سَت بچن

سَت بچن
Author: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad

Language: AR

AR

الغاية الأولى من تأليف هذا الكتاب -كما بين سيدنا المسيح الموعود عليه السلام - دحضُ اعتراضات البانديت ديانند الباطلة على باوا نانك، وذلك ليرى الآريون صدق هذا الرجل الصالح وسداده بتدبر ولكي يتأسوا بأسوته إن أمكن. والغاية الثانية هي كشف معتقدات باوا نانك رحمه الله ودينِه على العالم أنه كان مسلما صادقا قولا وفعلا


Book Content

Page 1

إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ القَولُ الحَقِّ حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي الكلية ترجمة: محمد أحمد نعيم

Page 2

ISLAM INTERNATIONAL PUBLICATIONS LTD اسم الكتاب: القول الحق الطبعة الأولى: ١٤٤٣هـ الموافق لــ ٢٠٢٢ An Arabic rendering of Satt Bachan (The True Word) Written by: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad, on whom be peace, the Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Ahmadiyya Muslim Jama'at Translated from Urdu by: Muhammad Ahmad Naeem First Published in the UK in 2022 O Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd.Unit 3, Bourne Mill Business Park, Guildford Road, Farnham, Surrey, GU9 9PS United Kingdom Printed in the UK at: Raqeem Press Farnham, Surrey GU9 9PS For further information please contact: Phone: +44 1252 891330 Fax: +44 1252821796 www.islamahmadiyya.net ISBN: 978-1-84880-979-6

Page 3

Page 4

Page 5

مقدمة الناشر فهرس المحتويات جدير بانتباه الحكومة كمالات باوا نانك رحمه الله وخرافات دیانند بقصد الإساءة إليه العباءة المقدسة مقتبس من الصفحة ٧٨٦ لستيارته بركاش الدليل الأول: وصية باوا نانك المحترم المشهورة في السيخ باسم العباءة المقدسة قصة مع ملك عربي قصيدة رسم عباءة باوا نانك تاريخ العباءة بإيجاز الدليل الثاني على إسلام باوا نانك اعتكافاته عند قبور الأولياء والصلحاء المسلمين المشهورين قصد الاستفاضة أوضاع الاعتكاف في ملتان جريدة خالصه بهادر عدد ٦ الصادرة في ١٨٩٥/٩/٣٠ ساكهي "بهائي بھالا" الأكبر الصفحة ٢٢٠-٢٢٢ ملخص الدلائل على إسلام باوا نانك المحترم ۱۷ ۳۷ کے 01 VV VA ΛΕ ۹۹ ۱۱۹ أ

Page 6

١٣٦ ١٤٨ 101 ١٥٣ 101 ۱۷۱ ۱۸۱ ۲۱۱ ۲۲۳ بعض الأحداث المتعلقة بوفاة باوا المحترم شهادات أعداء الإسلام على اعتناق باوا نانك المحترم الإسلام معجم الإسلام لـ "هيوز"، الصفحة ٥٨٣ و ٥٩١ رأي البانديت ديانند في باوا نانك المحترم ذكر بعض كرامات باوا نانك المحترم هجوم القساوسة على باوا المحترم ما هو الإسلام المقارنة بين الأديان في ميزان الفطرة وذكر منة الحكومة الإنجليزية مرهم الحواريين، الذي اسمه الآخر مرهم عيسى أيضا حاشية على الحاشية المتعلقة بالصفحة ١٦٤

Page 7

مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم مقدمة الناشر يسعدنا أن نقدم لقراء العربية ترجمة كتاب آخر من كتب سيدنا المسيح الموعود العليا وهو:.الغاية الأولى من تأليف هذا الكتاب كما بين سيدنا المسيح الموعود العلي دحض اعتراضات البانديت ديانند الباطلة على باوا نانك، وذلك ليرى الآريون صدق هذا الرجل الصالح وسداده بتدبر ولكي يتأسوا بأسوته إن أمكن والغاية الثانية هي كشف معتقدات باوا نانك رحمه الله و دينه على العالم أنه كان مسلما صادقا قولا وفعلا.فقد تذمر من الفيدات وتخلّى عنها واعتنق الإسلام وأعلن في أشعاره أن النجاة تتوقف على شهادتي "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فقط، وبايع صلحاء المسلمين، واعتكف على مقابر الأولياء، وحج مرتين، وترك عباءته وصيةً منه للأجيال القادمة.عباءة باوا نانك رحمه الله إن هذه العباءة شهادة عظيمة على كون باوا نانك مسلما؛ لقد عرف سيدنا المسيح الموعود الا أنه قد ورد في كتب السيخ أن هذه العباءة كانت قد نزلت من السماء وكتب عليها بيد القدرة، شتى العبارات التي منها آيات القرآن الكريم وأنها محفوظة في ديره" بابا نانك" كذكرى

Page 8

مربه مقدمة الناشر مقدسة له رحمه الله، فأرسل الله وفدا إلى هناك لتقصي الحقائق.(تفصيل هذا الوفد موجود في ، الخزائن الروحانية؛ المجلد ١٠، ص١٤٤).وبعد أن أخبره هذا الوفد أنه قد كتبت على العباءة شهادتا "لا إله إلا الله محمد رسول الله وآيات قرآنية، قرر الا أن يطلع شخصيا على هذه الشهادة التاريخية التي تُثبت إسلام باوا نانك؛ فانطلق حضرته بعد الاستخارة المسنونة في وفد يضم عشرة من أصحابه يوم الاثنين المؤرخ في ١٨٩٥/٩/٣٠ على العربات وشاهَد العباءة بأم عينيه، ورأى أنه قد كتبت عليها فعلا بعض آيات القرآن الكريم وبعض السور أيضا، بالإضافة إلى شهادتي "لا إله إلا الله محمد رسول الله".وإن أسماء مرافقيه وتفاصيل هذه الزيارة مسجلة في هذا الكتاب الذي بين أيديكم.كان الهدف من بعثة سيدنا المسيح الموعود اللة إثبات صدق الإسلام مقابل الأديان الأخرى في العالم، "فالديانة السيخية" كانت قد ظهرت بعد الإسلام بقرون عدة، فكان من مهماته العليا إبطال هذه الديانة أيضا، فقد كشف الله على يديه الحقيقة المستورة من مئات السنين وهي أنه مما لا شك مؤسس ديانة السيخ "غورو" أي حضرة المرحوم باوا نانك، قد ولد هندوسيا، لكنه أسلم فيما بعد، وإن ذكراه المقدسة، أي عباءته المقدسة التي وصية منه، هي شهادة قاطعة على إسلامه.فقد قال سيدنا المسيح الموعود : "كان" مقدرا من الله أن تبقى هذه العباءة محفوظة إلى زمننا، ننزه باوا المحترم من التهم الباطلة ونكشف دينه الصحيح، و لم يتسنّ فيه تر أن لكي

Page 9

مقدمة الناشر لأحد قبلنا الاطلاع على ما كتب على هذه العباءة، وكانت الحكمة في كونها محفوظة إلى عصرنا انتظارها إيانا".باختصار؛ قد كشف الله على يدي سيدنا المسيح الموعود ال إسلام باوا نانك رحمه الله، ونحن نوقن أن الأمة السيخية عندما تبحث بجدية عن الدين الحقيقي لمقتداهم سينكشف عليهم أنه كان في الحقيقة عاشق الإسلام، وهذا الكتاب سيكون مرشدا حقيقيا لهم، كما قد أسلم عدد من السيخ بعد قراءتهم هذا الكتاب من قبل.فقد كتب المولوي دوست محمد شاهد المحترم في (تاريخ الأحمدية، المجلد الأول، الصفحة ٥٤٤، الحاشية رقم نقلا عن جريدة "خالصة سماتشار أمرتسر ۱۸۹۹/۱۲/۸ وجريدة "خالصه تشار ارده شتابدي رقم ١٩٥٠ ، اقتباسا من جريدة رسالة الصلح ١٩٥٢/٧/٢ الصفحة ١٤: كتب أحد الإخوة السيخ "دير سنغ دي لت" في سنة ١٨٩٩م "أن عددا من السيخ اعتنقوا الإسلام بعد أن قرأوا كتاب." كما كتب نقلا من كتاب السيرة للبانديت ليكهرام بعنوان "آرية مسافر" الصفحة ١٠١: لقد قال البانديت أثناء تبادل الحديث إن مرزا القادياني- بتقديم النقود للراهب المسئول عن العباءة قد نسخ الآيات العربية من العباءة التي جاء بها غورو نانك من مكة، والآن يعلن سيادة الميرزا أن غورو نانك المحترم كان مسلما.لقد طلب مني كبار السيخ الأشراف أن أكتب الرد على ذلك، فاشترطت عليهم أن يُحضروا لي تلك العباءة من السادن

Page 10

مقدمة الناشر المذكور أعلاه، لأشعل فيها النار في اجتماع عام أمام الناس، وبعد ذلك سأكتب الرد، لكنهم امتنعوا عن ذلك والتزمت الصمت أنا الآخر".(تاريخ الأحمدية، المجلد الأول، الصفحة ٥٣٧، الطبعة الحديثة) فحين يئس السادة السيخ من البانديت ليكهرام بدأوا يخترعون روايات جديدة عن العباءة، ثم حين لم يجدوا الرد كتبوا عن العباءة في الطبعة الحديثة لـ"جنم ساكهي الصادرة في "سم ٤٢٨ نانك شاهي": لقد طارت تلك العباءة إلى السماء و لم تعد جنم) ساكهي بهائي بالا، الصفحة ٤٣٨، المطبوعة في مطبعة "مفيد عام"، لاهور) وبالإضافة إلى هذا التحريف السافر قد حرَّفوا كثيرا من النصوص- التي ساكهي استدل بها سيدنا المسيح الموعود العلي - بحسب مبتغاهم في الجنم الصادر بعد عام.وإثر انفتاح باب التحريف قد تغيرت ملامح أدبيات السيخ تماما وتشوهت لدرجة أن بدأ علماء السيخ أنفسهم يصرخون قائلين: بالقيام باختراعات جديدة كل يوم تُحدَث تغييرات غريبة غير سارة في تاريخ السيخ، حيث يشكلون تاريخ السيخ بحسب رأيهم في قالب لا علاقة له بالحقائق.(ترجمة من برنر، الجزء الثاني الصفحة ٤، نقلا عن "رسالة الصلح"، ١٩٥٢/١/٢) " فليفعل السيخ الآن ما يريدون، إلا أن من كرامات هذه العباءة أنها بقيت 6 محفوظة إلى زمن سيدنا المسيح الموعود ، ولما كانت بعض الآيات والسور القرآنية مكتوبة عليها فلم يستطع أحد أن يبدلها أو يحدث فيها أي

Page 11

مقدمة الناشر تغيير، والآن قد حفظها سيدنا المسيح الموعود العليا إلى الأبد بنشر صورتها في كتابه هذا.يقول حضرته العليا في أبيات بالأردية، ترجمتها: انهضوا فأحضروا آلة التصوير بسرعة والتقطوا لهذه العباءة صورة واضحة فهذه الدنيا ليس لها الدوام وإن مصير كل ما سوى الله الفناء فأسرعوا إلى التقاط الصورة، فهناك خطر ونريد أن نحفظ صورتها عندنا فهذا نور الله قد جاء من الله فضمها بعينيك يا صاحبي" فكل ما كتب على العباءة صار محفوظا للأبد باندراجه في كتب سيدنا المسيح الموعود اللة وإن جميع جهود الذين يريدون أن يحجبوا الحقائق ويشوهوها قد صارت الآن عديمة الجدوى وعقيمة.فبالعثور على هذه الشهادة القاطعة اليقينية تحققت رؤيا المسيح الموعود العليا التي رأى فيها باوا نانك مسلما، فقد كتب حضرته العلي: ذات مرة رأيت باوا نانك في المنام وقد أظهر أنه مسلم.ورأيت أن هندوسيا يستقي من ينبوعه، فقلت له إن هذا الينبوع كدر فاشرب من ينبوعنا.وقد مضت ثلاثون سنة على هذه الرؤيا التي رأيت فيها باوا نانك مسلمًا، وقد سردتها لجميع الهندوس في حينها.وكنت على يقين أنه سيظهر للعيان ما يؤكد صدقها.ثم تحققت النبوءة بكل جلاء بعد مدة من الزمن ووجدنا ثوب باوا نانك بعد ٣٠٠ عام، وهو يشكل دليلا صريحا على كونه مسلما.(نزول المسيح، الخزائن الروحانية مجلد ۱۸، صفحة ٥٨١-٥٨٢) ثم يردف قائلا: 6

Page 12

مقدمة الناشر "أما إظهار باوا نانك نفسه مسلما في رؤياي فكان المراد منه أن إسلامه سينكشف للناس في زمن من الأزمان ولهذا الهدف ألفتُ كتاب القول الحق.أما قولي للهندوس إن هذا الينبوع كدر فاشربوا من ينبوعنا، فالمراد من ذلك أنه قَرُبَ الزمن الذي تنكشف فيه حقيقة الإسلام جليا للهندوس والسيخ، وسوف يُنظف على يدي ينبوع باوا نانك الذي كان السيخ قد كدروه لقلة فهمهم.وأما قطع باوا نانك علاقته مع الهندوس بكل شجاعة فسيتبين ذلك مجددا." (نزول المسيح، الخزائن الروحانية، مجلد ١٨، صفحة (٥٨٣-٥٨٤ إتمام الحجة على المسيحية من ناحية أقام سيدنا المسيح الموعود اللي حجة الإسلام على الهندوس والسيخ باكتشافه عباءة باوا نانك في ١٨٩٥م، ومن ناحية أخرى أقام الحجة على المسيحيين أيضا باكتشاف "مرهم عيسى" الذي كان قد أُعد لمداواة جروح المسيح اي التي أصيب بها في حادثة الصليب، حيث أثبت بأدلة قاطعة أن المسيح لم يمت على الصليب، بل قد أُنزل من الصليب حيا وأن حوارييه كانوا قد أعدوا هذا المرهم من أجله، ثم خرج من بلده ووصل في نهاية المطاف إلى كشمير وتوفي هناك حيث يوجد قبره في حي خانيار في سرينغر.(الهدى والتبصرة، الخزائن الروحانية مجلد ۱۸ ، ملخص ما ورد في الصفحات ١٧٢ - ٣٦١) فالواضح أن أساس المسيحية المعاصرة قائم على الكفارة التي أساسها موت المسيح على الصليب، فبإثبات نزول المسيح عن الصليب حيا وموته

Page 13

مقدمة الناشر الطبيعي تحقق بطلان المسيحية المعاصرة تماما.كما اكتشف حضرته الا في العام نفسه أي ۱۸۹٥م أن قبر المسيح موجود في سرينغر، وتوافرت الشواهد الداعمة الأخرى الكثيرة، وتحققت الغاية الكبيرة من بعثة المسيح الموعود الي المذكورة في الأحاديث ؛ أعني كسر الصليب.فالحمد لله على ذلك.لقد حظي بتعريب هذا الكتاب الداعية محمد أحمد نعيم وصدر بإشراف المكتب العربي المركزي بتعاون عدد من الإخوة العرب الذين أسهموا في أعمال المراجعة والتدقيق، ونخص بالذكر السيد المهندس خالد عزام والدكتور علي البراقي والدكتور وسام البراقي المحترمين.نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في نشر هذا الكتاب داعين أن الله أحسن الجزاء ويجعله في ميزان حسناتهم، كما نسأل الله تعالى أن يوفق القراء الكرام للاستفادة من هذا الكنز ويجعله سببا لهداية الباحثين عن صراط الله المستقيم، آمين.يجزيهم الناشر

Page 14

Page 15

صفحة غلاف الطبعة الأولى لهذا الكتاب ٹائیٹل بار اول مین جہان تک مجھہ سو ہو سکتا ہو اصلاح چاہتا ہو ست چین تعداد حل قیمت فی جلد

Page 16

Page 17

ترجمة صفحة غلاف الطبعة الأولى إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ طبع في مطبعة ضياء الإسلام في قاديان بإشراف الحكيم فضل دين صاحب المطبعة عدد النسخ: ۷۰۰

Page 18

Page 19

جدير بانتباه الحكومة 10 لما كانت بعض الجرائد السيخيّة تزعم لسوء الفهم أننا ألفنا كتاب "القول الحق" بسوء النية وقصد إزعاجهم، لذا نرى من المناسب أن نكشف على الحكومة أننا ألفنا هذا الكتاب المسمى بـ " بمنتهى الصدق ومراعاة أصول البحث والغاية المرجوة من هذا الكتاب، ذب التهم التي الصقها ببابا نانك زعيمُ الآريين البانديت ديانند في كتابه ستيارته بركاش، حيث أساء إلى باوا المحترم بمنتهى الوقاحة وأهانه باحتقار مستخدمًا في حقه رحمه الله كلمات وجملا مسيئة ومحتقرة جدا.كما أثبت فيه بأدلة قوية وبراهين ساطعة أن بابا المرحوم كان قد ابتعد نهائيا عن فيدا الهندوس بسبب معرفته الكاملة وعلمه الرباني، حيث اكتشف أن الله الذي ليس في صفاته أي نقص ولا تشوبها ظلمةُ أي عيب وتتجلّى لمعات كثيرة لألوهيته الكاملة وجلاله وقدرته وقداسته هو ذلك الإله القدوس الذي يؤمن به أهل الإسلام لهذا قد اعتنق الإسلام لخشيته الكاملة وورعه.وقد تناولنا كل هذه الأسباب في هذا الكتاب وقد أثبتنا ذلك بأسلوب واضح وبديهي، بحيث لا يجد المرء بدا من الإيمان ولا يسعه الرفض.بالإضافة إلى أننا لسنا ننفرد بالرأي القائل بأن بابا المرحوم كان قد اعتنق الإسلام لطهارته الباطنية وحياته المقدسة، بل قد سبق كتابنا هذا كبار الباحثين الإنجليز في إبداء هذا الرأي، وكتبهم منشورة ومتوفرة في الهند البريطانية منذ مدة طويلة.فقد

Page 20

الحقتُ بضعة أوراق من معجم القس "هيوز" باللغة الإنجليزية بنهاية هذا الكتاب، حيث صرح القس المحترم بإسلام بابا المرحوم بكل تحد وقوة.وهذا المعجم منشور ومتوفر في الهند البريطانية كلها، والسيخ أيضا لا يجهلون هذا المعجم.فإن الاعتقاد في هذه الحالة بأني أتفرّد في إبداء هذا الرأي أو أني سبقت الجميع في إبداء هذا الرأي خطأ فادح، غير أنني قد سجلت في هذا الأدلة التي لم يفز بها الآخرون مجتمعة.فالباحثون الإنجليز الكتاب جميع الذين سبقوني في إبداء رأيهم بأن بابا كان قد اعتنق الإسلام لم تكن لديهم ذخيرة الشواهد الكاملة، لكن الأمر تبين ببحثي بجلاء.وألتمس من الحكومة السامية أن تهتم برأي القس هيوز هذا الذي سجّلته باللغة الإنجليزية في نهاية هذا الكتاب.وإنني أوافق قول السيخ بأن بابا نانك المحترم كان من عباد الله المقربين ومن الذين تتنزل عليهم البركات الإلهية والذين يطهرون بيد الله الله وإن الذين يذكرون المباركين أمثاله بكلمات مسيئة ويحتقرونهم فإني أعدّهم من الأشرار السافلين.وقد وجدتُ بعد البحث والتحري أن الدين المقدس الذي يوصل إلى الله والذي يوافق سنن الكون في بيان التوحيد هو الإسلام فقط.وإن الثروة والنور الصافي الذي أُعطِيتُه يسرني أن يكون الله له قد رزقه بابا المرحوم قبلی بفضله ومنته، فهذه حقيقة لا يسعني كتمانها، وإنني أرى فخري وفخر بابا المرحوم في أن الله لالالالالالاله بفضله قد من علينا بهذا التوحيد المقدس.العبد المتواضع غلام أحمد القادياني ١٨٩٥/١١/٢٠

Page 21

نحمده ونصلي النفس فداء لمن خلقها والقلب فداء لمن صنعه لما كانت النفس مخلوقته فهي تبحث عنه وتقول ربنا الله ربنا الله لو لم تظهر الحياة من عنده لما كان عليها نقش حبه حياتنا لقد خلق ذلك الأحد الجسم والروح، ولذلك يندفع القلب إليه كالعشاق لقد رش ملح الحب على أرواحنا، فحبيبنا ذلك روح لقد نال كل وجود نقش كيانه منه كما أن حياة العاشق أيضا اكتسبت منه صبغة النشوة والذي يزعم أن الروح خلقت من تلقاء نفسها ليس عاقلا، بل هو غبي جدا لو لم نكن من خلق الرحمن لماثلت حياتنا حياته فليس إلها من حياته تماثل حياتنا، بل إن وجوده مخجل فمعرفة الإله تكمن في قدرته الله، والذي ينكر قدراته يستحق آلاف اللعنات إذا كنت لا تعرف صدق هذا القول فاسمع هذه الأسرار من نانك فقد قال إن كل نور يتجلى من نور الله ،فقط، وكل وجود قد نال كيانه من يده ترجمة قصيدة فارسية.(المترجم)

Page 22

تقول الفيدا إن كل روح تماثل الله، وهي من تلقاء نفسها و لم يخلقها الله رب الورى لكن هذا الإنسان الرباني أي باوا) (نانك من أهل الصفاء الذي خلص قوما من الكذب يقول إن الله قد خلق كل روح، فهو القادر الذي خلق الروح والجسم فتدبر كلام هؤلاء العارفين فلماذا تصرخ من أجل فيدا الآريين كان نانك عارفا و من أهل الله له الا الله وقد كشف أسرار المعرفة ما أبعد الفيدا عن الحقائق والمعارف، بل لا يعرف حتى تعريف العارف لو استمعت إلى نصيحة نانك هذه لتخلصت من الشقاوة في كلتا الدارين لم يقل ذلك عنده بل قد سمعت أذناه هذا السر من لقد من عند الله وجد الفيدا خاليا من نور الله الله، فقد خاف الله ووجد سبيل النور فتعال إليه يا أخي أنت أيضا، فلماذا تحب هذا العالم الفاني؟!" أما بعد، فليتضح أننا ألفنا هذا الكتاب الذي يأتي بيانُ أهدافه لاحقا، لفائدة عامة، ولم نقصد من هذا التأليف سوى أن ينظر الآريون الذين يحترقون كمدا في هذه الأيام في الفرن المتقد وقد تمادوا في بذاءة لسانهم وتجاسُرهم لدرجة أنهم لا يخافون الله لطرفة عين إلى صدق قول هذا الإنسان الرباني بإمعان، الذي ذُكر في هذا الكتاب وإلى صلاحه، وأن يقتفوا أثره إذا استطاعوا وذلك الإنسان هو ذلك الولي الملاك الوحيد الذي ولد المراد منه قول باوا نانك: إن الفيدا لا يعرف حتى تعريف العارف.منه

Page 23

في زمن بابر ، وشهد على صدق دين الله هذا الإنسان الذي نذكره لم الله يكن من عامة الهندوس، بل هو إنسان قد شهد على سعادته وورعه مئات الآلاف من الآريين، وعُدّ من الزعماء من الدرجة الأولى الذين خلوا في الهندوس.ويُقدَّر عدد أتباعه المخلصين بمليون وسبعمائة ألف تقريبا في البنجاب، وهذا الرجل الصالح هو المظلوم نفسه الذي استخدم زعيم الآريين البانديت ديانند بظلم كلمات مسيئة جدا في حقه، ونريد أن تفنّد اعتراضات ديانند الباطلة وشتائمه ضمن بيان سيرة حياته، وهي التالية.كمالات باوا نانك رحمه الله وخرافات ديانند بقصد الإساءة إليه على الأغلب ليس في البنجاب أحد لا يعرف اسم باوا نانك أو لم يطلع على حسناته لذا لا حاجة لنكتب عن سيرة حياته بشيء من التفصيل ونكتفي بالكتابة أن السيد باوا رحمه الله كان من عائلة هندوسية نبيلة وكان ميلاده في أواخر عام ٩٠٠ للهجرة، فلما كان مخلصا في سبيل الله فقد اشتهر بسرعة بالزهد والورع وترك الدنيا، وبلغ درجة القبول بما يتعذر العثور على نظيره في الحقيقة في جميع الأكابر والريشيين والأولياء والصلحاء الهندوس، وإن إنصافنا يجبرنا على الاعتراف بأن باوا رحمه الله كان من المقبولين الذين يجذبهم الله بيده إلى النور، فما من شك في أن الله الله كان الإمبراطور المغولي.(المترجم)

Page 24

مثل الله، ولهذا قد أحدث فيه تغييرا صادقا وكان قلبه قد جُذب إلى الحق والصلاح كان يعاصره كثير من الهندوس الجهلة السفهاء الأغبياء الذين يتسمون بأسماء مثل الراهب والناسك والزاهد وكانوا قد اشتهروا بالرهبانية ويعملون سرا سيئات كثيرة.فباوا رحمه الله قدَّم لقومه أسوةً حسنة بنفوره من الألقاب النساك والزهاد ،والرهبان، فكان يتبرأ كليًّا من هذا النوع من الرهبانية الذي يؤدي إلى خرق القانون الإلهي بضياع القدرات الموهوبة من السبب كان قد تزوّج رغم زهده وكونه ناسكا، وذلك لكي يثبت للناس خطأ تعليم الفيدا القائل بأن أفضل إنسان هو من اختار حياة الرهبانية.كما كان باوا المحترم يعارض بشدة مسألة النيوك إذ كان يعد من يرسل زوجته الطاهرة في حياته مع كونها ما زالت قرينته إلى غيره ليضاجعها إشباعا لشهوتها أو طمعا في الحصول على الأولاد وقحا وديوثا ونجس الطبع؛ فأشعاره المباركة تشهد على ذلك، وسوف نسجلها في كتاب آخر من تعاليم الفيدا البارزة "النيوك" أيضا، وهو أنه إذا لم يكن في بيت أي من الهندوس أولاد وكان لا يقدر على الإنجاب لسبب ما ؛ كأن يكون منيه رقيقا أو لم تكن فيه حيوانات منوية قادرة على الإخصاب، أو لم يكن يقدر الرجل على القذف، أو كان الرجل يشبه العقيم بسبب طبي آخر، أو كان مختثا، أو كان ينجب البنات فقط، ففي كل هذه الحالات يأمره الفيدا أن يُرسل زوجته إلى رجل آخر للمضاجعة للحصول على الأولاد وكذلك إذا كان الرجل موظفا في مكان ولم يكن يستطيع الحصول على الإجازة قبل ثلاث سنوات ففي هذه الحالة أيضا إذا غلبت الشهوة على المرأة فليس من الضروري لها أن تتوجه إلى زوجها، حتى لو كان يُرسل النفقة والرسائل، بل يمكن أن تضاجع شخصا آخر ترغب فيه.فإثبات ذلك كله موجود في كتاب "الديانة الآرية".منه

Page 25

بالتفصيل إن شاء الله وكل أعماله في هذه المسائل تنسجم مع تعاليم الإسلام.وهذا دليل آخر على أنه كان ينفر من تعاليم الفيدا أشد النفور، ولهذا كان ينشغل دوما في الحوار والمناظرة مع البراهمة.و لم يسئ إليه ديانند فقط، بل كان كثير من سفهاء البانديتات في عصره أيضا يعادونه.فلو كانت جماعة كبيرة قد تبنت أفكار الباوا وانضموا إليه لأدت تلك النزاعات بلا شك إلى القتل وسفك الدماء.صحيح أن الباوا رحمه الله كان ينصرف إلى هذه المناظرات بشدة، وكان يعد طقوس الفيدا مثل "هوم " " خبيثة ونجسة جدًّا، ولكن لما كان وحيدا، كان يُعرض عن الجاهلين وقت الفتنة والشغب.والحق أن قلبه كان عامرا بالحب الإلهي الذي يُوهب بفضل محض ولا يُكسب بجهد الإنسان، كان يستاء من جميع الأمور التي تُنا في الحق والحقائق.لم يكن قلبه يرضى بطقوس وعادات مختلقة وتقاليد اخترعها الإنسان، وكان يُحب الماء النقي الذي يتفجر من ينبوع الحقيقة ويتصبّغ بصبغة الروحانية، لهذا لم يعجبه قط الزُّهاد والنساك والرهبان الذين يضيعون أوقاتهم في مجرد اتباع العادة واتباع القانون الباطل والأفكار السخيفة وإفساد دماغهم.كان باوا يسعى جاهدا لأن يظهر في الهندوس أي تحرك روحاني ويتخلوا عن العادات البذيئة والمعتقدات الباطلة، ذلك و بسبب يسمع من البراهمة دوما كلمات مسيئة جدا، وكان يصبر عليها، لكن من المؤسف أن هذا الشعب قاسي القلب لم يتحرك أبدا، وقد يئس باوا كان المراد م منه عبادة النار.(المترجم)

Page 26

رحمه الله من رفقة الهندوس لدرجة أن لم يتوفّر له خادمان من الهندوس يتفقان معه في الرأي في أثناء رحلاته العادية مداهنة فمما يجدر بالتأمل أن باوا المحترم لم يستأنس الهندوس ولم يُصادقهم بل ظل يؤانس المسلمين طول الحياة ويُسافر إلى البلاد الإسلامية فقط.أفلا يُستنتج من ذلك أن باوا رحمه الله كان قد قطع جميع علاقاته بالهندوس، فهل يمكن العثور على أي مثال لهندوسي أنشأ كل علاقاته بالمسلمين فقط؟ أما القول بأن باوا نانك المحترم كان قد أنشأ العلاقات مع المسلمين نظرا لازدهار الحكومة الإسلامية، فهو الآخر لا يقل عن المسبّبة؛ لأن المداهنة أيضا نوع من النفاق والنفاق لا يليق بالصالحين، بينما إخلاص باوا المحترم معلوم ومعروف لدى الجميع لدرجة أن لا يقدر على إنكار ذلك أحد.كان باوا المرحوم إنسانا مستقيما ونقي القلب، وكانت معتقداته كمعتقدات أي مسلم ،صادق، فلم يكن يعتقد كما هو تعليم الفيدا أن جميع الأرواح والأجسام وجدت من تلقاء نفسها، وليس ذلك فحسب، بل قد فند هذه العقيدة بشدّة.وقُرّاء "غرنتهـ ۲ بتدبر يعرفون جيدا أنه لم يكن يتمسك بالدين الذي يُقدمه الآريا في هذه الأيام، وهو أن جميع الأرواح قديمة ووجدت من تلقاء نفسها، و لم يخلقها أحد.فقد بين باوا المحترم مرارا ملحوظة: كان "بالا" واحدًا من العائلة الهندوسية في الظاهر لكنه كان في الحقيقة قد اعتنق الإسلام ببركة صحبة باوا رحمه الله.منه هو الكتاب المقدس للسيخ، ويتضمن ملفوظات باوا نانك ومواعظه.(المترجم)

Page 27

الله في مواضع عديدة من غرنتهـ، أن الذي هو موجود بذاته و لم يخلقه أحد هو وحده فقط، أما الأشياء الأخرى فهى مخلوقة، وقد خلقها كلها دون أي استثناء.ومن هنا تبين أن باوا المحترم كان قد تخلى عن فيدا الهندوس ببركة معرفته الحقة.وكان باوا المحترم قد وهب من الله نوراً إذا أردنا أن نثبت أن ريشي الفيدا قد فازوا به فأقول صدقا وحقا إن ذلك سيتعذر علينا.حين نتدبّر كم يزخر "غرنته" باوا بالمعارف والعلوم وكم يتضمن من إشارات إلى معارف دقيقة، تتراءى لنا كتب ديانند كيانا مثيرا للقرف، ويُثير بكاءنا تصور أن هذا هو الهندوسى الغبي نفسه الذي وصف باوا بالسفيه والجاهل متباهيا بكونه بانديتا ! فهل يُقبل أن يكون من خرجت من فمه هذه العلوم والمعارف سفيها جاهلا؟ فكم من الوقاحة وخبث الطوية أن يُوصف الطاهرون الطيبون بالسيئين.فلو علم الآريون أن ديانند كان صاحب أفكار مادية فقط لكان خيرا لهم.كان واقعا في ظلام الكتب التي تتضمن أنواع السيئات، وبات مسيئا إلى الصلحاء المقدسين من أجل دين لم يتحقق منه أي خير سوى "النيوك" وعبادة المخلوق.لهذا لا أحد من السعداء وأصحاب الفطرة السليمة يعُدّه جيدا، أما باوا المحترم فقرابة مليوني إنسان جمع يفدونه بإخلاص وصدق.ومن تمام الصدق أن باوا رحمه الله كان قد جمع في كيانه الحسنات والمزايا لدرجة أنه من المستحيل أن نجد نظيرا لواحدة منها ملحوظة : هؤلاء المليونان هم من الخواص المتميزين، أما عامة أتباعه فلا يقل عددهم عن ثلاثين مليونا.منه

Page 28

في حياة ديانند كلها، فحين نقارن سيرة ديانند مع سيرة باوا رحمه الله، فإن الخجل والعدل يُمسكان أيدينا ليمنعانا من ذلك، لأنه لا تجوز مقارنة هذا بذاك.يبدو أن سيرة ديانند التي نشرها أتباع "برهمو" قبل بضعة أعوام هي وحدها صادقة تماما، وإنا نستحيي حتى من نسخها هنا.أما باوا المحترم فيبدو مليئا بالحق والصدق، فمن الظلم الشنيع أن يتمادى رجل محروم في احتقاره والإساءة إليه.ألا يجب على كل تابع صادق أن يُبدي الغيرة هنا، فهل صار باوا المرحوم الذي يفديه مئات الآلاف من السيخ مهجورا مخذولا؟ ألا يتحمّس أحد لحماية عرضه الطاهر؟ من المؤكد أن لديهم حماسًا، لكن مجي باوا نانك ربما لم يطلعوا حتى الآن على هذه الكلمات الخبيثة التي استخدمت في حقه.إن قول ديانند بأن باوا المحترم لا يؤمن بالفيدا بل يعترض عليه كثيرا لحمق عجيب، ذلك لأنه كيف لباوا المحترم أن يتبع سبيل الفيدا الباطل حين تأكد بضميره النير ومعرفته أنه لا قيمة له؟ فلم يكن واقعا في ظلام الجهل والعناد كديانند والعياذ بالله، ولم يكن يريد ذلك.كان ديانند عديم الحظ من العلم الذي رزقه الله باوا المحترم - ببركة الله الكلام المقدس المكتوب حتى الآن على العباءة المقدسة ومات محروما منه.لقد بلغ باوا المحترم العالم رسالة صادقة وحقة بترك عباءته المقدسة كذكرى على شاكلة وصية منه.والآن من كانت عيناه

Page 29

تبصران فليبصر ومن كانت أذناه تسمعان فليسمع.كان مصدر جميع أقوال باوا ذلك النور، الذي تركه لطلاب الحق مكتوبا على قماش قطني بأحرف القدرة.كان في الحقيقة قد حظي بتلك الجبة السماوية المكتوبة بيد القدرة بفضل الهادي الأزلي، فبلغ به الكمال الذي لا تراه عيون الدنيا، بل أهل الدنيا لا يريدون أن يتجلّى على قلوبهم ذلك النور بأدنى تجل.لقد ظهر باوا المحترم في زمن لم يبق فيه أي رمق من الحياة الروحانية في الهندوس، بل كان كثير من المسلمين أيضا في هذا البلد مسلمين بالاسم فقط، وكانوا مبتلين في اتباع الظاهر والتقاليد.ففي هذا الزمن رزق الله باوا المحترم روح الحق والبحث عن الحقيقة، حيث كانت الروحانية قد تراجعت في البنجاب، ومن هنا يثبت بلا شك أنه كان من العارفين الذين ينجذبون من الداخل إلى الذات الأحدية.أنا لا نعرف تفاصيل المرحلة الابتدائية من حياته جيدا، لكن من المؤكد أن عاقبته على صراط مستقيم، فيجب بمقتضى ذلك على كل مؤمن أن ينظر إليه باحترام وإجلال ويعدّه من زمرة الأطهار المقدسين.من المؤسف أن بانديت الآريين ديانند قد استخدم في حق ذلك التقي الصالح كلمات مسيئة في كتابه ستيارته بركاش الذي أكد لنا أن قلب هذا الرجل في الحقيقة كان مظلما وكان عدو الصالحين.ليته راعى على الأقل شرفه وكرامته بوصفه مقتدى أمة من الأمم إن لم يستطع أن يكون من أتباع باوا المحترم، غير أن مبدأ هؤلاء الجاهلين على الدوام أنهم يرون المحافظة على مكانتهم في احتقار أمثال هذا الصالح دونما سبب إن هذا البانديت الظالم صحيح تقي ا.

Page 30

۱۲ الذي لم تكن لديه أي معرفة بالحق، قد استخدم في حقه كلمات مسيئة وغير لائقة ترتعد بقراءتها الأوصال، وتبلغ القلوبُ الحناجر.فلو أراد أحدٌ تقويم هذا الجاهل المسيء حفاظا على عرض باوا المقدس لوجد غايته في قانون العقوبات الهندي البند رقم ۲۹۸ و ٥۰۰ ، إلا أننا لا نعلم لماذا لم يرفع السيخ الغيورون الشكوى في المحكمة ضد هذا البذيء الوقح، لعلهم رأوا عن عمد الحلم والصبر من مقتضى الحكمة، أو لم يطلعوا حتى الآن على إساءات ديانند.يبدو أن ديانند قاس أوضاع باوا المرحوم على نفسه، ولما كان البراهمة الذين يتمكنون من قراءة بضع كلمات باللغة السنسكريتية يتكبرون ويراءون ويتلطخون بالأنانية وحب المصالح الشخصية بالإضافة إلى الغباء المتناهي بسبب سفههم وإضاعتهم الطريق؛ بدأ ديانند يتكلم بمراء بعد قياس باوا على نفسه، ومال بسبب خبثه إلى سلاطة اللسان والإساءة والسخرية والاستهزاء.فيحق لكل باحث يحب باوا المحترم، أن يفضح هذا البانديت السفيه ببيان الأحداث الحقيقية بسبب إساءته.فلا يسعنا - أيها السادة الامتناع قط عن القول بأن هذا البانديت الغبي كان محروما كليا من المعرفة الحقيقية التي حظي بها باوا المحترم.يجب على كل واحد أن يُقر بأن اللطيف الأزلي كان قد وهب لباوا المحترم حظاً من لطافة العقل التى تمكّن الإنسان من معرفة الطرق الدقيقة في العالم الروحاني والتقدم في حب الذات الحق وأن يعد نفسه لا شيء يُذكر.فهل كان هذا البانديت أيضا قد وهب نصيبا من هذا العقل؟ كلا لم يوهب له قط.ويتبين من خلال قراءة كتبه أنه كان يتكبر كثيرا مع كونه ذا عقل

Page 31

نشره سطحي جدا.إن تعليم باوا المحترم الحقيقي الصحيح- من التعاليم التي تُنسب إليه، يحتوي على التوحيد والزهد في الدنيا، أما الأفكار الشركية أو القصص والأمور المعادية للحق فلا يمكن أن تُنسب إليه أبدا.يجب أن نعترف بأنه إذا لم نشكر باوا المحترم على نصره لنا في نشر ذلك النور الحق الذي عُهد إلينا فستعد من ناكري الجميل.ونحن نعرف من قرابة ٣٠ عاما أن باوا المحترم كان خادم الدين الإلهى سرًّا، وكان قلبه عامرا بنور حقيقي، لكنه أخفاه عن الذين لا يستحقونه.كان قد رسخ في قلبه جيدا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي فيه التعظيم والثناء على الله الأحد بما هو أهل له.وكذلك التوحيد المقدس والنقي هو ذاك الذي تشهد عليه صحيفة القدرة، وكان قد رسخ في قلبه أن تعليم القرآن الكريم يحتوي على الأحكام التي يتطلب الإيمان بها صلاح المرء وبره.فالذي يمتنع مثلا عن شرب الخمر التي أساس الشهوات والترف، وعن القمار، وعن العلاقات غير الشرعية بين الرجل والمرأة حتى من تبادل النظرات ويمتنع عن أكل الحرام والرشوة وأخذ الربا، ويبتعد عن الإجحاف والزور والغطرسة والإسراف وعبودية الدنيا والأنانية والحرام والرياء، وينشط في العبادة والحب الإلهي ويملأ ليله ونهاره بالذكر الإلهي ويعتاد صلة الرحم والمروءة ومواساة بني البشر ويتمسك بالتوحيد ويعتقد بأن لا إله إلا الله، ويؤمن بأن الله هو مصدر كل فيض ولا يؤمن بأن الأرواح وقواها كلها غير مخلوقة، ويؤمن بأن الله اللطيف غيب الغيب وصاحب القدرات التي لا حصر لها ولا أحد يقدر على إلقاء القبض هي

Page 32

= عليه وصلبه ويجتنب الزنا والفواحش وأعمال الديوثية ويحوز أعلى مراتب الورع والرجولة، ويَعُدَّ النظر إلى محل الشهوة غير الشرعية حراما في دينه لئلا يتورط القلب في أخيلة غير شرعية، والذي يؤثر الآخرة على الدنيا، والذي لم يقصر في أداء حق الله وعباده أيما تقصير..وقد وُجدت كل هذه التعاليم في القرآن الكريم؛ فأي شك في أنه سيكون إنسانا بارا وموحدا؟ فهل توجد هذه التعاليم بهذا الالتزام وهذا الكمال في كتاب أي دين آخر؟ كلا، فهذا هو الأمر الذي انكشف على قلب باوا المحترم محبّ العدل وتبين له أن القرآن الكريم وحده كتاب الله، وأما بقية الكتب فكلها في الظلام.فرسخت في قلبه روحانية طاهرة للإسلام، بل قد لاحظ نماذجها أيضا وشاهد أن الذين كسبوا النور السماوي من ذلك النبي المقدس يتلألؤون كالنجوم.وكان ذلك في الحقيقة ثمار الجمال الحقيقي والروحاني للإسلام الذي جذب بإغراءاته القوية- مقدسًا نقي الباطن مثل باوا إلى هذا الدين الطيب.لكنه حين نظر مقابل ذلك إلى تعليم الفيدا وأتباعه وجده خلاف هذا التعليم الطيب تماما، فيئس نهائيا من نيل أي بركة من الفيدا، وشهد مرارا وبجلاء أن الفيدا يخلو من البركات الروحانية.فمن شهاداته ذلك الشعر الذي تضايق منه ديانند كثيرا؛ فأطلق الشتائم دون حق على ذلك الصالح المقدس الذي لا يوجد له نظير في أسلافه العظام، وذلك الشعر الذي سبب الغيظ والكمد لديانند تعريبه "إن البراهما أيضا مات رغم قراءته للفيدا، و لم يكسب حياة خالدة، وإنما الفيدات الأربعة قصص وخرافات فحسب وليس فيها أي معرفة، فالفيدا لا

Page 33

0107 التي يلم بالثناء والحمد الإلهى الذي يبينه أصحاب المعرفة، ولا بصفات الله يدركها الصادقون.وإن قيل لماذا تفوه باوا بهذه الكلمات؟ فجواب ذلك أن باوا كان قد اطلع على الفيدا في صورته الحقيقية، وكان قد أدرك أن الفيدا لا يتضمن شيئا سوى الحث على عبودية الشمس والعناصر والطقوس النجسة.وكان يعرف جيدا أن الفيدا وحده مصدر الشبكة الخبيثة للشرك المتفشي من هذا النوع في هذا البلد.وكان شجاعا في بيان الحق بحيث لم يكن يخاف أحدا عند بيانه فجرت على لسانه مثل هذه الأبيات.ومن المؤكد أنه كان أكثر علما ومعرفة بالفيدا من ،ديانند وكان قلبه قد فاض بالمعرفة الحقيقية، لأن التجربة الحقيقية والطاهرة في الأمور الدينية تحصل لمن يبحث عن الله الله بصدق القلب ويخلع قميص كل أنواع النجاسة ويرتدي قميص الإنصاف والبحث عن الحق، وعندئذ ينزل له قميص سماوي مثلما نزل على باوا المحترم يُكتب عليه الكلام المقدس بيد القدرة.إلا أن ديانند لم يُرد أن ينسلخ من قميص العناد والتعصب النجس، فلم يُرزق القميص المقدس، ومضى من هذا العالم عديم الحظ من المعرفة الحقة والعلوم الصادقة.أما باوا المحترم فكان قد خلع بمنتهى البسالة قميص الحياة السافلة فأُلبس ذلك القميص السماوي الذي كانت القدرة الإلهية قد كتبت عليه بيدها أمور العلم والمعرفة التي كانت قد خرجت من فم الله ، وليكن معلوما أن اللغة في المجتمع الذي تربى فيه باوا المحترم كانت تشبه كثيرا لغة الفيدا السنسكريتية، بل كانت في الحقيقة السنسكريتية الفيدية نفسها بتغير بسيط كما قد بينا هذا الموضوع بوضوح في

Page 34

كتاب "منن الرحمن" في سياق بحث الألسنة.فكان باوا المحترم يستطيع قراءة الفيدا بمنتهى السهولة كأنه كُتب بلغته.فمتى كان يمكن أن تتسنى لمثل هذا تسنت البانديت الغارق في التعصب الباطل والغباء الفطري هذه الفرصة التي لباوا لمعرفة الفيدا إضافة إلى عبقرية طبعه العارف؟! ومحاولة ديانند لإثبات جهل باوا المحترم بذكره بأنه استخدم كلمة "نربهو" وهي في الحقيقة "نربهى"، لفكرة سافلة ومنحطة جدا لأن باوا المحترم لم يكن يقصد في هذا الكتاب بيان السنسكريتية الفيدية من المؤسف أن هذا البانديت سريع الانفعال قد أعرب عن هذه الثورة الحمقاء على تغير لفظي بسيط، مع أنه من المحتمل أن يكون باوا المحترم قد كتب في الحقيقة "نرهى" ثم صارت نربهو" بسهو الناسخ، وإذا كان هذا القدر من السهو غير مقبول عنده ويُصر على إدانة باوا المحترم، فما هو ردُّ ديانند على ما كتب في الطبعة الأولى لكتابه ستيارته بركاش الذي قد بين فيه أمورا كثيرة من تعليم دينه، وحين أثيرت اعتراضات كثيرة من كل جهة و لم يستطع ردّها، احتج بأن ذلك ليس من دينه ومن بأن ذلك ليس من دينه ومن المحتمل أن الناسخ قد كتب ذلك من عنده؟ فالجدير بالتأمل أن الناسخ يمكن أن ينقص أو يزيد عنده كلمة أو كلمتين فقط، فليس من المعقول أن يكتب الناسخ من عنده من أوراقا عدة وينشرها مع الكتاب دون أن يكون لديانند علم بذلك.فمن كرامات باوا المحترم أيضا أن ديانند أراد أن يخطئه في كلمة واحدة وتعرض للأخطاء في عدة أوراق.بالإضافة إلى أن باوا المحترم كان يهمه الحقائق فلم يكن يتبع الكلمات فقط كالبراهمة الأغبياء وكالبانديتات ضيقي الآفاق، وعلى

Page 35

الأغلب لم يتورط في النزاعات اللفظية التي تشتبك فيها فرق البراهمة على أتفه الأمور، و لم تكن في روحه أي مقدرة على اتباع الأفكار المتردية لهذا النوع من البشر، كان على ديانند أن يخجل عند احتقاره باوا المحترم، لأنه شخصيا يرتكب الأخطاء الفادحة ويتبنى الأفكار السخيفة، لدرجة أن كان بالكاد يسبقه الجهلة القرويون في ذلك إن ديانند لم يتدبر كلام باوا المحترم بإنصاف، وأراد كتمان معارفه بعناده المتناهي.يترشح من كل كلمة له أنه هاجم باوا المحترم عنادا وكتمانا للحقائق فقط، ونرى من المناسب أن تفند هجومه في هذه الأوراق باختصار ؛ فنقول في الأسطر التالية على نهج قوله وأقول.مقتبس من الصفحة ٧٨٦ لستيارته بركاش قوله: "إن انصراف السيد نانك إلى ابتغاء رضوان الله والزهد في الدنيا جيد، لكنه كان عديم الحظ من العلم والمعرفة"." أقول: إن ديانند قد قصد من هذا الهجوم أن الزهد والتنسك لا يتحقق لأحد بدون المعرفة التامة وكان السيد نانك لا حظ له من العلم، لهذا فإن دعوى باوا المحترم بإحرازه معرفة بالله الباطلة.لكن يجب أن يُفهم أن دیانند باتهامه باوا المحترم بالجهل افتضح نفسه، فالحقيقة الأصلية أن علم الدين والمعارف السماوية التي يتحتم على الزهاد معرفتها لا تنال على شاكلة ملحوظة: من دأب الأشرار أنهم يذكرون كلمة مدح قبل أن يهجوا أحدا ويتظاهرون بذلك أنهم منصفون.منه

Page 36

تلقي العلوم المادية، فليس من الضروري للحصول على العلوم الدنيوية المادية أن يكون المرء عند تلقيها قد تلقيها قد تخلّى عن كل أنواع الخداع والزيف والمكر والخبث؛ أما علم الدين والمعارف الطيبة فلا من أجل الحصول عليها و درايتها من إحراز الطهارة الحقة والتخلى عن سبل الخبث، ولذلك قال الله في القرآن الكريم: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أي لا يفهم الأسرار الطيبة لكتاب الله المقدس إلا الذين هم أطهار القلوب ولهم فطرة طيبة وعمل طيب، فبالمكر والدهاء الدنيوي لا تُنال أبدا العلوم السماوية.فإن كان المراد من هذه العلوم الخداع والتزوير والمكايد الإنسانية والعناد واتباع الباطل فنحن نتفق مع ديانند على أنه قد حصل على كل هذه العلوم التي لم يتلقها باوا المحترم، أما إذا كان المراد من العلوم تلك العلوم التي تكسب بالتقوى والمجاهدة والمعرفة وطهارة القلب ولا تنكشف إلا على المتقين الورعين فلا شك في أن باوا المحترم كان قد نُوّر بنور هذه العلوم، أما ديانند فلم يكن له إلمام بالمعارف الطيبة وقد مات جاهلا.قوله : لم يكن باوا يعرف شيئا من نصوص الفيدا وقواعد اللغة السنسكريتية، فلو كان يعرفها لما كتب "نربهو" للفظ "نربهى".أقول: هذا مجرد سوء الظن، ومردّه التكبر والغطرسة وحب الذات، إذا كان هذا صحيحا فكان من حق البانديتات المعاصرين لباوا المحترم أن يتهموه بذلك، فقد سمعنا أن باوا المحترم كلما ناقش أحدَ البانديتات أفحمه وأسكته، الواقعة: ۸۰

Page 37

ولا يخفى على متدبري غرنتهـ أن باوا المحترم قد رفض بصراحة مبادئ الفيدا التي لم يجدها توافق الحق، فالأرواح والذرات مثلا غير مخلوقة وكائنة تلقاء نفسها بحسب الفيدا لكن باوا المحترم كان يرى جميع الذرات والأرواح مخلوقةً، كما يقول رحمه الله ما تعريبه: من "إن الله خلق نورا ثم خلق العالم كله من ذلك النور، فجميع الأرواح نورانية بحسب الخلق.أي يتميّز الطالح من الصالح بالأعمال، وإلا فمن حيث الخلق لم يُخلَق أحد ظلامًا محضا، ففي كل واحد شيء من النور." فقد اقتبس باوا المحترم الآية القرآنية الكريمة: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ولذلك أبقى في شعره كلمتي "الله" و"نور" ليدل على اقتباسه، كما يشير هذا البيت إلى حديث "أول ما خلق الله نوري" أيضا، وهذا كان من دأب باوا المحترم أنه كان يترجم بعض معارف القرآن الكريم إلى اللغة الهندية وينفع بها الناس، فإن أبياته تضم ترجمة مئات الآيات القرآنية.وكذلك من شعر باوا المحترم ما تعريبه: "إن الذين ينظرون إلى الله في هذا العالم سينظرون إليها في ذلك العالم أيضا، أما الذين لا يتمتعون بذلك فيبقون محرومين من رؤية الله في كلا العالمين" وهذا البيت أيضا ترجمة للآية القرآنية: ﴿وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى.النور: ٣٦ الإسراء: ٧٣

Page 38

قوله : لقد كان باوا المحترم يحشر أنفه في السنسكريتية عبثا، وكيف الحصول على خير دون تعلّم السنسكريتية؟ أقول: هذه الكلمات أيضا ناجمة عن التكبر، إن ديانند قد تعلّم بضع كلمات سنسكريتية لكن سمّ التكبر قد حرمه من الحياة الروحانية التي لا تنالها غير القلوب الطيبة.أنه كان قد أصبح بانديتًا، ولكن فقط أمام سكان القرية قوله: صحيح الذين لم يسمعوا باللغة السنسكريتية قط - بإسماعهم مثل هذه العبارات.أقول: يريد هذا البانديت غير المؤهل أن لا يصف باوا المحترم بالجاهل والسفيه فحسب، بل يُثبت أنه كان خادعا ومكارا أيضا، لهذا كتب أنه ادعى لخداع العامة بكفاءات لم يمتلكها، لكن هذا كله من شره وفتنته، إذ كان باوا المحترم رجلا متواضعا و لم يكن يرغب في أن يكون بانديتا.إنما يقوم بهذا الرياء أولئك الذين ينظرون إلى الدنيا فقط، لكن من المؤسف أن السفيه يقيس كل واحد على نفسه، فلا علاج لمرضه هذا.قوله: لقد كان في نفسه شيء من الطمع وهوى النفس، ومن المحتمل أنه أصابه شيء من الغرور والغطرسة.أقول : لقد أعرب ديانند في هذه الجملة أن نانك كان طماعا ومغترا، ولهذا الهدف كان زهده كله.لاحظوا أيها القراء هل هناك أكثر بذاءة من هذا؟ نأسف أسفا شديد على السيخ الذين استخدمت بحق مقتداهم مثل هذه الكلمات القاسية، ومع ذلك يُنشئون علاقات ودية مع الآريين،

Page 39

فلينشروا إعلانا عن ديانند ويستخدموا فيه مثل هذه الكلمات بحق دیانند ولينظروا كيف يصبر الآريون على ذلك.إذا كانوا يحبون باوا المحترم ويغارون له بصدق فليثبتوا ذلك.قوله : كان نانك إذا سأله أحد عن معنى في الفيدا و لم يستطع إقناعه افتضح أمره كله.الله أقول: بم نرد على كل هذه المسبات والشتائم، غير أنه يجب أن يسأل أحد ديانند هل افتضح هو أم لا بنشر عقائد أنَّ كلَّ روح لم يخلقها الله ، وأن النجاة ليست بخالدة، وأن الله ليس بمنبع كل فيض، وأنه يجب على كل امرأة متزوجة أن تُضاجع غير زوجها؟ ألم يُدمر كل أمرك بهذه المعتقدات أم ما زال شيء باقيا ؟ إن غيظ ديانند كله ناجم عن عدم إيمان باوا المحترم بعقائد الفيدا هذه، لأنه قد فنَّند هذه العقائد بشدة.قوله: كان يتحدث أمام مريديه عن الفيدا أحيانا، وفي بعض المواضع قد مدح الفيدا أيضا، ذلك لأنه لو لم يمدحه في أي موضع لعده الناس ملحدا، كما قد قال: "لقد مات البراهما رغم قراءاته المتواصلة للفيدا و لم يحظ بحياة الخلود، والفيدات الأربعة قصص وكلام فارغ، وإن الفيدا لا يعرف حمد الله الذي يحمده به الصالحون".فهل قد مات قراء الفيدا وكان نانك يظن نفسه خالدا، أفلم يمت هو ؟ أما الفيدا فهو مجموع جميع أنواع المعرفة، فالذي يصف هو؟ الفيدات الأربعة بأنها مجرد حكاية، أقواله كلها قصة.فالأغبياء الذين يُسمون مرشدين لا يَسعُ أولئك المساكين معرفة الثناء والحمد في الفيدا مطلقا، فلو لم

Page 40

۲۲ يثق نانك بالفيدا لما انتظم أمره، ولما استطاع أن يكون مرشدا، لأنه لم يكن قد درس العلوم السنسكريتية، فمتى كان يمكنه أن يعلمها الآخرين فيجعلهم تلاميذ؟ يؤمن وترجمة بقية اعتراضه أن نانك المحترم كان يتكلّم ضد الفيدا أمام أتباعه، أي كان يعلمهم عكس ما ورد في الفيدا، كما كان يتكلم أحيانا بما يوافقه، لكن ذلك لم يكن من صدق القلب، وإنما خوفا من أن يُقال عنه بأنه لا بالله أي كان نانك منافقا، إذ كان في الحقيقة متبرئا من تعليم الفيدا، وكان أحيانا يتحدث بما يتفق معه ليخدع الهندوس فيظنوا أنه لم يتخل نهائيا عن الهندوسية بعد.فكانت كل هذه الأعمال بدافع الخوف لا بصدق القلب ثم استشهد دیانند ببيت من شعر نانك تأييدا لرأيه القائل بأن نانك كان في الحقيقة قد ارتد عن الهندوسية والفيدا.وقوله: "لقد مات البراهما قارئا الفيدا ولم يحظ بحياة الخلود، والفيدات الأربعة قصص وكلام فارغ، وإن الفيدا لا يعرف حمد الله الذي يحمده به الصالحون" أي أن الفيدات الأربعة محرومة من الحمد الإلهي والثناء عليه الذي يصدر من فم الصادق.فهي عديمة الحظ من المدح الصادق والمعرفة الحقة التي يكسبها أهلُ المعرفة.لأن ذلك يا نانك من خصائص الله المتعلقة بالعلم الصحيح الطيب.أي قد ترك الفيدا الصراط المستقيم وبين طرق الضلال، فهو في ذلك معذور لأنه ليس من ذلك الإله العليم الخبير الذي قوله منزه عن الخطأ.

