Language: AR
لقد كتب هذا الإعلان ونشره حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام، المسيح الموعود والإمام المهدي لإزالة الشكوك والوساوس التي نشأت عن وفاة ابنه المعروف ببشير الأول، وردًّا على مطاعن بعض المعارضين الذين قالوا بأنه كان الابن الموعود الذي أُعلِن عنه أنه سيكون صاحب الجلال والعظمة والثروة، وسيتبارَك منه أقوام.
الاعلان الأخضر حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي الليلة ترجمة محمد طاهر نديم
חור ISLAM INTERNATIONAL PUBLICATIONS LTD اسم الكتاب: الإعلان الأخضر الطبعة الأولى : ١٤٤٣هـ الموافق لـ ٢٠٢٢م An Arabic rendering of Sabz Ishtihaar (The Green Announcement) Written by: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad, on whom be peace, the Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Ahmadiyya Muslim Jama'at Translated from Urdu by: Muhammad Tahir Nadeem First Published in UK in 2022 O Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd.Unit 3, Bourne Mill Business Park, Guildford Road, Farnham, Surrey, GU9 9PS United Kingdom Printed in the UK at: Raqeem Press, Farnham For further information please contact: Phone: +44 1252 891330 www.islamahmadiyya.net ISBN: 978-1-84880-981-9
พ
مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم مقدمة يسعدنا أن نقدم لقراء العربية ترجمة كتيب آخر من كتب سيدنا المسيح الموعود الل، باسم "الإعلان الأخضر".لقد كتب هذا الإعلان ونشره حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني العلي المسيح الموعود والإمام المهدي، مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، لإزالة الشكوك والوساوس التي نشأت عن وفاة ابنه المعروف ببشير الأول، وردا على مطاعن بعض المعارضين الذين قالوا بأنه كان الابن الموعود الذي أُعلن عنه في إعلان ۲۰ فبراير/شباط ١٨٨٦م، وفي إعلان أبريل/نيسان ١٨٨٦م، وفي إعلان ٧ أغسطس/ آب ۱۸۸۷م أنه سيكون صاحب الجلال والعظمة والثروة، وسيتبارك منه أقوام.لقد ولد بشير الأول في ٧ أغسطس ١٨٨٧م وتوفي في ٤ نوفمبر ۱۸۸۸.م.وكان المسيح الموعود اللي قد أعلن سابقا بناء على الوحي الإلهي أن الله وعده بأنه سيهب له ابنًا يتمتع بصفات غير عادية كثيرة، ويعيش عمراً طويلا، ويكون مصلحًا موعودًا.قد فلما ولد له ابنه بشير الأول وتوفي في الشهر السادس عشر من عمره، انتهز الخصوم الفرصة للطعن الشديد في المسيح الموعود اللي وفي نبوءته
رب يزعم مقدمة الناشر المتعلقة بالابن الموعود.فقد أوضح المسيح الموعود الله في هذا الإعلان أنه لم أبدًا أن ابنه هذا سيكون هو المصلح الموعود وهو الذي سيعيش طويلا.وأكد في هذا الإعلان بقوة أن الابن الموعود سيولد في غضون تسع سنوات.ولقد أظهرت الأحداث اللاحقة أن كل كلمة من هذه النبوءة قد تحققت، ولد بشير الثاني حضرة) ميرزا بشير الدين محمود أحمد ) وفق هذه النبوءة تماما في ١٢ يناير ،۱۸۸۹م ، وكان موهوبا بالصفات الفريدة الواردة في النبوءة التي اعترف بها الأصدقاء والأعداء على حد سواء، وتوفي عن عمر يناهز ٧٦ عاما بعد أن قضى حياة حافلة بالإنجازات الهائلة كونه مصلحًا موعودًا وخليفة ثانيًا للمسيح الموعود والإمام المهدي الي.لقد حظي بتعريب هذا الكتاب الداعية محمد طاهر نديم وصدر بإشراف المكتب العربي المركزي بتعاون عدد من الإخوة العرب الذين أسهموا في أعمال المراجعة والتدقيق، ونخص بالذكر السادة الأفاضل المهندس خالد عزام، والدكتور علي خالد البراقي، والدكتور وسام البراقي، والأستاذ حلمي مرمر، والانسة أمان الله البراقي.يجزيهم نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في نشر هذا الكتاب داعين أن الله أحسن الجزاء ويجعله في ميزان حسناتهم، كما نسأل الله تعالى أن يوفق القراء الكرام للاستفادة من هذا الكنز ويجعله سببا لهداية الباحثين عن صراط الله المستقيم، آمين الناشر
ل الحللة: سم الحالي الحمد لله والسلام على عباده الذين اصطفى - الخطاب الحقاني حول حادثة وفاة بشير اعلموا أنه قد أثيرت ضجة عجيبة بين أصحاب الظنون الفاسدة إثر وفاة ابني بشير أحمد الذي ولد في يوم الأحد الواقع في 7 أغسطس/ آب ۱۸۸۷م، وانتقل إلى معبوده الحقيقي عند صلاة الفجر من يوم الأحد الواقع في ٤ نوفمبر/ تشرين الثاني ۱۸۸۸م عندما كان في الشهر السادس عشر من عمره - كما اخترع الأقارب وغيرهم ألوانًا من الأقاويل، وأبدوا صنوفًا من الآراء النابعة عن الجهل وزيغ القلب.أما المعارضون في ديننا الذين دأبوا على الخيانة والافتراء عند كل موطن فقد بدأوا يخترعون أنواعا من الافتراءات عند وفاة هذا الطفل.ما أردت في البداية أن أنشر إعلانًا أو خطابًا عن وفاة نجلي، بل لم يكن ثمة داع لنشره، لأنه لم يكن هناك أمر يمكنه أن يسبب عثارًا لأي فهيم.ولكن لما بلغت هذه الضجة ذروتها،
