله موجودة في كتب التصوف.وكذلك قد سمى الله النبي- مقام الاتحاد بأسماء أخرى كثيرة هي من صفاته وحده.انطلاقا كما قد سمى النبي محمد وهو يعني الذي حُمد كثيرا، وهذا المدح من الدرجة القصوى يليق في الحقيقة بالله لا لكنه أعطي ظليا للنبي أيضا.وكذلك سمي النبي ﷺ في القرآن الكريم بالنور الذي ينور العالم، وسمي بالرحمة التي أنقذت العالم من الزوال، وكذلك قد أُطلق على النبي ﷺ اسم الرؤوف والرحيم وهما من أسماء الله.كما قد ورد في عدة آيات القرآن الكريم إشارةً وتصريحا أن النبي الا الله وهو مظهر الألوهية الأتم، وأن كلامه الأنفال: ۱۸

Page 267

الله.ففي هذا الصدد كلام الله وأن ظهوره ظهور الله وأن مجيئه مجيء هناك آية في القرآن الكريم: قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ، فالمراد من الحق هنا هو الله جل شأنه والقرآن الكريم والنبي.والمراد من الباطل هو الشيطان وحزبه والتعاليم الشيطانية.فانظروا كيف جمع الله اسم النبي الا الله باسمه ، وتحقق أن ظهور النبي هو ظهور الله الا أي الظهور الجلالي الذي بسببه هرب الشيطان مع جميع جنوده وصارت تعاليمه حقيرة ومهينة، ومني حزبه بهزيمة نكراء.ونظرا لهذه الجامعية التامة قد ورد مفصلا في سورة آل عمران أنه قد أُخذ الميثاق من الأنبياء بأنه يجب عليهم أن يؤمنوا بعظمة خاتم الرسل محمد المصطفى وجلالة شأنه، وينصروه بالروح والدم في نشر عظمته هذه وجلالة شأنه.ولذلك كل من خلا من الأنبياء والرسل من آدم صفي الله إلى حضرة المسيح كلمة الله قد ظلُّوا يُقرون بعظمة النبي ﷺ وجلالة شأنه.فحضرة موسى ال قد بيّن بجلاء في التوراة بقوله: "جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران".أن ظهور جلال الله قد بلغ كماله في ،فاران وأن أشعة شمس الصدق التامة قد ظهرت أخيرًا عند فاران حصرا، والتوراة نفسها تفيدنا أن فاران جبل يقع في مكة المعظمة، التي أقام جد النبي سيدنا إسماعيل العلة.وهذا ما نجده في كتب الجغرافيا أيضا.وإن معارضينا أيضا يعرفون أنه لم يُبعث في مكة المكرمة أي نبي غير جميع فيها الإسراء: ۸۲

Page 268

النبي ، فانظروا باي وضوح صدرت الشهادة من موسى العليا أن شمس الصدق التي سوف تطلع من جبل فاران فإن أشعتها أقوى من غيرها، وإن سلسلة ترقيات نور الصدق قد ختمت على ذاته الجامعة للبركات.وكذلك قد أقر سيدنا داود الا بجلالة النبي وعظمته في الزبور إصحاح ٤٥ كالتالي: {أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ.انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ.تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَحْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ، جَلالَكَ وَبَهَاءَكَ.وَبِحَلَالِكَ اقْتَحِمِ.ارْكَبْ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ وَالدَّعَةِ وَالْبِرِّ، فَتَرِيَكَ يَمِينُكَ مَخَاوِفَ نَبْلُكَ الْمَسْنُونَةُ فِي قَلْب أَعْدَاء الْمَلِكِ.شُعُوبٌ تَحْتَكَ يَسْقُطُونَ.كُرْسِيُّكَ يَا اللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ.[هذه الجملة من مقام الجمع نفسه الذي ورد بحق النبي ﷺ في مواضع كثيرة من القرآن الكريم قضيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ.أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللَّهُ إِلهُكَ بِدُهْنِ الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ..بَنَاتُ مُلُوكٍ بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ } (الْمَزَامِيرُ (٤٥ : ٢-٩) وكذلك تنبأ إشعياء في الإصحاح ٤٢ من سفره بتلقي الوحي من الله، عن جلالة النبي وعظمته وكونه مظهرا تاما للألوهية وقال: {هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ...لَا يَكِلُّ وَلَا يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ...لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدْنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ [والمراد منها مكة المعظمة وغيرها] الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ [أي العرب] لِيَهْتِفُوا..الرَّبُّ كَالْجَبَّارِ

Page 269

يَخْرُجُ والمراد من الرب ظليا النبي ﷺ لأنه هو المظهر الأتم للألوهية وحائز على الدرجة الثالثة للقرب، كما قد بينا ذلك مرارا كَرَجُل حُرُوبِ..وَيَقْوَى عَلَى أَعْدَائِهِ.قَدْ صَمَتْ مُنْذُ الدَّهْرِ.سَكَتُ.تَجَلَّدْتُ.ا كَالْوَالِدَةِ أَصِيحُ أَنْفُخُ وَأَنحُرُ مَعًا.أَخْرِبُ الْجِبَالَ وَالآكَامَ،..وَأُسَيِّرُ الْعُمْيَ فِي طَرِيق لَمْ يَعْرِفُوهَا } (إِشَعْيَاءَ ٤٢ : ١-١٦) وكذلك شهد النبي يوحنا لإظهار جلال النبي ﷺ وعظمته كنبوءة، وهي مسجلة في إنجيل متى: "أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءِ لِلتَّوْبَةِ، وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ.هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ متى (۳ (۱۱).يجادل النصارى حول هذه النبوءة بغباء محض أنها بحق المسيح الليل، لكن هذا الادعاء باطل لا أساس له من الصحة.فأولا كان المسيح اللي معاصرا ليوحنا الله، لا من سيأتي بعده أو الذي سينال منصب البنوّة بعده.وبالإضافة إلى ذلك كل إنسان يمكن أن يختبر أن الذي عمد الطلاب الصادقين بروح القدس ونار الحب على الدوام هو الوحيد تحت السماء، أي سيدنا ومولانا حضرة محمد المصطفى الذي أقر المسيح العلبة بجلاله التام في نبوءاته، وإلى تعميد الروح نفسه أشار الله إلى ذلك في القرآن الكريم بقوله: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحِ الا الله مِنْهُ أي يؤيد الله الا الله المؤمنين بروح القدس.ثم يقول : صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً أي هذا تعميد إلهي.ومن أحسن تعميدا.من المجادلة: ۲۳ البقرة: ١٣٩

Page 270

ومن الواضح أيضا أن الأمة التي أيدت بروح القدس في زمن ما لا تزال تؤيَّد الآن أيضا، لأن الله الآن هو الذي كان والأمة أيضا نفس التي كانت.فإذا كان النصارى في شك في كون النبي ﷺ مصداق هذه النبوءة وعدم كون المسيح مصداقها، فالطريق الأوضح والأسهل للوصول إلى الحكم أن يعيش بصحبتي ورفقتي أنا العبد المتواضع مدة أربعين يوما على الأقل قس يعد عظيما جدا وجديرا بأن يعمد بروح القدس وكان معظم النصارى متفقين على صلاحه وتقواه ليتأكد أي من الأمة المسيحية والإسلامية تتمتع بفيوض تأييدات روح القدس.فإذا غلبنا في إظهار أعجوبة روح القدس فسوف نقرّ بأن هذه النبوءة بحق المسيح ال.ولن نكتفي بالإقرار بل سوف ننشر هذا الإقرار في بعض الجرائد أيضا.أما إذا غلبناه نحن فسوف يكون لزاما على القس المحترم أيضا أن يُصدر إقرارا مثله، وينشره في بعض الجرائد؛ أنه ثبت أن هذه النبوءة هي بحق حضرة محمد المصطفى ولا علاقه للمسيح بها.بل لحسم القضية ليس من الضروري العيش برفقتنا أيضا، هذا العبد المتواضع سينشر عن قريب كتاب "السراج المنير" إن شاء الله بعد هذا الكتاب.فهذا المضمون كله تيسر بتأييد روح القدس فقط، فالآن يجب أن ينافسه أي مسيحي يعدّ في قومه عظيما وسعيدا في الحقيقة، وإلا فأي عاقل سيؤمن بتعميدهم بروح القدس دون اختبار؟ "كيف أحسب أنهم حائزون على تأييد روح القدس، فإنني أرى الغول قابعا في قلوبهم.