Page 41

وبقية الترجمة لكلام :ديانند هل قراء الفيدا قد ماتوا وأن السيد نانك وغيره من أصحاب غرنتهـ يحسبون أنفسهم أحياء أم أنهم لن يموتوا أبدا؟ إن الفيدا كنز جميع العلوم، وإن الذي يعد الفيدا قصةً فإن أقواله كلها قصص، أو هو نفسه بذيء.ثم يقول ديانند وهو يسب باوا المحترم تلميحا) أما الجاهل الذي سمي مرشدا وهاديا، أي باوا المحترم، فأنى له أن يدرك عظمة الفيدا! فلو وثق السيد نانك بالفيدا لما انطلى مكره على أحد ولما ادعى أنه مرشد.فلما كان عديم المعرفة بعلوم السنسكريتية شخصيا، فكيف كان يمكنه أن يجعل أحدا "تلميذه" بتعليم الفيدا إياه؟ أقول: إن جميع هذه الألقاب التي وصف بها ديانند باوا المحترم في كتابه هذا، من سفيه وجاهل وخادع وعديم العلم ومكار وعابد الدنيا وطماع وغيرها، إنما مبعثها غضبه عليه، بسبب شعره المذكور قبل قليل، بالإضافة إلى العقائد الإسلامية التي نجدها كثيرا في أشعاره.فلو كان هذا البانديت المتعصب يخشى الله لوجد أن كل هذه الأمور تدل على عظمة باوا المحترم ومجده وسعادته فقط.كان باوا المحترم إنسانا صادقا ولم يكن واقعا في وحل التعصب والعناد على شاكلة البانديتات السفهاء، وكان قد وهب له النور الذي يُعطى للذين يبحثون عن الله بصدق القلب، وكان قد أدرك حق اليقين أن فيدات الهندوس زاخرة بالضلال والغواية.ولهذا قال بأن الفيدات الأربعة مجموعة قصص وكلام فارغ، وليس فيها أي علم ومعرفة.ولذلك شهد علنًا أن المحامد الإلهية التي يحمد بها الله الصادقون والعارفون

Page 42

٢٤ صدق من والواصلون إلى عتبات الله لم يحمده بها الفيدا.فقولُ باوا المحترم هذا وحق تماما، ويجدر بأن يُكتب بماء الذهب.لقد مضى على زمنه قرابة أربعمائة عام، والآن تتوفر ترجمة الفيدا في كل مكان ويتبين بقراءتها أنها لا تضم غير عبادة العناصر وعبادة النجوم.فالحقيقة أن الكرامة العظيمة لباوا المحترم أنه أدرك حقيقة الفيدات في زمن كانت فيه مفقودة وكأنها لم تكن.أما ديانند فظل أعمى حتى في هذا العصر الذي صدرت فيه ترجمة الفيدا من إنجلترا وألمانيا وغيرهما.أما طعن ديانند في قول باوا المحترم بأنه إذا كان قراء الفيدا قد ماتوا فهل نانك نال حياة خالدة؟ فهذا أيضا من كمال سفهه حيث لم يفهم قول باوا المحترم الدقيق اللطيف والمليء بالمعرفة، فلم يقصد باوا المحترم أن متعلمي الفيدا ماتوا موتا ماديا حتى يجوز له ذكرُ موت باوا المحترم المادي، فمن ذا الذي لا يعرف أن الموت المادي يلزم الجميع؟ وإنما كان باوا المحترم يقصد أن أتباع الفيدا لم يظفروا بالحياة الروحانية التي يفوز بها الإنسان باتباعه للدين الصادق وإيمانه بالكتاب الحق وماتوا كلهم ميتة ضلال.فالاعتراض على موت باوا المحترم ناجم عن الحمق، لأنه ببركة التوحيد الطيب والكلمة الطيبة أصبح خالدا، فتأملوا قليلا بإنصاف أنه قد مضى على موت باوا المحترم أربعمائة عام تقريبا، وعباءته التي كتب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله ملحوظة: بعد التفوه بهذا القول مات ديانند ،عاجلا فهذه أيضا من كرامات باوا المحترم..منه

Page 43

۲۰ ما زالت موجودة حتى الآن عند ذريته وهى التي كان يلبسها بمنتهى الصدق والإخلاص، وكل كلمة فيها تترجم حالته القلبية، فمن أنواع الحياة أن الله الله لا يدع حتى ملابس الصالحين تضيع، فلاحظوا أن الآريين زعيم دیانند أيضا مات حاليا وكأنه مات بالأمس؛ فهل احتفظ عند الآريين بقطعة من ملابسه التي كان يرتديها؟ لقد أساء إلى رسول الله ﷺ فأذله الله وأخزاه، بينما نظر باوا نانك المحترم إلى حضرته الا الله بإجلال لدرجة أنه قد جعل من القماش الذي كُتبت عليه الشهادتان قميصا له، فأعزه الله أيضا لدرجة أن يخر مئات الملايين من الناس على قدميه بحب وتعظيم ونال الحياة الروحانية، فهذه الوسيلة الوحيدة لنيل الخلود، فليتدبر المتدبرون."إن الذين صار مسكنهم زقاق الحبيب فإن أسماءهم تبقى ثابتة على لوح هذا العالم إن الذي اكتسب قلبه الحياة من العشق فلا يموت أبدا، إنما الميت من ليس هدفه كالعشاق أيها القلب الميت، لا تسعَ لذمّ العشاق، فمن قصور فهمك وغبائك أنك لا تفهم كلامهم".قوله: لم تتحقق لنانك المحترم أي سيطرة و لم تتشكل جماعة السيخ بعد، لأن من دأب الجهلة أنهم بعد وفاة الموتى يصفونهم بالنساك والصلحاء.أقول: السيد البانديت يقصد من هذا الخطاب أن يُثبت أن باوا المحترم لم يكن في الحقيقة إنسانا صالحا، فقد جُعل وليا بعد وفاته دونما سبب، إلا أن ترجمة أبيات فارسية.(المترجم)

Page 44

الدافع الوحيد لكل أقوال ديانند هذه هو البغض ؛ أعني كان باوا المحترم يعد الفيدا كتابا سخيفا وقصة مضلة ، وبذلك كان ينصح الناس في كل مكان – وهذا كان أسمى هدف من أهداف حياته أن يصرف الناس عن الفيدا ليجعلهم مصدقي كلام الله الطاهر القرآن الكريم.وكان في الحقيقة نموذجا أسمى لقدرات الله الله وينبغي أن يقدره جميع المسلمين.ذلك الإله الذي استنطق الأحجار والأشجار والسباع أن تشهد على صدق نبيه المقدس، قد أخرج في هذا الزمن الأخير من الذين كانوا يجلسون في الظلام نجما مشرقا منهم، فشهد على ذلك النور الذي جاء لينور العالم، فلم يتمكن الظلام من معرفة النور، أما من كان قد رُزق حظا من النور فقد عرفه أخيرا.سبحان الله الذي هيأ للإسلام هذه الشهادات.فحين وصف ذلك الإنسانُ الصادق الفيدا بأنه يعلم الضلال تلقى من البانديتات الأشقياء الشتائم والسباب، فلو لم يكن متبرئا من الفيدا لما أساء إليه أي بانديت، أما الآن فليس لباوا المحترم أي مكانة في نظر هؤلاء البانديتات لأنه كذب الفيدا! قوله: يمكن أن يُقال بأن باوا لم يسمع الفيدا و لم يقرأه، فماذا يفعل؟ فلو قرأه أو سمعه لتخلى المتعصبون العقلاء عن المعرفة الزائفة وقبلوا الفيدا واهتدوا به.أقول: إن البانديت يستهدف من كل هذا الخطاب أن باوا المحترم وأتباعه كانوا مزيفين بحيث باعوا الدين للدنيا على كل حال من الصدق المؤكد أن باوا المحترم تخلّى عن الفيدا وعده ركام الضلال، لكن يجب على البانديت

Page 45

أن لا يُناصب باوا المحترم العداء عبثا، ولا يُسميه محتالا ومكارا، بل كان يجب على البانديت أن يكتب جميع معتقدات باوا المحترم المعارضة للفيدا الواردة في غرنته في عمود ويكتب في العمود المقابل تعاليم الفيدا لكي يتأكد العقلاء بالمقارنة بينهما أي منهما يبدو صادقا، فالبديهي أن مجرد إطلاق الشتائم لا يفيد؛ فكل حقيقة تتبين عند المقارنة، أما إطلاق السباب بغير حق فمن فعل السفلة واللئام فقط.قوله : لم يكن السيد نانك ثريا ولا زعيما لكن أتباعه ذكروا في "بوتهي نانك" و"تشندودي" و"جنم ساكهي" أنه كان صاحب ثروة كبيرة وكان وليا، كما ورد أن السيد نانك قد قابل البراهما وناظره، فعظمه جميع الآلهة.كما ورد أن في موكب زواج نانك كانت أحصنة وأفيال ومراكب والذهب والفضة واللآلىء والأحجار الكريمة بلا حساب، وإن لم يكن هذا القول تباهيا فما هو ؟ أقول: هذا القول الأخير للبانديت صحيح نوعا ما في نظرنا، إلا أنه لا علاقة له بباوا نانك المحترم، صحيح أن بعض الأصدقاء السفهاء قد افتروا على هذا النحو كثيرا ولعلهم قصدوا بذلك إجلال باوا المحترم ومدحه لكنهم لم يكونوا يعرفون أن بمثل هذه المفتريات السخيفة والبذيئة لا يتحقق مجد أحد وعظمته، وإنما يثبت أخيرا أن بركات ذلك الصالح الجليل ملحوظة: إذا لم يكن السيد نانك زعيما ولا ابن زعيم، فهل كان ديانند –الذي لم تتبين صحة نسبه إلى اليوم- زعيم بلد كبير؟ منه

Page 46

هذه لم تؤثر في المفترين والبذيئين وأصحاب الكلام الفارغ السخيف.فعن بعض أولئك الذين خلطوا في سيرة باوا المحترم أمورا خاطئة دون تقصى الحقائق، لا بد من القول مضطرين إنهم لم يتخذوا الحذر والأمانة، وتحدثوا عن أمور بعيدة عن الحياء والخجل، مثل القصة الزائفة أن باوا المحترم حين ذهب إلى مكة كانت مكة تتحوّل إلى قدميه حيثما كان يوجههما، فهل هذه القصة أقل من تدفق نهر الغانج من ضفائر الإله العظيم؟ إنما الصحيح من القصة أن باوا المحترم لما كان من أهل الإسلام دينا وملة، فقد إلى مكة للحج، إلا أن إضافة الحواشي إلى الأحداث الصحيحة التي تخالف العقل أصلا والقرائن الصحيحة ليس من عمل أي متدين.فكيف كانت المدينة التى يُقدَّر عدد سكانها بأكثر من مائة ألف نسمة تأتي إلى قدمي باوا المحترم سكانها مرارا؟ وإذا كان المراد من مكة الكعبة فلا تستهدف هذه القصة غير جرح قلوب المسلمين وإيذاءهم بهراء بذيء دون أي إثبات.فكيف ناسى على الذين اتخذوا باوا المحترم مساويا الله الله لدرجة إذا أساءوا إلى الله؟ في هذا الزمن الذي تثقف فيه أغلبية الناس وبدأ الناس الكثيرون مع بیت يميزون بين الكذب والصدق، فإن نشر مثل هذه القصص السخيفة بمنزلة ذم دينهم نفسه.إذا كان باوا المحترم لم يذهب إلى مكة قصد الحج بل كان قد ذهب لإظهار الكرامة فكان ينبغي أن يترك الكعبة حيث كانت قدماه، فكان يجب أن يحولها عن مكانها عشرة أو عشرين قدما من مكانها أو يجعل الكعبة تتبعه إلى بيته لكي يتمكن بقية السيخ أيضا من رؤية هذه الكرامة،

Page 47

۲۹ لكن لما كانت الكعبة ما زالت في مكانها الذي تقع عليه منذ القدم، وأهل مكة لا يعرفون حتى اسم نانك ناهيك عن تذكرهم مثل هذه الأعجوبة، جدا أن هذا الكذب المكروه جدا افتراء شرير.فباوا المحترم لم يدع فواضح بمثل هذه الدعوى إن مكة مركز الإسلام حيث يجتمع فيها مئات الآلاف من الصلحاء والعلماء والأولياء، وكلُّ أمر يحدث هناك مهما كان بسيطا يشتهر في العالم الإسلامي فوراً.وإن حادثة عظيمة الشأن كهذه لو حدثت لقلبت الإسلام وقانون القدرة معا، وهي من الزمن القريب إذ لم يمض عليها حتى أربع مائة عام فقط ؛ فإذا قيل عن مثلها أن مئات الألوف نسوها بينما بقيت في كتب سوانح حياة لباوا نانك التي ألفها السيخ، فهل ثمة قول أكذب من هذا؟! فمما يثير التعجب أكثر أن هذه القصص تذكر أن باوا المحترم قد تكلم في مكة باللغة البنجابية، وأن أهل مكة تكلموا أيضا باللغة البنجابية، ثم وصل باوا المحترم إلى المدينة حيث توجهت روضة الرسول إلى قدميه وهناك نظم باوا المحترم أشعارا باللغة البنجابية، وردّ عليه السكان باللغة نفسها قولوا الآن ما أكذب هذا البيان! إذ من الواضح جدا أن سكان الجزيرة العربية لا يفهمون اللغة الهندية، فكيف كانوا قد فهموا لغة باوا المحترم؟! إن كانت هذه القصة صحيحة فكان يجب أن تكون الكرامة الأولى لباوا المحترم أن يتحدث مع العرب بلغتهم وينظم القصائد باللغة العربية لا بالبنجابية، ثم كان ينبغي أن يسجل ذلك الكلام العربي والشعر العربي في جنم ساكهي أو غرنته، فلو فعل ذلك

Page 48

لكان له شأن بلا شك.أما الآن فلم يؤد ذلك إلى شيء إلا أن يُضحك العقلاء.ثم إن أحوال وصوله إلى مكة أيضا ذكرت بأسلوب رائع! فكما ورد في جنم ساكهي أن في الكعبة حجرًا يُنظّف ويجري ماؤه في السواقى وهو الذي يسمى ماء زمزم، وإذا نسبتم هذا القول الكذب المحض والمنافي للحقائق إلى باوا المحترم فلا بد من الإيمان بأن باوا المحترم كان معتادا على الكذب أيضا والعياذ بالله فكل الناس يعرفون أن ماء زمزم يستخرج من بئر موجودة بمكة من زمن سيدنا إبراهيم الة ولا علاقة لها بالكعبة والحجر الأسود ثم ورد أن باوا المحترم قد قابل الإمام الأعظم في مكة مع أن الأخير قد توفي قبل ولادة باوا المحترم بسبعمائة سنة، ولا يوجد حتى قبره في مكة.باختصار إن "جنم" ساكهيات تضم مثل هذه الأمور المخجلة والأكاذيب المكروهة جدا، التي لا تُنافي النقل فحسب، بل هي تناقض العقل والنقل كليهما، فقد ثبت أنه قد افتري كثيرا على باوا المحترم بعد وفاته، وتعود تلك الافتراءات إلى زمن كان قد نشأ فيه عناد ضد الإسلام لدى بعض قليلي الفهم.فهؤلاء الذين لم يقتفوا أثر باوا المحترم واجهوا مشكلة تأويل جميع الأمور الدالة على إسلام باوا المحترم، لكن لما كانوا محرومين كليا من علم البلاد وعلم التاريخ فقد افتضحوا في كذبهم قدر ما كذبوا في التأويلات الباطلة، ولم يخف كذبهم، بل قد سخر منهم علماء التاريخ والجغرافيا وما زالوا يضحكون عليهم، فلو استمر زمن الجاهلية الذي كان سائدا قبل خمسين سنة فكان احتمال أن يقبل بعض البسطاء و

Page 49

۳۱ السذج هذه الأمور غير العقلانية، إلا أن الزمن قد تغير كثيرا وقد توجه إلى العقلانية وصارت أنظار الناس دقيقة وعارفة بالحقائق، فقد انقضى زمن الإيمان بأمور من قبيل أنه حين أغمض بالا عينيه، وهو جالس في المدينة، بطلب من باوا المحترم وجد نفسه جالسا في قريته في البنجاب.إن معظم ما ورد في هذه "الجنم ساكهيات" ليس غير معقول فحسب بل فيه تناقض، وهذه الأقوال يناقض بعضها بعضا لدرجة أن لا يبقى به للعاقل من عدم الوثوق بما هو غير معقول ومنافٍ للأمور الأقرب إلى القياس.ونود أن نُصرّح هنا أيضا بأن الجزء الذي هو محفوظ ولا يتضمن أمورا غير عقلانية ولا متناقضة وليس فيه تباه ولا تنبعث منه رائحة المبالغة لكلام فارغ، فهو بلا شك جدير بالقبول في السيرة، ولا يغيبن عن البال أن هذا التناقض والأقوال المختلفة كما يوجد في جنم ،ساكهيات، فهو موجود أيضا في أشعار باوا المحترم الواردة في "آد غرنته"، كما لا يخفى ذلك على القراء والمتدبرين أن أكبر جزء من أشعار باوا المحترم الموجود في غرنته هو حاشية: يعترض البعض أنه يبدو من غرنته أن باوا نانك المحترم كان يعتقد بالتناسخ فكيف يكون دينه الإسلام.أننا ندرك كلمات باوا المحترم جيدا، إذ قد درسنا حياته لمدة ثلاثين عاما، فباوا المحترم لا يؤمن بالتناسخ أبدا مثل الآريين، فهو يقول بنفسه: فليتضح "لقد خلق الله فكيف يصح النور أولا ثم خلق من النور نفسه العالم كله".التمييز أن فلانا طيب خَلقًا وفلان سيئ خلقا، أي أن الاعتقاد بأن فلانا ولد جزاء على حسناته السابقة وأن فلانا ولد عقابا على سيئاته فكرة خاطئة تماما، ذلك لأن الجميع قد ولدوا من نور.فهذا الشعر لباوا المحترم يدحض فكرة التناسخ، لأن عقيدة

Page 50

التناسخ تقول بأن أصحاب الأعمال الصالحة وجدوا الخلقة الجيدة كما وجد أصحاب الأعمال الطالحة الخلقة السيئة.فالحق ما قاله باوا المحترم؛ وهو أن الأرواح لا يمكن أن الخطأ أن تنقسم إلى سيئة وطيبة خَلقًا، غير أنه يمكن التقسيم إلى أعلى وأدنى، مثلما إذا صبغت الثياب مثلا بلون واحد، حيث يكون بعض الألوان غامقا وبعضها فاتحا، فمن يُقارن بينهما من منطلق اللون كما يقارن الأضداد، إلا أن التفاوت في الدرجات ممكن، أي أحد الألوان غامق جدا والآخر أقل والثالث أقل منه.فالإنسان الذي عنده نزر يسير من الفيوض الربانية يُسمى في المصطلح القرآني شقيا، أما الذي نال حظا وافرا فيسمى مخلوقه في كلامه إلى السعيد والشقي ولم يقسمهما على أساس فالحكمة في ذلك أن ما صدر من الله لا يمكن أن يقال له سيئا.لأن ما سعيدا، لقد قسم الله الجمال والقبح.خلقه الله كله خير وجيد وللجيدين مراتب و درجات فالذي يحوز قدرا ضئيلا من الحسنات فهو السيئ، أما في الحقيقة فلا أحد سيئ.يقول الله الله: انظروا إلى خلقي، انظر إلى خلق الرحمن هل ترى من فطور ، فلم يصدر أي ظلام من الله.فمن ابتعد عن النور صار في حكم الظلام مجازا.لقد تكلم باوا نانك في غرنته عن هذا كثيرا، وكل بيان له مستمد من القرآن الكريم، إلا أنه ليس كما يستمد المقلدون تقليدا أعمى بل إن روح المحترم قد نطقت عند سماعها الحقَّ أنه حق.ثم بهذا الدافع جاشت فطرته فبينه في أسلوب معين.باختصار؛ لم يكن باوا المحترم يعتقد بالتناسخ قط.فلو كان يؤمن به لما قال إن كل شيء مخلوق الله وليس هناك شيء لم يُخلَق من نوره، ولا يغيبن عن البال أن باوا المحترم قد باوا أشار في قوله هذا أيضا إلى الآية القرآنية: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (النور: ٣٦).أي أن السماوات والأرض من نور الله وهى تقوم بنوره وهذا هو الحق، وبه يكتمل التوحيد ولا يحدث خلل في وسائل معرفة الله.أما الذي يقول إن الله ليس خالقا، فكأنه يقول أنه ليس ثمة إله، ذلك لأن العقول العامة تعرف الله من خلال أفعاله، لكنه إذا لم يكن خالق الأرواح وذرات العالم فسوف تختفي وسائل المعرفة أو تكون عديمة الجدوى لكونها ناقصة.أما الذي آمن بأن الله خالق الأرواح فلا يمكنه الإيمان بمسألة التناسخ؛ لأن الله الذي بصفته الخالق خلق العالم بمراتب؛ أي خلق إنسانا وحصانا

Page 51

۳۳ وغيرهما، لم يكن آنذاك - أي في البدء - وجود للأعمال السابقة، فمن أين الأعمال قبل أن تكون الأرواح؟ ففي هذه الحالة إن الله الذي ظل يخلق مخلوقا بقدرته بمراتب مختلفة، فما الذي يمنعه من ذلك الآن بدون الأعمال؟ فالذين يؤمنون بالتناسخ لا يمكن حتى أن يخطر ببالهم فكرة التناسخ ما لم يعدّوا جميع الأرواح موجودة من تلقاء نفسها وغير مخلوقة، لأنهم حين آمنوا بأن كل روح وجسم مخلوق فقد آمنوا بأن النقص والزيادة في الخلق هو بإرادة الله لا نتيجة أي عمل سابق، وبذلك يتلاشى التناسخ.ويجدر بالتذكر أن المؤمنين بالتناسخ لا يمكن أن يكونوا موحدين، لأن أساس هذه العقيدة هو أن كل ذرة في العالم قديمة وغير مخلوقة وأزلية ومن تلقاء نفسها وكأنها خلقت نفسها.لكن هل يمكن نسبة هذا الدين إلى شخص يسبح في بحار التوحيد بنشاط، ويؤمن بأن لا شيء غير مخلوق بدون وسيلة القدرة الإلهية؟ فهل يمكن أن نتصور ولو لثانية واحدة أن ذلك الصالح الذي كُتب على عباءته "أن الله خالق جميع الأرواح وكل الموجودات" كان يحب هذه العقيدة الخبيثة، والعياذ بالله؟ ثانيا : من شروط التناسخ أن لا يتمكن أحد من الفوز بالنجاة الأبدية، وأن يظل المقدسون أيضا يواجهون دوامة التناسخ دوما دونما سبب حتى إن الإنسان الذي كان مقربا كبيرا في زمن من المحتمل بموجب هذه العقيدة أن يولد بروح دودة النجاسة في زمن آخر.ولم يكن باوا المحترم يعتقد بهذه العقيدة قط، بل كان يؤمن بالنجاة الأبدية، وليس من معتقداته أن الله يُذل أحدا بعد أن قربه إليه الله ومات مقربا.وثالثا: إن باوا المحترم يؤمن بأن الله الله كريم ورحيم وتواب وغفار ورب، وكل هذه الصفات تنافي عقيدة التناسخ، وإن باوا المحترم لم يبينها في كتابه غرنته فقط بل قد كتب على العباءة مرارا، انطلاقا من آيات القرآن الكريم، أن الله الله غفور ورحيم وتواب وعفو.ونستطيع أن ندلل على ذلك من مواضع كثيرة من غرنته وليس في موضع أو اثنين.ويعرف جميع العقلاء كما سلَّم الآريون أيضا بأن الذي يتمسك بهذه العقائد الإسلامية الثلاث لا يمكن أن يؤمن بالتناسخ إلا أن يكون مجنونا أو جاهلا من أقصى درجة.والجدير بالذكر أيضا أنه ليس هناك إساءة أكبر من أن باوا

Page 52

وسع من عقائد باوا المحترم كان يؤمن بالتناسخ، لأنه بعد الإيمان بأن الله خالق وأن النجاة أبدية وأن الله يغفر الذنوب يكون الإيمان بالتناسخ لمن عمل الذي حاز على أقصى درجات الجهل، والذي يجمع في كلامه الأقوال المتناقضة دون أن يدرك ذلك.أما الآن فغرنتهـ موجود عندنا وإنا نسعى جاهدين قدر ما في الإنسان للتأكد المحترم الأصلية ليس اليوم فقط، وإنما منذ ٣٠ عاما مضت.وقد أكدت لنا البحوث الكاملة أن باوا المحترم رحمه الله كان مسلما وصادقا لدرجة أنه قد قضى حياته كلها سعيًا للفوز بأنوار الإسلام، ومعلوم أن كل مسلم يدعي بلسانه أنه مسلم، إلا أن الحق أن العثور على مثال باوا المحترم صعب جدا، فكان من الذين يطهرهم الله الله بيده، وقد جذبه الله الله من بعيد ثم أخذه إلى بعيد.لقد اطلعتُ على أوضاعه في الكشوف الواضحة الجلية قبل ما يقارب ٣٠ سنة، فإذا جزمت فقد أخطئ، إلا أنني في الزمن نفسه قد لاقيته في عالم الكشف أو في أحوال تشبه الزيارة واللقاء.فلما كان قد مضى على ذلك زمن طويل لذا انمحت من ذهني تفاصيل الكشف الحقيقية.باختصار؛ لم يكن باوا المحترم يؤمن بالتناسخ في حال من الأحوال، ولا ينخدعن أحد من وجود بعض الإشارات إلى ذلك في أبياته، لأنه إذا كانت هناك على سبيل الافتراض بضعة أبيات لا نستطيع تأويلها فأين نرمي أبياته الكثيرة التي يتكون منها غرنته بأكمله تقريبا؟ وهي التي تنافي مبادئ التناسخ، فإما أن نؤوّلها وإما أن نعدها مدسوسة، إذ لا يجوز التناقض في كلام الصلحاء.لقد درسنا كثيرا وتوصلنا إلى هذا الحكم بعد بحث طويل، ينبغي أن لا يتسرع أحد في الرفض، لأنه حق ولا بد من القبول.ثم مما يجدر بالملاحظة والانتباه أن الصوفية يؤمنون بنوع من التناسخ في هذه الحياة، إذ يعدون كل لحظة عالما، ويقولون بأن الإنسان ما لا يبلغ الكمال فهو شبيه بأنواع الحيوانات، ولهذا يرى أهلُ الكشف الإنسان أحيانا في صورة الكلب وفي وقت آخر يجدونه على صورة الثور.وهكذا تتبدل له مئات الصور، وبعد مدة طويلة يصبح إنسانا، وعندئذ يتخلص من دورة الولادات وليس من المستبعد أن يكون باوا المحترم قد قصد ذلك، أما عقيدة التناسخ التي يتمسك بها الآريون فباوا المحترم ينكرها إنكارا صريحا.منه.

Page 53

۳۵ أنه ترجمة بعض آيات قرآنية، أو بتعبير آخر يمكن أن نقول: باستثناء بعض الأشعار التي نُسبت إلى باوا المحترم إلحاقا وانتحالا، فإن بقية الأشعار التي نظمها باوا المحترم هي ترجمة آيات قرآنية.فنحن قد قرأنا غرنته بمنتهى التدبر والإمعان وقد تأملنا فيه قدر المستطاع فتوصلنا أخيرا بمنتهى الجلاء إلى أن باوا المحترم قد ألف كتابه غرنته من آيات القرآن الكريم.يبدو كان يكثر من قراءة القرآن الكريم، فكان كثيرا ما يتردد إلى المساجد ويزور الصلحاء ليستمع منهم إلى القرآن الكريم ثم ينظم مضامين القرآن الكريم بلغته لكي ينفع الشعب من الكلام الإلهي بحكمة.كنا نريد أن تثبت في هذا الكتاب أنه بأي أسلوب رائع سجل في أشعاره ترجمة آيات القرآن الكريم في مواضع عدة، لكن لما كان الكتاب موجزا فسوف نبين ذلك بإسهاب في كتاب كبير إن شاء الله.أما الآن فالموضوع الذي بدأناه آنفا أنه لماذا يوجد هذا الاختلاف والتناقض في أشعار باوا المحترم وكيف نقرر أن بعض هذه الأشعار المتناقضة من نظمه وبعضها الآخر من الآخرين.فقد بينا أن سبب الاختلاف هو أن الذين جاءوا متأخرين لم يقتفوا أثر باوا المحترم إذ قد رجعوا إلى عبودية المخلوق ورغبوا الناس في عبادة الآلهة المختلفة، كما كانوا متعصبين ضد الإسلام.ومن جهة أخرى حين رأوا أن باوا المحترم يؤيد الإسلام تماما، وأن جميع أعماله شبه أعمال الإسلام لهذا قد دسوا في أشعاره أشعارا من عندهم مما أدى إلى التناقض في أشعاره.لكن من البديهي أن كلام الصادق والعاقل ونقي القلب يخلو من هو

Page 54

28 التناقض، إلا أنه إذا كان هناك غبي ومجنون أو منافق يؤيد بدافع التملق، فلا شك أن كلامه يتناقض.أما القضية بأنه كيف نميز الزائف من الصحيح من جميع هذه الأشعار وكيف نتبين بأن الأشعار الفلانية خرجت من فم باوا المحترم أما غيرها التي تناقضها فقد دسها غيرُه ونسبها إليه، فليتضح أن هذا القرار سهل جدا، فطريق اتخاذ القرار أن تُلقى نظرة إمعان بإنصاف على جميع البراهين التي تشهد على كون باوا المحترم مسلما، وإذا تبين بعد التدبر أن تلك البراهين ليست صحيحة وأن باوا المحترم كان في الحقيقة هندوسيا، وكان يؤمن بالفيدا و لم يُظهر إسلامه بأعماله بل قد أظهر عداوته له؛ ففي هذه الحالة لن يكون لنا بدّ من الاعتراف بأن الفكرة السائدة في المسلمين بأن باوا المحترم كان في الحقيقة مسلما وكان يصلي الصلوات الخمس وكان قد أدى فريضة الحج أيضا، ليست صحيحة.وفي هذه الحالة ستكون جميع الأشعار الدالة على إسلامه مدسوسة، وسنقبل بأن أحد المسلمين قد دسّها في غرنته.أما إذا ثبت بدلائل قاطعة أن باوا المحترم كان قد قبل عقائد الإسلام وكان قد ارتد عن الفيدا، فسوف تُعتبر بعض الأشعار التي تنافي أغلبية أشعاره مدسوسة وإضافية، أو سيتحتم تفسيرها بحيث يرتفع التناقض فمن البين الجلي أنه لا يمكن أن يصدر من قلب واحد أمران متناقضان لأن الإنسان في هذه الحالة إما يكون مجنونا وإما منافقا.فمن الإساءة الوقحة أن تُنسب إلى باوا المحترم مجموعة الأقوال المتناقضة، غير أنه من الممكن أن يكون باوا المحترم قد وبخ في أشعاره بعض

Page 55

المسلمين والقضاة والمفتين الذين تخلوا عن الحق والحقيقة التي يدعو إليها الكلام الإلهي، وكانوا قد تمسكوا بالعادات والتقاليد فقط.فالقرآن الكريم والحديث النبوي قد لعنا المصلين الذين ليس فيهم أي إخلاص ولا صدق، كما أن الصائم الذي لا يصوم عن الذنب يتحمل الجوع فقط، فليس من المستبعد أن يكون باوا المحترم قد نصح بعض المشايخ غير العاملين والقضاة إفهاما للمسلمين الغافلين وبقصد أن يتخطوا العادة والتقليد.والآن نكتب بوضوح أن رأينا عن باوا المحترم يتلخص في أنه بلا شك كان مسلما صادقا وكان بالتأكيد قد تبرأ من الفيدا وتشرف بنطق شهادتي "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وكان بذلك قد نال الحياة الجديدة التي لا يفوز بها أحد دون اتباع نبي الله المقدس، فقد ظل متواريا عن عيون الهندوس، وكذلك توفي في الخفاء، ونسجل فيما يلي الأدلة على ذلك: الدليل الأول: وصية باوا نانك المشهورة في السيخ باسم العباءة المقدسة هذه الوصية التي يسميها السيخ بالعباءة المقدسة محفوظة بمنتهى الإجلال " والتعظيم في موضع ديره باوا نانك في محافظة غور داسبور البنجاب، في معبد السيخ الذي بناه أولاد "كابلي مل" الذي كان من سلالة باوا المحترم خصيصا لهذه العباءة المباركة، ويُقال بأن نفقات بنائه بلغت نيفا وعدة آلاف روبية.باختصار قد حفظت هذه العباءة المقدسة بتعظيم لا يُتصور أكثر منه في هذا

Page 56

العالم، وهي من قماش قطني بلون رمادي وعلى بعض أطرافها شيء من الحمرة أيضا، فقد ورد في الجنم ساكهي" للسيخ أنه قد كتبت عليها أجزاء ملحوظة: يخيل إلينا أن هذه الحمرة أضيفت في زمن العناد بقصد محو الكلمات، غير أنها ما زالت مقروءة.منه جنم ساكهي بهائي "بالا المعروف بجنم ساكهى "أنجد" الصفحة ٤١٨.قصته ملك مع عربي الله الله: يا نانك، أنا راض ذات مرة قال التلميذ "مردانه" المرشده "باوا نانك" بمنتهى الأدب: يا أيها الملك الحق، كيف هي بلاد العرب؟ فقال له حضرة الغورو العظيم: إذا كنت تريد زيارتها يا مردانه فسوف نأخذك إلى هناك للزيارة.ثم ذات يوم سألني حضرة الغورو: إذن ماذا قررت يا مردانه؟ فقلت له: كما تريد، فانطلق السيد نانك المحترم العظيم ووصل إلى بلاد العرب مشيا على الأقدام، وكان الملك يشتهر باسم لاجورد، وكان ظالما، وكان الشعب متضايقا جدا منه، وكان يقتل كل من كان يزور بلاده من الهند.هذه الأوضاع كانت سائدة هناك، فلما تضايق الناس كثيرا دعوا بتواضع فأجيبت أدعيتهم التي دعوها بتواضع عند الله، فتلقى باوا نانك المحترم الوحي من عنك كثيرا وأهب لك خلعة، فقال غوروجي: كما ترضى يا "وحده لا شريك"، و شكر الله في وقفة تأملية، فوهبت له خلعةٌ، وكان قد كُتبت عليها بقدرة الله كلمات في اللغات الخمس، هي اللغة العربية والتركية والفارسية والهندية والسنسكريتية، فارتدى تلك الخلعة وجلس أمام باب المدينة، وبعد مضي الأيام والليالي تحادث الناس: أيها الإخوة هناك ناسك قد كتبت على خلعته الأجزاء الثلاثون للقرآن الكريم بيد القدرة الإلهية.وحين أمعن الناس النظر فيها أخبروا الملك قائلين: أيها الملك، هناك ناسك خارج مدينتنا على جسمه خلعة كتب عليها ثلاثون جزءا من القرآن الكريم، أن فأمر الملك وزيره يخلع الخلعة ذلك الناسك ويُحضرها إليه، فذهب إليه عن جسم الوزير وقال له: أيها الناسك، أرجو أن تعطينا هذه الخلعة فملكنا يطلبها وينبغي أن لا

Page 57

۳۹ القرآن الكريم الثلاثون بالإضافة إلى جميع أسماء الله المذكورة في القرآن الكريم ويؤمن السيخ إجماعا بأن هذه العباءة التى كُتب عليها القرآن الكريم كانت قد نزلت من السماء من أجل باوا المحترم وأنه قد كتب عليها بيد القدرة الإلهية تعصي أوامر الملك وإلا سيعاقبك.فقال حضرة باوا العظيم : أيها الإخوة اخلعوها إذا استطعتم أن تخلعوها.فحين قال ذلك باوا المحترم اندفع إليه كل من كان مع الوزير من الناس، لكن متى كان بإمكان أولئك الظالمين أن يخلعوا تلك الخلعة الطبيعية من القماش الطبيعي التي ألبسه الله إياها بيد القدرة، وكانت هبة الله وحده الذي لا شريك له.فبذلوا قصارى جهدهم، فلم يقدروا على خلعها لا بالشد ولا بالقد.فذهل الناس كلهم وأخبروا الملك قائلين أيها الملك لا نستطيع خلع تلك الخلعة الناسك.فاستشاط غضبا عند سماع ذلك وأمرهم بأن يُغرقوا ذلك الناسك في النهر، فحين تلقَّى الوزير هذا الأمر طلب من الناس أن يُغرقوه في النهر فألقوا باوا المحترم في النهر، من جسم حتى ذلك تلقاه ذلك ، وكان الجميع يتفرجون عليه، فلم تبتل خلعة باوا المحترم و لم يمسه الماء.ملك الماء بيديه وقبل قدميه وأجلسه على الضفة سالما آمنا، فتعجب الناس من وأخبروا الملك أن ذلك الناسك لم يغرق، فأمر غاضبا بأن يحرقوه في النار، فجمع الوزير أخشابا كبيرة حوله وأشعل فيها النار ، فظهر ملك النار وركع على قدمي باوا المحترم وقال له: انظر، لقد احترق الخشب كله و لم تحترق منك شعرة، فتعجب الناس.أما الملك فحين علم بذلك قال: إن هذا الناسك مشعوذ كبير، ثم أمر بأن يُرمى من فوق، فصعد به الوزير إلى الجبل فدخرجه من القمة، فلما سقط غورو المحترم أمسكه ملك الريح وحمله على يديه وأجلسه في محفة وأنزله إلى الأرض المفروشة بأنواع الأزهار الجميلة.فكان جميع سكان البلد ينظرون إليه فتعجبوا كثيرا، فأخبر الوزير الملك بأن الناسك ما زال حيا فقال له الملك : ليس هذا الناسك مشعوذا فاحفر حفرة عميقة وواره بالأحجار، فحفر الوزير حفرة كبيرة وألقى باوا المحترم فيها ثم أمطره بالأحجار فدفنوه تحت مئات الأطنان من الأحجار وعادوا إلى البيوت...

Page 58

وخيطت بيد القدرة وألبسها باوا المحترم بيد القدرة.وكان ذلك إشارة إلى أن الكلام السماوي كُتب عليها وبه اهتدى باوا المحترم.نحن لم نثق بكل هذه الأقوال ثقة تامة وأرسلنا بعض أصدقائنا الخواص إلى المكان لتقصي الحقائق التام.وأوصيناهم بأن لا يثقوا بقول أحد، بل يجب أن ينظروا إلى هذا القماش بأم أعينهم باهتمام واعتناء ليتأكدوا مما كتب عليها.فانطلقوا من قاديان لزيارة العباءة ووصلوا إلى ديره باوا نانك ووصلوا إلى المكان المعين الذي بني فيه معبد هندوسي، وقابلوا أولاد كابلي ،مل، فاستقبلوهم باحترام وأكرموهم، وأروهم العباءة فرأوا كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" الطيبة المكتوبة عليها، كما رأوا عليها آيات أخرى عدة.وعند العودة أخبرونا عن الأوضاع كلها، وسردوا علينا كل التفاصيل، لكننا لم نكتف ببيانهم، وفكرنا أن هذه شهادة عظيمة على إسلام باوا المحترم، فمن المحتمل أن لا يثق بعض الباحثين بروايات الناس أو قد لا تقتنع بذلك الأجيال القادمة، فرأينا من المفيد أن نتوجه إلى هناك شخصيا، لكي لا يبقى بياننا محصورا في السماع وتتحقق لنا الرؤية الشخصية، فانطلقنا إلى ديره باوا نانك بعد الاستخارة المسنونة في ١٨٩٥/٩/٣٠ يوم الاثنين فوصلنا إلى هناك في الساعة العاشرة وشاهدنا العباءة في الساعة الحادية عشرة، وكانت ترافقني جماعة من الأحبة المخلصين، وكانوا يشاركونني في رؤية العباءة، وأسماؤهم (۱) أخي المولوي الحكيم نور الدين البهيروي (٢) أخي المولوي عبد الكريم السيالكوتي (۳) أخي المولوي محمد أحسن الأمروهي (٤) أخي شيخ رحمة الله الغوجراتي (٥) أخي المنشي

Page 59

غلام قادر فصيح السيالكوتي (٦) أخي ميرزا أيوب بيك الكلانوري (٧) أخي الشيخ عبد الرحيم حديث الإسلام (۸) أخي مير ناصر نواب الدهلوي (۹) سيد محمد إسماعيل الدهلوي (۱۰) شيخ حامد علي من قرية غلام نبي.فيبذل جهد جهيد وسعى بليغ لأحد المخلصين تسنّت لنا لرؤيتها فرصة لم تسنح مثلها لأحد قبل ذلك بحسب بيان سكان تلك المنطقة، أي قد اطلعنا على جميع النصوص المكتوبة على العباءة المقدسة، وقد فتحت من أجلنا جيدا، إذ كانت ملفوفة في ما يقارب ثلاثمائة منديل أو أكثر منها، وبعضها كانت غالية جدا ونفيسة، بعضها من الحرير وبعضها من القطن وبعضها من الصوف النفيس وكانت بعض الشالات من الصوف النفيس وكانت بعض الأقمشة من الحرير قد كتبت عليها بعض العبارات تطريزا ليُعرف أن هذه القطعة هدية من الأمير الفلاني أو الراجه.ويُعتقد خلال هذه المناديل التي بدأت توضع من البدء، أن التعظيم الذي تحوزه هذه العباءة حاليا هو من زمن وفاة باوا المحترم و لم يبدأ في الزمن الحالي.باختصار؛ حين وصلنا إلى هناك وجلسنا في المكان الخاص ظلت هذه المناديل تزاح لمدة ساعة واحدة وأخيرا ظهر من تحتها ذلك الثوبُ الذي يشتهر بالعباءة من الدين ملحوظة: إن الأحبة الذين ذهبوا إلى ديره نانك قبلي بحسب توجيهي وشاهدوا العباءة أسماؤهم هي: (۱) ميرزا يعقوب بيك الكلانوري (٢) المنشي تاج المحاسب في مديرية السكك الحديدية بلاهور (۳) الخواجة كمال الدين الحائز على شهادة البكالوريوس من لاهور (٤) ميان عبد الرحمن اللاهوري، وكان ميرزا يعقوب قد أهدى روبية واحدة لمن أروهم العباءة.منه

Page 60

المقدسة، هذا الثوب في الحقيقة مبارك جدا إذ قد كُتبت عليه الآيات القرآنية بخيوط الذهب بدلا من التطريز، وقد رسمنا صورة هذه العباءة في هذا الكتاب وأرينا الآيات القرآنية المكتوبة عليها هنا وهناك، التي رأيناها بأم أعيننا مكتوبة عليها، وقد علمنا عندئذ أن الذين يُرونها يستحيون ويخجلون شيئا، فهم لا يريدون قدر الإمكان أن يطلع الناس على أصل الحقيقة، لأن العقيدة التي صرح بها باوا المحترم من خلال هذه العباءة تنافي الهندوسية تماما، ولهذا فإن الرجال المعنيين بزيارة العباءة حذرون ومحتاطون جدا.وإذا أراد أحد من الزوّار الاطلاع على السر الحقيقي فهم يُصابون بضيق الصدر.لكن لما كانوا غير مثقفين فقد استعدوا لعرضها علينا بإطماع قليل.فحين أردنا نحن زيارتها أرونا أولا ثوبا مغلفا فقط، إلا أن زاوية من الداخل قد ظهرت وكانت الحروف عليها قد انمحت وكان وراءها أيضا ثوب يقال عنه إن زوجة السيد أرجن قد غزلت قطنه بيدها ونسجته وغلفت به العباءة.وكان يرينا هذه العباءة "بيدي" المسنّ من أحفاد باوا المحترم.كما أخبرنا أن ما كتب عليها لم تكتبه يدُ البشر بل هو مكتوب بيد القدرة الإلهية.فأصررنا عليه أننا نريد رؤية تلك الكلمات الطبيعية التي كتبها الله لا نفسه، ولهذا قد أتينا إلى هنا بقطع مسافة بعيدة.فأزاح الغلاف قليلا، فظهرت لنا "بسم الله الرحمن الرحيم" بخط غاية في الروعة.ثم أراد ذلك الشيخ أن يطوي ذلك الثوب، لكننا حين أصررنا أكثر، وكان كل واحد من المصرين من الأشراف والنبلاء وكنا عشرين شخصا تقريبا، وكان بعضنا من أشراف

Page 61

٤٣ تلك المدينة وكانوا قد جاءوا للقائنا؛ أزاح العجوز الغلاف أكثر فظهر لنا جزء منها.وكان قد كُتب عليه بخط بارز بمنتهى الوضوح "لا إله إلا الله محمد رسول الله، وبعد ذلك أراد مرة أخرى أن يطويها فوضع أخونا الشيخ رحمة الله الغوجراتي على يده فورا ثلاث روبيات كانت اثنتان منها من عنده وروبية واحدة من قبل المولوي محمد أحسن، وكان الشيخ المحترم قد سلم له سلفا أربع روبيات فكشفها الشيخ المسن أكثر فوقع نظرنا فورا على طرف منها حيث كان قد كتب إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، ثم نشأ لديه شيء من الانقباض فوضع الشيخُ المحترم على يده روبيتين أخريين فورا، وكانتا من قبل أخينا المولوي الحكيم نور الدين، ثم قدم له الشيخ المحترم أربع روبيات إضافية من عنده ليرضيه، وقدم روبية واحدة من قبل أحد الإخوة المخلصين فحين صارت عنده أربع عشرة روبية فرح ذلك الشيخ المسن كثيرا فبدأنا نشاهد العباءة بكامل الحرية ودون أي تكلف، حتى كشفنا أغلفة كثيرة بأيدينا.وفي أثناء المعاينة قرأنا في موضع "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".ثم لاحظ الشيخ رحمة الله أن العباءة قد أصابها شيء من الغبار فقال للشيخ المسن إنه يجب أن يُزال ذلك الغبار وتُنظّف العباءة فدعنا ننظفها نحن فهكذا أزلنا بقية الأغلفة أيضا وثبت أن ما كتب عليها هو من القرآن وحده لا غير.ففي موضع كتبت سورة الفاتحة، وفي موضع آخر سورة الإخلاص، وفي موضع كان قد كُتب أن القرآن الكريم كلام الله المقدس فلا يمسنّه غيرُ الأطهار.ويبدو أن الله

Page 62

كان قد شرح صدر باوا المحترم للإسلام لدرجة أنه كان قد صار العاشق الولهان الله ورسوله باختصار إن عباءة باوا المحترم تُسلّط الضوء الكافي و تشكل برهانا ساطعا على أنه كان فداء للإسلام بمنتهى الإخلاص، وقد ترك هذه العباءة وصية له لكي يصبح الجميع والأجيال القادمة شهود عيان على حالته الداخلية.ونقول بمنتهى الأسف إن بعض المفترين قد نسجوا كذبا أن على العباءة كلمات سنسكريتية من الكتب الدينية الهندوسية أيضا كما توجد بعض آيات الزبور أيضا.فليتضح أنه كذب محض وافتراء مكروه جدا، وهو من عمل شرير لا من نبيل؛ فإنا قد تفحصناها مرارا بفتحها وكشفها أن العباءة كلها قد كُتبت عليها آيات من القرآن الكريم والشهادتان فقط، وكانت بعض الآيات قد كُتبت في صورة الأرقام وفي كل مكان من العباءة قد كتبت آيات من القرآن الكريم وأسماء الله الحسنى أن الواردة في القرآن الكريم ، أما "الزبور" والسنسكريتية فلا أثر لهما.ويبدو هذا الافتراء قد نُحت لمجرد القصد أن يفهم الناس أنه كما كتب عليها آيات من القرآن الكريم قد كُتب الفيدا أيضا.لكن ما الذي عسى أن نقول غير "لعنة الله على الكاذبين إذ قد أدلى باوا المحترم بشهادة صريحة في العباءة • على أن جميع الأديان غير الإسلام كاذبة وباطلة وخبيثة.فكيف كان يمكنه أن يكتب عليها مدح الفيدا؟ فالعباءة موجودة ومَن أراد أن يعاينها فليفعل، ونحن جاهزون لتقديم ثلاثة آلاف روبية نقدا جائزة لمن يثبت أن على العباءة ذكر للفيدا أو إحدى آياته، أو أن عليها مدحَ أي دين غير الإسلام، أو أن

Page 63

عليها آيات من كتاب آخر غير القرآن الكريم.ولا بد من التسليم بكرامة العباءة الواضحة؛ إذ رغم بقائها في أيدي أناس لم يكونوا مؤمنين بالله ورسوله، وقد أتى عليها حين من الدهر كان السلاطين فيه متعصبين جدا عد وكان التعصب قد زاد حتى رفع الأذان كالقتل العمد؛ ذلك لم ومع تضع ولم تندثر، كما قد ظهرت إمبراطورية المغول في زمنها واندثرت في زمنها لكنها ما زالت محفوظة، فلو لم يكن الله يحميها بيده لكانت قد أُتلفت في هذه التقلبات الكثيرة منذ زمن فكان قد قدّر لها أن تبقى سالمة حتى عصرنا لكي نبرئ بواسطتها ساحة باوا المحترم من التهم الباطلة الكثيرة، ونكشف على الناس دينه الحقيقي.فقد رأينا العباءة ولا أظن أن أحدا قبلنا قد رآها مثلنا، لأننا لم نشاهدها بالنظرة المادية الشاملة فحسب بل قد رأيناها بالنظرة الباطنية أيضا، وقد قرأنا جميع الكلمات الطيبة التي كانت باللغة العربية والتي لا يقدر كل أحد على قراءتها، واستنتجنا منها نتائج طيبة جدا، فمثل هذه المشاهدة لم تتسن لأحد قبلنا، فالحكمة في بقاء العباءة إلى هذا الزمن تكمن في انتظارها لنا.قد يتعجب البعض من بيان "جنم ساكهى أبجد" القائل بأن هذه العباءة قد نزلت من السماء وأن الله الله قد كتب عليها بيده، غير أنه لا داعي تعجب حين ننظر إلى قدرات الله التي لا حد لها، لأن أحدا لم يحصر قدراته و لم يحدّها.فمن ذا الذي يمكن أن يقول بأن قدرات الله تنتهي لأى عند هذه النقطة وهذا الحد وليست بعده؟ فالذين يُسمون أتباع مذهب الطبيعة في العصر الراهن

Page 64

أو البراهمو هم يُبدون مثل هذا الإيمان الضعيف والمظلم.ومن المحتمل أن يكون باوا المحترم قد تلقى هذه الكلمات في الوحي ثم كُتبت بإذن ربي، فعُدَّ الفعلُ كله فعلا إلهيًا بموجب آية ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى لأن القرآن الكريم قد نزل من السماء، وكل وحي رباني ينزل من السماء فحسب.إن الإسلام دين صادق في الحقيقة، وفي تأييده يُظهر الله الا الله أعاجيب عظيمة.صحيح أن وجود ذلك الغيب ووراء الوراء أخفى مــن النــــار الموجودة في الأحجار وفي كل جسم، إلا أنه أحيانا يتجلى على هذا العالم أيضا.ففي كل شيء نار مادية، لكن الله قد أودع القلوب نار معرفته، وعندما تنقدح نار اللوعة البالغة المنتهى يتمكن الإنسان بعيون القلب من رؤية تلك الذات غير المرئية، وليس ذلك فحسب بل إن الذين يبحثون عنه بصدق القلب والأرواح التي تندفع إلى أعتابه بظماً شديد هم يُسقون حتما ذلك الماء بقدر الطلب.فما قيمة معرفة من عرف الله بطرقه الخيالية؟ فالعارفون في الحقيقة هم الذين تجلى الله عليهم بوجهه بمشيئته، فمثل هؤلاء العارفين يُجذبون إلى الله أحيانا عن طريق الخوارق ليزول ضعفهم، وتمتلئ قلوبهم باليقين.فأي داع للتعجب من أن هذه العباءة قد كُتب عليها بقدرة الله؟ فلما ظل باوا المحترم يطير من بلد إلى بلد كالطير بحثا عن الحق ووقف حياته في هذا السبيل، وطلب من الله أن يكشف عليه الدين الحق، لم يُضيعه الله لصدقه، بل قد وهب له تلك العباءة التي عليها جميع نقوش القدرة.فقد الأنفال: ۱۸

Page 65

فعل الله ذلك ليزداد إيمانه بالإسلام ولكي يفهم أن لا سبيل إلى النجاة غير الإيمان بـ لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد لبس تلك العباءة بنية أن تكون وسيلة لنجاته ولكي يُشهد العالم بأسره على إسلامه.28 الله، وأن بعض أغبياء الآريين قد اختلقوا من عندهم القول دون أن يوثقوه من أي مصدر، لإثارة الفتنة والشر؛ أن أحد القضاة كان قد أهدى تلك العباءة لباوا المحترم كذكرى بعد إحراز انتصار، غير أن هؤلاء المتعصبين لا يفكرون أن العباءة المقدسة قد كتبت عليها الآيات التي تفيد بأن الإسلام وحده صادق وأن الإسلام وحده حق، وأن محمدا رسول الله ﷺ بي صادق من الله هو الإله الحق الذي أنزل القرآن الكريم.فإذا كان باوا المحترم يكفر بهذه الآيات فلماذا عظم العباءة لهذه الدرجة؟ فلو كان ذلك الكلام الذي عليها خبيثا في نظره والعياذ بالله لكان ينبغي أن يُداس تحت الأقدام وأن تمان إهانة نكراء أو كانت جديرة بأن تُحرق في اجتماع عظيم، لكن باوا المحترم لم يفعل ذلك بل كان يقول لكل أحد إن هذا الكلام مكتوب بيد الله وأن قدرة الله حصرا قد كتبت هذا الكلام وأن يد قدرته قد ألبستنيها.وقد رسخت في القلوب قداستها لدرجة أن ظل جميع خلفائه يعظمونها؛ فكلما أصابتهم مصيبة أو واجهوا أي أزمة أو أرادوا إنجاز مهمة جليلة ربطوا بهذه العباءة رأسَهم ليتبركوا بالكلام الإلهي المكتوب عليها، فحقق الله آمالهم.وقد مضى إلى الآن على ذلك قرابة أربعة قرون، يتبركون بهذه العباءة عند تعرضهم للمشاكل، ويُقدمون للمحرومين من الأولاد حبة قرنفل بعد أن يُلمسوها بذلك الكلام

Page 66

الإلهي.ويُقال بأن التأثيرات الغريبة لها قد لوحظت.فهي باختصار تُعدُّ وسيلة للحصول على البركات ودفع البلايا.وهي مغلفة في مئات الأقمشة الفاخرة الغالية التي يُقدر سعرها بمئات الروبيات وبنفقات آلاف الروبيات قد بني من أجلها بيت أيضا.وفي الزمن نفسه قد كتب "أنجد" الذي كان خليفة باوا المحترم في مؤلفه "جنم ساكهى بركات كثيرة لهذه العباءة بمنتهى المبالغة، وعدها عباءة سماوية.كما ورد في جنم ساكهي نفسه أن الكلام المكتوب على العباءة كلام الله ، ولهذا السبب قد توجه العالم إليها تعظيما بمنتهى الحماس.فهل يوقن أحد، في هذه الحالة، بأن هذا التكريم والتعظيم كان من أجل ثوب كتب عليه الكلام الخبيث لمفتر لا كلام الله؟ أو أن هذا الإجلال كان من أجل كلمات ليست من الله والعياذ بالله بل كان كلام كاذب يتلطخ ذيله بأنواع السيئات؟ فهل نال الفيدا على يد باوا المحترم تعظيما تناله الآيات التي على العباءة منذ أربعة قرون على التوالي، فهل عند السيخ عباءة كُتبت عليها آيات الفيدا أيضا وتتمتع بهذه العظمة كما تُعظم هذه العباءة وتُغلّف بأقمشة فاخرة بإنفاق آلاف الروبيات؟ وهل قيل عنها أيضا بأنها نزلت من السماء وأن الله بيده قد كتب هذه الآيات؟ فما أشنع هذا الظلم حيث يُكتم الحق، ويقال ضد الحقائق تماما بأن باوا المحترم قد جاء بهذه العباءة من عند القاضي علامة للانتصار.مع أن الكتاب الذي ألفه "غورو أنجد" خليفة باوا المحترم منذ أربعة قرون ويُسمى "جنم ساكهي أبجد"، والذي ليس بأيدي السيخ قبله أي كتاب يتناول سيرة باوا المحترم؛ قد ورد فيه بجلاء أن القرآن

Page 67

٤٩ الكريم كان قد كُتب على العباءة بيد القدرة الإلهية، وكان قد أراد أحد الملوك أن يسلب من باوا المحترم تلك العباءة السماوية، و لم يقدر، وببركة هذه العباءة قد ظهرت كرامات كثيرة من باوا المحترم.فقولوا الآن أي كتاب موثوق به عندكم مقابل بيان "أنجد" فاعرضوا منه شيئا واعلموا أن باوا المحترم كان مسلما صادقا وكان قد ذكر بتصريح واضح أن الفيدا كتاب مضل، وكانت تلك العباءة المباركة شاهدة على إسلامه، فكيف يُسدل ستار الظلام على الصدق البين الجلي، فالمرء الذي يُنكر الإثبات من الدرجة الوسطى يُسمى عنيدا، أما الذي يرفض الحقيقة السافرة فيُدعى وقحا عديم الحياء.إلا أنني لا أتوقع أبدا أن تُنشر هذه الكلمات كاتمة الحق من قبل السيخ الذين يحبون باوا المحترم بصدق وإخلاص فهذا قد صار في نصيب الآريا فقط، الذين جعلوا العناد إرثهم، أما باوا المحترم فكان دوما منتصرا فكم كان قد جمع من العباءات؟ فتعسا لعقول أولئك الغافلين عن الحقيقة حتى الآن، ينبغي أن يصلوا إلى ديره بابا نانك بتحمل الخسائر ليومين ويشاهدوا العباءة بأم أعينهم ليعلموا كيف يُعظم المحتقر لهذه الدرجة.وإن قلتم إنها تُعظَّم لأن باوا المحترم كان قد لبسها ولمسها بيديه فهذا الخيال سفه وغباء شديد لأن باوا المحترم لم يكن يتجول قبل ذلك عاريا، 1 ملحوظة : يتفق جميع السادة السيخ على أن باوا نانك قد صرح بجلاء في أبياته أنه ليس هندوسيا.فهل تعني هذه الجملة سوى أنه لا يؤمن بالفيدا؟ وإذا كان من الصادق أنه قال إني لست مسلما أيضا، فمعناه أنه ليس مسلما علنا، لأنه بمعنى آخر يحدث تناقض جدا في كلامه.يجب التصريح أي كتاب إلهامي اتبعه بعد إقراره بترك الهندوسية.منه

Page 68

فلعله قد لبس إلى آخر حياته آلاف العباءات وإذا كان كل هذا الإجلال بسبب ارتداء باوا المحترم فكان ينبغي أن تُحفظ عباءة أخرى له بدلا من هذه، فأي حاجة كانت لحفظ هذه العباءة التي ينخدع بها الناس؟ كما كانت قد لصقت بها وصمة عار بسبب كتابة آيات القرآن الكريم عليها.فيفهم بجلاء من الكلمة الطيبة المكتوبة عليها أن باوا المحترم يصدقها، ويؤمن بها، فلو لم يكن ذلك كلام الله لنجست به العباءة، لأنه إذا لم يكن القرآن الكريم كلام الله - وهو كلامُ كاذب والعياذ بالله- فقد نجس ذلك الثوب بلا شك الذي كتب عليه ونسخ الكفر ليس كفرا- هذا الكلام النجس والعياذ بالله كما نحس بها ذلك البيت أيضا الذي وُضعت فيه.ثم بم نصف باوا المحترم الذي ظل يلبس هذه العباءة النجسة دومًا، التي أول ما يقع النظر عليها يقرأ "لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟ فكان ينبغي أن يلبس العباءة بعد أن يكتب عليها نصوصا من الفيدا لكي ينال النجاة ببركتها.أيها الآريون الأغبياء، لم تسيئون إلى باوا المحترم لهذا الحد، ألم تكف الشتائم التي كتبها البانديتُ الشقي في كتابه ستيارته بركاش؟ ألم يبق أحد يُبدي الغيرة بحق باوا المحترم؟! لا شك أن هذه العباءة مع جميع الآيات المقدسة المكتوبة عليها تذكار مقدس لباوا المحترم.وطاهر ذلك البيت الذي وضعت فيه، وطاهر ذلك الثوب الذي كتبت عليه تلك الآيات.وكان ذلك الإنسان الذي لبسه على الدوام وتجول به مقدسًا واللعنة على الذين يقولون خلاف ذلك، ومباركون هم الذين يبحثون عن البركة من الكلام الموجود على العباءة.

