Language: AR
يتضمن هذا الكتاب خطابا يثبت صدق الإسلام وأفضليته على الأديان كلها، كان أعده حضرته عليه السلام ليلقى في مؤتمر في كانون الثاني/ يناير 1907 م، دعت إليه طائفة الهندوس الآريين، وادعوا أنهم يريدون من ممثلي كل دين أن يقدموا مبادئ دينهم بكل حرية،..
الخزائن الروحانية ينبوع المعرفة و رسالة الصلح حضرة مرزا غلام أحمد القادياني المسيح الموعود والإمام المهدي ترجمة: عبد المجيد عامر
ISLAM INTERNATIONAL PUBLICATIONS LTD ينبوع المعرفة ورسالة الصلح الطبعة الأولى: ١٤٤٢هـ الموافق لـ ٢٠٢١م An Arabic rendering of Chashma-e-Ma'rifat and Paighaam-e-Sulh Written by: Hazrat Mirza Ghulam Ahmad (peace be on him), The Promised Messiah and Mahdi, Founder of the Ahmadiyya Muslim Community Translated from Urdu by: Abdul Majeed Amir First Arabic translation published in the UK in 2021 O Islam International Publications Ltd.Published by: Islam International Publications Ltd Unit 3, Bourne Mill Business Park, Guildford Road, Farnham, Surrey, GU9 9PS United Kingdom Printed in UK at: Raqeem Press Farnham, Surrey GU9 9PS For further information please contact: Phone: +44 1252 891330 www.alislam.org www.islamahamadiyya.net ISBN: 978-1-84880-814-0
مقدمة الناشر فهرس المحتويات مقدمة طبعة الخزائن الروحانية تأليف هذا الكتاب جلسة آريا سماج ونموذج نبلهم، وتعليم فيداهم والرد على وساوسهم القسم الأول في دحض بيان كاذب أُذلي به في تأييد الفيدا وإظهار محاسنه ملخص تعليم "النيوك" الجزء الثاني في الرد على هجمات شنّها المحاضر على القرآن الكريم والنبي مضمون المباهلة في بيان الغرض الحقيقي من الكتب الإلهامية وأن القرآن الكريم أكملها بم يفوق الإسلام على الأديان الأخرى نصيحة مهمة للباحثين عن الحق خاتمة الكتاب التي فيها شهادة باوا نانك المحترم عن الإسلام جدير بانتباه القراء الكرام هل يوجد في العالم كتاب إلهامى؟ وإذا كان فما هو ؟ : ܖ ܙ ٤٠ ١٢٦ ١٦٩ ٢٨٥ ۲۹۱ ۳۲۳ ۳۲۸ ٣٤٢ ٣٤٥ أ ه
ملخص المقال رسالة الصلح المذكرات التي سجلها المسيح الموعود اللة عن المقال نسخة إعلان نُشر عن عقد جلسة لقراءة مضمون "رسالة الصلح" ۳۹۳ 2.1 ٤٣٣ ٤٤٩
أ مقدمة الناشر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ نَحْمَدُهُ وَنُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ الكَرِيمِ وَعَلَى عَبْدِهِ المَسيحَ المُوْعُوْدِ مقدمة الناشر بهذا الكنز الثمين تكتمل سلسلة الخزائن الروحانية التي تشتمل على ما خطه سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام بقلمه المبارك، والبالغة ثلاثة وعشرين مجلدا، ويضم هذا المجلد الثالث والعشرون كتابين اثنين، هما "ينبوع المعرفة" و"رسالة الصلح".أن يقدموا يتضمن هذا الكتاب خطابا يثبت صدق الإسلام وأفضليته على الأديان كلها، كان أعده حضرته ال ليلقى في مؤتمر في كانون الثاني / يناير ١٩٠٧ م، دعت إليه طائفة الهندوس الآريين، وادعوا أنهم يريدون من ممثلي كل دين مبادئ دينهم بكل حرية ووعدوا بالالتزام بعدم الإساءة.والخبرة حضرته العليا بهم، فقد تردد في قبول دعوتهم في البداية لأنهم لا يلتزمون بوعودهم ويستغلون هذه الاجتماعات للإساءة إلى الإسلام، ولكنهم تعهدوا بالالتزام، فقبل حضرته العلة بعد مشورة بعض أصحابه الذين كانوا متحمسين لذلك، فأعد حضرته العلي الخطاب وأرسله مع بعض أصحابه ليلقى في المؤتمر، ولكن حدث منهم كان متوقعا، فلم يلتزموا بتعهداتهم، وكالوا الشتائم وصنوف الإساءات للإسلام وللنبي الكريم لله وألقوا عددا من الشبهات ضد الإسلام.فقرر حضرته أن يؤلف هذا الكتاب مضمنا إياه الخطاب، ومفندا العقيدة الهندوسية، ومقدما ما
شهادة (باوا نانك) رحمه الله مقدمة الناشر مؤسس طائفة السيخ الذي كان من قبل من أتباع الدين الهندوسي حول الهندوسية والفيدا وكيف أنها تعلم الشرك وأنها مليئة بالمفاسد، وأثبت أنه قد اختار الإسلام وأسلم، وقدم الأدلة من كتب السيخ على ذلك.وقد ضمن حضرته العلة الكتاب الرد على الشبهات التي أثارها الهندوس في ذلك المؤتمر ضد الإسلام والنبي الكريم ل ، ل ل ، كما ضمنه في آخره أيضا الرد على شبهات أثيرت ضد حضرته ووحيه ونبوءاته.ولقد نشر هذا الكتاب قبل وفاة المسيح الموعود الله بأحد عشر يوما، أي في 119.1/0/10 رسالة الصلح لقد لمس سيدنا المسيح الموعود الله واقع صراع أهل الأديان المختلفة في شبه القارة الهندية، ولأنه مبعوث العناية الإلهية لهداية الخلق في هذا الزمان، لم يشأ أن يغادر هذا العالم الفاني قبل أن يلقي في الأرض بذرة المحبة والسلام بين الخلائق، وكتاب "رسالة الصلح" هو تلك البذرة، وهو أخر ما خط حضرته ال بقلمه المبارك.إن نظرة متأملة في ثنايا هذه الرسالة المؤثرة يستشف منها المتأمل أنها رسالة وداع من رجلٍ مُوَاسٍ، مفعمة بالوصايا التي تلخص جوهر المشكلة والطريق المختصر إلى الحل، فبين حضرته العلة في هذا الكتاب كيف أن الاختلافات بين الأديان كانت السبب الأبرز وراء كافة صراعات الناس على الرغم من أن الأديان بشكل عام تحث على التراحم بين بني البشر، والإسلام خصوصا يضرب أروع الأمثلة في هذا المجال، فيحث معتنقيه على احترام طقوس و مشاعر وكتب ومقدسي أهل الأديان الأخرى، مشيرا إلى أن كافة مقدسي الأديان القدامى كانوا مبعوثين من عند الله تعالى لهداية خلقه، فعلى كلتا
مقدمة الناشر الطائفتين في الهند أن تتعايشا بالحب والوئام وأن على المسلمين أن يمدوا أيديهم بالصلح.لقد فرغ حضرته الا من تأليف هذه الرسالة القيمة في الرابع والعشرين من أيار / مايو ۱۹۰۸م ، أي قبل وفاته اللي بيومين وقد كان يرغب في إلقائها على جمع من عقلاء الهندوس والمسلمين المحترمين، غير أنها قُرئت بعيد وفاته على جمع غفير في قاعة جامعة البنجاب.لقد كان شرف ترجمة هذا المجلد من نصيب الداعية عبد المجيد عامر، كما أسهم في مراجعته وإخراجه عدد من الإخوة الكرام من المكتب العربي والأساتذة الأفاضل، ونخص بالذكر السيد خالد عزام والدكتور وسام البراقي، والسيد غسان النقيب، والسيد سامح مصطفى، والسيد معتز القزق، فجزاهم الله أحسن الجزاء.لقد بذلنا أقصى جهدنا لتكون الترجمة أقرب إلى النص الأردي، ومع ذلك لا نبرئ أنفسنا ضعف فيها.وندعو الله تعالى أن يوفقنا لبذل جهد أكبر في من الطبعات القادمة لتحقيق مزيد من الدقة.ندعو الله تعالى أن يحقق الغاية النبيلة التي من أجلها أُلف هذا المجلد ترجم، آمين.ومن أجلها الناشر
مقدمة طبعة الخزائن الروحانية بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم مقدمة طبعة الخزائن الروحانية هذا المجلد من الخزائن الروحانية يحتوي على كتابين قيمين للمسيح الموعود العليا، وهما: "" و"رسالة الصلح".° نشر هذا الكتاب قبل وفاة المسيح الموعود اللي بأحد عشر يوما، أي في ١٩٠٨/٥/١٥م.وكان السبب وراء تأليفه أن حركة "آريا سماج" المعادية للإسلام عقدت جلسة دينية في لاهور في كانون الثاني عام ١٩٠٧م.ووجه المشرفون عليها دعوة إلى المسيح الموعود ال وأتباعه بوجه خاص أن يشتركوا فيها وأن يقرأوا على الحضور مقالا يُثبت أفضلية الإسلام وصدقه ووعد الآريون أنهم لن يتصرفوا في هذا الاجتماع بما يجرح مشاعر أتباع أي دين بل سيبين فيه المحاضرون محاسن دينهم فقط بالأدب واللباقة.ألف المسيح الموعود ال مقالا لهذه المناسبة وهو منشور بدءا من الصفحة ٣٧ إلى ٤٣٦ في هذا المجلد.نصح الا بعضا من أتباعه بالاشتراك في الجلسة واثقا بوعد الآريين، ولكن الآريين شنوا بحسب عادتهم هجمات مسيئة جدا على الإسلام، وجعلوا القرآن الكريم عرضة للاستهزاء وألصقوا بسيد المعصومين سيدنا خاتم النبيين محمد المصطفى لا تهما قذرة لا أصل لها من الصحة قط.ففند المسيح الموعود الليلة في "" الاعتراضات والبهتانات التي أثارها الآريون وأجرى لإفهامهم مقارنة بين تعاليم القرآن الكريم وتعاليم الفيدات
مقدمة طبعة الخزائن الروحانية وبين صفات كتاب الله، ومزايا الدين الحي، وأثبت أفضلية الإسلام، وقدّم نفسه نموذجا لإثبات بركات خاتم النبيين الله وحياة الإسلام إضافة إلى الأدلة العقلية والنقلية.الجزء الأول من الكتاب يتضمن ردودا على الاعتراضات، والجزء الثاني منه يحتوي على مقاله الله الذي قُرئ في الجلسة.- تعالیم وقد قدّم المسيح الموعود ال - لإثبات إسلام باوا نانك (رحمه الله) الإسلام التي قدمها باوا نانك (رحمه الله نفسه من خلال كتب السيخ الموثوق بها.هذا الكتاب يحتل مرتبة علمية عليا في دحض الفيدات والديانة الآرية، وإلى جانب ذلك توحي قراءته بغيرة المسيح الموعود اللي على الإسلام وبحبه العليا للنبي حبا صادقا.رسالة الصلح في هذا المقال ناشد المسيح الموعود اللي بكل ألم وحرقة قومين كبيرين في القارة الهندية - الهندوس والمسلمين لخلق الصلح والتسامح بينهم، وقال أن السبب الحقيقي للكراهية والبعد الاجتماعي بينهم هو الاختلاف الديني.ثم قال أن الإسلام يُعلم احترام الكبار والصلحاء المعترف بهم في كل دين، والمحافظة على شعائرهم الدينية، وقال إننا نعتقد أن "رامشندر" و"كرشنا" كانا من أصفياء الله، وأن الفيدات كانت من الله تعالى في الأصل، ولكن آفاق أتباع الديانة الهندوسية الحالية ضيقة جدا فيما يتعلق باحترام الأديان الأخرى والتسامح مع غير الهندوس، ولهذا السبب لا تسامح عند الهندوس تجاه المسلمين على الرغم من عِشرتهم ومحاورتهم الطويلة.فقد نصح العلة في هذا المقال
مقدمة طبعة الخزائن الروحانية الهندوس بكل ألم ومن باب مواساة خالصة أن يعيشوا مع المسلمين بالحب والوئام، ومد يد الصلح من قبل المسلمين.ز ونظرا إلى أهمية الموضوع كان المسيح الموعود الي ينوي أن يقرأ المقال بنفسه على مسامع رجال محترمين من كلا القومين في القارة الهندية ولكنه العليا انتقل إلى رحمة الله بعد يومين من بعد يومين من تأليفه إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قُرئ هذا المقال في قاعة جامعة البنجاب بتاريخ ١٩٠٧/٦/٢١م.ملحوظة: الملحوظات التي سجلها المسيح الموعود اللي بيده المباركة في نهاية "رسالة الصلح"، قد وردت من قبل في "البراهين الأحمدية، الجزء الخامس" الخزائن الروحانية المجلد (۲۱ أيضا.يتبين من قراءة تلك الملحوظات أنها تتعلق بالخاتمة التي كان حضرته ينوي كتابتها في أربعة فصول بعد ضميمة البراهين الأحمدية الجزء الخامس، ولا تتعلق بـ "رسالة الصلح".العبد المتواضع سيد عبد الحي
صفحة غلاف الطبعة الأولى لهذا الكتاب ٹائیٹل بار اول قد فرغنا من الرّد على قوم يسمون اريد فالحَمدُ لِلَّهِ رَدْ انا اذا نزلت بِسَاحَة فِي نِسَاءَ صَبَاحُ المنذري و اثر جمتها ہم آربیون کا تو لکھنے سے فراقت کر چکے سو اس مقدا کو سب تعریف ہم جو تمام جہانوں کا ریے ہم جب ایک قوم ہی پڑھائی کرتے ہیں اور ان کے صحن میں اترتے ہیں تو ہ صبح انکی ایک ہی صبح ہوتی ہو جو تباہی کی خبر دیتی.یہ کتاب آرمیاحبوں اس مضمون کے جواب مین ہر جسکو انہوں نے اپنے مذہبی جاہ میں چار سو ستر بیماری بھاکر مسلمانوں کے خود کو اپنی گہرمن ملا کر نیا تہا جو ہمارے سید و موئے ہ علیہ وسلم کی توہین اور دشنام دہی سے قبر بنا جس میں دین اسلام پر جابجا تو این کیا گیا تھا اور نہایت شوقی سے گندی گالیاں دیکر اور سیما تین ہماری مقدس ذات ہ صلی اللہ علیہ وسلم پر لگا کر صدہا مسلمانوں کو خود مدعو کر کے نہایت کو کہہ دیا تہا اور اس کتاب کا نام ہے از مولفار جود ارم با تمام شیخ یعقوب علی تراب منجر دو ہزار جلد قیمت فی جلد ہی تاریخ اشاعت ۲۰ مئی شنواء اور قیمیت مجلد مین روی
ترجمة صفحة غلاف الطبعة الأولى "قد فرغنا من الرد على قومٍ يُسمَّون آريه، فالحمد لله رب العالمين" "إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" ترجمة عبارة أردية وردت في صفحة الغلاف هذا الكتاب يتضمن ردًّا على مقال الآريين الذي قرأوه في جلستهم الدينية في كانون الأول عام ۱٩٠٧م على مسامع أربع مئة مسلم محترم من جماعتنا بعد أن دعوهم إلى بيتهم.كان المقال مليئا بالإساءة والشتائم بحق سيدنا ومولانا النبي ، وقد أُسيء فيه إلى الإسلام مرارا واستهزئ به.فآذوا مئات المسلمين كثيرا، بعد أن دعوهم، بكيل الشتائم البذيئة بوقاحة متناهية وتوجيه الكاذبة إلى رسولنا المقدس.واسم هذا الكتاب هو : التهم من مؤلفات سيدنا ميرزا غلام أحمد، المسيح الموعود وطبع بتاريخ ١٩٠٨/٥/١٥م في مطبعة "أنوار أحمدية مشين "بريس في قاديان محافظة غورد اسبور تحت إشراف مديرها : شيخ يعقوب علي تراب عدد النسخ: ۲۰۰۰ تاريخ الطبع: ١٩٠٨/٥/٢٠م ثمن النسخة بغير التجليد روبيتان ونصف روبية ثمن النسخة المجلّدة: ثلاث روبيات
بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم رينا افتح بيننا وبين قومِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ.آمين.بَيْنَنَا منذ أن خلع الله تعالى عليّ لقب المسيح الموعود والمهدي المعهود، بلغ ضدي هياج الناس الذين يعُدّون أنفسهم مسلمين - وغضبهم وتكفيرهم لي منتهاه.لقد أثبت ادعائي أولا بأدلة واضحة وصريحة من كتاب الله والأحاديث، ولكن القوم أعرضوا عن تلك الأدلة قصدا منهم.ثم أظهر ربّي آيات سماوية كثيرة في تأييدي، ولكن القوم لم يستفيدوا منها شيئا.ثم هب كثير للمباهلة، وبعضهم ادّعوا الإلهام إضافة إلى المباهلة وتنبؤوا بهلاكي إلى عام منهم 1 الأعراف: ۹۰ ٢ إن بعضا من قليلي الفهم الذين لا يتدبرون كتاب الله والأحاديث النبوية يقولون لدى سماع كوني مهديا بأن المهدي الموعود سيكون من السادات؛ فليكن معلوما أنهم لم يحيطوا، مع هذا القدر من حماس العداوة، بأحاديث النبي ﷺ أيضا علمًا.لقد وردت في الأحاديث عن المهدي أربعة أقوال (۱) سيكون المهدي من السادات.(۲) سيكون من (٢) قريش سواء أكانوا من السادات أم لا.(۳) جاء في حديث: "رجل من أمتي" أي سيكون المهدي شخصا من أمتي أيا كان (٤) هناك حديث آخر: لا مهدي إلا عيسى.أي أن المهدي الذي سيأتي سيكون باسم عيسى.وتُصدّق القول الأخير أقوال المحدثين التي جاء فيها أن كل الأحاديث التي جاءت عن المهدي لا تخلو من النقد إلا حديث: لا مهدي إلا عيسى.ولكن كون عيسى مهديا بل كونه المهدي الأكبر مسلّم به دون أيّ نزاع عند أهل الحديث جميعا وعند الأئمة الأربعة.فأنا ذلك المهدي الذي يسمى عيسى أيضا.ولا يشترط لذلك المهدي أن يكون من أولاد الحسن أو الحسين أو هاشميا.منه.
كذا وكذا أو في غضون مدة وجيزة في حياتهم، ولكنهم هلكوا بأنفسهم في حياتي في نهاية المطاف.ولكن من المؤسف حقا أن القوم مع ذلك لم يفتحوا عيونهم، و لم يتنبهوا إلى أنه إذا كان هذا من صنع الإنسان لما غلبوا على أمرهم من كل جانب.القرآن الكريم يكذبهم، وحديث المعراج وحديث "إمامكم منكم" يكذبهم، وعاقبة المباهلات أيضا تكذبهم.فما الذي بأيديهم ليكذبوا بهذه الجسارة مرسلا من الله يدعوهم إلى الحق والصدق منذ ٢٦ عاما تقريبا.ألم يتذوقوا إلى الآن طعم الآية الكريمة: يُصبكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ؟ أَين الشيخ غلام دستغير الذي دعا لموتي في كتابه "فيض رحماني" ودعا لموت الكاذب واضعا إياي في محاذاته؟ أين المولوي جراغ دين الجاموني الذي تنبأ بموتي مدعيا تلقيه الإلهام وباهلني؟ أين فقير مرزا الذي كانت معه جماعة كبيرة من المريدين وتنبأ بموتي بكل إصرار وقال: لقد أخبرني الله تعالى من العرش بأن هذا الشخص مفتر وسيهلك في حياتي إلى شهر رمضان المقبل.وعندما جاء شهر رمضان مات هو بالطاعون.أين سعد الله اللدهيانوي الذي باهلني وأنبأ بموتي ثم هلك هو نفسه أخيرا بالطاعون في حياتي؟ أين الشيخ محيي الدين اللكهوكي الذي عدني فرعون وأعلن بموتي في حياته، ونشر عدة إلهامات أخرى "I الذي موسی نفسه تنبئ بدماري، ثم رحل هو أيضا من الدنيا في حياتي؟ أين بابو إلهي بخش المحاسب اللاهوري، مؤلف "عصا وعدني موسی فرعون وتنبأ بموتي بالطاعون في حياته وأدلى بنبوءات أخرى كثيرة بدماري، ثم مات هو أيضا بالطاعون بمئات الحسرات في حياتي ملصقا وصمة الكذب والافتراء على كتابه عصا موسى ؟ لقد أراد كل هؤلاء أن أكون مصداق آية: غافر: ۲۹
وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ولكن صاروا بأنفسهم عرضة لها وهلكوا جميعا.وبإهلاكهم جعلني الله تعالى مصداقا للآية: ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ.ألم تتم حجة الله بعد كل هذه الأدلة؟ ولكن كان ضروريا أن يرفض المعاندون لأن النبوءة الإلهية مذكورة في البراهين منذ ٢٦ عاما جاء فيها: "جاء نذير في الدنيا، فأنكروه أهلها وما قبلوه، ولكن الله يقبله، ويُظهر صدقه بصول قوي شديد صول بعد صول".فإنني أؤمن بأن الله 0 تعالى لن يقطع صولاته ولن يتوقف ما لم يظهر صدقي على العالم.أما اليوم بتاريخ ١٩٠٨/٥/١٥م فقد خطر ببالي أن هناك سبيلا آخر للحكم في الموضوع لعل أحدا من الأتقياء يستفيد منه ويخرج من دوامة الإنكار الخطيرة.وذلك السبيل هو أن يبارزني من كان أشد المعارضين لي من المنكرين ويعدني كافرا وكذابا" على أن يكون منتخبا من قبل عشرة مشايخ معروفين أو عشرة زعماء معروفين على الأقل، بأن نجعل مريضين مصابين بمرض عضال معيارا لصدقنا أو كذبنا.بمعنى أن نوزّع بيننا بالقرعة مريضين مصابين بأمراض خطيرة ونخصهما بدعائنا وأن يُعَدّ صادقا الفريق الذي شفي مريضه تماما أو أُطيل عمره مقابل مريض الآخر.هذا كله في يد الله وإنني أنبئ قبل الأوان وكلا على ربي بأن الله تعالى إما أن يشفي المريض الذي يكون في نصيبي شفاء كاملا أو سيطيل عمره مقارنة مع المريض الآخر.وهذا الأمر سيكون شاهدا على صدقي وإلا فاعلموا أني لست من الله ولكن الشرط هو أن على متو غافر: ۲۹ حاشية: هناك شرط آخر أيضا وهو أنه يجب ألا يكون الشخص المبارز من عامة الناس بل ينبغي أن يكون معروفا في القوم بالخصوصية والعلم والشرف والتقوى، ليؤثر كونه مغلوبا في الآخرين.منه.
٤ الخصم الذي يهب لمواجهتي وكذلك العشرة من المشايخ الآخرين أو العشرة من الزعماء الذين يعتنقون مذهبه أن ينشروا أنهم سيؤمنون بي في حال غلبتي عليهم وسينضمون إلى جماعتي.ويجب أن يُنشر هذا الإقرار في ثلاث جرائد معروفة.وسألتزم أنا أيضا بالشروط نفسها...ستكون الفائدة من هذه المواجهة أن الله تعالى سيُنقذ حياة مريض مصاب بمرض خطير ويائس من حياته، وسيظهر آية إحياء الموتى.وثانيا سيُحكَم في هذا النزاع بكل سهولة وهدوء.والسلام على من اتبع الهدى.المعلن ميرزا غلام أحمد القادياني، المسيح الموعود في ١٩٠٨/٥/١٥م
وَلَمَن انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل سبب تأليف هذا الكتاب أناشد بالله كلّ من يقرأ هذا الكتاب أن يقرأ هذا المقال قبل قراءة الكتاب 0 لقد رددت في عديد من كتبي على هجمات الآريين التي يوجهونها إلى الإسلام؛ فقد نشرتُ كتابي "البراهين الأحمدية" للرد على شبهاتهم في زمن بذرت فيه بذرة مذهب الآريا في البنجاب حديثا.وكان السبب وراء تأليف البراهين الأحمدية أن البانديت ديانند بدأ يطيل لسانه على الإسلام منذ بداية أمره، وأساء إلى النبي كثيرا في كتابه "ستيارته بركاش" وذكر القرآن الكريم أيضا بإهانة شديدة، وقد مضى على ذلك ما يقارب ٢٨ عاما.كنت أتوقع أن يكف الآريون ألسنتهم بعد كتابي هذا ولكن من المؤسف حقا أنهم بسبب طبيعتهم التي فُطروا عليها لم يتورعوا عن عادتهم بل ظلوا يتمادون فيها يوما إثر يوم.وعندما بلغت بذاءة لسانهم منتهاها نشأ فيهم شخص اسمه لیکهرام.ولم يقتصر ليكهرام على بذاءة اللسان فقط بل طلب مني نبوءة أيضا عن موته.فأنبأته بإعلام من الله كل بناء على إصراره المتكرر بأنه سيموت في غضون ست سنين ولكنه لم يكتف بذلك وباهلني خطيا، وذلك حين كانت حياته موشكة على الانتهاء عند الله.وفي مباهلته المنشورة في كتابه "خبط أحمدية" قبل موته بمدة دعا بما تلخيصه: يا إلهي أعرف أن الفيدات الأربعة صادقة والقرآن الكريم كاذب والعياذ بالله، وعلى ذلك أباهل مرزا غلام أحمد القادياني.فإن لم أكن صادقا في هذا الاعتقاد فاحكُمْ يا إلهي على عكس بُغيتي.الشورى: ٤٢
ومن كان كاذبا في نظرك فعاقبه في حياة الصادق، وأظهر الصدق بحكمك القاطع.فأصدر الله حكمه بعد المباهلة أن أهلك ليكهرام في حياتي.والسنة الثانية عشرة على موته.ولكن من المؤسف حقا أن الآريين لم يستفيدوا شيئا من آية الله الصريحة والواضحة هذه بل زاد تجاسرهم أكثر من الحالية هي ذي قبل.ثم حدث أن نشروا في شهر كانون الأول / ديسمبر ١٩٠٧م إعلانا عن عقد جلسة دينية وأرسلوه إلي بوجه خاص ووزّعوه على كثير من المحترمين من جماعتي أيضا.كان الإعلان يتلخص في أنه ستُعقد جلسة دينية فنرجو منكم الحضور فيها مع مقال في تأييد دينكم والشرط في كتابة المقالات هو ألا يخرج مقال أي فريق عن حدود الأدب.وإضافة إلى ذلك بعثوا إلي بعدة رسائل متواضعة قائلين بأننا مشتاقون لرؤيتك أيضا.وما دام المؤمن لا يخلو من البساطة فقد سررت كثيرا بقراءة ذلك الإعلان والرسائل وقلتُ في نفسي بأن الآريين قد تابوا أخيرا من سوء كلامهم وسوء سلوكهم نظرا إلى وضع الزمان.وخلتُ أيضا بأن كثيرا من الشكوك والشبهات كانت تخالج الحكومة تجاه هذه الفرقة نظرا إلى تصرفات بعضهم، فلعلهم يريدون من هذه الجلسة إزالة تلك الشكوك لتعلم الحكومة أن قوم الآريا لم يعودوا على ما كانوا عليه من قبل بل قد أحدثوا في أنفسهم تغييرا كبيرا نتيجة بعض القسوة التي مورست عليهم وقد اتخذوا التحضر منهجا لهم ويريدون أن يُروا الحكومة السنية نموذج تحضرهم من خلال هذه الجلسة.فبناء على هذه الفكرة لم أسعد أنا فقط بل كل فرد من أفراد جماعتي كان مسرورا.أما عزيزي الدكتور ميرزا يعقوب بيك، الجراح المساعد في لاهور، فقد كان جاهزا للحلف أن الجلسة ستعقد بكل أدب ولباقة وقال لي مرارا بألا أقيس الآريين على حالتهم السابقة بل يلاحظ فيهم
الآن تغيّر كبير.فقلت له بأن تغيير الطبيعة متعذر وقد جربنا منهم أنه لا يمكن أن يخرج من أقلامهم إلا النجاسة، لذا سوف يسيئون في مقالهم إلى نبينا الأكرم حتما وسيذكرون القرآن الكريم بكلمات التكذيب والإساءة.ولكن حيلة الآريين المكارين كانت قد انطلت على الدكتور المذكور ذي الطبع البسيط بكثير فظل يكرر القول بأن ذلك الزمن قد ولّى وأرى أن كلامهم الآن يتسم من النباهة والتحضر وقد وعدوا أن يراعوا التحضر في الجلسة.والحق أنه ما كان لي أن أثق بإعلانهم المعسول وما كان لرسائلهم المتواضعة أن تُطمئنني أنهم سيقرأون المقال بأدب وتحضر، ولكني خُدعتُ بإلحاح الدكتور مرزا يعقوب بيك ذي الطبيعة البسيطة.على أية حال، أخبرتُ بالرسائل مئات من أتباعي أن يحضروا جلسة الآريين وطمأنتهم أنهم سيقرأون مقالا بأدب ونباهة.فحضر الجلسة في اليوم المحدد مئات من الرجال المحترمين من جماعتي من بلاد نائية أيضا باذلين آلاف الروبيات، وقد دفع كل واحد منهم للآريين ربع روبية كرسوم محددة أيضا وبذلك ملأوا كيسهم بنقود كثيرة ومقالي الذي قرئ في الجلسة مشمول في هذا الكتاب ولسوف يعرف القراء الكرام مدى الأدب الذي كتب به المقال.والأغرب من ذلك أني حين أنهيت المقال تلقيت من الله إلهاما: "إنهم ما صنعوا هو كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى، أنت مني بمنزلة النجم الثاقب".أي أن الجلسة التي اقترحها الآريون هي كمكر المكارين ويخفى وراءها شر وسوء نية.ولكن أين يفر المكار من يدي؟ سأقبض عليه حيثما ذهب ولن يتخلص من بطشي.وأنت مني بمنزلة نجم يسقط على الشيطان.هذه كانت نبوءة من الله نُشرت مع المقال المذكور وقُرئت في تلك الجلسة الدينية نفسها.لو كان في قلوب الآريين شيء من خشية الله ومسحة من الأدب
لارتدعوا عن الإساءة والتكذيب بعد سماع هذا الإلهام الإلهي.ولكنهم أساؤوا إلى النبي ﷺ كثيرا في مقالهم الذي قرئ في اليوم الثاني إذ كان المقال كله مليئا بالشتائم.فلولا نصيحتي لجماعتي بالصبر، ولولا أني روّضتهم على الصبر مقابل بذاءة اللسان دائما لامتلأ ميدان الجلسة بالدم، ولكن تعليم الصبر هذا حال دون ثوائرهم.لقد شتم الآريون النبي الله في وجه هؤلاء الرجال المحترمين وأساؤوا إلى الإسلام كثيرا ولكن جميع هؤلاء المسلمين المحترمين لزموا الصمت.لقد أوذوا بشدة ولكنهم لم ينبسوا ببنت شفة، بل كل ما فعلوه هو أن سجلوا بحذر شديد رؤوس الأقلام لمقال الآريين.ولاحظت أنهم تأذوا كثيرا بمقال الآريين وخاصة لأن الآريين شتموهم بعد أن دعوهم إلى بيتهم.ولو أنهم نشروا كتابا من تلقاء أنفسهم لكان أمرا آخر.لقد تمزقت قلوب هؤلاء الكرام إربا، وقد خُدعوا بكلام كاذب، فلا أدري أي نوع من الطبيعة يملكها هؤلاء الآريون كل شخص يستطيع أن يقيس حالة الآخرين على نفسه ألا يدرك هؤلاء القوم ما ارتكبوه بإساءتهم إلى الإسلام بعد دعوة المسلمين إلى بيتهم، واستخدامهم لسانا بذيئا ضد النبي في وجه المسلمين؟ لو وجهنا نحن الشتائم نفسها إلى رجال دينهم الذين أعطوا الفيدا من إلههم بحسب قولهم، أو أسأنا إلى الفيدا في مقالنا الذي قرى في جلستهم هل كانوا سيفرحون من مقالنا؟ اعلموا يقينا أنه ما من أحد أخبث وأدنى طبيعة من الذي يدعو أحدا إلى بيته مبالغ باهظة رسما للدخول ثم يودعه بعد شتمه وإيذاء قلبه بشدة.وقال بعض من الآريين أنفسهم بعد قراءة المقال بأن المقال الذي قرئ من قبل الآريين كان سيئا بلا شك وفيه الإساءة والشتائم ولكننا ما كنا نعلم بذلك من قبل.ولكن هل لعاقل أن يقبل عذرهم هذا بأن هذا المقال البذيء قد قُرئ دون ويأخذ منه التشاور مع هؤلاء الأعضاء الكبار؟
باختصار، لقد ألف هذا الكتاب بناء على رؤوس الأقلام التي سُجلت بعناية فائقة، وقد رُدّ فيه على اعتراضات الآريين مع أن مقالهم أيضا وصلني ولكنني رددتُ في هذا الكتاب على كلامهم السيئ الذي سمعه آلاف الناس.من الممكن أن يكونوا قد أضافوا شيئا إلى كتيبهم المطبوع أو أنقصوا منه شيئا، ولسوف يقرأه الناس بأنفسهم.وقد ألّفتُ هذا الكتاب لهدفين اثنين.(۱) ليعرف عامة الناس الردود على تلك الاعتراضات.(٢) لعل الهياج الذي يثور في قلوب المسلمين نتيجة بذاءة لسان الآريين يخف قليلا بعد أن يسمعوا الرد على المنوال نفسه.ولعل الآريين يرتدعون عن خبثهم في المستقبل.والسلام على من اتبع الهدى.الراقم ميرزا غلام أحمد القادياني، المسيح الموعود ٥/١٥/۱۹۰۸م، الموافق ١٤ ربيع الثاني ١٣٢٦ هـ الموافق ١٥ بيساكه سمت ١٩٦٥ بكرمي' التقويم الهندي.(المترجم)
بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم جلسة آريا سماج ونموذج تُبلهم ، وتعليم فيداهم والرد على وساوسهم لقد انتهت جلسة آريا سماج لاهور في ليلة ١٩٠٧/١٢/٤، والذين كانوا موجودين عندما قُرئ مقالنا يعرفون جيدا مدى التحضر واللين والتصالح الذي تضمنه المقال، وكيف ذكرنا بأدب ولباقة رجال دينهم ورسلهم وأناسا تُنسب إليهم الفيدات ويُعدّون زعماء قومهم ومرشديهم.ولكن كما يقول المثل: "كل إناء بما فيه ينضح"، فقد أظهر الآريون في مقالهم نجاسةً وأساؤوا إلى الأنبياء عليهم السلام بما لا يُتصوّر المزيد عليه واستخدموا بحق سيدنا ومولانا محمد المصطفى خاصة كلمات نابية ومؤذية ومبنية على التحقير والإهانة، ووجهوا إليه تهما باطلة وزائفة كانت شتائم بكل معنى الكلمة، وقرأوها بصوت عال وبالتكرار على الحضور الذين لم يكن عددهم أقل من ثلاثة آلاف شخص وأدلوا ببيانهم النجس والمثير للفتنة بالشرح والتفصيل.ولولا مراعاة المسلمين ذوي الطبائع الطيبة الأدب والتحضر المعهود، ولولا التزامهم الصبر بحسب تعليم القرآن الكريم، ولولا كظمهم غيظهم؛ لكان بالإمكان أن يمتلئ ميدان الجلسة بالدم ما ارتكب هؤلاء القوم ذوي النوايا السيئة من أعمال مثيرة للفتنة دون أدنى شك.لكن واها لأفراد جماعتي ألف مرة على أنهم أبدوا نموذج الجلد والصبر الجميل ولزموا الصمت كليا عند سماع كلمات الآريين التي كانت أسوأ من إطلاق النار.والحق أنه قد انطلت على أفراد جماعتنا حيلة الآريين نتيجة طيبة بسبب
طبعهم وحسن ظنهم فقبلوا دعوتهم لحضور الجلسة.ثم علم فيما بعد بأنهم كانوا ينوون شيئا آخر بدعوتهم إلى الجلسة.ولكن الصبر والجلد عند المسلمين المؤدبين لم يدع مجالا لتتحقق رغبة الآريين السيئة.لو ألف الآريون كتابا دون عقدهم الجلسة ونشروا تلك الشتائم فيه كما قضى ليكهرام السافلُ جُل عمره في ذلك ما لم ترحله من هذه الدنيا سكين لسانه لكان أمرا آخر.ولكنهم دعونا إلى جلستهم كالضيوف وبعثوا إلي ست أو سبع رسائل ملؤها التواضع، وطلبوا مظهرين عجزهم وتواضعهم نفاقا منهم أن نشترك في جلستهم.ووعدوا أنهم لن يسيئوا الأدب قط، وجعلوا الأدب واللباقة شرطا للجميع، ورغبوني في أن يشترك أفراد جماعتي في الجلسة بأكبر عدد ممكن فسررتُ كثيرا بقراءة تلك الرسائل المكتوبة بكل لين وقلتُ في نفسي: مع أننا جربنا الآريين إلى الآن أنهم يسبون الأنبياء بكل وقاحة إلا فيداتهم ورجال الدين الأربعة المنتمين إلى الفيدات ويسيئون إليهم بأنواع الإساءات وبذلك يؤذون قلوب ملايين المسلمين، ولكن ليس مستغربا أن تكون قلوبهم قد صلحت قليلا نتيجة تحذير الحكومة إياهم جميع هذا حديثا وفق الضرورة على إثر تجاسر ظهر من بعض أفرادهم، وتلقنوا من التحذير درسا إلى حد ما فأظهروا رغبة في التصالح.ولكن تبين فيما بعد أن ظني هذا كان خاطئا تماما، وأن بذاءة لسانهم تجاه أنبياء الله الأطهار قد زادت أكثر من ذي قبل لأنه لم يحدث من قبل أن عقدوا جلسة أديان ودعوا لها المسلمين ثم شتموا أنبياءهم العظام والأطهار في الجلسة نفسها.فهذه أول مرة دعانا الآريون فيها إلى بيتهم وجمعوا أكثر من خمسة مئة مسلم ثم آذوا قلوبهم بشتائم بذيئة.هذا حادث لا يستطيعون أن يستروه بأي حال.لقد ثبت مرارا أن هؤلاء القوم أعداء الأنبياء الأطهار جميعا، وكما يتبين من كتبهم، لم يسلم من بذاءة لسانهم آدم ولا نوح ولا إبراهيم ولا يعقوب ولا
موسى ولا داود ولا عيسى عليهم السلام ولا نبينا الأكرم.ولكن المؤسف في الموضوع أن البانديت ديانند الشقي قد أتى ببذرة هذه الوقاحة والبذاءة إلى هذا البلد، وورثها غيره من الآريين كلّ على قدر علاقته بالموضوع، ولاسيما ليكهرام الفشاوري الذي كان جاهلا وغبيا محضا وصار تلميذا له بوجه خاص.لقد مضى ذلك الوقت على أية حال، ولكن ما يؤسفني الآن مرارا وتكرارا هو أننا ذكرنا زعماء الآريين في جلستهم هذه بكل لين ولطف وبأسلوب ملؤه التصالح، ولو كانت فيهم خصلة من الحياء أو مسحة من النباهة لما كالوا لنبينا الأكرم الله ولغيره من الأنبياء عليهم السلام شتائم بذيئة في وجه المسلمين في اجتماع حاشد ضم قرابة أربع مئة من المسلمين المحترمين كانوا يسمعون مقالهم- إذ لا يمكن لأحد سوى شخص خبيث جدا أن يتفوه بكلمات مؤذية ومسيئة مثلها.يبدو أن استكبار الآريين وتجاسرهم وشرهم قد بلغ منتهاه، والآن هم بحاجة إلى إصلاح من الله وأفعاله من السماء، ولن ينفعهم وعظ الإنسان ونصحه أبدا عليهم أن يفكروا؛ هل كانوا سيفرحون لو اخترنا نحن أيضا أسلوب الشتائم نفسه في مقالنا واستخدمنا الكلمات السيئة والنجسة نفسها بحق أصحاب فيداتهم في ذلك المجمع؟ ولا أخال أنهم حمقى وأغبياء إلى درجة لا يشعرون بأن الكلمات التي استخدموها كانت مؤذية جدا ومثيرة وخطيرة للغاية.كلا، بل إنهم يشعرون بذلك حتما ولكنهم يحبون أن يؤذوا ويعيثوا الفساد عمدا والأغرب من ذلك أن أناسا كبارا ومحترمين من جماعتنا كانوا هم سبب رونق جلستهم إذ اعتمدوا على تباهيهم وكلامهم المعسول وجاءوا للاشتراك فيها من أماكن نائية بالقطار والعربات منفقين آلاف الروبيات وعلى حساب أشغالهم الشخصية.ودفع كل واحد منهم ربع روبية تبرعا أيضا.ولما كانوا أربع مئة شخص فقد حصل الآريون على مئة روبية
نقدا.لقد تحمل أفراد جماعتنا هذه النفاقات والحرج لسبب وحيد هو أن الآريين دعوا جميع الفرق إلى جلستهم بإعلان طبع في مطبعة "هند ستيم بريس" بلاهور، وطمأنوهم أنه لن يُقرأ في الجلسة مقال ينافي الأدب.وكتبوا إلي بوجه خاص ست أو سبع رسائل ليشترك فيها أفراد جماعتي أظهروا فيها تواضعهم الشديد نفاقا منهم، ولكن عندما حضرت جماعتي إلى جلستهم كضيوف استضافوهم بكيل شتائم بذيئة أمامهم بحق نبيهم الحبيب والعظيم ، فعادوا إلى أوطانهم بقلوب أليمة مثخنة بالجراح نتيجة بذاءة لسان الآريين.من لذا الأفاعي." هل هؤلاء هم الذين يردّدون الصلح "الصلح كل يوم؟ فليتذكر جيدا كل من يعتبر نفسه مسلما ويكن شيئا من الغيرة للإسلام والنبي أن هؤلاء القوم أسوأ كان الأجدر بهم إذا كانوا عازمين على قراءة مقال مليء بالشتائم أن يودعوا المسلمين قبل ذلك قائلين لهم بأن مقالنا بذيء للغاية لذا لا نحب أن تسمعوه.ولكنهم قالوا للجميع بأعلى صوتهم بأنكم يجب أن تسمعوا مقالنا غدا ينبغي أن تحضروا حتما.ولكنهم لم يفوا بوعدهم الالتزام بالأدب بل عندما حضر - بعد سماع مقالنا الذي قُرئ بتاريخ ١٩٠٧/١٢/٣م- قرابة أربع مئة شخص من جماعتنا لسماع مقالهم كالوا فيه النبينا الاول والأنبياء الآخرين شتائم تكاد تتفجر لهولها الأكباد.لا يسع أحدا أن يقول إن هذا المقال قُرئ في الجلسة العامة ضد إرادته، بل مما لا شك فيه أن الجميع كانوا مشتركين في هذا الخبث والبذاءة البالغة منتهاها وقد تم كل ذلك بالتشاور فيما بينهم.ولهذا السبب لم يوقفوا قراءة المقال فورا بل كان معظمهم يضحكون عند قراءة ذلك منهم المقال النجس ويفرحون ويقولون: لقد أحسن الكاتب، وما أجمل ما كتب! هذا هو التوحيد عند الآريين وهذه هي المعرفة الحقة في الفيدا.ومن يقرأ مقالنا الذي قُرئ في جلسة الآريين في ليلة ۱۹۰۷/۱۲/۳م، ثم يقرأ بإزائه مقالا
دهرم قرأوه في ليلة ۱۹۰۷/۱۲/٤م سوف يتضح له جليا أنه إذا كان في العالم قوم يسيئون إلى المحسنين إليهم فهم هؤلاء القوم.لا شك أن القساوسة أيضا عاكفون ليل نهار على الإساءة إلى نبي الله المقدس والطاهر، أي النبي ، ولكنهم ما دعوا المسلمين إلى الآن إلى بيوتهم بوعد إلقاء خطابات مؤدبة ثم قرأوا على مسامعهم مقالا قذرا ومسيئا.هذه الوقاحة والبذاءة والتجاسر هي من نصيب الآريين بوجه خاص، ولكن لا نتهم القوم أجمعين.إن أتباع سناتن أيضا من الآريين القدامى والشرذمة القليلة من هؤلاء الآريين الجدد ليست بشيء يُذكر مقابل كثرتهم.ومع ذلك هناك آلاف الناس منهم الذين يتكلمون بكل أدب ونباهة ولا يسيئون إلى أي نبي ويجتنبون بذاءة اللسان والوقاحة.ولكن ماذا نقول وماذا نكتب عن هؤلاء القوم إذ قد تجاوزوا الحدود كلها في بذاءة اللسان إن كانوا لا يملكون مسحة من الروحانية والطهارة الباطنية فليكن لديهم شيء من التحضر والنباهة على الأقل.المسلمون جيرانهم منذ القدم فلم يكن جائزا لهم أن يؤذوا قلبهم بهذه الطريقة السافرة ويكيلوا لهم الشتائم.الحق أن هؤلاء القوم يرددون اسم الفيدا بكثرة ولكن الطهارة الحقيقية والروحانية وخشية الله قد تلاشت من قلوبهم.وحلت الضغينة والخبث والبغض وسوء السلوك والإيذاء، الذي عاقبته ليست حسنة محل الأخلاق الفاضلة.إن الله لا يحب أن يستخدم أحد بذاءة اللسان بحق أنبيائه الأطهار.إن هؤلاء الظالمين الأشقياء لا يعرفون عن حقيقة الإسلام شيئا وليسوا مطلعين على التعليم الطاهر الذي جاء به القرآن الكريم، بل يعادون الإسلام بالتواطؤ مع القساوسة الذين ليس لهم شغل إلا التحريف والتبديل ليل نهار.لا يخلو تعليم من تعاليم القرآن الكريم من الحق والحكمة، وهو يعلم الطهارة الكاملة.ولكن من المؤسف أن الذين يجعلون كل ذرة شريكة مع الله
١٥ من حيث كونها غير مخلوقة، ينظرون إليه بنظر التحقير، ويظنون عن الله أنه ليس خالق روح وعباده الصادقين ذنوبهم السابقة بل ينتقم منهم ويعاقبهم حتما بناء على حقده القديم وإن ضحوا بأرواحهم في سبيله.والذين يعتنقون مثل هذه الأفكار عن الله تعالى، ويزعمون أن تعليمه للناس يأمر أن على الآري أن يجعل زوجته تضاجع شخصا آخر من أجل الحصول على الأولاد وهي لا تزال في عصمته بل يمكنه أن يجعلها تضاجع إلى مدة طويلة عشرة أشخاص، فكيف نأسف على مثل هؤلاء الناس؟ بل علينا أن نصبر إن آذوا قلوبنا بكلامهم القاسي ما لم يحكم الله بيننا وبينهم.هذا الصبر يعلّمناه الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: لَتَبْلُوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ أو أية ذرة، وهو بخيل إلى درجة أنه لا يغفر عندها لعشاقه الْأُمور.من الجدير بالذكر أن الآريين قرروا قراءة مقالهم في اليوم الأخير بعد مقالنا، إذ كانوا يهدفون من وراء ذلك أن يردوا فيه قدر ما استطاعوا، على ما ورد في مقالنا.فحاولوا فعل ذلك تماما في مقالهم ولكن فضحوا أنفسهم بأنفسهم.لو لم يهاجموا بغير حق لما كانت بنا حاجة إلى أن نفضح بيانهم الخاطئ الذي أدلوا به عن كون تعليم الفيدا أعلى ولكن الآن نحن مضطرون إلى فضح كذبهم أمام عامة الناس ولنبين إلى أي مدى يصح بيانهم عن تعليم الفيدا.وبعد ذلك سأرد على هجمات شنها المعترض الغبي على النبي وعلى القرآن الكريم وعلى الإسلام.فسأقسم بياني على قسمين: ۱ آل عمران: ۱۸۷
١٦ القسم الأول في دحض بيان كاذب أُدلي به في تأييد الفيدا وإظهار محاسنه قال المحاضر في محاضرته بكل قوة وشدة مشيرا إلى الفيدا: إن الله مالك الروح والمادة.أقول: صحيح تماما أنه خالق العالم كله ومالك لا الأرواح وكل ذرة من ذرات الأجسام، ولكنه لا يُعد مالكا بحسب مبدأ الآريين لأنه لم يخلق الأرواح ولا ذرات العالم ، بل الروح والمادة قديمة وأزلية مثل الله بكافة قواها، وهي آلهة نفسها بنفسها.ففي هذه الحالة كيف يمكن أن يكون الإله مالك أشياء لا حق له عليها قط.هل اشترى الإله الأرواح وذرات العالم بدفع ثمنها من عنده، لأنه ليس خالقها أصلا؟ فيجب بيان سبب آخر حتى يُعَد بناء عليه مالك الأشياء التي هي أزلية وجاءت إلى الوجود من تلقائها مثله لأننا لا نستطيع القول عن أحد دون سبب أنه مالك كذا وكذا.وإن قلتم بأن المالكية يمكن أن تنتج عن تقادم السيطرة شيء على الشيء أيضا كما ينص عليه قانون إنجليزي، وأن المالكية تنتج أحيانا عن تغلب قوم على قوم آخرين نتيجة الحرب؛ لقلتُ في الجواب: هل ملكية الله تساوي ملكية الإنسان؟ من المعلوم أنه لما كان الإنسان ناقصا فإن جميع الأشياء التي يعتبرها ملكا له تُطلق عليها كلمة الملكية بمفهوم ناقص أيضا.ولكن من شأن الإقرار باعتبار ملكية الله لشيء كملكية الإنسان له، أن يجعل الإله متساويا مع الإنسان مع أن الإنسان لا يمكن أن يساويه عمل في أية صفة من صفاته.
۱۷ فملخص الكلام أنه ليس عند الآريين سبب لاعتبارهم الروح والمادة ملكا للإله.أما القرآن الكريم فلم يعتبر الله جل شأنه مالك كافة الأرواح وكل ذرة من ذرات الأجسام دونما سبب أو قهرا فحسب مثل الفيدا بل بين لذلك سببا بقوله: لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، ويقول أيضا: خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ أي قد وضع حدودا لقوة كل شيء وعمله لتدل الأشياء المحدودة على محدد وهو الله تعالى.فنرى أنه كما أن الأجسام مقيَّدة في حدودها ولا يمكن أن تخرج عنها كذلك الأرواح أيضا مقيدة لا يمكن أن تحرز قدرة أكثر من قدراتها المحددة.والآن نقدم أولا بعض الأمثلة على كون الأجسام محدودة، وهي أن القمر مثلا يُكمل دورته في شهر أي في ۲۹ أو ٣٠ يوما، ولكن الشمس تكملها في ٣٦٤ يوما، ولا تقدر على أن تختصر دورتها مثل دورة القمر، كما لا يقدر القمر على أن يطيل أيام دورته مثل أيام دورة الشمس.ولو أجمع العالم كله على أن يزيد أو ينقص من دورات هذين الكوكبين لما أمكن لهم ذلك.كذلك ليس بوسع الشمس والقمر أن يغيرا شيئا في دورتهما.فالذي حدد لهذين الكوكبين ،حدودهما، أي الذي هو محددهما هو الإله.كذلك هناك فرق كبير بين جسم الإنسان وجسم الفيل.لو أجمع الأطباء جُلّهم وكلهم على أن يصبح الإنسان مثل الفيل في قدراته الجسدية ومن حيث الضخامة لما أمكن لهم ذلك.كذلك لو أرادوا أن يُحدَّ الفيل في قامة الإنسان لاستحال ذلك أيضا.فهنا أيضا نوع من التحديد كما هناك تحديد للشمس والقمر.وذلك التحديد يدل على محدد، أي على الذات الذي قدّر للفيل تقديرا الحديد: 3 الفرقان: ٣
معينا وقدر للإنسان تقديرا آخر.ولو تدبّرنا في الموضوع لرأينا في كل هذه الأشياء المادية تصرفا كامنا وغريبا لله تعالى ولاحظنا تقديره وتحديده الغريب.إذ نرى مشهدا غريبا للتحديد في أجسام الحيوانات كلها بدءا من الحشرات الصغيرة التي لا تُرى إلا بالمجهر إلى الحيتان الكبيرة التي تستطيع أن تلتهم زورقا كبيرا أيضا كلقمة صغيرة.ففى أجسام الحيوانات يُلاحظ مشاهد غريبة للتحديد، فلا يسع حيوانا أن يخرج من حدود جسمه.كذلك لا يمكن للنجوم التي نراها في السماء أن تخرج من حدودها.إذا ، فهذا التحديد يدل على أن هناك محددا وراءه.هذا هو معنى الآية: (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا).فليكن واضحا أنه كما يوجد هذا التحديد في الأجسام كذلك هو ثابت في الأرواح أيضا.يمكنكم أن تدركوا أن القدر الذي يمكن للروح الإنسانية أن تظهره من كمالاتها، أو قولوا إن شئتم بأنه بقدر ما تترقى إلى الكمالات لا يمكن أن تحظى بها روح الفيل على كونه ضخمًا وجسيما.كذلك إن روح كل حيوان محدودة في دائرة نوعها من حيث قواها وقدراتها ولا تستطيع أن تحرز من الكمالات إلا ما هو مقدَّر ومحدَّد لذلك النوع.فكما أن تحديد الأجسام يدل على أن لها محددا وخالقا، كذلك يدل تحديد قدرات الأرواح أيضا على أن لها خالقا ومحددا.وإن تقديم قضية التناسخ اللاغية والسخيفة هنا ليس إلا تفريقا بين أفعال الله تعالى لأن العقل يشهد بصراحة تامة أن كلا النوعين من التحديد المذكور يخضع لنظام واحد، ولهما هدف واحد وهو العثور على محدد، ولكي يعلم أنه له خالق الأجسام ومحدّدها كذلك هو خالق الأرواح ومحدّدها أيضا.إنه لمن حذلقة الآريين الغريبة أنهم في الحقيقة ينكرون مالكية الله أن كل روح وكل ذرة جاءت إلى الوجود من تلقائها، ثم يقولون بأن الإله ويعتقدون مالك كل شيء.ولكن كان اعتباره مالكا ممكنا إذا كان محدد كل شيء أيضا.
۱۹ ثم نقول بأن اعتبار التناسخ هو السبب وراء التفاوت بين قوى الحيوانات وقدراتها إنما هو إضاعة علم الله الحكيم ومعرفته الحقة، وهو قلبُ قلب وحدة نظامه رأسا على عقب أيضا.فما دمتم تقرون بلسانكم بالنظر إلى النجوم والشمس والقمر بأن التفاوت الواقع في حجم هذه النجوم وقوتها وجميع مستلزماتها لا يؤدي إلى التناسخ أو تكرار الولادات بل هذا ما اقتضته حكمة الله ليدل كل شيء من منطلق تحديده على محدد وبذلك يقوم دليل على من هو غيب الغيب ووراء الوراء، فماذا تقولون في الوقت نفسه عن التفاوت بين الحيوانات أنه يعود إلى التناسخ والولادات المتكررة؟ عليكم إما أن تقبلوا أن السبب وراء التفاوت والاختلاف كله بين القوى والقدرات والخواص الموجودة في نجوم السماء وجمادات الأرض والنباتات والحيوانات هو التناسخ، أو يجب أن تقبلوا أن كل هذا التفاوت وأنواع التحديد في كافة الأشياء في العالم سواء أكانت في الحيوانات أو غيرها سببها الوحيد هو ليُعرف المحدد نتيجة هذا التحديد والتقدير.أية غباوة أن يبين شيء في مكان عند تقديم الدليل على هذه التحديدات ويُبيَّن نقيضه في مكان آخر؟ لا يمكن أن يوجد مثل هذا التناقض في کلام الله والكلام الذي يأتي بهذا التناقض يكفي لتفنيده ودحضه أنه يخالف الوحدة في نظام الله تعالى.أخبرونا هل يوجد تعليم الوحدة في النظام في الفيدا؟ بمعنى أن كل هذا التفاوت الموجود بين القوى والقدرات والخواص في النجوم والنباتات والأرواح سببه الوحيد بحسب تعليم الفيدا أن يدل كل هذا التحديد والتقدير الموجود في كل هذه القوى والقدرات وأشكال الأجسام وألوانها ومقاديرها دلالة قاطعة على محدد ومقدر؟ و یک الجدير بالذكر أن الإنسان خُلق ليعرف الله فقط.ولو لم يدل نظام العالم على وجود الله تعالى لكانت المخلوقات التي لا نقدر على معرفة الله بالنظر إليها
فقط وهي بلا جدوى.إذا إن نظام العالم يمكن أن يكون مفيدا لمعرفة الله في حالة واحدة أن يقوم دليل على وجوده الا الله بالنظر إلى الوحدة في نظامه.وهذا لا يمكن إلا إذا لم يُعد التفاوت في القدر والقوة والقدرات الموجودة في الأجسام والحيوانات نتيجة أعمالها بل يُعدّ كله أفعال الله الناتجة عن قدرته للدلالة على وجوده تعالى، وأن يُعتبر هذا التحديد والتقدير كله لهدف وحيد هو إقامة الدليل على وجود القادر المقدر والمحدد.ولكي تقوم حجة على وجوده من ناحية أخرى أيضا من حيث اعتبار المخلوقات كلها خلق الله؛ أنه أراد قصدا منه، وليس مضطرا بسبب التناسخ، إلى أن ينتشر نسل البشر على الأرض وتتيسر كل الحوائج الضرورية للإنسان من قبيل الراحة والدواء والغذاء.فلو اعتنق هذا المعتقد لدلّت كل هذه الأشياء على وجودها كما قال قائل في بیت فارسی وتعريبه: "كل ورقة من أوراق الأشجار الخضراء، بمنزلة دفتر لمعرفة الله تعالى في نظر العاقل." ولكن لو جاءت كل هذه الأشياء التي يستفيد منها الإنسان أو التي يعتمد عليها بقاء نسل الإنسان إلى حيز الوجود صدفة لما دلّت على وجود الله تعالى قط، لأنها ستتشتت بأهوية التناسخ المختلفة ولن تبقى منضبطة في سلك نظام.واحد.وفي هذه الحالة سيكون الاعتماد على هذه الأشياء من أجل راحة الإنسان وبحبوحته أمرا خطيرا جدا.فمثلا إذا كان صحيحا على سبيل المثال أنه يوجد في جنس البشر بعض الرجال وبعض النساء وهذا الاختلاف ناتج عن وبال التناسخ ففي هذه الحالة يرفع الأمان، لأنه من الممكن أن يصدر من الإنسان في أزمنة معينة أعمال لا تستحق بسببها ولو روح واحدة أن تكون رجلا، أو أن تكون امرأة.ومن الممكن أيضا على المنوال نفسه أن تتلاشى من وجه الأرض بعض الأشياء المهمة من غذاء الإنسان أو راحته وبحبوحته مثل البقر والثيران والأحصنة
وغيرها نتيجة عدم وجود الأعمال الضرورية للتناسخ، بمعنى ألا تصدر من الناس أعمال تؤدي بهم إلى التحول إلى بقرات أو ثيران أو أحصنة.فمن المعلوم أنه إذا وجود كل هذه الأشياء على الأرض صدفة محضة لانقطعت هذه السلسلة يوما من الأيام ولما دلّت على وجود الله تعالى أدنى دلالة.كان يتبين من هذا البيان كله أن الله تعالى بحسب مبدأ الآريين ليس مالكا حقيقيا لكل الحيوانات ذات الهوية المختلفة، و لم تُخلق على الأرض هذه الحيوانات مختلفة الهوية بإرادته ورغبته ، كما لم يكن وجودها على الأرض ضروريا بناء على حكمته، بل إن وجود هذه الحيوانات كلها على الأرض أو عدمها يعتمد فقط على أعمال تديرها رحى التناسخ وما دام ليس هناك شيء من هذه الأشياء مستديما في حد ذاته بل وجود كل حيوان مرتبط بالتناسخ، ففي هذه الحالة كيف يمكن أن تدل على وجود الله أشياء جاءت إلى حيز الوجود نتيجة التناسخ فقط؟ وأنى للعقل أن يقبل أن وجود كل حيوان ناتج عن التناسخ سيبقى في الدنيا إلى الأبد؟ وإن قلتم بأن مجموعة كل هذه الحيوانات موجودة منذ البداية وهذا يكفي دليلا على بقائها في المستقبل أيضا، لقلتُ: إن هذا الدليل يفيدنا نحن ولا يفيدكم، لأنه ما دامت الأبقار موجودة على الأرض منذ ملايين بل منذ عشرات ملايين السنين كما تقولون، وكذلك الأحصنة والرجال والنساء، فلو كان وجود كل هذه الأشياء رهين صُدَفِ التناسخ فقط لانقرض كثير من هذه الأشياء في وقت من الأوقات حتما، أو لصادف أحيانا أن يولد في وقت من الأوقات الرجال أو النساء فقط.ملخص الكلام أنه لا يمكن اعتبار إله الآريين مالك العالم بحسب اعتقادهم المبني على التناسخ.
۲۲ والجدير بالذكر أنه لا يسع أحدا من الآريين أن يقول بحسب تعليم فيداه بأن الأرواح والذرات ملك الله وهو مالكها.بل يقرّ الآريون بأنه عاجز تماما عن التدخل في قوى الأرواح وخواصها لأنه ليس خالقها بل كافة قوى الأرواح وقدراتها أزلية وخُلقت من تلقائها، وأن كل روح إلـه نفسها.لذا ليست الأرواح كملك لله خلقه بيده ولا تعمل عليها قدرته كمالك.غير أنه يملك صلاحية كحاكم فقط، بمعنى أنه يجازيها على الأعمال كالحكام.فإذا كان للإله علاقة مع مع الأرواح والذرات فهي كعلاقة الملك مع رعيته.ولكن ليس له أدنى علاقة مع الأرواح والذرات كمالك، لأن كل إنسان يستطيع أن يفهم بكل سهولة أن المالك الحقيقي هو ذلك الذي يملك قدرة كاملة على ملكيته.فمثلا إذا كان أحد يملك قطعة أرض فله الحق والقدرة الكاملة أن أو مخبزا.أما المملوك أي العبد فلا يستطيع أن يعرض حقه على من يملكه، ولا يسعه أن يطالبه بشيء بحثا عن العدل والإنصاف.يبني عليها مرحاضا وليكن معلوما أن "المالك" كلمة تتلاشى مقابلها الحقوق كلها، وإنما تُطلق هذه الكلمة بالكامل على الله تعالى فقط لأنه هو المالك الكامل.والذي يجعل غيره مالك حياته وغيرها فإنه يقرّ بذلك أنه لم يعد له أي حق على حياته وماله وغيره من الأشياء و لم يعد أي شيء له بل صار كل شيء للمالك.وفي هذه الحالة لا يجوز له أن يقول للمالك أن يعدل معه معه في أمر كذا وكذا يتعلق بالمال أو الحياة.وذلك لأن العدل يقتضي الاستحقاق، بينما قد تراجع المملوك عن حقه.كذلك حين قبل الإنسان أن يسمَّى عبدا بإزاء المالك الحقيقي وأقر بـ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أي أن مالنا وحياتنا وجسدنا وأولادنا كله ملك البقرة: ١٥٧
۲۳ الله تعالى، فلم يعد لديه بعد ذلك أي حقٌّ يطالب به الله تعالى.لذلك فإن كثيرا من العارفين الحقيقيين يفوضون أنفسهم إلى رحمة الله تعالى مع قيامهم بمئات المجاهدات والعبادات والصدقات، ولا يعدّون أعمالهم شيئا ولا يدعون بأن لهم حقا أو أنهم أدوا حقا ما.لأن البر الحقيقي هو الذي بتوفيقه يكسب المرء البرّ والحسنة، وهو الله تعالى وحده فلا يسع الإنسان قط أن يطالب الله بالعدل بناء على قدرته الشخصية أو موهبته الذاتية قط.إن أعمال الله تعالى كلها تتصبغ بصبغة المالكية بحسب القرآن الكريم.فكما يعاقب الله على الذنب أحيانا كذلك يعفو عنه أيضا أحيانا أخرى، أي أن قدرته نافذة من كلتا الناحيتين كما هو مفروض بناء على مقتضى المالكية.فلو عاقب على الذنب دائما فأين سيكون مقام الإنسان؟ بل الحق أنه يعفو عن الذنوب في معظم الأحيان ويعاقب أيضا أحيانا بغية التنبيه لكي ينتبه الإنسان الغافل ويتوجه إليه، كما يقول في القرآن الكريم: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كثير.ثم يقول في السورة نفسها: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ".ولا ينخدعن أحد في هذا المقام أنه قد وردت في القرآن الكريم أيضا: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.فليكن معلوما أنه لا يوجد في هذه الآية وآيات أخرى أي تناقض، لأن المراد من الشر هو الشر الذي يصر عليه صاحبه ولا يرتدع عن ارتكابه ولا يتوب عنه.لذلك قد استخدم هنا كلمة "شر" وليس "ذنب" ليُعلم أن المراد هنا هو فعل الشر الذي لا يريد الشرير أن يرتدع عنه وإلا فالقرآن الكريم زاخر بأن الذنوب تُغفر نتيجة الندم والتوبة الشورى: ۳۱ الشورى ٢٦ الزلزلة: ۹
٢٤ والاستغفار وترك الإصرار.بل الله يحب التوابين كما يقول في القرآن الكريم: إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).أي أن الله يحب الذين يتوبون عن الذنوب والذين يبذلون قصارى جهدهم ليتخلصوا منها.باختصار، المعاقبة على كل ذنب يتنافى مع أخلاق الله تعالى مثل العفو والصفح، لأنه مالك وليس كالقاضي فقط، وقد سمى نفسه مالكا في السورة الأولى من القرآن الكريم فقال : مَالِكِ يَوْمِ الدِّين.أي أن الله تعالى مالك الثواب والعقاب.والمعلوم أنه لا يمكن اعتبار أحد مالكا ما لم يكن قادرا على كلا الأمرين، أي أن يبطش إن شاء ويعفو إن شاء.كذلك قال ل في آية أخرى عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلِّ شَيْءٍ.أي أن عذابي يحلّ في حالات معينة، أما رحمتي فتصل الجميع.ثم علم عباده في سورة آل عمران دعاء: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا.من المعلوم أنه إذا لم يكن الله ليغفر الذنوب لما علم هذا الدعاء قط.ثم علم الله الله في نهاية سورة البقرة دعاء: ربَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا....أي لا تؤاخذنا يا رب على عدم كسبنا الأعمال.أسأنا الحسنة التي نسيناها ولا تؤاخذنا على أعمال سيئة لم نرتكبها قصدا بل فهمها...فهنا أيضا علم الله تعالى دعاء أن نستغفره على ذنوبنا.ثم قال في سورة آل عمران: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ البقرة: ٢٢٣ الأعراف: ١٥٧ آل عمران: ١٤٨ البقرة: ٢٨٧
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ....يتبين من هذه الآيات كلها أن الله تعالى مالك الإنسان فيعاقبه على ذنبه إذا أراد، اد، وهو مالكه إذ يستطيع أن يعفو عنه أيضا إذا شاء لأن المالكية لا تتحقق إلا إذا كان المالك قادرا على كلا الأمرين بل فوق كل الآيات المذكورة آنفا هناك آية أخرى وهي: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا..أي أنه تعالى ليس عاجزا عن ترك المذنب دون عقاب لأنه مالكه والمالك يملك القدرة كلها.فهذا هو الإله القادر والكريم الذي أخبرنا به القرآن الكريم، وأطلعنا على صفات لطفه وعفوه.ولكن لا أهمية لإله الآريين في حد ذاته أكثر من القاضي الذي يعاقب أحدا أو يُطلق سراحه بناء على إثبات الجريمة أو عدمه فلا يملك قدرات كمالك بل هو أدنى درجة من الإنسان أيضا، والعياذ بالله.فمثلا نحن نستطيع أن نعفو عن ذنب خادمنا المخطئ في حقنا، ولكن إله الآريين لا يستطيع أن يغفر لمذنب أخطأ في حقه.كذلك نستطيع أن نعطي خادمنا ما نشاء من باب الجود والإحسان، ولكن إله الآريين لا يستطيع أن يعطي عباده شيئا أكثر من حقهم الواجب لهم، لذلك لا يستطيع أن يهب نجاة دائمة.يقول البانديت ديانند في الصفحة ٥٠١ من كتابه الأردي "ستيارته بر كاش" بأن الإله لا يستطيع أن يغفر ذنب أحد ولو فعل ذلك لعُدَّ غير عادل.وبذلك قبل أن الإله ليس إلا كالقاضي ولا يملك صلاحية كمالك.كذلك آل عمران: ۱۳۷-۱۳۸ الزمر: ٥٤
٢٦ يقول البانديت ديانند في الصفحة ٥٠١ من كتابه المترجم إلى الأردية أنه لا 0 يمكن للإله أن يعطي على أعمال محدودة جزاء غير محدود.فإذا كان الإله يملك قدرة كمالك فأي ضير في إعطائه جزاء غير محدود على خدمة محدودة؟! لأنه لا علاقة للعدل مع عمل المالكِ.فمثلا إذا كنا نملك مالا وأردنا أن نعطي السائلين شيئا منه فلا يحق لسائل أن يشكو أنك أعطيت غيري أكثر مني.كذلك ليس لعبدٍ على الله الحق بأن يطالبه بالعدل، لأنه إذا كان كل ما يملكه العبد ملكا لله فلا يحق للعبد أن يطالبه الا الله بالحكم بالعدل، ولا يليق بالله أن يقبل لخلقه مرتبة أنهم يستحقون أن يطالبوه بحقوقهم.فالحق أن كل ما يجازي به عباده على أعمالهم فهو إنعام وعطاء منه فقط، وإلا فالأعمال ليست بشيء، إذ لا يمكن أن تتم الأعمال دون تأييد الله وفضله.الله وإضافة إلى ذلك حين نتأمل في قانون الله الجاري في الطبيعة نرى بكل وضوح أن كل ما هيأه الله تعالى لعباده أو يهيئه إنما هو عطاؤه من نوعين: أولا هي إنعاماته وألطافه التي وُجدت قبل وجود الإنسان دون أن يكون لعمله أدنى دخل فيها، كما خلق عل الشمس والقمر والنجوم والأرض والماء والهواء والنار وغيرها لفائدة الإنسان.ولا شك أن هذه الأشياء قد سبقت وجود الناس وأعمالهم، وأن وجود الإنسان جاء بعدها.وهذا نوع من رحمة الله التي تُسمى الرحمانية في مصطلح القرآن الكريم، أي الجود والعطاء الذي لا يأتي نتيجة أعمال العبد بل هي نتيجة فضل الله تعالى فقط.والنوع الثاني للرحمة تسمى الرحيمية في مصطلح القرآن الكريم، أي ذلك الإنعام والإكرام الذي يُعطاه الإنسان نتيجة أعماله الحسنة المزعومة.فالإله الذي أبدى نموذج مالكيته المقرونة بالجود والسخاء وخلق لعباده الضعفاء الأرض
۲۷ والسماء والقمر والشمس وغيرها حين لم يكن للعباد ولا لأعمالهم أدنى أثر؛ هل يمكن الظن به أنه يؤدي حقوق العباد فقط كونه مدينا لهم ولا يعمل أكثر من ذلك؟ هل كان من حق العباد أن يخلق لهم الله الأرض والسماء ويخلق آلاف الأجرام الساطعة في السماء ويهيئ لهم آلاف أسباب الراحة في الأرض؟ كم هو نكران للنعمة أن يعتبر المرء ذلك الفياض المطلق منصفا فقط مثل قاض وينكر مرتبته وشأنه كمالك! وإن قلتم: "إنا نحسبه مالكا فجوابه أنكم تكذبون إذ لا تعتبرونه مالكا قط بل تقولون ذلك رياء فقط.إنما المالك هو الذي يقدر على كلا الأمرين العقاب والعفو، وعلى العطاء وعدم العطاء أيضا.فهل تعتقدون ذلك عن إلهكم بل هو ليس قادرا قط على كلا الأمرين المذكورين بحسب قولكم، ويحق لخلقه أن يطالبوه بحقوقهم كما يحق للدائن أن يطالب مدينه بدينه، ولا يستطيع أن يغفر لأحد ذنبه.وعندما سميتموه منصفا مقابل المخلوقات فقولوا بالله عليكم هل يدخل في مفهوم المنصف أم لا أن يعترف بوجوب حقوق الناس عليه؟ وأن كل شخص يقدر على أن يطالبه بحقوقه الواجبة عليه.وإن لم يقدر على أداء الحقوق عُدّ ظالما.والمعلوم أنه حين أقرَّ بأن دور الإله بالنسبة إلى العباد لا يتعدى كونه منصفا فلن يكون مالك المخلوقات، لأنه كما قلت مرارا إن المملوك لا يملك أي حق مقابل المالك.وقد أثبتُ قبل قليل أن كون الله مالكا ثابت لأنه كلّ ما أعطى الإنسان من آلاف النعم، حتى خلق له الأشياء في الأرض والأجرام الساطعة في السماء فقد خلقها بمحض جُوده وإحسانه وليس لأداء حق أحدٍ.وليكن واضحا أن الخطأ الأكبر في التعليم الذي يُنسب إلى الفيدا هو أن الإله عُد فيه منصفا فقط وحمّل أعباء حقوق المخلوقات واعتقد من جانب آخر دون مبرر أن المخلوقات أيضا لا تستحق جُودا وعطاء أكثر من حقهم.هذه
۲۸ هي المعرفة المذكورة في الفيدا التي يعتز بها الآريون كثيرا.لو افترضنا جدلا أن تاريخ الفيدا يعود إلى الزمن السحيق الذي يُنسب إليه، وهو زمن طويل فعلا كما يزعمه الآريون دون دليل قاطع، فمع ذلك يكون الفيدا- بحسب النموذج الذي يقدمه الآريون شبيها بجبل عال وشاهق لم يخرج منه أي نوع من الجواهر قط، بل تمخض الجبل كثيرا و لم يلد في الأخير إلا فأرة.من المؤسف حقا أنه لو عد الفيدا الله تعالى خالق الأرواح في الحقيقة لما صدر منه هذا الخطأ قط لأنه لا بد من الاعتراف في هذه الحالة على وجه القطعية أن الإله هو مالك الأرواح.وإذا كان مالكا فلا يحق لأحد أن يطالبه بأي حق، لأن المخلوق يكون ملك الخالق.والحق أن الأخطاء التي ارتكبها الآريون في أمر النجاة أيضا ناتجة عن الاعتقاد نفسه.فمثلا إنهم لا يعتقدون بالنجاة الدائمة بل يضطرون إلى الاعتراف مكرهين بشدة أن الإله يطرد عباده من دار النجاة بعد مدة من الزمن، وإن كانوا رجال الدين الذين نزلت عليهم الفيدات.ثم يُدخلهم في دوامة الولادات المتكررة الجريمة لم يرتكبوها.وبالإضافة إلى ذلك يقال أيضا بأن الإله يُبقي شائبة من ذنوبهم ليستغلها كذريعة لأنه مضطر إلى إخراجهم من دار النجاة بعد مدة من الزمن، ثم يحملهم الذنب نفسه ويطردهم من دار النجاة.ولكن مما يجدر بالتأمل هنا أن أحدا يُخلق إنسانا نتيجة تلك الشائبة من الذنب ويُخلق غيره كلبا والثالث حصانا ويصبح أحد بقرة نتيجة الذنب نفسه ويصير الآخر شاة أو دجاجة ويغدو غيره دودة النجاسة ويُخلق غيره رجلا أو امرأة.هذا هو نموذج عدل الإله؛ أن الذنب كان مقدار ذرة فقط ولكن بسبب ذلك الذنب خُلق رجال تلقوا الفيدات وألقى الله في قلوبهم نور الإلهام من ناحية، وجعل البعض كلابا وخنازير وقردة نتيجة الذنب نفسه.أهذا هو العدل؟ أهذه هي فلسفة الفيدا؟ أهذه هي معرفة الفيدا المقدس، فليجبنا أحد
۲۹ ويأتون بدليل على النجاة المؤقتة أنه لا يمكن أن يكون جزاء الأفعال المحدودة غير محدود وكأن الإله كان قادرا على إعطائهم نجاة دائمة ولكن ليست بيده حيلة لأن الأعمال محدودة.انظروا إلى هذا المكر السيئ إذ يخفي الإله عدم قدرته على النجاة الدائمة فيكن في القلب شيئا ويقول بلسانه شيئا آخر.والأغرب من ذلك أن الآريين يقولون بأن الإله يمكن أن يُبقي أحدا في دار النجاة إلى عشرات ملايين السنين مقابل حسنة أو عبادة لبضعة أيام.فيمكن أن يدانوا بناء على قولهم هذا لأن الإله الذي أجاز أن يعطى جزاء إلى هذه المدة الطويلة مقابل عمل لمدة وجيزة، فأية تهمة كانت ستوجه إليه لو أعطى النجاة الدائمة ؟ الحكومات الدنيوية أيضا إذا دفعت معاش التقاعد لأحد مرة لا تقطعه متذرعة بأن أيام التقاعد قد تجاوزت أيام الخدمة.وهل يجوز أن يُعزى إلى الإله الذي لا عيب فيه وهو منبع الفيوض اللامتناهية - المكر السيئ والخديعة مثل إبقاء ذنب واحد عند النجاة وإخراج الناجين من دار النجاة بإلصاق ذلك الذنب ،بهم، والتخفيف عن بعض وإدخال بعض آخرين في أردأ أنواع الولادات المتكررة وممارسة الانحياز غير المبرر؟ فما دام الإله غير قادر أصلا على النجاة الدائمة فما الحاجة إلى تقديم عذر أن جزاء غير محدود على أعمال محدودة مستحيل.هل إخفاء الأمر الواقع وتقديم الأعذار الأخرى لستر نفسه هي صفات الإله الواردة في الفيدا؟ واقع الأمر بحسب مبدأ الفيدا كما يزعم الآريون هو أن الإله ليس قادرا على أن ينجي نجاة دائمة أصلا لأنه ما دامت الأرواح غير مخلوقة علما أنه من أية روح الضروري بموجب مبدأ الفيدا أن تبقى سلسلة العالم جارية- فلو نجى الإله الأرواح بصفة دائمة لكانت نتيجتها الحتمية أن تفلت من يد الإله إلى الأبد كل روح تنال نجاة دائمة، ولأتى في آخر الأمر زمن لا تبقى فيه روح واحدة
في يد الإله وسيبقى الإله صفر اليدين رغما عنه.ولما بقيت سلسلة العالم قائمة كما اعتقد بحسب ما ورد في الفيدا لأن الإله ليس قادرا على خلق روح حتى تبقى سلسلة العالم جارية بالأرواح الجديدة.وعندما تتخلص الأرواح السابقة من سلسلة الولادات المتكررة إلى الأبد بعد النجاة الدائمة سيصبح الإله كشخص أفلس، ولاضطر إلى قطع سلسلة الولادات المتكررة، بينما كان ذلك منافيا للمبدأ الثابت في الفيدا.فهذا كان السر الحقيقي وراء النجاة المؤقتة، ولكن الإله أخفى الحقيقة مثل الناس الماديين الذين لا يريدون أن تُكشف حقيقتهم.عليكم أن تقدموا إن استطعتم من الفيدا عبارة واحدة قال الإله فيها إني قادر على النجاة الدائمة، ولكن لم أرد أن أجازي جزاء غير محدود على أعمال محدودة.أنا جاهز لأقدم ألف روبية لآري يستخرج لي من الفيدا مثل هذا القول مراعيا مبدأهم.يعترض الآريون الجهلة على القرآن الكريم دائما ويقولون بأنه سمى الله تعالى: خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، أي يقوم بمكر لا شر فيه مطلقا.ولكن يثبت أن إله الفيدا شر الماكرين في هذا المقام لأنه يُدخل الناجين في دوامة الولادات المتكررة متذرعا بأعذار واهية ثم لا يلتزم بالعدل في تقسيم الولادات، ويقدم عذرا واهيا لعدم إعطائه النجاة ويخفي الحقيقة لإظهار تباهيه واعتزازه الذي لا مبرر له، ولا يقول التزاما بالصدق بأنه ليس قادرا أصلا على النجاة الدائمة بل يقدم عذرا باطلا أنه يجب أن يكون جزاء الأعمال المحدودة محدودا.و"المكر" بموجب شرح القرآن الكريم هو نوعان المكر الحسن والمكر السيئ.وإله الفيدا يمارس المكر السيئ نتيجة سلوكه المذكور آنفا لأنه يخفي ضعفه ويخدع الناس متذرعا ١ آل عمران: ٥٥
بأنه لا يمكن أن يكون جزاء الأعمال المحدودة غير محدود.بينما الحق أنه ليس قادرا على النجاة.ثم الخديعة الأخرى السافرة هي القول بأن الأعمال محدودة.وذلك لأن الصالحين لا يريدون أن يذكروا الله إلى زمن محدد فقط بل هم عازمون على الطاعة إلى الأبد، غير أن حلول الموت ليس في سيطرتهم بل أمر الموت بيد الله، فما خطؤهم في ذلك؟ يسع أنه أعود إلى صلب الموضوع وأقول إن إله الآريين لا يمكن أن يُعد مالكا بحسب مبدئهم، لأنه لا يقدر على أن يعطي أحدا مما لديه إنعاما وعطاء دون حقه الواجب.ولكننا نعلم بوجه عام أن الذي يملك مالا له القدرة على أن يعطي من يشاء من ماله بقدر ما يشاء.ولكن مبدأ الآريين عن الإله هو لا يستطيع أن يغفر الذنوب ولا يستطيع أن يعطي أحدا شيئا جودا وعطاء منه، ولو فعل ذلك لكان غير عادل.لذا لا المعتقدين بالتناسخ أن يقولوا بحال من الأحوال إن الإله هو مالك المخلوقات.لقد قلت أكثر من مرة بأن تقييد المالك بشرط العدل ليس في محله قط، غير أننا نستطيع القول إن من صفات المالك الحسنة أنه رحيم وجواد وسخي وغافر الذنوب، ولكن لا يسعنا القول بأنه عادل بالنسبة إلى مماليكه والأحصنة والبقرات التي اشتراها من جيبه، لأن كلمة "العدل" تطلق حين يكون الجانبان حائزين على حرية من نوع واحد فمثلا يمكننا القول عن السلاطين الدنيويين بأنهم منصفون ويعدلون بين الرعية، ويوجب عليهم قانون العدل ما دامت الرعية مطيعة لهم أن يحموا أموال الرعية ونفوسهم بكل معنى الكلمة مقابل طاعتهم وأدائهم الضريبة، وأن يساعدوهم أيضا من أموالهم عند الحاجة.فمن ناحية يحكم السلاطين الرعية ومن ناحية ثانية تحكم الرعية السلاطين.فيسود البلاد الأمن والوئام ما سلك كلا الجانبين جادة الاعتدال.وكلما حدث عدم
اعتدال من الرعية أو السلاطين تلاشى الأمن من البلاد.يتبين من ذلك أننا لا نستطيع أن نعد السلاطين مالكين على وجه الحقيقة لأنهم مضطرون إلى الالتزام بالعدل تجاه الرعية والعكس صحيح.ولكن يمكننا القول عن الله تعالى من منطلق مالكيته بأنه ،رحيم ولا يمكن القول بأنه عادل أيضا.ولا يسع مملوكا أن يطالب المالك بالعدل، غير أنه يستطيع أن يطلب الرحمة بالتضرع والتواضع.لذلك لم يسم الله تعالى نفسه منصفا أو عادلا في القرآن الكريم كله، لأن العدل يقتضي التساوي والتعادل بين الطرفين.صحيح أنه تعالى بمعنى أنه يعدل بين العباد من منطلق حقوقهم المتبادلة، ولكنه ليس عدلا عدل بمعنى أن يطالبه العبد بحق كشريك له وذلك لأن العبد ملك لله، وله الحق أن يعامل ملكه كما يشاء، وليجعل من يشاء ملكا ويجعل من يشاء متسولا.ويميت من يشاء في الصغر ويعطى من يشاء عمرا طويلا.كما نحن أيضا نستحق حرية تامة فيما نملكه صحيح أن الله تعالى رحيم بل أرحم الراحمين ويربي المخلوقات بمقتضى رحمته وليس التزاما بالعدل لأني كتبت مرارا وتكرارا بأن مفهوم "المالك" ينافي مفهوم المنصف تماما.فما دمنا خلقه فلا يحق لنا أن نطالبه بالعدل والإنصاف غير أننا نستطيع أن نلتمس منه الرحمة بكل تواضع ومن وقاحة العبد أن يطالب الله بالعدل في أعماله عل المتعلقة به.وما دامت لحمة فطرة الإنسان وسداها كلها من صنع الله تعالى وهو الذي أعطاه القوى الروحانية والجسدية كلها، وبتوفيقه وتأييده يتم كل عمل صالح، فمن الإلحاد والجهل التام أن يطالب المرء الله ولا بالعدل معتمدا على أعماله.نستطيع أن نعتبر تعليما كهذا تعليم المعرفة بل الحق أنه محروم تماما المعرفة الحقيقية ومليء بالحمق.لقد علمنا الله تعالى في كتابه المقدس وهو القرآن الكريم أن تسمية الله العدل إزاء الإنسان ليس ذنبا فقط بل هو كفر لا من
بواح أيضا.غير أنه عندما يعد الله تعالى بنفسه بشيء يفرض على نفسه تحقيقه.كما يقول في القرآن الكريم: حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ.أَي قد وعدنا المؤمنين بالنصرة والعون منذ البداية لذا نفرض على أنفسنا أن ننصرهم، وإلا لا يمكن لغيره أن يفرض عليه حقا.فمبارك ذلك الذي يطلب من الله رحمه معترفا بضعفه، ووقح وشرير وشقي ذلك الذي يطلب من الله العدل زاعما أن أعماله نتيجة قوته.لقد قلت قبل قليل بأن الآريين سموا إلههم منصفا واضعين أعمالهم في الحسبان، فقد صدر هذا الخطأ لأنهم حسبوا أرواحهم وقواها وكذلك أجسامهم وقواها قديمة وأزلية وغير مخلوقة مثل الله تعالى، وأنها جاءت إلى الوجود من تلقاء نفسها و لم يخلقها الله لو اعتقدوا في المخلوق قدما نوعيا دون القدم الذاتي لما ارتكبوا هذا الكفر.ولكنهم جلبوا لأنفسهم كفرا بواحا باعتناقهم معتقد القدم الذاتي أي بقولهم بأن الأرواح وذرات الأجسام كلها أزلية وغير مخلوقة..باختصار، إنهم يحسبون أنفسهم مقابل الله كأنهم شركاؤه باعتناقهم معتقد القدم الذاتي، أو يتصورون أنفسهم كما تتصور الرعية نفسها مثلا مقابل الملك، وكما يمكن للرعية أن يطالبوا بحقوقهم من ملكهم.وإذا أراد ملك غاشم أن يغصب حقوقهم عرضوا عليه حقوقهم وطلبوا منه العدل، أو تمردوا ضده مضطرين.وهذا يثبت صحيحا أيضا بحسب مبدأ الآريين لأنه ما دام الله لم يخلق الأرواح كلها وذرات الأجسام كلها فلماذا لا تُطلب منه حقوق الخدمة؟ ولماذا لا يُكرَه على العدل والإنصاف؟ كيف يحق له أن يغصب الحقوق في هذه الروم: ٤٨
٣٤ الحالة؟ بل لو كانت تحت أديم السماء محكمة فوق الإله لكان بالإمكان أن تُرفع الدعوى فيها فتحكم ضده مع دفع نفقات القضية إن لم يؤد تلك الحقوق الواجبة.سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ.فيا أيها الأحباء المواطنون هذا مثال واحد قدمته هنا عن معرفة الفيدات وسأقدم لاحقا نماذج عديدة أخرى.عليكم أن تفكروا بأنفسكم، أليس صحيحا أنهم يحسبون الله مالكا أولا ويقرون بأن له أن يمارس في مخلوقه صلاحياته كمالك، ثم يقولون باللسان نفسه بأنه ليس مالكا بل لا تربو درجته على درجة ملك، وأن مثل مخلوقه كمثل رعية فقط، وكما أن الرعية تستطيع أن تطلب من الملك حقوقها كذلك لعباده أيضا حقٌّ أن يُكرهوه على العدل ويسألوه لماذا فعلت كذا ولماذا لم تفعل كذا في حقهم؟ فيجيبهم مضطرا إن الأمر هذا النقصان أو الزيادة ليست مني أنا بل هي نتاج أعمالكم أنتم واقع هو أن كل من يعتبر الله عدلا بحقه فإنه يضع في الحسبان أن له حقا أداؤه واجب على الله ويقول في نفسه بأني قد أطعت الله إلى هذا الحد فعليه أن يؤدي لي حق الخدمة وإن لم يؤدّ ذلك الحق لارتكب جريمة عدم الإنصاف! ولكن القرآن الكريم يعلّمنا أن الإنسان خَلْقُ الله مع روحه وكافة قواه وكل ذرة من وجوده.فنحن ملك خالص الله بحسب تعليم القرآن الكريم، وليس لنا عليه حق نطالبه به، أو يُعد هو مخطئا بسبب عدم أدائه.لذا لا نستطيع أن نسميه عادلا مقابلنا بل نسميه رحيما لكوننا صفر اليدين تماما.فخلاصة الكلام أن في تسميته عادلا يكمن شرّ كأننا نملك حقا مقابله، وفي أدائه ذلك الحق ننسب إليه إتلاف الحقوق.إذا، إن تعليم القرآن حالة عدم المؤمنون: ۹۲
٣٥ الكريم في هذا الموضوع يتنافى تماما مع تعليم الآريين وتعليم القرآن هو التعليم الحق.تأملوا في كلا التعليمين ثم تفكروا واختاروا تعليما تثبت صحته من منطلق المعرفة الصادقة والعرفان الحقيقي.هداكم الله، آمين.وكانت في مقال قرأه الآريون جملة أن الإله موجود في الجميع، فهو بعيد عن الجاهلين وقريب من العاقلين.لا أرى حاجة إلى بيان التناقض الموجود في هذه الفقرة.ففي فقرة يقول الفيدا بأن الإله موجود في الجميع، ثم يقول في الفقرة التالية بأنه بعيد عن الجاهلين.وإضافة إلى ذلك، ما دام الإله لم يخلق روحا من الأرواح أو ذرة من ذرات الأجسام بحسب مبدأ الفيدا، و لم تتسنّ له فرصة الاقتراب من المخلوق أيضا كما هي ضرورية لصانع شيء يصنعه، فأنى يمكن القول بأن الإله موجود في الجميع؟ ولما لم تكن له أدنى علاقة مع الأشياء القديمة والأزلية ولا يقدر على أن يضيف شيئا في قواها بالدخول فيها ولا يستطيع أن ينقص من عددها الحقيقي شيئا، فما معنى هذا التدخل غير المبرر القائل بأن الإله موجود في الجميع؟ كل شخص يستطيع أن يفكر أن وجود الإله داخل الجميع دون سبب معقول عبث ولغو بحت لا يثبت منه شيء إلا أن الإله إن دخل المخلوقات أثبت أنه محدود، لأن ما يمكنه الدخول في شيء محدود فهو محدود كذلك دون أدنى شك.إن عقلية الآريين غريبة حقا إذ يقدمون من ناحية اعتراضا بمحض الجهل نتيجة عدم فهمهم معنى استواء الله على العرش، ويقولون بأن إله المسلمين محدود ومحتاج إلى العرش، ومن ناحية أخرى يعتقدون أن إلههم موجود داخل كل مخلوق.فإذا كان موجودا داخل كل الأشياء أفليس موجودا في الأوثان والأصنام التي يعبدها الوثنيون؟ بل من واجب الآريين أن يعبدوا المخلوق أكثر من الوثنيين، لأن الوثنيين يحسبون تلك الأوثان مظهر الله فقط التي تُطهر بالدعاء من آلهتهم بحسب تقليدهم الديني، ثم يُظنّ أن الإله دخلها.أما بحسب مبدأ الآريين فإن الإله
٣٦ بمعنى موجود داخل كل شيء سواء أكان طاهرا أم نجسا ، ولا حاجة إلى أي وردٍ أو دعاء.ثم هناك اعتراض آخر أيضا ينشأ في هذا المقام وهو أنه إذا كان الإله موجودا في كل شيء بالتمام والكمال فهذا يستلزم التعدد، بمعنى أنه لم يعد هناك إله واحد فقط بل صار عشرات ملايين الآلهة، وإن لم يكن الإله داخل شيء بالتمام فهذا يؤدي إلى تجزئة الإله في أجزاء، وكلا الأمرين باطل.ثم هناك جملة أخرى في المقال نفسه وهي: الإله" عالم الغيب".نقول: لا شك في أن الله عالم الغيب، ولكن لا يليق بكتاب الله أن يعتبر الإله عالم الغيب كالقصاص فقط، بل ينبغي أن يقدم دليلا ونموذجا على كونه عالما بالغيب.أن يبين أحداثا مستقبلية كنبوءات تؤدي إلى اليقين أن الله عالم بالغيب في الحقيقة لكي يبلغ الإيمان الظني نتيجة الإيمان بكتاب الله - درجة الإيمان اليقيني، لأنه فيما يتعلق بالإيمان الظني فمعظم الناس في العالم يؤمنون بوجود الله إيمانا ظنيا ويؤمنون به عالما بالغيب أيضا، فما الفرق إذا في علمهم والعلم الذي يقدمه الفيدا؟ فإذا ذُكرت في الفيدا نبوءة لتعليم العلم اليقيني ثم تحققت فيجب تقديم تلك العبارة، وإلا لا فرق بين بيان الفيدا وبيان البدوي الجاهل.من الضروري أن الكتاب الذي يسمَّى كتاب الله يجب ألا يذكر كون الله عالم الغيب باللسان فقط بل ينبغي أن يقدم دليلا أيضا على ذلك، لأن البيان وحده دون دليل على أن الله عالم الغيب لا يزيد في إيمان الإنسان شيئا.بل من الممكن أن تنشأ عن كتاب مثله شبهة أن الكلام الوارد فيه إنما هو من قبيل الشائعات وليس إلا.لذا فإن القرآن الكريم لا يأتي ببيان كهذا مثل القصاص فقط عند ذكر أي من صفات الله تعالى، بل يُظهر مثالا على علمه بالغيب، ويُثبت كل صفة من صفاته.أما الفيدا فيذكر صفات الله كقصص فقط، وهذا يُثبت أنه القصص من غيره واكتفى بنقلها فقط.سمع
يصير = ۳۷ إذا، إن كتابا مثله لا يمكن أن يهب الإنسان معرفة أو عرفانا متجددا بل يجر أتباعه إلى الإلحاد رويدا رويدا مُظهرا اضطراره في هذا الأمر، وفي نهاية المطاف سما قاتلا لإيمانهم البسيط أيضا مظهرا عجزه تماما، لأن أذهانهم تذهب في النهاية إلى أنه إذا كان الإله عالما بالغيب مثلا لما كان بيانه عن كونه عالما بالغيب كالقصص بل لقدّم نموذجا على علمه بالغيب.هل يتوقع إلـه الفيدا- بتقديم صفاته كالقصص فقط - أن تُقبل صفاته التي لا يقوم عليها دليل؟ وأن يُعدّ عالم الغيب دون أن يقدم على ذلك دليل، أو أن يُسلَّم بصفاته الأخرى على المنوال نفسه؟ يجب أن يهدف كتاب الله إلى أن يرفع عِلمَ الإنسان البسيط عن صفاته من صبغة القصص إلى مرتبة علم اليقين وليس أن يقدم له مرة أخرى العلم الناقص الذي هو حائز عليه سلفا في العصر الراهن خاصة، حين نرى أن حالة كثير من الناس قد بلغت مبلغ الإلحاد ماذا عسى أن تنفع القصص من هذا القبيل إلا أن يضحك عليها أكثر ذوو الطبائع الميالة إلى الإلحاد.كل عارف يدرك جيدا أن ظاهرةً معادية لفكرة وجود الله منتشرة في العصر الراهن بشدة وعلى نطاق واسع، وقد أثير حول وجوده آلاف الاعتراضات والحق أن كتاب الله الذي يعمل بآياته العظيمة عمل الماء على النار المضطرمة هو الوحيد الذي يستطيع أن يصلح الطبائع الفاسدة في العصر الراهن.وما دامت القصص قيد المؤاخذة سلفا في نظر الملحدين وخليعي الرسن من الناس فهل يقصد الفيدا من بيان القصص أن يُدخل نفسه في السجن نفسه الذي دخله القصاصون الآخرون؟ يا أيها الأحباء المواطنون هذا الأمر ليس مما يجوز الاستياء منه، بل الحق والحق أقول بأن مئات آلاف الهندوس في الهند الذين ينسبون أنفسهم إلى مذاهب مختلفة مثل "جين مت" وغيره أنكروا وجود الله بسبب هذا النقص في الفيدا لأنهم لم يقتنعوا بالتعليم الموجود في الفيدا عن الله وصفاته.لقد سمعت شخصيا من بعض
البانديتات بأنهم قرأوا الفيدات الأربع ومع ذلك لا يعرفون على وجه اليقين أن ذكر الإله موجود فيها بعضهم قبلوا مسؤولية هذا الادّعاء إلى درجة قولهم: إذا استطاع أحد أن يثبت ذكر الله في الفيدات سنزوجه بنتنا.ومن السخافة تقديم العذر أن الفيدا كتاب يعود تاريخه إلى بداية الدهر لذا لم ير ضروريا في ذلك الزمن أن يثبت وجود الله وصفاته الكاملة من جديد، ويُري نماذج جديدة لعلمه بالغيب وصفاته الأخرى، لأنه كما أن الإنسان محتاج بلا شك في الزمن الراهن إلى رؤية نماذج جديدة لصفات الله كذلك كان يحتاجها في ذلك الزمن أيضا لأن الإنسان يُولد في الظلام المحض ثم يجد النور بواسطة كلام الله.ثم أين الدليل على أن تاريخ الفيدا يعود إلى بداية العهد؟ بل يتبين من الفيدا نفسه أنه جمع في مختلفة عصور وهو في الحقيقة مجموعة أقوال رجال الدين الكثيرين وليست أقوال أربعة منهم فقط.وتوجد الإشارة إلى ذلك في عنوان "سكتات " بكثرة.إضافة إلى ذلك يدّعي المجوس بشدة أكثر من الآريين أن كتابهم أقدم من الفيدا.إذا، إن تقديم الادعاءات غير الثابتة كهذه أمر مخجل.يجب على الآريين أن يرفعوا القضية في محكمة على المجوس أولا ويأخذوا الحكم في حقهم عن قدم الفيدات ثم يدعوا قدمها.وأنى لكم أن تعرفوا إن كنتم أنتم الصادقون أم المجوس في هذا الادعاء بدون الحكم القاطع في الموضوع؟ 11 وبالإضافة إلى ذلك، لا يكون كلام الله خاصا بالزمان الأول فقط، بل يأتي لإصلاح النسل البشري عند الحاجة، لذا فإن هذا العذر أقبح من الذنب نفسه، ولا يجدر بالقبول قط.بل نقول بأن إيمان رجال الدين الآريين الذين لم تكشف عليهم حقيقة يقينية عن وجود الله وصفاته بل وضعت أمامهم قصص المراد من "سكتات" هي القصائد المذكورة في الفيدات.(المترجم)
۳۹ فقط أن الإله عالم الغيب ويملك القوة كلها وأنه معطاء يكون على درجة الشك والظن فقط.أما الفطين الذي يتطلع إلى المعرفة الحقة ويبحث عنها فأنى له أن يطمئن من هذه القصص؟ ثم قرأ المحاضر: ذلك الإله حاكم على الجميع وأزلي ويهب رعيته المعرفة بواسطة معرفته الأبدية، ولكن لم يُذكر أي سبب لماذا هو حاكم على الجميع؟ هل نال هذه السلطة نتيجة سيطرة غاشمة أو حاز الفتح مثل ملك منتصر على جيش الأرواح وجعلهم مطيعين منقادين له كونه ليس حائزا على سلطة مثل سلطة الصانع على مصنوعاته؟ لذا لا بد أن يكون هناك سبب آخر للسلطة.وما لم يبيَّن لسلطته سبب وجيه يبقى الادعاء أن الإله حاكم على رعيته عبثا وبلا معنى.أما القول بأن الإله يهب المعرفة من معرفته الأبدية، فإذا كان المراد من المعرفة أنه ليس خالق روح أو قوتها بل جاءت الأرواح كلها إلى الوجود من تلقائها وكذلك كل ذرة من ذرات الأجسام وقواها أيضا وُجدت من تلقاء نفسها ولم ولن يقدر الإله على أن يخلق روحا أو ذرة، فندعو الله تعالى ألا تحصل مثل هذه المعرفة لمؤمن.بل لن يقول مثل هذا الكلام إلا الذي يحاول أن يجعل الناس ملحدين.وإذا ظُنّ أن الإله نصح في الفيدا لكسب الأعمال الصالحة وهذه النصائح هي معرفة الفيدا، فيتبين بحسب معتقد التناسخ أن الإله لا يريد أن يسلك الناس مسلك الطهارة لأنه لا يرسل مع من يولد نتيجة التناسخ قائمة يُعلم بها أن الروح التي جاءت إلى الدنيا فلان أو جدة فلان أو أخت فلان وبالتالي فإن الناس يقعون في مجددا هي الحرام مخدوعين بعدم مبالاة الإله فقط.لأنه إذا تزوج رجل من امرأة وسبق أن ماتت أمه وجدته وأخته قبل زواجه بفترة طويلة فما الدليل على أن المرأة التي تزوجها ليست أمه أو جدته أو أخته؟ ويبدو أن الإله لا يبالي بانتشار الفاحشة
كهذه بل يريد عن قصد أن تنتشر النجاسة في العالم.وإلا أفلم يكن قادرا على أن يرسل مع كل مولود جديد قائمة يتبين منها أن لهذا المولود علاقة وقرابة كذا وكذا مع شخص كذا وكذا، أو أن يهب المولود نفسه قدرة على أن يخبر بنفسه مثلا بأني جدة فلان وفلان أو أمُّ فلان وفلان.ولكن لما لم يفعل الإله ذلك يتبين منه أن كل عمل سيئ جائز عند إله الآريين.وهناك دليل آخر أيضا على أن الفيدا لا يجيز الفاحشة من هذا النوع فقط بل قد أجيزت فاحشة من نوع آخر أيضا بحسب الفيدا وهو معتقد "النيوك"، وهو يرمز إلى أفكار الفيدا القيمة جدا عند الآريين، أو قولوا إن شئتم بأنه هو الأصل والمصدر لكل المعرفة الموجودة في الفيدا.بل الحق أنه هو بيت القصيد لتعليم الفيدا كله وبسببه تُنال النجاة ويُمارس في قوم الآريين سرا.مع ملخص تعليم "النيوك" هو : يأمر الفيدا من لم يولد له ولَدٌ ذَكر أو وُلدت له إناث فقط من الآريين أن يجعل زوجته تضاجع شخصا آخر للحصول على الأولاد، وإلا لن ينال النجاة.إنها لوقفة تأملية أن المومسات أيضا يرتكبن مثل هذه الأفعال الشنيعة ولكنهنّ ذلك أقل سوءا من اللواتي يضاجعن الآخرين مع وجود أزواجهن.أما إذا طلّق أحد امرأته ثم تزوّجت غيره قاطعةً علاقتها بزوجها الأول فلا اعتراض عليها عند العقل، لأن نكاح المطلقة بعد قطع علاقة الزوجية بالطلاق ليس محل اعتراض قط، لأنها لم تعد زوجة الشخص الأول في هذه الحال.ولكن ليس في العالم قوم سوى الآريين يقبلون هذه الوقاحة بل يفضلون الموت على أن يجعلوا زوجاتهم يضاجعن غيرهم.يتبين من هذا المعتقد أنه لا ضير في شيوع الفاحشة بحسب الفيدا، بل الأهم هو أن يولد في بيت حضرة الآري أبناء على أية حال!
