Language: AR
محاضرة لسيدنا المسيح الموعود حضرة ميرزا غلام أحمد عليه السلام، بعنوان: الإســــلام التي قرئت في اجتماع حاشد في 2-11-1904 في سيالكوت
00 محاضرة سيالكوت صورة غلاف الطبعة الأولى لهذا الكتاب ٹائکٹیل بار اول هُدَى لِلتَّف ين رسید مرده تعلیم ک من میان مردم که او جب تو این دین و منها باشد.سیح بیانگ بلند میگویم منم خلیفہ شا ہے کہ بر ما باشد چنیں زمانہ چند دور اینی کات تو بے نصیب ہے ہی وہ چدای تق باشد سیا بادرنج گفت من اگر به دلم و گر فرض کنه از یار شنا باشد.خدا کے مرسل حضرت مسیح موعود مهدی مجهود ی جناب میرزاغلام نه صاحبقا دربانی کالی کچھ موسومه به و دوست شلیہ کو تمام سیالکوٹ ایک عظیم الشان جلسہ میں اپنا گیا چار چوہدری مولا بخش صاحب بھی احمد می نائب محافظ دفتر ضلع سیالکوٹ نے مفید عام پر اس شہر سیالکن بیر ھوا کر شایع کیا 17..قیت می جلد
محاضرة سيالكوت ٥٧ ترجمة صفحة غلاف الطبعة الأولى لهذا الكتاب (ترجمة أبيات فارسية): هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ لقد تلقيتُ البشرى من الغيب أنني أنا البطل الذي هو المجدد والهادي في هذا الدين.إني أنا المسيح؛ وأقول ذلك علنًا، وأنا خليفة الملك الذي في السماء.العصر هو هو، والفترة هي هي، والبركات هي هي، وأنت تذهب محرومــا منها، فيا لها من شقاوة! فليسود نصيي إذا كان في قلبي طمع آخر غير قرب ذلك الحبيب.محاضرة المرسل من الله المسيح الموعود والمهدي المعهود سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني بعنوان الإسلام التي قرئت في اجتماع حاشد في ١٩٠٤/١١/٢م في سيالكوت والتي طبعها في مطبعة مفيد" عام" بمدينة سيالكوت، شودهري مولا بخش بهتي الأحمدي نائب مدير في مكتب محافظة سيالكوت عدد النسخ: ۱۲۰ النسخة: آنتان سعر
محاضرة سيالكوت "هنيئا بمجيء المهدي المعهود، هنيئا بمقدم عيسى الموعود تغار اليوم الجنة والفردوس من مدينة سيالكوت، فهنيئًا بشرف استقبال المسعود لقد جاء إلى العالم ذلك الإمام الأعظم، فهنينًا بمجيء الحكم العدل والمحمود لقد اغفر لنا ببركته يا ربنا الكريم، فهنيئًا لنا بفضلك ورحمتك وجودك " وهب الله تعالى لأرض سيالكوت مزيَّة فريدة إذ توجد فيها قلوب كثيرة مليئة بالإخلاص والحب من مؤيدي هذه الجماعة المقدسة.عندما عاد سيدنا المسيح الموعود ال - بعد تفرّغه من سفر لاهور، وصل حضرته الذي هـو لطف ورحمة متجسدة- إلى سيالكوت بالقطار بتاريخ ١٩٠٤/١٠/٢٧م مرورا بلاهور، وذلك بناء على طلب مبنى على إخلاص وإصرار شديدين من أفراد الجماعة في سيالكوت.وفي الطريق توافد أفراد فروع الجماعة المحلية إلى محطات القطار على طول الطريق بكل شوق وحب لزيارته العلي حتى وصل القطار في الساعة السادسة والنصف إلى محطة سيالكوت.كان المشايخ المعارضون ثائرين سلفا بسبب محاضرة المولوي عبد الكريم، فكانوا عاكفين على إغواء عامة الناس وكانوا يقولون في محاضراتهم إن الذي يذهب لزيارة الميرزا سيفسخ نكاحه ويُعدّ مرتدا عن الإسلام.ولكن الله لا يسمح أن تقوم لمثل هذه المعارضة قائمة.فكان الناس متحمسين من تلقاء أنفسهم ومشتاقين عفويا لرؤيته حتى اجتمع قبل الموعد ألوف من الناس على المحطة وفي الشوارع والأزقة، فكان هناك جمــع حاشد وعظيم بمناسبة مقدم المسيح الموعود العلية.وظل الحماس والشوكة الدينية سائدة على مدينة سيالكوت إلى أسبوع كامل لم يلاحظ نظيرها مـــــن قبل.ترجمة أبيات أردية.(المترجم)
محاضرة سيالكوت الضيافة التي قدمتها جماعة سيالكوت كانت جديرة بالإشادة والتقدير مـــــن كل الجوانب والنواحي.لا شك أن هذه مناسبة مباركة جدا لجماعة سيالكوت إذ حرر المسيح الرباني هذه المحاضرة جالسا بينهم وقُرئت عليهم.فطوبى لكم يا سكان هذه المدينة التي يحبها المبعوث الرباني مثل مولده، على أن جاء المسيح الرباني إليكم وشرّفكم بعقد هذه الجلسة العظيمة.وطوبى لــك يــا أرض، فاسعدي وتغنّي بالفرحة والسعادة إذ وطئتك أقدام المهدي.فيا مسيح وليجد الناس نور الهداية ببركة قدميك، ويخرجوا من هوة الضلال، آمين.الله، يا کرشنا، يا قاتِل الخنازير وراعي الأبقار، لتُمْدَحْ في العالم، العبد المتواضع: مولا بخش بهتي الأحمدي، الساكن في مدينة "شونده" مديرية "ظفر وال" محافظة سيالكوت.وحاليا: نائب مدير في مكتب محافظة سيالكوت.
٦١ بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم الإسلام لو ألقينا نظرة على أديان العالم لوجدنا في كل واحد منها خطأ ما إلا الإسلام ولكن ليس لأنها كاذبة منذ بداية عهدها، بل لأن الله تعالى تخلى عن تأييدها بعد ظهور الإسلام، فصارت كبستان بلا بستاني ولا سبيل إلى سقيها ونظافتها؛ لذا تطرقت إليها المفاسد رويدا رويدا ويبست الأشجار المثمرة كلها وحلت محلها الأشواك والطفيليات.لقد تلاشت الروحانية تماما التي هي روح الدين، ولم تبق في أيديهم إلا الكلمات الظاهرية فقط.ولكن لم يعامل الله تعالى الإسلام على هذا النحو.فلما أراد الا الله أن تبقى هذه الحديقة خضراء نضرة إلى الأبد، فظل يسقيها على رأس كل قرن، فأنقذها من اليبس.مع أنه كلما قام عبد من عباد الله على رأس كل قرن قاومه الجهلاء من الناس وشق عليهم كثيرا أن يُصلح خطأهم الذي تطرّق إلى عاداتهم وتقاليدهم.ولكن الله تعالى لم يتخل عن سنته، وحين وجد المسلمين في الزمن الأخير في القرن الرابع عشر وعلى رأس الألفية الأخيرة التي تمثل المعركة الأخيرة بين الهدى والضلال- في غفلة، أوفى بعهده مرة أخرى وجدّد الإسلام.أما الأديان الأخرى فلم يتسن لها هذا التجديد بعد بعثة نبينا ، فماتت كلها ولم تبق فيها روحانية، وترسخت عليها كثير من الأخطاء كما يترسخ الوسخ على ثوب استخدم طويلا ولم يُغسل قط.وتدخل في تلك الأديان -أناس لم تكن لهم علاقة مع الروحانية ولم تكن نفوسهم الأمارة نزيهة من شوائب الحياة السفلية- بغير وجه حق حسن أهوائهم، وشوَّهوا صورتها حتى صارت شيئا آخر تماما.خذوا المسيحية مثلا؛ -
٦٢ فقد كانت قائمة على مبادئ طيبة في بداية عهدها.أن ومع التعليم الذي جاء به عيسى ال كان ناقصا مقارنة مع تعليم القرآن الكريم؛ لأن وقت التعليم الكامل ما كان قد حان ،بعد والطبائع الضعيفة ما كانت تستحق ذلك التعليم- ولكنه مع ذلك كان تعليما جيدا جدا بحسب مقتضى الحال، وكان يهدي إلى الإله الذي هدت إليه التوراة.أما بعد المسيح الا فقد صار للمسيحيين إلـه آخر لم يرد ذكره في تعليم التوراة قط، ولا يعلم عنه بنو إسرائيل شيئا.وبالإيمان بهذا الإله الجديد انقلبت مبادئ التوراة كلها رأسا على عقب، واختلت موازين كافة التعليمات الواردة فيها عن الحصول على النجاة من الذنوب والفوز بالطهارة الحقيقية.وعُدّ الإقرار بأن المسيح الله قبل الموت ست على الصليب لينجي العالم، وأنه كان إلها؛ مدار النجاة من الذنوب.وليس ذلك فحسب بل نُقضت أيضا عديد من أحكام التوراة الأبدية الأخرى، وحرفت الديانة المسيحية لدرجة أنه لو عاد المسيح اللي بنفسه لما استطاع أن يعرف ملامحها.من الغريب حقا أن الذين أُوصُوا بشدة بأن يتمسكوا بالتوراة نبذوا أوامرها وراء ظهورهم دفعة واحدة.فمثلا لم يرد في الإنجيل قط أن لحم الخنزير حرام في التوراة ولكنني أحلله لكم، أو قد أُكّد في التوراة على الختان وها أنا أشطب هذا الحكم.ثم متى أجيز أن يُقحَم في الدين ما لم يتفوه به عيسى ال؟ ولكن لما كان محتوما أن يقيم الله في الدنيا دينا عالميا أي الإسلام، فكان فساد المسيحية علامة ظهور الإسلام ومن الثابت المتحقق أن الديانة الهندوسية أيضا كانت قد فسدت قبل ظهور الإسلام وكانت عبادة الأوثان رائجة في الهند كلها بوجه عام.فمن بقايا ذلك الفساد أن يحسب الهندوس الله يا الله محتاجا إلى المادة حتما في الخلق مع أنه ليس محتاجا قط إلى أية مادة لإظهار صفاته.ونتيجة لهذا الاعتقاد الفاسد اضطروا إلى قبول اعتقاد فاسد آخر مليء بالشرك؛ وهو اعتقادهم بقدَم ذرات العالم والأرواح كلها وكونها أزلية.ولكنني أتأسف على أنهم لو أمعنوا النظر في صفات الله بدقة؛ لما قالوا بذلك قط.لأنه إذا كان الله
٦٣ تعالى محتاجا مثل الإنسان إلى مادة لإظهار صفة الخلق الموجودة في ذاته منذ القدم؛ فلماذا لا يحتاج إلى المادة مثل الإنسان فيما يتعلق بصفته السمع والرؤية وغيرهما؟ الإنسان لا يستطيع أن يسمع شيئا دون واسطة الهواء، ولا يقدر على أن يرى شيئا إلا بواسطة الضوء، فهل يوجد هذا الضعف عند الإله أيضا؟ وهل هو أيضا بحاجة إلى الهواء والضوء للسمع والرؤية؟ فإذا كان غير محتاج للهواء والضوء للسمع والرؤية؛ فاعلموا يقينا أنه لا يحتاج إلى أية مادة من أجل صفة الخلق أيضا.ومن الخطأ تماما القول بأنه يحتاج إلى مادة لإظهار صفاته.إن قياس صفات الإنسان على الله، والقول بأن الخلق من العدم مستحيل عليه، وكذلك عزو الضعف الإنساني إلى الله؛ لخطأ كبير.إن ذات الإنسان محدودة وذات الله غير محدودة؛ فهو قادر على أن يخلق ذانًا أخرى بقوته الذاتية.هذا هو مقتضى الألوهية، وهو ليس بحاجة إلى مادة لإظهار صفة من صفاته، وإلا فهو ليس إلها أصلا هل لشيء أن يحول دون إرادته؟ فمثلا إذا أراد أن يخلق الأرض والسماء في لمح البصر، أفليس قادرا على خلقهما؟ الناس من الهندوس الذين ملكوا نصيبا من الروحانية أيضا إلى جانب العلم وما كانوا أسرى المنطق الجاف؛ لم يعتقدوا في وقت من الأوقات بهذا الاعتقاد الذي يقدمه الآريون اليوم عن الإله.إن هذا الاعتقاد نتيجة لفقدان الروحانية كليا.فباختصار، كل هذه المفاسد التي طرأت على هذه الأديان- وبعضها لا يجدر بالذكر أيضا وهي تنافي الطهارة -الإنسانية كانت كلها مؤشرات إلى حاجة العصر إلى الإسلام.فلا بد للعاقل الفطين من الاعتراف بأن كل الأديان كانت قد فسدت وفقدت الروحانية قبل الإسلام بفترة وجيزة.فكان نبينا هو المجدد الأعظم في مجال بيان الصدق الذي أعاد الحق المفقود إلى الدنيا، ولا أحد من الأنبياء يشارك نبينا في هذا الشرف، حيث وجد العالم كله في الظلام، وبظهوره تحول الظلام إلى نور، و لم يغادر الله الله الدنيا حتى خلع القوم كلهم الذين بعث إليهم لباس الشرك، ولبسوا حُلّة التوحيد.وليس ذلك فحسب، بل وصلوا إلى
