Language: AR
في هذا الكتيب الصغير قد أجرى سيدنا المسيح الموعود عليه السلام مقارنة في شتى الأديان من منطلق معيار الفطرة، ولا سيما في تعاليم الديانة الآرية، والمسيحية والإسلام عن الله سبحانه وتعالى، وعلمنا أن العقيدة الصحيحة والمتفقة مع الفطرة هي ما قدمها الإسلام حصرا. وبذلك أثبت أفضلية الإسلام وتفوق تعليمه على الأديان الأخرى
المقارنة بين الأديان في ميزان الفطرة حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي العليا ترجمة محمد أحمد نعيم
ISLAM INTERNATIONAL PUBLICATIONS LTD اسم الكتاب المقارنة بين الأديان الطبعة الأولى: ١٤٤٣هـ الموافق لــ ٢٠٢٢ An Arabic rendering of Risalah Mi'yarul-Mazaahib (The Criterion of Religions) Written by: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad, on whom be peace, the Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Ahmadiyya Muslim Jama'at Translated from Urdu by: Muhammad Ahmad Naeem First Published in the UK in 2022 Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd.Unit 3, Bourne Mill Business Park, Guildford Road, Farnham, Surrey, GU9 9PS United Kingdom Printed in the UK at: Raqeem Press Farnham, Surrey GU9 9PS For further information please contact: Phone: +44 1252 891330 Fax: +44 1252821796 www.islamahmadiyya.net ISBN: 978-1-84880-988-8
مقدمة الناشر بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم مقدمة الناشر يسعدنا أن نقدم لقراء العربية ترجمة سفر من تأليف سيدنا المسيح الموعود العليا وهو: كتيب المقارنة بين الأديان في ميزان الفطرة في هذا الكتيب الصغير قد أجرى سيدنا المسيح الموعود ال مقارنة في شتى الأديان من منطلق معيار الفطرة، ولا سيما في تعاليم الديانة الآرية، والمسيحية والإسلام عن الله ، وعلمنا أن العقيدة الصحيحة والمتفقة مع الفطرة هي ما قدمها الإسلام حصرا.وبذلك أثبت أفضلية الإسلام وتفوق تعليمه على الأديان الأخرى.لقد حظي بتعريب هذا الكتيب الداعية الإسلامي الأحمدي محمد أحمد نعيم وصدر بإشراف المكتب العربي المركزي بتعاون عدد من الإخوة العرب الذين أسهموا في أعمال المراجعة والتدقيق، ونخص بالذكر السيد خالد عزام، والدكتور علي خالد البراقي، والدكتور وسام البراقي المحترمين نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في نشر هذا الكتاب داعين أن يجزيهم الله أحسن الجزاء ويجعله في ميزان حسناتهم كما نسأل الله تعالى أن يوفق القراء الكرام للاستفادة من هذا الكنز ويجعله سببا لهداية الباحثين عن صراط الله المستقيم، آمين الناشر
المقارنة بين الأديان كتيب المقارنة بين الأديان وذكر منة الحكومة الإنجليزية من المستحيل أن تتسنى لسكان أي بلد فرصة لفحص الأديان واختبارها وتمييز الباطل من الصادق أفضل مما تسنت لنا في بلدنا البنجاب والهند.وإن المنة الأولى من منن الله الا الله بخصوص تأمين هذه الفرصة تمكينه الحكومة البريطانية من احتلال بلدنا هذا.وإن لم نشكر بصدق القلب لهذه الحكومة المحسنة التي بوجودها المبارك قد تسنت لنا فرصة نشر الدعوة وتبليغ رسالة الإسلام التي لم تسنح قبلنا حتى لأي ملك؛ سنكون ناكري الجميل وكافري النعمة.لأن هذه الحكومة المحبة للعلم قد أعلنت حرية الرأي بما لا يجدي البحث عن نظير ذلك في أي حكومة معاصرة أفليس من العجيب أننا نستطيع إلقاء الوعظ في تأييد الإسلام في أسواق لندن بما يستحيل تيسيره لنا في مكة المعظمة بالذات؟ وهذه الحكومة لم تمنح الحرية لكل أمة لنشر الكتب والدين فحسب، بل قد ساعدت بنفسها كل جماعة من خلال نشر العلوم والفنون، وقد فتحت عيون العالم بالتعليم والتربية.وإن كانت هذه المنة لهذه الحكومة ليست بسيطة يستهان بها، إذ أنها تحمي بصدق القلب أموالنا
المقارنة بين الأديان وأعراضنا وأرواحنا جهد المستطيع، وتفيدنا بهذه الحرية فائدة قد مات الكثيرون من مواسي الإنسانية متعطشين لها قبلنا؛ إلا أن منتها الأخرى أنها تحرص على أن تجعل وحوش الغابة الذين هم هي الأكبر منها شأنا أناس بالاسم فقط - متعلمين ومثقفين وذلك بتعليمها إياهم أنواع العلوم.نحن نلاحظ أن الذين كانوا أقرب إلى الأنعام والدواب وضعًا قد أحرزوا حظا من الإنسانية والفراسة والفهم نتيجة الجهود المتواصلة للحكومة، وقد تولد في معظم القلوب والعقول نور يتولد بعد الحصول على العلوم.إن اتساع نطاق المعلومات قد أحدث انقلابا في العالم.فمثل هذه العلوم كمثل زجاج يمر منه النور ليدخل البيت دون ولا يمر منه الماء.كذلك قد حلَّ نور العلم في القلوب والأذهان، إلا أن الماء المصفى للإخلاص والتوجه إلى الله الذي تنمو به شجرةُ الروح وتُثمر ثمارا طيبة لم يدخلها بعد.لكن ذلك ليس من ذنب الحكومة، لأن الأسباب المولّدة للروحانية الحقة ما زالت مفقودة أو قليلة.فمن الغريب أنه بتقدم العلوم قد تقدَّم المكر والخداع أيضا نوعا ما، وأهل الحق يواجهون وساوس لا تُحتمل، إن البساطة الإيمانية قد قلت كثيرا، في والأفكار الفلسفية التي لا تماشيها المعلومات الدينية قد أثرت تأثيرا ساما متلقي العلوم الحديثة وتدفعهم إلى الإلحاد وإن تفادي هذا التأثير فعلا دون تزود الناس بمعلومات دينية صعب جدا.فيا أسفا على من ترك في مثل هذه المدارس والكليات في حين ليس عنده أي إلمام بالمعارف الدينية والحقائق، إلا أننا يمكن أن نقول إن هذه الحكومة عالية الهمة التي تواسي بني نوع البشر،
بوا المقارنة بين الأديان قد طهرت ببذل المساعي الشخصية أرضية قلوب سكان هذا البلد الذي كان قد صار كالقفر الخرب- من شجيرات وأعشاب برية، وأنواع الأعشاب التي كانت قد طالت وغطّت الأرض بكثرتها.وقد آن الأوان بالطبع أن تُزرع فيها بذور الصدق، ثم تُروى بالماء السماوي.فالذين اقتربوا اسطة هذه الحكومة المباركة من الغيث السماوي سعداء جدا.يجب على المسلمين أن يعدّوا هذه الحكومة فضلا إلهيا ويبذلوا لطاعتها الصادقة جهودا ليكونوا قدوةً للآخرين.فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ أليس من الواجب أن تُرَدّ الحسنة بالبر والحسنة ؟ ينبغي أن يفكر كل واحد ويُظهر خصاله الطيبة.إن الشريعة الإسلامية لا تريد تضييع حق أحد من الناس وإحسانه، لهذا يجب التعامل مع هذه الحكومة المحسنة وطاعتها بصدق القلب لا بدافع النفاق، لأن أول وسيلة هيأها الله لا للنشر نور ديننا هي هذه الحكومة.والوسيلة الثانية التي ظهرت في بلدنا لمعرفة الأديان هي كثرة المطابع، لأن الكتب التي كانت شبه دفينة في الأرض استعادت الحياة ورأت النور مرة أخرى بواسطة هذه المطابع.حتى إن فيدا الهندوس أيضا قد ظهر مرتديا زي الأوراق الجديدة، فكأنه ولد من جديد، وافتضحت قصص الحمقى والعامة.والوسيلة الثالثة هي فتح الطرق ونظام البريد الرائع وانتقال الكتب إلى هذا البلد من البلاد النائية البعيدة، وانتقالها من هذا البلد إلى تلك البلاد كل هذه الوسائل التي هيأها الله بفضله في بلدنا قد ظهرت لإحقاق الحق،