Page 69

2017 قصيدة "هذه العباءة تاج السيخ وهي موجودة اليوم في منزل "كابلي مل" الممتلئة أنوارا، ومن ابتعد عنها ابتعد الله عنه مي هي التي ذكرت في جنم ساكهي المشهور باسم "أنجد" في العصر الراهن عليها آيات بينات تكسب المرء حياة الخلود لقد نال نانك هذه الخلعة العظيمة من الله الذي كان معالجا لألمه وبواسطتها قد اكتشف أسرار الحق كلها، وبها وحدها قد اهتدى إلى الحق هي التي أنقذته من البلية وصرفت عنه كل سيئ الطوية تأملوا قليلا أيها السيخ ما هذا؟ ألا إنها تعويذة لجسم ذلك الرجل وروح الحقيقة لقد بقيت هذه الآية من ذلك الصالح، وهي مجموعة المواعظ إن في غرنتهات احتمال الشك، لأن أيدي البشر كتبتها.فحين كتبوا وأملوا متأخرين لاحقا، فالله أعلم ما الذي أضافوه من عندهم فمن المحتمل أن النساخ قد أخطأوا ، لأن الإنسان ليس منـزها عن الخطأ أما هذه فمحفوظة بالتأكيد واليقين فلا شك في أنها ما زالت كما كانت كان يضعها أهل الصفاء على الرأس بتذلل عند تعرضهم لأي بلاء إن الذين كانوا يمدحون نانك ويُثنون عليه كانوا يقولون لكل واحدٍ، من لم يقابل ذلك الصالح البار، فليلق نظرة على هذه العباءة فهي مرشدة ترجمة قصيدة أردية (المترجم)

Page 70

فالذي لا يعرف شيئا عن دينه فليُلق نظرة واحدة فقط على هذه العباءة عندما كانوا يدعون باكين مقبلينها، كان يُصيبهم الفضل القادر فإنما كان تأثيرها الإعجازي الذي حمى نانك من الخطر فيها وحدها نجا من النار والماء لا بالأسباب انظروا إلى عبارة أنجد قليلا كيف قد كتب هذه التفاصيل هذه العباءة تري قدرة الله و و و وكلام الله مكتوب عليها في كل مكان على من يشتاق لزيارة نانك اليوم أن يترك كل الأعمال ليشاهدها فقد مضى ما يقارب أربع مائة عام فهذه الكرامة العجيبة متواترة لماذا بقيت هذه العلامة من نانك؟ أي حكمة تكمن في ذلك؟ ألا إنها لتكون شاهدة على إسلامه وتكشف للمتأخرين مسلك نانك كانت قد نزلت على ذلك الرجل فضلا من الله الله فقد عالجت آلامه وكروبه إنها أمانة سرية للخالق، فكانت تشكل مفتاحا لأسراره إنما الصادقون في الحب هم الذين حين ينظرون إلى هذه العباءة يبكون اسمعوا مني أيها الناس عن أوضاع نانك، واسمعوا قصة قدرة ذي الجلال كان صالحا بارا من الشعب الآري ذكيا حسن الهيئة طيب الخصال حين مضت من عمره أعوام قليلة نشأت في قلبه فكرة الدين فبدأ يستغرق في البحث دوما عن طريق يجد به الحق الكامل فلم تعجبه مسالك الفيدات إذ قد وجد فيها كثيرا من الأوساخ والأقذار

Page 71

فحين وجدها متعفنة بالية بدأ قلبه يضطرب ۵۳ فقال أنى لها أن تكون كلام الله مع كونها تتضمن تعليم الضلال والأعمال النجسة فأصابه هم شديد عند ذلك، لكنه كان يُخفي ذلك الحزن والألم في القلب كان دوما حزينا بهذا الغم، إلا أن لسانه كان عيا وفي قلبه مئات المخاوف كان يأكله هذا الهم صباح مساء فلم يكن له أي أنيس ولا جليس ولا صاحب أسرار فكلما وقع عليه نظر والده سأله يا بني الحبيب: أنا متعجب من حالك فأي حزن يكاد يُهلكك؟ فلم يبق لك صورة ولا لون بشرة، فقل لي ما الذي يُضيق قلبك؟ أخبرني عن حالك بالتفصيل صدقا، وقل لي يا حبيبي لماذا أنت حزين؟ فكان يقول له باكيا بأنه بخير وكل شيء على ما يرام، إلا أن في قلبه رغبة عارمة في السير فخرج أخيرا كالمجانين فلم يبال بالصحارى ولا بالجبال فألقى عن كاهله أوزار الدنيا وخرج في السفر طالبًا فأصبح من أجل الله متألما، فلم تعجبه طرق التنعم فانطلق طالبا هائما كفاقد الصواب راجيا العنايات الإلهية فحين سأله أحد إلى أين المشوار؟ وما هي غايتك المتوخاة من هذا السفر؟ قال له باكيا: إني طالب الحق وفداء لسبل الله القدوس

Page 72

فكان يدعو الله في السفر باكيا متضرعا أن يا ربي مزيل المشاكل؛ إنني متواضع ولست بشيء وتراب، إلا أنني خادم أعتاب الإله القدوس إنني فداء لسبيلك من صميم فؤادي، فدلّني على رجل عارف فبعد العثور على أثر لك سأتوجه إليه، وكل من كان لك سأتخذه وليًا لي دلني بفضلك يا إلهي على سبيلك الذي يؤدي إلى مرضاتك فكشف عليه في الإلهام بأنك ستجدني في الإسلام فالرجل العارف فلان، وهو فريد وفذ في سبيل الإسلام فعثر بفضل من الله على شيخ كان مرشدا من الطريقة الجشتية فتشرف ببيعته وسمع من الشيخ ذكر الصراط المستقيم ثم عاد إلى وطنه بعد أن نال السعادة نتيجة فيوض ذلك الشيخ فقد عاش مدة مستورا وراء الحجاب وكان لسانه صامتا، إلا أن صدره كان عامرا بالنور فكان يُخفي في قلبه الألم والالتياع والإخلاص، وكان يُصلي متواريا عن الأشرار لكن الصدق جاش أخيرا، والعشقُ أفقده الصواب فضجر من كتمان الحق إذ قد تجلى عليه الحب بشتى الألوان فقال في نفسه إنه ارتكب ذنبا بكتمانه طريق الحق وكان هذا الأمر بعيدا جدا عن الصدق والوفاء إذ كان كسير الفؤاد من الخوف من الأعداء

Page 73

فبتصور هذا الأمر بدأ يبكى وقال الله متضرعا يا ربي...أنا أؤمن بأسمائك؛ فمنها الغفّار والستار ولا شك أنك حي وقدوس، وكل طريق دونك مكر وخداع فاغفر لي يا خالق العالمين، فأنت السبوح وإني من الظالمين أنا عبدك يا إلهي القدوس، فلستُ أخاف أي خطر على حياتي في سبلك فإن حياتي فداء في سبيلك، وإن حبك هو غذاء روحي القوة التي تُعطى للأبرار أسألك أن ترزقنيها بكشف الأسرار علي إنني خطاء، فدلني على طريق يمكنني من رضوانك فهكذا كان يُبدي التواضع بتذلل، فأمسكت بيده العناية الإلهية فظهرت له عباءة من الغيب وكان عليها الكلام الإلهي بالتأكيد وكانت تحمل شهادات في مواضع مختلفة منها ؛ على أن الإسلام حصرا هو دين صادق ومرشد وهادٍ كان قد كُتب عليها بخط واضح أن الله أحد وأن محمدا ﷺ نبيه فتلقى الأمر: أن البسها أيها الرجل الصالح، فسوف يزول بها كل غبار يتمثل في خطأ كتمان الحق، فهي كفارة عنه أيها الوفي فمن الممكن أن يكون هذا الحادث في الكشف، حيث تلقى هذا الكشف بإذن من الله ثم خيطت العباءة بهذا الطراز، وكتب عليها بأمر من الله لكن من المحتمل أيضا أيها الرشيد أن يكون كل ذلك من الغيب

Page 74

فأسرار القادر تكمن وراء الحجب بحيث لا تفوز بها العقول ولا تُدركها إنك تملك من العقل والدهاء قطرة واحدة فقط أما قدرته الله فبحر لا حد له ولا حصر إذا سمعت قصة الصادقين فلا تحرك رأسك كالمستهزئين إنك حسبت نفسك من العاقلين والألباء، فمتى رأيت مكانة الرجال؟! غاية القول إنه قد ارتدى ذلك اللباس الفاخر دون أن يخاف المخلوق أي خوف فكان يتجول في الشوارع والأزقة مرتديا تلك العباءة، ويُري الناس يد القدرة فكل من كان ينظر إليه من بعد يطلع على ذلك النور وكل من كانت تتراءى له العباءة من بعد تشرح له السر بنفسها كان يُري العباءة كل حين وآن ويجد في ذلك كل سعادة له وكان يستهدف بذلك أن يرضى عنه الحبيب ويزول الخطأ وتتقوى العلاقة فالذين يعشقون تلك الذات فهكذا هم يُضحون بأرواحهم خاشعين فهم يُظهرون الصدق لذلك الحبيب، وفي هذا الهم يصيرون مجانين فهم يُضحون بأرواحهم في سبيله، ويُواجهون أنواع الموت في لحظة واحدة هم يفقدون كل شيء بالصدق والصفاء لعلهم بذلك ينالون رضوانه هذا الجنون من أمارات ،العشق ولا يُدرك ذلك غيرُ العشاق باختصار؛ إن نانك اتخذ العباءة بجيشان الألفة شعارا له على شاكلة النساك المجذوبين

Page 75

Lov لعله بذلك يكسب رضوان ذلك الحبيب، فبدونه لا ينال القلب أي قدرة وقوة إن أهل الله يعملون هكذا، فهم لا يخافون لعن الناس أبدا فهم يكونون بكل كيانهم وقدراتهم للحبيب، فليس لهم أحد غير الحبيب فهم لا يخشون حتى الفداء بأرواحهم، لأنهم بفقدان كل شيء يكسبونه يصبحون صوت الحبيب ويصبحون أصحاب أسرار تلك الذات إن الغبي الذي يقول : إن الطريق مسدود، وانقطع الوحي والاتصال فهو لا يملك أي عقل ولا تدبر، سواء كان هذا المدعي الفيدا أو غيره فمن الحق أن الذين يتطهرون يأتون من الله بما يدل على وجوده فلو لم يأت أي خبر من ذلك الجانب لانقلبت الموازين كلها طلابه وماتوا لو رأوا أن الطريق مسدود إلا أنه ليس هناك أي معشوق يتصرف مع عاشقه بهذا البغض والحقد ولهلك أما الله الله فإن مثل هذا الظن فيه إثم؛ فهو رحيم وعالم الغيب فإن لم يتكلم هو الا الله ذاته فكيف لأحد أن يوقن بأن ذلك الخفي موجود؟ فهو يذكر أولياءه فلا يشقى في سبيله الله أي سالك أما الفيدا فيرفض هذا الأمر، ولذلك هو عديم الجدوى ولا خير فيه فماذا يفعل أحدٌ بهذا الركام الذي لا يستنطق الحبيب فهل هذا هو إله الفيدا؟! أو هو حجرٌ إذ لا يتكلم مثل الأبكم والأصم؟ فأي فائدة ترتجى من مثل هذه الفيدات؟ فتأملوا قليلا لله أيها السادة

Page 76

فهو يدعي بأن الوحي قد انقطع؛ فلا يتمتع به أحد من الخواص أو العامة أما السالكون فكانوا يبتغونه فبه تنفتح العيون فلو انقطع هذا فكأنهم قد ماتوا وقد ضحوا بالحياة دون جدوى لقد سمعنا الآن ادعاءً الفيدات بأن لا أحد سيتمتع بالوحي بعدها أبدا فهي تدعي بأن هذا الطريق مسدود، فالبحث عنه لا يفيد العارف أي فائدة غافلة فهي عن سنة الرحمن هذه التي يتبعها مع أحبائه فلو كان لها أي خبر من هذا الطريق وكان عندها أي أثر للصدق، لعدّوا الرفض مدعاة الخجل، فيا للخجل ما هذا الذي أعلنه الفيدا؟! فهو لم يُدرك أن الوحي هو الكيمياء، فبه يفوز الإنسان بكنز اللقاء وبه انتشى العارفون وشربوا هذا الخمر، وبه انفتحت عيونهم وآذانهم وهو نعم البديل للمشاهدة، وهذا هو المنبع الوحيد للأسرار وبواسطته نالوا العلوم الدقيقة، وبه قد ذاع صيتهم في العالم الله ذاته يهب المرء الإيقان به، فهو الذي يكشف عليه ذاته بالكلام فحين يُحب الإنسان صديقه، يجد اللذة في التحدث معه فالتكلم مع الحبيب غذاء للمحب، لكنك ترفض ذلك ولا يهمك فليس لك أي خبر من هذا الطريق، فلست مطلعا على هذا أيها الغبي والله رءوف وكريم وقدير، وليس له أي نظير إذا كنا فداء لذلك الرب الجليل، فلن نواجه أي خسارة ولا ذلة ولا هوان

Page 77

2097 فبهذا نال نانك الفلاح والنجاح، فكان فداء لذلك العلي الله من صميم فؤاده - أخبر في الإلهام ستجدني في الإسلام فمن المؤكد أن نانك كان ملهما حتما، فلا تثق بالفيدا أيها المغتر لقد وهب الله له المعرفة والعلم الذي ليس له أي أثر في الفيدات فقد اندفع إلى مكة وحده تاركا الهندوس ومعرضا عن الهند فتوجه إلى الكعبة قصد الطواف حولها، فأصبح مسلما طيب القلب دون مراء فتلقاه الفضلُ الإلهي ونال العزّ في كلا العالمين فلو هجرت أنت أيضا بلد الأهواء هذا لوهب لك أيضا هذه المرتبة لكنك لا تتحمل ولا للحظة واحدة أن تبتعد عن الزوجة والأولاد أما هو فكان يتجول هائما كالمجانين فلم يكن يهدأ له بال ولا يطمئن قلبه فكل من ألقى عليه نظرة قال بأن أمرا ما يتجلى في عينيه كان في صدره لوعة من الحب، فكان قلبه الملتاع يجعله مضطربا فظل يهيم قلقا ملتاعًا، طورا في الشرق وتارة في الغرب فالطيور أيضا تستريح والمجانين هم الآخرون يستريحون أما هو فلم يكن يستقر في مكان ولا للحظة واحدة، فقد أدّى حق العشق لقد سأل أحد العاشق أن يصف له وصفة توقظه طول الليل،

Page 78

فقال إن علاج النوم الألم واللوعة والحنين، فأين النوم إذا شَحِبَ وجه أحدٍ من الحنين والشوق فالعيون التي لا تدمع ليست جديرة بأن تُسمى عيونا، كما أن القلب الذي لا يلتاع ليس قلبا فلماذا تضيع الوقت بالإنكار؟ وكيف لك معرفة كنه العشق؟! فاسألني أنا وقلبي عن هذا السر، ومن عسى أن يسأل غير العاشق؟ فالذي يرضى بأن فالذين يخسرون من أجله يجدون والذين يموتون هم الذين ينالون الحياة يواجه الدمار من أجل الله فهو سعيد الحظ وهو العزيز الوحيد الذي لا شريك له وليس كمثله شيء فحتى لو ضحيت بروحي في سبيله لما تمكنت من أداء حق الشكر أعود إلى ذكر العباءة بشيء من التفصيل مرة أخرى فإنني أحبها كالحياة فاقرأ أيها الشاب "جنم ساكهي" قليلا؛ فقد كتب فيه إن ما كتب على العباءة إنما كتبته القدرة الإلهية، فقد كتبه الله نفسه بفضله وكرمه "نجد" بوضوح وإنما ملخص ذلك أن الله أحد، وأن محمدا نبيه البار المقدس وبدون هذا لا تتطهر القلوب، كما لا يمكن التخلص من الحزن فهذا هو المعيار للبحث في الدين وقد تبيّن الصديق من الدجّال فتأملوا قليلا أيها الأحبة إذا كنتم ،منصفين، فكل هذا النزاع ينحسم هذه الساعة

Page 79

4117 فحين أرادوا أن يخلعوها عن جسم نانك بذلوا جهودا مضنية لكن دون جدوى فقال لهم ابتعدوا خائبين، فإن هذه الخلعة من يد الله الخالق فهي ليست من البشر حتى يقدر البشر على خلعها، وإن كلام الله يلمع عليها كان قد دعا الله قائلا: يا ربي، دلني على سبيلك لطفا منك فكانت هذه العباءة ثمرة دعائه، فكانت كلها من يد قدرة الله فقد توفي ذلك الولي وخلفته هذه العباءة، فكان يريد النصيحة وقد حقق الهدف فعده من الموتى خطأ فادح، إذ قد التحق ذلك القلب الحي بالأحياء لقد فقد جسمه وبقى هذا الأثر، فابك قليلا بالنظر إليها أين المحبة وأين الوفاء؟! كيف تُعَدُّ عباءة الأحبة سيئة؟! فمن علامات العاشق الوفي أنه حين يرى رسالة حبيبه فداءً يلصقها بعينيه له، وهذا هو دين العشاق دوما أما الذي ليس في قلبه أي حب فهو لا يرغب في مثل هذه الأمور النهضوا فأحضروا آلة التصوير بسرعة والتقطوا لهذه العباءة صورة واضحة فهذه الدنيا ليس لها الدوام وإن مصير كل ما سوى الله الفناء فأسرعوا إلى التقاط الصورة؛ فهناك خطر ، ونريد أن نحفظ صورتها عندنا هذه العباءة التي عليها العبارة بيد القدرة الإلهية هي المرشد والهادي

Page 80

لقد كتب "أبجد" نفسه بجلاء أنها كلام الله بلا مراء فقد كتبه الله القدوس نفسه ذلك الحي القيوم والغفار وكيف يكون ما كتبه الله ل خاطئا؟! فهو كلام الله الصافي وهذا هو الطريق الذي نسيتموه، فقوموا أيها الأحبة ولا تضيعوا الطريق الآن فهذا نور الله قد جاء من الله، فضمها بعينيك يا صاحبي أيها الناس إنكم لا تعرفون شيئا، فتفكروا في ما أقول لكم وادرسوه إن هذا الزمن يسوده العناد، والكل يكذب الحق فورا أحد الحديث عن سبل الدين إلا من كان تقيا سعيدا يسمع أما الآخرون فيفيضون عناداً كلُّهم، ويحبون الغرور والفساد فلا فهم يختلقون مجرد أكاذيب، وليس في كلامهم أي نور أيها المتبجح، أي نقص بقي في تبيان الحق بعد هذه العباءة حتى لا تكاد تتوجه إليه؟ أنت تخاف الناس يا عديم الكفاءة، فلماذا لا تخاف الله؟ إن هذه العبارة على العباءة كاللسان فاستمعوا إلى ما يقوله هذا اللسان: وهو أن الإسلام وحده دين الله ومن كفر به فعاقبته وخيمة وإن محمدا الا الله سيد الرسل كلّهم ، والذي يعاديه فهو كالميت ينبغي أن تستحيي من العباءة قليلا، فانظر أيها الظالم إلى ما ترتكبه فقل ما يحلو لك، لكن حذار أن تقول قولا ليس فيه إنصاف فإن الله يحب طالب الحق، وإن الذي لا يقول الحق ولا يصدق فليس بإنسان

Page 81

فقولوا أيها الإخوة ما ستقولون عندما سيسألكم الله ويحاسبكم أنا أقول لك شيئا أيها السعيد، فاستمع إلى كلامي بكامله: وهو أن هذه العباءة بالتأكيد مليئة بأنوار فالتمرد بعيد جدا عن الوفاء سنريكم العباءة مفتوحة فأجيبوا بكلامكم 10 فهذه العباءة وحدها بقيت علامة للمرشد الذي كان رفيقا بالخلق لُفت الأقمشة الغالية الفاخرة ،والذهب وإنما هي فخار السيخ فعليها هي الذي يتباهون به هذه كانت عماد الملك والثروة، فلما ارتكبوا أعمالا سيئة تدهوروا بها فانبذوا الآن لله كلّ حقد وبغض، وتأملوا قليلا في هذه الأمور بأمانة ذلك الصدق والحب والعطف والوفاء الذي كنتم تعلنونه بحق نانك أبدوا اليوم قليلا من أثره، وإن كان فيكم أي صدق فأسرعوا إلى هنا فقد أراكم "المرشد" بعمله فسيروا في الطريق الذي بينه لكم فأين الذين يدعون أنهم تراب وطئته قدما نانك، والذين يفدونه بأرواحهم من أجله؟ أين الذين يتقبلون الموت من أجله ويقتفون آثاره ويتأسون بأسوته؟! أين الذين هم فداء له ويُطأطئون رءوسهم حبا؟! أين الذين يتحلون بالصدق والثبات تجاه المرشد وكأنهم بذلك يفوزون بالدر والزرع أين الذين حين يكسبون منه شيئا يفدونه عشقا ؟!

Page 82

أين الذين يفيضون ألفة وأين الذين يستعدون لمواجهة الموت من صميم الفؤاد ؟! أين الذين هم يبتعدون عن العناد ويفيضون بحب لنانك؟! أين الذين يتحمسون في هذا السبيل وهم ينتشون بحب غورو وعشقه؟! أين عشاق نانك؟ أين ذهبوا، فقد قرب الامتحان؟! من لا يسلك الطريق الذي كان غورو فداء له فليس من أتباعه إذا فوت الإنسان فرصة سانحة فلا بد من الندم والتحسّر غدا فليست المروءة والرجولة بالسهم ،والسيف وإنما الرجل من سلك مسلك الرجال ألا فاسمعوا النداء من كل صوب أن كل شيء ما خلا الله باطل فأنتم ونحن ضيوف لأيام، فقد نرحل اليوم أو غدا ولا ندري لعل النداء يأتي حالا إن غورو اتخذ هذه العباءة شعارا له وأظهر أنه فداء لهذا المسلك فكيف يرضى عن هؤلاء الأشقياء الذين لا يمتون إليه بصلة، وإذا قبلتم قول غورو هذا فسوف تُرضونه بتطهركم فالذين يضيعون طريق الحق هم حمقى ويرثون الشرف عبثا فليتدبروا ماذا كتب مرشدهم وما الذي أعلن في وصيته ألا إنما هو أننا ندين بدين الإسلام ونؤمن بصراط محمد ﷺ فاستيقظوا أيها النوم فقد آن الأوان، وإن مرشدكم قد فهمكم وإن لم تفهموا الآن فسوف تندمون، وتذوقون عواقب أدعية غورو عليكم

Page 83

رسم عباءة باوا نانك کہاں ہیں جو ہر تے مرا ت کا دم اطاعت براستہ کو بنا کر قدم ادر بین بین یہی پاک حوالہ جہانگیر ہے راه ریست زور صداقت خوب و بهار با اش ہو گیا تا است مار دین امده اید جدا بعد استردادی جیب نظر پڑتی ہے اس جوانہ کے ہر ہر لفظی سامنے آنٹیوں کے آجاتا ہو و انفراسة والقيم ب الناس يخلون استغفره انه كان توابا ادر فوج داخل ہوتے ہیں میں وہ اپنے سب کوریا کچھ سکے دیکھو اپنے دیں تو کسی کی صدق ہے کھلا گیا؟ وہ بہادر تھا نہ رکھتا تھا کسی تیمن سے ڈر أين الذين يدعون ألفة وحبا بجعل الرأس قدما بدافع الطاعة ترجمة أبيات أردية للمسيح الموعود اللي مكتوبة على جوانب رسم العباءة.(المترجم) السلام لكرة المامون الى الدراما KOLD

Page 84

تعالوا انظروا إلى هذه الصورة فهذه هي العباءة فاتحة العالم.واها لقوة الصدق فقد أبدى التأثير جيدا إذ قد أصبح نانك كله فداء لدين أحمد عندما يقع النظر على كل حرف من هذه العباءة، يمثل أمام العيون ذلك الجوهر الغالي انظروا بأي صدق أظهر دينه فكان شجاعا لا يخاف أحدا تاريخ العباءة بإيجاز لقد ثبت من كتاب "ساكهي جوله صاحب" أنه حين توفي باوا نانك المحترم ورث هذه العباءة خليفته الأول "أنجدُ" فلفها حول رأسه عند جعل خليفة لغورو وحفظها عنده بمنتهى الإجلال والتعظيم، فظل كل خليفة يضعها على رأسه عند تلقيه هذا المنصب بعدها مباركة حتى زمن المرشد الخامس أرجن داس، وصارت هذه العادة عندهم كفريضة؛ أنهم كانوا يضعون هذه العباءة على الرأس في المحافل العظيمة وفي المهمات الجليلة وكانوا يتبركون بها.ذات يوم في أثناء بناء بركة في أمرتسر في عهد "أرجن داس" حيث كان كثير من السيخ المخلصين مشغولين في أعمال الحفر، قال "أرجن داس" للعامل "طوطا رام" الذي كان هو الآخر مشغولا في حفر الأرض وكان يكن إخلاصا كبيرا لأرجن داس: أنا راض عنك فاطلب مني ما تريد وسأعطيك.فقال له الرجل: أعطني "سكهي دان" أي هب لي شيئا يساعدني على أمور الدين، ففطن "أرجن" إلى أنه يطلب العباءة، لأنها فقط تشمل الوصايا الدينية، فقال: لقد طلبت كل

Page 85

XTVX متاع بيتنا، ثم أخذها عن رأسه وقدَّمها له قائلا تفضّل، إذا كنت تريد الهداية فهذه تضم كل أنواع الهداية.لكن العباءة نفسها بعد مدة عادت إلى كابلي مل وهو من سلالة باوا نانك المحترم، وإلى الآن هي محفوظة عند أفراد عائلته بموضع ديره نانك في محافظة غورد اسبور في البنجاب كما قد ذكرنا بالتفصيل.لقد بني لهذه العباءة بيتا كبيرا شرقي "ديره نانك" شخص يدعى "عجب خان سنغ"، وفيما يلي أسماء بعض الذين لفوا العباءة بمناديل فاخرة كما عرفنا: راجه صاحب سنغ، راجه بهوب سنغ، نروان بريتم داس، راجه بنا سنغ راجه ،تیلا هري سنغ ،نلوا عجب سنغ ديوان موتي رام، راجه صاحب بتياله، سردار نهال سنغ جهاجي، وكذلك برهما من شكار بور هذه دكن، وكشمير وبخارى وبومباي وغيرها من البلاد.فالناس من البلاد إلى الآن ظلوا يضعون المناديل الفاخرة على العباءة، ويُقام لها كل عام معرض يأتي إليه الناس من البلاد البعيدة، ومئات الناس من السند وبخارى أيضا يجتمعون ويُحَصِّلُ دخل من آلاف الروبيات.ففي بخارى 1 يقول الناس لباوا نانك؛ نانك المرشد.ويعدونه ناسكا مسلما، وكان ذلك أنه أقام في هذه البلاد كمسلم ،علنا وتمسك بفرائض الإسلام ملحوظة: لقد ذكر شخص عاد إلى بلده بعد إقامته عشر سنوات في بخارى أن باوا المحترم يدعى في هذه الأيام "باوا ننو" فلا أحد يعرف كلمة نانك.كما يقول محمد شريف البشاوري بأن في كابل مقامين مشهورين جدا لنانك أحدهما بيت يقع على حوالي عشرة أميال من كابل ومشهور باسم "خواجه سراي"، والمقام الثاني في "قلعه بلند" على بعد ثلاثين ميلا من كابل ومعظم السكان هناك يعدونه مسلما.منه

Page 86

مثل الصلاة والصوم كمسلم تقي ورع فمن الجلي الواضح أن سكان هذه البلاد يكرهون الهندوس طبعا بصفة عامة ويعدونهم كفارا وملحدين، فكيف كان يمكن أن يُكرموا باوا المحترم ويعظموه دون التأكد من إسلامه.فالخلاصة أنه مشهور جدا بين سكان بخارى أن باوا نانك المحترم كان مسلما، وقد نظم سيد نانك بعض الأبيات باللغة الفارسية ليقرأها عليهم، ومنها هذا الشعر الذي تعريبه "أود أن ألتمس منك أيها الإله القادر؛ فاستمع لي فأنت حقا كريم وكبير ومنزه عن كل عيب" غاية القول أن هذه الأدلة على أن هذه العباءة في الحقيقة من نانك كافية وشاملة ،ومقنعة وأن هذه العباءة نفسها مذكورة في جنم ساكهى "أبجد" و"بالا" الذي أُلف في الزمن نفسه أما الإثبات الثاني فهو ذلك " الذي الكتاب الذي بأيدي أولاد كابلي مَل الذي يُسمى "جوله ساكهي" قد ورد فيه أن نانك المحترم كان قد تلقى هذه العباءة من الله، كما ذكر هذا الكتاب أن جميع الغوروهات (المرشدين الذين جاءوا بعده كانوا يتبركون بها، وهذا يشكل إثباتا ثانيا أن هذه العباءة كانت لنانك المحترم نفسه، التي ظُن منذ البداية أنها مباركة جدا، وأنها من الله تعالى.الإثبات الثالث أن هذه العباءة حائزة على التعظيم والإكرام منذ أربعة قرون على التوالي، فهذه حالة واقعية ظلت تثبت في كل زمن بانتظام وعُقدت معها ترجمة بيت فارسي (المترجم)

Page 87

197 مهرجانات ومعارض منذ القدم، كما أن من الثابت أن الزعماء والراجات لقوها بأقمشة فاخرة، فهذا الإثبات أيضا رفيع المستوى، وإن الزعم مقابل كل ذلك أن قاضي بخارى كان في الحقيقة قد أهدى هذه العباءة لباوا المحترم احتفالا بأفراح الفتح لزعم سخيف وباطل وواه، ومكر مفتر عنيد ومتعصب وخائن، وهو يعارض بيان جنم ساكهي بالا ولم يوثق هذا الزعم من أي كتاب.بل الواقع أن جنم ساکھی لأنجد وبالا يسودان وجه هذا المفتري، والأسف على أن هذا المفتري نسي طريق البحث عند نحته هذا الافتراء الشنيع البشع جدا، لأنه كان يجب عليه قبل هذا الزعم أن يُثبت أن في المسلمين عادة سائدة أنهم عندما أحد يقدمون له عباءة، ولا يتصور أن مثل هذه العباءة كانت يهزمهم موجودة سلفا عند أي قاض، وسلبها منه باوا المحترم قسرا بانتصاره عليه، لأن هذا الأمر لا يمت إلى الفتح بشيء أنه إذا انتصر أحد في مناظرة دينية فيجوز له أن يستولي على أثاث بيت المهزوم ثم إن فكرة الانتصار هي بحد ذاتها باطلة تماما، فلو كان باوا المحترم يحارب المسلمين في الأمور الدينية وكذَّب الإسلام في كل مكان لما احتج المسلمون عند وفاته ولما اختصموا بأنه كان مسلما ولما اجتمع مئات المسلمين ليصلوا عليه الجنازة.فالجلي أن الذي يجادل في الدين لا يبقى أي التباس في كونه عدو الدين، فإن كان باوا المحترم في الحقيقة عدو الإسلام فلماذا صليت عليه الجنازة، ولماذا أرسل رسالة إلى مسلمي بخارى في أيام مرضه الشديد

Page 88

وطلب منهم أن يحضروا عاجلا للمشاركة في جنازته لأنه لا ضمان للحياة، فهل صلى أي مسلم جنازة على أي قسيس أو بانديت بعد وفاته؟ أو خاصم في ذلك؟ فهذا برهان ساطع على أنه لم يكن يُعادي الإسلام قط بل كان مسلماً ، ولذلك كان العلماء والصلحاء المسلمون يحبونه، وإلا فإنشاء علاقة المودة والحب مع أي كافر ليس من عمل أي سعيد.ما زال أفراد العائلة الجشتية يرددون أشعاره بشكل عام، التي مدح فيها الإسلام والنبي ﷺ وأثنى عليهما.ولما تناقلت هذه الأشعار بالروايات عبر الأجيال، لهذا فهي أجدر بالثقة والاعتماد من أشعار غرنته التي كُتبت بعد مئتي عام بلسان عامة الناس، فمنها البيت التالي: أي إن راحتي تكمن في النطق بشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله" ولا أرتاح بدون ذلك، فحيثما تذكر هذه الكلمة الطيبة تتهيأ بها كل أنواع الراحة.وهذا اليقين يزداد أكثر حين نلاحظ أن باوا المحترم قد عاش مدة طويلة في البلاد الإسلامية وأحبه جميع المسلمين، بل منحوه لقب "نانك المرشد."" وكان من المستحيل أن يحدث ذلك ما لم يُظهر ملحوظة: من منتهى الوقاحة أن المرء إذا لم يملك إثباتا خطيا يدعم ادعاءه و لم يكن عنده أي كتاب يُثبت أن هذه القصة تنافي رواية ثابتة ومخالفة لكتاب في ذلك العصر؛ أن يختلق مثل هذه القصة الزائفة بدافع العناد الديني البحت.منه من المفيد للقراء أننا لا نملك فقط الأدلة التي ذكرناها إلى الآن على إسلام بانا نانك المحترم، بل هناك كتب كثيرة قديمة للسيخ تُثبت بجلاء اعتناق باوا المحترم الإسلام، فمنها "واران" لبهائي غورداس الذي ورد في الصفحة ١٢ منه:

Page 89

"ثم توجه بابا (أي نانك المحترم إلى مكة مرتديًا ألبسة زرقاء بصفته وليا حاملا بيده العصا، ومعلّقا الكتاب أي القرآن الكريم في عنقه وحاملا الكوزة والسجادة، وهناك رفع الأذان وجلس في المسجد حيث يؤدي الحجاج مناسك الحج" (واران بهائي غورداس، المطبوع في مطبعة المصطفائي بلاهور، صفحه ١٢ عام/سم ١٩٤٧).جدير بالتأمل أن عادة ارتداء اللباس الأزرق وأخذ العصا باليد، وأخذ الكوزة والسجادة، وحمل القرآن الكريم في العنق، والانطلاق إلى الكعبة المكرمة، والوصول إليها بقطع مسافة آلاف الأميال والإقامة هناك عند المسجد ورفع الأذان؛ هل هذا كله من علامات المسلمين أم الهندوس؟ الواضح أن المسلمين فقط يتوجهون للحج لابسين لباسا أزرق، وأخذ العصا أيضا من شعار المسلمين، وحمل السجادة أيضا من عمل المصلين، وحمل القرآن الكريم معهم أيضا من دأب المسلمين السعداء.وإن قلتم إنه اتخذ هذا اللباس والنهج مكرا وخداعا فقولوا أنتم بإنصاف وعدل هل يقبل ضميركم ونور قلبكم بحق باوا المحترم أنه رغم إخلاصه مع الله لم يكفّ عن المكر والخداع، وظل متمسكا بالهندوسية باطنا وإنما تظاهر بالإسلام وتوجه إلى مكة مع الحجيج كالمتنكرين؟ لا أريد أن أركز الآن على أن هذا الطريق بعيد جدا عن سلوك إنسان صالح، بل أقول بأنه إذا قام بمثل هذا التصرف الماكر صاحب السلوك العادي فهو الآخر يستحق اللوم.فمثلا إذا لبس أحد المسلمين "زنارا وتوجه برفقة الهندوس إلى نهر الغانج واضعا على جبينه العلامة الخاصة بالهندوس متأبطا بعض الأوثان ورافعا هتاف "عاش الغانج، عاش الغانج" وبعد الوصول إلى هناك اغتسل فيه؛ فلن أعدّه إنسانا صالحا حتى لو كان في قلبه مسلما، لأنه لو توكل على الله الله السعى لتحقيق أهدافه كلها مستعينا بالله لا باللجوء إلى أي مكر وخداع.* من أسماء القرآن الكريم "الكتاب" أيضا، كما يقول الله : الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ (البقرة: ٢-٣) لَا رَطْب وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَاب مبين.(الأنعام: ٦٠) بحسب التقويم البكرمي الهندوسي.(المترجم)

Page 90

فلا يمكن أن يرضى أحد الطيبين بإنسان يترك شعائر الدين لبعض أهدافه النفسانية، فإذا كان باوا نانك المحترم قد ذهب إلى مكة متظاهرا بالإسلام خداعا، فمن المحتمل جدا أنه اضطر مرات كثيرة في الطريق للكذب على أفراد القافلة، وكان يقول لكل واحد كذبا بأنه مسلم وللتأكيد على ذلك كان ينطق بالشهادتين أيضا بدافع الرياء، وكان يُصلي خمس مرات يوميا، فمن البديهي أن من يخرج مع المسلمين مسلما في الظاهر لا يمكنه الامتناع عن الصلاة، ولا سيما إذا كان قد خرج مع الحجيج إلى الكعبة المشرفة، فأنى له أن يمتنع عن الصلاة جماعة، وأن لا يسأله أفراد القافلة عن غيابه عن الصلاة؟ فالخلاصة أنه من المستحيل على إنسان صالح أن يصدر عنه خداع مكروه جدا فيبقى مبطنا هندوسيته وينطق في الظاهر بالشهادتين ويصوم ويتوجه مع المسلمين لأداء مناسك الحج.بل إن هذه التصرفات تصدر حصرا من الذين لا يؤمنون بالله له ويعيشون كالمتنكرين من أجل أهوائهم.فمن الأفضل أن السادة يتدبر السيخ هذا الوضع لدقيقة واحدة ليدركوا إن كانت هذه التصرفات التي تلصق بسلوك إنسان بار وصمة عار أم لا.إن الصادقين يعيشون بمنتهى النقاء والبساطة، فهم بطبعهم يكرهون مثل هذه الخداعات التي تؤثر سلبيا في إخلاصهم، وقد كتبتُ سابقا أن الزعم بأن مكة انتقلت إلى قدمي باوا المحترم افتراء شنيع جدا.ويبدو لي أن هذه الأقوال السخيفة أُضيفت إلى الكتاب حين اشتهر حج باوا المحترم كثيرا، فلو أضافوا بعض الأمور عقلا لكان من المحتمل أن ينخدع بعض الناس، لكن لا أحد من الناس يقبل هذا الكذب غير المعقول في العصر الحاضر.لا أستطيع أن أتفق مع أولئك الذين يقولون إن باوا المحترم لم يذهب إلى مكة؛ لأنه إذا لم يكن هناك شيء من الصدق في قول فلا يمكن إدراجه في سيرة إنسان مشهور افتراء، لأنه تجاسر يستحيل أن يُجمع عليه مئات الآلاف من الناس.أضف إلى ذلك أنه لا يُستدل على ذهاب باوا المحترم للحج من كتب السيخ ،، بل إن كثيرا من أفراد العائلة الجشتية الثقات ينقلون هذه الرواية جيلا بعد جيل أن باوا نانك المحترم كان بالتأكيد قد سافر إلى مكة للحج، فكيف يمكن أن يكون الحادث العظيم الذي يتفق على حدوثه السيخ والمسلمون كذبًا تماما، إلا أن الزوائد فقط،

Page 91

التي أضيفت لاحقا فهي لا تخالف الروايات الإسلامية فقط بل هي تُعادي العقل والقياس والتاريخ أيضا، فهي بلا شك افتراء وكذب، ومن الأفضل أن يُخرج السيخ هذه الزوائد الباطلة المضافة حتى الآن من "جنم ساكهيات"، لأن هذه القصص الباطلة الناجمة عن التعصب وصمة عار على الأحداث الصحيحة، ولن يقبلها أي متفرس في هذا العصر الراهن المتقدم.فلو تحدَّث أي مسلم عن هذه القصص بحق "تيرتهات." الهندوس وأماكنهم المقدسة أو مقاماتهم ومزاراتهم، فهل كانت ستؤدي إلى شيء غير كسر الأفئدة؟ فإذا كانت الأمور العقلانية لا تجدر بالقبول في المحاكم دون إثبات مقنع فأني لهذه الأقوال السخيفة البذيئة التى تعادي الإثباتات التاريخية أيضا أن تُقبل؟ ثم ورد في "واران" بهائي غورداس نفسه أن بابا نانك حين ذهب إلى بغداد رحاله خارج المدينة وكان برفقته شخص آخر يُدعى بهائي ،مردانه، فرفع نانك الأذان فصلى الصلاة.(راجع) واران غورداس الصفحة ١٣، المطبوع في مطبعة المصطفائي في لاهور، سم ١٩٤٧) ثم ورد فيه وفي "جنم ساكهي بهائي مني سنغ" أن بابا نانك قابل في بغداد بير دستغير الدين، أي السيد عبد القادر الجيلاني وتحدث معه طويلا.(راجع جنم ساكهي، بهائي مني سنجهـ، الصفحة ٤٢٦، المطبوع في مطبعة المصطفائي في لاهور، سم ١٩٤٧).فليتدبر القراء الآن بأنفسهم أن باوا نانك المحترم كان قد ولد بعد وفاة السيد عبد القادر الجيلاني له بأربعمائة عام، فكيف حدث هذا اللقاء بينهما؟ فما أشنع هذا الكذب! باختصار، بعد نبذ كل هذه الافتراءات تتبين الحقيقة حصرا أن باوا المحترم كان قد ذهب إلى مكة حتما لأداء الحج، ثم توجه إلى بغداد أيضا لزيارة ضريح السيد هي مغاسل يبنيها الهندوس عادة على ضفاف الأنهر المقدسة ويتوجهون إلى هناك للغسل تبرُّكا.(المترجم)

Page 92

٢٧٤٠ باوا نانك المحترم إسلامه في تلك البلاد وملخص الكلام أن هذه العباءة التي تملكها عائلة كابلي مل وسيلة رائعة للتمكن من معرفة أسلوب حياة باوا المحترم وملته ومذهبه، إذ من المتعدّر أن يكون أفضل منها، ولقد فكرتُ كثيرا في هذه الوسيلة وظللت أفكر فيها لمدة أيام كثيرة وأخيرا توصلت إلى أن هذه العباءة وسيلة رائعة للاطلاع على أوضاع باوا المحترم أن يفتخر بها السادة السيخ.لا شك أنهم إذا كانوا يحبون باوا المحترم بصدق فيتحتّم عليهم أن لا ينظروا إلى هذه العباءة الجليلة باستخفاف بل يجب أن يعدّوها ثروة الافتخار لأنهم يعلمون أن غرنته دون بعد مضي مدة طويلة أي بعد مائتي عام، وعلماء غرنته يعترفون بأن أشعارا كثيرة فيه قد نُسبت إلى باوا المحترم مع أنها ليست من وفي هذه الحالة لا يمكن أن يعد غرنتهـ الراهن جديرا بأن تؤخذ منه الداخلية وينبغي نظمه، عبد القادر الجيلاني الله أيضا.أما الزوائد التي أضيفت إليها فيكفي دليلا على أنها كاذبة ولا أصل لها، أنها لا تنافي العقل فحسب، بل الواقع أيضا.فلن يُصدقها إلا من فقد صوابه تماما، فالأسف على أن مضيفي الكذب هؤلاء لو كان لهم أدنى إلمام بالتاريخ لاستحيوا عند الكذب الصريح هذا.فكم يبعث على الضحك أقوال تذكر لقاء باوا نانك المحترم مع قارون و باوا فريد شكر غنج" وهي مسجلة في جنم ساكهيات فكل واحد يعرف أن قارون كان رجلا ثريا بخيلا في زمن موسى العلمية الا وقد مضى على موته أكثر من ٣٠٠٠ عام فكيف قابله باوا المحترم؟ كما أن باوا فريد المرحوم قد غادر هذا العالم قبل ولادة باوا نانك المحترم بمائتي عام، فما هو المراد من لقاء باوا المحترم معه؟ فكل هذه الأمور تُثبت أن كُتب الجنم ساكهي تضم افتراءات باطلة كثيرة لكتمان الحق والمغالاة في المدح.منه

Page 93

Vo شهادة قاطعة عند بيان حياة باوا المحترم القطعية اليقينية، إلا أن العباءة حائزة على هذا الشرف والمنزلة التي لم يتلقها خلفاء باوا المحترم بعد مائتي عام بل قد أخذوها من يد باوا المحترم، وهي محفوظة باهتمام و تشريف بتواتر تاریخی منهم لقد سمعت أن بعض السيخ غير راضين عني بل عاتبون علي أشد العتاب بسبب كتابتي هذه لأني قلتُ بإسلام باوا المحترم، لكنني أرى أنهم لم يستوعبوا الدلائل التي استدللت بها على إسلامه، فليعلموا أني لستُ من عدَّ باوا المحترم مسلما بل إن أقواله الطيبة وأفعاله الطاهرة تدفع كل منصف إلى إبداء الرأي الذي أبديتُه فالهندوس أكثر بكثير من السيخ عددا، وقد يفوق عدد بانديتاتهم عدد السيخ كلهم.مع ذلك لم أبدِ رأيي بحق أحد أن البانديت الفلاني كان مسلما في الحقيقة، لأنني أراهم أعداء الدين في الحقيقة وإن الصلاح الذي نُسميه إسلاما لا يوجد فيهم ولو بجزء من الألف، أما إسلام باوا المحترم فلا نستطيع كتمانه بأي حال حتى لو أغمضنا عيوننا.لقد وجد المعتقدات الإسلامية صادقة وصحيحة وحقة فعلا، وشهد عليها في أشعاره، كما اعترف صراحة في أبياته أن النجاة تتوقف على النطق بشهادتي لا إله إلا الله محمد رسول الله.وبايع مشايخ الإسلام وعكف عند أضرحة الأولياء أربعين يوما، وصلى وصام، وحج حجتين، وترك عباءته وصيةً للأجيال القادمة، وإن لم يعترف أحد بإسلام باوا المحترم فهو ظلم ما بعده ظلم لا شك أن إسلام باوا المحترم

Page 94

يتحقق من خلال قوله وفعله مثل الشمس في رابعة النهار، يجب أن ينظر إليه كل مسلم باحترام وإجلال ويعدّه من الإخوة المسلمين.إلا أن من الحق أن باوا المحترم لم يكن يؤمن بنزول المسيح ابن مريم وحياته، بل كان يؤمن بالبروز المعروف والمسلم به عند الصوفية، أي أحيانا تنزل في العالم روح تشبه روح الصلحاء الأسلاف، وترتبط بهم جدا.وهذه الروح النازلة لا تكون منسجمة مع تلك الروح فحسب، بل تكون مستفيضة بفيضها، ويُعدّ نزولها في هذا العالم نزول تلك الروح بعينها، وهذا ما يُسمى في مصطلح الصوفية بروزا، فباوا المحترم كان يؤمن بهذا البروز.فعباءة باوا المحترم تتضمن نصا أن الله هو الإله الحق الذي ليس له أب ولا ابن ولا كفء، ولقد ضمَّن هذه الإشاراتِ الكثيرة أشعاره أيضا، فليس من المستبعد أن باوا المحترم كان قد اطلع في الكشف أن النصارى ستكون لهم السيطرة على بلاد الهند هذه بعد ثلاثمائة عام، وستروج هذه العقائد، فقد فهم أتباعه نصيحةً أنهم إذا وجدوا زمنهم فليجتنبوا دينهم لأنهم يعبدون المخلوق وبعيدون وغافلون عن الإله الحق الكامل، وإن الإله الذي أراد باوا المحترم أن يجذب إليه الناس من خلال أشعاره، لا يدل عليه الفيدا ولا إنجيل النصارى المحرَّف المخرَّب، بل يتجلى ذلك الإله الكامل القدوس في آيات القرآن الكريم المقدسة.فسأكتب الآن مثلا وأنوي في المستقبل أن أثبت أن كل موضوع رائع متميز وارد في جميع أشعار باوا المحترم مستمد من القرآن الكريم حصرا، وليس ذلك فحسب

Page 95

بل قد جعله عقيدة له، وأعتقد أن السادة السيخ لم يتدبروا كافيا في أقوال باوا نانك المحترم وأفعاله قط وإلا كيف أوقن بأنهم لو كانوا قد ألقوا نظرة شاملة وعميقة على أقواله وأفعاله وأسلوب حياته ورأوا كل أقواله وأفعاله بنظرة موحدة ما توصلوا إلى النتيجة التي أوصلني الله إليها.إلا أنني آمل الآن أن يدفع كتابي هذا كثيرا من الأشراف وطاهري القلوب إلى الانتفاع من جميع هذه الحقائق التي سجلتها في هذا الكتاب، فإذا انتفع من عباراتي هذه سعيد واحد فقط وتخلى عن الأخطاء التي كان مصابا بها فسوف أنال أجره.الدليل الثاني على إسلام باوا نانك هو اعتكافاته عند قبور الأولياء والصلحاء المسلمين المشهورين قصد الاستفاضة لقد تبين لنا من خلال البحوث أن باوا المحترم كان قد عكف على زيارة الشاه المرحوم عبد الشكور لأربعين يوما بموضع "سرسه"، وقد بنى معتكفا بجوار المسجد على طريقة الصلحاء المسلمين وظل يؤدي فيه صلاة النفل، أما الصلوات المكتوبة الخمس فكان يُصليها في المسجد جماعة، ولهذا السبب كان قد بني معتكفه جهة القبلة ليكون على شاكلة "مسجد "البيت وهذا المكان للعبادة على انفراد اشتهر فيما بعد بـ "معتكف باوا نانك".والسيخ من البنجاب والسند يأتون لزيارة هذا المعتكف وفودا، ويُهدون مبالغ كثيرة ينالها الحراس المسلمون المعينون على

Page 96

بني مزار الشاه عبد الشكور لأن باوا المحترم كان قد قام بهذا الاعتكاف بقرب هذا المزار، لأنه كان يوقن إيقانا راسخا بكون الشاه عبد الشكور وليا كاملا وكان يُدرك أن بركات الله الله تنزل عند مقامات الأولياء.وإن الأرض التي يرقد فيها عباد الله الأحبة مباركة جدا، ولهذا الهدف كان قد مكانا للعبادة على انفراد بقرب هذا المزار.لقد أرسلنا أحد مريدينا المخلصين "الدكتور محمد إسماعيل خان المحترم" إلى المكان المعين بهدف البحث وتقصي الحقائق، فأرسل إلينا وثائق البحث المقنعة جدا؛ فمنها خريطة المعتكف، وقد سجلت في الكتاب الذي أعده نائب المهندس "المنشي بختاور سنغ" بمنتهى التحقيق.لقد تبين من الوثائق الآتية أن باوا نانك المحترم كان قد اعتكف عند مزارات بعض الصلحاء المسلمين المشهورين الآخرين أيضا، فمنها معتكفه عند زاوية حضرة "معين الدين الجشتي" بموضع أجمير، ومعتكفه بموضع باكبتن ومعتكفه في ملتان، ولما كان الوقت ضيقا فقد اكتفينا بالبيان عن معتكف وملتان فقط.فقد بينا عن معتكف سرسه سابقا.والخريطة أيضا مبينة في هذا الكتاب، أما معتكف ملتان فتفصيله كما يلي: أوضاع الاعتكاف في مدينة "ملتان" سه سر لقد كلّفتُ أحد أصدقائي الأشراف المتحمّس بطبعه للبحث في مثل هذه الأمور بأن يتوجه إلى ملتان ويتحرى الحقائق في الموقع ويتأكد إن كان باوا

Page 97

۷۹ نانك المحترم قد اعتكف حقا في ملتان أم لا.فاستلمتُ رسالته مع خريطة المكان في ١٨٩٥/٩/٣٠ ، بالبريد وأسجلها هنا بنصها: إلى حضرة جناب المسيح الموعود ومهدي الزمان سيادة الميرزا دامت برکاته، بعد إلقاء التحيات أود أن أقول إني قد تشرّفتُ باستلام رسالتك الكريمة، وقد وصلتُ أنا العبد الحقير إلى ملتان امتثالا للأوامر، في ١٨٩٥/٩/٢٧، فعلمت بتقصي الحقائق أن باوا نانك المحترم كان قد عكف عند القبر المبارك لحضرة شاه شمس تبريز لمدة أربعين يوما على التوالي، وخريطة القبر مرفقة بهذه الرسالة.ولقد شرحت في الخريطة أن البيت الذي يدعى "معتكف يقع جنوب المقبرة.ومع الجدار الجنوبي للمقبرة هناك مكان على شكل باب ذي قوس كُتب عليه كلمة "يا الله"، وبجانبها رسم لليد وفق التالي: يا اللي ويُجمع الهندوس والمسلمون من هذه المنطقة أن كلمة "يا نانك" + ++ رسم صورة الله" هذه كان قد كتبها باوا المحترم بيده، كما كان نفسه قد اليد، وعلى الجدار الأيسر رسم هذا الشكل.وطول هذا المكان أربعة أقدام ونصف وعرضه ثلاثة أقدام ومن المسلَّم به لدى الهندوس والمسلمين في ملتان، أن باوا نانك كان قد اعتكف في هذا المكان أربعين يوما، فالهندوس أيضا يزورون هذا المكان ويعدُّونه مباركا، وكذلك السيخ يأتون لزيارته على الدوام.وداخل هذه المقبرة هناك مسجد أيضا قد أشير إليه في الخريطة، وهو قريب جدا من معتكف باوا المحترم فهو على بعد خمسة أقدام

Page 98

أو ستة فقط.وإن مكان الاعتكاف هذا لباوا المحترم بني تجاه القبلة حيث يبدو أن المعتكف كان يقصد استقبال القبلة وحول المقبرة هناك مكان مسقوف، يسميه سكان هذا المكان غلام غردش" وقد وضح في الخريطة.ومكان عكوف نانك داخل هذا المكان المسقوف.ولقد علمت من بحسيس شاه المحترم زعيم ملتان وصاحب زاوية شمس تبريز سبزواري أن باوا المحترم عندما عاد من الحج جاء مباشرة إلى ملتان ، وعكف أربعين يوما عند القبر ملحوظة: لقد كتبنا في السابق أيضا أن مكان اعتكاف باوا المحترم في "سرسه" أيضا مستقبل القبلة، وقد اطلعنا من خطاب صديقنا الآن أن باوا المحترم قد بنى هذا المعتكف أيضا تجاه القبلة ليسهل عليه استقبال القبلة في الصلاة، كما بناه بقرب المسجد لكي يستطيع أداء الصلوات المكتوبة في المسجد بسهولة، فإن إنكار إسلام باوا المحترم مقابل هذه البراهين النيرة كعد النهار ليلا.م.غ.أ.ملحوظة: سبحان الله ! كم كان هذا الرجل قد تفانى في حب الإسلام وكم كانت الله نار البحث عن والحب الإلهي تشتعل في قلبه وكم كانت هذه النار تضطرم في صدره! فأي شيء كان يسلبه الراحة لهذه الدرجة إذ لم يُرد حتى بعد مكوثه في مكة مدة طويلة أن يعود إلى بيته ويستريح فيه ويلاطف أولاده حبا، بل قد وصل إلى ملتان مباشرة وبدأ المجاهدة والرياضة بجوار قبر شمس تبريز.ينبغي على كل مسلم بالاسم فقط كسلان وغارق في ملذات الدنيا بل على كل شيخ أيضا أن يأخذ الدرس من عبد الله هذا بالتأمل في نشاطه وحماسه وينتبه قبل الموت إذ لن تسنح له فرصة المجيء إلى الدنيا مرة أخرى حتى ينصرف إلى المجاهدات بصدق القلب لنيل رضوان الله الله أيها الأعزة، هذه هي الأيام المعدودات فليفهم من كان فاهما، فاستيقظوا أيها النوم، وإذا كان الليل قد حل عليكم فلا تنتظروا طلوع النهار، وإذا

Page 99

° المبارك للشاه شمس تبريز رحمه الله، وكان يكثر من ورد "هو" من بين أسماء الله، لأن الشاه شمس تبريز أيضا كان يردد هذا وكان يُكثر من ترديد شطر من البيت "بجز یاهو و يا من هو دگر چیزی نمیدانم" أي لا أعرف شيئا سوى "يا هو" و"يا من هو "." الله ، كما صرح بحسيس شاه أيضا أن والد باوا المحترم المسمى "بهائي كالو" وجده المدعو "بهائي سوبها" أيضا كانا من مريدي حضرة شمس تبريز رحمه ولذلك انضم باوا المحترمُ هو الآخر إلى هذه السلسلة.هذا هو تصريح صاحب الزاوية الذي هو زعيم ملتان أيضا، ووفق ذلك قد شهد السيد حامد شاه الغرديزي زعيم ملتان والخليفة عبد الرحيم الذي هو خادم كنتم في وقت النهار فلا تنتظروا الليل، فلن يفيدكم البكاء فيما بعد، ولن تنقطع سراتكم المحرقة للقلوب أبدا.منه ملحوظة: إن قول الدكتور ترمسب : إن فكرة ذهاب نانك إلى مكة تبدو بعيدة عن القياس" ناتج عن قلة التدبر وقلة التفكير فقط، فإذا كان الدكتور نفسه قد سجل في ترجمة غرنته قول باوا نانك بأنه كان يؤمن أن لا أحد يفوز بالنجاة دون شفاعة محمد المصطفى ، فلا تجوز إساءة الظن بإنسان صادق ومؤمن مثل نانك بالقول إن ذهابه إلى مكة يبدو قصة مختلقة.صحيح أن الزوائد السخيفة التي أُضيفت هي من الافتراء المحض بلا شك، لكن ذهاب باوا المحترم إلى مكة للحج موثق بروايات العائلة الجشتية كابرا عن كابر، فقد سبق القول آنفا بل قد ثبت أن باوا المحترم أقام سنتين على التوالي في مكة المعظمة وقد سافر إلى مكة المعظمة مرتين وقام بحجتين، فكيف يمكن إخفاء الأمور الثابتة.م غ أ.

