Language: AR
أراد سيدنا المسيح الموعود عليه السلام أن يُصدر مجلة شهرية لإظهار كمالات القرآن الكريم الروحانية ونشْر أمور تُعَدُّ وسيلة لمعرفة الصراط المستقيم مباشرة، والتي بها تُعرَف الحِكَم الحقيقية التي تُطمئن القلوب وتريحها وتحوِّل الإيمان إلى عرفان، وبادر حضرته بنشر مجلة باسم نور القرآن. لكن بسبب كثرة الأشغال صدر لهذه المجلة عددان فقط. سجل حضرته عليه السلام فيهما الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. ثمّ ردَّ حضرته على رسالتَي القس فتح مسيح من سكان "فتح جره"، اللتين اتهم فيهما هذا القسُّ سيدَنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم بالزنا وأطلق عليه صلى الله عليه وسلم شتائم كثيرة وألصق به اعتراضات باطلة.
نور القرآن (الجزء الأول والثاني) حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي الكلية ترجمة: محمد أحمد نعيم
نور القرآن الطبعة الأولى : ١٤٣٥هـ الموافق لـ ٢٠١٤م Nurul - Qur'ān (The Light of the Holy Qur'ān- Parts 1 & 2) (Arabic Translation) Written by: Haḍrat Mirza Ghulam Ahmad (on whom be peace), the Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Aḥmadiyya Muslim Jama'at Translated from Urdu by: Muhammad Ahmad Naeem First Published in UK in 2014 © Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd.Islamabad, Sheephatch Lane Tilford, Surrey, GU10 2AQ United Kingdom Printed in the UK at: Raqeem Press Tilford For further information please contact: Phone: +44 1252 784970 Fax: +44 1252 781692 www.islamahmadiyya.net Cover designed by: Anan Massoud Odeh ISBN: 978-1-84880-442-5
دالية الحلالي
Af ٹائیٹل بار اوّل ان الدين الله الاسلام القآ ـــان اد اطع به رساله في القران بالعمل تینا کے بی بی نے جوتے مہینے شاہی ہو کر دیا اور میری ماہ لینے جون جولای اگر ہیلو کے ہے میں.قیمت بالفعل وہی ایک کروی انہ ہے.رانم خاک سراج الجن بالی خانی دلع فيا الاسلا قاديا A غلاف الطبعة الأولى للجزء الأول من هذا الكتاب
ترجمة غلاف الطبعة الأولى للجزء الأول من هذا الكتاب إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلَامُ نور القرآن إطلاع مجلة "نور القرآن" هذه ستصدر عمليا بعد كل ثلاثة أشهر..أي في الشهر الرابع، وهذا العدد هو لثلاثة أشهر..أعني ٦، ٧، ٨ من عام ۱۸۹۵م، وسعر الاشتراك هو روبية واحدة سنويا.الراقم العبد المتواضع سراج الحق الجمالي النعماني نشرها الحكيم فضل الدين البهيروي في مطبعة ضياء الإسلام بقاديان
1 V أ ۱۱ 01 00 ۷۸ ٨٥ ۱۲۹ ۱۳۵ 12.كلمة الناشر التو- الفهرس ــلان عن كتاب منن الرحمن البرهان الأول : الدليل على صدق القرآن الكريم ونبوة النبي ﷺ نور القرآن رقم ٢ إعلان مهم للقراء كتيب القس "فتح مسيح مواساة مشايخ أمرتسر للإسلام بقية اعتراضات القس فتح المسيح التي سجلها في الرسالة الثانية الاعتراض الخامس الاعتراض السابع (السادس) أسماء السادة الحاضرين عند الإمام الكامل في هذه الأيام تعرفة شراء "نور القرآن" كشف عبد الله الغزنوي رحمه الله عن محمد حسين البطالوي ١٤٤
كلمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم كلمة الناشر تعد وسيلة نحمد الله تعالى أن وفقنا لإخراج هذا الكتاب القيم للمسيح الموعود والإمام المهدي اللي بلغة حبيبه وحبيبنا محمد المصطفى.لقد أراد سيدنا المسيح الموعود الا أن يُصدر مجلة شهرية لإظهار كمالات القرآن الكريم الروحانية ونشر أمور لمعرفة الصراط المستقيم مباشرة، والتي بها تُعرف الحكم الحقيقية التي تطمئن القلوب وتريحها وتحوّل الإيمان إلى عرفان، وبادر حضرته بنشر مجلة باسم نور القرآن لكن بسبب كثرة الأشغال صدر لهذه المجلة عددان فقط، حيث صدر العدد الأول لثلاثة أشهر أي يونيو ويوليو وأغسطس عام ۱۸۹۵ ، والعدد الثاني صدر لشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر ١٨٩٥ ويناير وفبراير ومارس ١٨٩٦.في نور القرآن رقم ١ قد سجل حضرته العليا الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على صدق نبوة النبي.أما في نور القرآن رقم ٢ فقد ردَّ حضرته على رسالتي القس فتح مسيح من "فتح جره"، اللتين اتهم فيهما هذا القس العَمِه سيد الكون وفخر الموجودات وخاتم النبيين وإمام الطيبين سيد المعصومين سيدنا محمد سكان
كلمة الناشر المصطفى بالزنا وأطلق عليه شتائم كثيرة وألصق به اعتراضات باطلة.وقد حاز شرف تعريبه الداعية محمد أحمد نعيم، فجزاه الله خيرا، كما نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في إخراج هذا الكتاب ونخص منهم السادة الأفاضل: خالد عزام ود.وسام البراقي، فجزاهما الله أحسن الجزاء.الناشر
نور القرآن نَحْمَدُهُ وَنُصَلِّي إعلان عن كتاب منن الرحمن هذا الكتاب عجيب وغريب جدا قد لفتت انتباهنا إلى تأليفه بعض آيات القرآن الكريم الحكيمة؛ فمِن مِنّة القرآن الكريم العظيمة على هذا العالم أنه بين أصل اختلاف اللغات وأطلعنا على أمر لطيف دقيق، وهو منبع اللغات الإنسانية ومعدنها الذي خرجت منه، وكيف انخدع أولئك الذين لم يقبلوا أن يكون أصل اللغة البشرية هو الله.وليتضح أني في هذا الكتاب أثبت بالبحث في اللغات أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في العالم الذي نزل بلغة الألسنة وهي إلهامية وهي منبع جميع اللغات ومصدرها.فواضح أن تعلیم هي جمال الكتاب الإلهي وفضله يكمن في أنه بلغة قد خرجت من فم أم الله ، وأنها تفوقُ جميع اللغات محاسنَ، وأنها كاملة في نظامها.فحين نجد في لغة كمالا تعجز عن خلقه جميعُ قوى البشر والصناعات الإنسانية كلها، ونجد فيها مزايا قصرت عنها بقية اللغات وحرمت
نور القرآن منها، ونلاحظ فيها خواص لا يقدر على إيجادها عقل أي مخلوق دون علم هي الله القديم والصحيح، فلا بد لنا من الإيمان بأن تلك اللغة الله.لقد عرفنا من خلال البحوث الكاملة والعميقة أن تلك اللغة العربية.صحيح أن كثيرا من الناس قد أضاعوا أعمارهم في هذه أم الألسنة، فلما لم البحوث وبذلوا جهودا للعثور على أي لغة هي تكن جهودهم على نهج مستقيم كما لم يكونوا موفقين من الله فلم ينجحوا، ولهذا لم يلتفتوا إلى اللغة العربية التفاتا كاملا، بل كانوا بخيلين معها، فحُرموا من معرفة الحقيقة.وقد اهتدينا الآن بكلام الله المقدس والطيب في القرآن الكريم إلى أن اللسان العربي المبين هو اللغة الإلهامية وأم اللغات.أما ما ادعاه من الفرس وأصحاب العبرية والآريون بأن اللغة الإلهامية هي لغتهم، فهو خطأ.كل ولم نَقُل هذا عَرَضًا، بل قمنا ببحث كامل، وبمقارنة آلاف الكلمات السنسكريتية ،وغيرها وبالاطلاع على كتب مختصين في كل لغة وبإمعان النظر والتدبّر العميق، حيث توصلنا إلى أن اللغات الأخرى مثل السنسكريتية لا تتسم بأي ميزة إزاء اللغة العربية، بل إن كلمات هذه اللغات مقابل العربية تشبه العرج والمعاقين والعمي والصم والمجذومين والمبروصين؛ وقد فقدت النظام الفطري تماما،
نور القرآن وهي لا تملك ذخيرة كافية للمفردات التي هي شرط ضروري للسان كامل.أما إذا كنا على خطأ في رأي أحد الآريين أو القسيسين، وأن بحثنا في نظرهم ليس صحيحا بحجة أننا لا نعرف هذه اللغات، فالجواب الأول أنه لم يكن ضروريا في الأسلوب الذي توصلنا به إلى هذا البحث أن نتقن الإملاء والإنشاء في هذه اللغات كالسنسكريتية، فكنا بحاجة إلى مفردات سنسكريتية وغيرها فقط، فقد جمعنا ذخيرة كافية من المفردات ونقحنا معانيها من البانديتات وعدد من المتخصصين الأوروبيين في اللغات قدر الإمكان، واطلعنا على كتب الباحثين الإنجليز أيضا باهتمام وناقشنا هذه الأمور من خلال المساجلات، ثم أخذنا شهادة مرة أخرى من السنسكريتية وغيرها، فحصل لنا بها اليقين بأن سنسكريتية الفيدا وغيرها من اللغات مجردة وعديمة الحظ من المحاسن التي تحققها اللغة العربية.والجواب الثاني أنه إذا كان أحد الآريين أو أي معارض آخر لا يقبل بحوثنا هذه، فنخبره من خلال هذا الإعلان أننا قد سجلنا ببسط في كتابنا هذا الدلائل على فضل اللغة العربية وكمالها وكونها فوق الألسنة، وتفصيلها كالتالي: (۱) إن نظام مفردات اللغة العربية كامل.علماء
نور القرآن (۲) إن اللغة العربية تحتوي على أسمى أسباب التسمية العلمية وهي خارقة العادة.(۳) إن نظام اطراد المواد في اللغة العربية تام وكامل.(٤) إن التراكيب العربية قليلة الكلمات وكثيرة المعاني.(٥) إن اللغة العربية تتحلى بالقدرة الكاملة على التعبير عن أدق المطالب في ضمير الإنسان.الآن، لكل واحد خيار في أن يُثبت هذه الكمالات في السنسكريتية أو في أي لغة أخرى إذا استطاع بعد نشر كتابنا هذا، أو يُخبرنا بعد وصول هذا الإعلان عن الطريقة والكيفية التي يريد أن نقنعه بها.وإذا كان لديه اعتراض على هذه الفضائل أو يريد أن يخبر عن فضائل خاصة بالسنسكريتية وغيرها فليقدمها بكل سرور، فسوف نستمع إليه باهتمام.لكن لما وُجد في كل شعب كثير من المشككين الذين تخالجهم وسوسة أنه قد تكون للسنسكريتية بعضُ الكمالات الخفية التي لا يعرفها غيرُ الذين ينشغلون في دراسة الكتب و تدريسها في هذه اللغة فلهذا نشرنا إعلانا مع هذا الكتاب بمنح جائزة قيمتها خمسة آلاف روبية، وهذا المبلغ ليس ادعاء فحسب، بل سوف نودعه سلفا عند تلقي طلب من أحد الآريين أو غيرهم عند من يطمئن به ذلك الآري أو غيره صاحب الطلب، فليطمئنوا
نور القرآن وليؤمنوا أنه في حال تفوّقهم سيكون هذا المبلغ ملكا لهم دون أي حرج.لكن ينبغي أن لا يغيبن عن البال أن طلب إيداع المبلغ يجب أن يأتي بعد نشر كتاب بحث الألسنة، وسيكون لزاما عليه أن يسلّم عهدا خطيا للمودع يفيد أنه إذا هرب من المواجهة بعد إيداع المبلغ أو لم يتوصل مع تباهيه إلى أي نتيجة فسوف يدفع تعويضا يقدر بخسارة مترتبة على تجميد أموال التجارة لمدة معينة.والسلام على من اتبع الهدى لن غلام أحمد القادياني ١٨٩٥/٦/١٥
។ نور القرآن نَحْمَدُهُ وَنُصَلِّيْ التوجيه لما كانت الأفكار الفاسدة المتنوعة قد انتشرت في العصر الراهن بين كل الأمم بحيث إن تأثيرها السيئ يكاد يهلك البسطاء غير المطلعين جيدا على الفلسفة الدينية أو أنّ معرفتهم الدينية سطحية لدرجة يمكن أن تقضى عليها الأوهام السفسطائية بكل سهولة، فقد أردتُ شفقةً على وضع هذا العصر الراهن، أن أنشر في هذه المجلة الشهرية أمورا تمثل العلاج الكافي لهذه الآفات وتكون وسيلةً للتعرف إلى الصراط الصحيح وإدراكه ومعرفته، والتي بها يمكن الفوزُ بالفلسفة الصادقة التي تُطَمئن القلوب وتهب السكينة والراحة للروح وتصبغ الإيمان بصبغة العرفان ولما كنتُ أهدف من إصدار هذه المجلة حصرا أن يطلع الناس على معارف الكلام الإلهي وحقائقه فقد التزمتُ فيها دوما أن لا أقدم أي دعوى ودليل من عندي، بل من القرآن الكريم الذي هو كلام الله والذي أُنزل للقضاء على ظلمات هذا العالم، ليعرف الناسُ أن القرآن الكريم وحده يتمتع بالميزة
V نور القرآن الإعجازية، وذلك بأنه يقدم دعواه ودليله بنفسه.والعلامة الأولى الأساسية لكونه من الله وعل أنه يقدم برهانه بنفسه دومًا في كل هي موضوع بحيث يعلن دعواه بنفسه ثم يقدم البرهان على دعواه بنفسه.وأردنا أن ننشر ميزة القرآن الكريم الإعجازية هذه في هذه المجلة لكي تختبر بذلك جميع الأديان التي يمدح أتباعها- مقابل الإسلام - كتبا لا تقدر أبدا على تقديم البراهين على دعواها.وواضح أن العلامة الأولى للكتاب الإلهي هي قدرته العلمية، إذ من المستحيل أن يكون الكتاب إلهاميا في الحقيقة ثم يقصر في بيان حقيقة هي من مقتضيات العقائد الدينية، أو يكون مترديا في هوة الظلام والخسارة مقابل كتب البشر، بل إن العلامة الأساسية للكتاب الإلهي أن يُثبت عقلا النبوّة والعقيدة التي أسسها.لأنه إذا كان لا يُثبت دعاويه بل يُلقي الإنسان في دوامة الحيرة فإن المطالبة بداهةً بالإيمان بمثل هذا الكتاب يندرج في الإكراه والجبر.وواضح وأسرع إلى الفهم أن القرآن الكريم في الحقيقة هو الكتاب الذي يُعدّ كتابا إلهيا ولا يحمّل الطباع الإنسانية مثل هذه الأحمال، ولا يقدّم أمورا مخالفة للعقل، والتي تُعدّ مطالبة الإيمان بها في عداد الإكراه والجبر، لأن العقل السليم لا يقبل أن يكون في الدين أي إكراه أو
جبر، نور القرآن لهذا قد قال الله الله لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، فحين نفكر بإنصاف في السمات التي ينبغي أن يتسم بها الكتاب الإلهي، فإن نور قلبنا يشهد بقوة على أن الملامح الحقيقية لوجه الكتاب الإلهي أن يهدي بنوره إلى حق اليقين في المجالات العلمية والعملية ويهب البصيرة التامة فيُري نموذج الحياة الفردوسية في هذا العالم، لأن المعجزة الحية للكتاب الإلهي هي أن يزوّد بالعلم والحكمة والفلسفة الحقة، وأن يضم سلسلة الحقائق الروحانية التي يمكن لأي مفكر أن يدركها بفكره، وألا يدعي فقط بل يُثبت كل دعوى له بصورة مقنعة.وحيثما يتأمل فيه الإنسانُ وينظر إليه بتعمق وإمعان يكتشف أنه في الحقيقة يتمتع بإعجاز، إذ يمثل مساعدا عظيما لتطوير البصيرة الإنسانية في الأمور الدينية ويتكفل شئونه بنفسه.وأخيرا أنبه معارضي علنا موجها الخطاب إليهم أنهم إذا كانوا في الحقيقة يعتبرون كتبهم من ويوقنون بأنها صادرة من الكامل الذي لا يريد أن يعرض كتابه الطاهر للخجل والعار وأنه مجموعة ادعاءات سخيفة لا يُثبتها أي دليل؛ فعليهم أن يقدموا هم أيضا براهينهم مقابل دلائلنا، لأن الحق يُدرَك بسرعة بالنظر إلى الأضداد.فبمقارنة الكتابين يتبين أيهما ضعيف وناقص وأيهما قوي وكامل.الله البقرة: ٢٥٧
نور القرآن لكن ينبغي أن يتذكروا أن لا يتولوا الدفاع عنها بل ينبغي أن يقدموا الدعوى والدليل مثلنا من كتابهم ويجب أن يلتزموا باستخراج الدليل نفسه الذي نبدأ به -الآن من كتابهم في مجلتهم مراعين قواعد الحوار والمناظرة.وكذلك يجب أن يقدموا عند صدور كل عدد منا- تأييدا لكتابهم الدليل نفسه الذي نكون قد قدمناه في ذلك العدد، وهكذا ستحسم القضية عاجلا جدا فيتبين أي من هذه الكتب يُثبت صدقه ويضم بحر معارف لا شاطئ له.والآن نبدأ العدد الأول بتوفيق الله الا الله وندعو الله تعالى أن يحقق فتح الحق وانتصاره ويجعل الباطل ذليلا مغلوبا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، آمين.
نور القرآن البرهان الأول الدليل على صدق القرآن الكريم ونبوة النبي ﷺ لقد أعلن القرآن الكريم بقوة أنه كلام الله وأن سيدنا ومولانــــا محمد ا ل نبيه الصادق ورسوله الذي نزل عليه هذا الكلام المقدس، فقد صرح بهذه الدعوى بوضوح وجلاء في الآيات التالية، فقــــال * الم اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بالْحَقِّ وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ " وقال: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا وقال: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا وقال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا { ° ٢ آل عمران: ٢-٤ النساء: ۱۷۱ الإسراء: ١٠٦ النساء: ١٧٥ ٦ الأعراف: ١٥٩
V نور القرآن الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفْــرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ).كذلك تضم مئات الآيات الأخرى الدعوى بمنتهى الجلاء والنقاء بأن القرآن الكريم كلامُ الله وأن سيدنا محمدا المصطفى نبيــــه الصادق، لكننا نكتفي بهذا القدر من البيان حاليا ونراه مناسبا.ومع ذلك نذكر معارضينا أن تركيز القرآن الكريم على هذه الدعوى بشدة في القرآن الكريم لا مثيل له أبدا في كتاب آخر، فنحن نتطلع إلى أن يُثبت الآريون أن الأسفار الأربعة للفيدا هي الأخرى أعلنت الدعوى بأنها كلامُ الله وذكرت بصراحة أنها نزلت على فلان وفلان من الناس في الزمن الفلاني.فالأمر الأول الأساسي لإثبات أن أي كتاب هو كتاب الله أن يعلن الدعوى بأنه مـــــن الله، لأن الكتاب الذي لا يعلن بنفسه أنه من الله فإن نسبته إلى الله تدخل لا مبرر له.والأمر الثاني الجدير بالذكر أن القرآن الكريم لم يعلن مجرد الدعوى بأنه كتاب الله وأن محمدا لله و رسوله، بل قد أثبت هذه الدعوى بأقوى البراهين وأسطعها.وسوف نســجـل جميـــع تلــك البراهين بإذن الله بالترتيب، ونتناول الدليل الأول منها في هذا المقال بالذات لكي يتمكن طلاب الحق من المقارنة بين القـــرآن الكــريم محمد ۳
۱۲ الالالالالة نور القرآن والكتب الأخرى أولا في هذا الدليل نفسه كما ندعو كل معارض إذا كان هذا المنهج لبيان الإثبات الذي يجب أن يكون موجودا في أي كتاب دليلا بديهيا على صدقه وهو ثابت بحق كتبهم ورسلهم، أن ينشروه حتما في جرائدهم ومحلاتهم.وإلا لن يجدوا بدا من الإقرار بأن كتبهم محرومة وعديمة الحظ في تقديم أسمى أنواع الإثبات هذا.ونحن نقول بمنتهى الثقة واليقين إن طريق الإثبات هذا لا يوجد في ديانتهم قط، فإن كنا على خطأ في ذلك فليثبتوا خطأنا.وإن تفصيل الدليل الأول الذي قدَّمه القرآن الكريم على أنه من الله أن العقل السليم يُقِرُّ بأن الدليل القوي لظهور الكتــاب الصادق والرسول الصادق المبعوث من الله و أن يكون في وقت ينتشر فيه الظلام، ويكون الناس قد اتخذوا الشرك بدلا من التوحيد والفسق بدلا من الطهارة والظلم بدلا من الإنصاف، والجهل بدلا من العلم، وتكون هناك حاجة ماسة للمصلح.ثم يغادر ذلك الرسولُ هذا العالم في وقت يكون قد أنجز فيه مهمة الإصلاح بأروع ما يكون، وأن يظل معصومًا من الأعداء إلى أن يتمكن مـــن الإصلاح، وأن يكون كالخدم جاء بأمر ورجع بـأمر.باختصار؛ أن يكون قد ظهر في زمن يصرخ ويستغيث بلسان حاله أنــــه ينبغي هو يجب أن يظهر مصلح سماوي وكتاب ثم يُرْجَع إلى الله بحسب نبوءة
نور القرآن ۱۳ إلهامية بعد أن يكون قد غرس شجرة الإصلاح وأصلها، ويكون قد حقق انقلابا عظيم الشأن.ونحن نبيِّن الآن بمنتهى الفخر أن ظهور هذا الدليل بحق القرآن ونبينا له بوجه مشرق جدا لم يظهر بحق أي نبي أو كتاب آخر قط.فكان النبي ﷺ قد أعلن أنه بعث إلى جميــــع الأمم وقد أقام القرآن الكريم الحجة على جميع الأمم أنها متورطة في أنواع الشرك والفسق والفجور فيقول: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر وقال : لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، أي قد أرسلناك لتنذر جميع شعوب العالم؛ أي تحدّرهم وتنبههم إلى أنهم آلمون جدا عنــــد الله الله بسبب سيئاتهم ومعتقداتهم.ومما يجدر بالانتباه أن كلمة "نذيرا" الواردة في هذه الآيــة قــد استخدمت مقابل جميع فِرَق العالم، وتعني تحذير الآثمين والسيئين.وهذه الكلمة تؤكد إعلان القرآن بأن العالم كله قد فســــد، وكــــل واحد ترك طريق الصدق والسعادة؛ لأن الإنذار يخص الفاسقين والمشركين والسيئين حصرا، ويكون الإنذار والتخويف لتنبيــه المجرمين، ولا علاقة لهما بالصالحين.وكل واحد يعرف أن المتمردين والبغاة وعديمي الإيمان حصرا يُنذرون.والسنة الإلهية هي أن الأنبياء १ الروم: ٤٢ الفرقان:
نور القرآن يبشرون الصالحين وينذرون الطالحين فلما كان نبي نذيرا للعالم كله رتكبا العليا ولا فهذا يدفعنا إلى الإيمان بأن العالم كله عُدَّ في وح للسيئات، وهذه الدعوى لم تعلنها التوراة بحق مون الإنجيل بحق زمن عيسى ال وإنما أعلنها القرآن الكريم فقط، ثم قال: كُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّار ١٠، أي كنتم قد وصلتم إلى شفا حفرة جهنم قبل بعثة هذا النبي، ونبه النصارى واليهود إلى أنهم بدجلهم بدلوا كتب الله وأنهم سبقوا جميع الشعوب في كل أنواع الفتن والسيئات، كما أقام الحجة على عبدة الأوثان في مواضع عدة بأنهم يعبدون الأحجار والناس والنجوم والعناصر ونسوا الخــالق الحقيقي، وأنهم يأكلون أموال اليتامى ويقتلون الأولاد ويظلمون شركاءهم وقد تجاوزوا حد الاعتدال في كل أمر، فقال: اعْلَمُوا أَنَّ ١٠ آل عمران: ١٠٤ ١١ كما يقول يَدُسُّهُ فِى التُّرَاب) (النحل: (٦٠) ، أي إن المشرك يدفن بنته حية، ويقول: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَت (التكــوير: ٩-١٠)، أي ستسأل البنات الموعودات يوم القيامة بأي ذنب قتلن؟ فهذه إشارة إلى الوضع الذي كان قائما في البلد وهو أن هذه الأعمال السيئة تصدر، وإلى ذلك قد أشار الشاعر العربي القديم ابن الأعرابي الذي قال: ما لقي الموءود من ظلم أمه كما لقيت ذُهل جميعا وعامر.منه
نور القرآن ١٥ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ١٢ ، باختصار؛ إن القرآن الكريم أدان 6 أم العالم كله بالشرك والفسق وعبادة الأوثان.وهذه العادات هـ الخبائث، وعد النصارى واليهود أساس جميع سيئات العالم، وذكـــــر جميع أنواع سيئاتهم ورسم صورةً لأعمال ذلك الزمن، بحيث لا نجد مثيلها منذ خلق العالم إلا في زمن نوح ال.وإن الآيات التي كتبناها هنا تكفي لإتمام أقوى حجة؛ حيث لم نكتب جميع الآيات خشية الإطالة، فعلى القراء أن يقرأوا القرآن الكريم بتدبر، لينكشف عليهم بأي تركيز وتأكيد وبأي كلام مؤثر يتكلم القرآن الكــريم مرارا أن العالم بأسره كان قد فسد وأن الأرض كانت قد ماتت وكان الناس قد وصلوا إلى شفا حفرة الجحيم.وكيف يأمر مـــــرارا بأن ينذر الرسول العالم بأسره؛ فهو في خطر، ولا شك أن بقـــــراءة القرآن الكريم يتبين لنا جليا أن العالم قد احترق في الشرك والفسق وعبادة الأوثان وأنواع الآثام، وغرق في بئر الخبائث العميقة.صحيح أن الإنجيل هو الآخر قد ذكر بعض مساوئ اليهود، غير أن المسيح الا لم يذكر قط في أي موضع أن كل ما يوجد على سطح الأرض من الناس والذين يمكن أن يسموا بالعالمين قد فسدوا كلُّهم وماتوا، وامتلأ العالم بالشرك والسيئات ولم يدع الرسالة الشاملة ۱۲ الحديد: ۱۸
١٦ العامة، فواضح نور القرآن أن اليهود كانوا شعبا صغيرا خاطبهم المسيح، بــل كانوا وحدهم أمام نظر المسيح ويسكنون في بضع قرى.أما القرآنُ الكريم فيذكر موت الأرض كلّها وفساد الشعوب كلّها ويذكر صراحة أن الأرض كانت قد ماتت بسبب كل أنواع الذنوب." ۱۳ فاليهود كانوا أبناء الأنبياء وكانوا يُقرّون بالتوراة وإن كانوا مقصرين في العمل بها، لكن في زمن القرآن الكريم كان الفتور قـــــد طرأ على العقائد بالإضافة إلى تفشي الفسق والفجور، بحيث صـــار ألوف مؤلفة من الناس ،ملحدين، وألوف مؤلفة منهم كانوا ينكرون الوحي والإلهام، وكانت أنواع السيئات قد انتشرت في الأرض، وظهر طوفان المفاسد الشديد في الاعتقاد والعمل.وبالإضافة إلى ذلك قد ذكر المسيح شيئا من سوء سلوك أُمته الصغيرة، أي اليهود، مما يُقنعنا أن شعبا معينا في ذلك الزمن وهم اليهود- كان بحاجـة إلى المصلح.لكن الدليل الذي نقدمه على كون النبي له من الله هو أنه بعث في زمن الفساد العام، وأعاده الله إليه بعد أن تمكـــــن.۱۳ ملحوظة: وإن قال أحد إن هذا الزمن أيضا لا يقلّ في الفساد والعقائد الباطلة وارتكاب السيئات، فلماذا لم يأتِ أيُّ نبي فيه، فالجواب أن ذلك الزمن كان قـــــد خلا نهائيا من التوحيد والصدق، أما في هذا الزمن ففيه أربعمائة مليون إنســـان ينطقون بشهادة لا إله إلا الله، ومع ذلك لم يحرمه الله الله من بعثة المحدد فيـــه أيضا.منه
نور القرآن ۱۷ الإصلاح الكامل، وقد ذكر القرآن الكريم نفسه كـــلا الأمرين، ولفت انتباه العالم إلى ذلك.وهذا الأمر لم يذكره أي كتاب سابق غيرُ القرآن الكريم ناهيك عن الإنجيل.لقد بين القرآن الكريم نفسه هذه الدلائل وقال بنفسه إن صدقه يتحقق بالنظر إلى هذين الأمرين، وأحدهما قد بينا بأنه ظهر في زمن كانت قد تفشت فيـه أنــواع السيئات والعقائد الباطلة المختلفة وكان العالم قد ابتعد كثيرا عـــــن الحق والحقيقة والتوحيد والطهارة.ويتحقق صدق قول القرآن الكريم حين نقرأ تاريخ كل أمة في ذلك الزمن.فبإقرار كل أمة تتوفر الشهادة العامة على أن ذلك العصر كان في الحقيقة مظلما لدرجة أن كان كل شعب قد مال إلى عبادة المخلوق، ولهذا السبب حــــين عد القرآن الكريم جميع الشعوب ضالةً وسيئة، لم يستطع أي شعب تبرئة ساحته.انظروا بأي قوة ذكر الله سيئاتِ أهل الكتاب وموتَ العالم كله، إذ يقول : وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ...هذه علامات ضرورة القرآن الكريم وصدقه، وقــد ذكرت لكي تكتشفوا الآيات.١٤ الحديد: ۱۷-۱۸
۱۸ نور القرآن تأملوا الآن أن هذا الدليل الذي ذُكر لكم لم نخترعه من دماغنا بل إن القرآن نفسه يعرضه، وبعد بيان جُزأي الدليل يقول بنفسه قد بينا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، أي أن هذه أيضا علامـــة علـــى كون هذا الرسول والكتاب من الله، ، وقد بيناها لكي تتفكروا وتفهموا وتصلوا إلى الحقيقة.١٥ الله من إن السيئات التي ذكرها القرآن الكريم في زمن نزوله للنصارى وغيرهم، كانت جميع تلك الأمم قد أقرت بألسنتها مرارا أنهم يرتكبون حتما تلك الأعمال السيئة، وثبت من قراءة تاريخ العرب أنه باستثناء أجداد النبي ﷺ الذين حماهم الشرك والآفات الأخرى بفضله الخاص ،ورحمته كان سائر الناس متورطين في أنواع الذنوب المخجلة والتصرفات المشينة إثر مشاهدتهم المثل السيئ للنصارى وتأثرا بسلوكهم السيئ.وكل ما تطرّق إلى العرب من السلوك السيئ والأعمال السيئة لم يكن نتيجة فطرتهم الشخصية، بل إن أمة نجسة جدا وسيئة السلوك كانت قد سكنت فيهم، حيث كانت ترى كل إثم كحليب الأم اعتمادا على عقيدة الكفارة المزورة، وكانت تنشر في العالم عبادة المخلوق وتعاطي الخمر وكلُّ أنواع السيئة بكل قوة، وكانت كذابة ومكارة ومخادعة جدا وخبيثة الطبع؛ فمن الصعب التمييز أكان اليهود في ذلك الزمن قد سبقوا الجميع في الفسق والفجور وكل أنواع السيئة، أو كان النصارى هم السباقين.لكنه بتدبر بسيط يتبين أن النصارى كانوا سباقين في الحقيقة في كل معصية وسيرة سيئة وعادات شركية.لأن اليهود كانوا قد ضعفوا بسبب تعرضهم لمذلات ومضايقات متتالية، وقلّما كانت تسنح لهم فرص ارتكاب الأعمال غير اللائقة والفتن التي يرتكبها السافلُ
نور القرآن ۱۹ اعتمادا على قوته وثروته وتقدُّمه القومي ، أو السيئات التي يتوقف صدورها على كثرة الثروة والمال.لكن نجمة النصارى كانت مُشرقة، فالدولة الجديدة والثروة الحديثة كانت تشير إلى أن جميع لوازم ارتكاب السيئة التي تتولد بظهور دوافع السيئة الطبعية قد توفرت لهم، فلهذا السبب كان سلوك النصارى في ذلك العصر أسوأ من جميع الشعوب وكانوا أكثر ارتكابا لأنواع السيئات وهذا الأمر من الحقائق الثابتة ومشهور لدرجة أن القس فندل على تعصبه الكبير - لم يستطع إخفاءه ولم يجد بدا من الاعتراف بمساوئ نصارى ذلك الزمن في كتابه "ميزان الحق".أما المؤرخون الإنجليز الآخرون فقد ذكروا بإسهاب تفاصيل سيئاتهم، ومنهم مثلا كتاب "ديون "بورت" الذي نُشرت ترجمته في هذا البلد.باختصار؛ من الحقائق الثابتة أن نصارى ذلك الزمن كانوا قد سبقوا الجميع في السيئات بسبب حكومتهم الحديثة وثروتهم الجديدة وعقيدة الكفارة السامة، وكل واحد كان قد اتخذ بحسب طبعه وسجيته سُبل الظلم والانحراف عن جادة الصواب والمعاصي المختلفة.ويتبين من تجاسرهم أنهم كانوا قد يئسوا نهائيا من صدق ديانتهم وكانوا ملحدين سرا، وإن روحانيتهم قد استؤصلت، لأن أبواب الدنيا قد فتحت عليهم، ولم يكن تعليم الإنجيل يمنع الخمر، ولم يكن القمار ممنوعا؛ فاجتماع كل هذه السموم قد قضى عليهم كانت صناديقهم مليئة بالثروة وفي أيديهم سلطة وحكومة، وقد ابتكروا الخمور *.* ملحوظة: لقد عُدّ إعداد الخمور من معجزات المسيح الله، بل إن تعاطي الخمور من الأركان الأساسية للدين المسيحي، كما هو في العشاء الرباني، منه.