المقارنة بين الأديان ونستفيد منها بمنتهى الحرية وقد كسبنا كل هذه الفوائد عن طريق هذه الحكومة المحسنة صالحة النية.وينبعث من قلوبنا تلقائيا دعاء لها.يسيء أما إذا سأل أحد لماذا تعتنق هذه الحكومة المتحضرة والعاقلة دينًا إلى الجلال البديهي والقديم وغير المتغير للإله الحق، باتخاذها الإنسان إلها؟ فمن المؤسف أن الرد على هذا التساؤل هو أن السلاطين والملوك يُفرطون بالاهتمام بشئون البلد، ومن ثم تُصرف جميع قوى التدبر والتفكر في هذا المجال، ولا تسمح لهم حماية مصالح الشعب بالاهتمام بالآخرة.وبالتالي تستولي المطالب المادية المستمرة وغير المنقطعة على روح البحث عن الحق والمعرفة الإلهية فتتضاءل، ومع ذلك لا نيأس من أن يلفت الله بفضله انتباه هذه الحكومة عالية الهمة إلى الصراط المستقيم أيضا.فنحن كما نسأل الله لهذه الحكومة حسناتِ الدنيا، ندعو لآخرتها أيضا.وليس من المستبعد أن نلاحظ تأثير الدعاء.إن الأديان الثلاثة الكبيرة قد انبرت ليتصدى بعضها لبعض وتتصادم في هذا الزمن الذي قد ظهرت فيه وسائل كثيرة لتمييز الباطل عن الحق.وأتباع كل دين من هذه الأديان الثلاثة يدعون أن دينهم حصرا صادق وعلى حق.ومما يثير العجب أن لا أحد يستعد للإقرار بلسانه أن أساس دينه ليس على مبادئ الصدق.لكنني لا أوقن حتى للحظة واحدة بأن قلوب معارضينا توافق ما تدعيه ألسنتهم.فمن أبرز علامات الدين الصادق أنه يتجلى ويلمع ويتألق بنفسه قبل أن نبين نحن دلائل صدقه، لدرجة أن لو وضعت سائر
المقارنة بين الأديان الأديان مقابله بدت كلُّها وكأنها واقعة في الظلام، ولا يقدر أي عاقل على فهم هذا الدليل بوضوح إلا إذا ألقى النظر على المبادئ الأساسية لكل دين بعيدا عن دلائله المخترعة؛ أي ينبغى أن يتحرى تلك الأديان بإجراء المقارنة بين مناهجها لمعرفة الله تعالى ولا يضيف حواشي الدلائل الخارجية على عقيدة أي دين بخصوص المعرفة الإلهية، بل بتجريده عن الدلائل ويتبين بوضع كل دين مقابل الآخر ويتدبر أي دين يتميز بلمعان الصدق الذاتي، وفي أي منها ميزة أن القلوب تنجذب إليه لمجرد اطلاعها على الطريق الذي بينه لمعرفة الله تعالى والأديان الثلاثة التي ذكرتها آنفا هي: الآرية، المسيحية الإسلام فإن أردنا رسم صورة حقيقية لهذه الأديان الثلاثة فهى كما يلي: إن إله الدين الآري إله يستحيل أن تستقيم ألوهيته بقوته وقدرته الذاتية.فآماله كلها في كائنات لم يخلقها بيده فإدراك قدرات الإله الحق كلها ليس بوسع إنسان، أما قدرات إله الآريين فتعدّ على أصابع اليد؛ فهو إله قليل الثروة، إذ قدراته كلها محدودة.وإذا مدحنا قدراته كثيرا فلا نستطيع القول أكثر من أنه يعرف تركيب الأشياء القديمة مثله كالبنائين، وإن سأل أحد: أي شيء يضيفه من عنده؟ فيكون الجواب بمنتهى الأسف: لا شيء.باختصار؛ إن منتهى قدراته ينحصر في تركيبه الأرواح الموجودة والأجسام الصغيرة القديمة والأزلية واجبة الوجود كمثله تعالى التي لا دخل له في خلقها.فهو مجرد مركب أو مشكل.فمن المتعذر تقديم الدليل على أن هذه
المقارنة بين الأديان الأشياء القديمة بحاجة إلى الإله فما دامت كل الأشياء قد وجدت من تلقاء نفسها، وجميع قواها وقدراتها أيضا تلقائية وهي قادرة على الاتصال فيما بينها تلقائيا، وقوة الجذب فيها أيضا أزلية ومزاياها وخصائصها التي تظهر بعد التركيب هي تظهر تلقائيا؛ فلا نستسيغ بأي دليل تثبت الحاجة إلى هذا الإله الناقص وعديم القدرة؟ وبأي شيء يتميز عن غيره سوى أن يقال بأنه أكثر دهاء أو ذكاء.فأي شك في أن إله الآريين محروم من القدرات غير أنه المتناهية التي يقتضيها كمالُ الألوهية.ومن شقاوة هذا الإله الخيالي التام الذي يستلزم إشراق جلال الألوهية بأكمله.وشقاوته يتيسر له الكمال الثانية أنه ما من طريق لمعرفته من خلال قانون الطبيعة، بل يُعرف من عدد من أوراق الفيدا.لأنه إذا كان صحيحًا حصرا أن الأرواح وذرات الأجسام قد ظهرت بجميع قواها وإغراءاتها ومزاياها وعقلها وإدراكها ومشاعرها وأحاسيسها من تلقاء نفسها؛ فلا يفهم العقل السليم لماذا يحتاج تركيبها إلى ذات أخرى؟ ففي هذه الحالة يتعذر الردّ على التساؤل: إن الأشياء التي هي خالقه نفسها منذ القدم وهي تتمتع بجميع القوى الضرورية لاتصال بعضها بالآخر - فلما لم تكن محتاجةً لخلقها إلى أي إله، و لم تكن محتاجة إلى أي خالق لصنع قواها ومزاياها فأي سبب يفرض حاجتها إلى موصل آخر لتتصل ببعضها؟ مع أن وصل القوى بالأرواح ووصل القوى بذرات الأجسام، هو الآخر نوع من التركيب والربط.فمن هنا ثبت أن هذه الأشياء القديمة كما لا تحتاج إلى أي خالق لظهورها ولا إلى أي موجد لم
المقارنة بين الأديان لقواها، كذلك ليست بحاجة إلى أي صانع لاتصال بعضها ببعض.فمن منتهى الغباء أن المرء إذا أقر بلسانه بحق هذه الأشياء، أنها ليست محتاجة إلى أحد لوجودها ووجود قواها وتواصلها ثم يقول باللسان نفسه إن بعض الأشياء منها بحاجة إلى الغير للاتصال والتركيب حتما ؛ فهذه دعوى ليس عليها أي دليل وغاية القول إن وجود الإله بموجب هذه العقيدة يتعذر.فليس هناك أحد أشقى ممن يؤمن بإله لم تتيسر له وسائل رائعة لإثبات هذين وجوده بموجب قلة القدرة.فهذا هو حال القدرات الإلهية في إله الهندوس.أما قدراته الأخلاقية فتبدو أقل حتى من القدرات البشرية؛ إذ نلاحظ أن الإنسان طيب القلب إذا اعتذر إليه المقصرون في حقه بتواضع وأدب وطلبوا منه العفو فهو يصفح عنهم مرات كثيرة، ويحسن بمقتضى كرمه مرات عديدة إلى الذين لا يستحقون شيئا.أما الآريون فيقولون بحق إلههم إنه محروم من الخلقين كليهما.وكل ذنب بحسب عقيدتهم يجلب للإنسان مئات الملايين من الولادات وما لم يواجه العقوبة المستحقة كاملةً خلال من الولادات المتكررة فلا سبيل إلى النجاة.فمن الرجاء الباطل تماما بحسب عقيدتهم أن يتخلص الإنسان من الولادات المتكررة بالتوبة والندامة والاستغفار، أو يحميه الرجوع إلى الحق من عقوبة أقواله وأعماله السابقة الباطلة.بل لا بد من مواجهة ولادات لا حصر لها ولا يمكن الخلاص من هذه العملية بأي طريقة.أما الكرم والجود فلا يعرفه إلههم أصلا.فإذا كان أي إنسان أو حيوان يتمتع بوضع رائع أو يحظى بنعمة، فهو ثمرة إحدى