فالذين يجعلون زوجاتهم يضاجعن الآخرين ملتزمين بتعليم الفيدا ويظلون يبحثون عمن يعطيهم الأولاد بواسطة النيوك، لو أساؤوا إلى أنبياء الله الأطهار فلا مجال للشكوى، لأنه لما تلاشى الشعور بالطهارة من طبيعتهم بدأوا يقيسون العالم كله على أنفسهم.واللافت في الموضوع أنه ليس هناك سبيل يقيني لتحقيق هذه البغية الخبيثة.فهناك كثير من نساء الآريين اللواتي يرتكبن الحرام إلى عشر سنوات أو ما شابه ذلك بعذر "النيوك" ويبتن الليالي مع غير ذلك لا يولد لهن ابن بل تتولّد فيهن عادة سيئة بدلا من ولادة أزواجهن، ومع الابن؛ وهي أنهنّ لمّا كنَّ على علاقة مع رجال محرمين إلى فترة طويلة ويضاجعنهم مع علمهن أنهم ليسوا أزواجًا لهن يتلاشى عندهن الشعور بالحياء والخجل كليا نتيجة هذه الممارسة المستديمة لا أستطيع أن أكتب هنا أكثر من ذلك إذ يمكن للقراء الكرام أن يفكروا بأنفسهم أن الدين الذي ألصق بألوهية الإله وصمةً وكأنه أنكر ألوهيته نهائيا ، ثم عاب طهارة البشر حتى جعل عشرات ملايين النساء المحترمات في الهند يضاجعن رجالا غير أزواجهن وقضى على عفتهن قضاء نهائيا؛ هل يُتوقع من دين مثله أن يعلم معرفة طاهرة أو هداية ذلك لا تتهم الفيدا بذلك بل الحق أن بعض المتنسكين أو الرهبان ومع الزائفين الذين كانوا يعيشون عيش العزوبة ظاهريا وكانوا خبثاء جدا من الداخل إذ علّموا السدّج هذه الأمور بُغية إقامة العلاقات مع غير المحرمات وأظهروا أن هذا هو تعليم الفيدا لكي يفتح لهم باب الفاحشة وليتمكنوا من إشباع أهوائهم النفسانية بهذه الطريقة.مقدسة؟ لقد كتب الدكتور "برنير" بإسهاب في كتابه حول هذا الموضوع، وقال بأنه رأى في جَكَن "ناته" آلافا من نساء الهندوس اللواتي كن على علاقات مع الرهبان والمتنسكين.وكن يزعمن حمقا أن تلك العلاقات صارت سببا لنجاتهن.
٤٢ ثم قال المحاضر في بيانه بأنه ليس للإله شكل أو صورة، بينما أطلق الفيدا على الإله نفسه أسماء "النار" و" والهواء" و"الماء" و"الأرض" و "الشمس" و"القمر" وغيرها.وحافظ في الإله نفسه على الصفات المعينة الموجودة في النار والهواء وغيرهما، فكيف يمكن القول في هذه الحالة بأنه ليست للإله صورة أو شكل؟ هل الهواء في حد إطاره يخلو من الشكل أو هل النار في إطارها تخلو من الشكل وكذلك هل الشمس والقمر يخلوان من الشكل؟ من قرأ بضع صفحات من "رج فيدا" سيعرف جيدا أن جميع العناصر والأجرام السماوية آلهة بحسب تعليم الفيدا ذلك ومع هي مخلوقة أيضا.لقد كتبت في كتابي "البراهين الأحمدية" قدرا كبيرا من الفقرات التي تشمل ذكر هذا، لذا لا حاجة إلى إعادة كتابتها مما لا شك فيه أنه سواء أكان الفيدا يقصد ذلك أو يقصد شيئا آخر إلا أن عشرات ملايين الهندوس في الهند وكبار البانديتات قد فهموا أن النار والماء والقمر والشمس كلها آلهة، لذلك نشأت كل هذه الفرق في الهند.لو لم يعلم الفيدا عبادة الماء لما وُجد عبدة نهر "الغانج".يمكنكم أن تتفرجوا على مهرجانات كبيرة في منطقة "هر دوار" وغيرها لتروا بأي إخلاص وصدق يعبد مئات آلاف الهندوس "الغانج"، ومئات الآلاف من البراهمة يعيشون على نذور يقدمونها.ويُطلب من الغانج تحقيق أنواع المرادات، وكل هؤلاء الناس يُعَدُّون أتباع الفيدا ولو لم يكونوا أتباع الفيدا لما عُدُّوا ضمن الديانة الهندوسية فلا شك أن جزءا كبيرا من الهندوس لا يزالون يعدون الغانج إلها، حتى أن هناك تقليدا قديما بأن الولد البكر يسلم لأمواج الغانج، وكان هذا التقليد يسمّى "جَل بُروا"، حيث كانوا يُلقونه في الغانج دون رحمة ويهلكونه، ولكن الحكومة الإنجليزية منعت هذا التقليد السيئ بقانونها الخاص وأنقذت مئات آلاف النفوس من الهلاك.
كل عاقل يستطيع أن يفكر الآن لماذا تورّط الهندوس في الهند، وهم قوم واحد في الحقيقة في عبادة العناصر والأجرام السبب هو أن هذا ما وجدوه مكتوبا في الفيدات لا نقول بأن هذا هو تعليم الفيدات في الحقيقة بل حيثما سنذكر ذلك في هذا الكتاب سيكون المراد منه أنه قد ظُنَّ خطأ أنه تعليم الفيدات ثم أُضيف إليه أشياء أخرى مع مرور الوقت حتى عُدت عبادة المخلوق المذهب الحقيقي في الهند.وفتنة عبادة المخلوق التي نشأت في الآريين إن سببها هو تعليم الفيدات في الحقيقة، لأنه ما دامت عبادة المخلوق مثل عبادة النار والماء والشمس والقمر وغيرها من الأشياء مذكورة بكل صراحة ووضوح في "رج فيدا" والفيدات الأخرى، فما ذنب الذين ظنوا أن هذا هو تعليم الفيدا؟ لو منعت في الفيدات عبادة المخلوق بكلمات صريحة لما تورّط فيها المؤمنون بها والبانديتات الذين كانوا يقرأونها ويعلّمونها، ولما تورّط في هذا الوباء كبار البانديتات الذين كانوا يحفظون الفيدات عن ظهر قلب.ولما صار الهندوس أعداء ألداء للسلاطين الذين كسروا الأصنام ولما نشبت الحروب التي حارب فيها الراجات الهندوس ضد السلطان محمود الغزنوي حماية لوثن "سومنات" حتى جرى الدم أنهارا نتيجة الحروب بينهم.فالحق أن كل هذه الفرق الضالة والمؤيدة لعبادة المخلوق، نشأت بسبب الفيدا فحسب.ثم بين المحاضر في المقال الذي قرئ في الجلسة أن الإله بريء من الغضب والضغينة والبغض والحسد.لعله كان يقصد من هذا البيان أن كلمة "الغضب" مذكورة بحق الله تعالى في القرآن الكريم وكأنه قصد أن يبرئ في مقاله الفيدا مقابل القرآن الكريم من تعليم أن الله تعالى أيضا يغضب، ولكن هذا خطأ بحت منه.فليكن معلوما أن القرآن الكريم لا ينسب إلى الله تعالى غضبا غاشما أو في محله.بل المراد هو أن الله تعالى بسبب قدسيته البالغة منتهاها يتصف بصفة غير
٤٤ تشبه الغضب، ومن مقتضاها أن يعاقب العاصي الذي لا يرتدع عن التمرد.كذلك فيه صفة تشبه الحب وتقتضي أن يجازى المطيع على طاعته.فمن أجل التفهيم سُميت الصفة الأولى بالغضب والثانية بالحب، ولكن ليس ذلك الغضب كغضب الإنسان ولا الحب على غرار حب البشر كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.أي لا نظير لذات الله وصفاته.ولكننا ٢.نسأل الآريين لماذا يعاقب إلههم المذنبين بحسب الفيدا إلى درجة أن يُسقطهم تحت مستوى البشرية كثيرا ويجعلهم كلابا وخنازير وقردة وسنانير؟ فلا بد من الاعتراف أن فيه صفة تدفعه إلى هذا الفعل.وهذه الصفة سميت في القرآن الكريم بالغضب.فإن رج" فيدا" أيضا زاخر بذكر صفة الغضب هذه الموجودة في الإله، كما توجد فيه العبارات التالية: (۱) "يا "إندر" ويا "أغني"، يا من يُعملان السلاح الناري ويدمران المدن أعطيانا الثروة وانصرانا بالحروب." (۲) يا "إندر"، يا من تحتل مقام الصدارة من بين جميع الآلهة، نحن ندعوك.قد حزت الانتصارات في الحروب.فليطوّر - "إندر" الولي الغضوب ومستأصل جميع المحرمات عربتنا على غيرها في الحروب.(۳) أنت يا "إندر" تفتح ولكن لا تمنع النهب، نطلب منك الحماية يا "ميغواهن" في الحروب الصغيرة والحروب الكبيرة.(٤) يا "إندر" احفظنا في حروب حيث ننال كثيرا من النهب.الصفة الثالثة في الله تعالى هي صفة الرحم، وتقتضي أن يُعفى عن ذنب التائبين.فالله تعالى يتصف بهذه الصفات الثلاث أي الغضب والحب والرحم ولكن ليس على غرار صفات الإنسان بل بما يليق بالله تعالى.منه.الشورى: ۱۲
٤٥ \ 11 (٥) يا أغني احرقي أعداءنا ، فقد خُلقتِ لفائدة الكثيرين ١ أي النار.(المترجم) حاشية: يتبين من هذه العبارات كلها أن الآريين كانوا منذ القدم يزعمون أن هذه العناصر وغيرها آلهة، وكانوا ينسبون إليها صفات الله تعالى كلها مثل الغضب وغيرها.ولكن لا أدري لماذا قرأ المحاضر هذا المقال في الجلسة على النقيض من تعليم الفيدا القائل بأنه لا غضب في الإله وأن ما يعاقب به المذنبين ليس السبب وراءه رغبته الشخصية بل لا توجد فيه هذه الصفة أصلا حتى تقتضي ذاته معاقبة العاصي.وكأن معاقبة العصاة تصدر منه كما تصدر بعض الأعمال من المجانين والعياذ بالله - وإلا لا توجد فيه صفة معاقبة العاصي.هذه هي معرفة الفيدا بحسب الآريين الذين يتكلمون كالعمهين ولا يدرون أن القرآن الكريم ليس وحده الذي بين هذه الصفة بل مئات العبارات في الفيدا تشهد بأنه توجد في الله صفة الغضب حتما.غير أنه صحيح تماما أنه لم يُذكر في الفيدا حتى اسم الإله قط.وقد حمدت في الفيدات كلها بدلا من الإله مخلوقات مثل النار والهواء والماء والقمر والشمس وغيرها وأثنى عليها، ونُسبت إلى الأشياء نفسها صفة الغضب.فلو قال الآريون بأنهم لا يعدّون الأشياء التي ذُكرت عبادتها في الفيدا- أي النار وغيرها - آلهة، لذا فإن ذكر غضبها وبغضها المذكور في الفيدا ليس حجة علينا، بل أرونا أين ورد في الفيدا أن الإله أيضا يغضب؟ أيها الأحباء المواطنون ما دام لم يُذكر حتى اسم الإله في الفيدات كلها فمن أين نستخرجه لكم منها؟ إن هذه الأشياء هي آلهتكم بحسب الفيدا ولا إله لكم سواها.غير أننا أيضا نستغرب كثيرا من أن هناك تناقضا غريبا في الفيدات في بيان صفات هذه الأشياء.وإذا نظرتم بشيء من التأمل والتدبر لتبين أن كل بيان الفيدا يشبه بيان شخص مختل العقل.إن مضامين عبارات الفيدات عبث ولغو إذ إن كل جملة منها تناقض غيرها.فمثلا قد اتخذت النار إلهة في جملة ومدحت وأثني عليها وطلبت منها المرادات، ونُسبت إليها قدرات الألوهية، ثم عُدّت النار نفسها مخلوقة في الجملة التالية.وقيل: يا أيتها النار قد خُلقت لفائدة الكثيرين.كذلك في بعض الأماكن نُسبت صفات الألوهية إلى "إندر" ثم عُدّ "إندر" نفسه ابن زعيم من زعماء الدين في أماكن أخرى.وكأن صاحب هذا البيان لا يملك قوى عقلية سليمة أو تخونه ذاكرته إذ يقول شيئا مرة ويقول مرة أخرى
٤٦ فقد ورد في كتاب "ستيارته "بركاش" أن اسم الإله هو "ردر"، أي يُبكي 6 الذين يكسبون السيئات وورد أيضا أن اسمه "اريما" أيضا أي المجازي.كذلك ورد اسم الإله "ان" أيضا، أي أكل الدنيا كلها فيتبين من هذه الأسماء كلها أن صفة الغضب توجد في الإله حتما وبمقتضاها يعاقب المذنبين ويحوّل المخطئين إلى كلاب وسنانير، وإن لم توجد فيه مثل هذه الصفة التي تقتضي معاقبة المذنبين فلماذا مال طبع الإله إلى المعاقبة أصلا؟ هذا يعني أنه توجد فيه صفة تدفعه إلى الانتقام، فهذه الصفة تسمّى الغضب.ولكن ذلك الغضب ليس كغضب الإنسان بل هو كما يليق بالله تعالى.والغضب نفسه مذكور في القرآن الكريم.وكما ذكر القرآن الكريم الغضب بحق العصاة كذلك ذكر الحب بحق المطيعين، وقال بأن كلتا الصفتين موجودة في الله تعالى.ولكن ليس حبه كحب الناس وليس غضبه كغضب الناس، بل كلتا صفتيه الطيبتين نزيهة من كل عيب ونقيصة.فحين يُنعم الله تعالى ويُكرم الذين يكسبون الحسنات يقال بأنه الله أحبهم، وحين يعاقب الذين يقترفون السيئة يقال بأنه غضب عليهم.فكما ذكر الغضب في الفيدات كذلك ذكر في القرآن الكريم، غير أن الفرق الوحيد هو أن الفيدات درج جة قالت فيها بأنه يحوّل الناس إلى حشرات وديدان نتيجة الله أبلغت غضب شدة الغضب بسبب ذنوبهم، ولكن القرآن الكريم لم يبلغه هذا الحد بل جاء فيه أنه تعالى يُبقي الناس أناسا على الرغم من إنزال العقاب عليهم، ولا يُدخلهم في دوامة التناسخ.فيتبين من ذلك أن حب الله تعالى ورحمته أوسع من غضبه بحسب القرآن الكريم.أما بحسب قول الفيدا فلا نهاية لعقوبة المذنبين ولا يوجد في الإله إلا الغضب فقط إذ ليس فيه أدنى أثر للرحمة.أما القرآن الكريم فيتبين منه بكل ما يناقض كلامه الأول.لا يمكن أن يكون خلاف في كلام الله، ولا يريد و أن يُعبد خلقه دونه.منه.
٤٧ صراحة أنه سيأتي على أهل النار زمان في نهاية المطاف حين يرحمهم الله تعالى جميعا.وإذا أراد أحد أن يستبين إرادة الله بحسب ما ورد في الفيدا فليلق نظرة على الحيوانات في الفلوات والبراري، وفي جو السماء وفي العمران، ثم لينظر إلى الحيوانات الدقيقة الموجودة بالآلاف في كل قطرة ماء الذي يملأ الأنهار والبحار، فهل يُفهم أن نية الله حسنة فيما يتعلق بالنجاة؟ كلا، ثم كلا.بل تذكروا جيدا أيها الآريون أن الإله لم يُرد قط أن يجعل الناس أناسا مرة أخرى بعد مرورهم بدوامة التناسخ.ولو أراد ذلك لأوسع الأرض بقدر الحاجة في حال تحويل الحشرات والديدان كافة إلى أناس.الجدير بالذكر أن دين الفيدا هو الدين الوحيد بين أديان العالم كلها الذي يصف إلهه غضوبا وذا ضغينة، ويخالف بشدة فكرة أن الله تعالى يغفر ذنوب العباد بالتوبة والاستغفار والأغرب من ذلك أن هذا الدين يقول أيضا بأن الإله مالك المخلوقات كلها وبيده مصير كافة المخلوقات الحية وهو الوحيد الذي يُعرَض عليه المذنبون كلهم.ولكن لسوء حظ البشر توجد فيه صفة الغضب فيرى الذنب ويعاقب عليه بأشد ما يمكن ولكن لا توجد فيه صفة أخرى ليغفر لمذنب على توبته وتضرعه، بل لو صدر من أحد مثقال ذرة من الذنب لا تُقبل توبته ولا يجدر تضرعه وتواضعه بالالتفات مع أنه من الواضح أن الإنسان ضعيف البنيان ليس مصونا من الذنب بسبب ضعفه الفطري، بل العثار في كل خطوة سمة فطرته البارزة.ولكن الفيدا لم يقدم سبيلا لنجاته رحمة به، بل لم يذكر إلا وصفة وحيدة مليئة بالغضب والضغينة، ألا قد أُعدت سلسلة طويلة لا تنتهي من التناسخ على ذنب مثقال ذرة، مع أن وهي أنه إن اتخاذ التفاوت في المراتب وحالات الفرح والترح السائدة في العالم دليلا على التناسخ حمق محض؛ لأن هناك عالما آخر أيضا ينتظرنا، لذا فالذي واجه الآلام هنا سينال الراحة
٤٨ المذنب يكون جديرا بالرحم لسبب آخر أيضا وهو أن قواه الضعيفة التي تتسبب في صدور الذنب ليست عنده بل الله من هو الذي خلقها.ففي هذه الحالة يستحق العباد الضعفاء بعض التخفيف بسبب اضطرارهم في ذلك.ولكن الإله لم يفعل ذلك بحسب قول الآريين و لم ينتبه إلى الأمر عند عقابهم أن له أيضا دخلا على أية حال في ارتكاب الناس الذنوب.وقد وضع الفيدا شرطا للنجاة أن الإنسان سينالها إذا تطهر من الذنوب كليا.ولكن لو اختبر هذا الشرط على محك القانون السائد في الطبيعة لثبت أن تحقيق هذا الشرط مستحيل تماما للإنسان لأنه ما لم يؤدّ كل حقوق الله لا يسعه القول بأنه قد أدى جميع دقائق الطاعة والمعلوم أن قانون الطبيعة يشهد بكل وضوح، وتصدق فطرة الإنسان هذه الشهادة وتقول بلسان حالها، بأن الإنسان لا يمكن أن يكون بريئا في أية مرحلة من مراحل الكمال والترقي من التقصير في إيفاء الله حق الشكر على نعمائه تعالى وأداء حقوقه، بل كان مقصرا جدا في العمل بأوامر الله تعالى وطاعته الكاملة.فإذا كانت نجاة الإنسان مقتصرة فقط على أداء حقوق الله تعالى كلها كما هو حقه دون أن يبقى فيها مثقال ذرة من القصور من أي جانب ودون أن تصدر منه أدنى زلّة في سبيل الطاعة فإن نوال النجاة بهذه الطريقة مستحيل، إذ لن يتمكن أحد من أداء الحقوق على هذا النحو وبالتالي لن ينال النجاة.إذًا لا يمكن أن يصدر من الله تعالى حكم يكون من المحالات ويخالف قانون الطبيعة بصراحة تامة ويتنافى مع الفطرة أيما منافاة.ابحثوا في الشرق والغرب وقدموا لنا شخصا واحدا نزيها تماما وبريئا كل البراءة من الصغائر والكبائر ومن كل نوع من الغفلة وقد أدى جميع عوضا عنها في ذلك العالم.هناك أناس آخرون أيضا يخلقون لأنفسهم آلاما نتيجة المجاهدات الشاقة لينالوا الراحة في العالم الثاني.منه.
٤٩ حقوق الله مقابل نعمه تعالى، وادعى أنه قد أدّى جميع دقائق الطاعة والشكر.وإن لم يوجد مثل هذا الشخص في العصر الراهن فاعلموا يقينا أنه لم يوجد منذ أن خُلقت الدنيا ولا يُتوقع أن يوجد في المستقبل أيضا.ولما كان أداء حقوق الله كلها وإنجاز جميع مراحل شكر الله بقوته الشخصية مستحيلا على الإنسان بحسب قانون الطبيعة، وهذا ما تشهد عليه تجربة كل إنسان، فلا يليق بكتاب أتى من الله أن يؤسس النجاة على ما هو مستحيل وغير ممكن بحد ذاته.ولكن من الممكن أن يكون هذا الفساد أيضا قد تطرق إلى الفيدا في زمن من الأزمان كما تطرقت إليه المفاسد في عدة أمور أخرى.ومن الممكن ومع أيضا ألا يكون هذا تعليم الفيدا أصلا بل هو تعليم محرف ومبدل.الفساد المذكور آنفا الموجود في مبدأ الآريين سابق الذكر على عكس مقتضى الفطرة والنواميس الطبيعية؛ لو تأملنا في النجاة نفسها لوجدنا فيها أيضا طريقا منفرا كامنا فيها لا يليق بالله الكريم وهو أن الناجين يُطردون من دار النجاة.فهل يُعقل أن هذا الطريق قد سنه الله الله الذي هو منبع الرحمة كلها وليس بخيلا ولا حاسدا؟ فالله تعالى أسمى شأنا من أن يُكرم عباده الصادقين مرة بقربه وحبه ثم يحوّلهم إلى كلاب وسنانير ويُدخلهم في دوامة التناسخ ويجعلهم حشرات وديدان.ثم حين نتأمل في جانب آخر أنه لماذا ولأي سبب يُخرج الناس جميعا من دار الله النجاة بعد مدة من الزمن، نتأسف على تعليم الفيدا أكثر إذ نراه يتهم الكريم بالبخل والبغض والجهل بغير حق بذريعة أن الإله حين يُخرج الناجين من دار النجاة بعد تنجيتهم يكون قد أبقى عليهم ذنبا بسيطا فيؤاخذهم بذلك الذنب البسيط ويُخرجهم جميعا من دار النجاة.الآن فكروا بأنفسكم هل يمكن نسب هذا المكر السيئ والمكروه إلى الله تعالى؟ ألم يكن قادرا على أن يُبقيهم في
٥٠ سلسلة التناسخ لفترة وجيزة أخرى لإزالة ذلك الذنب البسيط أيضا كما مع أدخلهم في دوامة التناسخ لإزالة الذنوب الأخرى ثم يهبهم نجاة دائمة؟ ثم هناك أمر آخر جدير بتأمل المنصفين، وهو أن الذنب كان مثقال ذرة فقط، فأي عدل أن يحوّل أصحابه إلى الكلاب والقطط ويُدخلوا في دوامة التناسخ عقوبة عليه على غرار الذنوب الكبيرة؟ ثم فكروا؛ لماذا عوقب البعض بعقوبات شديدة وبعضهم بعقوبات بسيطة نتيجة ذنب كان مثقال ذرة فقط، بمعنى أنه قد أُخرجت فئة من دار النجاة بناء على الذنب نفسه وخلقوا بشرا وقد خُلق بعضهم رجالا وبعضهم نساء وحولت فئة أخرى نتيجة الذنب نفسه، أي مثقال ذرة إلى كلاب وفئة ثالثة إلى خنازير وفئة رابعة إلى قرود أن الذنب لم يكن إلا مثقال ذرة فقط.أولا إن الذنب مثقال ذرة لم يكن شيئا مذكورا أصلا حتى يُدخل الإنسان في دوامة التناسخ، لأنه لو كان ذلك الذنب مكروها في نظر الله لما أدخل أصحابه في دار النجاة ذلك الذنب.مع هل كان الذنب الذي غُض الطرف عنه عند التنجية ذا أهمية كبيرة؟ لو كان عدم الرحم على هذا النحو هو المقصود لكان من المفروض أن يُلقى الجميع في الدوامة نفسها من التناسخ نتيجة ذنب مثقال ذرة دون الانحياز إلى أحد.ولكن نرى انحيازا واضحا في أن ذنب المخرجين من دار النجاة يكون على درجة واحدة دون أدنى تفاوت فيه حتى مثقال ذرة فقط، ولكن درجة التناسخ لا تكون واحدة بل يُجعل أحدٌ رجلا ويُجعل غيره امرأة نتيجة الذنب نفسه، ويحول أحدٌ إلى قرد وغيره إلى دودة النجاسة نتيجة الذنب نفسه.هل لأحد أن يفهم فلسفة الفيدا هذه ؟ هل ستسمون الإله منصفا وعادلا مع كل هذا؟ من الواضح أيضا أن أشكالا مختلفة للتناسخ تقتضي أن تكون الذنوب أيضا مختلفة.وهذا يستلزم أن تكون الذنوب أيضا بقدر ما يوجد في الأرض
من حيوانات وحشرات وغني عن البيان أن الأرض كلها والجو والبحار كلها مليئة بأنواع الحيوانات والحشرات والديدان.فإذا كان صحيحا أن الذنوب أيضا توجد بالقدر نفسه لذلك تلاحظ حيوانات مختلفة الأنواع في الأرض، فمن واجب الآريين أن يستخرجوا لنا قائمة بتلك الذنوب من الفيدا لكي نقارن ونرى أن عدد الذنوب المذكور في الفيدا يساوي تماما عدد الحيوانات والحشرات وغيرها على سطح الأرض وفي البحار وفي جو السماء وفي جوف الأرض.وإن لم تطابق قائمة هذه الذنوب عدد تلك الحيوانات تماما ففى هذه الحالة لسنا بحاجة إلى دليل آخر لإبطال التناسخ والفيدا.فالمسؤولية تقع على الآريين أن يُثبتوا ويقدموا قائمة الذنوب بأسلوب وعدد بقدر ما توجد الحيوانات المختلفة في الأرض.هنا يجدر بالذكر أيضا أن إله الآريين قاسي القلب إلى درجة أن العفو والصفح والرحم والكرم ليس من عادته أصلا.وفي أسلوب تنجيته أيضا تكمن خديعة.فلا شك في أن الآريين أيضا يتحلون بالأخلاق نفسها بل لا بد أن يكون الأمر على هذا النحو، لأنه من الوقاحة أن يعتصم المرء بأخلاق تنافي أخلاق إلهه.والمعلوم أن كمال الإنسان يكمن في أن يتحلى بصفة التخلّق بأخلاق الله.إذًا، فما دام الفيدا يعلّمهم أخلاق الله بألا يعفو المرء عن ذنب أحد أبدا ولا يُسدي إلى أحد الجود والكرم والإحسان مطلقا، ففي هذه الحالة من واجب الآريين أن يكونوا قساة القلب قدر استطاعتهم وألا يفكروا بالعفو والصفح أبدا وأن يحسبوا الجود والإحسان حراما عليهم.ولكن المؤمن الحقيقي سيتحلى بأخلاق تناقض الأخلاق المذكورة ولأنه يقرأ في القرآن الكريم أن الله تعالى يقبل التوبة ويعفو عن الذنوب وليس محتاجا إلى أن يعلق على الصليب شخصا بريئا من الذنب حتى يعفو عن ذنوب الناس، بل يعفو ل عن الذنوب
۰۲ نتيجة التوبة والتضرع والاستغفار ؛ فيعفو المسلم الصادق عمّن أخطأ في حقه ولا يشترط للعفو أن يُعلّق أحد على الصليب بل يعفو عن كافة أخطاء المخطئ في حال توبته ورجوعه لأن إلهه أيضا يغفر الذنوب على المنوال نفسه ويعامل الناس جميعا باللطف والإحسان لأن إلهه أيضا جواد وكريم ورحيم.أما المذنبون الذين لا يعامل إلهُهم إلا بالغضب والبخل والبغض فكيف لنا أن نتوقع منهم أن يتحلوا بأخلاق فاضلة لا يتحلى بهما إلههم؟ على كل مسلم أن يجتنب صداقتهم لئلا يُظهروا أخلاق إلههم في أيام الصداقة، لأن الإله الذي يقدمه الآريون، بحسب منطق الفيدا، من أخلاقه أنه يؤاخذ الناس بشدة متناهية على ذنبهم البسيط أيضا، ويُدخلهم في سلسلة التناسخ النجسة والقذرة إلى سنين لا تُعدّ ولا تحصى.ثم لو ابتهل وتضرع المذنب أمامه بقلب متألم وندم وأرغم أنفَه بكل تواضع وأورد على نفسه موتا بشدة الحزن والألم وتعهد بصدق القلب ألا يعود إلى ذلك الذنب في المستقبل لا يمكن مع كل ذلك أن يعفو الإله عن ذنبه ويصفح عنه مهما كان خفيفا.ولو وهبه النجاة بعد عشرات ملايين السنين لكانت لزمن محدود، ثم يوقعه بعدها في عذاب التناسخ من جديد ولن يريد أن ينال عباده سعادة أبدية.ولعل سبب ذلك يعود إلى أنه لا توجد بين الأرواح والإله علاقة الخالق والمخلوق بل الإله منفصل منذ القدم والأرواح كذلك.فيعاملها الإله معاملة القاضي فقط وليس كالآباء.والحق أن الرحم يتولّد نتيجة العلاقة المتبادلة.تكون الأم كبحر الرحمة لابنها بسبب علاقتها معه ولعلمها أنه ولد من بطنها وارتضع من ثديها.فلما لم توجد بين الإله والأرواح علاقة الخالق والمخلوق ولم تخلق الأرواح بیده فلن يبالي بها الإله وإن ماتت بعذاب أبدي، إذ لا توجد بينه وبينها علاقة قط حتى يهيج رحمه.
ولكن ما قاله الله تعالى في القرآن الكريم يتلخص في ألا تقنطوا يا عبادي من رحمتي فإني رحيم وكريم وستار وغفار وأرحم بكم من غيري، ولن يرحمكم أحد مثلي أحبوني أكثر مما تحبون آباءكم فإني أكثر حبا منهم في الحقيقة.ولو جئتموني لغفرتُ لكم الذنوب جميعا وإن تبتم لقبلت توبتكم.ولو جئتموني مشيا لجئتكم هرولة.والذي يبحث عني يجدني والذي يرجع إلي سيجد بابي مفتوحا.إني أغفر ذنوب التائبين وإن كانت أكبر من الجبال.إن رحمتي عليكم كبيرة وغضبي قليل لأنكم خلقي، وقد خلقتكم لذا رحمتي تحيط بكم جميعا.هذا ملخص تعليم القرآن الكريم.وليكن معلوما أن الرحم ينشأ نتيجة العلاقة المتبادلة في الحقيقة.وإذا صح القول بأن هناك بعدا شاسعا بين الإله والأرواح ولا علاقة بينهما قط ولا صلة، وليسوا عبادا خلقهم الحب والرحم نتيجة تلك العلاقة ويتذكر الله أن هؤلاء المساكين عباد خلقهم، فأنى للإله أن يرحمهم؟ ما وجه استحقاقهم أصلا؟ الله حتى يهيج يجدر بالانتباه تساؤل مفاده: هل لهذه القسوة والغضب أيضا حدود؟ فقد مضت على خلق العالم عشرات ملايين السنين بحسب مبدأ الآريين ولكن الإله لم يلعب إلى الآن دورا ملحوظا لتحويل الحيوانات والحشرات إلى أناس.إن سطح الأرض كله مليء بالحيوانات والحشرات والديدان.وإذا رأيتم عدد الناس مقابلها فلا يبدو عددهم كقطرة ماء واحدة في البحر بل الملحوظ أن سلسلة التوالد والتناسل في البشر ضعيفة جدا، بينما يمكن أن تتولد في ليلة واحدة حشرات جديدة بعدد لا يتوالد به البشر في مئة ألف سنة.لا أدري لماذا يكن الإله هذا البغض تجاه البشر إذ وضع لهم قواعد قاسية جدا؟ والنجاة التي ينالها البشر أخيرا إنما هي أيضا مقام مأتم في الحقيقة.على أية حال قد عُلم أن هذا الأمر من الإله، غير أن هناك إجحافا آخر وهو أن الإله يُخرج الجميع من دار
النجاة بعد مرور مدة محددة واحدة وكما كتبت من قبل بأنه لا يعدل في الإخراج من دار النجاة أيضا بل يطرد الجميع دفعة واحدة وفي وقت واحد على الرغم من اختلاف الأعمال، الأمر الذي كان يجب أن يكون مدعاة لاختلاف مدة الأجر.والإجحاف الآخر هو أنه ليست الذنوب إلا بقدر ما ذُكر في الفيدا ولكن مع تلك الذنوب المعدودة والمحدودة التي تسعها ورقة واحدة من الفيدا فقد ملأ سطح الأرض كلها بعشرات الملايين من الحيوانات وما لا يُعد ولا يحصى من الحشرات والديدان.أما تعليم الفيدا عن التناسخ فهو أن كل ذنب يقتضي نوعا معينا من الولادة؛ لأن الإله لا يتدخل في معاقبة الذنوب، ويعطي كل مذنب ولادة يقتضيها ذنبه وهذا يستلزم أن تكون للناس ذنوب أيضا بقدر ما يوجد على وجه الأرض من الطيور والدواب والحشرات والديدان، ولكن الفيدا لم يذكر قائمة طويلة عريضة من الذنوب بهذا القدر.ويعد العقل السليم هذه الفكرة عبثية ولغوا وسخيفة ومنافية للواقع.فهذه هي نماذج معرفة الفيدا التي نُظهرها للعيان رويدا رويدا.الأكثر مدعاة للتأسف هو أن الإله على الرغم من كونه مالكا لا يستطيع أن يغفر ذنب أحد.وإذا نال أحد النجاة بقوته هو فهذا شأنه وإلا فليقلع الآريون نهائيا فكرة فضل الإله ورحمته.إن صفة الإله هذه تتركنا في حيرة من أمرنا أكثر من أية صفة أخرى؛ بمعنى أنه ما دام الإله يعرف أن الإنسان ضعيف الفطرة وأنه هو الذي خلقها، وهي أداة صنعها هو الاله بنفسه بكل أجزائها فلماذا يمارس كل هذه القسوة على عكس قدوسيته؟ إذا كان ضعيفا إلى درجة لا يقدر على غفران الذنوب ولا على خلق الأرواح ولا على إعطاء النجاة الدائمة، فلماذا أخذ بيده عمل الألوهية الحساس أصلا؟ الإله الذي ليس له من الأخلاق الفاضلة أدنى نصيب ويبدي غضبه وضغينته في كل صغيرة وكبيرة ولا يتحلى بأدنى صبر أو
٥٥ جلد فكيف يمكن عده بريئا من الضغينة والغضب؟ هل للغضوبين وأصحاب الضغينة علامات أخرى يُعرفون بها؟ وإذا كان لا يقدر على غفران ذنوب التائبين والمتضرعين المبتهلين في سبيله والذين يحترقون في نار حبه وإن ماتوا في التضرع ومع ذلك لا يلين قلبه قط ولا يتوقف عن الانتقام، فماذا يمكن أن نسميه إلا الغضوب والمبغض؟ وإن كان لا يعطي -العباد - الذين لم يكن إيمانهم مؤقتا بل دائما - النجاة الدائمة مع قدرته عليها فهل يكون في غير محله القول بحقه بأنه لا يريد كعادة الحساد، سعادة عباده الصادقين؟ هل يمكن أن يكون الإفشال بعد الإنجاح والإخزاء بغير ذنب بعد الإكرام المتكرر وعدم المعاملة بالرحم والكرم شيمة شخص طبيعته بريئة من الغضب والحسد والضغينة والبغض؟ وما دام الناجون ينالون النجاة بقوتهم وليس نتيجة لطف الإله وإحسانه فهل كان إخراجهم من دار النجاة جائزا؟ ومن قال بأن أعمالهم كانت محدودة؟ بل الحق أن الموت علّة أصابتهم من الإله وإلا كانوا ينوون القيام بأعمال غير محدودة.كان الأجدر بالإله أن يعاملهم بحسب نيتهم وليس بأن يقدم عذرا نتج عن عمله هو و لم ينتج عن نيتهم وخيارهم.من المؤسف حقا أن الفيدا قد قدم صورة الإله وكأنه لا نظير له في كل عيب ونقيصة وغضب وضغينة وإجحاف فهو ليس كاملا من حيث القدرة ولا من منطلق الرحمة والأخلاق ولا يقدر على أن يُخبر عن وجوده بأنه موجود لأنه كان واجبا أن يُعلَم وجوده إما بصفة الخلق ليعرف الخالق نظرا إلى خلقه، ولكنه ليس خالق الأرواح وذرات العالم بحسب تعليم الفيدا، أو يمكن أن يُعلم وجوده بواسطة الآيات والمعجزات المتجددة ولكنه ليس قادرا على إراءة الآيات أيضا.فالحق أنها منة الآريين على إلههم إذ يؤمنون به مع أنه لم يقدم أيّ دليل على وجوده.
نحن نوجه أنظار الآريين بكل تأكيد إلى ألا ينسبوا أي علم أو معرفة إلى الفيدا معتمدين على أقوال البانديتات الهاذين الفيدات الحالية لا تحتوي على أية معرفة سواء من حيث الدين أو الدنيا.الفيدا الذي لم يقدم دليلا على وجود الله تعالى وكانت خطوته الأولى خاطئة، فالبحث في علومه الأخرى وفنونه ليس إلا مضيعة للوقت، لأن الإله ليس خالق الأرواح وقواها وكذلك ليس خالق الذرات وقواها بحسب تعليم الفيدا، فكيف يُعرف أنه موجود أصلا؟ أما القول بأنه يوصل ويربط بين الأرواح والأجسام فليس دليلا لأنه إذا كان ممكنا للأرواح والذرات أن تأتي إلى حيّز الوجود من تلقائها فهي تقدر على الارتباط والاتصال أيضا من تلقائها.والفيدا الذي أعلن رأيه أن جميع الحيوانات على وجه الأرض وكافة الحيوانات في جوّ السماء وفي جوف الأرض وكلّ الطيور والبهائم في البر والبحر والحشراتِ في الماء التي توجد بالآلاف في كل قطرة من ماء الأنهار والبحار كلها أناس، فما علاقة هذا الفيدا مع الحق والحكمة؟ لأنه لو افترضنا جدلا أن جزءا واحدا من عشرات الملايين أيضا من تلك الحيوانات سيتحول إلى أناس وسيسكنون الأرض في وقت من الأوقات لكان ذلك افتراضا محالا تماما.بل لو أزيلت البحار والأنهار كلها من وجه الأرض وسُوِّيت الجبالُ كلها بالأرض، وصارت الأرض قاعا صفصفا قابلة للسكن، وعندها تحوَّل جزء واحد من البليون من حيوانات الأرض والحشرات إلى أناس وأُريد إسكانها على الأرض، وزاد حجم الأرض أيضا ضعفين من حجمها الحالي، لما اتسعت لتلك الحيوانات بعد تحولها إلى آدميين.كل من يريد أن يدعو فئة من الضيوف إلى بيته يدرس أولا الوضع؛ هل يتسع بيته لهم جميعا أم لا؟ فإذا كان الإله يريد فعلا أن يحوّل كل هذه الحيوانات إلى أناس ،ويُسكنهم، لكان من واجبه أن يوسع الأرض بقدر ما تتسع لكل الناس
الذين كانوا سيتحولون من حشرات وديدان إلى أناس.معلوم أن الإله خلق الأرض بحجم صغير، بحيث لو حولت الكائنات في ماء بئر واحد إلى أناس لما وسعتهم، يدل على أنه لم يرد قط أن تصبح الحشرات والديدان كلها أناسا.وإذا قلتم بأنه قد صدر من الإله خطأ إذ لم يستطع أن يقدر الأرض ولم يقدّر كل الحيوانات مقابلها، فلا تقوم للفيدا ولا لإلهه ولا لدينه قائمة بهذا الجواب.نقدم نموذجا آخر من علوم الفيدا ومعرفته؛ وهو أنه كما قلت قبل قليل إن الأرض ليست مأهولة أكثر من ربعها وهذا جزء صغير طبعا.وفي هذه الحالة إذا أخرج هؤلاء الناس من دار النجاة بعد مدة معينة وعددهم يفوق سعة الأرض بآلاف المرات فكيف يمكن أن تكفيهم الأرض؟! فالذين يُخرجون من دار النجاة ليسوا من قرن واحد بل هم من عشرات ملايين القرون بحسب المبدأ المسلّم به عند الآريين.فالأرض التي يسكنها أناس من قرن واحد فقط بصعوبة بالغة كيف يمكن أن يسكنها الناس من عشرات ملايين القرون؟ هل لأحد من الآريين أن يشرح لنا هذه الفلسفة الغريبة للفيدا؟ فليكن معلوما أن هذا الاعتراض لا يمكن توجيهه إلى معتقد الإسلام لأنه لم يُجمع الأولون والآخرون على الأرض في حين من الأحيان بحسب معتقد الإسلام.أما بحسب الفيدا فتخرج الأرواح القديمة كلها من دار النجاة وتأتي على الأرض بصورة حيوانات متنوعة فجميع الحيوانات التي ارتحلت الدنيا بين فينة وأخرى إذا جُمعت على الأرض في وقت واحد كيف ستتّسع الأرض لها جميعا، فليفهمنا أحد ذلك.وإخراج جميع الناجين من دار النجاة من هذه حاشية: إن حشر الأجساد، أي قيام الموتى من القبور الذي أُخبر عنه في الإسلام قد أُنبئ بشأنه أيضا في الوقت نفسه أن الأرض ستمد يومذاك فتصبح عشرات ملايين الأضعاف من حجمها الحالي.منه.
01 دفعة واحدة أمر غريب يتعذر فهمه، لأنه ما دام الناجون يُدخلون دار النجاة في أوقات مختلفة بعد رحيلهم من الأرض، ولما كان زمن النجاة محدودا فينشأ الاعتراض تلقائيا أن إخراجهم من دار النجاة دفعة واحدة ليس عدلا.بل يجب أن يُخرج من دار النجاة الناجي الذي يستحق الإخراج فور نهاية مدته فيها- مثل الأسرى في السجن تماما- أما الذي لم تنته مدته المعينة في دار النجاة فيجب إبقاؤه فيها حتى يكمل مدته.باختصار، هذه هي نماذج معارف الفيدات كما بينتها.وإذا اشتاق أحد من الآريين إلى أكثر من ذلك بسبب حسن اعتقاده فيمكنني أن أنقل أكثر بإذن الله تعالى.إن حالة الآريين مثيرة للأسف الشديد حقا، فهم يعترضون لجهلهم وعنادهم البحت على القرآن الكريم الذي هو ينبوع المعارف والحقائق ولا ينتبهون إلى فيداهم ليطلعوا على مدى الظلام الذي هو واقع فيه، وما توجد فيه من أمور سخيفة تخالف العقل لا يوجد أكثر منها في كتاب أي قوم حتما.يعد الفيدا الإله تجسيد الغضب والضغينة تماما فلا يتخلى عن إرادة العقاب بأي حال.ولكن القرآن الكريم لا يذكر غضب الله على غرار الفيدا بل الغضب المذكور في القرآن الكريم يضم في طياته فلسفة روحانية كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم عن كيفية العقاب: نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ، أي ما حقيقة الجحيم؟ الجحيم نار توقد على القلوب، بمعنى أن الإنسان عندما يُنشئ في قلبه أفكارا فاسدة ومنافية للكمال الذي خُلق الإنسان من أجله فيموت ذلك الإنسان الذي ظل غارقا في الفساد ولم يجد غذاء وماء لحب الله وطاعته، كما يموت أخيرا الهمزة: ۷-۸
الجائع والظامئ الذي لا يجد غذاء ولا ماء ماديا.فبحسب تعليم القرآن الكريم يخلق الإنسان أسباب الهلاك لنفسه بنفسه والله تعالى لا يمارس الجبر والإكراه عليه.ومثله كمثل الذي يُغلق أبواب حجرته كلها ولا يجعل نافذة لدخول الضوء، فلا شك أن الظلام سيعُمّ حجرته.إذا، فإن إغلاق النوافذ هو فعل الإنسان ولكن إظلام الحجرة فعل الله بحسب قانونه السائد في الطبيعة.كذلك عندما يرتكب أحد فسادا أو سيئة يُظهر الله تعالى فعله بحسب قانونه الطبيعي تبعا لفعل الإنسان فيصبح فعله له عقوبة لذلك الإنسان، ولكن مع ذلك كله لا يُغلق باب التوبة.فمثلا لو فتح أحد نافذة غرفته التي كان قد أغلقها من قبل لأدخل الله تعالى الضوء في ذلك البيت فورا.إذا، إن غضب الله تعالى لا يعني بحسب القرآن الكريم أنه تعالى يُحدث في حالته تغيرا مكروها كما يُحدث الإنسانُ فيستشيط غضبا لأن الإنسان يحزن في حالة الغضب ويشعر بالألم ويغيب سروره، ولكن لا يغيب السرور عن الله تعالى ولا يصيبه ألم.بل المراد من غضبه الله أنه طاهر وقدوس، لذا لا يريد أن يسلك الناسُ مسلكا ينافي الطهارة مع كونهم عباده.فيريد و أن تُزال النجاسة نهائيا.فالذي يصر على عدم الطهارة يبعده الله القدوس في نهاية المطاف عن لطفه الذي هو مدار الحياة والراحة والسرور.وهذه الحالة تصبح مدعاة للعذاب لمثل هذا العاصي.إن مثل ذلك كمثل حديقة كانت تخضرٌ وتَنْضَرُ بماء القناة، ولكن عندما نبذ أصحاب الحديقة طاعة صاحب القناة حرم الحديقة من مائها وأقام سدا فجفت الحديقة.فليكن واضحا في هذا المقام أن بيان ضرورة الإلهام ليس من نصيب قوم يحسبونه مقتصرا على أزمنة غابرة لأن ما هو ضروري فعلا فإننا بحاجة إليه دائما.فإذا قيل بأنه كانت هناك حاجة إلى الإلهام في زمن خلا وليس الآن،
فهذا يعني أننا بأنفسنا ننكر ضرورة الإلهام.فمثلا نحن بحاجة إلى التنفس لمواصلة سلسلة الحياة فلا يمكننا القول بأن هذه الحاجة كانت موجودة بالأمس وليس اليوم، ويمكننا اليوم أن نعيش بالنظر إلى غيرنا يتنفس.بل الإلهام شيء يرينا الله عيانا وقريبا ويوطّد علاقتنا به، ويرفعنا إلى السماء مجددًا كما نزلنا منها من قبل.والآن يجب أن يكون واضحا أن الدليل نوعان، أولا: الدليل اللمي.والمراد من الدليل اللمي هو الاطلاع على المدلول بواسطة الدليل.فمثلا إذا رأينا الدخان صاعدا في مكان اطلعنا بواسطته على النار.والقسم الثاني: هو الدليل الإنّى.والمراد من الدليل الإنى هو الانتقال من المدلول إلى الدليل.فمثلا حين نجد أحدا مصابا بالحمى الشديدة نستيقن أن فيه مادة صفراوية قوية أدّت إلى إصابته بالحمى.وسأقدم هنا الأدلة من كلا النوعين بإذن الله.فأولا أقدم الدليل اللّمي لإثبات ضرورة الإلهام، وهو أنه مما لا شك فيه أن النظام المادي والروحاني لجسد الإنسان خاضع لقانون واحد سائد في الطبيعة.فلو تأملنا في حالات الإنسان الجسدية لتبين لنا أن الحوائج التي ألزمها الله تعالى جسد الإنسان خلق لتحقيقها أسبابا أيضا.فمثلا يحتاج جسد الإنسان إلى الغلال بسبب الجوع، فخلق الله تعالى له أنواع الأغذية.كذلك يحتاج إلى الماء بسبب العطش، فخلق على الآبار والينابيع والقنوات.كذلك كان الإنسان بحاجة إلى الشمس أو الضوء من نوع آخر للاستفادة من بصره، فخلق الله له الشمس في السماء وأنواعا أخرى من الضوء في الأرض.كان الإنسان محتاجا إلى الهواء من أجل التنفس ولسماع صوت الآخرين، فخلق الله تعالى له الهواء.كذلك كان الإنسان بحاجة إلى زوجه لبقاء النسل فخلق الله تعالى المرأة للرجل
والرجل للمرأة.باختصار، كل ما ألزم الله جسد الإنسان من الحوائج خلق لها الأسباب كلها أيضا.فيجب التأمل في هذا المقام أنه إذا أعطى الإنسان جميع الأسباب لقضاء حوائج جسده مع كونه فانيا فإلى أي مدى يمكن أن تكون قد أعطيت روحه التى خُلقت للحب والمعرفة والعبادة إلى الأبد الأسباب من لتحقيق أمانيها الطاهرة؟! فتلك الأسباب هي وحي الله وآياته المتجددة التي توصل الإنسان الناقص العلم إلى مرتبة اليقين التام.فكما هيأ الله تعالى للجسد أسبابا لقضاء حوائجه كذلك أعطى الروح أيضا أسبابا لقضاء حوائجها ليتوافق النظام المادي مع النظام الروحاني.معه.الذين أعطوا حاسة روحانية يحسون أن الروح بحاجة لتكميلها الروحاني إلى غذاء وماء روحانيين يضمنان بقاء الحياة الروحانية.ما هي الحياة الروحانية؟ إنها حب الحبيب الحقيقي وخوف انقطاع العلاقة والمراد من الحب أن ينجذب القلب إليه الله كليا وألا يبقى غيره مقابله.والمراد من الخوف الروحاني أن تحترق مادة الذنب نهائيا خشية انقطاع العلاقة وأن ينشأ في الروح تغير طيب.ليس في العالم روح بشرية لا تبحث عن حياة روحانية.غير أن الذين هم مجرد ديدان الدنيا توشك بصيرتهم الروحانية على الانقراض فيقطعون علاقتهم بالله تعالى ولا يخافونه بل يحسبون الدنيا غايتهم المتوخاة.ولكن يمثل أمام أعينهم لمعان هيبة ذلك المالك الحقيقي كالبرق نتيجة مشهد مخيف مثل زلزال شديد أو مرض عضال ثم يغفلون.ولكن يجدر بالتذكر أن مجرد القول بأن الله الذي هيأ أسبابا بحسب حاجات الجسد يكون قد أعطى الروح أيضا أسبابا تناسب ،حاجاتها هذا القول ليس دليلا كاملا على وجود الإلهام - كما قال المحاضر الآري لأنه يمكن للمعارض أن يقول بأنه يمكن أن يكون الإنسان بحاجة إلى شيء ولا يجده.صحيح تماما أن هذا الدليل اللمي لا
٦٢ يكتمل ما لم يرافقه الدليل الإنِّي؛ أي ما لم يلاحظ نموذج الإلهام المتجدد.لا شك أن الشعور بالحاجة إلى شيء وتحقق تلك الحاجة شيء آخر.لقد قرأ محاضر الآريين في بيان ضرورة الإلهام بضع جمل فقط بأن الله كما يسد حوائج الإنسان الجسدية مثل توفيره الماء عند العطش وأنواع الطعام عند الجوع، كذلك يسد عن حاجته الروحانية أيضا وهي الإلهام.ولكن هذا ليس دليلا كاملا، وإذا كان كاملا فأرونا التطابق بين قانون الطبيعة الروحاني والمادي دون أدنى تفاوت في أحداثهما ترون أن الطعام والماء موجودان لسد حاجاتكم الجسدية في هذا العصر أيضا وليس أنهما كانا موجودين في عصر من العصور الغابرة ولا يوجدان الآن.ولكن حين يجري الحديث عن الوحي والإلهام تشيرون إلى زمن مضى عليه عشرات ملايين السنين ولا تستطيعون أن تثبتوهما حاليا.فكيف ثبت التطابق بين نظام الله المادي والروحاني؟ فكروا مليا ولا تردوا مستعجلين.لا يسعكم الإنكار أن أسباب الحوائج الجسدية موجودة في أيديكم ولكن ليس الأمر كذلك بالنسبة إلى الحوائج الروحانية، بل ليس في أيديكم إلا قصص بالية وسخيفة فقط.تعلمون أن الينابيع المادية لم تحف إلى العصر الراهن وتشربون من مائها وتُطفئون حرقة عطشكم، و لم تصبح الأرض التي تملأون بطونكم من غلالها مرتين يوميا غير قابلة للزراعة.ولكن أين الآن تلك الينابيع الروحانية التي كانت تسقي ماء الإلهام الإلهي الطازج وتُطفئ حرقة العطش؟ لم يعد عندكم الآن طعام روحاني لتبقى روحكم على قيد الحياة بأكله، وكأنكم الآن في فلاة لا طعام فيها ولا ماء.فكروا هل يمكن أن يمتلئ بطنكم بذكر اسم الطعام فقط؟ أو هل يمكن أن تزول حرقة عطشكم بالتفكير في الماء فقط؟ نقبل أن زعماءكم الدينيين كانوا يأكلون الطعام الروحاني ويشربون الماء الروحاني ولكنكم الآن محرومون منهما.وإن مثلكم الآن كمثل
٦٣ شخص سأله أحدهم: هل أكلت خبز القمح مرةً؟ قال: لم أكله أنا ولكن كان جدي يقول بأنه رأى مرة شخصا يأكله.أيها الغافلون ماذا تستفيدون من قصص تقول بأن الذين تلقوا الفيدات كانوا يتلقون الإلهام ولكنها صارت بالنسبة لكم قصصا فقط؟ ومن حمقكم أنكم تقدمون قصصا فقط عندما تُسألون عن ضرورة الإلهام.اعلموا أن القول عند طلب الدليل على الإلهام بأن الذين تلقوا الفيدات كانوا يتلقونه ليس دليلا على وجوده بل هو ادّعاء آخر، إذ لا يعرف أحد هل كانوا يتلقون الإلهام أم لا.أيها الأحبة، ما أقدمه لكم لا يحتاج فهمه إلى فطنة كبيرة، بل أدينكم بأفواهكم بحيث إن مبدأكم هو أن الإلهام اقتصر على الفيدات الأربعة فقط، وإن زمنه لا يمتد إلى المستقبل بل قد ولّى، لذلك تعدّون أنبياء الله المقدسين مفترين.ولكنكم تحسبون الآن أن النظام المادي يطابق النظام الروحاني معرضين عن مبدئكم أنتم كما يقول المثل الفارسي، ما تعريبه: إن ذاكرة الكاذب ضعيفة.نقبل أن قولكم حق لأن قانون الطبيعة يقتضي التطابق.ولكن هل صحيح أنه كما تشعرون كل يوم بحوائج جسدية مثل الجوع والعطش وتسدُّ بالطعام والماء الموجود، كذلك تُسَدِّ الحوائج الروحانية أيضا بالماء والطعام الروحاني الموجود.ملخص الكلام أنكم لا تستطيعون أن تُثبتوا الإلهام الإلهي قط.تعرضون علينا الماء والطعام لسد الحوائج الجسدية ولكن عند الحوائج الروحانية تقدمون القصص فقط، فماذا نفعل بها؟ أما نحن فلا نقدم القصص بل نريكم إلهاما متجددا.إنه الإلهام الإلهي الذي أخبر بقتل ليكهرام قبل خمس سنوات.وكان إلهام الله الذي أخبر عن الآريين الثلاثة الأشرار من قاديان الذين كانوا محرري الجريدة الآرية
٦٤ "شبهـ جنتك" ومديريها وكانوا بذيئي اللسان بأنهم سيهلكون بالطاعون، فماتوا بالطاعون بعد يومين أو ثلاثة أيام من الإنباء.ولكن ماذا نعدّ إلهكم الذي الأعمال لا يأتي إلا بالقصص ككلام معسول؟! أما إلهنا فقد أكرمني بالإلهام.ثم قال المحاضر في تأييد الفيدا بأن الإلهام يجب أن يكون منذ بدء الخليقة، ولكن لم يقدم دليلا لماذا يجب أن يكون منذ بداية الخليقة؟ ولماذا حُرِّم إنزاله بعد ذلك؟ فليكن واضحا أن ذلك ضروري، ونقرُّ بأن الإنسان بحاجة إلى الإلهام من الله منذ بدء الخليقة ولكن لا نقول بأن تلك الحاجة تظهر للعيان في بداية الزمان ولا تظهر بعد ذلك أبدا بل الحق أن الإنسان يحتاج إلى الإلهام في بداية الزمان لأنه يولد في حالة الجهل المحض ولا يدري ما الإيمان وما هي الصالحة؟ ولكن هذا الجهل لا يقتصر على بداية الزمان فقط بل من طبيعة الإنسان - وإن كان آباؤه وأجداده على الصراط المستقيم وكانوا مؤمنين ويكسبون الأعمال الصالحة فإنه ينسى طريقهم بعد مدة طويلة من الزمن ويسلك مسلكا مخالفا لهم.وفي كثير من الأحيان يحرّف ويبدل الكتاب الذي كان القدامى ينالون الهداية منه.وأحيانا أخرى يخطئ القادمون فيما بعد في فهم معانيه كما أخطأ دارسو الفيدا ففهموا أنه يعلم عبادة المخلوق، لذا تجد الهندوس جميعا متورطين في عبادة المخلوق وترى الهند كلها مليئة بعبادة الأوثان وعبادة الشمس والقمر والماء وعبادة الإنسان بل لا يوجد في العالم نوع من عبادة المخلوق لم يمارسها الهندوس، إلى درجة أنهم يعبدون بعض الأشجار أيضا.ومن الهندوس من يعبد الثعابين ويقوم أيضا بنوع قذر جدا من العبادة يسمّى عبادة ذكر الرجل.وهناك هندوس مثقفون من فئة "كايسته" يعبدون القلم.كذلك توجد عدة أنواع من العبادة فيهم.وقد اتخذ الهندوس آلهة كثيرة، لعل عدد الآلهة التي تُعبد يربو على ثلاث مئة وثلاثين مليون
ذلك إله.وليس عامة الناس فقط بل هناك كبار البانديتات والعلماء الهندوس كلهم تقريبا يعبدون المخلوق.هذه أعمال أعطى فيها المخلوق حق الله.وإضافة إلى يوجد في الهندوس تمييز عنصري إلى حد كبير بحيث تنظر فئة إلى فئة أخرى باحتقار ،شديد ولا يوجد للمواساة الأخوية أدنى أثر فيهم.لا يعطى هندوسي هندوسيا آخر قرضا دون الربا.وفيما يتعلق بالاختلاط المتبادل فيحسب هندوسي هندوسيا آخر من فئة اجتماعية منحطة مثل الكلب، ولا يمكن أن يأكل سؤرته بحال من الأحوال بينما لا يرون ضيرا في أكل سؤرة الكلاب.ويُعَدّ الهندوس من الفئة الاجتماعية الدنيا مثل الحلاق والنجار والصاغة وغيرهم أذلاء مهانين جدا.ولو واجهوا البراهمة فقد تكون حياتهم في خطر بحسب كتبهم الدينية.ولو تكلموا مقابلهم بشيء لقُطع لسانهم، وإذا حاولوا التساوي معهم قتلوا.وقد أعطى البراهمة حقوقا لا تحظى بها أقوام أخرى إلى درجة أن البراهمة وحدهم يستحقون القيام بـ "النيوك".وقد أُمر أنه إن لم تنجب امرأة أحد ابنا فعليه أن يجعلها تضاجع البرهمن".وإن دراسة الفيدا وتدريسه أيضا خاص بالبراهمة دون غيرهم.وإذا قرأه شخص من فئة أخرى فهناك عقوبات قاسية تُفرض عليه والحكمة في ذلك أن يبقى الفيدا في أيدي البراهمة ليسردوا منه ما يشاءون ولئلا يطلع الآخرون على شطارتهم بل يبقوا محتاجين إليهم.فيتبين من هذا النموذج للفيدا كيف تُحرَّف الكتب بعد مدة من الزمن وكيف يتطرق إليها الفساد والحق أنه حين يكون الناس بسطاء وبريئين من الشر في بدء الزمان لا تكون هناك حاجة إلى الكتب الموحى بها بشدة كالحاجة إليها في زمن فاسد حين يتجاوز انتشار سوء الاعتقاد فئة اجتماعية عليا من الهندوس.(المترجم) وسوء
السلوك في الدنيا حدوده، وتترسخ في الطبائع أنواع العيوب والشرك والظلم وتترسخ أنواع المعاصي والجرائم وعبادة المخلوق في الطبائع وتنقش في الصدور وتترسخ في القلوب، فيبغض الناسُ الحقَّ والصدق إلى درجة أن يصبح هؤلاء المفسدون أعداء ألداء لواعظيهم وناصحيهم ويريدون إما أن يُقتلوا في هذا السبيل أو يقتلوا، ويؤذوهم ويقاوموهم بشدة.فالشخص الذي يأتي رسولا من الله في هذا الوقت للإصلاح يواجه مصائب كثيرة، أما الذي أتى رسولا من الله في بداية العصر اقتصرت مهمته على أن يربي الناس في زمن بدء الخليقة تربية روحانية كما تربي الأم أولادها، ويرسخ تعليمه في قلوبهم بكل سهولة، لأن القلوب تكون بسيطة عند بدء الخليقة، وأنواع الضلال التي تصيبهم بعد أن تتراكم على القلوب كالوسخ وتجعلها كثوب وسخ لا تكون موجودة عندئذ بل تكون القلوب كثوب أبيض.ثم تنشأ أنواع الذنوب والأعمال الطالحة إلى درجة أن يوشك الناس على الهلاك كثرة الذنوب، وتترسخ في قلوبهم عادات سيئة إلى درجة أنهم يتخذون المعتقدات الفاسدة والعادات الفاسدة دينا لهم.ثم يتولد في قلوبهم التعصب بسبب يحكم العقل بالقطع أن الكتاب الذي أتى في بدء الخليقة لن يكون كاملا، بل سيكون كمعلم يعلم الأولاد حروف الهجاء.والواضح تماما أن التعليم الابتدائي مثله لا يحتاج إلى مواهب عالية.أما الزمن الذي تقدمت فيه خبرة الإنسان ووقع الناس في أخطاء عديدة تمس الحاجة عندئذ إلى تعليم دقيق، وخاصة حين انتشرت ظلمة الضلال في العالم بشدة ووقع الناس في أنواع الضلال العلمي والعملي، عندها ظهرت الحاجة إلى تعليم أعلى وأكمل وهو القرآن الكريم.أما الكتاب في الزمن الابتدائي فلم يكن بحاجة إلى تقديم تعليم أعلى لأن الناس كانوا حينئذ بسطاء وما كان الضلال والظلام قد ترسخ فيهم بعد.أما الكتاب الذي نزل حين كان الضلال قد بلغ منتهاه وجاء لإصلاح الناس الذين ترسخت المعتقدات الفاسدة في قلوبهم وصارت الأعمال القبيحة كعادة لهم فكان حريا بتقديم تعليم أعلى.منه.
٦٧ والحمية لتأييد تلك الطرق الباطلة ويتعذر عليهم ترك المعتقدات السيئة والتقاليد الفاسدة لسبب آخر أيضا هو أن العلاقات القومية تحول دون ذلك وتحول و سلاسل العلاقات المتبادلة الثقيلة دون ترك الدين القومي.الله لكم أن تقدروا كم سيواجه من المصائب والمشاكل الرسول الذي يأتي من في هذا الوقت ليصلح هؤلاء الناس الفاسدين إلى هذا الحد.وكم سيكون ضروريا أن يرسل الله تعالى رسولا في مثل هذا الزمن الفاسد لإصلاح الناس رحمة بهم هل لنا أن نظن أن الله تعالى قد أعطى الناس رحمة بهم كتابا موحى به في زمن بدء الخليقة حين لم تكن هذه المعتقدات الفاسدة والذنوب السيئة موجودة في العالم ولكن حين ملئت الأرض نجاسة ولم يقدر الكتاب الأول على الإصلاح بل أطلت مئات المعتقدات الفاسدة برأسها نتيجة سوء فهم الناسِ الكتاب، وجهلت مناطق كثيرة في العالم تعليمه واختاروا أي معتقد شاءوا وعملوا بما أرادوا في حالة الجهل هذه وساهموا في كل عمل طالح، ومع ذلك لم ينزل الله تعالى أي كتاب إلهامي؟ وهل لنا أن نزعم أن الله تعالى كان في زمن بدء الخليقة قادرا على أن ينزل كتابا موحى به لإقامة الناس على أوامره ولكن سلبت منه هذه القدرة فيما بعد في زمن طغى فيه سيل الذنوب، ولم يعد ول قادرا على أن يرسل كتابا لإصلاح الناس نظرا إلى حالتهم الراهنة.بل الحق أنه لم تكن الحاجة ملحة إلى الكتاب الإلهامي في العصر الابتدائي ولكن حين عم الفساد في الدهر وغلب الضلال وفسد دم الروحانية نتيجة جذام سوء الاعتقاد والفواحش، عندها ستكون الحاجة ملحة إلى الكتاب الإلهامي...ولكن كما بينت قبل قليل إن البشر في بداية الخليقة ما كانوا بحاجة إلى الإصلاح كحاجتهم إليه في هذا العصر الذي طغى فيه طوفان سوء الاعتقاد والفاحشة.ولا سيما حين كان زمن نيل النجاة قريبا في بداية الخليقة بحسب
" أن قول الآريين.وبسبب قرب زمن النجاة كان الناس يذكرون التعليمات الأولى وأمور المعرفة جيدا، وما كانت القلوب قد فسدت بعد ولم تفسد حالتهم العملية أيضا.فالقلوب الطاهرة التى ما كان سوء الاعتقاد وسوء العمل قد تطرّق إليها إلى ذلك الحين لم تكن بحاجة ملحة إلى مصلح أو كتاب موحى به.نحن نؤمن بأن الله تعالى قد أعطى في بدء الخليقة أيضا كتابا للناس الموجودين آنذاك، ولكن لا نقبل أن ذلك الكتاب كان هو الفيدا نفسه، إذ لم يدع الفيدا أنه موجود منذ بدء الخليقة.بل إن رج" "فيدا مليء بمضمون أنه قد مضى قبله صلحاء كثيرون.وقد ذكرت في الفيدا بكثرة أمور يتبين منها بكل وضوح تاريخ الفيدا يعود إلى زمن كان العالم فيه مأهولا جدا بالصالحين والطالحين.وكانت كل الأسباب الضرورية لأهله قد جاءت إلى حيز الوجود.ولا أقبل دليلا يقدَّم على كون الفيدا كتابا إلهاميا إذ يقال أولا كادّعاء فقط، بأن الفيدا كتابٌ أُعطيه الناس في بدء الخليقة، ثم يقال أيضا بأنه لا يمكن الظن أن يكون الله قد افترى كتابا من عنده في الزمن الابتدائي، لأن الذي علم اللغة في ذلك الزمن هو وحده دون غيره، فقد علم السنسكريتية الفيدية.والمعلوم أن تعلم اللغة لا يتسنّى بغير التعليم.فمثلا لو لم يُعلم الطفل حديث الولادة شيئا لبقي أبكم.غير الله إنه لدليل غريب قدمه المحاضر الآري أنه يكره الناس أولا أن يؤمنوا بغير دليل بأن تاريخ الفيدا يعود إلى بداية الدهر ثم يعده في بيانه المذكور كتابا موحى به.إن مثل دليله هذا كأن يقول أحد أن آمنوا أولا دون دليل بأن على جسم البانديت ديانند أجنحة مثل الطيور وهي قوية جدا مثل أجنحة العقاب ثم تثبت بعد ذلك أنه لم يكن محتاجا إلى القطار أو غيره لجولاته التي قام بها في الهند بل كان يطير من مدينة إلى أخرى من المؤسف أن هؤلاء الناس لا يدرون أن
٦٩ الادعاء بلا دليل ثم الإتيان بكلام هراء بناء على الادعاء نفسه وتسميته دليلا ليس من شيمة العاقلين.فليكن معلوما أن مسؤولية إثبات أن تاريخ الفيدا يعود إلى بداية الدهر تقع على الآريين أولا، ثم يمكنهم أن يقولوا شيئا آخر.ثم القول بأنه لا يمكن تعلّم اللغة دون التعليم أيضا لا ينطبق بحسب مبدأ الآريين على أناس ولدوا قريبا من الزمن الأول لأنهم يكونون أقرب إلى زمن نجاتهم، ويكونون حديثي الخروج من دار النجاة.ولأنهم يأتون إلى الدنيا من دار يكون الداخلون فيها ملتزمين بتعليمات الفيدا كليا ويحفظونه عن ظهر غيب لذا لا يمكن الظن بهم أن يكونوا مثل أولاد يولدون بعد مرور مئات ألوف السنين.هل يُعقل أن تخور ذاكرة الذين يخرجون من دار النجاة في زمن قريب وعلومهم ومعارفهم حتى تساوي الذين يأتون بعد عشرات ملايين السنين؟ باختصار، نعترف بأن الذين يأتون بعد زمن النجاة بعشرات ملايين السنين لا يذكرون علوم الفيدا بسبب الغفلة الناتجة عن طول الزمن ولا يذكرون السنسكريتية بل ينسون كل شيء، وصحيح تماما أنه إن لم يُعلم الأطفال الصغار اللغة بعد ولادتهم يبقون بكما.ولكن هل يمكن أن يبقوا بكما أيضا الذين خرجوا من دار النجاة حديثا.بل من الضروري لهم أن يذكروا دون الحاجة إلى الإلهام - اللغة السنسكريتية التي كانوا يحكونها فيما بينهم في دار النجاة، وضروري أيضا أن يحفظوا الفيدات لأنهم كانوا يقرأونها في دار النجاة ليل نهار إذ لم يكن لديهم شغل آخر.والآن أعود إلى صلب الموضوع وأقول: صحيح تماما أن الناس قد أُعطوا كتابا إلهاميا في زمن بدء الخليقة أيضا ولكنه ما كان الفيدا قط، وإن عزو الفيدات الحالية إلى الله تعالى إساءة إليه الله.
وإذا طرح أحد هنا سؤالا بأنه لماذا أعطي الناس في بداية العصر كتابا إلهاميا واحدا فقط ولِمَ لم يُعط كل قوم كتابا منفصلا؟ فجوابه أن الناس في بداية الدهر كانوا قلة بل كانوا أقل عددا من أن يُدعوا قوما، لذا كان كتاب واحد كافيا لهم.ثم حينما انتشر الناس في العالم وتكون في كل منطقة من مناطق الأرض قوم منفصلون، وجهل كل قوم عن أحوال قوم آخرين جهلا تاما بسبب بعد المسافات، اقتضت حكمة الله ومشيئته في تلك الأزمنة أن يُرسل إلى كل قوم رسولا منفصلا ويُعطى كل قوم كتابا إلهاميا منفصلا، فهكذا كان ثم حين ازداد عدد السكان في العالم وفتحت سبل اللقاءات المتبادلة وتيسرت لأناس في بلد أسباب اللقاء مع أناس في بلد آخر وعلم أن الناس يقطنون في بقعة كذا وكذا في الأرض واقتضت مشيئة الله أن تجعلهم أمة واحدة مرة أخرى وأن يُجمعوا بعد الفرقة والتشتت، عندها أرسل الله ا ليكن معلوما أن كلمة الإلهام أو الكتاب الإلهامي الذي أوردته مرارا في هذا الكتاب وفي كتب أخرى قد كتبتها لتسهيل الفهم فقط، وإلا ليس معنى الإلهام إلا ما يُلقى في القلب، سواء أكان سيئا أم جيدا.وليس ضروريا أيضا أن يكون مبنيا على كلمات الله تعالى.أما ما أقصده من الإلهام هنا فهو الوحي الإلهي.والمراد من الوحي کلام الله الذي ينزل على أحد بالكلمات.وأتباع آريا سماج يجهلون هذا الوحي تماما.منه.هو إن ذكر جعل الناس أمة واحدة موجود في القرآن الكريم في سورة الكهف حيث يقول الله تعالى: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (الكهف: (١٠٠ أي سنعطى كل قوم في الزمن الأخير حرية ليعرضوا محاسن دينهم على أمم أخرى ويهاجموا معتقدات دينية لقوم آخرين وتعليمهم.وسيظل الحال على هذا المنوال إلى مدة من الزمن ثم يُنفخ في الصور.عندها نجعل الأمم كلها أمة واحدة وسنجمعهم على دين واحد.منه.
۷۱ تعالى كتابا واحدا لجميع البلاد وأمر فيه أنه كلما وصل هذا الكتاب إلى بلاد مختلفة في زمن من الأزمان يجب على أهلها أن يقبلوه ويؤمنوا به، وذلك الكتاب هو: كانت تنوي أن القرآن الكريم الذي جاء لتوطيد العلاقة المتبادلة بين البلاد..كلها كل الكتب قبل القرآن الكريم كانت خاصة بقوم أي كانت تأتي لقوم معين فقط.فكان أهل الشام والفرس والهنود والصينيون والمصريون والروم أقواما بحد ذاتهم، والرسل الذين جاءوا إليهم كانت دائرتهم محدودة على قومهم فقط دون أن تكون لهم أدنى علاقة مع أمم أخرى.ثم جاء القرآن الكريم بعدهم جميعا ككتاب عالمي وليس خاصا بقوم دون قوم، بل جاء للأقوام كلها.كذلك جاء القرآن الكريم لأمة تصبح قوما واحدا رويدا رويدا فقد تيسرت للزمن الراهن أسباب انخراط الأمم المختلفة في سلك الوحدة شيئا فشيئا.لقد سهلت اللقاءات المتبادلة التي هي الأصل تكوين أمة واحدة حتى أنه يمكن قطع مسافة كانت تستغرق السنوات في بضعة أيام.وقد اخترعت وسائل المواصلات حتى أن الخبر الذي كان من المتعذر أن يصل من بلد بعيد في عام كامل يمكن وصوله الآن في ساعة واحدة.لقد حدث في العصر انقلاب عظيم، وقد اتجهت أمواج بحر الحضارة إلى جهة بحيث يبدو صراحة أن الله تعالى يريد أن يجعل الأمم المنتشرة في العالم كله أمةً واحدة، ويجمع بين المتفرّقين منذ آلاف السنين.وهذا الخبر مذكور في القرآن الكريم.والقرآن الكريم وحده ادعى بكل وضوح أنه جاء للأمم كلها كما يقول : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا.الأعراف: ١٥٩
۷۲ ثم يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، ويقول: لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا.ولكننا نقول بكل قوة وشدة بأنه ما من كتاب موحى به ادعى ذلك قبل القرآن الكريم، بل جعل كل واحد منها رسالته محدودة على قومه فقط إلى درجة أن النبي الذي اتخذه النصارى إلها قال: "لَمْ أُرْسَلْ إِلَّا إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ".وقد شهدت أحداث الزمان أيضا أن ادعاء القرآن الكريم الدعوة العامة في محله تماما، لأن باب الدعوة العامة كان قد فُتح في زمن النبي فبعد نزول الآية: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهُ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا كتب النبي ﷺ بيده رسائل إلى كبار ملوك العالم لدعوتهم إلى الإسلام.بينما لم يكتب أي نبي آخر رسالة إلى ملك قوم آخرين قط يدعوهم إلى دينه لأنهم ما كانوا مأمورين بتبليغ الدعوة إلى أقوام أخرى بل الدعوة العامة بدأت بيد النبي ﷺ فقط، ثم بلغت ذروة كمالها في زمن المسيح الموعود وبيده.إن بذرة التوحيد التي بذرها القرآن الكريم في بلاد العرب والفرس ومصر والشام والهند والصين وأفغانستان وكشمير وغيرها من البلاد، واستأصل الوثنية وأنواع عبادة المخلوق الأخرى من جذورها من معظم البلاد، فهذا عمل لا نظير له في أي عصر.ولكن عندما ننظر بإزاء ذلك إلى الفيدا يثبت أنه لم يقدر حتى على إصلاح الهند ويثبت ضعفه إلى أقصى الدرجات من حيث عدم تركه تأثيرا طيبا في الناس حتى في هذا البلد.ويبدو بإلقاء النظر – لا على عصرنا الحالي فقط بل على تاريخ هذا البلد الطويل - أن التوحيد لم ينتشر فيه بواسطة الفيدا قط بل إن ضرره بدلا من نفعه ظل يهلك جميع الآريين تقريبا.وعندما نفحص معتقدات أتباع الفيدا وأعمالهم نضطر إلى القول بكل ألم وأسف إن ۲ الأنبياء: ۱۰۸ الفرقان: ٢
الفيدا كتاب مُضلّ من يستطيع أن ينكر أن ما يوجد في هذا البلد من فرق الهندوس التي تعبد المخلوق، أو ما راج في هذا البلد من المذاهب السيئة والنجسة مثل "شاكت مت" وغيره، قد وجد بسبب الفيدا وحده.لو كان الفيدا قادرا على أن يبين بصورة واضحة ألا تعبدوا الشمس والقمر والماء والنار وغيرها ولا تتخذوا الفواحش والزنا مذهبا لكم لما انصرف قوم الآريين كلهم إلى عبادة هذه الأشياء، ولما انتشرت الفاحشة فيهم إلى هذا الحد بل الحق أن الفيدا قد فتح بواسطة "النيوك" مجالا لإنشاء العلاقات مع النساء المحرمات بدل منعه منها، ورغب في عبادة الشمس وغيرها ومدح الأجرام السماوية والعناصر وأثنى عليها بكثرة حاسبا إياها آلهة.فبذلك كان في هذا البلد عشرات ملايين الناس من عبدة النار المتصاعدة من البراكين وعبدة "الغانج" وعبدة الشمس.وإذا قلتم بأن عشرات الملايين من بين هؤلاء بمن فيهم آلاف البانديتات والعلماء الكبار أيضا لا يفهمون معنى الفيدا جيدا لقلتُ: لو قبلنا هذا العذر أيضا لثبت منه أيضا خطاً الفيدا، لأنه لا بد في هذا الحالة من اعتبار عباراته غير فصيحة ومبهمة ومشتبها فيها ومعضلة، لذلك لم يفهمها عشرات ملايين البانديتات في الهند، وخلا عشرات الملايين من الناس ظانين أن الفيدا يعلم عبادة المخلوق.ولما أخطأ معظمهم في فهمه، فكيف يُعقل أن فئة صغيرة من الآريين، الذين ليسوا مقابلهم كمثقال ذرة أيضا، سلموا من الخطأ؟ قولوا صدقا وأمانة، هل مكتوبٌ في أي مكان في الفيدا ألا تعبدوا الشمس الله والقمر والهواء والنار والماء وغيرها؟ وألا تتخذوا أحدا إلها من دون الذي هو غيب الغيب ووراء الوراء، وأن الأشياء التي ترونها في السماء أو الأرض ليست آلهتكم بل إنما الإله هو الذي خلقها؟ إذا كان ذلك مكتوبا فيه فأرونيه من فضلكم.أما القرآن الكريم فكله مليء بتعليم ألا تعبدوا أحدا
٧٤ إلا الله بل الشهادة: "لا إله إلا الله" تعني أنه لا معبود لكم سوى الله.ويقول القرآن الكريم أيضا: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْس وَلا لِلْقَمَر وَاسْجُدُوا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَهُنَّ.لو وُجدت في الفيدا عبارة تعطى معنى مثل هذه الآية لما هلك عشرات الملايين من الناس نتيجة عبادة المخلوق.وكل ما قام به "ديانند" من التكلفات في تأييد الفيدا كلها سخيفة وواهية.والحق أن "ديانند" لم يوجه الآريين إلى الفيدا الحقيقى بل قدّم فيدا جديدا من عنده نظرا إلى مقتضى الوقت.ولأن عشرات ملايين الهندوس تبرأوا من الفيدا ودخلوا الإسلام لذا أراد "ديانند" أن يدلل على التوحيد في الفيدا بغير حق ولكنه مات خائبا في إثبات ذلك الطريق الأسهل لاختبار حالة الفيدا هو أن تُرسل إلى قوم آخرين ترجمته الحرفية دون إضافة أية جملة شارحة لها، ثم ليُسألوا: هل يثبت من عبارات الفيدا التوحيد أم عبادة المخلوق؟ أعود إلى صلب الموضوع وأقول بأن بياني هذا يتلخص في أن القول بأن الناس أعطوا كتابا إلهاميا في بداية الخليقة ولم ينزل بعد ذلك أي كتاب، يخالف الحقائق الثابتة والمتحققة وكذلك ينافي العقل، لأن الإنسان يستطيع أن يفهم نظرا إلى قانون الله المادي السائد في الطبيعة أن الناس يحتاجون دائما إلى تربية الله في كل عصر بحسب حالتهم السائدة آنذاك، لأنه إذ أحدث السائدة تغيير لم يكن في الزمن الماضي فلا بد أن تكون تربية الله تعالى وفق ذلك التغير.فكروا مثلا كم من تغيرات تحدث منذ ولادة الطفل إلى بلوغه مرحلة الشباب من حيث غذائه ولباسه! ثم حين ينحرف جسد الإنسان عن جادة الصحة ويصاب بأنواع الأمراض، فكم تقتضي مواساته اتخاذ خطط فصلت: ۳۸ في الحالة
Vo جديدة وإجراءات خاصة في تلك المرحلة والحال نفسه ينطبق على حالة الإنسان الروحانية.فكما لا يستطيع الإنسان أن يعيش على الطعام الذي أكله في وقت مضى بل يحتاج إلى طعام جديد كلما شعر بالجوع، كذلك يحتاج إلى إلهام ووحي جديد وقت الضرورة دائما لتكتمل به المعرفة.من أسماء الله تعالى "الملهم" و"منزل الوحي" أيضا، وصفاته لا تتعطّل ولا تبطل، بل كما أن الله تعالى رزاق دائما من حيث التربية الجسدية كذلك رزقه الروحاني أيضا لا ينقطع أبدا من حيث التربية الروحانية والمعلوم أنه كما كانت الغلال تنبت من الأرض كغذاء لآبائنا من قبل، وكان المطر ينزل من السماء، لم يحدث أي خلل في نواميسه السائدة في الطبيعة في زمننا الراهن أيضا بل لا تزال الأرض موجودة لتنبت الغلال لنا بشرط ألا نتكاسل أو نتهاون في السعي والجهد.كذلك ينزل الماء أيضا في مواعيده المحددة حتما، ولكن إن لم نستفد منه فهو أمر آخر فما دام قانون الله المادي السائد في الطبيعة لا يزال موجودا لنا أيضا كما كان من قبل فكيف إذا تغير قانونه الروحاني في هذا العصر؟ كلا، لم يتغير قط.والذين يقولون بأنه قد ختم على وحي الله مستقبلا مخطئون جدا.غير أن أحكام الله تعالى المتعلقة بالأوامر والنواهي لا تنزل عبثا بل تنزل شريعة الله الجديدة عند الضرورة.أي تنزل شريعة جديدة في زمن يتقدم فيه الناس كثيرا في سوء الاعتقاد وسوء الأعمال مقارنة مع زمن سبقه، ولا تكفيهم التعاليم الموجودة في الكتاب السابق.ولكن من الثابت المتحقق أن القرآن الكريم أدّى حق إكمال الدين على أحسن وجه كما يقول بنفسه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.إذًا، لا يوجد المائدة: ٤
٧٦ لكتاب بعد القرآن الكريم موطئ قدم لأنه قد بين كل ما كان البشر بحاجة إليه.أما الآن فلم يبق مفتوحا إلا باب المكالمات الإلهية فقط.وهذا الباب أيضا ليس مفتوحا تلقائيا بل المكالمات الصادقة والطاهرة المنصبغة بصبغة النصرة الإلهية بكل صراحة ووضوح وتشمل أمورا غيبية كثيرة تنال بعد تزكية النفس وباتباع القرآن الكريم واتباع النبي ﷺ فقط.ليس في غير محله بيان نكتة هنا، وهي أن الله تعالى قد قسم عصر البشرية إلى أربع حالات وأزمنة مختلفة منذ بدء الخليقة إلى النهاية.(۱) أولا ذكر الحالة والزمن حين كان الإنسان موجودا في الدنيا مع عائلته الصغيرة العدد جدا، وكانوا حائزين على الوحدة القومية والدينية.(۲) ثانيا، ذكر الحالة والزمن حين تلاشت الوحدة وحلت محلها الفُرقة والتشتت، وانقسم نسل الإنسان إلى أقوام ومذاهب مختلفة وانتشروا في العالم كله وسكنوا في أرجاء المعمورة النائية إلى درجة أنهم لم يعودوا يعرفون عن بعضهم بعضا شيئا، وتحوَّل قوم واحد إلى آلاف الأقوام ونشأت من دين واحد آلاف الأديان.مع (۳) ثالثا، ذكر الحالة والزمن حين بدأت الأقوام تتعارف إلى حد ما وفتحت سبل اللقاءات المتبادلة بعد تحمل عناء السفر الكثير، ونشأت العلاقات المتبادلة بين الأمم المختلفة وبدأ قوم باختيار دين قوم آخر ولكن على نطاق ضيق جدا.(٤) رابعا ، قال على سبيل النبوءة بأنه سيأتي زمن تتيسر فيه وسائل السفر بسهول ولة ولن تبقى حاجة إلى ركوب القلاص ويكون السفر مريحا وسهلا جدا، وستخترع مطية جديدة توصل أقصى العالم بأقصاه وتجمع بين الناس من بلاد
VV مختلفة، وتوجد تلك النبوءة في الآيتين: ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ووَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّحَتْ أي سيأتي زمان حين تُعطّل النوق.ليكن معلوما أن مدار التجارة والسفر في بلاد العرب هو على الجمال فقط لذا فقد ذكرت الجمال فقط.كل شخص يعلم أن المطية المستخدمة لإيصال الله الحجاج من مكة إلى المدينة منذ ۱۳۰۰ عام هي القلاص فقط.فهنا ينبئ تعالى بأن الزمن قريب حين تُعطّل تلك المطية وتحل محلها مطية جديدة تكون مريحة وسريعة.وهذا يتبين من أن البدل الذي يُختار يكون أفضل من المُبْدَل منه.يسعى التكوير: ٥ و ٨.حاشية: إن زمن قرب القيامة وزمن المسيح الموعود زمن تترك فيه القلاص والآية المذكورة تصدق حديث مسلم الذي جاء فيه: "ولتتركن القلاص فلا عليها".أي ستترك القلاص في زمن المسيح الموعود ولن يركبها أحد.هذه إشارة إلى اختراع القطار، لأنه حينما تتيسر المطية الأعلى تُترك المطية الأدنى.أما الآية الثانية فكأنها نتيجة الآية الأولى ومعناها أنه سيُجمع بين الناس في ذلك الزمن، وستتلاشى التفرقة الظاهرية بينهم.ولما قيل في صحيح مسلم بصراحة تامة بأن زمن ترك القلاص هو زمن المسيح الموعود لذا فإن الآية القرآنية: ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطّلت التي تعطي معنى الحديث "تترك القلاص" نفسه تدل بالبداهة على أن القطار سيُخترع في زمن المسيح الموعود.لذلك استنبطتُ من الآية (وَإذَا الْعِشَارُ عُطَّلَتْ) معنى أن ذلك الزمن هو زمن المسيح الموعود لأن الحديث يشرح الآية.ولأنه قد مضت فترة لا بأس بها على اختراع القطار وهو علامة من علامات المسيح الموعود لذا لا بد للمؤمن من الإيمان بأن المسيح الموعود قد ظهر.ولما كشف حادث معنى الآية المذكورة والحديث المذكور فإن عدم قبول المعنى البين لإلحاد صريح وعدم إيمان فكروا أنه حين سينطلق القطار بين مكة والمدينة وتترك القلاص ألن يكون ذلك اليوم مصداقا لهذه الآية والحديث؟ سيكون مصداقهما حتما.وستهتف القلوب كلها أن نبوءة تمهيد الطريق بين مكة والمدينة قد تحققت اليوم بكل جلاء.وا أسفا على هؤلاء المسلمين بالاسم فقط الذين بسبب بغضهم لي فقط لا يريدون أن تتحقق نبوءة النبي ! منه.