Page 100

خاص يعتني بالمقبرة، حيث يقول: إن هذا الحادث يسرد بالروايات المتواترة ويتفق عليه العامة والخواص والهندوس والمسلمون أن باوا المحترم كان قد التي ما بني بقرب القبر معتكفا وتعبد فيه أربعين يوما، وأن كلمة "يا الله" زالت مكتوبة على الجدار، وبجانبها رسم خمسة أصابع على صورة اليد، تذكاران خطا بيد باوا المحترم بالذات، لهذا يعظم الهندوس كتابة باوا المحترم الأحداث التي عثرنا عليها بتقصى حقائق المكان، ورسمه جدا.هذه هي فمن الصحيح المؤكد تماما أن الهندوس والمسلمين كليهما يتفقان على أن باوا المحترم عكف في هذا المكان أربعين يوما وأنه هو من كتب"يا الله" وهو الذي رسم صورة اليد ولا يشك في ذلك أحد ولا يرفض تصديق ذلك والتسليم به أحد.الراقم خادمك الحقير نياز بيك من ملتان ۱۸۹۵/۹/۲۸ هذه هي الرسالة التي أرسلها إلينا السيد الميرزا المذكور سابقا بتحري الحقائق والبحث المستفيض، كما أرفقها خريطة قد رسمها بمنتهى الجهد والدقة لمكان العكوف وهي كالتالي : ملحوظة: إن "الله" هو الاسم الأعظم من بين أسماء الله المذكورة في القرآن الكريم، وإن كتابة باوا المحترم لفظة "يا الله" بيده ورسم يده تحتها يشير إلى أن يا الله، الذي تجليت على محمد المصطفى و انظر قد أتيتُ إليك واتبعتك، فأرشدني برحمتك، فإني قد خررت على عتباتك.منه.

Page 101

شرق شمال باب للمقبرة مسجد يا الله با وا نانك مكان اعتكاف با وا نانك رواق مسقوف حول المقبرة

Page 102

جريدة خالصه بهادر عدد 6 الصادرة في ١٨٩٥/٩/٣٠ لقد استبعد رئيس تحرير هذه الجريدة أن يكون باوا نانك المحترم مسلما فيقول بمنتهى السذاجة: الحقيقة أن باوا المحترم لم يكن متمسكا بالهندوسية و لم يكن مسلما وإنما كان يؤمن بإله واحد فقط.يمكن أن يفهم القراء أن قوله يتلخص في أن باوا المحترم لم يكن يؤمن بأن الفيدا من الله كما لم يكن يؤمن بأن القرآن الكريم نازل من الله، مما أنه لم يكن يؤمن بأن أيا من يعني هذين الكتابين إلهامي.أما عن الفيدا فقول رئيس التحرير صحيح بلا شك، لأنه لو كان متمسكا بالفيدا لما أقرّ في كلامه مرارا أن الله خالق الأرواح والتواضع، وأن باب الإلهام غير مسدود، لأن كل هذه الأمور تعارض مبدأ الفيدا.ولم يكتف باوا المحترم بهذا فقط بل قد عد كتب الفيدا الأربعة قصة أي كلاما فارغا كما قال إن كتب الفيدا الأربعة تجهل طرق العارفين، فقد تبين من أقوال باوا المحترم هذه كلها بلا شك أن باوا المحترم كان قد ترك الهندوسية وكان قد تبرأ من فيدا الهندوس وكتبهم الدينية تماما، إلا أنه ليس من الصحة في شيء الاعتقاد بأن باوا المحترم ظل ملحدا والأجسام، وأن النجاة دائمة، وأن الله الله يغفر الذنوب بالتوبة

Page 103

بعد هجره الهندوسية.أفلم يكن باوا المحترم يفهم بهذا القدر أن الله الذي أن جعل الإنسان تابعا لسلطة السلاطين الجبارة لحمايته المادية، لا بد عنده من متعلما يُرسل، لحمايته من البلايا الروحانية التي تلازمه بالطبع، قانونا حتما؟ يقول رئيس التحرير إن باوا المحترم كان يؤمن بإله واحد ولكن ينشأ التساؤل هنا: كيف وبأي طريقة حظي بهذا اليقين؟ وإن قلتم بأن ذلك كان بمجرد العقل والفهم، فليتضح أنه قد ثبت بشهادات آلاف الصادقين والعارفين أن العقل لا يكفي لمعرفة الله، فالعلوم المادية في العالم المادي أيضا تُنال عبر تلقي الدروس على مرّ العصور، فلو وضع مثلا عشرة ملايين من الأولاد الرضّع في مكان منعزل وتمت تربيتهم بعيدا عن التعليم، فسيبقون عاجزين حتى عن الكلام ناهيك عن تعلُّمهم علوم الطبيعة والطبّ والهيئة من تلقاء أنفسهم، وسيكونون كالبكم ولن يكون أحد من تلقاء نفسه.فإذا كانت العلوم المادية بل علم اللغة لا تُحصل دون التعلم والتعليم، فأنى للإنسان أن يطلع بنفسه على الإله اللطيف جدا والأدق من أي ذرة غيب الغيب والخفي خلف الخفاء؟ لهذا فإن من منتهى السذاجة الزعم بأن الإنسان الضعيف الذي يواجه مئات الظلمات يستطيع أن يكتشف من تلقاء نفسه تلك الذات وراء الوراء والخفية جدا والألطف التي لا يُدركها العقل.وما من شرك أكبر من أن يدعي الإنسان، الذي يشبه الدودة الميتة، مستكبرا أنه يستطيع اكتشافه بنفسه دون مساعدة قنديل الهداية.بل من سنة الله منذ القدم، منذ خُلق العالم، أنه ظل يكشف منهم

Page 104

وجوده بنفسه على مقربيه، إذ لم يستطع أي إنسان أن يصل إلى الله مباشرة 6 دون وسيلته ، وإنما تمكن من الإيقان به الله من أقنعه الله الله القادر المقتدر ذو الجلال بنفسه بقوله "أنا الموجود"، أو الذي ارتبط قلبا وقلبا بإخلاص وحب بمن سمع هذا الصوت.فهذان الطريقان في قانون قدرة الله في العالم منذ القدم، ولما كان الله الله قد أراد منذ البدء حصرا أن تتفاوت درجة المخلوقات، أي النباتات والجمادات والحيوانات حتى الأجرام العلوية، وأن يكون بعضها مفيض والآخر مستفيض، فقد وضع القانون نفسه في البشر أيضا، ونظرا إلى ذلك خلق طبقتين من الناس؛ الأولى أناس يتمتعون بكفاءة عالية جدا، فوهب لهم النور الذاتي مباشرة كالشمس.والآخرون الذين هم من الدرجة الثانية يستنيرون بواسطة تلك الشمس ولا يتنورون تلقائيا.وأسمى مثال لهاتين الطبقتين الشمس والقمر وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في الآية التالية وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا فكما أن وجود القمر مستبعد إذا لم تكن هناك شمس، كذلك إذا لم يكن هناك وجود للأنبياء عليهم السلام الذين هم نفوس كاملة، فلن يكون هناك وجود للأولياء.وقانون الطبيعة هذا نراه بأم أعيننا، فلما كان الله أحدا فقد أحب في أفعاله أيضا ،الوحدة فقد ظل يهب وجودا لآلاف من وجود واحد سواء في النظام المادي أو الروحاني.فالأنبياء الذين هم النفوس الكاملة عُدّوا آباء روحانيين للأولياء والصلحاء كما يكون لهم آباء الشمس: ٢-٣

Page 105

ماديون، ومن خلال هذا النظام قد كشف الله نفسه على المخلوق لكي لا يخرج عن الوحدة في أفعاله وهدى الأنبياء هو نفسه مباشرةً وهيأ لهم معرفته بنفسه، فلم يمن عليه أحدٌ باكتشافه بعقله وفهمه وجعله مشهورا، وإنما منته أنه أيقظ بنفسه الخلق الراقد بإرسال الأنبياء، فسمع كل واحد منهم اسم الذات التي هي وراء الوراء والألطف والأدق، وذلك فقط من خلال إلهام الأنبياء الطاهر، فلو لم يُبعث الأنبياء والرسل إلى هذا العالم لم لاستوى الفلاسفة والجهلة؛ إنما أتاح تعليم الأنبياء المقدس فرصة للعاقل أن يتقدم في العقل، ولقد بينا آنفا أن الإنسان عندما يكون طفلا لا يقدر على النطق دون أن يعلمه أحدٌ، فأنى له القدرة على معرفة الله الذي هو الذات الأكثر لطفا؟ الآن نسأل: إذا كان باوا المحترم يعدّ هؤلاء الأنبياء المقدسين الذين بعثوا إلى العالم منذ البدء والذين ملأوا الدنيا بوحدانية الله- كاذبين، فمن أين سمع في صغر سنه وكذلك أبوه وجده اسم الله الله فمن الجلي أن أباه "بهائي وتعالى كالو" وجده "بهائي سوبها لم يكونا يعرفان اسم الله دع عنك باوا المحترم.فإذا كان باوا المحترم هو وحده مكتشف المعرفة الحقة فكيف اشتهر هذا الاسم المبارك قبل ولادته؟ فثبت من هذا الدليل أن عباد الله المقدسين والأطهار ظلوا يظهرون منذ البدء ويُنبئون الناس به بتلقي الإلهام منه ، إلا أن أعظمهم الذي ظهرت تأثيراته العظيمة في العالم والذي باتباعه ظهر في كل عصر كبار الأولياء العظام، فهو مولانا سيد الأنبياء محمد المصطفى

Page 106

الذي كان الإنجليز قد نشروا أن عدد أتباعه مائتا مليون في الإحصاء الإجمالي، لكنه تبيَّن لنا من البحث الحديث أن عدد المسلمين على هذه الكرة الأرضية في الحقيقة بلغ ٩٤٠ مليون مسلم، وإن باوا المحترم كان يؤمن أيضا بأنه قد خلا كبار الأولياء العظام في أمة النبي ، فلذلك قد عكف أربعين يوما بصدق القلب عند روضة الشيخ معين الدين الجشتي لكي يكسب من روحه البركات والفيوض ، ويتطهر قلبه وتتحقق له المتعة في ذكر الله.ثم انتقل من هناك إلى موضع سرسه وعكف أربعين يوما عند روضة شيخ عبد الشكور سلمى وانشغل هناك في التسبيح والصلاة والاستغفار ملحوظة: لقد اشتهر بأن عدد المسلمين في العالم مائتا مليون فقط، وهو أمر مغلوط ومخالف للحقائق وباطل بداهة؛ إذ قد ثبت من البحوث الحديثة ببراهين ساطعة جدا وقرائن واضحة أن عدد أهل الإسلام في العالم في الحقيقة يقدر بـ ٩٤٠ مليون مسلم، فقد نشر هذا الموضوع في بعض الجرائد الإنجليزية أيضا، وتفصيل هذا التعداد على هذا النحو.فمن الآن فصاعدا يجب على كل واحد أن يحتاط في بيان عدد المسلمين ولا يحسب عددهم مائتي مليون فقط، معتمدا على الخطأ الماضي، لأن هذا التحقيق ليس أمرا عابرا ومشتبها بل أسسه جلية وبينة وبديهية أمام الأعين.فالقاعدة أنّ البحوث البدائية تكون دوما ناقصة وأوّليّة، أما البحث الأخير النهائي فيعد محيطا وشاملا به تنمحي الأخطاء السابقة.وعلى العاقل أن يتخلى عن الفكرة الخاطئة.منه.بورما والهند يضمان ۷۰ ،مليونًا وملايا وسيام (ماليزيا وتايلندا) ٤٠ مليونًا، والجزر شرقي الهند ۱۰۰ مليونًا، والصين ٦٠ مليونًا، والتتر الصينيون ١٠٠ مليونًا، والتتر في تيبت وسيبيريا ۲۰۰ مليونًا، أفغانسان مع جميع حدودها ١٤٠ مليونا، إيران مع جميع المتعلقات ٦٠ مليونًا، العرب ۱۰ ملايين شتى أجزاء أوروبا مثل بلغاريا والمجر والنمسا 1 ملايين، والبقية من البلاد الأفريقية.منه

Page 107

0197 والصلاة على النبي الله.ومن هناك جاء إلى روضة باوا فريد رحمه الله في باكبتن للعكوف هناك أربعين يوما، ثم سافر إلى مكة المعظمة وأدى فريضة الحج ثم سافر إلى المدينة المنورة وعاش هناك كسبا للسعادة كالخدام، ولا أعرف بالتحقيق كم أقام في المدينة المنورة وإنما أعرف أن وصوله من مكة إلى المدينة استغرق ١١ يوما، وهذا ما ورد في جنم ساكهي بالا" بالإضافة إلى الروايات الشفهية.وبعد أن فرغ من المدينة عاد إلى "مرشد خانه" الخاص به في ،ملتان، حيث عكف أربعين يوما عند روضة "شاه شمس تبريز".هذه الأمور كلها مدعومة ببراهين ساطعة كما يجب، ولم يكتف باوا المحترم بذلك فقط بل قد لبس العباءة - التي كُتب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله" - مثل الذين يُصبحون كالمجانين عند غلبة العشق.نحن نؤمن هنا بكرامة باوا المحترم ونقبل بأنه وجد هذه العباءة من الغيب وإن يد القدرة كتبت عليها القرآن الكريم، فمن كل هذه الأمور يثبت أن باوا المحترم كان قد آمن بالني بصدق القلب.وكان قد رسخ في قلبه أنه قد مضى في أمة النبي كبار أولياء الله المقدسين من الدرجة الأولى، ولذلك ظل معتكفا أربعين يوما عند مقابر بعض الأولياء في الهند ثم سافر إلى بغداد وعكف عند روضة السيد عبد القادر الجيلاني له.فإذا كان باوا المحترم بحسب زعمكم قد نظر إلى أي دين آخر بهذا التعظيم والتقديس، فيجب تقديم تلك الوقائع مقابل هذه الأحداث، وإلا قد ثبت أن باوا المحترم كان ارتد عن الهندوسية واعتنق الإسلام بمنتهى الصدق والإخلاص.فانظروا بفتح العيون كيف تمزق

Page 108

هذه الشواهد القوية كالسيف المسلول شبهاتكم إربا.ألقوا نظرة واحدة على جميع الأحداث التي سجلناها لتتوصلوا إلى النتيجة الحتمية التي تظهر من المقدمات اليقينية.ومن الغباء الشنيع أن تُعدَّ الأبيات الواهية الباطلة المنسوبة إلى باوا المحترم أمرا يقينيا.وقد سبق أن كتبنا أن بعض المتعصبين في زمن باوا المحترم قد نسبوا إليه بعض الأقوال افتراء، فبعض أبيات غرنتهـ وبعض مواضيع الجنم ساكهيات قد كُتبت بزيف ومكر مكروهين جدا.وسبب ذلك أن المتعصبين حين رأوا أنه يتجلى بوضوح من عبارات باوا المحترم أنه كان مسلما؛ نسبوا إليه بعض الأقوال المختلقة كما دسوا القصص الباطلة ليُثبتوا أنه معارض للإسلام، وقاموا بنوعين من الاحتيال، بحيث لم يكتبوا في غرنته عن عمد الأبيات الدالة على إسلام باوا المحترم، مع أن نساك العائلة الجشتية التي كان باوا المحترم مريدا لها حفظوها إلى اليوم بالصدور، وفي مذكراتهم وجدت بكثرة أبيات كثيرة لا تضم غير مدح سيدنا محمد المصطفى الا الله والثناء عليه وإقرار باوا بالتوحيد والإسلام.فمن قدرة الله الله أن "غرنته" و"جنم ساكهيات" تتضمن حتى الآن عددا كبيرا من الأبيات، لو رفعت القضية في المحكمة العليا بين المسلمين والسيخ فلن يسعَ القضاة في ضوء تلك الأبيات إلا أن يحكموا لصالح المسلمين ويؤكدوا أن باوا المحترم كان مسلما.ففي قواعد البحث قاعدة مسلَّم بها أنه إذا كانت الشهادات متناقضة فسوف يُقبل منها الأقوى والمدعومة بالقرائن.وبحسب هذا المبدأ لا تحسم كل يوم في المحاكم آلاف القضايا الجنائية فحسب، بل القتلة الذين

Page 109

4917 يُقدمون شهودا لهم لتبرئة ساحتهم - يُعدَمون دون تردد، لكون دلائل الخصم قوية جدا.فالخلاصة أن العاقلين لا يقتنعون كالأطفال وقليلي العقل بأقوال سخيفة تناقض الإثباتات القوية جدا.فواضح أن فريقا ما حين يجد فرصة للاختلاق والخيانة فهو يوظف الاحتيال الدقيق لغصب حقوق الخصم، وأحيانا يُقدِّم الشهادات المزورة والوثائق المزيفة، لكن لما كان الله قد وهب البصيرة للقضاة، لهذا هم يتأملون في أوراق ذلك الفريق ليعرفوا إذا كان فيها تناقض، فإذا وجدوا فيها تناقضا فيقبلون فقط تلك التي هي مزودة بالقرائن والشهادات المؤيدة وتحظى بالغلبة.فليتدبر جميع السادة السيخ أنه إذا كان بأيديهم جدلا بضعة أقوال تُنسب إلى باوا المحترم وهي تكذب الإسلام، وأنها تعني حصرا كما يزعمون وليس لها معنى آخر، فما قيمتها مقابل البراهين القوية المستخرجة من كتب السيخ أنفسهم وهي بالأكوام؟ وأين تلك الأقوال من تلك البراهين الساطعة الكثيرة؟ إذا كان عندهم أي بيت منسوب إلى باوا المحترم لتكذيب الإسلام فقد قدمنا نحن أيضا الكتب نفسها التي يسلّمون بها و لم نُقدِّم أي أمر من عند أنفسنا.وعلى أقصى تقدير يمكن أن تناقض هذه الذخيرة بضعة الأبيات هذه، ففي هذه الحالة ينبغي قبولُ ما ترجح كفة دلائله، وردُّ ونبذ ما هو قليل الدلائل، لكي لا يبقى تناقض في كتبكم، فهل يُغمض أحد عينه عن هذا الأمر الجلي الواضح؟ ففي هذا الجانب كومة من الدلائل القاطعة، لكن السيخ لا يملكون شيئا في نقاش الخصوم.

Page 110

۰۹۲۰ الكتب جميع ما أسخف زعمكم القائل بأن السيد نانك كان يعد السماوية الموجودة في العالم قبله باطلة! فهل كان العالم قبل ولادة السيد نانك معتادا على الكذب منذ البدء وظلت هذه الأرض خالية على الدوام من الصالحين؟ حتى إذا وُلد السيد نانك رأى العالم وجه ناسك يتحلّى بالصدق ويأكل الحلال وكان منزّها عن الجشع؟ هل سيرضى أحد بتعصبكم هذا؟ أو هل سيقبله أي عقل أو ضمير؟ وهل سيؤمن أي طيب الطبع ومنصف المزاج أن العالم كان مصابا بالضلال منذ الأزمنة السحيقة قبل ولادة نانك، وأن جميع الذين أعلنوا أنهم أهل الله وأنهم تلقوا الإلهام منذ أن خلق الله الإنسان كانوا كاذبين وطماعين وآكلي حرام، و لم يكن قد تلقى الإلهام الصادق من الله تنشأ له علاقة صادقة و لم بذلك الحبيب الأزلي؟ بل كانوا كلهم عبدة الدنيا، بحيث كانوا قد نسوا الله منغمسين في ملذات الدنيا، ولهثوا وراء حب الدنيا، وكانوا كلهم قد نسوا اسم الله وطلبوا من الناس أن يذكروا أسماءهم، فجميع هؤلاء الأنبياء والرسل والصلحاء والأولياء ظلوا يأكلون الحرام ظنا منهم بأنه حلال، ولم يخافوا الله قط، وإنما نانك وحده أكل الحلال وكان هو الوحيد، من عباد الله الذين ظهروا من بدء العالم بعدد لا حصر له، الذي كان منزها من أطماع الدنيا و لم يكن يأكل الحرام، وأحرز معرفة الله الصادقة وكسب العلم الحق، وتلقى الإلهام الصادق؟! فأخبروني الآن هل يخطر ببال أي عارف وسعيد هذا الزعم الباطل أن يقول إن جميع من أحد منهم

Page 111

سبقوه كانوا مجرد خبيثين ومفترين وكاذبين وطماعين، وأنه هو وحده صادق وآكل الحلال في هذا العالم؟ وإن قلتم إن باوا نانك المرحوم كان يؤمن بكثير من الكمل عدا سيدنا ونبينا محمد المصطفى ﷺ - الذين لم يكونوا كاملين شخصيا فحسب بل كانوا قد بعثوا مشرفين بالوحي والإلهام لإيصال الآخرين إلى الكمال، فيجب كما قلت آنفا- أن يُقدَّم من قبل باوا المحترم نظيرُ إنسان تخلّص باتباعه ٩٤٠ مليون إنسان من عبادة البشر وعبادة الأوثان ورسخوا في قلوبهم الإقرار بصدق القلب بأنهم لن يعبدوا إلا الله وإن باوا المحترم قد آمن بمثل ذلك النبي الموحد، لأن باوا المحترم إذا كان لم يصدق كمال ذلك الكامل الذي حاز الكمال بنفسه وأقام مئات الملايين من الناس على التوحيد الكامل، ففي هذه الحالة سيرد على باوا المحترم الاعتراض نفسه أن الله لم يهب له العينين ليتمكن بهما من معرفة أولئك الكمَّل، والعياذ بالله، الذين ظهروا قبل باوا المحترم لإصلاح العالم لأنه من الباطل صراحة ولا تصح الفكرة في أي حال من الأحوال أن العالم قبل ولادة باوا المحترم كان غارقا في الظلام منذ البدء و لم يُبعث من الله تعالى أحد لم يكن بنفسه كاملا فحسب بل قد أقام مئات الملايين من البشر على التوحيد وإنما باوا المحترم هو الوحيد الذي كان موحدا وآكل الحلال ومنزها عن الأطماع وأقام السيخ على التوحيد الكامل وبين لهم حقوق الله وحقوق العباد بيانا وافيا، وشرح لهم جميع مسائل الحلال والحرام! فإذا كان هذا الخيال باطلا بداهة ومعارضا

Page 112

لسنة الهادي القديم، فمن المؤكد أن باوا المحترم قد ذكر في أبياته ذلك الكامل الذي بعث إلى العالم بالكمال من الله ، وأقام مئات الملايين من الناس على التوحيد وعبادة الله.فحين نبحث عن أثر ذلك الإنسان الكامل في كلام باوا المحترم نجد في مواضع عديدة في أبياته ذكر سيدنا ومولانا محمد المصطفى..وكان من الضروري أن يعتنق باوا المحترم الإسلام بعد تركه عن الهندوسية.لأنه لو لم يفعل ذلك لعد ملحدا لاعتزاله نظام الله القديم.فمن الحق تماما أن باوا المحترم قد اعتزل الفيدا وعبدة الفيدا نهائيا.ولذلك قال: إن البرهما أيضا مضى محروما من الحياة الروحانية.ولهذا السبب نفسه كان الهندوس ينفرون منه لدرجة أنهم كانوا يعدونه بعيدا عن الطهارة وجديرا بالكراهية.فحيثما وجده الهندوس جالسا في أي محل أو مكان اعتبروه نجسا.وكان البانديتات يُفتون بأن المكان قد تدنّس لدرجة أنه لا يتطهر ما لم يُطل بروث البقر.فكان الهندوس المصابون بالوساوس مضطرين لطلاء مكان كل خطوة له بروث البقر.فلو افترض بغض النظر عن مئات الأقوال والشهادات النقية والبراهين الساطعة أنه كان يُكذِّب القرآن الكريم أيضا، و لم يكن يعد نبينا المقدس سيدنا محمدا المصطفى الله نبيا صادقا من الله، و لم يكن يعدُّ أولياء هذه الأمة المشهورين مثل باوا فريد وشمس تبريز ومعين الدين الجشي وغيرهم من أهل الله، بل كان يرى الجميع طماعين وضالين، ففي هذه الحالة سينشأ سؤال حتما من هم الصادقون الذين كان باوا المحترم يعدّهم

Page 113

0907 طيبي القلوب وأولياء الله؟ وإن لم يكن يعدّهم كذلك فهل كان يعدّ جميع الذين جاءوا لإصلاح العالم قبله أنجاسا وطماعين ومتبعي الهوى؟ فمن الجلي أنه كان قد هجر الفيدا و لم يكن يحسب شجرة الفيدا تُثمر ثمارا طيبة، ولذلك أفتى البانديتات بأن الأرض تتدنس بجلوس نانك عليها، ويجب غسلها حيثما جلس وأنتم تعترفون أيضا أنه لم يكن هندوسيا، لكن لا أحد من طيبي القلوب يقدر على القول بأن كل من أسسوا الديانات قبله كانوا كاذبين كلُّهم.يجب الردّ بالضرورة على أن باوا المحترم كان يُقر بصدق أحد الأنبياء السابقين؛ لأنه إذا لم يكن صحيحا، والعياذ بالله، أن الله يا الله ظل يطلع على وجوده بنفسه ألوفا ومئات الألوف بل مئات الملايين قبل ولادة نانك وأنه قد بعث إلى العالم الصادقون والأنبياء الأطهار الذين لا حصر لهم لإراءة النور الإلهي، وظل كثير من متلقي الوحي والإلهام وأصحاب القلوب الطاهرة، وتاركي الأهواء النفسانية وآكلي الحلال وأصحاب القلوب الطيبة والعلوم والمعرفة، يُبعثون إلى العالم على الدوام قبل نانك، فلن يكون صادقا هذا القول الأخير أيضا أبدا؛ أي أن باوا نانك المحترم كان قد نشأت له علاقة صادقة بالله وكان قد تلقى الإلهام الحق وأنه كان أكل الحلال وتارك أهواء الدنيا.ذلك لأن الله الذي ليس من عادته منذ البدء أن يزكي القلوب ويخلص الناس من الحرص والجشع ويجنبهم أكل الحرام ويُشرفهم بإلهامه؛ كيف بدأ يمارس كل هذه الأعمال مع نانك المرحوم خلاف

Page 114

المعتاد؟ لكنه إذا كان من أمر الواقع والحق أن من سنة الله منذ الأزل- و لم تبدأ الآن أنه ظل يُرسل بعض عباده الخواص إلى هذا العالم لإيقاظ الغافلين بمنحهم معرفته، وهم يُسمون بتعبير آخر أولياء أو أنبياء.أما الذي يرفض وجود هؤلاء الأطهار و لم يدرك الفلسفة القديمة لنظام الله، فهل نستطيع أن نسمي مثل هذا الإنسان نحن أو أحد غيرنا صالحا أو ناسكا؟ وهل يحسبه أي عارف ولو للحظة واحدة أنه كان قد نال نصيبا من المعرفة الحقة التي نالها الصادقون على مرّ التاريخ؟ فالذي لا يؤمن بالصادقين الذين أفرغوا الصدق على عشرات الملايين من القلوب، بل يعدهم طماعين وآكلي الحرام، فمن يمكن أن ينعته أكل الحلال وطيبا؟ فنحن نسأل المنصفين ونطلب منهم الإنصاف هل كان باوا نانك المحترم يعتقد والعياذ بالله أنه لم يكن قبله أي نظام إلهي لإصلاح الناس وأن كل من جاءوا باسم الإصلاح إنما كانوا كلهم نصابين وطماعين وعبدة الدنيا حصرا.وإن لم يكن يعتنق هذا الاعتقاد فمن ذا الذي كان أفضل في نظر باوا المحترم من المصلح العظيم نبي الله سيدنا محمد المصطفى الذي نجى عشرات الملايين من البشر من عبادة الأوثان وعبادة عيسى وعبادة المخلوق، وأقامهم على كلمة "لا إله إلا الله"؟ وأسوة من غيره كانت أمام نظر باوا المحترم ذلك الذي استأصل بها عبادة المخلوق وزرع شجرة التوحيد في غالبية بلدان العالم؟ فما لم تكن هناك أي أسوة، فسيتحتم الاعتقاد بذلك الزعم الخبيث أن باوا المحترم كان يؤمن أن العالم قبله كان

Page 115

الله.غير بأسره يواجه الظلام منذ البدء.ولم يأتِ في الدنيا أي نذير من أنه إذا كان باوا المحترم يؤمن بأنه قد ظهر قبله كمل جذبوا إلى التوحيد بنور الإلهام الإلهى عشرات الملايين من البشر فلإثبات ذلك وجب على باوا المحترم أن يقدم من ضمن أولئك المبعوثين أسمى أسوة لإنسان دخل نتيجة إصلاحه عشرات الملايين من البشر في ضوء التوحيد.فهل قدم مثل هذه الأسوة أو هل كتب في أبياته اسم ذلك الكامل الذي خلص عشرات الملايين من عبادة الأوثان والمخلوق وشتى أنواع الشرك والبدع والفواحش؟ إنكم تقولون إنه لم يكتب اسم أي مصلح عظيم الشأن تلقى الإلهام من الله ولوحظ تأثيرُ إصلاحه في قلوب عشرات الملايين من البشر.لكنكم بهذا التعصب غير المبرر تعرضون السيد نانك للاعتراض.إذ لن يقبل أحد أن الزمن قبل ولادة نانك كان ضالا منذ الأزل، وولد نانك الوحيد الذي أحرز الهدى وكان طيب القلب وولي الله لأنه بالاعتقاد بهذه العقيدة يرد الاعتراض على الله فتأملوا بإعمال الفكر أن بهذه التصرفات التي تبدونها من المتعذر أن تُثبتوا صلاح نانك رحمه الله.فإذا كان باوا المحترم في الحقيقة صالحا وملهما ولم يكن متورطا في الأهواء الدنيوية فكان يجب أن يعتقد حتما أن الصدق والصلاح لم يبدأ به هو نفسه فقط؛ لأن الإله لم يولد في زمنه، كما لم يبدأ هدايته الله في زمنه.فالذي هو أزلي فإن جميع أيضا أزلية، فهل كان يظن أن إلهه بخيل لا يريد أن يُكسب فيضه أحدا، وإنما عطف على نانك فقط بعد مرور سنين لا حصر لها؟ أما إذا لم يكن يزعم أفعاله

Page 116

ذلك و لم يكن يرى نطاق رحمته الضيقا فكان لا بد أن ينال هذه المعرفة الحقة، وهي أن الله الله ظل يهدي عباده منذ القدم؛ فكلما فسد العالم روح الصدق في عبد خاص من عباده وامتلأت الأرض فسادا وإثما نفخ الله ووهب له النور والعرفان الإلهامي، فنور الآلاف بسراج واحد، فهو دوما يخلق ألوفًا من إنسان واحد نسأل مرة أخرى هل كان باوا المحترم قد نال هذه المعرفة الكاملة أم لا؟ إن قلتم نعم فما هو النموذج الذي بينه في أقواله وأبياته لتلك المعرفة ؟ فهل ذكر شخصا جاء لتنوير العالم قبله ثم رحل بعد تنوير عشرات الملايين من الناس بنور التوحيد؟ وإن لم يذكر ففي هذه الحالة تنطمس معرفه نانك كلها ولا نتوقع أن تردّوا على سؤالنا بصدق، لأن التعصب والعناد بلاء عظيم.لهذا نجيب بأنفسنا على لسانكم فاقرأوه بتدبر.أن نانك رحمه الله أفاد أن اسم ذلك المصلح الجليل نبي الله محمد فليتضح الذي كان شاهدا على سنة الله القديمة بجميع هداياته البينة هو المصطفى رسول الله..و لم يذكره فقط بل قد آمن بصدق القلب بسيد الأطهار ونكتب هنا نموذجا من كلامه ونأمل من طلاب الحق أن يُلقوا نظرة بقلب نقي ونظرة طاهرة على هذه الأقوال خوفًا من ذلك الحاكم الحقيقي الذي إليه المصير.ولينصفوا بأنفسهم وليقولوا هل بقي أي شك في إسلام باوا المحترم بعد كل هذه الشهادات التي أدلى بها باوا المحترم بلسانه؟ فمنها قصيدة باوا المحترم الثلاثينية الواردة في "ساكهي أكبر" أي "ساكهي بالا" وهي:

Page 117

ساكهي "بهائي بهالا" الأكبر الصفحة ٢٢٠-٢٢٢ (أي "ساكهي أكبر" ،لبالا، الذي يسمى "ساكهي أنجد" أيضا) هي يقول قاضي ركن دين اسمع يا نانك، إن للقرآن الكريم ثلاثين حرفا من كلام الله نفسه فتدبر كل حرف منها وبين معناها بتدبير وهذه المراتب لا ينالها غير الدرويش أو الشيخ لقد وردت ألف باء في القرآن الكريم أي كل حرف بمعناه يا نانك شاه، الله أنت أيضا تقول إنه كلام صادق من إن القرآن الكريم يبين جميع صفات الرب، يقول قاضي ركن دين بينوا كل هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله أن يبدو أن الهندوس والمسلمين كلاهما قد ضل، إذ لا يبحثون عن طريق الحق ويتخاصمون لا أحد يقول ما قاله الله الله فقد ظهرت نزاعات أتباع "رام" وأتباع الرسول بناء على الأطماع المادية يمكن أن يرشدوا إلى الحق إذا كانوا قد سيطروا على النفس.ينبغى أن نتواضع تاركين الحجة والحاجة.ترجمة أبيات بنجابية.(المترجم)

Page 118

جواب نانك شاه استمع أيها القاضي ركن الدين، فنانك يريد أن ينصحك، فالأمور التي تتعلق في الحقيقة بالعقل هي لطيفة، فللقرآن ثلاثون حرفا وثلاثون سورة أيضا، ففيه نصائح كثيرة فاستمع وآمن بها لها فالكثيرون يقرأون القرآن الكريم لكنهم لا يتمتعون بجمع الخواطر، وإنما سبب ذلك أن الذين تفانوا في سبيل الشيطان أي قد أعرضوا عن القرآن الكريم فلا يصلون إلى غايتهم المنشودة.الجواب الحقيقي لنانك في الثلاثينية أ - اذكر الله وأزل الغفلة من القلب، فإذا تنفس المرء دون ذكر الله فعيشه في الناس لعنة.ب - تخل تسئ إلى أحد.عن كل بدعة وتمسك بالشريعة وكن متواضعا للجميع ولا ت - تُب عن الذنوب لئلا تندم فيما بعد، فحين تدفن فكيف تفيدك توبتك؟ احمد الله كثيرا وأثن عليه ولا تغفل عن ذكره أبدا، فببيعتك لآلهة كثيرين لا تبقى لك قيمة.

Page 119

ج – صلّ الصلاة مع جماعة وتجهز للسفر، فأنت بدون مالكك ستبقى تتخبط كالعمين.ح - اتخذوا الحلم والرفق سبيلا لكم، وانبذوا الحرص من قلوبكم وانصبوا في العمل كما أن خالقكم مشغول من أجلكم.خ - إن الذين نسوا الله الله هم ناقصون فهم يهلكون من أجل كسب الدنيا ويحملون أوزار الذنوب على رءوسهم.د- يا قلبي اتخذ الأمانة ولا تنم طول الليل، وإن لم تستطع فعليك أن تقوم ثلث الليل على الأقل، فصدق ما قال ربك.(أشار إلى سورة المزمل) ذ – إن الذكر والتواضع أمران لا يتذبذب بهما القلب، فلا يتسخ ذيله أبدا، فبهما يخلو قلبه من الحرص والجشع.ر - لا يتمتع براحة الإيمان إلا هؤلاء، فحافظ على الصلوات الخمس يا ركن الدين وأحب الله، أي لا تفوت الصلاة أبدا.ز – ابك وتضرّع في نفسك، لأن الله الله غني يفعل ما يشاء، فلا يؤمن استغناؤه.س قوم قلبك، فإن فيه كل شيء، فاجعل جسمك وعاء واحفظ فيه قلبك، لأن الجسم والقلب مرتبطان بأمر.ش - إن الذي يحب الله لا ينال درجة الشهادة، فهذا الجسم يا ركن الدين سيفنى، لذا يجب أن تطلب الله الله

Page 120

1.17 - كل يوم صل على النبي الذي خلا، فكان خاصا من عباد الله، الله الله وكان سيد محبي ض - انفض الضلال والغواية عن قلبك، فتدبر وتفكر أيها العبد ولا تنشغل في اللعب عبثا.ط - اطلب الصدق الذي سيهديك إلى الحق فبرؤيته تزول آلام الجسم وتتلاشى شبكة الأهواء ظ - إن الظالمين قد نسوا الله ولا يعبدونه يا رب أنى لي أن أرتاح بدون اسمك؟ ع - يجب أن نستقيم كما يقوم الزئبق على النار، فالمرء لا يمكن أن يفوز بحب الله بدون العمل، ويلفظ أنفاسه متحسرا.غ – إن الذين عرفوا الله الله هم المغنم، وفي هذا القفص لعبة لا بداية لها ولا نهاية ف - إن الذين ميزوا الحق من الباطل وساروا على صراط الهادي فقد نجوا، أما الذين اتبعوا أهواءهم فقد لبسوا الحق بالباطل.ك - احفظ كلمة واحدة فقط هي لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا تبال بشيء غيرها، فبهذه الكلمة ستسيطر على النفس والهوى.ق - لا يرتاح القلب الذي نشأت فيه الرغبة، فالذين عبدوا الله قد صاروا ذهبًا وتبرًا.

Page 121

ل - لعنة الله على من يتركون الصلاة، فقد أضاعوا أنفسهم بأيديهم، وما أحرزوا شيئا من الأعمال.- آمن برسول الله والكتب الأربعة أي القرآن الكريم والتوراة والزبور والإنجيل، وآمن بإله واحد له عتبات خاصة.ن – إن الذين عملوا الصالحات ليسوا ضالين أما إذا نسوا الدين فسوف يواجهون المصائب إن الأهواء والأماني تشج الرأس وتكسر الأيدي، فالعمر يمضي، لكن في أي شَرَكِ وقعت أيها الغبي؟ ه - أنا أخاف أنا أخاف يوم الدينونة، ولا نعرف ماذا يصدر بحقنا من قرار يا ركن دين.ل - إن الذين نظر الله إليهم برحمة هم الأعلون، فما لم يدخلنا الله الله في عباده الصالحين بفضل منه فلا يفيد مائة تدبير.ألف - إن الله الله معك كل حين وآن فلماذا لا تهتم؟ ستنجو من الألم أخيرا بعبادة الله أيها الغبي.ي - أُحِبّ الله الذي ملكه خالدٌ غير فانٍ، فهو أحد لا شريك له، وصمد.******* إذا ساورت أحدًا وسوسة لقلة فهمه أن نانك قد وجه هذه المواعظ إلى الآخرين لكنه شخصيا لم يكن يتمسك بها، فجواب ذلك أن من علامات

Page 122

01.0 الصالحين أنهم لا ينصحون الآخرين بما لا يتمسكون به أنفسهم.يقول الله أتأمرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ.وإن قلتم إن نانك لم يكن شخصيا يرى هذه الأمور حسنة، ومع ذلك كان ينصح بها الآخرين.فهذا الطريق طريق الخبث البشع، فلا يُتوقع من الصالحين أن ينصحوا الناس بالتمسك بعقائد باطلة وأفكار فاسدة.وليتضح أخيرا أن الذين يريدون أن يستخرجوا من "غرنته" أمرا ينافي تعاليم الإسلام، فإن جهودهم ومساعيهم هذه مجرد خداع ومن باب الخيانة فقط؛ حيث يُقدِّمون خطأ أو بخيانة متعمدة - أبياتا ليست في الحقيقة من نظم نانك باوا المحترم وإنما اخترعها جامعو غرنتهـ ونسبوها إليه بغير حق.فمن المسلم به والمؤكد عند علماء غرنته أنه يضم في الحقيقة أبياتا كثيرة ليست من نظم باوا المحترم.وإنما أُضيف في نهايتها اسم نانك افتراضا.فالذي لا يعلم الحقائق يظن أنها من نظم باوا نانك المحترم نفسه.فمن الخيانة أيضا أن ينسب المرء عمدًا بيتا لباوا المحترم بنية أن ينخدع الناس.إن أبيات باوا نانك المحترم هي تلك التي وردت في موضع توجد فيه العبارة: "آسا محلہ پہلا " أو "گوڑی محلہ پہلا".ومن المتفق عليه عند علماء غرنته أن اسم نانك أُضيف في أواخر بعض الأبيات الأخرى أيضا لمصلحة ما.وهي ليست في الحقيقة من نظمه.أما الأبيات التي خرجت من فم باوا المحترم حصرا، أي الأبيات التي يؤمن مؤلفو غرنته أنها من نظمه، فقد ميزوها بعلامة؛ إذ البقرة: ٤٥

Page 123

يكتبونها تحت الكلمات الاصطلاحية "آسا محلہ پہلا" أو "گوڑی محلہ پہلا" لكن لما كانت أبيات غرنته قد جُمعت بعد وفاة باوا المحترم بمائتي عام، بل بعد ذلك أيضا، ولم يتم أي نقد وتحقيق مقنع عند جمعها.لهذا ليس ثمة حاجة لقبولها عبثا دون تحقيق منظّم.بل عند ظهور التناقض لا يمكن أن يُقبل من الأبيات الجزء الذي يُناقض الجزء الآخر الذي تحققت صحته من خلال أنواع القرائن والشواهد القطعية اليقينية.إلا أنه من حسن حظ السادة السيخ أن الأبيات التي كتبت في "محلة أولى" من غرنته، كلها تقريبا لا تضم بيتا يناقض التعليم الإسلامي، ولا تضم أي كلمة لتكذيب الإسلام والإساءة إليه.بل هي توافق تعاليم الإسلام تماماً، فمن زعم وجود بيت يعارض تعاليم الإسلام أو وجد فيه أي كلمة مسيئة، فهو من سوء فهمه.غير أنه لو وجد على سبيل الندرة بيت مُعارض أضيف إليها عن عمد أو سهوا لعُدَّ رديئا وجديرا بعدم الثقة لكونه نقيض الجزء الأكبر من أشعاره.وستعد الأشعار الأخرى لنانك وآثاره وسيلة قاطعة ويقينية لتكذيب ذلك الشعر، لأن بطلان مئات الأشعار والشواهد النيرة مقابل موضع واحد أمر مستحيل، وإنما سيعد باطلا حصرا ما يناقض هذا الإثبات القاطع بشرط أن يتعذر تأويله تأويلا جيدا.من الجدير بالإزالة أيضا الشبهة التي يثيرها بعض الأغبياء أن بعض أبيات باوا نانك المحترم تتضمن مسألة التناسخ؛ أي تكرار الولادات، وهي تخالف العقيدة الإسلامية.فليكن معلوما أن الإسلام يفند ويُبطل من التناسخ ذلك

Page 124

النوع الذي يُعتقد بموجبه أن الأرواح الماضية تُعاد إلى هذا العالم مرة أخرى، لكن بمحاذاته هناك بعض أنواع أخرى للتناسخ قد أجازها الإسلام.فمنها أنه ثابت من التعليم الإسلامي أن الإنسان الموجود في هذا العالم يشبه وضعًا أيَّ حيوان أو دودة ما لا يكمل سلوكه بتزكية نفسه وما لم يطرد من قلبه أفكارا خبيثة من خلال المجاهدات الطاهرة.ويدرك أهل الباطن بنظرهم - الكشفي أنه في بعض مراحل عبودية النفس يشبه ثورا أو حمارا أو كلبا أو حيوانا آخر، وهكذا يظل الإنسانُ متبعُ الأهواء النفسانية ينتقل من ولادة إلى أخرى، بحيث تنتهي حياته من ناحية وتبدأ الأخرى من ناحية أخرى.وهكذا تحل عليه آلاف الميتات في هذه الحياة الدنيا ويمر بآلاف الولادات، وأخيرا يتولد في صورة إنسان على وجه الحقيقة إذا كان سعيدا.فبناء على ذلك قد قال الله لليهود العصاة بأنهم صاروا قردة وخنازير.فلم يتحولوا بموجب التناسخ إلى حيوانات في الحقيقة، بل الحقيقة أن الثوائر النفسانية كانت قد تولدت فيهم كما في القردة والخنازير.فهذا النوع من التناسخ يبدأ من سلسلة غير منقطعة في هذه الحياة الدنيوية، وفيها ينتهي.والتولد فيها والموت والمجيء والذهاب أمر نسبي، غير واقعي وحقيقي.والنوع الثاني للتناسخ ما يواجهه أهل النار يوم القيامة وهو أنه سيعطى لكل جهنمي جسم حيوان بحسب العادة السيئة التي كان مصابا بها فيلقى به في جهنم.فالذين قد ابتعدوا عن الله لهم من جراء الجشع والطمع سيُحشرون في صورة الكلاب فيُلقى بهم في النار.أما الذين عصوا أحكام الله وانكبوا على الجماع

Page 125

نتيجة اتباعهم الشهوات فسوف يلقى بهم في النار في صورة الخنازير.أما الذين شابهوا بمعصيتهم حيوانات كثيرة فسوف يواجهون ولادات متكررة كثيرة، وعندما ينهون حياةً في حالة تشبه الموت سيبدأون حياة أخرى، وهكذا سيتعرضون لولادات متكررة كثيرة، وتصيبهم ميتات كثيرة، وهذه هي الميتات التي عبر الله عنها بالقول: ثُبُورًا كَثِيرًا في القرآن الكريم.أما المؤمنون فلن يواجهوا إلا ميتة واحدة هي الْمَوْتَةَ الْأُولَى.أما النوع الثالث للتناسخ المذكور في القرآن الكريم فهو أن نطفة الإنسان تتكون في صورتها بعد المرور بآلاف التغيرات، إذ تكون في البدء حبة قمح، وتبقى لآلاف السنين في هذه الحالة بحيث يزرعها الفلاح وتنبت من الأرض في صورة خضرة وأخيرا تصير حبة، ثم يزرعها الفلاح مرة أخرى فتنبت الخضرة وهكذا يحدث في آلاف السنين وتمر في آلاف القوالب، حتى يحين أن تكون إنسانا؛ يأكلها إنسان ما وتتكون منها النطفة الإنسانية.كما ورد في المثنوي للرومى ما تعريبه "لقد مررت من سبعمائة وسبعين (أي كثيرة) قالبا، إذ قد نبت في صورة الخضرة أو النبات"" فإذا كان أحد أبيات باوا المحترم يتضمن إشارة إلى التناسخ، فهي إشارة إلى أحد أنواع التناسخ الثلاثة المذكورة آنفا الثابت من القرآن الكريم لا إلى الفرقان: ١٥ الدخان: ٥٧ ترجمه بيت فارسي.(المترجم)

Page 126

عد النجاة تناسخ الفيدا الذي يستلزم كفر الإنسان بخالقية الله الله وعدم أبدية، والاعتقاد بأن الله لا يغفر الذنوب، ولا يقبل توبة أحد ولا يرحم أحدا.فواضح يؤمن بأن الله الله هو خالق الأرواح والأجسام كما كان يؤمن بأن النجاة أبدية.وكان يؤمن بأن الله عزوجل يغفر الذنوب، وكان من عقيدته الواضحة الجلية أن الله هل هو قد خلق الثور والإنسان وجميع الحيوانات بمشيئته وقصده، وليست ثمة روح أزلية، بل هو خالق جميع الأرواح.فكيف يمكن أن يؤمن صاحب هذه العقائد بالتناسخ الذي يقدمه الهندوس؟ انظروا كيف يقول باوا المحترم ما تعريبه: لماذا تنسى الذي خلق الروح والجسم؟ و كل أكل ولباس بدونه نجس.لاحظوا بأي جلاء أقر باوا المحترم في هذا البيت أن الأرواح والأجسام كلها من خلق الله تعالى وملكه، بينما لا يعتقد بذلك أهل التناسخ؛ وبذلك يبطل تناسخهم.ثم يقول في بيت آخر ما تعريبه: إن الذي من خلقه الروح والجسم، إذا عاش في القلب توفرت الراحة والسعادة.باختصار؛ لم يكن باوا المحترم يؤمن بالتناسخ الذي قدمه الفيدا، وإنما كان يؤمن بالتناسخ الذي هو مذكور في القرآن الكريم.أما التناسخ المذكور في الفيدا فلا يمكن أن يؤمن به غير الملحد أو شبه الملحد.أن باوا المحترم كان بريئا من مثل هذه العقائد الخبيثة.فكان 1 ملحوظة : هناك طريقة أخرى ثابتة من القرآن الكريم لذهاب الأرواح وعودتها وهي أن أبواب السماء لا تفتح لأرواح السيئين، فيُردّون إلى الأرض مرة أخرى، فقد قال الله تعالى: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)) (الأعراف: ٤١).منه

Page 127

01.970 ثم كتب رئيس تحرير جريدة "خالصه "بهادر" المحترم بعض الأبيات من ساكهى" ويريد أن يستنتج منها أن باوا نانك المحترم لم يكن يؤمن " جنم بالنبي ﷺ بل كان يكذبه، وتعريب تلك الأبيات: "تدبر في عظمة الله وعظمة محمد.لا حصر للمقربين إلى الله وأحبائه الذين يحظون بالقرب عند أعتاب الله الا الله كلما طرأت الحاجة جاء الرسل إلى الدنيا.إنما قال العبد نانك إن الله وحده ،قدوس وكل من سواه وسخ وقذر إنني أفكر الآن: لماذا قدمها رئيس التحرير؟ إذا كان نظره على شطر البيت "إن الله وحده قدوس، وكل من سواه وسخ وقذر." ويزعم أن ذلك يستلزم أن يكون باوا المحترم نفسه أيضا من الوسخين القذرين، لأنه إذا كان جميع العباد دون الله خبيثين فلا يُستثنى من هذا المبدأ الشامل نانك المحترم أيضا، لأن حضرته أيضا من العباد فقط، ولم يكن نانك إلها ليكون طاهرا.فالمؤسف أن رئيس التحرير لم يبال بعزة نانك وكرامته مطلقا وحقده على نبينا.الله الله، ما أسوأ بلاء البغض والعناد، الذي يجعل بسبب بغضه الإنسان لا يبصر وهو ينظر ، ولا يصغي وهو يسمع، ولا يفهم وهو يدرك.تذكر يا رئيس التحرير! إن الأبيات لا تعني ما فهمت أنت.وإنما تعني أن الينبوع الحقيقي للطهارة والقداسة هي ذات الله الله فقط، وأن الصالحين يكسبون الطهارة والطيب من وحده.أما إذا تأملنا في حقيقة الإنسان الله ملحوظة: إن كتابة نانك اسم محمد مقابل الله الا الله ثم وصفه أن الله أكبر بعد إجراء المقارنة دليلٌ عظيم على أن نانك كان يعد النبي ﷺ الله الله ومقربه ورسوله.منه

Page 128

11.> فهو يُخلق من ماء مهين، لهذا هو فان عديم القيمة.أما عباده المقبولون فتزكيهم عنایات الله ، وإن وجود الله كله لمصلحة الإنسان.لهذا فإن قداسته أيضا من أجل تطهير الإنسان فكما لا يبقى أي درن ووسخ على أحد بعد اغتساله مرات عديدة في النهر كذلك فإن الذين يكونون جسم الله وحده ويدخلون في نهر رحمة الله مطيعين بصدق، فهم الآخرون يتطهرون بلا ريب لكن هناك قوم آخرون يتولدون في ذلك النهر كالأسماك ويعيشون فيه دوما، ولا يعيشون لحظة خارج ذلك النهر.فهؤلاء هم الأطهار بالولادة، ومفطورون على العصمة، وهم الذين يسمون الأنبياء والرسل.إن الله لا ينخدع أبدا، فهو يجعل مقربيه بصفة خاصة حصرا أولئك الذين يسبحون بفطرتهم في نهر حبه ل دوما كالأسماك ويكونون له وحده ، ويتفانون في طاعته فلا يمكن أن يقول أي صالح صادق بأن الجميع غير الله أنجاس وخبثاء في الحقيقة فلم ولن يتطهر أحد أبدا.فكأن الله خلق عباده عبثا.بل من المعرفة الحقة والعلم القول بأن سنة الله الله ملحوظة في بني البشر من الأزل أنه يطهر محبيه.أجل إن مصدر الطهارة والقداسة الحقيقية هو الله الله وحده.وإن الذين ينشغلون في ذكره وعبادته بحب فإن الله يجعلهم مظاهر لصفاته؛ فينالون ظليا نصيبا من الطهارة التي هي متحققة في الذات الإلهية على وجه الحقيقة.إلا أن الحقيقة.إلا أن رحمة الله بحق البعض تسبق منذ البدء، فهم يكونون محل المنن الإلهية بالولادة، فيعصمهم الله الله منذ البدء من العواطف غير اللائقة وليس ذلك فحسب بل إن فطرتهم

