Language: AR
يسعدنا أن نقدم لقراء العربية ترجمة مجموعة من مقالات كتبها سيدنا المسيح الموعود عليه السلام، قبل بعثته، وقد جُمِعت في كتاب باسم مقالات قديمة. تعود هذه المقالات إلى زمن 1879م ونوقشت فيها المسائل المهمة في ذلك العصر، أي ضرورة الإلهام، وهل الروح والمادة حادثة أم قديمة وأزلية مثل الله سبحانه وتعالى؟ وإبطال التناسخ، ومقارنة الفيدا مع القرآن المجيد. وقد نُشرت هذه المقالات في الزمن نفسه في شتى الجرائد والمجلات.
مقالات قداسة حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي القلة ترجمة محمد أحمد نعيم
ISLAM INTERNATIONAL PUBLICATIONS LTD اسم الكتاب: مقالات قديمة الطبعة الأولى: ١٤٤٣هـ الموافق لــ ٢٠٢٢ Early Writings An Arabic rendering of Purani Tahreerein Written by: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad, on whom be peace, the Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Ahmadiyya Muslim Jama'at Translated from Urdu by: Muhammad Ahmad Naeem First Published in UK in 2022 O Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd.Unit 3, Bourne Mill Business Park, Guildford Road, Farnham, Surrey, GU9 9PS United Kingdom Printed in the UK at: Raqeem Press Farnham, Surrey GU9 9PS For further information please contact: Phone: +44 1252 891330 Fax: +44 1252821796 www.islamahmadiyya.net www.alislam.org ISBN: 978-1-84880-980-2
فهرس المحتويات مقدمة الناشر مقدمة المجمع مقالات قديمة إبطال التناسخ والمقارنة بين الفيدا والقرآن الكريم مراسلات حول بحث مسألة الإلهام الردّ على جواب باوا نرائن سنغ المحترم الرد المهم على استفسار المنشى غرديال المحترم الرد على مذهب الملحدين i 1 ۲۳ ۳۸ ۰۲
مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم مقدمة الناشر يسعدنا أن نقدم لقراء العربية ترجمة مجموعة من مقالات كتبها سيدنا المسيح الموعود الله، قبل بعثته، وقد جمعت في كتاب باسم.تعود هذه المقالات إلى زمن ۱۸۷۹م ونوقشت فيها المسائل المهمة في ذلك العصر، أي ضرورة الإلهام، وهل الروح والمادة حادثة أم قديمة وأزلية مثل الله ؟ وإبطال التناسخ، ومقارنة الفيدا مع القرآن المجيد.وقد نُشرت هذه المقالات في الزمن نفسه في شتى الجرائد والمجلات وقد نشرها في صورة كتاب أول مرة في ۱۸۹۹م المرحومُ والمغفور له حضرة شيخ يعقوب علي عرفاني الكبير الأسدي الله ثم نشرتها مكتبة التأليف والنشر في قاديان في طبعة ثانية في عام ١٩٢٥م.وتعالى ولقد تم العثور حاليا على مقال قيم آخر لحضرته العلة باسم "الرد على مذهب الملحدين"، الذي كان قد نشر بعد وفاته في جريدة "الحكم" في ۱۹۰٩/٥/٢١ صفحة ١-٣، فقد ألحقنا ترجمته أيضا، فهو منشور في 6 الطبعة الحديثة للخزائن الروحانية الصادرة في ٢٠٢١ من بريطانيا.لقد حظي بتعريب هذا الكتاب الداعية الإسلامي الأحمدي محمد أحمد نعيم وصدر بإشراف المكتب العربي المركزي بتعاون عدد من الإخوة العرب
رب مقدمة الناشر الذين أسهموا في أعمال المراجعة والتدقيق ونخص بالذكر السيد خالد عزام، والدكتور علي خالد البراقي، والدكتور وسام البراقي المحترمين.نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في نشر هذا الكتاب داعين أن يجزيهم الله أحسن الجزاء ويجعله في ميزان حسناتهم، كما نسأل الله تعالى أن يوفق القراء الكرام للاستفادة من هذا الكنز ويجعله سببا لهداية الباحثين عن صراط الله المستقيم، آمين.الناشر
الیس الله بکاف عبدہ مرزا غلام احمد غلاف الطبعة الأولى لهذا الكتاب ٹائیٹل بار اول هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون حصہ اول حضرت اقدس پرانی تحریرین تین قابل قدر مضامین مسیح وقت و مهدی هم مجدد و بر سران صهد ینی دید و فرقان کا مقابلہ.الہام کی حقیقت اور آریون کے مسئلہ قد سامع کی صلبیت مرتبه شیخ یعقوب علی تراب ایڈیرا حکم مادران در راس المان ۳۰ مئی ۶۱۸۹۹ انوار احمد پر اس قادیان مین شود
ترجمة صفحة غلاف الطبعة الأولى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) الجزء الأول ما لقداسته ثلاثة مقالات جديرة بالتقدير أي مقارنة الفيدا بالفرقان، حقيقة الإلهام، وحقيقة مسألة الآريين قدم الأرواح أليس الله بكاف عبده مرزا غلام أحمد مسيح الوقت والمهدي والمجدد المبعوث على رأس هذا القرن رتبها : شيخ يعقوب علي تراب محرر جريدة الحكم - قاديان "دار الأمن والأمان" ١٨٩٩/٥/٣٠م طبعها ونشرها شيخ يعقوب علي، مالك مطبعة "أنوار أحمدية" بقاديان.
مقدمة المُجمّع 10 لقد وفقني الله الا الله بمحض منته لأقدم للعامة في صورة كتيب مقالات قيمة ونادرة لسيدي ومولاي حضرة إمام الوقت جناب مرزا غلام أحمد المسيح الموعود والمهدي المعهود التي ظهرت في الأوساط الدينية قبل اليوم بثلاث وعشرين سنة تقريبا من اليوم.وبقراءة هذه المقالات يستطيع القراء الواعون الحصيفون وذوو الطباع الباحثة، أن يقدروا كم كان حضرة المرزا يكن حماسا للدفاع عن الدين وغيرة للإسلام ومواساة ،له وسيعثرون على آية عظيمة الشأن الصدق دعاوى حضرته، لأن تاريخ هذه المقالات يعود إلى عصر لم يكن قد أعلن دعاواه الحالية بعد.ولقد عقدت العزم على أن أجمع لحضرته سواء أكانت في صورة مكاتيب أو مقالات وأنشرها بانتظام.وهذا الكتيب أول حلقة لهذه السلسلة، ولقد قدم لي أخي ظفر أحمد الكبورتهلوي مساعدة كبيرة لنشره، جزاه الله على هذه المساعدة في سبيل الله.إنني ألتمس من أحبتي الذين عندهم شوق لجمع المقالات القديمة جميعها لهاديهم وإمامهم عندهم وقراءتها، أن يساعدوني على إنجاز هذا العمل قدر المستطاع، وآمل أنهم لن يتوانوا في ذلك، حاليا لا أستطيع طباعة هذه المقالات كثيرا لأن المشاكل الاقتصادية تعيق العمل، ولهذا السبب تسوقني
الاعتراضات على الثمن الكبير لهذه الدرر الغالية جدا وهي بضعة قروش - ، إلى الرد في أغلب الأحيان بما أعتذر عليه إلى القراء.وأخيرا الله الله أن يتقبل هذه الخدمة ويقدِّر لي حسن الختام، وأن يُبقيني أرجو من متمسكا بذيل هذا الإمام، ويميتني على قدميه ويحشرني ضمن جماعته.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته العبد المتواضع يعقوب على محرر الحكم ۱۸۹۹/۵/۳۰
إبطال التناسخ والمقارنة بين الفيدا والقرآن الكريم الإعلان المتعلق بمقال إبطال التناسخ، والمقارنة بين الفيدا والقرآن الكريم" مع إعلان جائزة ٥٠٠ روبية الذي نشر سابقا أيضا عند المناظرة مع باوا المحترم.فليتضح على القراء محبي الإنصاف المباركين أن ما دفعني لنشر هذا الإعلان هو أن البانديت "كهرك سنغ" وهو عضو في الآريا سماج بأمرتسر - جاء إلى قاديان قبل بضعة أيام، وأبدى الرغبة في النقاش.فتعين- بحسب رغبته - الحوار حول التناسخ، ومقارنة الفيدا والقرآن الكريم.فكتبت وفق ذلك مقالا أسجله بعد هذا الإعلان بعنوان "إبطال التناسخ" التزاما أدلته جميع من القرآن الكريم، و لم أكتب أي دليل لا يكون مصدره ومنشؤه القرآن الكريم.ثم قدّم المقال في اجتماع عام إلى البانديت المحترم لكي يقدم هو أيضا النصوص من الفيدا إثباتا للتناسخ بحسب القاعدة المتفق عليها.وبذلك سيبت في مسألة التناسخ، وتتبين حقيقة الفيدا والقرآن بأخذ
الكريم، أي منهما غالب وأيهما مغلوب؟ فأبدى البانديت المحترم- بعد سماع المضمون بأكمله - عجزه المطلق عن تقديم الأدلة من الفيدا، وإنما اكتفى بتقديم فقرتين من "ريغ فيدا" تتضمنان ذكر التناسخ على حد زعمه، و لم يقدر على دحض أي من أدلتنا أيضا.مع أنه كان من الواجب عليه أن يرينا شيئا من فلسفة الفيدا مقابل الأدلة ،الفرقانية، وأن يُثبت الادعاء الذي ينشره البانديت "ديانند" منذ مدة طويلة بأن الفيدا مصدر جميع العلوم والمعارف.لكن من المؤسف أنه لم يقدر على أن ينطق أي كلمة، وأُفحِم وتوجه إلى قريته عاجزا عديم الحيلة وبعد الوصول إلى القرية أرسل موضوعا يبدو منه أنه ما زال لديه شوق ورغبة في النقاش، وهو يريد مقارنة الفيدا والقرآن الكريم في مسألة التناسخ من خلال أي جريدة فحسنًا جدا! نحن جاهزون سلفا، وكنا قد قرأنا موضوع "إبطال" "التناسخ على مسامع البانديت المحترم المذكور في اجتماع عام سلفا، وهو مستمد من أدلة القرآن الكريم وبراهينه.وذكرت مصادر من آيات القرآن الكريم في كل مكان.ويتحتم على البانديت أن ينشر مقابل مقالنا مقاله المستمد من أدلة الفيدا- في " " كله جريدة سفير" "هند" أو برادر "هند أو آريا ،در بن"، فسيلاحظ العقلاء بأنفسهم.والأفضل أن يحكم نبيلان وفاضلان في هذه المناظرة للبت بفضيلة الفيدا أو القرآن الكريم، على ألا يكون لهما علاقة بديانة الفريقين المناظرين، أحدهما من المسيحيين، وأقترح له جناب القس "رجب علي" المحترم، وهو محقق ومدقق كبير، والآخر من البرهمو ،سماج، وأقترح له جناب البانديت "شيو نرائن" المحترم، وهو عالم وصاحب نظر دقيق من أتباع البرهمو سماج.