۷۸ والآية الثانية تعني أن الزمن قريب حين يُجمع بين الناس المتفرقين وتسهل اللقاءات وتكثر لقاءاتهم المتبادلة وكأن الناس من بلاد مختلفة سكان بلد واحد.فقد تحققت هذه النبوءة في زمننا هذا الذي حدث فيه انقلاب على مستوى عالمى وكأن الدنيا قد تغيرت تماما لأنه قد رُفعت بوجود السفن والقطار جميع العراقيل التي كانت حائلة كالجبال، فيسافر عدد كبير من الناس من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى بلاد الشرق.وإلى جانب هذه النبوءة هناك نبوءة أخرى في القرآن الكريم تدل على اجتماع روحاني بعد اجتماع مادي، وهي: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ، أي في الزمن الأخير الذي هو زمن يأجوج ومأجوج يخوض الناس * الكهف: ١٠٠.حاشية هذه الآية وردت في سورة الكهف في ذكر يأجوج ومأجوج.ويتبين ذلك بكل صراحة من كتب سابقة نزلت على أنبياء بني إسرائيل، بل قيل بذكر الاسم أيضا بأن المراد من يأجوج ومأجوج هم الأقوام المسيحية الأوروبية.وهذا البيان مذكور في تلك الكتب بصراحة بحيث لا يمكن إنكاره أبدا.أما القول بأن تلك الكتب محرفة لذا لا يمكن الثقة ببيانها، فلن يقوله إلا من يجهل القرآن الكريم، لأن الله جل شأنه يقول في القرآن الكريم للمؤمنين: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النحل: ٤٤) أي اسألوا أهل الكتاب كذا وكذا إن كنتم لا تعلمون.فإذا كانت شهادة الكتب السابقة غير صحيحة في كل شيء لما قال الله تعالى للمؤمنين أن اسألوا أهل الكتاب إن كنتم لا تعلمون.وإذا كانت الاستفادة من كتب الأنبياء حراما بتاتا لكان غير جائز كذلك في تلك الحالة أن تقدم نبوءاتها بحق النبي ﷺ على سبيل الاستدلال.بينما ظل الصحابة والتابعون بعدهم يقدمون هذه النبوءات حجةً.بل الحق أن بيانات الكتب السابقة تنقسم على ثلاثة أقسام: (۱) الأمور الواجبة التصديق، مثل وحدانية الله وذكر الملائكة والبيان عن وجود الجنة والنار، ولو أنكرناها لضاع الإيمان.
۷۹ (۲) الأمور القابلة للرفض مثل التي تعارض القرآن الكريم.(۳) الأمور التي ليست مذكورة في القرآن الكريم مفصلا ولكنها لا تعارضه بل إذا تأمل فيها الإنسان لوجدها مطابقة له تماما مثل قوم يأجوج ومأجوج الذي ذكر إجمالا في القرآن الكريم، بل ذكر أيضا بأنهم سيسيطرون على الأرض كلها في الزمن الأخير كما يقول : وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَب يَنْسِلُونَ (الأنبياء: (۹۷).أما الظن أن يأجوج ومأجوج ليسوا من بني آدم بل هم خلق آخر فليس إلا جهلا لأن القرآن الكريم ذكر المخلوقات العاقلة الذين يستخدمون العقل والفهم ويستحقون الثواب أو العذاب- على نوعين فقط : حديث (۱) البشر، الذين هم أولاد آدم الليلة (۲) الجنَّة.لقد سميت فئة الناس بـ "معشر الإنس" وسميت فئة الجنة بـ "معشر الجن".فإذا كان يأجوج ومأجوج الذين وعدوا بالعذاب في زمن المسيح الموعود يدخلون في معشر الإنس بمعنى أنهم أناس فالقول بأنهم خلق غريب وبأن آذانهم طويلة إلى هذه الدرجة وأيديهم طويلة إلى درجة كذا وسينجبون بكثرة إنما هو فعل الذين عقلهم سطحي بحت ومثل الصغار.وإذا ثبت في هذا الموضوع فسيكون على سبيل الاستعارة فقط.كما نرى أن آذان الأقوام الأوروبية صحيح طويلة دون شك بمعنى أن الأخبار من مناطق بعيدة تتناهى إلى آذانهم بواسطة البرقيات.كذلك قد أعطاهم الله تعالى أيادي طويلة من حيث التمرس في الحروب البرية والبحرية لدرجة لا يدان لأحد بقتالهم والتوالد والتناسل عندهم أكثر من الأمم الآسيوية بكثير.فلما أثبتت الأحداث الحالية أن هذا هو معنى هذه الأحاديث والعقل لا يقبل فقط هذا المعنى بل يتمتع به فما الحاجة إلى اعتبارهم خلقا غريبا يفوق الإنسان، وغير معقول تماما ومناف لقانون الطبيعة الجاري للناس منذ القدم؟ وإن قلتم إن يأجوج ومأجوج من الجنّة وليسوا أناسا ، فهذا حُمق أكبر لأنه إذا كانوا من الجنّة، فكيف كان ممكنا أن يعرقلهم جدار بناه الإسكندر؟ ما دامت الجنة يصلون إلى السماء كما يتبين من الآية: فَأَتْبَعَهُ شهَابٌ ثَاقِب (الصافات (۱۱) أفلم يكونوا قادرين على التسلق على جدار الإسكندر؟ وإن قلتم بأنهم نوع من السباع التي لا تعقل، قلتُ: لماذا إذا وعد في القرآن والأحاديث بإنزال العذاب عليهم، لأن العذاب ينزل نتيجة الذنوب فقط؟ كذلك إن خوضهم الحروب وغلبتهم على الجميع وإطلاق السهام إلى السماء في نهاية المطاف يدل بوضوح على أنهم ذوو العقول بل يفوقون الجميع من حيث العقل الدنيوي.
يوجد في الأحاديث تناقض ظاهري إذ جاء فيها من ناحية أن يأجوج ومأجوج ينتشرون في الأرض في زمن بعثة المسيح الموعود، وقيل من ناحية أخرى بأن الأمة المسيحية تكون حينها غالبة في العالم كله كما يُفهم من الحديث: "يكسر الصليب" أيضا أن الأمة الصليبية ستكون في ارتقاء وازدهار في ذلك الزمن.كذلك يفهم من حديث آخر أن الرومان، أي المسيحيين سيكونون الأكثر عددا وقوة في ذلك الزمن لأن السلطنة الرومية في زمن النبي ﷺ كانت مسيحية كما يقول الله في القرآن الكريم: غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (الروم: ٣-٤) والمراد من الروم هنا أيضا هي السلطنة المسيحية.ثم يتبين من بعض الأحاديث أن الدجال سيكون غالبا في الأرض كلها في زمن المسيح الموعود وسيحيط بالأرض كلها إلا مكة المعظمة.فليخبرني الآن أحد من المشايخ كيف يمكن إزالة هذا التناقض؟ فإذا غلب الدجال على الأرض كلها أين ستكون السلطنة المسيحية؟ وكذلك أين سيكون يأجوج ومأجوج الذين يخبر القرآن الكريم بعموم سلطنتهم؟ فهذه هي الأخطاء الواقع فيها مكفّرونا ومكذبونا هؤلاء.توحي الأحداث الواقعة بأن هاتين الصفتين أي صفة يأجوج ومأجوج وصفة الدجال موجودتان في الأمم الأوروبية لأن تعريف يأجوج ومأجوج المذكور في الأحاديث هو أنه لا يدان لأحد بقتالهما، والمسيح الموعود أيضا سيلجأ إلى الدعاء فقط.وهذه الصفة توجد في الحكومات الأوروبية بكل وضوح، ويصدقها القرآن الكريم أيضا كما يقول: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسَلُونَ (الأنبياء: (۹۷) أما الدجال فقد ورد في الأحاديث أنه سيستخدم الدجل وينشر الفتنة الدينية في الدنيا.وهذه الصفة مذكورة في القرآن الكريم كصفة القساوسة المسيحيين كما يقول تعالى: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)) (النساء: (٤٧).يتبين من هذا البيان كله أن هؤلاء الثلاثة واحد في الحقيقة، لذلك علّمنا في سورة الفاتحة للأبد دعاء أن نستعيذ بالله من فتنة المسيحيين، ولم يقل الله تعالى أن استعيذوا من الدجال.فلو كان الدجال غيرهم وكانت فتنته أكبر من فتنة القساوسة لما عُلّم في كلام الله - بترك الفتنة الكبرى جانبا - إلى يوم القيامة دعاء أن استعيذوا من فتنة المسيحيين، ولما قيل أيضا بأن الفتنة المسيحية خطيرة جدا تكاد السماوات يتفطرن منها وتخرّ الجبال هدا، بل لقيل بأن فتنة الدجال هي التي تكاد السماوات يتفطرن منها.الإنذار عن فتنة صغيرة وغض النظر عن فتنة كبرى غير معقول كليا منه.
في خصومات وحروب دينية، ويهاجم قوم قوما آخرين هجمات دينية كما يقع موج البحر على موج آخر.وستنشب حروب أخرى أيضا، وبذلك ستنتشر في العالم فُرقة عظيمة ويحدث في الناس تفرقة وبغض وضغينة كبيرة.وعندما تبلغ الله هذه الأمور ذروتها سينفخ في صوره من السماء، أي سيبلغ بواسطة المسيح هو الموعود الذي هو صُوره صوتا إلى الدنيا يجتمع بسماعه ذوو الفطرة السليمة على دين واحد وتتلاشى الفرقة وتصبح أمم العالم المختلفة أمة واحدة.وقال في آية أخرى: وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضا، أي الذين لا يلبون دعوة المسيح الموعود نعرض عليهم جهنم أي ننزل عليهم أنواع عذابات تكون نموذجا لجهنم.ثم قال: الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءِ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا.أي ستكون أعين هؤلاء الناس في غطاء عن دعوة المسيح الله الموعود وتبليغه ولن يسمعوا كلامه ويكتئبون منه بشدة، فسينـــزل العذاب.المراد من لفظ الصور هنا هو المسيح الموعود، لأن أنبياء الله هم صوره فينفح الله تعالى صوته في قلوبهم.لقد ورد التعبير نفسه في الكتب السابقة أيضا إذ عُدّ أنبياء الله صوره، بمعنى أنه كما ينفخ النافخ في الصور صوته كذلك ينفخ صوته في قلوب الأنبياء.ويتبين من قرينة يأجوج ومأجوج بالقطع أن ذلك الصور هو المسيح الموعود لأنه ثابت من الأحاديث الصحيحة أن المبعوث في زمن يأجوج ومأجوج هو المسيح الموعود فقط.فملخص الكلام أنه ما دام ثابتا من التوراة من ناحية أن الفرق المسيحية من أوروبا هي يأجوج ومأجوج ومن ناحية ثانية حدد القرآن الكريم ليأجوج ومأجوج علامات تنطبق على السلطنات الأوروبية فقط كما ورد أنهم من كل الكهف: ١٠١ الكهف: ١٠٢
تفت حدب ينسلون، أي يغلبون كل القوى، وسينالون العروج الدنيوي من كل نوع.وقيل أيضا في الأحاديث بأنه لن تكون لأية سلطنة يدان بقتالهما، وبذلك قد تقرر بصورة قاطعة أن هذه الأقوام هي يأجوج ومأجوج، وإنكار ذلك ليس إلا محض ومعارضة قول الله تعالى.لا يسع أحدا الإنكار أن هذه الأقوام هي التي فاقت بحسب قول الله تعالى وقول النبي ﷺ جميع الأقوام في قوتها الدنيوية، إذ لا نظير لها في الدنيا من حيث عُدة القتال والحرب وعتادها ومكائدها وسياسة البلاد.إن أدوات هؤلاء الناس واكتشافاتهم، سواء في مجال الحروب أو في أسباب راحة الدنيا قد غيرت خارطة العالم، وأحدثت في حالة الإنسان التمدنية انقلابا محيّرا.وقد أبدت تلك الأمم في أمور سياسة البلاد وتدبيرها علوّ كعبها في الحرب والسلم إلى درجة لا نظير لها في أي زمن منذ بدء الخليقة.الحادث الذي حدث بعد مئات السنين من نبوءة نبي العظيم بحسب علامات حدّدت في تلك النبوءة إنما هو حادث ظهور القوى الأوربية فقط.إن عدم قبول معنى يأجوج ومأجوج الذي كشفه الله تعالى، وأنهم القوم الذين جعل الحادث الحالي مصداقا لتلك العلامات بمنزلة إنكار الحق المبين.صحيح أنه عندما يصر الإنسان على الإنكار لا يسع أحدا أن يكم فمه، ولكن المنصف العادل الذي يبحث عن الحق سيشهد عن قناعة تامة وانشراح الصدر بعد الاطلاع على تلك الأمور كافة أن هذه الأمم هي يأجوج ومأجوج دون أدنى شك.فلما ثبت أن هذه الأمم هي يأجوج ومأجوج فقد تحقق تلقائيا أن المسيح الموعود سيظهر في عصر يأجوج ومأجوج كما يقول القرآن الكريم بعد ذكر غلبتهم وقوتهم: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا.أي ستحدث في الناس الكهف: ١٠٠ الله
قة وتشتت كبير في زمن يأجوج ومأجوج، وسيصول دين على دين آخر وقوم على قوم آخرين عندها سيرسل الله تعالى لإزالة تلك الفرقة صوته المهيب إلى الناس دون تدخل أيدي البشر بل بآيات سماوية فقط وذلك بواسطة مرسل منه يكون في حكم الصور.وسيكون في هذا الصوت جذب قوي وبذلك الله تعالى الناس المتفرقين على دين واحد.سيجمع تعلن الأحاديث الصحيحة بكلمات صريحة وواضحة أن زمن يأجوج ومأجوج هو زمن المسيح الموعود، كما ورد أنه عندما يغلب قوم يأجوج ومأجوج على جميع الأمم بقوتهم وقدرتهم ولن يقدر أحد على مواجهتهم، عندها يؤمر المسيح الموعود أن يحرز جماعته إلى جبل الطور، أي يواجههم بالآيات السماوية ويستعين بعجائب الله القوية والمهيبة، كمثل الآيات التي ت بجبل الطور تخويفا لقوم بني إسرائيل المتمردين كما يتبين من الآية: أظهرت وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ أي قد حدثت في جبل الطور زلازل قوية كآية، وزلزل الله تعالى الجبل على رؤوس اليهود وكأنه واقع عليهم في الحال.فخافوا كثيرا نظرا إلى هذه الآية المهيبة.وهذا ما سيحدث بالتحديد في زمن المسيح الموعود أيضا.الأزمنة الأربعة المختلفة التي بينتها يثبت منها أيضا مجيء المسيح الموعود في زمن يأجوج ومأجوج الذي هو الزمن الأخير، لأنه لما كان الناس في الزمن الأول قلة في الدنيا وكان هناك قوم واحد بل أقل من قوم أيضا، ولم يكن للشرك والكفر وأنواع المعاصي أدنى أثر وكانت طبائع الناس بسيطة ونقية، وبريئة من الأهواء النفسانية، أرسل الله تعالى نبيا في ذلك العصر ليدلل على أنه البقرة: ٦٤
ΛΕ كما نشأ قوم من شخص واحد كذلك إن إلههم أيضا واحد، وهو مالكهم وربهم وإلههم.هو الذي خلقهم ليهبهم ،معرفته، وينعم عليهم ويُكرمهم نتيجة عبادتهم، وأن يهديهم سبيل مرضاته ويهبهم السعادة الأبدية.وكذلك عندما تكوّنت أمم كثيرة من أمة واحدة وانتشروا في بلاد مختلفة منفصلين عن بعضهم ونشأت فيهم نزعة سيئة لارتكاب الذنب والشرك، وإن لم تصل ذروتها بعد، أرسل الله تعالى إلى كل بلد رسلا لإصلاح كل قوم ليجعل نور النبوة يسطع في كل ناحية من أنحاء العالم ويُثبت وجودَه ووحيه بواسطة شهادات مختلفة، وليثبت بواسطة شهادات كتب مختلفة أن أمرا كذا وكذا يُعد ذنبا ومقرفا ومكروها عنده وأمر كذا وكذا مدعاة ،لرضوانه وليصل الإنسان إلى مرتبة اليقين ويقوي حالته العلمية والعملية لأن هناك حاجة إلى شهود كثيرين و شهادات قوية للإيمان بالإله الذي لم يره أحد، كما تشهد على ذلك آيتان من القرآن الكريم وهما: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ وفَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ بشهيد".وذلك ليكون شهيدا من كل قوم على أن الله تعالى موجود، موجود، وهو يرسل أنبياءه إلى العالم.ثم عندما بدأت العلاقات المتبادلة بالنشوء في تلك الأمم بعد مرور مدة طويلة وفتح طريق التعارف بين أهل بلد على بلد آخر وطريق السفر إلى بعضهم بعضا إلى حد ما، ووصلت عبادة المخلوق وكل و كل أُمَّة نوع من المعصية أيضا منتهاها بعث الله تعالى سيدنا ونبينا محمدا المصطفى إلى العالم ليجعل الأمم المتفرقة في العالم كله بواسطة تعليم القرآن الكريم الذي يشكل قاسما مشتركا بين طبائع العالم كله أمة واحدة ويخلق فيهم الوحدة كما هو الله واحد لا شريك له، ولكي يذكروا ربهم مجتمعين كجسد واحد فاطر: ٢٥ النساء: ٤٢
٨٥ ويشهدوا على وحدانيته.ولتشكّل كلتا الوحدتين- أي الوحدة القومية الأولى التي نشأت في بدء الخليقة، والوحدة الأخيرة التي وضع أساسها في الزمن الأخير، وأراد الله تعالى تحقيقها عند بعثة النبي - شهادة مضاعفة على وجود الله الواحد الذي لا شريك له، ولأنه الا الله واحد لذا يحب الوحدة بين نظامه المادي والروحاني.ولأن زمن نبوة النبي ﷺ ممتد إلى يوم القيامة، ولأنه خاتم الأنبياء، لذا لم يرد الله أن تبلغ الوحدة بين الأمم كمالها في حياته لأن ذلك يدل على نهاية عصره.بمعنى أنه كان من شأن ذلك أن يثير شبهة وكأن زمنه قد انتهى عند تلك النقطة إذ إن مهمته الأخيرة قد تمت في ذلك الزمن.لذا أجل الله تعالى إكمال مهمة كون الأمم كأمة واحدة وعلى دين واحد إلى فترة أخيرة من زمن النبي محمد الله الذي هو زمن قرب القيامة ولإكمال هذه المهمة عين نائبا له من الأمة نفسها، وقد سمي باسم المسيح الموعود، وهو الذي اسمه خاتم الخلفاء.إذا، إن النبي ﷺ هو في صدر العصر المحمدي وفي آخره المسيح الموعود، وكان ضروريا ألا تنقطع سلسلة العالم ما لم يُبعث هو لأن خدمة تحقيق الوحدة بين الأمم أنيطت بزمن ذلك النائب للنبي الله وإلى ذلك تشير الآية: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ...أي ليرزقه غلبة عالمية.ولأن الغلبة العالمية لم تتحقق في زمن النبي ﷺ ومن ناحية ثانية لا يمكن أن تبطل النبوءة الإلهية لذا فقد اتفق جميع المتقدمين الذين سبقونا فيما يتعلق بهذه الآية أن هذه الغلبة سوف تتحقق في زمن المسيح الموعود إذ لا بد للغلبة العالمية أن تتضمن ثلاثة أمور لم توجد في أي زمن خلا.الصف: ١٠
٨٦ (۱) أن تفتح بين الأمم المختلفة سبل سهلة ومواتية للقاءاتهم المتبادلة بالتمام والكمال، وأن تزول صعوبات السفر الشاقة ويتم السفر بسرعة هائلة وكأنه لم يكن سفرا أصلا، وأن تتيسر أسباب فوق العادة للقيام بالسفر لأنه ما لم تتيسر لسكان مختلف البلاد أسباب لملاقاة بعضهم بعضا كأنهم يسكنون في مدينة واحدة، لا تتسنى لقوم فرصة الادعاء بأن دينهم غالب على أديان العالم كلها؛ لأن إظهار الغلبة مشروط بأن يكون الناس مطلعين على كل الأديان التي أظهرت الغلبة عليها وكذلك الذين عُدّوا مغلوبين يجب أن يعرفوا أنهم يبوعون بالغلبة.وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تقارب الناس من مختلف البلاد كأنهم سكان حارة واحدة.والمعلوم أن هذا لم يحدث في زمن النبي ﷺ المبارك لأن أقواما كثيرة كانت تسكن حينها في أقصى أرجاء المعمورة، وأسباب إيصال الرسالة والسفر وتدبير اللقاءات بينهم على فترات قريبة لم تكن متاحة كما في عصرنا الحاضر.(۲) والأمر الثاني الذي يشكّل شرطا للفهم أن دينا معينا غالب على الأديان كلها من حيث مزاياه، هو أن تستطيع أمم العالم كلها عقد المناظرات بحرية تامة ويستطيع قوم أن يقدموا أمام قوم آخرين محاسن دينهم، ويبينوا مزاياه ونقائصه بواسطة التأليفات وأن يجد الأقوام كلهم فرصة لأن يجتمعوا في ميدان واحد من أجل الصراع الديني ويهاجموا بعضهم في النقاش الديني، ويلاحقوا كما يقع موج البحر على موج آخر، وينبغي ألا هذا الصراع الديني بين قوم أو قومين فقط بل يجب أن يكون عالميا لا يبقى فيه قوم خارج هذه الحلبة.فلم تتيسر هذه الغلبة للإسلام في زمن النبي الله المبارك لأن اجتماع أمم العالم كلها في ذلك الزمن كان مستحيلا مبدئيا.ثم الأقوام التي واجهها نبينا الأكرم له ما كانوا مهتمين قط بسماع الأدلة الدينية أو بيانها.بل حاولوا بعضهم يتم
۸۷ القضاء على الإسلام بالسيف منذ البداية و لم يحملوا قلما لدحضه عقليا.لهذا السبب لن تجدوا من ذلك الزمن كتابا كتب فيه شيء ضد الإسلام من حيث العقل والنقل بل كانوا يريدون أن يتغلبوا بواسطة السيف فأهلكهم الله بالسيف.ولكن أعداء الإسلام في عصرنا هذا قد غيروا أساليبهم إذ لا يرفع أحد من معارضي الإسلام سيفا من أجل دينه ونظرا إلى هذه الحكمة ورد في حق المسيح الموعود يضع الحرب أي أبطلت الحروب وألغي القتال بالسيف، والوقت الآن هو وقت القتال القلمي.ولأني جئت للقتال القلمي لذا أُعطيت أقلاما حديدية بدلا من السيف الحديدي.كذلك سنحت لنا لطباعة الكتب ونشرها إلى بلاد نائية وسائل سهلة ومواتية لا يوجد نظيرها في زمن من الأزمنة الخالية إلى درجة أن المواضيع التي كان يستحيل كتابتها إلى سنوات تكتب الآن في أيام معدودة.كذلك التأليفات التى كان إيصالها إلى بلاد نائية يستغرق مدة طويلة نستطيع إيصالها الآن إلى أنحاء العالم في أيام قليلة، فنستطيع أن تطلع الأمم كلها على حجتنا البالغة.ولكن هذا النوع من النشر وإتمام الحجة بهذه الطريقة كان مستحيلا في زمن النبي لا لا لا له ولأن أدوات طباعة الكتب لم تكن متوفرة في تلك الأيام كما لم تتيسر طرق سهلة لإرسال الكتب إلى بلاد بتأييد الله ونصرته أخرى.(۳) الأمر الثالث الذي هو شرط للإظهار على العالم أن دينا كذا يحظى بوجه خاص مقابل أديان العالم كلها ويحالفه فضل الله الخاصة، وهو أن تحالفه الآيات السماوية لتأييد الله مقابل الأمم الأخرى كلها في العالم دون أن يوجد نظيره في أي دين آخر، وأن يهلك الله الأديان الأخرى رويدا رويدا بيده دون أيدي البشر، وأن يرفع من بينها البركة الروحانية.وأن يثبت هذا الدين الغالب حالته المتميزة مقابل الأديان الأخرى
۸۸ بآيات الله الساطعة، وألا يقدر دين من أقصى العالم إلى أقصاه على مبارزته في الآيات السماوية مع أنه لم يبق جزء من سكان العالم غافلين عن دعوة المبارزة هذه.فظهور هذا الأمر بالكامل أيضا كان مستحيلا في زمن النبي لأنه كان مشروطا بشرط أن تجد جميع أمم العالم الساكنة في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب فرصة ليطلبوا من الله تعالى أن يشهد على صدق دينهم بالآيات السماوية مقابل الأديان الأخرى ولكن لما كان كل قوم خافيا ومحجوبا عن الأقوام الأخرى وكأنهم يعيشون في عالم آخر فكانت هذه المواجهة مستحيلة.بالإضافة إلى ذلك لم يبلغ تكذيب الإسلام منتهاه في ذلك العصر ولم يأت زمان لتقتضى غيرة الله أن تمطر الآيات السماوية في تأييد الإسلام.ولكن جاء هذا الوقت في عصرنا لأنه قد أُسيء إلى نبينا الأكرم والإسلام في هذا العصر بواسطة الكتابات السيئة إلى درجة ما أُسيء بمثلها إلى أي نبي في أي زمن.لا يثبت أن مسيحيا أو يهوديا قد ألف في زمن النبي ﷺ حتى كتيبا ذا ورقتين أو ثلاث أوراق لدحض الإسلام والإساءة إلى النبي.أما الآن فقد ألفت للإساءة إليه لوله لوله لولدحض الإسلام كتب كثيرة ونُشرت الإعلانات والجرائد في العالم كله بحيث لو جمعت كلها لصارت كومة كبيرة مثل الجبل، بل أكبر منه.لقد عد هؤلاء العمهون الإسلام محروما من كل ركة وادعوا أن النبي لم يُظهر آية سماوية، وركزوا على ألا يبقى للإسلام أدنى أثر على وجه الأرض.ولإثبات ألوهية إنسان ضعيف أهين دين الله الله الطاهر إلى درجة ما أُهين بمثلها أي دين أو أي رسول إلى المقدس ونبي الآن منذ بدء الخليقة.والحق أنه قد جاء زمان بذل فيه الشيطان قصارى جهده مع ذريته كلها ليقضي على الإسلام ولأن المعركة الحالية هي المعركة الأخيرة بين الصدق والكذب دون أدنى شك لذا يستحق هذا الزمن أن يأتي
۸۹ فيه مأمور من الله لإصلاحه.فذلك المصلح هو المسيح الموعود الموجود بين ظهرانيكم.ومن حق الزمن أن تتم فيه حجة الله على الناس بالآيات السماوية.وهناك ثورة في السماء لتظهر آيات سماوية بكثرة حتى تُدق طبول انتصار الإسلام في كل بلد وفي كل منطقة من مناطق الأرض.فيا أيها الإله القادر انت سريعا بأيام يظهر فيها الفتح الذي قررته ويسطع جلالك في الدنيا وينتصر دينك ورسولك آمين ثم آمين أعود الآن إلى صلب الموضوع وأعلّق على بقية المقال الذي قُرئ من قبل الآريين في الجلسة.فقد أثار المحاضر اعتراضا آخر على الإسلام كأن الإسلام يعتقد أن القرآن الكريم نزل من السماء مكتوبا على الأوراق أو الأحجار.ثم يقول مستهزئا بهذا المعتقد أولا إن الله ليس متربعا في السماء، ولو افترضنا ذلك جدلا ففي هذه الحالة سيحترق الكتاب عند المرور بجو السماء رمادا.ويصير ولكن من المؤسف أن هؤلاء القوم يسارعون إلى الاعتراض على الإسلام مع هذا الجهل وعدم الإلمام بالإسلام.لا أدري من أين وممن سمعوا أن المسلمين يعتقدون أن القرآن الكريم نزل من السماء مكتوبا على الأوراق؟ يعلم كل مسلم أمي أيضا أن المسلمين جميعا يعتقدون أن المراد من نزول القرآن الكريم هو كلام الله الطاهر الذي نزل على قلب النبي ﷺ ونرى قانون الله تعالى جاريا في الطبيعة على المنوال نفسه الآن أيضا، وأنا شخصيا شاهد عيان على أن سنة الله وقانونه في الطبيعة هو أن كلام الله ينزل على القلب بالكلمات ويجري على اللسان، فلا يتضمن مفهوما فقط بل ترافقه الكلمات أيضا.وكما أن فعل الله تعالى عليم النظير كذلك لا نظير لكلامه أيضا إذ يكون مليئا بالأمور الغيبية مع الفصاحة والبلاغة البالغة ذروتها وفيه قوة وبركة وجذب
يجذب إلى نفسه، ويرافقه نور يزيل الظلمة وينور المتبع ويقربه إلى الله تعالى.وبواسطته ينجو المتبع من الحياة السيئة وينال النجاة أثناء ولادته الأولى دون أن يُقحَم في دوامة التناسخ آلاف المرّات.ولكن من المؤسف حقا أنه ليس في الفيدا تلك القوة ولا النور ولا الجذب لهذا السبب لا يزال جميع الحائزين على النجاة بواسطة الفيدا يتراءون كحشرات وخنازير وقرود فقط.أما الناس فعددهم قليل جدا وسطح المعمورة والبحار وجوّ السماء كلها مليئة بالحشرات والديدان والحيوانات التي لا يقدر على عدها إلا الله.والأغرب في الأمر أننا نستطيع القول باليقين الكامل بالنظر إلى أدنى دودة أيضا أنها من خلق الله، الله ولكننا لا نجد في الفيدا شيئا خارقا للعادة يُجبرنا على الاعتراف أنه كلام حتما نستطيع أن نفهم بالنظر إلى الذبابة أنها خلق الله، ولكن لو قرأنا الفيدا الكتاب عند من الله من البداية إلى النهاية لما وجدنا فيه صنع الله الذي يدفعنا إلى الظن أن هذا إذ لا يوجد فيه ذكر معجزة ولا توجد فيه نبوءة ولا علوم تفوق قدرة البشر بل فيها أفكار سطحية مليئة بالأخطاء.فكيف يكون جديرا بالقبول كتاب لا يساوي حتى ذبابة من حيث مكانتها وأهميتها؟ أليس صحيحا أن المرء يضطر إلى الإقرار بالنظر إلى الذبابة بأن الإنسان ليس قادرا على خلقها؟ ولكن هل لعاقل أن يقول بعد قراءة الفيدا بأن الإنسان ليس قادرا على تأليفه؟ فإن لم توجد في الفيدا أعجوبة حتى بقدر الذبابة التي هي حيوان حقير فلا يقبل العقل أنه كلام الله الذي يجب أن يكون قوله أيضا عديم النظير مثل فعله تماما.أما قول المحاضر بأن الإسلام يعتقد بحسب زعمه، أن الله تعالى متربع في السماء كالإنسان فهو نابع عن جهله البحت.لأن الهندوس لا يتدبرون القرآن الكريم الجهلهم وعنادهم وبغضهم لذا تخطر ببالهم اعتراضات شيطانية كهذه.
۹۱ فليكن واضحا أن الله تعالى موجود في الأرض كوجوده في السماء تماما بحسب تعليم القرآن الكريم كما يقول: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَةٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهُ، ويقول أيضا: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا حَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ.وقال بأنه تعالى غير محدود كما ورد في الآية: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ كذلك يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وقال تعالى في آية أخرى: إِنَّه بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ.وقال أيضا: أنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ، وقال أيضا: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، أي الله الذي لمعان وجهه موجود في السماء والأرض وبدونه ظلام تام.وقال أيضا: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو أن الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ أي كل شيء هالك ومتغير، والبقاء لله وحده.بمعنى كل شيء يقبل الفناء والتغير ولكن فطرة البشر مضطرة إلى القبول بأن هناك ذاتا واحدة في عالم الأرض والسماء لن تفنى ولن تتغير حين يصيب الفناء والتغير كل شيء آخر، بل ستبقى على حالها وهي ذات الله.ولأنه تُرتكب في الأرض الذنوب والمعاصي والأعمال السيئة أيضا، والذين يزعمون أن الله تعالى محدود في حدود الأرض يصبحون في نهاية المطاف عبدة الأوثان وعبدة المخلوق مثل الهندوس جميعا؛ لذا بين القرآن الكريم من ناحيةٍ أن الله تعالى علاقة متينة مع ٤ ° 7 الزخرف : ٨٥ المجادلة: ۸ الأنعام: ١٠٤ ق: ۱۷ الأنفال: ٢٥ النور: ٣٦ الرحمن: ۲۷
۹۲ المخلوق وهو بمنزلة الحياة لكل ذي نفس منفوسة وكل وجود قائم بسنده.- ثم قال أيضا للإنقاذ من الظن الخاطئ ألا يزعمن أحدٌ أن الإنسان عينه نظرا إلى علاقته مع الإنسان كما يزعم أتباع الفيدانت بأنه تعالى أعلى وأسمى من الجميع ويحتل بالمقارنة مع المخلوق مقام وراء الوراء الذي يسمى العرش في مصطلح الشرع والعرش ليس بشيء مخلوق بل هو اسم لمرتبة وراء الوراء فقط.فهو ليس عرشا ماديا ليتصور أن الله جالس عليه كما يجلس الإنسان.بل العرش مقام التنزه والتقدس بعيدا جدا عن المخلوق كما ورد في القرآن الكريم أن الله تعالى أنشأ علاقة الخالق والمخلوق مع الجميع ثم استوى على العرش.أي ظل منفصلا بعد إنشاء كل هذه العلاقات أيضا و لم يختلط مع الخلق.باختصار، إن كون الله مع الإنسان وكونه محيطا بالأشياء إنما صفة هي تشبيهية، وقد ذكر الله هذه الصفة في القرآن الكريم ليثبت للإنسان قربه.وأما كون الله وراء الوراء من الخلق وكونه الأرفع والأعلى والأبعد وعلى مقام التنزه والتقدّس الذي يسمو على كونه مخلوقا؛ ويُدعى بالعرش، فهذه الصفة إنما هي صفة "تنزيهية".وقد ذكر الله هذه الصفة في القرآن الكريم ليثبت توحيده وأنه واحد لا شريك له، وأنه منزَّه عن صفات المخلوقات.أما الأمم الأخرى فقد نعتوه له إما بصفة تنزيهية، أي وصفوه "نرغُن" (أي وجود دون أية صفة) أو عدوه سَرغُن" (أي وجود متصف بكل صفة) وشبهوه كأنه عين المخلوقات تماما و لم يجمعوا هاتين الصفتين.ولكن الله تعالى أظهر في القرآن الكريم وجهه في مرآة هاتين الصفتين وهذا هو كمال التوحيد.يعتبر الفيدانت من الكتب الفلسفية والأخلاقية لدى الهندوس.وهو أصغر حجما، وأكبر تأثيرا على الفكر الهندي الفلسفي والصوفي من أي كتاب آخر من الكتب الهندوسية، وهذا الكتاب يقال له أيضا "برهما سوتر".(المترجم)
۹۳ وإلى جانب الاعتراض المذكور أثار المحاضر اعتراضا آخر على أن الحجر الأسود نزل من السماء بحسب معتقد المسلمين.لا أدري ماذا يفيده هذا الاعتراض؟ لقد جاء في بعض الروايات على سبيل الاستعارة أنه حجر من الجنة، ولكن يثبت من القرآن الكريم أنه لا توجد في الجنة أحجار، بل الجنة مكان لا يوجد له نظير في الدنيا، كما لا يوجد في الجنة شيء من هذه الدنيا.ما لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا حَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرِ.هي الجنة بل إن نعيم لقد جعل حجر الكعبة أي الحجر الأسود رمزا لأمر روحاني'.ولو شاء الله لما بنى الكعبة وما وضع فيها الحجر الأسود، ولكن لما كان من سنة الله الجارية أنه وعجل يجعل إزاء الأمور الروحانية رموزا مادية تمثلها وتكون شاهدا ودليلا على الأمور الروحانية، فقد أُسست الكعبة بحسب هذه السنة.الحق أن الإنسان خُلق لعبادة الله والعبادة نوعان؛ الأول: التذلل والتواضع، والثاني: الحب والفداء.ولإظهار التذلل والتواضع أمرنا الله بالصلاة التي تجعل كل عضو من أعضاء الإنسان في حالة خضوع وخشوع إلى درجة أن وضع في الصلاة سجود الجسد أيضا مقابل سجود القلب لكي يشترك في هذه العبادة الجسد والروح كلاهما، وليتضح أن سجود الجسم ليس عبثا ولغوا.من المسلم أولا أنه كما أن الله خالق الروح كذلك هو خالق الجسم، ويملك حق به حاشية: لقد الله وضع تعالى في الشريعة الإسلامية نماذج كثيرة للأحكام الضرورية، فقد أمر الإنسان أن يضحي بنفسه في سبيل الله بكل قواه وبكل وجوده.فقد جعلت القرابين الظاهرية نموذجا لتلك الحالة، ولكن الغرض الحقيقي هو هذه التضحية كما يقول الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللهُ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ (الحج: ۳۸).أي اتقوا الله كأنكم تكادون تموتون في سبيله.وكما تذبحون القرابين بأيديكم كذلك اذبحوا نفوسكم أيضا في سبيل الله.كلما كانت التقوى أدنى من هذه الدرجة كانت ناقصة.منه.
٩٤ الروح.انبساط مع تألم الخالقية على كليهما.وإضافة إلى ذلك فإن الجسم والروح يتأثران ببعضهما.فتارة يكون سجود الجسد دافعا وراء سجود الروح وتارة يخلق سجود الروح حالة السجود في الجسد لأن الجسم والروح كالمرايا المتقابلة.فمثلا عندما يحاول أحد أن يتكلف الضحك يضحك أحيانا ضحكا حقيقيا له علاقة مع كذلك حين يتباكى أحد فكثيرا ما يبكي بكاء حقيقيا له علاقة الروح ورقتها.فثبت أن التذلل والتواضع الموجود في هذا النوع من العبادة، وأعمالُ الجسد تؤثر في الروح والعكس صحيح.كذلك الحب والفداء في القسم الثاني من العبادة يؤثران في الروح والجسد.فكما أن روح المحب تطوف في حالة الحب حول المحبوب كل حين وتقبل عتبة ،داره، كذلك جعلت الكعبة المشرفة رمزا ماديا للمحبين الصادقين، وكأن الله تعالى يقول لهم: انظروا، هذا بيتي، وهذا الحجر الأسود حجر عتبتي.ولقد أمر الله تعالى بذلك ليتمكن الإنسان من التعبير عن مشاعر عشقه وحبه الجياشة تعبيراً ماديا.فالحجاج يطوفون بهذا البيت طوافا جسمانيا مظهرين كأنهم مجانين وسكارى في حب الله، فيتخلون عن الزينة، ويحلقون الرؤوس، ويطوفون ببيته كالعشاق في هيئة المجذوبين، ويقبلون هذا الحجر حاسبين إياه حجر عتبته وهذا الوله الجسدي يولد لوعة وحبا روحانيا.فالجسد يطوف بالبيت ويقبل حجر العتبة، بينما تطوف الروح عندئذ حول الحبيب الحقيقي، وتطبع القبلات على عتبته الروحانية.حاشية: إن عتبة الله مصدر الفيوض، أي كل فيض يُنال من عتباته ، لذلك كتب المعبرون أنه إذا رأى أحد في المنام أنه قبل الحجر الأسود فسينال العلوم الروحانية لأن المراد من الحجر الأسود هو منبع العلم والفيض.منه.
۹۵ وليست في ذلك شائبة من الشرك، إذ إن الصديق يُقبل رسالة صديقه الحميم عند استلامها.فالمسلم لا يعبد الكعبة، ولا يطلب مراداته من الحجر الأسود، وإنما يتخذه رمزا ماديا أقامه الله تعالى وليس إلا.كما أننا نسجد على الأرض، ولكن السجود ليس للأرض؛ كذلك نقبل الحجر الأسود، ولا يكون هذا أجله.فالحجر حجر بحت لا ينفع أحدا ولا يضر، ولكنا نقبله لأنه التقبيل من من يد ذلك الحبيب الذي جعله رمزا لعتبته.ثم قال المحاضر بأن الكتاب الذي يتضمن تعليما يخالف القانون السائد في الطبيعة لا يمكن أن يكون كتابا موحى به.ولكنه بهذا القول هاجم الفيدا نفسه، الأمر الذي يتبين منه بأنه لا يؤمن بالفيدا في الحقيقة لأنه إذا كان هذا هو الشرط في الحقيقة لكتاب إلهامي، فالفيدا لم يحقق هذا الشرط قط لأنه يخالف سنة الله السائدة في الطبيعة من كل ناحية.فمثلا لا يعترف الفيدا ببقاء سلسلة الإلهام من الله في المستقبل أي بعد عصر الفيدا أن قانون الطبيعة يشهد أنه لا مع الله بد من بقاء سلسلة الإلهام دائما والسبب في ذلك أن التطابق بين نظام الروحاني ونظامه المادي ضروري من حيث قانون الطبيعة ليدل هذا التطابق على أن خالق هذين النظامين هو إله واحد.ولكن لو ظُنَّ أن الإلهام انقطع بعد زمن معين لما بقي التطابق قائما لأنه لا يسع أحدا إنكار أن الله تعالى قد ترك باب فيضه مفتوحا دائما لسد حاجات الجسد؛ إذ إن الغلال موجودة اليوم أيضا لإشباع الجوع كما كانت في أزمنة خلت، ويمطر الماء من السماء اليوم أيضا لإخماد الظمأ كما كان يمطر من قبل وبسببه تكثر المياه الأرضية في الأنهار والآبار، فلماذا أوصد باب الحاجات الروحانية؟ ألا يحتاج العطاشى الروحانيون الآن إلى الماء الذي يروي روحانيا؟ أي أليس الناس بحاجة الآن إلى النجاة من الشكوك والشبهات بواسطة آيات الله ومعجزاته المتجددة وإلى أن تطمئن
قلوبهم اطمئنانا كاملا بوصولهم إلى مرتبة اليقين؟ هل هذه هي المعرفة في الفيدات التي تقول بأن الله تعالى لم يُغلق إلى الآن باب قضاء حاجات الجسد ولكن أوصد باب قضاء الحاجات الروحانية؟ ملخص الكلام أن الفيدا عجز عن إظهار التطابق في هذا المجال.ولكن القرآن الكريم حقق هذا التطابق الموجود في قانون الطبيعة من حيث الروحانية والمادية كما يقول: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْل.أي أقسم بالسماء التي ينزل منها المطر، وأقسم بالأرض التي تنشق وتُنبت الغلال إن هذا الكلام أي القرآن الكريم يحكم بين الحق والباطل وليس دون جدوى، بمعنى أن الحاجة إلى هذا الكلام ثابتة كثبوت ضرورة المطر في النظام المادي.لولا المطر لجفت الآبار والأنهار أيضا أخيرا ولما بقي الماء للشرب ولا الغلال للأكل لأن كل بركة أرضية تنزل من السماء فقط.فبهذا الدليل أثبت الله تعالى أنه كما أن هناك حاجة إلى الماء والغلال دائما كذلك هناك حاجة دائمة إلى كلام الله ومعجزات اته المقنعة لأن الإنسان لا يقتنع بالقصص القديمة فقط.فعلى الآريين أن يدركوا جيدا أن العطش الروحاني لا يزول بمجرد لعق أوراق الفيدا، ولا تتسنى السكينة التي تتأتى بمعجزات الله المتجددة.أما ما أقسم الله تعالى في الآية المذكورة آنفا، فيجب أن يكون معلوما أن أقسام الله ليست كمثل أقسام الناس بل قد جرت عادة الله على أنه لا يقسم في القرآن الكريم ويقدم النظام المادي لتصديق النظام الروحاني.والحق أن القسم أُحِلّ محلّ الشهادة.فقد أشير في هذا المقام في كلام الله بواسطة القسم بأمور مادية إلى أنها تشهد على الطارق: ١٢ - ١٥
۹۷ صدق الأمور الروحانية التي بينت بعد القسم.فكلما وجدتم في القرآن الكريم قسمًا على هذا النحو فقد أُريد منه دائما أن الله تعالى يذكر أمورا مادية أولا ويقدمها شاهدة على أمور روحانية يوردها فيما بعد.ولكن من المؤسف حقا أن معارضينا الجهلاء والعمهين يعترضون لغباوتهم على هذه الأقسام في القرآن الكريم أيضا.الحق أن القرآن الكريم كتاب مليء بالحكمة ووفق بين قواعد الطب الروحاني المثبتة - أي مبادئ الدين التي هي الطب الروحاني في الحقيقة وقواعد الطب المادي المثبتة.وإن هذا التوفيق دقيق ولطيف إلى درجة هو باب لانكشاف مئات المعارف والحقائق.ولا يقدر أحد على تفسير القرآن الكريم الصحيح والكامل إلا من يتدبر قوانين بينها القرآن الكريم واضعا في الحسبان قوانين الطب المادي المثبتة.ذات مرة أُريتُ في الكشف كتب بعض المحققين والأطباء الحاذقين تضمنت بحوث قواعد الطب المادي المثبتة والأصول العلمية والستة الضرورية وكان من بينها كتاب الطبيب الحاذق "قرشي"، وأشير إلى أن هذا هو تفسير القرآن الكريم.فتبين من ذلك أن بين علم الأبدان وعلم الأديان علاقات متينة وعميقة، ويصدّق أحدهما الآخر.وعندما تدبّرت القرآن الكريم واضعا في الحسبان تلك الكتب التي كانت كتب طب الأبدان وجدتُ فيه قواعد طب الأبدان المثبتة والعميقة جدا بأسلوب بليغ للغاية.وإذا شاء الله وقُدِّر لي طول العمر فإنني أنوي أن أكتب تفسير القرآن الكريم وأثبت فيه التطابق بين الروحي والمادي.هنالك تصنفيات مختلفة للاحتياجات الأساسية الضرورية لحياة الإنسان، ولكن أفضل وأوثق التصنيفات وفقا للعلماء إنما هي الستة الضرورية التالية: (١) الهواء والضوء، (۲) المأكولات والمشروبات (۳) الحركة والسكون الجسدي، (٤) الحركة والسكون النفسي (٥) النوم واليقظة، (٦) الاستفراغ والاحتباس، أي انهضام الأغذية واحتباسها في الجسد الفضلات منه..(المترجم) وخروج
۹۸ لباب الكلام، لا يوجد تحت أديم السماء كتاب يُثبت تطابقا بين الطب المادي والطب الروحاني إلى هذا الحد ويسلّم إلى أتباعه معيار القانون السائد في الطبيعة.لذا أفهم بكل يقين أن جميع الأديان الأخرى ميتة مقابل القرآن الكريم؛ إذ يقول أصحابها بأفواههم بأن الشرط المهم للكتاب الموحى به هو أن يكون منسجما مع النواميس الطبيعية ولكنهم يعجزون عن إحقاق هذا الانسجام.ولا يدرون ما هو الأسلوب لاستخدام أداة قانون الطبيعة بل يريدون أن يَلْوُوا قانون الله السائد في الطبيعة ليجعلوه بحسب المعتقدات المسلّم بما عندهم، ولا يدركون هل تنسجم معه أم لا.ما يثير استغرابي هو لماذا يذكر الآريون قانون الطبيعة أصلا، لأنه ما دام إلههم غير قادر على أن يخلق روحا واحدة أو يخلق في الروح قوة أو يخلق ذرة من ذرات الأجسام أو يذكر في كتابه علم الغيب من أجل تعريف نفسه أو يُري معجزة ليطمئن القلوب، فمن اللغو والعبث القولُ إن له قانون قدرة.إن مرحلة سَنّ القانون تأتي بعد القدرة.ولما لم تثبت القدرة أصلا فحري به أن ذلك قانون العجز وعدم القدرة وليس قانون القدرة.الإله الذي لا يقدر على أن يعطي نجاة أبدية ولا يقدر على أن يغفر لأحد ذنبه ولا يستطيع أن يري لإثبات وجوده نموذج القدرة كيف يمكن أن يُنسب إليه قانون ينم عن القدرة؟ يسمى ثم قال المحاضر إن بعض الناس يقولون بأن الله قادر على أن يبدل قانونه، من و جوابه: هل يستطيع أن يبدل صفاته أيضا؟ يجب التدبر الآن، فما أسخفه أن الله تعالى غير متبدل من حيث ذاته، وصفاته أيضا غير جواب! صحيح متبدلة، هذا ما لا يُنكره أحدٌ.ولكن من ذا الذي أحاط بأعماله علمًا إلى يومنا هذا أو حددها في حدود؟ ومن يسعه القولُ بأنه توصل إلى منتهى قدراته اللانهائية والعميقة جدا؟ بل الحق أن قدراته غير محدودة وأعماله عجيبة لا
۹۹ شاطئ لها، ويغير قانونه أيضا لعباده الخواص، ولكن هذا التغيير داخل في قانونه.عندما يحضر أحد عتباته بروح جديدة ويُحدث في نفسه تغيرا خاصا ابتغاء مرضاته فقط عندها يُحدث الله تعالى تغيرا من أجله وكأن الإله الذي ظهر على هذا العبد هو إله آخر تماما وليس الذي يعلمه عامة الناس، فإنه يظهر كضعيف لضعيف الإيمان ولكن الذي يأتي إليه بإيمان قوي جدا يُريه بأنه قوي لنصرته.وعلى هذا النحو تحدث التغيرات في صفات الله مقابل التغيرات في الناس فمن كان فاقد القوة من حيث الإيمان وكأنه ميت، يسحب الله تعالى أيضا نصرته ويصمت وكأنه مات والعياذ بالله.ولكنه الله يحدث كل هذه التغيرات في قانونه بحسب قدوسيته ولأنه ما من أحد يقدر على الإحاطة بقانونه وحده؟ لذا من الحمق والغباوة المحضة الاعتراض دون دليل قاطع وحجة بينة أن أمرا كذا وكذا يخالف قانون الطبيعة لأنه ليس بوسع أحد أن يبدي رأيه حول ما لم يتم تحديده إلى الآن وليس عليه دليل.أما إنكار ما ثبت على وجه القطع واليقين فهو جهل مخجل.ومن الثابت أن الله شريك له وهو قادر على كل ما لا ينافي قدسيته وكماله.أما فيما يتعلق بقانون الطبيعة فالمعلوم أن الله تعالى خلق الإنسان من طين فقط في البداية، أي كان ذلك هو القانون السائد في الطبيعة حينذاك، أما الآن فيخلقه من نطفة، فهذا أيضا من قانون الطبيعة.وإذا خلقه بطريقة أخرى بعد زمن معين، فهل لنا أن نقول بأن هذه الطريقة تخرج عن قانونه السائد في الطبيعة الذي لا تحده حدود؟ فكل هذه الأفكار إنما هي أنواع جهل، والحق أنه لم يحدده الله أحد إلى الآن ولا قانونه في حدود، ولن يستطيعوا.ثم قال المحاضر في محاضرته بأن قانون الله، أي الكتاب الموحى به، لا يمكن أن يتغير، أما قوانين الناس فتُعدّل وتتغيّر دائما لأن علم الإنسان محدود.فمثلا
تسنّ الحكومة اليوم قانونا ثم تضطر إلى تغييره غدا وتمس الحاجة إلى هذا التغيير لأن علم الحكومة ليس كاملا بل هو محدود جدا.ولأن العلم يزداد نتيجة الخبرة لذا يطرأ التغير دائما في قوانين الحكومة ولكن علم الله كامل لذا لا يحتاج إلى تغيير كتابه.عد الله جميع يبدو أن المحاضر يريد أن يهاجم في بيانه جميع الكتب الموحى بها الموجودة في أمم أخرى سوى الفيدا.ولكنه افترض بدون دليل قبل شنّ هذا الهجوم أن الكتب الموحى بها جاءت بعد الفيدا، ثم افترض أن الفيدا كتاب كامل ولا حاجة إلى أي تغيير فيه.وبعد هذا الافتراض جميع الكتب الأخرى الموحى بها افتراء الإنسان والعياذ بالله بينما كان واجبا عليه قبل إثارة هذا الاعتراض أن يُثبت نزول الفيدا في بداية الدهر ويقدم دليلا على كونه من الله.ولكنه لم يقدم أي دليل وما كان قادرا على ذلك أصلا بل لم يأتِ بدليل على وجود 6 إله يقدمه الفيدا، فكيف يثبت صدق الفيدا أصلا؟ ولو افترضنا جدلا أن تاريخ الفيدا يعود إلى بداية الدهر، لما شكل كونه منذ بداية الدهر دليلا على صدقه.ألم يعلم الإنسانُ الافتراء أو الكذب في بداية الدهر؟ وهل اكتشف أسلوب الافتراء فيما بعد فقط؟ بل الحق أنه كما كانت الثعابين والقرود والخنازير موجودة في بداية العصر، كذلك وُجد الناس الأشرار أيضا، وإن كانوا أقل عددا.إضافة إلى ذلك فإن القول بأن التغير في قانون الله محال أما قوانين الناس فتعدّل وتغير بسبب قلة الخبرة وضحالة العلم، فهذا أيضا قول الذين لم يتدبروا قوانين الناس قط.لو قابل المحاضر أحدا من واضعي قوانين الحكومة وسأله إن كان السبب الوحيد وراء سن قانون جديد هو الخطأ في القانون السابق دائما، ثم يتبين بعد التجربة أننا أخطأنا في أمر كذا وكذا، وليس هناك سبب آخر لسنّ
قانون جديد؛ لما تفوه بمثل هذا الكلام السخيف والغبي في جلسة عامة.بل الحق أن أكبر سبب في تعديل القوانين هو التغيرات التي تحدث في ظروف الناس الشخصية وسلوكهم وقواهم الذهنية وأموالهم وأملاكهم وفي أحوالهم الاجتماعية أو عن طريق الحروب.فمثلا كان هناك زمن استخدمت فيه للحروب الأقواس والسهام والسيوف ثم اخترعت في زمن آخر أسلحة أخرى مثل البندقية وغيرها التي عطلت الرماح والأقواس وأوتارها، وتغير قانون الحروب أيضا.كذلك حين يكون البلد في حالة أدنى من حيث عدد سكانها وزراعتها وتجارتها وتكون معظم الأراضي جدباء غير قابلة للزراعة ويكون الناس جاهلين مثل الوحوش ففي هذه الحالة يُسن لهم قانون لين وتُفرض الضرائب الحكومية والضريبة التجارية أيضا بنسبة منخفضة.ولكن عندما تتحسن حالة الأرض بعد مدة من الزمن وتستصلح آلاف الهكتارات من الأرض للزراعة وتتحسن ظروف الناس بوجه عام، كذلك تتحسن ظروف التجارة، عندها تمس الحاجة إلى تعديل القانون وهذا التعديل ليس خاصا بقوانين الدولة فقط بل يكون ضروريا في نظام التعليم أيضا، بمعنى أن الطلاب الذين يجلسون في المرحلة الابتدائية في المدرسة يكونون بحاجة إلى كتب معينة، ثم عندما يبدأون بقراءة الأحرف جيدا يُعطون كتبا أخرى.ثم عندما تتقدم مواهبهم أكثر يُعطون كتبا غيرها تناسب مواهبهم.وفي الأخير يأتي دور الكتاب الأعلى.ولأن الله تعالى لا يريد أن يُحدث فسادا في تعليمه أو يشوهه فهو لا يعطي الناس قانونا إلهاميا قبل الأوان لأن إعطاءهم قانونا بحسب تغيرات لا يعلمونها إلى ذلك الحين إنما هو إدخالهم في ورطة شديدة.كذلك كلما يزور المريض طبيبا تُعدَّل خطة علاجه أيضا بحسب مقتضى الأمر.الوصفة التي يُعطاها المريض نظرا إلى حالته وأعراضه المعينة تُغير عندما
تطرأ عليه حالة غيرها.وحين تطرأ عليه حالة ثالثة توصف له الأدوية بحسب حالته السائدة آنذاك.وإن كتاب الله هو كتاب طب روحاني له علاقة متينة مع طب الأبدان كما قلتُ من قبل.فإذا كانت التغييرات المذكورة ضرورية في طب الأبدان فكيف لا تتحتم في الطب الروحاني؟ والذي يعترض على هذه التغييرات ينبغي أن يفكر إذا مرض وزار طبيبا وأراد الطبيب أن يغير الوصفة نظرا إلى أعراض المرض؛ فهل يجوز له القول: يا أيها الطبيب، إنك أحمق وغبي إذ خطرت ببالك هذه الوصفة الثانية بعد ارتكابك خطأ، لماذا لم تصف هذه الوصفة من قبل؟ إنني أستغرب ما أجهل وما أغبى هؤلاء الناس الذين يجهلون حتى التغيرات التي تلازم فطرة الإنسان كل إنسان يستطيع أن يُدرك أن الناس ظلوا في أزمنة مختلفة يتقلبون تقلبات كبيرة من حيث أخلاقهم وأعمالهم ومعتقداتهم وظروفهم الاجتماعية وتقاليدهم القومية، وكان الله تعالى يرسل دائما كتابا من عنده بحسب تلك التقلبات هل هذه الأمور مما يتعذر فهمه؟ بل الحق أن كثيرا من الناس يعادون الحق لمحض تعنتهم أو شر في نفوسهم.إن عجوزا لا تملك عقلا أو فطنة كبيرة أيضا تغير باستمرار أساليب رعاية ولدها نظرا إلى التغيرات في عمره وفي حالة الطقس فيأتي على الولد زمان لا يقدر فيه على تناول شيء إلا الحليب، ثم يأتي عليه زمن آخر فتبدأ الأم بإعطائه طعاما لينا أيضا.ثم يدخل في مرحلة ثالثة وهي مرحلة الفطام فيُفطم، ويبكي الطفل للحليب ولكن لا يُؤبه به قط.كذلك يُشَقِّ اللباس الذي يُلبسه الطفل في البداية من الأمام والخلف حتى لا يصعب عليه التبول والتبرز.ولكن عندما يكبر قليلا يُخاط ذلك الشق.فعلى هذا المنوال تحدث التغيرات باستمرار.فالفكرة القائلة بأن التعديلات تحدث بسبب عدم العلم فقط تنم عن غباوة شديدة.يجب على المرء أن ينظر بنظر الإمعان والتدبر في أن قانون الطبيعة الذي وضعه الله تعالى
۱۰۳ لخلق رزق الإنسان المادي أيضا مليء بالتغيرات فقد عين ال فصلا لهطول الأمطار وفصلا آخر لسطوع الشمس لأنه لو هطلت الأمطار دائما دون أن تسطع الشمس لانحرفت البذور المزروعة بالماء.وإذا سطعت الشمس دائما و انقطعت الأمطار لاحترقت البذور وعمّت المجاعة.فكروا الآن، هل اعترض عاقل مرة أنه لماذا كل هذه التغيرات في قانون الله المادي الجاري في الطبيعة؟ أفليس الاعتراض في هذه الحال على القانون الروحاني الجاري في الطبيعة غباوة وجهلا بحتا؟ ترون النهار ساطعا أحيانا وترون الليل سادلا أستاره أحيانا أخرى والليل أيضا قسمان: ليل مقمر وليل مظلم.كذلك في أثناء النهار أيضا يأتي وقت الصباح والظهيرة والمساء، ويحل الصيف تارة ويحل الشتاء تارة أخرى.فعلى هذا المنوال تحدث آلاف التغيرات في قانون الله المادي باستمرار، فأية قيامة قامت إذا وضع الله تعالى بعض التغيرات في قانونه الروحاني؟ بل الكتاب الموحى به الذي لا يطابق قانون الله تعالى المادي لا يمكن أن يكون من الله تعالى.فملخص الكلام لا بد من الانتباه إلى أنه ليس السبب الوحيد وراء التعديل في القانون حدوث الخطأ والتقصير فقط، بل هناك سبب آخر أيضا وهو التغير في ظروف الإنسان لأن الإنسان في طور التغيّر والتبدّل دائما من حيث وضعه بالله المادي الروحاني.ولأن الكمال التام الذي لا يحتاج إلى تغير مترقب خاص ! تعالى وحده.أما الإنسان فيبلغ إلى كماله رويدا رويدا، لذا لا مندوحة له من التعرّض للتغيّر ،والتبدل، وكما أن الإنسان في طور التغير والتبدل من حيث طبيعته منذ بداية خلقه إلى النهاية وتطرأ عليه مئات التغيرات منذ ولادته إلى نهاية عمره كذلك إن البشرية عرضة للتغير والتبدل منذ بداية زمنها إلى آخره.فمثلا كانت الهندوسية في زمن الوحشية بحاجة إلى "النيوك" من أجل زيادة
أحد النسل، وكان هندوسي يجعل زوجته بكل سرور تضاجع شخصا آخر.أما في العصر الراهن فيوجد آلاف من الهندوس الغيورين بحيث إذا طلب منهم البراهمة الراغب في "النيوك"، مثل ديانند، أن يمارس "النيوك" مع زوجته فقد يقتلونه.الله ثم قال المحاضر بأنه لا يمكن أن تتعارض القوانين المعروفة مع القوانين غير المعروفة.ويقصد من ذلك أن قوانين الله تعالى معروفة كلها.أقول: ما يدعو إلى البحث والتحقيق هو: هل هذا الجهل والحمق شائع في قوم آريا كلهم أم هذا قولُ المحاضر فقط؟ فليكن واضحا أن كبار الفلاسفة الذين خلوا في هذه الدنيا قد أقروا أن علم الإنسان لا يساوي علم اللانهائي حتى بقدر بلّة تبقى على رأس إبرة تُغمس في البحر وتُنزَع منه.يقول العارفون الحقيقيون بأنه ما دام تحديد قوانين الله تعالى مستحيلا قطعا، لذا فإن تحديد المرء أمرا قبل تحديده هو بمنزلة جمعه إقرارين متناقضين في كلامه إن علوم الإنسان التي تتبع عقله تُعلم بواسطة الحواس الخمس الظاهرية أو الحواس الخمس الباطنية فقط.وهذه الأدوات لمعرفة القوانين السائدة في الطبيعة محدودة بحد ذاتها.والمعلوم أن معرفة شيء غير محدودٍ بواسطة المحدود مستحيل، لذا فالقوانين التي نحسبها معلومة قد لا تكون معلومة على وجه كامل لأن نظام القدرة يصل إلى ما وراء الوراء.والإنسان يحسب البحر كماء قليل لديه مثلما يحسب الضفدع المحصور في بئر.والمعلوم أيضا أن تحقيقات الناس تتغير باستمرار بين فينة وفينة.فمثلا إن مئات الأسرار التي اكتشفت الآن بواسطة علوم الطبيعة وعلم الفلك الحديثة لم يكن لها أدنى أثر من قبل.من الواضح أن الأمور التي حسبوها قانون الطبيعة صارت الآن مدعاة للضحك في العصر الراهن.ومن الممكن أن يأتي مستقبلا زمن آخر يُبطل البحوث الطبيعية والفلكية الحالية بواسطة البحوث الجديدة.
0.1 مكانها باختصار، إن قانون الطبيعة كما يحسبه الإنسان تلة رمل تنتقل من نتيجة رياح عاتية.لقد ذكرنا إلى الآن تقدم العلوم الظاهرية والتجربة الظاهرية فقط، وهناك أمور روحانية أخرى تتشتت مقابلها لحمة القانون الطبيعي وسداه.فمثلا إن أسباب النوم مادية فقط بحسب البحوث الطبية، وإذا تضاءلت تلك الأسباب قلّل النوم، ولإعادته إلى طبيعته تُستعمل بعض الأشياء المرطبة والمسكنة للدماغ مثل البروميد وزيت الخشخاش وزيت بذور اليقطين وزيت اللوز وغيرها.أما النوم والنعاس الذي يتمكن من الإنسان عند المكالمة الإلهية وينـــزل فيه كلام الله تعالى على الإنسان فهو خارج عن سيطرة الأسباب المادية وتأثيرها تماما.وفي هذا المقام تبطل جميع الأسباب الطبيعية وتتعطل نهائيا.فمثلا الإنسان الصادق الذي له علاقة الحب والإخلاص مع الله تعالى في الحقيقة، عندما يسأل ربّه الكريم حاجةً متأثرا بحماس تلك العلاقة يغلبه النعاس بغتة وهو في حالة الدعاء ويستفيق دفعة واحدة وإذ به قد تلقى جوابا على سؤلته أثناء النعاس بكلمات فصيحة وبليغة تضم في طياتها الشوكة والمتعة وتتراءى فيها القوة الإلهية لامعة وتنغرس في القلب مثل وتد حديدي، وتشتمل معظم تلك الإلهامات على الغيب.وفي كثير من الأحيان حين يريد ذلك العبد الصادق أن يقول شيئا آخر حول سؤاله السابق أو يطرح سؤالا جديدا يتمكن منه النعاس مرة أخرى ثم ينقشع في ثانية واحدة أو في أقل منها.ويخرج منه كلام طاهر كما يخرج لبّ الفاكهة من قشرها ويكون ممتعا وذا شوكة عظيمة.كذلك إن الله الكريم والرحيم والأعلى أخلاقا من الجميع يرد على كل سؤال ولا يُظهر كراهية ولا مللا في الرد، ولو طُرح السؤال ستين أو سبعين أو مئة مرة يرد عليه بالأسلوب والطريقة نفسها بمعنى أن نعاسا خفيفا يغلبه عند كل سؤال، وفي بعض الأحيان يطرأ عليه نعاس شديد أو يغيب عن الحس وكأن غشية قد
من أصابته.وفي معظم الأمور العظيمة يكون الوحي من هذا النوع.وهذا القسم من الوحي هو أعلى وأفضل من جميع أنواع الوحي.فالنعاس الذي يغلب في كل لحظة وثانية في هذه الظروف عند السؤال والدعاء وينزل في أثنائه وحي الله تعالى، ويفوق هذا الأسلوب من النعاس الأسباب المادية، يمزق إربا قانون الطبيعة الذي يفهمه علماء الطبيعة عن النوم.كذلك هناك مئات الأمور الروحانية التي تظهر أفكار الفلاسفة الظاهرية سخيفةً وحقيرة.ففى كثير من الأحيان يرى الإنسان في حالة الكشف أشياء كأنها أمام عينيه ولكنها بعيدة آلاف الأميال.وفي كثير من الأوقات يقابل في اليقظة تماما أرواح أناس ميتين.قولوا الآن بالله عليكم أين نجد هذه الأمور في قانون الطبيعة الذي يتمسك به العقلاء الظاهريون المحصورةُ عقولهم في قوانين العلوم الطبيعية والطبية فقط الله ولا يفهمون هذه الأمور الروحانية؟ فيكذبونها ظلما منهم فقط ويظنون أنهم ردوا ردا مقنعا.إذًا، قانون الطبيعة الذي يقدمونه نسبته مع قانون الجاري في الطبيعة كنسبة جزء بالألف من قطرة ماء واحدة مع البحر يقول بعض ء، الجاهلين لجهلهم قانون الله الروحاني السائد في الطبيعة بأن الإلهام ليس بشيء وليس حقيقته أكثر من أن دماغ الإنسان مخلوق على هذا النحو بحيث يرى الرؤى أو يتلقى الإلهام، وهذا ليس بأمر عجيب بل يشترك فيه العالم كله.ويقصدون من ذلك أن يحطوا من شأن إلهام الله ووحيه ويجعلوهما أمرا عاديا من طبيعة الإنسان بوجه عام ولكن من المعلوم أن البصاق على الشمس لا يمكن أن يقلل من ضوئها.صحيح تماما، ولا يمكن إنكاره، أن في كثير من الأحيان يرى الناس رؤى من الدرجة الدنيا جدا ويتلقون إلهاما أيضا ولكن لا تكون تلك الرؤى أو الإلهامات نتيجة التقوى أو تزكية النفس ولا تحتوي على أمر خارق للعادة ولا تكون تلك الإلهامات من النوع الذي يُكرم متلقوها دفعة
۱۰۷ واحدة بسلسلة طويلة من الوحى كإجابة بعد الدعاء.ولا تتضمن تلك الإلهامات نبوءات يميز بسببها أصحابها في الدنيا بصورة بينة، أي بنبوءات تتحقق بعد الدعاء في أمور مهمة لتظهر قبول هؤلاء الملهمين عند الله، وتُرسَّخ عظمة تلك النبوءات وهيبتها في القلوب.باختصار، إذا كان أحد مطلعا على قانون الله السائد في الطبيعة فهم أولئك الذين لهم نصيب كامل في الأمور الروحانية إضافة إلى العلوم الظاهرية.والذي لم ير شيئا من ذاك العالم لم ير من قانون الطبيعة شيئا.إضافة إلى ذلك إن ادّعاء المحاضر بأن الفيدا وحده يطابق قانون الطبيعة، والكتبُ الأخرى كلها تعارض قانون الطبيعة ليس إلا ادعاء محضا.إذا كان المحاضر يعُدّ الفيدا صادقا فعلا ويرى أن القرآن الكريم يعارض الحق ويتنافى مع قانون الطبيعة فمن واجبه أن يقدم قائمتين منفصلتين ويبين في إحداهما أن تعاليم الفيدا ومعتقداته كافة توافق قانون الطبيعة ويثبت في الثانية أن تعاليم القرآن الكريم ومعتقداته كلها أو بعضها تعارض قانون الطبيعة.أما أنا فقد كتبت نماذج من الفيدا في هذا الكتاب بكثرة ويمكن للباحث عن الحق أن يتبين من ذلك إلى أي مدى يطابق الفيدا قانون الطبيعة.كان الأحرى بمؤيدي الفيدا ألا يخوضوا في هذا النقاش بل يلزموا الصمت فلا يفضحوا أمر فيداهم الحالي بلا جدوى الفلسفة والعلوم الطبيعية التي بينها الفيدا تتلخص في أنه يعد إله الهندوس ابن الإنسان ويقول بأن إله الآريين "إندر" هو ابن كشليا، وأن العناصر والأجرام السماوية كلها آلهة ويعلّم أيضا أن يُطلب تحقيق المرادات من كل هذه الأشياء.وكذلك هذا التعليم السيئ والمخجل جدا القائل بأن الإله تحت السرة بقدر عشرة أصابع فليفهم (الفاهمون)، لا نقول بأن الفيدا كان هكذا في زمن من الأزمان.بل نرى أنه كتاب محرف ومبدل من حيث
الكلمات ومن حيث المعنى أيضا.ومن الممكن أيضا عندنا بل الأغلب أنه قد يكون هناك كتاب من الله ثم أنقص منه وأضيف إليه وحرفت صورته.ولا شك أن الفيدا الحالي كتاب مضل لا يُعثر فيه على الإله، ويوجد فيه تعليم عبادة المخلوقات إلى درجة وكأنه معرض تجاري تُعبد فيه المخلوقات.كلما أهاجم الفيدا وأقدم أدلة على تكذيبه، فإنما أقصد منه الفيدا الحالي المحرّف والمبدل تماما وليس الفيدا الأصلي الذي نزل من الله تعالى في زمن من الأزمان.نحن نؤمن بجميع كتب الله وكذلك بالفيدا الذي يكون قد نزل في زمن من الأزمان على نبي في الهند ولكن لا يسعنا القول عن الفيدا الحالي أكثر من أنه بقدر ما انتشرت الفِرق الضالة في هذا البلد التي تعبد المخلوق، فهذا كله ببركة الفيدا فقط.و"النيوك" هو أفضل نموذج لكل ما علمه الفيدا عن طهارة الإنسان.ومن بركات النيوك أنه يتعذر في قوم الآريين التمييز بين من هو من نطفة والده الحقيقي ومن منهم جاءوا إلى حيز الوجود ببركة ممارس النيوك وولدوا بطريق النيوك الجدير بالاستحسان؛ لأنه إذا كان "النيوك" معمولا به منذ مئات آلاف السنين فمن الواضح أنه ولو اعتبرنا عدد الأطفال المولودين واسطة النيوك قليلا جدا أيضا فلا بد أن يكون نصفهم أولاد النيوك حتما.إذا كانت هذه هي معرفة الفيدا فلا مجال لأحد أن ينبس تجاهها ببنت شفة.لقد تذكرت بالمناسبة نموذجا آخر لقانون الطبيعة المذكور في الفيدا وهو أن الباندیت دیانند الذي تفسيره للفيدا محل ثقة كبيرة لدى الآريين يقول في كتابه ستيارته "بركاش ما مفاده كلما تخرج روح من الجسم تحلق في السماء حتى تهبط أخيرا على الخضروات أو الكلأ بصورة الندى فيأكلها رجل ويضاجع المرأة فيولد ولد.ولكن الفيدا لم يدرك أنه لا بد من القبول في هذه الحالة أن تسقط على الخضروات أو الكلاً متجزئة إلى جزأين لأن ولد الإنسان لا الروح
يو ولد بنطفة الرجل فقط بل تشاركها نطفة المرأة أيضا.والدليل على ذلك أن المولود ينال نصيبا من أخلاق الأب وصورته ونصيبا من أمه أيضا.فواها لقانون الفيدا الذي لا يعرف أن المولود يولد باشتراك النطفتين، ويعتقد أن الروح يمكن أن تتجزأ إلى جزأين! ثم بين المحاضر بأن إله الفيدا لا يمكر، ولا يجلس على الكرسي، ولا يكذب.فليكن واضحا أن هذا الغبي حاول أن يصول على القرآن الكريم من خلال بيانه تلك الصفات المذكورة في الفيدا بحسب زعمه.ويقصد من بيان ذلك كأن القرآن الكريم ينسب إلى الله تعالى صفات لا تليق بشأنه.ولكن الحق أنه لا يوجد في العصر الراهن على وجه الأرض كتاب يُعَدّ موحى به سوى القرآن الكريم ويعدّ الله تعالى متصفا بجميع الصفات الكاملة ونزيها من كافة العيوب أن القرآن الكريم عدّ من صفات الله المكر أيضا الذي لا والنقائص.صحيح مع ذاته القدوس، ولا يوجد فيه شيء يعارض قدوسيته وذاته البريء من يتنافى كل عيب ونقيصة.هذا هو المكر الذي يشهد عليه قانون الله السائد في الطبيعة وملحوظ في سنة الله القديمة، ويسمى مكر الله ويُطلق على فعله تعالى الذي يجعل مكايد الشرير وخططه سببا لعقوبته.هذا هو مكر الله بحسب القرآن الكريم الذي يظهر مغبةً لمكر الماكرين كما يقول الله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.أي نسج الكفار مكرا سيئا إذ أخرجوا رسول الله ﷺ مكة المعظمة، ومكر الله مقابلهم مكرا حسنا فجعل إخراجهم هذا سببا لانتصار الرسول الا الله وازدهاره.فهنا سمى الله تعالى نفسه خير الماكرين أي الذي يمكر مكرا حسنا وليس مكرا سيئا، وعدّ مكر الكافرين مكرا سيئا.فيتضح من من ١ آل عمران: ٥٥
۱۱ ذلك بجلاء أن الله تعالى قسم المكر على قسمين: المكر السيئ والمكر الحسن، وأدخل المكر الحسن في صفاته وعد المكر السيئ من عادات الكفار والأشرار.فيا أولاد الهندوس الذين شتموا رسول الله المقدس وكتابه المقدس بمحض خبث طويتهم، أخبرونا بشيء من الحياء ما الذي يحط من شأن الله تعالى في الله في هذا المكر؟ وأية صفة من صفاته تعالى يخالف هذا المكر.ألا يشهد قانون الطبيعة أن من سنن الله تعالى لإهلاك الأشرار الذين لا يكادون يرتدعون عن المكر السيئ أنه عندما يحفر شخص وقح حفرة لشخص نبيل يُسقط الله تعالى فيها الحافر نفسه وبيده هو.والأسلوب نفسه جار في الناس أيضا أنهم يعاملون الماكر بمكر آخر مقابله.فمثلا عندما يُلحق اللصوص والنهابُ برعية حكومة أضرارا بمكايدهم الدقيقة ومكرهم تضطر الشرطة أيضا إلى المكر من أجل القبض عليهم.والفرق هو أن مكر اللصوص مكرّ سيى يهدف إلى الإضرار بالخلق، ومكرُ ضباط الشرطة مكر حسن يهدف إلى إنقاذ رعية الحكومة من ضرر اللصوص الأشرار.كذلك قام بعض الآريين الوقحين قبل بضعة أيام بمكر دقيق جدا مقابل هذه الحكومة السنيّة، ولو انطلى ذلك المكر على الحكومة لوقعت في ورطة كبيرة، ولربما كانت النتيجة أسوأ مما حدث في عام ١٨٥٧م.ولكن الله تعالى أنعم على الحكومة وتمكنت من الوصول إلى كنه هذا المكر السيئ، فمكر موظفوها الموهوبون مكرا خيرا مقابل مكر الآريين السيئ لإلقاء القبض عليهم.أي اعتقلوا زعماءهم بكل حذر وهدوء وبطشوا بهم بحكمة إذ لم يستطع الآريون أن يثيروا أي شغب أو ضجة، فأودعوا بعضهم السجون في هذا البلد وزجوا ببعض آخرين في سجن قلعة "ماندلي".وهكذا نجحت الحكومة في مكرها الحسن وخاب الآريون الأشرار في مكرهم السيئ وجلبوا على أنفسهم دمارا أبديا.
۱۱۱ قولوا الآن هل ترون مكر الحكومة هذا محل اعتراض أم تعدّونه عملا مُرضيا؟ وإن كنتم لا ترونه عملا مرضيا فما زلتم بحاجة إلى الإصلاح.أما إن كنتم ترونه أمرا مرضيا فعليكم الأسف ألف مرة! إذ تعترضون على الملكوت السماوي لأنكم تظنون أن الله تعالى بطيء في البطش، ولا تعترضون على مكر الحكومة لأنكم تعرفون أن هذا الاعتراض ليس في صالحكم.فاعلموا يقينا أن المكر الحسن ليس مدعاة للاعتراض على الله ولا على حكومة من الحكومات.من الأنسب أن تتخلوا قليلا عن الفيدا الذي يضلكم وتستخدموا العقل فقط و تفكروا مليا، ألا يوجد مثل هذا المكر في قانون الله السائد في الطبيعة؟ ألا يجعل مكايد الأشرار السيئة ومكرهم الدقيق سببا لهلاكهم أنفسهم؟ وعندما يريد شخص خبيث وصاحب مكر سيئ أن يهلك بمكره الدقيق شخصا نبيلا بغير حق، أفليس من سنة الله في هذه الحالة أنه ينفخ شيئا في قلب ذلك المظلوم أو الحكومة التي تحتل كرسي العدل، أو يخلق وعمل شهادة خافية يُبطش بناء عليها بصاحب المكر السيئ وتُبرَّأ ساحة المظلوم المسكين من التهمة؟ إن أنواع مكر الله الحسن تتراءى كل يوم بواسطة المحاكم وتفضح مكايد الأشرار والمكارين المتراكمة ولا تخفى على أحد، ولكن بم نعالج العمهين؟ والحق أن هذا المعترض الجاهل قد مكر بنفسه مكرا سيئا ليجعل مكر الله الحسن عرضة للاعتراض وأراد أن يخدع الناس باعتباره نوعين من المكر مكرا واحدا.لقد بينت بما فيه الكفاية عن المكر في بيان أعلاه والاعتراض الآخر الذي أثاره المعترض هو قوله: ذكر في القرآن الكريم جلوس الله على الكرسي'.الآية عن كرسي الله تعالى هي: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ (البقرة (٢٥٦) أي أن الله تعالى لا يتعب بحمل السماوات والأرض اللتان يسعهما كرسيه، وهو العلي، لا يصل كنهه عقل، وهو العظيم فكل شيء أمام
الله على فليتضح أنه لم يُذكر في القرآن الكريم كما قال المعترض، غير أن استواء العرش مذكور، يقول الله جل شأنه في القرآن الكريم: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ أَي خلق الله تعالى أولا الأجرام السماوية والأرضية كلها في ستة أيام المراد من ستة أيام هو زمن طويل ثم استوى على العرش أي استقرّ على مقام التنزه.اعلموا أن المصدر "استواء" عندما يُستعمل مع حرف الجر "على" يفيد استقرار الشيء على مقام يناسبه تماما، كذلك هناك آية أخرى في القرآن الكريم: ﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِي أي استقرت سفينة نوح بعد الطوفان على مقام كان يناسبها من حيث النزول على الأرض.فمن هذا المنطلق أختيرت كلمة "الاستواء" بحق الله، أي استوى الله تعالى على مقام هو وراء الوراء ومناسب تماما لتنزهه وقدسيته.ولأن مقام التنزه والقدسية يقتضي فناء كل شيء سوى الله تعالى، ذلك إشارة إلى أنه كما أن الله تعالى يخلق الخلق بمقتضى صفة خالقيته، ففي كذلك يمحو أيضا آثار وجودهم كلها بمقتضى تنزهه ووحدانيته.الله إذًا، فالاستواء على العرش إشارة إلى مقام التنزه حتى لا يتم الخلط بين وخلقه.فأنى يثبت أن الله محدود وكالمقيدين على العرش أي في ذلك المقام وراء الوراء؟ لقد ذُكر في القرآن الكريم بكثرة أنه حاضر وموجود في كل نبيه الا الله مكان كما يقول: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ويقول أيضا في القرآن الكريم: عظمته تافه.هذا هو ذكر الكرسي وهو استعارة فقط أُريد بها البيان أن السماوات والأرض تحت تصرف الله، ومقامه أبعد منها جميعا ولا تحدّ عظمته حدود.منه.' الأعراف : ٥٥ : هود: ٤٥ الحديد: ٥
۱۱۳ هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ.أي هو ل موجود قبل كل شيء آخر، ومع كونه الأول هو الآخر أيضا.وهو أظهر من كل شيء آخر ومع كونه الأظهر فهو أخفى من الجميع أيضا.ثم قال: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.أي أن نوره يسطع في كل شيء سواء أكان في السماء أم في الأرض.ثم أيضا: وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا " كذلك قال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ ) إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).وقال: اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ أَي هو روح كل نفس وسند كل وجود والمعنى الحرفي لهذه الآية.هو أن الله هو الإله الحي والقائم بذاته وحده.فلما كان هو الحي الوحيد وهو الوحيد القائم بذاته فتبين من ذلك بوضوح أن كل ما يتراءى عداه فهو حي بسبب حياته ، وكل من هو قائم في الأرض أو في السماوات فهو قائم بسببه.كذلك قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَةٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَه.وقال أيضا: مَا يَكُونُ مِنْ نَحْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ.كذلك قيل في آيات كثيرة في القرآن الكريم بأن الله تعالى موجود في كل مكان إلى درجة أنه روح كل نفس.لقد قلت من قبل بأنه لو أنهى الله تعالى مسألة معرفة الله على نقطة واحدة أنه ول ليس منفصلا عن الخلق لبدأت عبادة المخلوق في المسلمين أيضا کالهندوس، لأنه لن يبقى في هذه الحالة ما يميز بين ا الله وخلقه.7 V الحديد: ٤ النور: ٣٦ النساء: ۱۲۷ ق: ۱۷ البقرة: ٢٥٦ الزخرف: ٨٥ المجادلة: ۸
118 لهذا السبب بدأت عبادة المخلوق أخيرا بواسطة الفيدا لأنه قد ذُكرت النار والهواء والشمس والقمر كآلهة في كل مكان حتى اتخذ الناس هذه الأشياء آلهة في نهاية المطاف.ولو افترضنا جدلا أنه إذا كانت النار وغيرها هي أسماء الآلهة، ولكن مع ذلك لم يُذكر في الفيدا بوجه خاص اسم الله الأعظم، وأنه في مقام هو وراء الوراء بالنسبة إلى المخلوقات كلها وهو أعلى وأسمى من الخلق كله لهذا السبب نشأت كل هذه المذاهب الباطلة بواسطة الفيدا.والحق أن الفيدا يجر إلى عبادة الخلق في كل خطوة، ويعتبر الإله محدودا.فقد ورد في "يجر فيدا" فصل ۳۱ فقرة ۱۹ ما مفاده أن الإله يبقى في الحمل يأخذ أشكالا وصورا مختلفة بعد التولد ويرى الناس الأفاضل الإله في الرحم من كل طرف.انظروا الآن كيف جعل الفيدا الإله محدودًا بحيث أعطاه اسم كل شيء محدود.وبحسب "رج فيدا" إن الشمس والنار والهواء كلها آلهة.وقيل أيضا بأن الإله يعيش في الرحم، وكذلك في غطاء الشمس الذهبي كما يتبين من "ايش ابنشد" في "يجر فيدا" فقرة ١٥، ١٦.كذلك هو موجود تحت السرة بعشرة أصابع وبذلك راجت في الهندوس عبادة قضيب الرجل.لو كتب الفيدا بعضا من صفات الله التنزيهية أيضا مثل القرآن الكريم ولم يقتصر على الصفات التشبيهية فقط لما نشأ بواسطته طوفان عبادة المخلوق لهذا السبب نجد القرآن الكريم مترها عن كل نوع من الخداع إذ قد بين صفات الله تعالى بحيث تبقى وحدانية الله تعالى نزيهة من شوائب الشرك كليا، لأنه بين أولا صفات الله تثبت كيفية قربه من الإنسان وكيف ينال الإنسان نصيبا من أخلاقه عل.هذه الصفات تسمى صفات تشبيهية.ولكن لما كان هناك خطر أن يُعَد ، الله بالنظر إلى صفات تشبيهية أو يُشَبَّه بالمخلوقات ؛ بين الله تعالى لدرء هذه الأوهام صفته الأخرى أي صفة الاستواء على العرش التي تعني أن الله أعلى وأرفع من التي محدودا
كل المخلوقات ولا يشبهه شيء ولا يشاركه في صفاته شيء، وبذلك ثبتت وحدانية الله تعالى بوج جه كامل.ثم بين المحاضر صفة ثالثة لإله الفيدا، وهي أن الإله الذي أنزل الفيدا لا يكذب.ولكن لا نعلم ماذا يقصد من قوله هذا، فهل يكذب الإله أيضا؟ لعله بكلامه هذا على بعض أقوال الفيدا.فعندما أمعنت النظر في يقصد أن يستر يسع أحدا الفيدا بعد قوله هذا تبين لنا أن إله الفيدا قد كذب في مواضع عديدة.فمن كذبات الفيدا الصريحة ما كتبه البانديت ديانند في كتابه "ستيارته بركاش" أنه عندما تخرج الروح من الجسد تصل إلى السماء ثم تسقط على الخضروات والكلأ ليلا كالندى، فيأكلها أحد وتدخل الروح نفسها في المرأة بصورة النطفة فيتولد الولد.قولوا الآن بالله عليكم، أي كذب أكبر من هذا إذ قد عدّ الروح كيانا ماديا.وإذا كان صحيحا أن الروح تسقط على الخضروات أو الكلأ بصورة الندى فهذا يستلزم أنها تسقط متجزئة إلى جزأين لأنه لا الإنكار أن المولود ينال بعض الأخلاق الروحانية من الأب وبعضها من الأم كما تكون صورته الجسدية أيضا مشتركة بين الأبوين ولكن إذا كان أب أحد الأولاد يسكن في لاهور على سبيل المثال وأمه في كالكوتا فاجتمعا صدفة في مكان بواسطة القطار وجامعها واستقر الحمل نتيجة ذلك، وطعام النطفة قد أكله شخص في لاهور لكونه يسكن هناك والمرأة أكلته في كالكوتا، فذلك يستلزم طبعا أن تلك الروح قد سقطت على كلأ أو عشب متجزأة إلى جزأين أي سقط جزء منها في لاهور وجزء آخر في كالكوتا لأنه كما بينت من قبل أن الطفل يستمد صفاته الروحانية من الرجل والمرأة على السواء.وهذا يدل على أن الروح سقطت منقسمة إلى قسمين وهذا باطل، فثبت من ذلك أن سقوط الروح كالندى أيضا باطل وكذب.