Page 129

تتمتع بمعرفة الله وخشيته والصبر والاستقامة أكثر من الجميع، وهم بطبعهم يكرهون الإثم الذي يحبه الآخرون.وإن الذي يقول إن الناس منذ الأزل الله خبيثون وسيئون، ولا يولد في هذا العالم أناس يتمتعون بالطهارة من فهو نفسه خبيث وأعمى.أما باوا المحترم فلا نعتقد بحقه هذه العقيدة، بل نقول بيقين كامل بأن الأشقياء والسفهاء الذين لا إلمام لهم بالمعرفة الحقة والعلم الصحيح، قد ألصقوا هذه التهم بباوا المحترم.فهو لم يكن يتبنى هذه الأفكار.فأبياته الأخرى تدعم دعوانا ،هذه فغرنتهـ ما زال يضم إلى الآن بيتا تعريبه: "يجب عبادة الإله الواهب للراحة، وهي عبارة عن التطهر بعد التخلص من جميع السيئات." كذلك يتضمن غرنته بيتا تعريبه "إن لم نعرف خالقنا فإن فمنا وقلبنا كلاهما ،نجس، وإذا حمدنا الله الله وأثنينا عليه فسوف يصرف عنا جميع الخبائث".ثم كيف يصح القول بأن الجميع دون الله خبيثون وقذرون؟ فالتمسك الحرفي بالأمور والغفلة عن الحقيقة لخطأ " فادح.فهناك مثلا بيت في غرنتهـ تعريبه يا نانك، اعترف بأنك سيئ الأعمال، فانظر يا إلهي إلى من خرَّ على أعتابك"؛ أي يا إلهي صحيح أن أعمالي سيئة جدا لكنني قد خررت على أعتابك فاغفر لي فإذا قال أحد، متمسكا بالنص الحرفي، بأن سلوك باوا المحترم لم يكن والعياذ بالله حسنًا، لأنه بنفسه قد اعترف بأنه سيئ وسافل، فسيكون ذلك في منتهى التجاسر والإساءة، وهو جهل شنيع وعناد لأن قول نانك هذا في محل التواضع الله جل شأنه.وكذلك لعل قوله بأن الخلق كله دون الله خبيث وسيئ أيضا من

Page 130

۱۱۲۰ باب التواضع.والمعنى أن القداسة الحقيقية تخص الله وحده.أما الآخرون فيتطهرون كلهم بتطهيره وهذا الموضوع بهذا المعنى يطابق تعليم القرآن الكريم، لأن الله الله يقول بلسان أهل الجنة: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ.أي جميع المحامد جديرة بذلك الإله الذي وفقنا لدخول الجنة بنفسه، ومكننا من الإيمان واستصدر منا الأعمال الحسنة وطهر قلوبنا.فلو لم يسعفنا لما كنا نمثل شيئا يذكر.ثم يقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، أي ادعوا الله الا الله قائلين: ربنا إنا نعبدك ونستنجد بك في كل هذه الأمور.فكل هذه الإشارات تشير إلى التفاني والتذلل.لئلا يعتزّ الإنسان ويغتر بنفسه.لقد تذكرت الآن بيتين آخرين لباوا نانك المحترم حيث ناجى فيهما ربه بتواضع.فقد قال في غرنتهـ: "نحن نتكلم بهراء وتفسد القول، أما أنت فمتزن في نظرك".ثم يقول باوا المحترم في موضع آخر: "أنت في كل مكان لكنني حسبتك بعيدا، فكل ما نعمله هو علمك، وأنت مطلع عليه".ثم يقول في مكان آخر: إنك ترانا ونحن نرفضك ونكفر بك إذ لا نمتثل لأوامرك ولا نذكرك".فهل يمكن أن يزعم أحد أن نانك كان في الحقيقة ينطق بكلام يؤدي إلى الفساد، وأنه كان يحسب الله ، بعيدا، وكان يخفي سيئاته ولم يكن يستجيب الله و لم يكن يذكره ؟ وكذلك يقول باوا نانك 6 المحترم في الصفحة ۲۱۹ من غرنته ما تعريبه: الأعراف: ٤٤

Page 131

۱۱۳ "يا أيها الإله الحق، أنا أستند إليك وحدك وأنا سيئ جدا وأنت سبّوح ومنزه عن كل عيب".ثم يقول رحمه الله : "لقد اتبعتُ دوما الأهواء والجشع و لم أحرز أي حسنة.وهذا هو حالي على الدوام، فأنا شقي وبخيل وغافل ولستُ ثاقب النظر، إني جريء، وإني تراب طرق خدامك".ثم يقول يعني في موضع آخر: "نحن مذنبون وإنما الحق يا حبيبي ما تراه أنت حسنا".فهل ستأخذون هذه الأبيات حرفيا وتزعمون بحق نانك ما أبداه بحقه الله في هذه الأبيات؟ كلا بل سوف تشرحون قائلين بأن باوا المحترم عد نفسه عَدَما ولا شيء يُذكر، نظرا إلى عظمة الله.فكذلك كلامه بحق بني البشر أنه لا أحد يقدر على إحراز الطهارة بدون الفضل من الله تعالى.ثم يمكن أن يتأمل العاقل في أن البيت البنجابي "لکھ محمد ایک خدا- الکھ سچا ہے بے پرواہ" معناه: "تدبر في عظمة الله وعظمة محمد"، لأن كلمة "لكهنا" في النص الأصلي لهذا البيت يعني التدبر وإمعان النظر.كما تعني "الكهـ" البعيد عن الفكر والعقل.ثم إن قول نانك: "کئی محمد کھڑے دربار - شمار نہ پاویں بے شمار " يعني حصرا أنه لا حصر للمقربين إلى الله وأحبائه الذين يحظون بالقرب عند أعتاب الله.فأدرك بفتح العينين هل يستنبط من هذا البيت مدح نبينا أم ذمه؟ بل الحقيقة أن نانك المرحوم قد سمى كل حبيب محمدا لأن كلمة "مُحمّد" تعني باللغة العربية من حمد كثيرا.أي من الله كان يحبه الله كثيرا فهو يدعى محمدا.فيقول المرحوم نانك : لم يكن الله محمد أي حبيب- وحيد فقط، بل لا حصر لأحباء الله الذين يتمتعون بالإذن في

Page 132

الوصول إلى أعتابه.ففى هذه الأبيات قد أقرَّ المرحوم نانك بنبوة النبي صراحة، فلو كان هناك بيت على سبيل الافتراض يدل على الدم، فلا يمكن حتما أن يكون ذلك البيت القذر من نظم باوا المحترم ، لأنه قد مدح نبينا مرارا في كل مكان.فقد قال في أحد الأبيات في غرنته: "إن الذين يصلون على النبي هم الذين سينالون البركات في الأزمنة القادمة".ثم يقول في أحد الأبيات في غرنته: "إن الأعمال الحسنة بمنزلة الكعبة التي يجب استقبالها، كما أن قول الصدق بمنزلة المرشد الذي يُدرك به الطريق".وإن الإنسان ينال حظه بكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله وتصدر منه أعمال حسنة ببركتها.فقل الآن ما رأيك في شخص يحب نبينا إلى هذه الدرجة؟ هل يتصور أن تصدر منه كلمة غير لائقة بحقه ولا يغيبن عن البال أيضا أنه ليس سبب هذا التناقض في مثل هذه الأبيات لغرنته أن کلام باوا المحترم كان متناقضا.بل الحقيقة أن هذه الأبيات قد تم جمعها بعد وفاة باوا المحترم بمائتي أو ثلاثمائة عام، إذ قد أضيف في نهاية كل بيت اسم نانك دونما سبب.ويقول علماء غرنته المعاصرون بأن الفقرة التي فوقها "آسا محلہ پہلا" أو "گوڑی محلہ پہلا" تكون أبياتها في الحقيقة من نظم باوا المحترم، وإن لم يكن ذلك فلبعض خلفائه.لكن لما وُجد في عقب كل بيت اسم نانك، فهذا العمل عرضة للاعتراض الكبير، لأنه خلاف الحقيقة تماما ومزيف.وفي هذه الحالة سقطت من الاعتماد حتى تلك الأبياتُ التي كانت لنانك المحترم.فمن ذا الذي يقرر الآن

Page 133

۱۱۰ بعد مضي مئات السنين أي منها من نظم باوا المحترم وأيها من نظم الآخرين.فالذين أضافوا كلمة نانك في نهاية أبياتهم دون مبرر، من المتوقع أنهم لم يتورعوا عن تصرفات غير لائقة أخرى أيضا.ثم لما كانت كل هذه العملية بعد مائتي عام بل بعد مدة أطول، فكيف يمكن أن يوثق بهذه المجموعة دون شواهد أخرى؟ صحيح أن هناك احتمالا أن تكون بعض الأبيات من زمنه البدائي حيث لم يكن قد تشرف باعتناق الإسلام ولم تكن أفكاره استنارت من النور الإلهي وكان مصابا بأخطاء وأغلاط قد اعترف بها نفسه، و لم يُبدل الحذر الكامل في جمع تلك الأبيات لهذا بالإضافة إلى هذه الفكرة هناك احتمال لشبهة أخرى هي أن أبياتا كثيرة قد ألحقت بأبيات باوا المحترم، حيث استغل اسمه آخرون كثيرون.فإذا كان الفساد قد أصاب غرنته لهذه الدرجة فلا يجدر بالثقة والقبول به أبدا دون معيار مميز وليس هناك أي معيار عند العقل أكبر من العباءة واعتكافات باوا المحترم وتندرج في هذا المعيار أبيات باوا المحترم التي أقر فيها صراحة أنه لا نجاة إلا باعتناق الإسلام.ويبدو أن هذه العقيدة كانت في أواخر أيام حياة باوا.المحترم وليس من المستبعد أن تُناقض أفكاره الابتدائية أفكاره في أواخر حياته شيئا ما.بل يبدو على الأغلب أن باوا المحترم قد مال إلى الحق تدريجيا حتى صنع في أواخر حياته العباءة ولبسها لإظهار الطابع الإسلامي.كما حج البيت في أواخر حياته حصرا، واعتكف عند قبور الأولياء المسلمين أيضا في أواخر حياته.فأقواله وأفعاله في أواخر حياته جديرة بالثقة والقبول.وكل ما يخالف ذلك لا قيمة له.

Page 134

والجدير بالذكر أخيرا أنه يتبين من إمعان النظر في أبيات باوا المحترم أنه كان ينسب إلى نفسه الغفلة المتناهية والسهو والخطأ في أوائل حياته ويستخدم بحق نفسه مرارا كلمات الآثم والسافل والمنغمس في الغفلة والعنيد والغافل وغيرها.ففي هذه الحالة ليس من المستغرب أن يكون باوا المحترم-كما يقول رئيس تحرير جريدة "خالصه بهادر"- قد استخدم في أبياته كلمات مسيئة إلى سيدنا رسول الله ، وأن تكون هذه الأبيات من زمن الحجاب والغفلة التي أقر بها نفسه.لأن باوا المحترم قد اعترف بنفسه بذنوبه المتناهية وأخطائه الماضية كما قد قال في الصفحة ٢٢٤ من غرنته ما تعريبه: إن ذنوبنا وعيوبنا تساوي مياه المحيطات، فأرجو يا إلهي أن تزيح هذه الأحجار برحمتك وعطفك، إذ قد أوشكنا على الغرق.ثم يقول في الصفحة ۳۲۸ من غرنته ما تعريبه قد ارتكبنا ذنوبا كثيرة و لم نعمل أي حسنة، وكيف نحرز الحسنات دون توفيق الله وفضل منه.فإذا منَّ علينا بفضله سبحنا، أي نحونا من الغرق.كذلك قد كتبت على العباءة المقدسة: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" لاحظوا الآن بأي ضراعة وتواضع اعترف باوا نانك المحترم بذنوبه وصرَّح بجلاء أنه كان ظالما قبل هذا، ويؤمن الآن بأن الله حق وأن محمدا رسوله الأنبياء: ۸۸

Page 135

الصادق.فقد تبين من خلال تصريحه كله بجلاء أنه كان في أوائل زمنه غافلا عن المعرفة بأن الدين الإلهي هو الإسلام مع أنه ظل بعيدا عن التعصب وكان قلبه خاليا من العناد الهندوسى.وكانت رغبة البحث عن الحق قد نشأت عنده في زمن النضج، لكنه كان في أوائل أيامه غافلا بسبب الغفلة البشرية عن منبع الحياة الذي يسمى الإسلام فليس مما يثير التعجب أن يكون في أوائل حياته قد أعرب في أبياته عن أفكار تنافي الإسلام وتتصبّغ بصبغة التكذيب.فلما أدرك أن الإسلام حصرا هو الصادق في الحقيقة، وأن سيدنا محمدا المصطفى فعلا هو رسو رسول صادق وحبيب الله، فقد خلع حلة حياته السابقة وارتدى العباءة الإسلامية، وهذه العباءة التي ما زالت تنتقل في عائلة "كابلي الأجيال، هي في الحقيقة علامة تغيير نهج الحياة.فبعد خلع عباءة الإنكار السابقة وحرقها في النار ألبسه الفضلُ الإلهي عباءة الإقرار هذه الموجودة حتى الآن منذ أربعة قرون وهي تمثل شاهدا ناطقا على سيرة حياة باوا المحترم في أواخر حياته.وقد تركها باوا المحترم ذكرى لدينه وملته.فإذا وجد في بيته بعد وفاته شيء يدل على أسلوب حياته فهذه العباءة حصرا.ولم يُعثر على أي جزء من غرنته، وإنما دون غرنته بعد مائتي عام أو ثلاثمائة عام برواية الناس.ومعروف أن آلاف التغيرات والتبدلات تظهر حتى بعد مرور سنة واحدة فقط.ويسهل تقدير التغييرات والتبدلات التي يُحتمل حدوثها خلال مائتي عام أو ثلاثمائة عام.ومما تجدر ملاحظته أن تدوين الأبيات التي نظمها غوروهات سبقوا غورو أرجن داس"، والذي حصل بعد مل" عبر

Page 136

مائتي عام، هو أمر مؤكد ثابت.أما الغوروهات الذين جاءوا بعد غورو أرجن داس، فمن المحتمل أن أبياتهم نُظمت بعد ثلاثمائة سنة، وإلى الآن لم يُعلَم بالضبط من الذي كتبها ولماذا نُسب جمعُها إلى غورو أرجن داس، إذ كان الأخير كان قد توفي قبلهم.ومما يثير العجب أن اسم نانك قد أضيف في نهاية هذه الأبيات أيضا بينما تُركت مئات الأبيات لباوا نانك المحترم التي مدح فيها نبينا والإسلام وأقرّ فيها باعتناقه الإسلام من غير أن تُكتب في غرنته.فأفراد "الجماعة الجشتية" التي كانت لباوا المحترم علاقات طيبة معها يحفظونها عن ظهر قلب ويرددونها إلى الآن.وبإلقاء نظرة على كل هذه الأمور يمكن أن يدرك طالب الحق عاجلا أن من الخطأ الفادح الاعتماد على غرنتهـ المعاصر وحده لمعرفة الدين الحقيقي لباوا المحترم.فمن ذا الذي لا يعرف أن صحة غرنته الحالي لأمر معقد ومعرقل.وقد ظهرت جميع تلك الأبيات - بعد الغطس في الماء العميق للخفاء لمدة قرنين أو ثلاثة قرون في زمن كان قد - طرأ فيه التغير على الدين الحقيقي للسيخ ولم يكونوا يطيقون في تلك الحالة الأبيات التي تضم التصريحات باعتناق باوا المحترم الإسلام.وقد جمع أبدا جمع دون أي إثبات وطلب السند إذ كانت الفرصة سانحة للمزيفين للدس فيها.فمهما كانت نية غورو أرجن داس صحيحة وسليمة، إلا أن الذين بروايتهم قد جمعت تلك الأبيات لم تكن درايتهم وروايتهم جديرة بالثقة أبدا.إن الشيء الذي وُجد في بيت نانك المحترم بعد وفاته وينتقل جيلا بعد جيل إلى الآن هو عباءته المقدسة فقط.يجب على كل منصف يريد اكتشاف حقيقة

Page 137

دين باوا المحترم أن يقبل شهادة العباءة؛ لأن عباءة باوا المحترم تنوب منابه، وإن كانت هناك شهادات موافقة أخرى موجودة في غرنتهـ وغيره وهي ليست قليلة، إلا أن العباءة على كل حال لها الأفضلية، وهي تمثل شهادة حية وشاهد عيان.ملخص الدلائل على إسلام باوا نانك لقد سبق أن كتبنا مرات كثيرة أن باوا المحترم كان قد تخلّى عن الفيدا نهائيا بعد اطلاعه على تعاليمه الفاسدة، وقد عثرنا بالتدبر على أن حياة باوا نانك المحترم مرت بثلاث مراحل ولم يُتوفَّ قبل أن يشهد المرحلة الثالثة من حياته.(۱) المرحلة الأولى يوم كان هندوسيا بالاسم فقط بحسب التقاليد أنها من السائدة، ولا غرابة في أن تنسجم أبياته في ذلك الزمن مع الهندوسية.(۲) المرحلة الثانية أتت على باوا نانك المحترم حين تبرأ من الهندوسية تماما وبدأ ينظر إلى الفيدا بنفور.فجميع أبياته التي تقدح بالفيدا تبدو هذه المرحلة في الحقيقة، غير أنه في هذه المرحلة لم تكن قد نشأت له أي علاقة بالإسلام أيضا، لأن معرفته لم تكن قد وصلت إلى درجة تمكنه عرفان نور الدين الإلهي، بل كانت غامضة وبدائية في هذه المرحلة.فليس مما يثير العجب أنه قد تكلم عن بعض الأمور أو نظم بعض الأبيات المنافية للحق الكامل.من

Page 138

۱۲۰۰ (۳) أما المرحلة الثالثة في حياته فقد حلّت على باوا المحترم حين نضجت معرفته وعرف أن أفكاره السابقة لم تكن خالية من الخطأ.ولذا كان يستغفر الله كثيرا باكيا على حياته الماضية.وفي هذه المرحلة الأخيرة قام بحجتين وأقام سنتين في مكة والمدينة وعكف على قبور صلحاء الإسلام وانسلخ عن حلة حياته السابقة نهائيا ولبس كعلامة للحياة الجديدة العباءة التي ما زال مكتوبا عليها في كل طرف "لا إله إلا الله محمد رسول الله".وكانت عاقبته رائعة جدا إذ قد صلى عليه الجنازة جمع غفير من المسلمين.إنا لله وإنا إليه راجعون.فليتأمل السادة السيخ في أن باوا المحترم كان يؤمن بنزول الكلام الإلهي إذ قد صرح مرات كثيرة في عدة مواضع من غرنته بأن لا أحد يفوز بسبيل الله دون هدايته وكلامه ، كما يقول ما تعريبه "إن الذي تهديه فهو الذي يجدك، فأنت تفعل ما تريد".ثم يردف قائلا: "لقد جاء الإنسان بأمر وهو لا يعرف الأمر، وإنما يتم الإصلاح بأمر من الله".وهناك مئات الأبيات بهذا المضمون.ولا أحد يقدر على رفضها، وخلاصة هذه الأبيات كلها أن على المرء اتباع إلهام الله الله وكلامه.عندئذ سيهتدي سبيله، إلا أن باوا المحترم لم يدَّعِ قط أن أبيات غرنته التي نظمها إلهامية أو هي كلام الله بل قد وصف نفسه بالشاعر، كما يقول في الصفحة ٩٦٣ ما تعريبه: "إن النفس واللحم والروح منك، وأنا أحبك كثيرا.هذا ما يقول لك الشاعر نانك أيها الإله الحق".فالبديهي أنه لو كان

Page 139

۱۲۱ كلام نانك المحترم هذا من الله له لما وصف نفسه في هذه الأبيات بالشاعر.فلما كان هذا الكلام لنانك نفسه، وهو قد أقرّ من ناحية ثانية بأن أي إنسان لا يفوز بالنجاة بدون اتباع كلام الله الله، فهنا ينشأ السؤال بالطبع: أي كتاب أتبعه باوا المحترم لنيل رضوان الله؟ وإلى أي كتاب إلهامي وجه أتباعه السيخ؟ فقد رددنا على هذا التساؤل جيدا في هذا الكتاب وهو أن باوا المحترم ظل يتبع القرآن الكريم ونصح باتباعه.وإذا أمعن المرء النظر في عقائد باوا المحترم المذكورة في أبيات غرنته على لسانه - بغض النظر عن كل هذه الأمور - لأيقن بسر عة أن هذه المعتقدات لا يُعثر عليها في أي دين غير الإسلام فهذا أيضا يشكل دليلا قويا على أن باوا المحترم قبل العقائد الإسلامية فقط واتخذها عقيدة له.فإن لم نصف صاحب هذه العقائد بالمسلم فأخبرونا إلى أي دين ننسبه؟ وهنا أود أن أكتب بعض أبيات باوا المحترم مثلا، فليقرأها السادة السيخ بتدبر وليقولوا في أي دين توجد هذه العقائد؟ فمن بينها البيت التالي وتعريبه: "أيها الأحياء إذا ابتعدتم الله الله فستحترقون.فقد سألتُ مرشدي فليس هناك أي مكان آخر".فليتضح أن هذا البيت ترجمة للآية القرآنية: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّين.ومثل ذلك هناك آية أخرى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي أكثروا من ذكر ربكم لكي تنجوا من نار جهنم.عن الإنفطار : ١٥-١٦ ٢ الأنفال: ٤٦

Page 140

۱۲۲۶۰ فالواضح أن التصلية في النار في حالة المعصية ليست من عقيدة الهندوس.بل هم يؤمنون بالمرور بالولادات المختلفة.كما ليس من تعليم النصارى أن الإنسان ينجو من الجحيم نتيجة حبه الصادق الله ، لأن النجاة في دينهم تتوقف على الإيمان بانتحار المسيح.فإنما بين باوا المحترم تعليم القرآن الكريم فقط.فمن تعاليم القرآن الكريم وحده قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا أي لن ينجو من نار جهنم إلا من زكى نفسه من عبودية النفس وجميع المعاصي.وهناك بيت آخر لباوا المحترم وتعريبه: "ما أكثر قدراتك وما أعظم عطاءك ورزقك وما أكثر مخلوقاتك من الأرواح والأجسام التي تحمدك ليل نهار".فهذا البيت أيضا ترجمة لآيات من القرآن الكريم لأن الله الا الله يقول في القرآن الكريم: إنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ..لا حظوا الآن إن هذا البيت لباوا المحترم ترجمة حرفية لهذه الآيات، وهو في الوقت نفسه ينافي عقيدة الفيدا ،صراحة، لأن عطاء برميشور ورزقه لا شيء بموجب عقيدة الفيدا.وإنما كل شيء هو بنتيجة أعمال الإنسان نفسه.كما لا يقول الفيدا بأن النار والماء والهواء وغير ذلك من الأشياء تسبح الله الله ٤ الشمس: ۱۰ البقرة: ١١٠ البقرة: ٢٥٦ إبراهيم: ٣٥ الإسراء: ٤٥

Page 141

۱۲۳ وتثني عليه، بل يصفها الفيدا آلهة بحد ذاتها.وإن قلتم إن هذه الأسماء سمي بها الإله وإن كانت في الظاهر أسماء الأشياء المخلوقة، فيجب أن تثبتوا أنه كما يقول القرآن الكريم بأن القمر والشمس والنجوم والماء والنار والتراب والهواء كلها من مخلوقات الله الله وتسبح له وأنه لا تجوز عبادة أي من هذه الأشياء، كذلك صُرِّح بمثل ذلك في الفيدا أيضا.لكن ذلك ليس صحيحا أبدا.فالعناد التعصب أمر، وإثبات شيء ما أمر آخر تماما.فقد استمد باوا المحترم سبـ كل هذه المضامين من القرآن الكريم.وهناك بيت آخر لباوا المحترم تعريبه "إن الجنة بيت عال ورفيع، والمباني فيها جميلة، ويُنال ذلك البيت بالتحلي بالصدق.والحب باب ذلك البيت الذي يدخل الناس منه إليه".وهذا الشعر مستمد من الآية القرآنية التالية: أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ ، حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا ) وَمُقَامًا أي أن الذين يتمسكون بالصدق ويخشون الله فسوف يعطون الغرفة وهي مكان جميل للاستقرار.انظروا قد ترجم هنا باوا المحترم هذه الآية صراحة.فهل لا تزالون تشكّون في أن باوا المحترم كان يتبع الكريم فقط ؟ فأين مثل هذا البيان عن الجنة في الفيدا؟ بل ليس في الإنجيل أيضا.ولذلك يعترض بعض النصارى العميان ويقولون إن القرآن الكريم ذكر الجنة المادية.ولا يعرفون أن القرآن الكريم يقول مرارا لما كان الجسم والروح يعملان في الدنيا في سبيل الله فسينالان الجزاء كلاهما؛ فالجزاء الأوفى الفرقان: ٧٦ القرآن الفرقان: ۷۷

Page 142

يقتضي أن تُجزى الروح بحسب رغبتها ويجزى الجسم بحسب رغبته.إلا أن ذلك المكان سيكون منزها تماما من الشوائب المادية والكدورات، وسيكون الناس مثل الملائكة من حيث الطهارة.ومع ذلك سيكون الجسم والروح کلاهما متمتعا باللذة ،والسرور، حيث يقع نور الروح على الجسم، وتشارك الروح لذات الجسم أيضا.وهذا لا يتأتى في هذا العالم، بل إن اللذة المادية تمنع اللذة الروحانية في هذا العالم.وبالعكس تمنع اللذة الروحانية اللذة المادية، لكن ذلك لن يحدث في الجنة.بل سوف تنعكس كلتا اللذتين على بعضهما.وهذه الحالة تسمى السعادة العظمى.باختصار؛ قد أخذ باوا المحترم نكتة المعرفة هذه من القرآن الكريم لأن الشعوب الأخرى غافلة عن ذلك وعقائدها تنافي ذلك.ثم هناك شعر آخر لباوا المحترم تعريبه : "إلام" أذكر؟ لا يسعني بيان نعم الله.وما أكثر السائلين، لكن المعطي الرزاق واحد، قد خلق الأجسام والأرواح.إذا سكن في القلب اطمأن القلب".فهذا البيت مستمد من القرآن الكريم التالية: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ، وَاللَّهُ لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ، يَسْأَلُهُ مَنْ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا...أي قد فاز من طهر نفسه من التفكير ٤ هود: ۷ طه: ۹ الرحمن: ٣٠ الشمس: ۸ الشمس: ١٠ آیات

Page 143

الله ۱۲۰ في غيره الله فهذه الآية لم تقل: "من أسكن في قلبه ذلك الحبيب" كما قال باوا المحترم.فالحقيقة أن الله ساكن في الداخل سلفا بنفسه، وإنما البعد التفات الإنسان إلى الغير.فحين يصرف الالتفات عن الغير، فسوف يشاهد في نفسه النور الإلهي.فليس الله بعيدا حتى يذهب أحد إليه أو يأتي هو إليه، وإنما الإنسان يبتعد عنه بسبب الحجاب.يقول الله : من جلى مرآة قلبه وجد الله قريبا منه.وكذلك قول الله الله في آية أخرى في القرآن الكريم: (نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ'.ففيه إشارة إلى أنه كما يموت الإنسان عند خروج الدم من حبل الوريد، كذلك فإن المرء يرى موته في الابتعاد عن الله ، بل أشد من ذلك.الله، ثم يقول باوا المحترم ما تعريبه: "إذا نسيت الحبيب لحظة فإن قلبي يمرض، فكيف يحظى الإنسان بالعز في حضرته إذا لم يكن قلبه عامرا بحب الله؟!".ويقول القرآن الكريم: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ، عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا.أي أن الأبرار الذين يحبون الله لفي اق: ۱۷ البقرة: ١٥٣ الإنفطار: ١٤ المطففين: ٢٤ الأنبياء: ٢٧ الإسراء: ٧٣ ٤ ° 7

Page 144

نعيم في الآخرة، ينظرون إلى الله، من حظي بلقاء الله في هذا العالم سيحظى به في الآخرة أيضا.أما الذي لا يراه هنا في هذا العالم فسيكون محروما من العزّ والمرتبة في العالم الآخر أيضا.انظروا الآن كيف إن مضمون هذا البيت كله مستمد من القرآن الكريم وهو يطابق عقيدة الإسلام ولا يمت إلى فيدا الهندوس بصلة.أفلم تفهموا إلى الآن أن باوا المحترم كان يبين كل قضية بحسب عقائد الإسلام ويستمد كل نقطة معرفة من القرآن الكريم؟ ثم يقول باوا المحترم في أحد الأبيات ما تعريبه أيها التجار، احفظوا متاعكم وتزوّدوا ، فالمالك عليم خبير، سيأخذ منكم المتاع بعد فحصه.فمن كان متاعهم مزيفا فكيف ينالون الراحة؟ فبرفقة التجارة المزيفة سيكون القلب والجسم مزيفين.فكل هذا المضمون موجود في آيات القرآن الكريم التالية فاقرأوها بتدبر، وهي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْحِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله إنَّ ، الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ، كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ.أي هذه التجارات * يَكْسِبُونَ التي تنشغلون فيها لا تخلو من الخسائر، ويواجه المرء فيها كل يوم عذابا.الصف: ۱۱-۱۲ ٢ الحشر: ۱۹ المطففين: ١٥-١٦

Page 145

۱۲۷ فتعالوا أخبركم عن تجارة رابحة فقط وليس فيها أي احتمال للخسائر.وهي أن تؤمنوا بالله ومرسله وبذلك ستكثر ثروتكم الروحانية- أي الأموال التي قدمتموها للعالم الآخر - فاتقوا الله العليم الخبير الذي يمتحن أعمالكم جيدا، ولا يقبل منكم أعمالكم المزورة، وأما الذين عملوا أعمالا مزورة فصدئت قلوبهم بأعمالهم الزائفة، فلن يروا الله أبدا الآن يجب النظر بتدبر وإنصاف أن باوا المحترم قد اقتبس من آيات القرآن الكريم بجلاء ويبين عقيدة القرآن الكريم.فإن لم يكن قد آمن بالقرآن الكريم فلماذا اتخذ تعليم القرآن الكريم عقيدته؟ فما معنى اعتناق الدين؟ ألا إنما اعتناق الدين يعني أن يبدي المرء أفكاره متفقةً مع تعاليم دين ما باعتبارها صادقة ثم يقول باوا المحترم ما تعريبه: "قدر ما ترزقنا نأكل فليس لنا غيرك من ملجأ نأوي إليه.فإنما يقول هم ملحوظة : إن الإيمان بمن أرسله الله الذي يُسمّى الرسول باللغة العربية، ضروري.لأن الله له خفي جدا ومتوار وراء الحجب، ومستور.وإن الذين يشاهدونه رسله الذين يبعثهم بتعليم من عنده فالإنسان لا يقدر بنفسه في حالته البدائية على رؤية ذات ذلك اللطيف الأخفى، بقوة عينيه وإنما يستطيع أن يراه من خلال المنظار الذي هو رسوله.باختصار؛ إن الذي صبغه الله نفسه بمعرفته فإن طلب الله عن طريق ذلك الهادي الصادق لهو الصراط المستقيم.وإن تابع ذلك المرشد الكامل يجد نصيبا ذلك من النور.إن الطريق السائد منذ البدء هو أنه كما يولد الإنسان من إنسان فإن العباد طلاب الحق يكسبون الوجود عن طريق عباد الله الكمّل.هذا هو النظام الإلهي منذ القدم.إن النور ينتقل من صدر إلى صدر، والرسول الذي هو مرشد حق وأب روحاني ينتقل نوره عن طريق أنبوب الحب إلى أتباعه.هذا التعليم المهم غير مذكور في الفيدا قط، وهذا من نقائص الديانة الآرية، بل إن رسل الفيدا أصلا مجهولون.منه

Page 146

۱۲ لك نانك بأن الروح والجسم عندك.فهذا المضمون قد استمده نانك المحترم الْحَيَاةِ من آيات القرآن الكريم التالية: نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ ، إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ".أي قد قسمنا بينكم أشياء الأكل والشرب والحاجات الأخرى بالتفاوت، ورفعنا مرتبة بعضكم.حيثما تتوجهون تكون معكم غلبه الله.انظروا لقد صاغ باوا المحترم ما أراد هذه الآيات صراحة وهذا المضمون يخالف عقيدة التناسخ تماما، لأن الذي يؤمن بالتناسخ لن يقول إن قلة الرزق وزيادته من قدر وقضائه، بل سوف ينسب كل عزة له وذلة إلى أعماله السابقة ولن يؤمن أبدا بأن الله هو خالق الأرواح ثم يقول باوا نانك المحترم ما تعريبه: من من الله "لا يعرف أحدٌ عددَ أحكامك، حتى لو جمعنا مائة شاعر لما تمكنوا من بيان ذرة".فانظروا الآن بقليل من التدبر، أن باوا المحترم قد استمد هذا المضمون آية القرآن الكريم التالية: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا".ثم يقول باوا المحترم في نهاية هذه الفقرة نفسها ما تعريبه: "لا يقدر أحد على تقدير الحقيقة الأصلية لله وإنما كان الأمر يتوقف على الأمور السماعية فحسب".والمراد أنه قد تم الإيمان بالله (باللسان (فقط أما كنهه الحقيقي فلا يدركه أحد.فهذا الزخرف: ٣٣ الرحمن: ٣٤ الكهف: ١١٠

Page 147

۱۲۹ البيت في الحقيقة ترجمة الآية التالية : لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وفي الآية إشارة إلى أن أحدا لا يقدر على اكتشاف كنهه بعقله.ثم يقول باوا المحترم في إحدى فقرات غرنتهـ ما تعريبه: "قدر ما مضى من الأولياء والأنبياء والسالكين والشهداء والمشايخ والقضاة والملات، والنساك الصالحين فلن ينالوا البركات إلا بالصلاة على سيدنا محمد المصطفى " ففيه إشارة إلى آية: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبْكُمُ اللَّهُ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ".فليلاحظ القراء بإمعان النظر أن باوا المحترم قد كل هذه الأبيات من هاتين الآيتين حصرا.فإن لم يقبل أحدهم عنادًا فهو أمرٌ آخر.أما مقصد باوا المحترم فيلمع كالشمس.فإلى متى يمكن إخفاؤه وكتمانه.ثم يقول باوا المحترم في بيت آخر ما تعريبه: "إنه يصنع دون سؤال ويُفني بغير سؤال، فهو أعلم بقدرته ، فهو ينجز الأفعال بمشيئته".نسخ فهو يرى الجميع وينظر إليهم ويرزق من يشاء.ينبغي أن لا يخفى عليكم أن هذا البيت مأخوذ من الآيات: وَكَفَى باللَّهِ وَكِيلًا، لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، الأنعام: ١٠٤ الأحزاب: ٥٧ آل عمران: ۳۲ النساء: ١٣٣ الإسراء: ١١٢

Page 148

۱۳۰۰ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ، قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا سَبَتْ.أي أن الله نفسه وكيل أفعاله ولا يُصدر أوامره بمشورة أحد.ولطيف بعباده، أي ينظر إلى عباده بنظرة دقيقة.قائم على كل نفس، أي يشاهد أعمالها.ثم هناك بيت آخر لباوا المحترم تعريبه : "أيها القلب الغبي اقتف بآثار قدمي المرشد واذكر الله فسوف يخاف بذلك ملك الموت ويهرب الألم".فهذه الأبيات كلها ترجمة الآية القرآنية: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، فَفِرُّوا إِلَى اللهِ.كذلك هناك بيت لباوا المحترم وهو ما تعريبه: "إن الذين يموتون في سبيل اتباع الكلام الإلهي فلن يموتوا بعد ذلك.فبكلام الله يُنال قرب الله وينشأ حبه".فهذا البيت لباوا المحترم مستمد من الآيات التالية: إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامِ أَمِين ، لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ).والسر الكامن في ذلك أن موت المؤمن المتقي لا يكون كالأنعام والمواشي بل يحيا المؤمنون من أجل الله ومن أجله يموتون.لهذا فإن ما يخسرونه في سبيل الله يُعاد إليهم.كما قال الله بحق إمام المؤمنين سيد الأنبياء : قُلْ إِنَّ الشورى: ۲۰ ٢ الرعد: ٣٤ " يونس: ٦٣ ٤ الذاريات: ٥١ ° ٦ الدخان: ٥٢ الدخان: ٥٧

Page 149

۱۳۱ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.وفي ذلك قال الله في القرآن الكريم أيضا: فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ نُونَ.أي أن الذين يتبعون كلامي فلن يخافوا ولن يحزنوا.فأنواع الموت والهلاك التي تصيب عبدة الدنيا، ينجو من خوفها أولئك الذين يتقبلون الموت روحانيا بالتفاني في الله.ثم يقول باوا المحترم في أحد أبياته ما تعريبه: "أي أنت رءوف ووهاب وكريم، وتهدم وتعمر في لمح البصر." فهذا البيت لباوا المحترم يطابق آيتي القرآن الكريم التالية: اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ، و كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ.أي في كل يوم هو مشغول في فعل معين؛ فيدعو البعض إليه ويردّ البعض، ويعمر البعض ويهلك البعض، ويُعزّ البعض ويُذل البعض.ثم هناك أحد الأبيات لباوا المحترم تعريبه: "إذا هجر الإنسان أهواء القلب وتخلى عن التفكير في الغير، فسوف يفوز بلقاء الله ، فلن يمسه السموم".فهذا البيت مستمد من آية: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.فالذي يرجو لقاء ربه فعليه أن يحرز عملا يخلو من الفساد.أي لا تكون فيه ذرة من اتباع النفس والهوى ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، لا الأنعام: ١٦٣ البقرة: ٣٩ الشورى: ١٤ الرحمن: ٣٠ الكهف: ١١١

Page 150

۱۳۲۰ النفس والهوى ولا أي آلهة أخرى ثم يقول في آية أخرى: ﴿وَأَمَّا مَنْ حَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ، المأوى: أي مقامه الجنة التي هي بيت الراحة والرؤية الإلهية.ثم يقول في أحد الأبيات ما تعريبه: "كل شيء فان ،هالك، وإنما الله سيبقى للأبد".فيمكن أن يفهم القراء أنه ترجمة حرفية للآية: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ثم يقول باوا المحترم في أحد أبياته ما تعريبه: "سوف يزن الله بميزان الحق.وإن الرجاء وطول الأمل يُهلكك (أيها الإنسان!) فاستمسك بإله واحد وتحل بالصدق".انظروا كيف أفصح باوا المحترم عن العقيدة التي علمها القرآن الكريم المسلمين.فقد ورد في القرآن الكريم: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ، وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، قوله "سديدا" : أي قولوا كلاما مبنيا على الصدق والسداد والحق والحكمة، واذكروا الله وأنيبوا إليه.ثم يقول باوا المحترم في أحد الأبيات ما تعريبه: "له أنواع القدر فمن شاء ،عظمه، فبيده كل عظمة، فمن أراد أعطاه إياها".٤ 0 النازعات: ٤١-٤٢ الرحمن: ٢٧-٢٨ الأعراف: ۹ النساء: ٥٠ الأحزاب: ۷۱ المزمل: ۹

Page 151

۱۳۳ لاحظوا الآن كيف أن الإيمان بالقدر يخص عقائد الإسلام، فالقرآن زاخر بهذا التعليم.فكل أنواع العزة والذلة مقدَّرة من الله ل فهو يُعز من يشاء ويُذل من يشاء.أما أتباع الفيدا فلا يؤمنون بذلك أبدا إذ يحسبون كل ذرة من الحزن والراحة نتيجة ولادة سابقة مجهولة.يقول الله الله في القرآن الكريم : خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ، كما يقول في آية أخرى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبرَ أَهَا ؛ قوله " في كتاب أي مقدر كذلك يقول الله في القرآن (وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ.ثم يقول باوا المحترم في أحد الكريم: الأبيات ما تعريبه هو نفسه قريب وهو بعيد وهو في الوسط، وهو بنفسه يرى ويسمع وبنفسه خلق العالم بقدرته فليلاحظ القراء ويتأملوا في أن هذه العقيدة لا علاقة لها بعقيدة الفيدا، إذ لا يعتقد الفيدا مطلقا أن الله تعالى خلق العالم كله بقدرته.إنما هذا التعليم للكتاب الذي ورد فيه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، والذي قال نفسه: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ، هُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهُ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهُ، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي الفرقان : ٣ الحديد: ۲۳ آل عمران: ۲۷ الحديد: ٤ الزخرف: 10: ۲ ٤

Page 152

فَإِنِّي قَرِيبٌ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ، قوله "في السماء إله": أي هو بعيد وفي الأرض إله أي قريب.وقوله "إني قريب": أي إذا سألك الذين يعبدونني فإني قريب؛ أي قريب من أحبائي وبعيد عن أعدائي.واعلموا أن الله يكون بين المرء وقلبه؛ أي كما من صفاته الاقتراب والابتعاد كذلك من صفاته التوسط والحيلولة أيضا.ثم يقول باوا نانك المحترم في إحدى الفقرات من غرنتهـ ما تعريبه: "إنك تحيي بعد الموت وترزق الوصال بعد المغفرة؛ فأنت تطالب أن تُعبَد كما تشاء".فليتأمل كل إنسان هل هذه العقيدة من الإسلام أم من الآرية؟ فالآريون أيضا يمكن أن يدلوا بشهادتهم إذا أرادوا بأن البعث بعد الموت غير ثابت من الفيدا.كما لا يثبت أن الإله يقبل التوبة ويغفر الذنوب، فهذه العقيدة تخص الإسلام كما قد قال الله في القرآن الكريم: قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ الله يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ.ثم يقول في آية أخرى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).باختصار؛ إن كلام باوا المحترم كله يوافق عقائد الإسلام، فلو اطلع عليه أحد ولو بنظرة عابرة ٤ البقرة: ۱۸۷ الأنفال: ٢٥ يس: ۷۹-۸۰ غافر: ٤ البقرة: ٢٩

Page 153

۱۳۰ بشرط أن لا يكون عنيدا لعرف حق اليقين أن كلام باوا المحترم متصبّغ بصبغة تعليم القرآن الكريم وحقائقه ومعارفه، وأن جميع المعتقدات الإسلامية الضرورية الموجودة في القرآن الكريم مذكورة في كلام باوا المحترم.فهنا ينشأ التساؤل بالطبع: إن لم يكن باوا المحترم قد مال إلى الإسلام بعد تخليه عن الفيدا، فلماذا اعتنق عقائد الإسلام؟ اجمعوا كتب العالم كله واقرأوها فلن تجدوا أبيات باوا المحترم وأقواله مطابقة لأي كتاب غير القرآن الكريم.ولا يتوقف الأمر على هذا بل قد صرح باوا المحترم علنا بأنه لن ينجو أحد إلا باتباع محمد المصطفی و فسوف نسجل في هذا الكتاب لاحقا شهادة بعض الباحثين الإنجليز بهذا الخصوص، وقد كتبنا مرارا أن العباءة المقدسة هي أروع دليل للاطلاع على السيرة الأصلية لباوا المحترم، إذ عليها اتفاق منذ مئات السنين.فبعد وفاة باوا المحترم لم يُعثر على أي نسخة للفيدا ولا أي كتاب ديني هندوسي آخر ولم يترك أبيات غرنته مكتوبة في منزله و لم يتم العثور على صورة أي من الآلهة الهندوسية.وإنما عُثر على العباءة المقدسة المليئة بآيات قرآنية مثل أي لباس مطرّز بخيوط من ذهب.يجب على محبي باوا المحترم حبا صادقا أن لا ينبذوا هذا الأمر كشيء مهمل، فلو لم تكن العباءة المقدسة تذكارا مباركا لكانت قد ضاعت منذ زمن.انظروا؛ فمن ناحية توجد العباءة المقدسة، ومن ناحية أخرى يصدق "جنم ساكهي أبجد" أن الكلام المكتوب عليها قد كتب بالقدرة الإلهية.فتدبروا الآن هذا الذي كتب بقدرة الله فإلامَنْ يعود ذلك الكلام؟ أإلى الله أم إلى الإنسان؟

Page 154

١٣٦٥ فغاية القول إن "جنم ساكهي" لبهائي بالا، الذي كان قد كتب في الزمن نفسه يصدق أن القرآن الكريم كلام الله.فهل أي إثبات أقوى من أن العباءة موجودة من ذلك الزمن إلى يومنا هذا؟ وأن "جنم ساكهى أنجد" أيضا ما زال موجودا منذ ذلك الزمن؟ فنحن لا نُقدِّم شيئا من عندنا العباءة بحوزتكم كما أن جنم ساكهي لأنجد أيضا عندكم أنتم، فاقبلوا إن شئتم أو ارفضوا إن شئتم.بعض الأحداث المتعلقة بوفاة باوا نانك فلما أثبتنا إسلام باوا المحترم في هذا الكتاب ببراهين ساطعة، رأينا أقرب إلى الحكمة أن نناقش قليلا أحداثا ظهرت عند وفاته لأن الإنسان الذي لم يكن قد تخلى عن معتقداته الدينية وكان متمسكا بعقائد قومه القديمة ومات عليها، يتأكد الجميع من الأقارب والأجانب عند وقته الأخير الذي هو نقطة أخيرة من دائرة حياته أن ختامه كان على دين قومه.وإذا جاء شخص من غير قومه و خاصم قومه عبثا بحجة أن المتوفى كان من دينه فلْتُسلم له جثته ليدفنها بحسب تقاليده ويؤدي الطقوس الدينية مثل الجنازة وغيرها بحسب تعليم دينه، فإن تصرُّفه ذلك سيُثير ضجة وليس من المستبعد أن يغضب القوم ويضربوا ذلك المتجاسر الوقح ويعاقبوه بذلة.لأن الدعوى من هذا النوع لا تؤثر في شخص الإنسان المتوفى فحسب بل يتعرض القوم كلهم للاستخفاف بهذه الدعوى، كما تترتب عليها الإساءة إلى ذلك الدين أيضا.وحين نتحرى

Page 155

۱۳۷ ونبحث هل حدثت مثل هذه المعاملة أو ظهر مثل هذا التصرف عند وفاة باوا المحترم أم لا، وإذا كان قد ظهر فماذا كانت ردة فعل كبار القوم؟ يثبت بوضوح أن النزاع بين الهندوس والمسلمين حصل حتما بعيد وفاته، حيث كان الهندوس يريدون أن يحرقوا جثة باوا المحترم بينما كان المسلمون يُصرون على دفنه لكونه مسلما.فهذا النزاع قد طال لدرجة أن كادت تندلع حرب.أجمع المؤرخون الإنجليز على أن المسلمين جاؤوا وادعوا بكل قوة: كان باوا المحترم منا لذا سلّموا لنا جثته لندفنها بحسب التقاليد الإسلامية.ومما يُثير العجب أنه حين عُرض ادعاء إسلام باوا المحترم على أحد من كبار قومه لم يتمكن من تفنيده، بل قد زعم كبار القوم العقلاء بدلا من أن يفندوا الدعوى أن جثة باوا المحترم قد ضاعت من تحت الرداء، فليأخذ المسلمون نصف الرداء ويعاملوه بحسب تقاليدهم وليأخذ الهندوس النصف الثاني ويعامل كل منهما نصفه بحسب تقاليده.فأخذ المسلمون نصف الرداء وصلوا عليه الجنازة ودفنوه.أما النصف الثاني فأحرقه الهندوس.وقد نقل المؤرخون ملحوظة: إن صلاة الجنازة على باوا المحترم أقرب إلى القياس، لأن غرنته يضم بيتا صرَّح فيه باوا المحترم نبوءةً بأنه ستصلى عليه الجنازة، فقد قال ما تعريبه: "إن الدنيا دار الفناء، فهذا أمر مؤكد فأدركه بقلبك.إن شعر رأسي بيد عزرائيل.ألا تعرف أيها القلب أن الزوجة والابن والأب والأخ لا أحد منهم يقدر على أن يمسك بيدك، فأخيرا عندما سيُقرأ علي التكبير - أي تصلّى جنازتي - فسأكون عديم الحيلة وسأكون "I جثة هامدة" فكلمة "التكبير واضحة جدا لدرجة يعرف كل واحد أنه يكبر الموت على الذين تصلى عليهم الجنازة فحسب.منه عند

Page 156

۱۳۸ الإنجليز ذلك من كتب السيخ الموثوق بها.كما بينوا معه أنه من المحتمل أن مريدا كان قد أخذ جثته سرا.لكن يجب أن يفكر هؤلاء المؤرخون في أن هذا الحادث الغريب لوفاة باوا المحترم وفقدان جثمانه يشبه جدا قصة المسيح اللي.لأن هذا ما حدث هناك أيضا وإن اليهود إلى الآن يشكون في أن جثمان المسيح اللي قد سُرق.فقد ورد في إنجيل متى: {وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاطس * قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنْ ذلِكَ الْمُضِلَّ المسيح ال) قَالَ وَهُوَ حَيْ: إِنِّي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ.فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِئَلَّا يَأْتِيَ تَلَامِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْب : إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الصَّلالَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!» } (إنجيل متى ٢٧: ٦٢-٦٤) باختصار؛ إذا كان هذا الاعتراض يقع على عقيدة النصارى أيضا فإن اعتراضهم على حادث باوا المحترم ليس في محله ولا سيما حين توجد في غرنته بعض الأبيات التي تفيد بأن الذين يتفانون في حب الله لهم يحيون مرة أخرى.فمثل هذه الأبيات تؤيد وتدعم هذا الحادث أكثر.وحتى لو كانت الفكرة القائلة بأن أحد مريديه كان قد أخرج جثمانه سرا صحيحة، فليس من شك في كون ذلك المريد مسلما.فالقرينة القوية تدعم أن المسلمين يعدون إعداد قبر وهمي ودفن الثوب فيه وحسبانه قبرا من الخداع والذنب.فالمسلمون لا يمكن أن يُقدموا على ذلك.فلو كانوا قد استلموا الرداء فقط لحفظوه لكونه مباركا ولما دفنوه قط.فالإسلام ذلك، وهي

Page 157

۱۳۹ لا يأمر بدفن رداء أو ثوب آخر بدلا من الجثمان فلا يوجد ذكر ذلك في القرآن الكريم والحديث، بل إنه من أنواع الدجل والخداع الذي لا تجيزه شريعة الإسلام أبدا.والقرينة الثانية هي أنه في ذلك الزمن كان يقيم في البنجاب مسلمون ،أحناف ولا تصح الجنازة إلا بوجود الجثة في الفقه الحنفي.فحين صلَّى هؤلاء المسلمون الأحناف صلاة الجنازة على باوا المحترم فلا بد من الإيمان بأن المسلمين كانوا قد حصلوا على جثمانه بطريقة ما.ثم الحادث لمسح دموع الهندوس، ولذلك لم تثبت طقوس حرق جثمان باوا المحترم، أما الجنازة فمتفق عليها.فنبوءة باوا المحترم بأن جنازته ستُصلى لا تتحقق على وجه كامل إلا إذا كانت صلّي عليه بوجود الجثمان كما هي العادة السائدة.لكننا نستطيع أن نقول بتحدٍّ بأن جثمانه لم يحرق، لأن حرق الجثمان لا يمكن أن يخفى على أحد.فلو كانوا قد أحرقوا جثمان باوا لأوصلوا رماده أيضا إلى نهر الغانج أو قاموا بطقوس متعلقة بالجثمان، لكن ذلك لم يحدث بالتأكيد.ثم هناك قرينة ثالثة أن وهي الكبير أي جنم ساكهي لأنجد يفيد أن باوا المحترم كان يحب أن يُدفن؛ فمنه يستنبط بجلاء أن باوا المحترم كان قد وصَّى مريديه المسلمين بأن يدفنوه سرا.لأن الشيء الذي يحبه الإنسان يسعى للحصول عليه، وفي هذا الوضع ليس من تدبير أفضل من الوصية.المحترم ملحوظة: لقد جنم ساکھی.ورد في الصفحة رقم ٢٠٢٦ لجنم ساتهي كبير بيت باوا نانك عن القبر، حيث يقول ما تعريبه: إن الذين دخلوا القبر مطهرين من الوصمة فلن يقترب منهم فيح جهنم.منه

Page 158

نعود إلى صلب الموضوع؛ وهو أن بعض المسلمين حين خاصموا ورثة باوا المحترم عند وفاته محتجين بأن باوا المحترم كان مسلما وهم يريدون أن يدفنوه بحسب شريعة الإسلام لم يغضب على ذلك أحد خلفائه وأصدقائه وأولاده الجالسين هناك.فلم ينهض أحدهم ليقول لهم: أيها السفهاء والأغبياء وعميان القلوب وعديمي الأدب، ما هذا الهراء الذي تنطقونه! هل كان باوا المحترم مسلما حتى نسلّم لكم جثته لتصلّوا عليها الجنازة وتدفنوها؟ أيها الحمقى، ألا تعرفون أنه كان عدوا لدودا للإسلام وكان يُكذِّب نبيكم الذي بحسب شريعته؟ إنكم تريدون أن تصلوا عليه الجنازة وكان يطلق عليه أشنع السباب؟ وليس ذلك فحسب بل كان ينبغي أن يستشيط كبار القوم هذه الإساءة ويثوروا ويضربوا أولئك الجهلة بضع ضربات بالعصي.كما كان ينبغي لإتمام الحجة على الكاذب أن يقرأوا عليهم بعض أبيات باوا المحترم في تكذيب نبينا الله وعلى الأقل كان يجب عليهم أن يُسمعوا تلك الأبيات التي نسختها جريدة خالصه بهادر في ١٨٩٥/٩/٣٠ في الصفحة ٥-٦.لكن كيف تأتى هذا النسيان من أولئك الكبار؟ إذ لم يضربوا أولئك الوقحين المسيئين الكاذبين بهراوات ولم يوبخوهم ولم يشتموهم و لم يقرأوا عليهم أبيات باوا المحترم التى تُثبت أنه كان بريئا جدا من الإسلام وأنه لم يكن يعد نبينا نبيا صادقا ورسولا صادقا.وأنه كان يسبّه ويهجوه في الشعر.بل إن أولئك الكبار حين استمعوا إلى طلب المسلمين بأنهم يريدون أن يُصلّوا على باوا المحترم الجنازة واضعين أمامهم غضبا من

Page 159

جثمانه، لم يقولوا لهم قط بأي حق تطلبون جثمانه وصلاة الجنازة عليه؟ لماذا سيصلي المسلمون الجنازة على هندوسي يكذب الإسلام؟ بل إنهم قدموا عذرا - الله أعلم بحقيقته - وقسموا رداء باوا المحترم نصفين وقدموا لكل فريق من المسلمين والهندوس نصفا، لكي يصلي المسلمون عليه الجنازة ويدفنوه بعد ذلك، ويحرق الهندوس النصف الذي عندهم.ويبدو أن باوا المحترم أيضا كان يريد أن ينحاز إلى المسلمين.وإلا هل كان من الضروري أن يُفقد جثمانه؟ فإنما فقد الجثمان لكي لا يستحوذ الهندوس على جثته ويفهموا بالإشارة إلى فقدان الجثمان دين باوا المحترم.باختصار؛ إن كبار القوم الذين سلموا للمسلمين عن طيب خاطر ورضا نصف الرداء ليصلوا عليه الجنازة ويدفنوه، فإن تصرفهم العملي هذا يشهد صراحة على أنهم رضوا بصدق القلب بأن المسلمين إذا كانوا يعدّون باوا المحترم مسلما ويريدون أن يصلوا عليه فذلك من حقهم.ولم يرضوا بذلك فحسب بل قد رغبوهم في ذلك بإعطائهم نصف الرداء.ثم لم يسخط أولئك الكبار الذين كانوا قد رأوا باوا المحترم - على الذين وصفوه بالمسلم وصلوا عليه الجنازة وجعلوا له قبرا، بل قد أرادوا هم أنفسهم القيام بتسليمهم نصف الرداء ليحققوا رغبتهم.نسأل الآن السادة السيخ المنصفين: إن العبارة التي نُشرت في جريدة "خير خواه" "عام بأمرتسر في ١٨٩٥/١٠/٢٦ وجاء فيها: "ليس من المستبعد أن يؤدي السمُّ الذي نفثه كتاب "قول "الحق" إلى أزمة جديدة تكون مقدمةً لمعركة ١٨٥٧ الجديدة ؛ هل يوافقها فكرة أولئك الكبار ورأيهم، الذين في

Page 160

أول مناسبة للخلافة أصدروا القرار بمنتهى الهدوء واللطف أن يقبر المسلمون باوا المحترم بحسب رأيهم واعتقادهم، وليفعل الهندوس بحسب ما شاؤوا؟ أفلا يفيد هذا القرار أن كلا الفريقين من المسلمين والهندوس حر في اتخاذ رأيه بشأن باوا المحترم؟ فالذين يعدّون باوا المحترم مسلما فلهم حق في عدّه مسلما وفي الصلاة عليه.أما الهندوس فلهم الحق في أن يعاملوه كما يشاؤون.ثم إذا كان القرار الذي سجلته آنفا قد صدر بمناسبة الخلافة الأولى وفي عهد الخليفة الأول والمقدسين، الذين بلا شك كانوا أكثر منكم بآلاف المرات خشية الله وعقلا وفراسة ومعرفة للأحداث؛ فهل يليق بالطيبين النبلاء عد رأي العبد المتواضع هذا نموذجًا للحشر مهملين قرار المحكمة العليا المقدسة التي ينبغي أن يثقوا بصدقها؟ أيها السادة السيخ الأفاضل، تذكروا أن هذه الدعوى القوية التي رفعها المسلمون إلى كباركم الذين كانوا يخشون الله قد سبق أن أصدروا الحكم فيها لصالح المسلمين وكتبوا بقلمهم، فأعذاركم الآن وحُججكم بعد مرور ٣٥٠ عاما ليست في محلها.لأن المحكمة ذات السلطة قد أصدرت الحكم في القضية.وقد عُدَّ ذلك الحكم على مدى ٤٠٠ عام تقريبا صحيحا وحقا.ولم يتعرّض لأي احتجاج أو أو نقد إلى يومنا هذا فلا شك أنه سُلّم به قرارا حاسما وليس من صلاحيتكم التعديلُ فيه أو إلغاؤه.أنتم خلائف أولئك الكبار الذين عاملوا المدعين المسلمين بمنتهى اللطف والرفق عند ظهور هذا النزاع أول مرة، و لم ينحازوا إلى الهندوس مثقال ذرة.نحن نأمل من إنصافكم القلبي ما قد