عقلا بسبب المقارنة بين الأديان الولادات السابقة لكن من المؤسف أن مبادئ الفيدا رغم تباهي الآريين الكبير بها، لم تتغلب على الضمير الإنساني.وإني قد لاحظت مرارا أثناء زياراتي الكثيرة لبعض أتباع هذه الفرقة الهندوسية، أنه كما يصاب الآريون بخجل عند ذكر "النيوك"، كذلك يواجهون خجلا كبيرا عندما يُطرح عليهم السؤال عن كون قدرات الإله وأخلاقه محدودةً لدرجة أن لا تثبت ألوهيته ذلك.والتي بسببها قد حُرم الآريون الأشقياء من النجاة الدائمة.باختصار؛ إن حقيقة إله الهندوس و كنهه أن قواه الخلقية وألوهيته ضعيفة جدا، وفي حالة يرثى لها.ولعل هذا هو السبب وراء تركيز الفيدا على عبادة النار والهواء والقمر والشمس والماء بدلا من الإله.وقد طُلب كل عطاء ومغفرة منها.ذلك لأن الإله لما كان لا يستطيع إيصال أحد من الآريين إلى هدفه بل يعيش شقيا محروما من القدرات الكاملة، فاتكال الغير عليه خط جلي.ولرسم صورة إله الهندوس كاملةً للقلب ولتمثيله أمام العين، يكفي ما كتبنا.والديانة الثانية هي المسيحية التي يعدُّ أتباعها- بمنتهى الحماس والنشاط وبمبالغة كبيرة - ربهم الذي سموه يسوع المسيح إلها حقا.ومن ملامح إله النصارى أنه رجل إسرائيلى ولد عند مريم بنت يعقوب، ورحل من أمله هذا رغم العالم الفاني عن عمر يناهز ٣٢ عاما.وحين نفكر كيف خاب دعائه طول الليل عند الاعتقال وكيف ألقي عليه القبض بذلة، وأنه بحسب زعم النصارى عُلّق على الصليب ومات صارخا "إيلي إيلي"؛ تقشعر أبداننا فورا.هل يمكن أن يُعدَّ الإنسان الذي لم يُتقبل دعاؤه عند الله عند الله ومات
المقارنة بين الأديان بمنتهى الفشل وخيبة الأمل وتعرّض لضربات متتالية - إلها قادرا؟ تصوّروا قليلا ذلك المشهد حيث أرسل يسوع المسيح، بعد مكوثه في زنزانة، من محكمة بيلاطس إلى هيرودوس.فهل يليق بالإله أن يُدان، ثم ينطلق من زنزانة معتقلا بحراسة عدد من رجال الشرطة والسلاسل في يديه والأصفاد في قدميه، مواجها الإساءات والزجر إلى الجليل؟ وانتقل في هذا الوضع البئيس من سجن إلى سجن.وحين أراد بيلاطس إطلاق سراحه بشرط أن يظهر له كرامة لم يقدر على إظهار أي كرامة فأعاده مضطرًا إلى السجن مرة أخرى وسلّمه لليهود، فعلّقوه على الصليب فورًا قصد القضاء عليه.فليتدبر القراء الآن بأنفسهم؛ هل هذه هي علامات الإله الحقيقي، وهل يقبل أي ضمير طاهر أن يصير خالقُ السماوات والأرض ومالك القدرات المتناهية- الذي لا حصر لقُواه - شقيا وضعيفا وذليلا في نهاية المطاف لدرجة أن يتمكن الأشرار من القضاء عليه بأيديهم؟ فإذا أراد أحد أن يعبد مثل هذا الإله ويتوكل عليه فهو حرّ.لكن الحق أنه لو أقيم إله النصارى مقابل إله الآريين وقارنت بين قواهما وقدراتهما، لثبت أنه لا شيء يذكر قط ، لأن إله الآريين الافتراضي وإن كان لا يملك أي قدرة على الخلق إلا أنهم يقولون إنه يركب الأشياء المخلوقة لحد ما.أما يسوع النصارى فلم تظهر قدرته حتى حين قال له اليهود بعد تعليقه على الصليب أنهم سوف يؤمنون به إذا تمكن من إنقاذ نفسه الآن.فلم يقدر أمام أعينهم على إنقاذ نفسه.وإلا هل كانت نجاته مهمةً جليلة إذ كانت تنحصر في وصل روحه بجسمه فقط، وذلك
فقد المقارنة بين الأديان فلم يتمكن ذلك الضعيف حتى من هذا الوصل واختلق المدلسون لاحقا أنه كان قد استعاد الحياة في القبر.إنهم مع الأسف لم يفكروا في أن اليهود كانوا يطالبونه بأن يستعيد الحياة أمام أعينهم، وحين لم يقدر على الإحياء أمامهم و لم يقابلهم بعد استعادة الحياة في القبر، فأي دليل يُقنع اليهود أو أيَّ باحث بأن الحياة كانت في الحقيقة قد أعيدت إليه فعلا ما لم يقدم الدليل على ذلك و لم يُثبت؟ وحتى إذا افترضنا أن جثمانه قد من القبر، فلا يثبت منه أنه استعاد الحياة، بل سوف يثبت يقينا عند العقل أن أحد أصحاب الكرامات كان قد سرقه سرا، فقد خلا كثير من الناس الذين يعتقد أتباعهم أو قومهم بأن جثهم كانت قد فُقدت، فوصلوا إلى الجنة بأجسامهم.فهل سوف يقبل النصارى أن هذا قد حدث في الحقيقة؟ فلا نذهب بعيدا بل ينبغي أن يدرسوا فقط سوانح حياة بابا نانك المحترم؛ فقد أجمع مليون وسبعمئة ألف من السيخ على أنه بعد موته قد دخل الجنة في الحقيقة بحسمه المادي، ولم يُجمعوا على ذلك فحسب، بل هذا ما قد ورد في كتبهم الموثوق بها التي أُلّفت في الزمن نفسه.فهل يمكن أن يقبل السادة المسيحيون أن السيد بابا نانك كان في الحقيقة قد دخل الجنة بجسمه؟ من المؤسف أن النصارى يذكرون الفلسفة عند الآخرين، لكنهم لا يسمحون للأمور المخالفة للعقل في بيتهم أن تقربها الفلسفة.فلو أراد النصارى أن يوظفوا العدل والإنصاف لأمكنهم أن يفهموا بسهولة أن دلائل السيخ على فقدان جثمان بابا نانك ودخوله الجنة بجسمه المادي أقوى بكثير من مزخرفات النصارى وأجدر بالاهتمام.ولا شك في أنها
المقارنة بين الأديان أقوى بكثير من دلائل الإنجيل، ذلك لأن هذه الأحداث كانت قد دونت في الزمن نفسه في جنم ساكهي بالا.أما الأناجيل فقد ألفت بعد سنين طويلة من يسوع.وهناك فضيلة أخرى لحادث بابا نانك وهو أنه حين تسبت هذه الكرامة إلى يسوع بدت في الحقيقة بنية التستر على الخجل الذي واجهه الحواريون أمام اليهود ، لأن اليهود حين طلبوا من يسوع بعد أن علقوه على الصليب- أن يُظهر معجزة أنه إذا تمكن من استعادة الحياة والنزول عن الصليب فسوف يؤمنون به، فلم يستطع يسوعُ النزول عن الصليب، مما جلب لتلامذته خجلا كبيرا ولم يعودوا قادرين على مقابلة اليهود.فكان من الضروري أن ينحتوا أي حيلة لستر ذلك الخجل ليتخلصوا بها من الطعن والضحك والسخرية في نظر البسطاء السذج.فالعقل يقبل الاحتمال أنهم نسجوا هذا المكر حتما لغسل وصمة عار عن وجوههم.فنقلوا جثمان من القبر إلى قبر آخر ليلا، كما كانوا قد اتهموا ثم زعموا- بحسب المثل البنجابي المشهور: "شاهد المرشد مريده" أن يسوع قد استعاد الحياة كما كنتم تطلبون منه، إلا أنه قد صعد إلى السماء.لكن السيخ لم يواجهوا هذه المشاكل إثر وفاة بابا نانك، كما لم يتّهمه أي عدو، ولم يُضطروا لنحت مثل هذه الاحتيالات، ولم يصرّح أحد عند هذا الزعم أن الجثة سرقت كما فعل اليهود.فلو أبدى النصارى هذا الاعتقاد بحق بابا نانك بدلا من يسوع يسوع لكان فيه شيء من المعقولية.أما يسوع فهذا الاعتقاد بحقه اختلاق محض وتزييف وتفوح منه رائحة كريهة جدا.