١١٦ فليكن واضحا أن هذه القضية من الفيدا تكفي وحدها لإثبات كذب الفيدا كله لأن مدار الفيدا الموجود حاليا كله على التناسخ فقط، ولا بد من الاعتراف نتيجة التناسخ نفسه أن كافة الدواب والطيور والسباع والحشرات والديدان في العالم هي أناس في الحقيقة.كذلك لا بد من الاعتراف من منطلق التناسخ نفسه أن النجاة الأبدية مستحيلة، وأنه لا تُقبل توبة أحد ولا بد من الاعتقاد كذلك من منطلق التناسخ أن الذنوب لا تُغفَر وأن الله تعالى لم يخلق الأرواح بل هي قديمة وأزلية مثل الله تعالى تماما.باختصار، إن قضية التناسخ ملخص الفيدا كله وعماده الذي تقوم عليه معتقدات الفيدا ،كلها وبانكسار هذا العمود تتمزّق جميع مبادئ الفيدا تلقائيا.والتناسخ الذي هو أصل مبدأ الولادات المتكررة لا يقوم إلا إذا ثبت بحسب قول ديانند أن الروح تخرج من الجسد وتعرج إلى السماء ثم تهبط على الكلأ والأعشاب بصورة الندى ولكن كما قلت آنفا إن هذا مستحيل كليا لأنه يستلزم أن تهبط الروح منقسمة إلى قسمين.وإضافة إلى ذلك هناك دليل قوي آخر على أنه كما أن سقوط الروح على هو هذا النحو يستلزم المحال لأنه يستلزم سقوطها منقسمة إلى قسمين، كذلك يستلزم المحال بحيث إنه يعارض الأحداث الثابتة أيضا لأنها تشهد شهادة قطعية ويقينية بأن نطفة الرجل والمرأة قادرة على خلق الروح دون أن تسقط روح من جو السماء كالندى.وحين تمتزج نطفة الرجل والمرأة تتقوى تلك القدرة كثيرا وتظل تتقوى شيئا فشيئا، وعند اكتمال جاهزية قالب الجنين تتولّد الروح في القالب نفسه بأمر الله وقدرته.هذه هي الأحداث المشهودة والمحسوسة.وهذا ما نسميه الخلق من العدم لأننا لا نستطيع القول بأن الروح جسم أو شيء مادي.ونرى أيضا أن الروح تُخلق من المادة نفسها التي تتخذ شكل قالب شيئا
۱۱۷ فشيئا في رحم الأم بعد اجتماع النطفتين وليس ضروريا لهذه المادة أن تهبط الروح على نوع الخضروات أو الكلأ كالندى وتتولد منها نطفة الروح بل يمكن أن تتكون تلك المادة من اللحم أيضا سواء أكان لحم شاة أو سمك أو كان طينا تحت طبقات الأرض العميقة التي تتولد فيها الضفادع والحشرات الأخرى.ولكن لا شك أنه سر من أسرار قدرة الله أنه يخلق في الجسم شيئا ليس جسما ولا مادة.إذًا، الأحداث الموجودة والمشهودة تُظهر أن الروح لا تهبط من السماء، بل هي روح جديدة تتولد بقدرة الله القادر من نطفة مركبة، كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، أَي عندما يتكوّن قالب الإنسان في الرحم نُكمله بخلق جديد، بمعنى أننا نخلق الروح من داخل المادة التي تكون بها القالب.ثم يقول الله جل شأنه في سورة الدهر في الجزء ۲۹: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاج.أي نخلق الإنسان نطفة مختلطة أي من نطفة الرجل والمرأة.فكما قال الله تعالى في هذه الآيات كذلك تشهد ملاحظات عشرات ملايين الناس أن الروح تخلق بهذه الطريقة.وما دامت النطفة تتخلق من اللحم فقط أيضا ثم يتولد منها أولاد، فهل لنا أن نظن أن الروح تهبط على الشاة أيضا مثلا وتقتحم جلدها ثم تمتزج في لحمها، ثم تدخل في قطعة لحم معينة وتتغلغل فيها.ثم تتجزأ تلك اللحمة في جزأين ويأكل الرجل أحدهما وتأكل المرأة القطعة الثانية مهما كانت المرأة تسكن بعيدة عن الرجل وكانت لا تأكل اللحم أصلا.وهل لنا أن نزعم أن السباع التي تأكل اللحم فقط مثل الأسد والنمر والذئب تهبط روح خلقها كالندى على جلد المؤمنون: ١٥ الإنسان: ٣
۱۱۸ روح الدواب مثل الشياه والأبقار وغيرها من الحيوانات؟ وهل يمكن الظن أن الأسماك التي في الماء وغيرها من الحيوانات التي تعيش تحت الماء دائما تهبط روحها على الماء كالندى؟ والأجدر بالتدبر هي الحشرات والديدان التي تخرج من تحت طبقات الأرض العميقة بحفرها إلى عشرين أو ثلاثين ذراعا، كذلك الديدان الصغيرة التي تخرج من ماء البئر المحفورة حديثا، وتوجد آلاف منها في قطرة واحدة من الماء من أين وكيف تدخلها الروح الهابطة كالندى؟ لو جُنّ جنون أحد أو فقد صوابه واختلت حواسه نهائيا نتيجة العناد الديني فهذا أمر آخر وإلا يضطر المرء إلى الاعتراف نتيجة كل هذه الأمثلة المذكورة هنا أن اعتقاد الآريين أن الروح تهبط من السماء على الخضروات والكلأ كالندى باطل تماما.فمثلا لو أخذتم في يدكم حليبا موشكا على الفساد ثم تأملتم فيه جيدا لرأيتم أن آلاف الديدان تتكون فيه أثناء رؤيتكم.كذلك إذا طبخ الحمص المجروش جيدا أو شيء آخر من هذا القبيل وماتت الحشرات التي كانت فيه، ثم يصبح هذا الطبيخ بائنا ونتنا تتولد فيه آلاف الحشرات من جديد.فهذه وقفة تأملية لكل عاقل أنه إذا كان ضروريا لدخول الروح في مادة ما عندما هذه أن تهبط الروح على الخضروات أو الكلأ مثل الندى، فكيف تصح القاعدة؟ والذين يعتنقون اعتقادا أن الخلق من العدم مستحيل ولا يمكن أن تعود الروح إلى الجسد بعد خروجها منه مرة، يجب عليهم أن يثبتوا كيف وبأي طريق تدخل من الخارج؟ ولا يسعهم أن يتحاشوا هذه المؤاخذة ولا يمكن لهم أن يتهربوا من مسؤولية إثبات ذلك ما لم يثبتوا لنا أنه كما تخرج الروح من جسم الإنسان ولا يشك ولا يختلف أحد في خروجها فكيف وبأي طريق تعود بعد ذلك؟ ولا تقع علينا مسؤولية أن تثبت كيف تُخلق الروح لأننا نُري التخليق عيانا، ونقدم آلاف الأمثلة على ذلك كما كتبت آنفا.ولكن معارضينا
۱۱۹ من الآريين الذين يعيدون الروح الأولى نفسها مرة أخرى عليهم تقع المسؤولية ليرونا طريق عودتها.وإن أقروا أن البانديت ديانند كذب وأخطأ في ذلك، فلا يمكنهم الخلاص بهذا الإقرار فقط بل يجب عليهم أن يُثبتوا لنا طريق عودة الروح وإلا يجب أن يفكروا بشيء من الحياء بأني أُثبت لهم أن الروح تُخلق ولكنهم لا يستطيعون أن يثبتوا أنها تأتي من الخارج.فبسبب هذا المعتقد وحده يصبح الفيدا كله جديرا بالرفض.أتذكر أنه قد اتفق لي ذات مرة أنني حُضتُ في مناظرة في مدينة "هوشيار بور" مع أحد الآريين اسمه "مرليدَهر" فقلتُ له بأن قول ديانند بأن الروح تهبط على الخضروات والكلاً كالندى ويأكلها أحد فتدخل في الإنسان مع تلك الخضروات وبسببها يتولد الولد، قول باطل تماما، ويستلزم انقسام الروح إلى قسمين.وأشرت في بياني إلى كتاب ديانند الذي اسمه "ستيارته بركاش".فأحضر "مرليدهر" كتاب ستيارته بركاش وقال: أين مكتوب فيه هذا الكلام؟ فخطر ببالي أن هذا الشخص احتال حيلة ما حتما إذ يقدم هذا الكتاب.فقلت له بأني لا أستطيع قراءة اللغة السنسكريتية لذا سوف أبحث عن هذا الموقع فيما بعد وسأسجله في كتابي.ثم عدتُ إلى قاديان وبعثت برسالة إلى أحد الآريين من البراهمة اسمه "نوبين شندر" وكان ذو طبيعة طيبة وغير متعصب، فسألته هل لك أن تخبرني أين يوجد هذا المضمون في ستيارته برکاش؟ فجاء الجواب منه بأن هذا المضمون موجود في ستيارته بركاش ولكن الآريين متحذلقون ومفترون جدا فقد أتلفوا الكتاب الأول الذي كان فيه هذا المضمون وطبعوا كتابا جديدا وشطبوا منه هذا المضمون.وقال أيضا في رسالته بأن الكتاب الأول موجود عندي ولكني مسافر الآن إلى لاهور وقد أرجعتُ الكتب كلها إلى وطني.ولكني أعدك بأن أنقل ذلك الموضع من
۱۲۰ مع ستيارته بركاش وأرسله لك في غضون عشرين يوما.فأرسل لي نسخة ذلك الموضع بحسب وعده ونقلتها في كتابي "كحل لعيون الآريا".ولكني أقول الآن أن الآريين شطبوا تلك العبارة من ستيارته بركاش إلا أن كذب اعتقادهم تبين بوضوح تام بحيث لا يمكن ستره قط لأنه يتبين بكل صراحة أن الطريق الذي تدب به الحياة في أبناء الحيوانات كلها في البر والبحر يثبت منه بكل وضوح أن كل روح تتولد من الداخل ولا تدخلها من الخارج روح قديمة قط كما قدمنا عدة أمثلة على ذلك من قبل.والكذب الثاني لإله الفيدا الذي يقره بنفسه هو قوله إنه قادر على كل شيء، بينما قد أقر بعجزه في الفيدا بحسب قول الآريين وقال بمنتهى الصراحة أنه لا يستطيع أن يخلق الأرواح ولا ذرات العالم.فما دام لا يقدر على خلق أيّ شيء فما معنى كونه قادرا على كل شيء؟ أليس هذا كذبا صريحا؟ وهذا يُثبت أيضا أن هناك إله آخر بحسب إله الفيدا وهو القادر على كل شيء في الحقيقة، لأنه لما ثبت بالقطع واليقين من الأدلة التي كتبناها آنفا بأن الأرواح ليست أزلية وقديمة بل تُخلق، ويقول إله الفيدا بأنه ليس خالقها، فثبت من ذلك أن هناك إلها آخر يخلقها.وإن قلتم بأنه لو عُدّ الإله قادرا على كل شيء فهذا يستلزم أنه قادر على خلق نظيره والانتحار أيضا فجوابه بأن كلا هذين الأمرين ينا في صفاته الكاملة لأنه قد أخبر سلفا أنه واحد لا شريك له وقال أيضا بأنه أزلي وأبدي لا يصيبه ،الموت وهاتان الصفتان من صفاته الأزلية فأنى له أن يفعل ما يخالف صفاته الأزلية؟ ولأن كماله التام يكمن في كونه واحدا لا شريك له وكونه أزليا وأبديا فكيف يمكنه أن يقدِم على أمر ينافي كماله التام، وهو أعلى وأسمى من أن يجيز لنفسه نقيصة، لأن النقص، أيا كان نوعه يتنافى ذاته الكاملة البريئة من العيب.ولكن الخلق لا يعارض ذاته الكاملة البريئة مع
۱۲۱ من العيب بل الصفة الأولى من صفاته الكاملة هي الخلق وهي الوسيلة العقلية لمعرفته تعالى.وإن كان غير قادر على الخلق وجاءت الأرواح والذرات إلى الوجود من تلقائها فكيف يُعلم أنه موجود أصلا؟ هل يُعرف وجوده بمجرد الوصل والربط بين الأرواح والذرات؟ كلا.لأن الأشياء التي وُجدت منذ القدم تلقائيا ووجدت قواها كلها أيضا من تلقاء نفسها فلا بد أن تكون قادرة على الاتصال والانفصال أيضا بناء على قدرات تمتلكها.هي باختصار، الصفة الأهم والأولى لمعرفة الله أن يكون خالقا.وإذا وجدت فيه هذه القدرة عندها فقط يمكن أن يُدعى قادرا على كل شيء.فما دام إله ء فلا الفيدا غير قادر على الخلق ومن جانب آخر يدعي أنه قادر على كل شيء شك أنه كذب، وكذبه هذا ثابت من إقراره هو.أما القول بأن الخلق من العدم محال، لذا فالإله عاجز عن خلق الأرواح، فهو كذب آخر؛ لأننا قد أثبتنا من قبل بأن الخلق من العدم وارد لأن هناك جانبين فقط ينطبقان على الأرواح.أولا: أن يُظنَّ أن الروح لا تُخلق بل تخرج من الجسم ثم تعود وتهبط على الخضروات والكلأ وتصبح طعام رجل وبذلك تدخل بطنه.وقد أثبت آنفا أن هذا كذب صريح والتجربة أيضا تشهد على عكس ذلك، إضافة إلى ذلك هذا الأمر يستلزم تقسيم الروح.ثانيا: والجانب الثاني عن الروح هو أنها تُخلق ولا تأتي من الخارج.وإن صدق هذا المبدأ ثابت من وجهين.أولا: لما كانت عودة الروح مستحيلة فلم يبق إلا وجه ثانٍ فقط وهو أنها تُخلق وثانيا: إن المشاهد الملحوظة والمشهودة تشهد بأن الروح تُخلق حتما.وقلت من قبل بأن السباع التي تأكل اللحم فقط أو الحشرات والديدان التي تعيش تحت الأرض لا تهبط عليها الروح كالندى قط بل المشهود والمحسوس أيضا أن آلاف الديدان تتولد على مرأى منا في مادة
۱۲۲ تتعفن، ولا نرى روحا تهبط عليها من السماء، فثبت من ذلك أن الروح تُخلق حتما.فملخص الكلام أنه ما دام الخلق ملحوظا ومشهودا تماما ونرى خلق الروح كل يوم ولا نراها هابطة من السماء قط فأي شك في كذب كتاب ورد فيه أنها تهبط من السماء كالندى؟ ولما ثبت أن الروح لا تهبط من السماء فلم تعد هناك حاجة إلى البحث والنقاش في كيف يخلق الله من العدم، لأنه ما دام الخلق من العدم ظاهرة ملحوظة كل يوم فلا ينكر المشهود والمحسوس إلا من كان عديم الحياء تماما.الحق أن أعمال الله كلها تفوق فهم الإنسان، فمثلا يُخلق مولود الإنسان من قطرة مي فقط ولا نستوعب قط كيف يُخلق الإنسان من هذه القطرة، ولا ندرك كيف تُخلق فيه عينان تبصران؟ ولا ندرك كيف تتكون فيه أذنان تسمعان ولا ندري كيف يتكون شكل الإنسان ويداه وقدماه وقلبه ودماغه وكبده والأعضاء الأخرى كلها.فلا شك أن كل هذه الأمور مستحيلة عندنا كاستحالة الخلق من العدم لأننا لسنا قادرين على خلقها ولا أن يقيم حجة فلسفية على تكوين كل هذه الأعضاء.وكما أن تكوين هذه الأعضاء يفوق عقلنا كذلك خلق الروح أيضا يفوق عقلنا.وما دمنا قد أثبتنا في ضوء الأحداث الواقعة ورأينا بأم أعيننا أن الروح تُخلق فأنى لنا أن ننكر الأمور المشهودة والمحسوسة؟ كما أن خلق الروح يفوق عقلنا وفهمنا كذلك يفوقه خلق الإنسان أيضا مع كل قواه من قطرة واحدة.فمن قلة الحياء تماما أن يقبل المرء أمرا هو مستحيل عندنا ولا يقبل أمرا آخر أي خلق الأرواح الذي يفوق عقلنا وفهمنا ويعده مستحيلا.لا أحدا أن يتدخل في نظام تعالى، فهناك آلاف من أسرار الربوبية التي لا نفهمها قط بل نضطر إلى قبولها يسع يسع عقلنا الله على أية حال نتيجة المشاهدات.هل لا يزال هناك شك في أن المشاهدات تجبرنا
۱۲۳ على قبول أن الأرواح تُخلق ولا تهبط من الأعلى؟ فمثلا تُحفر طبقات الأرض إلى سبعين أو ثمانين ذراعا إلى الأسفل ثم يتبين أن تحتها بعض الحيوانات، فهل يجيز العقل في هذه الحالة أن الروح تنزل إلى تلك الطبقات العميقة كالندى؟ فلما كان الحق والصدق أن الروح تُخلق فإن بيان إله الفيدا المخالف لهذه الحقيقة بأن الروح تهبط من السماء كالندى لهو قول كاذب ينافي الواقع وسيضحك عليه طفل صغير أيضا.ألا تتوالد السباع التي تأكل اللحم فقط؟ هل الروح تهبط كالندى على طعام الحشرات والديدان التي تعيش تحت طبقات الأرض ولا تخرج إلى سطحها قط؟ إنني لأستغرب بشدة أن يعترض على كلام الله الملىء بالحق والحكمة أولئك الذين يؤمنون بالفيدا المليء بأمور تعارض الحقائق تماما.ثم قال المحاضر بأن الكتاب الذي تعليمه يخالف نواميس الطبيعة لا يمكن أن يكون موحى به ولكن من المؤسف حقا أن هؤلاء القوم لا يملكون أدنى حياء.لقد قلتُ قبل قليل بأن تعليم الفيدا يخالف نواميس الطبيعة بشدة إلى درجة ينكر الحقائق البينة تماما، كقوله بأن الروح تدخل البطن مرة أخرى عن طريق الخضروات أو الكلأ ، بينما من الثابت المتحقق أنها تُخلق، كما قلت أكثر من مرة.إذا فإن الاعتراض على تعليم القرآن الكريم والقول بأنه يخالف قانون الله السائد في الطبيعة ليس جهلا سافرا فقط بل هو اختلاط الجهل وقلة الحياء.أما قولهم: كيف يجوز رد القوانين المعلومة بقوانين غير معلومة؟ فهذا الاعتراض يقع في الحقيقة على الفيدا نفسه لأنه لما تبين أن الروح لا تهبط من السماء بل تُخلق داخليا بقدرة القادر ، فإن قول الفيدا بأنها تهبط من السماء كالندى لا يجدر حتى بالتصنيف في القوانين غير المعلومة لأنه قد ثبت بطلانه بواسطة الأمور المحسوسة والمشهودة.هل هذا هو الفيدا الذي يعتزون به؟ يا للأسف!
١٢٤ لقد قال المحاضر أيضا بأنه قد ورد في الفيدا أحِبُّوا الحيوانات لأنها كلها أناس.ولكن من المؤسف حقا أننا لا نرى مثل هذا الحب على صعيد الواقع.فمثلا لو تكوّن على جسد الآري دُمّل وقال الطبيب بأن علاجه الحجامة بالعلقات، فيعالج بالعلقات فورا، وفي كثير من الأحيان تموت العلقات كلها نتيجة امتصاصها السم ولا يفكر أحد بأنه من الأفضل أن يموت هو ولا منهم يهلك العلقة المسكينة لأنها أيضا إنسانة هل هذا هو الحب؟ كذلك عندما يشتارون العسل يجنونه بقتل آلاف من اليرقات هل هذا هو الحب؟ كذلك يشتارون العسل بقتلهم آلافا من أولاد النحل، فهل هذا هو الحب؟ يشربون حليب البقرات مع أنه من حق أولادها هل هذا هو الحب؟ في كل قطرة ماء هناك آلاف من الديدان وهي أناس بحسب قولهم ولكنهم يهلكونها بشربهم الماء، هل هذا هو الحب؟ بل الحق أن الفيدا لم يعلّم مواساة الناس أيضا.ففي عهد السيخ قتل آلاف المسلمين المساكين نتيجة شكٍّ فقط أنهم ذبحوا بقرة.كذلك هناك مئات الهندوس الذين يخزنون القمح في المستودعات بكميات كبيرة وينتظرون أن تحل مجاعة شديدة أو دمار شديد بخلق الله فيبيعونها ويصبحون أثرياء.فالفيدا الذي لم يعلم حب الناس وعدم إرادة السوء بهم كيف نتوقع منه أنه يكون قد علم حب الحيوانات الأخرى؟ ولكن كما منع القرآن الكريم من أخذ الربا من كل قوم سواء أكانوا مسلمين أو هندوسا أو مسيحيين كذلك منع الناس من احتكار الغلال لإشباع أطماعهم وأهوائهم الشخصية وانتظار القحط والمجاعة ليبيعوها من المعلوم أنه عمل أناس سيئين وخبيثين، ولكن للأسف الشديد هناك مئات آلاف الناس من هذا القبيل في الآريين.ولو منع من ذلك في الفيدا لما مارس الآريون هذه الأعمال السيئة بكثرة.إنه لخبيث وسيئ جدا من يريد الشر للعالم كله طالبا الخير لنفسه.وإذا كان هناك تعليم خلاف.
ذلك في الفيدا فنرجو أن تستخرجوه لنا.بل سمعت أن بعض الهندوس الذين لديهم غلال كثيرة يخبزون الخبز ويذهبون به إلى الخارج ويتبرزون عليه ليسخط الإله نتيجة هذا العمل فتحل المجاعة بكثرة.كذلك يُقرضون المزارعين المساكين أموالا ثم يثقلونهم كثيرا بالربا على الربا وفي نهاية المطاف يسيطرون على أراضيهم، الأمر الذي بسببه اضطرت الحكومة إلى سن قانون خاص.
١٢٦ الجزء الثاني في الرد على هجمات شنها المحاضر على القرآن الكريم والنبي صالحات قال المحاضر بأن مسألة التوبة تعارض النواميس الطبيعية، ويقصد من ذلك الهجوم على القرآن الكريم كأن في القرآن الكريم تعليما يعارض النواميس الطبيعية.مع أنني قد تحدثت عن التوبة من قبل أيضا ولكن لا ضير في البيان الموجز هنا.اسم وهذا يجدر بالذكر أنني أتأسف كثيرا كيف خارت عقولهم بسبب العناد.فليكن واضحا أن التوبة في اللغة العربية تعني الرجوع، لذلك قد ورد في القرآن الكريم الله "التواب" أيضا، أي كثير الرجوع.ومعنى ذلك أنه عندما يتبرأ الإنسان من الذنوب ويرجع إلى الله تعالى بصدق القلب، يرجع الله إليه أكثر منه.يطابق تماما قانون الله الطبيعي، لأنه ما دام الله تعالى قد أودع فطرة الإنسان أنه عندما يرجع إلى شخص آخر بصدق القلب يلين له قلب الأخير أيضا، فكيف يمكن للعقل أن يقبل أن يرجع العبد إلى الله بصدق القلب ولا يرجع الله إليه؟ بل الحق أن الله الكريم والرحيم بلا حدود، يرجع إلى عبده أكثر بكثير.لذلك فقد ورد في القرآن الكريم اسم الله "التواب"، أي كثير الرجوع كما قلت قبل منه أما قليل.إن رجوع العبد يكون مصحوبا بالحسرة والندم والتذلل والتواضع، فبالرحمة والمغفرة.لو لم تكن الرحمة من صفات الله لما نجا أحد.من رجوع الله المؤسف حقا أن هؤلاء القوم لم يتدبروا صفات الله بل جعلوا المدار كله على
۱۲۷ أعمالهم وأفعالهم.ولكن الله الذي خلق للإنسان آلاف النعم في الأرض بغير عمل منه، هل يمكن أن يكون مِن خُلُقه ألا يتوجه إلى الإنسان برحمة حين يرجع إليه الإنسان ضعيفُ البنيان متنبها إلى ،غفلته، ولا سيما إذا كان رجوعه كأنه يكاد يموت في هذا السبيل ويخلع من جسمه اللباس النجس السابق ويحترق في نار حبه هل هذا ما يُسمّى قانون الله السائد في الطبيعة؟ لعنة الله على الكاذبين.لقد ركز المحاضر في كثير من الأماكن على أن للكتاب الموحى به العلامات التالية: (۱) أن يكون موجودا منذ بداية الخليقة (٢) ألا يكون فيه شيء يخالف النواميس الطبيعية (۳) أن يكون تعليمه عالميا (٤) ألا يكون بلغة بلد معين (٥) ألا يتضمن حادثا تاريخيا (٦) أن يكون منبع العلوم الدينية والدنيوية كلها (۷) أن تكون حياة الملهمين طاهرة (۸) أن يضم في طياته أعلى صفات الله (۹) أن يعلم الأخلاق الفاضلة (١٠) أن يكون كاملا في حد ذاته (۱۱) ألا يكون فيه تعارض (١٢) ألا يكون منحازا إلى أحد (۱۳) ألا توجد فيه أمور من قبيل أنه لم يعدل في مناسبة كذا وندم على فعله كذا وكذا، وخدع في أمر كذا وكذا وأمر بنهب الآخرين، ويجب أن يتضمن الكتاب أحوالا صحيحة تماما عن الخلق والفناء.
۱۲۸ (١٤) وأن يتضمن حقوق الملوك والرعية والوالدين والأولاد وغيرهم جميعا بالعدل والإنصاف.(١٥) ألا يكون فيه تعديل أو نسخ وألا يكون بحاجة إليهما، وأن يكون بلغة الإله بوجه خاص.أنه فليكن واضحا أن كل هذه العلامات التي بينها المحاضر للكتاب الموحى به لم يحددها نظرا إلى مقتضى العقل والعدل بل حددها نظرا إلى ما يعتقد به الآريون عن الفيدا.ثم شنّ بعد ذلك هجمات على القرآن الكريم.يبدو هذا الشخص مجنونا لشدة العناد كأنه جدّ ليكهرام من هذه الناحية.العناد والجهل بلاءان خطيران إذا اجتمعا أعميا الأناني.الحق أن علامتين اثنتين تكفيان لكون الكتاب إلهاميا، هما: (۱) أن تكون فيه القوة الإلهية.(۲) أن يكون تعليمه قادرا على تحقيق الهدف الذي جاء من أجله أي أن يتضمن جميع الأسباب التي يحتاج إليها الإنسان للوصول إلى الله تعالى، وأن تكون فيه الأدلة البينة التي تهب اليقين الله من الله تعالى.والأهم من كل ذلك أن يخبر قبل كل شيء عن وجود تعالى بأدلة تفوق قدرة البشر.وأن تكون فيه قوة توصل الناس البعيدين إلى الله وأن يقدر على إزالة أدرانهم الداخلية ويهبهم الطهارة.والمعلوم تماما أن العلامة العظمى والأولى للطبيب هي أن يشفي معظم المرضى ويستعيد صحتهم المتدهورة والغابرة.فالأنبياء عليهم السلام أطباء روحانيون، لذا فعلامة كونهم أطباء كاملين روحانيا هي أن الوصفة التي يعطونها أي كلام الله تكون سهما صائبا إلى درجة أن الذي يستخدم تلك الوصفة دون الإعراض عنها ظاهرا وباطنا يشفى باستخدامها ويزول عنه مرض الذنوب وتترسخ عظمة الله تعالى في قلبه ويفنى القلب في حبه تعالى؛ لأن المراد مما سمي بالعذاب هو عدم علاقة الإنسان بالله تعالى، وتتقوى علاقته مع أهوائه النفسانية ويعبدها ويستمر في
۱۲۹ طلبها وكأن الأهواء النفسانية هي إلهه.فالكتاب الذي يزيل هذه الشوائب السفلية ويخلق في القلب حماسا صادقا لحب الله وعل کتاب هو الله في الحقيقة لأن الطبيب حين يهب الأعين للعميان ويفتح آذان الصم ويشفي المفلوجين ويُشفى على يده المرضى المصابون بأمراض مستعصية نفهم من هذه العلامة الوحيدة أنه طبيب حاذق في الحقيقة.ثم الطعن في كونه طبيبا حاذقا ليس من شيمة عاقل ونبيل ولكن من المؤسف أن هذا الشخص لم ينتبه إلى هذه العلامات قط بل قدم ادعاءه كعلامات أن ادعاءه ادعاء بحت الصلة وعديم تماما ولم يقدّم عليه دليلا قط.لذا إنني عازم - وإن طال الكتاب بعض الشيء على أن أثبت سخافة وبطلان أفكاره واحدة بعد الأخرى بإذن الله وأنها لا مع توجد في الفيدا قط.لو لم يقم هذا الشخص بالإساءة إلى رسول الله الطاهر وكتابه المقدس إلى هذا الحد وما كال الشتائم إلى هذه الدرجة في جلسة عامة لما كان ضروريا أن أرفع القلم على مذهب الآريا لأن بيان مزايا الإسلام وحده يكفل دحض الأديان الباطلة.ولكن هذا الشخص بلّغ بذاءة لسانه منتهاها حتى احتجت إلى أن أكسر تلك الأسنان الهمجية.لم يستح هذا الشخص من تسمية الفيدا كتابا كاملا في حين لا يُعلم منه هل الإله أيضا موجود أم لا.الفيدا هو الذي أصل عبادة المخلوق وعبادة العناصر، وبسببه انتشرت كل هذه القذارات في الهند.وإنني جاهز لأسلم عقاراتي البالغ ثمنها إلى عشرة آلاف روبية للذي يثبت وجود الإله من الفيدا وإلا فإن الترديد والاعتزاز باسمه فقط أمر مخجل تماما.والآن سأكتب بيانا مكتملا عن علامات حددها المحاضر للكتاب الموحى به ليُعلم مدى صحتها وصدقها.ولكن قبل ذلك أريد البيان أنه كتب كل هذه العلامات للكتاب الموحى به نظرا إلى اعتقاده هو.فمثلا يعتقد الهندوس بلا
۱۳۰ دليل أن الفيدا جاء من الله عند بداية الخليقة.فقد جعل المحاضر علامة للكتاب موج جودا الموحى به واضعا في الحسبان انتصار دينه أنه يجب أن يكون الكتاب منذ بداية الخليقة.ولأنه رأى أنه لا يوجد في الفيدا ذكر المعجزات والنبوءات ذكرت فيه أمور عادية يمكن أن تكون من إنسان عادي، كما لا يوجد في الفيدا أدنى أثر للآيات فوق العادة التي يريها الأنبياء عليهم السلام، لذا فقد قرر علامة ثانية للكتاب الموحى به نظرا إلى حالة الفيدا- ألا يخالف قانون الله السائد في الطبيعة أي لا يحتوى الكتاب شيئا أكثر مما يُظهره الله تعالى من الأفعال العادية للناس العاديين، وكأن قانون الله السائد في الطبيعة محصور في الناس العاديين فقط.وقد كتبتُ أكثر من مرة أن قانون الله الجاري مع معاملته في الطبيعة قسمان: قانون مع الناس العاديين وقانون آخر للخواص.فالآري الذي قرأ المقال مقرّ بنفسه بأن الإلهام الذي نزل على الملهمين الأربعة (الريشيين) الذين تلقوا الفيدا لا يمكن أن ينزل على غيرهم مهما تطهروا.فهو يعترف بحسب معتقده أن قانون الله في الطبيعة ليس قانونا موحدا، بل ثبت بواقع الأمر وبواسطة المعرفة الصادقة والكاملة بأن قانون الله في الطبيعة تجاه الناس ليس على نمط واحد فقط، بل لكل شخص قانون يليق بحالته.فهناك أناس لا يعيرون لله تعالى أدنى اهتمام ويرتكبون كل نوع من المعصية بكل جسارة وكأن الله ليس موجودا أصلا بحسب زعمهم.وهناك أناس آخرون يكادون يموتون في طاعة الله تعالى ويخطون إلى الأمام دائما في البحث عن مرضاته الله وإن فنوا وانمحوا في هذا السبيل.ولا يقتنعون باعتقاد تقليدي و عادي بل يودون أن ينالوا معرفة الله تعالى كاملة ويروا الله تعالى بنور الآيات الساطعة.ويظل هذا الجوع والعطش يزداد فيهم بشدة ويضحون بكل شيء من أجل تحقيق هذه المنية ولا يهتمون حتى بالموت.فالله الذي يرى حالتهم يعطيهم
۱۳۱ مطلوبهم.وكيف يمكن أن يحرم الذين يبحثون عن معرفته الكاملة.لذا فقانون الله في الطبيعة الجاري لمثل هؤلاء الناس منذ القدم هو أنه لا يأخذ بيدهم وتظهر عليهم آيات الله القوية التي تفوق العادة لتكميل يقينهم.أي يُرون الآيات التي تختلف عن سنة الله الجارية في عامة الناس.الله باختصار، إن قانون الله في الطبيعة ليس موحدا، كما أن علاقة الناس مع أيضا ليست على درجة واحدة.فالله تعالى يغير معاملته مع الإنسان بحسب الله تعالى إن أسراره الله ، لانهائية، فبقدر ما يزداد أحد حبا وتزداد مع معاملته قوة إخلاصه يعامله الله تعالى أيضا معاملة جديدة.من هو أكثر عمى من الذي يحسب قانون الله الطبعي واحدا يجري مع أناس مختلفين؟ الحق أنه ما دام هؤلاء الناس مكبّين على جيفة الدنيا ليل نهار ولا علاقة لهم بالله تعالى ويطيلون اللسان بمحض عنادهم القومى لذا فإن حاستهم عن أسرار الله تعالى مفقودة تماما.ومن شقاوة الفيدا أن يكون مؤيدوه أناسا مثلهم.فملخص الكلام أن العلامات التي حددها المحاضر للكتاب الموحى به هي أنه أن كل ما يدخل في معتقداته يحسبه علامة للكتاب الموحى به.ولكنه نسي يذكر أن من علامات الكتاب الموحى به أيضا أن يُذكر فيه أن الروح تخرج من الجسم وتهبط على الخضروات والأعشاب كالندى ثم تدخل الرجل والمرأة متجزئة إلى جزأين.يبدو أنه خاف ذكر هذه العلامة لأنها ستفضح الفيدا تماما لأن العالم كله يعلم جيدا أن الفيدا كذب في ذلك كذبا صريحا وقال ما يعارض قانون الله تعالى المقرر والمحدد وكذبه هذا صريح وبين إلى درجة أنه يعارض الأمور البديهة والمشهودة والمحسوسة.لقد ثبت بالبحوث الطبعية أن في كل شيء في الأرض مادة دودة حيّةٍ، حتى أنّ الدودة تتولد في حديد صدئ أيضا.والأغرب من ذلك أنه قد لوحظت الديدان في بعض الأحجار أيضا.وكذلك
۱۳۲ لو خزنت الغلال والفواكه أيا كان نوعها إلى فترة طويلة لتولدت فيها الديدان.وعندما يُدفن الإنسان بعد موته تمتلئ جثته بالديدان رويدا رويدا.والأغرب من كل ذلك أن هناك شجرة معروفة اسمها التين البري، لا تتولد في ثمرتها الديدان ما بقيت خضراء، وكلما نضجت تكونت فيها الديدان، وعندما تفتح الثمرة تطير منها الديدان أحيانا.وفي بعض الأحيان عندما يفسد بيض الدجاج أو البط تتولد فيه مئات الديدان بدلا من الفراخ.كل هذه الأمور تدل على أن هذا سر مختلف تماما.وهو السر نفسه الذي نسميه الخلق من العدم.فمثلا افتحوا ثمرة التين البري التي يأكلها الهندوس والمسلمون جميعا، لن تجدوا فيها أي دودة، ولكن عندما تنضج تتحول المادة نفسها إلى ديدان.ماذا عسى أن تُسمى هذه الظاهرة إن لم نسمها الخلق من العدم؟ فعلى هذا النحو نعتقد بالخلق من العدم الذي تشهد عليه المشاهدة.هذا هو قانون الطبيعة الذي أخطأ فيه الفيدا خطأ كبيرا لا يستحق العفو قط.هل لنا أن نعد الفيدا مثله مطابقا لقانون الطبيعة؟ لهذا السبب لم يذكر المحاضر هذه العلامة ولم يقل بأن هذا البيان للفيدا خاطئ.لعله أدرك أن من شأن بيان هذه العلامة أن تثبت أنّ الفيدا مجموعةُ أكاذيب ولن يقتصر الأمر على الكذب فقط بل سيثبت جهله أيضا بأن الإله يجهل قانون الطبيعة إلى درجة الزعم بأن الروح تهبط على الخضروات والأعشاب كالندى، مع أن الديدان تكون موجودة في مادة الخضروات والأعشاب سلفا، فأي ندى هبط عليها؟ من يستطيع أن ينكر أن كافة النباتات والجمادات والحيوانات في العالم مليئة بالديدان وكلها موجودة في الأرض ولا يأتي شيء من الخارج؟ ألم تكن الديدان موجودة في معدة رجال الدين الذين نزلت عليهم الفيدات- ودماغهم وأعضائهم الأخرى؟ والمعلوم أن ماء الرجل
۱۳۳ والمرأة أيضا لا يخلو من الديدان.هل من مادة فوق الأرض أو تحتها تخلو من الديدان؟ كان على الآريين أن يفكروا متى وبأي طريقة نزلت عليها الروح كالندى.إن للكذب أيضا حدودا، ولكن الفيدا تجاوز الحدود كلها في كذب المقال، ونبذ قانون الله البديهى والمحسوس والمشهود والقديم في الطبيعة كما ورقة بعد تمزيقها قطعا.يرمي أحد كان من واجب المحاضر أن يقدم علامة أخرى للكتاب الموحى به، وكان بيانها ضروريا جدا ولكن لا ندري لماذا لم يبينها؟ لعله نسيها.وتلك العلامة هي "النيوك"، أي كان عليه أن يقول إن من علامات الكتاب الموحى به أن يعلم "النيوك"، أي يجب أن يتضمن تعليما أنه إن لم يولد لأحد ولد ذكر عليه أن يجعل زوجته الحبيبة تضاجع شخصا آخر.ولا يزال يجعلها تضاجع رجالا آخرين ويهتك عرضها ما لم تُنجب ذكرا.لعله لم يذكر هذه العلامة للكتاب الموحى به لأنه شعر أنها ديوثية محضة وتدل على فقدان الغيرة تماما أن يجعل المرء زوجته تضاجع غيره مع أن قرانه معها ما زال قائما وذلك ليس ليوم أو يومين فحسب بل يجعلها تنام على سرير الآخرين إلى مدة طويلة.يبدو من هنا أن "الريشيين" الأربعة الذين نزلت عليهم الفيدات قد مارسوا النيوك "المقدس" بالتزام حتما، ولعله كان من علامة طهارتهم ، لذلك علموا الآخرين أيضا ما عملوا به بأنفسهم.ولكن قد لوحظ أن معظم الهندوس في الزمن الراهن يغطون وجوههم خجلا كلما ذكر النيوك أمامهم أو يفرون من ذلك المكان.لقد قرأت في كتاب أن شخصا من أهل البنغال انضم إلى الآريين برغبة عارمة، وبعد بضعة أيام زاره أحد من أصدقائه القدامى من مذهب البراهمو، وذكر له قصة النيوك على مهل أثناء الحديث.كان البنغالي المسكين واقعا في براثن الآريين فسأله ما المراد من
النيوك؟ وسرد له البراهمو بالتفصيل أن الفيدا يأمر الآريين أنه إن لم يكن لدى أحدهم أولاد ذكور فعليه أن يجعل زوجته تضاجع غيره دون أن يطلقها، وأن يستمر في تسويد وجه زوجته مع شخص آخر ما لم تنجب أولادا ذكورا.عندما سمع البنغالي المسكين هذا الكلام صدم بشدة وقال هذه تهمة بحتة على آريا سماج، كيف يمكن أن يكون في الفيدا تعليم نجس وفاقد الحياء مثله؟ وأنى لرجال الدين الأربعة الأطهار الذين نزلت عليهم الفيدات أن يعطوا مثل هذا التعليم النجس؟ عندها أخرج صديقه الهندوسي بكل أدب ولطف من " تحت إبطه كتابين "ستيارته بر کاش" و "ويد "بهاش لمؤلفهما البانديت ديانند وقدمهما له وقال بكل لطف عليك أن تقرأ بضعة أسطر هنا حول النيوك.عندما قرأ البنغالي، الذي كان رجلا محترما وغيورا، مكانا علم فيه البانديت ديانند مشيرا إلى عبارات الفيدا بأنه إن لم يولد لكم ابن فلكم أن تجعلوا زوجاتكم يضاجعن رجالا آخرين بغية الحصول على أولاد ذكور وإلا لن تنالوا النجاة.فبقراءة هذا التعليم استشاط هذا الرجل المحترم غضبا ورمى الكتابين من يده كشيء رديء ونجس وقال: لعنة الله على دين فيه تعليم النجاسة وعدم الحياء إلى هذه الدرجة، ثم شكر صديقه الذي خلّصه هذه القذارة.خلصه من والآن أتناول بشيء من التفصيل علامات حددها المحاضر للكتاب الموحى به بحسب معتقده.العلامة الأولى منها أن يكون ذلك الكتاب منذ زمن بدء الخليقة.ويقصد من ذكر هذه العلامة أن القرآن الكريم لم يأت في زمن بدء الخليقة لذا فإنه ليس كتاب الله.ولكن يبدو من كلامه بوضوح أن إله الفيدا عجز إلى الأبد عن إنزال إلهامه بعد زمن بدء الخليقة وتلاشت منه قوة الإلهام إلى درجة أن الإله حلف يمينا مغلظا أنه لن ينزل كتابا بعد الكتاب الأول مهما اقتضت المصالح
ود الجديدة إلهامًا، ومهما انتشرت في الأرض مفاسد متجددة ومهما حرف الكتاب الأول وغير، ومهما جهل الناس في بلاد بعيدة الكتاب السابق.والمعلوم بداهة أن هذا الأسلوب والعادة يعارض قانون الله في الطبيعة لمعالجة أمور الإنسان الجسدية.ونرى أن أسبابا متجددة تُهيأ دائما لسد حاجاتنا الجسدية.ولا تعلل بقصص أنه كانت في زمن من الأزمان فواكه كذا وكذا يأكلها الناس آنذاك، وكانت غلال من نوع كذا وكذا يستهلكها الناس، ووجدت أدوية كذا وكذا للعلاج بل ما دامت كل هذه الأشياء تُخلق لنا اليوم أيضا كما كانت تُخلق في غابر الأزمان فكيف تغيّر إذا قانون الطبيعة الروحاني؟ هل لنا أن نظن أن الله كان قادرا على الكلام فيما سبق ولكنه لم يعد قادرا الآن، وكان قادرا على إنزال الإلهام في الماضى و لم تعد فيه هذه القدرة الآن؟ أليس صحيحا أن الله يسمع الآن أيضا كما كان يسمع في زمن خلا؟ فما السبب إذا أن حاسة سمعه ما زالت قائمة على حالها في زمننا هذا كما كانت، ولكنه فقد قوة الكلام؟ أليس صحيحا أن الأزمنة التي تلت الزمن الأول كثرت فيها المعاصي والذنوب يوما بعد يوم وظهرت للعيان ذنوب جديدة لم يكن لها أثر في الزمن الأول؟ أفلم يكن ضروريا في هذه الحالة أن يرسل الله تعالى لمحاربة الذنوب الجديدة والمعتقدات الفاسدة المستحدثة كتابا جديدا يقدم تعاليمه بكل قوة لإزالة المفاسد الراهنة ويوجه إلى الله بواسطة آياته المهيبة؟ لا أن يشاهد الله هذا الطوفان العارم ويلتزم الصمت كليا ويقول اكتفوا بلعق أوراق الفيدا إذ ليس عندي تعليم أفضل منه، ولا تتوقعوا تعليما جديدا في المستقبل.وإن قلتم بأن هذه الأوامر كلها موجودة في الفيدا ،سلفا، فما من كذب أكبر لأنكم تعترفون بأنفسكم، وهذا ما يقوله العقل أيضا أن الزمن الأول كان خاليا من منه تلك الذنوب والمعتقدات الفاسدة التي نشأت فيما بعد، فلما لم تكن المعتقدات
١٣٦ الفاسدة والذنوب موجودة في الزمن الأول فلن يكون تحريمها إلا تعريفا بسيئة ومعتقدات فاسدة لم تكن معلومة.وإن قلتم بأن الفيدا ذكر كل هذه المعتقدات السيئة والأمور الفاسدة على سبيل النبوءة بأن هذا ما سيحدث في المستقبل فهذا كذب لأنكم تعترفون بأنفسكم بأنه لا توجد في الفيدا أية نبوءة.نحن راضون أيضا بأنه إذا استطاع الآريون أن يُخرجوا لنا من الفيدا كل المعتقدات والأعمال السيئة التي ذكرها القرآن الكريم، أو المعتقدات التي ذكرها القرآن وهي سيئة بحسب الفيدا، وكذلك الأعمال السيئة التي توجد في مختلف مناطق العالم التي ذكرها القرآن الكريم مفصلا، بحيث يستطيع أهل فرق أخرى أن يعترفوا بأن كل هذه الأمور مذكورة في الفيدا، كما يعترفون بعد قراءتهم القرآن الكريم أن هذه الأمور كلها موجودة فيه، إذا استطاعوا ذلك فليخرجوا لنا من الفيدا أيضا أدلة وجود الله تعالى ووحدانيته التي وردت في القرآن الكريم ويقر بوجودها فيه الفرق المعارضة، فإن فعلوا فأنا جاهز لأدفع لهم ألف روبية نقدا.ولكن من المؤسف حقا أنه لكذب كبير أن يُنسب إلى الفيدا كمال ليس فيه.من يستطيع أن ينكر أنه قد حدثت في العالم انقلابات عظيمة بعد الزمن الأول.كان الناس في بداية الزمن قلة وكانوا يسكنون في بقعة صغيرة من الأرض، ثم انتشروا إلى أقصى أطراف الأرض واختلفت اللغات وازداد عدد السكان إلى درجة أن صار كل بلد كعالم آخر لغيره من البلدان.أفلم يكن ضروريا في هذه الحالة أن يرسل الله على نبيا ورسولا منفصلا في كل بلد دون أن يكتفى بكتاب واحد؟ غير أنه عندما انقلب العالم من أجل الوحدة والاجتماع من جديد وتيسرت لأهل بلد أسباب اللقاء والاجتماع مع أهل بلد آخر واكتشفت أنواع الوسائل والأسباب للتعارف المتبادل عندها آن الأوان لترفع الفُرقة بين الأمم ويُجمع الجميع على كتاب واحد.عندئذ بعث الله تعالى
۱۳۷ نبيا واحدا للعالم كله ليجمع الأمم كلها على دين واحد، وليجعلهم في النهاية أيضا أمة واحدة كما كانت في البداية.إن بياننا هذا كما يطابق الأحداث الواقعة كذلك يوافق قانون الله في الطبيعة السائد في الأرض والسماء.فمع أنه تعالى قد وهب الأرض تأثيرات مختلفة، والقمر تأثيرات مختلفة وأودع كل كوكب قوى مختلفة ولكنه مع هذه الفُرقة جعلهم تحت نظام واحد وجعل الشمس قائد النظام كله التي استقطبت الكواكب كلها كقاطرة.فالذي يتأمل يستطيع أن يُدرك من ذلك أنه كما توجد الوحدة في ذات الله تعالى كذلك يريدها في البشر أيضا الذين خُلقوا للعبادة إلى الأبد.الفرقة بين الأمم التي نشأت في الناس في الزمن الوسيط بسبب كثرة نسلهم كانت في الحقيقة تمهيدا لخلق الوحدة الكاملة لأن الله تعالى أراد أن يخلق في البشر أجزاء الوحدة أولا ثم يُدخل الجميع في دائرة الوحدة الكاملة.فجعل الله تعالى الأمم شعوبا مختلفة وخلق الوحدة في كل شعب.وكانت الحكمة وراء ذلك أن يسهل التعارف بين الأمم ولا تكون هناك أية صعوبة في العلاقات المتبادلة بينهم ثم حينما حصل التعارف بين أجزاء صغيرة من الأمم قرر الله تعالى أن يجعل الأمم كلها أمة واحدة، يزرع أحد حديقة ويقسم أشجارها على تقسيمات مختلفة، ثم ينشئ حول الحديقة سورا ويجعل الأشجار كلها في حلقة واحدة.وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك فقال : إِنْ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.أي يا أيها الأنبياء في مختلف أنحاء العالم، إن هؤلاء المسلمين الذين اجتمعوا في أمتكم الواحدة، وهم يؤمنون بي جميعا، وأنا كما هذه الدنيا من أمم مختلفة هم الأنبياء: ٩٣
ربكم فاعبدوني جميعا...إن مثل هذه الوحدة التدريجية كمثل أمر الله تعالى أن يجتمع الناس في مسجد الحي خمس مرات يوميا، ثم أمرهم أن يجتمعوا جميعا في اليوم السابع في مسجد جامع في مدينتهم، أي في مسجد يتسع للجميع.ثم أمر أن يجتمعوا من المدينة كلها والقرى المجاورة في مقام واحد أي في مصلى العيد بعد عام.ثم أمرهم أن يجتمعوا من العالم كله مرة في حياتهم في مقام واحد أي في مكة المعظمة.فكما أن الله تعالى بلغ اجتماع الأمة تدريجا إلى الكمال بمناسبة الحج إذ حدَّد اجتماعات صغيرة أولا ثم هيأ للعالم كله فرصة للاجتماع في مقام واحد، كذلك هي سنة الله في الكتب الموحى بها أيضا.فقد أراد تعالى من وراء ذلك أن يبلغ دائرة وحدانية الله إلى الكمال، وذلك بخلق الوحدة في أجزاء صغيرة من بلاد مختلفة أولا ثم يجمع الجميع في نهاية أي المطاف في مقام واحد مثل اجتماع الحج، كما جاء الوعد في القرآن: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا الله وعل الناس السعداء بندائه في الزمن الأخير على دين واحد كما كانوا في البداية لكي تتحقق العلاقة بين الأول والأخير.سيجمع باختصار، كان الناس في البداية كأمة واحدة فقط ثم حين انتشروا في الأرض كلها قسمهم الله إلى أمم مختلفة لسهولة التعارف بينهم، وقرر لكل أمة مذهبا يناسبهم، حيث يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ثم يقول: ﴿لِكُلِّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الكهف : ١٠ ٢ الحجرات: ١٤
۱۳۹ الْخَيْرَاتِ....ليبلوكم في ما آتاكم أي لنظهر مواهب الطبائع المختلفة بواسطة تعاليمنا المختلفة فخذوا أيها المسلمون الخيرات ساعين إليها لأنكم مجموعة الأمم كلها وتجمعون فيكم كل أنواع الفطرة.فبناء على الأسباب الله البشر إلى أمم عديدة كان الناس في الزمن الأول منخرطين المذكورة قسم في سلسلة القرابة الأبوية وكانت وحدة القرابة قائمة بينهم.ثم حينما تكوّنت أمم عديدة أرسلت الكتب لخلق الوحدة في كل قوم.وفي ذلك الزمن كانت الوحدة القومية فقط ممكنة في كل منطقة من مناطق البلد وليس أكثر من ذلك، أي كانت الوحدة العالمية مستحيلة آنذاك ثم جاء الزمن الثالث حين تيسرت أسباب الوحدة بين الأمم أي أتيحت وسائل الوحدة العالمية.وكل زمن أتى على الإنسان كان يقتضي أن يُعطى كتاب يناسب ذلك الزمن.لذا حين أراد الله تعالى تحقيق الوحدة القومية أرسل إلى كل قوم رسولا منفصلا، وقدمت الوحدة القومية على الوحدة العالمية واقتضت حكمة الله أن تحقق الوحدة القومية في كل بلد أولا.وعندما انتهت مرحلة الوحدة القومية بدأت مرحلة الوحدة بين الأقوام كلها وكان ذلك الزمن هو زمن بعثة نبينا الله وليكن معلوما أن عظمة رسول أو كتاب تقدَّر بقدر مهمة الإصلاح الذي يواجهه وبقدر المشاكل التي يواجهها عند الإصلاح.فمن الواضح أن الكتاب الذي نزل في الزمن الأول لا يمكن أن يكون كاملا بأي حال لأن المشاكل التي ظهرت فيما بعد ما كانت لتخطر بالبال في الزمن الأول بحال من الأحوال.كذلك ما كان ممكنا أن يواجه الأنبياء والرسل في زمن الوحدة القومية من المشاكل ما واجهه في زمن الوحدة العالمية ذلك النبيُّ الذي أُمر بأن يقيم الأمم كلها على وحدة عالمية.المائدة: ٤٩
12.ملخص الكلام أنه قد حدثت في العالم ثلاثة انقلابات، وكل انقلاب كان بحاجة إلى هدى من نوع معين.فزمن البداية كان بسيطا بحيث ما مست الحاجة إلى تفصيل تلك المعاصي والذنوب والمعتقدات السيئة كما مست فيما بعد.ولأن السيئة وسوء الاعتقاد لم يكن قد انتشر في الناس بوجه كامل إلى ذلك الزمن لذا لم تكن هناك حاجة إلى كتاب كامل.فالكتاب الذي نعتقد أن تاريخه يعود إلى بدء الخليقة لا بد من الاعتراف أيضا إلى جانب ذلك أنه كتاب ناقص.ولسوف يقبل كل عقل سليم أن مرحلة كمال الإصلاح تأتي بعد كمال الفساد.إذ لا يليق بالطبيب أن يعطي الأصحاء والمعافين أدوية يجب إعطاؤها عند شدة المرض.لذلك فقد قال الله تعالى في القرآن أولا: الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر أي قد انتشر الفساد في العالم كله، وطغى طوفان كل أنواع الذنوب والمعاصي.ثم أعطى تعاليم كاملة عن كافة أنواع سوء ل الاعتقاد وسوء العمل وقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ولكن كيف كان ممكنا أن يُعطى الناس كتابا كاملا في الزمن الابتدائي حين لم يكن طوفان الضلال هائجا؟ وإضافة إلى ذلك، من الكذب الصريح القول بأن الفيدا كتاب وُجد منذ بداية العصر.من يقرأ الجزء الأول فقط لـ "رج" فيدا" من البداية إلى النهاية سيعرف جيدا أن الفيدا يقرّ بنفسه في عدة مواضع أنه ليس كتابا من بداية العصر قط.لقد طبع "رج فيدا" في دلهي بالأردية وتُرجم إلى الإنجليزية أيضا، وكل شخص يستطيع أن يقرأه سواء أكان مثقفا بالإنجليزية أو بالأردية.الروم: ٤٢ المائدة: ٤
العلامة الثانية التى بينها المحاضر للكتاب الموحى به هي ألا يوجد فيه شيء ينافي قانون الطبيعة ولكن هذه العلامة أيضا لا تتحقق في الفيدا قط.ونكتب فيما يلي بعض النماذج عن تعاليم الفيدا وليفهم القراء بأنفسهم هل يمكن أن يكون الفيدا الذي جاء فيه مثل هذه البيانات مطابقا لقانون الطبيعة؛ فقد وردت في رج" فيدا" عبارة: يا "إندر" ابن العابد "كوسيكا" تعال سريعا واجعلني أنا العابد غنيا ثريا".ولقد كتب أحد مفسري الفيدا في شرح هذا الكلام بأن ابن "كوسيكا" كان "وشوامتر"، ولكن كيف صار "إندر" ابنه؟ ويقول "سائن" مفسر الفيدا بأن السبب وراء ذلك هي القصة التي وردت في تتمة الفيدا "أنوكرا ميتكا" وهي أن كوسيكا ابن "شراتها" تمنى في قلبه أن يولد له ابن نتيجة تركيز "إندر" وقام بالمجاهدة لهذا الغرض.ونتيجة لهذه المجاهدة ولد في بيته "إندر" نفسه.ولأن "إندر" هو اسم إله بحسب معتقد الآريا سماج لذا ثبت أن الإله دخل رحم زوجة العابد كوسيكا، وسمي بعد الولادة "وشوامتر".فالفيدا الذي يعتبر الإله ابنا للعابد كوسيكا هل يمكن أن نقول بأن كلامه يطابق قوانين الطبيعة؟ وإذا كان من عادة الإله أن يدخل رَحِمَ النساء بنفسه ليرزقهن الأولاد فما الحاجة إلى عادة "نيوك" السيئة في هذه الحالة؛ لأن الطريق كان سهلا جدا وهو أن يدخل الإله بنفسه رَحِمَ زوجة الآري الذي ليس لديه أبناء.وبذلك يمكن استئصال العادة السيئة المشهورة بـ "النيوك".1 إنني لأستغرب بشدة بأن الفيدا الذي توجد فيه مثل هذه القصص كيف يقال أنه يطابق قانون الطبيعة.وكذلك إن تعليم الفيدا أن أكل اللحم ممنوع بشدة ويعارض مشيئة الله يخالف قانون الطبيعة.فلو ألقينا نظرة شاملة على لقد ورد في بعض الأماكن فيما سبق "كشليا" بدلا من "كوسيكا" وهو سهو من الناسخ.فكلما ورد اسم "كشليا" فيما سبق في هذه القصة، فلتُعتبر "كوسيكا".منه.
١٤٢ كل حيوان في العالم لوجدنا أن معظم الحيوانات الموجودة على سطح الأرض و في البحار تأكل اللحم وأنواع الحيوانات التي تأكل النباتات قلة قليلة إلى درجة لا تستحق الذكر مقارنة مع التي تأكل اللحم.ولو ألقينا أولا نظرة على الناس فحسب لثبت أن الناس في أوروبا وأميركا وآسيا كلهم يأكلون اللحم عدا قلة قليلة من هذا الهندوس.يعني أن فطرة العالم كله تقتضي أكل اللحم.والفئة القليلة من الهندوس الذين لا يأكلونه ترى الشجاعة والغيرة مفقودتين فيهم كليا.لذلك قبلوا عادة سيئة للغاية مثل النيوك ولا يصلحون للالتحاق بالجيش لأنهم جبناء للغاية.وعندما ننظر إلى حيوانات أخرى نرى أنها كلها تأكل اللحم سوى بعض الدواب الجبانة مثل الشاة والبقرة.أما الحيوانات البحرية فكلها تأكل اللحم.إن البحر الذي أحاط بأكبر جزء من الأرض - دع عنك البحار الصغيرة مليء بالحيوانات التي تأكل اللحم وعدد هذه الحيوانات أكثر من عدد الناس عشرات ملايين المرات.إذًا، فإن فعل الله تعالى الماثل أمام أعيننا يوحي بكل جلاء أن هذا هو قانون الله تعالى في الطبيعة والقول ردّا على ذلك بأن الحيوانات التي تأكل اللحم كانت أناسا سيئين في إحدى الولادات السابقة فجعلهم الإله آكلي اللحم أُعطوا عقابا لهم، سيتعجب له كل عاقل ويقول: ما أغرب هذه العقوبة التي نتيجتها غذاء جيدا ومقويا! أي منطق في أن يقدم المرء أفكاره فقط دون أن يكون عليها دليل مقابل الأمر الثابت المتحقق؟ من الثابت بوضوح أن معظم خلق الله في العالم يأكل اللحم وهذا يدل بصراحة على أن هذا ما أحبه الله تعالى للمخلوق، إلا بعض الطيور والبهائم التي لا تأكل اللحم وذلك بسبب عجزها فقط عن الصيد وإلا فهي تستطيع أن تأكل كل شيء.ولما ثبت ذلك فلا بد من الاعتراف بأن قانون الله للخلق هو أن يأكلوا اللحم لأن كثيرا من أسباب الصحة
١٤٣ جعلت مقتصرة على أكل اللحم فقط، لذا ذكر اللحم في الطب في الهند أيضا لعلاج بعض الأمراض.وإن تقديم الشبهة مقابل ذلك أن الحيوانات التي تأكل اللحم قد أُكرهت على ذلك عقوبة لها ما هو إلا ادعاء بلا دليل.كذلك يكتفي هؤلاء القوم بادعاء فقط دائما بدلا من تقديم الدليل.لا ندري هل يريدون أن يخدعوا بذلك عامة الناس أو لا يستطيعون إلى الآن أن يميزوا بين الادعاء والدليل.من المعلوم أن الراجا "رام شندر" و"كرشنا" كليهما كانا يأكلان اللحم.ولو حسبا أكله معارضا لقانون الطبيعة لما أكلوه.وكما كتبت مرارا أن ادعاء الفيدا أن الأرواح كلها قديمة وأزلية وهي تهبط على الأرض كالندى بالتكرار وتدخل بطون الناس بالغذاء وتتحول إلى الجنين، قول يخالف قانون الطبيعة تماما.ولأني أثبتُ في هذا الكتاب بأدلة مشهودة ومحسوسة أن هذا الأمر يعارض القانون السائد في الطبيعة، لذا لا حاجة إلى كتابته هنا.العلامة الثالثة التى بينها المحاضر للكتاب الموحى به هي أن يكون تعليمه عالميا.ولكن من الواضح تماما أن تعليم الفيدا ليس عالميا قط.بل لا تقبله فطرة الإنسان أيضا دع عنك أن يكون عالميا.هل لشخص غيور في العالم أن يقبل أن تسود زوجته وجهها مع شخص آخر وهي ما زالت في ربقة قرانه؟ لقد أسالت غيرة الإنسان من الدماء أنهارا في العالم عند ارتكاب مثل هذه الأعمال السيئة.فأنى لتعليم يعلّم الوقاحة هكذا أن يكون عالميا؟ إذا كان المحاضر يدعي أنه يمكن لهذا التعليم أن يكون عالميا فعليه أن ينفذه أولا في الهند على الأقل.لقد قلتُ من قبل أيضا بأنه يتبين على وجه القطع واليقين أن تعليم النيوك اختلقه المتنسكون الذين كانت نفوسهم مليئة بالشهوات كما يُملأ دمّل كبير بالصديد.ومن ناحية ثانية كانوا يدعون أنهم يستطيعون أن يعيشوا دون زوجة ولكنهم فقدوا السيطرة على
١٤٤ نفوسهم في نهاية المطاف.ففي البداية اختلق المتنسكون من أمثالهم قضية النيوك ثم أدرج ذلك التعليم في الفيدا رويدا رويدا وبدأ العمل به في الهند بوجه عام.ندعو الله ألا يكون تعليم الفيدا عالميا.عندما يصبح هذا التعليم القذر عالميا ستقوم القيامة.وسمعت أيضا أنه قد ورد في جغرافيا الفيدات أنه لا يسكن أحد وراء جبال الهملايا.يتبين من ذلك أن المراد من العالم في الفيدات هو الهند وحدها.وإن لم يكن ذلك صحيحا فمن واجب الآريين أن يقدموا أولا قائمة العالم بناء على عبارات الفيدات.أما أنا شخصيا فلا أعتقد أن الذين تلقوا الفيدات كانوا يعلمون أن هناك بلدا آخر في العالم سوى الهند.إضافة إلى ذلك، إن تعاليم الفيدا بما فيها أكل الروث وشرب البول وجعل الزوجة تضاجع رجالا آخرين بغير التطليق، وإنكار كون الله خالقا والأمر بعبادة النار والماء والقمر والشمس وغيرها من الأجرام السماوية، منتشرة في الهند كلها على نطاق واسع، وهي تعاليم سيئة لدرجة لا يمكن لأي فطرة سليمة وزكية أن تقبلها والحق أنها لتهمة ألصقت بالفيدات أن تعاليمها كانت عالمية في زمن من الأزمان.البلاد التي توجد اليوم في العالم لم يعرف أهلها قط من قبل ما هي الفيدات عندما بدأ حُكم الإنجليز في هذا البلد ترجم بعض الإنجليز الفيدات وأوصلوا اسمها إلى أوروبا وأميركا.لا ندري من علّم هؤلاء القوم مثل هذا الكلام على سبيل المكايد، وما فائدته؟ البت في هذا الموضوع سهل وهو أن تسألوا الباحثين في أوروبا منذ متى اطلعوا على اسم الفيدات؟ إضافة إلى ذلك لا يمكن عدُّ تعليم الفيدا تعليما أصلا، لأن التعليم هو الذي يهتدي به المرء إلى سبيل النجاة.ولما كان باب التوبة والاستغفار موصدا بحسب تعليم الفيدا وكان المدار كله على التناسخ فما الفائدة من الإيمان به، وما الخسارة في عدم الإيمان به؟
بين المحاضر علامة أخرى للكتاب الموحى به وهي ألا يكون بلغة بلد من البلاد، أي يجب ألا يكون أحد من سكان الأرض قادرا على الكلام بتلك اللغة ولا على فهمها.لا أرى حاجة إلى أن أقول شيئا حول هذه العلامة، فليفكر القراء بأنفسهم ما الفائدة من إنزال كتاب موحى به في لغة كهذه، وإذا لم يكن أحد قادرا على الحديث في تلك اللغة ولا على فهمها فكيف يمكن العمل بأوامر ذلك الكتاب؟ ففي هذه الحالة سيكون إنزال كتاب مثله على قلوب متلقي الفيدات أو عدمه سيين.لأن السؤال الذي سيطرح نفسه في هذا المقام هو أنه ما دام الإنسان لا يستطيع أن يفهم إلا لغة يتكلم بها، فأني كان لمتلقي الفيدات أن يفهموا لغة ما كانوا يتكلمون بها؟ وإن قلتم بأن الله تعالى أفهم متلقي الفيدات بلغته الخاصة معنى تلك اللغة غير المفهومة لكان هذا العذر بمعنى آخر إقرارا بأن الإله يُلهم بلغة الإنسان بل يثبت من ذلك أن الإله ندم بعد الإلهام في لغة لم يفهمها متلقو الفيدات، وعندما شعر بخطئه أفهمهم معنى تلك اللغة في الأخير بلغة الناس.أفلا يثبت من هذا التصرف اللاغي أن الإله أيضا يرتكب خطأ نتيجة تسرعه.وسيقع عليه اعتراض: لم لم يختر منذ البداية ما اختاره أخيرا مضطرا.إضافة إلى ذلك ما دمنا نشهد بأنفسنا أن الله يلهم الآن أيضا بلغات أخرى، وقد أدخلني بفضله ورحمته في حزب الذين يُكرمون بشرف مكالمة الله ومخاطبته، فأنى لي أن أنكر الأمور المشهودة والثابتة؟ ألا يدري أتباع آريا سماج أنه كان إلهامي الذي أنبأ قبل ست سنوات أن ليكهرام سيرحل من هذا العالم في غضون ست سنوات مقتولا وفي يوم يلي يوم العيد وكان إلهامي الذي أنبأ عن المدعو "سومراج" وصاحبيه في قاديان الذين ما كانوا يكفون عن بذاءة اللسان، بأنهم سيموتون بعذاب الطاعون.كانوا قد اتخذوا كيل الشتائم شيمة
١٤٦ لهم بواسطة جريدتهم "شبه جنتك" فقضى عليهم الطاعون في يومين أو ثلاثة أيام فقط.وكذلك كان إلهامي الذي أخبر بحدوث زلازل عظيمة في العالم كله وأخبر أيضا عن زلزال حدث بتاريخ ١٩٠٥/٤/٤م.كذلك أنبأت بمئات الأنباء التي تحققت، فأنى لي أن أنكر ما شاهدته بأم عيني.بل الحق أن الله تعالى يُلهم بكل لغة كما يسمع الناس بكل لغة إن لغات المخلوق إنما هي لغات الله في الحقيقة.فكل قوم يدعوهم في لغته.إن حقيقة لغة الفيدا أي السنسكريتية هي أنها لغة ميتة، ولأنها لا تُحكى الآن ففهم الجاهلون أنها لغة الإله، وإلا يدرك كل عقل سليم أنه لما كان الله قادرا على كل شيء وعالما بالغيب فمن الضروري أن يعلم كل اللغات ويكون قادرا على الكلام في اللغات كلها وإذا كان قادرا على الكلام بكل اللغات ولكنه يرى أن الكلام بما يحط من شأنه فلماذا يسمع أدعية الناس التي يدعون بها في تلك اللغات؟ أفلا يحط ذلك شأنه؟ من ففي هذه الحالة يجب أن يُشترط أنه لن يُسمع دعاء إلا إذا دعا الناس بلغة الإله، وإلا لن يسمع دعاءهم قط.من الغريب حقا كيف فقد هؤلاء الناس صوابهم إذ حددوا للإله لغة معينة، فكأنه كما لكل شعب لغة كذلك للإله أيضا لغة منفصلة مع أن الإله كما هو خالق الناس كذلك هو خالق لغاتهم.ولا يسعنا القول بأنه يجهل لغاتهم أو لا يقدر على الكلام بها.ولا نرى سببا لماذا يكره الإله الإلهام بلغات أخرى.والغريب في الأمر أنه يسمع الأدعية بلغات أخرى ولكنه لا يتكلم بها.إضافة إلى ذلك أثبت ببحث عميق بأن اللغة العربية هي أم اللغات الموجودة في العالم كله، ولكن لا أريد أن أكتب ذلك هنا خشية الإطالة.ولكن سأكتب مقالا مفصلا ومنفصلا في وقت آخر بإذن الله نتيجة تحريض من أحد الآريين.
لقد ذكر المحاضر علامة أخرى للكتاب الموحى به، وهي ألا يحتوي الكتاب على قصة.ولكن يبدو أن الحواس العقلية لقائل هذا الكلام ليست على ما يرام الله لأن كل ما يقوله هو ادّعاء محض، وإلا من الواضح تماما أن من سنن تعليم وتربيته للناس، الذي هو عالم الغيب والرحيم ومنبع العلوم كلها، أن يُطلع المتأخرين على أخلاق المتقدمين وأحوالهم ويبين أنه قد خلا من قبل المؤمنون الصادقون والمخلصون الذين صبروا على الشدائد والمصائب ووقعوا في ابتلاءات قاسية وخرجوا منها فائزين ناجحين وتقدموا إلى الأمام دائما في سبيل الله.وأنعم الله تعالى عليهم نعما عظيمة نظرا إلى إخلاصهم ورزقهم نجاحا في كل أمر وأدخلهم في عباده الأصفياء.وقد خلا مقابلهم أناس آخرون أيضا ظلوا منحرفين عن الله تعالى وارتكبوا أنواع الذنوب بكل تجاسر وآذوا عباد الله، ولكن بطش بهم في الأخير وواجهوا عذابا شديدا.يهدف الله تعالى من بيان هذه القصص إلى أن ينتبه الناس إلى هذا السبيل ويهجروا السيئة ويتأسوا بأسوة حسنة.الآن يجب أن يفكر العاقلون لماذا حُرِّم بيان قصص كهذه التي تفيد الناس فائدة صريحة؟ من طبيعة الإنسان أنه عندما يسمع قصص الصلحاء والطيبين الذين أبدوا إخلاصا خارقا في سبيل الله ونالوا أجورا عظيمة على إخلاصهم تنشأ تنشأ في قلبه رغبة عارمة في كسب تلك الأعمال، وعندما يسمع قصص الذين نالوا عقابا وبالا على أعمالهم ينشأ في قلبه خوف تجاه تلك الأعمال ألا يُبطش به أيضا.فهذا طريق للترغيب والترهيب وظلت فطرة الإنسان تتأثر به دائما.فهذه هي علامة كتاب الله الكامل ألا يترك طريقا مؤثرا حاشية: أنقل هنا ما قاله "بابا نانك" الذي كان رجلا صالحا- فيقول عن الفيدا ما مفاده: "الفيدات الأربعة قصة أي أن الفيدات الأربعة قصص محضة لا حقيقة فيها ولا مغزى.منه.
١٤٨ لإقامة الناس على سبيل الحق بل يبين كل طريق.إذا، فقد استخدم القرآن الكريم كل هذه الأساليب.فقد بين القرآن الكريم أولا بكل وضوح أن أعمالا كذا وكذا صالحة وأعمالا كذا وكذا طالحة وبين عواقب الأعمال الصالحة والطالحة بكل وضوح.ثم سرد بصدد تلك الأعمال سوانح الذين خلوا في غابر الأزمان والمعلوم أن للقصص دورا كبيرا في الميل إلى الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وترك الطرق السيئة إلى درجة أن الذين يقرأون كتب القصص أيضا يتأثرون بتلك القصص الخيالية والمصطنعة.والحق أن هذه وسيلة علمية لإصلاح السلوك والتغيير في الأخلاق بحيث ظل الناس يستفيدون منها منذ بدء الخليقة ويستفيدون الآن أيضا.ولكن ماذا نقول وماذا نكتب عن فيدات الآريين الحالية، فهي تعادي هذه الوسيلة العلمية أيضا.إضافة إلى ذلك ليس الهدف من وراء القصص المذكورة في القرآن الكريم سرد الأعمال الصالحة والطالحة للذين خلوا وأن تُبيَّن عاقبتهم لتكون سببا للترغيب أو العبرة فقط، بل هناك هدف آخر أيضا وهو أن تلك القصص كلها قد ذكرت كنبوءات، وقيل بأن الظالمين والأشرار في هذا الزمن أيضا سيعاقبون في نهاية المطاف كما عوقب الأشرار من قبل، وكذلك سيحظى الصادقون والأتقياء بفتح كما حظوا به في الأزمنة الخالية.إنني أستغرب كيف كتب المحاضر هذا ولماذا فضح الفيدا بكتابة علامةً باطلة ولاغية مثلها للكتاب الإلهامي، ولماذا هيأ للعقلاء فرصة الضحك على الفيدا؟ ومن لا يدري أن القصص مذكورة في الفيدا أيضا ، أليست قصة الزاهد "كوسيكا" مذكورة فيه؟ كذلك هناك قصص كثيرة أخرى أشير إليها في عبارات "رج فيدا".الحق أن هؤلاء الناس في حكم الصديق الجاهل إذ يضعون من عندهم شروطا سخيفة للكتاب الموحى به وبذلك يصمون وجه الفيدا بنقطة سوداء.لقد اعتبر التاريخ
١٤٩ طريقة علمية بحد ذاته فكيف صارت جديرة بالاعتراض القصص التي بها الأمور التاريخية فقط بل تجذب تلك القصص إلى الحسنة والصلاح بتقديم الأمثلة والنظائر الجميلة، وببيانها عاقبة الأشرار والسيئين تمنع عن السيئات وكأنها جيش عرمرم يفتح القلوب، ويزيل نقاط الضعف ويهب القوة لكسب الأعمال الصالحة.لقد ذكر المحاضر علامة أخرى للكتاب الموحى به، وهي أن يكون الكتاب منبع العلوم الدينية كلها.يبدو من بيانه هذا أنه يعادي الفيدا سرا عداوة شديدة لأنه يقول بما لم يُذكر فيه.أرى أن ذكر الأمور الدنيوية لغو بحت، فالآريون الذين قرأوا العلوم الحديثة كعلم الفلك وغيره، يعرفون جيدا في قرارة قلوبهم أنه قد اكتشفت في زمن التقدم العلمي الراهن- بواسطة التجارب المتنوعة في علوم الطبيعة وعلم الفلك - أسرار كثيرة لم يعلمها الفيدا، ولا رجال الدين الذين نزلت عليهم الفيدات، بل ليس للفيدات أدنى علاقة بالعلوم الدنيوية، بل هي كتب من زمن الوحشية حين كان الناس يجهلون تماما هذه العلوم إلى درجة لم يستطيعوا أن يعرفوا خالقهم ومالكهم.وليس ذلك فحسب بل كانوا يجهلون كليا مقتضى طهارة الإنسان والتحضر أيضا.إن معتقد النيوك يبين أنه كما تتناسل السباع والبهائم وغيرها في الفلوات والبراري متحررة من قيد النكاح، كذلك كان الآريون يفعلون في ذلك الزمن، بل كانوا أسوأ من البهائم أيضا لأن الله لم يرزقها العقل، فهي معذورة، ولكن هؤلاء القوم سبقوا البهائم أيضا مع امتلاكهم العقل.ففي دينهم تضاجع المرأة المتزوجة شخصا آخر؛ فماذا عسى أن تكون الوحشية أكثر من ذلك؟ عندما يفقد المرء الحياء والمروءة يحسب القذارة أيضا طريق الطهارة.ولا بد من الانتباه عند ذكر العلوم الدنيوية أن هؤلاء الناس ذاكرتهم عن التاريخ ضعيفة جدا.يمكن الاطلاع على
10.تاريخهم إلى حد ما إلى عصر الإسلام ولكن إذا رجعنا قليلا إلى ما قبل عصر الإسلام يسود الظلامُ أحداث تاريخهم.وعندما نرجع إلى ألف سنة أخرى نرى الظلام وحده سائدا؛ إذ لا نعثر على تاريخ موثوق به سوى كلام الشعراء الفارغ والمبني على المباهاة والاعتزاز فقط.ولا نقول ذلك نحن فقط بل بقدر ما فكر العقلاء في الدنيا في أحداث تاريخهم اتفقوا جميعا على هذا الرأي.أما القول بأن الفيدا منبع العلوم الروحانية فقد اطلعت على هذه الحقيقة منذ أن قرأت في كتاب "ستيارته "بركاش" أن الفيدا أظهر علمه الروحاني بأن الأرواح تخرج من الأبدان وتهبط على الخضروات والأعشاب كالندى.فكيف لا يكون منبع العلوم الروحانية ذلك الفيدا الذي يملك هذا النموذج للعلوم الروحانية؟! إن اللبيب من الإشارة يفهم.وإن كون الأرواح مخلوقة ثابت من عشرات ملايين المشاهدات ولكن الفيدا يقول بأنها ليست مخلوقة بل هي أزلية ووجدت من تلقاء نفسها مثل الله.فمن ناحية يرفض الفيدا كون إلهه خالقا مه ومن ناحية ثانية ينكر أمرا مشهودا ومحسوسا.هذه فلسفته وهذه علوم الروحانية!! ولكن القرآن الكريم يقول بأن الأرواح ليست أزلية أو غير مخلوقة بل تتولد نتيجة اجتماع النطفتين بطريقة معينة، أو تتولد كما في الحشرات من مادة واحدة.وهذا هو الحق لأن المشاهدة تشهد على ذلك ولا مندوحة من الإيمان به وإن إنكار الأمور المشهودة والمحسوسة جهل بحت.وحين نقول بأن الروح تُخلق من العدم ليس معنى ذلك أنها لم تكن شيئا من قبل، بل المراد من ذلك أنه لم تكن لها مادة حتى يولد الإنسان منها روحا بقوته.بل إن أسلوب ولادتها هو أن قوة الله الله وحكمته وقدرته تخلقها من مادة ما.لذلك عندما سُئل النبي عن الروح أمره الله تعالى أن يجيب عليهم : الله الروح من أمر ربي.في هذا الموضوع هناك آية قرآنية: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.أي يسألونك ما هي الروح وكيف تتولد، فقل لهم أنها تتولد بأمر ربي أي أنها سر من أسرار الله ولا تعلمون عنها إلا قليلا.أي تقدرون أن تروا الروح تتولد وليس أكثر من ذلك كما نرى بأعيننا أن بعض الحشرات تتولّد من مادة ما أمام أنظارنا.إن قانون الله تعالى الطبيعي في خلق روح الإنسان هو أنه عندما يتكوّن القالب رويدا رويدا بعد اجتماع النطفتين، يتولد في القالب- الذي هو مجموعة الدم والنطفتين - جوهر خاص كما يتكون باختلاط بعض الأدوية تأثير معين في مزيجها ولا ينشأ ما دامت منفصلة عن بعضها.ويكون ذلك الجوهر على 6 110 خاصية الفسفور نوعا ما ثم عندما تهب عليه رياح التجلي الإلهي بأمر "كُن" يشتعل دفعة واحدة وينشر تأثيره في جميع أجزاء ذلك القالب، عندها تدب الحياة في الجنين.فهذا الشيء المشتعل الذي يتولد في الجنين بالتجلي الإلهي يسمى "الروح"، وهو الذي يسمى كلمة الله ويقال أنه "من أمر ربي" لأن الطبيعة المدبّرة للمرأة الحامل تخلق جميع الأعضاء بأمر الله القادر على كل شيء وتكون القالب كشبكة العنكبوت، ولا دخل للطبيعة المدبّرة في الروح بل تتولد الروح نتيجة التجلي الإلهي الخاص فقط.ومع أن فسفور الروح يتكون من تلك المادة نفسها ولكن النار الروحانية التي اسمها الروح لا يمكن أن تتولد فقط دون مس النسيم السماوي.هذا هو العلم الحقيقي الذي علمنا إياه القرآن الكريم ولا يمكن أن تصله عقول الفلاسفة كلهم، كذلك حرِّم الفيدا أيضا هذا العلم کشجرة الخيزران التي لا تحمل ثمرا.القرآن الكريم هو الذي جاء بهذا العلم إلى الأرض.فمن هذا المنطلق نقول بأن الروح تُخلق من العدم أو تلبس لباس الإسراء: ٨٦
١٥٢ الوجود من العدم.لا نقول بأن الروح تُخلق من العدم المحض لأن نظام الخلق کله مرتبط بسلسلة الحكمة وسلسلة العلل والمعلولات أما القول بأنه إذا كانت الروح مخلوقة فلا بد أن تفنى أيضا، فجوابه أنه مما لا شك فيه أن الروح قابلة للفناء والدليل على ذلك أنه إذا تخلى الشيء ود عن صفاته سُمِّي فانيا.فمثلا لو زال تأثير دواء ما كليا لقلنا: فني الدواء.كذلك ثابت عن الروح أنها تهجر صفاتها في بعض الحالات، بل تطرأ عليها تغيرات أكثر من الجسم أيضا.وعندما تُباعد تلك التغيرات بين الروح وصفاتها يقال بأن الروح فنيت لأن المراد من الموت أو الفناء هو أن يهجر الشيء صفاته الضرورية؛ عندها يقال إن شيئا كذا قد فني.هذا هو السر في أن القرآن الكريم عدّ حيّة بعد مغادرة الدنيا تلك الأرواح الإنسانية فقط التي احتفظت بصفاتها التي هي الغاية المتوخاة من خلقها، أي حب الله الكامل وطاعة الله الكاملة التي تمثل حياةً للروح البشرية.وعندما ترحل روح من هذه الدنيا ممتلئة بحب الله تعالى وفانية في سبيله تُسمى روحا حية أما الأرواح الأخرى فكلها ميتة.فملخص الكلام أن انفصال الروح عن صفاتها هو موتها في الحقيقة.فحين يموت جسم الإنسان في حالة النوم تموت الروح أيضا معه، بمعنى أنها تهجر صفاتها التي كانت تتحلى بها في اليقظة فيصيبها نوع من الموت، لأن الصفات التي ترافقها في اليقظة لا تبقى معها أثناء النوم، فهذا أيضا نوع من الموت.لأن الشيء الذي ينفصل عن صفاته لا يمكن اعتباره حيا.ينخدع كثير من الناس كلمة "الموت"، ولكن ليس المراد من الموت هو الانعدام فقط بل تنحي الشيء عن صفاته أيضا موت، وإلا فالجسم الذي يموت يبقى ترابه موجودا على أية حال.كذلك المراد من موت الروح أيضا أنها تفصل عن صفاتها، كما من
١٥٣ يلاحظ في عالم النوم أن أعمال الجسم تبطل كذلك تتعطل الروح أيضا كليا في عن صفاتها التي كانت ترافقها في اليقظة.فمثلا تقابل روح شخص حي النوم روح شخص ميت ولا تدري أنه ميت إذ تنسى هذا العالم فور لجوئها إلى النوم وتخلع لباسا سابقا وتلبس ثوبا جديدا، وتنسى دفعة واحدة كل العلوم التي كانت تتحلى بها ولا تذكر من هذا العالم شيئا وتتعطل عن سلوكياتها إلا أن يذكرها الله، فتتعطل عن صفاتها تماما وتصل إلى حظيرة القدس في الحقيقة.عندها تكون كل حركاتها وكلماتها وعواطفها تحت سيطرة الله، وتكون تحت تصرف الله بحيث لا يمكن القول بأن كل ما تفعله في حالة النوم أو تقوله أو تسمعه وما تقوم به من تصرف تقوم به بخيارها، بل الحق أن كافة قوى الخيار تُسكب منها وتطرأ عليها علامات الموت كاملا.فبقدر ما يصيب الموتُ الجسم يصيب الروح أكثر من ذلك.إنني لأستغرب من الذين لا يتأملون في حالة نومهم ولا يفقهون أنه لو استثنيت الروح من الموت لاستثنيت من عالم النوم أيضا.إن عالم النوم في حكم المرآة لنا لفهم كيفية عالم الموت.الذي يريد الحصول على معرفة حقيقية عن الروح عليه أن يمعن في عالم النوم كثيرا إذ يمكن أن تُكشف كافة أسرار الموت بالتأمل في النوم.إذا تفكرتم في أسرار عالم النوم كما يجب وتدبرتم كيف يصيب الموت الروح في عالم النوم وتنفصل عن علومها وصفاتها لاستيقنتم أن ظاهرة الموت تشبه ظاهرة النوم تماما.فلا يصح القول بأن الروح تبقى بعد فراق الجسد على الحال نفسها التي كانت عليها في الدنيا.بل يصيبها بأمر الله موت كما أصابها في حالة النوم، بل تلك الحالة تكون أقوى من هذه بكثير وتُسحق كل قوة من قواها في رحى العدم، وهذا هو موت الروح.والذين كسبوا أعمالا تقتضي الحياة هم الذين يحيون، وليس بوسع روح أن تبقى حية من تلقاء نفسها.هل تقدرون على أن تسيطروا في
154 حالة النوم على كافة صفاتكم وحالاتكم وعلومكم التي تتسنى لكم في حالة اليقظة؟ كلا، بل الحق أن حالة الروح تتغير تماما بمجرد لجوئكم إلى النوم ويصيبها الفناء بحيث يتغير نظام حياتها كله رأسا على عقب.فيقول الله تعالى في القرآن الكريم عن موت الروح الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )..أي عندما توافي المنية الأرواح يجعلها الله تعالى تحت سيطرته..بمعنى أنها تخضع تخضع عند موتها لسلطة الله وسيطرته تلقائيا..أي تصبح الأرواح كالعدم تماما وتزول عنها صفات الخيار ومعرفتها الشخصية ويسيطر عليها الموت كليا..بمعنى أن الأرواح تصبح في حالة العدم وتزول عنها صفات الحياة.والروح التي لا تموت في الحقيقة بل تكون بحالة شبيهة بالموت تطرأ عليها هذه الحالة عند نوم الإنسان.وفي هذه الحالة تكون الروح تحت تصرف الله تعالى وسيطرته تماما ويطرأ عليها تغير بحيث لا يبقى فيها شيء من حالة الشعور والإدراك الدنيوي.باختصار، تكون الروح في حالة الموت والنوم كلتيهما تحت سيطرة الله تعالى وسلطته، إذ تتلاشى منها علامة الحياة تماما، أي الخيار الذاتي والمعرفة الذاتية.والروح التي أورد الله عليها الموت في الحقيقة يمسكها من العودة.أما الروح التي لم يورد عليها الموت كليا فيرسلها إلى الدنيا مرة أخرى إلى أجل مسمى، ففي نظامنا هذا آيات للذين يتفكرون.هذه هي ترجمة معاني الآية المذكورة مع الشرح.وتدل هذه الآية الكريمة على أنه كما يصيب الموت الجسد كذلك يصيب الأرواح، ولكن يتبين من القرآن الكريم أن أرواح الأبرار والأخيار تحيا الزمر : ٤٣
001 مجددا بعد بضعة أيام، بعضها بعد ثلاثة أيام وبعضها بعد أسبوع وبعضها بعد أربعين يوما، وتنال حياة ثانية مليئة بالسعادة والمتعة الكثيرة.هذه هي الحياة التي لنيلها يخضع العباد الصالحون لله تعالى بكل قوتهم وسعيهم وكامل صدقهم وصفائهم، ويبذلون قصارى جهودهم للخروج من ظلمات النفس، ويختارون حياة المرارة لنيل رضا الله تعالى وكأنهم يموتون في هذا السبيل.فكما تبين الآية المذكورة آنفا بجلاء أن الموت يصيب الروح أيضا مثل الجسد ،تماما وإن كانت كيفيات ذلك العالم خافية جدا لا تظهر في هذه الدنيا المظلمة.ولكن مما لا شك فيه أن عالَم الرؤيا أي عالم النوم نموذج لذلك العالم.والموت الذي يصيب الروحَ في هذا العالم يلاحظ نموذجه في عالم النوم أيضا لأننا نرى أن صفات روحنا كلها تنقلب رأسا على عقب فور لجوئنا إلى النوم وتتلاشى سلسلة اليقظة كلها وتنعدم صفات الروح كلها وكافة العلوم التي كانت روحنا تتحلى بها، ونواجه في النوم مشاهد الروح التي يتبين منها أن روحنا قد تغيرت تماما، وقد فُقدت كافة صفاتها التي كانت موجودة في اليقظة.هذه الحالة تشبه الموت بل هي نوع من الموت.وهذا دليل قطعي ويقيني على أن الموت الذي يصيب الروح عند موت الجسد يشبه الموت الذي يصيب الروح في حالة النوم، ولكن ذلك الموت ثقيل جدا مقارنة بهذا الموت.ملخص الكلام أن الفيدا قد ارتكب خطأ كبيرا إذ عد الأرواح أيضا أزلية وأبدية مثل الله تعالى.من أكثر جهلا ممن يعد الفيدات منبع العلوم وهي مليئة 1 المشاهد الروحانية في حالة النوم تكون غريبة، فمثلا يرى الإنسان نفسه كطفل أحيانا، وينسى تماما واقع الأمر الحاصل في اليقظة أنه في الحقيقة شاب أو شيخ هرم وله أولاد وزوج.فكل هذه المشاهد التي تُشاهَد في عالم النوم تدل بوضوح على أن الروح تتخلى في حالة النوم عن ذاكرتها وصفات يقظتها، وهذا هو موتها.منه.
١٥٦ بالأخطاء وتعلم الشرك باعتبارها أن المخلوق يتساوى مع الله! ولكن القرآن الكريم لا يعدّ الأرواح أزلية وأبدية بل يعدها مخلوقة وفانية أيضا، كما يقول بكل وضوح عن كونها مخلوقة: ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ أي عندما يتكون القالب نخلق منه بعد تكوينه خلقا جديدا، أي روحا كذلك ورد في آية أخرى في القرآن الكريم: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " أي الروح تُخلق بأمر ربي.وقد أشار الله تعالى في عدة أماكن إلى أن أخلاق الروح تطابق المادة التي تُخلق منها الروح.وهذا ما يتبين من إمعان النظر في كافة السباع والدواب والطيور وحشرات الأرض، إذ إن الحيوانات تتحلى بالصفات النفسية بحسب مادة النطفة فيثبت من الآيات المذكورة أن الأرواح مخلوقة.وهناك آية أخرى أيضا تثبت كون الأرواح مخلوقة وهي: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ، أي أن الله خلق كل شيء، ولا يخرج شيء عن خلقه.وقد خلق كل شيء، ثم حدد جسد كل شيء وقدراته وقواه وخواصه وصورته وشكله في حد معين لتدل محدوديته على وجود محدد وهو البارئ عز اسمه.ولكنه و غير محدود لذا لا يجوز أن يُسأل عنه : مَن هو محدده؟".فقد قال تعالى في الآية المذكورة آنفا بمنتهى الوضوح بأن كل ما جاء إلى حيز الوجود خلقه الله مع كل قواه وقدراته هذا هو التوحيد الكامل الذي يجعل الله منبع جميع الفيوض، ولا يعدّ شيئا لم يخلقه الله أو يعيش دون سند منه.والجزء الثاني لهذا التوحيد هو أنه كما لم يوجد شيء من تلقاء نفسه سوى الله، كذلك ليس هناك شيء بريء من الفناء والهلاك سوى الله كما يقول الله المؤمنون: ١٥ - 11 الإسراء: ٨٦.حاشية: هذا أحد المعاني المختلفة التي بينها المفسرون لهذه الآية.منه.الفرقان: ٣
الله في القرآن الكريم: كُلُّ شَيْءٍ هَالِك إِلَّا وَجْهَهُ، أي كل شيء عرضة للهلاك والموت سوى الله فهو منزّه عن الموت.كذلك قال في آية أخرى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ.فكما أدخل الله تعالى في الآية: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ كل شيء سواه في عداد المخلوقات باستخدام كلمة: "كل" التي تفيد الإحاطة التامة، كذلك جعل الموت لا مندوحة منه لكل شيء سواه ل باستخدامه كلمة: "كل" في الآية: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، وكذلك جعل الموت ضروريا لكل شيء إلا نفسه في الآية: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ.فكما يصيب الجسم موتُ نتيجة الانحلال في التركيب الجسدي كذلك يحل الموتُ بالروح نتيجة التغيرات في صفاتها.ولكن الذين يموتون فانين في وجه الله يُحيون من جديد نتيجة وصالهم بالله عز ،اسمه وتكون حياتهم ظل حياة الله.وتُخلق في الأرواح الخبيثة أيضا حاسة للعذاب ولكنهم لا يكونون من الأحياء ولا من الأموات؛ كما أن أحدا عندما يصاب بألم شديد تصبح هذه الحياة فاقدة الصواب بمنزلة الموت وتتراءى له الأرض والسماء مظلمتين.فعن أمثاله يقول الله تعالى في القرآن الكريم: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا.وإذا تأمل الإنسان في نفسه كيف تطرأ التغيرات في روحه في اليقظة والنوم لاضطر إلى الاعتراف أن الروح أيضا خاضعة للتغيرات مثل الجسد.والموت اسم آخر للتغيرات وسلب الصفات وإلا فإن تراب الجسم يبقى بعد حدوث التغير أيضا، ولكن يُطلق لفظ "الموت" على الجسد نتيجة هذا التغير.وإلى ذلك يشير الله تعالى في القرآن الكريم كما يقول: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ القصص: ۸۹ الرحمن: ٢٧ طه: ٧٥
101 أَفَلا تُبْصِرُونَ أي ، ألا تفكرون في أنفسكم؟ هذه الآية تعني أنه قد وضعت في روح البشر خصائص وتغييرات عجيبة وغريبة لا توجد في الأجسام.وبالتأمل في الأرواح يمكن للإنسان أن يعرف ربه سريعا، كما جاء في حديث: حديث: "من عرف نفسه فقد عرف ربه.ثم يقول الله تعالى في آية أخرى من القرآن الكريم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى.أي سألتُ الأرواح: ألستُ خالقكم؟ فأجابت الأرواح كلها، بلى معنى هذه الآية أنه منقوش ومترسخ في فطرة الأرواح أنها معترفة بخالقها.ثم تطرأ ظلمة الغفلة على بعض الناس ويتأثرون بتعاليم نجسة، فيُلحد بعضهم وينضم بعضهم إلى الآريين وينكرون خالقهم على النقيض من مقتضى فطرتهم من المعلوم أن كل شخص يحب والديه إلى درجة أنّ بعض الأولاد يموتون على إثر موت الأم.فإذا كانت الأرواح ليست مخلوقة بيد الله فمن رش ملح حبه على فطرتها؟ ولماذا ينجذب قلب الإنسان إلى الله تعالى ويجري في باحة صدره بحر حبه عندما تفتح عينه ويزول عنها حجاب الغفلة؟ لا بد أن للأرواح مع الله تعالى علاقة الذاريات: ٢٢ الله عيانا.التغييرات التي تطرأ على الأجسام لا يستطيع الإنسان أن يستفيد من معظمها لأن الأشياء المادية تدخل في العادات سريعا أما التغيرات التي تطرأ على الروح، وخاصة في أثناء المجاهدات وحالات عالم الكشف، غريبة حقا وكأنها تري الإنسان وجه وكل من يقطع منازل المعرفة يشعر عند درجة تقدمه أن حالة روحه السابقة كانت بمنزلة الموت، ولم تكن حائزة قط في الحالة الأولى على نصيب العلم والإدراك الذي نالته الحالة الأخيرة.بل يمكن أن يقتنع الحاصلون على العلوم الظاهرية كيف أن الروح كانت غارقة في النوم في مرحلة الطفولة، ثم كيف تطرق إليها نور جديد عندما نالت حظا من العلوم الكثيرة منه.الأعراف: ١٧٣
۱۰۹ تجعلها في الله كالمجنون، فتفنى في الله إلى درجة تكون عندها جاهزة للتضحية بكل شيء في هذا السبيل.بل الحق أنها علاقة غريبة ولا نظير لها في الأب.فإذا وجدت الأرواح من تلقائها كما يزعم العلاقة مع الأم ولا مع الآريون فكيف إذا نشأت هذه العلاقة؟ ومن أودع الأرواح قوى الحب والعشق مع الله تعالى؟ إنه لمقام التأمل والتدبر، وهذا المقام هو مفتاح المعرفة هذه الصادقة.والثابت من بحوث علوم الطبيعة أن جسم الإنسان يتحلل في غضون ثلاثة أعوام ويحل محله جسم آخر، وهذا أمر مؤكد كما هو ملحوظ أنه عندما ينحف جسم الإنسان بشدة عند إصابته بمرض ويصبح كهيكل عظمي يعود الجسم نفسه إلى هيئته الطبيعية رويدا رويدا بعد استعادة الصحة.فكذلك تتحلل دائما أجزاء الجسم السابقة وتحل محلها أجزاء جديدة وكأن الجسم في مواجهة موت وحياة في كل حين وآن كذلك تطرأ على الروح أيضا تغيرات على غرار الجسد، وهي أيضا في مواجهة موت وحياة كل حين.والفرق الوحيد هو أن التغيرات التي تطرأ على الجسد واضحة وبينة ولكن كما أن الروح خافية كذلك تغيراتها أيضا خافية.يتبين من القرآن الكريم أن التغيرات الطارئة على الروح غير متناهية إلى درجة أن تلك التغيرات ستحدث في الجنة أيضا، ولكنها ستكون نحو التقدم والارتقاء، فتتقدم الأرواح إلى الأمام دائما من حيث صفاتها الروحانية، وستكون الحالة الأخيرة أبعد وأعلى من سابقتها باستمرار وكأن الحالة الأولى تشبه الموت مقارنة بالحالة الأخيرة.يقدم الآريون على أزلية الأرواح دليلا مفاده أن الإله أزلي وصفاته أيضا أزلية، وإذا اعترفنا بأن الأرواح حادثة لاستلزم ذلك الاعتراف حدوث صفات الله أيضا، لذا لا بد من الاعتراف بأن الأرواح ليست حادثة.ولكن لا أدري
١٦٠ إلى أي مدى غرق هؤلاء القوم في الجهل إذ يتفوهون بشيء ويعتقدون بشيء آخر.من الواضح أنه ما دام الله لم يخلق الأرواح بحسب زعمهم بل جاءت إلى الوجود بنفسها وهي أزلية مثل الإله ولم تلمسها يد الإله فما علاقتها بصفات الإله؟ وأية صفة من صفات الإله تثبت نتيجة الإقرار بأزليتها إذ لا علاقة لها بالإله أصلا؟ غير أنه صحيح تماما أن صفات الله مثل الخالق والرزاق أزلية وليست حادثة، فلا بد من اعتبار وجود المخلوق قديما من حيث النوع وليس من حيث الذات من منطلق أزلية صفات الله تعالى.بمعنى أن نوع المخلوق موجود منذ القدم، وقد ظل الله يخلق نوعا جديدا بعد النوع الأول باستمرار.هذا ما نؤمن به وهذا ما علّمنا القرآن الكريم.ولا ندري ما الذي خلقه الله تعالى قبل الإنسان، ولكننا نعرف أن صفات الله لم تتعطل بصفة دائمة قط.لم وإن قدم المخلوق النوعي ضروري نظرا إلى صفات الله الأزلية ولكن قدم الذات ليس ضروريا.إن أكبر خطأ للآريين هو أنهم يقيسون قدرات الله وأسراره اللانهائية بمقياس علمهم المحدود جدا، ويعدّون الأمور المستحيلة على الإنسان مستحيلة على الله أيضا.وبناء على ذلك يعترضون بالقول: من أين خُلقت الأرواح ومن أين خُلقت المادة؟ من الغريب حقا أنهم لا يحلون أولا معضلة: من أين حاشية: يُعتقد حدوث إضافي عن بعض صفات الله؛ كما أن الجنين عندما يكون في البطن فعلم الله - الذي يجب أن يطابق علمه واقع الحال يكون بأنه موجود في البطن.وعندما يُحدث الجنين في حالته تغيرا بولادته يحدث ذلك التغير في علم الله أيضا، ولكن مع كل ذلك يجب أن يكون معلوما أن جميع صفات الله تعالى أزلية.منه.لقد وضعتُ شرط الدوام لأن الأحدية أيضا من صفاته تعالى، لأن وجود شيء آخر ليس ضروريا لوجوده تعالى، لذا سيأتي زمان يمحو الله تعالى فيه نقش الموجودات كلها ليثبت صفة أحديته، كما أتى زمن مثله من قبل أيضا.منه.