Page 271

لكل Krov.إن هذا النصر يتجلى في الإسلام كالشمس، حيث يأتي مسيح جديد عصر \ 11 الآن نقول مرة أخرى عودًا إلى لب القضية.لقد أقر المسيح اللي أيضا بالشأن الجليل والعظيم للنبي الذي هو مظهر الألوهية الأتم، كما بينه سائر الأنبياء منذ البدء.وهذا الإقرار موجود في مواضع مختلفة من الأناجيل.بل ضمن هذا الإقرار نفسه اعترف المسيح الليلة بأن تعليمه ناقص.لأن الناس لم يكونوا إلى ذلك الحين يتحملون التعليم الكامل.أما الروح الحق المنزه عن النقص (أي سيدنا حضرة محمد ﷺ الذي سمي في القرآن الكريم أيضًا بالحق) فسيأتي بالتعليم الكامل ويخبر الناس بأمور جديدة.أما إنجيل برنابا فقد ورد فيه اسم النبي الله محمد والصرف الأنظار عن ذلك يقدم العذر الواهي أن من المحتمل أن المسلمين قد دسوا هذا الاسم في سفر برنابا في زمن ما أو ربما هم الذين ألفوا هذا الكتاب.بمعنى أن المسلمين خططوا باتفاق واقتحموا في ليلة ما المكتبات المسيحية وأقحموا من عند أنفسهم اسم النبي محمد في نُسخ إنجيل برنابا هنا وهناك.أو اختلقوا هم من عند أنفسهم إنجيل برنابا باللغة اليونانية أو العبرانية وأعدوا له آلاف النسخ وأودعوها المكتبات المسيحية سرًّا حين كان المسيحيون نائمين.غير أن المسيحي الإنجليزي الفاضل الذي نشر ترجمة القرآن الكريم أيضا باللغة الإنجليزية قبل فترة قد كتب في مقدمتها في بيان أن إنجيل برنابا يضم النبوءة ترجمة بيتين فارسيين.(المترجم)

Page 272

عن حضرة محمد ﷺ قد سجل القصة التالية وقال: إن إنجيل برنابا كان موجودا في مكتبة البابا الخامس، وأحد الرهبان الذي كان صديق البابا، وكان يبحث عن هذا الإنجيل منذ مدة قد فرح كثيرا بالعثور عليه في خزانة البابا حيث كان ينام الأخير.وقال في نفسه هذه أمنيتي التي تحققت بعد مدة مديدة، ثم أخذ الإنجيل معه بإذن من صديقه البابا وأسلم عند قراءته أي قد كُتب فيه اسم محمد رسول الله ﷺ بوضوح وجلاء.اسم فمن ۲ النبي هذه العبارة لهذا الفاضل الإنجليزي الموجودة عندنا يتبين بجلاء أن هذا سيكتوس الخامس ١٥٢١-١٥٩٠.(المترجم) اسم هذا الإنجليزي هو "جورج سيل" وهو من أكابر علماء النصارى، إن ترجمته للقرآن الكريم التي صدرت منه وطبعت في مطبعة لندن فريدرك وارن اند كمبني"، وقد كتب المؤلف المحترم في المقدمة الأولى لها هذه القصة الغريبة؛ وهي أن راهبًا عظيما أسلم بعد قراءته اسم نبينا قد سجل في إنجيل برنابا بوضوح على النحو التالي: فراميرينو الذي كان راهبا مسيحيا عظيما يروي أنه اطلع بالمصادفة على عبارة آبرنس - وهو من المسيحيين الأفاضل من جملة عباراته الأخرى التي يعارض فيها بولس.في هذه العبارة: السيد آبرنس (المعارض لبولس المسيحي يقتبس بخصوص تصديق كلامه من إنجيل برنابا.فنشأت لديَّ رغبة عارمة في أن أطلع أنا أيضا على إنجيل برنابا.وحدث اتفاقا أن الله له الا الله بفضله ورحمته جعل البابا الخامس صديقا لي.وذات يوم حيث كنت معه في مكتبته وكان قد ،نام بدأتُ أشاهد كتبه للتسلية.وأول كتاب وقعت عليه يدي كان إنجيل برنابا نفسه الذي كنت أبحث عنه.فبالعثور عليه فرحتُ فرحا لا نهاية له.ولم أرد أن أخفي هذه النعمة في كُمّي، فعند استيقاظ البابا استأذنته وأخذت ذلك الكنز السماوي؛ الذي بقراءته تشرفت بالإسلام.راجعوا معي الصفحة العاشرة، السطر الرابع، لترجمة القرآن الكريم لجورج سيل المحترم

Page 273

الكتاب كان يوضع دوما في مكتبات الباباوات بجانب الأناجيل الأربعة باحترام.ولذلك ظل الرهبان العظماء الأفاضل مثله يعتنقون الإسلام إثر قراءتهم هذا الإنجيل.إن القساوسة لم يذكروا هذا الإنجيل لمدة مديدة في أي من كتبهم التي ألفوها بعد مجيئهم إلى الهند باللغة الأردية.ولعل قليل جدا من المسلمين والهندوس يعرفون أن عند النصارى إنجيلا خامسا أيضا بالإضافة إلى الأناجيل الأربعة الذي ظل كبار الرهبان الأفاضل الأتقياء يعتنقون الإسلام إثر قراءته لكن الآن قد بدأ القساوسة يُقرون بألسنتهم قائلين: من المؤكد أن اسم محمد المحترم وارد في إنجيلنا برنابا، إلا أنه يُظن أن أحد المسلمين دسه فيه.فقد نسخ القس تهاكرداس أيضا في الصفحة ٣٣٢ من كتابه إظهار" "عيسوي شيئا من عبارة إنجيل برنابا التي ورد فيها اسم حضرته صلى الله أي محمد رسول الله، ضمن نبوءة المسيح ال.ثم قدم أخيرا حجة واهية سخيفة بأنه تزييف أحد المسيحيين أو المسلمين.إلا أن النصارى إلى الآن مطالبون أمام المسلمين أن يثبتوا أن مسلما قام بهذا ثم سجل جورج سيل نفسه بدافع تعصبه المسيحي في السطر ٢٤ من الصفحة ٥٨ للترجمة نفسها رأيه السخيف ودون أي برهان وقال: يبدو أن المسلمين هم قد أقحموا كلمة بيري" "قليط" التي ترجمتها محمد، إلا أنه من المؤكد أن هذا الكتاب كله لم يختلقه المسلمون.أي أن تزييف المسلمين ينحصر في إقحامهم نبوءة بعثة محمد بتصريح اسمه.وإنما عُدّ تزييفا لأن هذه النبوءة توجد فيه صراحةً، ولا يستسيغها السادة المسيحيون بحال من الأحوال والغريب أنهم بأنفسهم يُقرون بأن كبار الرهبان السعداء والأفاضل ظلوا يعتنقون الإسلام نتيجة الاطلاع عليها.فتدبر...منه

Page 274

التزييف ومتى كان ذلك وأمام أي من الناس.ولماذا أُودعت تلك الكتب المزيفة باحترام بجانب الكتب الإلهامية في مكتبات البابوات ولماذا ظل كبار الرهبان والقساوسة الأفاضل يُسلمون إثر قراءتهم تلك الكتب باعتبارهم إياها صادقة في الحقيقة.إذا كان في البيت أحد، فيكفيه كلمة واحدة فقط " النبوءة العظيمة للمسيح الليلة الواردة في إنجيل متى إصحاح ٢١- المتعلقة عن الجلال التام للنبي ﷺ و و وكونه مظهر الألوهية التام- تضم إثباتا قويا لهؤلاء الذين يقرأون هذه النبوءة بإمعان النظر.فهذه النبوءة التي تبدأ من العدد ٣٣ تبين بجلاء أنواع القرب الثلاثة كلها التي إثباتها غاية متوخاة من هذه الحاشية.فقد بين المسيح الا الأنبياء الذين أتوا لحماية الشريعة الموسوية قبله كالخدام مثالا في درجة القرب التي هي الدرجة الأولى للقرب.ثم أظهر قربه باستخدام كلمة الابن إشارة إلى الدرجة الثانية للقرب، ثم بين أن الحائز على الدرجة الثالثة من القرب من هو المظهر التام للألوهية الذي سيأتي بعد أن يُقتل الابن الذي هو مالك البستان وسيد الخدم وأبو ذلك الابن مجازا." أشد الوضوح أنه كما كان المراد من مجيء العبيد والابن من الواضح الجلي ترجمة مثل فارسي.(المترجم) حاشيه على حاشية: لقد جاء في بعض الآثار أن السيدة مريم الصديقة والدة المسيح العليا ستكون في عالم الآخرة زوجة مطهرة للنبي ، ولعل الدافع وراء هذا القول العلاقة نفسها بين الابن والأب لأنه إذا عُد المسيح ابن النبي في عالم التمثيل فلا بد أن تكون أمه زوجة له.منه