المقارنة بين الأديان السبب الأخير لتعرُّض يسوع للألم ومحاولة الصلب أنه مع كونه إلها قد عُلق على الصليب ليكفّر بموته عن المذنبين، لكن العقيدة بأن الإله هو الآخر يمكن أن يموت لمن اختراع النصارى أنفسهم، حتى لو كانوا قد رفعوه إلى العرش بعد إحيائه مرة أخرى.وهم مأخوذون في هذا الوهم الباطل إلى هذا اليوم، بأنه سيأتي مرة أخرى إلى هذا العالم للدينونة، وأن الجسم الذي أعطي له بعد الموت من جديد سيلازمه للأبد بصفته إلها.لكن إله النصارى المتجسد هذا الذي قد أتى عليه الفناء مرة بحسب زعمهم، وهو يملك جميع الأعضاء في الجزء العلوي والسفلي للجسم والدم واللحم والعظم، يشبه آلهة الهندوس التي يتخلى عنها الآريون بمنتهى الحماس في هذه الأيام.وإنما الفرق أن إله النصارى ولد مرة واحدة من بطن مريم ابنة يعقوب، لكن إله الهندوس "بشن" رضي بوصمة الولادة تسع مرات للتكفير عن ذنوب العالم.وقصة ولادته الثامنة ممتعة جدا، بحيث يروى أن الشياطين حين فرضوا سيطرتهم على الأرض بقوتهم، ولد "بشن" في منتصف الليل من بطن العذراء وجاء في مظهر الإله وخلص الناس من الذنوب المتفشية في العالم.وصحيح أن هذه القصة تنسجم مع مزاج النصارى غير أن الهندوس أبدوا ذكاء متناهيا إذ لم يصلبوا آلهتهم ولم يصموهم باللعنة.ويتبين من بعض الإشارات القرآنية بمنتهى الوضوح، أن أول من اتخذ الإنسان إلها كانوا "برهمن" الهند.ثم أخذ أهل اليونان هذه الأفكار من الهندوس، وأخيرا أكل النصارى خشارة هاتين الأمتين المتمثل في هذه العقائد المكروهة.وخطر ببال الهندوس أمر مستبعد آخر لم
۱۳ المقارنة بين الأديان مي أن يفطن إليه النصارى وهو أن الهندوس يرون من السنن القديمة الله الأزلي والأبدي أنه حيثما امتلأ العالم بالذنوب خطرت ببال إلههم أخيرا خطة وحيدة أن يولد هو نفسه في العالم ليخلص الناس.وهذا الحادث لم يظهر مرة واحدة فقط، بل ظهر على الدوام كلما طرأت الحاجة.وصحيح أن النصارى يعتقدون بأن الله الله قديم و لا نجد له أي بداية مهما رجعنا في الزمن الماضي وهو خالق ورب العالمين منذ القدم.لكنهم لا يؤمنون بأنه ظل يُرسل من الأزل ومن زمن غير متناهٍ أبناءه الأحبة ليُصلبوا من أجل الناس، وإنما يزعمون أن هذه الفكرة دارت بخلده قبل فترة زمنية قصيرة، والآن فكر الأب المسن في الناس بدفع ابنه إلى الصلب.فمن الجلي أن الإيمان بقدم الله وأزليته يستلزم القول بأن مخلوقاته أيضا أزلية من حيث القدم.وبسبب القديمة للصفات القديمة ظل عالم يختفي وينعدم ويظهر مكانه عالم آخر.ولا أحد يقدر على أن يعدّ العوالم التي أفناها الله له الا الله وخلق مكانها غيرها.فقد أشار الله الله إلى هذا القدم للعالم عينه في قوله في القرآن الكريم بأنه خلق الجان قبل آدم.أما النصارى فرغم وجود الإثبات البديهي بأن قدم العالم ضروري، فهم لم يقدموا إلى الآن أي قائمة تبين كم مرة عُلق على الصليب في هذه العوالم غير المحدودة التي لم تكن بينها أي علاقة؛ لأن من أن المسيحيين لا يرون أحدا غير ابن من الذنب.ففى هذه الحالة ينشأ السؤال المهم، أن المخلوق الذي خلا قبل آدمنا هذا والذي ينجي الواضح الله - طاهرا التجليات الله ليس له أي علاقة بسلسلة بني آدم هذه كيف نال أولئك العفو عن ذنوبهم؟
المقارنة بين الأديان فهل هذا الابن نفسه قد أُعدم مراتٍ عديدة لنجاتهم أم كان ابن آخر ظل يُصلب في الأزمنة السابقة من أجل المخلوق السابق؟ فحسبما فكرنا، أدركنا أنه إذا كانت النجاة مستحيلة بدون الصلب، فيجب أن لا يكون أي حصر لأبناء إله النصارى الذين استخدمهم في هذه المهمات فينة بعد أخرى، إذ كان كل واحد منهم قد صُلب في زمنه فعقد الأمل في أي خير على هذا الإله، الذي صُلب أبناؤه الشباب دوما، عديم الجدوى.كنا قد طرحنا هذا السؤال في مناظرة أمرتسر أيضا أن النصارى يُقرّون بأن إلههم لا يريد أن يُهلك أحدا مذنبا، ففى هذه الحالة يرد الاعتراض عليهم أن أي وسيلة اتخذها إلههم لنجاة الأرواح النجسة للشياطين المذكورة في الإنجيل؟ فهل بعث إلى العالم ابن ضحى بروحه من أجل ذنوب الشياطين أو قد صرف الشياطين عن الذنب؟ فإن لم يكن هناك أي وسيلة النبي ملحوظة: إن تعليم الإسلام يُثبت أن الشياطين أيضا يؤمنون؛ فقد قال سيدنا ومولانا بأن شيطانه قد أسلم.باختصار؛ إن مع كل إنسان شيطانا، وإن شيطان الإنسان المطهر والمقرَّب يُسلم.ومن المؤسف أن شيطان يسوع لم يؤمن بل كان قد أراد أن يُغويه، إذ قد ذهب به إلى الجبل وأراه ثروات الدنيا ووعده بأنه سيعطيه كل هذه الثروات إذا سجد له.وكان قولُ الشيطان هذا يتضمن في الحقيقة نبوءة عظيمة، كما كان فيه إشارة إلى أن الأمة المسيحية عندما ستسجد له فسوف تعطى لها كلُّ ثروات العالم، وهكذا قد حدث.فإن الذين اتبع مقتداهم الشيطان رغم تسميته إلها، أي مشى وراءه، هل من المستبعد منهم أن يسجدوا للشيطان؟ فثروات النصارى في الحقيقة إنما هي بسبب سجودهم للشيطان.والواضح أن النصارى قد أُعطوا ثرواتِ هذا العالم المادي بعد سجودهم بحسب الوعد الشيطاني.منه
المقارنة بين الأديان 107 أو نظام لذلك، فثبت أن إله النصارى كان قد رضي على الدوام أن يُحرق الشياطين - الذين هم أكثر من البشر عددا بحسب زعمهم في جهنم للأبد.فحين لم نجد أي أثر لمثل هذا الابن، ففي هذه الحالة لم يجد النصارى بدا من الاعتراف بأن الله له الا الله لا قد خلق الشياطين لجهنم فقط.باختصار؛ إن النصارى المساكين يواجهون مشاكل عويصة منذ اتخاذهم ابن مريم إلها.فلعله لم يطلع عليهم يومٌ لم تنظر فيه أرواحهم إلى هذه العقيدة بنفور.ثم يواجهون مشكلة أخرى عند البحث وهي أن الغاية المتوخاة من صلب هذا المصلوب لم تتحقق و لم تظهر أي ثمار لتعليقه على الصليب.فهناك حالتان: (1) أولاهما أن نحدد الغاية المنشودة من صلب هذا الابن المرحوم والتي تنحصر في تشجيع أتباعه على ارتكاب الذنوب، ونشر الفسق والفجور وكل أنواع الفاحشة بكل حماس ونشاط اعتمادا على كفارته.فهذه الحالة بالبداهة فكرة غير معقولة وطريق شيطاني، ولا أعتقد أن في العالم شخصا يحب طريق الفسق هذا ويعد مؤسس مثل هذه الديانة- الذي رغب الناس في ارتكاب الذنب على هذا النحو - صالحا و بارا.بل قد ثبت من التجربة أنه لا أحد يُصدر مثل هذه الفتوى إلا الذي هو في الحقيقة محروم من الإيمان والتقوى، ويريد أن يُلقي بالآخرين أيضا في جحيم المعاصي بسبب أهوائه النفسانية.فهؤلاء في الحقيقة يُشبهون المنجمين الجالسين على حافة الطريق، الذين يخدعون المارة ويحتالون عليهم، ويبشرون الحمقى المساكين بكلمات مقنعة مقابل قرش واحد بأن حظهم سيحالفهم في القريب العاجل.