جاء الإله وكيف خُلق؟ ما دمنا مضطرين إلى الاعتراف بأن قدرات الله لا نهائية وأسراره وراء الوراء وخبرتنا تشهد على ذلك فلماذا يُستخدم هذا المنطق السخيف عن قدرة الله؟ ما دام أهل الدنيا أيضا يحيرون الناس باكتشافاتهم الغريبة وتظهر للعيان أسرار العلوم العميقة بحيث مضى قبل العصر الراهن آلاف الفلاسفة الذين كانوا يعدونها من قبيل المستحيلات، فلماذا تُثار الاعتراضات على أسرار الله العميقة؟ كل ما نشاهده كل يوم، هل يمكننا أن نصل إلى كنهه بقوة عقولنا؟ فمثلا تُزرع في الأرض حبة من القمح فتخرج منها نبتة خضراء وتنبت السنابل ويتفتح النورُ وتتحول حبة واحدة إلى عدة حبوب، فهل لأحد أن يفهم كيف تتولّد كل هذه الأشياء من حبة واحدة؟ وإذا اقتصرنا على الإقرار بخلق وجود من وجود فحسب فيجب أن تنبت حبة واحدة مقابل حبة واحدة أما الأخرى فلا بد من الاعتراف بأنها خُلقت من العدم.كذلك إذا زرعت في الأرض حبة واحد من المانجو تنبت منها دوحة عظيمة رويدا رويدا وتتفرع منها فروع كثيرة وتحمل في الأخير آلاف الحبات.فهل لأحد أن يفهم هذه القصة؟ لم تُبذر إلا حبة واحدة ولكن من أين جاءت كومة من الأخشاب والأوراق والأزهار؟ ماذا يمكن اعتباره إن لم نعتبره خلقا من العدم؟ فالحق أنه فيما يتعلق بإنبات الغلال والثمار، لو لم يخلق من العدم ولو نبتت حبة واحدة فقط مقابل حبة لمات الناس جميعا في أيام قلائل.أما من حيث العقل فلا بد من الاعتراف أنه يجب أن تنبت حبة واحدة فقط مقابل حبة، أما ما يخلقه الله عدا ذلك فكله يفوق العقل وهو خلق من العدم.ولكن الأسف كل الأسف على كافري النعمة هؤلاء الذين يرون الخلق من العدم دائما ويعيشون بأكل الغلال والفواكه التي تُخلق من العدم ومع ذلك ينكرون قدرات الله بعد رؤية كل شيء، ويشرعون في الاعتراضات الله
١٦٢ ويقولون كيف يخلق الله من العدم؟ يقولون بأفواههم بأن الله قادر على كل شيء ولكن لا يحسبونه كذلك في قرارة قلوبهم واضح أنه ما لم يُظهر الله قدراته لا يثبت كونه قادرا.وإذا كانت قدرات الله محصورة في قدرات الإنسان فحسب، فما الفرق بينه وبين الإنسان؟ الله يقول الله في القرآن الكريم على سبيل المثال: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ أي الذين ينفقون في سبيل الله يبارك الله في أموالهم كما أن حبة واحدة تُزرع في الأرض ولكن الله يستطيع أن يُخرج منها سبع سنابل وكل سنبلة يمكن أن تحمل مئة حبة.بمعنى أن الإكثار والزيادة في القدر الأصلي داخل في قدرة الله.والحق أننا أحياء بفضل قدرته هذه.ولولا قدرة الله على الإكثار في شيء من عنده لهلكت الدنيا كلها ولما بقيت على وجه الأرض نفس منفوسة.إذًا، لقد أنقذت قدرة على الخلق من العدم العالم كله من الوقاحة الشديدة أن يعد المرء الله عاجزا عن إظهار قدرته وألا يحسبه قادرا على الخلق من العدم نرى أن اكتشافات الناس أيضا تُري أعمالا غريبة وكأنها تخلق من العدم.فمثلا الصوت الذي يُخزَن في الـ"فونوغراف" يصدر منه بحسب لفظِ مَن حُزن صوته تماما.فهل كان لأحد قبل هذا الاختراع أن يفهم أن في الصوت مزية بحيث يمكن تخزينه في أدوات معينة ثم يُسمع مثل الصوت الأصلي، ويمكن أن يبقى مخزنا إلى سنوات طويلة ومدة مديدة، ثم إذا أُريد الاستماع له يمكن أن يصدر الصوت وكأن صاحبه يتكلم بنفسه.أليس هذا خلق من العدم؟ إن لم يكن المرء مطلعا على هذا السر الطبعي لفزع من هذا الصوت وزعم كأن جنا يتكلم في الأداة.البقرة: ٢٦٢
١٦٣ كذلك تكتشف في العصر الراهن آلاف الأسرار العلمية التي كانت تُعدّ في طيات العدم في زمن من الأزمان وتُكتشف اليوم خصائص العلوم الطبيعية الدقيقة بواسطة الاكتشافات الجديدة إلى درجة يحتار لها العقل كليا.ومن الغريب أن يوجد في هذا العصر أيضا جهلاء يعترضون على أسرار قدرة الله ويقولون كيف يمكن أن تُخلق الروح من العدم؟ بينما يرون آلاف الأشياء تُخلق على هذا المنوال.فمثلا إذا مات معدن وفني كليا تعود إليه الحياة نتيجة غليه مع العسل والبورق (Borax) والسمن.يقول قائل في اللغة البنجابية ما معناه في العسل والبورق (Borax) والسمن تكمن حياة المعدن الميت.ولقد لوحظ من أسرار قدرة الله أنه إذا ضُرب السنجاب بالعصا أو الحجر ومات كليا في الظاهر وكان حديث الممات ودفن رأسه في الروث لعاد إلى الحياة بعد بضع دقائق وهرب.كذلك إذا ماتت الذبابة في الماء تعود إلى الحياة ثانية وتطير.وبعض الحيوانات الأخرى مثل الزنبور وغيرها من حشرات الأرض تموت في أيام الشتاء القارس وتبقى عالقة على الجدران أو الثقوب في الجدران، وعندما يحل فصل الصيف تعود حيّةً، فمن له أن يدرك هذه الأسرار إلا الله؟ كذلك هناك بعض الأشياء المعدنية والنباتية التي لا تملك خاصية معينة في حال كونها منفصلة ولكن إذا مزجت بأشياء أخرى تكونت فيها خاصية جديدة.فمثلا إذا مُزجَت النترات مع الكبريت والفحم بطريقة معينة صارت بارودا.ولكن إذا أُريدَ صُنع البارود من النترات وحدها أو الكبريت وحده أو الفحم وحده لما أمكن ذلك.فثبت من ذلك أن خلق شيء جديد بواسطة التركيب ممكن.لعل طلاب الكيمياء يكون لديهم جنون لصنع الذهب والفضة لهذا السبب ولكن لا توجد كيمياء مثل حب الله والخضوع له خضوع الرضيع لأمه.
ملخص الكلام أن الإمعان في العالم كله يعود بشهادة من كل حدب وصوب أن الخلق من العدم أمر وارد كذلك يخلق الله تعالى الروح من نطفة الرجل والمرأة.هذه هي الفلسفة الحقة وهذا هو العلم الحق الذي تشهد عليه آلاف التجارب من هنا فقط يمكن الفهم أن الفيدا الذي يعلّم خلاف ذلك ليس منبع العلوم قط بل هو منبع الضلالات والأخطاء.من الغريب أن الفيدا ترك طريق الصواب من كل الجوانب والنواحى.فالمعلوم أن عبادة الله ل نوعان: (۱) التوبة والاستغفار، أي الإقرار بالذنوب بالخضوع على عتبات الله وطلب غفرانه بالتذلل والتواضع وحالة الفناء والاستعانة به لك للحصول على التقوى والطهارة، والتعهد في حضرته بصدق القلب بعدم ارتكاب تلك الذنوب مرة أخرى.(۲) النوع الثاني من العبادة هو ذكره ل مع بيان كافة ميزاته وكمالاته والانهماك في حمده والثناء عليه بإقرار صفاته الذاتية والإضافية.المراد من الصفات الذاتية هو أنه كل واحد لا شريك له في كماله الذاتي وأبديته وكافة قدراته وقواه وعلمه.والمراد من الصفات الإضافية أنه خلق كل شيء ليثبت ،خالقيته، وقد هيأ للناس آلاف النعم الأرضية والسماوية بغير عمل منهم ليثبت رازقيته.ويهب في هذه الدنيا العزة والإكرام للذين يقومون بالعبادة والمجاهدات ويُري الفرق بينهم وبين غيرهم بتأييداته ويُشرفهم بقربه ومكالمته ومخاطبته ليثبت رحيميته.وسيجازي يوم القيامة كل مطيع ويعاقب العاصي بحسب مرضاته ليثبت أنه مالك الجزاء والعقاب.هذان نوعان من العبادة وهما حقيقة العبادة.والواضح أن الفيدا يعارض وينكر كلا القسمين.التوبة عنده لغو محض ودون جدوى، والاستغفار عنده عبث وبلا طائل.كذلك الحال تماما فيما
يتعلق بالقسم الثاني من العبادة، لأن إلههم بحسب مبدئهم ليس واحدا دون شريك في أزليته وأبديته بل تشاركه في هذه الصفة الأرواح كلها، وأنه ليس خالق الأرواح وذرات العالم ولا يتحلى بصفة الرحمانية ولا بصفة الرحيمية، وليس قادرا على المجازاة كمالك، فلا يستحق العبادة قط ولا توجد فيه ميزة.كذلك لم يعلم الفيدا طريق معرفة الله تعالى ولا يثبت منه أن الإله موجود أصلا، لأنه ما دام ليس خالقا فبأي دليل يمكن أن يُعرف وجوده؟ فلباب الكلام أن معرفة الله وعبادته ليست ممكنة بواسطة الفيدا.فلا ندري بأي معنى يحسبون الفيدا منبع العلوم ولماذا يُعدُّ تعليمه عالميا؟ لعلهم يعدونه كذلك لأنه يعلم عبادة النار والماء والقمر والشمس وغيرها من العناصر، وهذه الأشياء توجد بكثرة في كل منطقة من البلاد وهي عالمية لذا لا بد من اعتبار تعليمه عالميا! ثم قدم المحاضر شرطا آخر للكتاب الموحى به وهو أن تكون حياة الملهمين طاهرة.كان يقصد من وراء ذلك أن حياة نبينا الأكرم لم تكن طاهرة، والعياذ بالله، كما أبدى خبث باطنه للعيان لاحقا.والحق أنه لا يعلم أحد عن طهارة حياة أحد إلا الله عالم الغيب والذين حسبوا أنبياء الله الأطهار مفترين.موسی وأشرارا وعدوهم ملوّثين بأنواع الذنوب ظلوا يعدون أخطاءهم صوابًا ما لم تملكهم يد الله كان فرعون في زمن النبي موسى يزعم بشدة أن كاذب ومفتر.ففي نهاية المطاف أثبت الله بغرقه مع جنوده في نهر النيل أن فرعون كاذب وموسى صادق.وفي زمن عيسى الله كذبه اليهود ووجهوا إليه وإلى أمه تهما قذرة ولكن الله تجاه الا من مكايدهم أخيرا وأهلك اليهود بأنواع العذابات.ثم بعث نبينا الأكرم فعاداه الأشرار والفساق في ذلك العصر وزعموه مفتريا وكذابا، حتى دعا في أثناء معركة بدر شخص يسمّى
عمرو بن هشام الذي اشتهر فيما بعد باسم أبي جهل وكان زعيم كفار قريش بكلمات: "اللهم من كان منا أفسد في القوم وأقطع للرحم فأحنه اليوم".وكان يقصد بذلك نفسه والنبي ، فكان أبو جهل يقصد من هذه الكلمات أن النبي رجل مفسد والعياذ بالله ويعيث الفساد في القوم ويخلق الفُرقة في دين قريش بغير حق، وقد أتلف الحقوق القومية كلها وتسبب في قطع الرحم.ويبدو أن أبا جهل كان موقنا أن حياة النبي لم تكن طاهرة ونزيهة والعياذ بالله.لذلك دعا بكل حرارة ولكنه ربما ما عاش بعد دعائه هذا ولا ساعة واحدة، بل قطع غضب الله تعالى رأسه في ذلك المقام نفسه.أما الذي كان أبو جهل يصم حياته الطاهرة والطيبة فقد عاد من ذلك الميدان فاتحا منتصرا.إنه فقط من شيمة الملحد الوقيح ألا يقبل شهادة أن الله تعالى قد شهد على حياة هذا النبي الطاهرة والنزيهة.كل عاقل يستطيع أن يفهم أن طهارة الإنسان أو خبثه يكون مستورا في آلاف الحجب ولا يعرفه أحد إلا الله.وكما أن شخصا خبيثا يُخفي خبثه لئلا يطلع عليه أحد كذلك الإنسان ذو الفطرة الطيبة الذي له علاقة وطيدة مع الله لا يُظهر علاقته الخفية 1 الله مع حاشية: هناك حادث تاريخي آخر يدل على تلك الحياة الطاهرة وقد ورد بالتواتر في في كتب المسلمين وهو أنه حين بعث النبي ﷺ رسائل في زمنه إلى الملوك قال فيها إني رسول الله فآمنوا بي.كان من جملة هؤلاء الملوك الملك خسرو برويز الذي كان يعدّ نفسه ملك العجم والعرب.فغضب بشدة بسماع محتوى الرسالة وأمر باعتقال النبي حاسبا أنه كاذب لأن بلاد العرب أيضا كانت خاضعة لحكمه وكانت تحت إقليم اليمن.عندما جاء جنوده لاعتقال النبي ﷺ قال لهم: سأجيبكم غدا.وعندما حضروا في الصباح قال: إلى من تريدون أن تأخذوني؟ لقد قتل ربي ربَّكم الليلة، وقد سلّط عليه ابنه "شيرويه" لقتله.فهذه هي الحياة الطاهرة التي يهلك الله الأعداء من أجلها.هل يوجد نظير ذلك في حياة الذين تلقوا الفيدات؟ منه.
مع هذه الله ١٦٧ الله تعالى بل يخفيها إخفاء المذنب ذنبه.وإذا اطلع أحد على أسراره الخفية يستحيي ويخجل كما يخجل الشخص السيئ إذ بطش به عند ارتكابه الفاحشة تماما.إن حب الله الخالص وعشقه الخالص يقتضى الإخفاء لذا لا يمكن أن يطلع أحد على أسرار الأطهار الباطنية.صحيح أن الله تعالى لا يريد أن تبقى خافية وهو غيور لأحبائه إلى درجة لا غيور مثله في العالم، ويري من أجلهم أعمالا عظيمة ويذيع إكرامهم في العالم كله.يودّ العدو وعل الجاهل أن يُقضى عليهم نهائيا ولا يبقى لهم أي أثر ، ويُخزَوا ويهانوا ويثبت أن حياتهم كانت غير طاهرة وملوثة، ويكدّس أمام الناس كومة من آلاف التهم.ولكن الله الذي يرى قلوبهم ويكون مطلعا على علاقتهم الطاهرة يتصدى بنفسه للعدو الشرير وتثور غيرته لحبيبه، فيمحو مئات آلاف التهم بتجل واحد لقدرته.وإن قلتم بأن قضية قتل أبي جهل قضية قديمة وقد مضى عليها ١٣٠٠ عام، فأنى لنا أن نعرف يقينا أن أبا جهل دعا بهذا الدعاء على سبيل المباهلة فعلا وبالنتيجة قُتل في اليوم نفسه، وقد تكون القصة زائفة اختلقها المسلمون من عند أنفسهم.فجوابه أن هذه القصة صحيحة في الحقيقة ومذكورة في كثير من الكتب القديمة و لم ينكرها أحد من المعارضين وهي ثابتة من شتى الطرق إلى درجة أنها وردت في لسان العرب" أيضا وهو قاموس معروف في الإسلام منذ قديم الزمان.فكيف يمكن إنكار مثل هذه المتواترات؟ وإن لم يقتنع أحد من الجهال إلى الآن فنسجل دليلا آخر على حياة النبي له الطاهرة والنزيهة ختم عليه ليكهرام الآري بموته قتلا.فليكن واضحا أن ما هاجم به المحاضر نبينا الأكرم قد نقله من كتب ليكهرام دون أدنى تدبر وتأمل، لأن ليكهرام كان يدعي أن حياة النبي لم تكن طاهرة بينما
١٦٨ أن كانت حياة الصلحاء الذين تلقوا الفيدات طاهرة بحسب زعمه.وجاء إلى قاديان واضعا في الحسبان هذه الفكرة السخيفة.ففهمته أن الهجوم على نبي الله الطاهر ليس جيدا.ولكنه كان ينكر عظمة الله وقدرته فلم يبال بخشية الله شيئا ولم يسلك الصراط المستقيم بالعدل والإنصاف.وتجاوز تجاسره الحدود بل صار الاستهزاء والسخرية وكيل الشتائم شغله الشاغل.ففي الأخير دعوته للمباهلة أي دعوته أن يدعو هو بدوره وأدعو أنا بدوري يهلك الله الكاذب وبذلك يحكم بيني وبينه فبشرني الله تعالى عند الدعاء بأنه ت في عز شبابه في غضون ستة أعوام وستتحقق هذه النبوءة في يوم سیمو يلي يوم العيد.كذلك نشر ليكهرام أيضا مباهلته مقابلي، أي دعاءه أن يحكم الله لصالح الصادق وينزل غضبه على الكاذب.وقد سجل دعاءه هذا في كتابه بإلحاح قلبي على غرار أبي جهل وطلب الحكم من الله تعالى.فيقتله أصدر الله حكمه أنه كاذب في تكذيبه النبي ، وأن النبي ﷺ طاهر ومطهر وصادق في الحقيقة وأن تعاليم الفيدات الحالية ليست صحيحة.فلا أدري كيف قدم المحاضر اعتراضا مرة أخرى بعد هذا الحكم الإلهي؟ ألم يطمئن بحكم الله ؟ مع أنني سجلت مباهلة ليكهرام هذه في كتابي "حقيقة الوحي" ولكني أنقلها هنا أيضا من أجل الآريين وأنبههم أن علامة الطاهر والطيب هي أن تثبت طهارته بشهادة من الله وألا يقتصر الأمر على الادعاء فقط كما يُفعل بحق العلماء الذين تلقوا الفيدات.أخبروني ما الدليل على أن متلقي الفيدات كانوا أطهارا؟ أية شهادة أدلى الله بها لإثبات طهارتهم؟ بل إن تعليمهم القذر، أي النيوك يوحي بجلاء أنهم لم يرشدوا إلى الطريق الطاهر، فكيف يمكن اعتبارهم طاهرين وطيبين بأنفسهم.والآن نكتب فيما يلي مباهلة ليكهرام:
١٦٩ مضمون المباهلة أنا العبد الضعيف المدعو ليكهرام ابن بانديت تارا سنغ شرما، مؤلف كتاب: تكذيب البراهين الأحمدية" ومؤلف هذا الكتيب؛ أقر إقرارا صحيحًا بكامل قواي العقلية أنني قرأت كتاب: "كحل لعيون آريا" من البداية إلى النهاية، وفهمت الأدلة الواردة فيه جيدا، ليس مرة واحدة بل عدة مرات، ونشرت بطلانها في هذا الكتيب بناء على الدين الحق.وأقول إن أدلة الميرزا المحترم لم تؤثر في قلبي شيئا ولا تمت إلى الصدق بصلة.وأقول معتبرا الإله خالق الكون موجودا وبصيرا كما ورد التعليم المبني على الهداية في الفيدات المقدسة الأربعة- إنني على يقين كامل أن روحي بل الأرواح كلها لم ولن ترى العدم أو الزوال أبدا.لم يأت أحد بروحي إلى الوجود من العدم أي لا خالق لروحي بل هي موجودة بنفسها منذ الأزل وكانت وستظل في قدرة الله الأزلية ، * الجمل بين القوسين التي تتخلل "مضمون "المباهلة هي تعليقات موجزة من قبل سيدنا المسيح الموعود ال، وليس مما كتبه ليكهرام.(المترجم) حاشية ما أسخف هذا الكلام أنها كانت وستظل في قدرة الله الأزلية.واضح أنه ما دامت الأرواح بحسب اعتقاد الآريين أزلية وجاءت إلى الوجود من كافة تلقاء نفسها مع قدراتها، فما علاقتها بقدرة الإله؟ إذ لا يستطيع الإله أن يزيد أو ينقص في تلك القوى ولا يستطيع أن يتصرف فيها شيئا.وتلك الأرواح على حسب زعم الآريين- آلهة نفسها بنفسها ولا منة عليها للإله مطلقا.اعلموا أن قول ليكهرام وأتباع ديانته الآخرين بأن الأرواح تبقى في قدرة الإله الأزلي ليس إلا لستر دينهم الباطل لأن ضمير الإنسان يُدينه دائما على مثل هذه المعتقدات الواهية.إذا لم يكن الله خالق الأرواح وقواها ولم يكن خالق ذرات العالم وقواها فلا يمكن أن يكون إلهها أيضا.أما القول بأننا لا نستطيع أن نعدّ الأرواح عباد الله وخلقه في حالة تجردها (عن الأجسام) فلأنه لم يخلقها، غير أن الإله حين ينفخ الأرواح في الأجسام يصبح إلهها لأدائه هذه المهمة، فهو قول باطل كذلك لأن الإله
۱۷۰ هذه الذي لم يخلق الأرواح والذرات مع كافة قدراتها لا يستقيم دليل على كونه قادرا على جمعها.ومجرد جمعه بعضها مع بعض لا يجعله مستحقا للألوهية؛ بل يكون مثله في الحالة كمثل خباز اشترى الطحين من السوق، والحطب من بائع الأخشاب، وأخذ النار من الجيران وخبز الخبز.ففي هذه الحالة لا يستقيم على وجود الإله دليل، لأنه إذا كانت الأرواح أزلية ووُجدت وحدها فما الدليل على أن اتصال الأرواح والذرات وانفصالها لم يحدث تلقائيا منذ القدم كما يزعم الملاحدة؟ لذلك لا يمكن للآريين أن يقدموا دليلا على وجود إلههم لأنه ليس عندهم أي دليل أصلا.فهذا هو ملخص المعرفة الموجودة في الفيدا التي يعتزون بها.والواضح أنه يمكن تقديم نوعين من الأدلة على وجود الإله: الدليل الأول يستقيم في حالة الإيمان به الله مصدرا لكافة الفيوض وخالقا لكل كائن، وفي هذه الحالة حين نلقي نظرة، سواء على ذرات العالم أو الأرواح أو الأجسام، نضطر إلى الاعتراف بأن هناك خالقا لكل هذه الأشياء.والطريق الثاني لمعرفة الله هو آياته المتجددة التي تظهر بواسطة الأنبياء والأولياء، ولكن الآريين ينكرونها أيضا، لذلك ليس عندهم دليل على وجود إلههم.واللافت في الموضوع أن الآريين ينادون إلههم بكلمة "أب" دائما وفي كل حال، كما كتب ليكهرام أيضا آنفا في مضمون المباهلة، ولكن لا ندري أي نوع من الأب هذا؟ هل مثله كمثل المتبنّى الذي ينادي شخصا أجنبيا قائلا: "يا أبتِ"؟ أو مَثَله كأب افتراضي يتخذ بواسطة "النيوك" الذي به تهتك امرأةٌ آرية ستر عفتها بمضاجعة رجل غير زوجها، وبذلك يصبح زوجها أبا لولدها الذي وُلِدَ عن طريق "النيوك".فإذا كان إله الآريين أبا كهذا، فلا مجال لنا للكلام في الموضوع.أما إذا كان أبا بحيث قد جاءت الأرواح وذرات العالم كلها وقواها إلى الوجود بيده وجاءت إلى الوجود بسببه هو، فهذا يتنافى مبداً مع الآريين.وإذا سألتم كيف يتنافى مع مبدئهم؟ فليكن واضحا أن الأرواح كلها التي لم تُخلق بيد الإله شريكة له منذ القدم بحسب مبدئهم ؛ فأنى لنا اعتبار الإله أبا لها والحالة وجدت بنفسها كما وُجد الإله بنفسه.ولكن هذا مبدأ خاطئ.الناظرون بعين المعرفة يستطيعون أن يدركوا أن القوى والمزايا والصفات التي توجد في الأب توجد في الابن أيضا.كذلك تماما، ما دامت الأرواح قد خُلقت بيد الإله فهي تتحلى- بصورة ظلية - بالصبغة التي توجد في الله.وكلما يتقدم عباد الله في الاصطفاء والطهارة بواسطة حبه وعبادته تتقوى هذه الصبغة أكثر فأكثر حتى تشرع الأنوار الإلهية في الظهور في مثل هذه؟ فهي
۱۷۱ كذلك إن مادة جسمي - أي كياني المادي أو الذرات أيضا- إنما هي في قبضة قدرة الإله الأزلية ولن تبيد وإن خالق الكون كله إله واحد دون غيره.أنا لست مالك الكون أو خالقه مثل الإله كما لست محيطا بالدنيا كلها، ولستُ روحًا عُليا بل أنا خادم حقير لذلك القادر المطلق.وما زلت موجودا منذ الأزل في علمه وقدرته، وما كنت معدوما في وقت من الأوقات.كما لا توجد دار الفناء أصلا بل لن يفنى شيء.كذلك أؤمن بتعليم الفيدا المبني على العدل أن هي لوقت معين بحسب الأعمال.أي النجاة ليست إلى الأبد بل إلى النجاة وقت معين ثم لا بد من تقمص جسم إنساني بأمر الإله.إن جزاء الأعمال المحدودة ليس بغير حدود لا شك أن الأعمال محدودة ولكن نية العامل لا تكون محدودة، والأعمال لا تكون محدودة برغبته هو) وإنني أؤمن بكافة تعاليم الفيدا بيقين القلب...وأؤمن أيضا بأن الإله لا يغفر الذنوب قط (ما أغربه من إله ! ولا أثق بشفاعة أو توصية.بمعنى أنه لا يُقبل دعاء أحد في حق أي شخص لا أعتبرُ الإله راشيا أو ظالما.الكلمة المناسبة في هذا السياق ليست "راشيا" بل "مرتشيا" ، أي الذي يأخذ الرشوة.ولكن ليكهرام 6 استخدم كلمة "راشيا" وهذا يفضح مرتبته العلمية كذلك أوقن- بحسب تعليم الفيدا- يقينا كاملا وصحيحا أن الفيدات الأربعة تمثل علم الإله حتما، ولا الله هؤلاء الناس بصورة ظلية.فنرى بكل وضوح أن الأخلاق الإلهية الفاضلة كامنة في الفطرة الإنسانية وتتراءى للعيان بعد تزكية النفس.فمثلا إن رحيم، فينال الإنسان أيضا نصيبا صفة الرحمة بعد تزكية نفسه.والله تعالى ،جواد فينال الإنسان أيضا نصيبا من صفة من هذه الجود بعد تزكية نفسه.والله تعالى ستار وكريم وغفورٌ فينال الإنسان أيضا نصيبا من الصفات بعد تزكية نفسه.فمن أودع روح الإنسان هذه الصفات الفاضلة؟ إذا كان الله تعالى قد أودعها فثبت أنه هو خالق الأرواح.وإذا قال قائل: إنها وجدت من تلقائها فيكفي أن نقول جوابا: لعنة الله على الكاذبين.منه.
۱۷۲ يوجد فيها أدنى خطأ ولا كذب ولا حكايات أو قصص.وينورها إله الكون دائما وفي كل عالم جديد لهداية عامة الناس، كما فعل في بداية الخلق حين بدأ خلق الإنسان.وأن الإله ألهم الفيدات إلى أرواح المرشدين الأربعة شري أغني وشري وايو وشري آدت وشري انغره جيو ولكن ليس بواسطة جبرائيل أو بواسطة أي رسول آخر بل مباشرة من عنده * ؛ لأنه ليس في السماء أو على العرش فقط بل يحيط بالعالم كله وأقرّ أيضا أن الفيدات هي أكمل وأقدس كتب المعرفة.وأن الدنيا تعلّمت الفضيلة من الهند وحدها.والآريا هم أول المعلمين للجميع.أما الأنبياء البالغ عددهم ١٢٤٠٠٠ نبيا- بحسب قول حاشية: يتبين من إمعان النظر في النظام المادي أن الإنسان يسمع بواسطة الهواء، ويرى بواسطة الشمس.ولكن لماذا سُخّر هذان الرسولان في النظام المادي مع أنه لا بد أن يكون نظام الله المادي والروحاني منسجمين مع بعض؟ من المؤسف حقا أن معرفة الفيدا تخالف قانون القدرة في كل مكان.من يستطيع أن يقول بأن الله ليس موجودا في كل مكان! بل هو موجود في كل مكان وهو ذو العرش أيضا، ولكن الجاهل لا يفهم نقطة المعرفة هذه.يجدر بالتدبر أن كل شيء في هذا الكون ينشأ بأمر منه ولكنه تعالى مع سم ذلك يستخدم الوسائط لتنفيذ قضائه وقدره.فمثلا، هناك يهلك الإنسان، وهناك ترياق ينفعه، فهل لنا أن نتصور أن كليهما يؤثر في جسم الإنسان بنفسهما؟ كلا، بل يؤثران تأثيرا سلبيا أو إيجابيا بأمر من الله، فهما أيضا ملائكة الله نوعا ما.بل كل ذرة من ذرات العالم التي تحدث بسببها تغيّرات متنوعة كلُّها ملائكة الله.والتوحيد لا يكتمل ما لم نحسب كل ذرة ملاك الله، لأنه لو لم نحسب كل المؤثرات الموجودة في الدنيا ملائكة الله لاضطررنا إلى الاعتراف بأن كافة التغيرات الحادثة في جسم الإنسان وفي العالم كله تحدث تلقائيا بدون علم و مشيئته ومرضاته.وفي هذه الحالة لا بد من اعتبار الله عاطلا وجاهلا محضا.فالسر في الإيمان بالملائكة هو أن التوحيد لا يستقيم دونه، ويضطر المرء إلى الإيمان بأن كل شيء وكل تأثير خارج عن إرادة الله تعالى، بينما مفهوم الملائكة هو أنهم كمثل أشياء تعمل بحسب أمر الله تعالى.فما دام هذا القانون ضروريا ومعترفا به فلماذا إنكار جبرائيل الله وميكائيل؟ منه.
۱۷۳ المسلمين الذين جاءوا خارج الهند خلال خمسة أو ستة آلاف سنة وجاءوا بالتوراة والزبور والإنجيل والقرآن وغيرها من الكتب، أعُد كل هذه التعاليم الدينية...بعد مطالعتها وفهمها جيدا...زائفة وكاذبة وأحسبها عبارات تشوه مكانة الإلهام الحقيقي....وليس عندهم دليل على صدقها إلا الجشع والجهل والسيف....وكما أعُدّ بقية الأمور المعادية للحق خاطئة كذلك أعُد القرآن و مبادئه وتعاليمه التي تعارض الفيدا باطلة وكاذبة (لعنة الله على الكاذبين).خصمي، ميرزا غلام أحمد، فيحسب القرآن كلام الله ويعد كافة التعاليم الواردة فيه صحيحة وصادقة.وكما أعدّ القرآن وغيره باطلا بعد قراءته، كذلك يعد هذا الأمّي المحض والجاهل تماما بالسنسكريتية واللغة الهندية، الفيدات باطلة دون قراءتها ومطالعتها.فيا إلهي احكم بيننا بالحق، لأن الكاذب لا ينال العزة في حضرتك مثل الصادقين أبدا.أما الراقم عبدك منذ الأزل، ليکهرام شرما رئیس آریا سماج في بشاور و(حاليا) مدیر آریا ،غازیت، فیروز بور البنجاب." إن لم أقرأها أنا فلا بد أن ليكهرام قد حفظ الفيدات الأربعة كلها! فماذا نقول هنا إلا لعنة الله على الكاذبين النقاش يكون حول المبادئ، فما دام الآريون قد نشروا مبادئ الفيدا بأيديهم فمن حق كل عاقل أن يناقشها وثانيا من الخطأ تماما القول بأني ما قرأتها، بل قد قرأت تراجم الفيدا المنشورة في البلد من أولها إلى آخرها.وقرأت أيضا ويد" "بهاش للبانديت ديانند.وبالإضافة إلى ذلك فإني أخوض المناظرات مع الآريين منذ ٢٥ عاما تقريبا.فما أكذب قوله عني بعد ذلك بأني لا أعرف عن الفيدا شيئا.وإذا كان بانديتات الآريين لا يزالون يعدّون ليكهرام عالم الفيدا فأود أن أرى شهادةً بذلك.بل الحق أن مكانة ليكهرام ليست أكثر مما قدرها الله تعالى له في قوله: عجل جسد له خوار.منه.تفسير الفيدا.(المترجم).
أما الحكم الذي أصدره الله من السماء بعد دعاء المباهلة الذي أورده ليكهرام في الصفحة ٣٤٤ - ٣٤٧ من كتابه "خبط أحمدية"، والأسلوب الذي أظهر به خزي الكاذب وعزة ،الصادق فهو كما يلي وقد ظهر للعيان يوم ول السبت بعد الساعة الرابعة بتاريخ ٦ مارس/ آذار ١٨٩٧م.انتبهوا، هذا هو حكم الله الذي طلبه ليكهرام من إلهه ليتبين الفرق بين الصادق والكاذب، فقد تبين ذلك الفرق.اعلموا أنها ليست آية واحدة بل آيتان: مر یک تصویر مینڈے بگرام حامی (۱) النبوءة عن قتل ليكهرام نبوءة عظيمة في حد ذاتها وقد أُنبئ فيها يوم قتله، ونوعيته ومدته ووقته.(۲) ثانيا: لم يُعثر على قاتله مع بذل أقصى الجهود والمساعي المضنية وكأن قاتله صعد إلى السماء أو اختفى تحت الأرض.لو قُبض على القاتل وأُعدم شنقا
لما بقيت للنبوءة الأهمية نفسها، بل كان بوسع كل واحد أن يقول بأنه كما قتل ليكهرام كذلك قُتل القاتل.ولكن القاتل اختفى فلم يُعرف إذا كان إنسانا أو ملاكا صعد إلى السماء.هي إحدى علامات الكتاب الموحى به التي قدمها المحاضر أن يكون الكتاب محتويا على أعلى صفات الإله.فأقبل ذلك ولكن لا أقبل أن هذه العلامات موجودة في إله الفيدا لأن صفات الله نوعان وهما الصفات الذاتية والصفات الإضافية.الصفات الذاتية تلك التي توجد دون الحاجة إلى وجود المخلوق مثل وحدانية الله وعلمه وقدوسيته وا وعلمه وقدوسيته والمراد من الصفات الإضافية هي التي تتحقق وتوجد في الخارج بعد وجود المخلوق مثل خالقية الله ورزَّاقيته ورحمته وكونه توابا وصفة مكالمته ومخاطبته.ولكن الفيدا ينكر كلا النوعين من هذه الصفات لأن الله، بحسب زعم أتباع آريا سماج ليس واحدا لا شريك له من حيث أزليته وأبديته بل كل ذرة من المخلوق تساويه في الأزلية والأبدية.كذلك لا يصيب الموتُ الأرواحَ مثل الله تماما بل تعود إلى هذا العالم، وتنتقل إلى عالم آخر أحيانا.ولكن الغريب في الأمر أنه إذا كانت الأرواح مصونة من تغييرات الفناء مثل الإله ،تماما وكذلك إذا كانت أزلية وأبدية من حيث صفاتها مثل الإله تماما فلماذا يطرأ عليها التغير في حالة النوم وينقلب نظامها كله رأسا على عقب، وتواجه مشاهد جديدة لم تخطر على بالها في اليقظة، وكذلك عندما تعود الروح على سبيل التناسخ، بحسب اعتقاد الآريين، تتولد من جديد متناسية جميع العلوم والفنون وتعليم الفيدا ومعرفته.فإذا كان التناسخ، على افتراض محال، صدقا فلا بد من التسليم بأن حياة الأرواح كذب لأنه لو كانت حياتها أيضا أبدية مثل الإله فأنّى لها أن تواجه كل هذه المشاكل المذكورة؟ هل الإله أيضا ينسى علومه؟ فالحادث الذي يُنسي الأرواح علومها التي تلقتها على
١٧٦ مدى العمر يسمى الموت، بينما يقول الآريون بأن الموت لا يصيب الأرواح.ولكنني أستغرب: هل الموت شيء آخر غير هذا؟ من المعلوم أنه ما دام يطراً عليها تغير إلى هذا الحد بحيث تُضيع في لمح البصر ما ادخرته على مدى العمر، أفلا تنطبق عليها مع ذلك كلمة الموت؟ كم هي ثابتة هذه الحقيقة إذ تسطع كالشمس، ولكن الفيدا مع ذلك يعدّ الأرواح تساوي الإله في الحياة الأبدية.هل الصفة العليا لله هى أن يشارك غيره أيضا في حياته؟ مع أن الإسلام أيضا يعترف بقدم نوعي للمخلوق، ولكنه يعتقد أيضا أن كل شيء مخلوق وقائم بسند من الله.كذلك يقول الإسلام بأنه كان هناك زمن لم يكن فيه مع الله شيء، وكانت الوحدانية وحدها متجلية، وكان الله ككنز مخفي، ثم أراد أن يُعرف فخلق الإنسان لمعرفته.ولكن لا ندري كم مرة جاء زمن حين كان الله وحيدا.لا يعلم ذلك إلا الله.ولكن كما لا يمكن أن تبقى صفاته الأخرى معطّلة إلى الأبد كذلك إن صفة وحدانية الله لا تبطل للأبد بل يأتي دورها أحيانا.فيريد الله أن يهلك العالم تارة ويريد أن يخلقه تارة أخرى لأن الإحياء والإماتة من صفاته، لذا سيأتي زمان يُهلك الله فيه كل حي وسيطوي السماء والأرض كما تُطوى الورقة وهذه الحالة أيضا لا تستلزم 1 حاشية: في معظم الأحيان تطرأ على روح الإنسان أثناء النوم حالتان: (۱) تطرأ عليها تغيرات كبيرة إذ تنسى علوم اليقظة وأحداثها تماما وتمثل أمامها مشاهد جديدة تخرج عن إرادتها وقدرتها، يثبت منها أن قوى إرادتها تبطل تماما وتكون كالميت.(٢) في بعض الحالات الأخرى تصيبها حالة من العدم تنمحي فيها صفات وجودها تماما.فمثلا لو خُدِّر أحد إلى أقصى حد بواسطة الكلوروفورم يصيب الروح وآثارها العدمُ إلى درجة لو بتر عندها عضو شخص مخدر لما شعر بذلك.فما دامت صفات الروح تبطل في مثل هذه الحالات وتتخلى عن صفاتها تماما، فهذا هو الموت بعينه.منه.
۱۷۷ إبطال الصفات، لأنه عندما تتجلى بعض الصفات لا تجتمع معها بعض الصفات الأخرى التي تقابلها بل تظهر في وقت آخر وتظل في انتظار ذلك الوقت المعين.وهذه السلسلة في الطبيعة أمر واقع ويلزمه الإحياء بعد الإهلاك.فبهذا المعنى نقول بأنه لا تبطل صفة من صفات الله، فهو المحيى منذ القدم والمميت أيضا.وليس هناك صفة من صفاته كانت موجودة من قبل وليست موجودة الآن، أو هي موجودة الآن ولم تكن موجودة من قبل.باختصار، نعتقد أنه لا يصطدم شيء بوحدانية الله.والله تعالى وحده هو الأزلي والأبدي والقائم بذاته، أما الأشياء الأخرى كلها فهالكة الذات وباطلة الحقيقة.وهذا هو التوحيد الخالص الذي كان الاعتقاد بنقيضه شرك محض.فتبين من ذلك أن أتباع الفيدا مشركون تماما إذ يعدون كل ذرة شريكا لله تعالى.ثم أستغرب كيف ينكر هؤلاء القوم صفات الله العليا إنكارا سافرا ويقولون بأن من علامات الكتاب الموحى به الضرورية أنه يتضمن صفات الله العليا.فيا قليلي الفهم، أليس من صفاته العليا ألا يشاركه أحد في أزليته وأبديته؟ فلماذا إذا يشرك الفيدا أشياء أخرى في أزليته وأبديته؟ يا أسفا، لماذا لا تفقهون بأن الإله نفسه يفلت من اليد نتيجة عدم الإيمان بهذه الصفة ولا يقوم على وجوده دليل؟ لأنه إذا بطلت صفة الله "الخالق" في الحقيقة ولم يخلق شيئا سوى الربط والوصل فقط وكل الأشياء أي الأرواح كلها وذرات الأجسام كلها موجودة من تلقاء نفسها وهي أزلية وأبدية دون أن تُخلق فأي دليل يقوم على وجود الإله؟ وهل الربط والوصل يكفي دليلا يطمئنّ له القلب؟ وإذا كانت الأرواح وذرات العالم قديمة وأبدية كمثل الله فلماذا لا يجوز القول بأن اتصالها وانفصالها أيضا من صفاتها القديمة من حيث طبيعتها وأنها ليست بحاجة إلى وجود الإله
۱۷۸ كعدم حاجتها إليه لولادتها.فأي كتاب أكثر إضلالا من الذي يعطي تعليما يحض على إنكار الله بل يغوي المرء ليجعله منكرا؟ ومن ناحية أخرى كما ينكر الفيدا صفة الله الذاتية أي يرفض تلك الصفة العليا، ألا وهي ميزة الوحدانية من حيث الأزلية والأبدية، كذلك يرفض صفة خلقه تعالى أيضا كما سبق ذكره.الله كذلك ينكر الفيدا كون الله رزاقا ومنعما و رحمانًا أيضا، لأن كل نعمة ينالها الإنسان يحسبها الفيدا نتيجة أعماله ولا يذكر شيئا عن فضل وإنعامه ورحمته.فلما كانت كل نعمة من نعم الله على الإنسان نتيجة أعماله الحسنة فقط بحسب زعم الفيدا فمن الواضح في هذه الحالة أن إله الهندوس ليس رزاقا ولا منعما ولا رحمان، بل الرزاق والمنعم والرحمان هي أعمالهم، والإله ليس بشيء قط.وفي هذه الحالة لا توجد في الإله بحسب زعم الفيدا صفة الرزاق والمنعم والرحمان أيضا.فمن الغريب حقا أن الفيدا أنكر أولا صفة الله الوحدانية من حيث الأزلية والأبدية ثم أنكر صفته "الخالق" ثم رفض صفته الرزاق والرحمان، وبذلك قد قضى الفيدا على صفات الله كلها ورفض كافة الصفات دع عنك الصفات الكاملة وحدها.لذا نقول بكل شدة وقوة بأن إله الهندوس عاطل بحسب الفيدا عن كل صفة وليس قادرا ولا خالقا ولا واحدا لا شريك له، ولا رزاقا ولا رحمانًا ولا منعما، بل المدار كله على أعمال الإنسان ولا توجد في الإله أية صفة.فيجب الانتباه إلى أنهم يدعون من ناحية أنه يجب أن يتضمن الكتاب الموحى به صفات الإله العليا ومن ناحية ثانية آلت الحالة إلى أنه لا تثبت صفة من صفات إله الهندوس.ومن صفات الله العليا صفة التكلّم أيضا لأنها التكلّم أيضا لأنها هي الوسيلة للفيض والهداية.ولكن مضت عشرات ملايين السنين بحسب زعم الآريين منذ أن فقدت هذه
۱۷۹ الصفة أيضا من الإله وصار أبكم إلى الأبد و لم يعد قادرا على الكلام، والعياذ بالله.وقد أسفر سلب هذه الصفة عن خسارتين.(1) أصبح الإله ناقصا إلى الأبد وكأن عضوا من أعضاء صفاته بتر.(۲) حُرم أهل الهند من فيض إلهامه إلى الأبد، وصار مدار دينهم على القصص والحكايات فقط.ولكن الإسلام لا يعد صفة كلام الله باطلة قط.بل يرى أن الله تعالى يكلم ويخاطب عباده الخواص الآن أيضا كما كان يكلمهم في الأزمنة الغابرة.وليس بيننا وبين معارضينا من المسلمين إلا نزاع لفظي، ألا وهو أننا نطلق "النبوة" على كلام الله المحتوي على النبوءات، ومَن يُعطَى النبوءات مثلها وحيا بكثرة لا نظير لها في زمنه، نسميه نبيًّا، لأن النبي هو الذي يتنبأ بأنباء المستقبل بكثرة بإلهام من الله.ولكن المسلمين الذين يعارضوننا يعتقدون بمكالمة الله، ولكن لجهلهم لا يطلقون "النبوة" على مكالمات تحتوي على النبوءات بكثرة مع أن المراد من النبوة هو الإنباء عن المستقبل بالوحي والإلهام فقط وكلنا متفقون على أن الشريعة انتهت على القرآن الكريم أي لم تبق إلا المبشرات، أي النبوءات.ومن صفات الله العليا صفة القدوسية أيضا، أي أنه تعالى منزه عن كل عيب ونقيصة.ولكن من الواضح أن البكم عيب، كما أن عدم قدرته على خلق روح واحدة عيب مع ادعاء القدرة.كذلك عدم تقديم الإله لأي دليل إن اعتقد بعض المسلمين الجاهلين الذين هم مسلمون بالاسم فقط بأن سلسلة مكالمة الله ومخاطبته منقطعة في الإسلام أيضا، فهذا جهلهم، لأن القرآن الكريم لا يقطع سلسلة مكالمة الله ومخاطبته كما يقول: (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)) (غافر: ١٦) أي ينزل كلامه على من يشاء.ويقول: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (يونس: ٦٥ أي أن الإلهامات المبشرة باقية للمؤمنين مع أنه قد ختم على الشريعة، لأن على وشك الانتهاء.إذا ، إن كلام الله باق إلى يوم القيامة بصورة بشارات.منه.عمر الدنيا
۱۸۰ محكم وقوي لإثبات وجوده أيضا عيب.كذلك وجود أحد مع الإله من الأزل إلى الأبد أيضا يعيبه.فأين القدوسية بعد كل هذه العيوب؟ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ.هنا والصفة الضرورية الأخرى الله تعالى التي لم يذكرها الفيدا قط هي كونه توابا وغفورا.ومعنى التواب والغفور هو : قابل التوب، وغافر الذنب.معلوم أن الإنسان ضعيف جدا بطبيعته وقد كلف بمئات أوامر الله تعالى.فمن طبيعته أنه يمكن أن يعجز عن العمل ببعض الأوامر بسبب ضعفه، وتغلبه أحيانا بعض رغبات النفس الأمارة.فهو يستحق بسبب ضعفه الطبعي أن تنقذه رحمة الله من الهلاك نتيجة التوبة والاستغفار عند صدور زلة منه.لذا فمن المؤكد أنه لو لم يكن الله تعالى قابل التوبة لما أثقل الإنسان بعبء مئات الأوامر قط.يتبين دون أدنى شك أن الله تواب وغفور.ومعنى التوبة أن يترك الإنسان سيئة مقرا بأنه لن يعود إليها أبدا وإن أُلقي في النار.فعندما يتوب الإنسان إلى الله تعالى بهذا الصدق والعزم الصميم يغفر الله الكريم والرحيم ذنبه.ومن صفات الله العليا أن يقبل التوبة وينقذ من الهلاك.ولو لم يتوقع الإنسان قبول التوبة لما ارتدع عن ارتكاب الذنوب قط.الديانة المسيحية أيضا تقول بقبول التوبة ولكن بشرط أن يكون التائب مسيحيا.ولكن الإسلام لا يجعل قبول التوبة ۲ الأنعام: ١٠١ من التائبون يتصدقون أيضا لإظهار صدقهم ويقدمون بالمال والأرواح تضحيات تفوق قدرتهم، ويحرقون أنفسهم في نار المجاهدة والأعمال الصالحة، ويخلقون في نفوسهم تغيرا خارقا ويوصلون أنفسهم إلى الموت ولكن الفيدا يقول بأن توبتهم لا تقبل، وكأنه يحسب إلهه مثل شخص قاسي القلب لا يبالي بخادمه الذي يفديه بحياته.ولكن هل تقبل فطرة الإنسان أن يكون الإله الذي لا نستطيع العيش دون رحمته لحظة واحدة – هكذا؟ كلا.منه.
۱۸۱ مشروطا بأي دين ويقول بأن التوبة تُقبل بالالتزام بأي دين كان.ولا يبقى ذنب إلا إذا كان أحد ينكر كتاب الله ورسوله ومستحيل تماما أن ينال الإنسان النجاة بأعماله بل هي منة من الله أنه يقبل توبة أحد ويعطي آخر بفضله قوةً فيجتنب ارتكاب الذنب.لقد بين المحاضر إحدى علامات الكتاب الموحى ،به، وهي أنه يحتوي على تعليم الأخلاق السامية.ولكنني أستغرب كيف ينسى هؤلاء القوم تعليم الفيدا بهذه السرعة! الإله الذي لا يقدر على أن يغفر لأحد ذنبه ولا يستطيع قط أن يعطي أحدا شيئا جُودا وسخاء..كيف له أن يعلم الآخرين أخلاقا سامية مع في نفسه؟ ما دامت صفة الرحمة والمغفرة غير موجودة في الإله نفسه، والجود والسخاء ليس من عادته أصلا، فكيف سيعلم الآخرين هذه الأخلاق الفاضلة؟ إذا ردّ الآريون على ذلك بأن هذه الصفات ليست من الأخلاق العالية بل هي صفات سيئة وليست حسنة، فلا بد من الاعتراف بأنهم يكرهون هذه الأخلاق ولا يلتزمون بها.ولكن نسألهم ألا يقبل ضميرهم أنه إذا صدر خطأ ولم يجدوا إلى الخلاص سبيلا أن يسلموا أنفسهم للحكومة مقابل العفو أو أن تعفو الحكومة عنهم بنفسها.ألا يريدون فعلا أن تعفو الحكومة عن جريمتهم الثابتة عليهم؟ فما دامت هذه الظاهرة موجودة في فطرتهم التي يُظهرونها في مثل هذه المناسبات عفويا عندما يكونون تحت مؤاخذة الحكومة، منهم يرحم فعليهم أن يفكروا من خلق فيهم هذه الظاهرة الفطرية؟ لو لم يرد الله أن : التائبين ويغفر لهم لما أودع هذه الظاهرة طبيعة التائبين أصلا.الحق أن الخلق الأعلى من بين الأخلاق كلها هو أن يعفو الإنسان عمن أخطأ في حقه ويغفر لمن أذنب في حقه.ولكن إن لم يكن هذا الخلق موجودا في الإله فماذا يمكن أن نتوقع منه؟ لما كان مستحيلا على الإنسان أن يؤدي كافة حقوق الله تعالى
۱۸۲ ويدعي أنه بريء تماما من كل الذنوب وأنه طاهر ونزيه تماما مجتنبا الأخطاء كلها، لما كان قول إن النجاة تعتمد فقط على أن يتطهر الإنسان من الذنوب تماما بعد تحمّل عقوبتها وأن يولد في ولادة جديدة لا يرتكب فيها ذنبا على مدى العمر" إلا قول مجرد مجنون وسفيه يجهل تماما ضعف فطرة الإنسان.أليس صحيحا أن الضعف البشري سمّ ،حقيقي، وأن صفة الله "التواب" تتجلى للعيان نتيجة هذا الضعف البشري؟ والعفو عمل تقبله فطرة البشر إذا صدر في وقت مناسب.وإذا كان الشخص القاسي الذي لا يعفو عن أخطاء خدامه جديرا باللوم عند العقل السليم، فكم هو بعيد من شأن الإله الذي يعلن أنه جامع الأخلاق الحسنة كلها وهو كامل في جميع الأخلاق ويفوق الجميع- ألا يغفر أو يعفو مطلقا عن أخطاء المذنبين ويستعد دائما للمعاقبة على أبسط الأمور، وأن تنقصه صفة الجود والسخاء بل يتقاضى الإنسان جزاء أعماله كما يتقاضى الأجير أجرة عمله كيف يُتوقع من إله مثله أن يعامل أحدا باللطف والإحسان في وقت من الأوقات ويعفو عن زلة أحد عند صدور التقصير منه؟ بل إن حكومته خطيرة للناس ومدعاة لشقاوتهم الشديدة.لیکن معلوما أن إنكار التوبة والمغفرة إنما هو إغلاق باب ارتقاء الإنسان لأنه من الواضح ومن البديهيات لدى الجميع أن الإنسان ليس كاملا في حد ذاته، بل هو بحاجة إلى التكميل، وكما أنه يولد ظاهريا ويوسع دائرة معلوماته رويدا رويدا ولا يولد عالما، كذلك عندما يبلغ سن المراهقة بعد الولادة تكون حالته الأخلاقية منحطة جدا.فمثلا لو تأمل أحد في حالات الأطفال الصغار لعلم بكل وضوح أن معظمهم متعودون على أن يضربوا زملاءهم عند أدنى نزاع بينهم، كما تلاحظ في كثير منهم عادة الكذب وسباب الأطفال الآخرين لأتفه الأسباب.ويكون بعضهم متعودا على السرقة والنميمة والحسد والعناد
۱۸۳ أيضا.ثم عندما يهيج جنون الشباب تسيطر عليهم النفس الأمارة وتصدر منهم أمور غير لائقة لا تجدر بالذكر إذ تدخل في الفسق والفجور الصريح.ملخص الكلام أن المرحلة الأولى لمعظم الناس هي مرحلة حياة قذرة.ثم عندما يخرج الإنسان السعيد من طوفان أوائل العمر العارم يتوجه إلى ربه ويتوب توبة نصوحا ويتحاشى أمورا غير لائقة ويعكف على تطهير نفسه.هذه هي مراحل حياة الإنسان بوجه عام التي يتحتم عليه اجتيازها.يتضح من ذلك أنه لو كان صحيحا أن التوبة لا تُقبل لثبت من ذلك أن الله لا يريد أصلا أن يهب أحدا النجاة.فلما قرر الله ما مآله اليأس وعزم على الإدخال في دوامة التناسخ القذرة، فلو تمنى أحد في هذه الحالة أن يتحرر من الحياة القذرة ويكون من الواصلين إلى الله في هذه الحياة؛ أنى له أن تتحقق أمنيته مخالفا بذلك مشيئة الله؟ وأنى له أن يتعهد في سبيل الله وهو يعلم أن باب رحمة الله مسدود عليه تماما ويوقن بأنه لا بد له من أن يصير كلبا وسنورا أو خنزيرا؟ كذلك بين المحاضر علامة أخرى للكتاب الموحى به، وهي أن يكون الكتاب كاملا بحد ذاته بمعنى ألا تكون هناك حاجة إلى أي كتاب آخر بعده.ولكن انظروا إلى شطارتهم، ما هذه العلامة التي سجّلها؟ لأن الآريين يعتقدون أنه لم ينزل بعد الفيدا كتاب لذا فقد أدخل المحاضر هذا المعتقد في علامات الكتاب الإلهامي لتحقيق بغيته.والأمر الجدير بالتنقيح هو: هل الفيدا في الحقيقة كتاب كامل فلا يوجد لكتاب آخر موطئ قدم بعده؟ فحين نتأمل في الموضوع نعلم أن وصف الفيدا بهذه الصفة تهمة صريحة له كل ما ظهر في الهند بواسطة الفيدا إنما هو عبادة العناصر والمخلوق والشمس والقمر وعادة النيوك.لقد قلنا عدة مرات بأن الفيدا يعارض التوحيد ويعادي معرفة الله بشدة متناهية وهو كتاب مضل.فالكتاب الذي نشر تعليما قذرا إلى درجة قضى فيها على التوحيد ولم
١٨٤ يرغب في الأعمال الصالحة ولا توجد فيه أدنى ميزة؛ فإن مدح هذا الكتاب وكأنه لا حاجة بعده إلى أي كتاب موحى به ليس إلا وقاحة متناهية وهو هجوم على كتب الله دون مبرر.لقد قلنا من قبل بأن حالة الإنسان لم تظل على المنوال نفسه دائما، بل طرأت عليه تقلبات قاسية فكان من مقتضى حكمة الله أن ينزل كتابا منسجما مع كل تغير.كما يمكن الفهم بكل سهولة أنه لا تكون حاجة إلى كتاب كامل في بداية العصر، لأن الذنوب لا تكون ثائرة في البداية ولا يهيج طوفان الاعتقادات السيئة بل يكون الناس بسطاء.ومن الواضح أنه إذا كان الناس أصحاء سالمين غانمين في مكان ما فلا تكون فيه حاجة ملحة إلى الطبيب لأن الطبيب يذهب حيث يوجد المرضى فيمكن أن يُقسم الدهر عقلا إلى ثلاثة أقسام: (۱) زمن الصلاح الذي كان العصر الأول.(۲) زمن التعادل بين عدد الصالحين والطالحين الذي يمكن أن يسمى الزمن الأوسط.(۳) زمن انتشار المعاصي والمفاسد الذي يوصف في اللغة الهندية بـ "كلجك".إذا، ذلك الزمن المسموم المليء بطوفان المعاصي كان جديرا بأن يرسل الكتاب الكامل فيه، وهو القرآن الكريم.فالمهمة العظيمة التي أنجزها الفيدا لا تخفى على أحد! وهي أنه (۱) رفض كون إلهه خالقا (۲) قال بأن الأرواح جاءت إلى الوجود بنفسها مع كل قواها وقدراتها.(۳) عدّ كل ذرة في العالم مع كل قواها وخواصها آلهة نفسها مثل الله تماما.(٤) زعم أن صفة إنزال الله الوحي والإلهام ملغاة إلى الأبد.(٥) أنكر جميع الأدلة التي تُثبت وجود الله تعالى.(٦) زعم أن الإله بخيل و منحاز إلى جانب دون جانب حيث بقي على صلة مع الهند دائما وأنزل
110 الإلهام على أهلها فقط، وهو ساخط على الآخرين دون مبرر، وكأن له علاقة وجودهم قرابة مع هؤلاء القوم فقط، وأن الناس من بلاد أخرى ليسوا عباده، أو أنه يجهل أصلا.(۷) لقد أمر أمرا مؤكدا بممارسة النيوك القذرة وبذلك قضى على عفة آلاف السيدات.(۸) قدم معتقد التناسخ، ولم يخبر الآريين بقانون يُعلم بموجبه أن الفتاة المولودة في الدنيا للمرة الثانية ليست أُمَّا أو جدة لشخص يريد الزواج منها.(۹) روّج لاعتقاد أن الإله متعود على المكر السيئ إذ يُبقي في حساب الناجي ذنبا خفيا عند إعطائه النجاة ثم يطرده من دار النجاة بحجة ذلك الذنب.(۱۰) لقد وصم إلهه بوصمة عار مخجل جدا قائلا بأنه ليس قادرا على إعطاء النجاة الدائمة، ثم كذب أن الأعمال محدودة لذا يجب أن يكون الجزاء أيضا محدودا مع أن هذا البيان يخالف واقع الأمر لأن الإله، بحسب مبدأ الآريين لا يطرد روحا من دار النجاة لمحدودية الأعمال، بل لأنه ليس قادرا أصلا على أن يعطي أحدا نجاة دائمة.والسبب في ذلك أنه إذا نجى الأرواح كلها نجاة دائمة فكيف يمكنه أن يُجري نظامه في المستقبل؟ ومن أين يأتي بأرواح جديدة لإبداء الخلق الجديد؟ مع أنه من الضروري بحسب معتقد الفيدا أن تستمر سلسلة التناسخ إلى الأبد.ولكن الذين نجوا من التناسخ إلى الأبد كيف يمكن إدخالهم في دوامته مرة أخرى؟ لذا فقد وقع الإله في مأزق أن النجاة الدائمة تؤدي إلى إنهاء نظامه كله لأنه ليس قادرا على خلق الأرواح أصلا فمن أين سيأتي بالأرواح الجديدة في هذه الحالة؟ لذا فقد اضطر إلى جعل النجاة مؤقتة حتى لا يختل أمر حكومته وملكوته.هذا هو إله الهندوس وهذه تعليمات الفيدا التي بناء عليها قال المحاضر بأنه لا حاجة إلى أي كتاب بعد الفيدا.فالحق أن الفيدا لم يراع احترام الإله بسبب مبادئه المخجلة ولم يهتم بإكرام الآريين، بل أهانهم نتيجة اعتقاد النيوك، وأهان إلهه نتيجة اعتقاد سلب هي
١٨٦ قدرته وسلب صفة خالقيته.فالفيدا الذي عامل أتباعه وإلهه بهذه المعاملة ماذا يمكن أن يتوقع منه الآخرون؟ بل ينطبق عليه قول الشاعر الفارسي: "ماذا فعلت أصحابك حتى تريد أن تكون نصيرنا، والحق أن الاحتراز مع منك واجب علينا." والعلامة الأخرى التي بينها المحاضر للكتاب الموحى به هي ألا يكون فيه اختلاف.نحن نقبل أنها علامة ضرورية فعلا للكتاب الموحى به لأنه إذا وجد في الكلام فيه تناقض، وكان تناقضا في الحقيقة بحسب قواعد المنطق المعروفة، فلا يجوز نسب ذلك البيان إلى عالم الغيب البريء من كل خطأ وعيب ونقيصة، لأن التناقض يستلزم أن يكون أحد الأمرين المتناقضين كذبا أو خطأ، والله أعلى وأسمى من منقصة كلا النوعين.ولكن بعض الأغبياء لقصور نظرهم وحمقهم يرون أيضا تناقضا في أمور ليس فيها أدنى تناقض فمثلا إذا قيل: زيد ميت أي ميت روحانيا، ثم إذا قيل: زيد حي أي حي جسديا فلا تناقض ولا تعارض بين هذين القولين لأنهما من منطلق مختلف.كذلك إذا قيل بأن زيد بن خالد رجل شرير جدا، ثم قيل: زيد بن وليد رجل صالح وطيب فلا تعارض ولا تناقض في ذلك أيضا لأن اللذين ذكرت سوانحهما رجلان مختلفان.كذلك إذا قيل: إن زيدا كان في الفلاة صباحا، ثم قيل: إن زيدا كان في البيت مساء فلا تناقض في هذين القولين أيضا لأنهما يذكران وقتين مختلفين.وكذلك إن قيل: إن زيدا لم يسافر إلى بغداد قط، ثم إذا قيل: إن زيدا سافر إلى دمشق، فلا تعارض ولا تناقض في القولين أيضا لأنهما مكانان مختلفان.كذلك القول بأني سأعطي زيدا روبيتين أجرةً بشرط أن يعمل لي طول النهار؛ ثم القول بأني سأعطيه نصف روبية أجرة إن عمل لي جزءا من النهار فلا تعارض ولا تناقض في ذلك أيضا لأن الشروط تختلف.باختصار، ما لم توجد الوحدة في الأمور المذكورة كلها
۱۸۷ وكان البيانان خاليين من كل نوع من التفريق في الزمان والمكان، فلا يقال بأنهما متناقضان.ولكننا نرى أن الفيدا مليء بهذا التناقض، إذ يحسب الله قادرا على كل شيء من ناحية، ومن ناحية ثانية ينكر جميع الأعمال التي تدل على قدرته وينكر كونه خالق الأرواح والأجسام.وليس ذلك فحسب بل يعلم بوضوح تام اعتقادا أن الأرواح وقواها وقدراتها وخواصها الغريبة كلها جاءت إلى الوجود من تلقاء نفسها ولم يخلقها الله كذلك ذرات الأجسام وكافة قواها وقدراتها خلقت من تلقاء نفسها.فمعلوم كم هو تناقض سافر القبولُ بقدرة الله الكاملة من ناحية، والرفض الكلى الجميع أعماله التي توحى بقدرته من ناحية أخرى.كذلك يقرّ الفيدا من جانب أن الإله منبع كل الفيوض ومصدرها، ومن جانب آخر ينكر قطعا أن هناك فيضا من فيوض الله جاريا، لأنه لما كانت قوى الأرواح وقدراتها كلها، وكذلك الأجسامُ وقواها كلها أزلية ومن تلقاء نفسها، وبناء على تلك القوى تحصل على العلوم والفنون كلها، أفلا يثبت من ذلك أنه ليس للإله أدنى فيض عليها؟ وإن قلتم بأنه وإن كانت تلك القوى من تلقاء نفسها ولكن فيض العلوم والمعارف تأتي من الإله على أية حال، فجوابه أن الإله لا ينزل على الإنسان أيّ فيض من الخير أو الحسنة من عنده بحسب مبدأ الآريين.بل كلّ ما يناله الإنسان من الخير والحسنة والفيض يكون كله نتيجة أعماله.فالمعلوم في هذه الحالة أن ما تلقاه الصلحاء الذين تلقوا الفيدات من الإلهام لم يكن منّة أو لطفا من الله بل كان نتيجة أعمالهم.فما أغربه من إله! إذ لم يخلق الأرواح ولا يستطيع أن ينزل عليها فيضه، ومع ذلك يدعون أنه منبع الفيوض كلها.أليس هذا التناقض الصريح والتعارض في البيان موجودا في الفيدا؟
۱۸۸ كذلك يقدَّم الادّعاء أن الفيدا يدعو إلى التوحيد بينما يدعي الفيدا من جانب آخر أن الإله ليس وحيدا في أزليته وأبديته بل كل ذرة من ذرات هذا العالم، والأرواحُ كلها تشاركه في الأزلية والأبدية.ومن ناحية يُنسب التوحيد إلى الفيدا ومن ناحية أخرى يعلّم الفيدا نفسه عبادة المخلوق بصورة واضحة، وهو مليء بتعليم عبادة النار والهواء وغيرهما.فما دامت هذه حال الاختلاف والتعارض في الفيدا فقد ثبت من ذلك أنه لم يحقق هذا الشرط و لم يدع أنه لا اختلاف في بيانه.ولكن القرآن الكريم يدعي ذلك، حيث يقول: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهُ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.والمعلوم أن الزمن الذي قال الله تعالى فيه عن القرآن بأنه لا يوجد فيه اختلاف كان من حق الناس أن يُظهروا اختلافا إذا وجدوه، ولكن سكت الجميع ولم ينبسوا ببنت شفة.وكيف يمكن الاختلاف فيه ما دامت الأحكام تدور حول مركز ،واحد أي غاية القرآن الكريم وهي الإقامة على وحدانية الله بأسلوب علمي وعملي وبالشدَّة واللين، والجذب إلى وحدانية الله بترك الأهواء والأطماع؟ وعلامة أخرى بينها المحاضر للكتاب الموحى به هي ألا يكون فيه أدنى نوع من الانحياز.لقد أيقنت من هذه العبارة أن هذا الشخص لا يتكلم بقوى عقلية سليمة لأنه لا يوجد في أي كتاب آخر نظير تحيز يزخر به الفيدا.فأي تحيز أن الدنيا موجودة منذ عشرات ملايين السنين بل منذ مدة لا يمكن جميع أكبر من إحصاؤها ولكن الإله لم يتخل إلى الآن عن التحيز، إذ ظل ينزل الفيدا في الهند وبالسنسكريتية فقط ولا ينتخب للإلهام أعضاء في برلمانه إلا النار والهواء والشمس والكوكب فقط.فهل من تحيز أكبر مما في الفيدا؛ إذ يختار الهند النساء: ۸۳
۱۸۹ وحدها دائما لإنزال الكتاب الموحى به ويلهم باللغة السنسكريتية منذ القدم، وكذلك لم يعجبه إلا الإلهام إلى النار والهواء والشمس والكوكب فقط، واصطفاها فقط بالولادة من الدرجة العليا لتكون جديرة بتلقي الإلهام.وهذا لم يحدث مرة أو مرتين أو ثلاث مرات بل مرت عليه عشرات ملايين المرات.وكما أن مدينة "شملة" أعجبت المسئولين في الحكومة البريطانية كمصيف، كذلك أُعجب الإله ببلاد الهند فقط وهو ساخط على سكان البلاد الأخرى دونما سبب، أو يجهل وجودهم إلى الآن.فليقل أحد من الآريين الآن بالعدل؛ هل معاملة الإله هذه تحيز أم هناك أمر آخر؟ وإذا كان أمرًا آخر فليبينه بالأدلة.هي علامة أخرى للكتاب الموحى به بينها المحاضر هي ألا يكون فيه كلام يوحي بأن الله مكر في فعل كذا وكذا من أفعاله.لقد كتبتُ الرد عليه من قبل أن معنى المكر هو التخطيط والتصرفات الدقيقة الخافية والمكنونة التي لا يعرفها الذي نُسجت ضده، بل ينخدع منها.والمكر نوعان: (1) الذي أريد به الخير والحسنة وليس الإضرار بأحد، كما أن الأم تعطى ولدها دواء بمكر أنه شراب حلو وتقول بأنها أيضا شربته ووجدته حلو المذاق.وبهذا المكر تتولد في قلب الولد رغبة فيشرب الدواء.وكما تطلب من بعض رجال الشرطة خدمة ألا يلبسوا زي الشرطة ويراقبوا الأشرار خفية لابسين لباسا عاديا.فهذا أيضا نوع من المكر، ولكنه مكر حسن.كذلك الممتحنون الذين يمتحنون الطلاب أو المحامين أو الأطباء أو في أي مجال آخر يمكرون إلى حد ما بحسن النية عند صياغتهم الأسئلة فيمكن أن يُفهم على هذا المنوال أن المكر الذي يليق بالله إنما هو من هذا القبيل الذي يمتحن عمل به الصالحين ويعاقب الأشرار الذين لا يتورعون عن مكر الشر.كل شخص يستطيع أن
۱۹۰ يفهم بالنظر إلى قانونه الجاري في الطبيعة أن هذا النوع من الرحمة الكامنة أو الغضب الكامن موجود في نواميسه الطبيعية فأحيانا نرى أن المكار والشرير الذي لا يرتدع عن مكره يفرح نتيجة ظهور بعض الأسباب ويزعم أنه سيسحق المظلوم بظلمه البالغ الغاية بسبب بعض الأسباب التي تيسرت له.ولكن الله تعالى يهلك الظالم نفسه بالأسباب نفسها.وإنه لمكر الله الذي لا يُطلع الشرير على مغبة تلك الأعمال ويُنشئ في قلبه فكرة أن في المكر نجاحه.وليس لأحد أن ينكر أن هناك آلافا من أعمال الله الملحوظة في العالم أنه يعاقب بمكره الحسن والعادل شريرا يؤذي الأبرياء بمكره السيئ.والآن أنقل لفائدة العامة من لسان العرب"، وهو قاموس قديم وموثوق به، معنى المكر وهو: "المكر احتيال في خفية.وإن الكيد في الحروب حلال، والمكر في كل حلال حرام.قال الله تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ "...يقول الله تعالى في القرآن بأن الكفار مكروا مكرا كبيرا بحسب زعمهم ومكرنا مكرا و لم يعرفوا مكرنا..."قال أهل العلم بالتأويل: المكر من الله تعالى جزاء سُمي باسم مكر المُجازَى." والآية الكاملة في القرآن الكريم هي: وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّنَهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ حَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةٌ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ١...أي سنغتاله وأهله ليلا ثم نقول لوارثه الذي يطالب * النمل: ٤٩-٥٤
۱۹۱ الدية لم نكن موجودين حين قتلوا، ونحن صادقون، أي يفتعلون عذرا بأنهم كانوا قد سافروا إلى مكان كذا وكذا عندما قتلوا.كما يفتعل المجرمون في هذه الأيام أيضا أعذارا من هذا القبيل حتى لا تُرفع القضية ضدهم....فكان مكر الله أنه أخفى إرادة العذاب إلى مدة حتى تمادى الأشرار في الشر، وعندما بلغت شرورهم الغاية بل أرادوا أن يقتلوا أصفياء الله بمكرهم مكرا كبارا أنزل الله عليهم ذلك العذاب الخفى الذي لم يعرفوه، ولم يخطر ببالهم أنهم سيبادون ويُمحون بهذه الطريقة.هذه إشارة إلى أن إيذاء عباد الله الأصفياء ليس حسنا، فالله تعالى يبطش في نهاية المطاف.فهو يُخفي إرادته إلى حين، وهذا هو المراد من مكره.ولكن عندما يبلغ الشرير شره منتهاه يُظهر الله تعالى إرادته.فما أشقى أولئك الذين يتصدون لعباد الله الأصفياء بحماس الشر فقط ويريدون أن يهلكوهم ولكن الله تعالى يهلك الأشرار أنفسهم أخيرا.وفي ذلك بيت جميل من شعر "الرومي" ومعناه: "ما أخزى الله قوما ما لم يُعذِّب قلب عبده".ثم ذكر المحاضر علامة للكتاب الموحى به وهي ألا يأمر بنهب مال أحد.نستنبط من كلامه هذا أنه إما يجهل الفيدا تماما أو هو عدو لدود للذين تلقوا الفيدات، لأنه يعيد مرارا وتكرارا أمورا تعارض تعليم الفيدا.فننقل هنا بعض الفقرات من رج" فيدا عن النهب على سبيل المثال لفائدة القراء.فهناك دعاء من آلهة "النار" وتنتهي فقرة الدعاء كما يلي: يجب أن ننال الغنائم من الأعداء في الحروب أعطنا يا إندر آلاف البقرات والأحصنة الجيدة واجعلنا بها أثرياء وإن كنا لا نستحقها.يا "إندر" الجميل والقوي ومالك الغذاء إن لطفك يدوم، فأعطنا آلاف الأحصنة والبقرات الأصيلة.وأهلك كل من يسبّنا، واقتل كل من "يضرنا" أي أعطنا ما لهم وبقراتهم وغيرها.
۱۹۲ يا "إندر" ويا "أغني" اللذان يُعملان السلاح البرقي ويدمران المدن أعطيانا الثروة وانصرانا في الحروب.أي أعطيانا مالا كثيرا من النهب."إندر" الذي يحتل الدرجة الأولى من بين جميع الآلهة، نحن ندعوك.فقد حصلت على أموال كثيرة من النهب في الحروب.يا أجيت إندر احمنا في حروبنا حتى ننال فيها نهبا كثيرا."إندر" الذي يُعمل السلاح مقابل الأعداء وهو نصيرنا ندعوه من أجل الحصول على ثروة هائلة.إن أموال النهب يعطيها "إندر" في معظم الحالات بحسب تعليم الفيدا يا "أغني" قد دعوناك منذ مدة طويلة بأداء تقليد "هوم"، فاحرق أعداءنا".فليقل الآريون الآن هل هذه الفقرات توجد في الفيدا أم في القرآن الكريم؟ لم يرد في القرآن الكريم قط أن أحرقوا الأعداء أو الهبوا أموالهم.فمن الوقاحة الكبيرة إلصاق التهمة الباطلة تماما بكلام الله المقدس.لقد جاء في القرآن الكريم أن أيها المسلمون اغنموا أموال الذين قتلوكم ونهبوا أموالكم وأخرجوكم من دیاركم مقابل ما تعرضتم له من خسارة.الأسلوب المتبع في الحروب منذ أن خُلقت الدنيا هو أن المنتصرين ينهبون أموال المغلوبين، بل يحتلون بلادهم أيضا.هذا ما يفعله الملوك الفاتحون اليوم أيضا.ولكن القرآن الكريم لم يعلم الظلم والاعتداء، بل أذن للمظلومين فقط أن يحاربوا ويغنموا أموال الأعداء كما نهب الأعداء أموالهم ولا يعتدوا فأية وقاحة وعدم أمانة أن يتهموا القرآن دون مبرر أنه قد أمر بالنهب وأخذ الغنائم والقتل فور نزوله دون أن يرتكب الخصوم جرائم.لا نجد في القرآن الكريم كله أية آية بهذا المعنى.أما إذا وجد الآريون فيه آية تأمر بقتال الخصم دون ظلمه وقيامه بجرائم أخرى، فحرام عليهم الطعام ما لم يقدّموها.أما تقديم الآية بقطعها من سياقها وجعلها كأنها تفيد موقفهم، إنما هو عمل الأشرار والوقحين والأوباش.يقول الله تعالى في القرآن الكريم: أذِنَ
۱۹۳ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.أي أن الله أذن جو بالمواجهة للمسلمين الذين يحاربون لقتلهم بغير حق ووجد أنهم مظلومون.لقد بين المحاضر علامة أخرى للكتاب الموحى هي أن تكون الأحوال عن الخلق والفناء مسجلة فيه بصورة صحيحة تماما.فليكن واضحا أني لا أرى حاجة إلى بيان حقيقة هذه العلامة لأني قلت بوضوح من قبل بأن الفيدا قد ارتكب خطأ كبيرا في هاتين العلامتين أيضا، لأن تعليمه بحسب قول الآريين هو أن الأرواح وذرات الأجسام أزلية وغير مخلوقة ووُجدت تلقائيا مثل الإله تماما، وأن كافة قواها وقدراتها أيضا وُجدت تلقائيا، وأن روح الإنسان تصعد بعد وفاته إلى السماء ثم تهبط ليلا على الخضروات والكلأ كالندى فيأكلها أحد فتدخل تلك الروح في رحم امرأة من خلال نطفة الرجل.هذه الخلق والفناء.وقد أثبت في هذا الكتاب نفسه أن هذا المعتقد واضح البطلان إلى درجة سيضحك عليه طفل صغير أيضا.إذا كانت الأرواح وقواها وجدت من تلقائها فلا يبقى الإله إلها أصلا ولا يستحق العبادة قط وستكون سيطرته على الأرواح احتلالا وتسلطا جائرا فحسب، ولا نستطيع أن نعطي هذه السيطرة اسما آخر.كذلك تنقلب وحدانيته كلها أيضا رأسا على عقب نتيجة هذا الاعتقاد؛ فكل ذرة من الذرات تساوي وجوده من حيث القدم.والطامة الكبرى لا يمكن اعتباره منبع الفيض في هذه الحالة لأنه ما دامت الأرواح وقواها أزلية هي فلسفة الفيدا عن أنه وموجودة من تلقاء نفسها كان واضحا أن قوتها لإدراك المجهولات أيضا تلقائية وبالتالي لم تعد هنالك حاجة قط إلى الإله لإدراك المجهولات.وبذلك لا بد من الإقرار أنه كما أن الأرواح قديمة وجاءت من تلقائها، كذلك أبواب العلوم الحج: ٤٠
الضرورية أيضا مفتوحة عليها منذ القدم.ففي هذه الحالة لن تكون هناك حاجة إلى الإله أصلا.وإن قلتم بأن الأرواح وُجدت من تلقائها ولكن قواها ليست كذلك فهذه الفكرة خاطئة لأنه لا يمكن تحقق أي شيء دون تحقق الصفات.فبحسب هذا الاعتقاد لم يعد الإله منبع الفيض، وكان وجوده أو عدمه سيين، ولم يبق على وجوده دليل يُفهم منه أنه موجود أصلا.وكذلك لم يعد الإله، بحسب هذا المعتقد مستحقا لأي حمدٍ، لأنه إذا كانت الأرواح مع كافة قواها، وكذلك كانت ذرات الأجسام مع كافة قواها قديمة ووجدت تلقائيا ولا دخل للإله فيها فكيف يكون مستحقا للمحامد؟ ولا يمكن أن يكون للإله دخل في أعمال ينجزها أحد بقواه لأنه ليس لفيض الإله أدنى دخل فيها.ومن المسلم به عند الآريين أنفسهم أن الإله لا يستطيع أن يعطي شيئا من عنده كهدية قط بل كل ما يناله الإنسان إنما هو نتيجة أعماله فلا يمكن لأحد من الآريين أن يقول: "الحمد لله" لأن المزايا التي يتحلى بها الإله بحسب اعتقادهم تتحلى الأرواحُ وذرات الأجسام بالمزايا نفسها، لأنها أيضا قديمة ووُجدت من تلقاء نفسها مثل الإله تماما، والقوى التي تملكها الأرواح وذرات الأجسام هي من تلقاء نفسها مثل قوى الإله وصفاته وأن الإنسان يكسب الأعمال الحسنة بمحض قوته الشخصية وليس بعون الإله لأنه أولا وقبل كل شيء ليس للإله موطئ قدم في مجال نصرة أحد إذ لا حاجة أصلا إلى نصرة الإله لأن كل شيء حاصل تلقائيا.وإضافة إلى ذلك إذا أعان الإله الناس على كسب الأعمال الحسنة فهذا ينقض مبدأ الآريين القائل بأن الإله لا يستطيع أن يهب شيئا إلا مقابل الأعمال.انظروا لو كان الإله قادرا على أن يهب شيئا برغبته لما كانت نجاة الآريين مؤقتة.لم تكن في الإله صفة أن يعطي شيئا جُودا وعطاء منه، لذلك كان لا بد من جعل النجاة أيضا مؤقتة.ما
صالحة * إلى معتقد علمنا إياه الله تعالى مقابل ذلك وهو: (الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ).....أي ليس هناك شيء لم يخلقه الله و لم يربه.فهو رحمان، أي ينعم على عباده جميعا دون أعمال منهم سواء أكانوا كفارا أو مؤمنين.ولقد أعطاهم لراحتهم وسهولتهم نعماً لا تُعد ولا تحصى.وهو رحيم، أي أنه يهب أولا عباده نتيجة رحمانيته قوى وقدرات لا دخل فيها لسعي الإنسان، ليكسبوا بها أعمالا ويهبهم الأسباب كلها لتكميل الأعمال.وعندما يصبح الإنسان بسبب رحمانيته قادرا على كسب الأعمال الصالحة فالله رحيم ليجازيه عليها.وعندما يستحق الإنسان مستفيضا برحيميته أن ينال إنعاما وإكراما أبديا يعطيه الله إنعاما وإكراما أبديا لكونه مالك يوم الدين.ثم يقول بعد ذلك: يا ربنا، ويا جامع الصفات كلها نعبدك وحدك، ونستعينك لكسب الأعمال الحسنة كلها بما فيها عبادتك، أرنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، وأنقذنا من صراط الذين سقطوا تحت غضبك (أي يقومون بالحذلقة والشر فيصيرون مورد غضبك في هذه الدنيا، وأنقذنا من صراط الذين نسوا صراطك ويسلكون سبلا ليست سبل مرضاتك، آمين.انظروا الآن كم هي مليئة بالتوحيد هذه السورة القرآنية التي اسمها سورة الفاتحة! إذ لا يوجد فيها ادّعاء من قبل أي إنسان بأنه جاء إلى الوجود تلقائيا دون أن يخلقه الله، كذلك لا يوجد ادّعاء أن أعماله إنما هي نتيجة قوته وقدرته الشخصية.ولا يوجد فيها دعاء مثل الفيدا: أعطنا يا رب كثيرا من البقرات أشقى أولئك الذين إلههم ضعيف إلى هذه الدرجة ومحروم من صفة الجود والسخاء.منه.
١٩٦ والأحصنة والمال المنهوب.بل علمنا دعاء أن اهدنا الصراط الذي بالسلوك عليه يصل الإنسان إليك وينال إنعامك وإكرامك الروحاني ويجتنب غضبك ويجتنب سبل الضلال.كذلك ليس في القرآن الكريم تعليم أنه عندما يموت الإنسان تسقط روحه ليلا على الخضروات والكلأ منقسمة على جزأين.وقد سبق أن بينت بكثير من التفصيل أن تعليم الفيدا هذا خاطئ تماما بل الحق أن الله تعالى خلق الروح وكافة قواها، وأن الروح لا تعود مطلقا.فمن الواضح أن الفيدا ارتكب خطأ كبيرا من " كلا الجانبين فيما يتعلق بخلق الأرواح وفنائها، فاقرأوا بياني السابق عن ذلك.ثم قال المحاضر : إن من علامات الكتاب الموحى به أن تكون حقوق الرعية والملوك والوالدين والأولاد كلّها مسجلة فيه بالعدل.ولكني أستغرب كيف نسي هذا الشخص بهذه السرعة تعليم البانديت ديانند المبني على الفيدات والمنقول في ستيارته "بركاش" الذي جاء فيه ألا يُعتبر ملكا إلا مَن يعمل بحسب تعليم الفيدات.وقد أشار في هذا التعليم بصراحة تامة إلى أن الملك الذي لا يدين بدين الآريا يجب ألا يُقبل كملك قط مهما كان عادلا ورحيما ومهما كان يؤدي حقوق الرعية.هذا هو التعليم الذي حرض كثيرا من أصحاب العقل والفطنة والمثقفين من الآريين على التمرد نقبل أن بعض المسلمين الهمجيين الذين يجهلون تعليم القرآن الكريم تماما يصدر منهم التمرد أحيانا مع كونهم رعية ولكن لا يسعنا أن نجعل قوما مثقفين كالجهلاء.إن مقولة الملك عبد الرحمن خان تنطبق تماما على الجهلاء حيث يقول ما معناه: " الأفغان يعملون بنصف القرآن".لقد قيل في القرآن الكريم بجلاء وصراحة أنه يجب أن تطيعوا الملوك العادلين واجتنبوا التمرد.وإذا رأيتم إحسانا من ملك أو غيره فاشكروه وأحسنوا إلى الجميع.ولكن تعليم الفيدا يخالف هذا المبدأ، فاقرأوا "ستيارته بركاش" إن شئتم.
۱۹۷ والجزء الثاني من هذه العلامة كما بينه المحاضر هو أن من علامات الكتاب الموحى به أيضا أن يحتوي على حقوق الوالدين والأولاد كلها بالعدل.سبحان الله إلامَ آلت حالة هؤلاء القوم بسبب العناد إذ يختلقون علامات الكتاب الموحى به من عند أنفسهم ليقع اعتراض على القرآن الكريم.ولكن كيف يمكن الاعتراض على كلام الله؟ بل الحق أن الاعتراض يعود إلى الفيدا نفسه.إن حقوق الوالدين والأولاد وغيرهم من الأقارب والمساكين التي وردت في القرآن الكريم لا أظن أنها وردت بالشرح والتفصيل نفسه في أي كتاب آخر.فيقول الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا...إن قوله تعالى: "وبذي القربى" يشمل الأولاد والإخوة والأقارب القريبين والبعيدين كلهم...والجار الجنب والصاحب بالجنب...أي بالجيران الذين هم في عداد الأجانب وكذلك الزملاء في العمل والرفقاء في السفر أو الصلاة أو في مجال تعلّم الدين والمسافرين والأنعام التي تملكونها...والله لا يحب المتكبرين المختالين الذين لا يرحمون الآخرين.ولكن من المؤسف حقا أن الآريين لا يستطيعون أن يرحموا أحدا دون مقابل ، لأن هذه الصفة ليست موجودة في إلههم فهو قادر على المجازاة مقابل الأعمال فقط وليس إلا ولهذا السبب فالنجاة ليست دائمة".النساء: ۳۷ يقول الله تعالى في آية أخرى في القرآن الكريم: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف: ١٦).منه.