وهذان الرجلان أولى وأنسب لشغل منصب الحكم في هذه القضية المتنازع فيها.ففي المناظرة على هذا النحو تكمن في الحقيقة أربع فوائد؛ أولاها أنه سيبت في بحث التناسخ بتحقيق تام والثانية: سيتم اختبار الفيدا والقرآن الكريم نتيجة هذه المقارنة والمواجهة والامتحان وإن الفرق الذي يتبين بعد المواجهة في نظر أهل الإنصاف سيُعد نفسه قولا فيصلا الفائدة الثالثة: أن غير المطلعين سيطلعون اطلاعا كاملا بهذا الالتزام على العقائد المندرجة في الفيدا والقرآن الكريم الفائدة الرابعة: أن بحث التناسخ هذا لن يعدّ رأيَ شخص واحد، بل سيحول في صورة كتاب، ومن ثم لن يبقى قابلا للشك والزيف نتيجة بلوغه المصير كالمعتاد.وليس من الضروري في هذا الحوار أن يتحمل البانديت "كهرك سنغ" وحده عناء كتابة الرد، بل أعلن هنا عموما ينبغي أن يتصدى للجواب أحد من أرباب الفضل والكمال من جملة السادة المكتوبة أسماؤهم في عنوان مضمون "إبطال التناسخ" الذي أكتبه أدناه.وإن لم يلتفت أحد إلى هذا الجانب رغم هذا التأكيد الشديد، ولم يقدم الأدلة على إثبات التناسخ من فلسفة الفيدا، أو لم يردّ من عقله في حال خلو الفيدا من هذه الأدلة، فسوف يصدر الحكم عليهم للأبد أن التناسخ باطل.ويثبت بطلان ادعاء الفيدا بحيازة جميع العلوم والمعارف، وأنه غير مدعوم بأي دليل.وأخيرا أود أن أقول لفتا للانتباه أن الإعلان عينه الذي نشرته قبل هذا في شباط/فبراير ۱۸۷۸ بعنوان "إبطال التناسخ" بجائزة روبية، متعلق بهذا المضمون أيضا.فإذا دحض البانديت "كهرك سنغ" المحترم أو غيره جميع أدلتنا بالترتيب واحدا بعد الآخر بعقله وبأدلة مستمدة من أنه ٥٠٠
الفيدا، فمن المؤكد أنه سيستحق المبلغ المذكور في الإعلان.وألتمس من البانديت كهرك سنغ خاصة، الذي يدعي أنه يستطيع الرد خلال خمس دقائق، أن يُثبت جدارته العلمية أمام الأفاضل المشهورين من الملة المسيحية والبرهمو سماج.ويكشف للعيان جميع الكمالات الكامنة في ذاته السامية.وإلا فالادعاء أمام العامة الذين هم كالأنعام، ليس أكثر من مجرد التباهي الفارغ.الآن أكتب فيما يلي المضمون.طلب مقال "إبطال التناسخ والمقارنة بين الفيدا والقرآن الكريم" الذي الرد عليه من السادة الأفاضل من آريا سماج؛ أي البانديت كهرك سنغ، والباندیت دیانند، وجناب باوا نرائن سنغ، وجناب المنشي جيونداس، وجناب المنشي كنهيا لال، وجناب المنشي بختاور سنغ رئيس تحرير جريدة آرية دربن وجناب بابو ساردا برشاد، وجناب المنشي شرمبت- سكرتير آرية سماج قاديان وجناب المنشي إندرمن، بوعد جائزة ٥٠٠ روبية.المبدأ الأساسي للسادة الآريين الذي عليه مدار التناسخ، هو أنه ليس للعالم أي خالق، وأن جميع الأرواح قديمة ومن تلقاء نفسها كالبرميشور، وأنها خالقة نفسها.أما أنا فأقول إن هذا المبدأ خاطئ، وإن تأسيس التناسخ عليه فاسد على فاسد.إن القرآن الكريم الذي عليه بناء تحقيق الإسلام والذي قد وعدنا بتقديم الأدلة منه بقصد مطالبة الأدلة من الفيدا والمقارنة بينه وبين فلسفة الفيدا، يُثبت بأدلة قاطعة ضرورة خالقية البارئ، وتلك الأدلة المفصلة كالتالي: كله،
الدليل الأول هو البرهان اللمّي، أي توجه الدليل من العلة إلى المعلول.انظروا في سورة الرعد الجزء ۱۳: الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، أي أن الله هو صانع كل شيء لأنه واحد في ذاته وصفاته، وهو القهار أيضا؛ أي يفرض سيطرته على جميع الأشياء، وهو غالب عليها.يقوم هذا الدليل بواسطة الشكل الأول الذي هو بديهي الإنتاج، بحيث صغراه أن الله واحد ،وقهار، والكبرى أن كل من يكون واحدا وقهارا يكون خالقا لجميع الموجودات ما عدا نفسه فالنتيجة أن الله خالق الخلق كله.وإثبات القضية الأولى، أي صغراه، يتحقق بكون الله واحدا وقهارا من مبادئ الفريق الثاني بل العالم كله أما إثبات القضية الثانية أي مفهوم الكبرى أنه لو لم يكن الله رغم كونه واحدا وقهارا - خالق كل شيء عدا نفسه بل كان وجود كل شيء قديما مثله، لما بقي في هذه الحالة واحدا وقهارا أيضا.فهو لا يبقى واحدا؛ لأن الوحدانية تعني أن يكون منــزها تماما عن اشتراك غيره.وإذا لم يكن الله خالق الأرواح فهذا يستلزم نوعين من الشرك؛ أولا: تكون جميع الأرواح قديمة الوجود مثله لكونها غير مخلوقة.ثانيا: تحتم الإيمان بأن لها أيضا كيانا حقيقيا غير مستفاض من الغير مثل الله، وهذا هو الاشتراك مع الغير.وإن اشتراك ذات البارئ مع الغير باطل بداهة عقليا.لأن ذلك يؤدي إلى شريك البارئ، وهو ممتنع ومحال ومعلوم أن مستلزم المحال أيضا يكون محالا.الرعد: ١٧
ولا يكون قهارا أيضا، لأن صفة القهار تعني أن يجعل الآخرين تحت سلطته ويتحكم فيهم.فلا يستطيع الله أن يفرض سيطرته على الأرواح والأشياء غير المخلوقة، لأن الأشياء التي في حد ذاتها قديمة وغير مخلوقة، واجبة الوجود في ذاتها بالتأكيد.ذلك لأنها ليست محتاجة إلى أي علة، وهو ما يسمى الواجب، والذي يقال له باللغة الفارسية "خدا" أي الذي جاء بنفسه من تلقاء نفسه.فلمّا عُدَّت الأرواح من تلقاء نفسها مثل ذات البارئ وواجبة الوجود، فبقاؤها تحت سيطرة الله محال وممتنع عند العقل، لأن واجب الوجود لا يتبع واجب الوجود الآخر؛ لأن ذلك يستلزم الدور والتسلسل.لكن الأمر الواقع المسلم به عند الفريقين هو أن جميع الأرواح الله وليس أي منها خارج سيطرته.فثبت أنها كلها حادثة تتبع ومخلوقة، وليس أي منها من تلقاء نفسها وواجبة الوجود، وهو المطلوب.الدليل الثاني وهو "إنِّي" أي أخذ الدليل من المعلول إلى العلة، لاحظوا في سورة الفرقان: لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكَ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ، أي ليس له أي شريك في ملكه فهو خالق الكل.والدليل الساطع على كونه خالقا أنه خلق كل شيء على قدر لا يتجاوزه، بل ينحصر ويُحدّ في القدر نفسه والشكل المنطقي لهذا أن كل جسم وروح محصور ومحدود في قدر معين.ومعلوم أن لكل شيء محدود و محصور حاصرًا ومحدّدا حتما، وبالنتيجة فإن لكل جسم وروح حاصرا ومحددا.الآن في إثبات القضية الفرقان: ٣
الأولى- أي كون الأشياء محدودة القدر - نجد أن العقل يقترح أن تكون الخواص المودعة في جميع الأجسام والأرواح أكثر مما هي عليه؛ فللإنسان مثلا عينان، وكان ممكنا عند العقل أن تكون له أربع أعين، اثنتان منها على الوجه واثنتان في الخلف، لكي يتمكن من رؤية الأشياء وراءه كما يرى الأشياء أمامه.ولا شك أن أربع عيون ضعفان في الكمال والفائدة.كما ليس للإنسان أجنحة، وكان من الممكن أن تكون له أجنحة كالطيور.وعلى هذا القياس إن قوة نطق الإنسان أيضا محدودة في حدود معينة، كما أنه لا يقدر على اكتشاف المجهولات بنفسه دون تعليم معلم، ولا يسلم من القسر الخارجي مثل الجنون والخمر بل يصيب الفتور قواه وقدراته فورا، و كذلك لا يستطيع بنفسه إدراك الجزئيات.كما قد كتب ذلك بصراحة الشيخ المحقق أبو علي بن سينا، في النمط السابع في الإشارات.مع أنه كان ممكنا عقلا أن يبقى سليما من كل هذه الآفات والعيوب.هنا ينشأ السؤال: لماذا حرم الإنسان من جميع المراتب والفضائل التي يقترحها العقل لروح الإنسان؟ فهل برأي شخص آخر أم بطيب خاطره؟ إن قلتم إن ذلك حصل عن طيب خاطره فهذا خلاف الحقائق صراحةً، لأنه لا أحد يحب لنفسه ذلك الحرمان، أما إذا قلتم بأنه باقتراح مقترح آخر، فطوبى لكم إذ قد ثبت بذلك وجود خالق الأرواح والأجسام، وهو المرام.الدليل الثالث هو قياس الخلف؛ والمراد منه أن يتم إثبات المطلوب من الخلف" خلال إبطال نقيضه، وهذا القياس يسمى في علم المنطق "قياس
لأن الخلف ورد في اللغة بمعنى الباطل أيضا.وكذلك إذا لم يسلم بصدق المطلوب في هذا القياس الذي صدر الادعاء بصدقه، فستستلزم النتيجة الباطل.والقياس المذكور هو هذا: اقرأوا في سورة الطور أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ أي هل هؤلاء الذين ينكرون كون الله الله خالقا قد خلقوا دون أن يخلقهم أحد، أو هم خلقوا أنفسهم، أو هم أنفسهم عله العلل؟ وهم الذين خلقوا السماء والأرض؟ أم عندهم كنوز لا حصر لها من العلم والعقل، والتي بواسطتها عرفوا أنهم قدامى الوجود أو هم أحرار، ولا يقهرهم أحدٌ لكي يُظن أنه ما دام لا أحد غالب أو قهار عليهم، فكيف يكون خالقهم؟ ففي هذه الآية الكريمة استدلال لطيف بين –بأسلوب قائم على الإثبات-كل شق من الشقوق الخمسة لمسألة قدم الأرواح، بحيث يتم من بيان كل شق إبطاله فورا، وتفصيل هذه الإشارات على النحو التالي: إن الشق الأول، أي أن يُخلق شيء معدوم من تلقاء نفسه دون فعل أي فاعل، هو باطل؛ لأن ذلك يلزم الترجيح بلا مرجح، وذلك لأن ارتداء المعدوم خلعة الوجود يتطلب مرجّحا مؤثرا يرجح جانب الوجود على جانب المعدوم، ولا يوجد أي مؤثر مرجح في الحقيقة.أما حدوث الترجيح تلقائيا دون وجودِ مرجح فمستحيل.الطور: ٣٦-٣٨
أما الشق الثاني، أي كونُ أحدٍ خالق نفسه، فأيضا باطل؛ لأن ذلك على نفسه.ذلك لأنه إذا سلمنا بأن العلة الموجبة لكل يستلزم تقدم شيء - شيء هي نفسه، فهذا الإقرار يستلزم حتما الإقرار بأن جميع تلك الأشياء كانت موجودة قبل وجودها، وهذا مستحيل.الشق الثالث أي أن يكون كل شيء علة العلل، وصانع العالم مثل البارئ يستلزم تعدُّد الآلهة، وتعدد الآلهة مستحيل بالإجماع، كما يترتب عليه الدور أو التسلسل وهو محال.والشق الرابع، أي استحالة إحاطة الإنسان بعلوم غير منتهية، بدليل أن النفس الإنسانية محدودة من حيث تعين التشخص الخارجي، والمحدود لا يسع غير المحدود، لأن ذلك يقتضي تحديد ما هو غير محدود.الشق الخامس، أي أن التحرر وعدم الخضوع لسيطرة أحدٍ هو ممتنع الوجود؛ لأن نفس الإنسان بحاجة إلى مكمل يكملها، وإن تحرر المحتاج مستحيل، لأن ذلك يلزم اجتماع النقيضين فلما ثبت أن وجود الموجودات دون واسطة الخالق متعذر ومحال في كل حال، لم يبق مناص من التسليم بأن الأشياء الموجودة المحدودة خالقا هو ذات البارئ تعالى.وشكل هذا لجميع القياس المترتب على ترتيب المقدمات الصغرى والكبرى بحسب القاعدة المنطقية بحيث نقول إن القضية بأن أي شيء لا يمكن أن يكون موجودا دون واسطة واجب الوجود، هي صادقة في نفسها؛ ذلك لأنها إذا لم تكن صادقة فلا بد أن يكون نقيضها صادقا وهو أن كل شيء يمكن أن يكون موجودا دون واسطة واجب الوجود.وقد ثبتت آنفا في البحوث المذكورة-
القضية الثانية؛ أي أن وجود جميع الأشياء الممكنة دون واسطة واجب الوجود يستلزم خمسة مستحيلات.فإن لم تصح القضية بأن أي شيء لا يمكن أن يكون موجودا دون واسطة واجبة الوجود، فمن المؤكد أن تصح قضية كون وجود جميع الأشياء يستلزم خمسة مستحيلات.لكن وجود الأشياء المستلزم لخمسة مستحيلات أمر محال فثبت أن كون أي شيء موجودا دون واسطة واجب الوجود هو أمر مستحيل، وهو المراد.الدليل الرابع قد أقيم في القرآن الكريم القياس الاقتراني بواسطة المادة.وليكن معلوما أن القياس أول أقسام الحجة، والقياس الاقتراني قياس لا يُذكر فيه عين النتيجة أو نقيضها بالفعل، بل توجد بالقوة.ويدعى اقترانيا نظرا لكون حدوده أي الأصغر والأوسط والأكبر - مقترنة.والقياس أعلى وأفضل أنواع الحجة عموما، لأنه يؤخذ فيه الدليل من الحال الكلي على حال الجزئيات، وهو يفيد اليقين الكامل بسبب الاستيفاء التام.فهذا القياس مندرج في آية هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) ويشهد على خالقية البارئ له الا الله ، أي أن الله خالق وبارئ؛ أي يهب للأرواح والأجسام وجودا من العدم، وهو المصور؛ أي يهب لها الصورة المادية والنوعية.فقد ثبتت له جميع الأسماء الحسنى، أي أن التي يمكن أن يقدمها العقل نظرا لكمال القدرة مجتمعة في ذاته.لذا فهو جميع الصفات الكاملة قادر على الإيجاد من العدم لأن الإيجاد من العدم أسمى كمالات القدرة.الحشر: ٢٥
۱۳ و ترتيب مقدمات هذا القياس بحسب الشكل الأول على النحو التالي: نحن الكمالات نقول بأن الخلق ومنح الوجود بمحض القدرة كمال، وجميع متحققة للذات الكاملة واجبة الوجود.مما يُستنتج به أن البارئ حائز على کمال الإيجاد من العدم أيضا.أما إثبات مفهوم الصغرى؛ أي أن الخلق بمحض القدرة كمال، فيتحقق بحيث أن نقيضه- أي العجز عن الخلق بمحض القدرة ما لم يدعمه ويساعده أحد من الخارج- يعد نقصا كبيرا؛ ذلك لأنه لو افترضنا أن المادة الموجودة قد أنفقت هنا وهناك لاضطررنا للافتراض أيضا أن الله عاجز الآن عن الخلق نهائيا، لكن إطلاق هذا النقص على تلك الذات غير المحدودة والقديرة بمنزلة إنكار ألوهيتها.وإضافة إلى ذلك قد ثبت بدلائل في علم الإلهيات- أن كون واجب الوجود جامع الكمالات هو شرط لتحقق ألوهيته، أي من الواجب ألا تكون أي مرتبة للكمال من المراتب ممكنة التصور التي يمكن أن تخطر بالبال والخيال - مفقودةً في تلك الذات الكاملة.فلا شك أن العقل يقتضي أن ينحصر كمال ألوهية البارئ تعالى في أن تنتهي إلى قدرته سلسلة الموجودات، لا أن يشاركه الكثيرون في القدم والوجود الحقيقي.وبغض النظر عن كل هذه الأدلة والبراهين يمكن أن يفهم كل سليم الطبع أن العمل الأسمى يدل على الكمال أكثر مقارنة بالكمال الأدنى.فإذا كان تأليف أجزاء العالم يعد من الكمال الإلهي، فكم سيكون خلق العالم دون الاحتياج إلى الأسباب كمالا أعلى، وهذا الأمر أكثر بملايين المرات- - دلالة على القدرة؛ فثبتت الصغرى لهذا الشكل بوجه كامل.
أما إثبات الكبرى، أي القضية بأن كل كمال متحقق لذات البارئ؛ فعلى النحو أنه إذا كان البارئ غير حائز على بعض الكمالات ففي هذه الحالة ينشأ السؤال هل حرمانه من تلك الكمالات عن طيب خاطره أم هو قسر ؟ وإن قلتم إنه عن طيب الخاطر فهذا كذب؛ لأنه لا أحد بالنقص في الكمال لنفسه عن طيب خاطره.كما أن هذه الصفة إذا كانت مفقودة مطلقا في الذات الإلهية منذ القدم فأين طيب الخاطر.وإن قلتم إنه قسر، فلا بد من الإقرار بوجود قاسر آخر أكره الله ومنعه من تنفيذ صلاحيات الألوهية أو لا بد من الافتراض أن ذلك القاسر هو ضعفه الشخصي وعدم القدرة وليس هناك أي قاسر من الخارج.باختصار؛ قد عُدّ مُكرَها، وفي هذه الحالة لم يعد صالحا للألوهية.فثبت منه بالضرورة أن الله الله منزه عن وصمة الإكراه الذي يستلزم بطلان الألوهية، وأنه حائز على الصفة الكاملة للخالقية والقدرة على الخلق من العدم، وهو المراد.الدليل الخامس، قد أقيم في القرآن الكريم على كون الله خالقا بمادة القياس الاستثنائي، والمراد من القياس الاستثنائي قياس يوجد فيه عين النتيجة أو نقيضها بالفعل، ويكون مركبا من المقدمتين أي الشرطية والوضعية، فالآية الكريمة التي تتضمن هذا القياس هي: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ أي يخلقكم بالحكمة الكاملة في ثلاثة حُجُب مظلمة في بطون أمهاتكم، الزمر: ۷
0107 بحيث يجعل الخلق من نوع، والخلق الآخر من نوع آخر.أي يحدد لكل عضو صورة مختلفة وخصائص مختلفة وقدرات مختلفة.حتى إنه يلقي الروح في قالب ميت إذ لا يمنعه الظلام من العمل.ولا يصعب عليه خلق الأعضاء مختلفة الأنواع والميزات.ولا يجد أي حرج أو صعوبة في متابعة سلسلة الخلق للأبد.ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ أي أن الذي يداوم على سلسلة هي القدرة هذه هو ربكم.أي بهذه القدرة التامة تتحقق ربوبيته التامة التي الخلق من العدم ومنْحُ الوجود الكمال.ذلك لأنه إذا لم يكن هو رب الأشياء، ولم يكن في ذاته يتمتع بالربوبية التامة بل كان يمشي الأمور بأخذ المواد من هنا وهناك كالنجار والصانع؛ لما حاز على هذه القدرة التامة، ولما نجح دوما في أعماله، بل لانقطع عمله يوما وعجز عن الخلق حتما.وخلاصة الآية أن الذي لا يكون فعله بالربوبية التامة، أي لا يكون قد خُلق من تلقاء نفسه، فلا يكون حائزا على القدرة التامة أيضا.لكن الله الا الله يملك القدرة التامة؛ لأن القيام بأنواع الخلق وإظهار الثاني بعد الأول بلا تخلّف، وإنجاز العمل باستمرار دوما، هو العلامة الكاملة للقدرة التامة.فثبت منه أن الله الله حائز على الربوبية التامة وهو في الحقيقة رب الأشياء وليس كالنجار والصانع فقط، وإلا ما كان بالإمكان أن يستمر نظام العالم بلا خلل وكان العالم ونظامه قد تلاشى منذ مدة.ذلك لأن الذي ليس عمله ناتجا عن خياره التام فلا يقدر دوما وفي كل حال على خلق شيء ما وبعدد معين مطلوب.