Page 275

الأنبياء الذين أتوا بين حين وآخر، فكذلك المراد من صاحب الكرم في هذا التمثيل نبي عظيم عظيم أكبر درجة من العبيد والابن، والذي تنتهي عنده الدرجة الثالثة للقرب.فمن هذا النبي يا ترى؟ ألا إنه النبي نفسه الذي وعد بمجيئه في إنجيل متى باسم الفارقليط.والذي ورد اسمه الواضح والصريح "محمد رسول الله" في إنجيل برنابا من المستحيل أن يتوقف نبي كالمسيح عند بيان درجتين فقط من درجات القرب الثلاثة دون أن يشير أي إشارة إلى مصداق الدرجة الثالثة من المؤكد أن كل عاقل سيدرك باليقين بالتدبر في هذه النبوءة أن هذه التمثيلات الثلاثة تشير إلى ثلاثة من الأنبياء.كما أن القرب بأنواعه الثلاثة حقيقة ضرورية وعظيمة لدرجة أن يراها كل إنسان من كل فرقة من المعارف اليقينية، إلا شخص معين قد ذهب بعقله طوفان التعصب نهائيا إلى تحت الثرى.أما التساؤل كيف تبين وتحقق أن الإنسان الكامل الذي هو أكمل الكمل والمظهر الأتم لمراتب الألوهية ومتميز بفوزه بالدرجة الثالثة من القرب في الحقيقة، هو الوحيد من بين جميع بني البشر وهو حضرة سيدنا ومولانا محمد ، و أن سائر الرسل وغير الرسل أقل منه درجة؟ منه درجة؟ وصحيح أن بعض الطبائع تنال هذا الكمال ظليا بحسب تقدير نطاق كفاءتها، لكن الحائز على كمال الدرجة الثالثة على الوجه الحقيقي الأتم والأكمل والأشد والأجلى والأصفى أنه يبدو سهو، والصحيح يوحنا.(المترجم) أي المعزي (المترجم)

Page 276

٢٦٢٠ والأرفع والأعلى فهو وحده فقد كتبنا شيئا حول الرد على هذا ينبغي أن التساؤل من قبل أيضا، أن الوجدان الصحيح والأدلة المعقولة تقتضي يكون الله، الذي هو واحد لا شريك له ويحب الوحدة، مصدر الوحدة.أن لا يكون في أسلوبه للخلق فوضى ،وخلل، بل يكون قد خلق المخلوق كله بأروع نظام الوحدة.فمشاهدتنا الشخصية أيضا تشهد على ذلك.فحين نوصل النظر بدءا من الديدان الصغيرة جدا إلى الإنسان، أو ننظر بدءا من إنسان قواه العلمية والعملية ضعيفة جدا ومليئة بالظلام، إلى ذي فطرة سامية؛ نرى سلسلة المخلوقات كلها كأنها خط مستقيم عمودي.أحد طرفيه ارتفاع وفي الثاني انخفاض.فبالنظر إلى هذا الخط لا نجد بدا من الإيمان بأن سلسلة المخلوقات هذه تبدأ من المخلوق الأدنى وتصل إلى أسمى مخلوق.وترتفع هذه السلسلة بترتيب رائع، بحيث قد توسطت بعض أنواع الحيوانات التي حين نلقي عليها نظرة يتبين لنا كأنها حلقة وصل بين في الإنسان والحيوان كالقرد مثلا.أما الدقيقة بأن سلسلة الكائنات تنتهى عند إنسان أكمل وأتم ووحيد من بين الناس الكمل كلهم فيمكن إدراكها من خلال رسم دائرة تحتوي على قوسين وقد بينا فيما سبق أن التناسب الذي وقع به وجود الواجب والممكن روحانيا، القوس الأعلى لوجود قديم ع ص ط إذا أردنا إظهار هذا الأمر المعقول في صورة القوس الأدنى لوجود محدث محسوسة، فسوف تظهر صورة دائرة تنقسم إلى J م

Page 277

قوسين: أحدهما أعلى والثاني أدنى وبذلك يكون القوس الأعلى منزها من التقسيم والانقسام، وأرفع من إدراك وعقل وفهم وقياس تماما وخيال.ولكن القوس الأدنى الذي يمثل الموجودات ممكنة الوجود يحتوي على مراتب متفاوتة ومختلفة من حيث الشدة والضعف والزيادة والنقصان.فالظاهر الجلي جدا أن سلسلة الترقيات البشرية كلها لا يمكن أن تنتهي عند نقطة واحدة من الوتر، وذلك لأن النقطة الفطرية التي بها تبدأ، أيُّ نفس الارتقاء؛ سيكون ارتقاءها إلى النقطة النهائية التي تقابل جبلّتها وكفاءتها.نقط فطرية لنفترض الآن أنه إذا ارتقت النقط ج د ب ك مثلا، التي هي لشتى الكفاءات البشرية إلى نقط ع ص ط م التي تقابلها جهة الفوق والتي يمكن أن ترتقي إليها في خط مستقيم، فسوف تلتقي هذه الخطوط المستقيمة في ارتقائها العمودي بالنقط التي تحاذيها بالضبط.كما من الواضح أن القوس السفلي توجد فيه نقطة حتما تقابل تماما النقطة المركزية.ولنفترض أن تلك النقطة هي ج فخطها يحاذي المركز ع، وكذلك خط النقطة د يحاذي ص، وخط النقطة ب يحاذي ط.وخط النقطة ك يحاذي.م.فلما تبين هذا الأمر بداهة فنقول بإثبات هندسي بالاستعانة بالشكل التاسع عشر من المقالة الأولى لإقليدس والشكل السابع والأربعين من المقالة المذكورة، يمكن أن يبلغ صدقه غايته؛ بافتراض أنه من

Page 278

٢٦٤٥ عدة نقط لمحيط ما إذا مُدت خطوط مستقيمة عموديا فسوف يكون أطول خط مستقيم ما يصل إلى نقطة المركز وهذا الأمر يُثبت أن نقطة المركز هي أرفع وأعلى مقارنة مع جميع نقط وتر القوسين التي هي علامات غير منتهية للترقيات الإنسانية.وهذا يقودنا إلى حاشية على حاشية: لنفترض أن من النقط و ر ا ل م ن في قوس ب ج ل الدائرة ا ب س ج قد مدت الخطوط المستقيمة وسس، ر-ك، اع، ل-ق، م-ط، ن-ص، إلى النقط س، ك، ع، ق، ط، ص في قطر ج ب عموديا واع منها هو ذلك الخط المستقيم الذي مد من المركز ع إلى ا محاذيا.ج ཐ ع ق ط ص J الآن سوف نثبت أن الخط ا ع هو أطول هذه الخطوط، وهو ممدود إلى المركز، أوصلوا "ع" ل" و "ع" م " و " ع ن" بموجب الافتراض الزاوية ق هي قائمة فزاوية ل ع ق هي حادة بحكم ۳۲ ش م ا ، لذا بحكم ۱۹ ش م ا ضلع ل ع أطول من ضلع ل ق، وبموجب الافتراض فإن الزاوية "ق" و "ط" كل واحدة منهما قائمة، لذا (بحكم ٤٧ ش م ١) مربع "ع ل" يستوي بمربعي "ل ق" و "ق ع"، ومربع "ع م" يستوي بمربعي " ع ط" و "طم".بما أنه بحكم (۱٥) حد م ا الخط المستقيم "ع ل" يستوي مع ع م"، لذا فإن مربع مجموع مربعي "ع ق" و "ق ل"، استوى مجموع مربعي "ع ط" و "طم"، والبين أن الخط " ع ط" أقصر من " ع ط"، لذا فإن مربع "ل ق" أكبر من مربع م ، ومن ثم ثبت أن الخط المستقيم "ل ق" أطول من الخط المستقيم "م ط".ومثل ذلك يمكن الإثبات أن "م ط" أطول من "ن ص"، وقياسا على هذا يمكن الإثبات أن " ع " أطول من "ر" ك" و "ر" ك" أطول من "و" س".فثبت أن الخط " ع" الممدود إلى المركز أطول الخطوط وهذا كانت دعوانا.منه "