۱۹۸ وقد أمر الله تعالى بأداء حقوق الوالدين في آية أخرى أيضا في القرآن الكريم وهي: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ).وقال تعالى في آية أخرى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ۚ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.الوصية ماله الذي تركه وكذلك الأقربين بالمعروف...أي بما هو مرضي للوالدين من و مستحسن عند الشرع والعقل.فقد قدّم الله تعالى الوصية على جميع الحقوق، وأمر الموشك على الموت أن يكتب الوصية قبل كل شيء.ثم قال: حول نقض الوصية بعد سماعها فذنبه على الذين يرتكبون جريمة تبديلها عمدا بعد سماعها.ثم قال: إن الله سميع عليم: أي أن المشاورات من هذا القبيل لا تخفى على الله، وأن الله ليس عاجزا عن الإحاطة بهذه الأمور علمًا.ثم قال بأنه إذا ارتكب أحد دون قصد منه أو ارتكب ذنبا ، أي ظَلَم عمدا ثم تنبه إلى ذلك وأصلح في الخطأ الوصية التي كتبت في حق الموصين بهم فلا ذنب عليه.ثم قال ل عن حقوق الأولاد في آية أخرى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الإسراء: ٢٤-٢٥ البقرة: ۱۸۱-۱۸۳ البقرة: ٢٣٤
۱۹۹ وقال في آيات أخرى للرِّجَال نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا الله وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۖ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا * يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثَّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ صي بِهَا أَوْ دَيْنِ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنِ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثَّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنِ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةٌ أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ رَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنِ غَيْرَ مُضَارٌ وَصِيَّةً مِنَ الله وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ.وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ...أي إن جاء هؤلاء المذكورون الذين ليس لهم نصيب في التركة فاعطوهم أيضا شيئا من المال وعاملوهم بالرفق واللطف ولا تردوا عليهم بالقسوة.وليخش الورثة أنهم لو ماتوا تاركين وراءهم 1 وذلك لأن البنت تنال نصيبا عند أصهارها أيضا، فتنال نصيبا من بيت الوالدين وتنال نصيبا في بيت الأصهار وبذلك يصبح نصيبها مثل الذكر تماما.منه.النساء: ۸-۱۳
أولادا صغارا كم كانوا سيترحمون على حالهم وكم كانوا سيملؤون خوفا نظرا إلى حالة ضعفهم! لذا عليهم أن يتقوا الله في القسوة مع الأولاد الضعفاء، وليقولوا لهم قولا سديدا، أي لا يظلموهم ولا يُتلفوا حقوقهم....وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ: أي أن الله تعالى يأمركم بذلك لأنه عليم ولا يخرج شيء عن علمه.وهو حليم لذا لا يُسرع في معاقبة العاصي على علمه، فهو بطيء في العقاب.فلو لم يلق أحد عقابا على ظلمه وخيانته فلا يزعمنّ أن الله لا يعرف جريرته بل عليه يفهم بأن هذا التأخير هو أمر الله وهو يعاقب الشرير حتما أخيرا أن بعقاب يستحقه.هي سبب \ 11 "لا تتجاسر نظرا إلى حلم الله فإنه بطيء في البطش ولكن بطشه شديد." يتبين من كل هذه الآيات بوضوح تام كيف أكد القرآن الكريم على حقوق الوالدين، وكذلك ذكر حقوق الأولاد بل حقوق جميع الأقارب، ولم ينس حقوق المساكين والأيتام، بل جعل في أموال الناس حقوقا حتى للحيوانات التي تحت تصرفهم.ومقابل ذلك أتلف الفيدا حقوق أصحابه إلى حد كبير حتى جعل ولدا غير شرعى ولد نتيجة النيوك وارثا مثل الولد من الصلب.ما هذا الإجحاف؟ ثم كم تتلف حقوق بعض الورثة بأمر من الفيدا بعد موت أحد وتُرفض حقوقهم رفضا باتا، أما القرآن الكريم فيُعطي الجميع حقوقهم عند تقسيم الإرث في مجلس واحد ولا يُحرم أحد.ثم قدّم المحاضر علامة أخرى للكتاب الموحى به، وهي ألا يكون فيه تعديل أو نسخ وألا تكون هناك حاجة إليهما.ماذا أقول وماذا أكتب في الرد على ذلك؟! إن هذا الشخص يعرّض الفيدا للفضيحة بغير حق، إذ لا يعلم إلى الآن ترجمة بيت فارسي.(المترجم)
أن طبيعة الإنسان عرضة للتغير والتبدل دائما.فلا يمكن أن يُعد الكتاب من الله ما لم يهتم بهذه التغيرات.الذي يدّعي كونه طبيبا ثم يعطي الرضيع دواء بالقوة نفسها التي يجب إعطاؤه شابا فهو غبي وليس بطبيب.كما يضطر الطبيب إلى إنقاص الدواء أو الزيادة فيه نظرا إلى مقتضى الطقس مثلا أو يضطر إلى ترك دواء واختيار دواء آخر؛ يُتَّبع القانون نفسه في الطب الروحاني، أي في شريعة الله أيضا.أي عندما يزور المريضُ الطبيب للعلاج في شريعة الله، وكان الطبيب حاذقا، فلا يعطيه الدواء بالقوة نفسها في جميع مراحل المرض بل يصف في المرحلة الابتدائية دواء، وعندما يتفاقم المرض أكثر من المرحلة الابتدائية ويستشري أكثر، يغير الوصفة بحسبها.وعندما يبلغ المرض منتهى درجة التفاقم أي يبلغ هياجه الذروة يصف الطبيب الحاذق وصفة تنسجم مع شدة المرض نفسها.ثم عندما تأتي مرحلة انحطاط المرض أي يبدأ بالزوال يقلل الطبيب من قوة وصفته.وعندما لا تبقى في اليد حيلة سوى العملية الجراحية في حال مرض معين ويكون هناك خطر الموت يكون من واجب الطبيب الحاذق أن يستعد للعملية فورا دون الاهتمام بتألم المريض في بعض الأحيان يضطر الجراح إلى شق بطن المريض أو نزع عظم من عظام الفك أو الرأس إنقاذا لحياته، فلا يُحسب الطبيب ظالما في كل هذه الإجراءات لأنه لا يعزم من خلالها على القتل وإنما ينوي إنقاذ الحياة.فعلى هذا المنوال لو تعمقتم في الموضوع أكثر لوجدتم أن حياة الإنسان مليئة بالتغيرات من كل جانب، وكما أن الإنسان معرَّض للتغيرات الجسدية كذلك لا مندوحة له من التغيرات الروحانية أيضا.نرى في بلدنا أننا نضطر إلى بعض التغييرات في لباسنا مع بداية تشرين الأول ثم نترك في كانون الأول كليا لباسا خفيفا كنا نلبسه من قبل، ونلبس بدلا منه لباسا سميكا من الصوف أو غيره بما
يكفي لمقاومة البرد.وعندما يحل شهر نيسان نبدأ بارتداء لباس خفيف مرة أخرى، وفي شهر حزيران وتموز نحتاج إلى المراوح والماء البارد كثيرا.فليكن معلوما أن التغييرات نفسها حادثة في الحياة الروحانية أيضا.العنيد والجاهل يتكلم متسرعا بكلام وكأنه لا سيطرة له على لسانه، بل يكون مضطرا كما يتبرز المصاب بالزحار عفويا.فالعناد مرض سيئ جدا، ثم عندما يرافق العناد الحمقُ والجهل يؤدّي إلى تأثيرات مسمومة تملك العنيد في معظم الحالات.كان في الهندوس شخص غير متعصب وهو باوا نانك، فلأن قلبه كان طاهرا أراه الله الإسلام حقا.يتبين من أبياته أنه كان فداء للإسلام.لقد سافرتُ إلى "ديره نانك" ورأيت بأم عيني قميصه ووجدت أنه كان قد كتب عليه آيات القرآن الكريم وأقرّ مرارا بـ "لا إله إلا الله محمد رسول الله".وكتب بكثرة بأنه ما من دين جدير بالاعتناق إلا الإسلام.لقد رأيت في مدينة "ملتان" مسجدا كان باوا نانك يصلي فيه.ورأيت أيضا في زاوية في مدينة ملتان مكتوب بيده يا الله".لا شك أن باوا نانك كان ذا قلب طاهر وشهد بصدق نور الإسلام مرارا فكان وحيدا من بين عشرات ملايين الهندوس وهبه الله العين وطهر قلبه ورزقه حبه ولكن من المؤسف حقا أن البانديت ديانند کتب بحقه في كتابه "ستيارته "بركاش" كثيرا من الكلمات غير اللائقة والمسيئة التي أرى نقلها أيضا من سوء الأدب.ثم قدّم المحاضر علامة أخرى للكتاب الإلهامي وهي أن يكون بلغة الإله حصرا.ولكن من المؤسف أنه لا يفهم بأنه لو كان البشر منذ القدم بحسب مبدأ الآريين لاستلزم ذلك أن تكون لغاتهم أيضا قديمة وما الفرق بين لغاتهم من حيث قدمها؟ وما هي المزية الخاصة بسنسكريتية الفيدا لتُعد لغة الإله؟ ولأنها
۲۰۳ أصبحت في هذا الزمن لغة ميتة لا يحكيها أي قوم فيمكن أن يحسب الجاهل أن هذه اللغة بعيدة عن استخدام الناس، لذا قد تكون لغة الإله.ولكن كون لغة من اللغات متروكة الاستعمال ليس خاصا بالسنسكريتية، بل هناك عدة لغات أخرى أيضا كانت تُحكى سابقا ولكنها الآن صارت متروكة.فهل ستحسب كلها لغات الإله لهذا السبب فقط؟ وإذا كانت السنسكريتية تُعد لغة الإله بناء على دليل آخر ويحكيها الإله في مجلسه الخاص، فيجب تقديم الدليل على ذلك، وإلا فأنواع التغيرات قد تطرقت إلى اللغات العبرية والفارسية ولغات بلاد أخرى حتى انقرض بعضها كليا وتغير بعضها الآخر فلم تبق فيها الكلمات السابقة إلا قليلة جدا ودخلتها كلمات وتعابير جديدة، وإذا كانوا تواقين إلى أن يسمعوا أمثالا من هذا النوع فأستطيع أن أقدم في ذلك قائمة طويلة.فإذا جاز اعتبار لغة من اللغات لغة الإله نتيجة كونها متروكة الاستعمال فما ذنب كل اللغات المتروكة الاستعمال الأخرى حتى لا تُعَدّ لغات الإله؟ الآريون مضطرون إلى الاعتراف بأن اللغات الأخرى أيضا قديمة لأنه إذا كانت سلسلة العالم قديمة فلماذا بقى سكان العالم كلهم الذين عددهم في عشرات الملايين محدودين في الهند وحدها وظلت لغتهم واحدة لن يقبل ذلك عاقل لأنه يعارض قانون الله السائد في الطبيعة.وحين نرى أن تغيرا يطرأ على لغة بعد مرور مئتي عام أو ثلاث مئة عام تقريبا، وكذلك إذا سافرنا مثلا إلى مئة فرسخ شعرنا بتغيّر واضح في اللغة.فتبين من ذلك أن اختلاف الألسنة وارد منذ القدم وتشهد عليه الظروف الحالية.فلا بد من الاعتراف أن الذي خلق أناسا خلق لغاتهم أيضا، وهو الذي يُحدث فيها بعض التغيرات بين الفينة والفينة.ومن السخف القول ومن غير المعقول تماما أن تكون للإنسان لغة ويتلقى الإلهام في لغة أخرى لا يفهمها لأنه تكليف بما لا يطاق.ثم ما الفائدة من الإلهام الذي
يسمع الله من شأنه يفوق فهم الإنسان؟ فلما لم تكن لغة الرجال الذين تلقوا الفيدات سنسكريتية وما كانوا قادرين على الكلام بها أو فهمها بحسب مبدأ الآريين؛ ففي هذه الحالة إن إلهام الله إليهم بلغة أجنبية عليهم كان حرمانهم من تعليمه قصدا.وإن قلتم بأن الله كان يفهمهم معنى تلك العبارات بلغتهم لما بقي عهد القائل بأن كلامه في لغة الإنسان حرام عليه قائما.إنني لأستغرب بشدة ماذا ينفع الآريين مثل هذا الكلام السطحي وغير الناضج؟ أليس صحيحا أن كل ما للإنسان إنما هو الله؟ فما الذي يحط من شأن الإله إن فهم الإنسان بلغته؟ ألا إلهنا أدعيتنا في لغتنا؟ فإذا كان سماعه أدعيتنا في لغتنا لا يحط شيئا فلماذا يقلل من شأنه إن أرشدنا إلى الصراط المستقيم بلغتنا؟ فالجدير بالذكر أن عادة الله بحسب سنته القديمة هي أنه يهدي كل أمة بلغتها.ولكن إذا كان هناك لغة يُتقنها الملهم جيدا كأنها في حكم لغته فكثيرا ما يتلقى إلهاما في تلك اللغة كما تشهد على ذلك بعض كلمات القرآن الكريم، إذ بدأ نزوله بلهجة قريش لأنهم كانوا أول المخاطبين، ثم وردت فيه كلمات بلهجات العرب الأخرى أيضا.أما أنا الذي أتبع القرآن الكريم وهو كتاب شريعتنا من الله تعالى لذا كثيرا ما أتلقى الإلهام من الله تعالى باللغة العربية لكي يكون علامة على أن كل ما أناله إنما أناله بواسطة النبي الله وأستفيض في كل أمر بواسطته.ولما كانت مشيئة الله أن يجعل الناس جميعا أمة واحدة ففي بعض الأحيان أتلقى الإلهام بلغات أخرى أيضا.ولكن معظم مكالمة الله ومخاطبته تكون بالعربية بل إن جزءا كبيرا من مكالمة الله ومخاطبته يكون بآيات قرآنية.ويكون الهدف من وراء ذلك التأكيد على أن القرآن الكريم كلام الله.وبهذا الأسلوب الجديد يؤكد للملهم أن الرسول الذي يؤمن به هو رسول صادق، والكتاب الذي يؤمن به أي القرآن الكريم هو كتاب الله وحيث إن الإلهام يترل بلغات مختلفة إلى الآن
وتتحقق بواسطته مئات النبوءات أيضا، أفلم يثبت أن الله تعالى يُلهم بكل لغة؟ ألا تكون الرؤى الصادقة من الله؟ هل تلزمها السنسكريتية الفيدية أيضا؟ إلى هنا قد بينت بالإيجاز العلامات التي قدمها المحاضر، والآن سأرد على الاعتراضات التي وجهها إلى القرآن الكريم بناء على العلامات التي بينها.لقد اعترض أولا أن القرآن الكريم لم يدع أنه منذ بدء الخليقة.ولقد رددت على هذا الاعتراض من قبل أيضا أنه لما كان القرآن الكريم كاملا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أراد الله أن يصلح بواسطته كل المفاسد وأكبرها التي يمكن أن تتطرق إلى طبيعة الإنسان وقدر ما يستطيعون أن يتقدموا في ميادين الضلال وسوء العمل لذا فقد أنزل القرآن في وقت نشأت في البشر هذه المفاسد وتلوثت حالة الإنسان بكل معتقد سيئ وعمل منكر.هذا ما اقتضت حكمة الله أن ينزل كلامه الكامل في ذلك الوقت لأن اطلاع مثل هؤلاء الناس على تلك الجرائم والمعتقدات السيئة حين كانوا يجهلونها تماما إنما هو بمنزلة ترغيبهم في تلك الذنوب فبدأ وحي الله منذ آدم الله كبذرة، وقد بلغت تلك البذرة لشريعة الله كمالها في زمن القرآن الكريم وصارت دوحة عظيمة.لقد كتبتُ أنها فرية كبيرة على الفيدا أنه كتاب يعود تاريخه إلى بداية الدهر.بل الحق أنه جُمع في أزمنة متفرقة كما أظهر الباحثون رأيهم فيه.الادعاء الذي يقدم عن وجوده منذ بداية الدهر يكفي لدحضه الفيدا نفسه.وليكن معلوما أيضا أن كل ما استفاده الآريون من الفيدا هو تورُّط عشرات الملايين من الهندوس من هذا البلد في عبادة المخلوق، وقد تجاوزوا فيها الحدود كلها، فلم يتركوا الماء ولا النار ولا الشمس ولا القمر ولا الحجارة ولا الإنسان ولا الأشجار بل حسبوا كل شيء عجيب إلها.ثم عندما جاء القرآن الكريم إلى هذا البلد نجي بقدومه الميمون عشرات ملايين الهندوس من بلاء عبادة المخلوق
٢٠٦ ولا يزال ينجيهم.ولكن هؤلاء القوم ينكرون الجميل ويرددون: الفيدا..الفيدا بغير حق.لعلهم نسوا ما واجهوا من ضرر من قبل بسببه.ثم اعترض المحاضر على القرآن الكريم أنه يتضمن مئات الأمور التي تخالف قانون الطبيعة، وأن على المسلمين ألا يدعوا للإيمان بالقرآن ما لم يثبتوا توافق هذه الأمور مع قانون الطبيعة.لقد رددت على هذا الاعتراض السخيف من قبل أيضا أنه لا يمكن لأحد أن يحدّ قانون الله في حدود إلا الذي كان أعلى من الله ! وإلا من سوء الأدب جدا والإلحادِ الزعم أن تُحدّ حدود عجائب قدرة الله الذي أسراره وراء الوراء وقدراته لا نهائية مثل ذاته، لأنه من الواضح أنه لما كان الله غير محدود، فأنى لصفاته أن تكون محدودة؟ غير أن ما كان يعارض صفاته المتحققة أو يخالف عهوده التي ذكرها الله سيحسب هو فقط منافيا لقانونه في الطبيعة.فمثلا من صفات الله المتحققة أنه ليس له شريك ولن يصيبه موت، وأنه لا يعجز عن فعل شيء بحسب صفاته.وقد عهد مثلا أن الذي يموت لا يعيده إلى الدنيا ثانية لإسكانه فيها.فلا يفعل شيئا يخالف عهده وصفاته الثابتة.لا يجعل أحدا شريكا له ولا ينتحر ، وإذا أمات أحدا مرة فلا يعيده إلى الدنيا لإسكانه فيها ويستطيع أن يفعل كل ما عدا ذلك.من يستطيع القول بأن قدراته و محدودة في حدود كذا وكذا ولا تتعداها؟ أو تخرج أمور كذا وكذا عن نطاق قدرته أو هو عاجز عن إنجازها؟ صحيح أن قدراته العجيبة ليست متساوية مع كل شخص بل بقدر ما ينشئ الإنسان علاقة الحب والإخلاص معه تظهر عليه قدراته..وأعماله التي لا تظهر لعامة الناس وهي مستحيلة عندهم تظهر للخواص بسبب علاقتهم.باختصار، فلله عل قدرات عجيبة لا تُعدّ ولا تحصى ولكنها لا تظهر إلا للذين يفنون في حبه.فيُظهر الله لهم أعمالا يحسبها الفيلسوف العمه محالا،
۲۰۷ ويظهر لأحبائه الصادقين من العجائب ما يراه العقلاء من أهل العقل فوق العادة.ليس أمامه شيء مستحيل ولكنه لا يعمل ما يخالف عهده أو صفاته.مباركون أولئك الذين يزدادون إيمانا بقدراته تعالى وإلا فدعاء غير المؤمن لا يجاب لأنه لا يحسب الله قادرا بسبب طبيعته الشيطانية.ثم اعترض المحاضر على القرآن الكريم بأنه قد جاء فيه أن الله خلق كل شيء "كُن" وخلق الأرض والسماء في ستة أيام واستراح في اليوم السابع بينما يثبت من علم طبقات الأرض أن الأرض خُلقت على مدى مئات آلاف السنين.فأقول ردًّا على ذلك: لا شك أن كل شيء قد خُلق بـ "كن"، أي بأمره فقط سواء أخُلق شيء في مئات آلاف السنين أو عشرات ملايين السنين ولكن لا بد من أمر الله أولا.فكل من يؤمن بالله لا يستطيع أن ينكر أن كل عدم ووجود مرتبط بأمر الله تعالى.أما إذا كان أحد ملحدا ينكر وجود الله فقد يقول بأن كل شيء يُخلق من تلقائه دون الحاجة إلى الأمر.ولكن لما كان الله ثابتا ومعلوم أيضا أنه لا يمكن أن يُخلق شيء دون إرادته فيضطر وجود المؤمن إلى الإقرار بأنه لا يأتي شيء إلى حيّز الوجود دون أمره، ولا يسع قوة أن تعمل شيئا بغير أمر الله.والآية التي وردت فيها كلمة "كن" هي: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.يجب ألا يُفهم من ذلك أنه يكون فورا دون أدنى تأخير لأنه لم يرد في الآية لفظ "فورا" بل الآية تدل على تنفيذ الأمر.والمراد من ذلك أن الله يستطيع أن ينفذ أمرا فورا إذا أراد ويستطيع أن يؤخره أيضا إذا شاء كما هو الملحوظ والمشهود في قانون الله الساري في الطبيعة أيضا أن بعض الأمور تتم عاجلا وبعضها تتحقق آجلا.فما وجه الاعتراض في ذلك؟ يس: ٨٣
۲۰۸ منه لو كان أحد يتحلى بشيء من الحياء لمات خجلا بالتأمل في حقيقة مثل هذه الاعتراضات ولكن المشكلة أنه ليس لدى هؤلاء القوم أدنى حياء.أما القول بأن الله تعالى خلق الأرض والسماء في ستة أيام واستراح في اليوم السابع، فليكن معلوما أنه لم يرد في القرآن الكريم لفظ "استراح" بل هو وارد في التوراة، ولكن قد تكون تلك استعارة.ولدحض هذا الخطأ استخدم القرآن الكريم بهذه المناسبة تعبيرا آخر وهو: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب، أي خلقنا الأرض والسماء في ستة أيام وهذا العمل لم يُرهقنا هذا اللفظ يفند القول بأنه تعالى استراح في اليوم السابع لأنه لو استنبط المعنى الظاهري لدلّ على تعب الله، إذ لا يستريح إلا من يتعب، ولكن الله بريء من التعب ولا يمكن أن تُنسب إليه نقيصة.أما القول بأن الله خلق الأرض والسماء في ستة أيام فما نعلم من القرآن الكريم هو أن أيام الله ليست مثل أيام الناس بل قد ورد في القرآن الكريم: وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وفي آية أخرى: فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فلا يمكننا الجزم كم مدة أُريدت من ستة أيام.غير أننا نستطيع القول باليقين بأنه ليس المراد من ستة أيام الأيام المعروفة عند الإنسان إذ من الواضح أنه حين لم تكن الشمس والقمر والأرض والسماء موجودة أصلا، فكيف وأين وُجدت الأيام المعروفة عند الناس حاليا؟ فلما قال الله تعالى بكل وضوح بأن أيام الناس غير أيام الله، فليس هذا الاعتراض إلا خبث أو حمق محض.إضافة إلى ذلك أين يُرى خاتم الصدق لامعا على بحوث علم طبقات الأرض؟ بل الحق أن كل هذه الأفكار مبنية على الشك والظن وهي عرضة ق: ۳۹
للتغير والتبدل كل يوم.والبحوث التي قام بها الحكماء اليونانيون في هذه الأمور قد أبطلتها العلوم الحديثة التي ظهرت للعيان فيما بعد و لم يبق لبحوثهم أي أثر قط.كذلك البحوث الحالية أيضا ستبطل في زمن من الأزمان في المستقبل نتيجة البحوث الجديدة.إن آراء الحكماء التى ظهرت للعيان تقول تارة بدوران السماء وتارة بدوران الأرض، ولعل مذهبا ثالثا يظهر للعيان في المستقبل ويجعل السماء والأرض في طي النسيان ويقدم أمرا آخر.ثم اعترض المحاضر على القرآن الكريم أن المرأة خُلقت من ضلع آدم، وقال بأن الرجال يتولّدون من بطن المرأة كما جرت العادة، أما بحسب القرآن فقد خُلقت المرأة من الرجل وذلك من ضلع واحد فقط.معلوم أن اللحم يتكوّن من الدم أولا ثم يتكوّن العظم، أما بحسب القرآن فتكوّن اللحم من العظم، وهذا يخالف النواميس الطبيعية.ليكن معلوما أن الآية المقصودة في القرآن الكريم هي: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ....خَلْق فِي ظُلُمَاتِ ثَلَاثِ ' فلم يُذكر هنا فلم يُذكر هنا الضلع أو العظم أو غيرهما، والذي جاء فيها هو أنه خلق إنسانا من إنسان آخر.غير أنه قد جاء فيها أن الله غير قانونه السابق لأن الإنسان لم يُخلق من النطفة في البداية، بل خُلق من إنسان آخر كيلا يحدث خلاف في النوعية، ثم بدأ بعد ذلك قانون آخر وبدأ الناسُ يُخلقون نطفة الإنسان.وإن نسخ الله قانونًا سابقًا ليس محل اعتراض لأن الله ينسخ قانونه لتظهر للعيان قدراته مختلفة الأنواع.من الزمر : ۷ يثبت من هنا أن قانون الله في الطبيعة هو أنه ينسخ بعض الأمور ويخلق أمورا أخرى.والذين ينكرون النسخ عليهم أن يتأملوا في ذلك.منه.
۲۱۰ من معاني الآية المذكورة آنفا أن إنسانا كاملا يتكوّن في الرحم بعد خلق من عدة أنواع ويُخلق في ظلمات ثلاث (۱) البطن، (٢) الرحم، (۳) المشيمة التي يتكوّن الولد فيها.وليكن معلوما أيضا أنه قد أُريدت من الضلع والعظم في كتب الله علاقات القرابة أيضا، ويُفهم منها أن العلاقة بين آدم وحواء كانت قريبة جدا.ولكن ما دمنا نؤمن بالله تعالى قادرا على كل شيء لذا لا نستبعد أن تكون حواء قد خلقت من ضلع آدم أو أن آدم خُلق من ضلع حواء.إن كلام الله في هذا المقام يشمل معاني واسعة جدا، ومعنى الآية الواسع هو أننا خلقنا الآخر من الأول.إذا كان عند أحد اعتراض أن الخلق من الضلع ينافي قانون الله في الطبيعة فجوابه أن الخلق من النطفة أيضا ينافي القانون الذي ظهر للعيان في البداية بحسب مبدأ الآريين فالذي استبدل قانونا بقانون آخر للخلق، هل يُستبعد منه أن يخلق في الخلق الأول إنسانا من ضلع إنسان آخر بحسب مبدأ الإسلام كما خلقه في الخلق الأول على غرار الفطريات بحسب مبدأ الآريين لأنه قادر على كل شيء.ثم قال المحاضر: عند الطوفان في زمن نوح ال، كيف الفلك - العليا، وسعت التي كان عرضها عشرون باعا وارتفاعها ثلاثون باعا - كافة الدواب والطيور؟ يكفي القول في جوابه بأن القرآن الكريم لم يذكر قياس هذه الفُلك ولم يقل كم كان عرضها وطولها وارتفاعها ولم يقل أيضا بأن هذا الطوفان كان محيطا بالعالم كله، بل قال بأنه ضرب فقط البلد الذي أُرسل إليه نوح العليا.أما ما ورد في التوراة عن ذلك فلا يخلو من التحريف والتبديل.ولقد أخبر الله تعالى في القرآن الكريم أن تلك الكتب حُرِّفت وبدلت لذا هذا الاعتراض لغو وبلا أصل تماما.
۲۱۱ ثم اعترض المحاضر: كيف حملت مريم بروح القدس، وكيف أنجبت يسوع؟ فجوابه أنْ خلقه الإله الذي أخرج من الأرض في بداية الدنيا كل مرة مئات آلاف الناس مثل الجزر والفجل بحسب قول الآريين.فما دام الله تعالى قد خلق الدنيا على هذا النحو عشرات ملايين المرات بل ما لا يُحصى من المرات بحسب بيان الفيدا وما احتاج إلى أن يجامع الرجل المرأة حتى يولد الولد؛ فما الضير إذا ولد يسوع أيضا على المنوال نفسه؟ ليس أساس هذا الاعتراض إلا أنه كيف ولد الإنسان بغير اجتماع الرجل والمرأة؟ ولكن الذي يعتقد أنه قد حدث من قبل عشرات الملايين من المرات بل بما لا يُحصى أن ولد في هذه الدنيا الناس الموجودون حاليا بغير اجتماع الرجل والمرأة؛ فكيف يمكنه القول وكيف يحق له الاعتراض أن ولادة يسوع تنافي قانون الطبيعة؟ لقد سجل كبار الأطباء الباحثين الكبار الذين سبقونا أمثالا لهذا النوع من الولادة وأتوا بنظائر على ذلك.وتوحي بحوثهم أن هناك سيدات يجمعن في أنفسهن الرجولة والأنوثة معا، وعندما يثور المني عندهن لسبب من الأسباب يمكن استقرار الحمل لديهن.توجد مثل هذه القصص في كتب الهندوس أيضا كما وردت عبارة في الفيدا نفسه جاء فيها: يا "إندر ابن الريشي كوسيكا..." التي نقلناها من قبل.فما دامت قصة من هذا القبيل مذكورة في الفيدا وقد سردها بالتفصيل "سائن" مفسر الفيدا، فإن إثارة الاعتراض بعيد عن الحياء غاية ما يمكنكم القول في الجواب هو أنكم لا تستنبطون من هذه العبارة هذا المعنى.ولكن هذا الجواب ليس صحيحا لأنه ما دام مفسر قديم أي "سائن" قد استنبط المعنى نفسه فأنى لكم أن تعرضوا عنه ؟ هل للبانديت ديانند أية أهمية مقابل المفسر "سائن"؟ لا يمكن لعاقل أن يحسب ديانند حتى تلميذا في المدرسة الابتدائية مقابل المفسر سائن، علما أن المفسر المذكور هو من زمن قديم.ونقول تنازلاً بأن المفسر
۲۱۲ سائن يستنبط من عبارة الفيدا المذكورة المعنى نفسه، سواء أقبلتموه أم لم تقبلوه، فإن هذا المعنى حجة عليكم على أية حال، لأنه قد نُشر في زمن خلا.أما القول بأن "إندر" دخل بنفسه في بطن زوجة "رشي كوسيكا" فليست هذه إلا استعارة للبيان أن الولد قد ولد من مني الزوجة نفسها دون أن يجامعها زوجها كوسيكا.وهذا ليس مما يُثير الاستغراب لأن آلاف الحشرات والديدان تتولد من التراب تلقائيا في موسم الأمطار، فلماذا الإنكار إذا خلق الله نظيره في البشر أيضا؟ وكيف يجوز القول بأنه يعارض قانون الطبيعة مع أن قانون الطبيعة الذي يُعترض بناء عليه بشدة قد نُقض منذ البداية بحسب قول الآريين.وقد ترك الإله في بداية الدنيا الالتزام بالقانون الموجود حاليا عشرات ملايين المرات.فالإله القادر الذي خلق الإنسان من التراب فقط في بداية الدنيا ما الغرابة فيما لو خلق إنسانا من نطفة المرأة فقط؟ من الواضح أن النطفة أقرب قدرة على الخلق من التراب.وأن قدرة التراب على ذلك أبعد.فما دمتم تعترفون أن الشيء الذي قدرته أقل وأبعد يمكن أن يتولّد الإنسان منه أيضا أفليس من الحمق والغباوة القولُ بعدم إمكانية ولادة الولد مما هو أقدر على الخلق من التراب؟ لذلك قدّم الله تعالى آدم وحده عند بيانه مثل ولادة يسوع بقوله: إن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.ثم اعترض المحاضر على القرآن الكريم بأنه قد ورد فيه أن المسيح عيسى صعد إلى السماء بالجسد المادي.فيكفي أن نقول ردًّا على ذلك أنه ليس مستبعدا من قدرة الله أن يصعد الإنسان إلى السماء بالجسد المادي.غير أنه من الخطأ تماما القول بأن عيسى ال صعد إلى السماء.لقد قال القرآن الكريم بكل وضوح ١ آل عمران: ٦٠
۲۱۳ في أكثر من آية بأنه لن يصعد أحد إلى السماء بالجسد المادي بل سيقضي الناس حياتهم كلها على الأرض.وهذا عهد من الله كما يقول: فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ.يتبين من هذه الآية بكل وضوح أن صعود الإنسان إلى السماء بالجسد يتنافى مع عهد الله، والإخلاف في وعد الله مستحيل، وهذا الوعد لا استثناء فيه.ويقول تعالى في آية أخرى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلَ الْأَرْضِ كِفَاتًا أَحْيَاء وَأَمْوَانًا.أي ألم نخلق الأرض بحيث تجذب إلى نفسها جميع سكانها سواء أكانوا أحياء أو أمواتا.وهذا أيضا وعد من الله.ثم يقول ل في آية أخرى: (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين" أي سيكون مقركم على الله الأرض فحسب وتعيشون على الأرض إلى موتكم، وهذا أيضا وعد وعد من وقد ذُكر في آية أخرى في القرآن الكريم أن كفار قريش طلبوا من سيدنا ومولانا معجزة أن يصعد إلى السماء على مرأى منهم فرد الله قائلا: قل سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا، أي قل لهم إن الله تعالى بريء من أن يخلف وعده وقد ذُكر الوعد من قبل - ولست إلا بشرا أرسل إليكم.يتبين من هذه الآيات كلها أنها فرية على عيسى الله أنه صعد إلى السماء بالجسد المادي.لقد تطرق هذا المعتقد إلى المسلمين من قبل المسيحيين الذين أسلموا في صدر الإسلام، وإلا لم يُذكر ذلك في أية آية في القرآن الكريم.ولم يُذكر في أي حديث صحيح أيضا أن العليا صعد إلى السماء بجسده عیسی المادي، غير أنه مذكور أن شخصا سيأتي باسم المسيح وسيكون من الأمة، ولم ٤ الأعراف: ٢٦ المرسلات: ٢٦-٢٧ البقرة: ٣٧ الإسراء: ٩٤
٢١٤ يُذكر في أي مكان أنه اللي صعد إلى السماء وسيعود منها.إن كلمة النزول المذكورة في الأحاديث بحق المسيح الموعود إنما وردت على سبيل التقدير والإكرام.لو كان أحد عائدا من السماء لاستعملت لهذا الغرض كلمة الرجوع وليس النزول إن كثيرا من قليلى الفهم ينخدعون في هذا المقام إذ يزعمون أن المراد من النزول هو الهبوط ظاهريا ثم يضيفون إليها كلمة "السماء" من عند أنفسهم ويظنون أن الآتي سينزل من السماء، بينما لن تجدوا كلمة "السماء" في أي حديث صحيح، وإن قرأتم الأحاديث كلها.بل الحق أنه تعبير لغوي بحت، فإذا أُريدَ ذكر مَقدَم أحد بالتقدير والاحترام قيل: نزل في مكان كذا.كما يمكننا القول لشخص محترم أين نزلت؟ ولا يكون المراد من ذلك أنه هبط من السماء.لذلك يطلق على المسافر "النزيل" في العربية.والمكان الذي يحل به المسافرون في الطريق يسمى "المنزل".والكلمة المستخدمة للعائد الرجوع وليست النزول.إضافة إلى ذلك فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم بكل صراحة بحق عيسى ال بأنه مات، كما يقول الله تعالى حكاية عنه ال: فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ أي حين يسأل الله تعالى عيسى يوم القيامة أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين؟ سيقول ال: لما كنت في قومي علّمتُهم أن الله واحد وأني رسوله، فلما توفيتني لم أعرف عن معتقداتهم شيئا.ففي هذه الآية يعترف عيسى ال بموته بصراحة تامة وفيها إقراره أيضا بأنه ما رجع إلى الدنيا ثانية، لأنه إذا كان قد عاد إليها لكان قوله يوم القيامة أني لا أعرف أيّ مسلك سلكه أمتي من بعدي كذبا لأنه لو كان صحيحا بأنه سيعود إلى الدنيا هي المائدة: ۱۱۸
قبل القيامة ويحارب النصارى، ثم إذا أنكر ذلك يوم القيامة وقال بأنه لا يعرف عن فساد النصارى شيئا، فسيكون ذلك كذبا سافرا، نعوذ بالله منه.ثم اعترض المحاضر على القرآن الكريم وقال إن شق القمر يعارض قانون الله السائد في الطبيعة، وكذلك خروج الماء من الحجر كما هو مذكور في القرآن الكريم أيضا ينافي قانون الطبيعة.أولا أرد على الاعتراض عن الحجر وأقول بأن المحاضر لا يعلم أنواع الحجارة بل يتكلم كطفل قليل الفهم في حماس العداوة.هناك بعض الأحجار لا تزال موجودة إلى الآن وفيها خاصية أنه إذا صُب عليها ماء محلّى يرشح الماء من خلالها إلى أسفلها وتبقى المادة الحلوة في الخارج، ومن الحجارة ما ترتسم عليها صورة الطيور.ومنها ما يجذب الحديد، كما لوحظ في بعضها الآخر خاصية أنها إن وُضعت في الخلّ قفزت منه إلى الخارج ككيان حي.ومن الحجارة ما هو ترياق ومنها ما هو سمّ، ومنها ما يتحول إلى أحجار كريمة وتنبعث منها أشعة الضوء.وكذلك إن الزمرد واليواقيت الزرقاء وغيرها كلها أحجار في حقيقتها وتملك خواص عجيبة وغريبة بقدرة الله القادر على كل شيء.هناك تعبير قديم قاله الحكماء: "خواص الأشياء حق" أي صحيح تماما أن في كل شيء خاصية معينة، و بالاطلاع على تلك الخواص قام الناس باكتشافات متنوعة ولا يزالون يكتشفون.هذا، وتوجد في خلق الله خواص بحيث إن كل ما اكتشف إلى الآن ليس إلا كقطرة من البحر فلا أفهم أيّ عقل هذا أن ينكر المحاضر خصائص الأشياء.هل من الغريب أن يكون هناك حجر تحته ماء كثير وأن يخرج الماء نتيجة انشقاقه.إن مثل علاقة الحجر بالماء كمثل علاقة السمك بالبحر.إضافة إلى ذلك، إذا كان السبب وراء الإنكار هو أنه أمر خارق للعادة، أفليس إلهام الله بعد الفيدا خارقا للعادة بحسب مبدأ الآريين؟ فلما أثبت موتُ
٢١٦ ليكهرام أن ذلك الإله القادر يلهم في هذا العصر أيضا على النقيض من قانون الطبيعة الذي حدّده الفيدا، فقد بطل قانون الطبيعة كما يصفه الفيدا كليا.وفي هذه الحالة لا يمكن الثقة بقول الفيدا من المعلوم أنه إذا ثبت كذب أحد في أمر لا يبقى جديرا بالثقة في أمور أخرى أيضا إن لم تطمئنوا بالنبوءة عن ليكهرام فيمكن أن تظهر للعيان عند طلبكم وسيلة أخرى لاطمئنانكم.ومئات النبوءات الإلهامية من الله التي تحققت من قبل يمكن أن تكون مدعاة لاطمئنانكم.باختصار، لقد ثبت كذب قانون الطبيعة المذكور في الفيدا إلى درجة أن أبطل الفيدا نفسه.ثم الاعتراض بناء على ذلك بعيد عن الحياء.من المعلوم أن الفيدا ادّعى أن صفة الكلام بعده مسلوبة من الله إلى الأبد، ولكنني أثبت بآيات ساطعة أن كل ما ادعاه الفيدا وكل ما ورد فيه عن الإلهام من في المستقبل الله أنه محال ويخالف قانون الطبيعة هو كذب بحت وينا في الحق والصدق.بل الحق أن الله تعالى يلهم عباده دائما.فقولوا الآن كم ينافي الحياء تكرار تقديم الفيدا الذي رأينا نموذج نواميسه الطبيعية.قصارى القول، لما أثبت موت ليكهرام أن تعليم الفيدا بانقطاع الإلهام بعده باطل تماما؛ فما مدى الثقة بقانون الطبيعة الذي حدده الفيدا؟ هناك عشرات الملايين من قوانين الله السائدة في الطبيعة التي لا تزال في طي الكتمان حتى الآن ولا تزال تظهر للعيان رويدا رويدا.ولكن الأسف كل الأسف على هؤلاء الذين يغمضون عيونهم قصدا منهم.لو قال أحد من الأوروبيين بأنه يستطيع أن يُخرج من الحجر ماء أو يستطيع أن يحوّل الحجر كله ماء لما نبسوا بإزائه ببنت شفة ولقالوا على الفور : آمنا وصدّقنا.ولكن لا يؤمنون بما بينه كلام الله.أما الاعتراض على شق القمر فقد كتبت من قبل أنه معجزة ذكرت أمام آلاف الكفار العرب، فلو كان هذا الأمر خلافا للواقع لكان من حقهم أن
۲۱۷ يعترضوا ويقولوا بأن هذه المعجزة لم تظهر، وخاصة حين قيل في آية تذكر شق القمر بأن الكفار رأوا هذه المعجزة وقالوا إنه سحر مستمر بلغ عنان السماء * كما يقول الله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.من الواضح أنه لو لم ينشق القمر لكان من حقهم أن يقولوا بأننا ما رأينا ،آية وما سميناها سحرا.فمن هنا يتبين أن أمرا ما كان قد ظهر حتما وسمي "شق القمر.وقال البعض بأنه كان خسوفا من نوع أنبأ به القرآن الكريم قبل الأوان، وإن هذه الآيات جاءت كنبوءة.ففي هذه الحالة ستؤخد كلمة "الشق" كاستعارة بحتة، لأن الجزء المستور في الخسوف والكسوف ينشق وينفصل، وهذه استعارة.ومن الاعتراضات التي أثارها المحاضر أن في القرآن الكريم أمرا بإكراه الناس على قبول الإسلام ويبدو أن هذا المحاضر ليس عنده شيء من العقل والعلم، وإنما يردد ما قاله القسيسون.ولأن القسيسين قد افتروا في كتبهم، حسدا وبغضا كما هو دأبهم أن الإسلام يأمر بإجبار الناس على اعتناقه.فقدم المحاضر وإخوانه الآخرون بدون أي فحص ،وتحقيق تهمة لفقها القسس كذبا وزوراً.مع أنه توجد في القرآن الكريم آية صريحة لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ".فما الحاجة إلى الإكراه أصلا؟! من الغريب حقا أن يتهم بغير حق منهم هؤلاء القوم، الذين اسودت قلوبهم بغضًا وعداوة كلام الله تعالى بممارسة الجبر والإكراه، مع أن القرآن الكريم قد قال بصراحة تامة بأنه لا إكراه في الدين.ونقدم الآن آية أخرى من القرآن الكريم ونرجو من المنصفين أن يخبرونا- بخشية القمر : ٢-٣ البقرة ٢٥٧
۲۱۸ الله تعالى - هل تجيز هذه الآية الإكراه في الدين أم يبلغ أمر المنع من الإكراه مبلغ الثبوت.والآية هي: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهُ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ).....أي إلى أن يسمع كلام الله بكل هدوء وطمأنينة ويفهمه، ثم أبلغوه مأمنه.هذا التخفيف عليهم ضروري لأنهم لا يعرفون حقيقة الإسلام من الواضح أن القرآن الكريم لو كان يعلّم الإكراه لما أمر أن الكافر الذي يريد أن يسمع القرآن ولا يعتنق الإسلام بعد سماعه عليك أن تبلغه مأمنه، بل لأمر القرآن الكريم أن مثل هذا الكافر إذا وقع في قبضتك يجب عليك إكراهه على الإسلام في الحال.الآن أوضح أمرا آخر لهؤلاء الجهلة الذين يوجهون - دون مبرر- إلى كلام الله تهمة الإكراه.فأقول بأن جميع كفار مكة وأهل القرى والسكان في الجوار كانوا قد قتلوا عديدا من المسلمين بغير حق حين كان النبي ﷺ في مكة المعظمة، و لم تكن هناك أية حرب جارية، فكان دم هؤلاء المظلومين في أعناق أولئك الظالمين.والحق أنهم كانوا جميعا مشتركين في هذا الذنب لأن بعضهم كانوا قاتلين وبعضهم أصحاب أسرارهم وبعضُهم كانوا معاونيهم لذا كانوا يستحقون القتل عند الله لأن تجاسرهم كان قد تجاوز الحدود كلها.إضافة إلى ذلك كان أعظم ذنبهم أنهم ارتكبوا محاولة قتل النبي ﷺ وكانوا قد عقدوا عزما قويا على أن يقتلوه.فكانوا يستحقون القتل في نظر الله نتيجة تلك الجرائم، وكان قتلهم هو العدل بعينه، لأنه سبق أن ارتكبوا القتل ومحاولة القتل".ولقد التوبة: ٦ انظروا كتاب: "سوانح حياة السيد محمد" الصفحة ٢٥، الذي ألفه ونشره مؤخرا واحد من البراهمو عدلا وإنصافا.منه.
۲۱۹ ظل النبي يعظهم وينصحهم ماكنا فيهم إلى ١٣ عاما متتالية ويريهم آيات سماوية، وبالتالي تمت عليهم حجة الله ؛ لذا فقد أمر الله الرحيم والكريم بحقهم أنهم وإن كانوا يستحقون القتل في كل الأحوال نتيجة جرائمهم، إلا أنه لو أسلم أحدهم بعد سماعه كلام الله فسوف يُرفع عنه القصاص، وإلا سيُقتلون عقوبة على جرائمهم التي هي القتل ومحاولة القتل.قولوا الآن بالله عليكم، أي إكراه في ذلك؟ كان هؤلاء القوم يستحقون القتل على أية حال نتيجة جريمة القتل ومحاولة القتل ولكن القرآن الكريم خفّف عليهم بأنه يمكن أن يُرفع عنهم القصاص في حال إسلامهم، فأيّ إكراه في ذلك؟ لولا هذا التخفيف لكان قتلهم ضروريا على أية حال، لأنهم سبق أن ارتكبوا القتل ومحاولة القتل كما يقول الله تعالى: أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.أي لم يؤذن للمسلمين بمواجهتهم إلى مدة امتدت إلى ١٣ عاما.وعندما قتل كثير من المسلمين وارتكب الكفارُ جريمة محاولة قتل النبي ﷺ أيضا عندها أذن للمسلمين بمقاومتهم بعد تحملهم المصائب إلى ١٣ عاما.والآية الأخرى تقول: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبُتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ".كذلك عندما فتح النبي مكة عُرض عليه الكفار جميعا كأسرى، فأقروا بلسانهم بأننا نستحق القتل بسبب جرائمنا ونسلّم أنفسنا إلى رحمتك، فعفا النبي له عنهم جميعا دون أن يضع للعفو شرطا أن يُسلموا، غير أنهم أسلموا طوعا نظرا إلى أخلاقه الكريمة.وثابت من التاريخ أن الكفار حاولوا اغتيال النبي ﷺ الحج: ٤٠ الأنفال: ۳۱
۲۲۰ في مكة المعظمة عدة مرات ولكنهم خابوا وخسروا كل مرة.فهذه كانت عنهم جرائمهم التي بسببها استحقوا القتل في نظر الله.ولكن خُفّف بأنهم إذا ارتدعوا عن عبادة الأوثان وقبلوا كتاب الله لرفعت عنهم عقوبة الموت.كذلك كان عبدة الأوثان من العرب مناصرين لهم في تلك الجرائم وقد قتل على الحكم أيديهم مئات المسلمين الأبرياء.فبسبب جريمة سفكهم الدماء صدر بقتلهم، ولكن الله الذي هو بطيء في العقاب خفّف عنهم وقال بأنهم لو أطاعوا وامتنعوا عن التمرد لعُفي عن ذنوبهم.فلم يقبل كثير منهم الطاعة في بداية الأمر ولكن حين سطع نجم الإسلام وظهرت نصرة الله وعونه كوضح النهار عندها قبلوا الطاعة، فيقول الله تعالى بحقهم في القرآن الكريم : قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) أي يقولون: أننا ١ آمنا، فقل لهم بأنكم لم تؤمنوا لأن الإيمان شيء آخر تماما، ولكن يمكنكم أن تقولوا بأننا أخضعنا أعناقنا للطاعة، أما الإيمان فلم يدخل في قلوبكم بعد.إذا، فقد عفا الله عنهم بسبب الطاعة وحدها ليتلاشى التمرد من البلاد وليجدوا بذلك فرصة أكبر للتأمل والتدبر.والحق أن العفو نفع الكفار كثيرا، إذ قبلوا الطاعة أولا ونبذوا المواجهة ثم ترسخ الإيمان في قلوبهم بعد أن تدبروا كلام الله ورأوا آيات نصرة الله وفضله المتجددة، فصاروا كاملي الإيمان حتى صافحوا الملائكة.إن معارضينا الذين يتهمون الإسلام بالإكراه دون مبرر يجب أن يتأملوا في الأمرين التاليين: (۱) التغيّر الذي حصل في قلوب الصحابة بفضل صحبة النبي ، وبقدر ما تبرأوا من الوثنية ومن كل عادة تؤدي إلى الشرك؛ هل يمكن أن الحجرات: ١٥
۲۲۱ يحدث هذا التغير والبراءة من الشرك في قلب شخص يعرف جيدا أنه أكره على الإسلام؟ (۲) التأييد الذي أبدوه للإسلام مقدمين أنفسهم لكل نوع من التضحية إلى درجة لم تمض حتى خمسين عاما إلا وأصبح الإسلام دينا عالميا وانتشر في بلاد مختلفة، وأبدَوا في تأييد الإسلام أعمالا محيرة لا يمكن لأحد أن يقوم بها أبدا ما لم يكن قلبه فداء تماما في سبيل هاديه.سيعلم كل واحد بمطالعة التاريخ مدى المصائب والمعاناة التي تحمّلوها في سبيل الإسلام ومدى ما أبدوا من الاستقامة وكيف واجهوا العدو مع كونهم عرضة للمجاعة إذ رفعوا ظلمة الوثنية بدمائهم من عدة مناطق في العالم.ووصلوا إلى بلاد الصين لخدمة دين الله وجعلوا عشرات ملايين الناس يتوبون عن الوثنية ونوروهم بنور التوحيد، وأبدوا صدقهم في كل موطن وفي كل مناسبة وفي كل ابتلاء إلى درجة يُثير تصورها البكاء.فهل لعاقل أن يقول بأنهم أُدخلوا في الإسلام قهرا؟ بل الحق أنهم أحرزوا في مراتب الإيمان تقدما يستحيل العثور على نظيره.إن 1 حاشية: يجب على الآريين أن يقرأوا بتأن صفحة ٣٤ من كتاب أخيهم الهندوسي البراهمو، أي سوانح حياة السيد محمد".منه.يعترف الباحثون الأوروبيون أيضا أن صدق القلب والحماس القلبي الذي قبل به العرب النبي ﷺ أمر يفوق العادة، وكانت نتيجة الإيمان الصادق نفسه أنهم حازوا في هو الدنيا في مدة وجيزة انتصارات ما حازها قوم آخرون إلى يومنا هذا.والأمر المحير الآخر الذي ظهر منهم أنهم كانوا أميين وغير مثقفين ثم فاقوا الجميع في العلوم والفنون إلى درجة أن أحيوا العلوم القديمة واكتشفوا علوما جديدة كثيرة.الجامعات في العراق والشام وإسبانيا وغيرها من البلاد الإسلامية كانت معروفة يعترف العلماء الأوربيون بصدق القلب أن كبارهم نالوا شرف التتلمذ على أيدي العرب.هل يمكن أن يحرز هذا النوع من الترقيات قوم أُجبروا على الإسلام بالسيف؟ وأضف إلى ذلك أن النبي ﷺ كان وحيدا في البداية فمن أين جاء جيش قام بالإكراه؟ منه.
۲۲۲ مجرد صدقهم وإخلاصهم هو الذي فتح البلاد كلها.والسرعة التي نشروا بها الإسلام في العالم كانت في الحقيقة معجزة لا نظير لها في العالم.الأعداء ولو قارنا خدام الفيدا الذين يسمون البراهمن أو البانديتات بهؤلاء الأطهار لا بد لنا من القول بأن البراهمن والبانديتات كانوا عبدة الدنيا وعبدة النفس فلم يستطيعوا أن يفتحوا قلبا وتركوا في العالم مثالا سيئا لعبادة المخلوق وغيرها، و لم يتمكنوا من منع ذرية أهل الهند من عبادة النار والأوثان والماء والشمس.لو كانوا أناسا روحانيين لتركوا تأثيرهم في الهند حتما.أما حالة الهند من حيث المعتقدات الدينية التي نراها اليوم فتوحي بجلاء أن كلهم كانوا محرومين من حب الله ما من شاهد على إيمان الإنسان الخالص أكبر من حالته العملية.حالة الإنسان العملية شهادة مُحكمة على إيمانه يوجد اليوم نحو مئتي مليون مسلم أو أكثر في العالم وهم نتيجة مساعي هؤلاء الأطهار الذين يقول عنهم ذوو البواطن السوداء بأنهم أدخلوا في الإسلام قهرا.فيا أيها العَمِهون هل الذين ختموا على صدق الإسلام بدمائهم كانوا مكرهين عليه؟ الأسف كل الأسف على حياتكم! لقد مدحهم القرآن الكريم وسماهم المخلصين والصادقين والأوفياء وشهد على تضحياتهم كما يقول: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهُ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا أي المؤمنون قسمان الأول : الذين حققوا سلفا عهد التضحية بأرواحهم، واستشهدوا في سبيل الله.والثاني هم أولئك الذين ينتظرون الشهادة، ويودون أن يضحوا بأرواحهم في سبيل الله، ولم يغيروا من موقفهم شيئا بل ظلوا ثابتين ه و على عهدهم.الأحزاب: ٢٤ الله تعالى في
۲۲۳ ثم قال المحاضر بأنه مكتوب في القرآن الكريم أن قاتلوا الذي لا يُسلم.ولكني نقلتُ قبل قليل الآية القرآنية حيث يقول الله تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، غير أن في القرآن الكريم آيات يقدمها المعارضون الجهال والعنيدون كاعتراض بعد تشويه معانيها، ومنها آية: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ يزعم قليلو الفهم من مثل هذه الآيات أن فيها أمرا بالحرب للإدخال في الإسلام، ولكن اقرأوها إلى النهاية، لم يرد فيها أمر للإدخال في الإسلام قط.بل إذا قرأتم هذه الآيات إلى : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُور ستعلمون أنها تذكر أهل الكتاب الذين امتهنوا الإجرام بصورة واضحة ولم تبق فيهم اليهودية والمسيحية إلا بالاسم فقط، ولم يعودوا يؤمنون بالله كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ويقول أيضا: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ.أي سترى كثيرا من أهل الكتاب يسعون إلى الذنوب، ويأكلون الحرام، ولبئس ما يعملون.ولماذا لا يمنعهم مشايخهم وعلماؤهم من هذه المنكرات، ويرون أنهم يكذبون ويُدلون بشهادات كاذبة ويأكلون الحرام ومع ذلك هم ساكتون.فعلماؤهم أيضا يرتكبون المنكر التوبة: ٢٩ المائدة: ٦٣-٦٤ المائدة: ٦٩
٢٢٤ وبسكوتهم يشاركونهم في سيئاتهم ويا أيها الرسول قل لليهود والنصارى أنه لا دين لكم بل تتبعون نفوسكم نابذين الدين وراء ظهوركم ما لم تعملوا بأوامر التوراة والإنجيل، وما لم تثبتوا على كتب أخرى أعطيتموها من الله.يتبين من هذه الآيات أن اليهود والنصارى العرب كانوا فاسدين وساء سلوكهم إلى درجة أنهم كانوا يعملون برغبة قلبية كل ما حرمه الله في كتبه من أعمال غير مشروعة مثل السرقة وأكل أموال الناس بالباطل، وسفك الدماء، وشهادة الزور، والإشراك بالله كأنهم اتخذوا تلك الأعمال السيئة مذهبا لهم.كما صدق هذا الأمر القسيس "فندل" في كتابه "ميزان" الحق" الذي نُشر في هذا البلد منذ ثلاثين عاما تقريبا، وقال بأن سلوك اليهود والنصارى في بلاد العرب كان قد فسد إلى حد كبير وكان وجودهم يشكل خطرا على البلد، وتجاوزت مفاسدهم الحدود كلها.ثم يقول هذا القسيس بمحض خبثه: مع أن محمدا ما كان نبيا - والعياذ بالله - ولكن الله تعالى رزقه الغلبة عقابا لليهود والنصارى ذوي السلوك السيئ في ذلك البلد، وقرر ذلك بحكمته تنبيها لهم ليمنع تلك الفرق ذات السلوك المشين من التصرفات الشائنة في المستقبل.هذه شهادة أدلى بها عدو الإسلام اللدود القسيس "فندل" في كتابه "ميزان الحق".وقد خرج لسانه عناده الشديد أن اليهود والنصارى في ذلك الزمن كانوا الصدق من مع سيئي السلوك والتصرفات جدا وكانوا مجرمين.فللعاقل أن يُدرك أن تدارك المجرمين مثلهم كان ضروريا لإقامة الأمن العام أما النبي ﷺ فما كان يحتل النبوة فقط بل جعله الله تعالى مسؤولا كملك مختار لحماية مصالح الدولة أيضا، لذا كان من واجبه في هذه الحالة كمَلِك ووال أن يؤدّب الأشرار والخبثاء في البلد تأديبا مناسبا ويحرّر من براثنهم المظلومين الذين دمروا على
۲۲۰ أيديهم.فيجب أن يُفهم أن الله تعالى قد أوكل إليه منصبين: منصب أنه كلما تلقى أمرا من الله تعالى كان يبلغه الناس، والمنصب الثاني الرسالة؛ بمعنى كان منصب الحكومة والخلافة؛ فبموجب هذا المنصب كان يقيم الأمن العام في البلاد بمعاقبة كل مفسد ومخل بالأمن.وكانت حالة بلاد العرب في تلك الأيام قد آلت إلى أن معظم العرب كانوا نهابا وقطاع طرق ويرتكبون جرائم متنوعة.هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان الذين يسمون أهل الكتاب ذوي تصرفات سيئة جدا، فكانوا يأكلون أموال الناس بالباطل.إذا كان العرب ينهبون ليلا كان أهل الكتاب يُطلقون السكين على رقاب الفقراء حتى في النهار.فعندما أعطى الله تعالى النبي حكومة بلاد العرب كان من واجبه دون أدنى شك أن يردع الأشرار والمجرمين واللصوص والنهاب والمفسدين، ويعاقب الذين لم يرتدعوا عن ارتكاب الجرائم.كل واحد يستطيع أن يفهم أن من واجب الملك أنه إذا صال الناس على رعية مَلِك ونهبوا أموالهم أو أخذوا أموالهم بنقب بيوتهم أو قتلوا الناس طمعا في نفوسهم، أفلا يكون من واجب الملك أن يغزو هؤلاء المفسدين ويعاقبهم بما يستحقونه ويقيم الأمن في البلاد؟ فالحرب ضد أهل الكتاب لم تكن لإدخالهم في الإسلام بل لحماية البلاد من شرورهم.لقد ذكر في القرآن الكريم بصراحة أن سوء تصرفاتهم كان قد بلغ منتهاه.فقد وردت في القرآن الكريم آيات عن سوء سلوكهم وهي: الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْذِرُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ثم يتناول الله تعالى ذكر سوء سلوك أهل الكتاب بوضوح أكثر التوبة: ٣٤
٢٢٦ في آية أخرى فيقول: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ....لَيْسَ عَلَيْنَا الْأُمِّيِّينَ سَبيل..يقومون بهذا السلوك السيئ السافر ويقولون إننا لن نُسأل عن في هضم حقوق الأميين من العرب، ويكذبون على الله عمدا.باختصار، إن أهل الكتاب في هذا البلد أيضا اتخذوا الجرائم مهنة لهم مثل مشركي العرب.لقد ركز المسيحيون على الكفارة وزعموا معتمدين عليها أن الجرائم أحلت لهم.وقال اليهود بأنهم لن يدخلوا الجحيم بسبب هذه الجرائم إلا بضعة أيام فقط لا أكثر، كما يقول الله تعالى بهذا الشأن: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ لقد نشأ فيهم هذا التجاسر والجرأة إذ قالوا: لن تمسنا النار إلا أياما معدودات.وقد تبنوا هذه الأفكار معتزين بافتراءاتهم التي يقومون بها.إذا، حين ساء سلوك أهل الكتاب والمشركين إلى أقصى الدرجات وزعموا بعد ارتكابهم السيئات أنهم قد أحسنوا صنعا، وما كادوا يرتدعون عن الجرائم وكانوا يخلون بالأمن العام، جعل الله تعالى زمام الحكومة بيد نبيه وأراد أن ينقذ الفقراء من قبضتهم ولما كانت بلاد العرب خليعة الرسن وما كان أهلها خاضعين لحكومة ملك، فكانت كل فئة تعيش عيش التحرر والتجاسر تماما.ولأنه لم يكن قانون ينص على عقوبة لهم لذا ظل هؤلاء القوم يزدادون في الجرائم يوما إثر يوم فرحم الله تعالى تلك البلاد...و لم يرسل النبي إليها ١ آل عمران: ٧٦ آل عمران: ٢٥
۲۲۷ رسولا فقط بل جعله ملكها أيضا، وأكمل القرآن الكريم كقانون فيه تعليمات عن القضايا المدنية والجنائية والمالية كلها فكان النبي ﷺ حاكما على جميع الفرق بصفته ملكا، فكان الناس من كل مذهب يحتكمون إليه في قضاياهم.يثبت من القرآن الكريم أن يهوديا ومسلما احتكما إليه ذات مرة، فصدق النبي ﷺ اليهودي بعد التحقيق وأصدر القرار في القضية لصالحه ضد المسلم.فبعض المعارضين الجهلاء الذين لا يتدبرون القرآن الكريم يصنفون كل أمر تحت رسالته، بينما كان ينفذ هذا النوع من العقوبات بصفته خليفة أي ملكا.كان الأنبياء في بني إسرائيل بعد موسى يأتون منفصلين عن الملوك الذين كانوا يقيمون الأمن بأمور السياسة، أما في عصر النبي فقد أعطاه الله تعالى كلا هذين المنصبين.والمعاملة التي عومل بها عامة الناس غير المجرمين المحترفين تتبين من الآية: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ.يا أيها الرسول، قل للجهال من أهل الكتاب العرب...لم يقل الله في هذه الآية أن من واجبك أن تحاربهم أيضا، فيتبين من هنا أن المحاربة لم تكن إلا ضد المجرمين المتعودين على قتل المسلمين والمخلّين بأمن البلاد، وكان السطو والنهب شغلهم الشاغل.وكانت هذه الحرب مشروعة له لكونه حاكمًا وليس بصفته رسولا كما يقول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ...أي لا تتعرضوا لغير المحاربين.سهو، إذ وردت هذه الواقعة في بعض كتب الحديث.والله أعلم بالصواب.(المترجم) ا لعله آل عمران: ۲۱ البقرة: ۱۹۱
۲۲۸ التعدد، وهي ثم ذكر المحاضر القرآن الكريم واعترض على تعدد الزوجات.وأرى أنه يكفي القول في جواب ذلك أنه أن أتباع آريا سماج يكرهون التعدد، مع ولكنهم مع ذلك يعترفون بضرورته التي كثيرا ما يضطر بسببها الإنسان إلى أنه من الضروري للإنسان الذي هو أشرف المخلوقات أن يختار طريقا أحسن لإبقاء نسله ويُنقذ نفسه من كونه أبتر.من الواضح أن زوجة لا تقدر على الإنجاب أو التي إذا أنجبت يموت الأولاد بسبب مرض أو تنجب الإناث فقط؛ ففي مثل هذه الحالات يحتاج الرجل إلى زوجة ثانية، وخاصة الرجال الذين يكون انقطاع نسلهم مؤسفا ويضر ملكيتهم وولايتهم بشدة ويلحق بها خسارة كبيرة.كذلك هناك أسباب كثيرة أخرى تقتضي التعدد ولكننا نكتفي ببيان سبب واحد ونقارن تعليم القرآن الكريم الذي يوضح ضرورة التعدد مع تعليم الفيدا الذي قدمه لسد حاجة مذكورة آنفا.فاسمعوا كما بينت من قبل، أن القرآن الكريم أجاز التعدد لسد حاجات البشر.ومن جملتها أن يكون التعدد سببا لإبقاء النسل في بعض الحالات، وكما أن القطرات تكون بحرا كذلك بالنسل تتكوّن الأقوام.ومما لا شك فيه أن الطريق الأحسن للإكثار من النسل هو التعدد.إذا، فالتعدد هو الطريق الأمثل للبركة التي تسمى كثرة النسل بتعبير آخر.فهذا هو الطريق لإكثار النسل الذي بينه القرآن الكريم.أما الطريق الذي بينه الفيدا على النقيض من ذلك ويراه ضروريا جدا هو "النيوك" أي إن لم تنجب زوجة أحد الأولى فهناك طريقان اثنان للحصول على الأولاد: (1) أن يجعل الرجل زوجته تسود وجهها مع شخص آخر، ليس يوما أو يومين بل يمكنها أن تبقى على علاقة غير شرعية مع شخص غير زوجها إلى ما يقارب ١٤ عاما.والأولاد الذين يولدون من هذا الشخص يُقسمون على
۲۲۹ السواء مثل أفراخ الدجاجة؛ أي نصفهم يذهبون إلى زوج تلك "السيدة الطاهرة"، ونصفهم يذهبون إلى الرجل الذي أنشأت معه العلاقة غير الشرعية للحصول على الأولاد ومع أن الآريين لا ينفرون من هذا العمل، لكنني أعرف أنه سيكون هناك عشرات ملايين الهندوس في الهند الآن أيضا الذين لا يقبل ضميرهم قط هذا التعليم للفيدا، ويتزوجون ثانية عند الحاجة مثل المسلمين.يتبين من ذلك أن ضمير الهندوس النبلاء أيضا يحب الزواج الثاني عند الضرورة.لو بحثتم في البنجاب وحده لوجدتم آلاف الأثرياء والأغنياء من الهندوس الذين لديهم زوجتان أو ثلاث زوجات.ومن ناحية ثانية لن يقبل هندوسي شريف ومحترم ما عدا هذه الفئة القليلة من الآريين أن يجعل زوجته الشابة والجميلة تضاجع شخصا آخر ليلا.إن لم يكن هذا فقدان الغيرة فما معنى الوقاحة وفقدان الغيرة إذا؟ أما عادة التعدد فظلت جارية في الهندوس أيضا على غرار المسلمين منذ القدم.والراجات الهندوس المعاصرون أيضا متمسكون بهذه العادة.أقول بكل تحدّ بأن عادة التعدد لم تنشأ في الهندوس في هذا الزمن فقط، بل ثابت أيضا عن صلحاء الهندوس الذين يسمون أنبياء أو أولياء أنهم كانوا يعدّدون إلى درجة يقال بأنه كان لدى "كرشنا آلاف الزوجات.وإن حسبنا هذا البيان مبالغة القول أيضا فلا بد أنه كانت عنده عشرة أو عشرين زوجة حتما.كذلك كان لوالد الراجا رام" شندر زوجتان و لم يأت المنع من التعدد في أي مكان في الفيدا بحسب علمنا وإلا لما فعل هؤلاء الصلحاء ما كان يعارض تعليم الفيدا.كذلك كان لدى باوا نانك أيضا الذي يُعدّ رجلا مقدسا بين القوم الهنود، زوجتان.في هذا المقام يعترض المعاندون عادة أن في التعدد ظلما وأنه يؤدي إلى فقدان الاعتدال، والاعتدال هو أن تكون لرجل واحد زوجة واحدة.ولكني أستغرب
۲۳۰ لماذا يقحمون أنفسهم في قضايا الآخرين دون مبرر ما دام رائجا ومتعارفا عليه في الإسلام أنه يجوز أن يتزوج الإنسان إلى أربع زوجات ولكن لا يُكره أحد على ذلك، وكل رجل وامرأة يعرف هذه المسألة جيدا، ومن حق النساء أن يضعن شرطا عند النكاح مع مسلم بألا يتزوج زوجها ثانية في أي حال.ولو كتب شرط مثله قبل النكاح ثم تزوج الرجل ثانية سيقترف نقض العهد.ولكن لو لم تُمل المرأة هذا الشرط ورضيت بحكم الشريعة، لكان تدخل الآخرين في هذه الحالة غير مبرر وسينطبق في هذه الحالة مثل أردي يقول: إذا كان الزوجان راضيين فما دخل القاضي في ذلك؟ كل عاقل يستطيع أن يفهم أن الله لم يجعل التعدد فرضا واجبا بل هو جائز فقط بحسب أمر الله تعالى.فإذا أراد رجل أن يستفيد الحاجة ما من هذا الجواز الذي يطابق قانون الله الساري ولم ترض به زوجته الأولى، فالطريق مفتوح لها أن تطلب الطلاق منه وتتخلّص من هذا الغم.كذلك إن لم ترض المرأة الثانية التي يريد بها الزواج الثاني، فالطريق الأسهل هو أن ترفض طلبا مثله؛ إذ لا يمكن إكراه أحد.ولكن إذا رضيت كلتاهما بهذا الزواج فأي حق لآري أن يتدخل ويعترض دونما سبب؟ هل الرجل سيتزوج من هؤلاء السيدات أم من هذا الآري؟ ما دام الله تعالى قد أجاز التعدد عند ضرورة يضطر إليها الإنسان وترضى الزوجة بأن يتزوج زوجها زواجا ثانيا، وكانت المرأة الثانية أيضا راضية بهذا الزواج، فلا يحق لأحد أن يلغي قرارهم الذي اتخذوه بالتراضي.والاعتراض في هذا المقام أن التعدد ظلم بحق الزوجة الأولى ويخالف طريق الاعتدال إنما هو عمل الذين فقدوا صوابهم نتيجة العناد.معلوم أن القضية تتعلق بحقوق العباد، والذي يتزوج بامرأتين فهذا لا يُحرج الله شيئا، وإذا كان أي إحراج في ذلك فهو على الزوجة الأولى أو الثانية.فإذا رأت الزوجة الأولى في
۲۳۱ هذا الزواج إتلافا لحقوقها فيمكنها أن تتخلص من القضية عن طريق الطلاق.وإن لم يطلقها زوجها فلها أن تطلب الخلع بواسطة القاضي.وكذلك إذا شعرت الزوجة الثانية بالإحراج فهي أدرى بضرّها ونفعها أكثر من غيرها.فالاعتراض أن التعدد يؤدي إلى فقدان الاعتدال تدخل دون مبرر.ومع كل ذلك فقد أوصى الله تعالى الرجال أنه إذا كانت لهم أكثر من زوجة أن يعدلوا بينهن، وإلا فليكتفوا بواحدة.والقول بأن منشأ التعدد هو إشباع الغُلمة، فهذه الفكرة أيضا نابعة عن جهل تام وعناد بحت.لقد رأيت بأم عيني أن الذين تغلبهم الشهوة عندما يلتزمون بالتعدد المبارك، يكفّون عن الفسق والفجور والزنا والفحشاء، وهذا الطريق يجعلهم متقين وورعين، وإلا فيوصلهم طوفان الشهوات النفسانية العارم إلى باب المومسات وفي نهاية المطاف يشترون لأنفسهم مرض السيلان والسفلس أو يصابون بمرض خطير آخر.وتصدر منهم أعمال الفسق والفجور سرا وعلانية بما لا نظير لها قط في الذين يتزوجون زوجتين أو ثلاث زوجات يحبونهن.هؤلاء المذكورون سابقا يتمالكون أنفسهم إلى مدة وجيزة ولكن تثور شهوتهم غير الشرعية دفعة واحدة كما ينهار السد على النهر ويدمر القرى المجاورة كلها ليلا أو نهارا.الحق أن الأعمال بالنيات، والذين يشعرون في أنفسهم أن الزواج الثاني سيلزمهم التقوى وسيجتنبون الفسق والفجور أو يتركون وراءهم ذرية صالحة بهذا الطريق يجب عليهم أن يختاروا هذا الطريق المبارك.الفحشاء وسوء النظر ذنوب قذرة عند الله تمحو الحسنات كلها، وتنزل على صاحبها العذابات أخيرا في هذه الدنيا.فلو تزوج أحد بأكثر من امرأة بنية التحصن في حصن التقوى الحصين، فهذا ليس جائزا له فحسب، بل سيثاب عليه.والذي يلتزم بالتعدد منعا لنفسه من الزنا فكأنه يريد أن يجعل
۲۳۲ نفسه كالملائكة.أعلم جيدا أن هذه الدنيا العمياء أسيرة المنطق الكاذب والمباهاة الزائفة، والذين لا يتحرون التقوى ولا يسعون جاهدين للحصول عليها ولا يدعون، مثل حالتهم كمثل دمّل يلمع من الخارج بشدة ولكن ليس بداخله إلا الصديد أما الخاضعون لله الذين لا يخشون لومة لائم فيتحرون سبل التقوى كما يبحث المتسول عن كسرة خبز.والذين يدخلون أتون المصائب لوجه الله وقلوبهم حزينة دائما وتُذيب أرواحهم في سبيل الله الأهداف العظيمة والقاسية وقاصمة الظهر، يجيز الله تعالى لهم بنفسه أن يقضوا بضع دقائق أثناء الليل أو النهار مع زوجاتهم اللواتي يستأنسون إليهن ويريحوا نفوسهم المكتئبة والمكسورة ليعكفوا بعد ذلك على أمور الدين بكل حماس.ولكن لا يفهم هذه الأمور إلا الذين لديهم ذوق في هذا المجال.لقد قرأت في كتب الهندوس أنفسهم حكاية جاء فيها أن شخصا كان ذاهبا إلى مكان ما لعمل مهم وفي طريقه نهر متدفق، و لم تتوفر السفينة، وكان الذهاب ضرورة ملحة عندما وصل إلى شاطئ النهر رأى ناسكا له مئة زوجة.فالتمس منه أن له حتى يتمكن من اجتياز النهر بطريقة ما قال الناسك: اذهب إلى شاطئ النهر وقل له : أناشدك بذلك الناسك العازب الجالس على شاطئك الذي لم يمسس في حياته أية امرأة؛ إن كان ذلك صحيحا فاجعل لي طريقا.عندما بلغ الرجل هذه الرسالة إلى النهر جعل له طريقا فور سماعه هذا الكلام فاجتازه.ثم واجه المشكلة نفسها عند العودة فوجد على الشاطئ الآخر ناسكا آخر كان يأكل طنجرة كبيرة من الأرز مع اللحم كل يوم.فذهب الرجل إليه وسرد له مشكلته.فقال الناسك قل للنهر باسمي أناشدك بذلك الناسك الجالس على شاطئك الذي لم يأكل حبة واحدة من الغلال، فإذا كان ذلك يدعو حقا فاجعل لي طريقا فجعل النهر له طريقا فورا.
۲۳۳ "أنى لك أن ترى رجال هذا السبيل؟ فقد صرت أعمى وأصم بسب الضغينة والعداوة.ما أدراك كيف يعيش هؤلاء القوم ؟ إنهم يعيشون عيشا خفيا ومستورا عن أهل الدنيا.إنهم فداء سبيل الله الذي هو ملاذ كل روح، إن قلبهم يفلت من يدهم وتزول العمامة من رأسهم.تماما.إنهم لا يبالون بمدح الدنيا وكراهيتها لأن قلبهم الجريح معلق بزقاق آخر باطنهم منوّر مثل البيت المقدّس، وإن كان الجدار الخارجي مكسورا" كذلك أثار المحاضر اعتراضا آخر أن القرآن الكريم يبيح الزواج بين الأقارب، ولكن لا أدري لماذا أثير هذا الاعتراض السخيف.الحق أن البشر كلهم أقارب فيما بينهم بوجه عام، ولهذا السبب للبعض حق على الآخر.أما البحث عمن هم الأقارب الأقربون الذين حرم النكاح بينهم فقد تناول الله وعل هذا الموضوع بالتفصيل في القرآن الكريم في الآيات التالية: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأَخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا مِنْ ترجمة أبيات فارسية.(المترجم)
٢٣٤ رَحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ....ما قد سلف أي أن الخطأ الذي صدر في زمن الجاهلية فهو معفو عنه...وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم: المراد هنا هم أولادكم من أصلابكم أي الولد الحقيقي وليس المتبنّى...ويجوز لكم نكاح ما ملكت أيمانكم بصورة شرعية كأسيرات نتيجة اشتراكهن في الحرب لصالح العدو الظالم ضدكم.هذه هي قائمة السيدات اللواتي حرمهن قانون الله على المسلمين.والمعلوم أنه من حق الله وحده أن يحرّم ما يشاء ويحلّ ما يشاء، وهو أدرى بحكمه.إن إقحام الآريين أنفسهم في قانون الله دون مبرر وبغير حجة بينة ليس إلا تجاسرا ودناءة.إنني أستغرب من أن يعترض على الإسلام أناس يشربون بول الدواب ويأكلون روثها أيضا، وقد آلت حالة الحرام والحلال عندهم إلى أن يجعلوا زوجاتهم يضاجعن الآخرين باسم "النيوك" ثم يقولون: لماذا أُجيز نكاح الأقارب الأقربين؟ وجوابه أنهم ليسوا أقارب عند الله على النحو الذي تزعمونهم من الأقارب والذين اعتبرهم الله أقارب فقد ذكرهم في كتابه وحرم نكاحهم كما ذكرنا آنفا ولكن ما جوابكم على أن إله الفيدا قام بظلم عظيم - يبدو بناء عليه أن الآريين كثيرا ما يتزوجون من أمهاتهم وأخواتهم أيضا- وهو طريق حاشية: من المؤسف حقا أن تعليم الفيدا يحل أيضا النساء اللواتي هن في ربقة نكاح الآخرين.فلو لم تنجب السيدات في الهند كلها أو أنجبن البنات فقط، لجاز بحسب الفيدا لعشرات ملايين الزوجات أن يتركن أزواجهن ويضاجعن في ليلة واحدة أشخاصا آخرين.من المؤسف حقا أن يهاجم الإسلام أناس يعتنقون هذا المذهب.متى أجاز الإسلام أن تضاجع امرأة منكوحة شخصا غير زوجها؟ ماذا أن يسمى ذلك إن لم يكن زنا سافرا؟ منه.النساء: ٢٣-٢٥ عسى
التناسخ المخادع لأنه ما دام الإله لا يُخرج من البطن قائمة مع الروح التي تعود مرة أخرى يُعلم منها أن المرأة المولودة حديثا هي أم فلان أو جدته أو ابنته أو أخته؛ فأيّ شك في هذه الحالة أن ينكح الآريون في كثير من الأحيان أمهم أو ابنتهم أو أختهم أو جدتهم؟ وإن قلتم إن هذا خطأ الإله وليس خطأنا، فجوابه: لماذا إذا تؤمنون بإله يورطكم في نجاسة مثلها قصدا وعمدا؟ أما إذا كان يحسب هذه العلاقات مسموحا بها لكم فلماذا تعصون إلهكم ولماذا لا تحلُّون لأنفسكم أمهاتكم وأخواتكم مثل أتباع "شاكت مت" التي هي فرقة من الهندوس؟ إن قلة العلم والفهم هذه من نوع غريب، إذ إنكم تحرمون ما أحله لكم إلهكم.ثم قدّم المحاضر اعتراضا آخر أنه قد ورد في القرآن ذكر الجماع مع ما ملكت أيمانكم.ولكن كان على المعترض أن يفكر أولا هل هذا يساوي النيوك؟ أصل النيوك هو أن امرأة متزوجة وكريمة المحتد لا ذنب لها تكره على مضاجعة غير زوجها لسبب وحيد هو أن تُنجب المسكينة ابنا بشكل من الأشكال.عندما يرون أنها لم تنجب الابن وأنجبت البنات فقط أو هي عقيم، ففي كل هذه الحالات يُسوَّد وجهها مع غير زوجها، فترتكب الحرام مع شخص آخر رغبةً في الابن فقط، ولا يشعر زوجها بأدنى غيرة أن شخصا آخر يرتكب الحرام مع زوجته في بيته بل يفرح لعلها تحبل نتيجة هذه الفعلة الشنيعة وتنجب الابن وسيعد ابنه بالمجان.من المؤسف أن الذين لا يغارون على زوجاتهم أنى لهم أن يعاملوا الآخرين بالتقوى والورع؟ أما مضاجعة نساء الكفار وجواريهم اللواتي أسرن في الحرب، فهو أمر لو اطلع أحد على حقيقته لما جعلها محل اعتراض قط.والحق أن الأشرار وذوي الطبائع الخبيثة في صدر الإسلام كانوا يؤذون المسلمين أصناف الإيذاء دون مبرر نتيجة معاداتهم الإسلام.فمثلا إذا قتلوا
٢٣٦ مسلما مثلوا بجثته في أغلب الأحيان، وكانوا يقتلون الأولاد الصغار دون هوادة.وإذا وقعت في أيديهم امرأة مسكين مظلوم أسروها، وأدخلوها في نطاق نسائهم (ولكن كأمة، ولم يدخروا جهدا في الظلم.ظل المسلمون يتلقون إلى مدة طويلة أمرا من الله تعالى أن يصبروا على إيذائهم.ولكن عندما تجاوز الظلم كل الحدود، أذن الله للمسلمين بقتالهم وأن يعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليهم لا أكثر من ذلك.ومع ذلك منع من المُثلة، وقال بألا تجدعوا أذن المقتول ولا أنفه ولا أطرافه وهلم جرًّا، غير أنه يسمح لكم بالانتقام على الإهانة التي كانوا يجيزونها على المسلمين فبناء على ذلك راجت بين المسلمين عادة اقتناء 1 حاشية: ليكن معلوما أن حقيقة النكاح هي الحصول على موافقة المرأة ووليها وموافقة الرجل أيضا.ولكن لما فقدت المرأة حقوق حريتها ولم تعد حُرّة بل هي من المحاربين الظالمين الذين ظلموا المسلمين رجالا ونساء بغير حق، فإذا أُسرت امرأة مثلها وجعلت أمة مغبة الجرائم أقاربها سُلبت منها حقوق حريتها كلها.فهي الآن أمة مَلكِ منتصر ولا حاجة إلى موافقتها لإدخالها في حظيرة الحريم.بل القبض عليها بعد الانتصار على أقاربها المحاربين إنما هو موافقتها.والحكم نفسه موجود في التوراة أيضا غير أنه قد ورد في القرآن الكريم: فَكُ رَقَبَةٍ أي أن تحرير أمة وعبد عمل ثواب عظيم.فقد رغب عامة المسلمين في أنهم لو حرّروا هؤلاء الإماء والعبيد لأجروا أجرا عظيما عند الله مع أن لملك مسلم حقا ليجعل مثل هؤلاء الناس الأشرار والخبثاء عبيدا وإماء بعد الانتصار عليهم، ولكن مع ذلك أحب الله تعالى البر مقابل السيئة.من دواعي السعادة الكبيرة أن الذين يُدعون كفارا مقابل المسلمين في العصر الراهن تركوا هذا الطريق للظلم والتعدي، فلا يجوز الآن للمسلمين أن يجعلوا أسراهم أيضا عبيدا أو إماء لأن الله لا يقول في القرآن الكريم بأن عليكم ألا تعتدوا على المحاربين إلا بمثل ما اعتدوا عليكم وسبقوكم فيه.أما الآن حين لم يعد الأمر على هذا المنوال ولا يعتدي الكفار على المسلمين في الحروب ولا يجعلون رجالهم ونساءهم إماء وعبيدا بل يُعدون أسرى الملك فلا يجوز للمسلمين أيضا أن يفعلوا ذلك، بل حرام هو عليهم.منه.
۲۳۷ نساء الكفار كالإماء في البيوت ومعاملتهن كزوجات، لأنه كان بعيدا عن العدل أن يأسر الكفار سيدة مسلمة ويعاملوها كأمة وزوجة وعندما يأسر المسلمون نساءهم أو فتياتهم أن يعاملوهن كأخواتهم أو أُمَّهاتهم.إن الله حليم دون أدنى شك ولكنه أكثر غيرة أيضا من الجميع.إن غيرته هي التي تسببت في الطوفان في زمن ،نوح وغيرته هى التى أغرقت في النهر فرعون وجيشه كله في نهاية المطاف.وإن غيرته هي التي قلبت الأرض على قوم لوط.وإن غيرته هي تحدث الآن أيضا زلازل مهيبة هنا وهناك وتُهلك مئات آلاف الناس التي بالطاعون وغيرته هي التي خلقت في نهاية المطاف سكينا غيبية من الحديد مثل سكين لسان ليكهرام الذي لم يرتدع عن بذاءة اللسان بأي حال وقتله في عز شبابه وانتزعه من قومه بألم شديد و لم يقدر أحد على إنقاذه وحقق حل فيه نبوءته.فكذلك حين لم يتوقف خبثاء الطوية من العرب عن الإيذاء وشرعوا في مهاجمة النساء أيضا بكل وقاحة وتجاسر كالفساق سنّ الله تعالى لتنبيههم قانونا بأن تعامل نساؤهم أيضا المعاملة نفسها إذا أُسرن في الحروب.فهذا ليس محل اعتراض كما يقول المثل الفارسي: لا مجال للشكوى في مكافأة العمل.كذلك هناك مثل آخر كما تدين تدان.أما الأمر الثاني فهو ظلم كبير وديوثية ووقاحة كبيرة أن يُكره المرء زوجته على الزنا لتنجب الابن فقط.إنه سبيل نجاسة ومثال سيء لن تجدوا نظيره ولو بحثتم عنه في العالم كله.وإضافة إلى ذلك لا يقول الإسلام أن يُجعل الكفار عبيدا وإماء، بل جاء في القرآن الكريم على تحرير العبيد تأكيد شديد لا يمكن أن يتصور المزيد عليه.باختصار الكفار هم الذين بدأوا باتخاذ العبيد والإماء، ثم صدر هذا الأمر في الإسلام عقوبةً لهم، ومع ذلك يحثّ على تحريرهم.هنا ننقل بإيجاز شديد بعض الفقرات من كتاب أحد أتباع مذهب براهمو شهادةً على بياننا المذكور آنفا.
۲۳۸ اسم هذا البراهمو هو بركاش" ديو جي" وهو داعية مذهب البراهمو في لاهور واسم الكتاب هو : سوانح حياة السيد محمد الحق أن وجود مثل هذا الشخص العادل في قوم الآريين الذي ينتمي إلى مذهب البراهمو في هذا الزمن المليء بالمفاسد لأمر غريب جدا، حين تحسب كل فرقة سواء أكانوا الآريين أو القساوسة إهانة سيدنا ومولانا وتحقير الإسلام بالافتراء المتعمد عمل ثواب عظيم.لقد ضرب المؤلف مثلا أعلى بأمانته وعدله وقوله الحق وعدم عناده.أرى مناسبا أن يشتري كل واحد من أبناء جماعتنا نسخة هذا الكتاب علما أن من سعره أيضا جدّ قليل.وفيما يلي أنقل ملخص بعض الفقرات من كتاب هذا البراهموا: كانت كانت تقاليد سيئة كثيرة رائجة في العرب في زمن بعثته، فكان الفسق والفجور والنهب والسلب متفاقما فيهم إلى درجة تقشعر أوصال المرء بقراءة سوانحهم.كانوا يأكلون أموال اليتامى ويئدون البنات، وكان شرب الخمر قد تجاوز الحدود إذ كان الفطيم يتعاطى الخمر بعد الفصال مباشرة.وكان الرجل يتزوج بقدر ما يشاء من النساء ويطلقهن حين يشاء دونما سبب.الضغينة والحسد والبغض في أوجها، و لم يخل بيت من عبادة الأوثان.وكانت مكة قد صارت معبدا للأصنام وكان سلوك الناس كله مبني على الهمجية.وكانوا فريدي دهرهم في النهب والقتل، وسبقوا الوحوش الضارية في سفك الدماء و لم يكن لانهماكهم في الملذات والغفلة حدود، وأحلوا كل حرام.فحين كانت حالة العرب على النحو المذكور عندها ولد السيد محمد في فرع بني حاشية: لقد وُجد في هذا الكتاب خطأ بسيط في موضع أو موضعين بمقتضى البشرية.على أية حال ما كان ممكنا أن يكون بيانه على غرار ،مسلم وإلا لكان مثار شبهات ولما كان للبيان تأثير.منه.
۲۳۹ هاشم لقبيلة قريش المعروفة والعريقة.ولما كان والداه قد ماتا في صغره، لم يجد فرصة للتعلّم في كنف رعاية والديه حتى لغته الأم.بل سلّم إلى مرضع قروية من البدو.فكان تعامله ليل نهار مع لغة البدو، ولعل في ذلك حكمة من الله بأن يتربى في الطفولة ويترعرع بين البدو والرعاة الشخص الذي كان مقدرا له أن يقدم كلاما معجزا بعد أن يشب ليتجلى نموذج قدرة الله تعالى.ولعل الحكمة في صب الله تعالى عليه هذه المشاق والصعاب كلها منذ ولادته كانت أن يتولد في طبيعته الحِلمُ والصبر والرحم من الدرجة العليا ليُخرج مواطنيه من بئر الضلال باللطف والحلم والمواساة.فقد ضرب هذا المثل في مواساة بني البشر حين كان بالغا من العمر ٣٥ عام.أسر زيد بن حارثة في حرب وبيع كرقيق على يد ابن أخ السيدة خديجة رضي الله عنها الذي بدوره قدمه هدية لعمته رضي الله عنها، فطلب زيدا من خديجة وحرّره كان قلبه يتألم بشدة واستمرار نظرا إلى كون بلده غارقا في الظلام ،والجهل ويتمزّق كبده كمدا بالنظر إلى سوء حال النساء ووأد البنات البريئات الحق أن البركات التي حظي بها العالم من شخصه يجب على العالم كله أن يشكره عليها دع عنك العرب فقط.هل من مصيبة لم يتحملها هذا الإنسان الصالح من أجل بني البشر؟ وهل من معاناة لم يتجشمها في هذا السبيل؟ إن تعليم التوحيد قوما غير مهذبين ومتوحشين مثل العرب ومنعهم عن السيئات التي كانت جزءا لا يتجزأ من طبيعتهم لم يكن سهلا.فليقل المتعنتون ما يحلو لهم عن هذا الإنسان البار ولكن المنصفين وذوي الآفاق الواسعة لا يستطيعون أن ينكروا منّة السيد محمد متناسين الخدمات الجليلة التي أداها من أجل البشرية.لقد رفع راية أفضليته التي يستظل بظلها الآن ١٣٠ أو ١٤٠ مليون شخص في العالم وهم جاهزون للتضحية بأرواحهم من أجله.ذات مرة فكرت قريش أن تمنع السيد محمدا من هذا العمل بإغرائه بطمع
٢٤٠ دنيوي كبير، فجاءه مندوبهم أولا وطمعه في أموال وثروة هائلة ولكنه لم يهتم بها، فقال المندوب، نتخذك زعيما ومقتدى لنا، وحين لم يُقبل ذلك أيضا، قال المندوب بأننا جاهزون لنتخذك ملكا لنا ولكنه قرأ عليه في الجواب بعض الآيات القرآنية التي تبين وحدانية الله تعالى فعاد مندوب قريش خائبا خاسرا.ولما لم تنجح قريش في هذه الحيلة بدأوا بإيذاء المسلمين وتعذيبهم بما لا يطاق، فقد خذلهم الأقارب كليا.صار عمه الحقيقي، أبو لهب، عدوا متعطشا لدمائه.وقد بلغ الحال زوج عمه الحقيقي أنها كانت تنشر الأشواك في طرقه كان يمر بها فتجرَّح قدماه.فكان يجلس لينزع الأشواك من قدميه ويزيلها من الطريق أيضا ليجنّب المارة الآخرين أذاها.وحين كان يقوم للوعظ والنصيحة ويقرأ القرآن الكريم كان الناس يشغبون كيلا : يسمع أحد كلامه.وما كانوا يسمحون له بالوقوف في أي مكان.وحين ينصرف مضطرا يرشقونه بالحجارة حتى تدمي قدماه وساقاه.التي ذات مرة وجده بعض الأعداء وحيدا وأمسكوا به ووضعوا القماش حول عنقه وبدأوا يفتلونه حتى كادت نفسه تزهق إذ جاء أبو بكر صدفة وخلصه من ظلمهم بصعوبة بالغة.ثم ضربوا أبا بكر ضربا مبرحا حتى سقط على الأرض مغشيا عليه.فكان يتحمّل كيفما اتفق له كل ما كان يُصَبّ عليه من المظالم ولكن قلبه كان ينخلع على مصائب أصحابه ويضطرب بشدة.كانت جبال المصائب تُصَبّ على المؤمنين المساكين.كان الكفار يذهبون بهم إلى الصحراء ويُلقونهم على الرمال الحارقة بعد أن ينزعوا عنهم ،ملابسهم، وكانوا يضعون الحجارة على صدورهم فكانوا يضطربون في لهيب الحر حتى تخرج ألسنتهم من وطأة الثقل على صدروهم، وقد زهقت أرواح العديد منهم نتيجة هذا التعذيب.
٢٤١ كان من هؤلاء المظلومين شخص اسمه عمار الذي يجب أن نسميه "حضرة عمار" لما أبدى به من الصبر والجلد على المظالم.كان الكفار يربطون يديه وقدميه ويلقونه على أرض ساخنة ذات حجارة ويأمرونه أن يشتم محمدا، وعومل أبوه العجوز أيضا المعاملة نفسها.إن زوجته المظلومة التي كان اسمها "سمية" لم تطق مشاهدة تلك المظالم وتفوهت بكلمات الاستغاثة، عندها نُزع اللباس عن جسم تلك السيدة المؤمنة والبريئة التي كان يُظلم زوجها وابنها الشاب أمام عينيها، وأُوذيت بكل وقاحة إيذاء شديدا يخجل المرء من بيانه حتى لفظت تلك المؤمنة أنفاسها مضطربة اضطرابا شديدا نتيجة هذا التعذيب.(انظر "سوانح حياة السيد محمد" الصفحة ٢٥) وقد صُبَّت على هؤلاء المؤمنين سلسلة مدروسة من التعذيب فواجهوا مصائب قاسية جدا.كان السيد محمد يرى هذه المظالم تُصَبُّ على هؤلاء " من حاشية: الظالمون الذين يتهمون المسلمين أنهم اتخذوا نساء الكفار إماء في الحروب يجب أن يفكروا في هذه القصة الوجيزة التي أوردها أحد المؤلفين المنصفين من البراهمو في تأليفه سوانح حياة السيد محمد".هذه القصة مذكورة في الصفحة ٢٥ الكتاب، وقد نقلناها بصورة من المؤلف.ولا يقتصر الأمر على هذه القصة فقط بل كل من يقرأ تاريخ الإسلام سيعلم جيدا أن هناك مئات القصص من هذا القبيل التي تتحدث عن المظالم نفسها.إضافة إلى القسوة التي مارسوها على الرجال لم يدَّخروا جهدا في إهانة السيدات الطاهرات والإساءة إليهن أيضا ولأن من صفات الله تعالى "الغيور" أيضا لذا فقد ١٣ عاما ثم أذاق الكفار الخبثاء وبال خبثهم.من شيمة سيئي الطوية أنهم يسردون القصص من جانب واحد ويصوغون منها اعتراضا ولكنهم لو التزموا العدل لكان عليهم أن يروا إلى مظالم صُبت على المسلمين.منه.هذا سهو من الناسخ، والصحيح : صفحة: ٣٥، (الناشر) صبر إلى
٢٤٢ المساكين وقلبه يتمزق إربا في مواساة المظلومين ولكنه ما كان قادرا على أن يفعل شيئا.فاقترح على المسلمين نظرا إلى حالة المسلمين المؤلمة هذه أنكم سالكون في سبيل الله فلا تقلقوا لهذه المصائب وهاجروا إلى الحبشة متوكلين على الله.فسافر بأمر منه الناس من بعض القبائل الذين كانوا يخافون على حياتهم، إلى الحبشة مع أهلهم وأولادهم تاركين أوطانهم وبيوتهم وهجر بعدهم كثيرون آخرون أوطانهم.هذا النفي من الوطن الذي سماه المسلمون بالهجرة حدث في العام الخامس من النبوة.عندما بلغ قريشا أن المسلمين هاجروا إلى الحبشة لاحقوهم ووصلوا إلى النجاشي، ملك الحبشة، وقالوا عن بعضهم بأنهم عبيدنا الآبقون ويحق لنا أن تأسرهم.طلب ملك الحبشة هؤلاء المنفيين وسرد لهم ما قاله أعداؤهم.عندها تقدم جعفر بن أبي طالب، شقيق علي، إلى الملك وقص عليه حكايته نيابة عن الجميع، وهي ما يتلخص في: - حاشية: فليكن معلوما أن هذه العبارات التي أنقلها من كتاب "سوانح حياة السيد محمد" الذي نشره مؤلف عادل من البراهمو - وهو داعية مذهب البراهمو قد طبع في مطبعة "رفاه" عام ستيم "برس" بلاهور فليطلبه كل من أراد ويقرأه.كل من كان بريئا من أن العناد يستطيع يفهم من هذا الكتاب أن ما قام به النبي له في ذلك الزمن من الحروب ومستلزماتها الأخرى مثل اتخاذ الأرقاء والإماء قد سبق إليه الكفار دائما.وعندما وصل شرهم وظلمهم منتهاههما بطَشَ بهؤلاء الظالمين الله الذي ليس حليما فقط بل يغار أيضا لعباده الخواص.أليس من وقاحة المعارضين بذيئي اللسان وخبثهم أنهم يذكرون بكلمات قوية وشديدة إيذاء واجهه الكفار ولا يذكرون قط ما سبق إليه الكفار من الظلم والوقاحة وإيذائهم المؤمنين الأبرياء كالسباع الضارية؟ أليس هذه خيانة؟ من مؤلف هذا الكتاب.
٢٤٣ أيها الملك، كنا ساقطين في هوة الجهل والضلال وكنا نعبد الأصنام ونأتي بكلام فاحش ونأكل الجيفة ولم تكن فينا مسحة من الصفات الإنسانية، فبعث الله تعالى الذي رحمته تحيط بالعالم كله محمد ا و رسولا إلينا.ونعرف جيدا بأنه شريف النسب وصادق القول وطاهر الباطن وأمين.لقد كشف الله تعالى عليه مشيئته فجاءنا حاملا رسالته وعمل أن آمنوا بالله وحده ولا تشركوا أحدا في ذاته ولا في صفاته ولا تعبدوا الأصنام، واتخذوا صدق المقال شعارا لكم ولا تخونوا الأمانات أبدا وواسوا أبناء جنسكم جميعا، أدوا حقوق الجيران واحترموا النساء ولا تأكلوا مال اليتيم اختاروا عيش الطهارة والتقوى، اعبدوا الله، وانسوا في ذكره الأكل والشرب أيضا، وتصدقوا في سبيل الله لمساعدة الفقراء.أيها الملك، قد أُوذينا لمجرد إيماننا هذا حتى اضطررنا إلى أن نهجر بلادنا إذ لم يبق فيه ملاذ نلوذ به ونأمل من عدلك ورحمك أنك لن تسمح أن يمارس الظلم علينا نحن المنكوبين.لقد خطب جعفر بهذه المناسبة برقة القلب إلى درجة أن تأثر به النجاشي كثيرا ومال قلبه ليسمع شيئا من تعليم ذلك الرسول العربي فقال لجعفر: اقرأ علي شيئا مما نزل على نبيكم.فقرأ جعفر بعض الآيات الابتدائية من سورة مريم تتحدث عن ولادة المسيح.عیسی لقد قرأت في رواية أن كفار قريش قالوا أيضا لإثارة حفيظة ملك الحبشة بأنهم يشتمون ال ويسيئون إليه ولا يعترفون بمرتبته المسلّم بها عندك.ولكن النجاشي الذي اشتم شذى الصدق لم يتوجه إلى شكواهم.مما أستغرب له هو أن الشكاوى عينها التي قدمها كفار قريش أمام النجاشي باسم المسيح ليأسر المسلمين تثار اليوم في صورة تهم موجهة إلي المسلمين.فما ذنبي إن قلتُ بأن معارضي من موته في القرآن الكريم قبل وجودي بمئات السنين وقد رآه نبينا الأكرم ليلة المعراج في الأنبياء الميتين.والأغرب من ذلك أن جميع أصحاب النبي أيضا كانوا يعتقدون بموته.من عیسی العليا قد مات؟ وقد بين الله تعالى
٢٤٤ وبسماع الآيات جادت عينا ملك الحبشة طيب القلب بدموع سخية واحترق قلبه كمدا وقال عفويا بأن هذه أشعة النور نفسه الذي تحلّى على موسى.قال ذلك ورفض تسليم المسلمين المظلومين للأعداء، وظل يسأل جعفر مرارا ما اعتقادكم عن المسيح؟ قال جعفر: كان ال عبد الله الصالح الذي أرسله نبيا ورسولا إلى بني إسرائيل.بعد هذا الخطاب والنقاش اعترف النجاشي بالصدق والحق وقال ما مفاده: لو سمحت لي مهمات الدولة لذهبت إلى بلاد العرب بنفسي وصرتُ خادما لملك العرب هذا.معه وهكذا بدأت قريش بإيذائه بشدة متناهية بعد وفاة أبي طالب فقرر أن يهاجر من تلك المدينة إلى مدينة الطائف ليبلغ أهلها الدعوة ويعظهم.فأخذ زيد بن حارث وتوجه إلى الطائف.فشاء القدر أن استشاط أهلها نتيجة وعظه غضبا ولم يسمحوا له بالقيام فيها ورشقوه بالحجارة وجعلوا صبيانها يلاحقونه حتى أخرجوه من المدينة.وجُرحت بالحجارة قدماه وكعباه وساقاه، فكان يمسح الدم عن ساقيه ويدعو ربه والدموع في عينيه ويقول ما معناه: يا ربي لمن أشكو سواك ضعفي وقلة حيلتي وحزني ومصيبتي، فلا أقدر على الصبر الآن إلا قليلا ولا أجد لحل مشكلتي سبيلا.وقد أُهنتُ في الناس جميعا وأخزيت وأنت أرحم الراحمين فارحمني.باختصار، عاد النبي ﷺ من هناك غير ناجح.عندها عقدت قريش جلسة غاضبين في دار الندوة في مكة التي كانت مقام اجتماعهم فاجتمع فيها وقد وقد أشير في تاريخ الطبري الصفحة ٧٣٩ برواية أحد الصلحاء إلى قبر عيسى اللي أيضا الذي شوهد في مكان ما، أي وُجدت شاهدة على قبر مكتوب عليها: هذا قبر عيسى.أورد ابن جرير - وهو موثوق به جدا ومن أئمة الحديث - هذه القصة في تأليفه.ولكن من المؤسف أن المتعنتين مع ذلك لا يقبلون الحق.من مؤلف هذا الكتاب.
٢٤٥ قريش مكة وزعماء القبائل المجاورة جميعا، وضم الاجتماع جمعا غفيرا لم يجتمع في مكة من قبل لهذا الغرض.فأدلى كل واحد منهم بدلوه.فمنهم من قال بأنه يجب أن يُسجن محمد مؤبدا، وقال آخر: يجب أن يُنفى من البلاد حتى تقرر في نهاية المطاف أنه لا بد من أن تُنجى البلاد من المصائب بقتله.واقترح أبو جهل أن يطعن عديد من الناس دفعة واحدة مجتمعين صدر محمد حتى لا يُتّهم بقتله شخص واحد رحّب الجميع بهذا الاقتراح واجتمعت قريش أمام بيت السيد محمد فور حلول الليل ليغتالوه عند خروجه من الباب ولكن أخبره بذلك أحد من خدامه المخلصين في وقت مناسب فخرج من الوراء إلى بيت أبي بكر، ومن هناك هاجرا ليلا ولاذا بالغار.علمت قريش في الصباح الباكر أن السيد محمدا قد هرب وهم فشلوا في إرادتهم، فجُن جنونهم غيظا وشرعوا في البحث عنه في كل مكان.وأعلنوا أن حاشية: الجدير بالذكر أن الرسول ﷺ تعرض لخمسة مواقف حرجة جدا إذ كانت نجاته بحياته منها يبدو مستحيلا، فلو لم يكن رسولا صادقا من الله لهلك بالتأكيد.الأول: حين حاصر كفار قريش بيته حالفين أنهم سيقتلونه اليوم لا محالة.الثاني: حين وصل الكفار بعدد كبير إلى مدخل الغار الذي كان مختفيا فيه مع أبي بكره الموقف الحرج الثالث كان حين بقي وحيدا في معركة أحد وحاصره الكفار وهاجموه وانقضوا عليه بسيوف كثيرة، ولكنها لم تُصبه، وكانت هذه معجزة.الرابع: حين دست له يهودية السم في اللحم، وكان السم زعافا وفتاكا ودست كمية كبيرة منه الخامس وهذا الحادث كان أشد حرجًا وذلك حين صمم ملك فارس خسرو برويز على قتله وأرسل رجال الشرطة لاعتقاله.والواضح أن نجاته من الموت في كل هذه المواقف الخطرة وانتصاره أخيرا على جميع الأعداء يشكل برهانا ساطعا على أنه لو كان في الحقيقة صادقا وكان الله الا الله معه.أما قول هذا البراهمو بأنه عندما حاصروا بيته له بإرادة القتل أخبره أحد من خدامه المخلصين فليس صحيحا بل
٢٤٦ الذي يأتي برأس السيد محمد له جائزة مئة بعير.فتجوّل العطاشى لدمه في كل حدب وصوب.وذات مرة وصل العدو إلى باب الغار وقلق أبو بكر بشدة لسماع أصوات أقدامهم وقال: نحن اثنان فقط وسنقتل حتما.ولكن السيد محمدا هدأ روعه وقال: لسنا اثنين بل ثلاثة والثالث الذي معنا أقوى من الجميع.وكان الثالث معهما في الحقيقة.ثم قال المحاضر بأن القرآن منتحل من الكتاب المقدس.يتبين من ذلك مدى ما وصل إليه تجاسر هؤلاء القوم ووقاحتهم لا ينكر أحد في العالم أن القرآن الله الذي أرسله قد أخبره بنفسه.لأن مذهب البراهمو لم يصل إلى معرفة ليدرك أن أنبياء الله يتلقون وحيا منه و لذا كتبوا على هذا النحو.من المؤلف.حاشية على الحاشية من الغريب أنني أيضا تعرضت لمثل هذه المواقف الخمس التي كان فيها الخطر على شرفي وحياتي كبيرا فأولا : حين رفع "الدكتور مارتن كلارك" قضية جنائية ضدي بتهمة محاولة قتله، وثانيا: حين رفعت الشرطة قضية جنائية ضدي في محكمة "مستر دوئي" نائب الحاكم في محافظة "غورداسبور"، وثالثا: القضية الجنائية التي رفعها ضدي "كرم دين" في مدينة جهلُم، ورابعا: القضية الجنائية التي رفعها ضدي "كرم دين" نفسه في غورداسبور، وخامسا: حين فتشت الشرطة بيتي إثر قتل ليكهرام، واستنزف الأعداء لأدانَ جهودهم بالقتل، لكنهم خسروا وأخفقوا في هذه القضايا كلها من المؤلف.من کتاب يجب التأمل جيدا إلى أي مدى كان الظالمون قد ازدادوا شرا وخبثا، وكيف كانوا عطاشى لدم شخص بريء لا ذنب له هذا الحادث مذكور في الصفحة ٥٧ هذا البراهمو : "سوانح حياة السيد محمد"، وقد اقتبست هنا نصه.وليس هو الوحيد الذي كتب ذلك بل قد ذكر قبله هذه الأحداث بالتفصيل كثير من العلماء الإنجليز الذين ما كانوا قساوسة وذكروا ما تأذى به المسلمون رجالا ونساء على أيدي الكفار إلى ١٣ عاما، وذُبح الكثيرون كالشياه والخراف ولكن من المؤسف أن أعداء الإسلام المعاصرين الظالمين يريدون أن يخفوا هذه الأحداث من مؤلف هذا الكتاب.