وشكل هذا القياس المندرج في الآية الكريمة بحسب القاعدة المنطقية هو أن الذي يكون فعله ضروريا من حيث القدرة التامة لخلق أي وجود، فلا أن يتمتع بالربوبية التامة؛ أي الخلق من العدم أيضا.لكن فعل الله ضروري في خلق المخلوقات كقدرة تامة فالنتيجة أنه من المؤكد يتمتع بالربوبية التامة أيضا.بد وإثبات الصغرى؛ أي إثبات أن الصانع الذي يملك القدرة التامة بالتأكيد، يستلزم أن يتصف بالربوبية التامة أيضا على نحو أن العقل يحتم أن يكون الصانع الذي قد سلّمنا بحقه أنه لا يجد أي مشكلة في إنجاز أي صنعة له، عند بدء صنع أي شيء قادرا على تأمين جميع الوسائل لإكمال تلك الصنعة، وتوفير جميع اللوازم للوجود المصنوع في كل وقت، وبالكم المطلوب.وأن هذه القدرة التامة لا تتحقق على وجه كامل إلا إذا كان ذلك الصانع قادرا على صناعة أجزاء ذلك المصنوع أيضا.لأن توفر تلك الأشياء في كل حين وبعدد مطلوب- التي لا يملك الصانع القدرة التامة على تأمينها، من المحتمل عند العقل ألا يتحقق، وليس هناك أي برهان فلسفي على عدم التحقق، وإن وُجد البرهان فليقدمه أحد.وسببه واضح أن مدلول العبارة: "إن زيدا لا يملك قدرة تامة على إنجاز عمل معين" يساوي مدلول العبارة: "من المحتمل ألا يتمكن زيد من إنجاز ذلك العمل في زمن ما".فثبت أن أمر الصانع التام لا يصلح أبدا إذا لم يكن يملك قدرة تامة أيضا.ولذلك لا يستطيع أي مخلوق من الحرفيين أن يدعي أنه صانع تام في حرفته بل من دأب أهل كل حرفة إذا ضايقه أحد بالحضور إلى وهو
محله " مرارا ليصنع له فوراً شيئا معينا، أن يقول له أخيرا متضايقا من طلباته: يا صاحبي أنا لست إلها حتى أكون قادرا على صنع شيء فور تلقي الطلب، بل سوف أصنعه إذا توفر لي الشيء الفلاني والفلاني." باختصار يعرف الجميع أنه يُشترط على الصانع الكامل أن يحوز القدرة التامة والربوبية التامة.فليس صحيحا أنه ما لم يمت زيد لن يولد لبكر، أو ما لم يمت خالد لن تنفخ الروح في قالب وليد الذي ما زال جنينا في البطن.فثبتت الصغرى بالتأكيد.أما كبرى هذه القضية، أي من الضروري أن يملك الله قدرة تامة على خلق المخلوقات؛ فثابتة بثبوت الصغرى.كما من الواضح الجلي أنه إذا كان الله الا الله لا يملك القدرة التامة الضرورية فستكون قدرته متوقفة على ظهور بعض المصادفات فحسب.ومن المحتمل عقليا كما بينا سابقا- أن أن تتوفر هذه المصادفات لله عند الضرورة، لأنها اتفاقية، غير واجبة.مع نشوء علاقة الروح بجسم الجنين عند إعداد الجسم متلازم، فثبت أن فعل الله ضروري كقدرة تامة.كما يتحقق احتياج الله للقدرة التامة وجوبا أيضا بدليل أنه من حقنا أن نفترض مثلا - بموجب الأصول الفلسفية المحددة- أن جميع الأرواح الموجودة تتعلق بأبدانها بانسجام لمدة معينة.فحين نفترض هذا الافتراض نجد أنه يستلزم افتراضا آخر، وهو أن الروح لن تدخل تلك الأجنة المعدّة في الأرحام قبل انقضاء تلك المدة، الأجنة معطلة دون إنشاء العلاقة بالأرواح باطل بداهة عقليا.فالذي مع أن بقاء
يستلزم الباطل باطل هو الآخر.فثبتت من إثبات المتقدمين النتيجة أن الاتصاف بالربوبية التامة يتحتم على الله ، وهو المراد.سالانه الله الدليل السادس أُقيم في القرآن الكريم بمادة القياس المركب، ويُعرّف القياس المركب بأنه ما يتألف من مقدمات تؤدي إلى نتيجة لا تُحقق المطلب بذاتها، لكن المطلب يتحقق بواسطتها بحيث يُشكل قياسًا آخر بدمج تلك النتيجة مع مقدمة أخرى ثم سواء تحقق المطلب بالقياس الثاني أو تحقق بتشكيل عدد من القياسات الأخرى، ففى كلتا الحالتين يقال لهذا القياس: القياس المركب والآية الكريمة التي تتضمن هذا القياس هي في سورة البقرة الجزء الثالث اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، أي من حق الشخصي أن يكون معبود جميع المخلوقات ولا يشاركه في ذلك أحد، وذلك بدليل ساطع أنه حي منذ الأزل إلى الأبد، وهو قيوم كل شيء.أي أن قيام كل شيء وبقاءه بفضل بقائه وقيامه الله وحده.وهو الذي يمسك كل شيء كل حين وآن.فلا يطرأ عليه النعاس ولا يأخذه النوم.أي لا يغفل قط عن حفظ المخلوقات.فلما كان بقاء كل شيء يتوقف عليه وحده فثبت أنه وحده خالق كل مخلوق في السماوات والأرض ومالكه.وشكل هذا القياس الوارد في الآية الكريمة بحسب القاعدة المنطقية على النحو: (أن الجزء الأول للقياس المركب) (الصغرى) هو أن الله الله حقا - أزليا وأبديا البقرة: ٢٥٦
۱۹ دون أن يشاركه فيه أحد في أن يكون معبود جميع المخلوقات.(والكبرى) هو أن الذي يكون له الحق الأزلي والأبدي في كونه معبود جميع المخلوقات يكون حيًّا أزليا أبديا، وقيوم جميع الأشياء.(فالنتيجة) أن الله حي أزلي وأبدي وقيوم جميع الأشياء.أما الجزء الثاني للقياس المركب الذي جعلت فيه نتيجةُ القياس الأول الصغرى للقياس، (الصغرى) (إن الله أزلي أبدي وقيوم جميع الأشياء)، (الكبرى) (أن الذي يكون حيا وأزليا وأبديا وقيوم جميع الأشياء يكون خالق جميع الأشياء) (فالنتيجة) (أن الله خالق كل شيء).الصغرى للجزء الأول من القياس المركب أي القضية بأن الله الا الله يحوز حقا أزليا وأبديا أن يكون معبود المخلوقات كلها دون أن يشاركه في ذلك غيره، هي ثابتة بإقرار الفريق الثاني، فلا حاجة لإقامة الدليل.أما الكبرى للجزء الأول من القياس المركب، أي القضية بأن الذي يملك الحق الأزلي والأبدي في أن يكون معبود جميع الأشياء يجب أن يكون حيا وأزليا وأبديًّا وقيوم جميع الأشياء، هي ثابتة؛ حيث أنه إذا لم يكن الله حيا وأزليا وأبديا فلا بد من الافتراض أنه خُلق في زمن ما، أو لن يبقى في زمن في المستقبل، وهذا الافتراض يبطل كونه معبودا أزليا أبديا في كلتا الحالتين ذلك لأنه إذا لم يبق وجوده هو فلا يمكن أن يُعبد، لأنه لا تصح عبادة المعدوم.فلما لم يبق معبودا أزليا أبديا بسبب كونه معدوما، بطلت قضية استحقاق الله في أن يكون معبودا أزليا وأبديا، مع أنه قد ذكر قبل قليل أن هذه القضية صادقة، ولهذا لا نجد بدا من الإيمان بأن الذي يملك حق كونه معبودا أزليا وأبديا يكون نفسه حيا أزليا وأبديا.
وكذلك إذا لم يكن الله قيوما لجميع الأشياء، أي لا تكون حياة الآخرين وبقاؤهم متوقفة على حياته وبقائه ففي هذه الحالة ليس بقاؤه شرطا للمخلوقات بل سيكون تأثيره بمنزلة المؤثر قسرا لا بصفته علة حقيقة تحفظ الأشياء، لأن المؤثر قسرا يقال لمن لا يكون وجوده وبقاؤه شرطا لبقاء المتأثر به فمثلا إذا رمى زيد حجرا وفور رميه مات فلا شك أن الحجر الذي انطلق من يده سيظل يتحرك حتى بعد وفاة زيد، وكذلك لو وصف الله بمجرد المؤثر قسرا، بحسب آريا سماج، فهذا يستلزم والعياذ بالله ألا تتضرر الأرواح والذرات أيما ضرر حتى لو افترض موت البرميشور.لأنه بحسب قول البانديت ديانند الذي سجله في "ستيارته "بركاش" وبذلك أساء إلى التوحيد إساءة شنيعة، وكذلك بحسب قول البانديت كهرك سنغ المحترم الذي قلد البانديت ديانند دون تفكر وتأمل قد ورد في الفيدا أن جميع الأرواح مستغنية عن البرميشور لبقائها وحياتها.وأن علاقة البرميشور بالمخلوقات كمثل علاقة النجار بالكرسي والخزاف بالجرة؛ أي يسير نظام البرميشور بمجرد التركيب، وهو ليس قيوم الأشياء.لكن كل عاقل يعرف أن هذا الاعتقاد يستلزم الاعتقاد بعدم ضرورة وجود البرميشور أيضا لبقاء الأشياء مثل الخزافين والنجارين، بل كما بعد موت الخزافين والنجارين تبقى الجرار والكراسي كما هي، كذلك لن يحدث أي خلل في الأشياء الموجودة لو مات البرميشور.فثبت أن فكرة البانديت بأن البرميشور يماثل الخزاف والنجار في الصناعة قياس مع الفارق.فلو آمن بكون الله قيوم الأشياء
و لم يعده مثل النجارين لما اضطر للزعم بأن الأرواح لن تتضرر أيما ضرر في حال افتراض موت البرميشور.غير أن ذلك قد يكون قد ورد في الفيدا وإلا كيف أقبل أن البانديت المحترم يشك في قيومية الإله، وهي من أجلى البديهيات.لكنه إذا كان البانديت المحترم يؤمن بأن البرميشور قيوم جميع الأشياء، فمن أي أنواع المعرفة تشبيهه بالنجارين والخزافين؟ وأي برهان على ذلك قد ورد في الفيدا؟ انظروا كيف أثبت القرآن الكريم صفة قيومية الله في آيات كثيرة، كما قال في الآية الله نُورُ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، أي بسببه لا يوجد في الطبقة السفلى والعليا نور الحياة والبقاء.فثبت من بحثنا هذا الجزء الأول من القياس المركب.أما صغرى الجزء الثاني من القياس المركب فهو نفس الذي كان نتيجة الجزء الأول من القياس المركب.وقد ثبت الجزء الأول من القياس المركب آنفا، فثبتت النتيجة أيضا.أما الكبرى للجزء الثاني، أي أن يكون الحي الأزلي والأبدي والقيوم لجميع الأشياء خالقا، فتتحقق بحيث يقال القيوم لمن كان بقاؤه وحياته شرطا ضروريا لبقاء الأشياء وحياتها وتأمين كل ما تحتاج إليه.ومعنى الشرط أنه إذا افترض انعدامه فلن نجد بدا من افتراض المشروط أيضا.كما لو قلنا إذا لم يكن هناك الله لما كان هناك شيء آخر، فالقول: "إذا انعدم وجود الله فسوف ينعدم كل شيء" يساوي تماما القول: "لو لم يكن النور: ٣٦
۲۲ لله وجود لما كان هناك شيء آخر" فثبت أن وجود الله علة لوجود الأشياء الأخرى.وليس للخالقية معنى آخر سوى أن يكون وجود الخالق علةً لوجود المخلوق، فثبت أن الله خالق، وهو المراد.الراقم مرزا غلام أحمد زعيم قاديان
۲۳ مراسلات حول النقاش عن مسألة الإلهام إن الإلهام إلقاء من الغيب بإحساس واضح منكشف يشعره السامع من المتكلم، والمضروب من الضارب، والملموس من اللامس، ولا يتوقف تلقيه على أي تأمل وتردد وتفكر وتدبر ولا يصيب به النفس أي ألم روحاني مثل الانفعالات الفكرية، بل كما يجد العاشق انشراحا وانبساطا دون أي تكلف برؤية المعشوق، كذلك للروح علاقة أزلية وقديمة بالإلهام إذ تجد اللذة به.باختصار؛ هو إعلام لذيذ من الله، ويقال له "النفث في الرُّوع" و"الوحى" أيضا.الدليلُ اللّميُّ الأول على ضرورة الإلهام ليس عندنا أي قانون عاصم نجتنب به الخطأ حتما، ولهذا السبب إن الفلاسفة الذين وضعوا القواعد للمنطق واخترعوا مسائل المناظرة ونحتوا دلائل الفلسفة، ظلوا هم أيضا يغرقون في الأخطاء، وتركوا مئات أنواع الأفكار الباطلة والفلسفة المزورة والأقوال السخيفة ذكرى لغبائهم.فمن هنا نستنبط البرهان على أن وصول الإنسان بواسطة بحوثه إلى جميع الأمور والعقائد الصحيحة والصيانة من ارتكاب أي خطأ في أي مناسبة، مستحيل ببساطة.لأننا لم نرَ إلى اليوم و لم نسمع قط ولم نقرأ في التاريخ الحقة
٢٤ ففي عن فرد كان بريئا ومعصوما من السهو والخطأ في فكره ونظره كلّه.ضوء القياس الاستقرائي نتوصل إلى النتيجة الصحيحة الصادقة بأن وجود الأشخاص الذين أوصلوا بحوثهم بالتفكير في قانون الطبيعة فقط وتدبره وتطبيق ذخيرة ضميرهم بأحداث العالم إلى قمة الصدق بحيث يكون العثور على الخطأ مستحيلا، هو نفسه مستحيل عادة.أن الآن بعد هذا؛ الأمر الذي يمكن أن تناقشه ولك حق أن تناقشه هو تنقض استقراءنا هذا بتقديم أي نظير ضده أي سينحصر جوابك، بحسب الوضع المستقيم للمناظرة، في أن تقدّم إبطالا لاستقرائنا هذا إذا كان في نظرك غير صحيح - فردا كاملا من أرباب النظر والفكر والحدس معصوم القلم واللسان من السهو والخطأ، يستحيل العثور فيه على أي نقص في جميع آرائه وأحكامه وقراراته وأن نرى نحن أيضا أنه في الحقيقة معصوم أو ما هو حاله.فإذا ثبت أنه معصوم فلا شك أنك صادق ونحن كاذبون، وإلا فمن الواضح الجلي أنه إذا كان الإنسان شخصيا غير قادر، بعلمه ومعرفته، على اجتناب الخطأ ولم ينصر الله الرحيم الكريم والمنزه عن كل سهو وخطأ، والمطلع على حقيقة كل أمر عباده بإلهامه الصادق، فأنى لنا نحن العباد الضعفاء التخلص من ظلمات الجهل والخطأ؟ وكيف نتخلص من آفات الشكوك والشبهات؟ لذا أكشف هنا برأي محكم، أن من مقتضى حكمة ذلك القدير ورحمته وربوبيته حتما أن يخلق بين حين وآخر بحسب الحكمة أناسا يتلقون الله من إلهاما لمعرفة العقائد الحقة واكتشاف الأخلاق الصحيحة، وأن يهب لهم ملكة تفهيم التعليم لكي لا تبقى