المقارنة بين الأديان ويتظاهرون أنهم في الحقيقة باحثون ويتأملون في نقوش أيديهم وملامح وجوههم بتركيز شديد، وتراهم كأنهم يتحرون بعض العلامات، ثم يؤكدون لهم بتصفّح الكتاب الذي وضعوه أمامهم سلفا قصد الاحتيال والخداع أن نجم حظهم العظيم يكاد يطلع ولعل أحدهم سيكون ملكا لأحد البلاد، وإن لم يصبح ملكا فإن فوزه بوزارة ما على الأقل محتم.أو إن مثل هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا أحدا محط أفضال إلهية رغم نجاساته الدائمة - كمثل ممارسي الكيمياء السحرية الذين حين يرون أي ثري ساذج يريدون أن يصيدوه بأنواع التباهي ويبدأون الحديث من هنا وهناك، وأثناء تبادلهم أطراف الحديث يبدأون انتقاد السحرة الآخرين قائلين: إن هؤلاء الكذابين النصابين يغصبون أموال الناس بخداع واحتيال، وأخيرا يُنهي كل واحد منهم الحديث بقوله: أيها السادة رأيتُ الكثيرين من ممارسى الكيمياء السحرية طول حياتي بحيث بلغ عمري خمسين أو ستين سنة فوجدتُهم كلهم كذابين نصابين، غير أن مرشدي الروحي المرحوم كان يعرف الكيمياء السحرية بحق.فقد تبرع بمئات الملايين من الروبيات، وكان من سعادتي أني خدمته اثنى عشر عاما وكسبتُ فيوض تلك الخدمة.وعند سماع عبارة "كسب الفيض" ينتبه الجاهلُ فجأة ويسأله : يا شيخ! من المؤكد إذن أنك قد تعلمت منه وصفة الكيمياء السحرية جيدا.وعند سماع هذا القول يتظاهر الشيخ بالعبوس ويبدي نوعا من الغضب ويقول: حذار عزيزي أن تذكر هذا الأمر، فسوف يجتمع آلاف الناس هنا أنا أهرب سلفا وأتنكر وأتخفى
المقارنة بين الأديان ☑ من الناس.فبهذه الجمل القليلة يقع الجاهل في الفخ، ولا يجد الصائد أي مشكلة في ذبح الصيد الواقع في الفخ فيختلي به في مكان ويشرح له السرّ ناصحا قائلا: إن حظك في الحقيقة جذبني من آلاف الأميال، وأنا شخصيا أتعجب من أمري كيف لان لك قلبي القاسي؟ فأسرع وأحضر لي الحلي من الذهب بقيمة عشرة آلاف من بيتك أو مستعيرا من الجيران، ففي ليلة واحدة فقط ستكون عشرة أضعاف.وحذار أن تذكرني عند أحد، وإذا اضطررت أحد فبحجة أخرى.باختصار؛ يأخذون الحلي وينطلقون في سبيلهم، وأولئك المجانين يبكون حظهم على طمعهم في الحصول على عشرة أضعاف.وهذه هي نتيجة الجشع الذي يُوصله المرء إلى منتهاه غافلا عن سنن الكون.ولقد سمعتُ أن أمثال هؤلاء النصابين لا يجدون بدا من التأكيد الذين أتوا قبلهم أو يأتون بعدهم محتالون ولصوص وخبيثون لتستعير من على أن جميع وكذابون ويجهلون هذه الوصفة تماما.ومثل ذلك لا يستقيم أمر النصارى ما لم يعدوا جميع الأنبياء المقدسين من آدم إلى الأخير مذنبين وسيئين.(۲) الحالة الثانية لصلب هذا الابن الجدير بالرحم أن توصف العلةُ الغائية من صلبه بأن المؤمنين بصلبه سينجون من كل أنواع الذنوب والسيئات، وأن ثوائرهم النفسانية لن تظهر فكم من المؤسف أنه كما ثبتت الحالة الأولى ملحوظة: نأسف على عقل النصارى وفهمهم؛ فهم لم يفيدوا يسوعهم شيئا باتخاذه إلها وإنما عرَّضوه للخجل أمام الصلحاء، كان خيرا لهم أن يتصدقوا من أجل إيصال الثواب لروحه، ويدعوا له لتكون عاقبته محمودة.فما الذي جنوه من اتخاذ حفنة التراب إلها.منه من
جميع المقارنة بين الأديان بديهية البطلان ومُعادية لمبدأ التحضّر قد ثبتت هذه أيضا باطلةً بجلاء.لأنه إذا افترضنا أن الإيمان بكفارة يسوع يتميز بميزة أن المؤمن الصادق بها يصبح ملاكا، ولا تخطر بباله بعد ذلك فكرة ارتكاب الذنب، فسنضطر للقول بحق الأنبياء السابقين أنهم لم يؤمنوا بصلب يسوع وكفارته بصدق ذلك لأنهم بحسب زعم النصارى قد تمادوا في ارتكاب الذنوب؛ فمنهم من عبد الأوثان، ومنهم من قتل بغير حق، ومنهم من زنى ببناته، وخاصة داود جدُّ يسوع المحترم الذي ارتكب جميع أنواع الذنوب، إذ لإشباع شهوته دفع بالاحتيال بريئا ليقتل، وطلب إحضار امرأته بإرسال القوادات وسقاها الخمر وزنى بها، وأضاع أموالا طائلة في فعل الحرام.وكانت عنده طول حياته مائة زوجة.وهذا التصرف أيضا بحسب زعم النصارى يعد من الزنا، ومن الطريف أن روح القدس أيضا كانت تنزل عليه يوميا، وكان الزبور ينـــزل عليه بانتظام، لكن من الأسف أن روح القدس لم تمنعه من ارتكاب السيئات ولا إيمانه بكفارة يسوع.فمات أخيرا متورطا في هذه المنكرات.والأعجب ذلك أن هذه الكفارة لم تمنع جداتِ يسوع أيضا من الفواحش، مع أن ارتكابهن الفواحش كان يُلصق وصمة عار بفطرته الطيبة.فعدد هذه الجدات لم ينحصر في واحدة أو اثنتين فقط بل كن ثلاثا.فإحدى جدات يسوع الجليلة من قبل أمه وهي من ناحية جدتُه من طرف الأب أيضا، أقصد راحاب- كانت مومسا، انظر يشوع ۲: ۱.والجدة الثانية من قبل الأم التي هي الأخرى كانت جدته من قبل الأب أيضا واسمها ثامار كانت تفعل من
المقارنة بين الأديان 1970 الفواحش كالمومسات اللاتي يمارسن الدعارة عبر الأجيال، انظر التكوين ٣٨: ١٦-٣٠.والجدة الثالثة ليسوع من قبل الأم وكانت جدته من قبل الأب أيضا بحسب القرابة، تسمى بتشبع، فكانت هذه العفيفة هي نفسها التي زنت بداود!.انظر صموئيل الثاني ١١: ٢ من الجلي الآن أن هؤلاء الجدات من ناحية الأب والأم كن قد أُخبرن حتما بكفارة يسوع وكن قد آمن بها.لأن من عقيدة النصارى أن الأنبياء السابقين وأُمَمهم قد أوتوا تعليم الكفارة هذا نفسه، ونالوا النجاة بالإيمان بها حصرا.فإذا اعتبرنا من بركات صلب يسوع أن الإنسان يُعصَم من ارتكاب الذنوب بإيمانه بصلب يسوع، فكان يجب أن تُعصَم جدات يسوع من قبل الأم والأب من الزنا والدعارة إلا أن جميع الرسل مع إيمانهم بانتحار يسوع بحسب زعم النصارى لم يستطيعوا اجتناب المعاصي.كما لم تجتنبها جداتُ يسوع من قبل الأم والأب.فثبت منه جليا أن هذه الكفارة المزورة لا تقدر على حماية أحد من الثوائر النفسانية، كما لم تجنّب المسيح نفسه، لاحظوا كيف سار وراء الشيطان".ملحوظة: يقول سيدنا ومولانا النبي : بدءًا من والدتي إلى حواء لم تعمل أي من جداتي الفاحشة، ولم تكن زانية، ولا أي من الرجال كان زانيا ومرتكب فاحشة.أما بحسب زعم النصارى فإن إلههم قد وُلد بخليط من دماء ثلاث مومسات، ولا يخفى أحد ما ورد في التوراة بحق أولاد الزانيات.منه ملحوظة: إن الفلاسفة الأوروبيين في العصر الراهن لا يقبلون مع كونهم نصارى- أن الشيطان في الحقيقة أغوى يسوع وأخذه إلى الجبل، لأنهم لا يعتقدون بتجسد الشيطان بل يرفضون وجود الشيطان أصلا.ذلك يرد على هذا الحادث اعتراض على مع حتما في الحقيقة بالإضافة إلى أفكار هؤلاء الفلاسفة وهو أنه إذا كانت قصة مرافقة