فع مراتب الإيمان، وظهرت على أيديهم من أعمال الصدق والوفاء واليقين ما لا نظير له في أي بقعة من بقاع العالم.و هذه الدرجة من النجاح لم تكن من نصيب أي نبي سوى نبينا الأكرم الله هذا هو الدليل الأكبر على صدق نبوة سیدنا رسول الله ، إذ بعث في زمن غارق في الظلمات؛ وكان بطبيعة الحال يتطلب بعثة مصلح عظيم الشأن.ثم إنه الا الله ارتحل من الدنيا بعد أن تمسك مئات آلاف الناس بالتوحيد والصراط المستقيم، متخلين عن الشرك وعبادة الأصنام.والحق أن هذا الإصلاح الكامل كان خاصا به وحده، حيث علم قومًا همجيين ذوي طبائع وحشية عادات الإنسانية، أو قولوا بتعبير آخر أنه حول البهائم أناسًا، ثم حوّل الناس إلى أناس مثقفين، ثم جعل المثقفين أناسا ربانيين، ونفخ فيهم الروحانية وأنشأ لهم علاقة مع الإله الحق؛ فذبحوا في سبيل الله كالشياه، وديسوا تحت الأقدام كالنمل، ولكنهم لم يتخلوا عن الإيمان قط، بل مضوا قدما عند كل مصيبة.فلا شك أن نبينا هو آدم الثاني من حيث توطيد دعائم أغصان الروحانية، بل هو آدم الحقيقي؛ إذ بلغت بواسطته كل الفضائل الإنسانية كمالها، وأخذت كل القوى الصالحة تعمل عملها، ولم يبق غصن من الفطرة الإنسانية دون ورق وثمر.و لم تختم عليه النبوة من حيث إنه الأخير زمانًا فقط، بل أيضا من منطلق أن جميع كمالات النبوة ختمت به.وما دام هو المظهر الأكمل للصفات الإلهية ؛ فكانت شريعته متصفة بالصفات الجمالية والجلالية كلتيهما، ولهذا السبب سُمي باسمين: محمد وأحمد.وليس في نبوته العامة شيء ينم عن البخل، بل هي للعالم كله منذ الأزل.والدليل الآخر على صدق نبوته هو أنه يتبين من كتب جميع الأنبياء وكذلك من القرآن الكريم؛ أن الله تعالى قد حدد عمر الدنيا بسبعة آلاف سنة من زمن آدم إلى النهاية.وقد حدّد فترات الهداية والضلال بألف سنة بالتناوب.أي تكون الغلبة للهداية في مرحلة ثم تتبعها مرحلة يغلب فيها الضلال.وكما قلتُ إن هاتين المرحلتين مُقَسَّمتان في كتب الله إلى ألف سنة لكل منهما.فكانت الفترة الأولى لغلبة الهداية التي لم يكن فيها للوثنية أي أثر قط.ولكن عندما
انتهت تلك الألفية بدأت في الدنيا في الفترة الثانية الوثنية بأنواعها المختلفة، وحمي وطيس الشرك، وأخذت الوثنية من كل بلد مستقرا لها.ثم وضع أساس التوحيد في الفترة الثالثة الممتدة إلى ألف عام، وانتشر التوحيد في الدنيا بقدر ما شاء الله.ثم أطل الضلال برأسه في الألفية الرابعة.وفي هذه الألفية تطرق إلى بني إسرائيل فساد كبير، وذبلت الديانة المسيحية فورًا بعد أن بذرت بذرتها وكأن ولادتها وموتها كانا في وقت واحد ثم أتت مرحلة الألفية الخامسة التي كانت مرحلة هداية، وفيها بعث نبينا الأكرم فأقام الله تعالى التوحيد في الدنيا على يده من جديد.فمن أقوى الأدلة على كونه من الله الا الله أنه بعث في الألفية التي كانت مقرّرة للهداية منذ الأزل.ولا أقول ذلك من تلقاء نفسي، بل هذا ما يتبين من كتب الله كلها.وبالدليل نفسه يثبت ادّعائي كوني المسيح الموعود أيضا، لأن الألفية السادسة من منطلق هذا التقسيم هى ألفية انتشار الضلال وتبدأ من القرن الثالث بعد الهجرة وتنتهي على رأس القرن الرابع عشر.وقد سمى النبي أناسا في هذه الألفية بالفيج الأعوج.أما الألفية السابعة التي نحن فيها؛ فهي ألفية الهداية ولما كانت هذه الألفية هى الألفية الأخيرة؛ فكان لزاما أن يُبعث إمام آخر الزمان على رأسها فلا إمام بعده ولا مسيح؛ إلا من كان ظلا له، لأن في هذه الألفية ينتهي عمر الدنيا، الأمر الذي شهد به الأنبياء كلهم.وهذا الإمام الذي سماه الله تعالى مسيحا موعودا؛ إنما هو محدد القرن الألفية الأخيرة أيضا لا يختلف النصارى ولا اليهود في أن الزمن الراهن هو الألفية السابعة من زمن.آدم وتاريخ آدم الذي كشفه الله تعالى لي من خلال حساب الجمل لأحرف سورة العصر ، يثبت منه أيضا أن الزمن الذي نحن فيه؛ إنما هو الألفية السابعة.وقد أجمع الأنبياء أيضا على أن المسيح الموعود سيُبعث على رأس الألفية السابعة ويولد في نهاية الألفية السادسة، لأنه آخر الجميع كما كان آدم أول الجميع.وقد ولد آدم في الساعة الأخيرة من اليوم السادس، أي يوم الجمعة.ولما كان يوم الله كألف سنة دنيوية؛ فبناء على هذا التشابه خلق الله تعالى المسيح الموعود في نهاية الألفية السادسة وكأنها هي ومجدد.
الساعة الأخيرة من اليوم.وما دام هناك علاقة بين الأول والأخير فقد خلق الله المسيح الموعود على شاكلة آدم لقد ولد آدم توأما، وولد يوم الجمعة، كذلك ولد هذا العبد المتواضع الذي هو المسيح الموعود توأما وولد يوم الجمعة، حيث ولدَتِ البنتُ أولا ثم وُلدتُ أنا بعدها.هذا النوع من الولادة يشير إلى ختم الولاية.فالتعليم المتفق عليه من قبل جميع الأنبياء هو أن المسيح الموعود سيُبعث على رأس الألفية السابعة.لهذا السبب ثارت في السنوات الأخيرة ضجة كبيرة في السادة النصارى حول هذا الموضوع، ونُشرت في أميركا مجلات عديدة حول هذا الموضوع قيل فيها بأنه كان من المفروض أن يظهر المسيح الموعود في هذا العصر، فما الذي حدث، ولماذا لم يظهر؟ وقد ردّ على ذلك بعضهم على سبيل الرثاء أنه لما كان موعده قد ولّى؛ فاحسبوا الكنيسة الآن تنوب منابه.باختصار، إنه مما يدل على صدقي أني بعثت في ألفية حددها الأنبياء.ولو لم يكن هناك دليل آخر، لكان في هذا الدليل البين كفاية للباحث عن الحق؛ لأنه لو رفض هذا الدليل لبطلت كتب الله كلها.الذين لديهم إلمام بكتب الله والذين يتدبرونها يمثل لهم هذا الأمر دليلا واضحا وضوح النهار.وبرفض هذا الدليل تبطل النبوات كلها وتنقلب الموازين جميعها رأسا على عقب، وتفسد لحمة التقسيم الإلهي وسداه فالفكرة التي يتبناها بعض الناس بعدم علم أحدٍ عن القيامة ليست صحيحة.ففي هذه الحالة كيف يمكن تحديد السبعة آلاف سنة من آدم إلى نهاية الدنيا؟ إنهم أناس لم يتدبروا كتب الله حق التدبر قط.لست أنا الذي أبدعتُ هذا الحساب اليوم، بل كان مسلما به في كتب الباحثين من أهل الكتاب منذ القدم، حتى ظل العلماء اليهود أيضا قائلين به، ويتبين من القرآن الكريم أيضا وبصر راحة تامة؛ أن عمر بني آدم من آدم إلى الأخير- هو سبعة آلاف سنة.وهذا ما اتفقت عليه الكتب السابقة كلها أيضا، وهذا ما يتبين من
٦٧ الآية: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ، وهذا ما ظل ينبئ به الأنبياء جميعا بوضوح تام.كما قلت قبل قليل؛ يتبين بوضوح تام من حساب الجمل لأحرف سورة العصر أن النبي ﷺ قد بعث في الألفية الخامسة بعد آدم.فمن هذه الناحية؛ إن هذا الزمن الذي نحن فيه هو الألفية السابعة.وإضافة إلى ذلك لا يسعني إنكار ما كشفه الله تعالى لي ،بوحيه ولا أرى سببا لإنكار ما اتفق عليه أنبياء الله الأطهار جميعا.فما دامت الأدلة موجودة إلى هذا الحد، ويتبين من القرآن والأحاديث الشريفة أيضا بلا أدنى شك أن هذا العصر هو الزمن الأخير، فأي شك بقي في كونها الألفية الأخيرة، ولا بد من مجيء المسيح الموعود على رأس الألفية الأخيرة.أما القول بأنه لا يعلم أحدٌ ساعة القيامة فليس المراد من ذلك أنه لا يعلم عنها أحد شيئا على الإطلاق.فلو كان الأمر كذلك، لما كانت علامات قرب القيامة المذكورة في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة جديرةً بالقبول؛ لأنها أيضا تفيد العلم بقرب القيامة.لقد قال الله تعالى في القرآن الكريم أنه ستفجر الأنهار، وتُنشر الكتب والجرائد بكثرة في الزمن الأخير، وتُعطَّل الإبل، ونجد أن كل هذه العلامات قد تحققت في زمننا هذا؛ إذ حل القطار محل العشار وبواسطته تتم التجارة، ففهمنا أن القيامة قد قربت.وقد مضى حين من الدهر وقد أخبرنا الله تعالى بقرب القيامة فى الآية: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ " وغيرها من الآيات.فالشريعة لا تعني أن القيامة مخفية عنا من كل الوجوه، بل الحق أن جميع الأنبياء ظلوا يذكرون علامات الزمن الأخير، وقد ذكرت في الإنجيل أيضا.فالمراد من ذلك أنه لا يعلم أحد تلك الساعة بالتحديد، والله قادر على أن يزيد بضعة قرون أخرى بعد مرور ألف سنة؛ لأن الكسر لا يُعَدُّ في مثل هذا الحج: ٤٨ القمر : ٢
٦٨ الحساب كما تزداد بضعة أيام على الحمل قبل الإنجاب من المعلوم أن معظم الأولاد يولدون في مدة تسعة أشهر وعشرة أيام، ومع ذلك يقال إنه لا يعلم أحد ساعة المخاض.كذلك مع أنه لم يبق من الآن إلى نهاية الدنيا ألف عام؛ إلا أن ساعة قيام القيامة ليست معروفة على وجه التحديد.إن رفض الأدلة والبراهين التي بينها الله تعالى لإثبات الإمامة والنبوة ليس إلا إضاعة للإيمان.من الواضح أن علامات قرب القيامة قد اجتمعت كلها، وصار الانقلاب العظيم في الدنيا ملحوظا.كذلك فقد ظهرت معظم علامات قرب القيامة التي بينها الله تعالى في القرآن الكريم.كما يتبين من القرآن الكريم سوف تُفجر الأنهار بكثرة عند اقتراب القيامة، وتُنشر الصحف بكثرة، وتُنسف الجبال، وتُحفِّفُ الأنهار، وتُعَدّ الأرض بكثرة للزراعة، وتُفتَح الطرق لاجتماع الناس، وتقوم ضجة دينية كبيرة بين الأقوام، وينقض قوم على دين قوم آخرين كتلاطم الأمواج ليقضي عليهم نهائيا.ففي تلك الأيام يعمل صور سماوي عمله، وتُجمع الأمم كلها على دين واحد إلا الطبائع الرديئة التي لا تستحق الدعوة السماوية.فهذا النبأ المذكور في القرآن الكريم يشير إلى ظهور المسيح الموعود، ولهذا السبب ذكر بعد ذكر يأجوج ومأجوج.والمعلوم أن يأجوج ومأجوج قومان ذكرا في كتب سابقة.والسبب وراء هذه التسمية هو أنهما يستخدمان "الأجيج" أي النار بكثرة، ويحرزان غلبة كبيرة في الأرض، وسيملكان كل علو.عندها ستقوم السماء بإحداث تغير كبير وستأتي أيام الصلح والوئام.كذلك قد ورد في القرآن الكريم أنه ستكتشفُ في تلك الأيام المناجم والأشياء الخافية في باطن الأرض، ويحدث الكسوف والخسوف في السماء.وسيتفشى في الأرض طاعون شديد، وتُعطّل الإبل إذ ستكتشف مطية أخرى تؤدي إلى تعطيل الإبل.فنرى أن الأمتعة التجارية التى كانت تُنقل من قبل على ظهور الإبل، صارت الآن تنقل من مكان إلى آخر بالقطار.وليس بعيدا الوقت الذي سيسافر به الحجيج أيضا إلى المدينة المنورة بالقطار، وبذلك يحققون الحديث الذي جاء فيه: وليتركن القلاص فلا يسعى عليها.