النفوس البشرية التي قد خُلقت من أجل الهداية الحقة- محرومة من نيل سعادتها المنشودة.الراقم: المخلص غلام أحمد عفي عنه ١٨٧٩/٥/٢١م جناب المرزا المحترم وصلني خطابك الكريم مع المقال، ويؤسفني أني لا أستطيع الاتفاق معك فيما كتبته عن تعريف الإلهام وضرورته، وأسجل أدناه أسباب عدم اتفاقي معك بهذا الخصوص.أولا: إن دليلك الذي سميته باللّمِّي يتضمن خطاً صريحا لمعارضته الأحداث الواقعة - بغض النظر هل يمكن أن يعد علة للإلهام الذي تسميه معلولا، أم لا، فقد كتبت مثلا "ليس عندنا أي قانون عاصم نتجنب به من الخطأ لزوما، ولهذا السبب ظلَّ الفلاسفة الذين وضعوا قواعد المنطق و اخترعوا مسائل المناظرة، ونحتوا دلائل الفلسفة ظلوا أيضا غارقين في الأخطاء، وتركوا مئات أنواع الأفكار الباطلة والفلسفة المزورة والأقوال السخيفة ذكرى لغبائهم".فهل تقصد من ذلك أن ما بذله الإنسان من فكر وجهد جهيد منذ آلاف السنين في بحوثه لم ينتج نظرية صحيحة وأمرًا صادقا وحقا سوى الأفكار الباطلة والفلسفة الزائفة والأمور السخيفة؟ أو ما ينشغل فيه الباحثون الآن للبحث عن الطبيعة هم يزيدون ذخيرة الغباء ويتعذر عليهم التوصل إلى أمر حق؟ فإذا لم تردّ على هذه التساؤلات في النفى فسيتبين أنك تنكر صراحة مئات العلوم والمعلومات الصحيحة
الصادقة عن آلاف الأمور المتعلقة بها، تلك التي يستفيد منها كل شعب من شعوب العالم تقريبا.لكنني أوقن أنك لم تقصد ذلك ولعل مرادك من هذا البيان أن صدور السهو والخطأ من الإنسان في بحوثه ومعلوماته ممكن ووارد.لكن الرأي القائل بأن الطبيعة قد جعلت الإنسان في ذاته هكذا بحيث لا يستطيع الحصول على المعلومات الصحيحة، ليس صحيحا؛ ذلك لأن من الوارد أنك رأيت أو سمعت أو قرأت في التاريخ عن بعض الأشخاص الذين ثبت قطعًا صواب وصحة كثير من معلوماتهم حتى لو لم يكونوا معصومين من السهو والخطأ في نظرهم وفكرهم كله" بحسب رأيك.وأن من المستحيل قطعا العثور على خطأ في البحث والتحقيق الذي حصل في مئات الأمور في الماضي ،والحاضر ويمكن أن تصدق هذا البيان حول مئات المعلومات عن علوم الطبيعة والرياضيات والأخلاق.إن جميع المعلومات التي أحرزها الإنسان إلى اليوم والتي سيحققها في المستقبل، قد هيأت الطبيعة الكفاءة التامة للحصول عليها في كل فرد من البشر، فقدر ما يطورها الإنسان فرديا أو جماعيا ببذل الحب والسعى يوما بعد يوم - حتى تكون نفيسة وقوية وقدر ما يُحرز القدرة على استعمالها الصحيح- ينجح في الحصول على المعلومات في البحوث عن الطبيعة بصحة أكثر.وأوقن بهذا البيان الموجز بأنك لا تنكر التسليم بجواز احتمال صدور الخطأ في بحوث الإنسان، إلا أنه ليس صحيحا أن جميع معلوماته خاطئة.كلا، بل كثير من معلوماته صحيحة.فالواضح أن القاعدة أو الاستعمال أو
الخطأ، كانت هي الأسلوب الذي حصل به على المعلومات الخالية من الأخرى معصومة عن الخطأ.لأن العمل بحسب القاعدة الخاطئة لا يؤدي إلى أي نتيجة صحيحة.فمعلوماته الصحيحة التي أحرزها كانت الطبيعة قد هيأت له الكفاءة للحصول عليها فصدر استعمالها مناسبا وفي محله.أما المعلومات التي أخطأ فيها فلم تحدث رعايتها الصحيحة.فمثله كمثل الإنسان الذي يملك المنظار ويعرف كيف يفتح أنبوبه، لكن بسبب عدم ضبط تركيزه إما يبقى محروما من رؤية هدفه وإما لا يقدر على أن يراه في حالته الأصلية.وكذلك يخطئ الباحث عند استخدامه منظار وسائل الطبيعة تمكنه بسبب عدم من تصويبه إلى اتجاه مطلوب، فيُحرم من رؤية صورة الحقيقة.أو لا يقدر على رؤيتها كما هي.أما الذي يتمكن من الاستخدام المضبوط خلاف ذلك يدرك خطأ الشخص الأول، ويتوصل إلى حق الأمر.الآن قد ثبت جيدا من هذا البيان البسيط جدا والسديد أولا أن الإنسان يكتشف حق الأمر في بعض الحالات نتيجة استخدامه الصحيح حاشية: كما أن الآلاف، بل مئات الآلاف من الناس في العالم يريدون أن يملؤوا بطونهم بالكسل والتهاون دون بذل أي مشقة ورغم تمتعهم بالصحة البدنية، وملكهم الأيدي والأرجل.كذلك هناك مئات الآلاف بل الملايين من الناس الذين لا يريدون أن يتعبوا دماغهم للحصول على المعلومات رغم توفر وسائل الطبيعة للبحوث، والأمور التي يمكن أن يكتشفوا حقيقتها بفكرهم البسيط لا يريدون تحمل أي مشقة بخصوصها، ويريدون أن ينالوا الهدف بالتقليد كالعميان تماما، ولهذا السبب يلاحظ أن خطأ الواحد يؤثر في مئات الألوف والملايين من النفوس.منه.
لوسائل الطبيعة أول الأمر.وثانيا إذا أخطأ لعدم الاستعمال المناسب أو عدم قدرته على ذلك، فغيره الذي يتسنى له الاستعمال الصحيح يصحح خطأه فتاريخ معلومات الإنسان كله حافل بسلسلة ممتعة من هذا القبيل.ليس من الصعب على أي باحث في ضوء ما أظهرته تجارب آلاف السنين في هذا الخصوص الوصول إلى أن على الإنسان المشرف في ذاته بجميع الأعضاء الضرورية الجسدية والقواعد الدماغية والأخلاقية في هذا العالم الذي خلق بحسب أوضاعه كلها وترابطها وانسجامها معه أن يبحث عن سبيله ويتعلم بنفسه علم وسائل حسناته المادية والروحية ويستفيد منها.فإذا أقمنا الدليل الافتراضى إهمالا- لقانون الطبيعة هذا، أو خلافا الحكمة الحكيم الحقيقي :قائلين لمّا كان من ضرورات الإنسان أن ينظر إلى جهاته الأربع، وأن انشغال العينين اللتين ركبتا على وجهه للرؤية عندما تنشغلان في النظر إلى الأشياء أمامهما فمن المؤكد أن تبقى محرومتين من النظر إلى الخلف لترى الخطر المحتمل المدبّر له، لأنهما تنظران إلى الأمام فقط.فلم يكن ممكنا ألا يهب له الله الرحيم الكريم الحكيم عينين في مؤخرة الرأس أيضا، ليتمكن من التخلص من الخطر المحتمل من الخلف.إذن ما دامت هناك حاجة للعينين في مؤخرة الرأس، فكان من اللزام من أجل حماية عباده أكثر عينين أخريين أو إذا أقمنا دليلا مماثلا قائلين بما أن عقل الإنسان يخطئ إذ لم يحرز حتى اليوم القدرة على العلم بأن السفينة التي ينطلق فيها من بومباي إلى إنجلترا، سيحدث في البحر بعد انطلاقها بأسبوع أو عشرة أيام إعصار خطير، وستغرق فيه سفينته.فما دام الله أن
الإنسان لا يقدر بعلمه ومعرفته على حماية نفسه من الإعصار المهلك والمخيف، ولا ينصر الله الرحيم والكريم والمنزه عن كل سهو وخطأ و مطلع على كل شيء) عباده برسالته الشخصية فورا، فكيف يمكن أن نحمي حياتنا نحن العباد الضعفاء من طوفان الهلاك ؟ فمن مقتضى حكمة ذلك القادر ورحمته وربوبيته حصرا أن يخبرنا بين حين وآخر قبل حدوث الطوفان أو الكوارث بمدة معقولة حتى نتمكن من إنقاذ أنفسنا وسفينتنا من الغرق.من الواضح الآن أن الذين يملكون كفاءة كافية لإدراك الحقيقة ويتقنون علم أصول المنطق، سيعدون هذين الدليلين سخيفين وعديمي الأصل قطعا.ذلك لأن قياس "الضرورة" الذي أقيم في كلا الدليلين، والذي عددناه علة لنتيجتنا، لهو قياسنا الافتراضي والوهمي تماما، ولا تؤيده قوانين الطبيعة بل على العكس، نضيف فيه إلى حكمة الله شيئا من عندنا متجاهلين قوانين الطبيعة.ثانيا: لما كانت علّتنا افتراضية فإن النتيجة التي نستنتج منها تكون أيضا افتراضية، إذ تفندها أحداث الطبيعة.فكما أن نتيجتنا عن المثال الأول كانت منافية للواقع، حيث لم تركب في الحقيقة عينان إضافيتان في مؤخرة الرأس، ففي المثال الثاني أيضا رغم أن مئات السفن غرقت إلى اليوم في البحر، وأزهقت آلاف بل مئات الألوف من الأرواح معها، ومع يرسل الله إلى اليوم إلى صاحب أي سفينة رسالة ذكرت في المثال الثاني.كلتا الحالتين لم يكن قياس "ضرورتنا" موافقا لحكمة الله أو قوانين الطبيعة.لذلك لم تصدقه الأحداث من الطبيعة لكونه معارضا لحكمة الله، ففى ذلك لم
وثبت أنه كان افتراضيا فقط.فالظاهر البديهي الآن أن الدليل الذي أقمته على ضرورة إلهامك يماثل تماما بحد ذاته دليلينا كليهما.ذلك لأنك تقول "إذا كان الإنسان شخصيا غير قادر بعلمه ومعرفته- على اجتناب الخطأ (الرحيم الكريم والمنزه عن كل سهو وخطأ، والمطلع على الله و لم ينصر حقيقة كل أمر عباده بإلهامه الصادق، فأنى لنا نحن العباد الضعفاء الخروج من ظلمات الجهل والخطأ؟ وكيف نتخلص من آفات الشكوك والشبهات؟ لذا أكشف هنا برأي محكم أن من مقتضى حكمة ذلك القدير ورحمته وربوبيته حصرا أن يخلق بين حين وآخر بحسب الحكمة أناسا يتلقون من إلهاما لمعرفة العقائد الحقة واكتشاف الأخلاق "الصحيحة" الله فكما أن قياس الضرورة في دليلك هذا أيضا مثل دليلينا، وأن قوانين الطبيعة تأبى أن تصدقه فلا يبقى القياس من هذا النوع إلا افتراضيا وموهوما، ذلك لأننا شخصيا يمكن أن نقيم مئات الضرورات في كل أمر.لكن السؤال الذي ينشأ هنا: هل تسلّم حكمة الله أيضا بصحة ضروراتنا الافتراضية أم لا؟ فلا تعدّ أي ضرورة حقة عند الباحثين إلا ما كانت الطبيعة أو الحكمة الإلهية قد أقامتها كما أن حاجتنا إلى الغذاء لسدّ الجوع والهواء للتنفس، ليست افتراضية بل هي طبيعية؛ فلذلك قد هيئت الذخائر لحياة الإنسان إلا الضرورة التي لا تسلم بها الطبيعة بل نقيمها من عند أنفسنا نتيجة الأوهام؛ فهي كما تكون افتراضية محضة من ناحية، تكون الا يخطئ الإنسان في علمه ومعرفته في كل الأحوال.(رئيس تحرير "برادرهند")
۳۱ النتيجة التي نستنبطها منها - باعتبارها علة - افتراضية أيضا، وذلك لأنها لا تلائم الأحداث، وهذه الصورة قد بيناها في أمثلتنا جيدا.وثانيا، ما كتبت في تعريف الإلهام بهذا الخصوص كم له من ربطِ بدليلك هذا؟ يكفي القول في بيانه أنه ما دامت "الضرورة" التي أسست عليها إلهامك، هي نفسها عديمة الأصل أي لا تسلّم بها الطبيعة، ثم إذا سلّمنا بأن البناية التي رفعتها على هذا الأساس لن يكون لها قرار- لكون أساسها واهيا وخياليا حتى لو كنتَ بنيتها بمواد عالية الجودة ستبقى افتراضية كما يكون أساسها خياليا.عندي رغبة عارمة في بيان الضرر الذي أصاب الناس في العالم بسبب العقيدة الفاسدة في الإلهام والمفاسدِ والمساوئ التي ظهرت وأوقفت التقدم الإنساني، إلا أنني أؤجل ذلك البيان لكونه غير متعلق بهذا الأمر المتناقض.لاهور ١٨٧٩/٦/٣م المخلص: شيو نرائن أغني هوتري جناب البانديت المحترم لقد وصلت رسالتك الكريمة في عين الانتظار، وأكتب بمنتهى الأسف أنك تكبدت عناء الرد ولم أجد جوابا صحيحا كان ملخص سؤالي أنه ما دامت نجاتنا التي تعدّ أنت أيضا البحث عن وسائلها ضروريا) تتوقف على اكتشاف العقائد الحقة والأخلاق الصحيحة، والأعمال الحسنة التي لا تشوبها الأمور الباطلة بحال من الأحوال.ففى هذه الحالة يستحيل أن
نفوز بالنجاة بأي طريقة إلا إذا كانت علومنا الدينية ومعارفنا الشرعية قد أخذت من الطريق المحفوظ المنزه تماما من دخل المفاسد والمنكرات.فردا على هذا لو سلكت طريق الاستقامة وراعيت آداب المناظرة لانحصر جوابك (في حالة الإنكار في أحد الأمور الثلاثة من حيث الحصر العقلي.أولا: أنكرت النجاة أصلا وعددت وسائلها مفقودة الوجود وممتنعة الحصول، واعتبرت الحاجة إليها طمعا باطلا مثل الحاجة إلى أربع عيون.ثانيها: أن تقرَّ بالنجاة ولا ترى أن تكون العقائد والأعمال للحصول عليها منزهة من كل أنواع الكذب والفساد، بل ترى الباطل المحض أو الأمور الحقة المختلطة بالباطل أيضا موجبة النجاة والثالث: أن تعد الحصول على النجاة مشروطا بالحق المحض (أي المنزه تماما من امتزاج الباطل، وتدعي أن الطريق الذي يهدي إليه العقل هو الحق المحض.وفي هذه الحالة كان يجب أن تدحض إثباتا لدعواك هذه قياسنا الاستقرائي (وهو الثالث من أنواع الحجة الثلاثة، وذكرناه في المقال (السابق) مطالبين تقديم عاقل معصوم عن الخطأ نظيرا، وإراءة مؤلف له في العلوم النظرية العقلية.فلو كان قياسنا الاستقرائي قد فُنّد وعجزنا عن اكتشاف أي خطأ في تأليفه لكانت القضية حُسمت لصالحك، وكسبت القضية وأقمت الحجة علينا وتمت إدانتنا.لكن من المؤسف أنك لم تفعل ذلك، فقد ذكرت آلاف المؤلفين ولم تسمّ أحدا منهم ولم تقدم لذلك أي مؤلف معقول منقطع النظير.وإن قصدي من إزعاجك الآن أنه إذا كنت ما زلت في شك في حقيقة الإلهام فعليك أن تختار الآن من أجل الحوار شقا من الثلاثة المذكورة