Page 161

١٤٣ لاحظ مثاله إخوتنا من كباركم الأشراف والغوروهات الحلماء.وليس خافيا عليكم أن رأينا هذا ليس بجديد فلما لم ينظر إلى هذا الرأي بنفور أولئك الكبار ذوو الضمير النير - الذين كانت أمامهم هذه الأحداث بل قد قبلوا دعوى المسلمين، فلا بد أن تقتفوا بآثارهم في كل حال.وقد سبق أن أظهر هذا الرأي قبلي كبار الباحثين الإنجليز أيضا، وتلك الكتب قد نُشرت في الهند البريطانية.إلا أننا جمعنا في هذا الكتاب جميع الأدلة والشواهد.باختصار؛ هذا هو رأينا وكتبناه بصدق النية بعد تحري الحقائق على وجه كامل ونرجو منكم ألا تتسرعوا في الإنكار وتتذكروا أسلافكم العظام الذين أصدروا الحكم قبلكم، وتذكروا أيضا الأخلاق السامية لأولئك الأجلاء، الذين لم يردوا على المدعين المسلمين بقسوة، و لم يفندوا رأيهم.ولا نستطيع أن نقول أبدا إنهم -والعياذ بالله أرضوا المسلمين بالنفاق.لأنهم كانوا يخشون الله ويخافونه وكانوا متوكلين على الله، فلم يكونوا يبالون بالمخلوق ولا سيما في مناسبة كان يُخشى فيها أن يبقى عليهم اتمام كوصمة عار للأبد.كلا بل كانوا في الحقيقة يُدركون في قرارة نفوسهم أن علاقة باوا المحترم بالهندوس تنحصر في كونه قد ولد في ذلك القوم.بينما كانت علاقته بالمسلمين وثيقة ووطيدة لدرجة أن كان باوا المحترم قد ورث في الحقيقة البركاتِ الإسلامية.وكان باطنه قد فاض بمعرفة الأحد الذي لا شريك له، وحُبِّ الإله الحق الذي يدعو إليه الإسلام.وكان مصدق ذلك النبي الذي جاء بهدي الإسلام فبسبب هذا العلم اليقيني لم يكن بوسعهم

Page 162

012570 المسلمين.باختصار؛ إن إخوتنا السابقين قد رأوا نموذج أخلاق أولئك الصلحاء، والآن ندعو الله لنرى أسمى نموذج لأخلاق سادتكم.وهو ال يعلم جيدا أننا نريد نشر محاسن باوا المحترم وعظمته في المسلمين.ومن الجدير بالانتباه يقينا أن بعبارتنا هذه المحتوية على الحق والحقيقة الأصلية سينمو خلق السلام والمداراة في المسلمين الصالحين السعداء تجاهكم، وسيكثر الحب والوئام الذي لا طعم بدونه للحياة الدنيوية يوما فيوما.ونحن لا نشك في مجد باوا المحترم وشرفه أي شك ونعد من يتكلم بحقه أي كلمة غير لائقة أو يُسيء إليه في الحقيقة من الخبيثين الأنجاس.ونريد أن نكتب بأسف أن ما ظهر من نزاع بين الحكومات الإسلامية مع السيخ أو الحروب التي اندلعت في زمن الملوك المسلمين إنما كان دافعه كله في الحقيقة الأمور الدنيوية فقط، وكانت قد تطورت بدافع الأنانية، وكانت عبادة الدنيا قد أضرمتها أكثر، لكن تصرفات عبدة الدنيا ليست مدعاة للأسف.بل التاريخ حافل بهذه الأحداث في أتباع كل دين؛ حيث قتل الأخ أخاه والابن أباه والأب ابنه في أمور السلطة والرئاسة، فهؤلاء لا يبالون بالدين والأمانة والآخرة.وكان قليل من الرجال من لا يظلمون شركاءهم الفقراء أو الجيران أيام الحكم والسلطة، ولا يريدون القضاء على الولايات الأخرى ولا إبادتها بإجراءات علنية أو بمكايد سرية، ولا يخططون لتضعيفها وتذليلها.لكن يجب على النبيل الطيب من كل فريق ألا يُشارك الملوك المغرضين والراجات عبثا في قصص أحقادهم وغاياتهم النفسانية المحضة

Page 163

بدون مبرر.تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا.يجب أن لا نزرع في حقولنا أشواكهم ولا تفسد قلوبنا لمجرد ما قد أقدم عليه قبلنا بعض من قومنا إلا أنه إذا كان أحد يعُدنا من الزائفين السيئين والمفسدين- مع صفاء قلوبنا وصدقنا ورغم كوننا صادقين ومواسين للشعوب الأخرى في نظر إلهنا علام الغيوب ورغم خلوّ قلوبنا من أي سوء وزيف فليس عندنا علاج ذلك."إنني أستطيع أن أتعهد وأعطي عهدا وميثاقا بأني سوف أضحي بروحي في سبيل الخلق، وأستطيع أن أقدم رأسي أيضا في هذا السبيل، لكن ما الذي يجب عليَّ فعله بحق سيئ الظن." والآن أرى من المناسب أن أسجل من "جنم ساکھي بهائي بالا" النزاع الذي حدث بين المسلمين والهندوس عند وفاة باوا المحترم، لكي يتبين أني لست أول من ادعى بأن باوا المحترم كان مسلما، وتعريب ذلك هو : "لقد ضم الله نانك إلى ذاته أي توفي باوا المحترم فحدث في المجلس ضجيج إذ اجتمع الجميع وبدأوا يحزنون، وبينما هم كذلك قال مريدو باوا المحترم من الأفغان: سنلقي نظرة على باوا المحترم فقال الهندوس: ليس الآن موعدكم.فقال :الأفغان هو شيخُنا فسوف نلقي النظرة عليه لا محالة، فنقوم بطقوس خاصة بالمشايخ ، فاحتدم النزاع بين الهندوس والمسلمين إذ كان ترجمة بيتين فارسيين.(المترجم) إن إصرار المسلمين الذين كانوا مريدي باوا المحترم على دفنه وأداء جنازته يلفت الانتباه إلى أن باوا المحترم الذي كان مرشدا لهم لم يُعلّمهم شيئا مخالفا للإسلام ولم

Page 164

الهندوس يقولون بأنهم لن يسمحوا للمسلمين بزيارته، وكان المسلمون مصرين على ذلك.فلما تأزم الوضع قال الأفغان إنهم يريدون أن يصلوا عليه الجنازة ويكفنونه ويدفنونه حتما بحسب التقاليد الإسلامية، تدخل بعض الأخيار وقالوا ينبغي أن تتوجهوا إلى الداخل لتروا ماذا هناك؟ فلما دخلوا لم يجدوا هناك غير الرداء فقط، ولم يكن هناك جثمان، فانحسم نزاع الفريقين.فكبر الله مريدوه السيخ وحمدوه قائلين: واها لك يا باوا المحترم، إنك ولي صالح.فكان الجميع يقولون إن باوا المحترم مظهر إلهي جلي.لم تدوّن إنجازاته، وهي لا تُعد ولا تحصى و لم نخدمه كما كان ينبغي.وبدأ يكن قد صرفهم عن أحكام الإسلام وأعماله، وإلا إذا كان باوا المحترم هندوسيا أو كان معارضا للإسلام، فكان يجب أن يلاحظ فيهم تأثير باوا المحترم المتمثل في إهمالهم أحكام الإسلام وعدّهم إياها عابثة، لا أن ينازعوا لدفنه وأداء صلاة جنازته رغم كونهم مريديه ومناجيه وأصحاب أسراره؛ لأن الدين الذي كان المرشد الكامل كباوا المحترم يعتبره كاذبا كان من المستحيل أن يعزم مريدوه وأتباعه تكفينه ودفنه بحسب تعاليم الدين نفسه الذي ظل يمنعهم عنه.لقد ولد باوا المحترم هندوسيا وتربى لزمن معين في المجتمع الهندوسي، فكان من المحتمل أن يكون الهندوس قد انخدعوا بسبب العلاقات الظاهرة وألا يكونوا مطلعين على أحواله الداخلية.أما لو كان مريدو باوا المحترم المسلمون المتعصبون لدينهم قد حسبوه هندوسيا لما انضموا إلى مريديه قط.ولو كانوا قد انضموا إلى مريديه لارتدوا عن الإسلام لكن نزاعهم للدفن والجنازة دليل قوي على أنهم كانوا يعدون باوا المحترم مسلما حصرا.كما كانوا هم أنفسهم متمسكين بالإسلام بقوة.فمعلوم أن المرشد إذا كان يرى الإسلام سيئا فأنى للمريد أن يتمسك به، بل يتبين يقينا أن باوا المحترم نفسه كان وصاهم بأن يصلّوا عليه الجنازة حتما.منه

Page 165

المسلمون أيضا يحمدون الله ويسبحون له ويقولون: كم هو قادر إلهنا، وكم كان عظيما باوا نانك المحترم الذي لم تُدوّن إنجازاته، إذ قد هيأ الخلاص للمسلمين والهندوس.ثم أخذ الهندوس نصف ردائه ووضعوه على المصطبة وأشعلوا فيه النار.أما المسلمون فأخذوا النصف الآخر ودفنوه، وكلا الفريقين أدى مراسمه؛ أي أدوا الطقوس المتعلقة بالميت بحسب تقاليده الدينية كالدفن والتكفين والجنازة، ودخل باوا المحترم الجنة بجسمه.وسرد ' أحد السيخ المسمى "بدها" قصة وفاة باوا نانك المحترم على سادة أبجد وبالا وعددٍ من الآخرين.انظروا جنم ساكهي الكبير لبهائي بالا، الصفحة ٦١٧ ******** ملحوظة: هذا التعليم بأن الإنسان سيدخل الجنة بجسمه يطابق تعليم القرآن الكريم تماما، لكن تعليم الفيدا ينافيه تماما.لأنه بحسب الفيدا ستنال النجاة الروح فقط ولن يدخل الجسم دارَ النجاة.ولهذا السبب يحرق الهندوس الجسم لأن علاقته بالروح تنقطع نهائيا فور حدوث الموت.لكن المسلمين يدفنون موتاهم، لأن علاقة الجسم تبقى مع الروح بحسب التعليم الإسلامي، وهي علاقة دائمة لن تنقطع أبدا، فبسبب هذه العلاقة سيشارك جسمُ أهل الجنة في اللذة فيها، وجسم أهل النار سيشاركهم في العذاب في الجحيم.وإن عكوف باوا المحترم عند مقابر المسلمين لأربعين يوما هو دليل واضح آخر على أن باوا المحترم كان يقبل وجود هذه العلاقة ويؤمن بها.منه

Page 166

شهادات أعداء الإسلام 11 على اعتناق باوا نانك الإسلام يقول السيد برج في ملحوظة على الصفحة ١١٠ من المجلد الأول لترجمة سير المتأخرين": إن بابا نانك تلقى الدروس في أوائل عمره من معلم مسلم، كما علمه في طفولته شخص اسمه سيد حسين أمهات الكتب الإسلامية.كما كتب الدكتور ترمب في ترجمته لغرنته تحت الرقم "ألف" الصفحة ٤٢ أن في جنم ساكهي بيت لبابا نانك يفيد أن أصحاب الحسنات لن يؤاخذوا يوم القيامة.فيا نانك: إنما سيفوز بالنجاة من يلتجئون إلى النبي.لكن من المؤسف أن ترمب قد اعترض أيضا في ترجمته لغرنته بأن باوا نانك لم يكن باحثا ومحققا وعبقريا، لهذا ليس مسلکه مبنيا على قواعد ،علمية، فلم يتلق العلم في المدرسة الرسمية، لهذا كان يعبر عن أفكاره بأسلوب مشوش غير منظم.وإن ترمب قد كتب في الصفحة ٦ من مقدمته استهزاء وسخرية أن جنم ساكهيات تذكر أن الرحلة الخامسة لنانك كانت تجاه "كوركه" "هتري لكن المتخصصين في الجغرافيا حتى الآن لم يعثروا على هذا المكان.وإن الدكتور وإن كان قد وصف باوا المحترم عنادا بأنه هندوسي، لكنه حين ترجم بيت باوا المحترم الذي يفيد بأن أحدا لن ينجو بدون شفاعة محمد المصطفى ، لم يجد بدا من الزعم بدافع الاضطراب أن هذا البيت الأخير رغم كونه باسمه، ظني ومخالف لمسلك نانك؛ وذلك لأن نانك قد أقر فيه صراحة بأن أحدا لن "

Page 167

يحظى بالنجاة إلا بشفاعة نبي الإسلام محمد المصطفى.فليتضح أن زعم الدكتور ترمب بأن هذا البيت الذي يُفهم منه أن باوا المحترم كان قد اعتنق الإسلام- يُناقض مسلك نانك، هو ناجم عن عناد محض؛ لأن ترمب نفسه قد كتب في ترجمته أبياتا كثيرة لباوا المحترم المؤيدة لبيته هذا، وهى ليست واحدا أو اثنين بل قد ترجم بقلمه عشرات الأبيات بهذا الموضوع.دو 28 وإن لم يكن تعجبه من هذا البيت ناجما عن عناده، فماذا يكون؟ ولقد كتب ترمب نفسه هذه الأبيات بصراحة من البداية إلى النهاية، التي تفيد أن باوا نانك المحترم كان يؤمن بأن الله قد خلق الأرواح والأجسام وأن التوبة تُقبل وحشر الأجساد حق وكان يعتقد بأن النجاة أبدية كما يؤمن بحسب تعاليم الإسلام أن الله واحد لا شريك له.فكيف يقال إن هذا البيت ينافي مسلكه؟ من المؤسف أن ترمب قد أغمض عينيه عن إقرار باوا المحترم الصريح في غرنتهـ أنه بدون النطق بالشهادتين لا يحالف المرء الحظ السعيد، وأن الإنسان لا يسعه نيلُ بركات الآخرة بدون الصلاة على النبي." " كما نسي ترمب أبيات جنم ساكهي الكبير التي ورد فيها "إن الذين لا يصلّون هم "ملعونون" أفلم تمرّ كل هذه الأبيات من أمام ناظري ترمب؟ ومما يثير التعجب أن السيد الدكتور ترمب يُبدي رأيا معاكسا لكتابات سجلها بيده وإن كان قد صرح أنه تمكن من ترجمة غرنته ببذل الجهود على سبع سنين، إلا أن رأيه سطحي وعابر لدرجة أنه لو بذل صاحب نظرة عميقة جهودا لسبعة أيام في هذا المضمار فسوف

Page 168

يتفوق رأيه المخالف على رأي ترمب المتكوّن خلال سبع سنوات.إننا ما کتابه نبدي أسفا شديدا على تصريح ترمب هذا؛ كيف يخلط الإنكار مع الإقرار، ولا يتوصل إلى نتيجة يتوصل إليها باحث نقى القلب.على كل حال قد سجلنا هنا شهادته التي أصابته باضطراب شديد، نسخا من نفسه.أقصد قول باوا المحترم الذي يفيد بأنه لن ينجو أحد إلا بشفاعة محمد المصطفى.فللإيمان بهذه الأمور يقينا تكفي القرينة أن كل هذه الكتب قد كتبها السادة السيخ ولم يكونوا ليرضوا في أي حال من الأحوال أن تكون في تلك الكتب حتى الإشارة إلى إسلام باوا المحترم.فإن يوجد في كتبهم حتى الآن خلافا لمشيئتهم، يمثل برهانا قويا على أن أقوال باوا المحترم هذه موثقة جدا، وكانت قد اشتهرت، لذا لم يقدروا على إخفائها رغم عدائهم السافر ولم يستطيعوا حذفها من كتبهم ولم يجدوا بدا من كتابتها إلا أنه قد خطر ببالهم لتضعيف الثقة بها أن يكتبوا بعض الأمور خلاف ذلك أيضا.ففي هذه الحالة صارت تلك الأقوال المخالفة التي كتبت بدافع أهواء النفس ظنيةً وملتبسة، لا تلك التي لم يكن وراء كتابتها أي حافز لهذا قد اعترف الإنجليز العقلاء بإسلام باوا المحترم بجلاء.وسجلوا رأيهم مثلنا حصرًا بأن باوا نانك كان في الحقيقة مسلمًا.و نسجل فيما يلي- على سبيل المثال - رأي القس "هيوز" عن باوا نانك، الذي قد اطلع على ترجمة ترمب أيضا، والذي قد أجرى أبحاثا أخرى بالإضافة إلى ذلك.يجب على القراء أن يقرأوه بتدبر وهو:

Page 169

41017 معجم الإسلام لـ "هيوز" ، الصفحة ٥٨٣ و ٥٩١ إن قراءة الروايات الابتدائية للسيخ بتدبر تُثبت بالتأكيد أن نانك في الحقيقة أُقيم بهدف عقد الصلح والسلام بين الإسلام والهندوسية.ويتبين من جنم ساكهيات أن نانك في أوائل عمره كان متأثرا جدا بالصوفية (رغم كونه هندوسيا)، وأن الحياة الطاهرة لأولئك الصوفية المنتشرين بكثرة في ذلك العصر في شمالي الهند والبنجاب قد أثرت فيه تأثيرا عميقا.ومن هنا الذي يلاحظ فيه تأثير أهل الإسلام توجد في سيرته آثار يتضح أن الهندوسي التصوف.ولهذا السبب حصرا نجد تعاليم غوروهات السيخ متأثرة بالتصوف بوضوح ومما لا شك فيه أن الغوروهات الأوائل كانوا يعيشون حياة الزهد والتنسك.وبهذا الأسلوب كانوا يعبرون بجلاء عن علاقتهم بالفرقة الصوفية من المسلمين، وقد رسمت صورهم وهم يحملون بأيديهم باقات الأزهار الصغيرة (تقليدًا لعادة كانت سائدة في (المسلمين كأنهم جاهزون لأداء الذكر إن الروايات المحفوظة في جنم ساكهي عن نانك تمثل شهادة تامة على أنه كان على صلة بالإسلام يتجلى من البيان المذكور أعلاه (أي محادثة نواب دولت خان القاضي مع نانك أن خلفاء نانك الثلاثة الأوائل مباشرة كانوا يوقنون بأن نانك كان قد اقترب جدا من الإسلام.ونحن أيضا نصدق ذلك بقراءة عبارات ذلك الزمن ولا تبقى أي شبهة في ذلك.ملحوظة: من ذلك يثبت كم من تأثيرات طيبة ظهرت في قلوب الهندوس نتيجة لصلحاء أهل الإسلام، فبسببها اعتنق ٦٠ مليون هندوسي الإسلام.منه صحبتهم

Page 170

وبالإضافة إلى دين نانك نفسه هناك في الحقيقة شهادات كثيرة أخرى لا تبقي أي محال لهذا الشك.ويتضح من الاطلاع على أوضاع حياة نانك أن المسلمين أيضا كانوا ينظرون إلى نانك بنظرة تعظيم، كما كان نانك هو الآخر يزورهم بصفاء الباطن، إذ كان يذهب معهم علنا إلى المساجد.وسلوكه هذا كان يجعل أصدقاءه وجيرانه الهندوس في اضطراب شديد، إذ كانو يجدونه في الحقيقة مسلما.فحين رافق نانك الشيخ فريد في سفر فقد ورد أنهما وصلا إلى قرية بسيار وأينما جلسا في مكان طلاه الهندوس بروث البقر بعد انصرافهما ليتطهر وسبب ذلك أن الهندوس المتعصبين كانوا يرون مجالس هذين الرفيقين نجسةً.فلو ظل نانك متمسكا بالهندوسية لما ذكرت هذه الأمور عنه قط.ورواية سفر نانك إلى مكة للحج تؤيد هذه النتائج.وإن كان الدكتور ترمب يرى رواية هذا السفر موضوعة، إلا أن وجود هذه الرواية بحد ذاته يفيد بوضوح أن أصحاب نانك المطلعين على أسراره لم يكونوا نظرا لأوضاع نانك الدينية - يستبعدون عقلا هذا السفر للحج.وفي مقالات نانك سجل قوله الشخصي: "إن الذين لا يستجيبون ملحوظة: إن كلمة "بسيار" ليست اسم علم لأي قرية وإنما أخطأ المترجم، والمعنى الأصلي أنهما تحولا في قرى كثيرة، حيث قابلهما الهندوس بمنتهى البغض، لأن "بسيار" تعني الكثير.منه ملحوظة: لقد نسخنا في آخر الكتاب النص الأصلي الإنجليزي لكتاب "هيوز" بالإضافة إلى عبارة ترمب، والقراء الذين يستطيعون قراءة اللغة الإنجليزية يجب أن يقرأوه حتما.منه

Page 171

لأوامر محمد المصطفى ) وكتاب الله (القرآن) نسوة، وإن كانوا في الظاهر رجالا" إن نانك يؤمن بشفاعة نبي الإسلام محمد (ﷺ) وينهى عن تناول الأشياء مثل الخمر والحشيش.ويؤمن بالنار والجنة ويعتقد بحشر الإنسان ويوم الجزاء، فلا شك أن هذه الأقوال المنسوبة إلى نانك تبين صراحة أنه كان يعتقد بالإسلام.رأي البانديت ديانند في باوا نانك لقد سبق أن فندنا جميع اعتراضات البانديت ديانند التي سجلها عن باوا المحترم في كتابه ستيارته بركاش، ونرى من المناسب أن ننسخ هنا عباراته بحذافيرها من ستيارته بركاش عن باوا المحترم ليطلع عليها السادة السيخ، ليتبين أن البانديت ديانند وأتباعه الآريين يكنون في الحقيقة عداوة شخصية لشرف باوا المحترم ومجده، ولكي يتأملوا في أن كل ما كتبناه بحق باوا المحترم ينسجم مع كمال معرفته وعلمه الحق.أما ديانند فقد بذل جهودا دون مبرر ليثبت أن باوا المحترم كان غبيا ومحروما من العلم والمعرفة، لكن ذلك في الحقيقة خطأه الذي استولى عليه بسبب سواد قلبه إنما يفوز الإنسان بالعلم الحقيقي والمعرفة الحقة بالتوجه إلى الله ولهذا فإن كلام ديانند مع ادعائه بمعرفة الفيدا- عديم البركة جدًّا وعقيم وبعيد كل البعد عن المعرفة والعلم.وهو ملطّخ في كل أمر بالأنانية والتكبر والأفكار السطحية.أما كلام باوا المحترم فيبدو كلام شخص قد استولى على قلبه في الحقيقة حب الله وعشقه.وكل بيت من أبياته يفوح بعطر التوحيد.عندما ننظر إلى كلام

Page 172

ديانند يشهد القلب فورا أن هذا الرجل سطحى الخيال وواقع في هوة التمسك بحرفية النص وعديم الحظ ومحروم من النور الحقيقي للزهد والمجاهدة.أما حين نُلقي نظرة على كلام باوا المحترم فنوقن بأن قلب هذا الإنسان غواص في بحر الحب الإلهي بعد اجتياز قفر الكلمات السطحية.فمقارنة باوا المحترم بديانند كمقارنة البستان الأخضر بخشب يابس.إن كلماتنا هذه ليست لتملق أحد ولا لإحزان أحد وإنما هي لأمر واقع قد بيناه شهادة لله فقط.والآن نسجل عبارة ستيارته بركاش التي استخدم فيها ديانند كلمات الإساءة الشنيعة إلى باوا المحترم لجهله المحض وعناده القلبي وهي: صحیح ستيارته بركاش المطبوع في أجمير ١٩٤٨ ص ٣٥٦ أن أفكار نانك المحترم كانت جيدة إلا أنه لم يكن حائزا على أي علم.كان يعرف لغة وطنه وهي لغة أهل القرى، أما الفيدا والسنسكريتية وقواعدها فلم يكن له أي إلمام بها، إذ لو عرفها لما كتب "نربهو" مكان "نربهى" ونظير ذلك "الستوتر" الذي كتبه في السنسكريتية.فكان أن يريد يحشر أنفه في السنسكريتية أيضا، لكن كيف يمكن إتقان السنسكريتية دون تلقي الدروس الابتدائية؟ ولعله أصبح بانديتا بالنظم بالسنسكريتية أمام القرويين الذين لم يسمعوا عنها قط.وإنما فعل ذلك بحسب التقويم البكرمي الهندوسي الموافق ١٨٩١م.(المترجم)

Page 173

طمعا في كسب السمعة والفخر والصيت إذ كان يُهمه الصيتُ كثيرا، وإلا لظل يتكلم باللغة التي يعرفها وقال بأنه لا يعرف اللغة السنسكريتية.فلما كان عنده شيء من التكبر فمن أغلب الظن أنه قام بخداع ما أيضا لإظهار عظمته.وذلك لأنه إذا كان كتابه غرنته ينتقد الفيدا فهو يمدحه أيضا.فلو لم يفعل ذلك لأساء إلى نفسه إذ لم يكن في هذه الحالة قادرا على أن يرد على سؤال أحد عن الفيدا.ولذا كان أحيانا ينتقد الفيدا أمام تلامذته وأحيانا أخرى يمدحه أيضا.فلو لم يفعل ذلك لعده الناس ملحدا.كما قال: إن برهما مات بعد قراءة الفيدا وإن الفيدات الأربعة قصص.والفيدا لا يعرف الزهد والتنسك يا نانك إن "برميشور" نفسه عليم بكل شيء.فهل مات قراء الفيدا كلُّهم؟ وهل كان نانك يحسب نفسه وأمثاله غير فانين؟ أفلم يموتوا ؟ فالفيدا كنز العلوم كلها، أما الذي يعد الفيدات الأربعة قصصا فكلامه هو كله قصة، أما السفهاء الذين يُسمون صلحاء يسع أولئك المساكين مدحُ الفيدا أبدا.فلو كان نانك المحترم قد اكتفى بالافتخار بالفيدا لما انطلى خداعه ولما كان في وسعه إذن أن يرقى إلى درجة المرشد.لم يتعلم السنسكريتية، فمتى كان يمكنه أن يعلّمها أن البنجاب في الزمن الذي ولد فيه نانك كان خاليا فلا الآخرين.صحيح من علوم السنسكريتية نهائيا، وكان متألما من المسلمين، وفي ذلك العصر أنقذ بعض الناس.أي لم يدعهم يسلمون.منه

Page 174

لم يكن لنانك تلامذة في حياته و لم تنتشر طريقته، فمن دأب الجهلة أنهم يتخذون الناس بعد وفاتهم أولياء، وبعد ذلك يُبالغون في مدحهم فيرفعونهم إلى درجة الإله.نانك المحترم لم يكن ثريا ومتمولا، لكن أتباعه كتبوا في "نانك تشندر ودي" و"جنم ساكهي" وغيرهما أنه كان عالما كبيرا وغنيا.لقد قابل نانك برهما- وغيره- وتكلم معه، وكلهم استجابوا له.في زواج نانك كان كثير من الأحصنة والمراكب والفيلة والذهب والفضة واللآلئ، وكانت الجواهر النفيسة بلا حدود، وهذا ما ورد.أليس ذلك من التباهي؟ لكن في ذلك ذنب أتباعه وليس ذنب نانك.وثانيا حين تأسست من ابنه سلسلة سيخ "أدواسي" ومن "رامداس" إلى "نرملى" قد اخترع الكثيرون منهم كلاما من عندهم وضموه إلى غرنته.وكان الغورو غوبند سنغ المحترم هو العاشر منهم، وبعده لم يُضَف كلام أحد إلى غرنته، إلا أن جميع الكتيبات حتى عهد غوبند سنغ، قد جمعت في مجلد واحد.فقد كتبوا هم أيضا كثيرا من الحوارات بعد نانك، وبعضهم اخترعوا القصص الكاذبة على شاكلة كتب القصص والأساطير الهندوسية.لكن كبار علمائهم قد صاروا أنفسهم آلهة وترك أتباعهم العمل وبدأوا يعظمونهم.وهذا الأمر أحدث فسادا كبيرا.كان نانك قد كتب مدح الإله فلو داوموا عليه لكان خيرا لهم الآن يقول أتباع فرقة أدواسي السيخية، إنا حائزون على حياة خالدة أكثر بينما يدعي أتباع فرقة نرملى أنهم يحظون بأكثر.أما أتباع فرقة سوتر شاهي فيقولون أنهم يفوقون الجميع في الحياة

Page 175

LOVE الخالدة.كان غوبند سنغ المحترم من بينهم شجاعا جدا، حيث كان المسلمون قد آذوا أسلافه كثيرا وكان يريد الانتقام منهم لكنه لم يكن يملك القدرة، وفي ناحية أخرى كانت سلطنة المسلمين على أوجها.فاخترع من عنده كلاما بأن الإلهة أعطته سيفًا وأمرته بأن يقاتل المسلمين وسوف يحالفه النجاح، فانضم إليه الكثيرون وكما كان أتباع فرقة "دام مارغي" أطلقوا خمسة ميمات وأتباع فرقة "تشكرانتي" خمسة سينات، قد أطلق هؤلاء خمسة كافات؛ أي قاتلوهم بخمس كافات، إحداها "كيش" أي شعر الرأس الذي يحمي الرأس من ضربة الخشب والسيف لحد ما، و"كنغن" أي السوار الذي يضعه السيخ الأكاليون تحت العمامة، والثانية "كرا" أي السوار في اليد وهو يحمي اليد والرأس، والثالثة "كتشه " أي "تبان" الذي يُلبس فوق الأفخاذ ويساعد على الجري والركض، ولذلك يلبسه الأبطال والمصارعون في الحلبة، وهو يحمي الفرج أيضا، والرابعة "كنغاها" أي المشط الذي يسوّى به شعر الرأس، والخامسة "كاتشو" أي السكين التي تساعد في المعركة.ولذا بدأ غوبند سنغ هذه العادة بحسب فهمه وعقله أما في العصر الراهن فليس من الضروري التقيد بها، إلا أن الأمور التى اتخذت في المعركة قد جعلت من تقاليد الدين؛ فهم لا يعبدون الأصنام لكن يعبدون غرنته، أفليس ذلك عبادة الأصنام؟ فأن يطأطئ الإنسان رأسه أمام شيء جامد غير حي ويعبده يُعَدُّ كل ذلك في من عبادة الأصنام.فكما أن عبدة الأوثان قد اتخذوا صناعة الأوثان وسيلة كسب العيش فقد قلدهم هؤلاء السيخ أيضًا.فكما أن عبدة

Page 176

1017 الأوثان يهيئون زيارة الأوثان ويقدمون لها النذور، مثل ذلك يعبد أتباعُ نانك غرنته ويطلبون تقديم النذور له، أي قدر ما يحترم عبدة الأوثان الفيدا لا يحترمون مثله أصحاب غرنته إياه.ويمكن أن يقال إنهم لم يسمعوا الفيدا و لم يقرأوه فماذا يفعلون؟ فلو سمعوه وقرأوا لانضم إلى ديانة الفيدا جميع أتباع الطريقة الذين ليسوا متزمتين وعنيدين.إلا أن هؤلاء السيخ قد قضوا قضية الخبز كثيرا، فكما أنهم قضوها لو أطاعوا ديانة الفيدا بنهي النفس عن الهوى لكان جيدا جدا.ذكر بعض كرامات باوا نانك من سنة الله الله أنه حين يخضع الإنسان له بقلبه وروحه ونفسه كلها، ويتخذ الفوز بقربه الغاية المنشودة من حياته ويقطع علاقته مع غيره ويُفعم بحبه، فإن ذلك الإله القادر الكريم والرحيم ينشئ العلاقة به على وجه خاص.ويتجلى عليه بطريقة جديدة تكون الدنيا غافلة عنها.فكلُّ ما يُظهر الفضلُ الإلهي عِزَّه فينةً بعد فينة، جزاءً على إخلاصه الكامل وصدقه الكامل ووفائه الكامل بحيث يُمسك بيده في المشاكل مثلا ويكشف منزلته ومكانته على الذين لا يُقدِّرونه حق قدره، ويُنزل على أصدقائه ظل الفضل والإحسان ويبطش بأعدائه المؤذين بغضب، ويهب له حظا من المعارف والدقائق وينشر قبوله في العالم ويبارك كل قوله وفعله ويتكفل كل عبء عليه ويسد كل حاجاته على نحو عجيب، تُسمى كل هذه

Page 177

الحالات كرامة.فحين يكون الإنسان الله فإن الله يكون له، وحين يكون الله له فهو يميل إليه كثيرا من عباده الصالحين، وكل هذه الأفضال الربانية تعد من كرامات ذلك العبد، فلما كان باوا نانك المحترم في الحقيقة من عباد الله المخلصين وكان قد أناب إلى الله له بإحداث التغيير الجلى في حياته، فقد مكنته الأفضال الإلهية من إظهار الكرامات التي تظهر على الدوام من عباده المقربين.فقد ورد في نسخة مكتبة إنديا أوفس" أن القاضي حين أساء الظن بباوا المحترم في أنه لماذا يقول إنه ليس هندوسيا وليس مسلما، أدرك باوا المحترم بقوته الخارقة أفكار القاضي وقال له : إن المسلم الصادق يجعل نفسه طاهرا وعفيفا، بحيث يتحلى بالصبر والصلاح وصدق القول.ولا يسبب الضرر لأي كائن حي، ولا يأكل الميت أي) لا يغتاب أحدا).يا نانك: مثل هذا المسلم يدخل الجنة مباشرة.فحين قرأ نانك هذه الجمل شعراً قال جميع الجالسين من الهندوس والمسلمين معا: إن الله يتكلم بلسان بابا نانك الآن من نسخة إنديا ،أوفس، الصفحة ٣٦-٤١) فليكن معلوما أن بخطاب باوا المحترم هذا ظهرت كرامتان (۱) أولاهما أن " القاضي حين قال في موضع بغياب نانك: يقول نانك إنه ليس هندوسيا ولا مسلما" اطلع نانك على ذلك الكلام في الكشف.فأكد للقاضي أنه لم يكن يقصد ذم الإسلام وإنما أراد أن يصرح بأن معظم المسلمين في الزمن الراهن يمارسون الإسلام تقليدا ،وعادة ولا توجد فيهم حقيقة الإسلام،

Page 178

فالمسلم الصادق يكون بارا وطاهر الطبع.كما بين له أن أكل الميت أي الغيبة لا تليق بالمسلمين إذ كان القاضي قد اشتكاه في غيابه.والقرآن يقول إن الغيبة يساوي أكل الميتة، فقد لفت باوا المحترم انتباه القاضي لاغتيابه مع كونه مسلما ألا تعلم أن اغتياب الأخ يساوي أكل الميت، لأن الله يقول في القرآن الكريم: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْنَا ).(۲) أما الكرامة الثانية فهي أنه بين له حقيقة الإسلام، لأن تحقيق طرق التقوى بالصبر والاستقامة واتخاذ الحياة الطيبة والعفيفة هي أصل الإسلام وحقيقته الأصلية، وبقية أحكام الشريعة كلها تفصيل لهذا الإجمال، فعن قريب سنبين حقيقة الإسلام بإيجاز.العباءة المقدسة أيضا كرامة عظيمة من جملة كرامات باوا المحترم.فقد رأينا العباءة بأم أعيننا بالذهاب إلى "ديره بابا نانك" جماعتنا.فقد كتبت مع عليها آيات القرآن الكريم بحروف لطيفة وجميلة بحيث لا تبدو كتابة آيات القرآن بهذا الجمال على القماش من فعل الإنسان.وهناك دوائر جميلة كثيرة كأنها رسمت بواسطة فرجار ممتاز.فالأسلوب الذي كتبت به بعض الآيات بأحرف نافرة في بعض الأجزاء ودقيقة في أماكن أخرى هو أسلوب رائع.وقد وضعت في مكان مناسب جدا، ويتعجب المرء بالتأمل فيها أنه كيف تتبت كل هذه الآيات القرآنية بدقة ولطف على قماش عادي جدا.وقد كتبت شهادة: الحجرات ١٣

Page 179

لا إله إلا الله محمد رسول الله في موضع بخط بارز و جلی بصورةٍ تجذب قلوب القراء إليها بلطفها وجمالها.باختصار؛ تبدو جميع تلك الرسوم طبيعية.والأغرب من ذلك أن هذه العباءة ظلت إلى الآن محفوظة وسليمة من مئات الكوارث التي حلت ببلد البنجاب هذا.ولذلك كانت هذه العباءة كبرى كرامات باوا المحترم.وإن الذين لم يشاهدوها أو لم ينظروا إليها بإمعان النظر، فهم لا يقدرون على معرفة عظمتها.أما الذين سيشاهدونها بتأمل فمن المؤكد أنهم سيتذكرون قدرة الله."جنم ولا شك أن بيان جنم ساكهى "أكبر أي جنم ساكهي بهائي بالا، سيمثل أمام أعينهم، حيث ورد فيه أن آيات القرآن الكريم قد كتبت على العباءة بيد القدرة'.ولقد أطلعني "سردار سيوا سنغ" المشرف على مدرسة خالصه بهادر في أمرتسر على بعض كرامات باوا نانك في رسالته في ١٨٩٥/٩/٢٨ وأنسخ فيما يلي نص رسالته بعينه وهو: ملحوظة: فالعباءة تتضمن كرامة جلية لبابا نانك إذ تضم نبوءةً بأنه سيدخل الناس في الإسلام بعدد لا حصر له، فبعده اعتنق الإسلام عشرات الملايين من الهندوس في الهند وأسلم سبعون مليون في الصين وينتشر الإسلام إلى الآن بقوة في أفريقيا، وليس من الغريب أن يشيع الإسلام في السادة السيخ أيضا ويظهر جلالُ الله في كل مكان.منه

Page 180

وحين سأله مشاركة نانك نواب دولت خان لودهي والقاضي في الصلاة في "سلطان "بور" وانفصاله عنهما بسبب عدم تركيزهما في الصلاة، النواب دولت خان عن قطعه الصلاة قال له غورو نانك: كنت آنذاك تشتري الخيول في كابول وأخبر القاضي أن فرسه كانت على وشك الولادة وكانت في الباحة حفرةٌ وخشي أن يسقط فيها مُهرها، فأقر كلاهما أن هذا ما كانا عليه بالضبط وأنهما لم يكونا مركزين في الصلاة.صرح بذلك ملحوظة: بعض السادة السيخ يرفضون إسلام باوا المحترم لعدم علمهم، وعند ذكر إسلامه يسخطون.أما الذين هم مطلعون منهم على دينهم وعاقلون فهم بأنفسهم يعترفون بإسلامه.انظروا بأي صراحة سلّم سردار سيوا سنغ في رسالته المؤرخة في ١٨٩٥/٩/٢ بأن نانك المحترم صلى الصلاة مع نواب دولت خان والقاضي، وانفصل عنهما لعدم تركيز هما؛ فالجلي أنه إذا لم يكن باوا المحترم معتادا على الصلاة وكان يعتبر نفسه غير مسلم لما صلى مع المسلمين قط.فانضمامه إلى المصلين يشكل دليلا قويا على أنه كان يداوم على الصلاة، وهذا ليس من عندنا بل قد سردار سيوا سنغ في رسالته وهو المشرف على مدرسة خالصه بهادر في أمرتسر.كما جاء إلى قاديان السيد بهائي نرائن سنغ الذي كان قد حفظ "آد غرنته" عن ظهر قلب- من أمر تسر قبل ما يقارب عشر سنوات وألقى خطابا في السوق قرب مسجدنا حيث اجتمع كثير من المسلمين والهندوس للاستماع إلى خطابه وقال في أثناء خطابه إن باوا نانك المحترم كان يداوم على الصلوات الخمس.فعند سماع هذا الحديث استشاط الهندوس غضبا وكادوا يهاجمونه، إلا أن المسلمين أيدوا موقفه.وقال: إن كل هؤلاء الأغبياء غير مطلعين على الحقائق، أما ما أقول فعندي إثباتات قوية عليه، لكن الهندوس لم يهدأوا، وانصرفوا من هناك مسيئين إليه.ومئات الهندوس والمسلمين في قاديان يعرفون هذا الحادث.منه

Page 181

ففي ١٦٣ ومن جملة الكرامات التي سجلها سيوا سنغ في رسالته قوله: هناك موضع قرب مدينة "حسن" "أبدال" يُعرف بـ "بنجه صاحب" أي الكفة المقدسة، هذا المكان ظهرت قصة نانك مع بابا ولي القندهاري، حيث كان الأخير يقيم بجوار ينبوع فوق الجبل، وجاء إليه مصادفة غورو نانك المحترم و مردانه فالتمس مردانه من غورو أن يأذن له في إحضار الماء فأذن له، وحين صعد مردانه إلى فوق قال له بابا ولى القندهاري: إن صاحبك أيضا صاحب الكرامات فلماذا لم يفجِّر الماء هناك؟ فعاد إلى غورو المحترم ونقل له ما سمع فضرب غورو المحترم عصاه وفجَّر الماء، فجف ماء الولي، فغضب عليه وأراد أن يوقع عليهما الجبل لكن نانك المرحوم صده بيده، وما زالت هناك آثار خمسة أصابع.ومن جملة الكرامات التي سجلها سيوا سنغ في رسالته كرامة تفيد أن باوا نانك المحترم ذات مرة حلى شجرة "ريتة"، ويقول في رسالته إنه لا يعرف من ملحوظة: إن عبارة صاحب الكرامات أيضا تدل على إسلام باوا نانك، لأن عقائد أهل الإسلام أنه إذا ظهر أمر خارق على يد شخص ليس مسلما فلا يسمونه كرامة وإنما يسمونه "استدراج"، بينما وصف بابا ولي القندهاري باوا نانك المحترم بصاحب الكرامات فهذا يفيد صراحة أنه عرف في الكشف أن باوا المحترم من أهل الإسلام.وإلا لما وصفه بصاحب الكرامات، بل وصفه بصاحب استدراج، كما لم ينكر تلك العبارة بابا نانك هو الآخر.وإن ذهاب مردانه لجلب الماء يدل بوضوح على أن باوا المحترم كان يأكل ويشرب من يد مردانه دون أي كراهية.وكان من المستحيل إقامة باوا المحترم لمدة عامين دون أكل وشرب في بلاد لا يوجد فيها أي أثر للهندوس كما في الجزيرة العربية.منه

Page 182

كافية؛ وهي مكان تلك الشجرة الأصلي.بعضهم يقولون في دار جيلنج" والبعض الآخر يقول "أريسه".ومن هناك يُحضر "بادي" أو "بيدي"، وقد أكل هذه الفاكهة الكثيرون وأنا أيضا أكلتُها وهناك كرامات أخرى كتبها سردار سيوا سنغ في رسالته لكننا لا نستطيع مع الأسف أن نسجلها كلها خشية الإطالة.فأسمى كرامات باوا المحترم في نظرنا عباءة نانك المقدسة وأبياته الزاخرة بالمعارف والحقائق وهناك نبوءة غريبة جدا على العباءة وهي كرامة عظيمة الشأن لدرجة أنها لو لم تكن قد نُقلت عنه أي كرامة لكانت وحدها أنه قد كتبت مرارا على العباءة آيات القرآن الكريم التالية: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أي قل هو الله الإله العظيم الذي هو أرفع من أن يخرج من بطن امرأة ويولد.وكل شيء بحاجة إليه وهو ليس بحاجة إلى أحد.وليس له أي قريب ولا أحد من جنسه من أب وأم وأخ وأخت، وليس له أي كفء.ثم أحرز الكمال في كتابة العبارة على العباءة حيث كتب جملة " لم يلد" أي أن الله ليس ابن أحد ولم يلده أحدٌ مع أسماء الله التسعة والتسعين.فقد قال مثلا إن الله قدوس وهو ليس ابن أحد، وهو قيوم لم يولد، وهو قادر لم يخرج من بطن امرأة.باختصار ؛ قد ذكر هذه الصفات بالتكرار حيث يفهم الإنسان بمنتهى القناعة أن باوا المحترم قد تنبأ بحق الدين المسيحي، وكأنه منه الإخلاص ٢-٥ " هذا سهو، والصحيح " لم يولد".(الناشر)

Page 183

١٦٥ أكد أن المسيحية ستنتشر بعد ثلاثمائة عام في البنجاب.وحذر أن هؤلاء عبدة الباطل وكاذبون ويتخذون الإنسان الضعيف إلها بدون حق، فحذار أن تنطلي عليكم خدعتهم، فلا تقبلوا دينهم أبدا لأنهم مكارون كذابون.فحين نقرأ هذه النبوءة ندرك عظمتها الكبيرة، ثم من الكمال أنه بين ذلك بالآيات القرآنية، وفي ذلك إشارة إلى النصح بأن يدخلوا في الإسلام في ذلك الزمن المليء بالفتن.فهذا هو الدين الإلهي الذي لم يقدِّم أي إله زائف.كذلك قد ذكر في العباءة المقدسة مرارا أن الله هو الذي خلق الأرواح والأجسام، وسيأتي زمان يبعث فيه الموتى ويقوم الله بالدينونة.وهذه الإشارات تتضمنها أيضا أبياتُ باوا المحترم، فقد ركز في بعض الأبيات على كون الله خالق الأرواح وعلى دار الجزاء، وكأنه تنبأ بظهور فرقة جديدة في المستقبل.يتبين من العباءة المقدسة وأبياتها الكثيرة كأنه تنبأ بظهور ديانند وفرقته الضالة المنحرفة.فهذه نبوءات سيوقن بها العاقل بنظرة متأنية، وقد تأملنا كثيرا فيما يكون السر في كتابة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" مرارا على عباءة باوا نانك، كما ذكر مرارا أن القرآن وحده كتاب يهدي إلى سبيل الله، مع أن الكتابة مرة واحدة كانت تكفي.وأدركنا السر أخيرا بأن عباءة باوا المحترم تتضمن هذه النبوءة أيضا لهذا الزمن المظلم.لأن هذا الزمن المليء بالفتن قد ألقى غشاوة على أبصار الكثيرين حيث تُعبد آلهة باطلة كثيرة، فكأن العباءة تقول بلسان حالها لصاحب كل دين أين تذهب أيها الغافل! وإلى أي أفكار تنصرف؟ إن كنت تطلب الدين الحق فتعال إلى هنا وآمِنْ بإله تدعو

Page 184

إليها كلمة: "لا إله إلا الله محمد رسول الله، فهو وحده إله كامل غير فانٍ، ومنزه عن كل عيب، ومتصف بجميع الصفات الكاملة.هجوم القساوسة على باوا نانك من الغريب أن ما يبذله قساوسة العصر الحاضر من أموالهم وأوقاتهم للطعن في الأديان الأخرى لا يبذلون جزءا من عشرات الملايين منها على اختبار دينهم والتحقيق فيه مع أن الذي يتخذ الإنسان الضعيف إلها ويرضى بحق الإله الأزلي الأبدي غير القابل للتغيير بأن يتعرض لمصيبة البقاء في بطن امرأة تسعة أشهر جنينا ويظل يقتات على دماء الحيض ثم يولد كالبشر من طريق نجس ثم يُلقى عليه القبض ويعلق على الصليب.كان يجب على أهل هذه العقائد المخجلة أن يثبتوا أولا ألوهية هذا الإنسان المسكين الجدير بالرحمة قبل أن يقدموا مشروع الكفارة الباطل.ثم يدعوا أناسا آخرين إلى هذا الإله العجيب، لكنني أرى أن هؤلاء لم يهتموا أدنى اهتمام بدينهم.لقد صدرت مؤخرا من مطبعة الإرسالية الأميركية في لدهيانة ورقة عن أعمال مجمع البنجاب للكتب الدينية بإشراف المدير "ايم وايلي"، والعنوان البارز هو: "المرشد الذي يجعل الإنسان ابنا الله".وقد كتب هذا البيت من "آده غرنته" في بداية هذه الورقة للهجوم على السادة السيخ: "إذا طلع مائة قمر وألف شمس يبقى الظلام الدامس دون غورو رغم وجود هذا الكم الهائل من النور؛ أي الهادي والمرشد".ثم كتب: "من المؤسف أن إخواننا السيخ قد اعتقدوا بغير حق أن عشرة حكام هم

Page 185

بروح ١٦٧ "غورو"، ولا يبحثون عن ذلك الغورو الحق الذي يستطيع أن يجعل الإنسان إلها.ثم يتابع قائلا: ألا إن ذلك الغورو الحق يسوع المسيح الذي ضحى حه وصار ملعونا من أجل المذنبين، فبالإيمان به يتطهر الناس من الذنوب".ثم يقول موجها الخطاب إلى السادة السيخ: إن الذين تعدونهم غوروهات (مرشدين) إلى الآن وتتوقعون أن تتلقوا منهم النور، هم لا يقدرون على تنوير قلوبكم المظلمة، أما الغورو يسوع المسيح فهو يتميز بالقدرة على تنوير القلوب وتطهيرها مهما كانت مظلمة ونجسة.باختصار؛ عليكم أن تؤمنوا بأن يسوع إله، فسوف تكونون طاهرين وطيبين وينفض عنكم الذنوب كلها وتصبحون من البشر آلهة.اتخاذ لكن من المؤسف أن هؤلاء لا يفهمون أنه إذا كان لا بد من البشر إلها فهل قليل أمثال هؤلاء الآلهة في الهندوس؟ لماذا تبرأ باوا المحترم من دين الهندوس؟ إنما لأن فيداهم أيضا يحسب الأشياء الفانية آلهة، ويحسب الماء والنار والهواء والشمس والقمر جديرة بالعبادة وهو غافل عن ذلك الإله الحق الذي خلق هذه الأشياء كلها فحين آمن باوا المحترم بذلك الإله الحق الذي تشهد السماء والأرض على كماله وكونه عديم المثال، فلم يؤمن به فحسب بل نال بركات أنواره أيضا.فمن المستبعد جدا عن عقول أتباعه أن يعودوا مرة أخرى إلى الآلهة الباطلة بعد هذا التعليم الذي أوتوه.لقد جرب الهندوس مثل هذه الآلهة من آلاف السنين و لم يجدوا بدا من ترك هذه الآلهة بعد بحث طويل غير عابر.ثم إن تمني تلك الكيمياء

Page 186

الزائفة بعيد عن عقلهم كان باوا نانك المحترم قد تمسك بذلك الإله الذي هو منزه عن الموت والولادة والذي ليست له أي حاجة لأن يكون ملعونا من أجل أن يغفر ذنوب الناس، وليس مضطرا لفقدان روح حه لإنقاذ أرواح الآخرين.لكننا لا نفهم من أي نوع إله النصارى هذا الذي لم يخطر بباله أي تدبير لإنقاذ الآخرين سوى أن يُهلك نفسه؟ فإذا كان هذا المسكين هو في الحقيقة مدبّر الأرض والسماء ومالكها وخالقها فإن ألوهيته في خطر شديد لا شك أن أمنية التخلص من الذنوب رائعة جدا، لكن هل الطريق الوحيد للتخلص من الذنوب أن نعتمد على انتحار شخص آخر ونفترض في نفوسنا أنا تطهرنا من الذنوب؟ وخاصة إن كان هذا الإنسان يُقر بنفسه في الإنجيل بأنه ليس صالحا! فكيف يقدر على أن يجعل الآخرين صالحين؟ فالحقيقة الأصلية للنجاة معرفة الله وعبادته.فالناس الذين وقعوا في جحيم سوء الفهم بأن الله هو نجل يرجوا النجاة أنى لهم أن الحقيقية؟ إن أخطاء الإنسان العملية والاعتقادية هي أصل العذاب، فهي التي مريم، سوف تتمثل نارا نتيجة غضب الله.فكما يخرج الشرر من الحجر نتيجة ضربه الشديد، كذلك فإن ضربة الغضب الإلهي ستخلق ألسنة النار من تلك العقائد الباطلة والأعمال الفاسدة وتلك النار نفسها سوف تلتهم أصحاب العقائد الباطلة والأعمال السيئة، فكما تلاحظون أن النار الداخلية للإنسان قد تقترن بنار ،الصاعقة فباجتماعهما يُقضى عليه..كذلك تماما فإن نار غضب الله ستحرق الإنسان باقترانها بنار العقيدة

Page 187

1797 الباطلة والأعمال السيئة.وإلى هذا يشير الله الله في قوله في القرآن الكريم: * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ.أي ما هي جهنم؟ إنما هي نار غضب الله التي ستحل على القلوب.أعني القلوب التي فيها نار الأعمال السيئة والعقيدة الباطلة، سوف تشتعل ألسنة نارها بنار الغضب الإلهي.وباندماج نوعين من النار سيتم القضاء عليهم كما يهلك الإنسان إن أصابته الصاعقة.أما من ابتعد عن نار الاعتقاد الباطل والعمل السيئ فسوف يفوز بالنجاة.إن الذين يعيشون وليست عقائدهم صحيحة نتيجة عدم معرفة الله الحقة، ولا هم يرتدعون عن الأعمال السيئة، بل يتجاسرون على ارتكاب الذنوب اعتمادا على كفارة كاذبة، أنى لهم أن يحظوا بالنجاة؟ فهؤلاء المساكين لم يفهموا حتى الآن أن في داخل كل إنسان جذوة من النار وعينا للنجاة، فبانطفاء جذوة النار تفور تلقائيا عين النجاة.فسوف يُري الله في ذلك العالم كل هذه الأمور في صورة محسوسات.فلو كان النصارى يعرفون هذه الفلسفة الحقة لما استطاعوا خجلا مواجهة أحد.فالادعاء، رغم ارتكابهم آلاف أنواع الفسق والفجور والمكر والخداع، بأنهم قد تطهروا من الذنب لمن الشطارة الغريبة.الدين الذي يتخذ المبدأ بأن المسيح بانتحاره قد أبطل جميع أنواع العبادة والحسنات والأعمال الصالحة وجعلها عديمة الجدوى وأنه لم تبق لنا أي حاجة إليها..فهل نتوقع من أصحاب هذه العقيدة أن يرغبوا في عبادة الله ويتركوا الهمزة: ۷-۸

Page 188

أن بصدق القلب جميع السيئات؟ فإذا كانوا بتمسكهم بهذه العقيدة المخجلة يرتكبون أنواع الغفلة والخداع والأعمال غير الشرعية فمن الغريب أنهم لا يبكون على حالهم ولا يرثون مصيبتهم مطلقا، بل يتهمون الآخرين بضعف البصر مع كونهم عميانا.نحن نقول صدقا وحقا بأنه لو كان القدر الموجود في أبيات باوا المحترم من مضامين رائعة في بيان التوحيد الإلهي والوحدانية الحقة موجودا في الأناجيل الحالية لسررنا كثيرا لكن أني لمثل هذه الكتب الزائفة، التي قد ابتعدت كثيرا عن سرّ المعرفة الإلهية الحقة وعبادة الله الحقة والنجاة الحقيقية أن تضم الحقائق والمعارف الحقة! فالأغبياء يرددون كل حين وآن كلمة الكفارة وانتحار المسيح واتخاذ الإنسان الفاني إلها، ويدعون بذلك أنهم تخلّصوا من إحراز الأعمال الصالحة كلها.صحيح التضحية بالروح من أجل عباد الله وبني البشر وتحمل الألم لصالح الناس أمر محمود للغاية، إلا أنه ليس من الجدير بالحمد أبدا أن ينقذف المرء في البئر اعتمادا على الخيال الباطل زعما منه بأنه سيخلص الناس بموته.لا شك أن طريقة التضحية بالروح أي أن يخدم المرء عباد الله بأسلوب معقول، وأن يبذل جميع أنفاسه في مصلحتهم وأن يبذل قصارى الجهد من أجل خيرهم حتى يجود بروحه في سبيل ذلك صحيحة إلا أنه ليس صحيحا البتة أن يشجّ رأسه بحجر، أو يغرق في البئر، أو يشنق نفسه ثم يتصور أنه بهذا التصرف السخيف يفيد بني البشر.فليفهم النصارى أن باوا نانك المحترم كان قد عرف جيدا جميع سبل النجاة الحقيقية.كان يؤمن بأن الفوز

Page 189

۱۷۱۰ بقرب ذلك القدوس مستحيل إلا ببذل الجهد والسعي، كما كان يدرك أن الله يريد من كل نفس تضحيتها لا تضحية غيرها.فانتحار زيد لا يفيد بكرا.فالحق أن الذين يكونون الله فهم الذين وحدهم يفوزون بقربه، وإن الذين يوصدون أبواب كل نجاسة فلهم تُفتح أبواب ذلك القدوس حصرا.ما هو الإسلام ؟ حين انتهينا من إثبات أن باوا المحترم كان في الحقيقة من أولئك الصالحين الأطهار الذين أشرق على قلوبهم نور الإسلام بقى الرد على التساؤل: ما هو الإسلام؟ فليكن معلوما أن الله الله بعد أن خلق كل شيء، أودعه كمالا يناسب خلقه، وهو العلة الغائية من وجوده.وتتحقق قيمة كل شيء وقدره عند بلوغه كماله فالثيران مثلا تتميز بكمال الحرث والسقى وحمل الأثقال، أما الخيول فتتميز بكمال ركوب الناس بحسب مشيئتهم.وإن كان بلوغ هذه الحيوانات كمالها ضمن قدراتها، إلا أن ذلك الكمال يتحقق نتيجة تعليم الفلاحين والفرسان المهرة، لأنهم بالترويض والتعليم يُبرزون في هذه الحيوانات المواهب الفطرية بما يوافق طبعهم.فبموجب هذه القاعدة لا بد من الإيمان بأن الإنسان هو الآخر قد خُلق بقصد الحصول على كمال ما، لأنه إذا كان أي شيء في الدنيا لم يُخلق عبثا وباطلا، فكيف يمكن أن يُعد خلق الإنسان الذي هو حيوان نادر الخلقة ويتمتع بقدرات رائعة عديمة المثال - عديم الفائدة وباطلا؟ فلا يُظن أن أروع كمال الإنسان أن يعيش

Page 190

۱۷۲۰ للأكل والشرب متمتعا بكل أنواع الترف من لذات الثروة والحكم.لأن الحيوانات الأخرى أيضا تشاركه في مثل هذه اللذات.وإنما كمال الإنسان يتوقف على إحراز الكمال في القوى التي يتميز بها عن غيره، وإن كمال دين الإنسان أن يتجلى لمعانه في كل قوة له وأن تكون كل طاقة طبعية له ينبوعا للدين، وتلك القوى هي: العقل والعفة والشجاعة والعدل والرحمة والصبر والاستقامة والشكر والحب والخوف والطمع والحزن والغم والإيثار والسخاء والهمة والحياء والسخط والغضب والإعراض والرضا والشفقة والتذلل والحمد والذم والأمانة والإيمان والصدق والعفو والانتقام والكرم والجود والمواساة والذكر والتصور والمروءة والغيرة والشوق والعطف والحلم والشدة والفهم والفراسة والتدبير والتقوى والفصاحة والبلاغة وعمل جوارح الذوق والأنس والدعاء والنطق والإرادة والتواضع والرفق والمداراة والتحنن والوفاء وحسن العهد وصلة الرحم والوقار والخشوع والخضوع والزهد والغبطة والابتكار والتعاون وطلب التمدن والتسليم وشهادة الصدق والرضا بالقضاء والإحسان والتوكل والاعتماد والتحمل والوفاء بالعهد والتبتل والطاعة والموافقة والمخالطة والعشق والتفاني والتطهر والتفكير وحفظ الإدراك والبغض والعداء والحسرة والإخلاص وعلم اليقين وعين اليقين وحق اليقين والجهد والتوبة والندم والاستغفار وبذل الروح والإيمان والتوحيد والرؤيا والكشف والسمع والبصر والأخطار.