ولاحظت تأثيرها السلبي على قلوب بعض ضعاف المسلمين وسذجهم، رأيت من المناسب نشر هذا الخطاب لوجه الله.فليتضح للقراء أن بعض المعارضين يكتبون في إعلاناتهم وجرائدهم بشكل لاذع بعد ذكر وفاة النجل المرحوم أن هذا هو الابن الموعود الذي أعلن عنه في إعلان ٢٠ فبراير/ شباط ١٨٨٦م، وفي إعلان ٨ أبريل/نيسان ١٨٨٦م ، وفي إعلان ٧ أغسطس/ آب ۱۸۸۷م أنه سيكون صاحب الجلال والعظمة والثروة، وسيتبارك منه أقوام.ولقد بلغ البعض في الافتراء درجة الحاشية: إن المفتري المذكور هو ليكهرام الفشاوري الذي نقل في إعلانه عبارات من الإعلانات الثلاثة المذكورة لإثبات ادعاءاته، إلا أنه ارتكب خيانات واضحة في نقلها، على سبيل المثال ذكر إعلاني بتاريخ ٨ أبريل/نيسان ١٨٨٦م ثم نقل العبارة التالية: "أخبرني الله تعالى أن غلاما سيولد لي قريبًا جدًّا لا يمكن أن يتجاوز منه فترة حمل واحد." ولكنه لم ينقل الجملة التالية من العبارة نفسها وهي: "ولكن لم يكشف لي ما إذا كان الوليد القادم الآن هو الابن الموعود، أم أنه سيولد في وقت آخر خلال مدة تسع سنوات".فلقد تعمد الإحجام عن نقل هذه الجملة لأنها تضر بادعائه، وتقطع أوصال ظنونه الفاسدة.والخيانة الثانية هي أن ثمة إعلانًا آخر نشرته الآرية من مطبعة جشمه نور بأمرتسر قبل إعلان ليكهرام ردًّا على إعلاناتنا الثلاثة المذكورة، وقد اعترفوا فيه قائلين: لا هو يتبين من النظر في هذه الإعلانات الثلاثة ما إذا كان المولود الذي ولد حديثا المصلح الموعود وهو من سيعيش طويلا، أم سيكون ذلك مولود آخر.لم يذكر لیکهرام في إعلانه مطلقا عن هذا الاعتراف والواضح الآن أن إعلان الآرية الأول ينسف إعلان ليكهرام الحالي نسفًا.انظروا إعلانهم الذي جعلوا له عنوانًا يناسب حالهم: إن الله لا يحب الماكرين من منه
حيث كتبوا في إعلاناتهم أنه كان قد ذكر عن هذا الابن في وحي آخر أن أنه سيتزوج من بنات الملوك.ولكن ينبغي أن يتضح للقراء أن هؤلاء الطاعنين إما أنهم انخدعوا انخداعًا عظيمًا ، أو أرادوا خداع الناس.والحقيقة أنه لا يمكن لأحد أن يجد ولا حرفا واحدًا في جميع إعلاناتي -التي نشرت في أغسطس/ آب ۱۸۸۷ الذي هو شهر ميلاد النجل الراحل والتي أشار إليها ليكهرام الفشاوري في إعلانه كدليل له يدل على ادعاء أن الطفل المتوفى هو المصلح الموعود وهو نفسه من كان سيعيش حياة طويلة حسب النبوءة.بل إن إعلاني المنشور في ٨ أبريل/ نيسان ١٨٨٦م، والإعلان المنشور في ٧ أغسطس/ آب ۱۸۸۷م الذي نشر بناء على الإعلان المنشور في ٨ أبريل / نيسان ١٨٨٦ واستنادًا إليه، في يوم ولادة ابني بشير- يوضح بجلاء أنه لم يُحسم من خلال الوحي فيما إذا كان هذا هو المصلح أن الموعود، وأنه هو من سيعيش حياة طويلة أم غيره.وأتعجب من لیکهرام الفشاوري قد قام مدفوعا بثورة عناده ومشيرا إلى إعلاناتي المذكورة بالاعتراض في إعلانه المليء بما جُبل عليه من بذاءة اللسان وقبح الكلام، إلا أنه لم يكلف نفسه عناء قراءة هذه الإعلانات الثلاثة بعيون مفتوحة، لكي يتخلص من مواجهة الندم الناتج عن تسرعه.ومن المؤسف جدا أن بانديتات الآرية الذين يقفون في الأسواق ويؤكدون أن ترك الكذب واجتناب الباطل، وقبول الحق، واعتماد الحقيقة، هي من مبادئ ديانة الآرية لا يفعلون شيئا لوقف مثل هؤلاء الكذابين المحترفين من
الكذب الصريح.ومن العجيب أنهم يرددون هذه المبادئ لدينهم بالأقوال دوما دون أن يمارسوها ولو مرة واحدة بأفعالهم.فالأسف كل الأسف على حالتهم هذه.خلاصة القول، إن الإعلانين المذكورين المنشورين في ٨ أبريل/ نيسان ١٨٨٦م ، وفي ٧ أغسطس/ آب ۱۸۸۷م - لا يذكران مطلقا شيئًا عن أنه خصال الابن المولود وصفاته، بل على عكس ذلك يشهدان بكل وضوح لم يفصل في الأمر إلى الآن، ولم يصرح به بحسب الإلهام الإلهي، ولكن مما لا شك فيه أن الصفات المذكورة قد ذكرت في إعلاني المنشور في ٢٠ فبراير/ شباط ١٨٨٦م عن مولود سيولد في المستقبل بصفة عامة دون التخصيص والتعيين، إلا أنه لم يندرج في هذا الإعلان مطلقا أن الذي سيولد * الحاشية: إن نص إعلان ٨ أبريل / نيسان ١٨٨٦م كالتالي: "إن غلاما سيولد قريبًا جدا لا يتجاوز فترة حمل واحدة.ولكن لم يُكشف لي ما إذا كان الوليد القادم الآن هو الابن الموعود أم أنه سيولد في وقت آخر خلال مدة تسع سنوات"..انظروا إعلان ٨ أبريل/نيسان ١٨٨٦م المطبوع في مطبعة جشمه فيض قادري في بتاله.ونص إعلان ٧ أغسطس/آب ۱۸۸۷م كالتالي : أبشركم يا أيها القراء أن المولود الذي ذكرت النبوءة عن ولادته في إعلان نشرته في ٨ أبريل/نيسان ١٨٨٦م، قد ولد في ١٦ ذي العقدة الموافق لـ ٧ أغسطس/آب.انظروا إعلان ٧ أغسطس/آب ۱۸۸۷ المطبوع في مطبعة فكتوريا بلاهور أخبرونا الآن، هل تجدون في عبارات هذه الإعلانات الثلاثة التي نقلها ليكهرام الفشاوري بكل حماس- تلميحا أو إشارة إلى أنني اعتبرت فيها أن الابن المتوفى سيكون مصلحا موعودًا ونائلا عمرًا طويلا؟ فتفكروا فتدبروا.منه
في 7 أغسطس/آب ١٨٨٧ هو المصداق لكل هذه الصفات، بل لم يُذكر في الإعلان المذكور أي تاريخ أو وقت لميلاد هذا الابن الموعود.فالظن بأنني قد ذكرت في هذه الإعلانات عن الابن المتوفى أنه هو المصداق لجميع هذه الصفات لهو تعنّت وخيانة.إن جميع هذه الإعلانات موجودة لدينا، ولعلها بحوزة معظم الناس أيضًا، فمن المناسب لهم أن يقرأوها بإمعان، ثم ينصفوا.وصلتني عند ولادة هذا الابن المتوفى مئات رسائل الاستفسار من أماكن شتى، فيما إذا كان هو المصلح الموعود الذي يهتدي به الناس، فردّ على الجميع بأنني لم أتلق عن ذلك أي إلهام بوضوح، إلا أنه كان يُظَنُّ اجتهادًا أنه قد يكون هو المصلح الموعود، والسبب في ذلك أنه قد ذكرت في الإلهامات صفات جليلة ذاتية للابن المتوفى اختصت طهارة ،روحه وسمو فطرته، وعلو موهبته ونورانية جوهره، وسعادة جبلته، وكانت لها علاقة باستعداده الكامل.ولكن بما أن هذه المواهب والصفات الجليلة لا تستلزم حياة طويلة، لذلك لم تظهر بأي تصريح قاطع مبني على الوحي الإلهي أن هذا الولد سيبلغ مرحلة النضج حتما، ونظراً إلى ذلك تأخر نشر كتاب السراج المنير" حتى نكتب بشكل مفصل عن حقيقة هذا الابن لدى انكشافها من خلال الإلهام الإلهي.لقد امتنعت إلى الآن من إظهار رأي قطعي مبني على الوحي الإلهي عن الابن المتوفى، بل التزمت الصمت المطبق بل لم أنشر ولا جزءا من الإلهام الإلهي بهذا الخصوص، فالعجب كل العجب لمن همس في آذان خصومي بأنني نشرت ذلك في إعلان.