۳۳ آنفا، ثم تُثبته، لأنني حين أقمت الحجة على ضرورة الإلهام، فمن واجبك الآن بحسب قواعد المناظرة أن تدحض هذه الحجة بحيلة قانونية.وللعثور على هذه الحيلة لديك ثلاثة طرق فقط كما قلت سابقا، وأنت مجاز قانونيا هذه أن تختار إحداها.وليكن واضحا على قلبك الكريم أننا نستهدف من المناظرة إظهار الحق فحسب وليست قلوبنا ميالة قط إلى التعصب والأنانية كالسفهاء.أنا أناظرك بنقاء القلب كالأصدقاء، وأنتظر أن تردّ ردا صادقا كالأصدقاء.الراقم المخلص لك غلام أحمد عفى عنه ١٨٧٩/٦/٥م جناب المرزا المحترم استلمت رسالتك الكريمة المؤرخة في الخامس من هذا الشهر الجاري، فالأسف كل الأسف على أنك لم تقتنع بردّي على مقالك حول الإلهام، ويزيد أسفي أكثر حين ألاحظ أنك لم تذكر أي سبب معقول واضح لعدم تسليمك بردّي، مما يتبين أنك لم تُعمل الفكر والتدبر في قراءته واستيعابه.إن رسالتك الكريمة هذه تتضمن طرفة أخرى هي أنك لا تبدو متمسكا بموقف واحد، فقد أقمت أولا الدليل على ضرورة الإلهام بأنه لما كان عقل الإنسان عاجزا عن اكتشاف الحق -وهو يخطئ في بحوثه- تحتم نظرا إلى ذلك أن يتلقى الإلهام من الله ثم لما أثبت أن ضرورتك هذه افتراضية، وأثبت أن حكمة الله لا تسلّم بهذه الضرورة، فقد تركت
الموقف الأول وتوجهت إلى طرف آخر.وبدلا من التسليم بصحة مكتوبنا أو تقديم حجة معقولة في حال الاعتراض، قمت بربط تلك الفكرة بمسألة النجاة.أي تناولت مسألة النجاة تاركا البحث الحقيقي المتعلق بحقيقة الإلهام، وبدأت تقدم المبادئ للنقاش الجديد حول هذه القضية الجديدة.وأضفت إليه طرفة أخرى إذ كتبت في نهاية البحث "إذا كنت ما زلت في شك في حقيقة الإلهام، فعليك أن تختار الآن أجل شما من الثلاثة المذكورة آنفا، ثم تُثبته، لأنني حين أقمت الحجة لینگ من الحوار على ضرورة الإلهام فمن واجبك الآن بحسب قواعد المناظرة أن تدحض هذه الحجة بحيلة "قانونية أي مهمتك الآن ليست واحدة بل اثنتين.إن الحجة التي قدمتها على ضرورة الإلهام قد دحضتها دفعة واحدة يا سيدي، وأثبت أن بناية الإلهام التي رفعتها على أسس الضرورة الافتراضية عديمة الأصل.لكن من المؤسف أن صورته ما زالت راسخة على لوح ذاكرتك بسبب العادة الراسخة منذ زمن طويل.وتلك العادة تمنعك من الوصول إلى الحقيقة مع ادعائك بأنك تستهدف الحق من هذا النقاش" فالإنسان لا يتمكن من تحقيق الحق ما لم يمارس استبدال فكرة بأخرى راسخة لديه.فالولد الصغير لأي مسيحي يعد ماء نهر الغانج ماء عاديا، ولا يخطر بباله أكثر من ذلك أنه يخلص من الذنوب.بينما الهندوسي العجوز المتمسك باعتقاد قديم يرى أن بغوصة واحدة في ذلك الماء تزول جميع الذنوب.كما أن التثليث حق عند أي مسيحي، لكنه لغو تماما عند أي مسلم أو برهمو.فمثل هذا الهندوسي أو المسيحي لا يقبل بتسخيف
۳۵ فكرته حتى لو أثبتنا سخافتها من خلال النقاش والحوار (وهذا الإثبات القلب." ليس أمرا صعبا، حتى أنه حين يعجز عن الجواب يقول "صحيح أني لا أقدر على الرد على الأسئلة، إلا أنني أؤمن بها وأراها صحيحة من صدق فشهادته القلبية هي نفس العادة التي تسمى عند الحكماء بـ" الطبع الثاني".فهذه هي حالة الإلهام الذي تعتقد به.فإنك ترى هذه الفكرة قوية وصحيحة نتيجة العادة الراسخة منذ مدة طويلة لدرجة أنك لا تقتنع بأقوى دليل عندنا ضدها.وحين تلاحظ دليلك ضعيفا في موضوع تنتقل إلى آخر مستبدلا.فبذلك يستحيل الوصول إلى أي نتيجة.فلم يتمكن من ذلك أحد في الماضي، ولا يرجى في المستقبل أيضا.لقد طلبت مني أسماء من كانت مؤلفاتهم وأبحاثهم خالية الخطأ مع صحيح أن العلوم التي ذكرتها لا يخفى على المطلعين كيفية تأليفها.ألم تلاحظ شخصيا كتب علم الرياضيات؟ ألم تطلع على كتب علوم الطبيعة؟ أن الكتب الحديثة التي لم تترجم بعد من الإنجليزية إلى العربية أو الفارسية، قد تكون غير مطلع على كيفيتها، إلا أنه من المأمول أنك تعرف كتب أهل اليونان مثل علم الهندسة لإقليدس.والواضح أن أحدًا.من العلماء في العالم لم يعترض على صحة علم الهندسة إلى اليوم (سواء كان مقرا بالإلهام أو منكره، أو كان يؤمن بالله أو كان ملحدا).أما إذا كان علم الهندسة في رأيك غير صحيح فأرجو أن تكشف لي أخطاءه من فضلك.
ثم تقول إني لم أراع أسلوب المناظرة في الرد على مقالك، فردا على ذلك أكتفي بالقول بأنه حين تُنشر مقالاتك ومقالاتي كلها في مجلة "برادر هند" سيحكم القراء المنصفون بأنفسهم هل ما تقوله صحيح أم لا.إذا وافقت وأخبرتني خطيا فيمكن أن أبدأ هذا الحوار من عدد الشهر القادم للمجلة.المخلص لك شيو نرائن أغني هوتري لاهور ١٨٧٩/٦/١٢م جناب البانديت المحترم لقد وصل خطابك الكريم بالضبط عندما كنت ذاهبا إلى أمرتسر بسبب بعض القضايا المهمة جدا.فلما لا أجد فراغا حتى لساعتين، لذا سوف أكتب الرد بعد العودة وسأعود- بعد ثلاثة أيام إن شاء الله أو أربعة أيام على أقصى حد وأرسله إليك.أبديت الرغبة في نشر هذه المقالات في برادر هند، لكنني أقول إنه يجب أن يرافقها رأي حكمين أيضا ثم تنشر.لكن المشكلة من أين نأتي بالحكمين فأقترح مضطرا أن تخبرني بانتخاب كاتب فاضل مشهور تقي متواضع باحث عفيف عديم التعصب من أفاضل برهمو سماج، وأحدٍ من الإنجليز الذين تسلّم بفراستهم منقطعة النظير، فإني سوف أوافق على الأغلب على انتخاب كليهما.ولقد سمعت عابرا أن الأستاذ كيشب تشندر من أتباع برهمو سماج جدير وذكي ومتفرس، وإذا كان هذا صحيحا فأوافق أن يكون هو، وأرفق معه أحد الإنجليز.إلا أنه
لن يكون من صلاحية الحكمين أن يكتفيا بالقول بأن ذلك الرأي صحيح في رأيهما أو ذلك.بل سيكون لزاما عليهما أن يدعما أو ينقضا كل دليل ببيانهما الشخصي.وثانيا أرى ألا يُنشر هذا المقال بالأقساط، لأن ذلك يفرض على الحكم الانتظار حتى صدور الأعداد الجديدة لمدة طويلة، بل " من المناسب أن ينشر المقال كله دفعة واحدة في "برادر" هند أي تكون ثلاثة مقالات منا وثلاثة منك وأن يرافقهما الرأي المفصل للحكمين كليهما.أما إذا وجدت الصعوبة نوعا ما في نشر رأي الحكمين هذه المرة، هذه الحالة ففي الأفضل أن تنشر المقالات الثلاثة معا بعد أن أرسل من إليك المقال الثالث بعد العودة من أمرتسر، وبعد أن ترد عليه بإيجاز.وليكتب في نهاية هذه المقالات أن يعلق عليها الحكم الفلاني والفلاني بالدليل ثم يرسل عددان لهذه المجلة إلى الحكمين مجانا.أرجو أن تخبرني برأيك بسرعة، لقد كتبت هذه الرسالة الوجيزة قبيل الانطلاق، وأرجو المعذرة إذا نقصت فيها بعض الكلمات أو زادت.الراقم المخلص لك غلام أحمد عفي عنه ١٨٧٩/٦/١٧م
الرد على جواب باوا نرائن سنغ المحترم، سكرتير آريا سماج أمرتسر المنشور في جريدة "آفتاب" ۱۸ فبراير/شباط لقد أثار باوا المحترم سؤالا أولا بأن ما هو الدليل على أن الله خالق الأرواح ويقدر على خلقها.فقبل أن أبدأ الرد على هذا الجواب أرى من الضروري البيان أنه ليس من حقك في حال من الأحوال بحسب قواعد فن المناظرة أن تطلب منا الدليل على كون الأرواح مخلوقة.بل من حقنا نحن أن نطالبك بالبرهان على أن الأرواح غير مخلوقة، ذلك لأنك قد أقررت بلسانك الكريم في العدد المذكور في العنوان أن البرميشور قادر، وأنه هو نفسه مدبر نظام العالم كله فالواضح أن إثبات قضية جديدة مسؤوليتك أنت؛ فكيف أصبح البرميشور القادرُ غير قادر؟ وليس من مسؤوليتنا نحن أن نثبت أن البرميشور القادر منذ الأزل ما زال قادرا.أيها الفاضل، كان من واجبك أن تثبت لنا كيف يعجز البرميشور القادر عن خلق الأرواح؟ فلا تصح مطالبتنا أن نثبت مدى قدرة البرميشور (الذي تم الإقرار بكونه قادرا على خلق الأرواح ؟ ذلك لأننا كلا الفريقين- نؤمن بأن الله قادر.وفي هذه القضية لا يوجد أي خلاف فينا وقد خلقتم هذا الخلاف أنتم إذ عددتم ذلك البرميشور القادر عاجزا عن خلق الأرواح.فقولوا أنتم بإنصاف على من يجب الإثبات في هذه الحالة؟
۳۹ أما إذا سلمنا تنازلا أن إثبات دعوى تقدمت بها، هو مسؤوليتنا نحن، فاستبشر بأنا قد نشرنا إثباتا كاملا بكون الله خالقا، وذلك في عدد "سفير هند" ٢١ فبراير.وعندما ستقرأ الجريدة المذكورة بإنصاف ستحصل لك قناعة تامة.كما من البين البدهي أن الإله ينبغي أن يكون خالق المخلوقات لا أن يمارس ألوهيته باحتلال الآخرين مثل الملوك الجبارين.إذا كان يختلج في قلبك شبهة أن البرميشور الذي لا يقدر على خلق مثيله قد لا يكون مثل ذلك قادرا على خلق الأرواح أيضا، فقد رددنا عليها أيضا بإتقان في العدد المذكور ٩ فبراير وملخصه أن الله لا يقوم أبدا بأعمال يترتب عليها حتما زوال صفاته القديمة.فكما أنه لا يقدر على خلق شريكه من المستحيل أن يُهلك نفسه أيضا، لأنه إذا قام بذلك فسوف تبطل صفتاه القديمتان أي الوحدانية الذاتية والحياة الأبدية.فذلك الإله القدوس لا يقوم أبدا بأي عمل ينافي صفاته الأزلية وما عدا ذلك فهو قادر على كل فعل.فقد أخطأت حين قست خلق الأرواح على خلق الشركاء الله.لقد كتبت سابقا أن قياسك هذا يعد "قياسا مع الفارق".غير أنك لو كنت أثبت أن خلق الأرواح أيضا ينافي عظمة الله وجلاله مثل خلق مثيله، لثبتت دعواك بلا شك.إن ما كتبت أنه يجب البيان كيف خلق الله الأرواح؟ يتبين من قولك هذا بجلاء أنك تنكر مطلقا أفعال الله التي ينجزها بقدرته، وأنك تعدّه محتاجا إلى الأسباب مثل بني آدم أما إذا كنت تقصد من قولك هذا أنك لا تفهم كيف يخلق الله الأرواح فقد كتبنا سلفا لإزالة هذه الشبهة أيضا أن
أن قدرة الله الكاملة لا تتضمن أبدا الشرط أن يفهمها الإنسان حتما.ففي العالم آلاف الأمثلة التي لا تدرك كنة حقيقتها القوة المدركة للإنسان.كما عدم إدراك العقل شيئا أمر، وكون ذلك الأمر مستحيلا أمر آخر تماما.فعدم إثبات كيفية خلق الله له الا الله الأرواح لا يُثبت أن الله لا يقدر على خلقها.لأن عدم العلم بشيء لا يستلزم انعدام ذلك الشيء.أفليس من المحتمل أن يكون فعل ما ضمن قدرة الله تعالى، ويكون عقلنا الناقص عاجزا عن التوصل إلى أسراره؟ بل القدرة الإلهية في الحقيقة أن يكون منزها ونقيا عن وصمة الاحتياج إلى الغير ويفوق إدراك الإنسان.إذا آمن الإنسان أولا بأن الله ،قادر ، ثم تفوه بأن قدرته لا تتجاوز الأسباب المادية، فكأنه يدحض قوله بنفسه.لأنه الا الله إذا كان قادرا في حد ذاته فما معنى الاستناد إلى شيء أو الاحتياج إلى سبب ما؟ فهل معنى "القادر" و"على كل شيء قدير" في كتبكم الدينية من لا يسير نظام قدرته دون التوسل إلى غيره والاحتياج إلى أسباب؟ ولا يتحقق أمر بمجرد حكمه؟ لعل ذلك قد يكون مكتوبا عندكم، أما نحن فلا نعدّ مثل هذا الضعيف إلها.إن إلهنا هو ذلك القادر الذي من صفاته أن كان ما أراد وسيكون ما يريد في المستقبل.ثم يقول لي باوا المحترم في جوابه بأنه كما آمنت بأن الله لا يقدر على خلق إله مثله، كذلك ينبغي الإيمان أن الله غير قادر على خلق الأرواح أيضا.إذا لم أستغرب من هذا الفهم والسؤال فماذا أفعل؟ يا صاحبي! لقد رددت مرارا على شبهتك هذه، وإلامَ أكتب مرارا وتكرارا؟ أستغرب لماذا
لا تستوعب الفرق البين، ولماذا لا ينزاح الحجاب عن قلبك أن قياس خلق الأرواح على خلق إله آخر فكرة فاسدة؟ ذلك لأن في صورة خلق إله آخر تبطل صفة الله الأزلية، أي كونه واحدا لا شريك له.أما خلق الأرواح فلا يؤدي إلى زوال أي صفة من صفات واجب الوجود، بل زوالها يكمن في عدم قدرته على الخلق ذلك لأنه يترتب عليه اختفاء صفة القدرة التي سُلّم بها في الله بالاتفاق.ولن تتحقق تلك القدرة لأنه ما دام البرميشور لم يخلق شيئا بمجرد قدرته الكاملة دون التوسل إلى الأسباب، فكيف نعرف أنه يملك قدرة ذاتية أيضا؟ وإن قلت إنه لا يملك أي قدرة ذاتية، فبهذا الاعتقاد يثبت احتياجه إلى الغير، وهو باطل عقلا بداهة.باختصار؛ إن كون البرميشور خالق الأرواح أمر ضروري لدرجة أننا إذا لم نؤمن بأن الأرواح مخلوقة، فيفسد نظام الألوهية.بينما خلق إله آخر ينافي ميزته الذاتية أي الوحدانية.فكيف يمكن أن يتوجه البرميشور إلى أمر يستلزم بطلان صفته القديمة.كما أن الاعتقاد بكون الأرواح غير مخلوقة وغير محدودة يؤدي إلى الاعتقاد بأن جميع الأرواح شريكة الله في كونه من تلقاء نفسه وغير محدود.كما يترتب عليه الاعتقاد أيضا بأن البرميشور محروم من صفته القديمة أي الخلق بلا أسباب ولن يكون بد من الإيمان بأن البرميشور قد فرض على الأرواح سيطرته المطلقة فقط ولم يخلقها، وهو ليس واجب الوجود.ثم تناول باوا المحترم في جوابه هذا قضية كون الأرواح لا حصر لها.وقد فندناها سلفا في عددي ٩ و ١٦ فبراير/ شباط من سفير هند بأربعة عشر