فما دامت هذه هي هي ٦٩ علامات الزمن الأخير وقد تحققت كاملةً، فيتبين أن هذه الدورة الأخيرة من أدوار الدنيا وكما أن الله تعالى خلق سبعة أيام، وشبه كل يوم بألف عام، فتبين من هذا التشبيه أن عمر الدنيا هو سبعة آلاف سنة بحسب النص القرآني.وكذلك إن الله تعالى وتر ويحب الوتر؛ فكما خلق سبعة وترا، كذلك جعلت سبعة آلاف سنةٍ وترا.فيُفهم من هذه الأمور كلها أن هذا هو الزمن الأخير، وهذه هي الدورة الأخيرة للدنيا التي يثبت من الكتب الإلهية ظهور المسيح الموعود على رأسها.لقد شهد النواب صديق حسن خان في كتابه "حجج الكرامة" أن جميع أهل الكشوف الذين خلوا في الإسلام؛ لم يتجاوز أحدهم رأس القرن الرابع عشر في تحديد موعد ظهور المسيح الموعود.العلية لا هنا ينشأ السؤال تلقائيا: ما الحاجة أصلا إلى إرسال المسيح الموعود في هذه الأمة؟ والجواب هو أن الله تعالى قد وعد في القرآن الكريم أن النبي سيكون مثيل موسى من حيث بداية زمن نبوته ونهايتها.فقد كانت المماثلة الأولى من حيث بداية الزمن الذي كان زمن النبي ، وكذلك من حيث الزمن الأخير.فتحققت المماثلة الأولى أنه كما جعل الله تعالى موسى العليا منتصرا على فرعون وجنوده، كذلك جعل النبي منتصرا في نهاية المطاف على أبي جهل - الذي كان فرعون عصره وجنوده، وأهلكهم ووطد دعائم الإسلام في الجزيرة العربية.فبتلك النصرة الإلهية تحققت النبوءة القائلة: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا.أما المماثلة من حيث الزمن الأخير فهي أن الله تعالى بعث في نهاية زمن الملة الموسوية نبيا كان يعارض الجهاد، ولم تربطه بالحروب الدينية علاقة، بل كان يعلم العفو والصفح.وجاء في وقت كانت فيه حالة بني إسرائيل الأخلاقية قد فسدت إلى حد كبير، وانحرفوا بشدة في تصرفاتهم وسلوكياتهم، وتلاشت مملكتهم، فكانوا يعيشون المزمل: ١٦
V.لها.كذلك بعثني تحت إمرة السلطنة الرومانية.وقد بعث ذلك النبي بعد موسى ال بأربعة عشر قرنا بالتحديد، وانتهت عليه سلسلة النبوة الإسرائيلية؛ إذ كان هو اللبنة الأخيرة الله تعالى بصبغة المسيح ابن مريم وصفاته في الزمن الأخير لعهد النبي ، وألغى الجهاد في زمنى، كما أخبر من قبل أن الجهاد القتالي سيُلغى في زمن المسيح الموعود، وأعطاني تعليم العفو والصفح وقد جئتُ حين كانت حالة معظم المسلمين الداخلية قد فسدت مثل اليهود، وتلاشت الروحانية ولم تبق فيهم إلا العادات واتباع التقاليد.وقد أشير إلى هذه الأمور في القرآن الكريم من قبل، واستخدم بحق مسلمي الزمن الأخير الكلمة نفسها استخدمها في حق اليهود فقال: فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ والتي تعني أنكم التي ستعطون الخلافة والسلطنة، ولكن ستُنزَع منكم تلك السلطنة في الزمن الأخير نتيجة سوء أعمالكم كما انتزعت من اليهود.ثم يشير إشارة صريحة في سورة النور إلى أن الصفات التي تحلّى بها الخلفاء في بني إسرائيل سيتحلى بها الخلفاء في هذه الأمة أيضا.فكان عیسی العليا خليفة من خلفاء إسرائيل الذي لم يحمل السيف و لم يقم بالجهاد؛ لذا فقد أُعطيت هذه الأمة بني أيضا مسيحا موعودا بالصفات نفسها فاقرءوا الآية: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي نَنِي لَا يُشْرِكُونَ بي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِن جملة: (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ في هذه الآية جديرة بالتدبر بوجه خاص إذ يُفهم منها أن سلسلة الخلافة المحمدية تماثل سلسلة الخلافة الموسوية.فلما انتهت الخلافة الموسوية على نبي أي عيسى الله الذي بعث على رأس القرن الرابع عشر بعد ،موسى ولم يقم بقتال أو جهاد، فكان ضروريا أن يتحلى الخليفة الأخير من السلسلة المحمدية أيضا بالصفات نفسها.الأعراف: ١٣٠ النور: ٥٦
۷۱ لقد ورد في الأحاديث الصحيحة أيضا أن معظم المسلمين في الزمن الأخير سيشبهون اليهود، وهذا ما أشير إليه في سورة الفاتحة أيضا، لأننا قد عُلِّمنا فيها دعاء أن جَنِّبْنا يا ربَّنا أن نكون مثل اليهود في زمن عيسى الله الذين عارضوه؛ فحل بهم غضب في هذه الدنيا.سنة الله تعالى أنه حين يأمر قوما أو ومن يعلمهم دعاء؛ يكون المراد من ذلك أن بعضا منهم سيرتكبون الذنب الذي منعوا الله منه.فلما كان المراد من الآية: غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِم أولئك اليهود الذين كانوا في زمن الملة الموسوية الأخير، أي في عصر عيسى الل، وكانوا العليا، محل غضب الله لعدم الإيمان بالمسيح الناصري ، فإن هذه الآية تتضمن بحسب السنة المذكورة آنفا نبوءة أن في الزمن الأخير للأمة المحمدية أيضا سينزل المسيح الموعود من الأمة نفسها، وسيعارضه بعض المسلمين، وبذلك سيشبهون اليهود الذين كانوا في زمن المسيح الناصري الله.ولا يصح الاعتراض أنه إذا كان المسيح الآتي سيُبعث من هذه الأمة؛ فلماذا عيسى في الأحاديث؟ ذلك لأن من سنة الله أنه يطلق على البعض اسم غيره، كما سُمِّي أبو جهل فرعون، وسُمِّي نوح ال آدم الثاني في الأحاديث، وسمي النبي يوحنا بإيليا.هذه سنة الله التي لا ينكرها أحد.ولقد شبه الله تعالى المسيح الآتي بالمسيح السابق من ناحية أخرى أيضا؛ وهو أن المسيح الأول، أي عيسى ال قد ظهر على رأس القرن الرابع عشر بعد موسى، كذلك ظهر المسيح الأخير على رأس القرن الرابع عشر بعد النبي ، وذلك بعد زوال الدولة الإسلامية من الهند وقيام الدولة الإنجليزية فيها، كما ظهر المسيح الناصري حين كانت الدولة الإسرائيلية قد زالت وكان اليهود يعيشون تحت إمرة الدولة الرومانية.وهناك مماثلة أخرى بين المسيح الموعود لهذه الأمة وعيسى ال؛ وهي عيسى لم يكن من بني إسرائيل بصورة كاملة، بل كان إسرائيليا من ناحية الأم فقط.كذلك إن بعض الجدات من أبي كنّ من نسل السادات، وإن لم يكن أبي من نسل السادات.لم يحب الله لعيسى ال أن يكون له أب من بني إسرائيل، أن
۷۲ وكان السر في ذلك أن الله تعالى كان ساخطا على بني إسرائيل بشدة لكثرة ذنوبهم، فأراهم إنذارا لهم آيةً أن خلق طفلا فيهم من آيةً أن خلق طفلا فيهم من أم فقط، دون مشاركة أب.فكأنه بقي عند عيسى جزء واحد من جزأي التكوين الإسرائيلي.وكانت في ذلك إشارة إلى أنه لن يكون في النبي المقبل هذا الجزء أيضا.وما دامت الدنيا موشكة على الانتهاء، لذا في ولادتي هذه أيضا إشارة إلى أن القيامة قريبة، وبها يزول الوعد بخلافة قريش.باختصار، كانت هناك حاجة - بغية تحقيق المماثلة بين موسى العليا إلى بعثة المسيح الموعود الذي يظهر محققا تلك الشروط كلها.فكما بدأ السلسلة الإسلامية من مثيل موسى كذلك كان ضروريا أن تنتهي السلسلة على مثيل عيسى ليماثل الآخرُ الأول فهذا أيضا دليل على صدقي؛ ولكن للذين يتدبرون خاشعين الله.رحم ومحمد هذه الله المسلمين ،المعاصرين، فقد تجاوزت معظم أمورهم الإيمانية والعقائدية حدود الظلم والجور كلها؛ يقرأون في القرآن الكريم أن عيسى اللي مات ثم يحسبونه حيا.كذلك يقرأون في سورة النور أن الخلفاء القادمين كلهم سيكونون من هذه الأمة، ثم يعتقدون بنزول عيسى من السماء.يقرأون في الصحيحين أن عيسى الآتي لهذه الأمة سيكون من الأمة نفسها، ثم ينتظرون عيسى الإسرائيلي.يقرأون في القرآن الكريم أن عيسى لن يعود إلى الدنيا، ولكن مع هذا العلم يريدون أن يعيدوه إليها، ومع كل ذلك يدعون إسلامهم أيضا، ويقولون إن عيسى اللة رفع إلى السماء حيا بجسده المادي، ولكن لا يجيبون لماذا رفع؟ كان اليهود يتنازعون في الرفع الروحاني فقط، وكانوا يعتقدون أن روح عيسى لم تُرفع إلى السماء كالمؤمنين لأنه صلب، والمصلوب ملعون؛ أي لا تُرفع روحه إلى الله في السماء.وكان القرآن الكريم فقط سيحكم في هذا النزاع، كما يعلن أنه يكشف أخطاء اليهود والنصارى ويحكم فيما شجر بينهم.كان اليهود ينازعون في أن المسيح عيسى ليس من المؤمنين، و لم يحظ بالنجاة، ولم تُرفع روحه إلى الله تعالى.فكان الأمر الجدير
یرد ۷۳ بالحكم فيه: هل المسيح عيسى مؤمن ونبي صادق من الله أم لا؟ وهل رفعت روحه إلى الله تعالى كالمؤمنين أم لا؟ هذا هو الأمر الذي كان القرآن الكريم سيحكم فيه.فإذا كان المراد من الآية: بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ أن الله تعالى رفع عيسى ال إلى السماء الثانية بجسده المادي؛ فكيف حكم في الأمر المتنازع فيه؟ وكأن الله تعالى لم يفهم الأمر المتنازع فيه وأصدر حكما لا علاقة له بادعاء اليهود أصلا.ثم ورد في الآية بكل وضوح أن عيسى رفع إلى الله، ولم د أنه رفع إلى السماء الثانية، فهل الله وعمل متربع في السماء الثانية؟ أو هل من الضروري من أجل النجاة والإيمان أن يُرفع الجسم أيضا؟ واللافت في الموضوع أنه لم يرد في الآية: (بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ أَيُّ ذكر للسماء.والآية لا تعني إلا أن الله تعالى رفع المسيح إليه.فقولوا الآن، هل رفع إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى عليهم السلام والنبي إلى غير و لم يُرفعوا إليه الله والعياذ بالله! أقول هنا بكل قوة وشدة إن تخصيص المسيح الله بهذه الآية، أي اعتبار الرفع إلى الله خاصا به وحده، واعتبار الأنبياء الآخرين خارجين عن ذلك؛ كفر ما بعده كفر، لأن هذا المعنى يؤدي إلى رفض الأنبياء جميعا ما عدا العلمية لا عیسی مع أن النبي شهد بعد المعراج على الله، رفع رفعهم.وليكن معلوما أن رفع عيسى ذكر تنبيها لليهود ودحضا لاعتراضهم فقط، وإلا فإن هذا النوع من الرفع يشمل الأنبياء والرسل والمؤمنين جميعا، وكل * مؤمن يُرفع بعد موته.ففي الآية: هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبِ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ إشارة إلى هذا النوع من الرفع.أما الكافر فلا يُرفع كما تشير إلى ذلك الآية: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ.والذين النساء: ١٥٩ ۲ ص 01-0.الأعراف: ٤١