Page 279

الإيمان بالضرورة أن جميع ٢٦٥ الكفاءات المختلفة تكمن في قوس البشرية.فإن كفاءة وحيدة فقط منها أسمى وأرفع من جميع الكفاءات وتمثل وترا كاملا.أما البرهان على أن صاحب هذه الكفاءة الكاملة على الوجه الحقيقي و الكامل هو سيدنا ومولانا حضرة محمد المصطفى ﷺ فيمكن إدراكه من خلال النبوءات التي سجلنا بعضها في هذه الحاشية نفسها.كما يمكن العثور على برهان رائع على هذا الأمر من القرآن الكريم أيضًا، لأن كمال الوحي يكون بحسب كمال من ينزل عليه.فبقدر ما ترتفع كفاءه مورد الوحي ويكون جوهر فطرته صافيا، تتبين عواطف حبه وتنشأ الحدة والحرارة في حركة شوقه ويكون في وفائه وصدقه استقرار ودوام يتسم الوحي النازل عليه بالكمال.الآن لدينا ادعاء ونحن جاهزون لتحقيقه مقابل كل فريق وهو وحي القرآن الكريم أقوى وأعلى من كل وحي من حيث التعليم والمعارف والبركات والعلوم، وفي إثبات ذلك قد كتبنا شيئا في كتاب البراهين الأحمدية كما أن الجزء الأكبر من هذا الكتاب الذي سأبدأ بنشره بعد كتاب السراج المنير إن شاء الله - حافل بهذه الإثباتات.ولقد أثبت في كتابي البراهين الأحمدية- الذي معه إعلان جائزة عشرة آلاف روبية- من حيث الأدلة والعقل؛ أن القرآن الكريم في الحقيقة قد بلغ في معارفه وحكمه وتأثيراته الفياضة بالبركات وبلاغته حدًّا تعجز القوى الإنسانية عن الوصول إليه، ولا يقدر على منافسته أي إنسان ولا أي كتاب آخر.وإن المعجزة الحقيقية والكاملة والعظيمة التي يملكها المسلمون لإثبات صدق رسالة نبيهم أن

Page 280

٢٦٦٠ الكريم إلى يوم القيامة هي النبي.وهو لا يزال يفحم المعارضين ويخزيهم كما كان يفعل في السابق.فملخص هذا الكلام ولبه أن مراتب القرب الإلهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام عند العقل.وإن الدرجة الثالثة للقرب التي هى مظهر أتم للألوهية وتمثل مرآة تعكس الله متحققة لحضرة سيدنا ومولانا محمد المصطفى ﷺ التي أشعته تنور آلافا مؤلفة من القلوب، وتطهر صدورًا لا حصر لها من الظلمات الداخلية وتوصلها إلى النور القديم.ولله در القائل: هذا الذي ما زال نضرا طريا كما كان في زمن محمد العربي الذي هو ملك الكونين، والذي تحرس بلاطه روح القدس فلا يسعني أن أسميه إلها، إلا أنني أقول بأن في معرفة مكانته تكمن معرفة الله لا ما أعظم سعادة إنسان رضي بأن يكون محمد المصطفى مقتداه، واختار القرآن الكريم لهدايته.اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد وآله وأصحابه أجمعين.الحمد لله الذي هدى قلبنا لحبه ولحب رسوله وجميع عباده المقربين."حين ألقى على قمري نظرة الحب جعل قلبي الأسود فضة خالصة.إن ألطاف الشاملة تناديني إليه كل حين وآن، وإن كان هؤلاء حبيبي الأجانب يعرقلون سبيلنا.غیره إنني أستقر في زقاق حبيبي ليل نهار كالغبار، وما أدلَّ على عزتنا وإقبالنا منه ترجمة بيتين أرديين.(المترجم)

Page 281

نحمده ونصلي على رسوله الكريم إعلان صدق الأنوار بهدف دعوة المواجهة لأربعين يوما "صحيح أن كل واحد يتباهى ويدعي، لكن الصادق هو الذي يملك علامة الصدق" إن قراء إعلاناتنا السابقة يعرفون أنا كنا قد نشرنا إعلانا من قبل أن أي آري نجيب أو قسيس أو أي معارض آخر للإسلام إذا جاء إلى قاديان وأقام مدة سنة ثم لم يشاهد أي آية سماوية فسوف يستحق جائزة ٢٤٠٠ روبية.فلقد أرسلنا رسائل مسجلة بهذا المضمون إلى جميع القساوسة والآريين في ذلك لم يأت أحد إلى قاديان.بل قد أرسلنا مبلغ الهند والبنجاب ومع ۲۰۰ روبية نقدا إلى لاهور للمنشى إندرمَن المحترم لكنه ذهب إلى فريد كوت هروبا.وصحيح أن شخصا يدعى البانديت ليكهرام الفشاوري جاء ترجمة بيت فارسي (المترجم)

Page 282

إلى قاديان حتما، وقلنا له مرارا أن يقيم عندنا سنة كاملة ويتلقى منا شهريا بحسب مركزه بل ضعفي راتبه الذي كان يأخذه في بيشاور في الوظيفة.وأخيرًا قيل له بأنه إذا كان لا يريد إقامة سنة كاملة فليبق على الأقل أربعين يومًا، فلم يقبل أيا من هاتين الحالتين ونشر إعلانات باطلة غير واقعية.فقد سُجلت مكررا في كتاب الكحل" لعيون الآرية رسالة الإقامة لأربعين يوما نفسها هنا، فليقرأها القراء.أما هذا الإعلان فأنشره إتماما للحجة مقابل المنشي جيون داس المحترم الذي يبدو أكثر الآريين نجابة وسليم الطبع.ولاله مرليدهر المحترم مدرس الرسم من هو شياربور هو الآخر مغنم من الآريين في رأيي، والمنشي إندر من المرادآبادي الذي كأنه الشطر الثاني للسيد سورستي.والمستر عبد الله آتهم مساعد المفوض الإضافي زعيم أمرتسر وهو نبيل وسليم المزاج من بين القساوسة، والقس عماد الدين ولاهز المحترم الأمر تسري والقس تهاكرداس مؤلف كتاب إظهار" عيسوي" أننا نحدد مدة أربعين يومًا فقط بدلا من سنة كاملة؛ أي من أراد أن يختبر صدق الإسلام ويواجهنا فليقم عندي مدة أربعين يوما على التوالي في قاديان أو في أي مكان اتفق أن نقيم فيه عن طيب خاطرنا.ففي هذه المدة إذا لم نقدم أي نبوءة خارقة للعادة، أو قدّمنا وبطلت وقت التحقق، أو لم تبطل لكن الخصم الممتحن أيضا تمكن من إظهار أو تقديم مثلها؛ فسوف نقدم له مبلغ ٥٠٠ روبية نقدا فورا في حالة المغلوبية.أما إذا تحققت النبوءة وغيرها فسوف يكون لزاما على الخصم أن يعتنق الإسلام ومن الجدير بالملاحظة جدا أن

Page 283

هم مجرد الطعن في النبوءات أو طرح الشروط من عندهم غير مقبول وغير مسلّم به.بل إن الطريق القويم لمعرفة تحقق النبوءة أن تلك النبوءة إذا كان فيها ضعف في رأي الخصم أو شك، أو كانت تشبه القيافة، فعليهم أن يُظهروا أيضا في مدى أربعين يوما هذه، نبوءة مثلها وبإثبات مثله.وإذا عجزوا عن المواجهة فسوف تقام عليهم الحجة.وفي حالة تحقق نبوءتنا لن يكون لهم أي خيار غير اعتناق الإسلام.وهذه العبارات سوف تكتب ويتفق عليها كلا الجانبين سلفا.فبدءا من نشر هذا الكتاب أي من ١٨٨٦/٩/٢٠ ولمدة ثلاثة أشهر، هناك مهلة لهؤلاء السادة.ففى هذه المدة إذا لم تصدر منهم أي حث على المواجهة يتسم بالعدل، فسوف يُفهم من ذلك أنهم هربوا.والسلام على من اتبع الهدى.المعلن العبد المتواضع غلام أحمد من قاديان في محافظة غورداسبور في البنجاب