٢٤٢ برهانا قويا إلا أن باوا المحترم لا يزال ينكر فليكن واضحا عليه أن الإنكار وعدم الإيمان بشيء أمر سهل، ولكل واحد أن يتمسك برأيه.لكن حبذا لو كان قد فنَّد أيا من أدلتنا وقدَّم الأدلة على كونها غير محدودة.فلتعلم يا باوا أنه ما دامت الأرواح لا توجد في بعض الأماكن فكيف صارت غير محدودة؟ فهل من شأن غير المحدود أن يترك فراغا إذا توجه إلى مكان آخر؟ إذا كان البرميشور هو الآخر غير محدود بهذا المعنى فنظام الألوهية في خطر.فالمؤسف أنك لم تتدبر أدلتنا القوية، و لم تمعن فيها النظر قط، وجلست عبثا لكتابة الرد مع أنه من واجب طبعك المنصف أن تلتزم في جوابك بكتابة دليلك بمحاذاة كل دليل لنا.لكن متى كان ذلك ممكنا لك؟ فمما يثير العجب أن ردَّك هذا نفسه يتضمن إقرارك أيضا بأن جميع الأرواح في بداية الكون تتولد على الأرض، وتعيش الدنيا لمدة أربعة بلايين و ٢٥٠ مليون سنة فقط لا أكثر.الآن تدبروا يا أصدقائي وأحبتي في نفوسكم وتفكروا في قولكم أنتم شخصيا فيما إذا كان الخلق الذي بدأ من موعد محدد حيث خُلق الكل في مكان محدود، ثم انقطعت سلسلة التوالد والتناسل بعد مدة محدودة، فكيف يعتبر هذا الخلق غير محدود.لعلك قرأت بموجب الأصول الموضوعة للفلسفة هناك قاعدة معينة أنه إذا ظلت بعض الأشياء تتزايد لمدة محدودة فستبقى تلك الأشياء حتى بعد التزايد محدودة.فثبت منه أنه إذا ظلت الحيوانات المتعددة تلد لمدة طويلة معينة فلن يتجاوز عدد أولادها بحسب الأصول المذكورة تعدادا معينا.كما يمكن أن يفهم كل عاقل في ضوء الحساب الولادات الإجمالية في مدة أربعة بلايين أنه
٤٣ و ٢٥٠ مليون سنة، فليس من شك أنها ستكون ضعفين في مدة ثمانية بلايين و ٥٠٠ مليون سنة.مع أنه من أجلى البديهيات أن الشيء غير المحدود لا يكون قابلا للمضاعفة أبدا.فلو ثبت أن الأرواح غير محدودة، لما انحصرت في مدة معدودة يمكن أن تتضاعف عقلا.كما لا يسمي عاقل المحدودَ زمنًا ومكانًا غير محدود.فليخبرنا باوا المحترم لطفا منه أنه إذا كانت الولادات في أربعة بلايين و ٢٥٠ مليون سنة تسمى غير محدودة، فبم تسمى الولادات في ثمانية بلايين و ٥٠٠ مليون سنة؟ باختصار؛ إن القول بأن الأرواح الموجودة غير محدودة -رغم كونها محدودة في زمان ومكان لباطل صراحة.ذلك لأن التوالد والتناسل في مدة معينة لا يكون غير معدود أبدا.أما إذا قلت بأن جميع الأرواح تُخلق على الأرض دفعة واحدة فبطلانه واضح وبدهي.لأن الأرض محدودة بينما الأرواح بحسب قولك غير محدودة فكيف ينحصر غير المحدود في محدود؟ وإن قلت إن بعض الحيوانات لا تعود إلى العالم الجديد رغم حرمانها من النجاة، فهذا يعارض مبادئك، لأنه كما قيل سابقا مبادئك أن من جميع الأرواح التي لم تنل النجاة في ولادة سابقة تتولد لمواجهة عقوبة أعمالها في كل عالم جديد.ولا تبقى أي روح محرومة من الولادة.الآن إذا تدبرت هذا الدليل الوحيد على كون الأرواح محدودة في الزمان والمكان بغض النظر عن الأدلة الأخرى - فسيثبت بوضوح أنك لن تجد مناصا من الاعتقاد والتسليم بأن الأرواح معدودة.وخاصة إذا قُرئت الأدلة جميع المذكورة في السؤال الأول مقرونة مع هذه الأدلة المكتوبة في هذا التعليق،
فلن يبقى أي منصف لا يتوصل إلى النتيجة أن إنكار الإثبات الجلى بمنزلة ذرو الرماد على الشمس.فالمؤسف أن باوا المحترم، ما زال يزعم أن الأرواح غير معدودة وأنها لن تنفد بعد نيل النجاة.أما الحقيقة فقد ظهرت وهي أن جميع الأرواح تنتهي خلال مدة ٥ بلايين سنة.ثم عند كل "برلي" (أي (القيامة تكون نهايتها..كلها.فلو كانت غير معدودة لما عدّ انتهاؤها في كلتا الحالتين المذكورتين سابقا من المبادئ الأساسية لآريا سماج.فمما يثير الغرابة أن الباوا المحترم ينحرف عن مبادئه هو، ولا يفكر أن الأشياء القابلة للنفاد في حالة تتمتع بالقابلية نفسها في الحالة الأخرى أيضا.ولا يفهم أن المظروف لا يكون بحال من الأحوال أكبر من الظرف.فما دامت جميع الأرواح تري قدرها في كل عالم جديد بوجودها في الظرف المكاني والزماني، وتقاس بقياس الزمان والمكان دوما، فمن الغريب أن باوا المحترم لا يزال يشك في كون الأرواح محدودة؟ أسأل الباوا المحترم أنه إذا كانت جميع هذه الأرواح التي هي غير معدودة بحسب زعمه- تتوجه كلها إلى الدنيا فأي استبعاد عقلي في توجهها بدلا من ذلك إلى إخوتها الحائزة على النجاة؟ وأي مانع من المنطق يمنعها من هذا التحرك؟ وأي برهان لمي أو إني يفرض أن انتقالها إلى هذا العالم في كل دورة جديدة للحياة ليس جائزا فقط بل واجب بينما انطلاقها إلى أزقة الحائزين على النجاة ممتنع ومتعذر؟ لا أعرف وجود أي شارع معبد تنتقل جميع الأرواح عبره بسهولة إلى هذا العالم المادي، دون أن تبقى واحدة خارجه.بينما الطريق إلى الحائزين على النجاة مُعرقل بحيث يستحيل انتقالها كلها إليه.
فهل الله الذي يقدر على أن يميت جميع الأرواح ويخلقها، لا يقدر على أن يهب النجاة للجميع؟ فإذا كانت حالة جميع الأرواح قابلة للتغير من وجه، فلماذا لا تكون الحالة نفسها قابلة للتغير من وجه آخر؟ ثم أليس من الله النجاة الممكن أن يسمي تلك الأرواح حائزة على النجاة، كما قد سماها جميع إلى الآن غير حائزة على النجاة.ذلك لأن الأشياء التي تجوز النسبة السلبية إليها تجوز أن تنسب إليها الصفات الإيجابية أيضا.وليكن واضحا أيضا أن القضية بأن جميع الأرواح الموجودة يمكن أن تنال النجاة، هي ليست خاضعة للنقاش؛ حيث أن النتيجة النهائية لهذه القضية- وهي للجميع - قابلة للنقاش على سبيل جزئية القضية الكلية.بل المبحوث عنه هنا هو أمر كلي، أي أناقشه على الوجه الكلي فيما إذا كانت الأرواح الموجودة كلها التي لم تنل النجاة حتى الآن تجدر أم لا بحسب مبادئ الآريا سماج بأن يصيبها تغير شامل سواء كانت النجاة أو أمر آخر.فنحن نشكر السادة الآريين إذ قد أقروا بأنفسهم بأن هذا العارض العام يشمل جميع الأرواح في بعض الحالات.كما يؤثر الموت والحياة في جميع الأرواح الموجودة الآن يجب أن يقول باوا المحترم نفسه بإنصاف، أنه إذا كان قد أقر بنفسه وجود هذا العارض العام في مادتين فما سبب إنكاره في هذه المادة الثالثة أي فوز الجميع بالنجاة؟ ثم يقول باوا المحترم: إن الحيوانات الكثيرة إضافة إلى وجودها على الأرض تعيش في الشمس والقمر وجميع الكواكب أيضا، فزعم بذلك أنه ثبت بذلك أنها غير معدودة.فليتضح على باوا المحترم أن هذه الفكرة أولا
لبعض الفلاسفة وأخذها الفلاسفة الأوروبيون.بينما نحاور أتباع آريا سماج بحسب مبادئهم.وإذا سلمنا بأن أتباع الآريا سماج أيضا يتمسكون بهذا المبدأ نفسه فمع ذلك لا يتحقق مرامك، إذ يُستنبط منها فقط أن مخلوقات الله لا الليل كثيرة.فما علاقة هذا الدليل بكون الأرواح غير معدودة؟ وقد يكون راسخا في ذهن باوا المحترم بحسب التعبير الشائع للعامة، أن غير الكثير.فليفهم باوا المحترم أنه ما دامت جميع هذه الأجسام الأرضية والأجرام السماوية معدودة ومحدودة بحسب علم الهيئة وعلم المعدود يعني الجغرافيا، فأنى للأشياء التي توجد فيها أن تُعدّ غير معدودة! فما دام الله قد أحصى جميع الأجرام والأجسام في السماوات والأرض عددا، فكيف يكون ما فيها غير معدود فدعواك لا تثبت من مثل هذه الأدلة.كان حريا بك أن تثبت أن الأرواح الموجودة تفوق جميع الحدود والقيود وظروف المكان والزمان وفضاء العالم.لأن الله هو الله أيضا يسمى غير محدود بهذا المعنى.وإذا كانت الأرواح غير معدودة، فيجب إثبات العلامات نفسها في الأرواح أيضا.ذلك لأن الأرواح تشارك الله له بحسب قولك في كلمة "غير محدود".وإن الحد التام لها أيضا واحد، إذ لا يجوز أن يكون لها معنى إذا نُسبت إلى الله ، ويكون لها معنى آخر إذا نسبت إلى الأرواح.ثم يقول باوا المحترم أن أحدا لم يتمكن من إحصاء الأرواح حتى اليوم، لذا فهي غير معدودة، ويستدل عليه بقاعدة حسابية لا علاقة لها بما نحن فيه.ويستنتج منها أن غير المعدود لا يحدث فيه أي نقص.فليكن واضحا
على باوا المحترم أني قد بينت العدد المقدر المخمن للأرواح بحسب معتقداتك، وذكرت كونها محدودة في ظروف المكان والزمان بحسب المبادئ نفسها، بينما تقدّم لنا حتى الآن الحساب الذي يتعلق بالأشياء غير المعلومة والمفهومة.فإذا كنت تقصد أنه كما يعرف أمين الخزينة تفصيلاً مجموع ما لديه من الدراهم والقروش والمليمات كذلك لو عرف الإنسان العدد الكلي للأرواح فعندئذ تكون جديرة بالنقص، وإلا فلا.فهذا أيضا خطؤك.ذلك لأن كل عاقل يعلم أن الشيء الذي عُرف قدره المخمن بواسطة أي قياس، فلا بد أن يسلّم العقل بأنه إذا أخرج من القدر المخمن شيء، فيحدث النقص في العدد الإجمالي بقدر العدد المخرج.فكيف يصح ينضم فوج كبير من الذين نالوا النجاة إلى جماعة الحائزين على النجاة سلفا، ولا يحدث نقص في الأولين ولا زيادة في الآخرين، مع أن كليهما محدود و محصور في ظروف المكان والزمان.أن أما ما يقول باوا المحترم بأننا أيضا يجب أن نعرف العدد الإجمالي للأرواح وعندئذ تصدق عليه قاعدة الجمع والنقص.فقوله هذا أيضا جدير بالانتباه، وإلا من الواضح بجلاء أن الله الله نفسه يجمع وينقص، وهو عليم بجميع الأرواح الموجودة ويعرفها فردا فردا.وأي شك في أن أحد هذه الأرواح عندما تنتقل إلى الأرواح الناجية يعلم البرميشور أن هذه الروح نقصت من هذه الجماعة، بينما ازداد عدد الجماعة الأخرى.إذ ليس من المعقول ألا يحدث نقص ولا ازدياد بخروج فرد منها ولا بدخوله، بحيث لا تنقص الأرواح التي خرجت منها تلك الروح، ولا تزداد تلك الأرواح التي
انضمت إليها تلك الروح.كما لا يمنعنا أي برهان منطقي من إعطاء الرأي حول أمر متيقن متحقق بأن الأشياء التى عرفنا قدرها، بواسطة الظرف الزماني أو المكاني، هي قابلة للزيادة أو النقص بخروج البعض منها أو انضمام البعض إليها.فمثلا لو وُجدت ذخيرة من الغلال في غرفة ما، _ والناس يأخذون منها، لاستطعنا القول رغم محدودية نظرنا بنقصان الذخيرة بقدر ما يخرج منها، حتى لو لم نكن نعرف وزنها الدقيق.أما ما قلت بأنه لما كان علم الله غير محدود والأرواح أيضا غير محدودة لذا لا يعرف الله عدد الأرواح ، فهذا القول في غير محله.فمن ذا الذي.يقول يا سيدي أن علم الله ليس غير محدود؟ وإنما الكلام والنزاع في معلوماته عن الموجودات المعينة في زمن ،واحد والمحصورة في ظرف المكان والزمان والمحدود.فهل يعرف عدد تلك الأشياء الموجودة المحدودة المعينة أم لا؟ فقولك هذا يفيد إذا أثبت أن تلك الأشياء الموجودة المحدودة غيرُ موجودة وغير محدودة.لذا لا يمكن القول بأن العلم الإلهي المحيط بالموجود وغير الموجود كليهما غير محدود، لذا إن عدد الموجودات المحصورة في العدد أيضا غير محدود وأبدي من المؤسف كيف حسبت علم الله بالغيب غير محدود، بينما لم يقدر على الإحاطة بالأرواح ولا يستطع إحصاءها مع أنها كلها كانت موجودة ولم تكن غائبة.فكم من الطريف أن السماء والأرض قد أخبرتا عدد تلك الأرواح بلسان الحال بحملها في طياتها، إلا أن الله لم يعرف عددها مطلقا.فعجيب هذا الإله وأعجب منه علمه، فأنا أسألك هل هذا العلم جزء من العلم الكامل غير المنتهي الله العليم العليم بالأرواح
الموجودة أو كله؟ إذا كان كله فهذا يستلزم ألا يكون الله عالما بأي شيء سوى الأرواح، وألا يكون أحد أعلم بها منه أما إذا كان جزءا منه فثبت أنه محدود، لأن الجزء دوما أصغر من الكل.وثبت منه أيضا أن الأرواح محدودة، وهذه هي حقيقة الأمر.فالذي وهبه الله نور المعرفة يعرف جيدا أن علم الأرواح الموجودة على الأرض لا يساوي قدر البلل على الإبرة بعد إخراجها من الماء بمحاذاة بحور العلوم الإلهية غير المنتهية.6 ثم يقول باوا المحترم: "إن الاعتراض على القول بأن كون أحد غير محدود وأزلي يخص الله ، وإذا عُدَّت الأرواح أيضا غير محدودة وأزلية فسوف تكون شريكةً لله - باطل.ذلك لأن المشاركة الجزئية في شيء لا تحقق المساواة.إذ أن الإنسان أيضا ينظر بالعين والحيوان أيضا، لكن من المستحيل أن يعدا مساويين." فدليل باوا المحترم هذا تغليط وتضليل، وإلا فأي عاقل لا يعرف أن الصفات التي يتصف بها الله الله كلها خصائص ذلك العديم النظير.ولا يمكن أن يشارك الله فيها أي شيء، لأنه إذا كانت المشاركة في أمر أو صفة واحدة ،تجوز، فلا بد أن تجوز مشاركة الغير في جميع الصفات أيضا، فإذا جازت المشاركة في جميع الصفات فقد ظهر إله آخر.كيف تبرهن على أن غير الله أيضا يشاركه الله في كونه أزليا وغير محدود، لكن صفاته الأخرى تخصه وحده؟ فتدبر قليلا: هل جميع صفات الله متساوية أو متقاربة؟ فالواضح أنه إذا جازت مشاركة الغير في إحدى صفات الله الخاصة لا اله الا الله فلا بد أن تجوز مشاركة الغير في سائر الصفات أيضا.وإن لم تكن جائزة في إحداها فلا تجوز في كلها.أما المثال الذي