نور القرآن وبعد ذلك اندفعوا بسبب تعاطيهم أم الخبائث إلى جميع السيئات.هذا كله ليس من عندنا، بل قد شهد على ذلك كبار المؤرخين الإنجليز وما زالوا يؤكدون ذلك، وقد ألقى القسيس الكبير باس ورث" والقسيس الفاضل "تيلور" مؤخرا محاضرات حول هذا الموضوع بمنتهى الجلاء والوضوح، وأثبتا أن الديانة المسيحية قد قضت عليها سيئاتها القديمة، فقد صرَّح فخرُ الشعب، القسيس "باس ورث"، بملء الصوت في محاضرته أن الأمة المسيحية تلزمها ثلاث لعنات وتمنعها من التقدم، وهي الزنا وتعاطي الخمر والقمار.فغاية القول: كان من حق النصارى أن يسبقوا الجميع في هذا الزمن في ارتكاب الآثام، فالإنسان في العالم يمتنع عن ارتكاب الإثم لثلاثة غايات : (۱) أن يخاف الله، (٢) أن يكون بعيدا عن كثرة الأموال التي تتسبب في ارتكاب الآثام والفواحش، (۳) أن يعيش ضعيفا مسكينا وبتواضع ولا يكون عنده قوة السلطة.أما النصارى فكانوا بعيدين عن كل هذه الموانع، وكانت عقيدة الكفارة قد شجّعتهم على الإثم، كما كان الحكم والثروة يدعمهم في أعمال الظلم والجور.فلما كانت أبواب الراحة والنعمة والترف والثروة قد فُتحت عليهم على مصاريعها وكانوا قد حصلوا على حكم عظيم قوي، وقبل ذلك عاشوا لمدة طويلة حياة الفقر والتقشف وكانوا قد أصيبوا بآلام شاقة.لهذا عندما نالوا الحكم والثروة فقد ظهر فيهم طوفان عجيب للفسق والفجور، وكما أن السد ينهار عند السيل الجارف القوي، ويؤدي إلى خراب الحقول والعمران ،حوله، كذلك حدث في تلك الأيام التي تيسرت فيها جميع أسباب اتباع الشهوات للنصارى؛ فصاروا القوة العظمى في العالم لامتلاكهم الثروة والقوة والسلطة.فكما تبدو تصرفات السافل المصاب بالفقر والجوع عند تمكنه من السلطة والثروة، كذلك بدت من هؤلاء، إذ سفكوا الدماء أولا
نور القرآن ۲۱ كالهمجيين والظالمين المعتدين وقتلوا مئات الألوف من الناس بغير حق ودون أي سبب، ومارسوا أعمال الظلم والجور التي بتصوّرها يقشعر الجسم.ثم بعد أن نالوا الأمن والحرية بدأوا ينشغلون في شرب الخمر والزنا والقمار ليل نهار.ولما كان تعليم الكفارة قد شجعهم بشقاوتهم على السيئات سلفا، وكان مصداق المثل الذي تعريبه "ستر المرأة بغير رداء.ولما حصلوا على الثروة اندفعوا فجأة لارتكاب كل سيئة، مثلما يتدفق السيل الجارف بقوة عند وجود مسار واسع لجريانه وأثروا في البلاد تأثيراً سيئًا، حتى إن العرب الغافلين السذج هلكوا بتأثيرهم السيئ، فكانوا أميين وجاهلين، فحين وجدوا في محيطهم طوفان سيئات النصارى تأثروا به، فقد ثبت بتحقيق طويل أن القمار وشرب الخمر والزنا جاء إلى العرب من النصارى؛ فالأخطل المسيحي كان شاعرا كبيرا في ذلك الزمن، ولديوانه مكانة كبيرة، وقد طبعته في هذه الأيام جمعية مسيحية في بيروت باهتمام في صورة جذابة ونشرته في كل مكان، ووصل إلى هذا البلد أيضا؛ فهذا الديوان يضم أبياتا كثيرة ذكرى ،له وهي ترسم الصورة الداخلية له وللنصارى في ذلك الزمن ومنها: بان الشباب وربما عللته بالغانيات وبالشراب الأصهب أي قد هجرني الشباب وقد حاولت أن أمسكه مرارا بتصرفاتي مع النساء الحسان والخمر الحمراء.ويتبين جليا من هذا البيت أن هذا الرجل على شيخوخته وكونه فاضلا جليلا عند النصارى ظل متورطا في عادة الزنا السيئة، والأدعى للخجل أنه لم يكف عن الزنا حتى في الشيخوخة، وليس ذلك فحسب بل كان يدمن الخمر.فالمطلعون على حياة الأخطل يعرفون جيدا أنه كان على مكانة كبيرة عند النصارى في ذلك الزمن، وأنه كان محترما جدا ومتفردا في العلم والفضل، ويبدو من كتاباته أنه لم يكن ينظم شعره بناء على الأفكار المستمدة من مسألة الكفارة
۲۲ نور القرآن فحسب، بل كان حائزا على منصب القسيس أيضا، ويُعتقد يقينا أنه كان يتردد يوميا إلى الكنائس التي ذكرها في كتابه بصفته قسيسا إماما، وكان الناس يقتفون الوحيد ومن هو أثره.ألا يكفي دليلا على كونه فذا وحيدا في نصارى ذلك العصر أنه من ملايين النصارى الذي لا تزال ذكراه موجودة في هذا الزمن على الرغم من ثلاثة عشر قرنا؟ باختصار؛ إن الأخطل هو الوحيد الذي سجل مثلا لسلوك مرور النصارى القدامى، و لم يسجل نموذجه الشخصي فحسب بل قد شهد على أن الوضع نفسه كان عند جميع النصارى في ذلك الزمن.والحقيقة أن السلوك نفسه يوجد في أوروبا كعادة متبعة حتى الآن.كانت كنعان عاصمة الدين المسيحي، هذا البلد حصرا انتقل هذا الدين إلى أوروبا وأحضر لها كل هذه المفاسد هدية.باختصار؛ إن ديوان الأخطل جدير بالتقدير، لأنه افتضح نصارى ذلك الزمن في سلوكهم، ولا يدلنا التاريخ على مسيحي آخر من ذلك الزمن عند النصارى له أي مؤلّف ولا نجد بدا من الإقرار بعد الاطلاع على سيرة الأخطل أنه كان مطلعا على الإنجيل جيدا، وقد أحرز من بين جميع نصارى ذلك الزمن والقساوسة بصفة خاصة مرتبة علمية وجدارة لم يُحرزها أحدٌ غيره؛ فنحن مضطرون للإقرار بأنه مثل منتخب من نصارى ذلك الزمن.وقبل قليل رأيتم أنه قد أقر بنفسه أنه كان يدرأ حزن الشيخوخة بالنساء الجميلات والخمر الممتازة، وهذا هو التعبير الذي كان شائعا عند شعراء ذلك العصر لبيان سيئاتهم، ولم يكونوا ينظمون الأفكار الخيالية على شاكلة شعراء العصر الحاضر السذج، بل كانوا يسجلون في أبياتهم وقائع حياتهم ويرسمون سيرة حياتهم، لهذا السبب لم تُعدّ سخيفةً عديمة الجدوى في نظر الباحثين، بل قد عدت من المصادر دواوينهم تتحدث التاريخية، وهي عن تقاليد العصر القديم وعاداتهم ومشاعرهم وأفكارهم
نور القرآن ۲۳ على نحو كامل، لهذا لم يضيّع المسلمون محبو العلم قصائدهم ودواوينهم، لكي يتمكن الناس في كل زمن مباشرة، من رؤية حالة العرب قبل الإسلام بأم أعينهم، ثم كيف صبغهم الله القادر بعد ظهور الإسلام بصبغة التقوى والطهارة، فلو نظر المرء إلى أشعار الأخطل وديوان الحماسة والمعلقات السبع وأشعار "الأغاني" التي جمعها صاحب "الأغاني" لشعراء العصر الجاهلي التي توجد في الكتب القديمة مثل لسان العرب والصحاح للجوهري، ثم نظر مقابلها إلى الإسلام، فسيتبين له جليا أن الإسلام قد طلع في ذلك الزمن المظلم كما تطلع الشمس فجأة في الجو المظلم جدا.من هذه المقارنة تتراءى مشاهد القدرة الإلهية بحيث يكبر الإنسانُ الله ويقول: كم كان الزمن بأمس الحاجة إلى القرآن الكريم والحقيقة أن هذا الدليل القوي داس بقدمه جميع المعارضين.وعودا إلى المضمون السابق نقول: من الممكن أن يسأل ساذج؛ أليس من المحتمل أن يكون الأخطل قد تزوج النساء الجميلات الكثيرات في سنه المتقدمة؟ وإذا كان كذلك فكيف يصح اتهامه بالزنا؟ فجوابه أن الأخطل في شعره لم يصرح بأن تلك النساء الجميلات زوجاته بل قد نظم كلامه كما يتكلم دوما ممارسو الدعارة وذوو الخصال السيئة، ولذلك ذكر مع النساء الجميلات الخمر الممتازة، لأن الخمر من الدوافع إلى السوء والدعارة ومن لوازم السوء.ولا يخفى على أحد أن الدين لأتباعه واحد فقط، فكيف كان ممكنا أن يزوجه الناس المسيحي يسمح بزواج ببناتهم الجميلات خلافا للتقاليد والدين، نحن نقبل أنه كان أفضل القوم علما وفضلا وكان حائزا على مكانة الأسقف المرموقة بل أكثر من ذلك، وكان قدوةً ذلك كلهم وهاديهم ومختارهم، ومع من المستحيل أن يزوجه الناس بناتهم الحسان قصدا خلافا للتقاليد القديمة، وإن شعره هذا يصرخ بملء الصوت أن القوم
٢٤ نور القرآن التصرفات غير الشرعية كانت تصدر منه زنا، ولذلك كان يتعاطى الخمور والملذات.فهل يقبل أحد أن الناس كانوا يعطونه بناتهم الجميلات واحدةً بعد أخرى على كونه مسنا؛ معرضين ابنتهم لمصاب الضرة وعميانا مخالفين الدين والتقاليد وعُرف المجتمع، ويحضرون معهم كأسين الخمر أو ثلاثة؟ كلا، لا من يمكن أن يقبل أحد هذا الخيال المحال فالحقيقة هي ما كتبناه، ونظائرها ما زالت موجودةً في أوروبا بمئات الألوف لا بالمئات أو الألوف فقط، ففي الرحلة إلى أوروبا تظهر هذه المشاهد في كل مكان فور عبور البحر.ثم ليس للأخطل هذا البيت الوحيد بل إن ديوانه يضم بيتا يفوق هذا ونسجله هنا للقراء فهو يقول: إنَّ من يدخل الكنيسة يوما....يلق فيها جاذرًا وظباء أي من دخل كنيستنا يوما تمتع برؤية كثير من النساء الجميلات الشابات الفاتنات النشيطات، فكأن السيد الأخطل يغري الناس بالذهاب إلى الكنيسة والتمتع بهذه المتعة المؤكدة.نستنبط من كان هذا البيت أمرين؛ أولهما أن السيد الأخطل كان قد بني لقومه كنيسة يرتادها بصفته قسيسا وكان في الظاهر يحمل بيده الإنجيل وكان في الحقيقة يتحرى بنات الناس وكنائنهم، وكانت له علاقات غير شرعية معهن.والثاني: أن القوم لم يكونوا يستاؤون من هذه العلاقات غير الشرعية و لم يكونوا يطردون من النظر مثله، ولم يكونوا يعزلونه من منصب القسيس، مع أنهم كانوا على الأقل مطلعين على أن هذا الرجل خبيث القلب وينوي التصرفات الخبيثة، لأن أبياته السيئة والدالة على العشق والغرام لم تكن خافية على القوم، تدلّ على أن القوم كله كان متورطا في الفسق والفجور وكانت كنائسهم الكنيسة وهي من كان سيئ مثل أكواخ المومسات، ولم يكن لاجتماع الرجال والنساء السيئين وخبيثي
نور القرآن الأفكار مكان أفضل من الكنائس أي كانوا يغتنمون حضور الكنائس لإشباع أهوائهم النفسانية، ولم يكن الأخطل يتبع أهواءه فحسب بل لم يكن يعدّ أي سيدة أو آنسة نصرانية طاهرةً.ففي ديوان الأخطل الذي نشر معه الباحثون المسيحيون سيرته أيضا قد ورد فيها أنه ذات مرة سُجن في كنيسة دمشق متهما بأنه لا يعترف بطهارة السيدات المسيحيات، فأفرج عنه أسقف دمشق بشفاعة مسلم نبيل وكريم، إلا أن الأخطل لم يغيّر رأيه حتى الموت؛ فأبياته عن النساء المسيحيات على ألسن الناس إلى الآن.لقد ورد في سيرة الأخطل في الصفحة ٣٣٩ من الكتاب نفسه أنه كان يمدح الخمر كثيرا في أبياته وكان مطلعا على فوائد الخمر وكان خبيرا بها، ثم ورد في الصفحة ٣٣٧ في سيرته أن الأخطل كان مسيحيا صادقا ومخلصا وكان يتمسك بدينه جيدا وكان قد حفظ وصايا الكنيسة وكان يعلّق الصليب على صدره دوما، ولذلك كان قد اشتهر بين الناس بذي الصليب، ثم ورد في الصفحة نفسها أن السلطان عبد الملك بن مروان الذي كان الأخطل موظفا في بلاطه أيضا قال له: أسلم، فقال: "إذا حللت لي شرب الخمر وأعفيتني من صيام رمضان فأنا جاهز لاعتناق الإسلام! انظروا كيف ورد في سيرته قبل قليل أنه كان مسيحيا مخلصا وكان مشهورا بذي الصليب وبعده ورد أن هذا الرجل كان مستعدا ليتخلى عن الدين المسيحي مقابل كأس من الخمر.باختصار؛ لقد ورد في سيرته أنه كان مدمنا على الخمر، كما اعترف شخصيا في أبياته أنه لم يكن يسعه التخلي عن النساء الأجنبيات قط، كما اعترف بأن سلوك النصارى رجالا ونساء في ذلك الزمن بصفة عامة لم يكن جيدا، وكانوا معتادين على ارتكاب الفواحش سراً.أجل كان يتميز بشجاعة في بيان فسق النصارى وفجورهم بمنتهى الجرأة، وكان
نور القرآن الصفحة يخبر أن كنائسهم هي أماكن دعارة، و لم يكن يخفي سلوكه السيئ، ففي ۳۳۷ من الكتاب نفسه ورد أن عبد الملك سأله مرة ما الذي يستفيده من شرب الخمر ؟! فقرأ البيتين التاليين فورا إذا ما نديمي علي ثم علني....ثلاث زجاجات لهن هدير جعلتُ أجرُّ الذيل من كأنني....عليك أمير المؤمنين أمير على كل حال؛ لما كان كبار المسلمين لم يمارسوا أي إكراه على أحد لاعتناق الإسلام فلم يصدر ضده أي عتاب سوى النصح والوعظ، فظل ينال في بلاط الملوك الأمويين جوائز تقدر قيمتها بألوف مؤلفة من الدراهم، وكان قد ولد في زمن نبينا وشهد عهد كل من الخلفاء الأربعة الله وكان يقيم في بلاد الشام ومات مسنا معمرا.فقد قام بإنجاز رائع حيث رسم في أبياته صورةً لسلوك النصارى وأدلى بشهادة واضحة على أن النصارى في ذلك الزمن كانوا متورطين في أشنع التصرفات، وكان شرب الخمور وارتكاب كل أنواع السيئة قد استولى عليهم، فلما كان الوطن الأصلي الذي تأسس فيه الدين المسيحي هو بلاد الشام حيث كان يقيم ورسم صورته؛ فمن هنا يتبين مدى كذب عقيدة الكفارة، وما خدعة وقحة قد أظهرت تأثيرها في الأوائل، حيث ارتكب النصارى أشنعها من عصر كل أنواع الفسق والفجور! كان الأخطل ليس بعيدا من زمن المسيح ال إذ كان قد مرَّ ستمائة سنة فقط، إلا أنه يثبت جليا من شهادة الأخطل نفسه واعترافه أن النصارى في ذلك الزمن كانوا قد تردوا أكثر من عبدة الأوثان نظرا لأعمالهم الشنيعة جدا.فإذا كان هذا هو تأثير الكفارة في الزمن القريب، فما أشد غباء أولئك الناس الذين يرجون خيرا من هذه الكفارة المجربة بعد مرور تسعة عشر قرنا!
نور القرآن ۲۷ وعن السلوك السيئ للمسيحية في ذلك الزمن هناك قصيدة أخرى وهي لعمرو بن بني كلثوم التغلبي وتعدّ رابعة المعلقات السبع، فلا يخفى على أي عالم تاريخ أن تغلب كانوا نصارى، وهم الذين عُدّوا أكثر العرب فسقا وفجورا وظلما واعتداء، فهذه القصيدة تدلي بشهادة وافية على سلوك بني تغلب، لأنهم كانوا سفاكين من الطراز الأول ومحاربين وحاقدين وفساقا ومدمني خمر ومنفقين على إشباع الشهوات النفسانية بإسراف، ومتباهين علنا بفسقهم وفجورهم.ونحن نسجل هنا بيتين فقط مثالا من أبيات التغلبي المذكور، وهما موجودان في القصيدة الخامسة المعلقات السبع فمن أراد فليطلع عليهما وهما: من ألا هبى بصَحْنك فاصبحينا....ولا تبقى حمور الأندرينا وكأس قد شربت ببعلبك....وأخرى في دمشق وقاصرينا أي قومي يا عشيقتي (وكانت عشيقته هذه في الحقيقة والدته) بكأس الخمر واسقيني كل ما تُعد من الخمور في بلدة الأندرين، ولا تبقي شيئا من ذخائر الخمر.ثم يقول: قد شربتُ الخمر الكثيرة في بعلبك، وشربتها بالقدر نفسه في دمشق أيضا ومثل ذلك ظللت أشربها في موضع قاصرين أيضا.والحق أن النصارى لم يكن لهم أي شغل سوى شرب الخمر، فهذا هو الجزء الأعظم لدينهم والذي يندرج في العشاء الرباني.والطريف أن هذا المسيحي عشق أمَّه الحقيقية.وليعلم القراء أن الأندرين بلدة في بلاد الشام، حيث كان النصارى يصنعون كل أنواع الخمور، ومن هناك كانوا يصدّرونها إلى بلاد نائية، ولم يكن شرب الخمر جائزا في دينهم فحسب، بل كان يعدّ الركن الأعظم للدين مثل فرقة "بام مارغي" الهندوسية، وبدون ذلك لم يكن أحد يصبح مسيحيا، ولذلك فإن للنصارى علاقات قديمة مع الخمر وإن النصارى هم المبتكرون لأنواع الخمر في هذا الزمن أيضا، وقد ثبت أن النصارى هم
۲۸ نور القرآن يسمى الذين جلبوا الخمر إلى البلاد العربية وأفسدوا البلاد، ويبدو أن فكرة عبادة عيسى هي التي دعمت فكرة عبادة الأصنام؛ فتمسكوا بعبادة المخلوق كثيرا تقليدا بالنصارى، ومما يجدر الملاحظة أن الأعراب لم يكونوا يعرفون ما (هو البلاء) الذي الخمر، لكن حين وصل إليهم السادة النصارى أهدوها لبعض المريدين الجدد، فتفشت هذه العادة الفاسدة بشكل عام تقليدا ،أعمى، فتعينت خمسة مواعيد لشرب الخمر مثل الصلوات الخمس؛ وهي الجاشرية: أي خمر ما قبل طلوع الشمس، والصبوح: أي الخمر التي تشرب بعد طلوع الشمس، والغبوق: ما تشرب ظهرا وعصرا، والقيل: خمر الظهر، والفحم: خمر الليل؛ فحين ظهر الإسلام بدل هذه المواعيد بخمسة مواعيد للصلاة، وبدل كل سيئة بحسنة، ومقابل عبادة الخلق علم اسم الله، فلا ينكر هذا التغيير الطاهر أي سعيد، بل لا ينكره سوى شديد الوقاحة، فهل يمكن لأي دين أن يقدم نموذجا لهذا التغيير العظيم؟ كلا لا يمكن.ونكتفي هنا بهذا القدر من أبيات النصارى التي أقروا فيها بذلك، لكنه إذا اعترض أحدهم فسوف تهدي له مئات الأبيات من هذا النوع، وإنني متيقن أن أحدا لن يتكلم بهذه المناسبة، لأن آلاف الأبيات المتضمنة لاعترافهم بالجرائم لا يمكن أن تخفى.فليسأل أحدهم القس "تماكر "داس" الذي تكلم بهراء على موضوع عدم ضرورة القرآن بظلم ودون حق وبتعصب غير مبرر، هل اطلع على ضرورة القرآن الكريم أم لا؟ أفلم تثبت أن القرآن الكريم نزل في زمن كان النصارى فيه قد تأكلوا مثل المجذومين، وكان الآخرون قد بادوا نتيجة حبهم لهم، فهل هذه الضرورة الحقة، أم تلك التي تذكرها أنت للإنجيل؟ لقد قتل المسيح عبثا! إذ قد تجرأ النصارى على الذنوب أكثر، وساءت أوضاعهم أكثر ، فلو أراد "تهاكر داس" المحترم لكان بإمكاننا تقديم عشرة آلاف بيت اعترف فيها الأعداء بجرائمهم، وحتى الآن يحتل النصارى هي
نور القرآن ۲۹ المركز الأول في بعض الجرائم.انظروا إلى الخمر أمّ الخبائث أن مدينة لندن وحدها تضم محلات خمر لدرجة أن لو صُفّت في صف واحد لكان طوله ٧٥ ميلا.لقد كثرت الزانيات في إنجلترا لدرجة قد قدّر عددهن بنيف ومائة ألف داعرة في لندن فقط، أما الأولاد غير الشرعيين الذين تلدهم السيدات الطاهرات! بجرأة ا، فقد وسر قَدَّر بعضهم أن نسبتهم ٧٥%.ولعب القمار على أوجه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.ويبدو أن العظمة الإلهية قد طارت من قلوبهم نهائيا، إذ قد اتخذوا الإنسان إلها، واعتبروا السيئات حسنات، فالحق أن عقيدة انتحار، وقد وردت المسيح قد أهلكتهم وأن الكفارة أعفتهم من جميع وصايا التوراة باجتناب السيئات والسير على درب الحسنات.هم يعادون الإسلام عداء الشيطان للصدق، فلا أحد منهم يتأمل ما هو الجديد الذي قدمه الإسلام مما يمكن الاعتراض عليه.لقد قتل موسى العليها مئات الألوف من الأولاد الأبرياء، فلا يعترض عليه أي مسيحي أنه ارتكب سيئة، أما نبينا فرفع السيف على الذين رفعوا السيف أولا وقتل أولئك الذين كانوا قد قتلوا كثيرا من المسلمين سلفا، ومع ذلك لم يبادر لقتلهم بل قتلهم حين لاحقوه هم أنفسهم وهاجموه (في المدينة) ومع ذلك لم يقتل الأولاد ولا الشيوخ وإنما عاقب المجرمين فقط، فيستاء النصارى من هذه العقوبة كثيرا ، فيثيرون الضجة في كل مكان ويصرخون، أفلا يثبت من ذلك كله أن قلوبهم قد اسودت حقدا؟ من المؤسف حقا، أنه باتخاذ الإنسان الضعيف إلها لا تقشعر أبدانهم، فهم لا يخافون من يوم الدينونة شيئا، فلو جاء المسيح العليا إليهم حيا يوما وقيل لهم ها قد جاء إلهكم فصافحوه، فسوف يتفصدون عرقا من الخجل، فعبَدة المخلوق الأشقياء قد أطروا عباد الله المتواضعين بعد موتهم بحد لا يصدق، فلا يخجلون ولا يخافون الله إذ لا يفكرون ما الذي أنجزه المسيح أكثر من الأنبياء السابقين، وما هي إنجازاته بخصوص
نور القرآن أما الجانب الثاني لهذا الدليل وهو أن النبي ﷺ دعي إلى مولاه من هذا العالم بعد أن أنجز مهمته على أكمل وجه، فهذا ما يثبت مـــــن القرآن الكريم جيدا، كما يقول الله لا الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ ١٦ أي قد أكملتُ لكم دينكم بإنزال القرآن الكريم وإكمال النفوس وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فملخص القول إن القرآن الكريم قد نزل بقدر ما كان مقدَّرا ،نزوله، وقد أحدث في القلوب المستعدة تغييرات مذهلة ومثيرة للعجب، وأوصل أمر التربية إلى الكمال وأتم عليهم نعمته.وهذان الجانبان ،مهمان وهما يمثلان العلة الغائية مـــن الألوهية، هل يجدر بإله أن يقضي الليلة بأسرها في الضراعة ولا يستجاب له، فلفظ أنفاسه قائلا "ايلي ايلي" ولم يرحمه الأب شيئا، ولم تتحقق أغلبية نبوءاته، أما المعجزات ففضحتها البركة.لقد ألقى الفريسيون القبض عليه وبطشوا به ولم يستطع مقاومتهم، لم يُحسن تأويل إيليا و لم يستطع إحياء إيلياء ليحقق النبوءة بظاهر النص، هذا العالم قائلا "لِمَا شَبَقْتَنِي" بمئات الحسرات، فثبتت من هنا أنَّ إله الهندوس "رام شندر" الذي تمكن من الانتقام من "راون" في حياته، فلم يتركه قبل أن يُهلكه ويحرق مدينته، هو أفضل من هذا الإله.لا شك أن خرافة الكفارة اخترعت فيما بعد، وينبغي أن نعرف ما الذي حققت، وإنما شجعت النصارى على مزيد من الآثام، فأي إثم اجتنبوه؟ وأي خبث لم يصيبوه؟ فمن المؤسف أن ذلك وخلا من الانتحار لم يُجد شيئا.منه.١٦ المائدة: ٤
نور القرآن بعثة أيّ نبي، انظروا الآن بأي قوة تؤكد هذه الآية أن الـ النبي ﷺ لم يغادر هذا العالم ما لم يُكمل دين الإسلام بتنزيل القرآن الكــريم ۱۷ وتكميل النفوس، وهذه علامة خاصة لكونه من الله ولا يُمتّع بـــه الكاذب قط، بل لم يقدِّم أي نبي صادق قبل النبي مثـــ الكمال الرائع العظيم بحيث اكتمل كتاب الله من ناحيـة بهـدوء و سلام واكتملت النفوس من ناحية ثانية بالإضافة إلى إصابة الكفر بهزيمة شاملة وتمكين الإسلام من الفتح في كل محال.۱۸ ثم قال في آية أخرى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ " وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ ۱۷ حاشية: لقد خاطب الله الصحابة في القرآن الكريم قائلا: إني "أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" ولم يقل في الآية: "أيها النبي! اليوم أكملت القرآن" فالحكمة في ذلك أن ينكشف أنه لم يُكمل القرآن الكريم فقط بل قد كُمِّل أولئك الذين بلغوا القرآن وبلغت الغاية من الرسالة كمالها.منه.۱۸ الجدير حاشية: يتبين من هذه الآية أنه كان في قلب النبي ﷺ حماس كبير لرؤية انتشار الإسلام في العالم في حياته، وكان يتضايق جدا من أن يرتحل إلى العالم الآخر قبل إقامة الحق في الأرض، فبشره الله في هذه الآية بأنه حقق مبتغاه.من بالذكر أن كل نبي كان يحب هذا الأمر بدرجة متفاوتة، لكن لما لم يكن لديهم هذه البشارة وإنما تلقاها من ورد بحقه الحماس لهذا الحد فلم يتلقَ المسيحُ ولا.موسى في القرآن الكريم لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ).(الشعراء: ٤).منه.