Page 284

Page 285

الإعلان مفيد الأخيار استيقظوا استيقظوا أيها الآريون ولا تحبوا النوم من الملاحظ في هذه الأيام أن غالبية الهندوس والآريين حين يطلعون على الاعتراضات على الإسلام في كتب النصارى يظنون أن هذه الاعتراضات صحيحة وواقعية في الحقيقة ويقتنعون بها.لذا أرى من المناسب والأقرب إلى الحكمة أن أنشر هذا الإعلان العام لأقول بأن الثقة بكتب النصارى أولا، وعدم الحصول على القناعة بحل المعضلات من عند أي فاضل مسلم مباشرة ثانيا، وعدم معالجة أوهامهم الفاسدة على أيدي الباحثين المسلمين، وعد الخونة المعتادين على العناد أمناء؛ انحراف تماما يجب أن يجتنبه طالب الحق.فالعقلاء يدركون جيدا أن آلاف الخطط التي يخططها القساوسة ليل نهار تأييدا لدينهم في البنجاب والهند ليست ناجمة عن مقتضى حماسهم الديني وإنما تدفعهم إلى ذلك أنواع الأغراض النفسانية والأهواء.فلو رفع من الوسط النظام الديني الذي بسببه يتلقى هؤلاء راتب آلاف الروبيات، فعندئذ سيُرى أين حماسهم وفورانهم.بالإضافة إلى ذلك فإن كفاءتهم العلمية ونور أدمغتهم أيضا ضئيل جدا.أما العقلاء الأوروبيون والفلاسفة ودقيقو النظر فهم يكرهون أن يسموا قساوسة ويجدون في ذلك عارا؛ فهم لا يعتقدون

Page 286

۲۷۲۰ بأفكار هؤلاء السخيفة بل إن منصب القس في نظر الحكماء العباقرة في أوروبا يُعدّ مُهانَّا وبعيدا عن الفضيلة ويستلزم مفهومه السخافة والهوان لدرجة أنه إذا خوطب أحدٌ أمامنا باسم القس فيخطر بالبال فورا أن هذا الرجل محروم من الجدارة والكفاءات العلمية السامية والأفكار الدقيقة.إن أنواع الاعتراضات التي وجهها هؤلاء القساوسة على أهل الإسلام وغيروا أفكارهم بعد تعثرهم المتكرر، وتراجعوا عن موقفهم بعد مواجهة أنواع الخجل، فلعل من يلقي نظرة شاملة على كتبهم والمناظرات الدائرة بينهم وبين علماء المسلمين الأفاضل يطلع على ذلك جيدا.إن اعتراضاتهم لا تخرج عن ثلاثة أنواع فإما أنها مجرد افتراء وبهتان لا أصل له في أي موضع، وإما أن تلك الأمور ثابتة في الحقيقة لكنه لا يقع عليها أي اعتراض، فإنما وُجه إليها الاعتراض بمحض السذاجة والعماية وقلة التدبر.وإما أن هناك أمورا جزء منها حق لا يمكن أن يوجه إليه أي اعتراض أبدا، والأمور التي هي قابلة للاعتراض قد أضيفت إليها بمحض البهتان والافتراء.فالمؤسف أن الآريين قد أقالوا عقلهم الذاتي وصدَّقوا جميع تصرفاتهم البعيدة عن الحق ورأوها صوابا في الحقيقة.وهناك بعض الآريين حين يجدون في موضع ترجمة ناقصة الجزء من القرآن الكريم أو يسمعون قصة باطلة من جاهل أو خصم، يبنون على ذلك الاعتراض فورا.فالحق أن الذي يخلو قلبه من خشية الله عقله يصبح أيضا بسبب سموم التعصب والعناد ضعيفا جدا وكالميت؛ حيث يرى نظره السقيم عين الحكمة والمعرفة عيبا محضا.فبهذه الفكرة أنشر هذا الإعلان

Page 287

لأكشف أن جميع مبادئ القرآن الكريم وتعاليمه مليئة بمحض الحكمة والمعرفة والصدق، ولا يقع الاعتراض على ذرة منها.فبما أن مبادئ كل دين وتعاليمه تحتوي على مئات الجزئيات وإن مناقشة كيفية كل واحدة منها تتطلب وقتا طويلا، لذا نشير على منكري مبادئ القرآن الكريم في هذا الصدد رأيا صالحا هو أنه إذا كانت لديهم اعتراضات على مبادئ القرآن الكريم وتعاليمه فمن المناسب أن ينتخبوا أولا بعد التفكير جيدا اثنين أو ثلاثة من أكبر الاعتراضات بذكر الآيات القرآنية التي مكانتها أمام سائر الاعتراضات في رأيهم كمكانة الجبل أمام ذرة؛ أي ينبغي أن تكون تلك الاعتراضات في نظرهم أقوى وأشد ومن الدرجة القصوى من بين جميع الاعتراضات، بحيث تكون أنظار طعنهم الحادة توقفت عندها، إذ وجدتها بعد الفحص والتمعن أكبر الاعتراضات وأشدها.يجب اختبار حقيقة الحال بتقديم اثنين أو ثلاثة من قبيل هذه الاعتراضات مثلا، فبذلك سيصدر في جميع الاعتراضات بسهولة؛ لأنه إذا ثبت سخف أكبر الاعتراضات بعد التحقيق فسوف تتلاشى الاعتراضات الصغيرة تلقائيا.أما إذا تقاعسنا عن الرد عليهم ردًّا مقنعا و لم نتمكن على الأقل من الإثبات أن المبادئ والتعاليم التي اتخذها الفريق الخصم مقابل هذه المبادئ والتعاليم هي بالمقارنة معها رذيلة وناقصة جدا وهي أفكار بعيدة عن الحق، ففي حالة كوني مغلوبا سأدفع للخصم ٥٠ روبية غرامة مقابل كل اعتراض.أما إذا ثبت كذب الفريق الخصم في نهاية المطاف و لم يقدر على إظهار المحاسن في مبادئها التي

Page 288

أثبتناها في مبادئنا ،وتعاليمنا، فليتذكر أنه لن يكون له مناص من اعتناق الإسلام فورا ولاعتناق الإسلام سيكون لزاما عليه أولا أن يتعهد حلفا بهذا، وبعد ذلك سننشر الرد على اعتراضاته في كتاب مستقل.أما الهجوم الذي سنشنه على مبادئه بالمقابل فسيتحتم عليه دفاعا عن ذلك أن ينشر هو أيضا كتابا مستقلا في ذلك، وبعد نشر كتابين سيكون الحكم برأي فريق ثالث أو بحلف الفريق الخصم نفسه حيثما رضي.لكن الشرط أن يكون الفريق الخصم من العلماء المشهورين ويكون متمكنا من علوم كتابه الديني أيضا، ويكون قادرا على أن يستمد بيانه من كتابه كما نسجل نحن بياننا المستمد من كتابنا، لكي لا يضيع أوقاتنا عبثا.وإذا أعرض أي غير منصف عن أسلوب بين يتسم بالعدل الآن أيضا وهرب ولم يكفّ في الوقت نفسه عن الإساءة إلى الإسلام والبذاءة وإطلاق الشتائم، فسوف يتبين من ذلك بجلاء أنه لا يريد أن يخلع من عنقه بأي حال من الأحوال طوق اللعنة الذي قدره الله تعالى بعدله وإنصافه أن يكون عقدًا لأعناق الكاذبين والملحدين والمسيئين والعنيدين والمتعصبين والسلام على من اتبع الهدى.وليتضح أخيرا أني سوف أنتظر الرد على هذا الإعلان من أي بانديت أو قسيس ثلاثة أشهر بدءا من ١٨٨٦/٩/٢٠ ، وإذا صمت في هذه المدة العلماء الآريون وغيرهم فسوف يكون صمتهم حجة عليهم.المعلن العبد المتواضع غلام أحمد مؤلف كتاب