٧٤ أخطأوا في ذلك قبل بعثتي فإنهم معذورون لأنهم ما ذُكِّروا، وما أفهموا المعاني الحقيقية لكلام الله، ولكنني ذكرتكم وأفهمتكم المعاني الصحيحة والحقيقية.لو لم آتِ لكان هناك عذر على الخطأ التقليدي؛ أما الآن فلم يبق لكم عذر.لقد شهدت لي السماء والأرض، وشهد بعض من الأولياء في هذه الأمة بذكر اسمي ومسكني على أني أنا المسيح الموعود.وبعض من هؤلاء الشهود قد خلوا قبل بعثتي بثلاثين عاما، وقد سبق أن نشرت شهاداتهم من قبل.وفي العصر نفسه صدقني بعض من السلف الصالح - الذين كان لهم مئات آلاف من المريدين بعد أن تلقوا إلهاما من الله، وسمعوا من النبي في الرؤى.ﷺ وقد ظهرت إلى الآن آلاف الآيات على يدي.كما حدد أنبياء الله الأطهار وقتا وموعدا لبعثتي.ولو تدبرتم لوجدتم أن جوارحكم وقلوبكم أيضا تشهد لي؛ لأن الضعف بكل أنواعه قد تجاوز الحدود، ونسي معظم الناس حلاوة الإيمان.وإن الضعف والهوان والأخطاء والضلال وعبادة الدنيا والظلمة التي أصبح القوم أسيرا لها؛ تقتضي بالطبع أن ينهض أحد ويأخذ بيدهم.ومع ذلك كله أسمى دجالا! ما أشقى القوم الذين يُرسل إليهم دجال وهم في هذه الحالة الخطيرة! وما أتعس أولئك القوم الذين يُنزل عليهم من السماء فساد آخر، وهم يعانون من فساد داخلي سلفا! ويقولون عني: إن هذا الشخص ملعون ولا إيمان له ولقد قيل الكلام نفسه عن عيسى الل ، أيضا ، حتى إن اليهود الخبثاء لا يزالون يقولون به، ولكن الذين يذوقون جهنم يوم القيامة سيقولون: مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَار.لا شك أن أبناء الدنيا عادوا المبعوثين من الله دائما؛ لأن حب الدنيا وحب المرسلين من الله لا يجتمعان في مكان واحد أبدا.لو لم تحبوا الدنيا لعرفتموني، ولكنكم لا تعرفونني الآن.ص: ٦٣
Vo أن عیسی إضافة إلى ذلك، إذا كان صحيحا أن معنى الآية: بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ هو العليا قد رفع إلى السماء الثانية؛ فلا بد من تقديم آية صدر فيها الحكم في الأمر المتنازع فيه اليهود الموجودون إلى يومنا هذا لا يزالون ينكرون هذا المعنى لرفع المسيح ويقولون إنه ما كان مؤمنا ولا صادقا والعياذ بالله - ولم ترفع روحه إلى الله.وإذا ارتبتم في ذلك فاستفسروا من علماء اليهود؛ ألا يستنتجون من الموت على الصليب عدم صعود الروح إلى السماء مع الجسد؟ بل يقولون مجمعين إن الذي يموت على الصليب ملعون ولا يُرفع إلى الله.لذلك فقد أنكر الله تعالى في القرآن الكريم موت عيسى على الصليب وقال: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ.وأضاف في الآية كلمة: قَتَلُوهُ) إلى صَلَبُوهُ لتدل على أن مجرد التعليق على الصليب لا يوجب اللعنة، بل الشرط هو أن يعلق أحدٌ على الصليب وأن تكسر ساقاه بنية القتل وأن يُقتل فعلا، عندها يكون ذلك الموتُ موت اللعنة، ولكن الله تعالى عصم عيسى العليا من هذه الميتة.لقد علق على الصليب ولكنه لم يمت عليه، غير أنه قد أُلقيت الشبهة في قلوب اليهود كأنه مات على الصليب كذلك خُدع النصارى أيضا بالخديعة نفسها، إلا أنهم ظنوا أنه قد قام حيًّا بعد الموت.والحق أنه قد أُغمي عليه من صدمة الصليب، وهذا ما تعنيه العبارة شبه لَهُمْ.إن وصفة "مرهم عيسى" تشكل شهادة قوية على هذا الحادث، وظلـــــت مذكورة منذ مئات السنين في قراباذين العبرانيين والرومان واليونانيين والمسلمين حيث يقولون عنها بأنها رُكبت من أجل عيسى العلية لا.باختصار، إن الأفكار القائلة بأن الله تعالى قد رفع المسيح ال إلى السماء بجسده؛ مخجلة للغاية، لأنها توحي وكأنه ما كان يخاف أن يقبض عليه اليهود.والذين لم يعرفوا حقيقة النزاع قد نشروا أفكارا كهذه.وفي هذه الأفكار النساء: ١٥٩ ۲ النساء: ١٥٨
٧٦ إساءة إلى النبي لأن كفار قريش طلبوا منه بكل إصرار وإلحاح معجزةً أن يرقى في السماء أمام أعينهم وينزل منها بكتاب حتى يؤمنوا به جميعا، ولكن الله تعالى ردَّ عليهم قائلا: قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا)، أي إنني بشر، والله بريء من أن يرفع البشر إلى السماء خلافا لسنته مع أنه قد وعد أن البشر كلهم سيعيشون على الأرض فقط ولكنه رفع المسيح إلى السماء بالجسد ولم يهتم بوعده قط، وقد قال فيها تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ.يظن بعض الناس أنه لا حاجة لهم إلى الإيمان بالمسيح الموعود، ويقولون: مع أننا قبلنا وفاة عيسى ال ولكن ما دمنا مسلمين ونصلي ونصوم ونتبع أحكام الإسلام فما حاجتنا إلى أحد أصلا؟ وليكن معلوما أن أصحاب هذه الأفكار مخطئون خطأ كبيرا.فأولا : كيف يصح ادّعاؤهم الإسلام وهم لا يعملون بما أمر الله ورسوله؟ فقد أُمروا أن يفروا إليه دون أدنى تأخير ولو حبوا على الثلج إذا ظهر ذلك الإمام، ولكنهم على النقيض من ذلك لا يبالون بهذا الأمر أدنى مبالاة.هل هذا هو الإسلام؟ وهل هذه شيمة المسلمين؟ ليس ذلك فحسب؛ بل يكيلون لي شتائم بذيئة ويكفرونني ويسمونني دجالا.والذي يؤذيني يحسب أنه قام بعمل يُثاب عليه، والذي يكذبني يظن أنه أرضى الله تعالى.يا مَن عُلِّموا الصبر والتقوى من علمكم التسرع وسوء الظن؟ هل من آية لم يظهرها الله تعالى؟ وأي برهان لم يقدمه له ولكنكم ما قبلتم وأعرضتم ثم ترفضون وتعرضون عن أحكام الله متجاسرين بمن أشبه المحتالين المعاصرين؟ إنهم، كمكار يُغمض عينيه في يوم مشرق ثم يقول: أين الشمس؟ فيا من تخدع نفسك، افتح عينك أولا ترى الشمس.إن تكفير مرسل من سهل، ولكن اتباعه في سبل الإيمان الدقيقة صعب.إن تسمية مبعوث من الإسراء: ٩٤ ٢ الأعراف: ٢٦ الله الله:
VV دجالاً سهل؛ ولكن دخول باب ضيق- عملا بتعليمه- صعب.كل من يقول بأنه لا يبالي بالمسيح الموعود؛ فهو لا يبالي بالإيمان في الحقيقة.هؤلاء الناس غافلون عن الإيمان الحقيقي والنجاة والطهارة الصادقة.ولو عدلوا شيئا وفحصوا حالتهم الباطنية؛ لعلموا أن صلواتهم بدون اليقين المتجدد- الذي ينزل من السماء بواسطة رسل الله وأنبيائه - ليست إلا عادة وتقليد.وإن صيامهم ليس إلا جوع فقط.الحق أنه لا يستطيع أحد أن يتخلص من الذنوب حقيقةً، ولا يسعه أن يحب الله تعالى حبا صادقا، ولا يمكنه أن يخشى الله كما هو حقه ما لم يحظ بمعرفة الله تعالى بمحض فضله ورحمته، وما لم يُوهب قوة من عنده وتعالى.واضح تماما أن كل نوع من الخوف والحب يتأتى بالمعرفة.إن جميع أشياء الدنيا التي يُلقي لها الإنسان ،بالا، لا تنشأ في قلب الإنسان حالات حبها أو خوفها والفرار منها إلا ؛ بعد المعرفة فقط.غير أنه صحيح تماما أن المعرفة لا تتأتى دون فضل الله تعالى، ولا تنفع ما لم يحالفها فضل ال فالمعرفة تأتي الله ثم بالمعرفة يُفتح باب رؤية الحق والبحث عن الحق.ثم يبقى هذا بفضل منه الباب مفتوحا بسبب تكرار نزول الفضل فقط، ولا يُغلق.باختصار، إن المعرفة تأتي بالفضل وتدوم بالفضل وحده.الفضل يجعل المعرفة نزيهة ووضاءة للغاية ويرفع الحجب كلها، ويزيل غبار النفس الأمارة، ويهب الروح قوة وحياة، ويُخرج النفس الأمارة من قوقعتها، ويطهرها من قذارة الأهواء السيئة، ويُخرجها من سيل أهوائها العارم عندها يحدث في الإنسان تغير؛ فيتبرأ بطبيعته من الحياة القذرة.النشاط الأول الذي يحدث في الروح بعد الدعاء.ذلك نتيجة الفضل هو لا تظنوا بأنكم تدعون كل يوم وإن الصلاة التي تصلونها هي الدعاء كلها لأن الدعاء الذي ينبع عن المعرفة الحقيقية ونتيجة فضل الله تعالى يتميز بصبغة خاصة وكيفية مختلفة تمامًا.إن ذلك الدعاء قادر على الإفناء، إنه نار تذيب القلب.إنه قوةٌ مغناطيسية تجذب رحمة الله.إنه موت يهب الحياة في نهاية
۷۸ 28 المطاف.إنه لسيل ،عارم، إلا أنه يتحول إلى سفينة في النهاية، وبه يستقيم كل أمر قد فسد، وبفضله يتحول كل سُمّ إلى ترياق في آخر الأمر.فطوبى للسجناء الذين يدعون ولا يملون لأنهم سينالون الحرية في يوم من الأيام.وطوبى للعميان الذين لا يتوانون في الدعاء، لأنهم سيبصرون يوما.طوبى للراقدين في القبور الذين يستعينون الله بالدعاء، لأنهم سيخرجون منها يوما.وطوبى لكم حين لا تكلُّون ولا تملون من الدعاء، وتذوب أرواحكم للدعاء، وتذرف عيونكم الدموع، ويُحدث الدعاء حرقة في صدوركم، ويحدو بكم لكي تتمتعوا بالبكاء والابتهال في الخلوة والانفراد- إلى الحجرات المظلمة والفلوات المقفرة، ويجعلكم مضطربين مفتونين مجذوبين؛ فطوبى لكم لأنكم سوف تحظون بفضل الله في آخر الأمر.الإله الذي أدعو إليه؛ كريم رحيمٌ حَبِي صادق وفي، ويرحم المتواضعين.فكونوا من المخلصين، وادعوا بكامل الصدق والوفاء يرحمكم الله.ابتعدوا عن شغب الدنيا وضجيجها، ولا تعطوا لخصوماتكم النابعة عن أهوائكم صبغة دينية.ينبغي أن تستسلموا لوجه الله حتى ترثوا فتوحات كبيرة.سوف يُري الله تعالى معجزات للذين يدعون، وسيُعطَى الطالبون نعمة خارقة للعادة.الدعاء يأتي من الله ويرجع إليه.وبسبب الدعاء يتقرب الله تعالى منكم كقرب أنفسكم منكم.إن النعمة الأولى للدعاء هي أن تغيرا طاهرا يحدث في الإنسان، فيُحدِث الله تغييرًا في صفاته أيضا نتيجة التغير المذكور.مع أنه لا تبديل لصفات الله في الواقع، ولكن الذي يُحدِث في نفسه تغييرا؛ يلاحظ تجليا إلهيا مختلفا لا تعرفه الدنيا، وكأنه إله آخر مع أنه ليس إلها آخر بل تجليه الجديد يُظهره بصورة جديدة.عندئذ ينجز للشخص الحائز على تغيير بسبب تجليه الخاص أعمالا لا يُنجزها لغيره، وهذه هي الخوارق.الدعاء إكسير يحوّل حفنة من التراب تبرًا، وإنه ماء يغسل الأدران الباطنية، وإنه ابتهال تذوب معه الروح وتسيل مثل الماء وتخرّ على عتبة حضرة الأحدية، فهي تقوم في حضرة الله وتركع وتسجد أيضا.وصورة ذلك تلك الصلاة التي
۷۹ علمها الإسلام.والمراد من قيام الروح هو أنها تكون مستعدة لتحمّل الصعاب والانصياع لكل أمر في سبيل الله.والمراد من ركوعها أنها تركع الله الله تاركة كل أنواع الحب والعلاقات، وتصبح وحده.والمراد من سجودها أنها تخرّ على وتتخلى عن إرادتها كليا، وتمحو وجودها تماما.هذه الصلاة توصل عتبات الله صاحبها إلى الله.وقد صوَّرها الشرع الإسلامي في الصلاة لتتحرك صلاة الجسد إلى صلاة الروح؛ لأن الله تعالى قد خلق الإنسان بحيث تؤثر الروح في الجسد، ويؤثر الجسد في الروح.فحين تحزن روحكم تسيل الدموع من عينيكم أيضا، وحين تُسرُّ الروح تعلو البشاشة وجوهكم لدرجة أن الإنسان يضحك عفويا في كثير من الأحيان، كذلك حين يعاني جسده الألم والأذى تشاركه الروح أيضا فيهما، وعندما يسعد الجسد مثلا بجوّ النسيم البارد، تنال الروح أيضا نصيبا منه.والركوع أجل فالهدف من العبادات الجسدية أن تكون هناك هو بسبب العلاقات بين الروح والجسد- حركة في الروح إلى الله الواحد الأحد، فتعكف على القيام ع والسجود الروحاني؛ لأن الإنسان بحاجة إلى المجاهدات من الرقي، وهذا أيضا نوع من المجاهدة.واضح أنه إذا كان هناك شيئان ملتصقين ببعضهما، ورفعنا أحدهما؛ لتحرك الملتصق به أيضا.ولكن لا طائل من وراء القيام والركوع والسجود الجسدي وحده ما لم يرافقه السعي لمشاركة الروح أيضا بطريقتها.وهذا الاشتراك يعتمد على المعرفة والمعرفة تعتمد على فضل الله.لقد جرت سنة الله منذ القدم، أي منذ خلق الإنسان، أن يلقي الله بفضله العظيم روح القدس على من يشاء أولاً، ثم يُنشئ فيه حبه بواسطة روح القدس ويرزقه الصدق والثبات ويقوّي معرفته بآياته الكثيرة، ويزيل منه كافة أنواع الضعف حتى يكون مستعدا في الحقيقة للتضحية بنفسه في سبيله تعالى.وتنشأ فيه علاقة وطيدة لا تنفك تلك عن الذات الأزلية؛ بحيث لا تنقطع في أية مصيبة ولا يسع سيفا أن يقطعها.وذلك الحب لا يكون مستندا إلى سنَدٍ مؤقت، ولا مبنيا على الطمع في الجنة ولا على