وليكن معلوما في هذا المقام أيضا أننا لو نشرنا إعلانا مفصلا ومبسطا، بها معتمدين على ما فهمناه من صفات جليلة للابن المتوفى – الذي سمي بناء على كامليته الذاتية، وفطرته النيرة مثل "المبشر" و"البشير" و"نور الله الصيب" و"سراج الدين" وغيرها وكتبنا بناء على هذه الأسماء أنه قد يكون هذا الابن هو المصلح الموعود وهو من سيعيش حياة طويلة، مع ذلك لم يكن اجتهادنا هذا محل اعتراض عند ذوي البصيرة، لأن فكرهم المنصف وبصيرتهم المعرفية تفهمهم فوراً بأن هذا الاجتهاد إنما كان بناء على بعض الأسماء التي لم تكن في حد ذاتها واضحة وضوح الشمس، بل كانت ذات وجوه متعددة وتتطلب تأويلا.فلو اعتبروه خطأ اجتهاديًا أن يتراءى لهم شيئًا بسيطًا وخفيفًا جدا، لأنه من الصعب لكان ينبغي جدا إفهام غبي بمتشابهات الوحي والرؤى والكشوف والإلهامات، أما العارفون وذوو البصيرة فيفهمون أن الخطأ الاجتهادي في مجال النبوءات وغيرها لا يكون محل الطعن، لأن معظم الأنبياء وأولي العزم من الرسل قد تعرضوا لمثل هذه الأخطاء البسيطة في تعيين وتحديد مجمل المكاشفات والنبوءات؛ ومصاب بعمى القلب قانون القدرة الإلهية القديم المتعلق الحاشية: يظهر من بعض نصوص التوراة أن العليا قد وقع في خطأ موسی اجتهادي في فهم بعض نبوءاته وإفهامها، ولم تتحقق الوعود -على الطريق الذي بينه - التي أعطاها لنجاة سريعة لبني إسرائيل.فلما رأى بنو إسرائيل خلافًا لما وعدوا ضاقوا ذرعا، فقالوا مرة جراء خستهم التي فُطروا عليها: ليفعل الله بكما يا موسى وهارون كما فعلتماه بنا.يبدو أن هؤلاء القوم قد ضاقوا ذرعا لأنهم اعتقدوا في
قلوبهم بحسب ما أكد عليه موسى ال أن خلاصهم قريب جدا، إلا أنه لم يتحقق على الطريق نفسه، بل حالت دونه مشاكل كثيرة ما أُنبئت بنو إسرائيل عنها سلفا بكل جلاء.والسبب في ذلك أن العلم أيضا لم يتلق في البداية خبرًا واضحا سيتم موسی وجليا عن تلك المشاكل وطول زمنها، لذلك فقد مال اجتهاديًا إلى الرأي بأنه القضاء الآن سريعا على فرعون المخذول بالآيات البينة.فلقد أخفى الله تعالى وفق سنته القديمة مع الأنبياء بعض المكاره التي تحول دون تحقق الوعد، وذلك من أجل ابتلاء موسى الة في الأيام الأولى، وبقصد إلقاء رعب استغناء الله عليه.فلو أخبره الله تعالى مسبقا بكل وضوح كل الأمور الحادثة والصعوبات والصعاب الواردة لاكتسب قلبه قوة ونال طمأنينة إلا أنه في هذه الحالة كان لا بد أن تزول عن قلبه هيبة الابتلاء الذي كان قد تقرر في إرادة الله تعالى أن وأتباعه من أجل رفع درجاتهم وإثابتهم في الآخرة.يتعرض له حضرة كليم الله كذلك فإن الوعود والبشارات التي أعطاها المسيح اللي في الإنجيل لحوارييه بخصوص هذه الحياة الدنيا ونجاحهم وازدهارهم هي أيضا تبدو في الظاهر بمنتهى السهولة وسريعة المنال، بل يبدو من الكلمات المبشرة للمسيح اللة التي تكلم بها في البداية وكأن مملكة عظيمة ستقام في عصره، وبناء على فكرة الوصول إلى الحكم قريبا اشترى الحواريون الأسلحة أيضا ليستخدموها عند نيلهم الحكم.كما أن المسيح نفسه قد وصف نزوله مرة ثانية بكلمات فهم منها الحواريون أيضا بأن الناس في عصرهم لن يذوقوا الموت، ولن يشرب الحواريون كأس الموت حتى يروا المسيح عائدًا إلى هذا العالم بكل عظمة وجلال.ويبدو أن العلا كان يميل عیسی برأيه إلى هذا الفهم الذي أفهمه حوارييه، والذي لم يكن صحيحا في الحقيقة، أي كان يشوبه خطأ اجتهادي والغريب ما ورد في الكتاب المقدس أنه تنبأ مرة أربعمئة نبي من بني إسرائيل بانتصار ملك من الملوك، ولكن لم يتحقق ذلك، أي بدلا من الانتصار تلقى الملك هزيمة.(انظر) سفر الملوك الأول ۲۲ (۱۹) ولكن لم يرد خطأ إلهامي في أية نبوءة من نبوءاتي، بل الإلهام أخبر قبل تحققه بمولد ذكرين
الإعلان الأخضرة ولكن لم تصب أتباعهم الذين كانوا أصحاب القلوب اليقظة والضمائر الوقادة الحيرة والذهول بسبب هذه الأخطاء، لأنهم كانوا يعرفون أنها ليست أخطاء في الإلهامات والمكاشفات وإنما حدثت عند تأويلها.فالواضح أنه كما أن الخطأ الاجتهادي لعلماء الظاهر والباطن لا يسبب انتقاصا من مكانتهم، كذلك إذا أضفنا إلى ذلك أنني لم أتعرض لمثل هذا الخطأ الاجتهادي، ولم أنشره بصورة قطعية ويقينية في إعلان من إعلاناتي، فلماذا إذا نفت خصومي الجهلة بهذا القدر من السموم عند وفاة بشير أحمد؟ هل عندهم إثبات قانوني كاف لكتاباتنا تلك؟ أم يُظهرون على الناس ثوائرهم النابعة من نفوسهم الأمارة؟ وهنا أستغرب حالة المسلمين السذج أيضا، الذين يغرقون في أنهار الوساوس معتمدين على ظنونهم.هل بأيديهم إعلاننا الذي يوقنون بموجبه أننا قد من 6 ذكرنا بشكل قاطع بناء على الوحي الإلهي أن هذا الابن نفسه هو من سيعيش طويلا، وهو المصلح الموعود؟ فلماذا لا يقدمون مثل هذا الإعلان اثنين، وذكر فيه أن بعض الأولاد سيموتون في الصغر أيضا، انظروا إعلان ٢٠ فبراير/شباط ١٨٨٦، وإعلان ۱۰ يوليو/تموز ۱۸۸۸، فلقد ولد أحدهما وتوفي بحسب النبوءة الأولى، أما الابن الثاني الذي ذكر عنه الإلهام أنه يعطى لي بشير الثاني، الذي اسمه الثاني محمود أيضا، فهو لم يولد إلى هذا اليوم الذي هو الأول من ديسمبر ۱۸۸۸ إلا أنه سيولد بحسب وعد الله تعالى خلال الميعاد حتما.يمكن أن تزول السماوات والأرض، ولكن لن تزول وعود الله تعالى.جاهل من يستهزئ بإلهاماته، والأحمق من يسخر من بشاراته الطاهرة، لأن اليوم الأخير مخفي عن عينيه، والعاقبة مستورة عن بصره.منه.