المقارنة بين الأديان الشيطان قد حدثت في جبال اليهود وطُرقهم لما شاهده يسوعُ فحسب بل كان عدد من اليهود رأوه، وما من شك في أن الشيطان ليس كأناس عاديين بل يكون مخلوقا عجيب الشكل وغريبه، يصيب الناظرين إليه بتعجب.فإذا كان يسوع في الحقيقة قد رأى الشيطان في اليقظة فكان يجب أن يجتمع هناك آلاف اليهود وغيرهم لمشاهدته ولصار جمع حاشد، لكن ذلك لم يحدث، ولذلك لا يعده الباحثون الأوربيون حادثا ماديا، بل يودعون الإنجيل تبرُّما بسبب مثل هذه الأفكار السخيفة ومنها ادّعاء الألوهية.فقد أبدى عالم أوروبي حاليا رأيه في إنجيل النصارى المقدس، وقال: إن مجرد قراءة الإنجيل يكفي في رأيي لإقناع أي عاقل بأن الإنجيل ليس من تأليف الإنسان فحسب بل هو اختراع بدائي وحشي.ثم يقول: اقرأوا الإنجيل كما تقرأون أي كتاب آخر وادرسوه كما تدرسون كتبا أخرى، أزيحوا عن عيونكم غشاء التعظيم واطردوا من قلوبكم غول الخوف وأخلوا الدماغ من الأوهام ثم اقرأوا الإنجيل المقدس.فسوف تتعجبون من عدكم مؤلف هذا الجهل والظلم عاقلا وصالحا ومقدسا حتى للحظة واحدة.كذلك كثير من الفلاسفة العلماء الذين ينظرون إلى الإنجيل بمنتهى الكراهية هم ينفرون منه بسبب هذه التعاليم النجسة التي يعدّ الإيمان بها وصمة عار من الدرجة القصوى في الحقيقة للعقلاء.فمثلا هذه القصة المزورة أن هناك أبا مغلوبا جدا ملحوظة: كلما ارتقى أحد المسيحيين قمة الفلسفة تبرأ من الإنجيل والدين المسيحي.فقد نشرت سيدة إنجليزية أيضا كتيبا في هذه الأيام ضد العقيدة المسيحية.أما الفلاسفة المسلمون فحالتهم الإيمانية على عكس ذلك تماما، فقد قال أبو علي بن سينا، الذي اشتهر بصفته رئيسا للفلاسفة وبعلمانيته وإلحاده، في نهاية كتابه "الإشارات": "مع أن الدلائل الفلسفية لا تدعم الحشر الجسماني بل هي تثبت العكس، لكننا نؤمن به لأن المخبر الصادق قد أخبرنا بذلك".منه بالغضب وهو يريد إهلاك الجميع، ومقابله ابن رحيم وشفيق جدا صرف الغضب الجنوني لأبيه عن الناس بحيث تقدم هو شخصيا للصَّلب.فأنى لهؤلاء الباحثين الأوربيين
المقارنة بين الأديان كذا ۲۱ أن يقبلوا هذه الأمور السخيفة! كذلك أفكار النصارى الناتجة عن السذاجة بحيث قسموا الإله في الأجسام الثلاثة، فجسمٌ يدوم في صورة البشر ويسمى ابن الله، وجسم يدوم في صورة الحمامة ويسمى روح القدس، وجسم جلس على يمينه الابن، فأنى لأي عاقل أن يقبل هذه الأجسام الثلاثة؟ أما اتهام المسيح بمرافقة الشيطان فهو الآخر ليس أقل مدعاة لسخرية الفلاسفة الأوروبيين.فبعد جهود جهيدة يقدمون التأويلات أن هذه الأحوال كانت أخيلة قُوَى يسوع الدماغية.ويقرون أن مثل هذه الأخيلة المكروهة لا تتولد في دماغ المرء في حالة الصحة والعافية.فقد اطلع الكثيرون من خلال البحث بأنفسهم على أن غالبية المصابين بمرض الصرع يرون عادةً الشياطين على هذا النحو.وهم يتكلمون على هذا النحو تماما أن الشيطان ذهب بهم إلى مكان وكذا وأراهم كذا العجائب أتذكر أنه قبل ما يقارب ٣٤ عاما كنت قد من رأيتُ في الرؤيا أن الشيطان أسود اللون بشع المنظر واقف في مكان، فالتفت إلى أولا فلطمت وجهه، وقلتُ له: اخسا فليس لك أي نصيب في.فتوجه إلى شخص آخر أعرفه واصطحبه، فاستيقظتُ.وفي اليوم نفسه أو بعده أصيب ذلك الرجل بصرع، فتأكدتُ أن تأويل رفقة الشيطان هو الصرع.فهذه النقطة لطيفة جدا وواضحة ورأي عقلاني أن يسوع في الحقيقة كان مصابا بمرض الصرع، ولهذا السبب كان يرى مثل هذه الرؤى.أما اتهام اليهود بأن يسوع كان يقوم بمثل هذه الأعمال بمساعدة "بعلزبول" فيدعم هذه الفكرة ومقنع جدا.لأن بعلزبول أيضا اسم الشيطان، ويبدو قولُ اليهود صحيحا وأقرب إلى القياس لأن الذين يمسهم الشيطان بشدة ويحبهم، هم يقدرون أحيانا على إبراء الآخرين وإن كان صرعهم الشخصي وغيره من الأمراض مستعصيا.لأن الشيطان يحبهم ولا يريد أن يفارقهم فيقبل ما يقولون لشدة الحب الآخرين من الأمراض الشيطانية من أجلهم وهؤلاء الممارسون يستخدمون دوما الخمر والأشياء الخبيثة، ويكونون أكولين وسكيرين من الطراز الأول.فقبل فترة قصيرة أصيب رجل هكذا بالإغماء، وقيل بأنه كان يُخرج جن الآخرين.باختصار؛ إن قصة مرافقة يسوع للشيطان هذه تدل صراحة على إصابته بمرض الصرع.وعندنا وينجي
۲۲ المقارنة بين الأديان و لم يكن يجدر به ذلك ولعله بتصرفه هذا ندم كثيرا حتى إذا وصفه أحد بأنه "صالح"، نهاه عن ذلك قائلا: لِمَ تصفني بالصالح؟ فالإنسان الذي مشى وراء الشيطان أنى له في الحقيقة أن يحسب نفسه صالحا! فمن المؤكد المحتم أن يسوع لهى أن يوصف بالصالح بسبب فكرته هذه وأمور أخرى.لكن المؤسف أن النصارى لم يصفوه الآن بأنه صالح فحسب، بل قد اتخذوه إلها.باختصار؛ إن الكفارة لم تُفد يسوع نفسه شيئا.ويبدو أن التكبر - والأنانية التي هي أصل السيئات كلّها كان من نصيب يسوع حصرا، لأنه عد نفسه إلها ووصف جميع الأنبياء بقطاع الطرق واللصوص انطلاق ويبدو أن دلائل كثيرة ليست لنا حاجة لبيانها بالتفصيل هنا وأتيقن أن الباحثين النصارى الذين يتفقون معنا في الرأي سلفا، لن يرفضوها.أما إذا أنكره القساوسة السفهاء، فليثبتوا أن يسوع مع الشيطان حادث في اليقظة، وليس له أي علاقة بالإصابة بالصرع أو غيره من الأمراض.لكن في الإثبات يجب أن يقدموا شهود عيان ثقات.نزول الحمامة وقولها ليسوع: إنك ابني العزيز، كان أيضا في الحقيقة نوبة صرع.فتولدت معها تلك الأخيلة، فلون الحمام أبيضُ ولون البلغم أيضا أبيض، وإن البلغم هو الذي يتسبب في الصرع.فقد تراءى له البلغم على صورة حمامة.أما قولها له: إنك ابني العزيز، فبسبب أن المصاب بالصرع هو ابنُ الصرع، ولهذا سمي الصرعُ في الطب أم الصبيان، أي أم الأولاد وذات يوم كان أشقاء يسوع الأربعة قد تقدموا بطلب إلى الحكومة في ذلك العصر أن هذا الرجل قد أصيب بجنون ويجب علاجه، أي ينبغي أن يُدخل في المحكمة لكي يتلقى هناك علاجا مناسبا بحسب القواعد هناك.فهذا الطلب أيضا يدل صراحةً على أن يسوع في الحقيقة قد أصيب بجنون بسبب الصرع.سجن السؤال هنا من هم الذين رأوا يسوع مع الشيطان.منه منه