۸۰ خوف النار، ولا علاقة له براحة الدنيا وأموالها، بل يكون مبنيا على علاقة مجهولة الكنه لا يعلمها إلا الله.الله تعالى والأغرب من ذلك أن أسير هذا الحب أيضا لا يدرك كنه تلك العلاقة ولا يدرك سببها وما هي الأمنية والكيفية وراءها؛ لأنها تكون علاقة من الأزل.إنها لا تنشأ بسبب المعرفة، بل المعرفة تأتي بعدها وتصقلها.كما أن النار تكون كامنة في الحجر سلفا فتخرج الشَرَرُ من الزند.فإن شخصاً كهذا يكون من ناحية متحليا بحب الله الذاتي، ومن ناحية أخرى يعشق مواساة خلق الله وإصلاحهم.فتكون له من جانب علاقة مع تجذبه إليه باستمرار، ومن جانب آخر يكون على علاقة مع بني البشر، فيجذب إلى نفسه ذوي الطبائع السليمة منهم كما تجذب الشمس إليها جميع طبقات الأرض وتكون بدورها مجذوبة باتجاه ما هكذا تماما تكون حالة ذلك الشخص.فهؤلاء الناس يُسمون الأنبياء والرسل والمحدثين في مصطلح الإسلام.إنهم يُكرمون بمكالمات الله ومخاطباته المقدسة، وتظهر على أيديهم الخوارق، وتجاب معظم أدعيتهم، ويتلقون استجابات من الله تعالى على أدعيتهم بكثرة.يقول بعض الجهال في هذا المقام بأننا أيضا نرى رؤى صادقة، وقد يُستجاب دعاؤنا، ونتلقى إلهاما أيضا أحيانا، فما الفرق بيننا وبين الرسل؟ إنهم يرون أن أنبياء الله إما خادعون أو مخدوعون؛ إذ يعتزون بشيء بسيط جدا ولا فرق بينهم وبين غيرهم قط.إنها لفكرة متعجرفة يهلك بسببها كثير من الناس في له ؛ العصر الراهن.أما الباحث عن الحق، فالجواب على هذه الأوهام واضح صحيح تماما أن الله تعالى قد اصطفى حزبا بفضله ورحمته الخاصة أنه وهو وأعطاهم نصيبا وفيرا من نعمه الروحانية، لذا فمع أنه قد ظل هؤلاء المعاندون والعميان ينكرون الأنبياء دائما، ولكن أنبياء الله وعمل كانوا هم الغالبين عليهم، وإن نورهم الخارق ظل يظهر دائما بطريقة اضطر العاقلون إلى الإقرار بأن هناك فرقا عظيما بينهم وبين غيرهم.فالمعلوم أن المفلس المتسول أيضا يملك دراهم معدودة، بينما يملك الملك من الدراهم ما يملأ ،خزائن ولكن لا يحق للمتسول
۸۱ أن يدعي أنه يساوي الملك.كما أن هناك ضوءا في اليراعة فتلمع ليلا، وكذلك الشمس مضيئة، ولكن ليس لليراعة أن تدعي التساوي مع الشمس.إن بذرة الرؤيا والكشف والإلهام التي بذرها الله في نفوس عامة الناس إلى حد ما، كان السبب الوحيد وراءها ليتمكنوا من معرفة الأنبياء عليهم السلام بناء على تجربتهم الشخصية، ولتتم الحجة عليهم من هذه الناحية أيضا ولا يبقى لهم عذر.والمزية الأخرى في عباد الله الأصفياء هؤلاء هي أنهم يملكون تأثيرا وجذبا ويُرسلون لتأسيس الأجيال الروحانية في الدنيا وبما أنهم يهدون على بصيرة ويرفعون حجب المخلوق المظلمة؛ فتنشأ بهم في القلوب معرفة الله الصادقة حب هم الله كان الحقيقي والزهد والتقوى والذوق والحلاوة الصادقة.وإن قطع العلاقة يقطع الغصن علاقته بشجرته إن هذه العلاقات تتميز ببدء نمو الروحانية وازدهارها في كل حدب وصوب فور نشوئها، بشرط الانسجام.وكلما قطعت العلاقة اعتلى الإيمان الغبار فورا.إذًا، إنه لتعجرف بحث أن يقول أحد بأنه ليس بحاجة إلى أنبياء الله ورسله بل هو علامة سلب الإيمان.وإن صاحب هذه الأفكار يخدع نفسه حين يقول: ألا أصلي، ألا أصوم، ألا أنطق بالشهادة؟ إنما يقول ذلك لأنه يجهل الإيمان الصادق والذوق والخضوع الحقيقي.فعليه أن يفكر أنه مما لا شك فيه أن الله تعالى هو الذي خلق الإنسان، ولكنه الله جعل بعض الناس سببا لخلق غيرهم؛ فكما أن هناك آباء ماديين في السلسلة الجسدية يولد الإنسان بواسطتهم كذلك هناك آباء روحانيون في السلسلة الروحانية يولد الإنسان بواسطتهم ولادة روحانية.فاحذروا ولا تخدعوا أنفسكم بإسلامكم الظاهري.اقرأوا كلام لتعرفوا ما الذي يريده الله منكم.إنما يريد و منكم ما علمتموه في سورة الفاتحة دعاء: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم.فما دام الله تعالى ينصحكم أن تدعوا في صلواتكم الخمس لتُعطوا نعما أعطيها الأنبياء والرسل؛ فأنّى لكم أن تنالوها بدون وسيلة الأنبياء والرسل؟ فلا بد من أن يأتي الله بتدبر
۸۲ أنبياء الله بين حين وآخر بُغية رفعكم إلى مرتبة اليقين والحب لتنالوا النعم بواسطتهم.تسمع فهل ستخاصمون الله، وتنقضون سنته القديمة؟ هل للنطفة أن تقول بأنها لم ترد أن تتولّد من الأب؟ وهل يجوز للأذن أن تقول بأنها لا تريد أن بواسطة الهواء؟ أيُّ غباوة أكبر من مهاجمة سنة الله القديمة؟ وفي الأخير أريد أن أوضح أيضا أن مجيئي من الله تعالى في هذا الزمن لا يهدف إلى إصلاح المسلمين فقط، بل قصد به إصلاح الأمم الثلاث؛ المسلمين والهندوس والمسيحيين.وكما أرسلني الله تعالى مسيحا موعودا للمسلمين والنصارى، كذلك أنا أوتار" (أي مبعوث للهندوس أيضا.وأعلن منذ عشرين عاما أو أكثر أني جئت بصفة المسيح ابن مريم لإزالة الذنوب التي ملئت بها الأرض، كذلك جئت بصفة الراجا "كرشنا" أيضا؛ الذي كان نبيا من الأنبياء الكبار في الهندوسية، أو يمكن القول كأني هُوَ هُوَ من الناحية الروحانية.وهذا الكلام ليس من بنات أفكاري أو تخمينا مني، بل هذا ما كشفه عليّ رب السماء والأرض.وليس مرة واحدة بل أخبرني مرارا أنك "كرشنا" للهندوس و"المسيح الموعود" للمسلمين والمسيحيين.أعلم أن الجهلاء من المسلمين سيقولون عنّي فورا إثر سماعهم هذا الكلام: إنه الكفر صراحة بإطلاقه اسم كافر على نفسه، ولكن هذا وحي من الله تعالى ولا يسعني إلا أن أُصرّح به واليوم هو اليوم الأول الذي أطرح فيه هذا الأمر أمام جمع غفير كهذا لأن الذين يأتون من الله تعالى لا يخافون لومة لائم.وليتضح الآن- كما كشف علي أن الراجا كرشنا كان في الحقيقة إنسانا كاملا لا نظير له في "المقدسين" أو "الأنبياء" عند الهندوس، وكان "أوتارا" أي نبي عصره، وكان روح القدس ينزل عليه من الله تعالى.ورزقه الله الله الفتح والازدهار وطهر أرض الهند من الذنوب.وكان بحق نبي عصره، ولكن تعاليمه قد شُوِّهت بأمور كثيرة فيما بعد.كان فياضاً بحب الله تعالى، يحب الخير ويعادي الشر.ولقد وعد الله أن يبعث بروزه أي ظله في الزمن الأخير؛ وقد
۸۳ تحقق ذلك الوعد ببعثتي.ومن جملة الإلهامات التي تلقيتها عن نفسي إلهاما تعريبه: "يا" ،کرشنا قاتل الخنزير وراعى الأبقار، مدحك مسجل في الجيتا".أحب "كرشنا" لأني مظهره.وهناك ر آخر وهو أن الصفات التي ذكرت "كرشنا" (أي مزيل الذنوب وجابر خاطر الفقراء ومربيهم) هي نفسها صفات المسيح الموعود.لذا فإن كرشنا والمسيح الموعود هما شخص واحد من فإني سر تلقاء حيث الروحانية، غير أن هناك مغايرة في الاصطلاح بين الأقوام المختلفة.والآن أريد أن أنبه الآريين إلى بعض أخطائهم بصفتي كرشنا.فمنها ما ذكرته سابقا بأن الاعتقاد والإيمان بكون الأرواح وذرات العالم أزلية وغير مخلوقة ليس صحيحا.ما من كائن أو شيء هو غير مخلوق إلا الله الذي الذي لا يستند إلى غيره في حياته إلى غيره.أما الأشياء التي تعيش بالاستناد إلى غيرها فلا يمكن أن تكون غير مخلوقة.هل صفات الأرواح وقواها وجدت من نفسها، وليس لها خالق؟ إذا كان ذلك صحيحا فيمكن للأرواح أن تدخل الأجسام أيضا من تلقاء نفسها، كذلك يمكن اتصال الذرات وانفصالها أيضا تلقائيا، وبذلك لن يبقى في يدكم أي دليل عقلي للإيمان بوجود الإله، لأنه لو قبل العقل أن الأرواح بكل صفاتها وقواها قد وُجدت من تلقاء نفسها، لقبل الأمر الثاني أيضا بكل سرور ؛ وهو أن اتصال الأرواح والأجسام وانفصالها أيضا يمكن أن يحدث تلقائيا.وما دام السبيل إلى الحدوث تلقائيا مفتوحا، فلا مبرر لأن يُترك سبيل مفتوحا ويُغلق سبيل آخر.هذا الأسلوب لا يبرره أي منطق على الإطلاق.إن هذا الخطأ قد ورّط الآريين في خطأ آخر يضرهم كما يضر الإلة خطأهم الأول.والخطأ هو أنهم يحسبون النجاة مؤقتة، وجعل التناسخ في الأعناق كالأغلال التي لا خلاص منها أبدا.ليس للعقل السليم أن يجيز نسب هذا البخل وضيق الأفق إلى الله الرحيم والكريم.فلما كان الإله قادرا على منح النجاة الأبدية، وهو ذو القدرة كلها؛ فلا يُعقل أن يبخل بهذه الطريقة ويحرم العباد من فيض قدرته.وهذا الاعتراض
٨٤ يتقوى أكثر حين نرى أن الأرواح التي أوقعها الإله في عذاب طويل الأمد وكتب في نصيبها التعرض لعملية التناسخ المتكررة إلى الأبد؛ ليست من خلقه أصلا.وجواب الآريين على هذا الاعتراض هو أن الإله كان قادرا على منح النجاة الأبدية لأنه القدير المطلق، ولكن قد وقع خياره على أن تكون النجاة مؤقتة كيلا تنقطع سلسلة التناسخ.ولما كانت الأرواح محدودة العدد ولا يمكن أن تزيد على ذلك، فإذا كانت النجاة أبدية لما استمرت عملية التناسخ لأن الروح التي نالت نجاة أبدية ودخلت الجنة تكون وكأنها انفلتت من يد الإله، لتكون النتيجة النهائية والحتمية لهذا الانفلات اليومي أن لا تبقى في يوم من الأيام أي روح في يد الله ليدخلها في عملية التناسخ، بل لانتهت هذه العملية يوما ما فيجلس الإله عاطلا.فبسبب هذه الصعاب جعل الإله النجاة مؤقتة.هنا يقع اعتراض آخر أيضا وهو: لماذا يخرج الإله من مكان النجاة مرارا أولئك الأبرياء الذين نالوا النجاة مرة وتطهروا من الذنوب؟ لقد دحض الإله هذا الاعتراض بأن أبقى ذنبا واحدا في حساب كل من يدخل مكان النجاة، وبناء على ذلك الذنب وعقابا عليه تُخرج كل روح من مكان النجاة.هذه هي مبادئ الآريين.فاعدلوا وأنصفوا؛ أنّى لمن يواجه هذه المشاكل أن يسمى إلها؟ الأسف كل الأسف أن الآريين أوقعوا أنفسهم في مصائب جمةٍ بإنكارهم قضية واضحة وهي صفة الله "الخالق"، وأساءوا إلى الله بقياسهم أفعال الإله على أفعالهم و لم يفكروا أنه يختلف عن المخلوق في كل صفة من صفاته.إن قياس الله بمقياس صفات المخلوق خطأ يسميه المناظرون "القياس مع الفارق".ثم إن القول بأنه لا يمكن الخلق من العدم ناتج عن نقص معرفة العقل بعملية الخلق.إن تصنيف صفات الله الله أيضا تحت هذا المبدأ ليس إلا قصور الفهم بعينه إن الله يكلم دون لسان مادي، ويسمع بغير أذن مادية، ويرى دون عيون مادية كذلك فإنه يخلق أيضا بغير لوازم مادية.إن اعتباره محتاجا إلى المادة للخلق إنما هو تجريده من الصفات الإلهية.