۳۲ نور القرآن تَوَّابًا ، أي حين يأتي النصر والفتح الموعودان...فسبح...أي قل: إن ما تحقق فليس مني بل بفضله الله ورحمته وتأييده، واستغفر استغفار الوداع....إن اعتبار الاستغفار الذي يؤمر به الأنبياء مترتبا على ذنب من الذنوب التي يرتكبها العامة لحمق، وإنما تعني هــذه الكلمة بتعبير آخر إقرار الإنسان بعدمه وتذلله وضعفه، وتشكل أسلوبا متواضعا للاستعانة، ولما ورد في هذه السورة من تحقق المهمة التي من أجلها قد بعث النبي..أي قد اعتنق الإسلام ألـــوف مؤلفة من الناس.وفي الوقت نفسه تضم إشارةً أيضا إلى وفاة النبي كما توفي الله فعلاً خلال سنة واحدة من نزولها، فكـــان مـــن صلى الله الضروري أن يحزن عند نزول هذه الآية أيضا كما فرح، لأنه قــــد زرع البستان، أما السؤال كيف يتم الريُّ الدائم فقد أمره الله بالاستغفار لإزالة ذلك الحزن.فالاستغفار في اللغة المغفر الذي يحتمي به الإنسانُ من الآفات ولهذا اشتقت منه كلمة المغفر، والمراد من الاستغفار أن يمنع الله من ظهور ذلك البلاء الذي يُخشى ظهوره أو الذنب الذي يخشى ارتكابه، ويمنع ذلك البلاء أو الذنب مـــن الصدور ويستره.فالاستغفار يضم وعدًا بأن الله لن يضيع هذا الدين ۱۹ النصر: ٢-٤
نور القرآن فلا داعي للحزن عليه، وسيظل يتوب عليه برحمة على الدوام، ويمنع البلايا التي يُحتمل اعتراضُها عند ظهور ضعف ما.معظم النصارى السفهاء لعدم إدراكهم للمعنى الحقيقي للمغفرة- يظنون أن الذي يستغفر فاسق ومذنب، غير أنه بتدبّر كلمة المغفرة يتبين جليا أن الفاسق والفاجر هو ذلك الذي لا يستغفر الله الا الله لأنه إذا كانت كل طهارة حقة تنال منـه، وهـو الذي وحده يعصم الإنسان من طوفان الثوائر النفسانية ويُنقذه، فينبغي أن يكون الشغل الشاغل لعباد الله الصالحين في كل لحظة أن يستغفروا ذلك الحامي والعاصم الحقيقي.إذا بحثنا عن مثال للمغفرة في العالم المادي فلن نجد مثالا أفضل من أن الاستغفار يشبه السد المنيع الذي يُبنى لمنع الطوفان والسيل ، فلما كانت القوة كلها الله الله 6 والقدرة كلها مسلّم بها بحق الله الله ، وأن الإنسان كما أنه ضعيف جسما هو ضعيف روحًا أيضًا.وإن شجرة كيانه تتطلب الري من الذي لا يفنى، والذي بدون فيوضه لا يستطيع العيش أبدا، وكما أن الشجرة تتفرع غصونها إلى الجهات الأربع، وكأنها تمد يديها إلى ينبوع حولها، فتقول: أيها الينبوع! أعِنِّي ولا تدع خضرتي تقـــلّ واعصم موسم ثماري من التلف وهكذا هو حال الأبرار، لهذا يلزمه الاستغفارُ بالمعنى المذكور آنفا للمحافظة على الخضـــرة الروحانية
٣٤ نور القرآن والسلامة.كما أن طلب ماء السلامة من مصدر الحياة الحقيقية من - أجل إنماء تلك الخضرة قد عُبر عنه أيضا بالاستغفار في القـــرآن الكريم.تدبروا القرآن الكريم واقرأوه بتمعن تفهموا الحقيقة السامية للاستغفار، ولقد بينا آنفا أن المغفرة لغة المغفر الذي يُقصد منه الاحتماء من آفة فالماء مثلا هو الغافر بحق الأشجار أي يستر عيوبها، تصوروا كيف تكون حالة بستان لم يجد ماء لمدة عــــام أو عامين البتة، أفليس حقا أن جماله سيزول، ولن تبقى أي خضرة وجمال ولن يثمر في موسمه وسيذبل تلقائيا رويدا رويدا، ولن يُزهر أيضا بل سوف تيبس أوراقه الخضرة الناعمة المترنحة خلال أيام، ويستولي عليه الجفاف وستبدأ أعضاءه كلها بالسقوط على شاكلة المصاب بالجذام، فلماذا ستحل عليه كل هذه المشاكل؟ ذلك لأن الماء الذي تتوقف عليه حياته لم يروه، وإلى ذلك أشير في قوله : كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبة ٢٠ ، فالكلمة الطيبة تماثل الشجرة الطيبة، فكما أن أي شجرة طيبة رائعة لا يمكن أن تنمو بدون الماء كذلك فإن كلمات الإنسان الصادق الطيبة التي تخرج من فمه لا تنمو ولا تزدهر ما لم يبللها النبع الطيب عن طريق ساقية الاستغفار، إبراهيم: ٢٥
نور القرآن ٣٥ فحياة الإنسان الروحانية تتوقف على الاستغفار، الذي يسيل في و ساقيته ماء الينبوع الحقيقي، فيصل إلى أصول الإنسانية وينقذها من الله الجفاف والموت، فالدين الذي ليست فيه هذه الفلسفة فليس من قط.فمن أعرض عن هذا الينبوع بعد تسميه نبيــا أو رســـــولا أو صادقا أو سليم الفطرة فليس من الله ، أبدا، فهو لم يأت من الله وإنما هو من الشيطان، لأن الشيط هو الهلاك ومن لم يُرد أن يجذب إليه الينبوع الحقيقي لتخضير بستانه الروحاني ولم يجعل ساقية الاستغفار فياضة من هذا الينبوع فهو شيطان..أعني هالك، لأن من المستحيل أن تعيش أي شجرة خضراء بدون الماء، وكل متكبر لا يريد أن يخضر شجرة كيانه الروحانية من ينبوع الحياة فهـ الحياة فهو شيطان، وسيهلك كالشيطان لم يأتِ في العالم أي نبي صادق أعرض عـــــن حقيقة الاستغفار ولم يُرد الاخضرار من الينبوع الحقيقي، أما الذي طلب هذه الخضرة أكثر من جميع الأنبياء وهو سيدنا ومولانا ختم المرسلين وفخر الأولين والآخرين محمد المصطفى ، فقد خضـــره الله الله وعطره أكثر من جميع من كانوا على المنصب نفسه.نعود مرة أخرى إلى مقصدنا الأول ونقول إن ما يشكل البرهـــــان الأجلى والأسمى على صدق النبي وصدق القرآن الكريم هو أنـــــه عليه الصلاة والسلام قد بعث إلى العالم في زمن كان العالم فيه
٣٦ نور القرآن يطلب بلسان الحال مصلحا عظيما، ثم لم يمت ولم يُقتل إلا وقـــد رسخ أصول الصدق والسداد في الأرض.فحين ظهر النبي ﷺ ۲۱ هنا يرد اعتراض في الظاهر أنه لو قال أحد عبدة الأوثان: نحن نقبل أن النبي ﷺ قد قضى على عبادة الأصنام غير أننا لا نقبل أن عبادة الأصنام كان عملا سيئا بل نقول إنه كان طريقا سويا قد نهى عنه النبي ، مما يستلزم أن النبي لم يقم بإصلاح العالم بل قد أعدم طريق الصلاح، كذلك لو قال المجوسي أنا أقبل أن النبي تمكن من القضاء على عادة عبادة النار وعلى عبادة الشمس أيضا لكنني لا أعترف بأنه أنجز عملا حسنا بل هذه كانت عادة حسنة فقضى عليها، وكذلك لو قال المسيحي مع أنني أعترف بأن النبي قطع شأفة العقيدة المسيحية من العرب، لكنني لا أعد منعه من عبادة المسيح وأمه وكسر الصلبان والرسوم من أعمال الإصلاح، بل الطريق الذي قوبل بالمعارضة كان حسنا، كذلك لو قدم المقامرون ومدمنو الخمر والزناة وقاتلو البنات والبخلاء أو المسرفون ومحبو أنواع الظلم والخيانة، واللصوص وقطاع الطرق والسارقون دلائلهم وقالوا نحن نقبل ونعترف بأن الإسلام قد تدارك فرقنا بأسلوب رائع وبمعاقبة ألوف مؤلفة من اللصوص بعقوبات شديدة قد طمس على فسادهم وشغبهم من أغلبية أرجاء العالم، غير أنهم في رأينا قد ظُلموا بغير حق إذ كانوا يعرضون أنفسهم للهلاك أثناء عمليات السرقة وقطع الطرق، فكانت أموالهم التي كانوا يكسبونها بهذه الجهود الشاقة بحكم الحلال لكنهم أوذوا بغير حق، وقضي على عادة قديمة تعدّ من العبادة، فجواب كل هؤلاء الفرق أن أحدا الفرق لن يعد نفسه من مرتكبي الذنب غير أن بعضهم يشهد على بعض؛ فمثلا لن يقبل عابد رام شندر وكرشن جي- ومتخذهما إلهين- أنهما كانا مجرد إنسانين، بل سوف يؤكد أن في هذين الجليلين كانت روح الإله، وكانا إلهين مع كونهما بشرا، من هذه
نور القرآن ۳۷ فكانوا من ناحية بشرا ومن ناحية أخرى إلهين، وكانت مخلوقيتهما حادثا وكذلك علل المخلوق، أي الموت والمعاناة أو الأكل والشرب، كلها كانت حادثة، أما خالقيتهما وصفاتها فقديمة، لكنه إذا قيل لهم أيها السادة! إذا كان الأمر هكذا فيمكن أن تقبلوا بألوهية ابن مريم أيضا، فاجبروا خاطر النصارى الذين يثيرون هذه الضجة ليل نهار؛ فإذا ارتفع الماء فوق الرأس فسواء إن كان شبرا أو ذراعا، فهم يكذبون المسيح بإساءة بالغة لدرجة أنهم ينكرون نبوة ذلك المسكين فضلا عن الألوهية، بل يسبونه أحيانا ويقولون أين المسيح من شري" مهاراج برهم مورت رام شندر جی و کرشن غوبال رو در؟ فكان إنسانا ادّعى النبوة، فأين ابن مريم من شري مهاراج كرشن جي؟ ومن الطريف أنه إذا ذكر هذان الصالحان المقدسان أمام النصارى فهم أيضا لا يؤمنون بألوهيتهما بل يتكلمون عنهما بإساءة، مع أنهما أول من قام الناس بتأليههما، فهما بمنزلة المورث الأعلى للآلهة الأخرى الصغار.أما ابن مريم وغيرُه فظهروا متأخرين وهم فروعُهما وإن النصارى اقتفوا آثار هؤلاء الذين ألهوا هؤلاء المقدسين في تأليه المسيح، وإلى ذلك يشير الله له في قوله قَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِتُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (التوبة:٣٠) فهذه الآية تشير صراحةً إلى اليونانيين والهنود، وتخبر أن هؤلاء هم الذين الهوا الناس أول الأمر، ثم انتقلت هذه المبادئ إلى النصارى لسوء حظهم، فقالوا لماذا نتخلف عن هذه الشعوب، وكانت التوراة لشقاوتهم تضم سلفا نصوصا وصف فيها في بعض المواضع بعض الناس أبناء الله، بل بناتِ الله أيضا، بل قد وصف بعض السابقين آلهة أيضا، فبحسب هذا التعبير الشائع قد استخدمت الكلمات نفسها في الإنجيل بحق المسيح أيضا، فصارت الكلمة نفسها سما قاتلا للسفهاء، فالكتاب المقدس يُصَرِّحُ
۳۸ نور القرآن بملء الصوت أن هذه الكلمة لا تخص ابن مريم فقط، بل قد استخدمت بحق كل نبي وصالح، بل قد سمي يعقوب ابن الله البكر ، غير أن الشقي حين يقع في عُقدة مرة فلا يسعه التخلص منها، والأغرب من ذلك أن القواعد التي ذكرت لألوهية المسيح، أنه إله وإنسان أيضا، فكلها مسجلة في كتب الهندوس سابقا بحق کرشن ورام شندر، وهي توافق هذا التعليم الجديد، لدرجة أن لا يسعنا غير القول بأنه تقليد لمعتقدات الهندوس بأسرها.فكانت لدى الهندوس عقيدة ثلاثة آلهة؛ والمراد منها مجموعة "برهما، بشن ومهاديو" فيبدو الثالوث انعكاسا لهذه العقيدة، ومن العجيب أنه كما يسعى المسيحيون جاهدين لإثبات ألوهية المسيح وتفاديهم الاعتراضات العقلية بحيث يربطون بشرية المسيح بالألوهية ليجتنبوا الاعتراضات العقلية، لكنهم مع ذلك لا يستطيعون التخلص منها، وأخيرا يهربون من وصفه في نهاية المطاف بأنه من أسرار إلهية.كذلك هي صورة الهندوس الذين يتخذون رام شندر وكرشن إلهين؛ أي إنهم أيضا يتحدثون كما يتحدث النصارى.ثم حين يعجزون من كل النواحي يقولون إنه من أسرار الإله ولا ينكشف إلا على الذين يتصوفون ويهجرون الدنيا ويقومون بمجاهدات.لكن هؤلاء لا يعلمون أن هذا السر كشف حين لم يقدم هؤلاء الآلهة الباطلة لأعمالهم الإلهية أي مثال لم يقدمه الإنسان، صحيح أن كتاب غرنته مليء بقصص أن هؤلاء المقدسين أحرزوا أعمالا جبارة، فقد أحيوا الموتى وحملوا الجبال على رؤوسهم، لكننا إذا اعتبرنا هذه القصص صادقةً فهؤلاء أنفسهم يعترفون بأن بعضا من الناس الآخرين من الذين لم يدعوا الألوهية أيضا، أظهروا هذه الأعمال.فتدبروا مثلا هل كانت أعمال المسيح أكثر من موسى العليا بل الحقيقة أن قصة البركة قد فضحت آيات المسيح، ألا تعرفون البركة التي كانت تظهر منها المعجزاتُ
نور القرآن ۳۹ وكانت في الزمن نفسه، ثم ألم يكن في بني إسرائيل أنبياء عادت الحياة إلى الموتى بلمسهم ؟ ثم ما هي دواعي التباهي بألوهيته؟ يا للخجل! وصحيح أن الهندوس كتبوا كثيرا عن أعمال جبارة لمقدسيهم وحاولوا إثباتهم آلهة عبثا، غير أن تلك القصص أيضا لا تقل سخافة عن قصص النصارى، ولو افترضنا أن شيئا منها صحيح، مع ذلك لا يمكن أن يكون الإنسان الضعيف العاجز بطبعه إلها، أما الإحياء الحقيقي فباطل أصلا وينافي الكتب السماوية، إلا أن الإحياء الإعجازي الذي لا يتضمن العودة إلى هذا العالم والعيش مرة أخرى فيه، هو ممكن لكنه لا يشكل دليلا على الألوهية، لأن الذين يدعون ذلك كثيرون، وقد خلا الكثيرون الذين كانوا يستنطقون الموتى، لكن ذلك من قبيل "كشف القبور"، غير أن للهندوس فضلا على النصارى ونعترف به نحن أيضا وهو أنهم قادوا النصارى إلى اتخاذ البشر آلهة، فقد قلّدهم النصارى.لا يسعنا الإخفاء أن كل ما اختلق النصارى من الأقوال للتخلص من الاعتراضات العقلية، فلم يبتكروها بتفكيرهم بل قد سرقوها من "شاسرات وغرنتهات"، وكل هذا الطوفان كان قد أعده البراهمة لكرشن ورام شندر واستفاد منه النصارى، فالفكرة أن الهندوس ربما هم قد سرقوا من كتب النصارى بديهية البطلان، ذلك لأن هذه نصوصهم من العصر الذي لم يكن فيه أي أثر للمسيح في هذا العالم، فلا بد من الاعتراف بأن النصارى هم السارقون؛ فقد اعترف السيد "بورت" أيضا "أن أفلاطون كان يرى الثالوث نتيجة اتباع فكرة خاطئة، لكن الحقيقة أن اليونان والهند كانتا كمرايا متقابلة لبعضها البعض من حيث الأفكار، ومن الأقرب إلى القياس أن هذا مي كتب دينية هندوسية وسيخية.(المترجم)
٤٠ نور القرآن هناك الشرك المتراكم انتقل أولا من الهند إلى اليونان في صورة معارف الفيدا، ومن سرقها النصارى السفهاء ودسوها في الإنجيل وحسنوا كتاب أعمالهم".والآن نلتفت إلى المعاني الأصلية ونقول: إذا كانت كل فرقة من هذه الفرق تكذب الأخرى فما من شك في أن كل واحدة منها ترى إصلاح العالم في فناء معتقد الفرقة المعادية لها، وتقول بأن عقيدة معارضتها فاسدة جدا وغير صحيحة.ففي هذه الحالة إذا كانت كل فرقة تعترف بالفساد نظرا إلى معارضتها فلم يكن لكل واحدة منها بد من الاعتراف حتما بأن إصلاح العالم الشامل تحقق على يدي النبي ﷺ وأنه كان في الحقيقة مصلحًا أعظم.علاوة على ذلك يقرّ الباحثون من كل فرقة بأن أتباع ديانتهم في ذلك الزمن قد فسدوا جدا وكانوا متورطين في السلوك السيئ، فقد اعترف بذلك القس فندل في "ميزان" "الحق" بسوء السلوك والفساد المتفشي في ذلك الزمن وكذلك الباحث "بورت" في كتابه والقس "جيمس كيمرن ليس" في محاضرته المنشورة في مايو ۱۸۸۲ أيضا.بالإضافة إلى ذلك يدرك عارفو البر الحقيقي وسبيل الحق أن كل هذه الفرق كانت في هوة الظلام ولا أحد من هؤلاء الناس الذين اتخذهم هؤلاء آلهة إلها حقا، لأن علامة الإله الحق أن تظهر عظمته وجلاله أحداث سيرته كما تُظهر السماء والأرض عظمة الإله الحق الجليل.وهذه العلامة مفقودة قطعا في هذه الآلهة الضعيفة المعرّضة للمصائب، فهل يقبل العقل السليم أن يكون الميت والضعيف إلها من أي منطلق؟ حاشا وكلا، بل إن الإله الحق هو الله الذي صفاته غير المتبدلة تنعكس في مرآة العالم منذ القدم والذي ليس من * * ملحوظة: قد اعترف بذلك البانديت ديانند أيضا في كتابه ستيارته بركاش، ويقر البانديت المحترم أن الهند كانت في ذلك الزمن غارقة في عبادة الأصنام.منه.
نور القرآن هو بحاجة إلى أن يكون له ولد وينتحر ليفوز الناس بالنجاة.بل إن الطريق الحق لنيل النجاة منذ القدم وحيدة، وهي منزهة من الحدوث والخلق التي يفوز السالكون على طريقها بالنجاة الحقيقية وثمارها في هذا العالم ويرون نماذجها الصادقة في نفوسهم.أي إن ذلك الطريق الحق هو أن يستجيب الناس لنداء منادٍ إلهي ويقتفوا أثره حتى يتفانوا ويقضوا على حياتهم النفسانية، وبذلك يفتدوا بأنفسهم، وهذا الطريق الذي أودعه الله فطرة طلاب الحق منذ البدء، ومن القديم ومنذ أن خلق الإنسان، قد أعطيت له وسائل هذه التضحية الروحانية، وقد فُطر على ذلك، وللتنبيه إلى ذلك قد عُينت التضحيات في الظاهر أيضا، وهذه هي الحقيقة الحقة التي لم يدركها قليلو الفهم والأشقياء من الهندوس والنصارى، و لم يتدبروا الحقائق الروحانية ووقعوا في أفكار سيئة وكريهة ومظلمة جدا، أنا لم أتعجب من شيء قط مثلما أتعجب من أوضاع هؤلاء الناس الذين يتبعون هذه الأفكار السخيفة تاركين الإله الكامل والحي القيوم ويتباهون بها.ثم نقول عودًا إلى المطلب الحقيقي أننا كما بينا سابقا أن نطاق إصلاح سيدنا ومولانا النبي كان واسعا جدا وشاملا وتسلّم بذلك جميع الطوائف، ولم يوفق أي نبي سابق لهذه الدرجة من الإصلاح، فلو تدبر أحد واضعا في الحسبان تاريخ العرب لعلم أن عبدة الأوثان في ذلك العصر والنصارى واليهود كم كانوا متعصبين وكم كان اليأس من إصلاحهم سائدا من القرون.ثم انظروا كم أثر فيهم تعليم القرآن الكريم بجلاء رغم كونه مخالفا لطبعهم تماما وكيف استأصل كل عقيدة سيئة وكل أنواع السوء، فقد أزال عادة شرب الخمر التي أم الخبائث، وقضى على عادة المقامرة، واستأصل عادة وأد البنات وأصلح جميع مي الخصال المعادية للرحم الإنساني والعدل والطهارة.صحيح أن المجرمين نالوا عقابهم أيضا،
٤٢ نور القرآن وكانوا يستحقونه، فلا أحد يسعه إنكارُ هذا الإصلاح، والجدير بالانتباه هنا أن بعض القساوسة الذين يريدون كتمان الحق في هذا الزمن حين لاحظوا أن هذا الإصلاح الشامل قد تحقق على يدي النبي ، لدرجة أن لا يسعُهم كتمانه وأن الإصلاح الذي أحرزه المسيحُ مقابل ذلك في زمنه لا يمثل شيئا يذكر، أصيبوا بقلق أن إصلاح الضالين وجعل السيئين يعملون الحسنات- وهو العلامة الحقيقية لنبي صادق وقد أحرزه النبي بالتمام والكمال لا توجد بها أي نسبة في إصلاح المسيح.فأرادوا أن يهيلوا التراب على الشمس بمكايدهم الدجالية، فخدعوا الجهلة مضطرين بقولهم كما نشر القس "جيمس كيمرن ليس" في محاضرته أن الناس كانوا سلفا مستعدين للإصلاح وكانوا قد بدأوا يحتقرون عبادة الأوثان والشرك.لكن هؤلاء إذا كانوا صادقين في رأيهم فيتحتم عليهم تقديم برهان على صدق دعواهم كما أعلن القرآن الكريم ضدهم قائلا: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ (الحديد: (۱۸) إذ قد وصفهم موتى ونسب إحياءهم إلى نفسه، ويقول في عدة آيات أنهم كانوا مقيدين في أغلال الضلال فحررناهم وكانوا عميانا فجعلناهم يبصرون، كانوا في الظلام فوهبنا لهم النور، وكل هذه الأمور لم يصرح بها خفية بل قد بلغهم القرآن وسمعوها بآذانهم و لم ينكروها ولم يصرحوا قط إننا سلفا كنا مستعدين، و لم يمنّ علينا القرآن بشيء.فإذا كان معارضونا يملكون أي نص معادٍ لبيان القرآن الكريم دعما لفكرتهم قد وصل بتواتر كالقرآن عشر قرنا، فعليهم أن يقدموه، وإلا فهذه الأمور مجرد افتراء طبع المسيحيين ليس أكثر.هذا هو تصريح جيمس، الذي نُشر في كتاب أديان العالم.لكن بعض القساوسة أكدوا فهمهم للحقيقة أكثر من هذا، فقد قالوا إن الإصلاح ليس بشيء في الحقيقة، إذ لم يتحقق إصلاح أحد قط فلم تأت التوراة للإصلاح وإنما من ثلاثة
نور القرآن ٤٣ أثبت ببعثته فورا أن العالم كان بحاجة إليه، وأقام الحجة على كــــل أمة ضد شركها وفسادها وتصرفاتها المفسدة.كما أن القرآن الكريم مليء بهذا الموضوع فتدبروا مثلا آية تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى كانت للإيماء إلى أن الإنسان المذنب لا يستطيع الامتثال لأوامر الله، وكان الهدف نفسه للإنجيل أيضا، وإلا لم يحدث قط ولن يحدث أبدا أن يقدم أحد خده الأيمن بعد تلقي لطمة على خده الأيسر.ثم يقولون هل كان المسيح قد جاء بتعليم جديد؟ ويردّون على هذا التساؤل بأنفسهم قائلين إن تعليم الإنجيل كان موجودا في التوراة سلفا.ويجمع عبارات مختلفة من الكتاب المقدس يتشكل الإنجيل، فلماذا أنه جاء المسيح إذن؟ فيجيبون على ذلك: لمجرد الانتحار فقط، لكننا نتعجب من كره الانتحار أيضا إذ قد تفوه بـ "إيلي إيلي لما شبقتني"، ومما يثير التعجب أيضا ما الذي ينفع بكرا إذا انتحر زيد؛ فإذا كان قريب أحدٍ مريضا في بيته فجرح نفسه بالسكين حزنا عليه فهل سوف يُشفى ذلك القريب بهذا التصرف الشقي؟ أو إذا كان ابن أحد مصابا بالقولنج وشجّ أبوه رأسه بحجر حزنا عليه فهل سوف يعافي ابنه بهذا التصرف الناتج عن الحمق؟ ثم لا نفهم أنه لو ارتكب زيد ذنبا وعُلق بكرّ على الصليب عوضا عنه فهل هذا عدل أو رحم؟ فليخبرنا أي مسيحي، فنحن نؤمن بأنه إذا ضحى المرء بروحه من أجل عباد الله أو كان مستعدا لذلك فهو من أروع الأخلاق، لكن إدراج تصرف الانتحار السخيف في هذه القائمة لمن الحمق الشديد.فمثل هذا الانتحار حرام بشدة في الإسلام وهو من عمل الأغبياء عديمي الصبر، إلا أن المنهج الرائع للتضحية بالروح يتألق في حياة ذلك المصلح الكامل الذي اسمه محمد المصطفى.منه.
٤٤ نور القرآن عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ٢٢...نذيرا؛ أي يكون منبها على سوء سلوكهم وبطلان عقائدهم، فهذه الآية تشكل دليلا ساطعا علـــى إعلان القرآن الكريم بأن النبي الله لقد ظهر في زمن كان العالم بأسره قد فسد فيه وفسدت الأمم كلُّها.وإن الأمم المعارضة لم تصدق هذه الدعوى بالسكوت عليها فحسب بل قد اعترفوا بذلك، فثبت منه بالبداهة أن النبي الله قد بعث في الحقيقة في زمن كان ينبغي أن يُبعث فيه نبي صادق وكامل.ثم حين ننظر إلى الجانب الثاني أنه متى رجع النبي ﷺ إلى الله؟ فنقرأ في القرآن بوضوح وصراحة أنه أمر بالرجوع في زمن كان قد أنجز مهمته؛ أي قد دُعِيَ إلى الله بعد أن نزلت هذه الآية التي تفيد أن التعليم للمسلمين قد اكتمل، وكلُّ ما كان تقتضيه ضرورات الدين قد نزل، وليس ذلك فحسب، بل قد أنبئ أيضا بأن تأييدات الله الله أيضا قد بلغت الكمال، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ونزلت الآيات التي تفيد أن الله تعالى قد رسخ الإيمان والتقوى في قلوبهم، وكره إليهم الفسق والفجور، واتصفوا بالأخلاق الطيبة السامية، وظهر تغيير عظيم في أخلاقهم وسلوكهم ونفوسهم، وبعد كل ذلك نزلت سورة النصر التي ملخصها أن جميع أهداف النبوة قد تحققت ۲۲ الفرقان: ٢
نور القرآن وتمكن الإسلام من فتح القلوب، وعندئذ أعلن النبي ﷺ بصفة عامة أن هذه السورة تشير إلى وفاته بل قد حج بعد ذلك وسماها حجة الوداع وبحضور ألوف مؤلفة من الناس ألقى خطابا طويلا راكبــــا على الناقة، وقال: اسمعوا يا عباد الله، كنت قد أُمرت من ربي بـــأن أبلغكم جميع هذه الأوامر فهل تشهدون أني قد بلغتكم إياها كلها؟ فصدق القومُ كلهم بصوت عال أن كل هذه الأحكام قد وصلت إليهم، عندئذ قال النبي له ثلاث مرات رافعا رأسه إلى السماء اللهم فاشهد.ثم قال: لقد فعلتُ ذلك كله لأني قد لا أكون معكم في السنة القادمة ولن تجدوني هنا مرة أخرى، ثم عاد إلى المدينة وتوفي في السنة التالية.اللهم صل عليه وبارك وسلّم.وكل هذه الإشارات مستمدة من القرآن الكريم في الحقيقة ويصدقها بالتفصيل تــاريخ الإسلام المتفق عليه.فهل في العالم مسيحي أو يهودي أو آري يستطيع أن يقدم أي مصلح له مثالا، أسست بعثته على حاجة عامة وشديدة، وكانـــــت وفاته بعد إنجاز تلك المهمة، واعترف المعارضون الذين أرسل إليهم ذلك الرسولُ بحالتهم الفاسدة وأعمالهم السيئة.إنني أعلـــم أنـــه لا يملك هذا الإثبات غير الإسلام فواضح أن موسى ال كان قـــــد بعث لعقوبة فرعون وتحرير قومه ولهدايتهم فقط، ولم يكن يُهمـه
٤٦ نور القرآن ومع أنه نجى قومه مـــــن فـرعـــــون فساد العالم بأسره أو فساده؛ عدم لكنه لم يستطع تخليصهم من براثن الشيطان، كما أنه لم يستصـ إيصالهم إلى الوطن الموعود، ولم تتحقق على يديـه تزكيـة بـــني إسرائيل؛ إذ قد صدرت منهم معاصى متتالية حتى توفي موسى العلي وهم على الحال نفسه.أما حالة حواربي المسيح الله فبينة من الإنجيل نفسه ولا داعي للتصريح، أما القول بأن اليهود الذين بعث المسيح نبيا لهم كم نالوا من الهدى في حياته، فهذا الأمر هو الآخـــر لا يخفى على أحد، بل لو اختبرنا نبوة المسيح بهذا المقياس فلا نجــــد بدا من القول مع الأسف الشديد إن نبوته بهذا المقياس لا تتحقق أبدا"، لأنه من الضروري قبل كل شيء أن يظهر في زمن تكون أوضاع دين الأمة التي أُرسل إليها قــــد فـــــدت وبـــادت، فالمسيح اللي لا يسعه اتهام اليهود بأنهم غيروا معتقداتهم أو صاروا لصوصا وزناة ومقامرين وغير ذلك أو تركوا التوراة وبدأوا العمل بكتاب آخر، بل أدلى بشهادة على أن الفريسيين والكتبة جالسون ۲۳ للني إن النصارى يفتخرون بالكفارة كثيرا، إلا أن المطلعين على تاريخهم لا يجهلون أنه قبل انتحار المسيح- بحسب زعمهم كان بينهم بعض الصالحين، إلا أن سدّ سيئات النصارى قد انهدم بعد انتحار المسيح المزعوم.فهل نسل الكفارة الموجود في أوروبا يشبه في سلوكه أولئك الذين كانوا يتجولون مع المسيح؟ منه.