٢٤٧ الكريم ظل ينزل بين ظهراني اليهود والنصارى إلى ٢٣ عاما متتالية ولم يعترض أحد أنه منقول من الكتاب المقدس.من الواضح أن النبي ﷺ كان أميا لا يعرف الكتابة ولا القراءة وكان علماء اليهود والنصارى أعداءه الألداء فكيف كان ممكنا ،والحالة هذه، أن ينقل النبي الله شيئا من كتب اليهود والنصارى؟ فقد جاءت في القرآن الكريم آيات في هذا الباب: وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابِ وَلَا بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ)) أي يا أيها الرسول، قد أنزلنا إليك أيضا كتابا كما أنزلنا إلى الرسل قبلك والذين آتيناهم الكتاب قبلك تَخْطُهُ يؤمن به العاقلون والسعداء منهم.كذلك يؤمن المتفكرون من مشركي مكة.ولا يؤمن من بين كلتا الفرقتين أولئك الذين اختاروا لأنفسهم الكفر قصدا منهم.ويا أيها الرسول ما كنت تتلو قبل القرآن من كتاب وما كنت تستطيع أن تكتب بيدك، ولو كان الأمر كذلك لكان لهؤلاء الملحدين محال للشك، أما الآن فإن تشكيكهم ليس إلا تعنت محض أي لما كان ثابتا متحققا أن النبي كان أميا، و لم يُثبت أحد أنه كان قادرا على الكتابة أو القراءة فإن إثارة شبهات مثلها تنافي الأمانة.ثم قال له بأنه من الثابت المتحقق أن القرآن يمثل آيات الله البينات للذين أعطوا علم معارفه وحقائقه، ولا يعترض عليه إلا الذين لا يتدبرون فيه ويجهلون مرتبته المعجزة.أما المتدبرون فيعرفون بإلقاء نظرة واحدة أن هذا الكلام يفوق قدرات البشر لأنه يحمل في طياته ١ العنكبوت: ٤٨-٥٠
٢٤٨ الله صفة إعجازية.وإضافة إلى ذلك فقد جاء في وقت الضرورة تماما حين كانت الدنيا قد نسيت سبيل الله.وقد شفى المرضى الذين جاء من أجلهم.ولم تستطع التوراة ولا الإنجيل إصلاحا قام به القرآن الكريم لأن العاملين بتعليم التوراة أي اليهود تورطوا في الوثنية مرارا وتكرارا.فالمطلعون على التاريخ شاهدون على ذلك.وتلك الكتب كانت ناقصة تماما من الناحية التعليمية والعملية أيضا وقد ضل العاملون بها بعد مدة وجيزة جدا.لم تمض على الإنجيل حتى ثلاثون سنة حتى حلت عبادة إنسان ضعيف محل عبادة الله تعالى، أي قد اتخذ عيسى الإلها، وبدلا من الأعمال الصالحة عُد الإيمان بصلبه وكونه ابن وسيلة لغفران الذنوب.فهل نقل النبي من هذه الكتب؟ بل الحق أن تلك الكتب كانت قد صارت مثل شيء رديء إلى زمن النبي ﷺ وأضيفت إليها كذبات كثيرة، كما ورد في عدة آيات قرآنية بأن تلك الكتب محرفة ومبدلة و لم تعد قائمة على حقيقتها.وقد شهد على ذلك كثير من كبار الباحثين الإنجليز المعاصرين أيضا.فكان الكتاب المقدس محرفا ومبدلا وساء سلوك مؤيديه في ذلك الزمن إلى حد كبير بحسب قول القسيس "فندل" وغيره من الباحثين المسيحيين وملئت الأرض ذنوبا ومعصية، ولم يعد تحت أديم السماء عمل سوى المعصية وعبادة المخلوق وفسدت بلاد الهند أيضا.تكفي في ذلك شهادة البانديت ديانند في كتاب: "ستيارته بركاش".وذكر القرآن الكريم بنفسه ضرورة مجيئه قائلا بأن كل نوع من سوء السلوك وسوء الاعتقاد والفحشاء كان قد أحاط بسكان الأرض في ذلك الزمن.فيجب التأمل الآن بشيء من خشية الله، ألم يُرد الله تعالى مع اجتماع كل هذه الحاجات أن يحيي العالم من جديد بكلامه المتجدد والحي؟ أليس فيكم
٢٤٩ رجل رشيد ونبيل يتأمل في دليل مفاده أن القرآن الكريم يقول بنفسه: (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا...أي اعلموا أيها الناس أن الأرض كانت قد ماتت ويحييها الله الآن من جديد.فهذا كان نور القرآن الكريم الذي بمجيئه عاد العالم إلى التوحيد وملئت الجزيرة العربية كلها بالتوحيد وتلاشت عبادة النار من بلاد الفرس أيضا.فيا أيها الأعزاء، اتقوا الله قليلا ولا تبصقوا على الشمس مثل اللئام والصعاليك الذين ليس لديهم مسحة من الحياء والندم.لقد أصلح القرآن الكريم أن التوراة والإنجيل وسدَّ نقصهما، فأنى له أن يكون منقولا منهما؟ معلوم التوراة تعلم أن السن بالسن والعين بالعين والأذن بالأذن، أما الإنجيل فيعلم ألا تقاوموا الشر أبدا.ولكن القرآن الكريم عدّ كلا التعليمين ناقصا وقال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ أي أن عقوبة السيئة هي بمثلها، ولكن إذا عفا أحد عن المخطئ في حقه وكان في ذلك إصلاحه، أي إذا نفع العفو فسينال العافي أجره عند الله.كذلك لم تعد لشرب الخمر ولعب القمار حدود في أتباع هذين الكتابين لأنه كان فيهما عيب أنهما لم يحرما هذه الخبائث ولم يمنعا منها الغارقين في الملذات، لذلك كانت هاتان الأمتان تشربان الخمر كالماء، وتجاوز القمار أيضا الحدود كلها ولكن القرآن الكريم حرّم الخمر ، وهي أم الخبائث، حرمة قاطعة.وهذا الفضل يعود إلى القرآن الكريم وحده أنه حرّم قطعا هذا الشيء الخبيث الذي يستغيث عفويا بسبب خبثه اليوم أهل أوروبا كلهم أيضا وحرّم القمار أيضا حرمة قطعية.الحديد: ۱۸ الشورى: ٤١
٢٥٠ كذلك كان بيان التوراة والإنجيل عن التوحيد ناقصا، وبالنتيجة ألــه النصارى إنسانا ضعيفا لو وُجد في التوراة والإنجيل تعليم يوجد في القرآن الكريم لما ضل النصارى على هذا النحو قط.إنني أستغرب أن الكتاب الكامل والطاهر الذي أثبت نقص التوراة والإنجيل بكل جلاء، وأخبر بكونهما محرفين ومبدلين وقضى على سوء السلوك والشرك من ذلك البلد ونوّر العالم بنور جديد، يعده هؤلاء الناس منقولا عن الإنجيل والتوراة.ماذا عسانا أن نسمي هؤلاء الناس؟ دعُوا التوراة والإنجيل جانبا، وخذوا مثلا الفيدا الذي يعلن عنه أن تاريخ نشره يعود إلى عشرات ملايين السنين فماذا أنجز في كل هذه المدة سوى أنه ظل يسرد 1 حاشية من محاسن القرآن الكريم الإعجازية الفصاحة والبلاغة أيضا التي تنفرد وتمتاز تماما عن فصاحة الإنسان وبلاغته لأن مجال فصاحة الإنسان وبلاغته ضيق جدا، فلا يقدر المرء على أعلى درجات البلاغة والفصاحة ما لم يخلط في الكلام المبالغة أو الكذب أو أمورا غير ضرورية في الكلام.(۲) وميزة القرآن الكريم الإعجازية الأخرى هي أن جميع القصص التي بينها هي في الحقيقة نبوءات أشار إليها أيضا في عدة أماكن (۳) والميزة المعجزة الثالثة في القرآن الكريم هي أن تعليمه يضم الأدلة في طياته كافة الأسباب لإيصال فطرة الإنسان مبلغ الكمال.وتوجد فيه جميع والآيات الضرورية التي يحتاج إليها الإنسان لبلوغه مرتبة اليقين.(٤) والميزة العظمى الأخرى فيه هي أنه يقرب المتبع الكامل إلى الله تعالى إلى درجة ينال شرف مكالمة الله تعالى وتظهر على يده الآيات البيّنة ويحظى بتزكية النفس والاستقامة الإيمانية.وهذه النقطة التي بينها القرآن الكريم الجديرة بالتذكر جيدا أن فيض الآيات السماوية الذي ينزل على المؤمن الكامل إنما هو فعل الله ولا يمكن لأحد أن يحسبه نتيجة ميزة فيه.إن مزية المؤمن الكامل الشخصية هي التقوى والطهارة وقوة الإيمان والاستقامة.مثلا لو وقع ضوء الشمس على جدار فهو ليس من مزايا الجدار، لأنه يمكن أن ينفصل عنه.بل مزية الجدار هي أن يكون مؤسَّسا على حجر صلدٍ وأن يكون قويا متينا لا يهتز قط مهما غزته السيول وهبت العواصف والزوابع والطوفانات وهطلت الأمطار الغزيرة.منه.
واحد عظمة النار والهواء والماء والقمر والشمس وجعل أهل الهند كلهم عبدة العناصر والشمس.فليخبرني أحد إن لم يكن الفيدا أساس عبادة النار والشمس ونهر " الغانج" وغيرها في الهند فأي كتاب غيره نشر هذه النجاسة فيها؟ كل عاقل سيعترف حتما بقراءته الصفحة الأولى بل السطر الأول من "رج فيدا" أن هذه النجاسة كلها قد انتشرت بسبب الفيدا فقط.لم يقل الفيدا ولا في مكان ألا تعبدوا هذه الأشياء.فإذا كانت كل هذه أسماء الإله على سبيل الافتراض، فلماذا غض الفيدا طرفه عن هذا التصريح؟ ولماذا أهلك الناس دونما سبب؟ إن القرآن الكريم هو الذي هاجم تعليم الفيدا وأعلن بصوت عال: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا اللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ.ومن ناحية أخرى شرح القرآن الكريم للمسيحيين مرارا أن المسيح ابن مريم رسول الله فلا تتخذوه إلـها كذلك منع المجوس من شركهم وعبادة النار ودعا الجميع إلى عبادة الله الأحد وأنجز مهمته.و لم ينتقل النبي إلى رحمة ربه ما لم ينزه الجزيرة العربية كلها من الشرك وعبادة الأوثان بكل أنواعها، ثم نجى البلاد الأخرى من عبادة المخلوق بواسطة خلفائه، و لم يتسنّ هذا النجاح لأحد غيره.وإنها لمنّة القرآن الكريم وحده على الهند أيضا، إذ إن القرآن الكريم قد خلق في هذا البلد الذي كان مليئا بعبادة المخلوق وكانت حالته كجيفة منتنة، عشرات الملايين من الموحدين، ومع ذلك ينكر هؤلاء القوم منته؛ فإنها خاصية فطرتهم.دون مبرر.إن القرآن الكريم كتاب جاء في وقت الضرورة بعينها، وأزال كل ظلمة وأصلح كل فساد ودحض بيانات التوراة والإنجيل الخاطئة والمحرفة، وإضافة إلى المعجزات أقام أدلة عقلية على توحيد البارئ تعالى فليخبرنا هؤلاء القوم الآن، فصلت: ۳۸
٢٥٢ في أي شيء قلد القرآن الكريم التوراة والإنجيل؟ هل تعليم القرآن الكريم هو تعليم التوراة نفسه؟ هل ورد في القرآن الكريم حكم أنه يجب أن تكسروا السن بالسن حتما، وتقلعوا العين بالعين؟ هل ورد في القرآن الكريم حكم أن لكم أن تشربوا الخمر، أو أن تأخذوا الربا ممن ليسوا من قومكم؟ هل يعد القرآن الكريم عيسى ال ابن الله كما يعتقد المسيحيون؟ أو يفتي بشرب الخمر أو يعلم ألا تجابهوا الشر؟ فأي خبث ووقاحة أن يُعدّ القرآن الكريم منقولا عن التوراة والإنجيل؟ إذا كان القرآن الكريم نسخة التوراة والإنجيل فلماذا حدثت اختلافات إلى هذا الحد بين الإسلام وتلك الفرق؟ ففي هذا الحال كان يجب أن يكون الإسلام يهودية بعينها أو مسيحية بعينها (ما دام نسختهما).ولو كان الحال على هذا المنوال وكان القرآن الكريم نسخة من التوراة والإنجيل فلماذا رأى اليهود والنصارى القرآن الكريم بنظرة المغايرة إلى هذا الحد؟ ولماذا حاربوه حتى جرت من الدماء الأنهار؟ صحيح أن بعض الأمور والأوامر تشكل قاسما مشتركا بين جميع أديان العالم.فهل لنا أن نقول بناء على ذلك الاشتراك أن بعضها نسخة عن بعضه؟ فمثلا يعلم كل دين ألا تكذبوا ولا تشهدوا شهادة كاذبة ولا تسرقوا ولا تقتلوا بغير حق، وواسوا الناس.فإذا كان جائزا أن يتهم كتاب بالسرقة بسبب هذا التوارد فأنى للفيدا أن يجتنب هذه التهمة؟ لا يزال المجوس يتهمون إلى اليوم أن الفيدا ألف بسرقة مضامين كتبهم المقدسة.ووصول "بياس" إلى إيران وتتلمذه على يد هؤلاء الصلحاء أيضا دليل على ذلك ولا يمكن إنكاره ولأنه لا يوجد في الفيدا نور في حد ذاته ولا قوة هذه معجزة وإنما توجد فيه أشياء يمكن نقلها من كتب أخرى لذا إن براءته من التهمة جد صعبة، لا سيما لكل شخص أن يقول بأن تعليم عبادة النار في الفيدا مأخوذ من عبدة النار من أتباع زرادشت في إيران، وكذلك كثير من تعاليم
٢٥٣ "رج فيدا" تبدو مسروقة من تعليم "زند".أما القرآن الكريم فهو معجزة عظيمة بحد ذاته ولا يضم في طياته الفصاحة والبلاغة المعجزة فقط بل هو زاخر بالنبوءات والمعجزات الأخرى أيضا.والبراهين القوية التي بها يُثبت وجود الله لا توجد في التوراة ولا في الإنجيل".والمعارف والحقائق عن عالم المعاد التي بينها القرآن الكريم لا توجد في التوراة ولا في الإنجيل ولا في أي كتاب آخر.والقصص المذكورة في القرآن الكريم ليست قصصا بحتة بل هي نبوءات سُجِّلت بأسلوب القصص، غير أن القصص البحتة في التوراة حتما، ولكن القرآن الكريم عدَّ كل قصة نبوءة للرسول الأكرم وللإسلام.وقد تحققت النبوءات الكامنة في هذه القصص أيضا بكل جلاء.باختصار، القرآن الكريم بحر المعارف والحقائق وبحر النبوءات.ولا يمكن أن يوقن أحد بالله تعالى بوجه كامل إلا بواسطة القرآن الكريم لأن هذه الميزة توجد في القرآن الكريم وحده وباتباعه الكامل تزول جميع الحجب الحائلة بين الله وعبده.أتباع كل دين يذكرون الله كقصة فقط، ولكن القرآن الكريم يُري وجه ذلك المحبوب الحقيقى ويُدخل نور اليقين في قلب الإنسان والإله المستور عن العالم كله لا يُرى إلا بواسطة القرآن الكريم فقط.ثم اعترض المحاضر على القرآن الكريم أنه قد ورد فيه أن الله جالس على کرسی على العرش.لقد رددتُ بالتفصيل على هذا الاعتراض اللغو من قبل بما يتلخص في أن الله وعل بين في القرآن الحكيم صفاته بطريقين ليتيح لعباده ۲ هو كتاب الديانية الزرادشتية.(المترجم) حاشية من تأثيرات القرآن الكريم المعجزة أن الذين يتبعونه اتباعا كاملا ينالون درجة القبول عند الله.يجيب الله تعالى أدعيتهم ويُطلعهم بكلامه اللذيذ والمليء شوكة، وينصرهم على الأعداء بوجه خاص، ويُطلعهم على غيبه الخاص على سبيل التأييد.منه.
٢٥٤ الضعفاء إدراك معرفته الكاملة.الأول: بينها بصورة تشابه بها صفاته صفاتِ المخلوق على سبيل الاستعارة، فإنه كريم ورحيم ومحسن، ويغضب ويحب أيضًا، وله أيد وعيون وساقان وأذنان، وأن سلسلة المخلوق ظلّت جارية معه منذ القدم، ولكن لا يحظى شيء بقدم ذاتي مقابله غير أن القدم النوعي حاصل وذلك لا يستلزم صفة الله "الخلق" لأنه كما أن من صفاته الخلق كذلك إن تجلي الوحدة والتجرد في زمن من الأزمان أيضا من صفاته.لا يجوز أن تتعطّل أية صفة من صفاته تعطّلا دائما غير أن التعطل المؤقت جائز.فلما خلق الله الإنسان وكشف عليه صفاته التشبيهية التي يشاركه فيها الإنسان في بادئ الرأي ككونه خالقا ، لأن الإنسان أيضا خالق بعض الأشياء أي مخترعها في نطاق سعته، كذلك يمكن القول إن الإنسان كريم لأنه يتصف بصفة الكرم إلى حده المحدود، وكذلك يمكن أن نصفه بالرحيم، لأن فيه صفة الرحم أيضا إلى حده المحدود، كما توجد فيه قوة الغضب، كما أن الإنسان مزود بالسمع والبصر وغيرهما.ولما كان من الممكن أن تثير هذه الصفات التشبيهية شبهة في نفوس البعض بأن الإنسان يشبه الله الله في هذه الصفات وأن الله تعالى يشبه الإنسان، لذلك ذكر الله في القرآن الكريم، إلى جانب هذه الصفات التشبيهية، صفاته التنزيهية أيضًا، أي الصفات التي يثبت منها أن الله تعالى لا يشارك الإنسان بشيء في ذاته ولا في صفاته، كما أن الإنسان لا يشاركه فيها شيئًا، أي ليس خَلْقه تعالى كخلق الإنسان، وليست رحمته كرحمة الإنسان، ولا غضبه كغضب الإنسان، ولا حبه تعالى كحب الإنسان، ولا هو بحاجة إلى مكان كمثل الإنسان.وهذا الذكر أي نزاهة الله صفات الإنسان تماما قد ورد صرا.عن في عدة آيات من القرآن الكريم، كقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
٢٥٥ الْبَصِيرُ، أي لا شيء يشارك الله من حيث ذاته وصفاته...وقال في آية أخرى: الله لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).أي أن الوجود الحقيقي والبقاء الحقيقي والصفات الحقيقية كلّها الله وحده لا شريك له فيها.هو الحي بذاته، ومنه تستقى سائر الكائنات الحيّة حياتها هو القائم بذاته، ومنه تستمد سائر الموجودات بقاءها.وكما لا يجوز عليه الموت كذلك لا يطرأ عليه أدنى تعطل في الحواس من قبيل النوم أو النعاس، بينما سائر المخلوقات خاضعة لسلطان الموت كما هي عرضة للنوم والنعاس.كلّ ما ترونه في الأرض أو السماء إنما هو الله، وموجود وباق بقدرته تعالى من ذا الذي يشفع عنده دون إذنه...علمه محيط بالحاضر والغائب، ولا يحيط بعلمه أحد إلا بقدر ما شاء.إن سلطانه وعلمه محيطان بالأرض والسماء كلها هو الذي يحمل كل شيء ولا يحمله شيء...وهو أسمى وأَجَلُّ مِن أن يعزى إليه ضعف وعجز وقلة حيلة.ثم يقول تعالى في آية أخرى إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ....أي خلق السماوات والأرض وما فيهما وتجلى بالصفات التشبيهية، ثم لإثبات الصفات التنزيهية توجه إلى مقام التنزه والتجرد الذي هو وراء الوراء وأبعد عن المخلوق، وهو المقام الأعلى الذي يُسمّى بالعرش وتفصيل ذلك أن المخلوقات كلها كانت في حيّز العدم من قبل وكان الله تعالى يتجلّى بتجلياته في مقام وراء الوراء الذي هو العرش، الأعراف : ٥٥
٢٥٦ أي المقام الذي هو أعلى وأسمى من كل عالم وكانت تجلياته وظله هو الموجود فقط، ولم يكن شيء موجودا سوى ذاته.ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما، وحين ظهر الخلق للعيان أخفى نفسه وأحب أن يُعرف بواسطة المخلوقات.ولكن الجدير بالذكر أن صفات الله تعالى لا تتعطل بوجه دائم مطلقا وليس لشيء سوى الله قدم ذاتي غير أن قدما نوعيا للأشياء ضروري.ولا يطرأ تعطّل دائم على صفة من صفاته له غير أن التعطل المؤقت ضروري.ولأن صفة الإيجاد والإفناء صفتان متضاربتان، لذا عندما تأتي مرحلة صفة الإفناء الكاملة تتعطل صفة الإيجاد إلى ميعاد معين.فخلاصة الكلام أن في أول الأمر كانت فترة ظهور صفة وحدانية الله وعل وحدها، وليس لنا أن نحدد كم مرة تجلت هذه الفترة بل تلك الفترة أزلية وغير متناهية.على كل حال إن فترة صفة الوحدانية سابقة في التجلّي على سائر الصفات الأخرى من حيث الزمن، وعلى هذا الأساس يقال إنه تعالى كان في أول الأمر وحده ولم يكن معه شيء، ثم خلق الأرض والسماء وما فيهما، وبناء على هذه العلاقة أظهر أسماءه الحسنى؛ مثل الكريم والرحيم والغفور وقابل التوب، لكن الذي يصرّ على المعاصي ولا يرتدع عنها فلا يتركه من دون عذاب.ومن أسمائه التى تجلى بها أنه يحب التوابين، ولا يثور غضبه إلا على الذين لا يكفون عن الظلم والشر والمعصية.وقد ذكر صفاته هذه في كتابه أنه يرى ويسمع ويحب ويغضب، وقد ذكر يده وقدمه وعينه وأذنه أيضا، ولكن إلى جانب ذلك قال أيضا بأن رؤيته ليست كرؤية الإنسان وسمعه ليس كسمع الإنسان وحبه ليس كحب البشر وغضبه أيضا ليس كغضب الإنسان وأيديه وأقدامه وعينه وأذنه ليست كجوارح الخلق بل هو عديم النظير في كل شيء.وقد بين مرارا أن صفاته
٢٥٧ هذه كلها تليق ،بذاته وليست كمثل صفات الإنسان؛ فليست عينه وغيرها من الأعضاء جسمانية، ولا تشبه صفة من صفاته أية صفة من صفات الإنسان.فنرى مثلا أن الإنسان عندما يغضب يعاني هو نفسه أولا من ثورة الغضب فلا يلبث أن يغيب سروره فورا في حالة الثورة والغضب وتنشأ في قلبه حرقة نوعا ما، ويعلو عقله مادة سوداوية، ويطرأ عليه نوع تغيّر، لكن الله تعالى بريء من كل هذه التغيرات.إن غضبه يعني أنه يرفع عن الشرير المتعنت ظل تأييده، ويعامله طبق نواميس قديمة لقدرته معاملة إنسان غاضب فيُسمى عمله هذا غضبا على وجه الاستعارة والمجاز.كذلك حبه ليس كحب الإنسان؛ لأن الإنسان يعاني عند شدة الحبّ أيضا، وتتألم نفسه بفراق حبيبه وهجرانه، لكن الله ل بريء من هذه الآلام.كذلك قربه ليس كقرب الإنسان لأن مقاربة الإنسان غيره تقتضي مغادرته مقامه الأول، ولكن الله تعالى بعيد مع قربه وقريب مع بعده.باختصار، كل صفة من صفاته تعالى مغايرة لصفات الإنسان ولا مشاركة بينهما إلا باللفظ فقط وليس أكثر من ذلك، لذلك يقول الله تعالى في القرآن الحكيم: ليس كمثله شيء.أي ليس له مثيل في ذاته ولا في صفاته.فليكن واضحا الآن للقراء العادلين أن الآية الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ تشير إلى الأمر نفسه، أي خلق الله تعالى كل شيء في ستة أيام ثم توجه إلى مقامه الذي هو وراء الوراء الشورى: ١٢ الأعراف: ٥٥ ۲ حاشية: لقد كتبنا مرارا أن معنى هذه الآية هو أن الله جلَّى صفاته التشبيهية ثم توجه إلى مقام كونه عديم المثال ،والنظير، ويسمى "العرش" في مصطلح الشريعة، وهو مقام أعلى من
٢٥٨ واستوى على العرش.لقد كتبت من قبل أيضا أن المراد من العرش في القرآن هو المقام الأعلى من المرتبة التشبيهية وأعلى من كل عالم والخفي تماما ومقام التقدس والتنزه، فهو ليس مقاما مصنوعا من الحجارة أو اللبن أو من شيء آخر يجلس الله عليه.فلذا يُعدّ العرش غير مخلوق.فكما يقول الله تعالى بأنه يتجلى على قلب المؤمن أحيانا، كذلك يقول بأنه يتجلى على العرش ويقول بكل جلاء بأنه يحمل كل شيء ولم يقل في أي مكان بأن شيئا ما يحمله.والعرش الذي هو مقام أعلى من كل عالم إنما هو مظهر صفات الله التنزيهية.لقد كتبت مرارا أن الله صفتين منذ الأزل والقدم، صفة تشبيهية وصفة تنزيهية.ولما كان بيان كلتا الصفتين أي التشبيهية والتنزيهية، في كلام الله ضروريا لذا نسب الله في القرآن الكريم إلى نفسه اليد والعين والحب والغضب وغيرها من الصفات لبيان صفاته التشبيهية.وحين نشأ احتمال التشبيه قال مرة: لَيْسَ كَمِثْلِهِ وقال في آية أخرى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش، كما وردت في سورة الرعد آية: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، أي أن ربكم الله هو الذي رفع السماوات بغير أعمدة كما ترون ثم استقر على العرش.هناك إشكال في المعنى الظاهري لهذه الآية وهو : ألم يكن الله تعالى مستقرًا على عرش من قبل؟ وجوابه أن العرش ليس شيئًا ماديًا، بل هو حالة كونه تعالى وراء الوراء، وهي صفته الله إذا، لقد خلق الله تعالى الأرض والسماء وخلق كل شيء، وأودع الشمس والقمر والنجوم نورا من نوره، وخلق الإنسان على صورته على سبيل جميع العالمين ويفوق التصور والخيال العرش ليس شيئا مخلوقا بل هو اسم مقام وراء الوراء، ولا يشاركه فيه مخلوق قط.منه.
٢٥٩ الاستعارة ونفخ فيه من أخلاقه الكريمة الله، وهكذا فكأنه تعالى قد جعل أشباها له، ولكن ما دام الله منزّها عن كل تشابه وتماثل، لذا ذكر الله مع أنه تنزهه بذكر استوائه على العرش.باختصار، إنه ليس عين المخلوق خلق كل شيء، بل هو منفصل عن الجميع في مقام هو وراء الوراء.ووردت في سورة طه آية الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى والمراد من الاستواء أو الاستقرار هو مع أنه خلق الإنسان ووهبه قربه إلى حد كبير ولكن كل هذه التجليات خاصة بالزمان، بمعنى أن كافة تجلياته التشبيهية تتجلى في وقت معين و لم تتجلّ من قبل.ولكن مقام استواء الله الأزلي هو العرش الذي هو مقام التنزيه لأن مقام التشبيه الذي يتولد نتيجة الصلة مع الأشياء الفانية لا يمكن أن يُدعى مقرّ الله تعالى، والسبب في ذلك أنه في طور الزوال ويحيط به الزوال في كل حين و آن.بل إن مقر الله منزّه عن الفناء والزوال، وذلك المقام هو العرش.في هذا المقام يطرح المعارضون اعتراضا آخر وهو أنه يتبين من بعض آيات القرآن أن ثمانية ملائكة سيحملون عرش الله يوم القيامة، ويبدو منه كإشارة النص أن أربعة ملائكة يحملونه في الدنيا.والاعتراض في هذا المقام هو أن الله تعالى منزّه وأسمى من أن يحمل عرشه أحدٌ.فقد سمعتم جوابه قبل قليل بأن العرش ليس شيئا ماديا حتى يُحمل أو يكون قابلا للحمل، بل العرش مقام التنزه والتقدس لذا يُعَدُّ غير مخلوق.وإلا كيف يمكن أن يبقى شيء متجسد خارج نطاق خالقية الله؟ وكل ما قيل عن العرش مبني على الاستعارات.فمن هنا يستطيع كل عاقل أن يفهم أن هذا الاعتراض ليس إلا حمق بحت.والآن أبين للمستمعين الكرام حقيقة حمل الملائكة العرش، وهي أن الله تعالى في تنزّهه- أي المقام الذي تغطي فيه صفة تنزهه صفاته الأخرى كلها
٢٦٠ وتجعله ل وراء الوراء وخافيا كليا أعني في المقام الذي يسمى العرش في مصطلح القرآن الكريم- يصبح أسمى من عقول الناس، فلا يسع العقل أن يُدركه.عندها سميت بالملائكة صفاته الأربع التي تجلت في الدنيا وتظهر وجوده عمل الخفي وهي: (۱) الربوبية التي بواسطتها يُكمل الله الإنسان روحانيا وجسديا.فقد ظهرت الروح والجسد للعيان بمقتضى الربوبية.كذلك إن نزول وآياته الخارقة أيضا نتاج مقتضى الربوبية.(٢) إن رحمانية الله التي کلام الله ظهرت للعيان، أي ما هيأ الله تعالى للإنسان من النعم التي لا تعد ولا تحصى دون جزاء الأعمال، فهذه الصفة أيضا تُظهر وجوده الخفي.(۳) الصفة الثالثة هي رحيمية الله، ومعناها أنه يعطي الذين يكسبون الحسنات قدرة على كسبها بمقتضى صفته الرحمانية أولا، ثم يوفقهم لكسب الأعمال الصالحة بمقتضى صفة الرحيمية وبذلك يحميهم من الآفات هذه الصفة أيضا تكشف عن وجوده الخفي.(٤) الصفة الرابعة هي: "مالك يوم الدين".هذه الصفة أيضا تُظهر وجوده الخفي أي يعطي الصالحين أجرا حسنا ويعاقب الطالحين.هذه هي الصفات الأربع التي تحمل عرشه، أي بواسطتها يُعلم وجوده الخفي في هذه الدنيا.وإن هذه المعرفة ستتضاعف في عالم الآخرة فكأنه سيكون الملائكة ثمانية بدلا من أربعة.حاشية: لقد خلق الله تعالى الأجرام السماوية والأرضية كلها ثم أخفى وجوده في مقام وراء الوراء الذي اسمه العرش، وهو مقام خفيّ إلى درجة لو لم تظهر عندها صفات الله الأربع المذكورة في الآيات الأولى من سورة الفاتحة لما عرف وجوده.وتلك الصفات هي: الربوبية والرحمانية والرحيمية ومالكية يوم الجزاء.فهذه الصفات الأربع سميت على سبيل الاستعارة في كلام الله بأربعة ملائكة يحملون عرشه، أي أنهم يُظهرون الله من المقام الذي فيه الله وهو وراء الوراء، وإلا لم تكن هناك وسيلة لمعرفة الله.من منه.
٢٦١ ثم اعترض المحاضر أن أسلوب خلق العالم مذكور في القرآن بصورة خاطئة.فأقول: إذا كان المعترض يقصد من هذا الاعتراض أنه قد ورد في القرآن الكريم أن كل شيء خُلق بأمر الله، ولكن ربط وجود شيء ما بأمر الله يخالف قوانين علم الطبيعة، فإن هذا الاعتراض سخيف ولغو لأن الذي يؤمن بالله تعالى ويعتقد أن كل شيء جاء إلى حيّز الوجود بمشيئته يعلم أنه لا بد له من الاعتقاد أيضا أنه لا يمكن أن يأتي أي شيء إلى حيز الوجود دون أمر الله تعالى.وإذا كان لا يؤمن بالله تعالى لأقامت عليه الحجة أدلة قوية وبديهية.وإن قلتم بأن الاعتراض هو أنه يثبت من القرآن الكريم أن الله تعالى خلق كل شيء في لمح البصر، فهذا كذب لأنه ثابت من القرآن الكريم أنه خلق في ستة أيام.ولكن ليس المراد من ستة أيام هى الأيام المعروفة لدى الإنسان.بل المراد من كل يوم بحسب تصريح القرآن هو آلاف السنين وإن قلتم بأنه لا يثبت من القرآن الكريم أن الله خلق الأجرام السماوية أو الأرضية من مادة كذا وكذا فهذا تدخل بلا مبرر في قدرات الله اعلموا أنه ليس بوسع الإنسان قط أن يطلع على أفعال الله الدقيقة كلها بل الحق أن أفعاله لا تفوق العقل والفهم والقياس.وعلى الإنسان ألا يعتز بعلمه المحدود بأنه قد اطلع إلى حد ما على سلسلة العلل والمعلولات، لأن علم الإنسان في هذا المجال محدود جدا، ومثله كمثل جزء واحد من عشرة ملايين من قطرة واحدة من قطرات ماء البحر.والحق أنه حاشية: إنه لمن الغباوة القصوى الظنُ أنه يجب أن تقاس إرادات الله وقدراته الخفية على ما ظهر للعيان من قانون الطبيعة فقط لأنه لا بد من وجود الحد الأدنى من المساواة من أجل القياس، ولكن ما دام علم الإنسان عن قدرات الله ليس حتى بقدر نسبة البلل على رأس الإبرة مقارنة مع ماء البحر العظيم؛ فكيف يمكن أن يكون هذا القدر القليل من علم الإنسان معيارا لتلك القدرات الخفية اللانهائية؟ إذا كانت قدرات الله تعالى تقتصر على ما أحاط به
٢٦٢ كما لا حدود لذات الله كذلك لا حدود لأعماله أيضا، والوصول إلى كنه كل عمل من أعماله يفوق قدرة البشر ، غير أننا نستطيع القول نظرا إلى صفات الله الله قدمٌ الأزلية بأنه ما دامت صفات الله تعالى لا تتعطل لذا يوجد في خلق نوعي أي أن نوعا من أنواع المخلوق ظل موجودا منذ القدم.ولكن القدم الذاتي باطل.ومع أن صفة الله الإفناء والإهلاك أيضا ظلتا تعملان عملهما منذ الأزل و لم تتعطلا قط، ومع أن الفلاسفة قليلى العلم بذلوا قصارى جهودهم ليحيطوا بخلق الأجرام والأجسام السماوية والأرضية بقوانين علومهم أي يُخضعوها للعلوم الطبيعية ويسنُّوا لكل خلق قوانين، ولكن الحق أنهم خابوا وخسروا في ذلك، وكل ما جمعوه من رصيد بحوثهم الطبيعية هو ناقص وغير مكتمل تماما.ولهذا السبب لم يثبتوا على أفكارهم قط، بل ظلت أفكارهم المخترعة تتغير.ولا ندري كم من تغيرات ستحدث في المستقبل.ولما كان مدار تلك البحوث على العقل والقياس فقط ولا يجدون دعما من الله لذا لا يستطيعون أن يخرجوا من الظلمة والحق أنه لا يستطيع أحد أن يعرف الله ما لم تبلغ معرفته مبلغا يعلم به أن ما لا يُعَدّ ولا يُحصى من أعمال الله تعالى تفوق وتسمو قدرة الإنسان وعقله وفهمه.وقبل هذه الدرجة من المعرفة يكون الإنسان ملحدا محضا لا يؤمن بوجود الله أصلا، أو إذا كان يؤمن فلا يؤمن إلا بالإله الذي هو نتاج أدلة اخترعها من عنده ولا يؤمن بالذي يكشف عن نفسه علم الإنسان وليست أكثر من ذلك ففي هذه الحالة سيعد الله تعالى محدودا ولن تكون قدراته أيضا أكثر مما يعلمه الإنسان ولكن إحاطة الإنسان بقدرات إحاطته بالله.إن الله تعني الله الذي خلق الإنسان من الأرض كالجزر والفجل، ثم نسخ قانونه هذا، ثم إذا نسخ في زمن من الأزمان قانونه السائد في العصر الراهن أيضا فهل لأحد أن يمنعه؟ وبأي دليل يمكننا القول بأنه كان قادرا على تبديل القانون من قبل ولكن لم يعد قادرا الآن؟ منه.
٢٦٣ بتجليه، والذي لا يمكن لعقل الإنسان أن يحيط بأسرار قدرته لكثرتها.فمنذ أن الله علما أن قدرات الله عجيبة وعميقة ووراء الوراء ولا تُدرك، أرى أعطاني الذين يُدعون فلاسفة كافرين أشد الكفر وأحسبهم ملحدين في الخفاء.لقد لاحظت شخصيا أنني رأيت عديدا من قدرات الله العجيبة التي لا يمكن أن نطلق عليها اسما إلا الخلق من العدم، وقد ذكرتُ بعض الأمثلة لتلك الآيات بمناسبات مختلفة.والذي لم ير هذا التجلي لقدرة الله كأنه لم ير شيئا.لا نؤمن بإله قدراته محدودة بقدر عقولنا وقياسنا ولا يوجد بعد ذلك شيء، بل نؤمن بالله الذي قدراته غير محدودة لا شاطئ لها وهي لا نهائية مثل ذاته تماما.كذلك من أسرار قدرته أنه يخلق من العدم كما توجد أمام أعيننا آلاف الأمثلة على ذلك.فهناك بعض الأشجار التي كلما نضجت ثمارها فكأنها تحولت إلى حشرات ذات أجنحة، ومنها ما يتخلّق في أوراقها كائنات طائرة كبيرة، منها نبات العشر وله (أي للخلق من (العدم آلاف النظائر لا واحد أو اثنان فقط.فماذا نستطيع القول في هذا المقام إلا أنه الخلق من العدم.وهذا سر القدرة التي لا نستطيع أن ندرك كنهها.وهل من الضروري أن يطلع الإنسان الضعيف على أسرار الله كافة ويحيط بقدراته كلها؟ بل من المفروغ منه أنه لو استطاع العلم، أي العلم الطبيعي، أن يحيط بجميع أعمال الله تعالى العميقة، فهو ليس إلها أصلا مهما اطلع الإنسان على حكمه الدقيقة لا يساوي ذلك العلم الإنساني مقدار البلل على إبرة إذا غُمست في البحر.ولا غباوة أكبر من القول بأن السبيل مفتوح أمامنا للاطلاع على قدراته الدقيقة كلها.لقد مضت على الدنيا آلاف القرون ومع ذلك لم يطلع الإنسان على حِكمه تعالى ولو بقدر بلل رأس شعرة في المطر النازل على المستوى العالمي.إذا، إن اعتزاز الإنسان بحكمته وفطنته في هذا المقام ليس إلا تباه فارغ وحمق.مع أن الإنسان يسعى منذ آلاف
٢٦٤ السنين لاكتشاف قدرات الله بكل ما في وسعه بواسطة علومه الطبيعية والرياضيات ينبغي أنه ذلك ظلت معلوماته ناقصة حتى الآن إلى درجة ومع اعتباره فاشلا وخائبا.تماما.هناك مئات الأسرار التي تنكشف على أهل الكشف والحائزين على مكالمة الله، وآلاف الصالحين يشهدون على ذلك.ولكن الفلاسفة ما زالوا ينكرونها لأنهم يعدّون الدماغ مدار إدارك المعقولات والتدبر والتفكر ولكن أهل الكشوف علموا نتيجة رؤيتهم الصحيحة وتجاربهم الروحانية أن مصدر العقل الإنساني ومعرفته هو القلب، كما ألاحظ منذ ٣٥ عاما أن كلام الله الذي هو كنز المعارف الروحانية والعلوم الغيبية ينزل على القلب.وفي بعض الأحيان يتبين أن القلب مصدر العلوم نتيجة صوت ينزل عليه بقوة وشدة كما يُدلى الدلو بقوة في بئر ممتلئ ماء.عندها يتدفق ماء القلب ويصعد إلى الأعلى بصورة نَوْر غير متفتّح ثم يتفتح كما تتفتح الزهرة عند اقترابه من الدماغ، ومنه يتولد كلام هو كلام الله.فيتبين من التجارب الصحيحة أنه لا علاقة للدماغ بالعلوم والمعارف، غير أنه لو كان الدماغ سليما و لم تصبه آفة لاستفاض من علوم القلب الكامنة.ولأن الدماغ منبت الأعصاب لذا فإنه كأداة تستطيع أن تجلب الماء من البئر.والقلب هو ذلك البئر الذي هو منبع العلوم الخفية كلها.هذا هو السر الذي علمه أهل الحق بالكشوف الصحيحة، وأنا صاحب تجربة في ذلك.كذلك هناك خطأ آخر في العلوم الجديدة أي في البحوث الطبيعية إذ يُظَنُّ على وجه القطعية أن الديدان التي تتولد في الأشياء المادية تأتي من الهواء أي أن هذه حاشية: لأن الدماغ منبت الأعصاب، لذا فإن الشعور بعلوم القلب وظيفته.ولكن لو أصابت الدماغ آفة لاحتجبت تلك العلوم، كما إذا كان الدلو أو حبله ناقصا فلن يخرج الماء من البئر.منه.
٢٦٥ ديدان الهواء تدخل تلك الأشياء، ولكن هذه القاعدة نقضت في عدة مرات.فمثلا الجرثومة التي تتولّد في الخصية من النطفة فإنها لا تتكون من الهواء بحسب اعتراف العلماء ولا دخل فيها للهواء.كذلك الكائنات الصغيرة ذات الأجنحة التي تتكون في ثمرة التين البري ولا تؤدي إلى فساد الثمرة بل تجعلها حلوة وقابلة للأكل، لا علاقة لها أيضا بالهواء.فلأن ثمرة التين البري غير الناضجة تكون كنطفة لها بقدرة الله لا تُلاحظ فيها دودة ما دامت غير ناضجة فينضجها الناس ويأكلونها.ثم كلما نضجت رويدا رويدا تكونت في الثمرة اليانعة كائنات صغيرة ذات أجنحة خضراء ولامعة إلى حد ما، ويأكل الناس تلك الثمرة مـ تلك الكائنات.مع من المعلوم أن خلق الكائنات الحية من الثمرة فقط قانون فريد سائد في الطبيعة يجب أن يُسمَّى الخلق من العدم لأن تلك الكائنات ليست كالديدان التي توجد في شيء عفن وتكون سامة.لذلك عندما تتولد الديدان من هذا النوع في الطبيخ أو الحليب أو اللحم وغيرها تصبح تلك الأشياء عفنة جدا وتفوح منها رائحة كريهة جدا ويتكوّن فيها نوع من السم وأكلُها يضر بالصحة.ولكن هذه الديدان المذكورة لا تجعل ثمرة التين البري مضرة بالصحة بل تكون تلك الثمرة صالحة للأكل بعد تكوّن الديدان فيها.كذلك نستطيع أن نقدم هنا أمثلة أخرى كثيرة تُثبت أن هناك أنواعا عديدة من الديدان التي لا علاقة لها الهواء قط يستطيع كل عاقل أن يدرك أن من الهواء الخبيث تتولّد أشياء خبيثة وليست طيبة وليست مفيدة للصحة وليست صالحة للأكل.فالاعتقاد أن كافة الديدان التي تتولد هي ديدان الهواء فقط ليس صحيحا.بل يمكن أن يُطرح هنا سؤال آخر أيضا أن الهواء خال من الجراثيم في الحقيقة والدليل على ذلك أنكم إذا تسلقتم جبلا شاهقا ذا سطح مكشوف وخال من كل عائق يكون الهواء مع
٢٦٦ هنالك نقيًّا من الجراثيم.أو قولوا إن شئتم إن الجراثيم فيه تكون قليلة جدا.لهذا السبب يفيد الهواء على مثل هذه الجبال المصابين بمرض السل إذ يكون الهواء في الطبقات العليا خاليا من الجراثيم.تماما.ولا يسع أحدا إنكار أن الهواء الأقرب إلى سطح الأرض حين لا ينال نصيبا كافيا من حر الشمس أو لا يتأثر من برد الثلوج القارس يكون مليئا بالجراثيم لأنه لا يبقى على بساطته.فتبين من ذلك أنه لا توجد جرثومة في الهواء في الحقيقة بل عندما تختلط معه النجاسة والرطوبة المؤقتة تتولّد فيه الديدان.ولأن الهواء محيط بكل الأشياء لذا فإن الهواء الفاسد عندما يؤثر في الأشياء الأخرى تتولد الديدان فيها أيضا والأغرب من ذلك أنه لو وضعت خمسون برتقالة مثلا أو فواكه أخرى في مكان واحد إلى مدة معينة لفسدت بعض الثمار دون أن يفسد بعضها الآخر إلى مدة طويلة مع مع أنها تكون تحت تأثير الهواء نفسه.وأضف إلى ذلك أنه كلما كان الهواء نظيفا قل تولّد الديدان.فتبين من ذلك أن الديدان نوعان: أولاها التي لا تتولد بتأثير الهواء الفاسد بل تتولد بمحض قدرة الله وحكمته في ورقة خضراء أو ثمرة خضراء مثل حشرة ذات أجنحة تتولد في التين البري أو حشرة في نبات العشر وهي تساوي الجرادة حجما، وكذلك الكائنات في النطفة أو الديدان التي توجد تحت طبقات الأرض العميقة.والنوع الثاني من الديدان التي تتولد بالهواء الفاسد.وهذا الهواء عندما يؤثر في غذاء يمكن أن تتولد فيه آلاف الديدان بتأثير ذلك الهواء.فمن خطأ العلماء أنهم ينسبون كل دودة تتولد إلى هواء فاسد.ومما يجدر بالنقاش أيضا أنه من أين تأتي الديدان التي تتولد في الطبيخ وأشياء أخرى من هذا القبيل؟ الحق أن الهواء الفاسد الذي نشأت فيه الديدان عندما يؤثر في طعام أو غيره تتولد فيه الديدان نتيجة تأثيره لو كان الأمر مقتصرا فقط على أن الديدان الموجودة في الهواء تدخل الطعام لما سلم طعام من الديدان قط،
٢٦٧ ولنشأت آلاف الديدان في كل طعام فورا بعد أن جهزناه ووضعناه أمامنا، لأن الديدان موجودة في الهواء سلفا والطعام أيضا مكشوف ولا يوجد سبب للتأخير.وإذا قلتم بأنها تكون دقيقة في البداية فأرونا بواسطة المنظار أين الديدان في الطعام الطازج باختصار، إنه خطأ كبير وقع فيه العلماء؛ إنهم يحاولون أن يكشفوا عقدة أسرار الله ولكنهم يفشلون وتخيب آمالهم'.لقد أثار المحاضر على القرآن اعتراضا آخر أنه ترك أمر الطلاق في يد الرجل.لعله يقصد من ذلك أنه إذا كان الرجل والمرأة متساويين عقلا فإن إعطاء الرجل أن وحده خيار الطلاق مدعاة للاعتراض دون شك.فجواب هذا الاعتراض هو الرجل والمرأة ليسا متساويين درجةً قط.لقد أثبتت التجارب القديمة في العالم أن الرجل يفوق المرأة من حيث قواه الجسدية والعلمية، والنادر في حكم المعدوم.فلما كانت درجة الرجل أعلى من المرأة من حيث قواه الظاهرية والباطنية فالأقرب إلى العدل أن يكون عنان الخيار في يد الرجل في حال حاشية: يجدر بالتذكر أن الفيدا بحسب مبدأ الآريين يعدّ كل كائن حي سواء كان دودة أو غيرها، إنسانا حيا؛ أي قد أعطى تعليما أنها روح الإنسان التي عادت بصورة ولادة أخرى بحسب مبدأ التناسخ.ولكن أسلوب عودتها الذي بينه الفيدا سخيف ويعارض العقل ويثبت منه أن مؤلفي الفيدا كانوا محرومين تماما من العلم والعقل.وكان من مسؤولية الفيدا أن يبين أسلوب عودة الروح إلى الجسم بعد خروجها منه مرة، وكيف ترتبط مع نطفة الإنسان أما الفكرة أنها تسقط على الخضروات والكلأ مثل الندى فلا فكرة أكثر منها سخفا وحمقا لأن النطفة لا تتكون بالخضروات والكلأ فقط بل هناك مئة طريقة أخرى لتكوينها كما بينتُ من قبل.انظروا مثلا إلى الطبيخ وحده وهو طعام معظم الآريين، فإنه يُطبخ ويُليَّن على النار وتملك الديدان التي فيه، ولكن إذا صار بائنا تكونت فيه آلاف الديدان فهل يمكن التصور أن تلك الديدان أيضا تدخل الطعام من الندى، وهي أناس كلها؟ منه.
٢٦٨ انفصالهما.ولكن مما يُستغرب له هو لماذا أثار هذا الاعتراض شخص من الآريين، لأن درجة الرجل بحسب مبدأ الآريين تفوق درجة المرأة حتى إن النجاة مستحيلة دون ولادة الابن وبناء على ذلك تسود امرأة من الآريين وجهها مع شخص آخر على الرغم من وجود زوجها حتى تُنجب ابنا كيفما اتفق لها.فمن الواضح أنه لو كانت درجة المرأة والرجل متساوية عندهم لما كانت حاجة لهذه الذلة والفضيحة.ولكن يعلم الجميع أنه إذا كان لدى أحد من الآريين أربعون بنتا أو مئة بنت على سبيل الافتراض مع ذلك يرغب في الحصول على الأولاد الذكور بغية نجاته، فمئة بنت لا تساوي ابنا واحدا بحسب دينه.فثبت من ذلك أن الأفضلية التي يحظى بها الابن في الديانة الآرية تظهر في أنه ليس من نصيب البنت أن تحوز على واحد بالمئة من الأهمية والتقدير مقارنة مع الأولاد الذكور وإلا كان واضحا أنه لو عدَّت البنت والابن على درجة واحدة في الدين لما أجيزت من أجل الحصول على الابن وقاحة أن يُطلب من الزوجة التي يستعد الغيورون ليقتلوا أو يُقتلوا دونها أن تضاجع رجالا آخرين؟ ولما أثير الطمع إلى هذا الحد للحصول على الابن، ولماذا أجيز أن تكره المرأة المسكينة على المضاجعة ولو برجال العالم كله حتى يُولد الابن.إضافة إلى ذلك، اقرأوا كتاب: "منو شاستر""، فقد ورد فيه بصرا.راحة تامة أنه إذا عادت المرأة زوجها أو حاولت دس السم له أو كان هناك سبب آخر فللرجل خيار الطلاق.يتبع المحترمون من الهندوس أسلوبا على صعيد الواقع أنهم إذا وجدوا زوجتهم ترتكب الفواحش وتسيء التصرف طلّقوها.ولقد فضلت فطرة الإنسان في العالم كله أن يطلق الرجالُ النساء عند الضرورة.وعلى 1 کتاب قانون الهندوس الديني، لمؤلفه: "منو" (المترجم)
٢٦٩ الرجال أداء حق إضافي للمرأة وهو أنه يتكفّل كافة أسباب الراحة في حياتها كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ.يتبين من هنا أن الرجل مسؤول عن تربية المرأة والإحسان إليها وتوفير الراحة لها.وهو بمنزلة السيد وربِّ النعمة لها.كذلك قد أُعطي الرجل قوى فطرية أعلى من المرأة بكثير.لهذا السبب ظل الرجل يحكم المرأة منذ خلق الدنيا.والإنعام الذي أكرم به الرجل من حيث كمال قواه الفطرية ما أودع الذهب قوى المرأة.وورد في القرآن الكريم أنه لو أعطى الرجل امرأته جبلا من إحسانا ولطفا فلا يأخذه عند الطلاق.فيتبين من ذلك مدى التقدير الذي تحظى به المرأة في الإسلام فقد جُعل الرجل كخادم للمرأة.وعلى أية حال، فقد أُمر الرجالُ في القرآن الكريم: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.أي يجب أن تعاملوا زوجاتكم معاملة حسنة حتى يُدرك كل عاقل أنكم تعاملونهن باللطف والإحسان.وزد إلى ذلك أن الإسلام لم يترك هذا الخيار في يد الرجل فقط بأنه إذا رأى فسادا أو عدم التوافق فليطلّق زوجته بل أعطى المرأة أيضا خيارا أن تطلب الطلاق بواسطة القاضي.وعندما تحصل المرأة على الطلاق بواسطة القاضي يسمى الخلع في مصطلح الإسلام.فإذا وجدت الزوج ظالما أو كان يضربها بغير حق أو يعاملها معاملة سيئة لا تطاق أو كان هناك عدم توافق بينهما لسبب آخر أو كان الرجل عنينا أو غير دينه أو ظهر للعيان سبب آخر لا تستسيغ المرأة البقاء في بيته بناء عليه؛ فلها أو يمكن لأحد أولياء أمرها أن يشكوه عند القاضي.وسيكون من واجب القاضي أن يأمر بالفصل بينهما ويفسخ النكاح البقرة: ٢٣٤ النساء: ٢٠
۲۷۰ إذا وجد شكوى المرأة في محلها.ولكن في هذه الحال لا بد من استدعاء الرجل أيضا إلى المحكمة ليبين لماذا لا تُفصل عنه زوجته؟ انظروا الآن، كم هو مبني على العدل هذا الأمر إنه كما لم يحب الإسلام أن تنكح المرأة بغير إذن وليها أي بغير إذن أبيها أو أخيها أو أحد من أقاربها كذلك لم يحب أن تنفصل عن زوجها من تلقاء نفسها مثل الرجل، بل قد أخذ الحيطة والحذر بعين الاعتبار عند الانفصال أكثر من النكاح إذ فرض الرجوع إلى القاضي كيلا تضر المرأة نفسها نتيجة نقصان عقلها.ولكن أين هذا العدل في الفيدا؟ إنني أستغرب لحالة هذا المعترض وأتساءل كم هو يعادي الحق! وهذا يحدو بي أن أميط اللثام عن حقيقة الفيدا مضطرا لو لم يعترض هذا الشخص اعتراضا سخيفا ولغوا إلى هذه الدرجة لما كانت بي حاجة إلى أن أذكر الفيدا أصلا.إن حالتهم لغريبة حقا أنهم ليسوا مطلعين على مثالب فيداتهم ثم يبصقون على القمر الأسف كل الأسف!! ثم قال المحاضر بأن القرآن الكريم يجهل ماهية الشمس والقمر.ماذا أقول في الجواب إلا أنه يجب أن يقارن بين تعليم القرآن والفيدا في هذا المجال.لقد عدَّ القرآن الكريم الشمس والقمر خلق الله ولكن الفيدا يعدهما إلهين ويأمر بعبادتهما ويقول كأنهما يعلمان الغيب مثل الله ،وقادران، وكل من يعبدهما يحققا له مراداته.ومن ارتاب في ذلك فليقرأ العبارات الواردة في "رج فيدا" بإمعان.من المؤسف حقا أن الذين يعدّ فيداهم الشمس والقمر إلهين كان عليهم أن يستحيوا من مثل هذا الكلام ويخجلوا من مهاجمة كتاب لا يعد الشمس والقمر إلهين بل يعدُّهما خلق الله.لقد وردت في القرآن الكريم قصة عجيبة تتعلق بملكة اسمها "بلقيس" كانت تعبد الشمس - لعلها كانت تتبع الفيدا- دعاها سليمان وأعد لمجيئها صرحا أرضيته من الزجاج والماء يجري تحته.عندما قصدت بلقيس
۲۷۱ الدخول على سليمان حسبت الزجاج ماء وكشفت عن ساقيها.فقال سليمان: لا تنخدعي! إنه ليس ماء بل هو زجاج والماء تحته.ففهمت تلك السيدة الفطينة أنه أظهر عليها خطأ دينها بهذا الأسلوب، وكشف لها أن مثل الشمس والقمر والأجرام المضيئة الأخرى بمنزلة الزجاج وهناك قوة خافية تعمل من ورائها، والله تعالى هو تلك القوة، كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم في هذا الموضوع: صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ.فقد شبّه الله تعالى الدنيا بالصرح الممرد من القوارير الأغبياء يعبدون القوارير أما العاقلون فيعبدون تلك القوة الكامنة.ولكن الفيدا لم يشر إلى ذلك الصرح الممَرَّد من القوارير أدنى إشارة بل القوارير الظاهرية إلها وجهل القوة الكامنة.ثم يقول الله تعالى في آية أخرى في القرآن الكريم: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا....أي أقسم بالقمر الذي يتبع الشمس، بمعنى أن القمر ليس شيئا دون الاتباع ونوره مستفاض من نور الشمس.وفي ذلك إشارة إلى أنه مهما كان الإنسان يملك من المواهب لن ينال نورا ما لم يطع الله طاعة كاملة.ولكن من المؤسف حقا أن الفيدا لا يعرف أن القمر يستمد الضوء من الشمس ولذلك عَدَّ الشمس والقمر إلهين على حد سواء.والأغرب من ذلك أن المعترض وصل إلى الشمس والقمر- وهما من الأجرام السماوية - نتيجة جنون العناد، ولكن الفيدا أخطأ في فهم حتى الأشياء الأرضية و لم يستطع أيضا أن يشرح بطريقة سليمة كيفية الروح التي بها تحيا الكائنات الحية والناس.ينطبق على هذا المعترض بيت فارسي معناه: "هل أنجزت كل شيء في الأرض حتى شرعت في القفز إلى السماء؟" * النمل: ٤٥ الشمس: ٢-٣
۲۷۲ هل تصح فلسفة الفيدا القائلة بأن الأرواح مع كل قواها وقدراتها أزلية وغير مخلوقة؟ وهي التي تعود إلى الدنيا مرة بعد أخرى؟ هل يصح عند العقل السليم أن الروح تصعد إلى السماء بعد وفاة الإنسان ثم تسقط على الخضروات والكلأ ليلا، ويأكلها الرجل فتدخل مع نطفته؟ لقد كتبتُ من قبل أيضا أن هذا يستلزم أن تسقط الروح متجزئة إلى جزأين فيسقط جزء منها على الخضروات والكلأ التي يأكلها الرجل ويسقط جزء آخر على الخضروات والكلاً التي تأكلها المرأة لأن الوليد لا ينال أخلاقا روحانية من الرجل فقط بل من المرأة أيضا.أضف إلى ذلك أن الخضروات لا تؤكل نيئة بل تُطبخ على النار جيدا.فمن الواضح في هذه الحالة أن ما يسقط على الخضروات والكلاً بصورة الندى يحترق بتأثير النار، وإن كانت دودة فلا بد أن تموت.وإضافة إلى ذلك هناك أمم تأكل اللحم فقط ولا تأكل إلا السمك أو لحم الماعز أو الضأن مثلا، فهل الروح التي تسقط من السماء كالندى تسقط على جلد الماعز أو الشاة؟ فإذا كانت هذه هي فلسفة الفيدا الذي يتعثر في كل خطوة كان الاعتزاز به فعلا غبيا شديد الغباء.من المؤسف حقا أن هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون أنه إذا كانت الروح تسقط على الخضروات والكلاً، ولو افترضنا جدلا أنها تنشأ فيها كمثل دودة ولكن الدودة تهلك عند الطبخ، ثم إذا أُبقي ذلك الطبيخ لبضعة أيام أنتن وتعفن وتكونت فيه الديدان؛ فمن أي ندى تأتي هذه الديدان؟ وهل بسبب أكل هذا الطبيخ الذي فيه آلاف الديدان يتولد هذا القدر من الأولاد عند أكليه؟ يا للأسف !!! إن الله تعالى يخلق في هذه الدنيا مئات الحبات من حبة واحدة ومع ذلك يقول الفيدا بأن الخلق من العدم مستحيل أيها الأغبياء، إن لم يكن هذا هو الخلق من العدم فافعلوا أنتم أيضا ذلك.
۲۷۳ ثم قال المحاضر بأنه قد ورد في القرآن الكريم أن النساء كالحرث وهي وسيلة لإشباع الغُلمة فقط.انظروا إلى أي مدى يتمادى ويتجاسر في الافتراء هذا الهندوسي خبيث الطوية، وكيف ينحت الكلمات عنده وينسبها إلى القرآن من الكريم؟ فماذا عسانا أن نقول مقابل مفتر مثله إلا : لعنة الله على الكاذبين؟ لقد جاءت في القرآن الكريم بهذا الخصوص آية واحدة وهي: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ.أي أن نساءكم كمثل حرث لكم لإنجاب الأولاد...ولكن عليكم أن تؤدوا حق الحرث، أي يجب ألا تباشروهن بصورة تمنع إنجاب الأولاد.كان بعض الناس في صدر الإسلام يعزلون عند الجماع فمنعهم الله تعالى من ذلك وسمى النساء حرثا، أي أرضا تنبت فيها الغلال بكل أنواعها.فقد بيّن في هذه الآية بأنه لما كانت المرأة في الحقيقة مثل الحرث وتنجب الأولاد كما تنبت الغلال من الحرث فلا يجوز أن يُمنع ذلك الحرث من إنجاب الأولاد أما إذا كانت المرأة مريضة وكان من المؤكد أن الحمل سيهدد حياتها، أو إذا كان هناك مانع آخر مبني على صحة النية فهذه الحالات استثنائية، وإلا فإن منع الإنجاب لا يجوز عند الشرع مطلقا.فلما سمى الله تعالى المرأة حرثا فلكل عاقل أن يفهم أنه سماها كذلك لأنه عدها سببا لإنجاب الأولاد، وجعل الأولاد أيضا بين أهداف النكاح ليولد عباد الله ليذكروه.وجعل الله تعالى الهدف الثاني من ذلك أن يجتنب الزوجان سوء النظر وسوء العمل بسبب بعضهما.وعدّ الهدف الثالث أن يتولد الأنس المتبادل بينهما ويجتنبا ألم العزلة.كل هذه الآيات موجودة في القرآن الكريم ولكن إلام نسهب في الموضوع؟ البقرة: ٢٢٤
٢٧٤ ثم قال المحاضر : لماذا خلق الله الشيطان، ولماذا لم يعاقبه؟ فجوابه أن الجميع مضطرون إلى الاعتراف بأن لكل إنسان جاذبين، الأول جاذب الخير الذي يجذب إلى الحسنة، والثاني جاذب الشر الذي يجذب إلى السيئة.ومن المشهود والمحسوس أنه كثيرا ما تتطرق إلى قلب الإنسان أفكار سيئة فيميل إليها وكأن أحدا يجذبه إليها، وتارة تتطرق إلى قلبه أفكار حسنة فيميل إلى الحسنة وكأن أحدا يجذبه إليها.وفي كثير من الأحيان يقترف الإنسان سيئة ثم يميل إلى الحسنة ويندم كثيرا على ما صدر منه من سيئة.وكذلك يحدث أحيانا أن المرء يشتم أحدا ويضربه ثم يندم ويقول في قلبه بأن فعله ذلك كان في غير محله تماما فيحسن إليه نوعا ما أو يعتذر منه.فكلتا هاتين القوتين موجودتان في الإنسان.وسمت الشريعة الإسلاميةُ قوة الحسنة "لمَّة المَلَك" وسمت قوة الشر "لِلمَّة الشيطان".الفلاسفة يعتقدون فقط بأن هاتين القوتين موجودتان في الإنسان حتما ولكن الله الذي يُظهر الأسرار الخافية ويُنبئ بالأمور العميقة والخافية قد عدّ كلتا القوتين مخلوقا.الذي يلقي الحسنة في القلب سماه ملاكا وروح القدس، والذي يلقي السيئة سماه الشيطان وإبليس.ولقد أقر العقلاء القدامى والفلاسفة أن مسألة الإلقاء ليست واهية أو لاغية.لا شك أن الإلقاء في قلب الإنسان نوعان: إلقاء السيئة وإلقاء الحسنة والمعلوم أنه لا يمكن أن القدس حاشية: هاتان القوتان موجودتان في كل إنسان سواء أسميتموهما قوتين أو روح والشيطان، ولكن لا يسعكم إنكار هاتين الحالتين على أية حال.والسبب وراء خلقهما هو ليستحق الإنسان نيل الأجر على أعماله الصالحة، ولو أنه خُلق بفطرة كان مضطرا بسببها إلى كسب الأعمال الصالحة على أية حال، وكان نافرا من اقتراف الأعمال السيئة من حيث طبيعته، لما نال ثوابا مثقال ذرة على الأعمال الصالحة لأنها كانت في هذه الحالة خاصة طبيعته.ولكن لما كانت فطرته بين الجذبين ويطيع جذب الحسنة فينال ثوابا على عمله هذا منه.
۲۷۰ يكون كلا الإلقاءين جزءا من خلق الإنسان لأنهما متعارضان ولا خيار للإنسان فيهما فثبت أن كلا هذين الإلقاءين يأتي من الخارج وعليهما يتوقف اكتمال الإنسان والغريب في الأمر أن كتب الهندوس أيضا تعترف بكلا الوجودين أي الملاك والشيطان كما يعترف بهما علماء الزرادشتية أيضا.بل كل الكتب التي جاءت في الدنيا من الله تعالى تقرّ بكلا هذين الوجودين.والاعتراض في هذه الحالة ليس إلا عنادًا محضا وجهلا وغباوة.ويكفي القول في الجواب بأن الذي لا يتورع عن السيئة والوقاحة يصبح هو نفسه شيطانا كما قال الله تعالى في أحد المواضع أن الناس أيضا يتحولون إلى شياطين.أما السؤال لماذا لا يعاقبهم الله فجوابه أن هناك يوما موعودا لمعاقبة الشياطين بحسب القرآن يجب انتظاره.وقد سبق أن عاقب الله تعالى كثيرا من الشياطين وسيعاقب كثيرين آخرين.ثم أثار المحاضر اعتراضا آخر أن حياة النبي ﷺ لم تكن طاهرة ونزيهة، و لم يكن يشعر بالعار من التحايل والمكر والخديعة وكان ميالا إلى الأطماع الحيوانية.قبل أن نرد على هذا البهتان لا أرى بدا من القول: لعنة الله على الكاذبين.يبدو أن هذا الشخص سبق قليلا ليكهرامَ أيضا في بذاءة اللسان إذ قد آذى أفرادا محترمين من جماعتنا الذين كان عددهم يقارب ٤٠٠ شخص.الحق أنها وقاحة الآريين جميعا الذين أعلنوا مكرا وخديعة أن المقالات ستكون مهذبة ثم خالفوا عهدهم وكالوا على لسان هذا الشخص لنبينا الأكرم من السباب والشتائم ما ترتعد لهوله الأوصال وتقشعر لتصوره الجلود.لقد حضر المسلمون البسطاء الجلسة منخدعين بمكر هؤلاء الآريين المنافقين وتحملوا نفقات السفر بآلاف الروبيات ودفع كل واحد منهم ربع روبية للآريين
٢٧٦ رسوم دخول إلى مقام الجلسة وعادوا بعد سماع شتائم بذيئة، ولو كان مكانهم قوم همجيون لسالت أنهار من الدماء أي مسبّة عساها تكون أقذر من أن عدوا حياة النبي غير طاهرة، وسموه مكارا خادعا وميالا إلى الشهوات النفسانية، والعياذ بالله؟! إن جواب الاعتراض المذكور آنفا هو أن الطهارة أو النجاسة أمر يتعلق بالباطن، ولا يسعنا أن نقول عن أحد إنه طاهر إلا بشهادة الله، لأنه لا يعلم أحد سوى الله ما باطن الإنسان إن علم الله تعالى وحده يميز بين الخبيث والطيب.هناك أناس كثيرون يحملون في أيديهم مسبحة طويلة ويلبسون لباس النساك من قمة الرأس إلى أخمصي القدمين ويجلسون على حافة بركة مغمضين عينيهم ولكنهم أشرار وخبثاء ووقحون إلى أقصى الدرجات أما حياة أنبياء الله فتكون متسمة بالبساطة ولا يفعلون شيئا بنيّة أن يُعدُّوا صلحاء ولا يلبسون لباسا ملوّنا بوجه خاص ولا يحملون مسبحة في اليد ولا يختارون هيئة معينة واضعين في الحسبان أن يَعُدّهم الناس أتقياء.ولا يهتمون بأن يحسبهم الناس واصلين إلى الله، بل لا يحسبون أهل الدنيا حتى كدودة ميتة أيضا.إن حب الله تعالى يستولي على قلوبهم إلى درجة لا تعير قلوبهم أي شيء أدنى اهتمام بعد قبول عظمة الله.يرحمون الجميع ولكن لا يعظمون أحدا كأنه شيء يُذكر بعد الله تعالى.ولا يريدون أن يُبرزوا أنفسهم على الناس ويُظهروا لهم طهارتهم الباطنية بل يكرهون أن يشار إليهم بالبنان.يفرون من الشهرة بمقتضى فطرتهم أيما فرار ويحبون أن يبقوا خاملي الذكر، ولكن الله الذي ينظر إلى قلوبهم يراهم أهلا ليخرجوا من زواياهم وحجراتهم ويدعوا عباد الله إلى الصراط المستقيم.فيُخرجهم من الخلوة إلى الملأ قهرا ويجعلهم خلفاءه الله في الأرض ويجذب بواسطتهم القلوب إلى الحق
۲۷۷ ويُري لتأييدهم آيات عظيمة ويُري العالم نماذج قدرته من أجلهم إظهارا لعظمتهم حتى يضطر كل عاقل للقبول في نهاية المطاف أنهم من الله تعالى.ولأنهم يكونون خلفاء الله على الأرض تظهر منهم صفات الله في كل وقت مناسب ولا يظهر منهم شيء يخالف صفاته الله صحيح تماما أن الحلم والكرم يظهر منهم أيضا كما أن الله حليم وكريم وكما هو قهار ومنتقم كذلك عندما تمتلئ الدنيا ذنبا وإنما يعاقب الله أهلها بواسطتهم أيضا.وكل لين وشدة يستخدمها الله بنفسه يستخدمها بواسطتهم أيضا لأنهم خلفاؤه في الأرض.فإذا كان الاعتراض على الله تعالى لا يصح بسبب هذه الأعمال فلا يصح الاعتراض عليهم أيضا".فخلاصة الكلام أنه لا يجوز ولا يحق لأحد أن يحكم بعقله المحدود فقط بحق أنبياء الله ورسله هل هم أطهار أو أنجاس بل الذي يدعي الأنبياء بقربه ويحسبون أنهم مرسلون من قبله هو الذي يحق له إن كانوا من عنده في الحقيقة أن يكشف على الدنيا بواسطة تأييداته الخاصة وأفضاله الخاصة ونصرته الخاصة أنهم عباده المصطفون.وعندما يتبين كونهم مصطفين من خلال نصرة الله العظيمة والآيات التي تفوق العادة فمن الخبث والإلحاد والوقاحة المتناهية الهجوم على شرفهم ومرتبتهم بالطعن السافل.فكما يضمر اللئيمُ الوقاحة في باطنه كذلك تكون اعتراضاته مبنية على الوقاحة.ولا يدري في أية حال وبسبب أية علاقات يصبح أحد مصطفى عند الله.ولا تكون في يد ذي طبع لئيم إلا بعض الاعتراضات على سبيل سوء الظن، ومنها أنه كيف حاشية: لإخفاء عباده الخواص والأحباء عن أعين الأغيار يُظهر الله تعالى بعض أحوالهم بصورة تكون مدعاة للاعتراض في أعين عنيد جاهل، وذلك ليبقى نظر الأغيار بعيدا عنهم.منه.
۲۷۸ يمكن لشخص كذا أن يكون نبي الله لأن لديه أكثر من زوجة؟ ولكن هذا الجاهل لا يدري أنه لا ضير في ذلك، بل التعدد مدعاة لكثرة الأولاد وهي بركة في حد ذاتها.إذا كان لامرأة واحدة مئة زوج فقد لا تستطيع أن تنجب مئة ابن، ولكن إذا كانت لرجل واحد مئة زوجة فلا تستبعد ولادة مئة ابن.فلماذا الاستياء من الطريق الذي يؤدي إلى كثرة نسل الإنسان وزيادة عدد عباد الله؟ إذا قلتم إن ذلك يخالف الاعتدال، فهذا القول باطل لأنه عندما خلق الله تعالى رجلا وأودع فيه قوة الإنجاب أكثر وأعطاه قوى أعظم بكثير مقارنة مع المرأة، فكأن الله في هذا الحال نقض الاعتدال بيده.والذين لم يجعلهم سواسية كيف يتساوون؟ إن عدهم متساوين غباوة صريحة.الله إضافة إلى ذلك كتبتُ من قبل أيضا أن التعدد ليس ظلما على امرأة، فمثلا إذا كانت لدى أحد زوجة ثم تزوجت منه امرأة أخرى فلماذا تتزوج أصلا من الذي لديه زوجة سلفا؟ من الواضح أنها ستتزوج حين تكون راضية بالتعدد.فإن رضي الزوجان فلا حق لأحد في الاعتراض.إذا تنازل صاحب الحق عن حقه فليس اعتراض الآخرين إلا محض سخفٍ.كذلك الزوجة الأولى تعرف جيدا أن الإسلام يسمح للرجل بالزواج الثاني، فلماذا لا تشترط عند هذه الحالة يتزوج زوجها ثانيةً.النكاح ألا يتزوج زو الأخرى أيضا تتنازل عن حقها بصمتها.ففي هي حاشية كما أورد الله تعالى في القرآن الكريم اعتراض كفار العرب: يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاق) (الفرقان (۸) كأن أكل الخبز والطعام الجيد كان ينافي النبوة كذلك كان اعتراضهم بأن النبي يجب أن يكون منزويا في زاوية لا أن يمشي عندهم.في الأسواق، منه.
۲۷۹ وليكن معلوما أيضا أن التعدد لا يحول دون العلاقة بالله قط.فإذا كان لدى أحد عشرة آلاف زوجة وكانت علاقته بالله تعالى طيبة ومتينة فإن وجود عشرة آلاف زوجة لا يضره شيئا، بل يثبت كماله على أنه يتعامل مع كل تلك العلاقات وكأنه لا علاقة له بأحد فمثلا إذا كان الفرس لا يقدر على المشي حين يُحمل عليه ولكنه يمشي مشية جميلة حين لا يكون على ظهره حمل فما الفائدة من هذا الفرس؟ كذلك الشجعان هم أولئك الذين يبقون كذلك مع وجود العلاقات أيضا كأنه ليست لديهم أية علاقات لا يجوز قياس شهوات الأطهار على شهوات الخبثاء لأن الخبثاء يكونون أسرى شهواتهم، أما الأطهار فيخلق الله تعالى فيهم الشهوة بنفسه حكمةً منه وليس بينهم إلا الاشتراك في الظاهر فقط.فمثلا يسكن الأسرى في السجن والمشرف على السجن أيضا يمكث في المكان نفسه، ولكن هناك بعد شاسع بين وضع الاثنين.والحق أنه لا يثبت كمال علاقة الإنسان مع الله تعالى إلا إذا كان الإنسان مرتبطا في الظاهر بعلاقات كثيرة، إذ تكون عنده زوجات وأولاد وتجارة وزراعة ويكون مُثقَلا بعدة أثقال ذلك تكون تصرفاته وكأنه ليست له علاقة أحد تعالى.هذه هي علامات الكمّل.فإذا كان أحد جالسا في فلاة، ليست لديه زوجة ولا أولاد ولا أصدقاء وليس عليه عبء أية علاقة فأنى لنا أن نقول بأنه آثر الله تعالى على الأهل والأولاد والأملاك والأموال كلها؟ وأنى لنا أن نعتقد به دون الاختبار؟ ومع مع سوی الله لو لم تكن عند سيدنا ومولانا النبي الزوجات، فكيف كان بإمكاننا أن نفهم أنه تصرف عند تقديم التضحية بنفسه في سبيل الله وكأنه ليست لديه ولا زوجة واحدة؟ ولكنه أثبت - مع زواجه من أكثر من سيدة- وبمناسبة مئات الاختبارات أنه لا علاقة له مع الملذات الجسدية بل يعيش عيش العزلة ولا يمكن
۲۸۰ لشيء أن يحول بينه وبين الله يعلم المؤرخون جيدا أنه رزق أحد عشر ابنا وماتوا جميعا فكان النبي الله يقول كل مرة عند وفاة أحد أبنائه ما مفاده: لا علاقة لي به بل أنا الله وسأرجع إليه الله من المعلوم أن الأولاد فلذة كبد وتعالى.الإنسان ولكن النبي لا يقول عند وفاة أي من أولاده كل مرة: اللهم إني أو ثرك على كل شيء، فلا علاقة لي بالأولاد أفلا يثبت من ذلك أنه كان بعيدا كل البعد عن رغبات الدنيا وشهواتها وكان جاهزا لتقديم التضحية بنفسه في كل حين وآن ذات مرة أصاب السيف إصبعه في الحرب فدميت.فقال مخاطبا الإصبع : هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ في سبيل الله.ذات مرة دخل عمر له على النبي ورأى أنه لا يوجد في بيته شيء وهو ﷺ مستلق على حصير وقد أثر الحصير في ظهره فبكى عمره لذلك.فقال : ما يُبكيك يا عمر ؟ قال : لقد أبكاني معاناتك.إن قيصر وكسرى، وهم كفار يعيشون عيش الراحة والرفاهية وأنت في هذه المصاعب؟ فَقَالَ: مَا لِي وَلِلدُّنْيَا..مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ° / سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا.والمعلوم أن جميع زوجاته إلا عائشة رضي الله العمر.عنها كن متقدمات في السن، وبعضهن كن قد بلغن ستين عاما من فيتبين من ذلك أن هدفه الأهم والأسمى من التعدد كان نشر مقاصد الدين بين النساء وتعليمهن الدين بإبقائهن في صحبته ليهدين سيدات أخريات بأسوتهن وبما تعلّمن.وإنها لسنته الجارية في المسلمين إلى يومنا هذا إذ يقولون عند وفاة قريب لهم وعزيز عليهم: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.لقد تفوّه النبي بكلمات الصدق والوفاء هذه قبل غيره ثم أُمر الآخرون بالتأسي بهذه الأسوة.البقرة: ١٥٧
۲۸۱ مع نعلم أنه لو لم يتزوج النبي له من أكثر من زوجة و لم يولد له أولاد فأنى لنا أن فداء في سبيل الله تعالى إلى درجة لا يعد الأولاد شيئا مقابل الله؟ قارنوا الآن، ففي ناحية هناك آريون يجعلون زوجاتهم يضاجعن الآخرين- وهذا إكراههن على البغاء تماما - بغية الحصول على الأولاد، وفي ناحية أخرى ترى النبي ﷺ الذي يقول عند وفاة كل ابن عزيز عليه: ليس لي علاقة أحد، إنما علاقتي هي مع الله وحده.فأنّى لهذه العلاقة الباطنية أن تثبت دون هذه الاختبارات؟ لذلك يقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي الله رَبِّ الْعَالَمِينَ.أي أيها النبي أعلن للناس بأني أعبد وحده، ولا علاقة لي بشيء آخر قط، بل إن حياتي ومماتي العالمين.انظروا كيف أظهر في هذه الآيات عدم العلاقة بغير الله.يقول شاعر فارسي ما معناه: عش مع كثرة الأهل والأولاد ولكن لا تعلّق القلب إلا مع الله ذي الجلال.الله الله رب من المؤسف حقا أن هذه الأمور قد أهلكت معارضينا فإنهم لا ينظرون إلى المحاسن، وكل ما لا يفهمونه بسبب جهلهم يقدمونه اعتراضا، ولا يتدبرون في ماهية الأعمال التي بها يصبح الإنسان حبيب الله.هل السبيل الوحيد للوصول الإنسان قط ؟ إذا كان الأمر كذلك فهذا حلّ سهل هو ألا يتزوج إلى الله جدا، ويستلزم أن الذين لا تتيسر لهم الزوجات أو ليسوا قادرين على هذه الأمور يجب أن يُعدّوا أولياء الله وأحباءه كلا، بل هذا سبيل بعيد المنال جدا ولا يتسنى ذلك المقام إلا للذين يفنون في سبيل الله ويتجاوزون مراحل الصدق والوفاء حتى يفنون في سبيل الله في الحقيقة، ولا يمنعهم من الله شيء، لا الأنعام:١٦٣
۲۸۲ الزوجات اللواتي يحبونهن ولا الأولاد الذين هم أفلاذ أكبادهم.إنهم أناس أطهار القلوب من نوع غريب إذ لا علاقة لهم بأحد مع وجود آلاف العلاقات لا تكون لهم علاقة مع غير الله إلى درجة لو كانت عندهم آلاف الزوجات وألف ابن مع ذلك يمكننا أن نقول حالفين بالله وكأنه ليست لديهم زوجة واحدة ولا ابن واحد.الدنيا العمياء لا تُدرك مقاما يحتلونه.لا يعرفهم أحد إلا الذي وهبهم هذه الفطرة الطاهرة أو الذي أُعطي عينين.لقد مضى الله الذي في العالم عشرات الملايين من ذوي الفطرة الطاهرة هؤلاء وسيكونون في المستقبل أيضا ولكننا وجدنا أفضل وأعلى وأسمى منهم جميعا؛ بطل اسمه محمد صلى الله عليه وآله وسلم إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيمًا ).دعوا جانبا ذكر صلحاء أقوام لم يُذكروا في القرآن الكريم بالتفصيل، بل نبوح هنا برأينا في هؤلاء الأنبياء فقط الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم مثل موسى وداود وعيسى عليهم السلام وغيرهم من الأنبياء.فنستطيع أن نقول حلفا بالله بأنه لو لم يأت نبينا الأكرم الله إلى الدنيا ولو لم ينزل القرآن الكريم، ولم نشاهد بأم أعيننا البركات التي رأيناها لاشتبه علينا صدق الأنبياء السابقين جميعا لأن الحقيقة لا تتسنى من القصص فقط، إذ من الممكن ألا تكون تلك القصص صحيحة.و ممكن أيضا أن تكون جميع المعجزات المنسوبة إليهم مبالغات لأنه لا يوجد لها أدنى أثر الآن.بل الحق أنه لا يمكن العثور حتى على الله بواسطة الكتب السابقة، ولا يمكن أن نعرف على وجه اليقين أن الله تعالى يكلّم الإنسان.ولكن ببعثة النبي ﷺ اتخذت كل هذه القصص صبغة الحقيقة.والآن ندرك الأحزاب: ٥٧
۲۸۳ جيدا ليس على سبيل القال بل على سبيل الحال - ماهية المكالمة الإلهية وكيف تظهر آيات الله وكيف تُجاب الأدعية.وقد وجدنا كل ذلك نتيجة النبي.وكل ما تسرده الأمم الأخرى كقصص وجدناه بالتمام والكمال.فقد تمسكنا بأهداب نبي يُري وجه الله عيانا.فنعم ما قال الشاعر اتباع ما تعريبه: "إن محمدا العربي هو مَلِك العالمين، الذي يخدمه روح القدس كحاجب لا أستطيع أن أسميه الله إلها ، ولكن أستطيع القول أن معرفة الله تتسنى صل الله بمعرفة مرتبته ".كيف نؤدي شكر الله الذي وفقنا لاتباع هذا النبي الذي هو شمس لأرواح السعداء كما أن هناك شمسا مادية للأجسام.لقد ظهر في وقت الظلام ونوّر العالم بنوره لم يتعب و لم يتهاون ما لم ينزه بلاد العرب كلها من الشرك.فهو بنفسه دليل على صدقه لأن نوره موجود في كل زمان واتباعه الصادق يطهر الإنسان كما يطهر ماء النهر النقيُّ والشفافُ ثوبا وسخا.من ذا الذي جاءنا بصدق القلب ثم لم يشاهد ذلك النور؟ ومَن طرق هذا الباب بنية صادقة و لم يُفتح له؟ ولكن الأسف كل الأسف أن معظم الناس متعودون على حب الحياة السافلة ولا يريدون أن يدخلهم نور.كذلك أهلكت هذه العادة السافلة بعض الآريين يقولون بأن النبي استخدم المكر والاحتيال في الحروب ولكنهم لا يفقهون بسبب عنادهم أنه عندما يستخدم العدو المكر والخديعة كيف يحرَّم الردُّ عليه بالمكر؟ المكر ليس سيئا بحد ذاته بل سوء استخدامه هو السيئ.ما يقوم به المرء بصحة النية من أجل نصرة الحق ومساعدة المظلومين ليس ذنبا إن الله يعاقب الشرير المكار بالمكر نفسه ويؤيد
٢٨٤ الصادق دائما ويبطش بالخبيث والشرير في نهاية المطاف.وقد ظل ينصر أنبياءه الأطهار على هذا المنوال دائما.فقد أرى الآريين أيضا نماذج نصرته وأراهم بآيات مهيبة أنه عدو من يعادي النبي ﷺ إن موت ليكهرام آية عظيمة من جملة تلك الآيات كان هذا الشخص جاهلا محضا وقد اتخذ شتم الله المقدس عادة له.لقد نصحته كثيرا ولكنه لم يرتدع وطلب مني آية.فأعطاه الله آية كنبوءة أنه سيُقتل في غضون ست سنين.ثم باهلني أيضا ودعا في كتابه "خبط أحمدية مستشيطا غضبا وقال في جانب هناك شخص يعد القرآن كلام الله وفي جانب آخر أنا الذي أعُد الفيدا صادقا وأكذب القرآن.احكم بيننا بالحق أي عاقب الكاذب على كذبه.فحكم الله العادل بقتله نبي اللهم في حياتي شر قتلة ولكن قوم الآريا لم يستفيدوا من ذلك أن هذه الآية مع وحدها كانت كافية للتمييز بين الحق والباطل.إذا كان دين الآريين صادقا فأي بلاء نزل إذ حكم الله لصالح الكاذب هذه لم تكن نبوءة فقط بل كانت مباهلة أيضا.وكان الناس يترقبونها منذ خمس سنين ليروا من يصدر القرار لصالحه ففى نهاية المطاف أصدر الله حكمه في يوم مبارك بتاريخ ١٨٩٧/٣/٦م بحدود الساعة الرابعة نهارا.فهذه شهادة الله لإظهار صدق النبي إنه لملعون ذلك القلب الذي لا يطمئن لشهادة الله أيضا.إلى هنا قد رددت على اعتراضات المحاضر كلها وأثبت أنه لا يمكن أن يَردَ أي اعتراض على النبي لوله لولا على القرآن الكريم غير أنه ترد على الفيدا اعتراضات تُثبت أن الفيدا الحالي كتاب مضلّ.والذين أعطوا الهند كتابا مثله باسم الإلهام المزعوم لا يمكن أن يكونوا من الله قط.وبعد ذلك سأحرر بعض المقاصد الأخرى ومن جملتها المقصد التالي:
٢٨٥ في بيان الغرض الحقيقي من الكتب الإلهامية وأن القرآن الكريم أكملها من الواضح الجلي أن المزية العظمى لأي شيء هي أن يفي على أحسن وجه بالغرض الذي صُنع من أجله.فمثلا إذا اشتري ثور للحراثة ستُعدُّ مزيته أن يُنجز مهمة الحراثة على أحسن ما يرام.كذلك يجب أن تكون مزية الكتاب السماوي أن يخلّص متّبعه من كل ذنب وحياة سيئة ويهبه حياة طاهرة بواسطة تعليمه وتأثيره وقدرته على الإصلاح وخاصيته الروحانية.وأن يعطيه بعد تطهيره بصيرة كاملة لمعرفة الله تعالى ويوطد علاقة الحب والعشق مع الله الذي لا مثيل له وهو منبع كل سعادة لأن هذا الحب هو أساس النجاة في الحقيقة.وهذه هي الجنة التي بدخولها تزول كل كآبة ومرارة وألم وعذاب ولا شك أن الكتاب الحي والكامل والإلهامي هو ذلك الذي يوصل الباحث عن الله إلى هذا الهدف وينجيه من الحياة السافلة ويوصله إلى الحبيب الحقيقي الذي وصاله عين النجاة، وأن يخلّصه من الشكوك والشبهات كلها ويهبه معرفة كاملة وكأنه يرى ربه.وأن يوفقه لإنشاء علاقة متينة مع الله تعالى حتى يصبح صاحبها عبدا مخلصا الله تعالى فيُكرمه الله بلطفه وإحسانه إلى درجة يميز بينه وبين غيره بأنواع نصرته وأصناف تأييداته وحمايته، ويفتح عليه أبواب معرفته.وإن لم يؤدّ كتاب واجبه هذا الذي هو واجبه الحقيقي وأراد أن يثبت ميزاته بادعاءات سخيفة أخرى فمثله كمثل الذي يدعى أنه طبيب حاذق وحين يُعرض عليه مريض ليشفيه يقول إني لا أستطيع أن أشفيه، ولكني بارع في المصارعة أو يقول إني خبير في علم الأفلاك والفلسفة من الواضح أن شخصا مثله سيعد مهرجا ويكون جديرا باللوم عند العقلاء.إن كتاب الله ورسله الذين يأتون إلى الدنيا
٢٨٦ يكون الهدف الأهم من مجيئهم أن يخلصوا الدنيا من حياة الذنوب والآثام ويقيموا علاقات طيبة الله تعالى.ولا يهدفون إلى أن يعلموا العالم علوما مع دنيوية ويُطلعوا الناس على اكتشافات دنيوية.فزبدة الكلام، لا يصعب على العاقل والعادل أن يفهم أن واجب الكتاب الإلهي هو أن يوصل الإنسان إلى الله تعالى ويبلغه إلى مرتبة اليقين عن وجود الله تعالى ويرسخ عظمته وهيبته في القلوب ويحول دون ارتكاب الذنوب.وإلا ماذا نفعل بكتاب لا يقدر على إزالة الأوساخ من القلب ولا يهب معرفة مقدسة وكاملة تنفّر من الذنب.اعلموا أن جذام الرغبة في الذنب جذام خطير جدا ولا يزول بأية طريقة ما لم تنزل تجليات معرفة الله الحية وآيات هيبته وعظمته وقدرته كالمطر الغزير، وما لم ير الإنسانُ الله تعالى قريبا مع قواه المهيبة كشاة ترى الأسد على بعد قدمين منها الإنسان بحاجة إلى أن يتخلص من جذبات الذنب المهلكة وأن تترسخ في قلبه عظمة الله حتى يبتعد عن الرغبة في الأهواء النفسانية القاهرة التي تسقط عليه كالبرق وتحرق ثروة تقواه في لمح البصر.ولكن هل يمكن أن تزول العواطف النجسة التي تصول مرة بعد أخرى مثل مرض الصرع وتقضي على الصواب والعقل الناجم عن التقوى- بتصور الإله الذي ينحته المرء بنفسه؟ أو هل يمكن كبتها بأفكار المرء الشخصية، أو هل يمكن أن تتوقف نتيجة كفارة لم يمسس المُها نفسه؟ كلا، ثم كلا هذا الأمر ليس بهين وكين بل أكثر الأشياء جدارة بالتفكير والتأمل لدى كل عاقل هي كيف يمكنه الخلاص من الدمار الذي يكاد يصيبه بسبب هذا التجاسر وعدم وجود العلاقة والذي أساسه الحقيقي هو الذنب والمعصية؟ من الواضح أنه لا يسع الإنسان أن يتخلى عن الملذات اليقينية بناء على الأفكار الظنية، غير أنه يمكن لأمر يقين أن يجعل المرء يتخلى عن أمر يقين آخر.فمثلا إذا كنا موقنين
۲۸۷ بأننا نستطيع أن نصطاد في فلاة غزلانا كثيرة بكل سهولة نستعد لذلك فورا بناء على ذلك اليقين ولكن عندما نتوصل إلى يقين آخر أن في الفلاة نفسها خمسين أسدا وآلاف الأفاعي أيضا فاغرة أفواهها لتلتهمنا فلسوف نتراجع عن إرادتنا السابقة.كذلك لا يمكن الخلاص من الذنب دون هذه الدرجة من اليقين.إن الحديد بالحديد يُفلح فلا بد من اليقين بعظمة الله وهيبته إلى درجة أن يمزّق حُجُب الغفلة ويهز الأوصال ويُري الموت قريبا ويجعل خوفا يسيطر على القلب تتمزق به لحمة القلب وسداه وأن يُجذب الإنسان إلى الله تعالى بيد غيبية ويمتلئ قلبه يقينا بأن الله تعالى موجود فعلا ولا يترك محرما خليع الرسن دون عقاب.فماذا يفعل الباحث عن الطهارة الحقيقية بكتاب لا يحقق هذه البغية؟ لذا أوضح للجميع أن الكتاب الذي يسد هذه الحاجات هو القرآن الكريم وحده، وبواسطته يتولد في الإنسان جذب إلى الله تعالى ويفتر حب الدنيا، وباتباع هذا الكتاب يُظهر الله تعالى الخفي والمستور نفسه في نهاية المطاف.والقادر الذي لا تعرف الأمم الأخرى قدراته يُريها الله بنفسه من يتبع القرآن الكريم.ويُريه عالـ م الملكوت، ويُطلعه على نفسه بصوته "أنا الموجود".ولكن هذه الميزة لا توجد في الفيدا، كلا لا توجد قط بل مثله كمثل صُرة بالية مات صاحبها ولا يُدرَى من يملكها الإله الذي يدعو إليه الفيدا لا تثبت حياته بل لا يقيم الفيدا أي دليل على أن إلهه موجود أصلا.ولقد شوّه تعليم الفيدا المضلّ الفكرة القائلة بأن الاطلاع على الخالق من خلال المخلوقات ممكن، لأن الأرواح والذرات كلها قديمة وغير مخلوقة بحسب تعليمه.فكيف يمكن العثور على الخالق بواسطة غير المخلوق؟ كذلك يوصد الفيدا باب كلام الله، وينكر آيات الله المتجددة.وبحسب الفيدا لا يقدر الإله على أن يُظهر لتأييد عباده
۲۸۸ الخواص آيةً تفوق علم عامة الناس وخبرتهم.فلو أُحسن الظن بالفيدا كثيرا لما وسعنا القول أكثر من أنه يعترف بوجود الله تعالى مثل ذوي العلم السطحي جدا ولا يقدم دليلا قطعيا ويقينيا على وجود الله تعالى.باختصار، الفيدا لا يهب معرفة متجددة تأتي من الله وتحمل الإنسان من الأرض وتوصله إلى السماء ولكن تشهد تجربتنا وتجربة الذين خلوا قبلنا بأن القرآن الكريم يجذب متبعه الصادق بواسطة خواصه الروحانية ونوره الذاتي وينور قلبه، ثم بإراءة آيات عظيمة يُحكم مع الله تعالى علاقة لا يمكن أن يقطعها سيف أيضا يريد تمزيقها إربا.هو يفتح عين القلب ويغلق عين الذنب الوسخة، ويُشرِّف بمكالمة الله ومخاطبته العذبة ويهب علوما غيبية ويُطلع على إجابة الدعاء بكلامه.وكل من يتصدى لمتبع القرآن الصادق يُظهر الله تعالى عليه بآيات مهيبة أنه مع عبده هذا الذي يتبع كلامه كما أظهر على ليكهرام، إذ أصابته المنية حين كان يعلم جيدا أن الله تعالى ختم على صدق الإسلام بموته.باختصار، هكذا يجذب الله تعالى متبع القرآن الكريم الصادق بتصرفاته الحية حتى يوصله إلى منارة القرب العليا.الذين يدعوننا إلى الفيدا مثلهم كمثل أعمى يطلب من البصير أن يتبعه كيف للإنسان الحصول على السعادة والسرور الدائم الذي يبحث عنه الإنسان بطبيعته وبدونه يبقى ساقطا في حياة جهنمية ما لم يعلم بواسطة خبرته الشخصية أن الله موجود؟ وأنى يمكن الحصول على ثمرات حلوة تسمّى المعرفة الحقيقية بواسطة كتب منصبغة بصبغة قصص بحتة؟ إنه لمما هو يقيني وقطعى أن الأمل أيضا ضروري للسعى في سبيل الله.من كان في غرفة مغلقة ويظن أن أحد أقاربه مختف فيها حتما فيناديه قائلا: يا
۲۸۹ عزيزي أنا موجود هنا فاخرج وقابلني، وحين لا يتلقى جوابا يظن أنه قد يكون نائما فيظل جالسا على الباب بالصبر والجلد حتى يمضي وقت يقدر للنوم بوجه عام، ولا تبدو في الغرفة علامات تدل على وجود كائن حي فيها، عندها يضمحل أمله رويدا رويدا، ثم عندما يمضي وقت التخمين والتقدير أيضا ينقطع الأمل نهائيا، فيرى ذلك الشخص الجلوس على الباب غير مجد.كذلك عندما يخطو الإنسان إلى الله ولا يتناهى إلى أسماعه صوت بعد مرور مدة طويلة أيضا ولا تتجلى له علامات إله حي تتمزق آماله كلها إربا فيميل إلى الانحطاط بدلا من التقدم، حتى يأتي عليه يوم ينصبغ فيه بصبغة الملحدين.يتبين من ذلك أن الكتاب المبارك هو ذلك الذي يُذكي لظى الأمل بآياته المتجددة يوما إثر يوم ويُظهر علامات لقاء الله.إن مساعي الإنسان كلها مبنية على الأمل الأرض التي لا يؤمل أن يخرج منها الماء لا يمكن أن يضيع الإنسان وقته في حفر بئر فيها.أما إذا رأى الإنسان نتيجة سعيه القليل فيمكن أن يسعى أكثر ولكن لو لم تظهر أية نتيجة ينقطع المدد الإيماني رويدا رويدا فيخلد المرء إلى الدنيا تاركا الله الله.مهما تقدم الإنسان في العلوم الدنيوية ومهما صار عالما في العلوم الطبيعية والأفلاك ومهما فاق في إكمال أسباب الدنيا واكتشافاتها لا يمكن لهذه الكمالات السفلية أن توصله إلى الله تعالى بل تقسى القلوب أكثر فأكثر وتؤدي إلى مشيخة واستكبار بغير حق.من الثابت والمتحقق بناء على تجربة الصالحين كلهم أنه لا يمكن الوصول إلى الله أبدا دون تحليه وتوجهه هو.وإذا كان هناك كتاب إلهامي لا يفتح علينا بابا بقوته الحية بل يسلمنا إلى الأفكار التي تنتاب أذهاننا فقط فما منته علينا ؟ وأية معرفة جديدة علّمناها؟ ألا نستطيع أن نتوصل
۲۹۰ إلى هذا القدر من المعرفة بأنفسنا؟ أي إله ذلك الذي هو نتيجة أفكار الآريين أنفسهم؟ لم يُظهر نفسه عليهم بل هم الذين يُظهرونه إن إلها مثله أكثر انحطاطا حتى من الفأر.الفأر يُشعر بوجوده بالتجول هنا وهناك ليلا وبتحركاته السريعة وقرضه الأشياء ولكن إله الفيدا لا يقدر على أن يُشعر بوجوده حتى إلى هذا الحد، ولا يُدرى أهو حي في هذا الزمن أم لا.إذًا، من العار الإيمان بمثل هذا الإله الذي يسبقه حتى الفأر في الإخبار عن وجوده.ولا يسع العقل السليم أن رشد إلى إله لا يستطيع أن يُظهر وجوده.