Page 191

۱۷۳ هذه الصفات كلها توجد في الإنسان وحده ولا يشاركه فيها حيوان آخر.ويمكن أن يقول شخص لا يعتاد التدبر والتفكر – في الظاهر - أن بعض الحيوانات الأخرى شريكة في كثير من هذه القوى.مثل الحب أو الخوف أو العداء، إلا أنه يتبين بإمعان النظر أن هذه المشاركة صورية فقط غير حقيقية.فحب الإنسان وخوفه وعداوته ثمرة لعقل الإنسان ومعرفته وتجربته.فلما كانت الحيوانات الأخرى لا تملك العقل والمعرفة والتجربة كالإنسان، فأنى لها أن تحظى بنتيجتها؟ ولهذا السبب ليست هناك نهاية لحب الإنسان وخوفه ،وعدائه ويبلغ حب الإنسان تدريجا درجة العشق.حتى إن حبه يعشش في قلبه ويخرقه ليتسرب إلى الداخل وأحيانا يجعله شبه مجنون.ولا يتوقف عند الحبيب فحسب بل الإنسان يحب أصدقاء حبيبه أيضا ويحب مدينته التي يعيش فيها حبيبه ويحب الخصال والأوضاع التي توجد في الحبيب، ويحب البلد الذي يقيم فيه حبيبه.كذلك لا يقتصر عداء الإنسان أيضا على شخص واحد بل يبقى تأثيره أحيانا في أجيال كثيرة.كذلك ينتج خوف الإنسان من دوافع بعيدة حتى يصيبه خوفُ الآخرة أيضا.فليست قوى الحيوانات الأخرى من منبع القوى الإنسانية نفسه ومصدرها، بل إنها خواص طبعية تظهر منها من تلقاء نفسها، وكل ما أعطي للإنسان فهو يخص الإنسان وحده.فليكن معلوما أن بذل كل قوة من القوى المذكورة آنفا التي أعطيت للإنسان في سبيل الله في محلها وحسب مرضاة الله ورضوانه، وتحريك كل

Page 192

قوة بحسب مرضاة الله وابتغاء رضوانه وتسكينها أيضا حالة يسميها القرآن الكريم إسلاما.لأن الله له يقول في تعريف الإسلام في القرآن الكريم بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أي أن وقف الإنسان نفسه بكامل قواه في سبيل الله ثم وصوله في معرفته إلى حد الإحسان، أي إزاحة حُجُب الغفلة، لدرجة كأنه يرى الله الله فهذا هو الإسلام حصرا.فلا نستطيع أن نصف أحدا بالمسلم إلا إذا نذر جميع قواه في سبيل الله ووظفها في محلها امتثالا لأوامره ليله الا الله بحيث لا تعمل أي قوة بحسب هواها.فالواضح أن الحياة الجديدة تنال بالتغيير الكامل فقط.ويستحيل تحقق التغيير الكامل إلا إذا خضعت جميع قوى الإنسان التي تشكل لب إنسانيته ومغزاها- للطاعة الإلهية.أما إذا صارت جميع القوى خاضعة لطاعة الله وبدأت تسير في خط الاستقامة بخواصها الطبيعية، فهذا الرجل سيسمى مسلما.إلا أن نجاح كل هذه القوى في مطالبها نجاحا تاما ونيلها الاعتدال المطلوب باختفائها تحت رداء رضوان الله مستحيل ولا يمكن دون تعليمه الله وتأييده.فكان من الضروري أن ينزل من الله في العالم كتاب يعلم العباد طريق الإسلام.فكما نروّض حيواناتنا من خيول وحمير وثيران لتظهر كفاءاتها الخفية، ونسيرها بحسب مبتغانا كذلك تماما فإن الله يلتفت إلى ملحوظة: إن الوجه في اللغة العربية هو الثغرُ فلما كان الإنسان يُعرف ويتميز عن مئات الملايين من البشر بالوجه، لهذا فإن المراد من الوجه في هذه الآية مجازا ذات الإنسان وقواه التي يتميز بها عن الحيوانات الأخرى، فكأن تلك القوى وجه إنسانيته.منه البقرة: ١١٣

Page 193

۱۷۰ طيبي الطبع لإظهار قواهم الطبيعية، ويُصلح الآخرين بواسطة أحد الكمّل بإنزال الوحي عليه لينصرفوا إلى طاعته.فهذه هي السنة الإلهية منذ القدم، ولقد ظل الله يعلّم في كل زمن على الدوام طريق الإسلام بحسب كفاءات بسبب ذلك الزمن.فلما كان الأنبياء السابقون يُبعثون إلى أمة معينة وفي بلد معين، كان تعليمهم بدائيا ومجملا وناقصا، وقلما كانت تطرأ الحاجة إلى الإصلاح قلة عدد القوم.فلما لم تكن شجرة الإنسانية قد أحرزت نموها الكامل، لذا كانت الكفاءات أيضا ضئيلة ولم تكن تتحمل التعليم السامي، ثم جاء زمن تطورت فيه الكفاءات لكن الأرض امتلأت ذنوبا وسيئات وعبادة للخلق.وكان التوحيد الصادق والصلاح الحق قد غاب عن الهند واختفى من عند المجوس واليهود والنصارى وكانت جميع الأمم قد اندفنت تحت الضلال والثوائر النفسانية.ففي ذلك الزمن علم الله العالم الإسلام الكامل بإنزال القرآن الكريم على نبيه المقدس محمد المصطفى.كان الأنبياء في الماضي يأتون إلى قوم معين وكانوا يعلمونهم بقدر كفاءاتهم فحسب، فلم يكونوا يعلمونهم تعاليم الإسلام التي لا يطيقونها، لهذا كان إسلامهم يظل ناقصا، ولهذا السبب لم يسم أي من تلك الأديان بالإسلام.أما الدين الذي جاء في العالم بواسطة نبينا المقدس محمد المصطفى ، فكان يستهدف إصلاح العالم بأسره، ويتوخى التعليم الموافق لجميع الكفاءات، لذا صار هذا الدين هو الأكمل والأتم مقارنة مع الأديان الأخرى.وهو وحده

Page 194

سمي بالإسلام بصفة خاصة، ووصف الله هذا الدين وحده بالكامل، كما ورد في القرآن الكريم: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.ولما لم تكن الأديان السابقة كاملة وكانت جميع على شاكلة قوانين تخص قوما معينا أو زمنا معينا فلم يسمها الله الله الإسلام، وكان يتحتم كذا لأن أولئك الأنبياء لم يُبعثوا إلى الأقوام، بل كان كل واحد قد بعث إلى قومه خاصة، وكانوا يهتمون بإصلاح السيئة المتفشية في قومهم و لم تكن مهمتهم إصلاح جميع فروع الإنسانية؛ لأنهم كانوا يعالجون قوما معينا فقط مصابا بأمراض ومشاكل معينة، وكانت قدراتهم أيضا ،ناقصة وقد بقيت كتبهم أيضا ناقصة.ذلك لأن أهداف التعليم انحصرت في أقوام معينة، أما الإسلام فجاء للعالم بأسره ولكافة الكفاءات، وكان القرآن يهمه الإصلاح الكامل للعالم كله بمن فيهم العامة والخواص والحكماء والفلاسفة؛ لهذا عالج القرآن الكريم جميع قوى الإنسانية وأراد أن تكون جميع قوى الإنسان فداء لله وذلك لأن القرآن الكريم يستهدف إصلاح جميع كفاءات الإنسان ويتوخى إصلاح كل كفاءة.ولهذا السبب وحده جعل نبينا الله خاتم النبيين، لأنه قد تحققت على يديه جميع المهمات التي لم تتحقق على يد أي نبي سابق فلما كان القرآن الكريم يخاطب جميع كفاءات البشر وكان قد أنزل لإصلاح العالم بصفة عامة، لهذا يحيط بجميع جوانب الإصلاح.ولهذا سمي دينُ القرآن الكريم الإسلام، ولم المائدة ٤

Page 195

۱۷۷۰ يحز أي دين آخر لقب الإسلام؛ لأن جميع تلك الأديان كانت ناقصة ومحدودة.باختصار؛ إذا كانت هذه هي حقيقة الإسلام فلا أحد من العاقلين يشعر بأي عار من أن يسمى مسلمًا.غير أن دعوى الإسلام أعلنها هذا الدين القرآني ،وحده، وهو الذي قدم الدلائل على هذه الدعوى العظيمة، فالقول بأني لست مسلما يساوي التصريح بأن ديني ناقص.إنني أجد لزاما علي البيان هنا أن السعادة والطمأنينة الصادقة التي طلبها قد جعل كل إنسان طالب الدين، لا يمكن تحققها في أي مقام غير الإسلام.فحين نتأمل في السؤال المهم: كيف يمكننا الانتقال من هذا العالم المليء بالفتن بالطمأنينة الصادقة؟ فإن روحنا التي تحب الراحة الكاملة الصادقة، تردّ فورا: إن سعادتنا الكاملة والدائمة تتطلب أمرين: الأول: أن لا نتمسك بعلاقات فانية في هذا العالم الفاني لدرجة تسبب مغادرتنا لها عذابا أليما.الثاني: أن تؤثر الله الله في الحقيقة على جميع هذه الأشياء.فكما يغادر الإنسان مدينة إثر سفر مخطط له وينتقل إلى مدينة أخرى، كذلك علينا أن نهجر تماما الحياة الدنيا عن طيب خاطر ونقبل كل ألم من أجل الله؛ فإذا فعلنا ذلك وضعنا بأيدينا حجر الأساس لجنتنا.فما هو الإسلام؟ ألا إنما الإسلام أن نتخلى عن هذه الحياة السفلية وتفنيها وندخل في حياة أخرى جديدة طاهرة، وهو مستحيل ما لم تكن جميع قوانا فداءً في سبيل الله.فبالتمسك بمبادئ الإسلام تُنال الحياة الجديدة، ويحظى الإنسان بأنوار

Page 196

۱۷۸ وبركات إذا بينتها فلا أظن أن أحدا من الأغيار سيثق بها.ألا إن الله موجود وإن الإيمان به وكون المرء له في الحقيقة إنما هو الطريق الوحيد الذي اسمه الإسلام.ولا يسلك هذا الطريق إلا الذي يُلقي في قلبه تأثيرا قويا لخشية الله الحي.أكثر الناس يتمنون النجاة باتباع طرق سخيفة، لكن الإسلام يعلم طريق النجاة نفس الذي حدده الله تعالى في الحقيقة منذ الأزل؛ وهو أن يبحث المرء عن مكان قربه باعتقاد صادق وأعمال طيبة وباستغراق في نيل رضاه ، ويسعى للحصول على قربه ورضوانه؛ لأن العذاب يكمن في غضب الله تعالى والابتعاد عنه؛ فحين يتقرَّب المرء إلى الله لا بتوبة نصوح وباتخاذ طريق الحق وإحراز الاتباع الصادق وبتقبل التوحيد الصادق وينال مرضاته، عندئذ يُبعد عنه ذلك العذاب.أما السؤال كيف يتورّط الإنسان في المعتقدات الكاذبة والأفكار الباطلة؟ فإنما جوابه أن الإنسان يقع في الأفكار الخاطئة والعقائد الباطلة حين لا يتبع الوحي الإلهي الحق على وجه کامل، بل يتبع أفكاره المختلقة أو أفكار إنسان آخر مثله.فمن الجلي أن الإنسان لا يسعه اجتناب الخطأ، لأن السهو والنسيان غالب على طبعه، ثم كيف يمكنه اجتنابه على مثل هذا الطريق الدقيق جدا وهو مصاب بالثوائر النفسانية أيضًا؟ لهذا فقد طأطأ جميع الطالبين الصادقين والصالحين الحقيقيين رءوسهم تصديقا بأن اكتشاف طرق رضوان الله بحاجة إلى وحيه وإلهامه.فالمسألة المهمة والأساسية لطالب الحق أن يحصل له اليقين الكامل بوجود الله في كل حال.لكن الإنسان لا يستطيع أن يوقن بذات الله الخفي جدا وغيب الغيب

Page 197

۱۷۹ ووراء الوراء على وجه كامل بمجرد.مساعيه وبعلمه ومعرفته المختلقة بل إن المساعي من طرف واحد تؤدي أخيرا إلى الشك والوهم وإنكار البارئ؛ لأن الذي ينشغل في طلب الله لمدة عشر سنوات أو عشرين سنة أو خمسين سنة وسلم بالنظر إلى عجائب قدرة الله في الأرض والسماء بضرورة الخالق لهذا الترتيب الأحسن والتركيب الأبلغ والأشياء المليئة بالحكمة، فينشأ لديه طبعا رغبة في أن يعثر على أثر من الله تعالى أيضا، حتى لا يكون اعتماده على أفكار مخترعة.لكنه حين لا يتلقى أي صوت من ذلك الخالق حتى بعد قضائه مدة طويلة في طلبه - ولا تظهر له أي آية؛ فإن اليقين الذي كان قد نحته بعقله سينهدم كبناية قديمة منهارة وسيكون حاله الأخير أسوأ من الأول؛ لأن من فطرة الإنسان أنه إذا بحث عن شيء بكل قوة وبذل كل سعي ولم يدخر جهدا في البحث والطلب ومع ذلك لم يتيسر له ذلك الشيء، فلا يبقى إيمانه بوجود ذلك الشيء قائما، ولا سيما إذا كان يبحث عن ذات ذلك المطّلع على اضطرابه ومساعيه والعالم بقلقه هذا.فإذا لم يأت أي رد منه فسوف يؤدي بالتأكيد إلى الرفض واليأس.فالثابت بموجب هذا البحث أن اليقين الصادق بالله تعالى مستحيل دون وحيه وإلهامه.والآن نقدم معيار كل دين ونكتب - مقابل بعضها - مقارنة بين الأديان الثلاثة الآرية والمسيحية والإسلام ونترك للقراء أن يميزوا الحق من الباطل.

Page 198

Page 199

المقارنة بين الأديان في ميزان الفطرة وذكر منة الحكومة الإنجليزية ۱۸۱ من المستحيل أن تتسنى لسكان أي بلد فرصة لفحص الأديان واختبارها وتمييز الباطل من الصادق أفضل الصادق أفضل مما تسنت لنا في بلدنا البنجاب والهند.وإن المنة الأولى من منن الله له بخصوص تأمين هذه الفرصة تمكينه الحكومة البريطانية من احتلال بلدنا هذا.وإن لم نشكر بصدق القلب لهذه الحكومة المحسنة التي بوجودها المبارك قد تسنت لنا فرصة نشر الدعوة وتبليغ رسالة الإسلام التي لم تسنح قبلنا حتى لأي ملك؛ سنكون ناكري الجميل وكافري النعمة.لأن هذه الحكومة المحبة للعلم قد أعلنت حرية الرأي بما لا يجدي البحث عن نظير ذلك في أي حكومة معاصرة.أفليس من العجيب أننا نستطيع إلقاء الوعظ في تأييد الإسلام في أسواق لندن بما يستحيل تيسيره لنا في مكة المعظمة بالذات؟ وهذه الحكومة لم تمنح الحرية لكل أمة لنشر الكتب والدين فحسب بل قد ساعدت بنفسها كل جماعة من خلال نشر العلوم والفنون، وقد فتحت عيون العالم بالتعليم والتربية.وإن كانت هذه المنة لهذه الحكومة ليست بسيطة يستهان بها، إذ أنها تحمي بصدق القلب أموالنا وأعراضنا وأرواحنا جهد المستطيع، وتفيدنا بهذه الحرية فائدةً قد مات الكثيرون من مواسى الإنسانية متعطشين لها قبلنا؛ إلا أن منتها الأخرى

Page 200

۱۸۲۰ الأكبر منها شأنا حظا هي أنها تحرص على أن تجعل وحوش الغابة الذين هم أناس بالاسم فقط متعلمين ومثقفين، وذلك بتعليمها إياهم أنواع العلوم.نحن نلاحظ أن الذين كانوا أقرب إلى الأنعام والدواب وضعًا قد أحرزوا من الإنسانية والفراسة والفهم نتيجة الجهود المتواصلة للحكومة، وقد تولد في معظم القلوب والعقول نور يتولد بعد الحصول على العلوم.إن اتساع نطاق المعلومات قد أحدث انقلابا في العالم.فمثل هذه العلوم كمثل زجاج يمر منه النور ليدخل البيت دون ولا يمر منه الماء.كذلك قد حل نور العلم في القلوب والأذهان، إلا أن الماء المصفى للإخلاص والتوجه إلى الله الذي تنمو به شجرةُ الروح وتُثمر ثمارا طيبة لم يدخلها بعد.لكن ذلك ليس من ذنب الحكومة، لأن الأسباب المولّدة للروحانية الحقة ما زالت مفقودة أو قليلة.فمن الغريب أنه بتقدم العلوم قد تقدَّم المكر والخداع أيضا نوعا ما، وأهل الحق يواجهون وساوس لا تُحتمل، إن البساطة الإيمانية قد قلت كثيرا، والأفكار الفلسفية التي لا تماشيها المعلومات الدينية قد أثرت تأثيرا متلقي العلوم الحديثة وتدفعهم إلى الإلحاد وإن تفادي هذا التأثير فعلا دون تزود الناس بمعلومات دينية صعب جدا.فيا أسفا على من ترك في مثل هذه المدارس والكليات في حين ليس عنده أي إلمام بالمعارف الدينية والحقائق، إلا أننا يمكن أن نقول إن هذه الحكومة عالية الهمة التي تواسي بني نوع البشر، قد طهرت ببذل المساعي الشخصية أرضية قلوب سكان هذا البلد الذي كان قد صار كالقفر الخرب- من شجيرات وأعشاب برية، وأنواع ساما في

Page 201

۱۸۳ الأعشاب التي كانت قد طالت وغطّت الأرض بكثرتها.وقد آن الأوان بالطبع أن تُزرع فيها بذور الصدق، ثم تُروى بالماء السماوي.فالذين اقتربوا بواسطة هذه الحكومة المباركة من الغيث السماوي سعداء جدا.يجب على المسلمين أن يعدّوا هذه الحكومة فضلا إلهيا، ويبذلوا لطاعتها الصادقة جهودا ليكونوا قدوةً للآخرين.فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ أليس من الواجب أن تُرَدّ الحسنة بالبر والحسنة ؟ ينبغي أن يفكر كل واحد ويُظهر خصاله الطيبة.إن الشريعة الإسلامية لا تريد تضييع حق أحد من وإحسانه، لهذا يجب التعامل مع هذه الحكومة المحسنة وطاعتها بصدق القلب لا بدافع النفاق، لأن أول وسيلة هيأها الله لنشر نور ديننا هي الناس هذه الحكومة.والوسيلة الثانية التي ظهرت في بلدنا لمعرفة الأديان هي كثرة المطابع، لأن الكتب التي كانت شبه دفينة في الأرض استعادت الحياة ورأت النور مرة أخرى بواسطة هذه المطابع حتى إن فيدا الهندوس أيضا قد ظهر مرتديا زي الأوراق الجديدة، فكأنه ولد من جديد، وافتضحت قصص الحمقى والعامة.والوسيلة الثالثة هي فتح الطرق ونظام البريد الرائع وانتقال الكتب إلى هذا البلد من البلاد النائية البعيدة، وانتقالها من هذا البلد إلى تلك البلاد.كل هذه الوسائل التي هيأها الله بفضله في بلدنا قد ظهرت لإحقاق الحق، ونستفيد منها بمنتهى الحرية وقد كسبنا كل هذه الفوائد عن طريق هذه الحكومة المحسنة صالحة النية.وينبعث من قلوبنا تلقائيا دعاء لها.

Page 202

أما إذا سأل أحد: لماذا تعتنق هذه الحكومة المتحضرة والعاقلة دينًا يسيء إلى الجلال البديهي والقديم وغير المتغير للإله الحق، باتخاذها الإنسان إلها؟ فمن المؤسف أن الرد على هذا التساؤل هو أن السلاطين والملوك يُفرطون بالاهتمام بشئون البلد، ومن ثم تُصرف جميع قوى التدبر والتفكر في هذا المجال، ولا تسمح لهم حماية مصالح الشعب بالاهتمام بالآخرة.وبالتالي تستولي المطالب المادية المستمرة وغير المنقطعة على روح البحث عن الحق والمعرفة الإلهية فتتضاءل، ذلك لا نيأس من أن يلفت الله بفضله انتباه ومع هذه الحكومة عالية الهمة إلى الصراط المستقيم أيضا.فنحن كما نسأل الله لهذه الحكومة حسنات الدنيا، ندعو لآخرتها أيضا.وليس من المستبعد أن نلاحظ تأثير الدعاء.إن الأديان الثلاثة الكبيرة قد انبرت ليتصدى بعضها لبعض وتتصادم في هذا الزمن الذي قد ظهرت فيه وسائل كثيرة لتمييز الباطل عن الحق.وأتباع كل دين من هذه الأديان الثلاثة يدعون أن دينهم حصرا صادق وعلى حق.ومما يثير العجب أن لا أحد يستعد للإقرار بلسانه أن أساس دينه ليس على مبادئ الصدق.لكنني لا أوقن حتى للحظة واحدة بأن قلوب معارضينا توافق ما تدعيه ألسنتهم.فمن أبرز علامات الدين الصادق أنه يتجلى ويلمع ويتألق بنفسه قبل أن نبين نحن دلائل صدقه، لدرجة أن لو وضعت سائر الأديان مقابله بدت كلُّها وكأنها واقعة في الظلام، ولا يقدر أي عاقل على فهم هذا الدليل بوضوح إلا إذا ألقى النظر على المبادئ الأساسية لكل دين

Page 203

بعيدا عن دلائله المخترعة؛ أي ينبغي أن يتحرى تلك الأديان بإجراء المقارنة بين مناهجها لمعرفة الله تعالى ولا يضيف حواشي الدلائل الخارجية على عقيدة أي دين بخصوص المعرفة الإلهية، بل بتجريده عن الدلائل ويتبين ضع كل دين مقابل الآخر ويتدبر أي دين يتميز بلمعان الصدق الذاتي، وفي أي منها ميزة أن القلوب تنجذب إليه لمجرد اطلاعها على الطريق الذي بينه لمعرفة الله تعالى والأديان الثلاثة التي ذكرتها آنفا هي: الآرية، المسيحية، الإسلام.فإن أردنا رسم صورة حقيقية لهذه الأديان الثلاثة فهي كما يلي: إن إله الدين الآري إلة يستحيل أن تستقيم ألوهيته بقوته وقدرته الذاتية.فآماله كلها في كائنات لم يخلقها بيده فإدراك قدرات الإله الحق كلها ليس بوسع إنسان، أما قدرات إله الآريين فتعدّ على أصابع اليد؛ فهو إله قليل الثروة، إذ قدراته كلها محدودة.وإذا مدحنا قدراته كثيرا فلا نستطيع القول أكثر من أنه يعرف تركيب الأشياء القديمة مثله كالبنائين، وإن سأل أحد أي شيء يضيفه من عنده؟ فيكون الجواب بمنتهى الأسف: لا شيء.باختصار؛ إن منتهى قدراته ينحصر في تركيبه الأرواح الموجودة والأجسام الصغيرة القديمة والأزلية واجبة الوجود كمثله تعالى التي لا دخل له في خلقها.فهو مجرد مركب أو مشكل.فمن المتعذر تقديم الدليل على أن هذه الأشياء القديمة بحاجة إلى الإله.فما دامت كل الأشياء قد وجدت من تلقاء نفسها، وجميع قواها وقدراتها أيضا تلقائية وهي قادرة على الاتصال فيما

Page 204

الثانية أنه ما بينها تلقائيا، وقوة الجذب فيها أيضا أزلية ومزاياها وخصائصها التي تظهر بعد التركيب هي تظهر تلقائيا؛ فلا نستسيغ بأي دليل تثبت الحاجة إلى هذا الإله الناقص وعديم القدرة؟ وبأي شيء يتميز عن غيره سوى أن يقال بأنه أكثر دهاء أو ذكاء.فأي شك في أن إله الآريين محروم من القدرات غير المتناهية التي يقتضيها كمالُ الألوهية.ومن شقاوة هذا الإله الخيالي أنه لم يتيسر له الكمال التام الذي يستلزم إشراق جلال الألوهية بأكمله.وشقاوته من طريق لمعرفته من خلال قانون الطبيعة، بل يُعرف من عدد من أوراق الفيدا.لأنه إذا كان صحيحًا حصرا أن الأرواح وذرات الأجسام قد ظهرت بجميع قواها وإغراءاتها ومزاياها وعقلها وإدراكها ومشاعرها وأحاسيسها من تلقاء نفسها ؛ فلا يفهم العقل السليم لماذا يحتاج تركيبها إلى ذات أخرى؟ ففي هذه الحالة يتعذر الردّ على التساؤل: إن الأشياء التي هي خالقة نفسها منذ القدم وهي تتمتع بجميع القوى الضرورية لاتصال بعضها بالآخر - فلما لم تكن محتاجةً لخلقها إلى أي إله، ولم تكن محتاجة إلى أي خالق لصنع قواها ومزاياها فأي سبب يفرض حاجتها إلى موصل آخر لتتصل ببعضها؟ مع أن وصل القوى بالأرواح ووصل القوى بذرات الأجسام، هو الآخر نوع من التركيب والربط.فمن هنا ثبت أن هذه الأشياء القديمة كما لا تحتاج إلى أي خالق لظهورها ولا إلى أي موجد لقواها، كذلك ليست بحاجة إلى أي صانع لاتصال بعضها ببعض.فمن الغباء أن المرء إذا أقر بلسانه بحق هذه الأشياء، أنها ليست محتاجة إلى منتهی

Page 205

أحد لوجودها ووجود قواها وتواصلها ثم يقول باللسان نفسه إن بعض الأشياء منها بحاجة إلى الغير للاتصال والتركيب حتما؛ فهذه دعوى ليس عليها أي دليل وغاية القول إن وجود الإله بموجب هذه العقيدة يتعذر.فليس هناك أحد أشقى ممن يؤمن بإله لم تتيسر له وسائل رائعة لإثبات وجوده بموجب قلة القدرة فهذا هو حال القدرات الإلهية في إله الهندوس.أما قدراته الأخلاقية فتبدو أقل حتى من القدرات البشرية؛ إذ نلاحظ أن الإنسان طيب القلب إذا اعتذر إليه المقصرون في حقه بتواضع وأدب وطلبوا منه العفو فهو يصفح عنهم مرات كثيرة، ويحسن بمقتضى كرمه مرات عديدة إلى الذين لا يستحقون شيئا.أما الآريون فيقولون بحق إلههم إنه محروم من هذين الخلقين كليهما.وكل ذنب بحسب عقيدتهم يجلب للإنسان مئات الملايين من الولادات.وما لم يواجه العقوبة المستحقة كاملة من خلال الولادات المتكررة فلا سبيل إلى النجاة.فمن الرجاء الباطل تماما بحسب عقيدتهم أن يتخلص الإنسان من الولادات المتكررة بالتوبة والندامة والاستغفار، أو يحميه الرجوع إلى الحق من عقوبة أقواله وأعماله السابقة الباطلة.بل لا بد من مواجهة ولادات لا حصر لها.ولا يمكن الخلاص من هذه العملية بأي طريقة.أما الكرم والجود فلا يعرفه إلههم أصلا.فإذا كان أي إنسان أو حيوان يتمتع بوضع رائع أو يحظى بنعمة، فهو ثمرة إحدى الولادات السابقة لكن من المؤسف أن مبادئ الفيدا رغم تباهى الآريين الكبير بها، لم تتغلب على الضمير الإنساني.وإني قد لاحظت مرارا أثناء

Page 206

زياراتي الكثيرة لبعض أتباع هذه الفرقة الهندوسية، أنه كما يصاب الآريون النجاة من بخجل عند ذكر "النيوك"، كذلك يواجهون خجلا كبيرا عندما يُطرح عليهم السؤال عن كون قدرات الإله وأخلاقه محدودةً لدرجة أن لا تثبت ألوهيته عقلا بسبب ذلك.والتي بسببها قد حرم الآريون الأشقياء الدائمة.باختصار؛ إن حقيقة إله الهندوس وكنهه أن قواه الخلقية وألوهيته ضعيفة جدا، وفي حالة يرثى لها.ولعل هذا هو السبب وراء تركيز الفيدا على عبادة النار والهواء والقمر والشمس والماء بدلا من الإله.وقد طُلب كل من عطاء ومغفرة منها.ذلك لأن الإله لما كان لا يستطيع إيصال أحد الآريين إلى هدفه بل يعيش شقيا محروما من القدرات الكاملة، فاتكال الغير عليه خطأ جلي.ولرسم صورة إله الهندوس كاملةً للقلب ولتمثيله أمام العين، يكفى ما كتبنا.والديانة الثانية هي المسيحية التي يعدُّ أتباعها- بمنتهى الحماس والنشاط وبمبالغة كبيرة ربهم الذي سموه يسوع المسيح إلها حقا.ومن ملامح إله النصارى أنه رجل إسرائيلي ولد عند مريم بنت يعقوب، ورحل من هذا العالم الفاني عن عمر يناهز ٣٢ عاما.وحين نفكر كيف خاب دعائه طول الليل عند الاعتقال وكيف ألقى عليه القبض بذلة، وأنه بحسب زعم النصارى عُلِّق على الصليب ومات صارخا "إيلي إيلي"؛ تقشعر أبداننا فورا.هل يمكن أن يُعد الإنسان الذي لم يُتقبل دعاؤه عند الله ومات بمنتهى الفشل وخيبة الأمل وتعرّض لضربات متتالية- إلها قادرا؟ تصوّروا أمله رغم

Page 207

41197 قليلا ذلك المشهد حيث أُرسل يسوع المسيح، بعد مكوثه في زنزانة، من محكمة بيلاطس إلى هيرودوس.فهل يليق بالإله أن يُدان، ثم ينطلق من زنزانة معتقلا بحراسة عدد من رجال الشرطة والسلاسل في يديه والأصفاد في قدميه، مواجها الإساءات والزجر إلى الجليل؟ وانتقل في هذا الوضع البئيس من سجن إلى سجن.وحين أراد بيلاطس إطلاق سراحه بشرط أن يظهر له كرامة لم يقدر على إظهار أي كرامة فأعاده مضطراً إلى السجن مرة أخرى وسلَّمه لليهود، فعلّقوه على الصليب فوراً قصد القضاء عليه.فليتدبر القراء الآن بأنفسهم؛ هل هذه هي علامات الإله الحقيقي، وهل يقبل أي ضمير طاهر أن يصير خالقُ السماوات والأرض ومالك القدرات المتناهية- الذي لا حصر لقُواه - شقيا وضعيفا وذليلا في نهاية المطاف لدرجة أن يتمكن الأشرار من القضاء عليه بأيديهم؟ فإذا أراد أحد أن يعبد مثل هذا الإله ويتوكل عليه فهو حرّ.لكن الحق أنه لو أقيم إله النصارى مقابل إله الآريين وقارنت بين قواهما وقدراتهما لثبت أنه لا شيء يذكر قط؛ وذلك لأن إله الآريين الافتراضي وإن كان لا يملك أي قدرة على الخلق إلا أنهم يقولون إنه يركب الأشياء المخلوقة لحد ما.أما يسوع النصارى فلم تظهر قدرته حتى حين قال له اليهود بعد تعليقه على الصليب أنهم سوف يؤمنون به إذا تمكن من إنقاذ نفسه الآن.فلم يقدر أمام أعينهم على إنقاذ نفسه.وإلا هل كانت نجاته مهمة جليلة إذ كانت تنحصر في وصل روحه بجسمه فقط، فلم يتمكن ذلك الضعيف حتى من هذا الوصل.واختلق المدلسون

Page 208

۱۹۰۰ لاحقا أنه كان قد استعاد الحياة في القبر.إنهم مع الأسف لم يفكروا في أن اليهود كانوا يطالبونه بأن يستعيد الحياة أمام أعينهم، وحين لم يقدر على الإحياء أمامهم ولم يقابلهم بعد استعادة الحياة في القبر، فأي دليل يُقنع اليهود أو أي باحث بأن الحياة كانت في الحقيقة قد أعيدت إليه فعلا ما لم من يقدم الدليل على ذلك و لم يُثبت؟ وحتى إذا افترضنا أن جثمانه قد فُقد القبر، فلا يثبت منه أنه استعاد الحياة، بل سوف يثبت يقينا عند العقل أن أحد أصحاب الكرامات كان قد سرقه سرًّا، فقد خلا كثير من الناس الذين يعتقد أتباعهم أو قومهم بأن جثثهم كانت قد فقدت، فوصلوا إلى الجنة بأجسامهم.فهل سوف يقبل النصارى أن هذا قد حدث في الحقيقة؟ فلا أن فقط نذهب بعيدا بل ينبغي يدرسوا سوانح حياة بابا نانك المحترم؛ فقد أجمع مليون وسبعمئة ألف من السيخ على أنه بعد موته قد دخل الجنة في الحقيقة بحسمه المادي، ولم يُجمعوا على ذلك فحسب، بل هذا ما قد ورد في كتبهم الموثوق بها التي لفت في الزمن نفسه.فهل يمكن أن يقبل السادة المسيحيون أن السيد بابا نانك كان في الحقيقة قد دخل الجنة بجسمه؟ من المؤسف أن النصارى يذكرون الفلسفة عند الآخرين، لكنهم لا يسمحون للأمور المخالفة للعقل في بيتهم أن تقربها الفلسفة.فلو أراد النصارى أن يوظفوا العدل والإنصاف لأمكنهم أن يفهموا بسهولة أن دلائل السيخ على فقدان جثمان بابا نانك ودخوله الجنة بجسمه المادي أقوى بكثير من مزخرفات النصارى وأجدر بالاهتمام.ولا شك في أنها أقوى بكثير من

Page 209

۱۹۱ دلائل الإنجيل، ذلك لأن هذه الأحداث كانت قد دونت في الزمن نفسه في جنم ساكهي بالا.أما الأناجيل فقد ألفت بعد سنين طويلة من يسوع.وهناك فضيلة أخرى لحادث بابا نانك وهو أنه حين نُسبت هذه الكرامة إلى يسوع بدت في الحقيقة بنية التستر على الخجل الذي واجهه الحواريون أمام اليهود، لأن اليهود حين طلبوا من يسوع بعد أن علقوه على الصليب- أن يُظهر معجزة أنه إذا تمكن من استعادة الحياة والنزول عن الصليب فسوف يؤمنون به، فلم يستطع يسوعُ النزول عن الصليب، مما جلب لتلامذته خجلا كبيرا و لم يعودوا قادرين على مقابلة اليهود فكان من الضروري أن ينحتوا أي حيلة لستر ذلك الخجل ليتخلصوا بها من الطعن والضحك والسخرية في نظر البسطاء السذج.فالعقل يقبل الاحتمال أنهم نسجوا هذا المكر حتما لغسل وصمة عار عن وجوههم.فنقلوا جثمان يسوع من القبر إلى قبر آخر ليلا كما كانوا قد اتهموا ثم زعموا- بحسب المثل البنجابي المشهور: "شاهد المرشد مريده" أن يسوع قد استعاد الحياة كما كنتم تطلبون منه، إلا أنه قد صعد إلى السماء.لكن السيخ لم يواجهوا هذه المشاكل إثر وفاة بابا نانك، كما لم يتهمه أي عدو، ولم يُضطروا لنحت مثل هذه الاحتيالات، ولم يصرّح أحد عند هذا الزعم أن الجثة سرقت كما فعل اليهود.فلو أبدى النصارى هذا الاعتقاد بحق بابا نانك بدلا من يسوع لكان فيه شيء من المعقولية.أما يسوع فهذا الاعتقاد بحقه اختلاق محض وتزييف وتفوح منه رائحة كريهة جدا.

Page 210

۱۹۲۰ السبب الأخير لتعرُّض يسوع للألم ومحاولة الصلب أنه مع كونه إلها قد علق على الصليب ليكفّر بموته عن المذنبين، لكن العقيدة بأن الإله هو الآخر يمكن أن يموت لمن اختراع النصارى أنفسهم، حتى لو كانوا قد رفعوه إلى العرش بعد إحيائه مرة أخرى وهم مأخوذون في هذا الوهم الباطل إلى هذا اليوم، بأنه سيأتي مرة أخرى إلى هذا العالم للدينونة، وأن الجسم الذي أعطي له بعد الموت من جديد سيلازمه للأبد بصفته إلها لكن إله النصارى المتجسد هذا الذي قد أتى عليه الفناء مرة بحسب زعمهم، وهو يملك جميع الأعضاء في الجزء العلوي والسفلي للجسم والدم واللحم والعظم يشبه آلهة الهندوس التي يتخلى عنها الآريون بمنتهى الحماس في هذه الأيام.وإنما الفرق أن إله النصارى ولد مرة واحدة من بطن مريم ابنة يعقوب، لكن إله الهندوس "بشن" رضي بوصمة الولادة تسع مرات للتكفير عن ذنوب العالم.وقصة ولادته الثامنة ممتعة جدا، یروی أن الشياطين حين فرضوا سيطرتهم على الأرض بقوتهم، ولد "بشن" في منتصف الليل من بطن العذراء وجاء في مظهر الإله وخلص الناس من الذنوب المتفشية في العالم.وصحيح أن هذه القصة تنسجم مع مزاج النصارى غير أن الهندوس أبدوا ذكاء متناهيا إذ لم يصلبوا آلهتهم و لم يصموهم بحيث اتخذ باللعنة.ويتبين من بعض الإشارات القرآنية بمنتهى الوضوح، أن أول من الإنسان إلها كانوا "برهمن" الهند.ثم أخذ أهل اليونان هذه الأفكار من الهندوس، وأخيرا أكل النصارى خشارة هاتين الأمتين المتمثل في هذه العقائد المكروهة.وخطر ببال الهندوس أمر مستبعد آخر لم يفطن إليه النصارى وهو أن

Page 211

۱۹۳ الهندوس يرون من السنن القديمة لله الأزلي والأبدي أنه حيثما امتلأ العالم بالذنوب خطرت ببال إلههم أخيرا خطة وحيدة هي أن يولد هو نفسه في العالم ليخلص الناس.وهذا الحادث لم يظهر مرة واحدة فقط، بل ظهر على الدوام كلما طرأت الحاجة.وصحيح أن النصارى يعتقدون بأن الله قديم ولا نجد له أي بداية مهما رجعنا في الزمن الماضي وهو خالق ورب العالمين منذ القدم.لكنهم لا يؤمنون بأنه ظلَّ يُرسل من الأزل ومن زمن غير متناه أبناءه الأحبة ليصلبوا من أجل الناس، وإنما يزعمون أن هذه الفكرة دارت بخلده قبل فترة زمنية قصيرة، والآن فكر الأب المسنُّ في أن ينجي الناس بدفع ابنه إلى الصلب.فمن الجلي أن الإيمان بقدم الله وأزليته يستلزم القول بأن مخلوقاته أيضا أزلية من حيث القدم.وبسبب التجليات القديمة للصفات القديمة ظل عالم يختفي وينعدم ويظهر مكانه عالم آخر.ولا أحد يقدر على أن يعدّ العوالم التي أفناها الله الله وخلق مكانها غيرها.فقد أشار الله الله إلى هذا القدم للعالم عينه في قوله في القرآن الكريم بأنه خلق الجان قبل آدم.أما النصارى فرغم وجود الإثبات البديهي بأن قدم العالم ضروري فهم لم يقدموا إلى الآن أي قائمة تبين كم مرة على الصليب في هذه العوالم غير المحدودة التي لم تكن بينها أي علاقة؛ لأن من الواضح أن المسيحيين لا يرون أحدا غير ابن الله - طاهرا من الذنب.ففي هذه الحالة ينشأ السؤال المهم أن المخلوق الذي خلا قبل آدمنا هذا والذي ليس له أي علاقة بسلسلة بني آدم هذه كيف نال أولئك العفو عن ذنوبهم؟ فهل هذا الابن نفسه قد أُعدم مرات عديدة لنجاتهم أم كان ابن آخر علق ابن الله

Page 212

ظل يُصلب في الأزمنة السابقة من أجل المخلوق السابق؟ فحسبما فكرنا، أدركنا أنه إذا كانت النجاة مستحيلة بدون الصلب فيجب أن لا يكون أي حصر لأبناء إله النصارى الذين استخدمهم في هذه المهمات فينة بعد أخرى، إذ كان كل واحد منهم قد صُلب في زمنه، فعقد الأمل في أي خير على هذا الإله، الذي صُلب أبناؤه الشباب دوما عديم الجدوى.كنا قد طرحنا هذا السؤال في مناظرة أمرتسر أيضا أن النصارى يُقرون بأن إلههم لا يريد أن يُهلك أحدا مذنبا، ففى هذه الحالة يرد الاعتراض عليهم أن أي وسيلة اتخذها إلههم لنجاة الأرواح النجسة للشياطين المذكورة في الإنجيل؟ فهل بعث إلى العالم ابن ضحى بروحه من أجل ذنوب النبي هناك حاشية متعلقة بهذه الصفحة نشرها المسيح الموعود اللي في نهاية الكتاب وهي موجودة في هذا الكتاب المترجم على الصفحة رقم ٢١١.(المترجم) ملحوظة: إن تعليم الإسلام يُثبت أن الشياطين أيضا يؤمنون؛ فقد قال سيدنا ومولانا بأن شيطانه قد أسلم.باختصار؛ إن مع كل إنسان شيطانا، وإن شيطان الإنسان المطهر والمقرَّب يُسلم.ومن المؤسف أن شيطان يسوع لم يؤمن بل كان قد أراد أن يُغويه، إذ قد ذهب به إلى الجبل وأراه ثروات الدنيا ووعده بأنه سيعطيه كل هذه الثروات إذا سجد له.وكان قولُ الشيطان هذا يتضمن في الحقيقة نبوءة عظيمة، كما كان فيه إشارة إلى أن الأمة المسيحية عندما ستسجد له فسوف تعطى لها كلُّ ثروات العالم، وهكذا قد حدث.فإن الذين اتبع مقتداهم الشيطان رغم تسميته إلها، أي مشى وراءه، هل من المستبعد منهم أن يسجدوا للشيطان؟ فثروات النصارى في الحقيقة إنما هي بسبب سجودهم للشيطان.والواضح أن النصارى قد أُعطوا ثرواتِ هذا العالم المادي بعد سجودهم بحسب الوعد الشيطاني.منه

Page 213

۱۹۰ الشياطين أو قد صرف الشياطين عن الذنب؟ فإن لم يكن هناك أي وسيلة أو نظام لذلك، فثبت أن إله النصارى كان قد رضى على الدوام أن يُحرق أكثر من البشر عددا بحسب زعمهم في جهنم الذين هم الشياطين للأبد.فحين لم نجد أي أثر لمثل هذا الابن ففي هذه الحالة لم يجد النصارى بدا من الاعتراف بأن الله والله لقد خلق الشياطين لجهنم فقط.باختصار؛ إن النصارى المساكين يواجهون مشاكل عويصة منذ اتخاذهم ابن مريم إلها.فلعله لم يطلع عليهم يومٌ لم تنظر فيه أرواحهم إلى هذه العقيدة بنفور.ثم يواجهون مشكلة أخرى عند البحث وهى أن الغاية المتوخاة من صلب هذا المصلوب لم تتحقق، و لم تظهر أي ثمار لتعليقه على الصليب.فهناك حالتان: (1) أولاهما أن نحدد الغاية المنشودة من صلب هذا الابن المرحوم والتي تنحصر في تشجيع أتباعه على ارتكاب الذنوب، ونشر الفسق والفجور وكل أنواع الفاحشة بكل حماس ونشاط اعتمادا على كفارته.فهذه الحالة بالبداهة فكرة غير معقولة وطريق شيطاني، ولا أعتقد أن في العالم شخصا يحب طريق الفسق هذا ويعد مؤسس مثل هذه الديانة- الذي رغب الناس في ارتكاب الذنب على هذا النحو - صالحا وباراً.بل قد ثبت من التجربة أنه لا أحد يُصدر مثل هذه الفتوى إلا الذي هو في الحقيقة محروم من الإيمان والتقوى، ويريد أن يُلقي بالآخرين أيضا في جحيم المعاصي بسبب أهوائه النفسانية.فهؤلاء في الحقيقة يُشبهون المنجمين الجالسين على حافة الطريق، الذين يخدعون المارة ويحتالون عليهم، ويبشرون الحمقى المساكين بكلمات

Page 214

مقنعة مقابل قرش واحد بأن حظهم سيحالفهم في القريب العاجل.ويتظاهرون أنهم في الحقيقة باحثون ويتأملون في نقوش أيديهم وملامح وجوههم بتركيز شديد، وتراهم كأنهم يتحرون بعض العلامات، ثم يؤكدون لهم بتصفّح الكتاب الذي وضعوه أمامهم سلفا قصد الاحتيال والخداع أن نجم حظهم العظيم يكاد يطلع ولعل أحدهم سيكون ملكا لأحد البلاد، وإن لم يصبح ملكا فإن فوزه بوزارة ما على الأقل محتم.أو إن مثل هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا أحدا محط أفضال إلهية رغم نجاساته الدائمة - كمثل ممارسى الكيمياء السحرية الذين حين يرون أي ثري ساذج يريدون أن يصيدوه بأنواع التباهي ويبدأون الحديث من هنا وهناك، وأثناء تبادلهم أطراف الحديث يبدأون انتقاد السحرة الآخرين قائلين: إن هؤلاء الكذابين النصابين يغصبون أموال الناس بخداع واحتيال، وأخيرا يُنهي كل واحد منهم الحديث بقوله : أيها السادة رأيتُ الكثيرين من ممارسي الكيمياء السحرية طول حياتي بحيث بلغ عمري خمسين أو ستين سنة فوجدتُهم كلهم كذابين ،نصابين غير أن مرشدي الروحي المرحوم كان يعرف الكيمياء السحرية بحق.فقد تبرع بمئات الملايين من الروبيات، وكان من سعادتي أني خدمته اثنى عشر عاما وكسبتُ فيوض تلك الخدمة.وعند سماع عبارة "كسب الفيض" ينتبه الجاهلُ فجأة ويسأله : يا شيخ! من المؤكد إذن أنك قد تعلمت منه وصفة الكيمياء السحرية جيدا.وعند سماع هذا القول يتظاهر الشيخ بالعبوس ويبدي نوعا من الغضب ويقول: حذار عزيزي أن تذكر

Page 215

۱۹۷۰ هذا الأمر، فسوف يجتمع آلاف الناس هنا.أنا أهرب سلفا وأتنكر وأتخفى من الناس.فبهذه الجمل القليلة يقع الجاهل في الفخ، ولا يجد الصائد أي مشكلة في ذبح الصيد الواقع في الفخ فيختلي به في مكان ويشرح له السرّ ناصحا قائلا: إن حظك في الحقيقة جذبني من آلاف الأميال، وأنا شخصيا أتعجب من أمري كيف لان لك قلبي القاسي؟ فأسرع وأحضر لي الحلي من الذهب بقيمة عشرة آلاف من بيتك أو مستعيرا من الجيران، ففى ليلة واحدة فقط ستكون عشرة أضعاف.وحذار أن تذكرني عند أحد، وإذا اضطررت أحد فبحجة أخرى.باختصار؛ يأخذون الحلي وينطلقون في سبيلهم، وأولئك المجانين يبكون حظهم على طمعهم في الحصول على عشرة أضعاف.وهذه هي نتيجة الجشع الذي يُوصله المرء إلى منتهاه غافلا عن لتستعير من سنن الكون.ولقد سمعتُ أن أمثال هؤلاء النصابين لا يجدون بدا من التأكيد على أن جميع الذين أتوا قبلهم أو يأتون بعدهم محتالون ولصوص وخبيثون وكذابون ويجهلون هذه الوصفة تماما.ومثل ذلك لا يستقيم أمر النصارى ما لم يعدوا جميع (۲) الحالة الثانية لصلب هذا الابن الجدير بالرحم أن توصف العلةُ الغائية من صلبه بأن المؤمنين بصلبه سينجُون من كل أنواع الذنوب والسيئات، وأن الأنبياء المقدسين من آدم إلى الأخير مذنبين وسيئين.ملحوظة: نأسف على عقل النصارى وفهمهم؛ فهم لم يفيدوا يسوعهم شيئا باتخاذه إلها وإنما عرَّضوه للخجل أمام الصلحاء، كان خيرا لهم أن يتصدقوا من أجل إيصال الثواب لروحه، ويدعوا له لتكون عاقبته محمودة.فما الذي جنوه من اتخاذ حفنة التراب إلها.منه من

Page 216

ثوائرهم النفسانية لن تظهر فكم من المؤسف أنه كما ثبتت الحالة الأولى بديهية البطلان ومُعادية لمبدأ التحضّر ، قد ثبتت هذه أيضا باطلة بجلاء.لأنه إذا افترضنا أن الإيمان بكفارة يسوع يتميز بميزة أن المؤمن الصادق بها يصبح ملاكا، ولا تخطر بباله بعد ذلك فكرةُ ارتكاب الذنب، فسنضطر للقول بحق الأنبياء السابقين أنهم لم يؤمنوا بصلب يسوع وكفارته بصدق.ذلك جميع لأنهم بحسب زعم النصارى قد تمادوا في ارتكاب الذنوب؛ فمنهم من عبد ش و الأوثان، ومنهم من قتل بغير حق، ومنهم من زنى ببناته، وخاصة داود جد يسوع المحترم الذي ارتكب جميع أنواع الذنوب، إذ لإشباع شهوته دفع بالاحتيال بريئا ليقتل، وطلب إحضار امرأته بإرسال القوادات وسقاها الخمر وزنى بها، وأضاع أموالا طائلة في فعل الحرام.وكانت عنده طول حياته مائة زوجة.وهذا التصرف أيضا بحسب زعم النصارى يعد من الزنا، ومن الطريف أن روح القدس أيضا كانت تنزل عليه يوميا، وكان الزبور ينزل عليه بانتظام، لكن من الأسف أن روح القدس لم تمنعه من ارتكاب السيئات ولا إيمانه بكفارة يسوع.فمات أخيرا متورطا في هذه المنكرات.والأعجب من ذلك أن هذه الكفارة لم تمنع جداتِ يسوع أيضا من الفواحش، مع أن ارتكابهن الفواحش كان يُلصق وصمة عار بفطرته الطيبة.فعدد هذه الجدات لم ينحصر في واحدة أو اثنتين فقط بل كن ثلاثا.فإحدى جدات يسوع الجليلة من قبل ،أمه وهي من ناحيةٍ جدتُه من طرف الأب أيضا، أقصد راحاب كانت مومسا انظر يشوع ۲ ۱ والجدة الثانية من قبل الأم التي

Page 217

۱۹۹۰ الأخرى كانت جدته من قبل الأب أيضا واسمها ثامار كانت تفعل الفواحش كالمومسات اللاتي يمارسن الدعارة عبر الأجيال، انظر التكوين :٣٨ ١٦-٣٠.والجدة الثالثة ليسوع من قبل الأم وكانت جدته من قبل الأب أيضا بحسب القرابة، تسمى بتشبع، فكانت هذه العفيفة هي نفسها التي زنت بداود.انظر صموئيل الثاني ١١: ٢ من الجلي الآن أن هؤلاء الجدات من ناحية الأب والأم كن قد أُخبرن حتما بكفارة يسوع وكن قد آمن بها.لأن من عقيدة النصارى أن الأنبياء السابقين وأُمَمهم قد أوتوا تعليم الكفارة هذا نفسه ونالوا النجاة بالإيمان بها حصرا.فإذا اعتبرنا من بركات صلب يسوع أن الإنسان يُعصم من ارتكاب الذنوب بإيمانه بصلب يسوع، فكان يجب أن تُعصَم جدات يسوع من قبل الأم والأب من الزنا والدعارة.إلا أن جميع الرسل مع إيمانهم بانتحار يسوع بحسب زعم النصارى لم يستطيعوا اجتناب المعاصي.كما لم تجتنبها جداتُ يسوع من قبل الأم والأب.فثبت منه جليا أن هذه الكفارة المزورة لا تقدر على حماية أحد من الثوائر النفسانية، كما لم تجنّب المسيح نفسه، لاحظوا كيف سار وراء الشيطان".ملحوظة: يقول سيدنا ومولانا النبي : بدءًا من والدتي إلى حواء لم تعمل أي من جداتي الفاحشة، ولم تكن زانية، ولا أي من الرجال كان زانيا ومرتكب فاحشة.أما بحسب زعم النصارى فإن إلههم قد وُلِد بخليط من دماء ثلاث مومسات، ولا يخفى على أحد ما ورد في التوراة بحق أولاد الزانيات.منه ملحوظة: إن الفلاسفة الأوروبيين في العصر الراهن لا يقبلون مع كونهم نصارى- أن الشيطان في الحقيقة أغوى يسوع وأخذه إلى الجبل، لأنهم لا يعتقدون بتجسد

Page 218

الشيطان بل يرفضون وجود الشيطان أصلا.ذلك يرد على هذا الحادث اعتراض مع حتما في الحقيقة بالإضافة إلى أفكار هؤلاء الفلاسفة وهو أنه إذا كانت قصة مرافقة الشيطان قد حدثت في جبال اليهود وطرقهم لما شاهده يسوعُ فحسب بل كان عددٌ من اليهود رأوه، وما من شك في أن الشيطان ليس كأناس عاديين بل يكون مخلوقا عجيب الشكل وغريبه، يصيب الناظرين إليه بتعجب.فإذا كان يسوع في الحقيقة قد رأى الشيطان في اليقظة فكان يجب أن يجتمع هناك آلاف اليهود وغيرهم لمشاهدته ولصار جمع حاشد، لكن ذلك لم يحدث، ولذلك لا يعده الباحثون الأوربيون حادثا ماديا، بل يودعون الإنجيل تبرُّما بسبب مثل هذه الأفكار السخيفة ومنها ادّعاء الألوهية.فقد أبدى عالم أوروبي حاليا رأيه في إنجيل النصارى المقدس، وقال: إن مجرد قراءة الإنجيل يكفي في رأيي لإقناع أي عاقل بأن الإنجيل ليس من تأليف الإنسان فحسب بل هو اختراع بدائي وحشي.ثم يقول: اقرأوا الإنجيل كما تقرأون أي كتاب آخر وادرسوه كما تدرسون كتبا أخرى، أزيحوا عن عيونكم غشاء التعظيم واطردوا من قلوبكم غول الخوف وأخلوا الدماغ من الأوهام ثم اقرأوا الإنجيل المقدس.فسوف تتعجبون من عدكم مؤلف هذا الجهل والظلم عاقلا وصالحا ومقدسا حتى للحظة واحدة.كذلك كثير من الفلاسفة العلماء الذين ينظرون إلى الإنجيل بمنتهى الكراهية هم ينفرون منه بسبب هذه التعاليم النجسة التي يعدّ الإيمان بها وصمة عار من الدرجة القصوى في الحقيقة للعقلاء.فمثلا هذه القصة المزورة أن هناك أبا مغلوبا جدا ملحوظة : كلما ارتقى أحد المسيحيين قمة الفلسفة تبرأ من الإنجيل والدين المسيحي.فقد نشرت سيدة إنجليزية أيضا كتيبا في هذه الأيام ضد العقيدة المسيحية.أما الفلاسفة المسلمون فحالتهم الإيمانية على عكس ذلك تماما، فقد قال أبو علي بن سينا، الذي اشتهر بصفته رئيسا للفلاسفة وبعلمانيته وإلحاده، في نهاية كتابه "الإشارات": "مع أن الدلائل الفلسفية لا تدعم الحشر الجسماني بل هي تثبت العكس، لكننا نؤمن به لأن المخبر الصادق قد أخبرنا بذلك".منه