نور القرآن ٤٧ على كرسي موسى ال كما لم يعترف اليهود أنفسهم بأنهم أصبحوا سيئي السيرة وفاسدين.والدليل الثاني القوي على صــدق أي نبي أن يُري مثالا عظيما للإصلاح الكامل؛ فحين نبحث عــن هذه الأسوة في حياة المسيح ونريد أن نلاحظ ما هو الإصلاح الذي أحرزه، وكم من مئات الألوف أو الألوف من الناس تابوا على يديه، فهذا المجال أيضا خال.صحيح أننا نجد اثني عشــــر حـواريــــا، لكننا حين ننظر إلى أعمالهم ترتعد الأوصال ونبدي الأسف على هؤلاء الناس من أي نوع كانوا حيث ادّعوا إخلاصهم الكبير، ثم ارتكبوا تصرفات خبيثة لم يسبق لها نظير في العالم كله، فهل يجدر بحواري أن يسلّم النبي الصادق والهادي الحبيب للسفاكين مقابل ٣٠ الفضة؟ فهل كان يليق بسيد الحواريين "بطرس" أن يلعن المسيح ويسب مقتداه وجهًا لوجه ليعيش بعض أيام أخرى، هـــل من قدامه، كان خليقا بالحواريين أن يفترقوا ويتخذوا طريقهم عنـد اعتقـــال المسيح الله ولا يصبروا لحظة واحدة.هل من أمارات صدق الذين يلقى القبض على نبيهم الحبيب للإعدام وإخلاصهم ما أظهره الحواريون؟! فبعد وفاته اخترع عبدة المخلوق قصصا ورفعوه إلى السماء، غير أن الإيمان الذي أبدوه في حياتهم فتفاصيله ما زالت موجودة في الأناجيل باختصار ؛ إن الدليل الذي يتحقق من مفهوم
٤٨ نور القرآن الرسالة بحق نبي صادق، لم يتحقق بحق المسيح، فلو لم يذكره القرآن الكريم ضمن الأنبياء لما كان لنا سبيل لنعدّه مــن زمـــرة الأنبياء الصادقين، هذا الذي علم أنه هو نفسه إله، وابن إله ومتحرر من العبودية والطاعة، والذي كان عقله ومعرفته منحصرة في أن النــاس سيتخلصون من الذنوب بانتحاره، فهل يمكن أن نصف مثل هـذا الإنسان لحظةً واحدةً بالعاقل وبالسالك على الصراط المستقيم؟ لكننا نحمد الله على أن التعليم القرآني قد كشف علينا أن هذه الأمــــور كلها تهم باطلة على ابن مريم، لا يوجد للثالوث أي أثر في الإنجيل، فتعبير ابن الله الشائع الذي استخدم بحق ألوف من الناس من آدم إلى الأخير في الكتب السابقة قد ورد في الإنجيل بحق المسيح اللة فجعلت الحبةُ ،قبة حتى جُعل المسيح إلها بناء على ذلك، مع أن المسيح لم يدع الألوهية بنفسه قط، ولم يُبدِ الرغبة قط في الانتحار، كما قال الله له الا الله أنه لو فعل ذلك لشطب اسمه من سجل الصادقين، ويصعب علينا الاعتقاد بأن هذا الكذب المخجل نشأ نتيجة انحراف أفكار الحواريين، لأنه حتى لو كان صحيحا ما ورد عنهم في الإنجيل بأنهم كانوا سذجا يخطئون بسرعة، لا نستطيع أن نقبل أنهم كانوا رغم صحبتهم لنبي يحملون في أيديهم بذرة هذه الأفكار السخيفة.غير أن إمعان النظر في الحواشي المكتوبة على الإنجيل يكشف الحقيقة العليا
نور القرآن ٤٩ الأصلية أن كل هذا التلاعب لمن حضرة البولس الذي لجأ إلى المكر العميق كالمكارين السياسيين.باختصار؛ إن ابن مريم الذي أخبرنا عنه القـــرآن الكريم كــــان يتمسك بالهدي الأزلي والأبدي الذي حُدِّد لبني آدم منذ البــدء، فلنبوته يكفي الدليل القرآني حتى لو نشأت شكوك وشبهات كثيرة على نبوته من حيث الإنجيل.والسلام على من اتبع الهدى.الراقم العبد المتواضع غلام أحمد
ٹائیٹل بار اول نور القران نمبر ۲ بابت ماہ ستمبر اکتوبر نومبر دسمبر ا ء و جینوری و رودری مشهد د مارچ دو اپریل ست ن ضیاء الاسلام ریان این برنامه نیم فصل بی تا مالک مطبع کے چھپا ے جلد تھیں قیمت فیجلد در غلاف الطبعة الأولى للجزء الثاني من هذا الكتاب
۰۲ نور القرآن ترجمة غلاف الطبعة الأولى للجزء الثاني من هذا الكتاب وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ٢٤ نور القرآن رقم - ٢ للشهور سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر ١٨٩٥ ويناير وفبراير ومارس وإبريل ١٨٩٦ الراقم العبد المتواضع محمد سراج الحق الجمالي النعماني نشرها الحكيم فضل الدين البهيروي في مطبعة ضياء الإسلام بقاديان ٢٤ الشورى: ٤٢
نور القرآن انتهج إعلان مهم للقراء نعلن بأسف أن عدد نور القرآن هذا قد صدر ضد شخص قد إطلاق الشتائم على سيدنا ومولانا النبي ﷺ بدلا من الكلام النبيل اللطيف وقد ألصق بطبعه الخبيث لمجرد الافتراء على إمام الطيبين وسيد المطهرين، تهما إذا سمعها شخص طيب القلب اقشعر بدنه فللرد على أمثال هؤلاء الوقحين سليطي اللسان اضطررنا للتعامل معه بالعملة نفسها، لهذا نكشف على القراء أن اعتقادنا بالمسيح العليا اعتقاد حسن جدا ونوقن بصدق القلب أنه كان نبيا صادقا الله وكان حبيبه، ونؤمن بأنه كما أخبرنا القرآن الكريم- من قد آمن لنجاته بصدق القلب والروح بسيدنا ومولانا محمد المصطفى وكان خادما مخلصا من مئات الخدام الشريعة موس العليا.فنحن ها الله نراعي احترامه بحسب مكانته من كل النواحي.أما يسوع الذي قدمه النصارى الذي ادعى الألوهية وكان يَعُدُّ جميع من سواه من الأولين والآخرين ملعونين، أي كان يعدّهم مرتكبي الذنوب التي عقوبتها اللعنة، فنحن أيضا نرى مثل هذا الرجل شقيا يائسا من الرحمة الإلهية، فلم يخبرنا القرآن الكريم عن يسوع ذلك المسيء سليط اللسان.ونحن نتعجب من سلوك ذلك الرجل الذي آمن بأن الإله يمكن أن وادعى بنفسه الألوهية وسب الأطهار الذين كانوا أفضل منه آلاف يموت
نور القرآن المرات.فالمراد من يسوع في كلامنا يسوع النصارى الافتراضي.أما عبد الله المتواضع عيسى بن مريم الذي كان نبيا وذكره القرآن فليست الكلمات القاسية الحادة في كلامنا موجهة إليه أبدا، وقد اتخذنا هذا المنهج بعد سماع شتائم القساوسة لمدة أربعين عاما على التوالي.وبعض المشايخ السفهاء الذين ينبغي وصفهم بالعميان وكفيفي البصر يعذرون النصارى ويقولون إن هؤلاء المساكين لا يتفوهون بشيء ولا يسيئون إلى النبي ﷺ أي إساءة.لكن لا يغيبن عن البال أن السادة القساوسة في الحقيقة يحتلون المركز الأول في الاستهزاء والإساءة وإلصاق الشتائم، فعندنا ذخيرة من كتب القساوسة الذين شحنوا نصوصهم بمئات المسبات، فمن أراد من المشايخ أن يراها فليأت هنا ويشاهد.والجدير بالانتباه أن القساوسة الذين يتخلون عن منهج الشتم في المستقبل ويتكلمون بالأدب فسوف نعاملهم أيضا بأدب، أما الآن فيهاجمون يسوعهم بأنفسهم إذ لا يتورعون عن السب والشتم في أي حال، وقد سئمنا من سماع ذلك.فإذا شتم المرء أبا أحد أفليس من حق المظلوم أن يسب أبا الشاتم أيضا؟ أما ما قلناه فهو حق وإنما الأعمال بالنيات.العبد المتواضع غلام أحمد ١٨٩٥/١٢/٢٠
نور القرآن كتيب القس "فتح مسيح" ٥٥ الْحَمْدُ للهِ وَالسَلامُ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أما بعد فليتضح أن القس فتح المسيح المعين في مدينة "فتح جره" في محافظة غورداسبور قد أرسل إلينا رسالة قذرة جدا وألصق فيها بسيدنا ومولانا محمد المصطفى لا لا تهمة الزنا بالإضافة إلى استخدام كلمات بذيئة جدا بحقه شتما وسبا فرأيت من المناسب أن أنشر الرد على رسالته.وقد كتبنا هذا الكتيب على أمل أن يقرأه القساوسة بتأمل وأرجو أن لا يستاءوا من كلماته، لأن هذا الأسلوب كله نتيجة للكلمات القاسية لميان فتح المسيح ومسباته الشنيعة النجسة جدا، غير أننا نراعي قداسة المسيح في كل حال، وإنما ذكرنا المسيح الافتراضي مقابل الكلمات الحادة لفتح المسيح بشدة وألم قلبنا وضايقنا، مكرهين، لأن هذا الغبي قد شتم النبي والآن نكتب الرد على هذه الرسالة وهو هذا:
نور القرآن سيادة القس، بعد ما وجب أقول ليس عندي وقت كثير، غير أنني حين رأيت رسالتك التي أرسلت إلى أخي المولوي عبد الكريم قید رأيت من المناسب أن أبشرك شخصيا بمجلتي هذه التي هي التأليف حتى لا تتكلف أكثر.وتذكَّر أن المجلة سوف تسرّك كثيرا بسبب ألطافك التي وُجدت هذه المرة في رسالتك بكثرة! فقد عقدت العزم على أن أحصر نشر هذه المجلة في الرد عليك، ولو لم تصل رسالتك هذه التي أسأت فيها كثيرا إلى أسأت فيها كثيرا إلى النبي المقدس الله عنهما، عنهما، لكان من المحتمل والسيدة عائشة الصديقة وسودة رضي أن يصدر الموضوع الذي تجهزنا لكتابته الآن متأخرا؛ فمن لطفك الكبير أنك دفعتني إلى ذلك إني أتوقع أن يرضى عنك القساوسة الآخرون كثيرا وليس من المستغرب أن يُرفع منصبك قليلا بعد صدور مجلتنا هذه يا سيادة القس، نحن نرثي على حالتك إذ كنت الحظ في اللغة العربية، غير أنك أثبت أنه ليس لك إلمام حتى عليم بالعلوم التي لها علاقة بسيطة بالدين مثل الطبيعة والطب.فحين كتبت عن زواج السيدة عائشة الصديقة رضي الله عنها وذكرت أن عمرها يومذاك كان تسع سنين، فأولا لم يثبت أن النبي ذكر أن عمرها تسع سنين ولم ينزل أي وحي بهذا الخصوص.ولا أنه ثابت بالتواتر أن عمرها كان تسع سنين حتما؛ بل هو مروي عن
نور القرآن واحد فقط.فالواقع أن العرب لم يكن لديهم نظام التقويم لكونهم أميين، وإن نقص عامين أو ثلاث أو زيادتها أمر بسيط نظرا لأوضاعهم السائدة، مثلما لا يستطيع أغلبية الأميين في مجتمعنا أيضا حفظ فرق بضع سنين.ثم لو سلّمنا افتراضا أن العمر كان بحسب حساب دقيق تسع سنوات فقط، فمع ذلك لن يعترض على ذلك أي عاقل، أما الأحمق فلا نملك له أي علاج.سنثبت لك في مجلتنا هذه أن الأطباء الباحثين المعاصرين قد أجمعوا على أن البنات يمكن أن يبلغن سن النضج حتى في العام التاسع من عمرهن، بل هناك احتمال وارد أن تلد الصبيّة في العام السابع من عمرها، وقد برهن على ذلك الأطباء من خلال المشاهدات الكثيرة، وحتى في هذا البلد هناك مئات شهود العيان على أنه وُجدت بنات قد ولدن في الثامنة أو التاسعة، لكننا لا نأسف عليك ولا ينبغي ذلك، لأنك لست متعصبا فقط بل أحمق أيضا من الطراز الأول إذ لا تعرف حتى الآن أن الحكومة تسنّ القوانين وفقا لطلب الشعب في ضوء الوضع السائد في المجتمع وتقاليدهم فلا تتم فيها البحوث على شاكلة الفلاسفة.أما ذكرُك الحكومة الإنجليزية مرارا، فصحيح تماما أننا نشكرها وننصح لها ونظل لها ناصحين ما دمنا أحياء، ذلك لا نعتبرها بريئة من ومع الخطأ ولا نعتبر قوانينها مبنية على البحوث
01 نور القرآن الحكيمة، وإنما مبدأ سنّ القوانين مبني على كثرة الآراء.إن الحكومة الخطأ لا تتلقى أي وحي حتى تعتبر معصومة عن في سن القوانين.فلو كانت القوانين خالية من الأخطاء لما كانت هناك حاجة لتعديلها وتبديلها كل مرة.ففى إنجلترا حدد سن نضج الفتيات بـ ١٨ عاما، غير أن الفتيات في البلاد الحارة يبلغن سن النضح باكرا جدا.إذا كنت تعدّ قوانين الدولة كالوحي من السماء بحيث لا احتمال فيها للخطأ، فنرجو أن تخبرنا في الرد على هذه الرسالة لكي نخدمك قليلا بمقارنة الإنجيل بالقانون.باختصار؛ إن الحكومة حتى الآن لم تؤكد في إعلان بأن قوانينها أيضا منزهة عن الخطأ والأغلاط كالتوراة والإنجيل، أما إذا كان قد بلغك أي إعلان بهذا الموضوع فنرجو أن ترسل لنا نسخة منه ثم إذا كانت قوانين الدولة غير مصونة من مثل الكتب الإلهية فإن ذكرك هذه القوانين مرارا وتكرارا إما دافعه التعصب أو الحمق.غير أنك معذور في ذلك، فإذا كانت الحكومة تثق بقوانينها فلماذا لم تعاقب الأطباء الذين بينوا بعد بحوث طويلة مؤخرا في أوروبا أن الفتاة يمكن أن تبلغ سن النضج في عامها التاسع بل حتى في السابع من عمرها؟ أما اعتراضك على تسع سنوات مع عدم تقديم أي نص من التوراة والإنجيل والاقتصار على قانون الدولة، فإنما يدل على أنك لم تعد الخطأ
نور القرآن ۰۹ تؤمن بالتوراة والإنجيل، وإلا كان حريا بك أن تذكر النص من التوراة أو الإنجيل على حرمة الزواج من فتاة في التاسعة من عمرها.وإنه من الدجل يا سيادة القس أنك استشهدت على مسائل الكتب الإلهامية بقانون الدولة.إذا كانت جميع بنود القانون الحكومي خالية ا وهو مثل الكتب الإلهامية بل أفضل منها فأسألك ما هي من الخطأ المعاملة التي تتوقعها من الحكومة تجاه الأنبياء الذين قتلوا مئات الألوف من الأولاد الرضّع خلافا للقانون الإنجليزي إن وجدوا في هذا الزمن؟ فلو مثَل أمام الحكومة معتقلين أولئك الذين قطفوا سنابل حقول الآخرين وأكلوها فما هي العقوبات التي عسى أن تنزلها الحكومة فيهم ومَن سمح لهم بذلك؟ ثم أسألك عن الشخص الذي رع إلى تناول ثمرة التين، وثابت من الإنجيل أن تلك الشجرة لم تكن ملكا له بل كانت لغيره لو قام بهذا التصرف أمام الحكومة فأي عقوبة تتوقع أن تحدد له؟ كما ثبت من الإنجيل أن الخنازير الكثيرة التي كانت متاع الغير وكان عددها بحسب زعم القس كلارك ألفين قد أهلكها المسيح؛ فأخبرني أنت ما هي العقوبة لهذا الفعل في قانون العقوبات؟ وأكتفي بهذا القدر وأرجو أن ترسل الرد في كل حال لكي نطرح عليك أسئلة أخرى كثيرة.
7.نور القرآن أيها القس، إن اعتقادك بأن مضاجعة فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات في حكم الزنا الخاطئ تماما، كان يقتضي منك الإيمان أن تثبت هذا الخيال من الإنجيل.لقد طردك الإنجيل فتشبثت بقدمي الحكومة.تذكر أن مبعث الشتائم هو مجرد التعصب الشيطاني.إن إلصاق تهمة الفسق والفجور بالنبي المقدس من افتراء الشياطين، فقد افترى الأشقياء الوقحون الخبثاء افتراءات شنيعة جدا على النبيين المقدسين أعني نبينا و المسيح الل؛ إذ قد وصف هؤلاء الأنجاس، لعنة الله عليهم، أولهما بالزاني كما فعلتَ أنتَ، ووصفوا الثاني بابن الزنا كما فعل اليهود نجسو الطبع.عليك أن تجتنب هذا النوع من فهو الاعتراضات.أما الاعتراض بأن النبي الهي استعد لتطليق زوجته سودة لكبر سنها خطاً أصلا وخلاف الحقائق وإن الذين نقلوا هذه الروايات لم يستطيعوا أن يثبتوا أمام أي شخص أن النبي أعرب عن هذا القصد.فالأمر الواقع كما هو وارد في كتب الحديث الموثوق بها أن سودة نفسها خشيت نظرا لكبر سنها أن يطلقها النبي زعما منها أنها لم تعد مرغوبا فيها وخشيت أن يكرهها النبي ﷺ بمقتضى البشرية، كما من المحتمل أن تكون قد وجدت في نفسها شيئا خافت أن يطلقها بسببه، لأن النساء في مثل هذه الأمور يتوهمن
نور القرآن ٦١ وتساورهن الوساوس الكثيرة بطبعهن لهذا قد قالت من تلقاء نفسها إنها لا تريد شيئا إلا أن تُحشَر ضمن أزواجه يوم القيامة.فقد ورد في كتاب نيل الأوطار الصفحة ١٤٠ كتاب الوليمة) الحديث: قَالَت سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ حِينَ أَسَنَّتْ وَخَافَتْ أَنْ يُفَارقَهَا رَسُولُ اللَّهِ : يَا رَسُولَ الله وهبتُ يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَقَبلَ ذَلِكَ مِنْهَا...وَرَوَاهُ أَيْضًا (ابْن سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ.قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْح: فَتَوَارَدَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهَا حَشِيَتْ الطَّلَاق.ويتضح من رأي بل إن سودة نفسها اعتقدت نظرا إلى كبر سنها ورسخت في قلبها هذه الفكرة.ولو فرضنا جدلا متجاهلين توارد هذه الروايات وتظاهرها أن النبي ﷺ كان قد عقد العزم على أن يطلقها لكراهية طبيعية لكبر سنها فهذا أيضا لا عيب فيه ولا هو ينافي الأخلاق، لأنه إذا حصل لسبب ما فتور في الأمر الذي تتوقف عليه علاقات المرء وزوجه ولم يقدر الرجل على أداء الحقوق الزوجية وتصرف مراعاة للتقوى فلا اعتراض عليه عند العقل.هذا الحديث أن النبي لم يبد في الحقيقة أي سيادة القس، إن تساؤلك بأنه لو كان في عهد الحكومة الإنجليزية اليوم رجل مثل النبي ﷺ فكيف كانت الحكومة ستعامله؟ فليتضح لك أنه لو كان سيد الكونين ذلك في زمن هذه الحكومة لتباهت
٦٢ نور القرآن وافتخرت الحكومة بحمل حذائه كما كان قيصر الروم نهض أنك احتراما لمجرد رؤية رسالته ، فمن شقاوتك ووقاحتك تسيء الظن بهذه الحكومة بحيث تعدّها عدوّة عباد الله المقدسين.فهذه الحكومة تحترم الأمراء المسلمين من الدرجة الدنيا، فلاحظوا نصر الله خان الذي ليس له مكانة عبيد ذلك السيد، لكن قيصرة الهند دام مجدها تحترمه.ثم إن سمو ذلك الإنسان المقدس الذي كان حائزا على مكانة مرموقة في هذا العالم أيضا لدرجة أن الملوك كانوا يخرون على قدميه، فلو كان في هذا الزمن لعاملت هذه الحكومة جلالته بمنتهى التواضع كالخدام، فلا الحكومات الإنسانية إلا أن تعظم وتحترم الحكومة الإلهية.ألا تعلم أن من قال: "لو تيسرت السعادة بأن أعيش بصحبة ذلك النبي العظيم لغسلت قدميه" لي يسع لم يكن أقل شأنا وإقبالا من هذه الحكومة، ولقالت هذه الحكومة السعيدة ما قال قيصر الروم بل أكثر منه فإذا أثبت لنا أن أي ثري صغير قد قال بحق المسيح الا ما قاله قيصر الروم بحق النبي - وهو محفوظ إلى الآن في التاريخ الصحيح والأحاديث الصحيحة فسأقدم لك فورا ألف روبية جائزةً، أما إذا لم تقدر على الإثبات فالموت خير لك حياة الذلة هذه ذلك لأننا قد أثبتنا أن قيصر من الروم كان يساوي هذه الحكومة السامية درجةً، بل لم يكن في زمنه
نور القرآن ٦٣ أيُّ قوة في هذا العالم تنافسه، بينما حكومتنا هذه فلم ترتق إلى هذه المرتبة.فإذا كان قيصر مع كونه إمبراطورا عظيما يقول متحسرا، بأنه لو تيسر له الحضور عند جلالته لا الهلال الغسل قدميه المباركتين، فهل كان جديرا بهذه الحكومة أن تنال حظا أقل منه؟ إنني أقول بتحد، إن هذه الحكومة أيضا لو كانت في زمنه لرأت في الخرور على قدمي ذلك الإمبراطور الروحاني الهلال فخرا لها، لأن هذه الحكومة لا تكفر بالله الذي لا يساوي الإنسانُ أمام قدراته دودةً ميتة.وقد سمعنا من مصدر ثقة، أن ملكتنا قيصرة الهند أدام الله مجدها، تحب الإسلام في الحقيقة وتكن في قلبها تعظيما كبيرا للنبي ، وأنها تتعلم اللغة الأردية أيضا من عالم مسلم وبعد سماع هذه المدائح لها كنتُ قد أرسلتُ لها رسالة دعوتُ فيها الملكة المعظمة إلى الإسلام.فمن الخطأ الفادح اعتبارك هذه الحكومة التي تعرف المراتب- كقس سافل ومنحط.إن من يرزقه الله لالالالالاله الملك والدولة يرزقه الفراسة والعقل أيضا، غير أنه إذا سأل أحدٌ عن تصرّف الحكومة تجاه من ادعى في بلاد هذه الحكومة بأنه إله أو ابن إله، فجواب ذلك أن هذه الحكومة المشفقة ستسلّمه لأي طبيب لمعالجة دماغه، أو تحفظه في الدار الكبيرة (مصحة المجانين التي قد اجتمع فيها الكثير أمثاله من في لاهور.
٦٤ نور القرآن حين نجري المقارنة بين المسيح الليل وبين خاتم النبيين في كيفية معاملة الحكومة التي عاشا فيها وكيف تجلّى لهما الرعب الإلهي ونزل لهما التأييد الإلهي فنضطر للإقرار بأن المسيح العلة لا تتوفر فيه مقومات النبوة ناهيك عن الألوهية بالمقارنة مع النبي المقدس خاتم الأنبياء.فحين أرسل النبي ﷺ الرسائل إلى الملوك قال قيصر الروم متحسرا: إنني الآن مأخوذ في براثن النصارى، ليت لي فرصة للخروج من هنا فأعتبر الحضور عنده مدعاة لفخري ولغسلت قدميه كالعبيد الأرقاء، أما الملك الخبيث ونجس القلب كسرى حاكم إيران فقد أرسل الجنود لاعتقاله غضبا منه، فوصلوا إليه مساء وقالوا له: قد أمرنا باعتقالك، فعرض عليهم الإسلام دون أن يهتم بقولهم الوقح، حيث كان يجلس في المسجد مع عدد من أصحابه، فبدأ الرسولان يرتجفان من الرعب الرباني كشجرة الخيزران وقالا له أخيرا: ماذا تقول حضرتك بخصوص أوامر إلهنا باعتقالك لننقل له الجواب؟ فقال لهما النبي ﷺ سأردّ على ذلك غدا، فحين جاءاه صباح اليوم التالي قال لهما ، إن الذي تصفونه إلها ليس إلها حقا بل الإله الحق هو من لا يأتيه الموتُ و والفناء، أما إلهكم هذا فقد قتل ليلة الأمس، إذ قد سلط عليه إلهي الحق ابنه شيرويه، فقد قُتل ليلة الأمس على يديه، وهذا هو جوابي.
نور القرآن كانت معجزة عظيمة فبرؤيتها آمن به ألوف مؤلفة من سكان تلك البلاد لأن كسرى أي خسرو برويز كان قد قتل في الحقيقة في الليلة نفسها.والجدير بالانتباه أن هذا التصريح ليس كأمور واردة في الإنجيل التي لا أصل لها ولا حقيقة بل هو ثابت من الأحاديث الصحيحة والشواهد التاريخية وإقرار الأعداء، فقد سجل هذه القصة فائدة "ديفون "بورت" في كتابه.أما عزة المسيح اللي عند ملوكه المعاصرين فلا تخفى عليك ولعل الإنجيل لا يزال يضم الأوراق التي ورد فيها أن هيرودس أمر بيلاطس باعتقال المسيح ال كالمجرمين ومكث في السجن الملكي مدة من الزمن، فلم تفده الألوهية أي و لم يقل أي ملك في حقه أنه لو تيسر له العيش بصحبته لعدَّ غسل قدميه مفخرة.بل قد سلمه بيلاطس لليهود؛ أفهذه هي الألوهية؟! فالمقارنة أيضا عجيبة إذ يتعرض شخصان لأحداث مماثلة لكن أحدهما يمتاز عن الآخر من حيث النتيجة، فلاعتقال أحدهما اغتاظ المتكبر الجبار بوساوس الشيطان لكنه أخيرا تعرّض للعنة الإلهية إذ قد قتل على يدي ابنه بمنتهى الذلة والهوان.أما الثاني الذي رفعه المغالون إلى السماء- متجاهلين دعاويه الأصلية- فقد اعتقل فعلا على أرض الواقع، وأدين ونُقل من مدينة إلى أخرى بحراسة الشرطة
نور القرآن الظالمة في حالة غريبة...فالمؤسف أن هذه العقائد السخيفة توجد في زمن التقدم العقلي، يا للخجل وإن قلت: في أي كتاب ورد أن قيصر الروم تمنى أن لو استطاع الوصول إلى ذلك المقدس الله الوصله وغسل قدميه كخادم بسيط، فأقدم لك نص صحيح البخاري الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله فاقرأه بفتح العينين قليلا وهو "وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَسَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيهِ ".فالآن إذا كان عندك شيء من الغيرة والحياء فأثبت للمسيح مثل هذا التعظيم على لسان أي ملك معاصر له، واستلم منا ألف روبية نقدا.وليس من الضروري تقدم ذلك النص من الإنجيل حصرا بل يمكن أن تقدم أي ورق مرمي في الزبالة.وإن لم يكن عن ملك أو زعيم فعليك أن تقدّم على الأقل أي حاكم صغير.وتذكر أنك لن تقدر على ذلك، فهذا العذاب أيضا لا يقل عن عذاب جهنم بحيث انقلبت عليك القضية التي أثرتها بنفسك، فواها لك، واها لك، واها لك، ما أعظمك من أن قس! البخاري، كتاب بدء الوحي
نور القرآن فما ٦٧ سيرة المسيح في نظرك؟ فلم يكن سوى أكول وشريب، ولم يكن ناسكا ولا عابدا ولم يكن يعبد الحق وكان متكبرا أنانيا الألوهية.لكنه قد سبقه كثير من مدعي الألوهية وأحدهم ومدعي أخلاقه.كان في مصر.عليك أن تثبت أخلاقه في الحقيقة بعيدا عن الادعاءات لتتبين الحقيقة.فمجرد أقوال أحد لا تندرج في أنت تعترض أن المرتدين السفاكين الذين كانوا قد استحقوا العقاب على تصرفاتهم قد قتلوا بلا هوادة ولكنك نسيت أن أنبياء بني إسرائيل أيضاً لم يتورعوا عن قتل الرضع وليس واحدا أو اثنين فقط بل وصل العدد لمئات الألوف.الآن أخبرني هل ترفض نبوتهم أو تزعم أن كل ذلك لم يكن بأمر من الله الله أو كان الله في زمن مو العليا غير الذي كان في زمن سيدنا محمد المصطفى ؟ أيها القس الظالم، استح قليلا، ستواجه الموت أخيرا، فلن يُسأل المسيح المسكين بدلا عنك بل سوف يُبطش بك على أعمالك ولن هو العليا.أيها السفيه، إنك تنظر القذى في عين أخيك وأما يُسأل الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها يا للعيون التي لا تبصر بها ! ماذا نقول في نكاح زينب الذي عددته من الزنا بغير حق إلا كما يقول المثل الفارسي: "إن سيئ الباطن يخطئ دوما، وإن لم يخطئ فهذا يحدث خطأ منه."