قدمته بأن الحيوانات أيضا تنظر بالعيون مثل الإنسان لكنها لا تصبح إنسانا بسبب هذه الرؤية، ولا تساويه ،درجةً، فمثالك هذا في غير المحل.فلو تدبرت قليلا لما قدمت هذا المثال قط.يا صاحبي من ذا الذي قال: إنه لا توجد أي مشاركة أو مجانسة في الممكنات والعوارض الخارجية.بل الأمر المتنازع فيه هو هل أحد غير الله شريك له في الخصائص الإلهية أم صفاته تخصه وحده؟ فأنت تدعي هذا الأمر المتنازع فيه وتقدم نظير الممكنات التي هي خارج المبحث تماما.فلإقامة الحجة يجب أن تقدم نظيرا من الأمر المتنازع فيه.وإلا لا تقوم الحجة بذكر التشارك والتجانس في الممكنات، كما ليس من العقل قياسُ خصائص البارئ بعوارض الممكنات.بالإضافة إلى ذلك فإن خصائص الممكنات أيضا تخص ذواتها فقط.كما أن الميزة المميزة للإنسان أنه حيوان ناطق.فالنطق من الخصائص الذاتية للإنسان التي تفصله وتميزه عن الغير.فالرؤية بالعيون ليست من صفاته المميزة الفاصلة، ذلك لأن الإنسان يبقى إنسانا حتى لو صار أعمى.ومن الخصائص الذاتية للإنسان ما يبقى في نفسه حتى بعد مفارقة الروح بدنه.إلا أنه من الحق أن في الممكنات لكونها متحدة كلها في التركيب العنصري ومتشابهة أيضا- تخرج بعض الحالات من الحقيقة التامة.كما أن الإنسان والحصان والشجرة مشتركون من حيث الجوهر وكونها ثلاثية الأبعاد وقوة النمو، بينما الإنسان والحصان متشاركان في الشعور والتحرك بالإرادة، إلا أن الماهية التامة لكل واحد منهما مختلفة.فالصفة العارضة للممكنات زائدة على الحقيقة التامة، بحيث تتشارك أحيانا وتتغاير أحيانا أخرى، وأحيانا
تندرج في زمرة جنس واحد من حيث المشاركات المختلفة رغم كونها مختلفة الحقائق ومتغايرة الماهية.بل تكون أحيانا جنسا واحدا لحقيقة واحدة.فهل فكرت قليلا لماذا يحدث كل هذا؟ إنما يحدث لأن تركيبها المادي يكون مضافا إلى حقيقتها الأصلية، ولتركيبها المادي كلها أصل واحد.ولعله من الواضح عليك الآن أن مشاركة المخلوقات في الخصائص الذاتية ليست مشاركة في جوهرها بل هو اشتراك في العوارض الخارجية، فالعين الباطنية للإنسان التي يقال لها "البصيرة القلبية" (Enlightenment) لا توجد في الحيوانات أبدا.جميع أدلة لقد سكت باوا المحترم أخيرا في نهاية جوابه بالقول أن المعترض أوهام لا تجدر بالرد لعل الفطنين المتأدبين قد أدركوا فورا لماذا اضطر باوا المحترم للتفوه بهذا القول، فالحقيقة أن صديقنا المكرم جناب باوا المحترم اندفع إلى الرد أولا وبذل قصارى جهده واستنزف الجهود من أجل ذلك لكنه في الأخير حين لم تنجح له أي محاولة ورأى أن العقد لا تنحل جلس متعبا مرهقا، قائلا: ما الداعي إلى الرد؟ فهي أوهام.لكن كل عاقل يعرف أن الأدلة التي أساسها مقدمات يقينية لا يمكن أن تعد أوهاما.الآن ننهي هذا الموضوع ولن نكتب في المستقبل دون ضرورة.الراقم مرزا غلام أحمد زعيم قاديان
الرد المهم على استفسار المنشي غرديال المحترم، أستاذ المدرسة المتوسطة في شنيوت المنشور في جريدة آفتاب ١٨٧٨/٥/١٦م فائدة لقد قدم المنشي غرديال المحترم بعض أفكاره عن كون الأرواح أزلية، وطلب منا الرد عليها بمنتهى الإصرار وإن كنا قد كتبنا في نهاية المقال السابق أنا لن نكتب شيئا حول هذا البحث دون ضرورة، إلا أن المنشي الكريم قد التمس كثيرا بقصد إزالة شكوكه، ونرى نحن أيضا أن رفع الشبهات للسيد المذكور هو في الحقيقة بحث علمي رائع لا يخلو من عامة.لذا نسجل هذا الرد باعتباره استثناء بمراعاة الاختصار لكونه مهما ولا بديا ومفيدا للعامة.الفكرة الأولى للمنشي المحترم التي قدمها إثباتا على كون الأرواح أزلية باعتباره إياها دليلا، هي أن الله هو العلة التامة لمخلوقاته والمخلوقاتُ الله كلها معلول له ومعلوم أن أي معلول لا يتأخر عن علته التامة، فثبت أن الأرواح الموجودة قديمة مثل الذات الإلهية، وليست حادثة.وردنا على ذلك أن استدلال المنشى المحترم هذا ليس صحيحا مطلقا، ولا يفيده أبدا.فبدلا من أن يصدق دعواه يُثبته خاطئا، لأن من الواضح أن
۰۳ الإله الكريم المقدس غير محدود وغير ،فان، وأن غير المنتهي هو علة تامة لخلق الأرواح.وإذا افترض الآن بحسب قول المدرس أن تأخر المعلول عن علته التامة مستحيل، فهذا يستلزم أن تكون الأرواح الموجودة (التي هي موجودة منذ القدم بحسب قوله) غير محدودة وغير منتهية.ذلك لأن العلة التامة إذا كانت غير محدودة فيجب أن يكون المعلول أيضا غير محدود، وإلا سيستلزم أن يكون تأثير المؤثر الكامل ناقصا.مع أن بطلان كون الأرواح غير محدودة قد ثبت بأربعة عشر دليلا لنا التي لم يجد البانديت ديانند المحترم أيضا مناصا من قبولها كارها فلما بطل الدليل على كون الأرواح غير محدودة، فكيف يعد صادقًا من يقول بأنها أزلية.بالإضافة إلى ذلك تشهد مشاهدة أفعال الله أيضا على عكس ذلك، لأن القانون الطبيعي الذي نجربه ونلاحظه كل يوم قد أثبت لنا أن الأفعال الإلهية التي هي مرتبطة بالأوقات ومؤقتة بالأزمنة، والتي تظهر في الأوقات المختلفة بانتظام، حيث تكون الشمس ساطعة أحيانا وأحيانا تظهر الغيوم، وأحيانا يحل الليل، وأحيانا يطلع النهار ، وأحيانا تكون الأفراح، وأحيانا تسود الأحزانُ.فكنا في زمن من الأوقات معدومين، والآن نحن أحياء على الأرض، وسيأتي زمن لن نكون فيه.والواضح أن كل ذلك يتم بمشيئة الله ، وأن هذه المشيئة الإلهية الأزلية علة تامة لكل هذه الأمور والعوارض.فلو تصورنا بحسب قول المدرس المحترم أن موافقة الخالق بالمخلوق واجبة، فهذا يستلزم أن تبقى جميع الحوادث التي تظهر بين حين وآن على صورة واحدة؛ ويكون في العالم دستور واحد.لكن كل عاقل يعرف أن
العالم متغير، ولا يمكن أن تجتمع جميع أجزاء الحوادث في آن واحد، وأنه ليس لأي مخلوق قرار على وضع معين، فثبت أن الأدلة التي قدمها المدرس المحترم باطلة تماما ولا يُعتد بها.وبالإضافة إلى ذلك حين نتدبر الشق الثاني، أي هل هناك دليل قوي على كون الأرواح أزلية أم لا؟ فنجد الأدلة اليقينية القوية التي لا يجد الإنسان بدا من قبولها.فقد كتبنا كثيرا في هذا الموضوع في المقال السابق، وإعادته ليست ضرورية.إلا أن هناك دليلا جديدا قد حسم قضية بطلان عقيدة كون الأرواح أزلية بل كشف أمرها تماما ونسجله هنا في هذا المقال أيضا.ومقدمة هذا الدليل أن أتباع آريا سماج قد أقروا بموجب معتقداتهم المسلَّم بها، أن الأرواح الموجودة ليست أقدم من أربعة بلايين و ٢٥٠ مليون سنة، وكل ما وُجد من الأرواح يبدأ خلال هذه المدة وينتهي خلالها أيضا.بالإضافة إلى إقرارهم بأن مَقرَّ هذه الأرواح كلها هذه الكرة الأرضية المعلومة والمحدودة وأن جميع الأرواح تتعلم وتتلقى العلوم في هذه المدرسة، بل إن جميع الأرواح التي حظيت بالنجاة إلى اليوم هي خريجة هذه المدرسة الصغيرة.من الواضح أنه قد تبين جليا الآن من هذه الاعترافات أن الأرواح الموجودة ليست غير محدودة، بل لها عددٌ وحد مقدَّر لكونها محدودة في زمن ومكان محدودَين.فإذا كان هذا هو حالها فليتدبر القراء الكرام كيف يصح في هذه الحالة قولُ المدرس المحترم بأن الأرواح أزلية حتما.لأنه حين ثبت أن الأرواح ليست غير محدودة بل قد قُدِّر لها عدد معين، فلا بد من
α00>> الإيمان في ضوء ذلك بأن هناك بداية للتناسخ والفوز بالنجاة؛ أي ذلك الزمن الذي خلقت فيه أي روح أولا، أو نالت النجاة.فلما ثبتت بداية التناسخ والفوز بالنجاة فلم تبق الأرواح أزلية.لأن "أزلية" تعني شيئا لا يكون له أي بداية فثبت أن الأرواح ليست أزلية، وهو المراد.(فماذا تقول الآن يا صاحبي ! هل ستظل تعدّ الأرواح أزلية بعد الآن؟).بعضهم قالوا بأن من المحتمل أن تكون جميع الأرواح عاطلة وفارغة أولا من زمن غير منته، وبعد ذلك خطر ببال "إيشر" أنه ليس مناسبا أن تبقى الأرواح عاطلة؛ فمنذ ذلك اليوم خلق جميع الأرواح في صورة أناس وحيوانات وحمير وخيول وألقاها في مصيبة الولادة والموت، وبدأت النجاة أيضا.وفي هذه الحالة لا يُحدث التناسخُ وبداية الفوز بالنجاة أي خلل في كون الأرواح أزلية.سبحان الله، ما أروع الجواب من هنا عرفنا أن أتباع آريا سماج قد تقدموا كثيرا في نسج المكر الدقيق، ولذلك يتقدمون بمثل هذه الردود الرائعة.فأسألك يا صاحبي، هل كانت جميع الأرواح قبل التناسخ والفوز بالنجاة تعاني الآلام والأحزان أم كانت تتمتع بالراحة والرغد؟ فإذا كانت تعاني الألم فعقابا على أي عمل سيئ؟ أما إذا كانت تتمتع بالراحة والسكينة فجزاء على أي عمل حسن؟ كما أنها إذا كانت مسرورة فرحانة سلفا فإن جهودها للفوز بالنجاة تعدّ تحصيلا الحاصل.الأمر الذي يستلزم الاعتقاد بأنها لم تكن موجودة.أما إذا قلتم أنها كانت سلفا بالسكينة تتمتع والرفاهية، إلا أنها ألقيت في دورة التناسخ لتنال معرفة الله ، فنقول إن
الأرواح إذا لم تحرز المعرفة الإلهية بالتعايش مع الله لمدة غير متناهية وبكونها رفيقة له بل بكونها شريكة له للأبد، فمتى كانت تستطيع أن تجمع ذخيرة المعارف بكونها حشرات؟ بل إن إصابتها بأنواع الآلام مثل الولادة والموت لذنب لم ترتكبه ينافي مبادئ الآريا سماج.ولذلك يتوجه التناسخ إلى جزيرة العدم.ثم لما كان تعطّل الأرواح أيضا لا يجوز قطعا بحسب معتقدات الآريا سماج، فكيف جاز التعطل غير المنتهي؟ فالفكرة بأن الأرواح أزلية باطلة تماما.ثم يقول المدرس المحترم: إن ولادة الأرواح مرة بعد أخرى مستحيلة، بل الأرواح التي يمكن أن تُخلق موجودة منذ القدم، والقدرة على الخلق أكثر في المستقبل مفقودةً، فهذا الخطاب يمكن بتعبير آخر أن......وجد هذا المقال ناقصًا، و لم يتم العثور على بقيته، فتم نقله كما هو.(المترجم)
LOVE الرد على مذهب الملحدين سؤال الملحد: إن لم يكن الله جسم فما ماهيته؟ الجواب: الجسم ما يمكن أن يوزن بكذا من الكيلوات أو الأطنان، وما يمكن أن يقاس حيث يمكن أن نقول أن طوله وعرضه كذا.أما الله نور؛ فهو منزه عن كل النقائص والعيوب، كما قال الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.حين ننظر إلى الروح يحصل لنا يقين بأن في الدنيا أشياء ليس لها جسم لكنها موجودة.تدبروا قوله تعالى: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ومن الأدلة على وجود الله الله أنه لا بد لنا من التسليم بأن للزمن بداية ما حتما، لأنه إن لم تكن له بداية فيجب أن يشغل بنو آدم كلُّهم الأرض كلها ولا يبقى فيها أي زاوية فارغةً مع أن الحكماء قدروا بالدراسة، أن لقد نشر السيد يعقوب علي عرفاني هذا المقال في جريدة الحكم بتاريخ ١٩٠٩/٠٥/٢١، وكتب معلقا عليه كما يلي: بما أنني أجد في نفسي رغبة عارمة في جمع كل ما كتب سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني الة قبل دعواه لأطلع الإخوة الكرام على هذا الكنز الروحاني العظيم وأواصل المساعي من أجل ذلك فقد وجدت هذا المقال القيم لحضرته عند مرزا سلطان أحمد، وتاريخه يعود إلى أربعين سنة تقريبا أي قبل أن يؤمر حضرته بتأسيس الجماعة.(المترجم) النور ٣٥ الذاريات ٢١
امرأة ورجلا يمكن أن يملآ ربع الأرض المسكون خلال سبعة آلاف سنة.وإذا مضت أكثر من سبعة آلاف سنة فينبغي أن تكون هناك أرض أخرى.فكل إنسان يمكن أن يفكر كم من أفراد قومه قد خلوا من هذه الدنيا.فمثلا كان قبل ثمانمائة سنة إنسان اسمه مغول، وسلالته تسمى عائلة مغول، ولكم أن تقدروا كم بلغ عددهم إلى الآن وكذلك كان شخص اسمه "باوا نانك" قد مضى على رحيله ثلاثمائة سنة فقط، فقد بلغ عدد أفراد عائلته إلى الآن ألوفا مؤلفة.ومن هذا الدليل تبين أن للدنيا بداية ونهاية.أما البداية فتثبت من أنه كلما نظرنا إلى الخلف عرفنا كم عسى أن تكون المدة؟ وأما النهاية فتثبت أن الأرض عبارة من عن ميدان محدود لا يتسع لمخلوق غير محدود، فلا بد من نهاية هذه الدنيا.فالشيء الذي له بداية ونهاية هو مصنوع وليس أزليا، ومن ثم لا بد من التسليم بأن لهذا المصنوع صانعا، وهو الله الله إن قلتم إن عدد الأولاد في بعض العائلات ليس كثيرا بل يبقون بنفس العدد، فجوابه أن هذا عَرَضي، لأنه قد ثبت من التجربة أن المرء حين يشتري معزة تصبح قطيعا، ومن المعلوم كقاعدة عامة أن الموت الطبيعي في الدنيا يحدث بعد ستين أو سبعين سنة، ويبدأ النمو السكاني بعد خمسة عشر عاما، ومما يدل على ذلك أن الجزر التي كانت غير مسكونة في الماضي قد صارت مسكونة ومأهولة.