٨٥ والفساد الكبير الآخر في هذه العقيدة هو أنها تؤدي إلى إشراك كل ذرة بالله تعالى في صفة أزليَّته.إن عبدة الأصنام يُشركون بالله بضعة أصنام فقط، أما وفقا لهذه العقيدة فكل العالم يصبح شريكا له ل لأن كل ذرة تُعدّ إلها في ذاتها.يعلم الله أني لا أقول هذا الكلام مدفوعا ببغض أو عداوة، ولكني واثق أنه لا يمكن أن يكون هذا التعليم من الفيدا" الأصلي.أعلم أن المتفلسفين اعتنقوا معتقدات أدت إلى إلحاد كثير من الناس في نهاية المطاف.فأخشى إن لم يتخلّ الهندوس عن هذا الاعتقاد أن يلاقوا العاقبة نفسها.وإن التناسخ الذي هو فرع هذا الاعتقاد يصم أيضا رُحْمَ الله وفضله بوصمة عيب كبير؛ لأننا نرى أحيانا تجمُّعَ مليار من النمل بل أكثر من ذلك في مكان لا يتعدّى بضعة أشبار ونرى وجود آلاف الكائنات في قطرة ماء واحدة، كما تمتلئ الأنهار والبحار والبراري والفلوات بأنواع الحيوانات والحشرات والكائنات التي لا مجال لمقارنة عددها بعدد الناس.ففي هذه الحالة لا بد أن يخطر بالبال- إذا كان مبدأ التناسخ صحيحا بافتراض محال – ماذا خلق الإله إلى الآن؟ ومن الذي وهبه النجاة، وماذا يمكن أن نتوقع في المستقبل؟ إضافة إلى ذلك هناك مبدأ آخر لا يُعقل؛ وهو أن يعاقب أحد دون أن يُطلع على جريمته.ثم الطامة الكبرى الأخرى هي أن النجاة تعتمد على العلم، ولكن العلم في هذه الحالة يضيع باستمرار، إذ أن الذي يأتي إلى الدنيا بولادة أخرى مهما كان بانديتا كبيرا لا يعود يذكر شيئا من الفيدا.فتبين من ذلك أن نيل النجاة من خلال الولادات المتكررة مستحيل أصلا.ثم إن النساء والرجال الذين يأتون إلى الدنيا وفق مبدأ الولادات المتكررة لا تأتي معهم قائمة تبين علاقات القرابة بينهم كي لا يتزوج أحدهم امرأة ولدت حديثا ولكنها أخته أو أمه في الحقيقة.أما فيما يتعلق بقضية "نيوك " الرائجة في الآريين في هذا العصر، فأنصحهم مرارا أن يتخلوا عنها بكل ما في وسعهم.إذ لا يمكن أن تقبل غيرة الرجل أن يسمح لزوجته المحصنة والمنوط بها جُل عرضه وكرامته أن تضاجع الآخرين
٨٦ لمجرد الحصول على الأولاد مع كونه زوجها الشرعي، ومع قيام علاقة الزوجية بينهما.لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع، بل أتركه لضمير الأشراف من الناس.ومع كل ذلك يحاول الآريون دعوة المسلمين إلى ديانتهم! أقول إن كل عاقل يكون جاهزا لقبول الحق، ولكن ليس من الحق في شيء أن تنفى تماما صفة الخلق عن الإله الذي أثبت وجوده بقدراته العظيمة، وألا يُعتبر مصدرا للفيوض كلها.إن إلها كهذا لا يمكن أن يكون إلها أصلا.لقد عرف الإنسانُ الله تعالى من خلال قدراته ، ولما لم تعد فيه أية قدرة وصار محتاجا إلى الأسباب مثلنا؛ فسينغلق باب معرفته عل.إضافة إلى ذلك إن الله تعالى يستحق العبادة بناء على إحساناته، ولكن لـما لم يخلق الأرواح أصلا، ولا توجد فيه صفة المنّ والإحسان دون عمل عامل، فكيف يستحق هذا الإله عبادة؟ بقدر ما نتدبر ،هذا نجد أن الآريين لم يقدموا نموذجا حسنا لدينهم؛ إذ قدموا إلهًا ضعيفا وحقودا بحيث لا يهب أحدا نجاة دائمة، وغضبه أبدي لا يزول مع إنزال العقاب إلى ملايين السنين.إلهم وصموا ثقافتهم القومية بوصمة سوداء بسبب "نيوك" وبذلك صالوا على عرض السيدات العفيفات أيضا وأحدثوا فسادا مخجلا في حقوق الله وحقوق العباد كليهما.فهذه الديانة أقرب ما تكون إلى الإلحاد من حيث تعطيل الإله عن العمل، أما من ناحية "نيوك" فهي أقرب إلى قوم لا يسوغ لي ذكرهم.هنا أجدني مندفعا للقول بألم يعتصر قلبي: إن معظم الآريين والمسيحيين معتادون بشدة على الهجوم غير المبرر على مبادئ الإسلام الحقة والكاملة ولكنهم غافلون بشدة عن خلق الروحانية في دينهم.ليس المراد من الدين أن يسيء الإنسان إلى جميع الأكابر والأنبياء والرسل في العالم، بل هذا يُعارض الهدف الحقيقي من الدين.الهدف الحقيقي من الدين هو أن يطهر الإنسان نفسه من كل سيئة ويجعل روحه تخرّ على أعتاب الله تعالى دائما، ويمتلئ باليقين والحب والمعرفة والصدق والإخلاص ويحدث فيه تغير صادق لينال حياة الجنة في هذه الدنيا.ولكن متى وكيف تكتسب الحسنة الحقيقة بهذه المعتقدات التي
۸۷ تعلم الناس أن يؤمنوا بدم المسيح، ثم يظنوا في أنفسهم أنهم تطهروا من الذنوب؟! أية طهارة هذه التي لا تحتاج إلى تزكية النفس؟! الطهارة الحقيقية تتأتى حين يتوب الإنسان من الحياة القذرة ويتطلع إلى حياة طاهرة.ولبلوغ هذا الهدف هناك حاجة ماسة إلى ثلاثة أمور: أولا: السعي والمجاهدة أي يجب على الإنسان أن يسعى جهد المستطيع للتخلي عن الحياة القذرة.ثانيا: الدعاء، أي أن يتضرع في حضرة الله دائما ليُخرجه بيده و من العيش القذر، ويخلق فيه نارا تحرق السيئة حرقها العشب والكلأ، وأن يهبه الله تتغلب على الأهواء النفسانية.فعلى الإنسان أن يستمر في هذا الدعاء إلى أن قوة يأتي وقت نزول نور من الله على قلبه، وهبوط شعاع منير على نفسه يزيل الظلمات كلها، ويُبعد عنه الضعف كله ويحدث فيه تغييرا طيبا؛ لأن في الدعاء تأثيرا بلا أدنى شك.فإذا أمكن أن تحيا الأموات فبالأدعية، وإذا أمكن أن يُطلق سراح الأسرى فبالأدعية، وإذا أمكن تطهير القذرين فبالأدعية وحدها.ولكن الدعاء والموت أمران متقاربان جدا.والطريق الثالث هو صحبة الكمل والصالحين، لأن سراجا يمكن أن يُشعِل سراجًا.فهذه الطرق الثلاثة للتخلص من الذنوب لو اجتمعت في أحد، لحالفه فضل الله تعالى في نهاية المطاف، وليس أن يعتنق عقيدة دم المسيح ويحسب في نفسه أنه نجا من الذنوب؛ إن هذا إلا خديعة يخدع بها الإنسان نفسه.لقد خُلق الإنسان لهدف ،عظيم، ولا يكمن كماله في هجر الذنوب فقط، إذ هناك عجماوات كثيرة أيضا لا تقترف ذنبًا، فهل يمكن أن تُعَدَّ من الكمل؟ أو هل يمكن أن ننال من أحد جائزة بقولنا له: إننا لم نخطئ في حقك؟ بل لا تُنال الجوائز إلا نتيجة الخدمات المخلصة.والخدمة في سبيل أن يكون الإنسان له وحده، ويقطع بحبه أواصر الحب الأخرى كلها، ويتخلى عن رضاه ابتغاء مرضاة الله عل.الله هي
لقد ضرب القرآن الكريم بهذا الصدد مثلا جميلا للغاية وهو أنه لا يمكن لأحد أن يكون مؤمنا كاملا ما لم يشرب شرابين اثنين؛ الشراب الأول لإخماد حب الذنوب، وقد سمى القرآن الكريم هذا الشراب بالكافور.والشراب الثاني هو لملء القلب بحب الله تعالى وسماه القرآن الكريم زنجبيلاً.ولكن الأسف كل الأسف أن المسيحيين والآريين لم ينهجوا هذا النهج.لقد مال الآريون إلى أن الذنب يعاقب عليه في كل الأحوال سواء أتاب مرتكبه أم لم يتب، لذلك لا بد من المرور في عملية التناسخ بالتكرار.أما المسيحيون فيبينون للتخلص من الذنوب سبيلا ذكرته قبل قليل فكلا الفريقين ابتعد عن الهدف الحقيقي، ويهيم بعيدا في الفلوات على غير هدى.لقد وجهت هذا الكلام إلى الآريين، أما حالة المسيحيين، الذين يبذلون قصارى جهدهم لنشر دينهم، فهي مؤسفة أكثر من الآريين.يسعى الآريون في هذا العصر إلى أن يتخلوا بشكل من الأشكال عن مذهبهم القديم، أي عبادة المخلوق.أما المسيحيون فليسوا متورطين في عبادة المخلوق بأنفسهم فقط، بل يريدون أن يقحموا فيها العالم كله.فقد اتخذوا المسيح الله إلها تعتنا من أنفسهم، مع أنه لا توجد فيه أية قدرة لا توجد في الأنبياء الآخرين.بل الحق أن بعض الأنبياء فاقوه في إظهار المعجزات.وإن نقاط ضعفه تشهد بكل جلاء أنه كان إنسانا محضا، ولم يقل عن نفسه ما يدل على أنه ادعى الألوهية.الاستدلال من كلامه على ألوهيته استدلال خاطئ تماما، إذ تتخلل كلام الأنبياء آلاف من كلمات الله من هذا القبيل على سبيل الاستعارة والمجاز، وليس لعاقل عند أن 28 يستنتج منها الألوهية، بل هو شيمة المولعين بتأليه الإنسان دون مبرر.أقول حلفا بالله : إن في وحيي وإلهاماتي كلمات أكبر منها، فلو ثبتت بها ألوهية المسيح ال لكان لي أيضا الحق والعياذ بالله، أن أدعي الأمر نفسه.فاعلموا أن ادعاء الألوهية تهمة سافرة ألصقت بالمسيح ال، لأنه لم يدع الألوهية قط، كل ما قاله اللي عن نفسه لا يتعدى حدود الشفاعة.ومن ينكر شفاعة الأنبياء؟ لقد نجا بنو إسرائيل مرات عديدة من عذاب مضطرم بشفاعة