чл نور القرآن أيها الشقي، إن عقد القران على مطلقة المتبنى ليس من الزنا في شيء، فالمرء لا لأحد يصبح ابنا ولا أبا لأحد ولا أما بمجرد الإعلان باللسان.فمثلا إذا قال مسيحي لزوجته عند الغضب: أنتِ علي كظهر أمي، فهل ستكون حراما عليه ويقع الطلاق؟ كلا بل سيظل يجامع "أمه" نفسها كالمعتاد فمن قال لا يجوز تطليق المرأة إلا إذا ارتكبت الزنا، فقد اعترف بلسانه أنَّ عَدَّ أحدٍ أَمَّا أو أبا أو ابنا باللسان فقط لا يعني شيئا.وإلا لقال: إن الطلاق يقع إذا عُدّت الزوجة أمَّا، وربما لم يكن المسيح حائزا على الدرجة نفسها من العقل الذي بحوزة "فتح المسيح"، فقد صار من اللازم عليك أن تبرهن من الإنجيل على أنه إذا ظاهر المرء زوجته فيقع الطلاق، أو اعتبر تعليم مسيحك ناقصا أو قدم الشواهد من الكتاب المقدس أن المتبنى يكسب حق الإرث كالابن الحقيقي وإن لم تقدر على تقديم 6 الإثبات فماذا نقول في حقك سوى لعنة الله على الكاذبين.فقد لعنك المسيح أيضا لأنه لم يقل في أي موضع من الإنجيل أن بظهار المرء زوجته يقع الطلاق، وأنت تعلم أن كل هذه الأمور الثلاثة متشابهة.فإذا كانت الزوجة لا تصبح أما بالظهار فلا يصبح المتبنى أيضا ابنا ولا المرء أبا ، إن كان عندك شيء من الحياء فاقبل شهادة
نور القرآن ٦٩ المسيح أو ردّ بشيء على أسئلتنا، واعلم أنك لن تستطيع الردّ، حتى لو قضى عليك التفكير، لأنك كاذب والمسيح بريء منك.وسوستك الشيطانية أن الصلوات الأربع قد قضيت كلها أثناء أما حفر الخندق فهذا يفضحك في قدرتك العلمية إذ قد استخدمت كلمة القضاء.أيها الغبي القضاء أداء الصلاة، فكلمة القضاء لا يعني تفيد ترك الصلاة أبدًا.إذا لم يصل أحدٌ الصلاة لسبب فيقال: قد فاتته الصلاة، ولهذا كنا قد نشرنا إعلان خمسة آلاف روبية لأنا لاحظنا أن السفهاء الذين لا يعرفون معنى "القضاء" أيضا يعترضون على الإسلام! فكيف للسفيه الذي لا يجيد استخدام التعابير في محلها أن يعترض على الأمور الدقيقة؟! أما جمع الصلوات الأربع بمناسبة حفر الخندق فنقول ردًّا على هذه الوسوسة الناجمة عن الحمق إن الله يقول ليس في الدين من حرج" أي ليس في الدين قسوة وشدة تسبب هلاك المرء.لذا قد أمر بجمع الصلوات وقصرها عند الطوارئ والمشاكل والبلايا، مع ذلك لا نجد ذكر جمع أربع صلوات بهذه المناسبة في أي كتاب موثوق به من كتب الحديث، بل قد ورد في فتح الباري شرح صحيح البخاري أن صلاة واحدة فقط أي ٢٦ لعل في ذلك إشارة إلى الآية: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج:.(۷۹
V.نور القرآن العصر صليت متأخرة قليلا عن موعدها.لو كنت جالسا أمامنا الآن لسألناك هل الرواية المتفق عليها تفيد بأن الصلوات الأربع فاتت.فالصلوات الأربع يجوز جمعُها شرعا أي الظهر والعصر والمغرب والعشاء.أجل، قد ورد في رواية ضعيفة أنه صليت الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمعا، لكن الأحاديث الصحيحة الأخرى تفندها وإنما ثابت أن العصر صليت متأخرة قليلا.إنك عديم العربية وجهول.تعال إلى قاديان وقابلنا لنضع أمامك الكتب ليتعرض المفتري الكذاب لعقوبة ما حتى لو كان مواجهة الخجل على الأقل، وإن كان أمثال هؤلاء لا يستحيون.الحظ اللغة من فهل من الصواب أكل الحواريين الأجلاء المتاع المسروق أمام مسيحكم؟ أعني قطف السنابل من حقل غيرهم.أما إذا صليت صلاة العصر متأخرة قليلا عن موعدها عند الخطر أثناء المعركة مع الكفار، فإنما أُخرت إحدى العبادتين وقدمت الأخرى عند اجتماعهما، لمنع هجوم الكفار الخطر وصيانة حقوق النفس والأمة والبلد بحق.وقد قام بهذا التصرف كله من جاء بالشريعة وكان متفقا تماما مع مشيئة القرآن الكريم، يقول الله الله وَمَا يَنْطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى إن زمن النبي زمن نزول ۲۷ ۲۷ النجم: ٤-٥
نور القرآن ۷۱ الشريعة وإنما تعتبر الشريعة ما يقوم به النبي من الأعمال، وإلا فالأعمال التي ارتكبها المسيح مخالفا التوراة لدرجة أنه لم يبال بالسبت ولم يغسل يديه عند تناول الطعام تجعله من المجرمين، نرجو أن تثبتوا لنا كل ذلك من التوراة.كان المسيح قد وصف بطرس بالشيطان فلماذا نسي قوله فيما بعد، وأبقاه في زمرة الحواريين؟ ثم اعترضت أن الزواج من النساء الكثيرات وامتلاك الإماء الكثيرة من الفسق والفجور.أيها السفيه، ألا تتذكر نساء النبي داود الذي مدحه الكتاب المقدس؟ فهل ظل يزني طول عمره، وهل لذلك الممارس للحرام هذه الذرية الطيبة التي عليها مداركم؟ فالله الذي عاتب داود في زوجة أوريا هل ظل غافلا عن جريمة داود هذه (أي التعدد) التي ظلّ عليها حتى وفاته؟ بل قد هيأ الله لتدفئة صدره فتاةً أخرى أيضا، وإن إلهك شاهد على أن داود معصوم فيما عدا قصة أوريا.فهل يمكن أن يقبل عاقل أنه إذا كانت كثرة الزوجات سيئة في نظر الله، فلم لم يعاتب أنبياء إسرائيل - الذين يحتلون المركز الأول في تعدد الزوجات على هذه الفعلة النكراء ولا مرة واحدة؟ فمن أقبح الوقاحة أن تعترض خبثا وفتنة على فعل النبي المقدس الذي قام به أنبياء الله السابقون ولم يستنكره الله.يا أسفا على هؤلاء الذين خلعوا الحياء لدرجة أنهم لا يفكرون أنه إذا كان الزواج من
۷۲ نور القرآن أكثر من واحدة يُعدّ من الزنا فإن الولادة الطاهرة للمسيح الذي هو من سلالة داود ستتعرّض لأشنع شبهة.فمن سوف يُثبت أن جدته الكبرى كانت الزوجة الأولى لداود.الله ثم إنك اعترضت بذكر اسم السيدة عائشة الصديقة رضي عنها، أن ملامسة النبي لها ومص اللسان كان مخالفا للشريعة، فحام نبكي على هذا التعصب الخبيث؟ أيها السفيه إن كل هذه الأمور من الحلال في النكاح الشرعي، فما هذا الاعتراض؟ ألا تعرف أن الرجولة من صفات الإنسان المحمودة، أما العنة فليست من الصفات الحميدة مثل البكم والصمم.غير أن الاعتراض الكبير أن المسيح اللة لم يستطع أن يترك أي أسوة حسنة في حسن المعاشرة الصادقة والكاملة مع الزوجات لكونه محروما من أسمى صفات الرجل هذه، لهذا فإن نساء أوروبا انحرفن عن جادة الاعتدال مستغلات الحرية المخجلة جدا وارتكبن أخيرا الفسق والفجور ارتكابا لا يجدر بالذكر.أيها السفيه، إن حب الزوجات وملاطفتهن من الفطرة الإنسانية وعواطفها الطيبة، واتخاذ جميع أسباب حسن المعاشرة ميزة الإنسان الطبيعية والاضطرارية فقد اتخذها مؤسس الإسلام عليه الصلاة والسلام أيضا وقدَّم أسوة في ذلك الجماعته، أما المسيح فترك هذا
۷۳ نور القرآن النقص في ملفوظاته وأعماله بسبب تعليمه الناقص.ولكن لما كان ذلك من مقتضى الطبيعة فقد اضطرت أوروبا والمسيحيون بأنفسهم لسن القوانين في سبيل ذلك.لاحظوا أنتم بأنفسكم إنصافا هذه الخلاعة القذرة السوداء الدامسة، وتحوُّلَ البلد بأسره إلى بيت دعارة نجس، وممارسة آلاف مؤلفة من الرجال والنساء الجنس في الحدائق العامة مثل حديقة "هايد" في وضح النهار كالكلاب، وتضجرهم أخيرًا متضايقين من هذا التحرر غير الشرعي، وسنّ قانون الطلاق بعد تعرضهم لأعمال الديوثية واسوداد الوجوه لسنين طويلة؛ ما الذي أدى إلى ذلك كله؟ فهل هذه نتيجة أسوة ذلك القدوس المطهر المزكي النبي الأمي في المعاشرة الذي تعترض عليه لخبثك الباطني؟ هل تلاحظ في البلاد الإسلامية الأجواء السامة العفنة أم تعليم كتاب الإنجيل البولسي الناقص جدا وغير اللائق والمخالف للفطرة، فاجت الآن على ركبتيك وتصوّر مشهد يوم الدينونة وتأمل فيه.هي تأثير لعلك فكرت في الرد على الاعتراض الوارد على سلوك جدّات المسيح، أما نحن فقد فكرنا كثيرا و لم نجد حتى الآن أي رد مناسب.ما أعظمه من إله هذا الذي جداته أحرزن هذا الكمال! تذكر أننا سنكتب كتابا كأبطال المعركة - بحسب قولك أنت وسنريك
٧٤ نور القرآن كيف نقطعُ شأفة الوساوس.إنّ هزيمة ضالّ جاهل يتخذ البشر إلها ليست إنجازا، لكن أرجو أن تكتب الرد بالضرورة على بعض الأمور التي كتبتها، كتبتُها، ولا تنزعج من هذه الكلمات التي كتبناها لأنها وردت في محلها، وتلائم وضعك.فحين اتهمت سيد المطهرين النبي بالزنا مع جهلك وكونك عديم العلم فإنما كان الرد على ذلك الكذب النجس والافتراء ما قد سمعت.لقد حاولنا كثيرا أن تكونوا طيبين ولا تسبّوا، لكنكم لا تقبلون وتجرحون قلوب أهل الإسلام بغير حق، أنتم لا تعرفون أن ذلك الجاهل الذي يدعي أنه إله مع خروجه من بطن امرأة أسوأ في نظرنا من كل زان، لو كنتم ناصحين للمسيح لذكرتم نبينا المقدس بأدب واحترام، فقد ورد في حديث صحيح في النبي الله عن سب الآباء، فقال الصحابة: هل أحد يسب أباه؟ فقال : بلى، عندما يسب أحدكم أبا الآخر فيردّ الآخر بسب والد الساب، ففي هذه الحالة يعدّ نفسه سابٌ أبيه.۲۸ مثل ذلك تريدون أن يُساء إلى إلهكم الباطل السخيف جدا.الآن نرسل إليك هذه الرسالة إخطارا وإبلاغا أنك إذا تفوهت بمثل هذه ۲۸ نص الحديث المشار إليه هو : قال رسول الله ﷺ: "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ".قِيلَ: يَا رَسُولَ الله وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: "يَسُبُ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ.(البخاري، كتاب الأدب).(من المترجم)..
نور القرآن Vo الكلمات البذيئة والخبيثة مرة أخرى وألصقت بالنبي ﷺ أي تهمة خبيثة فسوف نفضح إلهك الخيالي والزائف بحيث تتردى كل ألوهيته في مزبلة الذلة.بوه أيها الشقي، أتتهم في رسالتك سيد الأنبياء بالزنا وتؤذينا صفه فاسقا وفاجرا؟ نحن لا نتوجه إلى أي محكمة ولن نتوجه، وإنما نفهمك للمستقبل أن ترتدع عن مثل هذه الأقوال الخبيثة واتق الله الذي ترجع إليه، ولا تعرض المسيح أيضا للسباب بصورة غير مباشرة، فكل ما ستقول بحق النبي المقدس من سوء سيقال نفسه بحق مسيحكم الخيالي، غير أننا نعد ذلك المسيح الصادق- الذي لم يدع قط بأنه إله أو ابن إله وتنبأ ببعثة سيدنا محمد المصطفى وأحمد المجتبى وآمن به من المقدسين والصالحين الأجلاء الطيبين ونؤمن
٧٦ أعني توسیع مواساة مشايخ أمرتسر للإسلام نور القرآن إن سادة مشايخ أمرتسر الذين لا يتجاوز عددهم ستة أو سبعة المولوي عبد الجبار الغزنوي والمولوي ثناء الله الأمر تسري والمولوي غلام رسول الأمرتسري، والمولوي أحمد الله وغيرهم، اعترضوا على التوقيع على الطلب الذي سيرفع إلى الحكومة بقصد البند ۲۹۸ من قانون عقوبات الهند والموافقة على شرطين، وأثبتوا بمعارضتهم دون مبرر كم هم يناصبون الإسلام العداء الشرس ويعادون مصالح الإسلام بشدة، ولقد سمعتُ أن عامة المسلمين قد تألموا كثيرا من تصرفهم الباطل هذا وكثيرون لعنوهم ولاموهم من أي نوع هم أولئك المشايخ والمسلمون الذين بسبب نزاعهم الداخلي الشخصي أعرضوا عن مكتوب سوي وقويم ومناسب جدا، والذي كان سيجلب الخير للإسلام والذي كان سيمنع الآريين البذيئين والقساوسة من سب نبينا خاتم الرسل وشتمه وإلصاق التهم الباطلة به في المستقبل؟ ويبدو من إعلان المشايخ أنهم لا يرون للقساوسة والآريين أي ذنب في السب والشتم والإساءة إلى الدين ويتهمون هذا العبدَ المتواضع بأني قد شتمتُ كبارهم أولا، وإنما ردَّ على ذلك أولئك الطيبون! فهذا الافتراء إذا كان خفيا وجديرا بالتدبر لدحضناه بالتفصيل والإسهاب لكن بم نردّ على الكذبة
نور القرآن VV نسمی السافرة التي لا يخالطها مثقال ذرة من الصدق؟ فنحن في حيرة؛ بم هذا الكذب الشنيع: إلحادا أم شقاوة أم جنونًا من التعصب؟ من ذا الذي لا يعلم أن هذه الاعتداءات بدأت في الهند والبنجاب قبل ٤٥ عاما على أقل تقدير، فقد أُطلقت على سيدنا ومولانا خاتم الأنبياء سيد المطهرين أفضل الأولين والآخرين محمد المصطفى شتائم، وجعل القرآن الكريم عرضةً للسخرية والاستهزاء بغير حق واستخدمت ضدهما كلمات مسيئة لم يستخدمها أحد قط ضد أرذل الناس في العالم، ولم يتوقف عدد هذه الكتب المسيئة عند واحد أو اثنين فقط بل قد بلغ عددها ألوفا مؤلفة، وإن الذي لا يبدي أي غيرة الله جل شأنه ورسوله المقدس بعد الاطلاع على مضمون هذه الكتب فهو ملعون وليس شيخا، وهو حيوان نجس لا إنسان.ولا يغيين عن البال أن كثيرا من هذه الكتب قد ألفت قبل بلوغي سن النضج ولا أحد يستطيع أن يُثبت أن ما دفع إلى تأليف هذه الكتب أنني أو أيُّ مسلم آخر كان قد سب المسيح الله فثار القس وصفدر علي والقس تهاكر داس وعماد الدين والقس "وليمس ريواري"، فألفوا تلك الكتب التي لو جمعت شتائمها وإساءاتها في فندل كتاب لبلغ عدد مجلداته مائة مجلد.كذلك لا أحد يقدر على أن
VA نور القرآن يُثبت أن السباب والشتائم والإساءات التي ألصقها البانديت ديانند في كتابه ستيارته بركاش بسيدنا ومولانا النبي ودين الإسلام كانت بسبب إثارة من قبلنا.كذلك فإن الكتب القذرة التي ما زال ليكهرام وغيره من الآريين ينشرونها إلى الآن ليس سببها الحقيقي أبدا أننا شتمنا الصلحاء الذين نزل عليهم الفيدا بل الحقيقة أنا إذا كتبنا شيئا عن الفيدا في "البراهين الأحمدية"، فقد كتبناه بمنتهى الأدب وكتبنا ذلك حين كان "ديانند" في كتابه "ستيارته بركاش" و"كنهيا لعل الكه دهاري" اللدهيانوي في كتبه و"إندرمن" المراد آبادي في مؤلفاته النجسة قد ألصقوا آلاف الشتائم بالنبي ، وكانت كتبهم قد نُشرت وكان بعض المسلمين الأشقياء والعميان مع قد اعتنقوا الديانة الآرية، واستهزئ بالإسلام أشد استهزاء، لكننا ذلك راعينا الأدب في البراهين الأحمدية، وإن كان قلبنا قد جُرح كثيرا وأوذينا أشد إيذاء لكننا مع ذلك لم نسلك في كتابنا مسلك الزور والقسوة، وقد بينا القصص الصحيحة في محلها فقط، كيف كان يمكننا أن نسب الصلحاء الذين نزل عليهم الفيدا مقابل شتائم الآريين؟ فنحن حتى الآن لا نعرف هل كان لأولئك الصلحاء الذين نزل عليهم الفيدا أي وجود حقيقي أم لا؟ وأين كانوا وفي أي مدينة كانوا يقيمون وما سيرة حياتهم ومن أي نوع كان أسلوب حياتهم؛
نور القرآن ۷۹ ففي هذه الحالة كيف يمكننا أن نعترض عليهم؟ فنحن ما زلنا نشك في وجودهم وشخصياتهم حتى الآن، وإنما نعتقد أن "اجنو" و"وايو" و"أدت" وغيرهم الذين يُعدّون الصلحاء الذين نزل عليهم الفيدا إنما أسماء افتراضية وخيالية، إذ ليس لنا أي إلمام بهؤلاء.فلو كانوا في الحقيقة أشخاصا لكُتبت سيرة حياتهم حتما، ويبدو لنا أن مؤلّفي أشخاص قد ذكرت أسماؤهم في مستهل أبوابه، وأنى لنا هي الفيدا هم أن نسب الصلحاء الذين نزل عليهم الفيدا مجهولي الهوية ومفقودي الخبر؟ وإن الإسلام لم يعلمنا السب والشتم، غير أن أعداءنا ألفوا الكتب الزاخرة بالسباب والشتائم بكثرة بغير حق ودون مبرر، ولو وضع بعضها فوق بعض لبلغ ارتفاعها ألف قدم حتما.ولم يتوقفوا بعد عن إصدار مثل هذه الكتب، فكل شهر تصدر آلاف الدوريات والكتب والجرائد المليئة بالشتائم والإساءات، إنما نتأسف على حالة هؤلاء المشايخ الذين يقولون لا بأس، فليحدث ما قد يحدث ولا داعي للانزعاج.بينما إذا سبَّ أحدٌ أمَّهم كما يسب نبينا الحبيب أو ألصق بأبيهم التهمة التي تُلصق بسيد الرسل محمد المصطفى فهل سيبقون ساكتين ويلزمون الصمت؟ كلا بل لوصلوا فورا إلى المحكمة وبذلوا قدر ما يستطيعون من جهود لينال مثل هذا الشاتم عقوبته المستحقة.غير أن عرض النبي وكرامته عديمة
۸۰ نور القرآن القيمة في نظرهم.من المؤسف حقا أنه قد نُشر ستون مليون كتاب حتى الآن من قبل الأعداء إساءة إلى الإسلام وردا له، ولا حدود للسب والشتم، ولا يزال هؤلاء يقولون : لا حرج ولا داعي للقلق فليحدث ما يحدث تكاد السماوات يتفطرن من هذا السباب، أما هؤلاء المشايخ فلا يبالون بذلك، ويقولون لا داعي للقلق ولا حرج فتعسا لانتمائهم هذا إلى الإسلام وأفكارهم الإسلامية!.قد ارتد ألوف مؤلفة من المسلمين بسماع هذه البهتانات الباطلة، لكن هؤلاء يرون أنه لا حاجة لمنع هذه الظاهرة وللتدبير الحسن.يا إلهي، لماذا قد تعامى هؤلاء؟ لا أرى أي سبب لصمم الناس، لا أكاد أستوعب ذلك.يا أيها الإله القادر ويا حامي دين المصطفى ، اشف قلوبهم من الجذام وهب لعيونهم البصر فأنت تفعل ما تريد ولا شيء مستحيل عليك، إنا توكلنا على رحمتك؛ فأنت الكريم القادر.أيها القراء الأعزاء، اسمعوا أعجوبة أخرى وهي أن هؤلاء زعموا في إعلانهم أن السعي لاستصدار مثل هذا القانون الذي بموجبه لن يقدر أحد على توجيه اعتراض إلى دين غيره على أمر يوجد في دينه أيضا إنما هو بقصد مؤاخذتهم.أيها المشايخ الظالمون، نحن تطمئنكم بأنا لن نرفع ضدكم أي قضية بسبب كذبكم وبهتانكم حتى نغادر هذا العالم لكن بالله عليكم لا تظلموا الإسلام
نور القرآن ۸۱ بخياناتكم.فمن تمام الصدق أن جميع الاعتراضات التي تثار ضد الإسلام من قبل النصارى وغيرهم ترد على كتبهم أيضا، والواضح أنه إذا كان هناك خوف من القانون فسوف تختفي هذه الاعتراضات مستقبلا، أما التي هي موجودة سلفا فسوف تنكشف حقيقتها ويفتضحون في ذلك، وبهذا الأسلوب سيتمكن الجميع من رؤية وجه الإسلام الأغرّ المضيء، وتندثر أعمال المكارين الخادعين.فلا تكتموا الحق ولا تتبنّوا الإلحاد واتقوا الذي غضبه نار أكول.ولقد تناهى إلى سمعي أيضا قولُكم كيف لكم أن توقعوا على هذا الطلب إذ تواجهون خجلا كبيرا من قضية عبد الله آتهم.فبم نردّ على ذلك سوى القول: لقد واجهتم فعلا خجلا كبيرا بصدد النبوءة عن آتهم إذ لم يبق لكم أي ،شرف فنحن نقبل أن من تمام الصحة أن هذه النبوءة فضحتكم وأصابتكم بخجل كبير، غير أننا إلى الآن لا نعرف سبب هذه الفضيحة ،والخجل، إلا أنه يتبين بالتأمل في أحداث النبوءة وعنادِكم أن لهذا الخجل سببين لا ثالث لهما.(۱) أولهما أنكم تعرضتم لصدمة قلبية شديدة إذ قد صدق آتهم النبوءة بأقواله وأفعاله وباعترافه الشخصي، ونتيجة إعراضه عن الحلف قد لفت انتباه الناس إلى شرط النبوءة الذي ورد فيه بصراحة تامة أنه إذا عاد إلى الحق فلن ينزل عليه هذا العذاب.فإذا كنتم قد
۸۲ نور القرآن خجلتم بالتفكير في أن الحجة أقيمت على النصارى على عكس مبتغاكم بحيث لم يعودوا قادرين على المواجهة، فلا شك أن حالتكم جديرة بالرحم والعطف، بل إننا نتعجب لماذا لم تهلكوا من وقع هذه الصدمة، وكيف قاومتموها، لأن عدم تمكن آتهم تمكن آتهم من تبرئة ساحته بالحلف على حثكم إياه على ذلك، ليس صدمة بسيطة أيضا، فهو حتى الآن قاعد كالميت لا شك أن هذا الوضع مدعاة للخجل وأنتم معذورون، ثم إن كتاب ضياء "الحق" بنشره قد حثا أيضا على رؤوسكم التراب.(٢) يبدو السبب الثاني لخجلكم أن الهجمات الثلاث التي ادعى آتهم بأنه تعرض لها وادعى أنه ظل يرهبها هي ليست من هيبة النبوءة الإسلامية، فلم يُثبت أتهم تلك الهجمات الثلاث حتى الآن، كما لم تستطيعوا أنتم أيضا إثباتها؛ فثبت بمنتهى الوضوح أن أتهم خاف النبوءة الإسلامية جدا، وتعرّض لتأثير قوي للحق وحقق شرط العودة.فكيف كان يمكنكم ألا تخجلوا؟ بل مهما تخجلوا فقليل، إذ متم وافتضحتم وخسرتم كل شيء.
نور القرآن بقية اعتراضات القس فتح المسيح التي سجلها في الرسالة الثانية ۸۳ من جملتها أن النبي الله لقد أجاز الكذب في ثلاثة مواقف، وأمر المرء في القرآن الكريم كان صريحا بكتمان إيمانه، بينما الإنجيل لم يسمح بكتمان الإيمان.أما الجواب: فليتضح أني لا أعتقد أن الإنجيل يضم عُشر معشار التأكيد الوارد في القرآن الكريم على التمسك بالصدق.لقد نشرت في هذا الموضوع إعلانا قبل عشرين عاما مع كتابة الآيات القرآنية، وكنتُ وعدتُ النصارى وغيرهم بمنح مبلغ كبير جائزةً، وأنه إن استخرج لنا من الإنجيل أي مسيحي تأكيدا مماثلا لما تضمنته هذه الآيات من حث على التحلي بالصدق؛ فسوف ينال هذا المبلغ جائزة.لكن السادة القساوسة حتى الآن لزموا الصمت وكأن أرواحهم فارقت أجسادهم.والآن بعد مدة طويلة تكلم فتح المسيح من الكفن وربما نسي إعلاننا ذلك بما مرَّ عليه من زمن طويل.أيها القس، إنك تحب أن تحوّل الأعشاب والقش ذهبا، وتهيم متخبطا هنا وهناك معرضا عن منجم الذهب، إذا لم يكن ذلك شقاوةً فبم نسميه؟ لقد جعل القرآن الكريم قول الزور مساويا لعبادة الأوثان
ΛΕ نور القرآن كما يقول: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ النُّورِ ۲۹ ، وقال في آية أخرى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ﴾ ٣٠.المسيح الله عنهم افتح الإنجيل يا من لا تخاف الله ! وأخبرنا أين ورد مثل هذا التأكيد البالغ على التمسك بالصدق فيه؟ فلو كان الإنجيل يتضمن هذا التأكيد لما كذب الحواري الأول بطرس، ولما صرّح- بعد لعن حالفا حلفا كاذبا بأنه لا يعرفه، أما صحابة النبي رضي فكانوا يُستشهدون لمجرد تمسكهم بالصدق ولم يخفوا الشهادة الإلهية قط، حتى احمرت الأرض بدمائهم.لكنه ثابت من الإنجيل أن يسوعكم نفسه ظل يخفي هذه الشهادة " التي كان يجب عليه أن يدلي بها، ولم يُظهر تمسكه بالإيمان كما أظهره صحابة النبي في مكة عند شدة المصائب ولا أعتقد أنك سترفض ذلك، وحتى لو رفضت خيانة فسوف نريك جميع النصوص، وإنما كتبنا هذا مثالا فقط.الحج: ۳۱ النساء: ١٣٦ إنجيل متى: إصحاح ١٦، عدد ٢٠ ۲۹ ۳۰ ۳۱
نور القرآن بالكذب في ثلاثة مواقف.لكنك ثم تقول: إن النبي ﷺ قد سمح أخطأت في ذلك جهلا منك وإنما الحقيقة أن الكذب غير مسموح به في أي حديث قط، بل إن الحديث ينص على "إن قتلت وأُحرقت" أي لا تتخلَّ عن الصدق حتى لو قتلت وأحرقت في سبيل ذلك، ثم إذا كان القرآن الكريم يقول: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ " أي تمسكوا بالصدق والإنصاف ولو خسرتم في سبيل ذلك أرواحكم، والحديث يقول: تمسكوا بالصدق حتى لو أُحرقتم وقتلتم.ففي هذه الحالة إذا كان أي حديث يقول فَرَضًا خلاف القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة فهو غير جدير بالاهتمام والقبول بل لا نقبل إلا تلك الأحاديث التي لا تعارض القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة.أن بعض الأحاديث تشير إلى جواز التورية وسمتها بالكذب لتكرهها، وحين يقرأ أي جاهل وغبي مثل هذه الكلمة في أي حديث من باب التسامح فقد يفهمها كذبا حقيقيا لأنه يجهل القرار الحاسم للإسلام، وهو أن الكذب الحقيقي رجس وحرام في الإسلام ويساوي الشرك، بينما التورية التي ليست في الحقيقة كذبا، وإن كانت تشبه الكذب فجوازُها في الأحاديث موجود بحق العامة عند صحيح ۳۲ النساء: ١٣٦
٨٦ نور القرآن الاضطرار، لكنه قد ورد إزاء ذلك أن الذين هم أعلى وأسمى مرتبةً في الإيمان والتقوى فهم يجتنبون حتى التورية.وإن التورية في المصطلح الإسلامي أن يتكلم المرء عن سرّر قصد الإخفاء- تفاديا للفتنة أو لمصلحة بأساليب وأمثلة يفهمه بها العقلاء ولا يفهمه الغبي ويخطر بباله شيء آخر لم يقصده المتكلم، ويدرك السامع بعد التدبر أن ما قاله المتكلم ليس كذبا وإنما هو الحق المحض ولا يشوبه أي شائبة من الكذب، ولم يكن قلبه قد مال إلى الكذب شيئا.كما يُفهم من بعض الأحاديث جواز التورية للإصلاح بين مسلمين أو ليدرأ المرء عن زوجته الفتنة أو النزاع العائلي أو الشجار أو لإخفاء المصالح عن العدو في الحرب، أو لإمالته إلى طرف آخر.ومع ذلك هناك أحاديث كثيرة تفيد أن التورية تنافي أعلى مراتب التقوى، وأن الصدق الجلي البين أفضل حتى لو قتل المرء بسبب ذلك وأُحرق.لكن من المؤسف أن هذه التورية قد كثرت في كلام يسوعكم، فجميع الأناجيل تزخر بذلك، لهذا نضطر للإيمان بأنه إذا كانت التورية تعد من الكذب فليس في العالم إنسان أكذب من يسوع فقول يسوع المحترم إنه يستطيع أن يهدم الهيكل الإلهي ثم يعيد بناءه خلال ثلاثة أيام ،تورية، وكذلك قوله: "كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتِ غَرَسَ كَرْمًا....فكل ذلك من التورية، وإن كلام يسوع المحترم
نور القرآن ۸۷ يفيض بهذه الأمثلة؛ فكان دوما يتكلم بتكلف، وكانت أقواله ذات معنيين.يسو أما سيدنا ومولانا النبي المقدس فبرهن هنا أنه أسمى نموذج لتعليمه؛ فقد أمر النبي باجتناب التورية قدر الإمكان التي ظل يسوعكم يرتضعها طول الحياة كحليب الأم؛ لكيلا يشبه مضمون الكلام الكذب حتى في الظاهر.لكن ماذا نقول وماذا نكتب؟ إن عكم المحترم لم يستطع الالتزام بالصدق لهذه الدرجة، فالشخص الذي يدعي الألوهية كان ينبغي أن يبرز في العالم كالأسد الهصور لا أن يلجأ طول الحياة إلى التورية ويُثبت بجميع أقواله المشابهة للكذب أنه ليس من الكمّل الذين يتصدون للأعداء غير مبالين بالموت ويتوكلون على الله كليا ولا يجبنون في أي مناسبة.إن ذكر هذه الأمور يثير بكائي وأسفي أنه إذا اعترض أحد على ضعف يسوع- الذي كان ضعيف القلب لهذه الدرجة - ولجوئه إلى التورية التي هي نوع من الكذب؛ فبم نردّ عليه.عندما أرى سيد المرسلين في غزوة أحد يعلن وحيدا أمام السيوف المسلولة "أنا محمد، أنا ني الله، أنا ابن عبد المطلب" وأرى في الجهة الثانية يسوعكم يوجه التلاميذ خلاف الواقع وهو يرتجف - أن لا يُخبروا أحدا بأنه يسوع المسيح أن أحدا لم يكن ليقتله على هذه الكلمة؛ فإني أغرق في بحر مع
۸۸ نور القرآن الحيرة.وأنذهل عجبا يا إلهي، أيدعى نبيا هذا الذي هو واهن الجأش ويبدي الخوف في سبيل الله لهذا الحد؟ باختصار، قد فضح القس فتح المسيح جهله تماما، بل قد هاجم وعه أيضا إذ قد قدم بعض الأحاديث التي تجيز التورية، فمن يسو الجهل الشديد أن تعتبر التورية كذبا حقيقيا حتى لو كانت قد وصفت في الحديث كذبا تجاوزا.فلما كان القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة قد أجمعت على أن الكذب الحقيقي حرام ورجس، كما تبين الأحاديث من الدرجة الأولى مسألة التورية؛ فلو افترضنا أن حديثا وردت فيه كلمة الكذب بدلا من التورية فكيف يمكن أن يراد منه الكذب الحقيقي والعياذ بالله؟ بل يدل على ورع قائل هذه الكلمة الذي اعتبر التورية كذبا حقيقيا إذ استخدم لها كلمة "الكذب" مجازا.يجب علينا اتباعُ القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، أما المعنى المناقض لهما فلن نقبله أبدا.فمن الضروري عند قراءة الأحاديث ألا نعتمد على الأحاديث التي تناقض وتخالف الأحاديث التي بلغت صحتها القمة، ولا على تلك التي تعارض وتعادي وتنافي صراحةً نصوص القرآن الكريم الصريحة البينة المحكمة.ثم إن المسألة التي اتفق عليها القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، وهي مذكورة صراحة في كتب الدين فإن الاعتراض عليها- تمسكا
نور القرآن ۸۹ بأي قول سخيف مناقض لها أو مغشوش وحديث غير ثابت أو أثر مشكوك فيه لمن الفساد والخيانة الحقيقة أن هذه المفاسد والشرور أهلكت النصارى في الحقيقة فهم لا يستطيعون قراءة هي التي الحديث بأنفسهم، وعلى أقصى حد يقرأون ترجمة المشكاة ويأخذون منها ما يرد عليه الاعتراض بحسب فهمهم الناقص، مع أن كتب الحديث تضم الغث والسمين وإن العامل بالحديث يلزمه التمحيص.إن انتقاء الأحاديث الصحيحة من ركام الأحاديث من كل نوع، واكتشاف معانيها الصحيحة ثم البحث عن محلها المناسب لعمل دقيق وحساس جدا.لقد لعن القرآن الكريم الكاذبين وقال: إن الكاذبين هم أولياء الشيطان وإن الكاذبين لا إيمان لهم وتتنزل عليهم الشياطين.ولم يكتف بالنهي عن الكذب بل قد نصح بعدم مصاحبة الكاذبين وعدَمِ الولاء لهم، وعدم اتخاذهم أولياء، ونصح بتقوى الصادقين.يقول في موضع إذا تكلمت فيجب أن يكون كلامك صدقا محضا بحيث لا يخالطه الكذب حتى بدافع المزاح.أخبرونا الآن أين وردت هذه التعاليم في الإنجيل؟ فلو كانت هذه التعاليم في الإنجيل لما وُجدت في النصارى حتى الآن عــادة "كذبة أول نيسان" السيئة.لاحظوا ما أقبح عادة كذبة نيسان هذه إذ يُعــــد الله وصحبة
۹۰ نور القرآن الكذب بغير مبرر من التحضّر.فهذه هي الثقافة المسيحية وتعليم الإنجيل، إذ يبدو أن النصارى يحبون الكذب كثيرا فحالتهم العملية تشهد على ذلك.فالقرآن مثلا كتاب وحيد بأيدي المسلمين بينما سمعنا أن عدد الأناجيل ينوف على ستين.واها لكم أيها القساوسة! لقد مارستم الكذب جيدا، لعلك سمعت قول شيخك العظيم إذ يقول: إن الكذب ليس مسموحا به فحسب بل يثــاب عليه المرء.لقد قال الله له الا الله بخصوص العدل الذي لا يُكسب بدون التمسك الكامل بالصدق لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ، أنت تعلم كم تصعب المعاملـة بالعدل مع الشعوب التي تؤذي دونما سبب وتُضايق وتسفك الدماء وتلاحق وتقتل الأولاد والنساء كما فعل كفار مكة، ثم لم عن القتل والحروب.غير أن تعليم القرآن لم يضيع حقـــوق أولئك الأعداء عطاشى الدم ووصى بالعدل والصدق.إلا أنك قد وقعت في هوة التعصب، فأنى لك أن تفهم هذه الأمور الطيبة؟ أنه قد ورد في الإنجيل الوصية بحب الأعداء، لكن لم يـــرد صحيح فيه "لا يمنعنكم عداء الشعوب المعادية وظلمهـــم مــــن الـصـــدق والعدل".إنني أقول صدقا وحقا إن مداراة العدو سهلة، لكن تكف المائدة: ۹
نور القرآن ۹۱ حماية حقوق العدو والتحلى بالإنصاف والعدل في القضايا صعب جدا ولا يتأتى إلا من الرجال الشجعان.فالناس يحبون أقاربهم المعادين ويعاملونهم بكلام معسول لكنهم يغصبون حقوقهم، فالأخ يحب أخاه لكنه يستغل هذا الحب لغصب حقوقه خـــــداعـا؛ فمثلا إذا كان مزارعا فلا يسجل اسم أخيه في الأوراق الحكومية وفي الدوائر الرسمية لكنه يتظاهر بالحب لدرجة أنه يبدي استعداده ليفدي أخاه بروحه.فلم يذكر الله الله في هذه الآية كلمة الحب وإنما بين معيار الحب، فالذي سيُنصف الحريص على قتلــه ولـــن يمتنع عن الصدق والإنصاف فهو المحب الصادق، غير أن إلهكم نسي هذا التعليم فما ركز على العدل مع الأعداء الظالمين كما ركز على ذلك القرآن الكريم، ولم يؤكد على معاملـة العـــدو بصدق والتمسك بالصدق كما أكد على ذلك القرآن الكريم، ولم يعلم أدق دروب التقوى.ومن المؤسف أن ما علّمه إنمـا هـو الخداع و لم يُقم أتباعه على طريق الورع والإتقاء القويم.هذا مــا نقول بحق يسوعكم الخيالي الذي بأيديكم بعض أوراقه المبعثرة، والذي كان يدعي الألوهية وصلب أخيرا وظل يدعو ويتضرع طول الليل ليُخلَّص لكنه لم يُخلَّص.