2097 والدليل الثاني على وجودِ واجب الوجود أننا لا نرى أي مصنوع بلا صانع، إذ لا يمكن أن تنشأ حُجرة صغيرة دون أن يبنيها أحد.فكيف بالحجرة الكبيرة الهائلة التي مساحة أرضيتها تقدر بأكثر من ١٢٤٠٠٠ ميل، والتي بني سقفها بإحكام وبمنتهى المهارة، ووضعت فوقه مصابيح للإنارة، وهي مرتبة بحيث جُعل أحدها أعلاها وجعلت البقية نيرة تابعة له كيف نشأت من تلقاء نفسها دون أن يصنعها أحد؟ هنا يطرح الملحدون سؤالا أن بناة الحجرات في العالم نراهم بأم أعيننا، لكن الذي بنى السماء والأرض لا يتراءى لنا؟ وجواب ذلك أنه لما كان باني الحجرة يتراءى، فلم تكن حاجة لدليل بثبت وجوده؛ إذ نحتاج للدليل حيث نضطر لإثبات شيء لا يُرى.فانظروا أن في مصر بنايات قديمة يتعذر بناء مثيلاتها على أناس هذا العصر، لكن يمكن أن يوقن بأن المعماريين بنَوها.فالمصنوع بحد ذاته يدل على الصانع، سواء تراءى أم لا.إذا صنع الإنسان جهازا جديدا لم يصنعه رجل قبله، و لم يصنع مثله أحد من قبل، ولم نر ذلك الصانع، فهل يمكن أن نظن أن ذلك الشيء ظهر من تلقاء نفسه؟ فكل عمل مصمم بالعقل يدل على صنع عاقل.ومن التعصب وشقاوة النفس أنه حين ننظر إلى مصنوع نقر بكونه عملا مصمما بالعقل في الحقيقة ثم ننكر ونقول: لم يصنعه عاقل.فثمة فرق دوما بين فعل ذي الشعور وفعل غير ذي الشعور، هذا سهو، والأصل ٢٤٠ مليون مربع ميل.(المترجم)
فالمصنوع الذي وُجدت فيه علامة أن صانعه راعى مطالبه بالإرادة، وأن الفعل غير عابث فسوف يحكم العقل السليم بحق ذلك المصنوع أنه فعل صانع ذي شعور.فمثلا إذا سقط حبر على ورقة فمن المحتمل أن يكون إنسان قد أسقطه أو فأرة أو سقط مصادفة تلقائيا.أما إذا كتبت على ورقة صفحة من كتاب يستبين منها مفهوم مهم؛ فلن يقول أي لبيب أن ذلك كتب تلقائيا دون أي كاتب.ثم إذا كانت تلك الحروف من نوع لم نره من قبل، لكننا حين اكتشفنا من تلقاء أنفسنا أنها أيضا حروف تشكلت منها عبارة مئات الصفحات بانتظام، ففي هذه الحالة لن يبقى لدينا شك في أن كاتبا معينا كتبها حتما، حتى إذا لم نكن قد رأينا كاتبها و لم نر الحروف من النوع الجديد.فانظروا إذا كانت حجرة السماء والأرض صغيرة لقلتم نظرا لكمال حسنها وجمالها حتما أنه قد بناها إنسان عاقل.إذن يجب التفكير في أنه إذا كانت هذه الحجرة الصغيرة أيضا لا يمكن أن توجد دون بان، فكيف وجدت هذه الحجرة الكبيرة من تلقاء نفسها دون أن يبنيها أحد.والدليل الثالث على وجود الله الله أننا نلاحظ في العالم أن شيئا يحضّر بمساعدة شيء آخر، فالشجرة مثلا تنبت بمساعدة الماء، والمطر ينزل بمساعدة الشمس، ويظهر وجود الحيوانات بمساعدة الحيوانات الأخرى، ولا نرى على هذه الأرض شيئا يلد أو يولد دون غيره، ومن ثم لا نجد بدا
117 من القبول أن يكون أحد يساعد الجميع، وهو يكون واجب الوجود ومن تلقاء نفسه.لقد خلق الأنسان من نطفة والنطفة من غلة والغلة من تراب ولكن من أين وُجد التراب؟ إذا قلتم أن التراب وُجد من تلقاء نفسه فهذا ناقص لأن ما يوجد تلقائيا لا يحتاج إلى غيره في أي حال، أما التراب فهو يحتاج للماء لبقاء تماسكه لأنه إن لم يكن مع التراب ماء لذراه لم الهواء، كما أن التراب يحتاج إلى الماء من أجل الإنبات أيضا، وأي محتاج لا يكون أزليا، ولا نستطيع أن نصف المحتاج بأنه واجب الوجود.إضافة إلى ذلك قد خُلقت الأشجار من التراب وهى أفضل منه، والناقص لا يكون واجب الوجود.والدليل الرابع قول الله تعالى: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ وقوله : أفي الله شَكٍّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ومعنى هاتين الآيتين أنه بمشاهدة العالم يثبت أن شيئا ما خالق وفاطر لشيء، كما أن الأبخرة تنشأ بسبب حرارة الشمس، والسحاب يتشكل من الأبخرة، والماء ينشأ السحاب، والفواكه تنشأ بالماء، لكن الله الا الله أحسن الخالقين، من وكذلك هو فاطر السماوات والأرض، الذي يخلقها من العدم.المؤمنون ١٤ ۱۰ إبراهيم ١٠
يؤمن ثم إن لم يكن هناك إلهُ لسُدَّ باب جميع الخيرات والحسنات؛ لأن الناس كلهم يعملون الخيرات والحسنات لأنها تفيدهم ولا أحد ينجز أي عمل دون أن ينظر إلى نفعه وضرره، إذ يرى ذلك عبثا.وكذلك فإن الذي لا بالله لا يمكن أن يخاف السيئة، لأن السيئة تعد سيئة نظرا لنتيجتها السيئة، وإن لم تكن نتيجتها سيئة فلن يعتبرها أي قلب سيئة، وإن لم يكن هناك خوف من ارتكاب سيئة فلن يكون مانع من ارتكابها، وإن قلتم إن الملك والحاكم يمنع من ذلك، فنقول من الذي يمنع الملوك والحكام منها، فالذي يملك السلطة والقدرة لا يخاف أحدا، كما أن الملك أو الحاكم لا يكون حاضرا وناظرا عند كل إنسان كل حين وآن، ولا يخطر ببال الإنسان أنهما ينظران لأعماله كل حين وآن.أما القول بأننا لا نرى صانع الأرض والسماء لذا لا نؤمن به، فهذا تحايل واضح، لأنه إذا رُئي الصانع في هذه الدنيا لما كانت الدنيا على حالها هذا، ولما نال أحد الثواب على إحراز الحسنات لأن الثواب يترتب فقط على إيمان المرء بالله في الغيب بدافع الاتقاء، أما إذا أظهر الله نفسه فمن أين الثواب؟ فقد قال تعالى: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..الدليل الثاني على وجود الله أن أفكار الخلق كلهم تتفق على أن هناك رب العالمين، كما أنها تتفق على أن صنع الأرض والسماء في الحقيقة البقرة ٢-٣
۶۳ يستحيل أن يتحقق دون أي صانع، فالأمر الذي يقرره كثير من الألباء هو الصحيح حصرا.يقول الملحدون إننا نرى صانع كل شيء لكننا لم نر صانع الأرض والسماء، فكيف نؤمن بوجود صانعهما؟ وجواب ذلك: صحيح أنكم لا ترون الصانع، لكنكم في الوقت نفسه ترون المصنوع، وإذا كان هناك شيء مصنوع وصنع بمنتهى البراعة والمهارة ولا يتراءى لنا صانعه، فسوف نقول حتما أن أحدا صنعه.فالبحث هنا هل المصنوع يدل على الصانع أم لا؟ يقول الملحدون مهما كان العمل قد تم بمنتهى العقل وتم صنعه بكل إتقان وبراعة، فلن يؤمنوا بصانعه ما لم يروه.إن هذا من شرورهم وإلا ليس ثمة حاجة مطلقا لرؤية الصانع، فالعمل الذي تم بعقل إذا ثبت لنا أنه مصمم بالعقل فسوف يرسخ ببالنا تلقائيا أن عاقلا أنجزه.كل ما في الأرض والسماء نراه بأم أعيننا؛ فنرى أن شيئا ما يتكون بمساعدة غيره ويبقى شيء بمساعدة شيء آخر، بل بمساعدة الأرض والسماء يُظهر قدراته، في هذه الحالة نطرح السؤال على الملحد: بمساعدة من قد خُلقت الأرض والسماء، وهما إلى الآن باقيتان بمساعدة من؟ يقول الملحدون أن الأرض والسماء قائمتان بشهادتهما، ونسألهم أن أخلاق الأب تعرف في الابن، وكل ما يُخلَق في الأرض والسماء هو ابن لهما، ولا يمكن أن يبقى بدون سند ما، ومن هنا تبين لنا أن هذه هي شهادة الأرض والسماء، لأن أخلاق المولود لا تختلف عن والده.والأمر المصمم بالعقل
إذا ثبت لنا أنه مصمم بالعقل، فلن يبقى لنا حاجة إلى أن نرى صانعه، و دليل ذلك أن الفعل الذي تبين بصراحة أن فاعله قصد من صنعه شيئا معينا عن عمد، فلن يعتبر الخبيث الغبى ذلك الفعل مصادفة، بل سوف يقر بأن له فاعلا حتما، فمثلا إذا وقع الحبر على الورق تلقائيا فسوف يُشَكٍّ في كيفية وقوعه، لكنه إذا وُجدت عبارة في ورقة أو ورقتين، والعبارة توحي أن الكاتب كان له هدف معين من ذلك، فلن يقول أي عاقل أن تلك الكتابة حصلت تلقائيا ! ثم إننا نسأل الملحد من الذي يجعله شابا وشائبا، وتأثير أي شيء هذا؟ ثم نسأل الملحد أن الشمس والقمر والأرض والهواء التي هي مسخرة لك، ولا تتغافل عن خدمتك لحظةً، هل أنت ممتن لها أم لا؟ إن قلت إنها تعمل عملها دون أي شعور فهذا باطل، لأن الفعل الذي يتم دون الشعور ومراقبة شخص آخر، يفسد ، وإن كانت بشعور فيجب أن تمتن لها.ثم نسأل الملحد أن طلوع الشمس ونزول الأمطار هل هو مصادفة أم بتصرف أحد، إذا كان مصادفة فيمكن أن تنزل الأمطار بكثرة أو تشتد الشمس في فصل الربيع، لأن في المصادفة يحدث خطأ أيضا، أما إذا كان أحد يتصرف فيها فيثبت الله؛ لأن الله وجود هو الذي يتصرف في العالم.ثم يقول الملحدون أن أحدا لم ير الله، ولو كان الله موجودا لرآه أحد؟ وجواب ذلك أن الله يري الناس وجوده بعين القلب، ثم إن الذين يتبعونهم قد ارتقوا إلى الدرجة التي يهب لهم الله فيها معرفته.في هذه الحالة من زعم الله أحدٌ فمثله كمثل الأعمى الذي ينكر وجود الشمس، إذا قال أنه لم ير
إنه لن يؤمن بوجود الشمس ما لم ينظر إليها، فسيقال له إنك أعمى ويتعذر عليك النظرُ إلى الشمس بعين ،مادية وطريق البحث لك أن تثق بمن رأوها، أو يجب أن تعالج عينك أولا، ثم سوف تراها.نسأل الملحد هل الراحة يهيئها شخص آخر أو نستطيع أن نوفرها بتدبيرنا؟ إذا كان بالإمكان توفرها بتدبير شخصي فلماذا لا يستطيع الناس كلُّهم إطالة أعمارهم والحصول على راحة أطول.فهناك من يموت مسنا وغيره يموت شابا مع أن كل إنسان يتمنى طول عمره.أحيانا يريد المرء راحة ولكن يصيبه الألم من الغيب، ومن هذا يتبين أن الذي يهيئ الراحة آخر، وهو الله الله حصرا.(جريدة الحكم عدد ١٩٠٩/٠٥/٢١، ص ١إلى ٣)