المقارنة بين الأديان والأنجاس.مع أنه يستشف من المؤسف أن سيل التكبر هذا قد دمَّر وضعه كله فلا أحد من السعداء يذم السلف الصالح.أما هذا فقد سمى الأنبياء المقدسين باسم اللصوص وقطاع الطرق.كما كان على لسانه دوما كلمات "الملحدين وفاعلي الحرام" بحق الآخرين، فلم يستخدم كلمة الاحترام بحق أحد.و لم لا؟ فإنه ابن الله ! وحين نستعرض تأثير الكفارة في قلوب الحواريين ونلاحظ هل امتنعوا عن ارتكاب الآثام بإيمانهم بها؟ فهنا أيضا تبدو شعبة الطهارة الصادقة خالية تماما.فمن البين الجلي أنهم كانوا قد آمنوا به بعد سماع خبر الصلب، مع ذلك كانت النتيجة أن بطرس لعن يسوع عند اعتقاله واقفا أمامه وهرب البقية ولم يبق في قلب أحدهم نور العقيدة.أما امتناعهم عن الآثام حتى الآن فقد ثبت من خلال اعترافات الباحثين الأوروبيين بالذات أن الدعارة في أوروبا قد بلغت منتهاها لدرجة أنه يولد الآلاف من أولاد الحرام في لندن فقط.وقد نُشرت للأوروبيين أحداث قذرة جدا لا تجدر بالسماع والتحدث.وإن الخمر تستخدم بكثرة لدرجة إذا صُفت محلات الخمر عندهم في صف واحد فقد لا ينتهي حتى قبل قطع المسافر شوطين من سفره.فقد تخلوا عن العبادات وليس لهم أيُّ شغل ليل نهار سوى الترف والانغماس في ملذات الدنيا.فثبت من كل هذه البحوث أن صلب يسوع لم يمنع المؤمنين به من ارتكاب الإثم.بل كما يجرف الماء المتدفق من النهر كلامه أنه نفسه لم يكن صالحا.لكن ملحوظة: إن كان قبول يسوع الصلب عن طيب خاطره فهو انتحار وموت غير
٢٤ المقارنة بين الأديان القرى المجاورة له بعد انهيار السد، كذلك تظهر أحوال المؤمنين بالكفارة.وأنا أعرف أن النصارى لن يناقشوا هذا الموضوع كثيرًا، لأنه إذا لم تتمكن كفارة يسوع من منع الأنبياء الذين كان ينزل عليهم ملاك الله من الآثام، فأنى لها أن تمنع التجار وأصحاب المهن المختلفة والقساوسة الماديين من الأعمال الخبيثة؟ باختصار ؛ هذا هو حال إله النصارى كما كتبنا.الدين الثالث مقابل هذين الدينين اللذين ذكرتهما آنفا هو الإسلام.وإن معرفة هذا الدين بالله واضحة ونقية وملائمة للفطرة الإنسانية.فلو أبيدت كتب جميع الأديان وانمحت أفكارها العلمية والتصورات فسيبقى الإله الذي يدل عليه القرآن الكريم متجليا في مرآة قانون طبيعته، وستظهر صورته الفياضة بالحكمة والقدرة لامعةً في كل ذرة.باختصار؛ إن الإله الذي يكشفه القرآن الكريم لا يملك سلطة جبرية على ما أوجده بل تخضع لحكمه كل ذرة بطبعها وروحانيتها بحسب الآية الكريمة أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى.وفي كل طبع يوجد انجذاب للإنابة إليه، فلا تخلو أية ذرة من هذا الانجذاب.وهذا يشكل برهانا عظيما على أنه خالق كل شيء لأن نور القلب يقبل أن الميل الذي يوجد في كل شيء شرعي.أما إذا كان خلافا لمشيئته فلا يمكن أن يكون كفارةً، ولهذا لم يقل يسوع عن نفسه أنه صالح، لأن الناس كانوا يعرفون أنه سكير ومترف.وهذا السلوك السيئ لم يظهر بعد ألوهيته بل بدا من بداية حياته، ويبدو أن ادعاء الألوهية ناتج عن شرب الخمر.منه الأعراف: ١٧٣
المقارنة بين الأديان وتعالى.للخضوع له الله هو بلا شك منه ، كما قد أشار إليه القرآن الكريم في قوله: إنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي كل شيء يقدسه ويبين محامده، فلو لم يكن الله خالق هذه الأشياء فمن أين هذا الانجذاب إليه ليدركن كل م متدبر أن هذا الجذب صلة خفية.وتلك الصلة سبب إذا لم تكن تتمثل في كونه الله خالقا لها، فليبين لنا أي من الآريين ما هو السبب الذي بينه الفيدا لهذا الجذب، وما اسمه؟ فهل من الحق القولُ بأن الله الله قد فرض سلطته على كل شيء قسرا؟ وأن هذه الأشياء تخلو من أي قوة طبعية للانجذاب والحنين إلى الإنابة إلى الله؟ كلا والعياذ بالله ليس الأمر هكذا، بل إن هذا التفكير ليس ناتجا عن الحمق فحسب بل هو من الخبث من الدرجة القصوى.لكن الأسف أن فيدا الآريين بإنكاره كون الله خالقا لم يقبل هذه العلاقة الروحانية التي يترتب عليها الطاعة الطبيعية لكل شيء.ولما كان هناك بون شاسع بين الفيدا والمعرفة الدقيقة والعلم الدقيق، فقد خفيت عليهم هذه الفلسفة الحقة، وهي أن من المؤكد أن لجميع الأجسام والأرواح علاقة فطرية بتلك الذات الأزلية، وأن حكومة الله ليست جبرية ومصطنعة بل كل شيء يسجد له بروحه لأن منه.وهي لكن من المؤسف أن كل ذرة مدينة لمننه التي لا حصر لها، أصحاب جميع الأديان الأخرى قد أرادوا قسرًا منع نهر قدرة الله ورحمته وقداسته الواسع، بسبب ضيق آفاقهم.وبموجب الأسباب نفسها قد الإسراء: ٤٥