موسی ۸۹ ال إنني صاحب تجربة في هذا المجال، وإن كثيرا من الأشراف من جماعتي يعرفون جيدا أن بعضا من المرضى والمبتلين بالمصائب قد نجوا من مصابهم نتيجة شفاعتي، وكانوا قد أخبروا بذلك قبل الأوان.الاعتقاد بصلب المسيح ليخلص أمته وإلقاء ذنوبهم عليه عقيدة عابثة تماما وبعيدة عن العقل كل البعد.بَعُدَ عن عدل الله وإنصافه أن يذنب شخص ويعاقب شخص آخر.باختصار، فإن هذا الاعتقاد مجموعة الأخطاء.إن التخلي عن الله الواحد الأحد وعبادة المخلوق ليس من شيمة العاقلين واعتبار الأقانيم الثلاثة كاملة ومستقلة بحيث أنها متساوية في الجلال ،والقوة ثم تركيب إله كامل من خليط تلك الثلاثة منطق خاص بالمسيحيين فقط في العالم كله.= مما يؤسف في الأمر هو أن الهدف الذي من أجله نسجت هذه الخطة، أي النجاة من الذنب والتخلص من الحياة السفلى الدنيوية؛ لم يتحقق أيضا.والحق أن حالة الحواريين كانت نزيهة قبل الكفارة ولم تكن لهم علاقة بالدنيا ودراهمها ودنانيرها، وما كانوا متورطين في قذارات الدنيا، وما كان اهتمامهم منصبا على كسب الدنيا، ولكن لم تعد حالة قلوب الناس على هذا المنوال بعد الكفارة.وبقدر ما يؤكد في الزمن الراهن على الكفارة ودم المسيح؛ ازداد المسيحيون تورطا في أمور الدنيا أكثر فأكثر.معظمهم منصرفون كليا إلى مشاغل الدنيا كالسكران.ولا أرى حاجة إلى ذكر بقية الذنوب التي تنتشر في أوروبا؛ مثل الإدمان على الخمور والإباحية.والآن سأنهي خطابي بتقديم بيان مختصر أمام عامة المستمعين إثباتا لادّعائي.فيا أيها المستمعون الكرام، فتح الله قلوبكم وألهمكم قبول الحق وفهمه؛ تعلمون أن كل نبي ورسول ومبعوث من الله يأتي لإصلاح الناس، وإن كان يكفي لطاعته، من حيث العقل أن يكون كل ما يقوله حق وصدق دون أن تشوبه شائبة الخديعة ،والزيف لأن العقل السليم لا يرى حاجة إلى معجزة لقبول الحق.ولكن لما كانت في طبيعة الإنسان نزعة إلى الأوهام أيضا، ومع أن الأمر يكون في الواقع صحيحا وصادقا وحقا؛ إلا أنه يتوهم لعل للقائل هدفا معينا وراءه، أو
۹۰ يكون خادعا أو مخدوعا.فتارة لا يُنتبه إلى كلامه لكونه إنسانا عاديا ويُحسَب ذليلا حقيرا، وتارة أخرى تتغلب أهواء النفس الأمارة حتى إن فهم أن ما يقال هو صدق وحق، إلا أنه يكون مغلوبا بأهوائه لدرجة أنه لا يستطيع أن يسلك الطريق الذي يريد منه الواعظ والناصح أن يسلكه، أو يمنعه ضعف طبيعته من أن يخطو إلى الأمام؛ لذلك فقد اقتضت الحكمة الإلهية أن تحالف الذين يأتون من عنده بعض آيات نُصرته أيضا؛ التي تظهر أحيانا بصورة الرحمة وأحيانا أخرى بصورة العذاب.وهؤلاء المبعوثون يُعَدُّون "بشيرا" و "نذيرا" من الله بناء على تلك الآيات.ويستفيد من آيات الرحمة أولئك المؤمنون الذين لا يتكبرون إزاء أوامر الله، ولا ينظرون إلى المرسلين من الله بالتحقير والإهانة، بل يعرفونهم بفراستهم التي وهبها الله إياهم.ويتمسكون بسبيل التقوى ولا يتعنتون ولا يُعرضون عنها نتيجة الاعتزاز بالدنيا والشرف الزائف، بل حين يرون أن أحدا قام في وقته بحسب سنة الأنبياء ويدعو إلى الله تعالى، وكلامه يتسم بما يكفي لقبول صحته، ترافقه آیات نصرة الله والتقوى والأمانة، ولا يقع اعتراض على قوله أو فعله بحسب سنن الأنبياء عليهم السلام؛ فإنهم يؤمنون بمثل هذا أن الإنسان.بل هناك بعض من سليمي الفطرة الذين يعرفون بمجرد رؤية وجهه هذا الوجه ليس بوجه كذاب أو مكار.فلمثل هؤلاء الناس تظهر آيات الرحمة، وينالون قوة الإيمان باستمرار نتيجة صحبة صادق، ويجدون في أنفسهم تغييرات طيبة فيرون آيات متجددة دائما.وتكون جميع الحقائق والمعارف وأنواع النصرة والتأييدات وإعلام الغيب بمنزلة الآيات في حقهم.وبسبب لطافة أذهانهم؛ يشعرون بأدق أنواع نصرة الله في حق ذلك المرسل، فيطلعون على أدق الآيات أيضا.مقابل هؤلاء؛ هناك أناس آخرون ليس من نصيبهم آيات رحمة، كما لم يحظ قوم نوح بأية معجزة إلا معجزة الغرق، ولم يستفد قوم لوط من آية معجزة سوى معجزة واحدة قُلبت بها الأرض عليهم رأسا على عقب، وأمطروا بالحجارة.كذلك بعثني الله تعالى في هذا العصر، وأرى أن طبائع معظم الناس
۹۱ المعاصرين تشبه طبائع قوم نوح قبل عدة سنوات ظهرت في السماء من أجلي آيتان أنبئ عنهما برواية فرد من أسرة النبي.وهي أنه عندما يظهر في العالم إمام آخر الزمان ستظهر له آيتان ما ظهرتا لأحد :قط: سَيَنكَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ أَي من ليالي كسوفه وتَنْكَسفُ الشَّمْسُ فِي النِّصَّفِ مِنْهُ أَي مِنَ أيام كسوفها.وهذه النبوءة متفق عليها في كتب الشيعة وأهل السنة.وقد ورد أنه لم يحدث منذ خلق الدنيا تزامُنُ وجود مدّعي الإمامة وظهور هاتين الآيتين في اليومين المحددين في زمنه ولكن هذا سيحدث في زمن إمام آخر الزمان، وتكون هذه الآية خاصة به وحده ولقد وردت هذه النبوءة في كتب سبق أن نُشرت في العالم قبل ألف عام.ولكنها حين ظهرت في زمن ادّعائي الإمامة لم يقبلها أحد، ولم يبايعني أحد منهم نتيجة رؤية تحقق هذه النبوءة العظيمة بل ازدادوا سبابا واستهزاء، وستموني دجالا وكافرا وكذابا وهلم جرا.وذلك لأن النبوءة ما كانت نبوءة عذاب، بل الرحمة الإلهية قد أظهرت آية قبل الأوان، ولكن الناس لم يستفيدوا منها شيئا، و لم تتوجّه إلي قلوبهم، وكأنها لم تكن آيةً، بل نبوءةً عبثية فقط.ثم حين تجاوز تجاسر المكذبين حدودهم؛ أظهر الله تعالى آية العذاب على الأرض كما ورد في كتب الأنبياء منذ البداية - وهي آية الطاعون الذي يحصد هذا البلد منذ بضعة أعوام، ولا تنفع أمامه خطة من خطط البشر.لقد ورد النبأ عن الطاعون بصراحة في القرآن الكريم كما يقول الله تعالى: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا.أي سينتشر الطاعون الجارف قبل القيامة بفترة وستُمحى به بعض القرى نهائيا، وسينجو بعضها بعد مكابدة العذاب إلى حد ما.كذلك يقول الله تعالى في آية أخرى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةٌ مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ الإسراء: ٥٩
۹۲ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ فهاتان الآيتان موجودتان في القرآن الكريم وتحتويان على نبوءة صريحة عن الطاعون؛ فالطاعون أيضا دابة، وإن لم يطلع عليها الأطباء السابقون ولكن الله عالم الغيب كان يعلم أن أصل الطاعون هو الدابة التي تخرج من الأرض، لذا فقد سماه دابة الأرض.قصارى القول، حين ظهرت آية العذاب وزهقت آلاف النفوس في البنجاب ووقع زلزال مهيب في هذا البلد؛ عاد الناس إلى صوابهم وبايع قرابة مائتي ألف شخص في مدة وجيزة وما زالت سلسلة البيعات بكثرة مستمرة إلى الآن، لأن الطاعون لم يتوقف عن صوله بعد.ولما كان الطاعون آية؛ فلا يُتوقع زواله من هذا البلد ما لم يُحدث معظم الناس تغيرا نوعا ما في نفوسهم.باختصار، هذه الأرض تشبه كثيرا أرض زمن نوح اللا إذ لم يؤمن أحد برؤية الآيات السماوية؛ أما برؤية آية العذاب فقد بايعه الآلاف.ولقد ذكر الأنبياء السابقون أيضا آية الطاعون.فقد ورد في الإنجيل ذكر انتشار الموت في زمن المسيح الموعود، كذلك ذكر الحروب التي نراها مندلعة في هذه الأيام.فيا أيها المسلمون توبوا؛ ترون أن الطاعون يُبعد أقاربكم منكم كل عام، فاخضعوا أمام الله كي يتوب عليكم.لا يُدرى كم ستطول صولة الطاعون، وما الذي سيحدث في مستقبل الأيام.فإن كنتم في شك من دعواي وتبحثون عن الحق؛ فإن إزالة هذه الشبهة جد سهل، لأن صدق كل نبي يُعرف بثلاثة طرق: الأول : بالعقل أي يجب التدبر فيما إذا كان العقل السليم يشهد أم لا، بضرورة مجيئه في الزمن الذي جاء فيه الرسول أو النبي؟ أو هل كانت حالة الناس الراهنة تقتضي بعثة مصلح في ذلك الوقت أم لا؟ الثاني: نبوءة الأنبياء السابقين.أي يجب أن يُرى إذا كان بي من الأنبياء قد أنبأ في حقه أم لا، أو أنبأ بظهور أحد في زمنه أم لا؟ النمل: ٨٣
۹۳ الثالث: النصرة الإلهية والتأييد السماوي.أي يجب أن يُرى هل يحالفه تأييد سماوي أم لا؟ الله تعالى.فهذه العلامات الثلاث محدّدة منذ القدم لمعرفة المبعوث الصادق من فيا أيها الأحبة، قد جمع الله تعالى في هذا الزمن- رحمةً بكم- هذه العلامات الثلاث تصديقا لي، فالأمر الآن متروك لكم، اقبلوه أو لا تقلبوه.فلو تدبرتم بمقتضى العقل؛ فإن العقل السليم ينادي ويبكي أن المسلمين بحاجة إلى مصلح سماوي في هذا الوقت.إن حالتهم الداخلية والخارجية مخيفة، وكأن المسلمين على شفا حفرة، أو هم عرضة لسيل عارم.ولو بحثتم في الأنباء السابقة لوجدتم أن النبي دانيال قد أنبأ عني وعن زمني.وقد قال النبي أيضا إن المسيح الموعود سيكون من هذه الأمة.وإن لم يعلم ذلك أحد فليرجع إلى الصحيحين، وليقرأ نبوءة مجيء محدد على رأس كل قرن.وإذا أراد البحث عن نصرة الله لي؛ فليعلم أنه قد ظهرت إلى الآن آلاف الآيات.من جملة تلك الآيات آية سجلت في "البراهين الأحمدية" قبل ٢٤ عاما حين لم يكن في بيعتي ولو شخص واحد، وما كان أحد يأتيني مسافرا.فقد قال تعالى في تلك الآية: "يأتيك من كل فج عميق، يأتون من كل فج عميق".أي الوقت قريب حيث تصلك فيه التأييدات المالية من كل حدب وصوب، وسيأتيك الناس بالآلاف.ثم قال تعالى: "ولا" تصعّر لخلق الله ولا تسأم من الناس." أي سيأتيك الناس بكثرة حتى تحتار لكثرتهم، فعليك ألا تعاملهم بسوء الخلق وألا تسأم من لقائهم.فيا أيها الأعزة، لعلكم لا تعرفون كم من أناس جاءوني إلى قاديان، وكيف تحققت تلك النبوءة بوضوح، ولكنكم لاحظتم في هذه المدينة بالذات أن آلافا من أهلها قد اجتمعوا لرؤيتي على محطة القطار عند مجيئي.وقد بايعني مئات منهم رجالا ونساء، مع أنني الشخص نفسه الذي مكث في المدينة نفسها نحو سبعة أعوام تقريبا قبل زمن تأليف كتاب "البراهين الأحمدية" بسبعة أو ثمانية