إن وجد؟ نؤكد لهم أننا لم ننشر مثل هذا الإعلان مطلقًا، إلا أن الله تعالى قد كشف علي في بعض الإلهامات أن هذا الابن المتوفى كان مزودا بكفاءات عالية، وكانت فطرته مبرأة من الأهواء الدنيوية كلية، و مشحونة بلمعان الدين، وكان ذا فطرة نورانية، وجوهر عال، من أسمائه مطر الرحمة، ومبشر، وبشير، ويد وروح الله بجلال صديقية.كان وجمال وغيرها من الأسماء.فصفاته ومزاياه التي ذكرها الله تعالى في وحيه كلها تدلّ على صفاء كفاءاته التي ظهورها في الخارج ليس ضروريًا قط.أن أولاد بني يدعي هذا العبد المتواضع بدعوى مدللة ومعقولة، وهي آدم..الذين يأتون إلى دار الفناء هذه..يتفاوتون فيما بينهم من ناحية المواهب الفطرية -سواء أعاشوا عمرًا طويلا أم ماتوا في الصغر- ويلاحظ الفرق البين بين قواهم وخصائلهم وأشكالهم وقدراتهم الذهنية؛ ولعل معظم الناس قد رأوا طلاب المدرسة؛ فبعضهم أذكياء ويتسمون بسرعة البديهة والفهم والاستيعاب، ويتحصلون على العلوم وكأنهم يطوون صفوفها بسرعة هائلة، إلا أنهم لا يعيشون طويلا بل يموتون في صغرهم، ولكن بعضهم ،أغبياء ،متوحشون وبله يفتقرون إلى أدنى الصفات الإنسانية ويسيل لعابهم دائما، إلا أنهم يعيشون طويلا ولا يموتون إلا بعد بلوغهم الشيخوخة، وبسبب عدم كفاءاتهم الفطرية يرحلون من هذا العالم جهلاء كما أتوا إليه.على أية حال يستطيع كل إنسان أن يرى نموذج هذه الحالة بأم عينيه، كيف يكون بعض الأطفال كاملي الخلقة بحيث تتمتع فطرتهم
بطهارة الصديقين وفطنة الفلاسفة وتوقد ،العارفين، وتظهر عليهم ملامح الموهوبين، ولكنهم لا يبقون طويلا في هذه الدنيا الفانية.وأطفال آخرون تصرفاتهم غير لائقة، تحكم فراسة الإنسان فيهم أنهم لو عُمِّروا لكانوا وقحين أشرارا وجهلة غير قادرين على معرفة الحق.إن فلذة كبد النبي ﷺ إبراهيم الذي توفي في صغره، وذلك في الشهر السادس عشر من عمره، قد ذكر في الأحاديث الشريفة بمدائح كثيرة عن نقاء استعداده وفطرته الصديقية، كما يظهر من القرآن الكريم حالة خبث جبلة الغلام الذي قتله الخضر في صغر سنه إن تعليم الإسلام بخصوص أولاد الكفار الذين يموتون في صغرهم كان يطابق حقيقة هذه القاعدة، ذلك أن "الولد سر لذلك يأتون باستعدادات ناقصة خلاصة القول؛ سُمّى الابن المتوفى في 6 أبيه" الإلهام بالأسماء المذكورة نظرًا إلى نقاء ،فطرته ونورانية جوهره، وانسجامه والصبغة الروحانية فلو أراد أحد ربط هذه الأسماء عن طريق التعصب بقضية طول العمر الذي لم نظهر قط رأيًا يقينيًا وقطعيًا فيه- فهو يدل على خبثه المبين.ومما لا شك فيه، بل هو الحق المبين، أنه نظرا إلى هذه الفضائل الذاتية المذكورة كان يُظنّ بأنه قد يكون هو المصلح الموعود، إلا أنه كان رأيا مظنونًا ومشكوكا فيه، فلم ينشر في أي إعلان.أستغرب في هذا السياق من حالة الهندوس الذين يسمعون من أفواه منجميهم وكهانهم ألوفًا من الأمور التي يثبت في النهاية عبثيتها وتفاهتها وبطلانها، غير أن إيمانهم بهم لا يتزعزع، بل يقدمون عذرا أن الكاهن أخطأ
في بعض الحسابات، وإلا فلا شك في صحة علم النجوم، فمع إيمانهم بمثل هذه المعتقدات السخيفة والرديئة يشنون هجمات ضد نبوءات إلهامية مدفوعين بتعصبهم دون أن يعثروا فيها على خطأ صريح مع كل ذلك فلا نتفاجأ لو تكلم الهندوس بمثل هذه الأمور الوهمية التي لا أصل لها، لأنهم أعداء الدين وليس بأيديهم سوى سلاح الكذب والافتراء ضد الإسلام منذ القدم، وما يثير العجب هو حالة المسلمين الذين رغم ادعائهم بالإيمان والتقوى ورغم اعتناقهم المعتقدات الإسلامية يتفوهون بمثل هذه الهذيانات.فلو أنهم قد قرأوا بعض إعلاناتنا التي اعتبرنا فيها الابن المتوفى مصلحا موعودًا، وأنه سيعيش طويلاً تخمينًا منا مع ذلك كان من مقتضى فهمهم الإيماني ومعرفتهم الدينية أن يعتبروه خطأ اجتهاديًا يقع فيه علماء الظاهر والباطن أحيانا، ولم يخرج من هذا الإطار أولو العزم من الرسل.أما في قضيتنا فلم ينشر أي إعلان، بل عملوا بمثل فارسي ما معناه: لم ير نهرا بعد، إلا أنه خلع اعلموا أنما كتبنا في هذه السطور عن عامة المسلمين، إنما كتبناه بعاطفة المواساة الحقة حتى يرتدعوا عن ظنونهم التي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وألا يخلقوا في قلوبهم المعتقد الرديء والفاسد الذي لا أساس له من الصحة.فإن وقوعهم في الوساوس والأوهام عند وفاة بشير أحمد يدلّ على قلة عقلهم حذاءه.وجهلهم، وإلا فلم يكن هناك محل للنزاع والطعن في هذا الأمر.لقد كتبنا مرارا وتكرارا أننا لم ننشر أي إعلان قلنا فيه بالجزم واليقين، أن هذا الولد هو المصلح الموعود، وهو من سينال عمرا طويلا.ورغم ميلنا
۱۲۰ نوعا ما إلى هذه الفكرة من خلال اجتهادنا المبني على علاماته الظاهرة إلا أننا لم ننشره على نطاق واسع عن طريق الإعلانات لأنه لم يكن إلا اجتهادًا، فلو لم يصح لكان ثمة احتمال انخداع عامة الناس الذين يجهلون دقائق العلم الإلهي ومعارفه ولكن مع كل ذلك وللأسف الشديد قد وقع هؤلاء العوام كالأنعام في الانخداع نفسه، وزادوا على الأمر حواشي من عندهم، دون أن يدروا بأن اعتراضاتهم لا تنبني إلا على وهم أنه لماذا صدر منا هذا الخطأ الاجتهادي.فنقول ردًّا عليه، بأنه لم يصدر منا أي خطأ اجتهادي نشرناه للعامة معتمدين عليه بكل ثقة ويقين، مع ذلك دعونا نتساءل جدلا أنه لو لو أخطأ ني أو ولي في معرفة المراد من نبوءة ما وتحديده، فهل ينقص هذا الخطأ من هذه الأوهام في صورة الاعتراضات إلا بسبب الحمق والجهل.وبما أن الجهل قد انتشر في هذا العصر انتشارًا كبيرًا، وتغافل الناس جدا عن العلوم الدينية، لذلك يتراءى لهم الأمر المستقيم أيضا مقلوبًا، وإلا فمن المسلم به والمقبول لدى الجميع أنه قد يصدر من نبي أو ولي خطأ في معرفة المراد من المكاشفات والنبوءات التي لم يتلق بصددها تفهيما كافيًا من الله تعالى، وليس من شأن مثل هذا الخطأ أن ينتقص شيئا من مكانة أولئك الأنبياء والأصفياء، وذلك لأن علم الوحي فرع من فروع العلوم المعروفة، وهو خاضع، كالعلوم والفنون الأخرى، لقوانين الفطرة وقوة النظرية.ومن أعطي هذا العلم من الأنبياء والأولياء فلا بد أن يأخذه بكل عوارضه ولوازمه التي مرتبة نبوته أو ولايته شيئا؟ كلا، بل لا تتولد مثل