Page 289

۲۷۰ نحمده ونصلي على رسوله الكريم إعلان محك الأخيار والأشرار كم عانينا في سبيل حبك، فما أكثر ما أرثه السماء بإراءتك كل مؤمن وطيب الطوية يشهد بتجربته الشخصية على أن الذين يتخذون الوفاء الكامل لمولاهم الكريم جل شأنه بصدق قلوبهم، فهم بحسب إيمانهم وصبرهم يُلقون في المصائب ويعرضون لأشد الابتلاءات فهم يسمعون من خبيثي الطوية أذى كثيرا، ويواجهون أنواع المصائب والشدائد وينسج الوقحون أنواع المكايد والبهتانات ضدهم ويسعون جاهدين دومـــــا للقضاء عليهم.فهذه هي سنة الله المستمرة تجاه أولئك الذين ينظر إليهم برحمة باختصار ؛ إن الذين هم في نظره متقون وصادقون فهم على مر التاريخ ظلوا يواجهون الألم والمعاناة من ألسنة الجاهلين وأيديهم.كانت سنة الله منذ القدم جارية على هذا النحو، فإذا تعرضنا نحن أيضــا لشيء من أذى الأقارب والأجانب فعلينا أن نشكر ونفرح على أننا اعتبرنا في نظر الحبيب الحقيقي مستحقين لهذا الشرف بأن نؤذى ونؤلم في سبيله.فمواجهة الأذى والمعاناة على هذا النحو عين سعادتنا.لكننا حين ننظر إلى ا ترجمة بيت أردي.(المترجم) فلما

Page 290

ناحية أخرى حيث لا يكتفي بعض أعداء الدين بإيذائنا بافترائهم فقط، بل يُلقون أناسا غافلين وجهلة في الفتنة، نرى من الواجب علينا في هـذه هم الحالة أن نحمي هؤلاء من الفتنة جهد المستطيع.فليتضح أن بعض المعارضين الذين لا يخافون الله والذين قد أظلم قلوبهم صدأ التعصب والعناد حرَّفوا إعلاننا المنشور في ١٨٨٦/٤/٨ وبدلوه كاليهود، ويُسمعون السذج معنى مختلفا تماما، كما ينشرون من عندهم إعلانات شتى لكي يرسخوا في قلوبهم خداعا أن ميعاد النبوءة بولادة الابن قد مضى و لم تتحقق النبوءة.وفي الرد على ذلك نكتفي بالقول أن لعنة الله على الكاذبين إلا أننا نبدي الأسف أيضا على أن هؤلاء الوقحين الديوثين لم يعودوا يخافون مطلقا لعنة لاعن بسبب حقدهم الشديد وعنادهم وتعصبهم.وإن خصال الطيبة من الخجل والحياء والورع التي هي من صفات الإنسان قد فارقت هؤلاء نهائيا وطبعهم لدرجة كأن الله لم يخلقها فيهم أصلا.وكما أن المريض اليائس من صحته لا يبالي بأي حمية ويتناول كل ما يريد ظنا منه بأن أياما قليلة من حياته بقيت، كذلك عد هؤلاء مرضهم الحقد والتعصب والعناد غير قابل للعلاج، وبدأوا بأنواع التجاسر وسلوك غير لائق لا يُحمد عقباه.إن جنون التعصب والحقد الشديد قد قضى على عقلهم لدرجة أنهم لا يلاحظون أن في الإعلان الصادر في ١٨٨٦/٣/٢٢ قد ورد صراحةً وجلاء أن ميعاد ولادة الابن تسع سنين، وإن إعلان ١٨٨٦/٤/٨ لم يتضمن التصريح بالعام أو الشهر، كما لم

Page 291

يصرح أنه قد ألغي ميعاد تسع سنوات، غير أن في ذلك الإعلان جملة ذات وجوه وهي أنه لن يتجاوز مدة الحمل فهل ثبت من هذه الجملة فقط أن المراد من مدة الحمل الأيام المتبقية من الحمل الحالي؟ وليس المراد منه مدة أخرى؟ فلو كان على رأس هذه الجملة كلمة "هذه" لكانت فسحة للاعتراض.لكنه ما دامت كلمة "هذه" (المخصصة للوقت) لم ترد على رأس عبارة الوحي، فإن لم يكن استنباط المعنى الذي كان يمكن استنباطه لو كانت على رأسها كلمة "هذه" من هذه الفقرة تعتنا وإلحادًا وخيانة، فماذا نسميه فالإنسان العاقل الذي لم تُصب عقله وفهمه آفة، والذي ليس قلبه محجوبا وراء حجاب أي تعصب أو فتنة، يستطيع أن يدرك أنه يجب أن توضع في البال - عند تفسير جملة ذات وجوه - المفاهيم المذكورة آنفا أي لن يتجاوز مدة الحمل، جملة ذات وجوه، والتي شرحها المحتملة لها.فالجملة الصحيح الدقيق ما قام به میر عباس علي شاه اللدهيانوي المحترم في إعلانه الصادر في ١٨٨٦/٦/٨ أي لن تتجاوز مدةً موعودةً للحمل (وهي تسع سنوات أو مدة معهودة للحمل وهي عند الأطباء عامان ونصف عام أو أكثر بقليل).فلو كان المراد الحمل الحالي حصرا لكان يحب أن تكون العبارة "لن يتجاوز الأيام المتبقية من الحمل الحالي" ولذلك كنا قد أشرنا في الإعلان إلى أن الجملة المذكورة آنفا لا تخص الحمل الحالي، لكن الذين تعمى قلوبهم تصير أبصارهم أيضا عمياء.

Page 292

۲۷۸ وفي الأخير نود أن نكتب أيضا أن من حكمة الله العظيمة أنه لم يرزق الولد من هذا الحمل لأنه لو وُلد من هذا الحمل فكيف كانت ولادته 6 ستؤثر في الذين كانوا يقولون سلفا بأنه انطلاقا من القواعد الطبية يمكن للحكيم أن يخبر نظرا لأمارات الحمل الحالي ما الذي سيولد كما كان البانديت ليكهرام الفشاوري وبعض المعارضين الآخرين أيضا يتهمونني بأني حائز على مهارة طبية، فعرفتُ من علمى بالطب أن الولد سيولد، وكذلك قد نشر شخص يدعى محمد رمضان في الجريدة البنجابية الصادرة في ١٨٨٦/٣/٢٠ أن التنبؤ بولادة الابن لا يعد إثبات كوني من الله.فمن قرأ كتب أرسطو يستطيع أن يخبر بالضبط بالنظر إلى قارورة الحامل هل سيكون المولود ذكرا أو أنثى.وكان بعض المعارضين من المسلمين أيضا يقولون بأن الولد قد وُلد في الحقيقة قبل نشر النبوءة بشهر ونصف وتم إخفاءه خداعا، وسوف يشاع عن قريب أنه ولد.فالأفضل أن الله قد أجل ولادة الولد الموعود السعيد إلى وقت آخر وإلا لو ولد هذه المرة فمن ذا الذي كان بإمكانه أن يحكم في جو هذه الشبهات المذكورة.فالآن: إن البشارة بولادة الابن الموصوف غيب محض؛ فلا الحمل موجود حتى تطبق عليه علوم أرسطو لمعرفة جنس الجنين أو قواعد جالينوس لمعرفة الحمل ولا الولد مخفى حتى يُخرج بعد مدة.بل الإنسان لا يستطيع أن يجزم أنه نفسه سيعيش لمدة تسع سنين، ولا يتأكد أنه سيولد له أي نوع من الأولاد خلال هذه المدة، ناهيك عن الجزم بولادة الابن بناء على التقدير وأخيرا نريد أن نكشف