۹۲ نور القرآن أما سيدنا ومولانا نبي آخر الزمان الله فقد دعا بنفسه للانتقال من هذا العالم حيث قال: ألحقني بالرفيق الأعلى، بينما أحب إلهكم المحترم الحياة الدنيا لأيام معدودة بحيث ظل يدعو لحياته طول الليل.بل إنه حين عُلّق على الصليب لم يتفوه بكلمة الرضا والتسليم، وإنما قال "إيلي إيلي لما شبقتني"..أي: إلهي إلهي لم تركتني؟ ومع أن الله لم يردّ عليه أنه تركه، لكن الأمر بين واضح أنه ادعى الألوهية وتكبر وترك.أما نبينا فقد خيره الله الا الله في الوقت الأخير في أن يعيش في الدنيا إذا أراد أو يذهب إليه الا الله إذا أراد، فقال له: يا ربي إنما أحب أن أنتقل إليك.وقد كانت الكلمة الأخيرة التي جرت على لسانه وبعدها فارقته الحياة المطهَّرة: "بالرفيق الأعلى"..أي لا أريد أن أعيش هنا أطول وأحب أن أذهب إلى ربي، فقارنوا الآن بين الكلمتين، إن إلهكم لم يدعُ طول الليل ليعيش فحسب بل قد بكي صارخا أن يُنقذه الرب من الموت لكن لم يسمع له أحد، أما نبينا فلم يدع للحياة قط، بل قد خيَّره الله الله بنفسه وأكد له أنه إذا كان يريد أن يعيش فسوف يعمر، لكنه قال: لا أريد أن أعيش في هذه الدنيا أكثر.فهل هذا هو إلهكم الذي تتكلون عليه؟ ذوبوا خجلا!!
نور القرآن ۹۳ أما ما زعمت بأن القرآن الكريم يأمر بكتمان الإيمان فهو مجرد بهتان وافتراء لا أصل له من الحقيقة فالقرآن يلعن الذين يكتمون شهادة الدين عن عمد، ويلعن الذين يكذبون.ربما انخدعت لسوء فهمك بآية وردت في سورة النحل وهي: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالْإِيمَانِ ٣ ، أي سيُلقَى بالكافرين في العذاب إلا من مورس عليه الإكراه..أي قد مُنع من أداء شعيرة من شعائر الإيمان بعذاب لا يقاوم، وقلبه مطمئن بالإيمان فهو معذور عند الله.والمراد أنه إذا أصاب أي ظالم أي مسلم بجروح مؤلمة غير عادية لا تحتمل، وأثناء ذلك التعذيب إذا تفوه بكلمة تُعدّ في نظر الكافر كفرا دون أن يقصد كلمة الكفر بل كان قلبه فياضا بالإيمان وإنما قصد كتمان إيمانه للتخلص من اضطهاد لا يُحتمل، ولا يكون ذلك عن قصد وإنما حين أصابه عذابٌ لا يُطاق تحمُّله يُفقده الصواب، فسوف يغفر الله لأنه غفور رحيم ذلك الذنب عند توبته بحسب الشروط الواردة في الآية التالية ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ٣٤ فهل وردت جملة لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ في القرآن الكريم أم في الإنجيل؟ أخبرنا.منه ٣٥ النحل: ١٠٧
٩٤ نور القرآن جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ، أَي إِن الذين يُخفون إسلامهم عند تعرضهم لاضطهاد شديد فسوف يُغفَر لهم بشرط أن يهاجروا بعد تحمُّلهم الآلام، أي أن يتخلوا عن عادة معينة أو يخرجوا من بلد يمارس فيه الإكراه في الدين ثم يجاهدوا في سبيل الله كثيرا ويصبروا على الأذى، فسوف يغفر الله لهم ذنبهم بعد ذلك لأنه غفور رحيم.لقد تبين الآن من كل هذه الآيات أن الذي أخفى شهادة الإسلام حتى عند تعرضه لاضطهاد يفوق الاحتمال فهو الآخر مذنب عند الله غير أنه بعد أعمال لائقة وبعد الصبر والاستقامة والتخلي عن تلك العادة أو الهجرة من البلد الذي يمارس فيه الإكراه، سيغفر له ولن يضيعه الله لأنه رحمن ورحيم.باختصار، إن الله لم يذكر هذا الإخفاء في محل مدح، بل قد اعتبره ذنبا وأخبر عن الكفارة عن هذا الذنب في الآية التالية.وكما بينا فقد مدح في مواضع عديدة أولئك المؤمنين الذين لا يُخفون شهادة الدين حتى لو قتلوا، غير أنه لالالالا لم يرد الإنسان الذي يخفي الإيمان لضعف قدرته عند تعرّضه لعذاب لا يقاوم، بل قبله بشرط أن يهجر هذه العادة أو البلد الذي يمارس فيه هذا الاضطهاد، ويُرضي ٣٦ النحل: ١١١
نور القرآن تماما صفتي ۹۵ ربه بصدقه وثباته ومجاهداته، فسوف يغفر له ذنب إخفاء الإيمان هذا، لأن الله الذي خلق عبادا ضعافا كريم ورحيم جدا.فهو لا يَردُّ من عنده من قدَّم قليلا فهذا هو تعليم القرآن الكريم، وهو يطابق الله الرحمة والمغفرة.لكن قد تبين من إقرارك أن هذا التعليم لا يوجد في الإنجيل، وإنما الإنجيل يُفتي بأنه إذا كان أحد النصارى قد كفر بالدين المسيحي بلسانه فقط عند تعرضه لعذاب لا يُطاق فقد صار مردودا للأبد ولا يستطيع الإنجيل أن يضمه إلى جماعته وليس له أي فرصة للتوبة واها لك ثم واها، فقد ختمت اليوم بيدك على أن هذا الإنجيل الذي بيدك كاذب.على كل حال، لا تعد سالما من كرتنا أيضا بل رُدّ على ما أكتبه لاحقا، فارتدد عن الدين المسيحي تائبا إن كان عندك شيء من الحياء.فاعتراضي هو إن كان التعليم الذي يَعِدُ مُخفي الإيمان بالمغفرة بعد توبته وأعماله الصالحة وتمسكه بالصبر والثبات ولا يحرمه من الرحمة الإلهية، لا يمكن أن يكون من الله كما زعمت، فما أبعد عن الصدق تعليم الإنجيل الذي قبل بطرس على ارتكابه أعمالا كريهة
٩٦ نور القرآن جدا وكذبه وإنكاره الشديد وحلفه الكاذب ولعنه المسيح وإخفائه الإيمان ٣٧ كان اعتراضك ينحصر في أن القرآن الكريم لم يطرد من الإسلام أولئك الذين يكفرون بالإسلام باللسان فقط عند الخوف الشديد، بينما الإنجيل قد تجاوز الحدود في هذا الخصوص إذ قد قبل إنسانا لم يُخف الإيمان فقط بل قد كفر بصراحة وحلف اليمين ليظهر كذبه صدقا، وليس ذلك فحسب بل قد لعن يسوع المبجل.وإن قلت إن تعليم الإنجيل لم يتقبل ذلك بل هو ما زال مردودا وخارج الإيمان فعليك أن تنشر ذلك في إعلان مطبوع.الآن أخبرني هل واجهت شيئا من عقوبة الاعتراض على القرآن الكريم أم لا؟ لقد كتبت في رسالتك أن الرد على أمر شيء والرد العقلاني على أمر شيء آخر تماما، فأخبرني هل هذه الردود عقلانية أم لا؟ أما آن أن نقول: "لعنة الله على الكاذبين"؟ لقد كتبت أيضا : صحيح أن المحمديين يردّون، غير أن ردودهم لا تعتبر عقلانيةً، فردودنا هذه كلها عندك فاعرضها على بعض المنصفين واسألهم هل هي جديرة بأن تُعد عقلانية أم لا؟ فهل تعتقد ۳۷ ملحوظة : إن النصارى يقبلون حتى المرتدين عن الإنجيل بعد إيمانهم، ودونك إخفاء الإيمان وحفظه في القلب.منه
نور القرآن ۹۷ أنك ستتمكن من الردّ على اعتراضاتنا على الإنجيل؟ كلا لن يمكنك ولن يطلع عليك يوم تتمكن فيه من تفنيد هذه الاعتراضات.ثم إنك أثرت شبهة أن الإنجيل وحده بين الذنب بيانا كاملا، لكنك إذا تدبرت فسوف يتبين لك أن الإنجيل لم يبين طرق التقوى بالكمال ولم يدع ذلك، بينما القرآن الكريم قد بين أن الغاية المتوخاة من نزوله هي الهداية إلى دروب التقوى كما يقول الله ذلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٣٨، أي قد نزل هذا الكتاب ليطلع الذين يجتنبون الذنب على أدق الذنوب، حتى يجتنبوا تلك السيئات التي لا تتراءى لكل عين بل يمكن رؤيتها من خلال منظار المعرفة، ولا تقدر على رؤيتها العيون السطحية، كما قد كتب متى قول يسوعكم مثلا، إنني أقول لكم: من نظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنا بها في قلبه.أما القرآن الكريم فيقول: لا تنظر إلى وجه امرأة غير محرمة بشهوة ولا بدون شهوة، ولا تسمع حديثها ولا صوتها ولا تصغ إلى قصص جمالها، فإن اجتنابك هذه الأمور سيحميك من الزلة، فيقول الله ﷺ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ ۳۸ البقرة: ٣
۹۸ نور القرآن أَزْكَى لَهُمْ ، أي قل للمؤمنين أن لا ينظروا إلى النساء من غير المحارم، 6 وأن يحفظوا آذانهم وفروجهم؛ أي ينبغي أن يعصموا الآذان أيضا من سماع حديثهن العذب وقصص جمالهن، فإن كل هذه الأمور تؤدي إلى العثار.الآن، إذا كان قلبك خاليا من سموم الإلحاد فقارن بين هذا التعليم وبين تعليم يسوع، ثم لاحظ النتائج.لقد أهلك تعليم يسوع أوروبا كلها بمنحه إياها حرية مطلقة وبإهماله الشروط اللازمة لدرجة أن انتشر فيهم الفسق والفجور كالكلاب والخنازير، وقد وصلت الفاحشة والخلاعة لدرجة أن تكتب جملة: "حبيبتي أعطيني قُبلة" على علب الحلويات والمغلفات البريطانية؛ ففي رقبة من هذا الإثم؟ من المؤكد أنه في رقبة يسوع الذي أذن للشباب والفتيات أن ينظر بعضهم إلى بعض بغير قصد الزنا أيها الغبي، هل قصد الزنا في سيطرة الإنسان؟ فالإنسان الذي ينظر إلى النساء غير المحرمات بكامل الحرية باستمرار سوف ينظر إليهن يوما بنية فاسدة أيضا، لأن ثوائر النفس تلازم كل إنسان وإن التجارب تفيدنا بصوت عال بل تصرخ: إن النظر إلى النساء غير المحرمات لا يؤدي إلى عاقبة محمودة أبدا.فما السبب في شيوع الزنا في أوروبا؟ ألا إن السبب ۳۹ النور: ٣١
۹۹ نور القرآن الوحيد أن رؤية النساء بدون أي تكلف صار عادة عندهم، ففي أول الأمر كانت النظرات السيئة ثم صار العناق أيضا أمرا عاديا يدعو بسيطا ثم تطور الأمر فاعتادوا على القبلات لدرجة أن الأساتذة في أوروبا الشابات إلى البيوت ويقبلونهن ولا أحد يمنعهم من ذلك، وتكتب الجمل الغرامية من الفسق والفجور على علب الحلويات ومغلفاتها، وفي الصور تُرسم رسوم خليعة جدا، حيث تنشر النساء بأنفسهن أنهن جميلات ويصر حن بتفاصيل مفاتنهن وجوارحهن، ويؤلف عشاقهن قصص الغرام، وإن نهر الخلاعة جار بقوة بحيث لا يقدر المرء على أن يصون أذنيه ولا عينيه ولا يديه ولا وجهه.فهذا هو تعليم يسوع ليت هذا الرجل لم يولد في هذا العالم لا تظهر هذه السيئات، فقد أجهز هذا الرجل على الصلاح لكى والتقوى ونشر الإلحاد والإباحية في البلد كله ليس هناك أي اهتمام بالعبادة ولا بالمجاهدة، ولا يُهمه غيرُ الأكل والشرب وسوء النظر! ثم من سمومه المتراكمة أنه شجع على ارتكاب الذنوب بإطماعهم بالكفارة الباطلة، فأي عاقل يقبل أنه بإعطاء زيد دواء مسهلا تفارق المواد السامة بكرا، بينما الحقيقة أن السيئة لا تزول إلا إذا حلت محلها الحسنة، فهذا هو تعليم القرآن الكريم.وأي فائدة يجلبها انتحار أحد لغيره؟ ما أكثر هذه الفكرة التي ظهرت من يسوعكم المحترم
نور القرآن غباء وبعدا عن السنّة القديمة.فهل كان الحواريون يشبعون بتناوله كله فاسد الطعام؟ فكيف يفيد انتحاره الآخرين، فتعليم الإنجيل و ناقص لدرجة أن يرد الاعتراض القوي على كل كلمة منه، إذ إن مؤلفه لا يعرف ما التقوى وما هي المراتب الدقيقة للذنب، فكان ذلك المسكين يتكلم كالأولاد الصغار نحن نأسف إذ ليس لدينا متسع من الوقت الآن لنفضح يسوع في كل أموره، وسوف نكشف ذلك بإذن الله في المستقبل، وتثبت أن هذا الرجل يجهل تماما طرق التقوى وإن تعليمه لا يستطيع ري أي شعبة من شجرة الإنسان، فهو لا يعرف ما هي القوى التي بها أُرسل الإنسان إلى هذا النزل وهو لا يعرف أن الله لا يريد إبطال كل هذه القوى وإنما يريد أن يسيرها على الطريق المعتدل، فمن العناد الشنيع والعماية والوقاحة أن يُعرض هذا التعليم الناقص - لهذه الدرجة مقابل القرآن الكريم.أما قولك بأن النبي المقدس علم أنه بقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله تزول الذنوب، فحق تماما.فالذي يؤمن بأن الله واحد لا شريك له، ويؤمن بأن ذلك القادر الأحد نفسه قد بعث محمدا المصطفى ؛ فلا ريب في أنه إذا مات مؤمنا بهذه الكلمة فسينجو، إذ لا ينجي انتحارُ أحدٍ أحدا أبدا تحت السماء.من سيكون أكثر سفها من الذي يفكر في هذا؟! غير أن الإيمان بأن
نور القرآن الله.1 واحد لا شريك له والإيمان بأنه رحيم ورؤوف لدرجة أنه قد أرسل لتخليص العالم من الضلال بمنتهى الرحمة رسوله الذي اسمه محمد المصطفى ، فبالإيمان بهذه العقيدة يزول ظلام الروح وتزول الأنانية ويحل محلها التوحيد، وأخيرا يحيط الحماس القوي للتوحيد بالقلب كله فتبدأ الحياة الفردوسية في هذا العالم.فكما تلاحظون أن بحلول النور لا يصمد الظلام.كذلك حين ينزل ظلُّ "لا إله إلا الله" النوراني على القلب فإن ثوائر الظلمة النفسانية تنعدم.وليست حقيقة الذنب سوى أن الثوائر النفسانية تثور باختلاط البغي، وإذا اتبعها الإنسان يسمى مذنبا أما معاني عبارة "لا إله إلا نستشفها من استخدامها في محلها في اللغة العربية فهى أن الله" التي "لا مطلوب لي ولا محبوب لي ولا معبود لي ولا مطاع لي إلا الله".فمن فمن البديهي أن هذه المعاني أبعد عن حقيقة الذنب ومنبعه تماما؛ فإن الذي سيرسخ هذه المعاني في نفسه بصدق القلب فمن المؤكد أن نقيضه سيغادر قلبه، لأن اجتماع الضدين في مكان واحد مستحيل.فإذا خرجت الثوائر النفسانية فهذه الحالة تسمى الطهارة الحقيقية والصدق والصلاح الحقيقي.وإننا بحاجة إلى الإيمان بمن أرسله الله الله وهو الجزء الثاني للشهادة- لكي يتحقق لنا الإيمان بكلامه.سبحانه لأن الذي يُقر بأنه يريد أن يكون
۱۰۲ نور القرآن مطيعا الله يلزمه الإيمان بأوامره الله ، أيضا، ولا يتأتى الإيمان بأوامر الله إلا بالإيمان بمن نزلت بواسطته تلك الأوامر في العالم، فهذه هي حقيقة "الشهادة"، والجدير بالذكر أن يسوعكم المحترم هو الآخر قد أشار إلى ذلك وحصر النجاة في الإيمان بالله وبمبعوثه يسوع لكن لما كنتم عميانا فلا تنتبهون إلى ما قاله الإنجيل بسبب الطيش الناجم عن التعصب.أما قولك: كيف يمكن زوال الذنوب بالوضوء؟! فيا أيها السفيه لماذا لا تمعن النظر في الصحف الإلهية، هل انقلبت حيوانا؟ إنما المراد من الوضوء غسل الأيدي والأرجل والوجه فقط، فلو كانت الشريعة تقصد فقط أن بغسل الأيدي والأرجل تزول الذنوب، لعدت هذه الشريعة المقدسة جميع الشعوب النجسة المعرضة عن الإسلام قد تطهروا من الذنوب عند غسلهم الأيدي والأرجل، لأن بالوضوء يتطهر الإنسان من الذنوب!! لكن الشارع العلم يقصد ذلك، وإنما قصد أن يعلم أنّ أوامر الله ليست عبثية مهما كانت صغيرة وبسيطة بل بإحرازها تزول الذنوب.إذا أردتُ أن أكتب الرد الإلزامي فإني قادر على أن أسود وجه المنكر بكتابة الرد في أجزاء كثيرة، إلا أن الوقت لا يسمح لي، وما زالت هنالك أسئلة علي أن أردّ عليها، فاكتب قليلا من الرد على
نور القرآن ۱۰۳ مقالي هذا ثم سوف أقدم لك الجائزة الرائعة القيمة من كتبك، كن مطمئنا! كيف بدأت تنفر من الكذب؟ هل نسيت كذب الإنجيل؟ فهل من الصدق أن يسوع المحترم لم يكن يجد "أَيْنَ يُسنَدُ رَأْسَهُ"، وهل من الصدق أنه لو كتبت أعمال يسوع كلها لما اتسع العالم كله تلك المجلدات؟ قولوا الآن هل قد أحرز الإنجيل درجة الكمال في الكذب أم ما زال هناك نقص ؟ فليكن معلوما أن القرآن الكريم لم يستخف بالذنب بل قد بين مرارا وتكرارا أن لا أحد ينال النجاة بدون أن يكره الذنب كراهية حقيقية، أما الإنجيل فلم يعلّم الكراهية الحقيقية للذنب، إذ لم يركز على أن الذنب سم قاتل فاخلقوا في نفوسكم ترياقا مقابله، بل قد اعتبر هذا الإنجيل المحرفُ كافيا بدلا من إحراز الحسنات.فكم من السخف والبذاءة والضلال أنه لم يهتم بإحراز الحسنة الحقيقية! إن تعليم الإنجيل هو : "كُن مسيحيا واصنع ما شئت".إنّ الكفارة ليست ذريعة ناقصة حتى تبقى هناك حاجة للعمل ! لاحظوا؛ هل هناك وسيلة أخرى لإشاعة السيئة أكثر من هذا؟! إن القرآن الكريم يقول: ما دمتم لا تتطهرون لن تدخلوا تلك الدار الطيبة، بينما يقول الإنجيل: ارتكب ما شئت من السيئات فحسبك انتحار يسوع.الآن؛ أي منهما استخف بالذنب القرآن أم الإنجيل؟ إن إله انتحار يسوع
.2 نور القرآن القرآن لا يعتبر أحدا أبدا بارا وصالحا ما لم يحلّ النور مكان الظلام، لكن الإنجيل عمل كارثة، إذ استخف بجميع أوامر البر والصلاح بالكفارة ،وأعدمها فلم يعد المسيحي بحاجة إليها، يا للحسرة، والأسف مائة أسف.وسؤالك الثاني إن الإغراء بالجنة مجرد اتباع أهواء النفس فــــلا يطمئن به أي مقرّب إلى الله.أما الجواب: فليتضح أن من البديهي والمسلّم به عقلا والأقرب إلى الإنصاف، أنه كما لا يرتكب المــــرء الجريمة ولا يكسب الخيرات والأعمال الحسنة بالروح فقط بل ينجز كل عمل بالروح والجسم معا، كذلك ينبغي أن يؤثر الجزاء والعقاب في كليهما، أي يجب أن ينال كل من الجســم والـــروح حظا من العقوبة في الآخرة بحسب أوضاعه.لكننا نتعجــب مـــن النصارى إذ قد قبلوا هذا المبدأ بخصوص العقاب ويؤمنـــون بـأن الذين ارتكبوا الذنوب وقاموا بتصرفات منافية للإيمان وأسخطوا فلن تتوقف العقوبة على أرواحهم بل سوف يُلقـــى بـالروح والجسم معا في جهنم، وأن الأجسام سوف تُحرق بنار الفسفور وسيكون هناك عويل وصرير أسنان وأن أهل جهنم سيحترقون بالظمأ ولن يجدوا ماء.وحين يُسأل سادة النصارى لماذا سيحرق الجسم في النار؟ يقولون إن الروح والجسم كانا يشتغلان معــا الله
نور القرآن 0.1 كالعاملين في الدنيا، فحين خانًا كلاهما معا أعمال ربهما استحقا كلاهما العقاب.فيا أيها العميان والغافلون عن التدبر في الصحف الربانية، إنني أدينكم بأفواهكم وأقول: ما دام الله الذي رحمتــــه سبقت غضبه لا يترك الجسم من دون عقاب، أفليس واجبـا ألا ينساه عند الجزاء أيضا؟ هل يجدر بنا أن نسيء الظن في ربنا الرحيم ونؤمن بأنه سيغضب كثيرا حتى يلقي بأجسامنا أيضا في الأتــــون المشتعل، غير أن رحمته لن تفور عند الجزاء بدرجة غضبه نفسها عند العقاب؟ فلو أبعد الجسم عند العذاب لفصل عن الجزاء أيضا، غير أنه حين يلقيه في النار المشتعلة لاعتباره شريكا في ارتكاب الذنب فيا أيها العميان وقاصري النظر - ألن يجعل الجسم شريكا في الجزاء لكونه شريكا في إحراز الإيمان والعمل الصالح؟ فهل عبثا سينال أهل الجنة جسما عند بعث الموتى؟ ثم من البديهي أن الجسم عندما يقترن بالروح بكامل قواه فتلك القوى المادية إما أن تكون في راحة أو في ألم، فلا بد أن تكون في إحدى الحالتين.فلا بد من الإيمان بأنه كما يتعرض الجسم للألم في حالة العقاب، كذلك لا بد أن يتمتع حتما بنوع من الراحة أيضا، وهذه الراحة هي المذكورة في القرآن الكريم بالتفصيل.علما أن الله أيضا يقول للمؤمنين: إن نعيم الجنة يفوق الإدراك، و لم تُعطوا
١٠٦ نور القرآن العلم الحقيقي بها، ولكنكم سوف تنالون النعم التي لم ترها عين و لم تسمعها أذن ولم تخطر على قلب بشر، وأُخفيت عنكم حاليا.فإنما ستنكشف علينا جميع تلك الأمور الخفية عندما ننالها، فكل ما ورد في القرآن الكريم والحديث من الوعود فإنما هي بمنزلة مَثَل، إذ قد قيل بحقها إن تلك الأمور خفية لم يطلع عليها أحد.فلو كانت تلك اللذات هي نفسها التي يشعر بها المرء بشرب الشراب أو الخمر في هذه الدنيا أو اللذة التي يتمتع بها عند مضاجعة المرأة، لما قال الله الا الله إنها أمور لم ترها عين و لم تسمعها أذن وما خطرت على قلب بشر.فنحن المسلمون نؤمن بأن الجنة التي هي دار الجزاء للجسم والروح ليست دارا ناقصة للجزاء، بل سوف ينال فيها الجسم والروح كلاهما جزاءهما بحسب حالاتهما، كما سيعاقبان معا في جهنم بحسب أوضاعهما، ونفوّض تفاصيلها الحقيقية إلى الله، ونؤمن بأن الجسم والروح كلاهما سيشارك في الجزاء والعقوبة، وهذه العقيدة تنسجم مع العقل والإنصاف.فمن منتهى الخبث والوقاحة ومن أعمال أبناء الحرام أن يطعنوا في القرآن الكريم بأنه يعد بالجنة المادية فقط، إنما القرآن يصرح بجلاء إن كل من يدخل الجنة فسوف ينال الجزاء الروحاني والجسماني كليهما، فكما سيتمتع بالنعمة المادية سيتمتع بالنظر إلى الله أيضا، وهي
نور القرآن ۱۰۷ أسمى لذة في الجنة، كما ستكون هناك لذة المعارف أيضا ولذة الأنوار ولذة العبادة أيضا، لكن الجسم أيضا سينال سعادته أنواع التامة.إننا نقول بتحد بأن ما بينه القرآن الكريم عن الجزاء الروحاني لأهل الجنة لم يذكره الإنجيل قط، فمن شك في ذلك فليبارزنا منا ويقرأ علينا تعليم الإنجيل، وإذا تفوّق علينا وتمكن من ويسمع الإثبات بأن الإنجيل ذكر الجزاء الروحاني لأهل الجنة أكثر من القرآن الكريم فنقول حلفا إننا سنقدم له فورا ألف روبية نقدا، ويمكنه أن يطلب إيداعها في مكان بعد تقديم العهد الخطي رسميا.أيها العميان، إن الإنجيل مقابل القرآن الكريم لا يساوي شيئا، لماذا تتعرضون للعقوبة؟ اجلسوا في البيوت مرتاحين، فقد حان أوان خزيكم وهوانكم، فهل يتشجع أحدكم ليناقشني كإنسان نبيل إن كان بيان الجزاء الروحاني في الجنة في القرآن الكريم أكثر في الإنجيل، وإن ثبت أنه في الإنجيل أكثر فليأخذ ألف روبية نقدا، وأنا مستعد لأودعها حيثما يريد ولا أتوقع أن أحدا سيبارزني.سبحان الله ! ما أعظم ظلم هذا القوم وخداعهم، الذين نسوا الآخرة من أجل مكاسب الدنيا، فليشربوا كأس الموت ثم لينظروا بعد ذلك أين يسوع وأين كفارته، يا أسفا على هؤلاء مني
۱۰۸ نور القرآن الذين اتخذوا الإنسان العاجز ابن العاجزة إلها وأجازوا لله القدوس الأمور غير اللائقة، وقد ظهر في العالم وحيد جاء بالتوحيد جميع الصادق الكامل لكنهم ناصبوه العداء.ومن الكذب المحض أيضا أن الإنجيل لا يتضمن أي إشارة إلى العقوبة المادية، انظروا بأي تفصيل يذكر متى قول يسوع بخصوص العقوبة المادية وهو في الإصحاح ١٩، "كُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبَا أَوْ أَمَّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلَادًا أَوْ حُقُولا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفِ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ".(إِنْجِيلُ مَتَّى ١٩: ۲۹) انظروا ما أوضح هذا الحكم، فهذا يبشر أن المرأة المسيحية إذا تركت زوجها من أجل يسوع فسوف تتمتع بمائة زوج يوم القيامة، فلو كان وعد النعم المادية يناقض شأن الله لما وردت في التوراة: الخروج الإصحاح ٣ العدد ٨، والتثنية: الإصحاح ٦ العدد ٣، والإصحاح ۷ العدد ۱۳ والإصحاح ٨ العدد ١٧، والقضاة: الإصحاح ٩ العدد ١٢، والتثنية: الإصحاح ٣٢ العدد ١٤، والتثنية: الإصحاح ١٦ العدد ٢، واللاويين: الإصحاح ٢٦ العدد ٤، واللاويين: الإصحاح ۲٥ وأيوب: الإصحاح ٢٠ العدد ١٥، وعود بالنعم المادية.ألم يقل يسوع إنه سيشرب في الجنة عصير العنب؟ فعجيب هذا اليسوع الذي يتمنى دخول جنة
نور القرآن ۱۰۹ المسلمين التي فيها النعم المادية أيضا والأكثر من ذلك غرابة أنه أبدى الولع بالنعم المادية فقط؛ إذ لم يذكر رؤية الله.اذكروا قليلا ٤٠ سؤاله الماء من "العازر "؛ ؛ فإنّ ذكر الماء في جنة ليس فيها ماء مصداق القول: "ذاكرة الكاذب ضعيفة".من الحق أن أهل الجنة سيُشبهون الملائكة، لكن أين ورد أن خواصهم ستتغير في الحقيقة 28 ويصبحون ملائكة حقيقة ويتركون الخصائص الإنسانية؟ ٤١.أنه لا تُعقد القرانات في الجنة كما في هذه الدنيا، غير أن صحیح وجود اللذات المادية في الجنة مؤكد بما يتناسب مع الجنة ويلائمها، فلم ينكر ذلك يسوعُ أيضا، فقد خلا متمنيا شرب عصير العنب.كما ثبت من التوراة أن العقوبة المادية من ساعتاضكنة الله، فكيف يمكن أن يغير الله غير المتبدل سننه يوم القيامة؟...وَقَالَ: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، ارْحَمْنِي ، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيْبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءِ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذِّبٌ فِي هَذَا اللَّهِيب.(إنْجِيلُ لُوقا ١٦: ٢٤) (الناشر) ٤١ أن يكون الإنسان ملكا في الحقيقة ،أمر وأن يحرز التشابه معه في الطهارة أمر آخر تماما.منه.