۱۳ يتعرض لها، ومنها الخطأ الاجتهادي.فلو كان الخطأ الاجتهادي عيبًا صدور ويشكل اعتراضًا، فهو قاسم مشترك بين جميع الأنبياء والأولياء والعلماء.بالإضافة إلى ذلك يجب ألا يظن أحد أن الخطأ الاجتهادي ينتقص من عظمة النبوءات الربانية، أو أنها تصبح عديمة الجدوى لبني الإنسان بعد الخطأ الاجتهادي بخصوصها، أو أنها تضر بالدين أو بحزب المتدينين، لأن الخطأ الاجتهادي على فرض صدوره لا يتعدى عن كونه ابتلاء في الفترة ما بين صدور النبوءة وتحققها.ولكن بعد ذلك تكثر أنوار الصدق بالظهور وتتجلى التأييدات الإلهية لدرجة وكأن فجرا ناصعا قد طلع، مما يقضي على جميع خصومات المخاصمين ولكن قبل بزوغ هذا الفجر المشرق لا بد أن يتعرض أولياء الله تعالى وأحباؤه لشتى أنواع الابتلاءات الشديدة ويتم بلاء أتباعهم بلاء كاملا حتى يميز الله تعالى بين الصادقين والكاذبين وبين الثابتين والجبناء.كما يقول الشاعر: عشق اول سرکش و خونی بود تا گریز دہر کہ بیرونی بود أي: يكون العشق في أول الأمر جموحًا ومتعطشا للدماء، وذلك لكي يتخلى عنه كل من ليس بطل هذا المضمار.إن الابتلاء الذي يتعرض له الأنبياء والأولياء في البداية، والذي يُظهرهم أذلاء رغم كونهم أحباء الله تعالى، ومردودين رغم كونهم مقبولين، فلا ينزل بهم لإذلالهم أو إهانتهم أو تدميرهم والقضاء عليهم قضاء مبرمًا ومحو
اسمهم من هذا العالم، لأنه لا يمكن أن يشرع الله ل بمعاداة أحبائه، ويهلك أحباءه وأوفياءه المخلصين والصادقين بالذلة والإهانة! كلا، بل إن الابتلاء الذي ينزل في الحقيقة كالأسد الهصور أو كالظلام الحالك، إنما ينزل ليوصل قوم الصالحين إلى أعلى مستويات القبول ويعلمهم دقائق المعارف الإلهية.هذه هي سنة الله التي عامل بها عباده الأحباء منذ القدم.إن الابتهالات الضارعة لداوود العلي المذكورة في الزبور والتضرعات المتواضعة للسيد المسيح اللة في الإنجيل تدل على هذه السنة نفسها، وما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية من مناجات وتضرعات متواضعة ونابعة عن عبودية فخر الرسل أيضا تدل على قانون القدرة الإلهية نفسها.الحاشية: ورد في المزامير دعاء من أدعية داود اللة التي دعا بها لدى تعرضه للابتلاء وهو: خلصنِي يَا الله، لأَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى نَفْسِي، غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، وَلَيْسَ مَقَرٌّ.تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي.يَبِسَ حَلْقِي كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إلهي.أَكثرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي الَّذِينَ يُبْغِضُونَني بلا سبب.....لَا يَحْرُ بِي مُنتَظِرُوكَ يَا سَيِّدُ رَبَّ الْجُنُودِ.لَا يَحْجَلْ بِي مُلْتَمِسُوكَ يَا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ....يَتَكَلَّمُ فِي الْجَالِسُونَ الْبَابِ، وَأَغَانِيُّ شَرَّابِي الْمُسْكِرِ....أَنْتَ عَرَفْتَ عَارِي وَخِزْيِي وَحَجَلِي.انْتَظَرْتُ رِقّةٌ فَلَمْ تَكُنْ، وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدٌ.(انظروا: المزامير، المزمور التاسع والستون).قُدَّامَكَ كذلك توجد في الإنجيل التضرعات التي رفعها المسيح الليلة ليلة الابتلاء، حيث ظل المسيح الا ساهرا طول الليل، وكان يعاني حالة مؤلمة من الحزن الشديد حتى الموت، فظل يدعو باكيًا ضارعًا طول الليل لتعبر عنه كأس البلاء الذي كان مقدرا له، ولكن لم يستجب له رغم هذه التضرعات الحارة، وذلك لأنه لا يقبل الدعاء وقت الابتلاء.ثم انظروا إلى المشاق التي تحملها سيدنا ومولانا فخر الرسل وخاتم
فلو لم تكن هذه الابتلاءات لما بلغ الأنبياء والأولياء تلك المدارج العالية التي بلغوها ببركة هذه الابتلاءات، إذ إن الابتلاء قد وضع خاتم تصديق على وفائهم الكامل، وعزمهم الثابت، وعلى دأبهم في التفاني، وبرهن على صمودهم الرائع في زلازل الابتلاءات ،والاختبارات، وأثبت أنهم أوفياء صادقون وعشاق مخلصون الله تعالى بحيث قد هبت عليهم عواصف المحن، وتتالت عليهم ظلمات حالكة، وهزتهم زلازل عنيفة؛ لقد أهينوا وعُدّوا من الكذابين المخادعين والمحقرين، وخُذلوا وانفض الناس من حولهم حتى إن التأييدات الربانية التى كانت معقد آمالهم قد أخفت وجهها لمدة من الزمن، وقد بدل الله تعالى فجأة عادته المربية فبدا وكأنه غاضب جدا عليهم، وتركهم في الضيق والمحن وكأنهم يستحقون غضبه، وأظهر لهم وكأنه لا يبالي بهم ولا يشفق عليهم وإنما يبدي اهتمامه بأعدائهم، فطالت سلسلة ابتلاءاتهم فلم يكد ينتهي.الأول حتى يبدأ الثاني ثم الثالث..باختصار، قد هطلت عليهم الابتلاءات بكل شدة كالأمطار الغزيرة في الليالي الحالكة السواد، إلا أن ذلك لم يثنهم عن عزمهم القوي، فلم يتكاسلوا و لم يتخاذلوا بل تقدموا نحو الأمام كلما نزلت عليهم المصائب والشدائد، واكتسبوا القوة والصرامة كلما تعرضوا للهدم ،والتدمير، وارتفعت عزيمتهم وازدادت شجاعتهم حماسًا كلما حُوِّفوا من مصاعب ومخاطر هذا السبيل، وفي نهاية الأنبياء محمد المصطفى في حالة الابتلاء، وقد قال في أحد دعواته وهو يناجي ربه: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس....لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.منه
المطاف أحرزوا النجاح الباهر، وخرجوا من هذه الابتلاءات ناجحين ببركة صدقهم الكامل، فوضع على رؤوسهم تاج الشرف والكرامة، وانعدمت اعتراضات الجهلة وكأنها كانت فقاعات لا تساوي شيئا.أشد باختصار، إن الأنبياء والأولياء ليسوا بمعزل عن الابتلاء، بل هم الناس ابتلاء، وإن قوتهم الإيمانية تتحمل كل هذه الاختبارات، أما عامة الناس فكما أنهم لا يستطيعون معرفة الله كذلك يعجزون عن معرفة عباده المخلصين، بل عند تعرض أحباء الله تعالى للابتلاء والاختبار خصوصاً ينخدع عامة الناس ويقعون في أوهام كثيرة وكأنهم يغرقون فيها ولا يصبرون حتى ينتظروا عاقبتهم.لا يعرف عامة الناس أن الشجرة التي يغرسها الله تعالى بيده فلا يقطع أغصانها بهدف إبادتها والقضاء عليها، بل لتزداد زهرا وثمراً ولتكون البركة في أوراقها وأثمارها.باختصار، لا بد أن تنزل على الأنبياء والأولياء ابتلاءات من أجل تربيتهم الباطنية وتكميلهم الروحاني، والابتلاء ضروري لهؤلاء القوم لدرجةٍ وكأنه الزي الروحاني لهؤلاء الجنود الربانيين الذي يُعرفون به، ولو أحرز أحد نجاحًا ما بدون المرور بهذه السنة فلا يكون إلا استدراجا.ثم اعلموا أنه من الشقاء والتعاسة بمكان أن يميل الإنسان سريعا إلى سوء الظن، ويؤصل عنده أن جميع من يدعون اتباع صراط الله المستقيم ليسوا إلا ختالين وخداعين وتجار الدنيا، لأن مثل هذه المعتقدات الرديئة تؤدي إلى بث الشك والريبة في حقيقة منصب الولاية، ثم بعد إنكار منصب الولاية