Page 219

كذا السذاجة بحيث بالغضب وهو يريد إهلاك الجميع، ومقابله ابن رحيم وشفيق جدا صرف الغضب الجنوني لأبيه عن الناس بحيث تقدم هو شخصيا للصَّلب.فأنى لهؤلاء الباحثين الأوربيين أن يقبلوا هذه الأمور السخيفة كذلك أفكار النصارى الناتجة عن قسموا الإله في الأجسام الثلاثة، فجسم يدوم في صورة البشر ويسمى ابن الله، وجسم يدوم في صورة الحمامة ويسمى روح القدس، وجسم جلس على يمينه الابن، فأنى لأي عاقل أن يقبل هذه الأجسام الثلاثة؟ أما اتهام المسيح بمرافقة الشيطان فهو الآخر ليس أقل مدعاة لسخرية الفلاسفة الأوروبيين.فبعد جهود جهيدة يقدمون التأويلات أن هذه الأحوال كانت أخيلة قُوَى يسوع الدماغية.ويقرون أن مثل هذه الأخيلة المكروهة لا تتولد في دماغ المرء في حالة الصحة والعافية.فقد اطلع الكثيرون من خلال البحث بأنفسهم على أن غالبية المصابين بمرض الصرع يرون عادةً الشياطين على هذا النحو.وهم يتكلمون على هذا النحو تماما أن الشيطان ذهب بهم إلى مكان وكذا وأراهم كذا العجائب أتذكر أنه قبل ما يقارب ٣٤ عاما كنت قد من رأيتُ في الرؤيا أن الشيطان أسود اللون بشيع المنظر واقف في مكان، فالتفت إلي أولا فلطمت وجهه، وقلتُ له: اخسا فليس لك أي نصيب في.فتوجه إلى شخص آخر أعرفه واصطحبه، فاستيقظتُ.وفي اليوم نفسه أو بعده أصيب ذلك الرجلُ بصرع، فتأكدتُ أن تأويل رفقة الشيطان هو الصرع.فهذه النقطة لطيفة جدا وواضحة ورأي عقلاني أن يسوع في الحقيقة كان مصابا بمرض الصرع، ولهذا السبب كان يرى مثل هذه الرؤى.أما اتهام اليهود بأن يسوع كان يقوم بمثل هذه الأعمال بمساعدة "بعلزبول" فيدعم هذه الفكرة ومقنع جدا.لأن بعلزبول أيضا اسم الشيطان، ويبدو قولُ اليهود صحيحا وأقرب إلى القياس لأن الذين يمسهم الشيطان بشدة ويحبهم، هم يقدرون أحيانا على إبراء الآخرين وإن كان صرعهم الشخصي وغيره من الأمراض مستعصيا.لأن الشيطان يحبهم ولا يريد أن يفارقهم فيقبل ما يقولون لشدة الحب وينجي الآخرين من الأمراض الشيطانية من أجلهم وهؤلاء الممارسون يستخدمون دوما الخمر والأشياء الخبيثة، ويكونون أكولين وسكيرين من الطراز الأول.فقبل فترة

Page 220

و لم يكن يجدر به ذلك ولعله بتصرفه هذا ندم كثيرا حتى إذا وصفه أحد بأنه "صالح"، نهاه عن ذلك قائلا: لِمَ تصفني بالصالح؟ فالإنسان الذي مشى وراء الشيطان أنى له في الحقيقة أن يحسب نفسه صالحا! فمن المؤكد المحتم أن يسوع فهي أن يوصف بالصالح يوصف بالصالح بسبب فكرته هذه وأمور أخرى.لكن المؤسف أن النصارى لم يصفوه الآن بأنه صالح فحسب، بل قد اتخذوه إلها.باختصار؛ إن الكفارة لم تُفد يسوع نفسه شيئا.ويبدو أن التكبر انطلاق ويبدو أن قصيرة أصيب رجل هكذا بالإغماء، وقيل بأنه كان يُخرج جنَّ الآخرين.باختصار؛ إن قصة مرافقة يسوع للشيطان هذه تدل صراحة على إصابته بمرض الصرع.وعندنا دلائل كثيرة ليست لنا حاجة لبيانها بالتفصيل هنا وأتيقن أن الباحثين النصارى الذين يتفقون معنا في الرأي سلفا، لن يرفضوها.أما إذا أنكره القساوسة السفهاء، فليثبتوا أن يسوع مع الشيطان حادث في اليقظة، وليس له أي علاقة بالإصابة بالصرع أو غيره من الأمراض.لكن في الإثبات يجب أن يقدموا شهود عيان ثقات.نزول الحمامة وقولها ليسوع: إنك ابني العزيز، كان أيضا في الحقيقة نوبة صرع.فتولدت معها تلك الأخيلة، فلون الحمام أبيضُ ولون البلغم أيضا أبيض، وإن البلغم هو الذي يتسبب في الصرع.فقد تراءى له البلغم على صورة حمامة.أما قولها له: إنك ابني العزيز، فبسبب أن المصاب بالصرع هو ابنُ الصرع، ولهذا سمي الصرعُ في الطب أم الصبيان، أي أم الأولاد وذات يوم كان أشقاء يسوع الأربعة قد تقدموا بطلب إلى الحكومة في ذلك العصر أن هذا الرجل قد أصيب بجنون ويجب علاجه، أي ينبغي أن يُدخل في المحكمة لكي يتلقى هناك علاجا مناسبا بحسب القواعد هناك.فهذا الطلب أيضا يدل صراحةً على أن يسوع في الحقيقة قد أصيب بجنون بسبب الصرع.سجن السؤال هنا من هم الذين رأوا يسوع مع الشيطان.منه منه

Page 221

۲۰۳ والأنانية التي هي أصل السيئات كلّها - كان من نصيب يسوع حصرا، لأنه عد نفسه إها ووصف جميع الأنبياء بقطاع الطرق واللصوص والأنجاس.مع أنه يُستشف من كلامه أنه نفسه لم يكن صالحا.لكن المؤسف أن سيل التكبر هذا قد دمَّر وضعه كله فلا أحد من السعداء يذم السلف الصالح.أما هذا فقد سمى الأنبياء المقدسين باسم اللصوص وقطاع الطرق.كما كان على لسانه دوما كلمات "الملحدين وفاعلي "الحرام" بحق الآخرين، فلم يستخدم كلمة الاحترام بحق أحد.و لم لا؟ فإنه ابن الله ! وحين نستعرض تأثير الكفارة في قلوب الحواريين، ونلاحظ هل امتنعوا عن ارتكاب الآثام بإيمانهم بها؟ فهنا أيضا تبدو شعبة الطهارة الصادقة خالية تماما.فمن البين الجلي أنهم كانوا قد آمنوا به بعد سماع خبر الصلب، مع ذلك كانت النتيجة أن بطرس لعن يسوع عند اعتقاله واقفا أمامه وهرب البقية و لم يبق في قلب أحدهم نورُ العقيدة.أما امتناعهم عن الآثام حتى الآن فقد ثبت من خلال اعترافات الباحثين الأوروبيين بالذات أن الدعارة في أوروبا قد بلغت منتهاها لدرجة أنه يولد الآلاف من أولاد الحرام في لندن فقط.وقد نشرت للأوروبيين أحداث قذرة جدا لا تجدر بالسماع والتحدث.وإن الخمر تستخدم بكثرة لدرجة إذا صُفّت محلات الخمر عندهم في صف واحد فقد لا ينتهي حتى قبل قطع المسافر شوطين من سفره.فقد تخلوا عن العبادات وليس لهم أيُّ شغل ليل نهار سوى الترف والانغماس في ملذات الدنيا.فثبت من كل هذه البحوث أن صلب يسوع لم يمنع المؤمنين به من ارتكاب

Page 222

الإثم.بل كما يجرف الماء المتدفق من النهر القرى المجاورة له بعد انهيار السد، كذلك تظهر أحوال المؤمنين بالكفارة.وأنا أعرف أن النصارى لن يناقشوا هذا الموضوع كثيرًا، لأنه إذا لم تتمكن كفارة يسوع من منع الأنبياء الذين كان ينزل عليهم ملاك الله - من الآثام، فأنى لها أن تمنع التجار وأصحاب المهن المختلفة والقساوسة الماديين من الأعمال الخبيثة؟ باختصار؛ هذا هو حال إله النصارى كما كتبنا.الدين الثالث مقابل هذين الدينين اللذين ذكرتهما آنفا هو الإسلام.وإن معرفة هذا الدين بالله واضحة ونقية وملائمة للفطرة الإنسانية.فلو الأديان وانمحت أفكارها العلمية والتصورات فسيبقى أبيدت كتب جميع الإله الذي يدل عليه القرآن الكريم متجليا في مرآة قانون طبيعته، وستظهر صورته الفياضة بالحكمة والقدرة لامعةً في كل ذرة.باختصار؛ إن الإله الذي يكشفه القرآن الكريم لا يملك سلطة جبرية على ما أوجده بل تخضع لحكمه كل ذرة بطبعها وروحانيتها بحسب الآية الكريمة (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى.وفي كل طبع يوجد انجذاب للإنابة إليه، فلا تخلو أية ذرة من شرعي.يسوع ملحوظة: إن كان قبول الصلب عن طيب خاطره فهو انتحار وموت غير أما إذا كان خلافا لمشيئته فلا يمكن أن يكون كفارةً، ولهذا لم يقل يسوع عن نفسه أنه صالح، لأن الناس كانوا يعرفون أنه سكير ومترف.وهذا السلوك السيئ لم يظهر بعد ألوهيته بل بدا من بداية حياته، ويبدو أن ادعاء الألوهية ناتج عن شرب الخمر.منه الأعراف: ١٧٣

Page 223

هذا الانجذاب.وهذا يشكل برهانا عظيما على أنه خالق كل شيء لأن نور القلب يقبل أن الميل الذي يوجد في كل شيء للخضوع له الله هو بلا شك منه.كما قد أشار إليه القرآن الكريم في قوله: إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي كل شيء يقدسه ويبين محامده، فلو لم يكن الله خالق هذه الأشياء فمن أين هذا الانجذاب إليه ولي الله ليدركن كل متدبر وتعالى أن سبب هذا الجذب صلة خفية.وتلك الصلة إذا لم تكن تتمثل في كونه خالقا لها، فليبين لنا أي من الآريين ما هو السبب الذي بينه الفيدا لهذا الجذب، وما اسمه؟ فهل من الحق القولُ بأن الله قد فرض سلطته على كل شيء قسرا؟ وأن هذه الأشياء تخلو من أي قوة طبعية للانجذاب والحنين إلى الإنابة إلى الله؟ كلا والعياذ بالله ليس الأمر هكذا، بل إن هذا التفكير ليس ناتجا عن الحمق فحسب بل هو من الخبث من الدرجة القصوى.لكن الأسف أن فيدا الآريين بإنكاره كون الله خالقا، لم يقبل هذه العلاقة الروحانية، التي يترتب عليها الطاعة الطبيعية لكل شيء.ولما كان هناك بون شاسع بين الفيدا والمعرفة الدقيقة والعلم الدقيق، فقد خفيت عليهم هذه الفلسفة الحقة، وهي أن من المؤكد أن لجميع الأجسام والأرواح علاقةً فطرية بتلك الذات الأزلية، وأن حكومة الله ليست جبرية ومصطنعة بل كل شيء يسجد له بروحه لأن كل ذرة مدينة لمننه التي لا وهي منه.لكن من المؤسف أن أصحاب جميع الأديان الأخرى قد أرادوا حصر لها، الإسراء: ٤٥

Page 224

قسرًا منع نهر قدرة الله ورحمته وقداسته الواسع، بسبب ضيق آفاقهم.دون مبرر.وبموجب الأسباب نفسها قد التصقت بآلهتهم الخيالية وصمة أنواع العيوب من الضعف والنجاسة والاختلاق والغضب في غير المحل وفرض السيطرة أما الإسلام فلم يمنع صفات الله الكاملة المتدفقة بشدة قط؛ فهو لا يعلم العقيدة كالآريين بأن الأرواح في السماوات والأرض وذراتِ الأجسام هي خالقة أنفسها، أما الذي يسمى برميشور إله الآريين فهو حاكم عليهم بموجب سبب مجهول كالملك فقط.ولا يعلّم- على شاكلة دين النصارى أن الله وُلد من بطن امرأة كإنسان، وتغذى على دماء الطمث لمدة تسعة أشهر من جسم كان قد تشكل من لحم المومسات كبتشبع وثامار وراحاب ودمهن.وكان حائزا على البنوة من الإنسانية وكسب منها الدم والعظم واللحم، بل قد تحمل جميع آلام الطفولة مثل الحصبة والجدري وآلام الأسنان وتذكَّر الألوهية أخيرا عند اقتراب موته بعد أن قضى جزءا كبيرا من عمره كأناس عاديين.ولما كان ادّعاء فقط يعد و لم يكن يملك القدرات الإلهية فقد بُطِشَ به فور الادعاء.بل الإسلام الإله الحق ذا الجلال منـزها عن جميع هذه النقائص والأوضاع النجسة ويقدسه، ويجعله فوق الغضب الوحشي ويرفض الفكرة القائلة بأنه لا يجد أي سبيل لمغفرة عباده ما لم يعلّق حبل الشنق في رقبة أحد.ويعلم القرآن الكريم المعرفة الحقة والمقدسة والكاملة عن وجود الله وصفاته أنه لا حد ولا حصر لقدرته ورحمته وعظمته وقداسته ومن الذنب المكروه جدا

Page 225

القولُ بحسب التعليم القرآني إن قدرات الله وعظمته ورحمته تتوقف عند مكان، وهي محدودة، أو يصيبها ضعف عند بلوغ محطة ما.كلا بل إن جميع قدراته تسير بحسب القاعدة المحكمة أنه يقدر على كل ما يريد باستثناء الأمور التي تنافي قداسته وكماله وصفاته الكاملة أو تعارض سننه غير المتبدلة.فمثلا لا نستطيع القول بأنه بموجب قدرته الكاملة قادر على أن يُهلك نفسه، لأن ذلك يعارض صفتيه القديمتين الحى والقيوم.وذلك لأنه قد أعرب سلفا بقوله وفعله أنه أزلي وأبدي وغيرُ فانٍ ولا يجوز عليه الموت.وكذلك لا نستطيع القول بأنه يدخل في رحم امرأة ويتغذى على دماء الحيض وبعد البقاء هناك تسعة أشهر يولد باكيا صارخا من فرج المرأة بوزن كيلو غرام ونصف تقريبًا ، ثم يأكل الخبز ويتغوط ويبول ويواجه جميع آلام هذا العالم الفاني، ويغادر هذا العالم الفاني أخيرا بعد تحمل معاناة الاحتضار لسويعات؛ لأن كل هذه الأمور من العيوب والنقائص، وتنافي جلاله القديم وكماله التام.ثم يجب أن نعرف أنه لما كان الله الله بحسب العقيدة الإسلامية هو خالق جميع الأشياء في الحقيقة وأن جميع الأرواح والأجسام مخلوقاته وظهرت بقدرته ، لهذا فمن عقائد القرآن أن الله الله كما هو خالق كل شيء وصانعه فهو قيومه أيضا في الحقيقة أي أن بقاء كل شيء مرتبط به.وإن وجوده بمنزلة روح لكل شيء، ولو افترضنا عدمه لانعدم كلُّ شيء.باختصار؛ إن بقاء كل شيء وحياته تستلزم معيته ، لكن الآريين

Page 226

والنصارى لا يعتقدون بذلك، أما الآريون فلا يؤمنون بكون الله خالق الأرواح والأجسام ولا يؤمنون بأن لكل شيء علاقة به بحيث يثبت أن وجود كل شيء نتيجة لقدرته ،وإرادته وبمنزلة الظل لمشيئته الله بل هم يؤمنون بأن كل شيء مستقل بحيث يُفهم أن جميع الأشياء موجودة منذ القدم- بحسب عقيدتهم ومخلوقةٌ من تلقاء نفسها.فإذا كان الله ل لم يخلق بقدرته كل هذه الأشياء ولا يتوقف بقاؤها بحسب زعمهم على قدرته ، فمن المؤكد أنه لا علاقة لكل هذه الأشياء بإله الهندوس، لدرجة أن لو افترض موته جدلا فلن تتضرر الأرواحُ والأجسام أبدا، لأن مثل إلههم كمثل بناء.فكما أن الحجر والمدر لم يُخلَق بقدرة البنّاء ليكون تابعا له في كل شيء، فهذا هو حال أشياء إله الهندوس.فكما أن موت البناء لا يستلزم انهدام جميع المباني التي بناها في حياته.كذلك لو مات إله الهندوس فليس من أن يترتب عليه أي ضرر للأشياء.ذلك لأنه ليس قيومُها فلو كان قيومها لخلقها أيضا، لأن الأشياء التي لا تحتاج لخلقها إلى قدرة الله ليست بأي حاجة لبقائها إلى سند قوته وأما النصارى فلا يمكن أن يكون إلههم المتجسد أيضا قيومَ الأشياء بحسب اعتقادهم؛ لأن القيومية تستلزم المعية.والبين أن إله النصارى يسوع ليس الآن على الأرض، إذ لو كان موجودا على الأرض لتراءى للناس حتما، كما كان يظهر في زمن في بلد بيلاطس وفي عهده.فحين لم يوجد على الأرض فكيف يكون قيوما لأهل الضروري فالشيء الذي لم يُصنع بالقدرة فهو ليس بحاجة إلى القدرة لبقائه أيضا.منه فهي

Page 227

الأرض، أما السماء؛ فهو ليس قيوم السماوات أيضا، لأن جسمه يقدر بستة أو سبعة أشبار فقط، فكيف يمكن أن يكون موجودا في جميع السماوات ليكون قيوما لها؟ أما نحن فحين نصف الله الله برب العرش فلا نقصد منه أنه مادي وله جسم ومحتاج إلى العرش.بل المراد من العرش المكان الرفيع المقدس الذي له علاقة بهذا العالم والعالم الآخر على حد سواء.أما وصف الله بأنه على العرش في الحقيقة فيعني أنه مالك الكونين، فكما أن الإنسان إذا كان جالسا على مكان مرتفع أو صعد إلى قصر منيف وعال جدا، فيمكن أن ينظر إلى يمينه ويساره كذلك قد سُلّم على سبيل المجاز بأن الله يستوي على عرش يفوق كل عال ومرتفع، بحيث لا يخفى عليه شيء في هذا العالم ولا في العالم الآخر.إلا أن هذه المكانة توصف بالعلو لإفهام عامة الناس، لأنه إذا كان الله له في الحقيقة فوق الجميع وكلُّ شيء خار على قدميه فإن لذاته علاقة بالجهة العلوية.فلا أحد واقع في الجهة العلوية إلا الذي يقع تحته العالمان.وهو كالمحطة الأخيرة، بحيث يتفرع من تحته عالمان عظيمان يحتوي كل منهما على آلاف العوالم التي لا يعلمها غيره الله الذي هو مستو على تلك المحطة الأخيرة التي تسمى العرش.لهذا فإن أرفع مكان يتصور، حتى في الظاهر في المحطة العليا الواقعة فوق العالمين، بالعرش في الشريعة، وهذا الارتفاع يتحقق له لكون ذاته جامعة، لتكون إشارة إلى أنه مبدأ كل فيض ومرجع كل شيء ويسجد له كل مخلوق، وهو فوق كل شيء في ذاته وصفاته وكمالاته.وإلا فالقرآن يقول: أَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ يسمى

Page 228

۲۱۰۰ الله، كما يقول: هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ)، ويقول: (نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).فهذا هو نموذج التعاليم الثلاثة.والسلام على من اتبع الهدى.تمت البقرة ١١٦ ٢ الحديد ٥ ۳ ق ۱۷ بخط يد العبد المتواضع الضعيف من مريدي سيدنا المسيح الموعود اللي غلام محمد من أمرتسر عفا الله عنه ١٨٩٥/١٢/١ الأحد يوم

Page 229

۲۱۱ الحاشية المتعلقة بالصفحة ١١٦٤ مرهم الحواريين، الذي اسمه الآخر مرهم عيسى أيضًا هذا المرهم مبارك جدا وهو مفيد جدا للجروح والعمليات الجراحية بالإضافة إلى محوه آثار الجروح.ولقد أجمع الأطباء على أن الحواريين هم من صنعوا هذا المرهم من أجل عيسى الل، أي حين وقع عيسى اللة في مخالب اليهود عليهم اللعنة وأرادوا أن يقضوا عليه بالصلب، فاعتقلوه وعلقوه على الصليب، لكن الله الله أنقذه من سوء إرادة اليهود فأصيب خفيفة فقط." فباستعمال هذا المرهم الغريب لبضعة أيام زالت تماما بجروحٍ هي الصفحة ١٩٤ من هذا الكتاب.(المترجم) حاشية: إن ما ورد في القرآن الكريم : ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ) (النساء: ١٥٨)- أي لم يكن عيسى مصلوبا ولا مقتولا لا ينافي إصابة المسيح العلي بجروح على الصليب، لأن النتيجة المتوخاة من الصلب هي القتل.وما من شك في أن الله الا الله أنقذه من هذه الغاية المنشودة للعدو.ومَثَلُ ذلك كمثل ما قال الله الله لنبينا وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (المائدة: (٦٨ لكن الناس أصابوه بأنواع الأذى وأخرجوه من الوطن وكسروا سنه وجرحوا إصبعه وأصابوا جبينه بعدة جروح بالسيف، لكن مع ذلك كله لا يصح الاعتراض على هذه النبوءة لأن الكفار لم يستهدفوا من هجومهم في الحقيقة أن يجرحوا النبي أو يكسروا سنه.وإنما كانت غايتهم المنشودة قتله ، فقد عصمه الله الله من سوء الإرادة الحقيقية للكفار.كذلك فإن الذين علقوا المسيح الا على الصليب لم تكن غايتهم

Page 230

۰۲۱۲ الآثار التي كانت علامات واضحة لاعتقاله مرة أخرى.فقد ثبت من الأناجيل أيضا أن المسيح حين نجا من الصليب- وقد كانت نجاته بمنزلة الحياة الثانية في الحقيقة - قابل حوارييه وأخبرهم بسلامته وحياته.فنظروا إليه بتعجب أنه كيف نجا من الصليب، وظنوا أن روحه هي التي تمثل أمامهم، فأراهم جروحه التي أصيب بها عند تعليقه على الصليب، فأيقن الحواريون بأن الله تعالى أنقذه من اليهود.فمن سذاجة النصارى المعاصرين المتناهية أنهم يعتقدون أن المسيح عاد إلى الحياة من جديد بعد الموت.لأنه إذا كان اعتقادهم هذا حقا، لمحى الله الذي أحياه بقدرته المحضة- جروحه أيضا.ولا سيما حين يقال إن الجسم الثاني الذي رفع به إلى السماء كان جلاليا وجلس عن يمين الله.فهل يتقبل أحدٌ أن الجسم الجلالي ظل معيبا بآثار الجروح؟ إن المسيح نفسه شبه حادثه هذا بحادث يونس ال والواضح أن يونس لم يكن قد مات في بطن الحوت.وإذا كان المسيح قد مات فلا يصح المثال، بل يُعدّ مقدِّمُ هذا المثال ساذجا لا يعلم أنه يجب المماثلة التامة بين المشبه والمشبه به.باختصار؛ كفى بهذا المرهم مدحا القولُ بأن المسيح كان يشفي المرضى أما هذا المرهم فقد شفى المسيح.ونقرأ في الأناجيل جيدا أن المسيح ال بسبب العلية لا هذه الجروح أقام في قرية بيلاطس أربعين يوما حيث ظلت جروحه تُعالج بهذا المنشودة من ذلك أن يجرحوا المسيح ال، بل كانوا يستهدفون في الحقيقة قتل ال بالصلب.فعصمه الله الا الله من إرادتهم السيئة تلك، ولا شك في أنه لم يُصلب، فصدق فيه القول وَمَا صَلَبُوهُ.منه

Page 231

۲۱۳ المرهم سرا لأربعين يوما، فشفاه الله به أخيرا.ففي هذه المدة رأى الحواريون المتفرسون - لصرف انتباه اليهود الجهلة عن البحث والتفتيش وإزالة لثورتهم الحاقدة - أن من الحكمة أن يُشيعوا في القرى التابعة لبيلاطس أن يسوع المسيح قد رفع إلى السماء بجسده.فقد قاموا فعلا بتصرف حكيم شغل عنه أفكار اليهود في أمور أخرى.واتخذ التدبير سلفا أن يخرج يسوع المسيح من منطقة بيلاطس في تاريخ ويوم محدد.وهكذا حدث؛ إذ قد أوصله الحواريون إلى الشارع على مسافة قصيرة والحديث الصحيح الوارد في الطبراني يُثبت أن العلمي قد عاش بعد هذا الحادث ٨٧ سنة وفي هذه السنوات قد قام بسياحة كثير من البلاد، ولذلك سمي مسيحا وليس من الغريب أن يكون قد جاء إلى "التيبت" أثناء السياحة، كما يُفهم من كتب بعض الإنجليز في العصر الحاضر.إذ أن الدكتور برنير وعددا من العلماء الأوروبيين لا يرون من الغريب أن يكون مسلمو كشمير في الحقيقة يهودا أصلا.فليس من المستبعد الرأي القائل إن المسيح قد جاء إليهم ثم توجه إلى التيبت.وقد يكون قبر المسيح الا في كشميرا أو في المناطق المجاورة لها.حاشية على الحاشية: الدكتور برنير يقول في كتاب له : توجد في كشمير علامات كثيرة لليهود.فحين دخلتُ هذا البلد مرورا من "بير "بنجال" استغربت، إذ لاحظت أن ملامح وجوه سكان القرية تشبه ملامح اليهود فأشكالهم وتقاليدهم والمزايا الكثيرة لها التي يعرف بها أي سائح أفراد شعوب مختلفة تلقاء نفسه من التي لا حصر ويميزهم كلها كانت تبدو لي مشابهة للشعب اليهودي القديم.لا تحسبوا قولي مجرد خيال، فقد كتب قساوستنا المحترمون وكثير من الأوروبيين قبل ذهابي إلى كشمير عن

Page 232

۲۱ من سكان موسی كون هذه القرى على شاكلة اليهود والعلامة الثانية: أن أسماء الكثيرين هذه المدينة "موسى" رغم كونهم مسلمين جميعًا.وثالثا: هناك رواية مشهورة أن سليمان العلا كان قد جاء إلى هذا البلد.رابعا : يظن سكان هذه البلدة أن العليا قد توفي هنا في مدينة كشمير وقبره على بعد ثلاثة أميال تقريبا من المدينة.خامسا: يعتقد الناس هنا بشكل عام أن على جبل عال بيتًا صغيرا وقديما جدا كان قد بناه سليمان العليا، ولهذا السبب يسمى هذا الجبل إلى الآن "تخت سليمان".فلا بــ أريد أن أنكر أن اليهود كانوا قد سكنوا كشمير.ومن المحتمل أن يكونوا قد اعتنقوا الوثنية تدريجا وأخيرا اعتنقوا الإسلام مثل الوثنيين الآخرين." هذا هو رأي الدكتور برنير الذي كتبه في كتابه "السير والسياحة" لكنه في البحث نفسه قد كتب: "وأغلب الظن أن أفراد هذا الشعب موجودون في "بكين" وهم متمسكون بالدين الموسوي، وعندهم التوراة والكتب الأخرى.إلا أنهم لا يعرفون شيئا عن وفاة عيسى ال وصلبه." إن جملة الدكتور هذه جديرة بالانتباه لأن بعض النصارى الأغبياء يعتقدون إلى يومنا هذا أنه قد تم إجماع اليهود والنصارى على صلب المسيح.والآن عرفنا من قول الدكتور المحترم أن يهود الصين لا يتفقون على هذا القول ولا يعتقدون أن المسيح مات مصلوبا وإن الأدلة التي كتبها الدكتور المحترم على أن الكشميريين هم من أصل يهودي فهي نفسها تشكل شهادة بينة للعاقلين على صدق قولنا المذكور آنفا إن الحادث المذكور بأن موسى العليا قد جاء إلى كشمير وأن قبره على مسافة ثلاثة أميال من المدينة تقريبا يبرهن صراحة على أن المراد من موسى هو عیسى حصرا.لأن من القريب إلى القياس أنه إذا كان هذا التغير الهائل قد حصل في يهود كشمير بحيث كانوا قد صاروا وثنيين ثم بعد مدة طويلة اعتنقوا الإسلام، فبقي في ذاكرتهم اسم موسى بدلا من عيسى لقلة علمهم وعدم اعتنائهم.وإلا فموسى هناك حاشية على هذه الحاشية نشرها المسيح الموعود الليلة في نهاية الكتاب وهي موجودة في هذا الكتاب المترجم على الصفحة رقم ٢٢٣.(المترجم)

Page 233

۲۱۰ ال قد توفي في أرض حوريب بحسب التصريح التوراتي خلال سفر بني إسرائيل من مصر إلى كنعان ودفن في مكان مقابل "بيت فغور" في وادي حوريب.(راجع التثنية، الإصحاح ٣٤ عبارة (٥) وكذلك يبدو أن لفظ سليمان بدأ يتداول بدل عيسى مكانا على جبل للعبادة، لأن تدريجا.فمن المحتمل أن يكون عيسى قد بنى من الشاذ والنادر أن يشتهر أمر - كافتراء عديم الأساس- بدون أي أصل صحيح.بينما من من المحتمل حدوث خطأ بحيث حفظ المتأخرون سليمان بدل عيسى.ومثل هذا الخطأ ليس مدعاة للتعجب.لأنه لما كان هؤلاء الأنبياء الثلاثة عائلة واحدة فقد ظهرت هذه الأخطاء مصادفة.فاكتشاف نسخة للإنجيل في التيبت أو بعض وصايا المسيح، كما يقال، ليس مما يثير الغرابة؛ لأنه إذا كانت القرائن القوية التي تثبت أن بعض أنبياء بني إسرائيل قد جاءوا إلى كشمير حتما- وإن كان قد حدث الخطأ في تعيين أسمائهم- وأن قبورهم ومقاماتهم أيضا موجودة حتى الآن، فما الذي يمنعنا من الاعتقاد بأن النبي الذي جاء إلى كشمير أولا ثم ذهب لزيارة التيبت أيضا للنزهة كان في الحقيقة عيسى العلي حصرا؟ ولا يُستبعد أن يكون قد كتب بعض الوصايا لسكان ذلك البلد ثم عاد إلى كشمير أخيرا وتوفي هناك.لما كان سكان البلد البارد يحبون البلد البارد حصرا لهذا تقبل الفراسةُ الصحيحة أن عيسى ال كان قد وصل إلى كشمير حتما بعد تركه بلد كنعان في رأيي لن يعترض أحدٌ على أن منطقة كشمير تشبه جدا منطقة الشام.ثم لما كان شعبُ بني إسرائيل أيضا موجودا - بالإضافة إلى التشابه بين البلدين فلا بد من الاعتقاد بأن المسيح اللي قد جاء حتما إلى كشمير بعد تركه ذلك البلد.لكن الجهلة لم يذكروا القصة البعيدة القديمة وبقي في ذاكرتهم اسم أو سليمان مكان عيسى ال.يقول أخي المحترم حضرة المولوي نور الدين بأنه ظل موظفا في ولاية جامون وكشمير لمدة أربعة عشر عاما تقريبا؛ وتسنت له رؤية كل مكان عجيب، وقد اكتشف من التجربة الطويلة أن الدكتور برنير قد أخطأ في بيان اعتقاد أهل كشمير بأن هناك قبرا لموسى الا.فالذين أقاموا في كشمير مدة من الزمن لا يخفى عليهم أنه ليس في كشمير أي قبر مشهور باسم النبي موسى.لقد أخطأ موسی

Page 234

بلده بمنتهى الأسف الدكتور في بيان الاسم بالضبط بسبب لغته الأجنبية، أو من المحتمل أن يكون من سهو الناسخ.فالحقيقة أن في كشمير قبرا مشهورا ومعروفا يسمى قبر "يوز آسف النبي" وبإلقاء نظرة عابرة على هذا الاسم يخطر ببال كل إنسان حتما أن هذا القبر لأحد أنبياء بني إسرائيل.لأن هذه الكلمات تشبه اللغة العبرية، أما إذا أمعن النظر فسيتبين له بكل سهولة على وجه مُقنع جدا أن هذه الكلمة في الحقيقة "يسوع آسف" أي يسوع الحزين.فالأسف هو الحزن والقلق.فلما كان المسيح قد هاجر من والقلق فقد ألحق باسمه كلمة "آسف".لكن البعض يزعمون أن هذه الكلمة في الحقيقة "يسوع" ثم صارت يوز" آسف" لكثرة الاستعمال في اللغة الأجنبية.لكن يوز آسف في رأيي اسم على مسمى..فالأسماء الدالة على أحداث معينة توجد في أسماء معظم إسرائيل وصلحائهم الآخرين.فسمي يوسف العلي بن يعقوب العلم أيضا بهذا الاسم لأنه ظهر الأسف والحزن على فراقه كما قال الله : إشارة إلى ذلك يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ (يوسف: (٨٥ فيتبين من هنا جليا أن الأسف حدث على أنبياء شَرْقِيًّا بني أنها يوسف، فلذلك سُمي يوسف.كذلك يدل اسم مريم على حادث معين، وهو حين ولدت ابنها عيسى كانت بعيدة عن أهلها ومريم تعني الابتعاد عن الوطن.وإلى ذلك يشير الله في قوله: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا (مریم: ۱۷) فقد بين سبب تسمية مريم أن مريم عند ولادة ابنها عيسى كانت بعيدة ومنعزلة عن أهلها.وكان في ذلك إشارة إلى أن ابنها عيسى سيُقطع عن قومه، وهكذا حدث إذ قد خرج المسيحُ من وطنه وتوفي في كشمير كما سبق بيانه، وقبره ما زال موجودا في كشمير ويزار ويُتبرك به.وقد كتبنا في أحد الكتب أن قبر المسيح هو في بلاد الشام، إلا أن البحث الصحيح يجبرنا على التصريح بأن قبره الحقيقي في كشمير.وكان القبر الشامي نموذج الوأد.حيث وضع حيًّا في القبر وخرج منه أخيرا، وأقام في قمة جبل عال في كشمير ما دام حيا، كأنه صعد إلى السماء.يقول حضرة المولوي نور الدين إن قبر يسوع الذي اشتهر بأنه قبر "يوز آسف" يقع في الطريق على اليمين عند المجيء من المسجد الجامع.فعندما نتوجه من المسجد الجامع إلى البيت الذي

Page 235

۲۱۷ إن خروجه من بلاد اليهود يشير إلى أن النبوة خرجت من عائلتهم.أما إن الذين لا يريدون أن يوظفوا قواهم العقلية، يتعذر علينا إلجامهم.مرهم الحواريين فقد حكم بجلاء أن صعود المسيح العلية بجسده المادي إلى السماء قصة باطلة وخرافة.ومن المؤكد أن جميع الشكوك والشبهات قد زالت بهذا المرهم فليعلم النصارى وأشباه النصارى يعلمون أن هذا المرهم مذكور في آلاف من كتب الطب مع سبب تسميته.وإن الذين ذكروا هذا المرهم ليسوا أطباء مسلمين فقط بل هم من المسلمين والمجوس والنصارى أيضا.وإذا أردتم فنستطيع أن نذكر لكم أكثر من ألف كتاب.وكثير من هذه الكتب من زمن قريب للمسيح الا وكلها تتفق على أن الحواريين كانوا قد أعدوا هذا المرهم الجروح المسيح.هذه الوصفة كانت في الحقيقة في قرابادينات النصارى القديمة التي أُلفت باللغة اليونانية، ثم تُرجمت إلى اللغة العربية في عهد هارون والمأمون.ومن قدرة الله العظيمة أن هذه الكتب لم تتلف على توجد فيه الأشياء المباركة للشيخ عبد القادر الجيلانيه نجد هذا القبر في هذا الحي بالضبط جانب الشمال.واسم هذا الحي "خانيار" وهو يقع على بعد ثلاثة أميال تقريبا من المدينة الأصلية القديمة كما كتب الدكتور برنير.فيجب أن لا يُهمل كالنصارى الخائنين أيضا أنه تم اكتشاف إنجيل دفين في التيبت، وقد تم نشره، بل هذا قرينة ثانية على مجيء المسيح إلى كشمير.غير أن من المحتمل أن يكون مؤلف هذا الإنجيل أيضا مخطئا في كتابة بعض الأحداث كما أن الأناجيل الأربعة مليئة بالأخطاء.لكن يجب أن لا تعرض نهائيا عن هذا الإثبات العجيب النادر الذي يصحح الأخطاء الكثيرة ويُري العالم وجه السوانح الصحيحة.والله أعلم بالصواب.منه

Page 236

۰۲۱۸ مر الزمن، حتى أطلعنا عليها فضل الله فرفض هذا الحادث اليقيني يمثل محاربة الله.ولا نتوقع أن يرفضه أي عاقل من النصارى والمسلمين لأن إنكار التواتر من الدرجة الأولى هو من الحمق بل الجنون.ويبلغ عدد الكتب التي ورد فيها ذكرُ هذا المرهم آلافا ومنها كتاب الدكتور حنين، المسيحي القديم، وكذلك كثير من كتب النصارى والمجوس قد ترجمت من الكتب اليونانية والرومانية القديمة التي ألفت في زمن قريب من المسيح اللة.ويجب أن نتذكر جيدا أن الأطباء المسلمين نسخوا هذه الوصفة من كتب النصارى، ولما كانت كل هذه الكتب غير متوفرة لكل واحد، لهذا نسجل هنا أسماء بعضها التي نُشرت في هذا البلد أو في مصر - وهي: * "القانون" لأبي علي بن سينا المطبوع في مصر ص ٤٠٥ " "شرح القانون" للعلامة قطب الدين الشيرازي * "شرح القانون" للقرشي، المخطوطة 11 * * "شفاء الأسقام" المجلد ۲، المخطوطة ص٦٤، ٦٥ "كامل الصناعة" لعلي بن العباس المجوسي، المطبوع في مصر ص ٦٠٢ "تذكرة أولي الألباب" للشيخ داود الضرير الأنطاكي، مطبوع في مصر، صفحة ٣٠٣، ۳۳۳ باب حرف الميم 11 * "إكسير أعظم"، الجزء الرابع ص ٣٠٣

Page 237

* 11 * * * ميزان" الطب" الصفحة ١٥٢ قرابادین القادري باب الميم أمراض الجلد، الصفحة ٥٠٨ " ذخيرة خوارزم شاهي" " رياض الفوائد " * * منهاج البيان قرابادين كبير، المجلد ٢، الصفحة ٥٧٥ * * قرابادين البقائي، المجلد ٢، الصفحة ٤٩٧ * لوامع شبريه، تأليف سيد حسين شبر الكاظمي قرابادین حنين بن إسحاق المسيحي " "قرابادين الرومي " وإن لم تتيسر لأحد كتب كبيرة، فإن "قرابادين" القادري متوفر في كل مكان وفي كل مدينة.ومعظم الحكماء العاديين في القرى يقتنونه، وإذا كلَّف المرء نفسه عناء قليلا وألقى نظرة على الباب العشرين عن أمراض الجلد في الصفحة ٥٠٨ فسوف يجد النص التالي: "إن عدد مكونات وصفة مرهم -الحواريين الذي سمي بمرهم سليخا ومرهم الرسل ومرهم عيسى أيضا اثنا عشر ، ولقد أعده الحواريون الجروح القرابادين أو القراباذين أو الأقرباذين أو الأقراباذين هو علم مصادر الأدوية وخصائصها وتحضيرها، ويسمى بالإنجليزية: PHARMACOPOEIA وأيضًا MATERIA MEDICA.(المترجم)

Page 238

عيسى ال، وهو يفيد في شفاء الأورام والنواسير والطواعين وتنقية الجروح من اللحم الفاسد السيئ والأوساخ، ومن ناحية يفيد في إنشاء اللحم الجديد.ولا داعي لإدراج أجزاء هذه الوصفة لأن كل واحد يمكن أن يقرأها الكتب مثل القرابادينات.وإذا أثار أحد الشبهة أنه من المحتمل أن يكون عيسى اللي قد أصيب بجروح قبل النبوة، أو كان سقط أو ضربه أحدٌ وكان الحواريون قد أعدّوا هذه الوصفة لعلاج آلام جروحه وأورامها وقروحها.فجواب ذلك أنه لم تكن له أي علاقة بالحواريين قبل النبوة، بل إن الحواريين نالوا هذا اللقب عند إيمانهم بنبوة المسيح وصحبتهم له.وقبل ذلك كانوا يسمون صيادي السمك.وأي قرينة أوضح من أن هذا المرهم منسوب إلى اسم تلقاه الحواريون بعد نبوة المسيح ال.وهناك قرينة أخرى أن هذا المرهم يسمى مرهم الرسل أيضا، لأن الحواريين كانوا رسُلَ عيسى ال.ومن زعم أنه من المحتمل أن يكون عيسى قد أصيب بعد تلقي النبوة بجروح نتيجة تعرضه لحادث؛ ثم مات على الصليب كما يزعم النصارى، فجواب ذلك أنه قد ثبت أن هذه الجروح تلقاها بعد النبوة.والظاهر أن زمن نبوته في ذلك البلد يقدَّر بثلاث سنوات فقط، بل أقل من ملحوظة: لقد وردت في قرابادين القادري كلمة سليخا، لكنه قد وردت في قانون أبي علي بن سينا دشليخا بدلا من سليخا.وتبدو هذه الكلمة عبرية أو يونانية وتعني اثنا عشر.منه ترجمة نص فارسي.(المترجم)

Page 239

۲۲۱ ذلك.فإذا كان يسوع قد أصيب بجروح في حادثة أخرى خلال ذلك أعد لها، فعلى الزمن القصير، سوى جروح الصليب، وكان هذا المرهم قد النصارى الذين يرفعون عيسى العليا إلى السماء بجسده المادي أن يُثبتوا هذه الدعوى.فمرهم الحواريين هذا من المتواترات، ومعلوم أن المتواترات كالعلوم الحسية البديهية، وإنكارها من الحمق.وإذا أثيرت شبهة أنه من الممكن أن يكون عيسى قد رفع إلى السماء بعد اندمال جروحه، فجواب ذلك أنه إذا كان الله يريد رفعه إلى السماء لما أُعِدّ المرهم من أجله على الأرض؛ إذ كان يمكن أن يعالج جروحه الملك الذي رفعه إلى السماء وإن الإنجيل ذكر شهود عيان رأوه ماشيًا على كما قد أثبتت البحوث أن قبره في كشمير.وإذا قال أي شيخ الرفع حدث الشارع، بسوء الفهم إن رفعه مذكور في القرآن الكريم، فإنما نصرح في جواب ذلك أن القرآن الكريم ذكر رفعه إلى الله لا إلى السماء.ثم حين قال الله : يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ فيُفهم منه قطعا أن بعد الموت، لأن الآية تعني: إني سأميتُك وأرفعك إلي.فأي شك في أن عباد الله الصالحين يُرفعون إلى الله بعد الوفاة.فرفع الصالحين بعد الوفاة من سنة الله، إلا أن رفع الجسم بعد الوفاة لا يندرج ضمن سنة الله.أما القول بأن التوفي هنا يعني النوم فإلحاد محض.لأن في صحيح البخاري رواية عن ابن عباس: "متوفيك: مميتك".وفي تأييده أدرج البخاري في المكان نفسه ١ آل عمران: ٥٦

Page 240

حديث النبي.فبيان المعنى المخالف لمعنى التوفي الثابت من ابن عباس ورسول الله ﷺ نفسه في محل النزاع؛ هو طريق الإلحاد.فليس للمسلم إثبات أكبر من أن النبي نفسه بين هذا المعنى المتنازع فيه.فمن أشنع النبي.فحين ثبت قطعا أن معنى التوفي هنا الإماتة فلا الإلحاد ترك معنى يمكن القول إن الوفاة ستحدث في المستقبل.ذلك لأن آيةَ: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ تُبين بجلاء أن الوفاة قد حدثت.ذلك لأن الآية تعني أن عيسى اللي يقول الله بأن النصارى فسدوا بعد وفاته.أما إذا افترضنا جدلا أن عيسى ال لم يمت بعد فلن يكون لنا بد من الاعتراف أيضا بأن النصارى لم يفسدوا حتى الآن، مع أن هؤلاء الأشقياء لم اتخذوا الإنسان الضعيف إلها و لم يتناولوا نجاسة الشرك فقط بل كان من أكل الخنزير وشرب الخمر وارتكاب الزنى أيضا.وهل في العالم أي سيئة لم يحتل هؤلاء المركز الأول في ارتكابها؟ فالظاهر أن هؤلاء قد فسدوا.وأكلهم جذام الشرك والخبائث ثم إن عداءهم للإسلام، قد أسقطهم إلى تحت الثرى، ولم يهلكوا هم أنفسهم فقط بل قد أهلكت حياتهم النجسة الألوف.الدعارة تُمارس في أوروبا كالكلاب والكلبات، وكثرة الخمور تثير الشهوات بشكل خطير، وبلغ عدد أولاد الحرام مئاتِ الألوف.فأي شيء أدى إلى ذلك كله؟ إنما عبادةُ المخلوق ومسألة الكفارة نصيبهم المليئة بالمكر والخداع.منه المائدة: ۱۱۸

Page 241

۲۲۳ أما حاشية على الحاشية المتعلقة بحاشية عیسی الصفحة ١١٦٤ إن المشايخ المتعصبين يزعمون حتى الآن أن عيسى العليا قد صعد إلى السماء بجسده المادي أما سائر الأنبياء فقد رفعت أرواحهم فقط إلى السماء، الية فموجود في السماء بجسمه المادي.ويقولون إنه لم يعلق على الصليب أصلا وإنما عُلِّق على الصليب شخص آخر مكانه.وقد سجلنا أدلةً في كتاب "إزالة الأوهام" و "حمامة "البشرى وغيرهما من الكتب دحضًا لكل هذه الأفكار الباطلة.لكنه بالإضافة إليها هناك إثبات قوي آخر وهو أن على ص ٣٣٩ من صحيح البخاري حديث "لَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ أي جعلوها مكان السجود، أي بدأوا يعبدونها.ومعلوم أن النصارى لا يعبدون أبدا قبور أنبياء آخرين من بني إسرائيل، بل يعدون جميع الأنبياء مذنبين ومرتكبي الصغائر والكبائر.أما قبر عيسى ال في بلاد الشام فيُعبد، ويزوره في أيام محددة ألوف مؤلفة من النصارى كل عام.فثبت من هذا الحديث أن ذلك القبر في الحقيقة قبر المسيح الية حصرا، الذي كان قد وضع فيه مجروحا أما إذا لم تكن لذلك القبر أى علاقة بالمسيح الله فلا يصدق قول النبي ﷺ والعياذ بالله.ومن المستحيل أن يعد النبي قبرا زائفا - بُني بمجرد الخداع والتزوير - قبر نبي.لأنه بعيد من 1 مي الصفحة ٢١٤ من هذا الكتاب.(المترجم)

Page 242

شأن الأنبياء عليهم السلام أن يستخدموا أمرا مزورا في محل الأحداث الصحيحة.فإذا كان هذا الحديث - في سياق الكلام عن عبادة النصارى للقبور - لا يشير إلى هذا القبر، فمن الواجب على الشيخ البطالوي والمشايخ المعارضين الآخرين أن يدلونا على قبر نبي آخر يعبده النصارى أو قد عبدوه في الماضي.فلا يمكن أن يبطل قول النبي، وينبغي ألا يُعرض عنه، ولا يُرمى كشيء مهمل، لأن ذلك من الإلحاد الشنيع بل يجب أن يختاروا أحد الأمرين: (۱) فإما أن يدلونا على قبر نبي آخر يعبده النصارى، (۲) وإما أن يقبلوا بأن قبر عيسى الموجود في بلاد الشام، الذي كان هناك اقتراح من قبل الحكومة الإنجليزية في الآونة الأخيرة أن يُشترى، حيث يزدحم حشد كبير من النصارى كل عام ويسجدون له، هو في الحقيقة القبر الذي وضع فيه المسيحُ مجروحا.فإذا كان هذا القبر هو نفسه فليتأملوا كم ستكون العقيدة القائلة مقابل ذلك بأن المسيح لم يعلق على الصليب قط بل قد رفع إلى السماء عن طريق السقف - لغوا وسخفا ومخالفةً للحقائق.أما هذا الحادث الذي ثبت من الحديث؛ أي أن من المؤكد أن المسيح أدخل القبر حتما، فهو يدعم جدا موضوع "مرهم الحواريين" الذي كتبنا عنه سلفا.لأن بذلك تنشأ القرائن القوية على أن المسيح كان حتما قد تلقى صدمة جسدية من اليهود، إلا أنه لا يسعنا القول بأنه مات على الصليب.لأنه ثابت من التوراة أن المصلوب ملعون والمصلوب من مات على الصليب، لأن الغاية المنشودة من الصلب القتل فحسب.ومستحيل أن يكون المسيح قد مات على الصليب، ذلك هي

Page 243

نفسه قد صرح ۲۲۰ لأن النبي المقرب من الله لا يمكن أن يكون ملعونا.كما كان عيسى ال بأنه سيدخل القبر كما دخل يونس في بطن الحوت حيًّا وخرج منه حيًّا، فهذا ملخص قوله.فمن هنا يثبت أنه دخل القبر حيا وخرج منه حيا، لأن من المستحيل أن يكون مثال النبي غير مطابق للأمر الواقع.فلا شك في أنه أدخل في القبر حيا، وكان ذلك مكْرَ الله لكى يحسبه اليهود ميتا ولكي ينجو منهم.هذا الحادث يشبه جدا حادث غار ثور أيضا؛ فذلك الغار أيضا يماثل القبر وهو موجود حتى الآن.وقد ورد أن النبي ﷺ لبث في الغار ثلاثة أيام مثلما قيل إن المسيح لبث في القبر ثلاثة أيام.وإن مماثلة ما حدث في غار ثور بقبر المسيح هذه قد أشير إليها أيضا في الأحاديث.وهكذا قد أشار سيدنا ومولانا النبي له إلى مماثلته بيونس العل.فكأن هؤلاء الأنبياء الثلاثة أي سيدنا محمد ﷺ والمسيح اللة ويونس العلة قد دخلوا القبر أحياء ولبثوا فيه أحياء وخرجوا منه أحياء.وإن الله الله يعلم أن هذا هو الصحيح حصرا.فمن تدبر موضوع مرهم الحواريين" فسيتوصل حتما إلى أن المسيح اللي حين أدخل في القبر مصابًا بالجروح كان حيًّا.وإن رؤيا زوجة بيلاطس أيضا تؤيد ذلك، لأن الملك كان قد أخبرها أنه إذا مات عيسى على الصليب فسوف يحل الدمار عليها وعلى زوجها، لكنه لم يحدث أي دمار ، مما يُستنتج حتما أن المسيح لم يمت على الصليب.منه ملحوظة: إن خروج يوسف الله من البئر حيا أيضا يشبه ذلك.منه

Page 244

87776 mankind, in facts the word here ascribed to Nanak contain a full confession of Islam.TRANSLATION BY Dr.ERNEST TRUMP JANAM SAKHI OF BABA NANAK.INTRODUCTION PAGE 41, XLI AND XLII.His Worship (the prophet) has said in his decision and the book: Dogs who watch well at night-time are better than not praying men.The watches, who do not wake and, remain asleep after the cal (to prayer), In their bone is uncleanness; though men, they are like women, Who do not obey Sunnat and divine commandment nor the order of book: Wine, They are burnt in hell, like roasted meat put on a spit.Great misery befall them, who are drinking Bhang and A pig is interdicted from liquor and beer, nor is it Bhang drinking.Who walk according to the advice of their lust they will suffer great pain; At the day of the resurrection there will be a clamour of noise.At that day the mountains will fly about as when cotton is corded, O Kazi, none other will sit (there), God himself will stand.According to justice all will be decided, the tablet is handed over at the gate.Just inquiries are made there; by whom sins were committed, They are bound thrown into hell, with a layer (of earth) on their neck and with a black face.day.The doers of good works will be unconcerned at that Those will be rescued.O, Nanak whose shelter his worship (the prophet) is.(Victoria Press, Lahore 15-11-95 710)

Page 245

Companion of Nanak, and if all other tradition had failed this alone would have been enough to establish the eclectic character of early Sikhism.The first greeting of these famous men is significant enough.Sheikh Farid exclaimed "Allah, Allah O' Darwesh," to which Nanak replied "Allah is object of my efforts O Farid! come, Sheikh Farid ! Allah Allah (only) is ever my object.*** An intimacy at once sprang up between these two remarkable men, and Sheikh Farid accompanied Nanak in all his wanderings for the next twelve years.* * * As soon as Nanak and his friend Sheikh Farid began to travel in company, it is related that they reached a place called Bisiar where the people applied cow-dung to every spot on which they had stood, as soon as they departed, the obvious meaning of this is, that orthodox Hindu considered every spot polluted which Nanak and his companion had visited.This could never had been related of Nanak had he remained a Hindu by religion.In this next journey Nanak is Isaid to have visited Patan, and there he met with Sheikh Ibrahim who saluted him as a Muslim, and had a conversation with him on the unity of God.*** In precise confirmity with this deduction is the tradition of Nanak's pilgrimage to Makka.The particulars of his visit to that holy place are fully given in all accounts of Nanak's life, and although, as Dr.Trumpp reasonably concludes the whole story is a fabrication yet the mere invention of the tale is enough to prove that those who intimately knew Nanak considered his relationship to Muhammadanism sufficiently close to warrant the belief in such a pilgrimage in the course of his teachings in Mukkah Nanak is made to say: "Though men they are like woman who do not obey the Sunnat, and divine commandment, nor the order of the book (the Quran) (I.C.M.S No 1728 for 212) He also admitted the intercession of Muhammad, denounced the drinking of bhang, wine &c., acknowleged the existence of hell, the punishment of the wicked and the ressurrection of

Page 246

ATTAX which extracts have been given, and the * * * numerous * confirmatory evidences contained in the religion itself.**** ***It will, also, be noticed that Muhammadans are affected by the logic and piety of Nanak and to them he shows himself so partial that he openly accompanies them to the Mosque, and thereby causes his Hindu neighbours and friends to believe that he is actually converted to the faith of Islam.*** After this, Nanak undertook a missionary tour: and it is noticeable that the first person he went to and converted was Sheik Sajan who showed himself to be a pious Muhammadan.Nanak then proceeded to Panipat and was met by a certain Sheikh Tatihar who accosted with the Muhammadan greeting."peace be on thee, O Darwesh!" to which Nanak immediately replied "and upon you be peace" O servant of the Pir.Here we find Nanak both receiving and giving the Muhammadan salutation and also the acknowledgment that he was recognised as a Darwesh.* * * The disciple then called his master, the Pir Sheikh Sharaf who repeated the salutation of peace, and after a long conversation acknowledged the Divine Mission of Nanak kissed his hands and feet and left him (fol.52).After the departure of this Pir, the Guru Nanak wandered on to Dehli where he was introduced to Sultan Ibrahim, Lodhi who also called him a Darwesh.* * * The most significant associate which Nanak found was undoubtedly, Sheikh Farid.He was a famous Muhammadan Pir, and strict Sufi who attracted much attention by his piety and formed a school of devoties of his own.Sheikh Farid must have gained considerable notoriety in his day; for his special disciples are still to be found in the Panjab who go by the name of Sheikh Farid's Fakirs.This strict Muhammadan became confidential friend and

Page 247

۲۲۹ EXTRACTS FROM REVD, HUGHE`S DICTIONARY OF ISLAM, PAGES 583--591 The Janam sakhis or biographical sketches of Nanak and his associates contain a profusion of curious traditions, which throw considerable light on the origin and development of the Sikh religion.From these old books, we learn that in early life Nanak, although a Hindu by birth, came under Sufi influence, and was strangely attracted by the saintly demeanour of the Fakirs who were thickly scattered over Northern India and swarmed in the Panjab.* * * * * * * * * * * It is, therefore, only reasonable to suppose that any Hindu affected by Muhammadanism would show some traces of Sufi influence.As a fact we find that the doctrines preached by the Sikh Gurus were distinctly sufiastic, and indeed, the early Gurus openly assumed the manners and dress of faqirs, thus plainly announcing their connection with the Sufiastic side of Muhammadanism.In pictures they are represented with small rosaries in their hands, quite in Muhammadan fashion, as though ready to perform zikr.The traditions of Nanak preserved in the Janam Sakhi are full of evidence of his alliance with Muhammadanism.(In answer to a Qazi) Nanak replied.To be called a Mussalman is difficult, when one (becomes it) then he may be called Mussalman.* * * * * From the foregoing it is perfectly clear that the immediate successors of Nanak believed that he went very close to Muhammadanism; and we can scarcely doubt the accuracy of their view of the matter, when we consider the almost contemporaneous character of the record, from

Page 248

Page 248