نور القرآن اعتراضك الثالث: إن من تعاليم الإسلام أن المرء إن لم يرتكب ذنبا فلن يؤاخذ، وأن الله لن يؤاخذ على مجرد نشوء الأفكار السيئة في القلوب، لكن الإنجيل يقول خلاف ذلك، أي سيترتب العقاب على الأخيلة الناشئة في القلوب.أما الجواب: فليتضح أنه إذا كان ذلك قد ورد في الإنجيل، فمثلُ هذا الإنجيل ليس من الله أبدا، والحق ما بينه الله في القرآن الكريم وهو أن الأفكار التي تنشأ في القلوب تلقائيا لا يُعتبر المرء مذنبا بسببها، وإنما لاعتباره مجرما عند الله هناك ثلاث حالات، أولا: أن تجري على لسانه كلمات خبيثة معادية للدين والصدق والإنصاف.ثانيا: أن تصدر من الجوارح أي أعضاء الجسم تصرفات المعصية.ثالثا: أن يعقد القلب عزيمة على ارتكاب معصية أي يعقد العزم على أنه سيرتكب سيئة، وإلى ذلك يشير قولُ اللَّه وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) ٤٢ أي أن الإنسان سيؤاخذ على الذنوب التي يكسبها القلب بإرادة، أما مجرد ما يخطر في القلب فلن يؤاخذ عليه، لأن الطبع الإنساني ليس له سيطرة عليها، فالله الرحيم لا يؤاخذنا على الأفكار التي هي خارج نطاق سيطرتنا، وإنما يؤاخذ حين نتبع تلك الأفكار بعزيمة القلب باللسان أو باليد، بل نكسب الثواب أحيانا على تلك ٢ البقرة: ٢٢٦
نور القرآن ۱۱۱ الأفكار.وإن الله له الا الله لم يذكر في القرآن الكريم الذنوب التي يرتكبها الإنسان بيديه وأقدامه فحسب، بل قد ذكر ذنوب الأذن والعين والقلب أيضا كما يقول الله في كلامه المجيد إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ٤٣.انظروا كما ذكر الله الله شأنه عن ذنب السمع والبصر، كذلك ذكر ذنب الفؤاد أيضا، لكن ذنب الفؤاد ليس تلك الأفكار والأخيلة لأنه لا سيطرة للقلب على نشوئها، وإنما ذنب القلب عقد العزم على ارتكابه، فمجرد الأفكار التي لا يقدر الإنسان على منعها لا تعدّ إثما، إلا أنها ستعدّ إنما عندما يعزم الإنسان عليها، ويعقد العزم على ارتكابها.وكذلك يقول الله جل الذنوب الخفية الداخلية: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.والآن أقول بتحدٍّ إن الإنجيل يخلو من هذا التعليم الرائع أيضا، حيث لم يذكر ذنب كل الأعضاء بتمييز بين العزيمة والأفكار ولم يكن ممكنا أن يكون هذا التعليم في الإنجيل، لأن هذا التعليم لطيف جدا ومبني على مبادئ الحكمة وإن الإنجيل مجموعة أفكار سطحية بدأ ينفر منها الآن كل باحث، غير أن يسوعكم دبر للستر ٤٣ ٤٤ الإسراء: ۳۷ إنما ننال الثواب عندما نقاوم بالأعمال الصالحة أفكار القلب التي ترغب في المعصية، ونعمل على النقيض من تلك الأفكار منه.٤٠ الأعراف: ٣٤
۱۱۲ نور القرآن عليه بحيث أفهم الناس في أثناء الحديث بأن تعليمه ليس جيدا، فسوف يضحك عليه الناس في المستقبل؛ لهذا من الأفضل أن تنتظروا مبعوثا آخر يجمع تعليمه في طياته جميع أنواع المعارف.فواها لكم أيها القساوسة إذ عملتم بهذه الوصية جيدا ! فالتعليم الذي جعله يسوعكم نفسه محل اعتراض وبشر بظهور نبي مقدس يأتي في المستقبل، تعشقون ذلك التعليم الناقص نفسه أخبروني ألم يثبت أن تعليم يسوعكم بحسب إقراره ناقص أم ما زال هناك مجال للنقص؟ فإذا كان يسوع نفسه يعترف بأن تعليمه ناقص وغير نافع فاسمعوا منا محاسن التعليم الإسلامي واضعين في البال نبوءة زعيمكم، ولا تكذبوا يسوعكم، لأنه ما لم يُبعث في العالم نبي تعليمه أكمل وأعلى من تعليم الإنجيل ستبقى نبوءة يسوع باطلة، غير أن ذلك النبي المقدس قد ظهر ولم تعرفوه، اقرأوا نصوصنا بتدبر لتعرفوا أن التعليم الكامل الذي كان ينتظره المسيح، هو القرآن الكريم، وحتى لو لم تكن هذه النبوءة، فقد تمت حجة الله بكون القرآن كاملا والإنجيل ناقصا.فاخشوا نار جهنم وآمنوا بالنبي المبعوث الذي بشر بمجيئه المسيح وأثنى على تعليمه الكامل، ومع ذلك ليس ليسوعكم منة عليه؛ ذلك لأن القوي هدم الضعيف، والآن أنتم تعانون قلة الفهم فقط، وإلا ليس للإنجيل أي مجال للصمود.
نور القرآن ۱۱۳ (٤) الاعتراض الرابع: إن الإسلام لم يعلم حب أتباع الديانات الأخرى، بل قد أَمَرَ المسلم أن لا يحب غير المسلم.أما الجواب: فليتضح أن النصارى ابتعدوا عن الحق والحقيقة من شؤم الإنجيل الناقص غير الكامل، وإلا إذا نظروا بعمق إلى ما هو الحب، وما محله المناسب، وما هو البغض ومتى ينبغي أن نَبغُض، فلن يدركوا فلسفة القرآن الحقيقية فحسب بل سوف تكسب به الروح النور الكامل للمعارف الحقة.فاعلموا أن الحب لا ينشأ بالتصنع والتكلف بل هو قوة من القوى الإنسانية، وحقيقته أن ينجذب القلب إلى شيء يُعجبه، وكما أن خواص كل شيء تظهر ببداهة عند بلوغه الكمال، فالحال نفسه للحب أيضا، إذ تتبدى جواهره بجلاء عند بلوغه أتم الدرجات وأكملها، فالله تعالى يقول: ﴿أَشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ٤٦ أي أنهم أحبوا العجل لدرجة كأنهم أشربوه كالشراب.والحقيقة أن الإنسان حين يحب أحدا حبا كاملا فكأنه يشربه أو يأكله، ويتصبغ بأخلاقه وسلوكه، وينجذب إلى التصبغ بصبغة حبيبه بقدر ما يحبه، حتى يصبح مظهرا لحبيبه.وهذا هو السر في اكتساب محب الله النور الإلهي ظليا بحسب سعته.أما الذين ង ។ البقرة: ٩٤
114 نور القرآن يحبون الشيطان فيكسبون الظلام الذي في الشيطان.فإذا كانت هذه هي حقيقة الحب فمتى كان ممكنا للكتاب الصادق المنزل الله أن من يسمح لنا أن نحب الشيطان كما ينبغي أن نحب الله، وأن نخص أولياء الشيطان بحب يجدر به أولياء الرحمان؟ من المؤسف أننا كنا نملك قبل هذا دليلا واحدا على بطلان الإنجيل وهو اتخاذه الإنسان الضعيف الذي هو حفنة من التراب إلها، والآن توفرت لنا دلائل أخرى أيضا وهي أن تعاليمه الأخرى أيضا سيئة، فهل يمكن أن يعدّ من التعليم المقدس أن أحبوا الشيطان كما تحبون الله الله وإن قيل بأن هذه الأمور خرجت من فم يسوع سهوا ٤٧ لأنه كان لا يعرف فلسفة الإلهيات"، فهذا العذر سخيف وباطل، لأنه إذا كان عديم المعرفة لهذا الحد فلماذا ادعى إصلاح القوم؟ فهل كان طفلا يجهل أن حقيقة الحب تقتضي بالضرورة أن يُعجب الإنسان بشمائل حبيبه وأخلاقه وعباداته بصدق القلب، وأن يسعى بالروح والقلب للتفاني فيها لينال بالتفاني في حبيبه الحياة التي يتمتع بها حبيبه، فالمحب الصادق يتفانى في حبيبه، ويتجلى من خلال حبيبه، ويعكس صورته في نفسه وكأنه يشربه، ويقال إنه بالتفاني فيه والاتصاف بصفاته وبالتمسك به يبرهن للناس على أنه ٤٧ العقائد المتعلقة بالله الله.(من المترجم)
نور القرآن 110 في الحقيقة قد ضاع في حبه.الحب كلمة عربية وتعني في الحقيقة الامتلاء، فحين يريد العرب أن يعبّروا عن امتلاء بطن الحمار ماءً يقولون: "تحبَّب الحمارُ ، وحين يريدون أن يقولوا إن الجمل شرب ماء كثيرا حتى امتلأ بطنه وارتوى يقولون شربت الإبلُ حتى تحببت.أما الحب فهي أيضا مشتقة هذا، من ويعني أنه امتلأ بصفات الحبة السابقة.وكذلك يقال للنوم الإحباب، لأن الذي سيمتلئ بغيره فسوف يُفني نفسه، وكأنه سينام ولن يبقى لديه الشعور بنفسه، فإذا كانت هذه حقيقة الحب فالإنجيل الذي يعلم حب الشيطان أيضا وحزب الشيطان يعلم أتباعه بتعبير آخر الله المشاركة في أعمالهم السيئة فواها لهذا التعليم، أنى يكون من هذا التعليم الذي يريد أن يجعل الإنسان شيطانا، وقى الله الجميع من تعليم الإنجيل هذا.وإن سأل أحد إذا كان حب الشيطان ومظاهره والمتصفين بصفاته حراما، فبأي خُلق ينبغي أن نتعامل معهم؟ فجواب ذلك أن كلام الله الا الله المقدس القرآن الكريم يعلمنا أن نواسيهم مواساة تامة، مثلما يُشفق الإنسان رحيم القلب على المجذومين والعميان والمعاقين والعرج وغيرهم من المتألمين، والفرق بين الشفقة والحب أن المحب ينظر إلى أقوال حبيبه وأفعاله بنظرة الإعجاب، ويحب أن
١١٦ نور القرآن يتصف هو أيضا بصفاته، بينما ينظر المشفق إلى المشفق عليه بنظرة العبرة والخوف، ويخشى أن يقضي على ذلك المصاب وضعه المشفق التعيس.ومن علامات المشفق الحقيقي أنه لا يتعاطف مع عليه دوما، بل يتعامل معه بحسب مقتضى الحال والمناسبة، فأحيانا يتعامل معه برفق وأحيانا أخرى بقسوة أحيانا يقدّم له العصير وأحيانا يرى حياته في قطع اليد أو الرجل كطبيب حاذق، وأحيانا يجرح أي عضو آخر له وأحيانا يضع على جروحه مرهما، فإذا شاهدت أعمال الطبيب المختص في مستشفى كبير حيث يأتي مئات المرضى فمن المأمول أن تفهم معنى المشفق، فإنما القرآن الكريم يعلمنا أن نحب الأبرار والأخيار ونشفق على الفساق والكفار، ويقول الله عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنتُمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ٤٨ الله أي يا أيها الكفار إن هذا النبي يشفق عليكم لدرجة أنه لا يتحمل أن تحزنوا وهو يطمع في أن تتخلصوا من البلايا.ثم يقول الله لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٤٩ أي هل ستهلك نفسك حزنا على عدم إيمانهم؟ فالمراد: إنّ شفقتك قد بلغت درجةً أشرفت بها على الهلاك خوفا عليهم.ثم يقول في آية أخرى ٤٨ ٤٩ التوبة: ١٢٨ الشعراء: ٤
نور القرآن ۱۱۷ تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أي إنما المؤمنون الذين ينصح بعضهم بعضا بالصبر والمرحمة أي يقولون: اصبروا على الشدائد، وأشفقوا على عباد الله، فالمراد من "المرحمة" هنا أيضا الشفقة، لأن المرحمة في اللغة العربية واردة بمعنى الشفقة، فالمعنى الأصلي للتعليم القرآني، أن الحب الذي حقيقته التصبغ بصبغة الحبيب لا يجوز بحق أحدٍ غير الله والصالحين، بل هو حرام قطعا لغيرهما، كما قال وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ" ويقول يَا الله أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ كما يقول في آية أخرى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ٥٣ أي لا تحبوا اليهود والنصارى ولا تحبوا كل من هو ليس صالحا، فحين يقرأ النصارى الأغبياء هذه الآيات ينخدعون ويزعمون أن المسلمين أمروا بألا يحبّوا النصارى وغيرهم من الذين لم يؤمنوا، لكنهم لا يعرفون أن كل كلمة تُستخدم في محلها، فلا يصح حبُّ المرء للفساق والكفار إلا إذا نال نصيبا من كفرهم وفسقهم.٥٠ ۵۱ ۰۲ البلد: ۱۸ البقرة: ١٦٦ المائدة: ٥٢ ه آل عمران: ۱۱۹
۱۱۸ نور القرآن فالذي علم أتباعه أن يحبّوا أعداء دينه لهو جاهل غبي.ولقد كتبنا مرارا وتكرارا أن من الحب والمودة أن ينظر المرء إلى قول من يحبه وفعله وعادته وخلقه ودينه بنظرة الإعجاب، وأن يفرح به وأن يتأثر به، ومن المستحيل أن يصدر ذلك من المؤمن بحق الكافر أبدا، إلا أن المؤمن يشفق على الكافر ويخصه بجميع مظاهر المواساة، ويواسيه على جميع أمراضه المادية والروحانية، كما يقول الله مرارا ما معناه واسُوا الجميع دون تمييز بسبب الدين أو العرق وأطعموا الجائعين وفكوا رقاب العبيد، وسددوا ديون المقترضين وتحملوا أوزار المثقلين، وأدّوا حق المواساة الصادقة تجاه بني البشر.ويقول الله إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى..كما تحسن الأم الرؤوم إلى ولدها أو يواسي القريب قريبه لمجرد عاطفة القرابة.ويقول عليها الله لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ أي حين نهاكم الله العن النصارى وغيرهم فلا تظنوا أنه قد نهاكم عن برهم والإحسان إليهم ومواساتهم، كلا بل إنّ الذين لم يحاربوكم لقتلكم، ولم حب ٥٤ ٥٥ النحل: ۹۱ الممتحنة: ٩
نور القرآن ۱۱۹ يُخرجوكم من أوطانكم فأحسنوا إليهم سواء كانوا من النصارى أو اليهود وواسوهم واعدلوا معهم لأن الله يحب من يقوم بذلك.ثم يقول لا إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاحِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )...فإنّ مصادقة هؤلاء حرام لأنهم يتمنون القضاء على الدين.٥٧ ثمة نقطة تجدر بالذكر هنا وهي أن التولي هي الصداقة في اللغة العربية والتعبير الآخر لها المودة، ومن مظاهر الصداقة الحقيقية والمودة النصحُ والمواساة.فيجوز للمؤمنين أن يصادقوا النصارى واليهود والهندوس ويواسوهم وينصحوا لهم ويُحسنوا إليهم، غير أنه لا يمكن أن يحبّوهم، فتذكرو هذا الفرق الدقيق جيدا.ثم اعترضت أن المسلمين لا يحبون الله أيضا حبا خاليا من المصالح، ولم يعلموا أن الله جدير بالحب لمحاسنه الذاتية.٥٧ الممتحنة: ١٠ ملحوظة: إن التاء في التولي تشير إلى التكلف الدال على المغايرة، أما الحب فلا تبقى فيه أي مغايرة.منه
۱۲۰ نور القرآن أما الجواب: فليتضح أن هذا الاعتراض يرد في الحقيقة على الإنجيل، لا على القرآن الكريم، لأن الإنجيل لم يعلم أتباعه قط أن يحبّوا الله حبا ذاتيا، ويعبدوه بدافع الحب الذاتي، أما القرآن الكريم فزاخر بهذا التعليم؛ فقد قال بصراحة فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ (البقرة : (۲۰۱) وقال (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا الله أي من مزايا المؤمنين أنهم لا يحبون آباءهم ولا ۵۸ • أمهاتهم ولا أحباءهم الآخرين ولا أنفسهم حبهم الله وقال: الله حَبَّبَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى." هذه الآية تتحدث عن حق الله وحق العباد وكمال بلاغتها أن الله تعالى صرح فيها عن نوعي الحقوق كليهما.أما حق العباد فقد سبق أن تكلّمنا وأما معنى الآية بخصوص حق الله الله فهو أن تطيع الله الله مراعيا العدل، لأن الذي خلقك وربّاك ولا يزال يربيك كل حين إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ قُلُوبِكُمْ وقال إن الله عنه، هو نفسه إله، فالإنجيل لا يعتبر بحسب الإنجيل كل فاسق وفاجر ابن الله بل أحدا ابن الله لكونه يحب الله حبا كاملا، بل إن الزناة أيضا أبناء الله وبناته بحسب الكتاب المقدس.منه.۰۹ 7.البقرة: ١٦٦ ٦٠ الحجرات: ٨ النحل: ۹۱
نور القرآن ۲۱ وآن يستحق أن تطيعه ولو كانت عندك بصيرة أكبر فعليك أن تطيعه ليس لمجرد مراعاة الحق بل بمراعاة الإحسان، لأنه الله محسن، وإحساناته ومننه لا تعد ولا تحصى.وواضح أن فوق العدل درجةً يُراعى فيها الإحسانُ أيضا عند الطاعة، ولما كان المرء يلاحظ كل حين وآن صورةً المحسن وشمائله وخصاله ويطلع عليها وهي تظل ماثلة أمام ناظريه هذا من تعريف الإحسان أن يعبد الله كأنه يراه • وإنّ مطيعى الله ينقسمون في الحقيقة إلى ثلاثة أقسام: أولا : الذين لا يلاحظون الإحسان الإلهي جيدا لكونهم محجوبين وغير ناظرين إلا إلى الأسباب ولا يتولد فيهم الحماس الذي ينشأ نتيجة النظر إلى عظمة الإحسان، كما لا يتحرك فيهم الحب الذي ينشأ نتيجة تصور المنن العظيمة للمحسن، ويسلّمون بحقوق الخالق لمجرد النظرة الإجمالية إليه، ولا يلاحظون أبدا تفاصيل الإحسان الإلهي التي إذا ألقى المرء عليها نظرةً دقيقة يصبح ذلك المحسن الحقيقي ماثلا أمام عينيه، ذلك لأن حجاب عبادة الأسباب يمنعهم من رؤية الوجه الكامل لذلك المسبب الحقيقي، فلا تتوفر لهم النظرة النقية التي يمكن أن يروا بها جمال المعطي الحقيقي بالكامل، فمعرفتهم الناقصة تكون مشوبة بكَدَر مراعاة الأسباب.فبسبب وعدم قدرتهم على مشاهدة مِنَن الله لا يعيرون الله الا التفاتا ذلك
۱۲۲ نور القرآن تتطلبه مشاهدة المنن، التي بها تمثل صورة المحسن أمام العين بل تكون معرفتهم غامضة.وسبب ذلك أنهم يتكلون على جهودهم تكلفا بأن حق واجب عليهم وأسبابهم بالإضافة إلى إيمانهم الله لكونه خالقهم ورازقهم، ولما كان الله الله لا يكلف نفسا إلا وسعها من الفهم، لهذا يطالبهم بأن يشكروا حقوقه ما داموا في هذه الحالة، وإن المراد من العدل في: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ هذه الطاعة بمراعاة العدل.لكن هناك درجة أكبر لمعرفة الإنسان وهي كما بينا آنفا أن ومنته منزها يتمكن نظر الإنسان فيها من رؤية يد فضل الله وطاهرًا من رؤية الأسباب كليا.وفي هذه المرتبة ينسلخ الإنسان عن حُجب الأسباب تماما، وتبدو باطلة تماما كما الأقوال التالية: كانت مزرعتي جيدة وكان الحصاد جيدا بسبب سقايتي، أو قد حققت نجاحا وأرباحا بقوة ساعدي، أو بفضل فلان تحقق لي المطلب الفلاني، وبفضل اعتناء فلان نجوت من الهلاك...ويرى الإنسان ذاتا واحدة وقدرة وحيدة ومحسنا وحيدا ويدا وحيدة، وعندئذ يتمكن المرء من مشاهدة بنظرة صافية لا تشوبها منن الله أدنى شائبة من الشرك في الأسباب.وهذه المشاهدة يقينية وصافية بحيث لا يظن المرء أن ذلك المنّان غائب عن عينه عند عبادته، بل
نور القرآن ۱۲۳ يعبده يقينا منه بأنه حاضر، وهذه العبادةُ سُميت في القرآن الكريم إحسانا، وهذا هو المعنى الذي بينه النبي نفسه للإحسان حصرا في الصحيحين.وبعد هذه الدرجة هناك درجة أخرى تسمى "إيتاء ذي وتفصيل ذلك أن الإنسان حين يلاحظ منن الله نازلةً القربى" ٦٢١ عليه لمدة من الزمن دون مشاركة الأسباب، ويظل يعبده إيمانا منه بأنه موجود ومحسن بلا واسطة فهذا التصور والخيال يؤدي أخيرا إلى أن ينشأ لديه حب ذاتي لله الله، لأن ملاحظة منن الله المتواترة بانتظام تؤثر في قلب الشخص الممتن تدريجيا، فيمتلئ بالحب الذاتي للذي غمرته مننه غير المحدودة، ففي هذه الحالة لا يعبده بدافع الامتنان فحسب بل يترسخ في قلبه حبُّه الذاتي، تماما كما يحب الطفل أمه حبا ذاتيا، ففي هذه المرحلة لا يتمكن عند العبادة ٦٢ هذه ملحوظة: إن مرتبة إيتاء ذي القربى تنشأ إثر ملاحظة المنن المتتالية، ففي المرتبة ينشأ في قلب العابد حب ذات البارئ كاملا، وتختفي رائحة الأغراض النفسانية وبقيتها نهائيا.والحقيقة أن أصل الحب الذاتي ومنبعه شيئان: (1) أولهما أن يُكثر المرء من مطالعة جمال أحد بالتأمل في جماله وأسارير وجهه وملامحه وشمائله كل حين وآن ويتصوره مرارا.(۲) والثاني أن يُكثر من التأمل في مِننِ متتالية من أحد، وذكر أنواع وتعظيمه تلك المنن.منه ألطافه و مننه
١٢٤ نور القرآن ٦٤ من رؤية الله فحسب بل يتمتع بالنظر إليه ل كالعشاق الصادقين، وتنعدم جميع الأغراض النفسانية ويتولد فيه حبُّه الذاتي.وهذه المرتبة عُبر عنها بلفظ : "إيتاء ذي القربى" وإلى ذلك قد أشار الله في آية (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) ٦٣ باختصار؛ هذا هو تفسير آية إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى.وقد بين الله فيها المراتب الثلاثة لمعرفة الإنسان، وسمى المرتبة الثالثة مرتبة الحب الذاتي.وهذه المرتبة التي تحترق فيها جميع الأغراض النفسانية ويمتلأ القلب بالحب امتلاء الزجاجة بالعطر.وإلى هذه المرتبة أشير في آية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ..أي أن الله رؤوف بمثل هؤلاء العباد.٦٦ وقال : بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ مُحْسِنُ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ وَهُوَ ។ ។ يَحْزَنُونَ ) أي سينال النجاة أولئك الذين يسلمون نفوسهم الله ٦٣ ٦٤ البقرة: ٢٠١ النحل: ۹۱ البقرة: ٢٠٨ ملحوظة: إن شراء النفس يشمل وقف العبد حياته وراحته من أجل إظهار الجلال الإلهي وخدمة الدين.منه.٦٧ البقرة: ١١٣
نور القرآن ١٢٥ ويعبدونه لنعمه وكأنهم يرونه، فهؤلاء يأخذون أجرهم من الله ولا يخافون ولا يحزنون إن هدفهم الوصول إلى الله والفوز بحبه وأجرُهم النّعمُ عند الله.ويقول في آية أخرى: (يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا.فالجدير بالتأمل هنا كم يتبين جليا من هذه الآيات أن القرآن الكريم وصف أسمى درجة لعبادة الله والأعمال الصالحة بأن يبتغي المرءُ حب الله ورضوانه بصدق القلب، غير أنه ينشأ السؤال هنا: هل يوجد في الإنجيل هذا التعليم الرائع السامي المفصل بمنتهى الجلاء؟ ونؤكد لكل واحد أن الإنجيل لم يبينه بهذا التفصيل والوضوح قط، وإنما سمى الله الله هذا الدين إسلاما لأنه يعلم الإنسان أن لا يعبد الله لأغراض نفسانية بل ينبغي أن يعبده بحماس فطري، لأن الإسلام يعني الرضا بالقضاء والتخلّي عن جميع الأغراض.ليس في العالم دين غير الإسلام أفصح بهذه الأهداف، صحيح أن الله قد وعد المؤمنين بأنواع النعم المختلفة تأكيدا على رحمته لهم، غير أن المؤمنين الذين يريدون أسمى الدرجات علمهم أن يعبدوا الله بحب ذاتي، بينما الإنجيل يضم شهادات صريحةً على أن حواربي يسوعكم كانوا طماعين وذوي ٦٨ الإنسان: ۹-۱۰
١٢٦ نور القرآن عقول سطحية، فأوتوا الهداية بحسب عقولهم وهممهم، وكذلك وجدوا يسوع أيضا مثلهم، الذي نهى البسطاء عن العبادة خادعا إياهم بانتحاره! إن قلت إنّ الإنجيل حين علم أن يقولوا لله أبا فقد أشار إلى الحب الذاتي ! فهذه الفكرةُ باطلة تماما؛ لأننا نعرف بتدبر الأناجيل أن المسيح استخدم كلمة "ابن "الله" على وجهين: (۱) أولا كانت في زمن يسوع قديمة أن الإنسان الذي ينجز أعمال الرحم عادة والبر ويتعامل مع الناس برفق ويحسن إليهم فهو يقول صراحة "إني ابن الله"، ويقصد بهذه الكلمة أنه كما الله الله الصالحين يرحم والسيئين ويستفيد بشمسه وقمره وغيثه جميع الطيبين والخبيثين على سواء، فمثل ذلك من عادتي أن أبرّ الجميع، وإنما الفرق أن الله كبير في هذه الأعمال وأنا صغير.كما أن الإنجيل هو الآخر وصف الله أبا من منطلق كونه كبيرا ووصف الآخرين أبناء لكونهم صغارًا، لكنهم يستوون مع الله في أصل الأمر؛ أي قد قبل التفاوت في الكمية، أما في الكيفية فقد ظل الابنُ والأب سيين، وهو شرك ده الكتاب الكامل القرآن الكريم بمثل هذا فلذلك خفي، لم يسمح الكلام، فكان جائزا عند اليهود لكونهم في الحالة الناقصة، واستخدمه يسوعُ أيضا في كلامه تقليدا لهم.فكثير من مواضع
نور القرآن ۱۲۷ الإنجيل تتضمن مثل هذه الإشارات أن "ارحموا مثل الله"، و"كونوا مصلحين مثل الله"، و"تعاملوا كالله الله الأعداء أيضا كما مع تتعاملون مع أصدقائكم، فسوف تُدعون أبناء الله، لأن عملكم سيُشبه عمله له ، وإنما الفرق بينكم وبينه أنه لكونه كبيرا عُدَّ لال"، بمنزلة الإله الأب، وأنتم لكونكم صغارا عُددتم بمنزلة الأبناء، فهذا التعليم اقتبس في الحقيقة من كتب اليهود، ولهذا يعترض اليهود حتى الآن أن ذلك سُرق من الكتاب المقدس وسُجِّل في الإنجيل.على كل حال فهذا التعليم ناقص من ناحية، ومن ناحية أخرى لا علاقة للابن من هذا النوع بالحب الذاتي.(۲) هناك بيان سخيف في الإنجيل للنوع الثاني من الأبناء، كما ورد في يوحنا إصحاح ۱۰ العدد ٣٤ ؛ ففي هذا العدد قد جعل كل واحد مهما كان نذلا - إلها دع عنك الابن، وقدم الدليل أن بطلان الصحف مستحيل باختصار، قد تناول الإنجيل بدافع تقليد شخص واحد تعبيرا مشهورا في قومه بالإضافة إلى ذلك، الخطأ تماما أن يوصف الله أبًا، ومن سيكون أكثر غباء وإساءة من من الذي استخدم كلمة الأب بحق الله ، وقد بينا هذا البحث في ٦٩ النص المشار إليه هو : {أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ } (إنْجِيلُ يُوحَنَّا ١٠: ٣٤) (من المترجم)