تراودهم شكوك وتحفظات حول منصب النبوة أيضا، ثم بعد إنكارهم منصب النبوة أيضا ينشأ لديهم ارتياب وظنون وأوهام عن وجود الله تعالى، وبالتالي ينشأ في قلوبهم هذا الخداع بأن الأمر كله عبارة عن اختلاق ولا أصل له، وكل هذه الأفكار ليست إلا أوهاماً باطلة تترسخ في قلوب الناس.فيا من تحبون الصدق من كل قلبكم وروحكم ويا من تبحثون عن الحق والصدق! اعلموا يقينًا أن اليقين بالولاية ولوازمها شرط لا بد من توفره ليمر الإنسان سليم الإيمان من خلال هذا العالم المليء بالفتن.الولاية ملاذ للإيمان بالنبوة والنبوة ملاذ للإقرار بوجود الله البارئ، والأولياء بمنزلة المسامير التي تعزز وجود الأنبياء، والأنبياء كالأوتاد الحديدية لإثبات وجود الله تعالى.فمن فشل في التعرف على ولي من الأولياء فشل نظره في معرفة ومن لم يحظ بمعرفة كاملة بنبي من الأنبياء لم يأخذ حظا أيضا، ومن المعرفة الإلهية الكاملة ،أيضا ولا بد أن يتعثر يوما، بل سيتعرض لعثار شديد، النبي ولن تسعفه الأدلة العقلية والعلوم المروجة التقليدية.من والآن نرى مناسبًا لإفادة عامة الناس أن نكتب بأن موت بشير أحمد لم يكن مفاجئا، بل أعطاني الله تعالى من خلال إلهاماته البصيرة الكاملة بأن هذا الولد قد أنجز مهمته، وسيموت الآن، بل الإلهامات التي تلقيتها يوم الحاشية: هناك طريقان بارزان يُنزل بهما الله تعالى رحمته ويهب بركته الروحانية.(۱) الأول أنه ينزل مصيبة أو آلاما ومصائب ثم يفتح أبواب المغفرة والرحمة على الصابرين عليها، كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ (البقرة ١٥٦-١٥٨) أي إنه من قانون قدرتنا أننا نعرض المؤمنين لمصائب شتى ثم تتزل الرحمة على الصابرين عليها وتفتح لهم سبل الفوز والفلاح.(۲) والطريق الثاني لإنزال الرحمة هو إرسال الله المرسلين والنبيين، وإقامة الأئمة والأولياء والخلفاء حتى يقتدي بهم الناس فيهتدوا إلى الصراط المستقيم، وينالوا النجاة من خلال التأسي بأسوتهم.فقد أراد الله تعالى أن يظهر الأمرين المذكورين من خلال أولاد هذا العبد المتواضع.فقد أرسل الله تعالى بشيرا وفق القسم الأول لإنزال الرحمة، وذلك ليعد للمؤمنين أسبابًا لتحقيق قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وبالتالي يحقق كونه بشيرا.فلقد كان فرطًا وشافعًا من الله تعالى لألوف من المؤمنين الذين شاطرونا الحزن لوجه الله تعالى على وفاته، وأنالهم في الخفاء بركات كثيرة.هذا ما كشفه الإلهام الإلهي جليًّا أن "بشير" الذي توفي لم يأت بدون جدوى، بل قد تسبب موته في حياة كل أولئك الذين اغتموا بموته ابتغاء وجه الله تعالى ونجحوا في الابتلاء الذي سببه موته.باختصار كان بشير بمنزلة شفيع لآلاف من الصابرين والصادقين، وهكذا فقد كان مجيء هذا الطاهر وذهابه سببا لتكفير ذنوب هؤلاء المؤمنين جميعا.أما القسم الثاني لإنزال الرحمة الذي ذكرناه آنفا فهو أن الله تعالى سيرسل بشيرا آخر لإكماله.كما ذكرنا ذلك قبل وفاة بشير الأول في إعلاننا المنشور في ١٠ يوليو/تموز ۱۸۸۸ نبوءةً بهذا الخصوص، ولقد كشف الله تعالى علي: ستوهب بشيراً آخر يكون اسمه "محمود" أيضًا، وسيكون في أعماله من أولي العزم.يخلق الله ما يشاء.ولقد كشف الله علي أيضا أن نبوءة ٢٠ فبراير/شباط ١٨٨٦ تنبئ في الواقع عن ولادة ابنين مباركين.فالعبارة حتى الفقرة التالية: "مبارك الذي يأتي من السماء" إنما تنبئ عن بشير الأول، الذي تسبّب في نزول الرحمة روحانيا.أما ما بعدها من العبارة فينبئ عن بشير الثاني.منه.
ولادة هذا الابن المتوفى يُستشف منها بصورة إجمالية ما يدل على وفاته، وكان يترشح منها أنه سيكون موجب بلاء عظيم لخلق الله تعالى، وعلى سبيل المثال الإلهام التالي: "إنا أرسلناه شاهدا ومبشرا ونذيرا، كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق، كل شيء تحت قدميه." أي ستظهر كل هذه الأشياء بعد أن يرفع قدميه وهو كناية عن موته.والمراد من "ظلمات" ظلمات الابتلاء والاختبار الذي تعرض له الناس بموته، بل وقعوا في ابتلاء شديد كان يشابه الظلمات وصاروا مصداقين لقوله تعالى: وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا) (البقرة: (۲۱).وكما ذكر "رعد وبرق" في نص الإلهام بعد "ظلمات" فكان مقدرًا بحسب هذا الترتيب أن تظهر الظلمة أولا، بعد أن يرفع الابن المتوفى قدمه من هذه الدنيا، ثم يظهر الرعد ثم البرق، وهكذا بالفعل بدأ ظهور تحقق هذه النبوءة، أي حلت ظلمة الابتلاء بسبب موت "بشير" أولا، وبقي ظهور الرعد والبرق، وكما ظهرت الظلمة كذلك يجب أن تعلموا يقينًا أن ذلك الرعد والبرق الموعودين أيضا لا بد أن يظهرا يوما ما.فإذا جاء ذلك البرق بدد أفكار الظلمة من القلوب والصدور، وقضى على الاعتراضات التي خرجت من أفواه الجهلة والقلوب الميتة ونسفها نسفا.لقد أخبرت مئات الناس بالإلهام المذكور بكل تفاصيله من يوم تلقيه، ومن بينهم المولوي أبو سعيد محمد حسين البطالوي، وبعض الوجهاء والأشراف الآخرين أيضا.فلو فكر المناصرون والمعارضون لنا على حد سواء
۲۰ في محتوى هذا الإلهام فقط وأمعنوا النظر فيه فسيتضح لهم أنه تقرر عند الله تعالى من البداية ظهور الظلمة بحسب هذا الإلهام، وأخبر بكل وضوح أن الظلمة والبرق تحت قدمي هذا الولد أي لا بد من ظهورهما بعد رفع قدمه الذي ليس إلا عبارة عن موته.فيا من رأيتم الظلمة بأم أعينكم لا تقعوا في حيرة من أمركم، بل يجب أن تفرحوا وتتقافزوا فرحا لأن ظهور النور الموعود الآن وشيك.لقد حقق موت بشير هذه النبوءة كما حقق أيضا ما ورد في إعلان ٢٠ فبراير/شباط أن بعض الأولاد يموتون في الصغر أيضا.ويجب أن يكون واضحا ههنا أن اتكالنا الحقيقي على مولانا الكريم، ولا يعنينا أيتفق الناس معنا أم ينافقون أو يقبلون دعاوينا أم يردون، يستحسنوننا أم إيانا يكرهون، بل أعرضنا عن الجميع وعكفنا على إنجاز مهمتنا معتبرين غير الله كالميت.إن البعض الذين هم من قومنا يرون طريقنا هذا بنظر الازدراء إلا أننا نعذرهم ونفهم جيدا أنه لم يكشف عليهم ما كشف علينا، ولم يصبهم العطش الذي أصابنا.كُلِّ يَعْمَلُ عَلَى شاكلته (الإسراء: ٨٥).وأرى مناسبًا أن أكتب في هذا المقام أنني علمت من خلال كتابات كتبها بعض أهل العلم ناصحين، أنهم أيضا لا يستحسنون دأبي هذا فيرون ألا تكشف للناس سلسلة البركات الروحانية والآيات السماوية التي تكتمل من خلال استجابة الأدعية والإلهامات والمكاشفات.ويرى