Page 293

۲۷۹ أيضا أن المنشي محمد رمضان لم يتكلم في الجريدة المذكورة آنفا بلهجة لبقة، بل شبهني أنا العبد المتواضع مرارا بالمفترين وذلك على شاكلة المعارضين الدينيين.وفي مكان حيث كنت بينت في إعلان ١٨٨٦/٢/٢٠ النبوءة من الله بأن الله بشرني أني سوف أعقد القران مع بعض النساء المباركات بعد صدور هذا الإعلان، وسوف أرزق الأولاد منهن.فحول هذه النبوءة قال المنشي المذكور بأن الإلهام على عدة أنواع؛ فالصالحون يتلقون إلهامات الحسنات، أما الزناة فحول النساء.فنحن لا نريد أن نعلق على هذا شيئا، فليقدر القراء لباقة المنشى.ثم هناك شخص ،آخر موظف في مكتب السيد أيغريمر للسكة الحديدية بلاهور، ويظهر اسمه "بي بخش" قد كتب في رسالته التي أرسلها إلى هذا العبد المتواضع في ١٨٨٦/٦/١٣: لم تتحقق نبوءتك إذ قد ولدت لك بنت وإنك في الحقيقة مزيف ومكار وكذاب.فماذا نقول ردا على ذلك سوى أن نقول: يا إلهي القادر القدير، إن هؤلاء عميان فهب لهم عيونا، وهم أغبياء فهب لهم فهما، وقلوبهم عامرة بالشرور فوفقهم للحسنات.فليسأله أي شيخ صالح: أين تلك الجملة أو الكلمة التي صدرت من قلم هذا العبد المتواضع في أي إعلان وتفيد بأن الصبي سوف يولد من هذا الحمل الحالي ،حصرا ولن يتأخر عنه أبدا.وإذا كنت قد كتبتُ ذلك في موضع فمن المحتم على ميان نبي بخش المحترم أن ينشره في جريدة ما.فلو ألقى أي منصف نظرة على إعلانات هذا العبد المتواضع لعلم أنها لا تتضمن أي نبوءة يرد عليها اعتراض بسيط، بل كلها صادقة، وعن قريب سوف

Page 294

تتسبب بتحققها في الميعاد في ذلة المعارضين وهوانهم.انظروا بأي جلاء تحققت النبوءة التي كتبناها في إعلان ١٨٨٦/٢/٢٠ إجمالا أن الأمير بنجابي الأصل القادم إلى البنجاب حديثا سيتعرض لابتلاء.فكنا قد أخبرنا مئات الهندوس والمسلمين في مختلف المدن أن المراد من بنجابي الأصل هذا هو "دليب سنغ" الذي كان خبر وروده في البنجاب يشاع.لكنه سيخفق في إرادته في الاستقرار في البنجاب للسكن بل إن شرفه وراحته وحياته في سفره هذا عرضة للخطر، وقد صدرت هذه النبوءة في وقت وأشيعت في العامة، أي في ١٨٨٦/٢/٢٠ ، حيث لم يكن لهذا الابتلاء أثر وأمارة.وأخيرا تعرض وفق هذه النبوءة لكثير من الحرج والمعاناة والهوان والخجل وظل محروما من غايته المتوخاة.لاحظوا كيف تبين صدق هذه النبوءة.وعلى هذا القياس سيتحقق صدق كل نبوءة في موعدها ولن يواجه الأعداء ذوو الوجوه السوداء الخجل والهوان مرة واحدة فقط بل مئات المرات.فمن قدرة الله الله أنه إلى الآن أعمى أبصارهم وقسَّى قلوبهم كما أثار في قلوبنا زوبعة النصح والمواساة، فلحل هذه المشكلة نتضرع إليه الله وحده."يا إلهي؛ هب لعميان القلوب هؤلاء نورا، أو لا تجعل أي عارف للحق يتألم من أجلهم.والسلام على من اتبع الهدى المعلن العبد المتواضع غلام أحمد مؤلف البراهين الأحمدية من قاديان محافظة غورداسبور في البنجاب طبع في مطبعة رياض هند بأمرتسر ترجمة بيت فارسي.(المترجم) \ 11

Page 295

۲۸۱ اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل الرسل وخاتم النبيين الإعلان لقد ألفتُ كتاب البراهين الأحمدية ملهما ومأمورًا من الله تعالى بهدف الإصلاح وتجديد الدين، ومعه إعلان عشرة آلاف روبية.وخلاصته أن الدين الحق من الله في العالم الذي بواسطته يؤمن الإنسان بصدق القلب بجميع صفات الله الكاملة والطيبة اعتقادا منه بأنه منـزه من كل نقص وعيب هو الإسلام وحده وهو الذي تتألق فيه بركات الصدق كالشمس ويتجلى فيه نور الصدق كوضح النهار وأن سائر الأديان بديهية البطلان لدرجة أن لا تثبت صحة مبادئها وصوابها من حيث البحوث العقلية، ولا يستطيع الإنسان بالتمسك بها نيل نزر يسير من البركات الروحانية والقبول الإلهي، بل بالتزامه بما يصبح الإنسان حاقدا ومسوة القلب لأقصى حد، وتظهر علامات شقاوته في هذا العالم نفسه.لقد أثبت في هذا الكتاب صدق الإسلام على وجهين: (١) أولا من خلال ۳۰۰ من الأدلة العقلية القوية المتينة التى تتبين شوكتها ومرتبتها ومنزلتها من إعلاني أنه إذا دحضها أي معارض للإسلام فسوف أدفع

Page 296

۲۸۲ له عشرة آلاف روبية وإذا أراد أحد لقناعته أن يسجلها في المحكمة أيضا فيمكن (۲) ثانيا من خلال الآيات السماوية التي لا بد منها لإثبات الصدق الكامل للدين الصادق.وفي هذا المجال الثاني قد أثبت ثلاثة أنواع من الآيات لتحقيق صدق الإسلام كالشمس فأولا تلك الآيات التي رآها المعارضون قد تحققت على يد النبي الممدوح ونتيجة دعائه والتفاته وبركته في زمنه، وقد سجلها المؤلف، أي أنا العبد المتواضع، مقرونة بالبرهان والإثبات من الدرجة العليا تاريخيا.والثاني تلك الآيات عديمة النظير التي توجد في القرآن الكريم نفسه المبارك على الدوام وللأبد، التي شرحتُها ببيان شامل ومقنع لكل عام وخاص و لم أترك لأحد أي حجة من أي نوع.والثالث تلك الآيات التي يرثها أحد الأتباع ببركة اتباعه للقرآن الكريم والنبيِّ الحق، والتي لإثباتها قدَّم عبد الله هذا الدليل البديهي بفضل حضرة الله القادر الله أن كثيرا من الإلهامات والخوارق والكرامات الصادقة والأخبار الغيبية والأسرار من لدنه والكشوف الصادقة والأدعية المجابة التي صدرت من خادم الدين ،هذا والتي شهد على صدقها كثير من شهود العيان من معارضي الدين مثل الآريين وغيرهم- قد سجلت في هذا الكتاب.وقد أوتيتُ العلم أيضا بأني مجدد الوقت، وكمالاتي تشابه كمالات المسيح ابن مريم روحانيا، وأن بينهما علاقة قوية وتشابها.وعلى نهج مزايا الأنبياء والرسل فإني قد فُضلتُ على كثير من أكابر الأولياء الذين سبقوني ببركة اتباع حضرة خير البشر وأفضل الرسل.

Page 297

وإن اقتفاء أثري مدعاة للنجاة والسعادة والبركة.أما معارضتي فجالبة البعد والحرمان وهذا الإثبات بكامله يتبين من قراءة كتاب البراهين الأحمدية الذي صدر منه قرابة ۳۷ جزءا من مجموع ٣٠٠.وأنا شخصيا جاهز ومستعد كل حين وآن لإقناع طالب الحق وطمأنته على أكمل وجه.وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ولا فخر، والسلام على من اتبع الهدى.وإن لم يُرد أحد، بعد هذا الإعلان، الاقتناع وحَلَّ عُقده بحثا عن الحق بصدق، ولم يحضرنا بصدق القلب؛ فإنا قد أقمنا عليه الحجة.فسوف يُسأَل عنها عند الله.وفي الأخير أنهى هذا الإعلان بالدعاء: يا إلهي الكريم اهدِ القلوب الطيبة في جميع الأمم إلى الإيمان برسولك المقرب أفضل الرسل محمد المصطفى ، وبكلامك الكامل المقدس القرآن الكريم والامتثال لأوامرك كي يفوزوا بجميع أنواع البركة والسعادة والرفاهية الحقة التي ينالها المسلم الصادق في كلا العالمين.ولكي يتمتعوا بالنجاة والحياة الخالدتين التي لا تنال في الآخرة فحسب بل يحرزها الصادقون المخلصون في هذه الدنيا، ولا سيما شعب الإنجليز الذين لم ينالوا أي نور من شمس الحق إلى الآن، والذين قد خصتنا حكومتهم اللبقة والمتحضرة والمحسنة بمننها وإخلاصها.فبذلك ولدت فينا حماسًا قلبيا لنسأل الله لها الأمن والسعادة لدنياهم ودينهم بصدق القلب، لكي تستنير وتستضيء وجوههم البيضاء الناصعة في الآخرة أيضا كما هي جميلة في هذا العالم فنسأل الله تعالى خيرهم في الدنيا والآخرة.