٩٤ أعوام على وجه التقريب و لم يكن أحد من الناس على علاقة معى ولم يعرف أحد بحالي.ففكروا وتدبروا أنه قد أنبئ عني في كتاب "البراهين الأحمدية" قبل ذيوع صيتي وإقبال الخليقة عليّ بأربعة وعشرين عاما، حين لم أكن شيئا يُذكر في أعين الناس مع أنني مكثت في هذه المدينة نحو سبع سنوات قبل زمن تأليف كتاب "البراهين الأحمدية، كما قلتُ ولكن القلة القليلة منكم يعرفونني لأني كنت عندها خامل الذكر وكنت كأحدٍ من الناس، وما كنت أحظى بعظمة أو إكرام في أعين الناس.ولكن تلك الفترة كانت ممتعة جدا بالنسبة إلي؛ كأنني في خلوة مع كوني في مجلس وكأنني وحيد مع كوني بين الناس.كنت أعيش في المدينة كمن يعيش في الفلاة.أحب هذه الأرض كما أحب قاديان لأني قضيت فيها شطرًا من أوائل عمري ، وقد تحوّلت في أزقة المدينة كثيرا.وفي هذه المدينة يسكن صديقي الحميم والمخلص؛ السيد حكيم حسام الدين، وهو ما زال يحبني ويستطيع أن يشهد على كيفية تلك الفترة وكيف كنت في هوة الخمول.والآن أسألكم، هل من قدرة الإنسان أن ينبئ شخص خامل كهذا في مثل ذلك الزمن بنبوءة عظيمة أنه سينال رفعة حتى يصبح مئات آلاف الناس من مريديه وتابعيه، وأن الناس سيبايعونه أفواجا، ولن يقل إقبال الناس عليه مع معارضة المعارضين المريرة، بل سيكثر عدد الناس حتى يكاد يسأم منهم؟ فهل كل ذلك في قدرة الإنسان؟ وهل لمكار أن ينبئ بنبوءة في زمن الخمول وعدم الحيلة قبل ٢٤ عاما ويخبر بهذا العلوّ وإقبال الناس؟ إن كتاب "البراهين الأحمدية" الذي وردت فيه هذه النبوءة - ليس كتابا غير معروف، بل موجود في هذه البلاد عند المسلمين والنصارى والآريين كما هو موجود عند الحكومة ولو ارتاب أحد في هذه الآية العظيمة فليأت بنظيرها في هذا العالم.إضافة إلى ذلك هناك آيات كثيرة أخرى يعلمها أهل هذا البلد.إن بعضا من عديمي الفهم الذين لا يريدون أن يقبلوا الحق بحال من الأحوال؛ لا يستفيدون من الآيات المتحققة شيئا، ويبحثون عن طريق الفرار بانتقادات سخيفة.و باعتراضهم على نبوءة أو نبوءتين؛ يذرّون الرماد على آلاف النبوءات والآيات هو
۹۵ البينات.الأسف كل الأسف أنهم لا يخافون الله أدنى خوف وهم يكذبون، ولا يذكرون المؤاخذة في الآخرة وهم يفترون لا أرى حاجة إلى أن أسرد للمستمعين جُلّ أحوالهم بذكر تفاصيل افتراءاتهم.لو كان فيهم تقوى الله أو شيء من خشيته لما سارعوا إلى تكذيب آيات الله وإن لم يفهموا آية على سبيل الافتراض كان عليهم أن يسألوني حقيقتها بالرفق والخلق الحسن.من أكبر اعتراضاتهم أن "آتهم" لم يمت في الميعاد، وأنه إن مات "أحمد بيك" بحسب النبوءة، ولكن لم يمت صهره الذي شملته النبوءة أيضا.إن مستوى تقواهم هو أنهم لا يذكرون آلاف الآيات المتحققة ويعيدون ذكر نبوءة أو نبوءتين لم يفهموهما، ويضحون بها في كل مجلس.لو كانت فيهم خشية الله لاستفادوا من الآيات والنبوءات المتحققة.ليس من شيمة الصلحاء أن يعرضوا عن المعجزات ،البينة وإذا واجهوا أمرا دقيقا اعترضوا عليه.فلو ظل الحال على هذا المنوال لفتح باب الاعتراضات على كل الأنبياء، ولاضطر أصحاب هذه الطبائع إلى التخلي عن الجميع في نهاية المطاف.فمثلا أي شك في كون عيسى العليا صاحب المعجزات!؟ ولكن يمكن لمعارض شرير أن يقول إن بعض نبوءاته كانت كاذبة كما يقول اليهود إلى اليوم بأنه لم تتحقق أية نبوءة من نبوءات يسوع المسيح.لقد قال إن الحورايين الاثني عشر سيجلسون على اثني عشر عرشا في الجنة، ولكنهم نقصوا من اثني عشر إلى أحد عشر إذ ارتد أحدهم.وقال أيضا إن معاصري لن يموتوا ما لم أعُد، ولكن مضى ۱۸ قرنا ودخل أناسها القبور، دع عنك أناس زمنه، ولكنه لم يعد إلى الآن.وقد ثبت كذب نبوءة له في زمنه أيضا إذ قال بأني ملك اليهود ولكنه ما نال حُكما.وهناك اعتراضات أخرى كثيرة من هذا القبيل.كذلك يعترض بعض ذوي الطبائع الخبيثة في هذا الزمن أيضا على بعض نبوءات رسول الله ﷺ ويرفضون نبوءاته كلها، ويقدم بعضهم قضية صلح الحديبية.فإذا كانت اعتراضات من هذا القبيل جديرة بالقبول فلا أتأسف على هؤلاء القوم، بل أخشى أن يهجروا الإسلام أصلا بسلوكهم هذا المسلك.
٩٦ ☑ يوجد نوع من الاجتهاد في نبوءات الأنبياء كلهم، وكذلك في نبوءاتي، كما أنه كان سفر النبي ﷺ إلى الحديبية بناء على الاجتهاد، ولكن ثبت فيما بعد يكن صحيحا.ولكن صدور الخطأ أحيانا في الاجتهاد لا يحط من عظمة النبي و جلالته وعزته وإن قلتم بأن ذلك يؤدي إلى رفع الأمان، قلتُ: إن كثرتها تضمن الأمان.ففي بعض الأحيان يكون وحي النبي كخبر آحاد ويكون محملا أيضا.وأحيانا أخرى يكون الوحي في أمر ما بكثرة ووضوح.فلو حدث الخطأ الاجتهادي في الوحي المجمل لما أضرَّ البيناتِ المحكمات شيئا.فلا أُنكر أن يكون وحيي كخبر آحاد ومجملا أحيانا، وأن يحدث في فهمه خطأ اجتهادي، لأن ذلك يشكل قاسما مشتركا بين جميع الأنبياء.لعنة الله على الكاذبين.إضافة إلى ذلك ليس واجبا على الله أن يحقق أنباء الوعيد في كل الأحوال.إن نبوءة يونس ال شاهدة على ذلك.وجميع الأنبياء متفقون على أن مشيئة عن الوعيد يمكن أن تزول نتيجة الصدقة والدعاء.فإذا كان زوال نبوءة الوعيد مستحيلا ، فلا طائل من وراء الصدقة والدعاء أصلا.الله لم والآن أنهي هذا البيان وأشكر الله الذي وفقني لكتابته اعتلال الصحة مع وضعف الجسد.وأدعو الله تعالى أن يجعله مدعاة لهداية كثير من عباده، وأن يجمع-كما اجتمع ظاهريا هذا الحشد القلوبَ على الحب والوئام لنيل الهداية، ويجعل ريح الهداية تجري في كل حدب وصوب.لا يمكن للأعين أن ترى بغير النور السماوي، فندعو الله تعالى أن ينزل نورًاً روحانيا من السماء حتى تتمكن الأعين من الرؤية، وأن يخلق هواء من الغيب حتى تسمع الآذان.من ذا الذي يستطيع أن يأتيني إلا الذي يجذبه الله إلي.وهو لا يزال يجذب الكثيرين وسيجذب في المستقبل أيضا، وسيُكسر أقفال قلوب كثيرة.إن أصل ادّعائي هو وفاة عيسى الل، والله تعالى يسقي هذا الأصل بيده ويحميه الرسول.لقد شهد الله تعالى بقوله ورسوله بفعله أي برؤية العين بأن عيسى اللي قد مات.فقد رآه النبي ليلة المعراج مع الأرواح الميتة، ولكن من المؤسف حقا أن الناس مع ذلك يحسبونه حيا، ويعطونه
۹۷ خصوصية لم يُعطَها أحد من الأنبياء.هذه الأمور هي التي تقوّي ألوهية المسيح العليا بحسب زعم المسيحيين، ويتعثر كثير من الأغرار بسبب هذه المعتقدات.أشهد أن الله تعالى أخبرني أن عيسى ال قد مات.وفي إحيائه الآن هلاك الدين.والتمسك بهذه الفكرة عبث بحت كان الإجماع الأول في الإسلام على أنه ليس هناك نبي من الأنبياء السابقين حيًّا، وهذا ما تبينه الآية: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُل قَبْلِهِ الرُّسُل.أدعو الله تعالى أن يعطي أبا بكره أجرا عظيما لأنه كان سبب هذا الإجماع، إذ صعد المنبر وتلا هذه الآية.وأخيرا نشكر من الأعماق؛ الحكومة الإنجليزية التي أعطتنا الحرية الدينية لرحابة صدرها.وبسبب هذه الحرية نوصل العلوم الدينية الضرورية إلى الناس.إنها ليست بالنعمة التي توجب علينا أن نشكر الحكومة بصورة عادية فقط، بل يجب أن نشكرها من الأعماق أقول صدقا وحقا إنه لو أعطتنا هذه الحكومة المحسنة عقارات تُقَدَّر بالملايين، ولم تعطنا هذه الحرية؛ لما عادلت العقارات شيئًا، لأن أموال الدنيا فانية، أما الحرية الدينية فهي مال لا يفنى.فأنصح جماعتي أن يظلوا شاكرين لهذه الحكومة بإخلاص القلب، لأنه من لا يشكر الناس لا يشكر الله أيضا.والصالح هو الذي يشكر الله ويشكر أيضا الإنسان الذي بواسطته وصلته نعمة ذلك المنعم الحقيقي.والسلام على من اتبع الهدى.الراقم ميرزا غلام أحمد القادياني الثلاثاء ١ تشرين الثاني ٠٤ سيالكوت ۱۹۰م ١ آل عمران: ١٤٥
۹۸ به؟! إنه لأمر من السماء وأبلغه إلى الأرض، وإن لم أبلغه بعدما سمعته فماذا أفعل إنني مأمور بهذا الأمر ولا دخل لي في ذلك، فاذهب وقل هذا كلام الله الذي أمرني.الأسف كل الأسف أن حزب الأحبة لم يعرفوني ولسوف يعرفونني بعد أن أرحل من هذه البسيطة.تنتابني كل ليلة آلاف الآلام حزنا على قومي، فنجني يا رب من أيام الآلام هذه.كل سبيل يختارونه غير سبيلي يستحق العزة في نظرهم، ما أشقى الذي يُكرم شيئا حقيرا! إني لنشوان في حب محمد ﷺ من بعد الله تعالى، وإذا كان هذا كفرًا فوالله إني كافر أشد الكفر.يا حبي؛ إن روحي تذوب حزنا على حالتك الإيمانية، والأغرب أني في نظرك کافر.يا رب اغسل غفلتهم بماء دموعي، فقد تبلل اليوم فراشي أيضا بدموع الألم.إن نفسي فداء لدين المصطفى ، هذه هي منيتي القلبية، ليتها تتحقق.ترجمة أبيات فارسية.(المترجم)