بعضهم أن هذه الأمور ظنية، وبالتالي يُتوقع ضررها أكثر من نفعها.ويقول هؤلاء أيضا الحق أن هذه الأمور مشتركة بين بني آدم ومتساوية بينهم، اللهم إلا أن يكون هناك شيء من النقصان أو الزيادة عند البعض، بل يرى البعض أنها موجودة في بني آدم بصورة متساوية تقريبا، كما يرى هؤلاء أنه لا دخل للدين ولا للتقوى ولا العلاقة مع الأمور، بل هي خصائص فطرية فُطر عليها الإنسان، وتصدر بشيء من الغفلة، الله في مثل هذه الزيادة أو النقصان من كل بشر مؤمنا كان أم كافرًا، صالحا كان أم فاسقا.هذه بعض أقاويلهم التي يمكن من خلالها معرفة عقلهم البسيط، وأفكارهم السطحية ومبلغ علمهم وتخبرنا الفراسة الصحيحة أن دودة وحب الدنيا قد أكلت فراستهم الإيمانية بشكل كامل، ولقد بلغ بعضهم في هذا الأمر درجةَ المصاب بمرض الجذام المتفاقم الذي يبدأ فيه اهتراء الأعضاء والأيدي والأقدام وتقرحها، كذلك فإن جوارحهم الروحانية التي هي عبارة عن قواهم الروحانية بدأت بالتفسخ جراء غلوهم في محبة الدنيا، وإن شيمتهم هي السخرية والاستهزاء وسوء الظن والفكر، وإنهم في حل كامل من التفكير في المعارف والحقائق الدينية، بل لا علاقة لهم بالحق والحقيقة والمعرفة، ولا يفتحون أعينهم ليعرفوا لماذا أتوا إلى هذه الدنيا وما هو كمالهم الحقيقي، بل إنهم متهافتون على جيفة الدنيا ليل نهار و لم تبق فيهم حاسة ليتحسسوا بها حالتهم، ويعرفوا ابتعادها عن جادة الحق والصواب.وأكبر شقائهم أنهم يعتبرون مرضهم
۲۲ الإعلان الأخضر الخطير هذا صحةً كاملة، أما الصحة والعافية الحقيقية فينظرون إليها بنظر الازدراء والاستخفاف وخلت قلوبهم نهائيًا من كمالات الولاية وعظمة القرب الإلهي، وتولدت لديهم حالة اليأس والحرمان، ولو استمر الحال على هذا المنوال لصار إيمانهم بالنبوة أيضا معرضا للخطر الكبير.ليس السبب في هذه الحالة المخيفة والهابطة التى ذكرتها للعلماء أنهم يعتبرون هذه الأنوار الروحانية مستحيلة الوقوع أو ظنية من خلال تجاربهم، وذلك لأنهم لم يقوموا حتى الآن بالتجربة كما يجب، ولم يتسنّ لهم إبداء الرأي بعد إلقاء النظرة الفاحصة والشاملة على الموضوع ولا يبالون به فلم يطلعوا إلا على المطاعن المفسدة التي أثارها المعارضون المتعصبون على نبوءتي هذا العبد المتواضع وبالتالي وقعوا في الشك بلا من بين تلك الاعتراضات والمطاعن أنني نشرت نبوءة في إعلان منشور في ٨ أبريل / نيسان ١٨٨٦ أنه سيولد ابن لي، وكتبت في الإعلان المذكور بكل صراحة أنه قد يولد هذا الابن من الحمل الحالي أو من الحمل التالي بعده، فلقد أراد الله أن يظهر خبث طوية المعارضين وظلمهم فرزقني بنتا من الحمل الأول، أما في الحمل الذي كان يليه فقد ولد لي ابن وهكذا تحققت النبوءة بحسب فحواها وتحققت بشكل كامل، ولكن المعارضين وفق سيرتهم القديمة قد اعترضوا إثارةً للشر قائلين لماذا لم يولد الابن في المرة الأولى، فرددت عليهم أنه لم يكن ثمة شرط في النبوءة أن يولد الابن في المرة الأولى، وإنما كان مشروطًا أن يولد إلى الحمل الثاني، وهذا ما حصل وتحققت النبوءة بكل صفاء.فإن الاعتراض على مثل هذه النبوءة عبارة عن الخيانة ولا يمكن لأي منصف أن يعتبره اعتراضًا في محلّه.
الطعن الثاني الذي أثاره الأعداء هو أن الولد المذكور في النبوءة الصادرة في ٨ أبريل / نيسان ١٨٨٦ قد ولد ومات في الصغر.والجواب المفصل لهذا الاعتراض موجود في البيان نفسه، وخلاصته أننا لم نكتب في أي إعلان نشرناه إلى الآن أن هذا المولود سيُعمَّر طويلا، كما لم نقل أنه هو المصلح الموعود، بل إن إعلاننا الصادر في ٢٠ فبراير/ شباط ١٨٨٦ يتضمن نبأ موت بعض أولادنا في الصغر.فينبغي التأمل فيما إذا كانت النبوءة قد تحققت بوفاة هذا الولد أم لا؟ الحق أن معظم الإلهامات التي نشرناها بين الناس كانت تنبئ بوفاة هذا الولد.فكلمة "ضيف" في جملة "غلام جميل وطاهر سوف يأتي ضيفا عليك" الواردة في الإعلان الصادر في ٢٠ فبراير/شباط ١٨٨٦م جاءت في الواقع صفةً لهذا الولد، وتدل على وفاته مبكرا في الصغر، لأن الضيف هو من يرحل بعد مكوثه بضعة أيام، ويغادر سريعا، أما المقيم الذي يودع الآخرين فلا يسمى ضيفا.كما أن جملة "هو نقي من كل دنس ورجس" (أي من إثم الواردة في الإعلان المذكور أيضا تدل على وفاته في الصغر.ينبغي ألا ينخدع أحد فيظنّ أن النبوءة المذكورة تتحدث عن المصلح الموعود، ذلك أنه قد انكشف بالوحي جليًا أن كل هذه العبارات إنما تتحدث عن الابن المتوفى، أما النبوءة عن المصلح الموعود فتبدأ من فقرة: "معه الفضل الذي ينزل بمجيئه".فقد سُمّي المصلح الموعود في العبارة الإلهامية "فضل"، واسمه الثاني "محمود"، واسمه الثالث "بشير الثاني"، وقد سمي في أحد الإلهامات "فضل عمر".وكان لا بد من تأجيل مجيئه حتى يولد بشير المتوفى ويموت، لأن حكمة الله قد جعلت كل هذه الأمور تحت قدميه.ولما كان بشير الأول الذي قد تُوفّي - إرهاصًا لبشير الثاني، فجاء ذكرهما في نبوءة واحدة.والآن على المنصف أن يفكر ويرى ما إذا كان هناك أي خطأ حقيقي تحتوي عليه هاتان النبوءتان لنا؟ صحيح أننا ذكرنا مواهب الابن المتوفى بناء على الإلهامات وفق فطرته التي جاء بها، وهذا ما نقوله الآن أيضا بأن تحلي بعض الأطفال بالمواهب الفطرية المختلفة سواء أماتوا في الصغر أم عاشوا- أمر متفق عليه في
٢٤ الاعلان الأخضر تحقيق وبحث، ورسخوا في قلوبهم تجاه أنوار القربة الإلهية- معتقدًا يقارب الفلسفة الجافة والطبيعية العمياء.كان ينبغي أن يفكر هؤلاء فيما استند إليه المعارضون من برهان في تكذيبهم إياي.فإن لم يكن ثمة دليل استندوا إليه، بل ليست القضية إلا عبارة عن سخافة وتفاهة، فهل الأديان كلها ولا ينكره أحد من الحكماء والعلماء فهل بقي الآن أي موطن لعثار العاقل؟ أما الجهلة والحمقى فدائما يتعثرون لقد تعثر بنو إسرائيل لعدم فهمهم نبوءة موسى العليا إذ قالوا كان هذا الشخص يقول بحلول العذاب بفرعون إلا أنه لم ينزل عليه شيء من العذاب، وإنما نزل علينا، إذ كنا نقوم بالأعمال الشاقة لنصف يوم في الماضي، أما الآن فأُمرنا بها في اليوم كله، يا لها من نجاة فزنا بها!! والحق أن هذه المشقة المزدوجة كانت بمنزلة الابتلاء لليهود في البداية، وكان هلاك فرعون مقدرا في نهاية المطاف، إلا أن هؤلاء الجهلة والمتسرعين لما رأوا عدم تحقق أمانيهم بين ليلة وضحاها، راحوا يكذبون موسى وأساؤوا به الظن وقالوا يا موسى وهارون ليفعل الله بكما ما فعلتماه بنا.ثم لاحظوا جهل يهوذا الاسخريوطي وتسرعه إذ تعرض لعثار شديد في فهم نبوءات المسيح العليا، وظن أن هذا الشخص كان يدعي بأنه ويعطينا مناصب عظيمة، إلا أن جميع هذه الأقوال بدت كاذبة و لم تتحقق له أية نبوءة، بل أصبحنا نموت فقرًا ،وفاقة، فالأفضل أن ننضم إلى أعدائه حتى نملأ بطوننا بالطعام.فأودى به جهله إلى الهلاك.أما نبوءات المسيح اللي فقد تحققت في وقتها.فهل تضرر الأنبياء بسبب تكذيب هؤلاء الجهلة لهم في الماضي حتى نخافه الآن؟ أو يوقف الله تعالى جراء هذا الخوف مهماته الطاهرة؟ اعلموا يقينًا أن من يُدعى مسلما وينطق بالشهادتين ثم يجمع على الفور في قلبه ذخيرة من الوساوس، فلا بد أن يلقى في النهاية الخزي والهوان كما لقيهما اليهود الجهلة، ويهوذا الاسخريوطي، فتدبروا يا أولي الألباب منه.سيصبح ملكا