Page 298

اللهم اهدهم وأيدهم بروح منك واجعل لهم حظا كثيرا في دينك واجذبهم بحولك وقوتك ليؤمنوا بكتابك ورسولك ويدخلوا في دين أفواجا.آمين ثم آمين، والحمد لله رب العالمين.المعلن العبد المتواضع مرزا غلام أحمد من قاديان في محافظة غورداسبور بالبنجاب (طبع بعدد عشرين ألفا) الله

Page 299

TRANSLATION OF THE VERNACULAR NOTICE ON REVERSE Being inspired and commanded by God, I have undertaken the compilation of a book named "Barahin-i-Ahmadia." with the object of reforming and reviewing the religion, and have offered a revawrd of R& 10.000 to any one who would prove the arguments brought forward therein to be false.My object in this Book is to show that only true and the only revealed religion by means of which one might know God to be free from blemish, and obtain a strong conviction as to the perfection of His attributes is the religion of Islam, in which the blessings of truth shine forth like sun, and the impress of veracity is as vividly bright as the daylight.All other religions are so palpably and manifestly false that neither their principles can stand the test of reasoning nor their followers experience least spiritual edification.On the contrary those religions so obscure the mind divest of discernment that signs of future misery among the followers become apparent even in this world.That the Muhammadan religion is the only true religion has been shown in this book in two ways (1st), By means of 300 very strong and sound arguments based on mental reasoning (their congency and sublimity being inferred from the fact that a reward of Rs.10,000 has been offered by me to any one refuting them, and from my further readiness to have this offer registered for the satisfaction of any one who might ask for it); (2) From these Divine signs which are essential for the complete and satisfactory proof of a true religion With a view to establish that Muhammadan religion is the only true religion in the world, I have adduced under this latter head 3 kinds of evidences (1) The miracles performed by the Prophet during his life time either by deeds or words which were witnessed by people of other persuasions and are inserted in this book in a chronological order (based on the best kind of evidences): (2), The marks which are inseparably adherent in the Al.Quran itself, and are perpetual and are everlasting, the nature of which has been fully expounded for facility of comprehension (3), The signs which by way of inheritances devolve on any believer in the Book of God and the follower of the true Prophet.As an illustration of this, I, the humble creature of God, by His help have clearly evinced myself to be possessed of such virtues by the achieving of many unusual and supernatural deeds by foretelling future events and secrets, and by obtaining from God the objects of my prayers to all of which many persons of different persuasions like the Aryas, & c., have been eye-witness (A full description of these will be found in the said book).I am also inspired that I am the Reformer of my time, and that as

Page 300

regards spiritual excellence, my virtues bear a very close similarity and strict analogy to those of Jesus Christ, in the same way as the distinguished chief of Prophets were assigned a higher rank than that of other Prophets.I also by virtue of being a follower of the August Person.(the benefactor of mankind, the best of the messengers of God) am favoured with a higher rank than, that assigned to many of the Saints and Holy Personages preceding me.To follow my footsteps will be a blessing and the means of salvation whereas any antogonism to me will result in estrangement and disappointment, All these evidences will be found by perusal of the book which will consist of nearly 4800 pages of which about 592 pages have been published.I am always ready to satisfy and convince any seeker of truth.."All this is a Grace of God He gives it to whome-soever.He likes and there is no bragging in this." "Peace be to all the followers of righteousness!" If after the publication of this notice any one does not take the trouble of becoming earnest enquirer after the truth and does not come forward with an unbiased mind to seek it then my challenging (discussion) with him ends here and he shall be answerable to God.Now I conclude this notice with the following prayer: Oh Gracious God! guide the pliable hearts of all the nations, so that they may have faith on Thy chosen Prophet (Muhammad) and on Thy holy Al.Quran, and that they may follow the commandments contained therein, so that they may thus be benefited by the peace and the true happiness which are specially enjoyed by the true Muslims in both the worlds, and may obtain absolution and eternal life which is not only procurable in the next world, but is also enjoyed by the truthful and honest people even in this world.Expecially the English nation who have not as yet availed themselves of the sunshine of truth, and whose civilized, prudent and merciful empire has, by obliging us by kindness and friendly, treatment, exceedingly encouraged us to try our utmost for their numerous acts of welfare, so that their fair faces may shine with heavenly effulgence in the next We beseech God for their well being in this world and the next.Oh God! guide them and help them with Thy grace, and instil in their minds the love for Thy religion, and attract them with Thy power, so that they may have faith on Thy Book and Prophet, and embrace Thy religion in groups Amen! Amen!" "Praise be to God the supporter of creation!" (Sd) MIRZA GHULAM AHMAD Chief of Qadian, District Gurdaspur, Punjab, India

Page 301

نحمده ونصلى على رسوله الكريم الإعلان بجائزة خمسمئة روبية بخصوص الكتاب "كحل الجواهر ؛ " الذي ليس له جواب، الذي يثبت أن فيدات الآريين وعقائدهم ومبادئهم باطلة وبعيدة عن الصدق.إن كتاب زاخر باللآلئ والجواهر وعدد عام نشره يكمن في حروف اسم هذا الكتاب أي ١١٣٠٣ هذا الكتاب، أي ، قد ألف بمناسبة المناظرة مع لاله مرليدهر مدرس الرسم في هوشياربور يدحض عقائد الفيدا الباطلة كلية، ألف بدعوى ويقين أنه ليس في وسع أي آري أن يكتب الرد عليه، وقد حاشية: ترجمة بيت فارسي من نظم المولوي محمد يوسف السنوري المحترم.جزاهم الله خيرا.منه

Page 302

۲۸۸ لأن الكذب لا يغني شيئا مقابل الحق، وإذا كان أي آري يعد معتقدات الفيدا ومبادئه كلها التي فُندت في هذا الكتاب صادقة، وما زال يعد الفيدا ومبادئه هذه من فعل "إيشر"، فأحلّفه بإيشر نفسه أن يكتب الرد على هذا الكتاب، ويتلقى منا جائزة خمسمئة روبية.وإن هذا المبلغ، بعد تصديق حكم، سيُسلَّم للمتقدم سواء كان قس أو أحد أتباع البرهمو، وأقبل حتى دعوة المنشي جيون داس، سكرتير آريا سماج؛ الذي يعد سليم الطبع من الآريين المقيمين في هذه المنطقة، وهو نبيل ودمث الخلق، بعد طباعة الرد ونشره على نطاق واسع ليحضر في اجتماع عام يضم العلماء المسلمين والآريين والمسيحيين الأشراف وغيرهم، ويأتي مع أبنائه الأعزة، ثم ينهض ويقسم قائلا: نعم إن قلبي قد قبل بيقين كامل أن جميع الاعتراضات الواردة في كتاب "" التي قد قرأتها من أولها إلى آخرها بإمعان وتدبرت فيها جيدا واستوعبتُها ، قد دحضت بهذه العبارة.وإن لم يكن قولي هذا صادرا مني بطمأنينة القلب وكامل الصدق، فليصبني وبال ذلك وضرره في هذه الدنيا أنا وأولادي هؤلاء الحاضرين معي فبعد صدور القسم من هذا القبيل سيدفع في الاجتماع نفسه مبلغ خمسمئة روبية لصاحب الرد لمجرد شهادة المنشي جيونداس.وإذا سلم المنشي المحترم بعد ذلك لمدة سنة من نتائج وخيمة لهذا القسم، فستكون للآريين حجةٌ الآن.حاشية: هنا سيكون لزاما على المنشي جيونداس المحترم أن يقرأ جميع الاعتراضات الواردة في كتاب "" على الحضور بصحة أيضا.منه

Page 303

دون شك أن المحترم كان قد أقسم بصدق قلبه بحسب علمه وفهمه.والسلام على من اتبع الهدى.المعلن العبد المتواضع غلام أحمد من قاديان محافظة غورداسبور البنجاب

Page 304

Page 304