۱۲۸ نور القرآن كتاب "منن الرحمن" بإسهاب بفضل الله، فسيتبين عليك أن إطلاق كلمة الأب على الله الله طريق خبيث وقذر جدا، ولهذا قال القرآن الكريم إفهاما أن اذكروا الله بحب كذكركم آباءكم، ولم يقل في أي موضع أن اعتبروا الله أبا في الحقيقة.وثمة نقص آخر في الإنجيل؛ إنه لم يعلّم في أي موضع أن الطريق الأسمى للعبادة هي أن لا تكون بدافع الأغراض النفسانية، وإنما علم دعاء لطلب الخبز، أما القرآن الكريم فقد علَّمنا دعاءَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم أَي ثبتنا على طريق الأنبياء والصديقين ومحبي الله، بينما يعلم الإنجيل: "خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ "٧٠.لقد قرأنا الإنجيل كله فليس فيه أي أثر لهذا التعليم السامي.V.إِنْجِيلُ مَتَّى ٦ : ١١
نور القرآن ۱۲۹ الاعتراض الخامس "لقد وقع نظر محمد على امرأة، فجاء إلى بيته وجامع زوجته سودة، فكيف يكون الأكمل من لا يملك نفسه إثر رؤيته امرأةً، ما لم يضاجع زوجته ويشبع هوى نفسه."؟ أقول : : إن الحديث الذي أساء المعترض فهمه هو في صحيح مسلم ونصه : عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِينَةٌ لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ.۱ ۷۱ هذا الحديث لم يذكر سودة ،البتة، وإنما معنى الحديث أن النبي ﷺ رأى امرأة فجاء إلى زوجته زينب وكانت تمعس جلد مدبوغا، فقضى حاجته.فهذا الحديث لم يذكر قط أن النبي ﷺ أعجب بجمال تلك المرأة، بل لم يصرح الحديث إن كانت شابةً أو عجوزا، كما لا من هذا الحديث أن النبي جامع زوجته، وإنما كانت العبارة يثبت "فقضى حاجته" وهي لا تعني في اللغة العربية المضاجعة حصرا.فمن معاني قضاء الحاجة التغوط أيضا، ولها معانٍ أخرى.من أين علمت أنه جامع زوجته؟ فتخصيص كلمة عامة في معنى معين يدل صراحة على نية فاسدة بالإضافة إلى ذلك إن الرواية لم ترو بلسان ۷۱ صحیح مسلم، كتاب النكاح، ٢٤٩١
نور القرآن ۱۳۰ النبي بحيث قال: "إني إثر رؤيتي امرأة جامعت زوجتي"، فالحقيقة تنحصر في أن هناك رواية في صحيح مسلم رواها جابر، أي إذا رأى أحدكم امرأةً وأُعجب بها، فخير له أن يأتي بيته فورا ويجامع زوجته، لئلا يخطر بباله أي سوء ويتم العلاج احتياطا، فمن المحتمل أن أحد الصحابة قد رأى النبي - بعد سماع هذا الحديث منه - قد اعترضت له امرأةٌ ما في الطريق، ثم عرف مصادفة أنه قد جامع امرأته أيضا، ففهم باجتهاده وظن أن النبي ﷺ قد عمل بهذا الحديث.ثم لو افترضنا أن ذلك القول للصحابي كان صحيحا، فاستنتاج السوء من ذلك حُبث ووقاحة أما الحقيقة أن الأنبياء عليهم السلام يحرصون جدا على أن يرسخوا في قلوب الناس كل برّ وحسنة من خلال أسوتهم، فأحيانا يقومون بعمل البر والتقوى تنازلا، ويقصدون به تقديم أسوة فحسب إذ لا تكون نفوسهم بأي حاجة إلى ذلك، كما نجد هذا الأمر عند الحيوانات أيضا في مرآة قانون الطبيعة؛ فالدجاجة مثلا تتصنّع النقر بمنقارها بهدف تعليم أفراخها كيف ينبغي الأرض.فمن واجب المعلم الكامل أن يقدم الأسوة عمليا.وليس كل فعل للمعلم يشكل معيارا لحالته القلبية، بالإضافة إلى أنه إذا وقع نظر المرء على جميل بالمصادفة فاعتباره جميلا ليس عيبا في حد ذاته، غير أن الخواطر السيئة تعادي التقاط الحبة من
نور القرآن ۱۳۱ التقدس الكامل، وأما الذي يسلك طرق التقوى الدقيقة احتياطا قبل نشوء الخواطر السيئة، ليبتعد عن الأخطار، فهل عمله هذا ينافي الكمال؟ إن تعليم القرآن الكريم سام جدا حيث قال إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ ) ٧٢ فلا شك أن مِن أسمى مراتب التقوى أن يتخذ الإنسان التدابير سعيا لتفادي الأخطار قبل ظهورها.وإن ادّعى أحد أن الكُمَّل في كل حال يكونون محفوظين من الأخطار فلا حاجة لهم لاتخاذ التدبير فهذا الادعاء مجرد حمق، ويدل على قصور المعرفة، لأن الأنبياء لا يعقدون العزم القلبي على ارتكاب أي إثم أو معصية حتى لثانية واحدة فهو في نظرهم من الكبائر، غير أن القوى الإنسانية يمكن أن تُظهر خواصها فيهم أيضا، وإن كانوا قد عُصموا نهائيا من الإصرار على الخواطر السيئة.فمثلا إذا كان نبي قد جاع بشدة ووجد في الطريق أشجارا مثقلة بالثمار فنحن نؤمن بأنه لن يمد يده إلى قطف الثمار دون إذن أصحاب الأشجار، ولن يعزم قلبيا على قطفها، غير أنه من المحتمل أن يخطر بباله أنه لو كان هو صاحب هذه الأشجار لأكل منها، فمثل هذه الفكرة لا تنافي الكمال.لعلك تتذكر أن إلهكم المحترم لم يصبر على عذاب جوع خفيف فاندفع إلى شجرة التين! فهل يمكنك أن تثبت أن تلك الشجرة ۷۲ الحجرات: ١٤
۱۳۲ نور القرآن كانت ملكا له أو لوالده؟ فإن الذي لم يتمالك نفسه عند رؤيته شجرة غيره، وهرع إليها لإشباع بطنه، غير جدير بأن يُعد من الكمل فضلا عن أن يكون إلها بحسب قولكـ باختصار، أن يخطر ببال المرء أن الشيء الفلاني جميل أمر آخر.فمن رزقه الله العينين فهو يستطيع أن يميز القبيح من الجميل والزهرة من الشوكة، فربما إلهكم لم يُفطر على هذه القوة المميزة، غير أنه اندفع لإشباع شهوة البطن إلى شجرة التين، دون أن يفكر من صاحبها.ومما يثير العجب أن لا يقال للسكير والأكول الشره والشريب بأنه شهواني، أما ذلك المقدس الذي كانت حياته وكل عمل له الله يصفه أنجاس هذا العصر بمتبع الشهوات، إن هذا الزمن يسوده ظلام عجيب.من نماذج أسمى تعاليم الإسلام نهيه عن النظر إلى أي امرأة عن قصد أبدا، لأنه يؤدي إلى سوء النظر، أما إذا وقع النظر مصادفة على امرأة جميلة فرآها جميلة فعلى المرء أن يصرف نفسه عنها بجماع زوجته، تذكروا أن هذا التعليم والأمر إجراء وقائي.فهل يمكن أن يقال عمن تناول وقائيا دواء الكوليرا مثلا في أيام وباء الكوليرا المتفشية إنه أصيب بالكوليرا؟ أو قد ظهرت عليه علامات الكوليرا؟ بل سوف يعدّ ذلك من فطنته، ويُحسب أنه يكره هذا المرض بالطبع ويريد أن يبتعد عنه.
نور القرآن ۱۳۳ ولن يوافقك أحد في أن اتخاذ سبل التقوى نقيض للكمال، فلو لم يقدم الأنبياء نماذج التقوى فمن يمكن أن يقدمها.إلا أن أكثر الناس خشيةً أكثرهم اتقاء، وهو الذي يبتعد عن السوء ويترك السبل التي فيها احتمال السوء لكن ماذا نقول بحق يسوعكم وماذا نكتب عنه وحتام نبكي على حاله؟ هل كان يليق به أن يُتيح الفرصة لزانية جميلة حاسرة الرأس أن تجالسه في عز الشباب وبمنتهى الدلال والغنج وتمس رأسه بشعرها وتدهن رأسه بعطر اشترته من دخل حرام؟ فلو كان الأفكار السيئة، لنهى حتما امرأة عاهرة من أن خاليا من قلب يسوع تقترب منه، غير أن الذين يتمتعون بملامسة المومسات، لا يسمعون أي نصح لناصح في مثل هذه الثوائر النفسانية.انظروا كيف أراد صالح غيور أن ينهى يسوع نصحا له بأن هذا التصرف لا يليق به، لكن يسوع أدرك من عبوسة وجه ذلك الصالح أنه يتذمر من تصرفه ذلك، فصرف اعتراضه في الحديث كالسكارى وادعى أن تلك مخلصة جدا، وقال له : إنك أيضا لم تبلغ إخلاصها.فواها لهذا المومس ومخلصة الجواب الرائع ! فقد قال يسوعُ بحق مومس مدحا إنها سعيدة جدا.فمن ناحية ادّعى الألوهية ومن ناحية ارتكب هذه التصرفات غير اللائقة.فأي تقوى وصلاح يرجى ممن كان دوما يسكر بالخمر وله علاقات بالمومسات، وهو شره فهم لدرجة أنه قد اشتهر بين
نور القرآن الناس بالأكول؟ انظروا إلى تقوى سيدنا ومولانا أفضل الأنبياء خير الأصفياء محمد المصطفى الهلال و الذي كان يمتنع حتى من مصافحة النساء الصالحات الطاهرات اللاتي كن يأتين مبايعات، بل كان ينصحهن بالتوبة شفويا جالسا بعيدا عنهن.أما الذي لا يتورع عن ملامسة الشابات بحيث تجلس مومس قربه كأنه يتأبطها إذ تمد يدها طورا لتدهن رأسه بالعطر وتارة تمسك بقدميه، وأحيانا تنشر شعرها الجميل الأسود على قدميه وتداعبه في حضنها، ويسوع في هذه الحالة جالس في حالة الوجد، وإذا اعترض عليه أحد وبخه !! والأغرب في الأمر أنه ومدمن على شرب الخمر وعازب وأمامه مومس فاتنة تلامس فأي عاقل وتقي سيعده من طاهري الباطن؟ فهل هذه التصرفات تليق بالصالحين؟ وأي دليل على أنه حين لامسته المومس لم تثر شهواته؟ من المؤسف أن يسوع لم تتح له مجامعة أي زوجة له عند وقوع النظر على تلك الفاسقة، فيمكن تقدير كم من ثوائر نفسانية كانت قد ثارت بملامسة الزانية الشقية ودلالها ومداعبتها؟ وعملت الشهوات المثارة عملها، ولهذا لم يخرج من فم يسوع حتى القول: أيتها المومس، ابتعدي عني، وثابت من الإنجيل أن تلك المرأة كانت شاب جسمه - من المومسات وكانت مشهورة بأعمال الدعارة في المدينة كلها.
نور القرآن الاعتراض السابع " إباحة المتعة ثم تحريمها.۱۳۵ أما الجواب: إن النصارى السفهاء لا يعرفون أن الإسلام لم يروّج المتعة قط، بل قد عمل على تقليلها جهد المستطيع، فلم تكن عادة المتعة- أي عقد القران لمدة معينة ثم التطليق- سائدةً عند العرب فحسب، بل كانت عند أغلب الشعوب ومن أسباب انتشار هذه العادة أن الذين كانوا ينضمون إلى الجيش ويذهبون إلى بلاد أجنبية مع العسكر أو بموجب التجارة كانوا يعيشون في بلاد أجنبية مدة طويلة، كانوا يضطرون إلى القران المؤقت أي المتعة، وأحيانا كان السبب أن نساء البلد الأجنبي كن يخبرن سلفا أنه إذا تزوجهن أحدٌ فلن يخرجن معه، ومن ثم كان يُعقد القرآن لمدة معينة وكان يتقرر سلفا أن الطلاق سيحدث بعد تاريخ كذا وكذا.وصحيح أن بعض المسلمين أيضا عملوا بهذه العادة القديمة مرة أو مرتين لكن ذلك لم يكن بالوحي أو الإلهام بل قد عملوا " بالعادة القديمة السائدة في البلاد مؤقتا.فليكن معلوما أن المتعة كانت عقد قران مؤقت ۷۳ ٧٤ سهو، والصحيح: السادس.(من المترجم) ملحوظة: كان هذا العمل عند اضطرار شديد، فمثله كمثل تناول الجائع المشرف على الهلاك الميتة.منه
١٣٦ نور القرآن فحسب لا أكثر، وقد حرمه الوحي الإلهي أخيرا، فقد كتبنا في كتيب "الديانة الآرية عن ذلك بالتفصيل، لكنني أتعجب لماذا يتكلم النصارى عن المتعة التي هي قران مؤقت فحسب ولماذا لا ينظرون إلى سلوك يسوعهم الذي كان ينظر إلى الفتيات الشابات ولم يكن ذلك يليق به قط، فهل كان يجوز له أن يجالس المومس العاهرة؟! يا أسفا عليه لو كان متمسكا بالمتعة فقط لاجتنب هذه التصرفات غير اللائقة.هل مارست جدات يسوع العظيمات المتعة أم ارتكبن الزنا الصريح؟ نحن نسأل السادة النصارى كيف يمكن للدين الذي ليس فيه المتعة أي الزواج المؤقت ولا يسمح بالزواج الثاني، أن يصرف السيئة عن جنوده الذين لا يستطيعون أن يعيشوا حياة الرهبانية مراعين بذلك المحافظة على القوة، بل يشربون الخمور المثيرة للشهوات، ويتناولون أشهى الأطعمة وأروعها، لكي يبقوا نشيطين في إنجاز الأعمال العسكرية، مثلما تلاحظون كتائب الجنود البيض؟ وما هو القانون الذي علمهم الإنجيل إياه للمحافظة على عفافهم؟ وإذا كان هناك أي قانون قد ورد في الإنجيل علاجا لهؤلاء العرب، فلماذا أصدرت الحكومة الإنجليزية البند رقم ١٣ للقانون العسكري عام ۱۸۸۹م الذي مفاده السماح للجنود البيض بممارسة الرذيلة مع المومسات؟ حتى إن "السير" جورج "رايت" قائد أفواج الهند قد رغب
۱۳۷ نور القرآن أتباعه من الحكام أن يهيئوا النساء الجميلات الشابات ليزني بهن البيض، فواضح أن الحاجات هي التي أجبرت الحكام على تقديم مثل هذه المقترحات المخجلة.فلو كان في الأناجيل أي تدبير لما روجوا هذه الطرق الخبيثة بين جنودهم الشجعان تاركين الطريق المشروع.إن بركات تعدّد الزوجات في الإسلام قد حمت السلاطين المسلمين من هذه التدابير الخبيثة في كل زمن، إن الجنود المسلمين يجتنبون أعمال الحرام بالنكاح.إذا كان القساوسة يتذكرون تدبيرا خفيا من الإنجيل للحماية من عمل الحرام فليمنعوا الحكومة من هذا الطريق، لأن جريدة تايمز تحث بحماس على إصدار هذا القانون من جديد ثانية.وهذه الأمور كلها تشهد على أن تعليم الإنجيل ناقص ولم تراع فيه كل جوانب التمدن والبقية مستقبلا إن شاء الله.الراقم ميرزا غلام أحمد القادياني ***
۱۳۸ بسم نور القرآن الله الرحمن الرحيم، الحمد لله على ما مضى والحمد لله على ما بقي والصلاة والسلام على محمد خير الورى وأهل بيت المصطفى وعلى المؤمنين بنبيه المجتبى.فليتضح على أحبائي من المسلمين أنه قد وصلني في الآونة الأخيرة كتاب "نور الحق" من الإمام الهمام ميرزا غلام أحمد القادياني، فاطلعت عليه وقرأتُ بعض العبارات المتعلقة بمحمد حسين البطالوي، مما آسفني جدا وأحزنني على أنه على ذكائه وفهمه وكونه مشهورا في العالم وعلى تقبيله قدمي سيادة الميرزا لمدة طويلة وثنائه عليه، عاد دفعة واحدة بحيث أوصل الأمر إلى التكفير.انظر الفرق بين الثرى ،والثريا مع أن أوضاع الزمن تنكشف كالمرآة ويلاحظ أن الأمة الدجالية مشغولة في دجلها تماما ويتحقق باستمرار ما قال النبي..ومع ذلك لا يفهم مدلول "لكلّ فرعون موسى" وأنى له أن يفهم، فقد قال الله الا الله خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ".وهنا تتجلى قدرة الكبرياء أنه حين يريد أن يُضل أحدا فهو يخلق أسباب ذلك.فالأمور التي كان يعتبرها العلماء الباحثون نكات يعتبرها هذا الشيخُ كفرا، فهو ينسى أوضاع الزمن.إن الذي يرفع راية نبي آخر الزمان البقرة: ٨
نور القرآن ۱۳۹ ويحيي دينه ويؤيدنا وينصرنا ويبيد أعداء الدين ويعلن بأنه يستطيع أن يري الكرامة التي اندرست آثارها في العصر الراهن، يفتي بكفره هؤلاء كما كان يليق بهم - فويل للذين يفكرون على هذا النحو ! إن الكرامة في رأي الفلاسفة وعلماء الطبيعة في العصر الراهن لا تمثل شيئا يذكر.انظروا ما أعجب رأي أتباع مذهب الطبيعة، عندما يدور هذا البحث يقولون فورا بأنه ليس هناك كرامة، فإذا كان أحد يدعي الكرامة فليظهرها، أما أنا فأقول: إذا لم يكن للكرامات والمعجزات وجود فما هي النتائج التي تترتب على ذلك؟ فمن بواعث الشكر أن أمتنا التي كانت تتأرج الدوامة قد أخرجها منها ملاح بارع، وبدلا من أن يشكروه ويسلموا له يتهمونه بالكذب والمكر! إنني أقول- كما تبين لي وهو الحق إن الإمام الهمام ميرزا غلام أحمد القادياني اللي هو مجدد - الوقت، وأتمنى زيارته بمنتهى الشوق واللوعة، وأدعو الله الله ليل نهار : "يا إلهي إذا كنت قد أرسلت سيادة الميرزا بحق فشرفني أنا أيضا بزيارته لكي أُعدّ.من جماعة المؤمنين به".كنت مترددا أول الأمر، أما الآن فأقول يقينا بعد العثور على الإثبات الصحيح بأن ما كتبته صحيح وحق كلُّه وإنني أعتبره مجددا صادقا.والسلام الراقم عضد الدين من بتشهرايون في محافظة مراد آباد.في ************
أسماء السادة الحاضرين عند الإمام الكامل في هذه الأيام المولوي الحكيم نور الدين البهيروي الحكيم فضل الدين البهيروي المولوي قطب الدين من بدوملى نور القرآن 333 (٤) (°) (٦) صاحبزاده افتخار أحمد من لدهيانة صاحبزاده منظور محمد من لدهيانة المولوي عناية الله، المدرس في مانانوالة في محافظة غوجرانواله (V) القاضي ضياء الدين القاضيكوتي محافظة من غوجرانواله (v) خليفة نور الدين من جامون (9) السيد ناصر نواب الدهلوي ٧٦ (۱۰) الشيخ عبد الرحيم ٧٦ حاشية: الشيخ عبد الرحيم شاب صالح وتقي، ونحن أيضا ننظر إلى إيمانه وإسلامه بغبظة.لقد تعرض لابتلاءات كثيرة عند اعتناقه الإسلام لكنه أبدى عند الابتلاء الشديد ثباتا رائعا واستقام.واستقال من وظيفة مرموقة ابتغاء لمرضاة الله واعتنق الإسلام مبايعا على يد الإمام الكامل في قاديان فهو يحب القرآن الكريم
نور القرآن VV (۱۱) (۱۲) (۱۳) (١٤) (10) (17) (۱۷) الشيخ عبد العزيز " الحاج وريام الخوشابي ثناء الله الخوشابي المولوي خدا بخش الجالندهري عبد الكريم الخطاط الشيخ غلام محيي الدين الجهلمي، بائع الكتب الشيخ حامد علي 141 كثيرا وقد تعلم من المولوي عبد الكريم المحترم ترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيرة الله في بضعة أشهر.وأذكر هنا الشيخ عبد وهو شاب صالح تعلو أسارير وجهه آثار الرشد والتقى، فحين أسلم تعرض لابتلاءات كثيرة، منها أنه ناظر مرارا ليكهرام الآري فأصابه بهزيمة نكراء، كان آريا فارتد عن ذلك التعليم الفاسد وأسلم علنًا وبحماس وبايع إمام الزمان كان يقول لي بأنه قد نشأت لديه الرغبة في الإسلام إثر قراءته إزالة الأوهام" ثم حين تحققت النبوءة ضد أتهم في رجوعه إلى الحق أو الموت ولاحظ نجاته من الموت بعد رجوعه إلى الحق، وأسلم بصدق VV القلب وعرف إمام الزمان فالحمد لله على ذلك.(سراج الحق) ملحوظة: لقد تشرف الشيخ عبد العزيز أيضا باعتناق الإسلام قبل مدة في قاديان، فهو رجل صالح، فالفوز بالصلاح والتقوى في الشباب فضل إلهي محض، وبالإضافة إليه قد أسلم عدد من الناس، كما أسلم أربعة من النصارى، ويقيمون حاليا في لاهور (سراج الحق)
١٤٢ (۱۸) (19) (۲۰) (۲۱) (۲۲) (۲۳) (٢٤) (٢٥) (٢٦) (۲۷) (۲۸) (۲۹) ميرزا إسماعيل القادياني السيد محمد كبير الدهلوي خدا بخش، من ماروي في محافظة جهنك الحاج الحافظ أحمد الله خان الحافظ معين الدين المولوي غلام أحمد الكهبكي الحافظ قطب الدين من كوتله فقير جهلم المولوي السيد مردان علي الحيدر آبادي المولوي الشيخ أحمد الميرزا أيوب بيك العبد المتواضع سراج الحق.الشيخ فضل إلهي الكلانوري نور القرآن
نور القرآن تَعْرِفَةُ شراء "نور القرآن" ١٤٣ العدد الأول لنور القرآن الذي صدر لثلاثة أشهر كان الثمن السنوي الذي أُعلنَ عنه هو روبية واحدة، والآن تُلغى تلك التعرفة، وتقرر أن يقدم المشتري ثمن العدد عند نشره، وهذا العدد يمكن إرساله مقابل الدفع مباشرةً أو نقدا عن طريق حوالة بريدية، والذين يريدون إرسال الطوابع فليرسلوها بقيمة نصف قرش أو على الأكثر بقيمة قرش واحد ولا يرسلوها بقيمة أربعة قروش، أما المشترون من المدن البعيدة مثل مدراس أو بلد آسام أو البلاد المتوسطة البعد، فعليهم أن يرسلوا مع ثمن العدد قرشين إضافيين للبريد المسجل، وذلك تفاديا لخطر الضياع، فمن وصلته هذه المجلة فعليه أن يُريها الآخرين، وأن يسعى قدر المستطاع ليكون مشتروها أكثر عددا فالمجلة جديدة من نوعها للرد على أعداء الإسلام، فلن تجدوا أي مجلة بهذا الشأن والعظمة.ثمن العدد ٢ من مجلة نور القرآن هو نصف روبية.
١٤٤ نور القرآن كشف عبد الله الغزنوي رحمه الله عن الشيخ محمد حسين البطالوي لقد سمع تفصيله القاضي ضياء الدين المحترم من قرية قاضي كوت في محافظة غوجرانواله بأذنيه، فكتب ذلك وأرسله إلى الشيخ (البطالوي) لإصلاحه الروحاني فقط، فنود أن نسجله في هذا الكتيب.وإن كنا نثق يقينا بأن الشيخ لن يتأثر بسببه، لكننا نحسن الظن في بعض محبيه والذين يفكرون على شاكلته أنهم سينتفعون به، والله ولي التوفيق.وتفصيل ذلك الكشف ما هو مسجل أدناه.العبد المتواضع سراج الحق النعماني
نور القرآن ١٤٥ هو الهادي بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي المولوي محمد حسين تحياتي المحترم أما بعد، فإن نشاطك في تكفير سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود الليلة واعتبارك إياه ضالا في هذه الأيام، وقد سبق إيمانك بأنه مجدد الوقت، وقد نشطت في ذلك لدرجة أنك لم تبال العاقبة بمقالك المنشور في مجلتك إشاعة السنة بعنوان "الكفر والكافر"، وبسبب ذلك يتجلى بصراحة سوء العاقبة، وقد ذاب بسبب حبي لبني البشر، فأردتُ أن أنبهك الله على هذه الخصلة غير و قلبي المرضية عملا بالتوجيه النبوي الدين النصيحة"، لعل الله الرحيم الكريم يرحم.وبهذا الخصوص هناك إلهام تلقاه المرحوم عبد الله الغزنوي بحقك، وكان قد قرأه عليك في ذلك الزمن نفسه، ولا أعرف إن كنت تتذكره أم قد نسيته فأذكرك به مرة أخرى؛ فقد علمتُ جيدا أن المشايخ قلما يتأثرون بقول معاصريهم مهما كان مفيدا نافعا، وذلك المرحوم قد توفي وكنت قد بايعته أيضا، فليس من المستبعد أن تستفيد من إلهامه.وأنا العبد المتواضع لا أقصد من هذا سوى النصح ولم شمل المسلمين لا غير، وإنني أقسم بالله
١٤٦ نور القرآن وكفى بالله شهيدًا على أني قد سمعتُ هذا الإلهام من لسان المرحوم شخصيا.فاستمع إليه بتيقظ القلب من أجل الله، وهو هذا : رأيت أن محمد حسين لابس لباسا طويلا لكنه ممزق.وأوّل نفسه هذه الرؤيا أن المراد من ذلك اللباس العلم، وسيتمزق إربا، فكان يبين ذلك بلسانه ويشير بيديه من الصدر إلى ساقيه مرارا.ثم قال لي: يجب أن يقال له أنه ينبغي أن يتوب ولهذا كنتُ قد أطلعتك على ذلك عملا بتوصيته، ولكنك قد قلت لهذا المتواضع في مسجد الله تشينيانوالي بلاهور بلهجة ساخرة: "إن الناس يذهبون إلى عبد ليكونوا أولياء، فقل له أن يدعوني أنا أيضا." وبعد تلقي هذه الرسالة الإلهام المذكور أمام الشيخ "سفر"، وكنتُ قد أسمعتك إياه حرفيا في أمرتسر في منزل الحافظ محمد يوسف الذي كان يقيم فيه آنذاك الحافظ عبد المنان، وأتذكر جيدا أنك قد تأثرت به، حتى إنك قد تركت قراءة الكتاب الذي كنت تقرأه.وكنت قد ذكرتُ ذلك لسكان قريتي أيضا في تلك الأيام نفسها، ويمكن أن يشهدوا على ذلك.باختصار؛ قد تحقق هذا الإلهام الإنذاري في تلك الأيام، ونتائجه ظهرت الآن إذ قد افتضح علمك مقابل سيادة الميرزا، وثبت أن تباهيك بالتمكن من العلم كان مجرد ادعاء فارغ، فلا شك أن هذا الإلهام صادق.أيها الشيخ، قد ذكرتك مرة أخرى في الوقت
نور القرآن ١٤٧ المناسب، فاعتبر وتب وتخلَّ عن عداء هذا المصلح والمجدد والإمام الكامل والمسيح الموعود أيده الله، وإلا لن يكون في نصيبك إلا البكاء وصرير الأسنان.والآن لك الخيار.إذا لم تستمع إلى نصحي هذا اليوم فاعلم أنك ستواجه الندم غدا..وما علينا إلا البلاغ الراقم المسكين ضياء الدين عفا عنه VA ١٨٩٥/١٢/٢٠ ترجمة بيت شعر بالفارسية.(المترجم) VA
١٤٨ ملحوظة: نور القرآن لقد نشرت في بعض الطبعات عند نهاية نور القرآن رقم ٢ " الحاشية المتعلقة بالصفحة ١٦٤ بعنوان مرهم الحواريين الذي اسمه الآخر مرهم عيسى وحاشية عددها ثماني صفحات والحاشية على الحاشية المتعلقة بالصفحة ١٦٤ بعدد صفحتين، وهذه الحاشية تتعلق في الحقيقة بكتاب "ست بتشن"، لهذا لم نسجل كلتا الحاشيتين هنا في نهاية نور القرآن رقم ۲ وستنشر مع كتاب "القول الحق".شمس ***** *********