ولكن من الحكمة ووثاقة الإيمان التأثرُ قلبيًا بالافتراءات السخيفة التي لا أصل لها.ولو سلمنا جدلا أنه ظهر من خطأ اجتهادي بخصوص هذه النبوءة، أي إذا كنت قد أعلنت عن هذا الأمر بيقين قاطع ونشرته في إعلان من الإعلانات فمع ذلك لم يكن يستحق الأمر كل هذه الضجة في نظر العاقل، لأن الخطأ الاجتهادي أمر ليس الأنبياء أيضا في حلّ منه.علاوة على ذلك لقد تشرف هذا العبد المتواضع من الله تعالى بتلقي قرابة سبعة آلاف من المكاشفات الصادقة والإلهامات الصحيحة، ولا تزال تستمر سلسلة العجائب الروحانية التي لا حصر لها، هطالةً كالمطر الغزير ليل نهار.فالسعيد في هذه الحالة من يسلم نفسه بكل الصدق والصفاء إلى هذه السلسلة الربانية ليتمتع بالفيوض السماوية، والشقي من لا يكترث بالحصول على هذه الأنوار والبركات فيدأب على المطاعن الواهية وإبداء آراء نابعة عن الجهل.أنبه نصيحة لله هؤلاء الناس، وأقول بأنهم تباعدوا عن الحق ومعرفة الحقيقة جراء إدخالهم مثل هذه الأفكار في قلوبهم لو كان قولهم هذا حقا بأن الإلهامات والمكاشفات ليست شيئا يميز بين الخاص والعام، والكافر والمؤمن، فسيكون قولهم هذا محبطًا جدًّا للسالكين.وأقول لهم يقينًا إنها لأسمى خصوصية في الإسلام وأرفع ميزاته الروحانية أن متبعيه بكل صدق يتشرفون بالمكالمات الإلهية الخاصة، وتتولد في أنفسهم أنوار القبول التي لا يمكن لغيرهم أن يشترك معهم فيها.إنها حقيقة واقعية انكشفت على
كثير من الصلحاء من خلال تجاربهم الذاتية ولا يصل إلى هذه المدارج العالية إلا الذين يتبعون رسول الله له اتباعًا صادقا وحقيقيا، ويخرجون من وجودهم النفساني ويرتدون حلل الوجود الروحاني، أي ينالون في أنفسهم حياة جديدة من الطاعات الربانية بعد إفنائهم جذباتهم النفسانية، ولا وجه مقارنة بينهم وبين المسلمين مجذومي الحال، ناهيك أن يقارنوا مع الكفار أو الفساق وينكشف كمالهم هذا على طلاب الحق من خلال البقاء في صحبتهم.ولهذا الغرض نفسه، وإتماما للحجة أرسلت إعلانات ورسائل إلى زعماء الفرق المختلفة لاختبار دعواي بهذا الطريق.فلو كانوا باحثين عن الحق لأتوا بكل صدق، إلا أنه لم يحضر أحد منهم بقدم صدق بل كلما تحققت نبوءة حاول هؤلاء إثارة الغبار حولها والآن إذا كان علماؤنا هؤلاء مترددين في قبول الحقيقة والإيمان بها، فلا حاجة لنا أن ندعو غيرهم، بل على هؤلاء السادة بمن فيهم الأفاضل والعلماء أيضا أن يأتوا للاختبار، ويبقوا فترة في صحبتي بكل صدق وصبر ليعرفوا حقيقة حالي، ثم إذا بدا ادعائي هذا عاريًا عن الحق والصدق فسأتوب على أيديهم، وإلا فآمل من الله تعالى أن يفتح على قلوبهم باب التوبة والرجوع إليه فإن أتوا بعد نشر كلماتي هذه، واختبروا دعواي وتأكدوا من صدق رأيهم، لكان لكتاباتهم الناصحة مبرر، أما إلى هذا الوقت فلا مساغ لأقوالهم، بل إن حالتهم المحجوبة تدعو إلى الرحمة والشفقة عليهم أعلم يقينًا أن قلوب علمائنا أيضا قد
وقعت تحت هجوم الأفكار العقلية المعاصرة، لأنهم راحوا يركزون أكثر من اللازم على هذه الأفكار، ويرونها كافية ووافية من أجل تكميل الدين والإيمان، وبالتالي يزدرون البركات الروحانية بطرق لا تجوز ولا تحمد عقباها.وأرى أن هذا الازدراء والتحقير لا يصدر منهم بتكلف، بل هذا ما ترسخ في قلوبهم في واقع الأمر، وإن ضعفهم الفطري قد قبل هذا الهجوم، لأنهم مفتقرون إلى بريق النور الحقاني، ومفعمون بقشور الكلمات الجافة، ويؤكدون على صواب رأيهم ويؤيدونه بكل شدة لدرجة لو أمكنهم لجلبوا الباحثين عن النور إلى الظلمة التي يعيشونها.كثر اهتمام هؤلاء العلماء بغلبة الإسلام الظاهرية، إلا أنهم معرضون عن الأمور التي تفضي إلى غلبة الإسلام الحقيقية.الله مقام اعلموا أن مضمون غلبة الإسلام الحقيقية كامنة في كلمة الإسلام، وهو أن نسلم كل وجودنا الله تعالى، ونتخلى كليا عن أنفسنا وجذباتها، وألا يبقى في طريقنا أصنام من الأهواء والرغائب وعبادة الخلق، وأن نتفاني في مرضاة الله تعالى بشكل كامل حتى ننال بعد هذا التفاني والفناء في ذلك البقاء الذي يهب بصيرتنا صبغة أخرى، ومعرفتنا لمعانًا وسطوعًا جديدا، ويولّد حماسًا جديدًا في حبنا حتى نصبح أناسا آخرين، وبالتالي يتجلى لنا إلهنا القديم بتجل جديد وكأنه إله جديد.هذه التي إحدى شعبها الكثيرة المكالمات الإلهية؛ ولو لم يتلق المسلمون هذا هي الغلبة الحقيقية الفتح وهذه الغلبة في هذا العصر، لما أوصلهم الفتح العقلي البحت إلى
الاعلان الأخضرة الغاية المقصودة.وإنني على يقين بأن أيام هذا الفتح قريبة، ويخلق الله تعالى من عنده هذا النور، وبذلك يسعف عباده الضعفاء.
۲۹ التبليغ أود هنا تبليغ رسالة أخرى إلى خلق الله عموما، وإخواني المسلمين قد أُمرت بأن آخذ البيعة من الذين يبحثون عن الحق خصوصا، وهي أنني 6 لكي يهتدوا إلى صراط الإيمان الحقيقي، والطهارة الحقيقية، والحب الإلهي، ولكي يتخلصوا من حياة النجاسة والكسل والخيانة.فالذين يجدون في أنفسهم شيئًا من القدرة على ذلك لا بد لهم من أن يتوجهوا إلي، فإني سأواسيهم وسأبذل جهدي لأضع عنهم إصرهم، وسيبارك الله تعالى لهم في دعائي وعنايتي بهم، بشرط أن يكونوا مستعدين بالقلب والروح للعمل بالشروط الربانية.هذا حكم رباني قد بلغته اليوم.والوحي العربي الذي تلقيته بهذا الصدد هو كالآتي: "إذا عزمت فتوكل على الله.واصنع الفلك بأعيننا ووحينا.الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم".والسلام على من اتبع الهدى.المبلغ: العبد المتواضع غلام أحمد عفي عنه 1 ديسمبر/ كانون الأول ۱۸۸۸م طبع في مطبعة رياض هند في أمرتسر (۱) ديسمبر/ كانون الأول (۱۸۸۸)