المقارنة بين الأديان التصقت بآلهتهم الخيالية وصمة أنواع العيوب من الضعف والنجاسة والاختلاق والغضب في غير المحل وفرض السيطرة دون مبرر.أما الإسلام فلم يمنع صفات الله الكاملة المتدفقة بشدة قط؛ فهو لا يعلم العقيدة كالآريين بأن الأرواح في السماوات والأرض وذراتِ الأجسام هي خالقه أنفسها، أما الذي يسمى برميشور إله الآريين فهو حاكم عليهم بموجب سبب مجهول كالملك فقط.ولا يعلّم على شاكلة دين النصارى- أن الله ولد من بطن امرأة كإنسان، وتغذى على دماء الطمث لمدة تسعة كان قد تشكل تشكل من لحم المومسات كبتشبع وثامار أشهر من جسم وراحاب ودمهن وكان حائزا على البنوة من الإنسانية وكسب منها الدم والعظم واللحم، بل قد تحمل جميع آلام الطفولة مثل الحصبة والجدري وآلام الأسنان.وتذكَّر الألوهية أخيرا عند اقتراب موته بعد أن قضى جزءا كبيرا من عمره كأناس عاديين.ولما كان ادعاء فقط و لم يكن يملك القدرات الإلهية فقد بُطِشَ به فور الادعاء.بل الإسلام يعد الإله الحق ذا الجلال منـزها عن جميع هذه النقائص والأوضاع النجسة ويقدسه، ويجعله فوق الغضب الوحشي ويرفض الفكرة القائلة بأنه لا يجد أي سبيل لمغفرة عباده ما لم يعلّق حبل الشنق في رقبة أحد.ويعلم القرآن الكريم المعرفة الحقة والمقدسة والكاملة عن وجود الله وصفاته أنه لا حد ولا حصر لقدرته ورحمته وعظمته وقداسته ومن الذنب المكروه جدا القولُ بحسب التعليم القرآني إن قدرات الله وعظمته ورحمته تتوقف عند
المقارنة بين الأديان مكان، وهي محدودة، أو يصيبها ضعف عند بلوغ محطة ما.كلا بل إن جميع قدراته تسير بحسب القاعدة المحكمة أنه يقدر على كل ما يريد باستثناء الأمور التي تنافي قداسته وكماله وصفاته الكاملة أو تعارض سننه غير المتبدلة.فمثلا لا نستطيع القول بأنه بموجب قدرته الكاملة قادر على أن يُهلك نفسه، لأن ذلك يعارض صفتيه القديمتين الحي والقيوم.وذلك لأنه قد أعرب سلفا بقوله وفعله أنه أزلي وأبدي وغيرُ فانٍ ولا يجوز عليه الموت.وكذلك لا نستطيع القول بأنه يدخل في رحم امرأة ويتغذى على دماء الحيض وبعد البقاء هناك تسعة أشهر يولد باكيا صارخا من فرج المرأة بوزن كيلو غرام ونصف تقريبا، ثم يأكل الخبز ويتغوط ويبول ويواجه جميع آلام هذا العالم الفاني، ويغادر هذا العالم الفاني أخيرا بعد تحمل معاناة الاحتضار لسويعات؛ لأن كل هذه الأمور من العيوب والنقائص، وتنافي جلاله القديم وكماله التام.وتعالى ثم يجب أن نعرف أنه لما كان الله له بحسب العقيدة الإسلامية هو خالق جميع الأشياء في الحقيقة وأن جميع الأرواح والأجسام مخلوقاته وظهرت بقدرته ، لهذا فمن عقائد القرآن أن الله ل كما هو خالق كل شيء وصانعه فهو قيومه أيضا في الحقيقة.أي أن بقاء كل شيء مرتبط بها وإن وجوده بمنزلة روح لكل شيء، ولو افترضنا عدمه لانعدم كل شيء.باختصار؛ إن بقاء كل شيء وحياته تستلزم معيته ، لكن الآريين والنصارى لا يعتقدون بذلك، أما الآريون فلا يؤمنون بكون 6
.6 المقارنة بين الأديان علاقةً بحيث الله خالق الأرواح والأجسام ولا يؤمنون بأن لكل شيء يثبت أن وجود كل شيء نتيجة لقدرته وإرادته، وبمنزلة الظل لمشيئته بل هم يؤمنون بأن كل شيء مستقل بحيث يُفهم أن الأشياء جميع موجودة منذ القدم - بحسب عقيدتهم - ومخلوقة من تلقاء نفسها.فإذا كان الله لم يخلق بقدرته كلَّ هذه الأشياء ولا يتوقف بقاؤها بحسب زعمهم على قدرته ، فمن المؤكد أنه لا علاقة لكل هذه الأشياء بإله الهندوس، لدرجة أن لو افترض موته جدلا فلن تتضرر الأرواح والأجسام أبدا، لأن مثل إلههم كمثل بنّاء.فكما أن الحجر والمدر لم يُخلق بقدرة البناء ليكون تابعا له في كل شيء، فهذا هو حال أشياء إله الهندوس.فكما أن موت البنّاء لا يستلزم الهدام جميع المباني التي بناها في حياته.كذلك لو مات إله الهندوس فليس من الضروري أن يترتب عليه أي ضرر للأشياء.ذلك لأنه ليس قيومُها فلو كان قيومها لخلقها أيضا، لأن الأشياء التي لا تحتاج لخلقها إلى قدرة الله فهي ليست بأي حاجة لبقائها إلى سند قوته وأما النصارى فلا يمكن أن يكون إلههم المتجسد أيضا قيوم الأشياء بحسب اعتقادهم؛ لأن القيومية تستلزم المعية والبين أن إله النصارى يسوع ليس الآن على الأرض، إذ لو كان موجودا على الأرض لتراءى للناس حتما، كما كان يظهر في زمن في بلد بيلاطس وفي عهده.فحين لم يوجد على الأرض فكيف يكون قيوما لأهل الأرض، أما فالشيء الذي لم يُصنع بالقدرة فهو ليس بحاجة إلى القدرة لبقائه أيضا.منه
المقارنة بين الأديان ۲۹ السماء؛ فهو ليس قيوم السماوات أيضا، لأن جسمه يقدر بستة أو سبعة أشبار فقط، فكيف يمكن أن يكون موجودا في جميع السماوات ليكون قيوما لها؟ أما نحن فحين نصف الله الا الله برب العرش فلا نقصد منه أنه مادي وله جسم ومحتاج إلى العرش بل المراد من العرش المكان الرفيع المقدس الذي له علاقة بهذا العالم والعالم الآخر على حد سواء.أما وصف الله بأنه على العرش في الحقيقة فيعني أنه مالك الكونين، فكما أن الإنسان إذا كان جالسا على مكان مرتفع أو صعد إلى قصر منيف وعال جدا، فيمكن أن ينظر إلى يمينه ويساره كذلك قد سُلّم على سبيل المجاز بأن الله لا يستوي على عرش يفوق كل عال ومرتفع، بحيث لا يخفى عليه شيء في هذا العالم ولا في العالم الآخر.إلا أن هذه المكانة توصف بالعلو لإفهام عامة الناس، لأنه إذا كان الله الله في الحقيقة فوق الجميع وكل شيء خارٌ على قدميه فإن لذاته علاقة بالجهة العلوية.فلا أحد واقع في الجهة العلوية إلا الذي يقع تحته العالمان.وهو كالمحطة الأخيرة، بحيث يتفرع من تحته عالمان عظيمان يحتوي كل منهما على آلاف العوالم التي لا يعلمها غيره الا الله الذي هو مستو على تلك المحطة الأخيرة التي تسمى العرش.لهذا فإن أرفع مكان يُتصور، حتى في الظاهر في المحطة العليا الواقعة فوق العالمين، يسمى بالعرش في الشريعة، وهذا الارتفاع يتحقق له لكون ذاته جامعة، لتكون إشارة إلى أنه مبدأ كل فيض ومرجع كل شيء ويسجد له كل مخلوق، وهو فوق كل شيء في ذاته وصفاته
المقارنة بين الأديان وكمالاته.وإلا فالقرآن يقول: أَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله، كما يقول: هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ"، ويقول: (نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ.فهذا هو نموذج التعاليم الثلاثة.والسلام على من اتبع الهدى.تمّت البقرة ١١٦ ٢ الحديد ٥ ۳ ق ۱۷ بخط يد العبد المتواضع الضعيف من مريدي سيدنا المسيح الموعود اللة غلام محمد من أمرتسر عفا الله عنه ١٨٩٥/١٢/١ يوم الأحد