أنه مع بم يفوق الإسلام على الأديان الأخرى ۲۹۱ أن الزمن الراهن هو زمن المعارك الدينية، وكل واحد يسعى سواء بطرق مهذبة أو غير مهذبة لإثبات صدق دينه على الآخرين، ومن غرائب قدرة الله مع أن هناك آلاف الأديان منتشرة في عصرنا الراهن ولكن كل دين سوى الإسلام يريد أن يثبت وجود الله تعالى بمنطقه الفارغ فقط، دون أن يكشف الله وجهه على أتباع ذلك الدين.فكأن الأديان الأخرى تمن على آلهتها بأنها تحاول الكشف بقوتها عن وجوده المفقود ولكن لا يمكن للباحث عن الحق أن يطمئن بإله يغلبه الضعف والهوان حتى يحتاج لظهوره وبروزه كشيء لا حياة فيه إلى يد غيره.من الواضح أنه ما لم يخبر الله بوجوده بنفسه وما لم يُظهر نفسه بصوته: "أنا الموجود فكيف لفكرة الإنسان الشخصية بأن الله موجود- أن توصل قلب أحد إلى مرتبة اليقين الكامل؟ والمعلوم أن أساس الأعمال الحسنة كلها هو اليقين، ومن نبع اليقين الطاهر تنمو الأعمال الصالحة.إن وجود الله عميق ومكنون إلى درجة أنه لا يمكن أن يتجلى إلا بيده هو.ولا يمكن أن يعلّم طاعة الله الصادقة وحبه والوفاء الخالص له إلا الكتاب الذي يُظهر الله وجهه في مرآته؟ من الطبيعي جدا أنه لا يمكن للإنسان أن يؤدي مقتضيات الإخلاص كاملة في سبيل الله ولا يسعه اجتناب الذنب ما لم ينكشف عليه وجود الله وعظمته وجلاله باليقين الكامل.وبدون هذا ليس بوسع أي كفارة أن تمنع الإنسان من الذنوب إذًا، الأمر الذي يجب تحريه من أجل اجتناب الذنب والتقدم في الصدق والإخلاص والحب يوجد في الإسلام وحده دون سواه.وأقصد من ذلك الآيات المتجددة التى تظهر في الإسلام دائما وباستمرار.الحق والحق أقول: إن وجود الله الذي صار في العصر الراهن
۲۹۲ كمعضلة جديرة بالحل، وقد ألقت الأفكار الملحدة على جوهرته اللامعة من آلاف أنواع الغبار، ولا يمكن أن تكون وسيلة لنفض هذا الغبار ووسيلة لإظهار لمعان تلك الجوهرة المقدسة إلا آياته هو الله الخارقة للعادة.وإن نجاة البشر تتوقف على اللمعان نفسه وليس على مكيدة زائفة أخرى.الصليب الذي يعتمد عليه المسيحيون لا يخلّص من الذنوب بل إنه أبعد الإنسان من كسب الأعمال الصالحة في سبيل الله وجعله كسولا وأي ذنب أكبر من أن يُحَلَّ إنسان ضعيف محل الله ؟! يعملون كل شيء من أجل الدنيا ولكن فيما يتعلق بالعمل في سبيل الله فقد جلسوا عاطلين دون حراك.الكفارة شيء عندهم ولا حاجة إلى البحث عن صراط الله بعد ذلك، وقد وصلوا إلى غايتهم المتوخاة بحسب زعمهم.ولكني أقول بأنه ما من لص أو سارق يستطيع أن يضر أحدا كما أضرتهم الكفارة.إنهم يجهلون تماما القوة الكامنة التي تستطيع أن تخلق في لمح البصر ألف مسيح بن مريم بل أفضل منه.وهذا ما فعله الله بخلقه هي كل نبينا الأكرم الله له ولكن الدنيا العمياء لم تعرفه كان نورا جاء إلى الدنيا وغلب الأنوار كلها نور نوره آلاف القلوب من أسرار بركته أن النصرة الروحانية لم تنقطع عن الإسلام بل تمشي معه جنبا إلى جنب.وننال بفيضها الدائم بركات متجددة وكأن ذلك النبي موجود معنا في عصرنا هذا أيضا، وإن فيوضه تهدينا الآن أيضا كما كانت في زمن خلا.لقد وجدنا بواسطته ماء تشعر كل فطرة طاهرة بضرورته.وذلك الماء ينمّي شجرة إيماننا بسرعة هائلة.وقد تحررنا من المصائب التي يواجهها الآخرون.وإذا واجه أحد منا المشاكل في المرحلة الابتدائية...فهي ليست مما لا يمكن التغلب عليه أو التي لا تزول ولا تحول دون التقدم إلى الأمام.إن محال التقدم إلى الأمام واسع في الإسلام ولا ينتهي حال الدين مثل الآريين على أنه إذا
۲۹۳ 1 ارتكب أحد سيئة مرة أغلق عليه باب تداركها في هذه الدنيا ما لم يمر بعملية التناسخ مرات لا تعد ولا تحصى.كذلك ليس الحال كما يقول المسيحيون أن الأمر ينتهي على كفارة المسيح فقط.الأفكار الضيقة مثلها لا تستحق العزة والتقدير قط لأنها إما تعطّل القوى الإنسانية تماما أو تعلم أن تبقى معطّلة، تسفر عن نتيجة قط.ولا لقد أوردتُ في كتابي "حقيقة الوحي آيات كثيرة يثبت منها أن الإله الذي في معرفته وحبه تكمن نجاتنا لا يمكن الوصول إليه إلا بواسطة الإسلام فقط.والإسلام هو الدين الوحيد الذي يذبح شبح الإلحاد بسكين آياته الحية ويكسر هيكل الإلحاد.كنت شابا وقد شختُ الآن، وأنا شاهد منذ أوائل أيامي على أن الإله الذي كان مستورا منذ الأزل يُظهر نفسه نتيجة اتباع الإسلام.فلو أتبع أحد القرآن الكريم اتباعا صادقا وانهمك في إصلاح نفسه كما يريد كتاب الله، وجعل الله حياته كخادم الدين و لم يصبغها بصبغة الناس الماديين، ونذر نفسه في سبيل وأحب رسوله محمدا المصطفى وكان بريئا من إبراز نفسه ومن الكبر ما دامت الدنيا دار عقوبة عند الآريين وكذلك دار ثواب أي أجر على الحسنة أيضا إلى حد ما؛ فأحد الآريين الذي جعل كلبا مثلا عقوبة على ذنبه كان من المفروض أن يحول فورا إلى إنسان من الكلب في هذه الدنيا بعد قضاء مدة عقوبته ليشاهد تمثيلية الولادات المتكررة بعينيه ويجد دليلا قاطعا على التناسخ ما أسخفه من قول بأنه عوقب في هذه الدنيا، وكان يُدخل في عملية التناسخ أيضا في هذه الدنيا! ولكن أخرجت الروح بغير حق وأوصلت إلى مكان مجهول.ما فائدة هذه العملية غير المبررة، إذا اضطرت الروح إلى العودة إلى الدنيا في نهاية المطاف.الفيدا وعلمه؟ منه.هل هذه هي معرفة
٢٩٤ والعُجب وأراد إظهار جلال الله وعظمته دون إبراز نفسه، وأصبح ترابا في سبيله فستكون النتيجة النهائية أن تبدأ معه مكالمات الله بالعربية الفصيحة والبليغة.ويكون الكلام ممتعا وذا شوكة وينزل من الله ولا يكون حديث النفس الكلام المبني على حديث النفس ينزل ببطء كما يتكلم مخنث أو مريض.أما كلام الله فيكون مليئا بالشوكة ويكون في معظم الأحيان بالعربية بل أغلبه بالآيات القرآنية وما جربته هو أن القلب يشعر بضربته القوية أولا، وينشأ مع الضربة دوي ثم يتفتح كالزهرة ويخرج منه كلام طاهر ولذيذ ويكون الكلام في معظم الأحيان مشتملا على أمور غيبية ويحمل في طياته شوكة وقوة وتأثيرا ويقتحم القلب كمسمار حديدي وتفوح منه رائحة الله.وقد أردف الكلام بهذه المستلزمات كلها لأن بعض الطبائع الخبيثة تتلقى الإلهام من الشيطان أو تقع في شراك حديث النفس؛ لذلك جعل الله تعالى كلامه مصحوبا بأنوار ساطعة ليتبين الفرق بين الاثنين.ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط بل من علامات كلام الله أيضا أنه يشمل معجزات عظيمة.وتكون المعجزات مصحوبة بعلامات فارقة كيفا وكما.بمعنى إنني صاحب تجربة في هذا المجال، أي في مجال الإلهام أن نعاسا خفيفا يستولي بداية، وتارة يجري كلام الله على اللسان جزءا جزءا بدون النعاس أيضا.عندما ينتهي جزء منه تزول حالة النعاس ثم يُلهم جزءا آخر نتيجة سؤال الملهم أو من عند الله تعالى مباشرة.وذلك أيضا يجري على اللسان بعد استيلاء نعاس خفيف.وفي كثير من الأحيان تجري على اللسان في حالة النعاس جُمل فصيحة وبليغة وممتعة جدا كحبات المسبحة في آن معا، وبعد كل جملة يزول النعاس.وتكون تلك الجمل إما بعض آيات القرآن الكريم أو تشبهها، وفي غالب الأحيان تكون مشتملة على علوم غيبية وفيها شوكة تؤثر في القلب وتشعر بمتعة.عندها يكون القلب غارقا في النور وكأن الله نزل فيه.والحق أنه يجب ألا يسمى هذا إلهاما، بل هو كلام الله.منه.
أنه لا يستطيع أحد مبارزتها في كثرتها ونزاهتها.وكما لا يشارك الله أحدٌ كذلك لا يشارك كلامه أيضا كلام آخر.والذي ينزل عليه هذا الكلام يُعطى نصرة وتأييدا إلهيا خاصا ويوضع الفرق بينه وبين غيره كالفرق بين الله وغيره.صحيح أن الناس من كل فرقة يرون رؤى دون تفريق بين دين ومذهب و صالح ،وطالح، وبعضها تكون صادقة أيضا.بل تكون رؤى بعض الفاسقين والفاجرين والمشركين أيضا صادقة أحيانا ويتلقون الإلهامات أيضا ولكن ذلك لا يجعل سلسلة أنبياء الله ومرسليه مشتبها فيها، بل الحق أن رؤى عامة الناس أيضا تكون للشهادة في حق الأنبياء والرسل ليعلم العقلاء أن بذرة إلهام الله قد بذرت في كل فطرة لتشهد كل فطرة في حق أنبياء الله تعالى ولا يعدوا أسرار النبوة مستحيلة.كما هو واضح أن الذي يملك درهما لا يمكن أن يُدعى ملكا ولا يمكن أن يدعي أن ما يوجد في كنوز الملك موجود عنده أيضا، كذلك لا مع المكالمة حاشية الذي ينزل عليه كلام الله ويحظى بمكالمة الله حقيقةً يُعطى مستلزمات النصرة والتأييد الأخرى أيضا.ومن جملتها أنه لا يغلبه أحدٌ وهو يغلب الجميع.ومهما تأخر ذلك فالفتح والانتصار يكون حليفه في نهاية المطاف.ويفشل أعداؤه وتخيب آمالهم مع أنه يكون له آلاف الأعداء ولكنه يغلبهم جميعا.وتفشل جميع مكايد الأعداء مقابله وتعود أدعيتهم عليهم.ومن جملة تلك المستلزمات الخاصة أنه يظهر في زمنه قبل المدعين الآخرين جميعا كما عندما بعث نبينا لم يكن للمتنبئين الكاذبين أدنى أثر، وحين عم نوره الله في الأرض جيدا ظهر مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وابن صياد وغيرهم من المتنبئين ليُري الله كيف يؤيد الصادق.الحق أنه في وقت ظهور النبي الصادق يكون انتشار الروحانية في السماء كموسم الأمطار ويرى كثير من الناس رؤى صادقة، ويتلقون الإلهامات أيضا، فينخدع بها بعض المتنبئين ويدعون النبوة متجاوزين حدودهم.منه.
٢٩٦ يسع من ثبت صدق رؤيا أو إلهام واحد له أن يقول بأنه يساوي الملوك الروحانيين الذين هم الأنبياء والرسل.وإن فعل لأهلك لأنه أساء الأدب.فمن معجزات أصفياء الله أيضا أن الذي يبارزهم مسيئا الأدب إما أن يُهلك في نهاية المطاف أو يُخزى ويهان بشدة.إن هؤلاء يكونون مقربي الملكوت السماوي ولا تتحمل غيرة الله أن يتساوى معهم أو أن يجلس على كرسيهم من ليس لذا يُظهر الله على الدنيا بمعاقبة المتجاسرين مثلهم كم يحظى أصفياؤه منهم، بالإكرام في حضرته باختصار، إنهم يكونون حجة من الله وعمل لدينه، وتظهر آيات الله بواسطتهم أو يمكن القول بكلمات أخرى بأنهم أساتذة لتعليم العلوم الروحانية المطلعون على معارف دينية من خلال مشاهداتهم وتجربتهم الذاتية.ومن الخطأ تماما القولُ: ما الحاجة إلى أي أستاذ أكثر من الفلاسفة الدنيويين؛ لأن مجال الفلاسفة الدنيويين لا يتعدى الحواس الظاهرية أو الباطنية فقط، ولكن فوق هذه الحواس هناك عالم آخر يُعرف بالحواس الروحانية التي يُعطاها أصفياء الله تعالى كاملة.وانكشاف هذا العالم مس تحيل إلا بواسطة هؤلاء الأصفياء الذين يُعطون تلك الحواس كاملة.فلما أعطى الله حواس مادية للاطلاع على الأشياء المادية وأعطى الحواس الخمس الباطنية لاكتشاف العلوم العقلية التي هي أمور باطنية ففي هذه الحالة يُفهم بكل سهولة أنه لا بد أن يكون الله قد هياً وسيلة لاكتشاف الأمور التي تفوق العقل.فتلك الوسيلة هي الوحي والكشف.وكما أنها عطية دائمة لفطرة الإنسان أن جميع الناس إلا الصم والعميان والمجانين يُعطون الآن أيضا الحواس الخمس الظاهرية والباطنية بحسب التفاوت في مراتبهم وليس أنهم كانوا يُعطون في السابق ولا يُعطون الآن..كذلك إن قانون الله السائد في الطبيعة الحواس الروحانية أيضا يوافق ذلك؛ بمعنى أن حواس الوحي والكشف تُعطى الآن
۲۹۷ أيضا بحسب المراتب.والذين يملكون مواهب أعلى يسبقون الجميع في هذه الحواس الروحانية.والكتاب الذي يعلّم الناس أن هذه الحواس الروحانية لا تُعطى الآن بل أعطيت في الزمن السابق فقط لا يمكن أن يكون من الله لأنه لا يخالف قانون الطبيعة فحسب بل يعارض المشاهدة والتجربة أيضا.إن علامة المعلمين الروحانيين هي أنهم لا يُخبرون فقط بالأنباء الغيبية التي ظهرت في بداية الخليقة فحسب ولا يخبرون بالأنباء الغيبية التي ستظهر بعد انقطاع هذا العالم فقط بل يُخبرون أيضا بالأخبار الغيبية التي تظهر في هذا العالم بين فينة وفينة، لأن الأمور الغيبية التي ليست أمام أعيننا ولا نستطيع أن نطلع على صدقها أو كذبها بعد اختبارها لا يمكن أن تكون علامة نبي أو رسول صادق لأن الإخبار بما كان قبل الدنيا وما بعدها أمر سهل يمكن أن يبينه كل كاذب ومفتر أيضا لأن هذه الأخبار تخرج عن نطاق الفحص والتجربة فمثلا الإدلاء بخبر غيبي بأن أناسا كثيرين قد خُلقوا من الأرض في البداية مثل الجزر والفجل فقط، والإخبار بأن الإله ظل ينزل كتبه في الهند فقط، وأن سنسكريتية الفيدا هي کلام الوحيد، وأن النجاة بعد الموت ستنال مؤقتا فقط وسينالها الذين يعملون بحسب الفيدا فقط، فهذه الأخبار لا يمكن اعتبارها أخبارا غيبية بل يمكن لكل مفتر أن يقول كلاما مثلها.لذا إن رسل الله الصادقين ينبئون بأنباء غيبية كثيرة عن الدنيا أيضا إضافة إلى الأنباء عن المبدأ والمعاد لتثبت الأنباء عن المبدأ والمعاد أيضا بواسطة نبوءاتهم.أي مكر وخديعة أكبر من أن ينبئوا عن المبدأ والمعاد فقط ولا ينبئوا شيئا من الأنباء الغيبية عن الدنيا.لذلك يقع الاعتراض على الفيدا بأنه إذا كان قادرا على بيان الأخبار الغيبية فلماذا لم يُظهر نموذج قدرته في الإنباء عن الدنيا.إذا كان الفيدا كلام أن الله كان من واجبه ينبئ بأنباء الغيب عن الدنيا أيضا ليُمَحِّص صدقه.إن مثل الإنباء عن المبدأ والمعاد فقط كمثل شخص يشير الله
۲۹۸ إلى زوبعة وموضع عميق في البحر ويقول: أنبئ بأن تحته كنز فأخرجوه بسعيكم.فإن نبوءته هذه ليست إلا سخرية وليست فيها مسحة من الصدق.القرآن الكريم لا يكتفي بالإنباء عن المبدأ والمعاد فقط بل يتضمن أنباء الغيب أيضا التي يشهد بصدقها الناس من كل زمان.كل واحد يستطيع أن يفهم أن الإنباء عن المبدأ والمعاد ضروري لكتاب الله ليعلم الإنسان كيف خلع عليه فضل الله خلعة الوجود أولا وكم من أفضال ستتزل عليه بعد إكمال نفسه والاطلاع على أمور غيبية عن الدنيا ضروري لكتاب الله ليستيقن المرء بما أنبئ به عن المبدأ والمعاد.لذا ظل كل رسول صادق ينبئ بالأمور الغيبية المتعلقة بالدنيا أيضا ولكن نبينا الأكرم سبق الجميع في هذا المجال لأن أنباءه الغيبية لم تنته على ذلك الزمن فقط بل سلسلتها جارية في زمننا هذا أيضا من طبيعة الإنسان أنه لا يرضى بشيء دون التجربة، بل يجب ألا يرضى كيلا يهلك نتيجة اتباع كاذب.لذا فقد جرت سنة الله منذ القدم أن يطلع الرسل الذين يأتون منه على الأمور الغيبية التي علمها يفوق قدرات البشر.فعندما تتحقق نبوءاتهم المتعلقة بأمور الدنيا بكثرة تصبح النبوءات نفسها معيارا للأخبار التي يدلي بها هؤلاء الأصفياء عن المبدأ والمعاد وعن رسالتهم.ولكن من المؤسف حقا أن الفيدا الحالي صفر اليدين ومحروم من ذلك تماما ولا رافقه تأييد الله أو نصرته وإن أدلى ببعض الأنباء عن المبدأ والمعاد فكيف يمكن التصور أنها صادقة، فالعقل لا يستطيع أن يحكم حكما قاطعا عن المبدأ والمعاد، بل هو محتار وفاقد الصواب في هذا المجال إلى درجة لم تتسنّ معرفة الله أيضا بواسطة العقل المحض إلى يومنا هذا، فمات كثير من الناس الذين كانوا يسمون عقلاء كبارا وأوجدوا علوما عقلية كبيرة ملحدين في نهاية المطاف ولم يعرفوا أن الله موجود.فأنى للعقل والحال هذه أن يحكم حكما صحيحا وقاطعا عن الله
۲۹۹ المبدأ والمعاد؟ لا شك أن الأخبار عن المبدأ والمعاد -سواء أأدلى بها زيد أو هي نبوءات بكر - بحاجة إلى التصديق بوسيلة كاملة أخرى.وتلك الوسيلة أنبياء الله الأطهار التي تتجلى في العالم كالشمس وتُظهر صدقها، مثل إنباء النبي في زمن الخمول في مكة المعظمة بعروج الإسلام وشوكته وازدهاره حين كان يمشى في أزقة مكة المعظمة وحده ولم يكن لنجاحه وانتصاره آثار بارزة، وإنبائه بازدهاره في العالم كله في زمن كان مجرد القول بأن شخصا خاملا وعديم الحيلة مثله سيصل إلى سدة الحكم وأن حكمه السماوي سيُري في الأرض أيضا معجزة عظيمة تفوق العادة يُعدّ مدعاة للضحك.لا شك أن الأنباء من هذا القبيل تفوق قدرة البشر ولكنها تحققت بوضوح تام كطلوع النهار.فتحققها يشهد بكل جلاء أنها تمثل شهادة الله بحق صادق.كذلك نجد القرآن الكريم مليئا بأنباء كثيرة مثل نبوءة عظيمة عن سلطنة الروم والفرس.ويعود تاريخ هذا النبأ إلى زمن غلبت فيه سلطنة المجوس سلطنة الروم في حرب وسيطرت على بقعة من أرض بلادهم، فتفاءل مشركو مكة بغلبة الفُرس لصالحهم وفهموا أنه ما دامت سلطنة الفُرس تشاركنا في عبادة المخلوق سنتمكن نحن أيضا من استئصال هذا النبي الذي شريعته تشبه شريعة أهل الكتاب.فأنزل الله تعالى في القرآن الكريم نبوءة أن سلطنة الروم ستغلب في نهاية المطاف.لما كانت هذه نبوءة بغلبة الروم لذا سميت السورة "سورة الروم".ولما فهم مشركو العرب غلبة سلطنة المجوس علامة على غلبتهم فقال الله تعالى في هذه النبوءة أن اليوم الذي يغلب الروم مرة أخرى سيغلب المسلمون أيضا على المشركين في اليوم نفسه.وهذا ما حدث فعلا.فقد وردت في القرآن الكريم آية في هذا الموضوع الم* غُلِبَتِ الرُّومُ " فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ * *
الْمُؤْمِنُونَ...أنا الله أعلم ستغلب سلطنة الروم في أدنى الأرض بعد ثلاث سنين إلى تسع سنين على المجوس...فحدث تماما كما ورد في الآية وغلبت سلطنة الروم سلطنة الفرس بعد ثلاث إلى تسع سنين.وفي الوقت نفسه غلب المسلمون المشركين، فكان يوم غزوة بدر الذي انتصر فيه المسلمون.إضافة إلى ذلك فقد جاءت في القرآن الكريم نبوءات عن الظروف المتجددة في الزمن الأخير وتحققت بكل جلاء في زمننا هذا، منها نبأ تعطيل الإبل في الزمن الأخير، وهذه إشارة إلى اختراع مطية جديدة في تلك الايام.ونص النبوءة القرآنية هو: ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ۲ أي تتعطل العشار في الزمن الأخير.والمعلوم أن المراد من تعطيلها أنه لن تكون هناك حاجة إلى ركوبها.ومن هنا يتبين بصراحة تامة أن مطية أخرى ستحل محل العشار.وفي شرح هذه الآية جاء في صحيح مسلم حديث النبي : " ولتتركن القلاص فلا يُسعى عليها".أي ستترك القلاص في زمن المسيح الموعود ولن تستخدم للوصول الروم: ٣-٥ التكوير ٥ حاشية: هناك نبوءة أخرى أيضا في القرآن الكريم عن الزمن الأخير وهي أنه حين تظهر علامات أخرى للقيامة في الزمن الأخير سيحدث كسوف وخسوف أيضا من نوع خاص كما أشير إليه أيضا في الآية: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.هذه الآية وردت في أوائل آيات سورة القيامة، وبسببها سميت بهذا الاسم.وقد جعل هذا الكسوف والخسوف من علامات القيامة.كما جعل المسيح، خاتم الخلفاء، أيضا من علاماتها.وقد سبقت الآية المذكورة آية أخرى وهي: فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ.أي ستحل في تلك الأيام عذابات مهولة على الدنيا بحيث لا يكاد ينتهي عذاب إلا ويحل عذاب آخر.ثم قال تعالى في آية بعدها: ﴿يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ " كَلَّا لَا وَزَرَ أَي أين نفر من العذابات المتواصلة، وسيكون الفرار مستحيلا أصلا، أي أن تلك الأيام ستكون أيام مصيبة عظيمة على الإنسان، وإن مشهدها المهول سيؤدي إلى فقدان الإنسان صوابه منه.
بسرعة إلى مكان أو السعي إليه أي ستخترع مطية توصل إلى الغاية بسرعة هائلة مقارنة بالعشار.فإن كلمة "يُسعى" الواردة في الحديث تدل على أن مطية أفضل من القلاص ستخترع للسعي.اللافت في الموضوع أنه حيث ورد في صحيح مسلم ذكر زمن المسيح الموعود، ورد هذا الحديث عن ترك القلاص في المقام نفسه.وقد تحققت هذه النبوءة بعد زمن النبي له بثلاثة عشر قرنا.فهناك محاولات جارية في هذه الأيام أن يسير قطار بين مكة والمدينة في غضون عام واحد.فعندما يتحرك القطار يزيد مشهده كل مؤمن إيمانا وعندما تتعطل آلاف الجمال وتجري بدلا منها القطارات بين مكة والمدينة، ويصل الحجاج إلى مكة المعظمة للحج بمئات الآلاف من دمشق ومن بلاد أخرى مثل الشام وغيرها راكبين القطار؛ فسيكون ملعونا من لا يصدق بصدق القلب بعد مشاهدة هذا المشهد أن النبوءة التي وردت في القرآن الكريم وحديث صحيح مسلم قد تحققت اليوم.ليكن معلوما أنها آية عظيمة على صدق النبي أنه أنبأ قبل ١٣٠٠ عام باختراع مطية جديدة والقرآن الكريم والحديث الشريف يذكران هذا الخبر معا.لو لم يكن القرآن الكريم كلام الله لما كان في قدرة الإنسان أن ينبئ بما لم يكن له حينها أدنى أثر في العالم ويخبر بتحققه أيضا لما كان مقدّرا عند الله أن يحقق هذه النبوءة فقد ألقى في قلب الإنسان فكرة اختراع مطية توصل إلى آلاف الفراسخ بقوة النار.كذلك هناك نبوءات أخرى أيضا عن الزمن الأخير منها: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ، أي ستنشر الكتب والجرائد في الزمن الأخير بكثرة هائلة لم تنشر بها التكوير: ١١
من قبل.هذه إشارة إلى أدوات تنشر بها الكتب في هذه الأيام، ثم توصل إلى آلاف الفراسخ بالقطار.كذلك في القرآن الكريم نبوءة عن الزمن الأخير وهي: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ).أي ستكون اللقاءات بين الناس في الزمن الأخير سهلة جدا وسيأتي الناس من آلاف الفراسخ ويلتقي بعضهم ببعض.فقد تحققت هذه النبوءة أيضا في زمننا.وهناك نبوءة أخرى في القرآن الكريم عن الزمن الأخيرة وهي: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَت ".أي ستُفجَّر قنوات كثيرة من البحار في الزمن الأخير، فقد تحققت هذه النبوءة أيضا في زمننا.وقد وردت في القرآن الكريم نبوءة أخرى: وَإذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ هذه إشارة إلى نسف الجبال كما نُسفت في هذه الأيام بالمدافع وشقت فيها الطرق.فكل هذه النبوءات مذكورة في القرآن الكريم.ولكن لا بد من الانتباه هنا إلى نقطة أن معنى "العشار": النوق الحوامل.ومع الكلمة الواردة في الحديث هي "قلاص"، ولكن استخدمت كلمة "العشار" في القرآن الكريم كيلا تُنسب هذه النبوءة إلى القيامة وليوضح بقرينة "العشار" أن هذا الحادث سيقع في الدنيا لأنه لا حَمْل يوم القيامة.أن لا يقتصر الأمر على ما نقلناه من معجزات النبي ﷺ من القرآن الكريم بل تثبت معجزاته بالتواتر كالمطر الغزير من الأحاديث الصحيحة والأخبار الإسلامية أيضا إلى درجة لم تُروَ معجزات أي نبي أو رسول أكثر منها.هناك بعض النبوءات التي وردت في كتب كانت قد نُشرت في العالم الإسلامي بوجه التكوير : ٨ الانفطار: ٤ التكوير: ٤
الشاهدين.عام قبل تحققها بمئات السنين.ولو كتبتُ هنا تفصيل تلك المعجزات لما وسعها حتى عشرين جزءا.والحق أنه لا حاجة إلى تفصيلها أصلا لأن تلك الكتب ليست بحوزة المسلمين فقط بل وصل بعضها لحسن الصدف إلى المسيحيين أيضا في تلك الأزمنة القديمة نفسها وهي موجودة اليوم أيضا في المكتبات القديمة في أوروبا ليكون هؤلاء القوم أيضا على تلك المعجزات من ولا يسعني أن أمتنع هنا من بيان تأثيرات النبي وبركاته التي جربتها وامتحنتها بنفسي.بل أقول بكل اعتزاز بأن الإسلام هو الدين الوحيد في العالم الذي يحظى بأفضلية ومزية من الله تعالى أنه يُري من خلال الآيات والمعجزات الله المستور الذي تجهله الأقوام الأخرى متورطة في عبادة المخلوق أو تنكر وجوده نهائيا.فلا شك أن الدين الذي يُري وجه الله غيب الغيب في المتجددة وجه هذا العصر هو الإسلام وحده دون غيره.فاعتبروا يا أولي الأبصار! ما دام هناك قانون ثابت للتربية والتنمية؛ فالحديقة التي يود صاحبها أن تبقى خضرة ونضرة لا يهمل تنشئتها المناسبة والاهتمام بها ورعايتها، بل يسقيها كلما اقتضت الحاجة، وإذا ضاعت شجرة مثمرة يزرع مكانها شجرة أخرى.والمبدأ نفسه ساري المفعول في قانون الله السائد في الطبيعة أيضا؛ إذ إن حديقة الإسلام التي يود الله إبقاءها خضرة ومثمرة دائما يجددها ويخضرها بعنايته الخاصة باستمرار.وكلما كانت بحاجة إلى الري سقاها، وعندما تفسد وتبلى الأشجار السابقة يزرع أشجارا جديدة أي يخلق قوما جديدا يعطى ثمارا.ويكلف بالري شخصا يتلقى ماء وحي الله الحى والمتجدد من مطر تجليات الله.وترون كل يوم وتشاهدون أنه لا حديقة تبقى حية دون العناية بها وسقيها.أليس صحيحا أنه عندما تيبس بعض الأشجار تُزرع مكانها أشجار جديدة؟ وعندما يموت بستاني يحل محله بستاني جديد؟ فهذا المبدأ ينطبق على حديقة الإسلام أيضا.
٣٠٤ ولأن زمننا هو الزمن الذي أصابت فيه حديقة الإسلام صدمات كثيرة، وقد حلّت به آفات من أنواع الحوادث داخليا وخارجيا على حد سواء ويبست أشجار كثيرة داخليا واستؤصلت من جذورها، بمعنى أن الذين كانوا يدعون الإسلام لم يبق الإسلام إلا على ألسنتهم فقط وتلاشت حقيقته من قلوبهم، الله و امتلأت معظم الصدور بالشكوك والشبهات بعض الناس لا يؤمنون بوجود مع أنهم يُدعون مسلمين، وقد ارتدى البعض لباس أتباع مذهب الطبيعة والفلسفة وأنكروا قدرات الله الخارقة للعادة.ويعيشون عيش التحرر وعدم الالتزام تماما، يسخرون من الصلاة والصيام والحج والزكاة ويستهزئون بالجنة والنار وينكرون الملائكة والجنّ نهائيا.وبعضهم غارقون في فكرة أن يغيروا في الإسلام شيئا كيفما أمكن لهم ويخترعوا من عند أنفسهم إسلاما جديدا يضمن لهم التحرر الكلي من التكاليف الشرعية، وليتحاشوا الوضوء والغسل أيضا، وأن يُفتى بإباحة الخمر والمحرمات الأخرى ويُلغى تقليد الحجاب من الإسلام ويفتح باب الفسق والفجور فيه رويدا رويدا، وأن تُلغى الأوامر بالصلوات والعبادة والمجاهدات في سبيل الله كلها فأظن أن هناك مئات آلاف الناس من هذا القبيل في الهند، بعضهم يتبعون سيد أحمد خان وبعضهم يسبقونه أيضا بعدة خطوات.والحق أن هؤلاء الناس قد خلعوا لباس الإسلام ويريدون أن يبتعدوا عنه رويدا رويدا.ولكن ما داموا قد ولدوا في بيوت المسلمين لذا ما زالوا يسمون مسلمين ولكنهم يعادون الإسلام بكل وضوح في كتاباتهم وخطاباتهم.وقد ظهرت للعيان فرقة أخرى يستهزئون بسنن النبي المأثورة ويسخرون منها، ويعدون الأحاديث كلها مجموعة مهملات ولا يعظمون النبي ﷺ ليحسبوه أكثر من الآخرين فهما للقرآن الكريم هذه الفرقة منتشرة في البنجاب إلى حد ما.
إضافة إلى ذلك، التقاليد السيئة المنتشرة في عامة الناس قد وصلت إلى عبادة المخلوق ولا حاجة إلى بيانها.ولقد تجاوز البعض في تبجيل مرشديهم الحدود كلها إلى درجة أن اتخذوهم آلهة.بعضهم يغالون فيما يتعلق بالقبور حتى أو شكوا أن يتخذوا القبور نفسها آلهة لهم بل شوهد العديد منهم يسجدون لها.والذين يُعَدّون مرشدين وأصحاب الزوايا معظمهم تجاوزوا الحدود في سوء الأعمال.لا يدعون إلى الله بل إلى أنفسهم يدعون كثير منهم يتحذلقون ويبيعون الدين، ويكسبون الدنيا بأنواع المكر والخديعة ويعدون خديعاتهم كرامة لهم.ويعلمون مريديهم أمورا تعارض كتاب الله والسنة النبوية أيما معارضة.معظمهم جاهلون إلى درجة أنهم لا يفهمون معاني كتاب الله أيضا.أورادهم غريبة، ولا يُعثر عليها في كتاب الله ولا في سنة رسوله ، وهم عاكفون ليل نهار على جمع الأموال وتوفير الأسباب لدنياهم.ولو كشف عليهم خطؤهم لنشأت في قلوبهم ضغينة شديدة ولو أمكنهم لما قصروا في قتل شخص يفعل ذلك بعض النساك صلحاء ورشيدون أيضا، ولكن ما أقلهم! إن أعمال معظم العلماء لا تخلو من الشوائب.يعدون أنفسهم ورثة علوم النبي الله ولكنهم يعملون على النقيض من تلك العلوم الطاهرة.لا يعلمون من الروحانية والإخلاص والصدق والوفاء شيئا.أرى معظم المشايخ وكأنهم قطاع طريق الإسلام لا يخطون على طريق الصدق والحق بأنفسهم ولا يدعون أحدا من مريديهم يسلكه إنهم أعداء الجماعة الربانية كالسباع، وبعيدون عن التقوى والطهارة بعد الليلة الليلاء عن النور.لا تسمح لهم مشيختهم وأنانيتهم أن يقبلوا الحق.بعض من أهل العلم صلحاء وذوو طبيعة رشيدة أيضا ولكنهم قليلون.
إن حالة معظم أثرياء المسلمين في العصر الراهن أسوا من غيرهم إذ يظنون كأنهم خُلقوا للأكل والشرب والفسق والفجور.يجهلون الدين كليا ومتجردون عن التقوى وقد ملئوا كبرا وغرورا.وإذا سلّم عليهم فقير قائلا: "السلام علیكم" يرون ردّ السلام عليه بالقول "وعليكم "السلام" عارا عليهم.بل يعدّون خروج هذه الكلمة من فم الفقير إساءة وتجاسرا مع أن كبار الملوك في أوائل الإسلام ما كانوا يرون أن قول: "السلام" "عليكم" يحط من شأنهم.إن هؤلاء الناس ليسوا ملوكا ومع ذلك جعل الكبر غير المبرر هذه الكلمة الجميلة، أي "السلام عليكم" وهي دعاء لسلامة المرء، حقيرة في نظرهم.فانظروا كم تغيّر الزمان، بحيث تُرى اليوم كل شعيرة من شعائر الإسلام بنظر التحقير.هذه هي الحال الداخلية لمعظم المسلمين، أما المفاسد المنتشرة خارجيا فحدث عنها ولا حرج فهي تفوق العدّ والإحصاء.كان الإسلام دينا لو ارتد عنه شخص واحد لقامت القيامة، أما الآن فعدد الذين ارتدوا منه في هذا البلد وتنصروا أو اختاروا دينا آخر يربو على مئتي ألف شخص، بل ليس هناك فئة من فئات المسلمين الدنيا والعليا لم تتنصر منهم جماعة.والذين ما كانوا يذكرون اسم سيدنا ومولانا محمد المصطفى ﷺ دون أن يصلوا ويسلموا عليه صاروا الآن يسبونه بعد ارتدادهم وينشرون مؤلفات قذرة.والكتب التي نُشرت في رد الإسلام لو جمعت في مكان واحد لكان حجمها مثل عدة جبال.أيّ مأتم أكبر من أنه لا تسر القلب حالة الإسلام الداخلية ولا نرى أعداء الإسلام من الخارج منصفين حتى يرتدعوا عن شرورهم خشيةً الله؟ الله تعالى مأمورا بإصلاح هذا الزمن الذي سبق ذكره قبل قليل، لقد بعثني وقد أظهر على يدي من الآيات ما لو اطلع عليه ذوو طبائع نزيهة من العناد وفي قلوبهم خشية الله ويستخدمون العقل السليم لعرفوا بواسطتها صدق
بعثني الإسلام جيدا.تلك الآيات ليست واحدة أو اثنتين بل بالآلاف وقد كتبت بعضها في كتابي حقيقة الوحي.وعندما انقضى القرن الثالث عشر الهجري الله تعالى مأمورا من عنده على رأس القرن الرابع عشر، وسماني بأسماء جميع الأنبياء الذين خلوا منذ آدم..وفي الأخير سماني عيسى الموعود وأحمد ومحمد المعهود.وقد خاطبني بكلا الاسمين مرارا.وقد ذكر هذان الاسمان أيضا وبكلمات أخرى: المسيح والمهدي.والمعجزات التي أعطيتُها، بعضها نبوءات تشمل أمورا غيبية ليست في قدرة أحد سوى الله تعالى أن ينبئ بها وبعضها أدعية أجيبت وأُخبرتُ بإجابتها، وبعضها أدعية على الأعداء الأشرار الذين أُهلكوا بسببها.وبعض الأدعية عني هي من قبيل الشفاعة وتفوق الدعاء مرتبة.وبعضها مباهلات كانت نتيجتها أن أهلك الله أعدائي وأخزاهم وبعضها شهادات صلحاء الإسلام الذين ماتوا قبل بعثتي وقد شهدوا بذكر اسمي واسم قريتي، وقالوا بأنه هو المسيح الموعود الذي سيُبعث عاجلا وبعضهم شهد ببعثتي قبل ولادتي، وبعضهم شهد ببعثتي في وقت كان عمري ١٠ أو ١٢ عاما على وجه التقريب، وأخبروا بعض مريديهم بأنكم ستعمرون لتروه وعلامات زمن المهدي المعهود التي حددها النبي كالكسوف والخسوف في رمضان في زمنه، وتفشي الطاعون في حاشية: لقد ورد في الدارقطني حديث أن من علامات المهدي الموعود أن الله تعالى سيظهر له في زمنه آية أن القمر سينخسف في أول ليلة من ليالي الخسوف المحددة- التي حددها الله للخسوف أي الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة- وستنكسف الشمس في اليوم الأوسط من الأيام التي حددها الله تعالى لكسوف الشمس أي يوم ٢٧، ۲۸، ۲۹ وسيحدث الكسوف والخسوف في رمضان.وجاء في حديث آخر أنهما سيحدثان مرتين في زمن المهدي.فقد وقع الكسوفان مرتين في رمضان في زمني، مرة في بلدنا هذا ومرة في أميركا.لا يعنينا كم من المرات وقع الخسوف والكسوف في رمضان
البلاد قد تحققت كل هذه الشهادات من أجلي.لقد عاصرتُ ربع القرن الرابع عشر أيضا.إنها لأدلة وشواهد لو كتبت جميعها لما وسعها حتى ألف جزء.في هذه التواريخ منذ بدء خلق السماوات والأرض حتى اليوم، بل ما يهمنا هو فقط أن الخسوف والكسوف لم يقع كآية منذ خلق الإنسان على الأرض إلا في زمني وفي حقي.أما قبلى فلم تتسنّ لأحد فرصة كهذه، أي أن ادّعى أنه المهدي الموعود من جهة، ومن جهة ثانية حدث الخسوف والكسوف بعد دعواه في رمضان وفي التاريخ المحدد في رمضان أعلن الخسوف والكسوف آية له.لم يرد في حديث الدارقطني قط أن الكسوف والخسوف لم يقعا من قبل، بل وردت كلمات صريحة أنهما لم يقعا من قبل كآية لأحد لأن عبارة "لم تكونا" بصيغة المؤنث في الدارقطني تعني أن هذه الآية لم تحدث من قبل قط.لو كان المراد أن الكسوفين لم يقعا من قبل لجاء: "لم يكونا" في صيغة المذكر، وليس "لم تكونا" بصيغة المؤنث، الأمر الذي يبين بصراحة أن المراد هنا هو "الآيتين" لكونهما مذكورتين في صيغة المؤنث.والذي يظن أن الخسوف والكسوف قد وقعا عدة مرات من قبل أيضا، فعليه تقع مسئولية أن يثبت أين المدعي بالمهدوية الذي عدهما آيتين له، ويجب أن يكون دليله يقينيا وقطعيا.ولن يتأتى ذلك إلا إذا أخرج لنا تأليفا لمن ادعى أنه المهدي المعهود وقال أيضا بأن الخسوف والكسوف اللذين وقعا في رمضان في اليومين المحددين بحسب حديث الدارقطني هما آيتان على صدقه.إذا، فلا يعنينا لو وقع الخسوف والكسوف ألف مرة، لكنهما وقعا كآيتين مرة واحدة فقط في زمن مدع واحد.وقد أثبت الحديث صدقه بإظهار مضمونه في زمن مدع واحد للمهدوية.كذلك كتب نواب صديق حسن خان في كتابه "حجج الكرامة"، وكذلك مجدد القرن الحادي عشر في كتابه أنه قد ورد في الأحاديث الصحيحة أن المذنّب أي ذو السنين سيطلع في زمن المهدي الموعود.فقد طلع ذلك المذنّب في عام ١٨٨٢م وقالت عنه الجرائد الإنجليرية بأنه المذنّب نفسه الذي طلع في زمن المسيح ال.كذلك سقطت الشهب بكثرة في زمن يقرب زمنا بعثني الله فيه بما لا نظير لسقوطها من قبل، ولعل ذلك كان في تشرين الثاني/نوفمبر ١٨٨٥م.وظهرت آيات سماوية كثيرة أخرى، وكلها آيات من الله.منه.
ولكن كل ما ظهر لم يكن الهدف منه إظهار عظمتي بل ليقيم الله تعالى حجة الإسلام في العالم.أنا أستغرب بنفسي بأنني لست شيئا يُذكر بحد ذاتي ولكن أنى لي أن أردّ فضل الله ونعمته.وفي الأخير حين وردت على الإسلام صدمات كبيرة وانتهى القرن الثالث عشر وأصابت الإسلام في هذا القرن النحس آلاف الجروح، وبدأ القرن الرابع عشر، كان ضروريا بحسب سنة الله القديمة أن يُبعث أحد لإصلاح المفاسد الموجودة ولتجديد الدين.فمهما رُمِيتُ بالتحقير فإن الله تعالى جعل عبده هذا وحده خاتم الخلفاء لهذه الأمة.لقد أنبا الشيخ محيي الدين بن عربي أيضا بحقي وقد تحققت نبوءته، وهي الخلفاء هذا الذي اسمه الثاني هو المسيح الموعود يكون صيني الأصل أي أن أصل عائلته تكون من الصين، وسيولد توأما إذ تولد معه البنت وستولد قبله وسيولد هو بعدها.فكذلك ولدتُ صباح يوم الجمعة توأما.قد تكون هذه النبوءة مبنية على كشف رآه الشيخ محيي الدين بن عربي أو وصله حديث، ولكن تحققت تلك النبوءة بولادتي على أية حال.ولم يولد في الإسلام سواي أحد هو صيني الأصل وولد توأما ثم ادعى أنه أنه خاتم الخلفاء'.1 أن خاتم حاشية: كلام الله المتعلق الذي نزل عليّ والمنشور في كتابي "البراهين الأحمدية" يناقض ظاهريا نبوءة الشيخ محيي الدين بن عربي لأني قد اعتُبرت فيه فارسي الأصل إذ يقول الله تعالى في "البراهين الأحمدية": "خذوا التوحيد التوحيد يا أبناء الفارس".ثم يقول في مكان آخر في "البراهين الأحمدية" نفسه: "إن الذين صدوا عن سبيل الله ردّ عليهم رجل من فارس، شكر الله سعيه".أي كتب الردّ عليهم شخص من فارس أي أنا العبد الضعيف...وقال في مكان ثالث في البراهين الأحمدية: "لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجل من فارس ، أي هذا العبد الضعيف.وجواب هذا التناقض أن كثيرا من المسلمين استوطنوا الصين بعد انتشار الإسلام وقد أسلم عشرات الملايين من أهل الصين
۳۱۰ أيضا وقد أظهر الله تعالى لإثبات أني منه آيات لو وزعت على ألف نبي لثبتت بها ،نبوتهم ولكن لما كان هذا الزمن هو الزمن الأخير، وكان هذا الهجوم هو هجوم الشيطان الأخيرُ ذريته لذا مع جمع الله تعالى آلاف الآيات في مكان واحد بغية هزيمة الشيطان ومع ذلك لا يؤمن الشياطين من الناس ويعترضون بمحض الافتراء وبغير حق ويريدون أن يُقضى بأية طريقة ممكنة على جماعة أقامها الله ولكن الله يريد أن يقوي جماعته بيده إلى أن تبلغ كمالها.لقد كتبت قبل قليل وأكتب مرة أخرى أن الله قد أظهر لتأييدي وتصديقي آيات من كل نوع، بعضها نبوءات أي أخبار الغيب التي لا يقدر الإنسان عليها وإن سعى العالم كله مجتمعا أن يأتي بنظيرها.وبعضها أدعية نالت درجة القبول الله.وقد أخبر خبر بقبولها بوحي وأنواع الأدعية التي ذكرتها آنفا لا تتعلق بأمور عادية بل جزء منها يتعلق بشفاء المرضى الذين كان مرضهم أشبه بالموت لشدة الأعراض، ولكن الله بتأثير وعظهم.لذلك يوجد في الصين اليوم أيضا أكثر من ٦٠ مليون مسلم.فمن الممكن أن يكون بعض من أهل فارس أيضا استقروا هناك وبالتالي كانت تسميتهم بأهل الصين أمرا محتوما كما أن كثيرا من العرب الذين جاءوا إلى الهند في البداية يسمون الآن هنودا؛ فكل السادات والقرشيين هم من هذا القسم.ومما لا شك فيه أن عائلتنا معروفة بالمغولية كما يُظن ظاهريا، وهي صينية الأصل دون شك، ولكن ما كشفه الله هو الصحيح بلا أدنى شك.منه.لقد جعل الله تعالى كلمة: "الفارس" معرفة باللام بينما كان يجب أن يكون "فارس" بحسب قاعدة النحو السائد، ولكن كلام الله لا يوافق دائما قواعد النحو التي وضعها الإنسان.توجد في القرآن الكريم أيضا بعض الكلمات والفقرات والضمائر التي تعارض قواعد النحو التي وضعها الإنسان.منه.
۳۱۱ شفاهم بدعائي.وبعضها تتعلق بالذين يئسوا من إنجاب الأولاد ولكن الله رزقهم أولادا بدعائي وكانت بعض الأدعية بحق المضروبين بالنوازل الذين تورطوا في القضايا وكانوا يخشون على حياتهم أو كان شرفهم في خطر، أو كانت الخسارة المالية تمددهم بالدمار، وقد استجيبت الأدعية من أنواع أخرى أيضا.وقد أرى الله لي من الآيات أيضا أن أهلك أعدائي في كل مباهلة أو أكرمني مقابلهم بإنعام من كل نوع وأسقطهم في حياة المذلة أو أهلكهم بالخزي.لقد أظهر الله في تأييدي آيات من نوع آخر أيضا إذ أنبأ بعض الصلحاء ببعثتي بذكر اسمي قبل ولادتي وبعضُهم أنبأ قبل بعثتي بثلاثين سنة بذكر اسمي واسم قريتي.وقد جعل الله لي آية أيضا أن خلقني في زمن أنياً به جميع الأنبياء السابقين بالضبط لظهور المسيح الموعود وفي وقت كان محددا تاريخيا لظهور المسيح الموعود".الا سم.فقد وعد حاشية: يعترض بعض من قليلي العلم ويقولون أين ذكر المسيح الموعود في القرآن الكريم؟ جوابه أن للمسيح الموعود عدة أسماء في كتب الله، جملتها "خاتم الخلفاء" من أي الخليفة الآتي في الأخير.فهناك نبوءة في القرآن الكريم عن المسيح الموعود بهذا الله تعالى في سورة النور أنه سيبعث في المسلمين خلفاء إلى الأيام الأخيرة لتمكين دينهم وليبدل بهم الخوف أمنا.إن وجود الخلفاء إلى الزمن الأخير يتبين من قرينة أن زمن الإسلام بموجب النص القرآني الصريح ممتد إلى نهاية الدنيا، فلا بد من الاعتراف أن في الإسلام أيضا خاتم الخلفاء كما كان عيسى خاتم الخلفاء في ال.وهذا سر عجيب أنه كما وُلد عيسى في القرن الرابع عشر بعد العل بحسب قول اليهود، كذلك بعث خاتم الخلفاء في الإسلام أيضا بعد تلك سلسلة موسی موسی المدة تماما.منه.
۳۱۲ كذلك أجمع أولياء الإسلام كلهم على أن زمن مجيء المسيح الموعود لن يتجاوز القرن الرابع عشر، وقد دلّ عليه الحديث: "الآيات بعد المئتين"، فخاطبني الله وبعثني على رأس القرن الرابع عشر.الله لقد قال الله أيضا في القرآن الكريم بأنه ستنشب حروب دينية في الزمن الأخير ويموج كل دين في غيره كأمواج البحر ليقضي عليه، وبينما يكون الناس في هذا العراك والجدال ينفخ في الصور صوته من السماء للحكم.فما هو ذلك الصور يا ترى؟ سيكون نبي الله الذي يدعو الناس إلى الإسلام والتوحيد على إثر تلقي صوته فسيجمع الله تعالى بهذا الصوت جميع السعداء في مكان واحد ولن يبقى أحد محروما من الإسلام إلا الذي منعته الشقاوة الأزلية.فاعلموا يقينا أن هذه الأيام هي التي تسمى أيام الله.فإذا استهزئ بي فليس ذلك بأمر جديد إذ لم يأت في الدنيا رسول إلا وقد استهزئ به.يقول الله تعالى: حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ.إن معارضي من المسلمين الذين يسبونني ويكفّرونني هم أيضا آية بحقي، فإنه مكتوب في كتبهم هم أنه عندما يُبعث المهدي سيكفره الناس ويخذلونه، ويكاد مشايخ الإسلام يقتلونه.وقد قال مجدد القرن الحادي عشر والشيخ محيي الدين بن أيضا الكلام نفسه.فلا شك في أن الله تعالى قد أرى لي آلاف الآيات ومع ذلك جعلت عرضة لتكذيب شديد.وحرفت معاني كتبي مثل اليهود وأُضيفت إليها أشياء كثيرة ثم وُجهت إلى مئات الاعتراضات وكأني أدعي النبوة المستقلة وأهجر القرآن، وكأني أسبّ أنبياء الله وأسيء إليهم وأنكر المعجزات.وأنا أرفع شكاوي كلها في حضرة الله وأعلم يقينا أنه سيحكم لصالحي بفضله، لأني مظلوم.عربي يس: ٣١
۳۱۳ الحق أن الدين الحقيقي هو الذي ترافقه سلسلة المعجزات والآيات دائما ليعلم متبعوه بسهولة تامة أن الله ،موجود ولكن الدين الذي يُشار فيه إلى القصص فقط عند ذكر آيات الله كيف يمكن أن تتسنى به معرفة الله؟ أيها الأصدقاء! إن في آيات الله المتجددة متعة عجيبة أنى لي أن أبين كيفية تلك المتعة؟! كم يتقوى الإيمان حين يخبرني الله بنبأ الغيب ويثبت: أنا موجود، وإلى جانب ذلك يحل مشكلة ما ليثبت أنه قادر! ويهلك عدوي ويخبرني بوحيه: أنا مؤيدك وناصرك.ويجيب أدعيتي بحق أصدقائي ويخبرني: أنا ولي أصدقائك.فأذكر على سبيل المثال لا الحصر بأن شخصا من الأعداء يُدعى ليكهرام هب من بين الآريين وتجاوز الحدود في الإساءة والتكذيب.ففي آخر الأمر أخبرني ربي بهلاكه فهلك على يد شخص مجهول لم يُعثر على هويته إلى يومنا هذا.ثم قام رجل اسمه "دوئي" من بين المسيحيين في أميركا وحسب نفسه شيئا جديرا بالاعتداد وادّعى الرسالة وأصر على أن عيسى العليا إله، وأظهر كأنه تلقى هذا الإلهام من الله فكتبتُ إليه أنك تفتري على الله لذا ستهلك بعد مواجهة دمار شديد فبدأ الدمار يلاحقه بدءا من ذلك اليوم حتى مات مصابا بعذاب الفالج، وأثبت بموته أن هذه هي عاقبة المفترين.كذلك نهض من بين المسلمين شخص يسكن في "قصور" محافظة لاهور " كان اسمه "غلام "دستغير وكان يُعَد شيخا.فتمنى هلاكي بالدعاء حاسبا إياي كاذبا ودعا لنزول عذاب الله على الكاذب وألّف بهذا الشأن كتيبا أيضا ولكنه لم يتمكن من نشره حتى هلك بنفسه بتأثير دعائه هو وبطل تخطيطه كله.كذلك هب شخص آخر من المسلمين اسمه "جراغ دين" من سكان جامون، فقد عدني دجالا وتنبأ بهلاكي، فأطلعني بوحيه أنه هو الذي الله
سيُهلك بالطاعون.فما لبث أن سلّم مضمون مباهلته للناسخ حتى رحل من هذا العالم في الليلة نفسها مصابا بالطاعون.كذلك كان شخص آخر اسمه فقير "مرزا وكان يعد نفسه من أولياء الله وكان لديه عدد لا بأس به من المريدين فقام مقابلي وادعى أن الله أخبره من العرش أن هذا الشخص أنا العبد الضعيف - سيهلك بالطاعون إلى شهر رمضان المقبل، فحين حل شهر رمضان هلك بنفسه بالطاعون.من كذلك كان هناك شخص ذو ضغينة ولسان بذيء اسمه "سعد الله" سكان لدهيانه، فشمّر عن ساعدي الجدّ لإيذائي وألف كتبا عديدة نظما ونثرا مليئة بالسباب والشتائم ونشرها بغية إهانتي وتكذيبي.ولم يكتف بذلك بل باهلني أخيرا إذ قدّم الفريقين أي أنا وإياه أمام الله تعالى ودعاه لموت الكاذب، فهلك بالطاعون بعد بضعة أيام.كذلك قام مقابلي أعداء آخرون كثيرون من المسلمين وهلكوا و لم يبق لهم أدنى أثر.أما الآن فقد هب عدوٌّ أخير اسمه عبد الحكيم خان" وهو طبيب ويسكن في ولاية بتياله ويدعي مشيرا إلي أني - أي أنا العبد الضعيف- سأموت في حياته إلى ۱۹۰٨/٨/٤م وسيكون ذلك آية على صدقه.هذا الشخص ا لقد نشر المسيح الموعود ال منذ سنة ١٩٠٥ نبوءات متتابعة عن قرب أجله، واستغل عبد الحكيم البتيالوي بعد ارتداده هذه النبوءات وتنبأ في سنة ١٩٠٦ عن وفاة المسيح الموعود الليلة خلال ثلاث سنوات، إلا أنه ما لبث أن غير نبوءته هذه بقوله أن المسيح الموعود العلي سيموت حتى تاريخ ٤-٨-۱۹۰۸.ولقد نشر المسيح الموعود نبوءة البتيالوي في هذا الكتاب الذي ألفه في يناير ۱۹۰۸، وعلق عليها قائلا: "هذه القضية في يد الله تعالى ولا شك أنه صحيح تماما أن الله سينصر من كان صادقا في نظره." نشر هذا الكتاب غير أن 6 البتيالوي لم يستقر على نبوءته بل غيّرها مرة أخرى بتحديده يوم وفاة المسيح الموعود اللي بشكل دقيق حيث نشر في ١٥-٠٥-۱۹۰٨ في أهم الجرائد المعادية لسيدنا أحمد ال بأنه
٣١٥ يدعي الإلهام ويعدني دجالا وكافرا وكذابا.لقد بايعني من قبل وبقي ضمن مريدي وفي جماعتي إلى عشرين سنة متواصلة ثم ارتد نتيجة نصيحة أسديتها له لوجه الله.وكانت النصيحة تتلخص في أنه اختار مذهبا أن النجاة ممكنة بغير قبول الإسلام وبدون اتباع النبي الا الله وإن كان المرء يعرف بوجوده.ولما كان هذا الادعاء باطلا ويعارض معتقد الجمهور أيضا، منعته منه ولكنه لم يمتنع، فطردته من جماعتي أخيرا.لقد تنبأ هذا الشخص عني بأني سأهلك في حياته إلى ١٩٠٨/٨/٤م.ولكن الله تعالى أخبرني مقابل نبوءته بأنه هو الذي سيؤخذ بالعذاب وسيهلكه الله تعالى وأنقذ من شره.فهذه القضية في يد الله تعالى ولا شك أنه تماما أن الله سينصر من كان صادقا في نظره.لقد صحیح كتبت هذه الآيات التى تتعلق بالأعداء كغيض من فيض لكني أرى من المناسب أن أسجل أيضا على سبيل المثال بعض الآيات الأخرى المتعلقة بأحبتي، وهي كما يلي: لقد حدث ذات مرة أنه كان لصديقى المخلص الحافظ المولوي الحكيم نور الدين ابن فمات عندها أبدى عدوّ شرير سعادته البالغة على وفاة هذا الولد بنشره إعلانا وسمى المولوي المحترم أبتر.فاضطرب قلبي بشدة لهذا الإيذاء ودعوت الله تعالى للمولوي المحترم بكثير من التضرع فتلقيت إلهاما أنه سيُرزق ابنا.وجعلت علامة إجابة الدعاء أن بثورا ستظهر على بدنه فور ولادته.فولد ال سيموت في ٤-٨-۱۹۰٨ بالضبط؛ ونتيجة لذلك كانت وفاة المسيح الموعود اللي في غير هذا التاريخ كافيةً لإثبات كذب البتيالوي وبطلان نبوءته، وبالتالي فقد توفّي حضرته قبل هذا الموعد أي في ٢٧-٠٥-١٩٠٨.وقد اعترف ببطلان نبوءة البتيالوي أحد أشد معارضي المسيح الموعود الا وهو المولوي ثناء الله الأمر تسري محرر جريدة أهل الحديث التي نشرت نبوءة عبد الحكيم خان من قبل.(الناشر)
٣١٦ الابن بعد أيام قليلة وسُمِّي عبد الحي وتكوّنت البثور على بدنه فور ولادته وآثارها موجودة إلى الآن.ثم رُزق المولوي المحترم أولادا آخرين ولديه الآن ثلاثة أبناء.والحق أنه تأثير الدعاء نفسه أن العدو فرح بوفاة ابن واحد ولكن الله تعالى رزقه ثلاثة أبناء.واللافت في الموضوع أن الله تعالى بين العلامة أيضا مع إجابة الدعاء أي ذكر البثور أيضا.وهناك مثال آخر من جملة الآيات التي ظهرت بحق الأصدقاء، فقد مرض عبد الرحيم خان بن نواب محمد علي خان بمرض شديد إلى درجة انقطاع الأمل في حياته.فدعوت له في ذلك الوقت الحرج.فبدا لي في جواب الدعاء وكأن سلسلة حياته منقطعة.عندها بدر من لساني ما مفاده: اللهم إن لم يكن هناك مجال لإجابة الدعاء فاقبل بحق الولد شفاعتي.فقال الله تعالى في الجواب: "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فلزمت الصمت.ثم لم تمض إلا بضع دقائق حتى غشيتني غفوة وتلقيت إلهاما: "إنك أنت المجاز".فدعوتُ للولد كشفيع فأعطاه الله حياة جديدة في غضون بضعة أيام وشفي تماما.فالحمد لله على ذلك.كذلك هناك عدة أمثلة بحق عديد من الأحبة للآيات التي ظهرت في وقت مصائبهم وقد سجلت بعضها في كتابي "حقيقة الوحي".وهناك مثال حديث لإجابة الدعاء لم يُسجل في أي كتاب من قبل فأسجله لفائدة القراء الكرام وهو كما يلي: لقد واجه نواب محمد علي خان زعيم مالير كوتله، مع إخوته مشاكل عويصة من جملتها أنه عُدَّ كعامة الناس من الرعية التي كانت تحت ولايته.فبذل قصارى جهده بهذا الشأن ولكنه لم ينجح و لم يبق أمامه إلا مجال واحد •
۳۱۷ كمحاولة أخيرة أن يستغيث عند الحاكم العام مع أنه لم يكن هناك أمل في نجاحه في ذلك أيضا لأن الحكام دونه كانوا قد أصدروا قرارا قطعيا ضده.ففي هذه الحالة من طوفان الهم والغم لم يطلب مني الدعاء فقط بل وعد أيضا- كما هو مقتضى طبيعة الإنسان أنه إن رحمه الله تعالى ونجاه من هذا العذاب سوف يدفع بعد نجاحه ثلاثة آلاف روبية نقدا دون تأخير لنفقات دار الضيافة.فأُلهمت بعد أدعية كثيرة ما تعريبه يا سيف غير اتجاهك عن هذا الجانب، فأخبرتُ السيد نواب محمد علي بهذا الوحي الإلهي.ثم رحمه الله بعد ذلك وصدر الحكم من محكمة الحاكم العام بحسب مطلبه ومقصوده ومراده.فدفع لي دون أدنى تأخير أوراقا نقدية بقدر ثلاثة آلاف روبية كما نذر من قبل.وكانت آية عظيمة ظهرت للعيان.لقد كتبتُ من قبل أيضا أنها آيات من الله تنزل من السماء كالمطر وقلما يمضي شهر لا تظهر فيه آية سماوية، ولكن ليس لأن في روحي حسنة وطهارة أكثر من بقية الأرواح كلها بل لأن الله أراد في هذا الزمن أن مجددا يحيي الإسلام الذي واجه صدمات كثيرة على أيدي الأعداء.وأن تُظهر بواسطة الآيات السماوية عظمتُه التي يحظى بها عند الله.حضرة الله الحق والحق أقول، إن الإسلام صادق بالبداهة إذ لو قام جميع الكفار الموجودين على وجه الأرض في جانب وفي جانب آخر توجهتُ أنا وحدي إلى لأمر ما لأيدني الله تعالى حتما، ولكن ليس لأني أفضل من الجميع بل لأني آمنت برسوله بصدق القلب، وأعلم أن النبوات كلها قد ختمت عليه، وأن شريعته خاتم الشرائع، إلا أن هناك قسمًا من النبوة لم ينقطع، أي النبوة التي تُنال نتيجة الاقتداء الكامل به وتستنير بمصباحه ، فهي لم
۳۱۸ يصبح تنقطع لأنها نبوة محمد الله أي ظلها، وتنال بواسطتها، وهي مظهرها، ومستقاة من فيضها.والله يعادي من يعد القرآن الكريم كالمنسوخ ويريد أن يسلك على عكس الشريعة المحمدية، وينوي أن يشرع بشريعته، ولا يتبع النبي ﷺ بل يريد أن يكون بنفسه شيئا يعتد به.والله يحب من يتخذ كتابه القرآن الكريم دستور عمل له ويؤمن برسوله محمد خاتم الأنبياء في الحقيقة، ويحسب نفسه محتاجا إلى فيضه.فهذا الشخص حبيبا عند الله تعالى.والمراد من حبه هو أنه تعالى يجذبه إلى نفسه ويشرفه بمكالمته ومخاطبته ويُظهر آياته تأييدا له.وعندما يبلغ أتباعه للنبي ﷺ درجة الكمال يهبه نبوة ظلية هي ظل النبوة المحمدية.وذلك ليبقى الإسلام خضرا نضرا غالبا على الأعداء دائما بوجود هؤلاء الناس.الجاهل الذي هو عدو للدين في الحقيقة لا يريد أن تبقى سلسلة المكالمات والمخاطبات الإلهية جارية في الإسلام بل يود أن يغدو الإسلام أيضا دينا ميتا مثل بقية الأديان الميتة ولكن الله تعالى يأبى ذلك.لقد استخدم الله تعالى في وحيه كلمة النبوة والرسالة في حقي مئات المرات، ولكن المراد من هذا المكالمات والمخاطبات الإلهية الكثيرة والمشتملة على أنباء الغيب، ليس أكثر من ذلك.لكل أن يختار في كلامه مصطلحا، لقولهم: "لكل أن يصطلح".فهذا اللفظ هو لقد كتبت مرارا أن الأمر الحقيقي والواقعي هو أن سيدنا ومولانا النبي هو خاتم الأنبياء، ولا نبوة مستقلة ولا شريعة بعده.ومن ادعى ذلك فهو ملحد ومردود بلا أدنى شك.ولكن الله تعالى أراد منذ البداية أن يُكرم شخصا - لإظهار كمالات النبي المتعدية وإثباتها - بمرتبة كثرة المكالمات الإلهية ومخاطباته بسبب اتباعه وطاعته النبي ، بحيث تخلق في ذلك الشخص صبغة النبوة كانعكاس.فمن هذا المنطلق سماني الله تعالى نبيا أن النبوة المحمدية انعكست في مرآة نفسي وأُعطيتُ هذا الاسم على سبيل الظلية وليس على وجه الحقيقة لأكون نموذجا كاملا لفيوض النبي.منه.بمعنى
۳۱۹ مصطلح إلهي إذ أطلق هو ولا كلمة النبوة على كثرة المكالمة والمخاطبة.أي تلك المكالمات التي أُخبر فيها عن أخبار غيبية كثيرة.واللعنة على من يدعي النبوة متخلّيا عن فيض النبي الا الله، ولكن نبوتي هذه إنما هي نبوة النبي يا ليست بنبوة جديدة ولا تهدف إلا إلى إظهار صدق الإسلام على العالم، وتبيان صدق النبي.أوضح للعالم مرارا وتكرارا أن الإسلام هو الدين الوحيد في العالم الذي يجب اعتباره دينا حيا.أما الأديان الأخرى كلها فهي أسيرة عبادة القصص.إن الآريين يوعزون بوجه عام إلى قانون الطبيعة في كل صغيرة وكبيرة ولكن هذا ظاهرهم فقط وليست الحقيقة.ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل إن دينهم محروم من الآيات السماوية ويعارض قانون الطبيعة أيضا في كل شيء.فمثلا يتبين بصراحة من قانون الله السائد في الطبيعة أن الكائنات ذات الأرواح لا تُخلق قط بالأسلوب الذي يزعمه الآريون؛ أي أن أرواحها تسقط على الخضروات والأعشاب مثل الندى، بل تُخلق بإذن الله البارئ تعالى من مواد مختلفة سواء كانت نباتية أو جمادية أو حيوانية، ولا دخل فيها للندى كما قلت سابقا.فأية فلسفة هذه التي تجعل الندى وحده مدارا لخلق الأرواح أي أن الأرواح تسقط من السماء كالندى على الخضروات والأعشاب.إذا أمعنا في نظام الكون وجدنا أن العقل الإنساني يعترف بعجزه في كل خطوة مقابل خلق الحيوانات فهناك حيوانات تتولد وتتربى في الأنهار والبحار بصورة عجيبة، وهناك نوع آخر منها يتولد تحت الأرض، وتنشأ بعض الكائنات الحية أي الديدان في الثمار.ففي أيام تأليف كتابي هذا، وهي أيام فصل الربيع وإثمار شجرة المانجا، بدأ نوع معين من الديدان يتولد في أزهارها.وهذه الدودة تتولد من زهرة المانجا نفسها، وساد الخوف أنها ستبيد محصول
۳۲۰ المانجا كله ولكن قل نشوؤها إلى حد ما بعد نزول الأمطار.كذلك تضررت مزرعة القطن أيضا بديدان من هذا القبيل.يقال بأن دودة القطن لا تتولد نتيجة التأثير الخارجي بل قد أثبت باحث إنجليزي أنها تتولد في التراب في جذر الشجيرة.كذلك تلاحظ في فصل الربيع دائما دودةٌ في الثمار المجففة من نوع خاص وهي جميلة جدا وبلون اللوز.وإن محار اللؤلؤ أيضا من نوع غريب وهو رخو جدا وبعض الناس يأكلونه أيضا.وتوجد الكائنات في الماء أيضا.وهناك أشجار من نوع معين فيها صفة نباتية وصفة حيوانية أيضا كما سبق أن أثبت العلماء صفة في شجرة الخيزران أنها لو زرعت في مكان مسقوف لما وصلت إلى السقف بل على بعد ذراع أو ذراعين من وصولها إلى السقف تغير اتجاهها إلى حيث تستطيع أن تخرج إلى الأعلى بسهولة.فهذا يبين أن في النباتات أيضا شعور حيواني.كذلك هناك نبتة اسمها "الحساسة" أو "الخجولة"، فيها أيضا شعور حيواني فهي تذبل فورا عند لمسها باليد، الأمر الذي يتبين منه أن وجودها قاسم مشترك بين الحيوان والنبات.كذلك هناك بعض الأشجار التي حين تنضج ثمارها وتكون قابلة للأكل تصبح كلها حشرات طائرة فتطير كالطيور الأخرى، ومثال ذلك ثمرة التين البري (الجميز).يقول بعض السياح في ذكر تجاربهم بأنه توجد في فلوات أفريقيا أشجار تتحول ثمارها أيضا إلى حشرات صغيرة كما يحدث في ثمرة التين البري، وتبدأ بالطيران أخيرا.وهناك بعض الأوراق تنشأ فيها الديدان حين تكون أحدا أن يحدّ نظام الله السائد في الكون خضراء.فمن الواضح أنه لا يسع بحدود.فمن الغباوة تماما أن يحاول المرء تحديد قدرات الله الله يتبين
بصراحة تامة من التفكير العميق في نظام الكون الواسع أن عد مدار خلق الحيوانات كله على سقوط الأرواح من السماء كالندى، ليس غباوة فقط بل هو جنون وسفاهة.ومن الواضح أيضا أن خلق كل هذه الديدان مرتبط بالفصول والمواسم المعينة.فمثلا تتولد الديدان في موسم الأمطار بكمية لا تتولد بها في العام كله.فهل يمكننا أن نتصور أن الناس يرتكبون الكبائر بكثرة في موسم الأمطار لذا تكون في نصيبهم في هذا الفصل الولادات الدنيا كالديدان على سبيل التناسخ؟ الحياء الحياء! يسمع إضافة إلى ذلك كم يعارض قانون الطبيعة اعتقاد الآريين القائل بأن الله تعالى أدعية الناس في هذا الزمن ولكنه ليس قادرا على الكلام لذا لا يستطيع أن يجيب! وكان يتكلم إلى زمن الفيدا فقط.أتساءل: إن لم يعد يتكلم الآن فكيف يُعلم أنه يسمع بل كيف يُعلم أنه حي؟ فما هذا القانون الجاري في الطبيعة الذي تعطّل في زمننا هذا؟ ثم يجب الانتباه أيضا إلى أن الله ليس إله الهند فقط بل هو إله العالم كله.فأي قانون في الطبيعة هذا الذي له علاقة بالهند فقط منذ مدة لا تُحصى، إذ يُنزل الله كتابه في بلدهم فقط؟ هل من أحد يستطيع أن يُثبت ما هي الله حتى أحب الله هذا البلد فقط على الدوام؟ ثم ما خصوصية علاقة الهند مع السبب وراء اختيار رجال دين الفيدا الأربعة من الهند فقط لهذا الأمر؟ ولماذا لا يوضح الإله أوامره لعباده الضعفاء في لغتهم؟ بل يقدم أمامهم لغة أجنبية لا يقدر الناس على فهمها ولا على الحديث بها، ثم يطلب منهم أن يعملوا بالتعليم الوارد فيها؟ إذا كان صحيحا أن الإله يكره لغتهم فأنى له أن يسمع أدعية يدعو بها الناس في لغتهم الخاصة بهم؟
۳۲۲ ذلك باختصار إن دين الآريين يعارض قانون الله السائد في الطبيعة كليا.ولقد قلنا مرارا وتكرارا بأن وجود الله أيضا لا يثبت بواسطة الفيدا لأنه ليس خالقا كاملا بحسب الفيدا ولا يستطيع أن يُري آية متجددة حتى يُعرف بها وجوده.ولا يشعر الباحث عنه بأن الإله أخبره بواسطة كلامه أنه موجود.واللافت في الموضوع أن هذه الدنيا هي دار العقاب للمجرمين بحسب الفيدا وكذلك دار الجزاء أيضا إذ يستطيع ثور أن ينقلب إلى إنسان بعد قضاء عقوبته، ومع تُرفع كل روح من هذه الدنيا بعد الممات ولا تُظهر للعيان ثمرة عقوبة أو ثواب في هذا العالم مباشرة بينما كان من المفروض أنه عندما يقضي ثور مغبة سوء أعماله أن يحوّل من ثور إلى إنسان فورا ليعلم الناس أيضا أن التناسخ حق.فلما كانت هذه الدنيا هي دار الجزاء، فأي سخف القول برفع الروح من الدنيا بغير حق ثم استعادتها؟
۳۲۳ نصيحة مهمة للباحثين عن الحق لأن الدنيا مقام خديعة، فيوجد فيها شيء سيئ مقابل كل شيء جيد، بل هي الجيدة في بعض الأحيان تبدو في نظر قليلى الفهم الأشياء السيئة وكأنها والجديرة بالمدح.خذوا مثلا الجوهرة التي يخلقها الله من الأرض بقدرته و حكمته، ويقول البعض إنها تتكون من الفحم.على أية حال أيا كان الأمر فهي شيء ثمين جدا إلى درجة لو تكونت بوزنها الكامل وبكافة مستلزماتها لقُدّر ثمنها بمئات آلاف الروبيات بل أكثر، ولا تتيسر إلا في كنوز الملوك فقط.والأغرب من ذلك أن هناك بعض الأحجار التي ينخدع بها الجواهريون المحترفون أيضا ويحسبونها جوهرة من الدرجة العليا بل يشترونها لجهلهم ويخسرون آلاف الروبيات.لقد رأيتُ بأم عيني أن شخصا من كابول جاء إلى قاديان بحجرين لامعين مدوَّرين وكانا جميلين جدا، وقال بأنهما جوهرتان وكان اللمعان يخرج منهما كالشعلة.فأراد أحد أصدقائي من سكان مدينة "مدراس" أن يشتري قطعة هذه الجوهرة وتقرر ثمنها بـ ٥٠٠ روبية.منعته من وقلت يجب أولا استشارة جوهري بارع بشأنها، فأرسلت تلك القطعة إلى جوهري في "مدراس" فجاء الجواب منه بعد أسبوع أو عشرة أيام أن ثمنها مليمان أو ثلاثة مليمات وتبين أن هذا حجر يشبه الجوهرة.من ذلك فعلى هذا النحو يجب الفهم أن بعض الناس غير المؤهلين يبدون لمعانهم الزائف ويتظاهرون وكأنهم أولياء الرحمن ولكنهم في الحقيقة يكونون من أولياء الشيطان وليس بوسع كل شخص أن يميز بين عباد الرحمن وعباد الشيطان.أنه لو انتبه المرء إلى مقتضيات الولاية الحقة كلها وتمسك بمعيار وضعه القرآن الكريم لعباد الرحمن لعُصم من الخديعة ولن يقع في قبضة إبليس.ولكن غير
٣٢٤ المشكلة أن أكثر الناس لا يتدبرون كلام الله المقدس، القرآن الكريم، ولا يرون علامات عباد الرحمن التي ذكرها القرآن الكريم.ما هي هذه العلامات توجد في القرآن الكريم على نوعين.بعضها يتعلق بكمال وحسن عمله، تقوى العبد وكمال إخلاصه وحسن اعتقاده وحسن اقتدائه وبعضها يتعلق بفضل الله وإكرامه وإنعامه.فإذا وُجدت هذه العلامات من كلا النوعين في شخص على وجه الحقيقة كان من عباد الرحمن دون أدنى شك.والعلامة الكبرى التي وضعها الله أنه عل قد جعل بين المؤمن وغيره فرقانا.كاملة هي والمؤمن الكامل ينتصر على عدوه عند المواجهة ويُنصَر ويؤيد ويُعطَى بصيرة ويوهب نصيبا من المعرفة أكثر من غيره، ولا تكون تقواه كتقوى الناس العاديين بل المراد من تقواه أنه يرى وجوده أيضا ذنبًا مقابل الله ويصل إلى ذروة الفناء ولا يبقى له شيء بل يصبح كل شيء الله تعالى ويكون مستعدا للفناء في سبيله كل حين وآن.ولأن غيرة الله لا تريد أن تجعل عباده الخواص والأحباء ممن يُعرفون للجميع، لذا يجعلهم الله - منذ أن خُلقت الدنيا- مستورين ومحجوبين عن أعين الأغيار يجعلهم عرضة للاعتراضات الظاهرية كيلا يراهم الأغيار، وليبقى عباده مستورين تحت رداء غيرة الله لهذا السبب وجّه القساوسة العمهون والفلاسفة الأغبياء والآريون الجاهلون إلى الإنسان الكامل والنور المتجسد تماما أي سيدنا ومولانا محمد المصطفى الله اعتراضات كثيرة إلى درجة لو جمعت كلها لزاد عددها على ثلاثة آلاف اعتراض.فأنى لغيره أن يتوقع أن يجتنب اعتراضات المعارضين.لو أراد الله لما حدث ذلك ولكنه ما اقدر أن يؤذى عباده الخواص على أيدي أبناء الدنيا ويعذبوا وأن تُقال بحقهم شتى الأقوال.كذلك يثبت من الإنجيل أن اليهود الأشقياء عدّوا عيسى ال كافرا ومكارا وضالا ومضلا
٣٢٥ ومزيّفا إلى درجة فضلوا عليه لصاً.كذلك دعا فرعون موسى ال كافرا كما ورد في القرآن الكريم على لسان فرعون : وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ.فما أغرب هذا الكفر الذي يُتهم به الرسل والأنبياء كلهم وراثةً كابرا عن كابر على لسان السفهاء منذ البداية حتى نلتُ أنا أيضا جزأه الأخير.فمن دواعي اعتزازي أني لم أُحرَم مما ناله الأنبياء والرسل والصادقون منذ القدم.بل ليس في غير محله القولُ بأني نلته أكثر من عديد من الأنبياء السابقين.ومن الجدير بالذكر أن لأولياء الله أيضا درجات مختلفة وكما يقول الله تعالى: (فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ.يحظى البعض بالأفضلية على بعض بل يصل بعضهم إلى درجة لا يستطيع الصلحاء من الدرجة الدنيا أن يعرفوهم فينكرون مقامهم السامي فيتسبب ذلك في ابتلائهم وعثارهم.الحق أن تجليات الربوبية مختلفة.الذين هم أخص العباد يخصون بتجل من الدرجة العليا ولا يُعطى غيرهم نصيبا من هذا التجلي.مع أن الله واحد لا شريك له وهو ربّ الجميع، فمع ذلك لكل شخص ربِّ خاص به من حيث التجليات المختلفة.ليس المراد من ذلك أن هناك أربابا مختلفين بل الرب واحد وهو رب الجميع، والذي يقول بتعدد الأرباب هو كافر.ولكن يضطر المرء إلى القول بناء على مراتب العلاقات المختلفة والتفاوت في ظهور صفات الله بأن لكل شخص ربا منفصلا.كما لو وُضعت مقابل وجه واحد مرايا عديدة منها صغيرة مثل العدسة وبعضها أصغر منها أيضا وبعضها صغير إلى درجة أن تكون بقدر الجزء الشعراء: ٢٠ البقرة: ٢٥٤
٣٢٦ من خمسين جزءا من العدسة، وبعضها أكبر من العدسة قليلا وبعضها كبيرة إلى درجة يمكن أن يُرى فيها الوجه بكامله فمما لا شك فيه أن الوجه هو هو ولكن كلما كانت المرآة صغيرة تراءى فيها الوجه صغيرا إلى درجة قد يُرى عندها كنقطة فقط في بعض المرايا الصغيرة جدا.ولن يتراءى الوجه بكامله ما لم تكن المرآة كاملة.فلا شك أن الوجه هو هو وهذا هو الصحيح تماما ولكن يصح القول في الذي يتراءى في الظاهر في مرايا مختلفة بأنه ليس واحدا من منطلق تلك الرؤية بل هناك عدة وجوه.كذلك الربوبية الإلهية أيضا لا تتجلى لكل واحد على مستوى واحد.إن نفس الإنسان بعد تزكيتها تكون في حكم المرآة التي ينعكس فيها وجه ربوبية الله.ولكن النفوس البشرية ليست سواسية من حيث الفطرة وإن كان أحد حائزا على تزكية النفس بل تتفاوت دوائر مواهبهم من حيث الضيق والسعة كما تتفاوت الأجرام السماوية بين الصغيرة والكبيرة.فالنفس التي موهبتها ضيقة النطاق ستنعكس فيها ربوبية الله وتجلياته في نطاق ضيق بسبب صغر موهبة النفس وإن كانت قد حازت التزكية.فمن أن الرب واحد ولكن سيتراءى أرباب مختلفون عند انعكاسه هذا المنطلق، مع في مواهب النفوس المختلفة.هذا هو السر وراء قول النبي ﷺ في الصلاة دائما: الأعلى، سبحان ربي العظيم.فمع أن الرب واحد ولكن رب محمد سبحان ربي أعلى من الجميع من حيث التجليات العظيمة والربوبية العالية.ثم هناك نقطة أخرى أنه لما كانت مدارج القرب والعلاقة مع الله الأحد منه وأكبر متفاوتة فلو تصدى أحد، وإن كان مقربا إلى الله، لمن كان أعلى بكثير من حيث القرب والحب لكانت النتيجة النهائية أن الأقل قربا إلى الله لا يهلك فقط بل يموت محروما من الإيمان كما حدث مع مع بلعام
۳۲۷ باعور مقابل موسى، إذ كان مشرفا بمكالمة الله ومخاطبته من قبل وكانت أدعيته تجاب وكان يُعدّ وليا في البلد كله وكان صاحب كرامات ولكنه عندما تصدى لموسى بغير حق ولم يعرف قدره أسقط من مقام الولاية والقرب فشبهه الله بالكلب فلينتبه المرء كم يجب عليه الحذر من الاستكبار والخيلاء! لا الله يُقبل في حضرته وعمل إلا التواضع.فإذا رأى أحد غيره على علاقة الحب مع فعليه ألا يتسرع في الإساءة إليه وتكذيبه مهما كان يظن نفسه والله ينصره فعليه ألا ورعا أو ملهما كيلا تكون عاقبته وخيمة مثل بلعام باعور.
خاتمة الكتاب التي فيها شهادة باوا نانك المحترم عن الإسلام ما دام هذا الكتاب قد ألف مقابل الهندوس أي الآريين الذين سبقوا في هذه الأيام الأقوام كلها في بذاءة اللسان والإهانة لذا ننهي الكتاب على شهادة إنسان صالح من قوم الهندوس ولكنه يفوق معظم صلحاء الهندوس في طهارة روحه وخشية الله.قصدي من هذا الرجل الصالح هو باوا نانك المحترم الذي هو مقتدى السيخ وهاديهم.أقرّ بكل شكر أنه كما أنبأ الله تعالى ببعثة سيدنا ومولانا محمد ﷺ في كتب اليهود والنصارى المقدسة وقال بأنه رسول صادق وحق وهو على وشك الظهور، كذلك لم يرد الله تعالى أن يحرم قوم الهندوس أيضا من هذه الشهادة، فلأداء هذه الشهادة خلق الله في هذا البلد "البنجاب" شخصا يبلغ اليوم عدد مريديه السيخ إلى مليونين وهم مستعدون للتضحية بأنفسهم في سبيله، وهو باوا نانك المحترم.كل من كان مطلعا على سوانح باوا نانك لا بد وأن يعرف جيدا أنه بطل الله الذي اختار الله ممزقا آلاف حجب الدنيا وناقضا أصفاد التقاليد الفارغة.يتبين من كلامه وكل عباراته أنه كان دون أدنى شك من الذين يطهرهم الله بيده، ويبرئ قلوبهم من الدنيا ويجذبها إليه، ويودع قلوبهم نار حبه.إن كلامه يُثبت في عدة أماكن أنه أمعن النظر في فيدات الهندوس كثيرا ولكن لم يطمئن لها قلبه حتى تبرأ منها، فأنشأ علاقاته مع المسلمين الواصلين إلى الله في عصره وبقي في صحبتهم إلى زمن طويل حتى انصبغ بصبغتهم.ولا تزال مقامات
۳۲۹ المجاهدات موجودة تذكارا له حيثما قام بالمجاهدات في سبيل الله بقرب أولياء الله فقد سافرتُ ذات مرة بهذه النية إلى مدينة "ملتان" وزرتُ زاوية أحد الصلحاء فوجدت على أحد الجدران كلمة "يا الله" مكتوبة بيد باوا نانك.وأراني المريدون مكان مجاهدته والمسجد الذي كان يصلي فيه.الحق أنه كان يبحث عن الإله الحى والدين الحى فظهر الله عليه أخيرا وهداه الصراط المستقيم.إن مقتنيات باوا نانك المباركة التي لا تزال في حوزة أولاده أو خلفائه تعلن بلسان حالها أن باوا نانك وخلفاءه كانوا مسلمين في الحقيقة.لقد بقيت خافية بحكمة الله، وهي تشكل شهادة عجيبة على إسلام باوا المحترم.وقد بذلت جهد المستطيع للحصول على هذه الشهادات حتى وجدت كثيرا من الشهادات في نهاية المطاف بفضل الله.فأقدم فيما يلي شهادة غريبة من مقتنيات باوا نانك المحترم المباركة.لقد وجدت بعض من المقتنيات لباوا نانك -المحترم - وبعده مقتنيات بعض المرشدين من مريديه بما فيها السبحة التي تسميها الهندوس عقدا- بحوزة عائلة محترمة جدا من السيخ كابرا عن كابر ، في غُرُو هرسهائي" في محافظة "فيروز بور.هناك كتاب آخر لباوا نانك المحترم بالإضافة إلى القرآن الكريم وبضعة أشياء أخرى.هذا القرآن الكريم والأشياء المقدسة الأخرى كلها مغلفة بكل أدب واحترام في أغلفة حريرية كثيرة ولا تفتح ما لم يدفع الراغب في رؤيتها " مئة روبية وروبية نقدا للمرشد الذي بحوزته هذه الأشياء.وقبل فتحها يغتسل المرشد مئة مرة ومرة عندها يحسب نفسه جديرا بفتحها ولمسها باليد.يأتي الهندوس والسيخ لرؤية هذه الأشياء المقدسة وإخضاع رؤوسهم أمامها من مدن كثيرة مثل سيالكوت وراولبندي، وديره إسماعيل خان، وديره غازي خان وكوهات وغيرها من المناطق الحدودية بل من كابول أيضا.المرشد
السيخي الذي بحوزته تلك الأشياء المقدسة حاليا هو المرشد اسمه "بشن سنغ"، وهو من أولاد المرشد "رام داس" الذي كان المرشد الرابع للسيخ بعد باوا نانك المحترم.إن سوانح هذه العائلة التي كتبها المسؤولون في الحكومة الإنجليزية في "فيروز بور غازيتير" طبعة ۱۸۸۹م جاء فيها أن رام" داس" كان المورّث الأعلى لهذه العائلة وباسمه الكريم سُمِّي المعبد الذهبي المعروف في "أمرتسر".كانت هذه الأشياء المقدسة في قرية "محمدي "بور" في مديرية "شونيان" محافظة لاهور، ثم هاجر من هناك مرشد كبير من هذه العائلة اسمه "جيون مل" واستوطن المكان الحالي، وعمر هنا قرية وأسماها باسم ابنه "غرو" هرسهائي".ولا تزال هذه القرية معروفة إلى اليوم بهذا الاسم.وبعد المرشد جيون" مَل" حل محله ابنه المرشد "هرسهائي"، وخلفه المرشد "أجيت سنغ" ثم المرشد "أمير سنغ" ثم المرشد "غلاب سنغ"، ثم المرشد "فتح سنغ" وهو والد المرشد الحالي- على التوالي.و بسبب هذه الأشياء المقدسة بما فيها القرآن الكريم وغيره كان تأثير هذه العائلة قويا دائما على قوم السيخ وبسبب تلك الأشياء المقدسة ملكت هذه العائلة عقارات كبيرة دائما ولا تزال تملك ٢٦ قرية في محافظة فيروز بور.وإضافة إلى ذلك لها عقارات في ولاية "نابهه" و "بتياله" أيضا.ويسافر إلى هناك بعض كبار الناس لرؤية هذه الأشياء المقدسة...وللتبرك بها.فقد سافر إلى هنالك ذات مرة "مهاراجه" حاكم ولاية "فريد" كوت"، ومعروف أنه قدّم فيلا وألف روبية نقدا نذرا للمرشد بسبب تلك الأشياء المقدسة.وفي ١٩٠٨/٤/٤م أرى المرشد بشن سنغ القرآن الكريم وغيره من الأشياء المقدسة للأخوة التالية أسماؤهم.فقد فتحوا القرآن الكريم وقرأوه.فهو قرآن كريم مكتوب بخط جميل وقياسه ثلاث بوصات عرضا وأربع بوصات وربع تقريبا طولا.وكل صفحة
۳۳۱ منها محاطة بالخطوط الذهبية، وفي بعض الأماكن تطريز باللون الذهبي.وقال المرشد الحالي بأن هذا القرآن الكريم ظل ينتقل من المرشدين السابقين تبركا.إن أعضاء جماعتنا المحترمين الذين ذهبوا إلى هناك وشاهدوا القرآن الكريم بأم أعينهم أسماؤهم كما يلي: (۱) السيد المفتي محمد صادق المحترم مدير جريدة "بدر" قاديان (۲) السيد المولوي محمد على المحترم مدير مجلة "مقارنة الأديان" قاديان (۳) ميرزا محمود أحمد ابني البكر مدير مجلة "تشحيذ الأذهان" (٤) السيد سيد أمير علي شاه، المراقب المساعد في جلال آباد (٥) الدكتور حكيم نور محمد المحترم اللاهوري، صاحب مصنع صحة" لاهور (٦) الشيخ عبد الرحيم المحترم، الحديث بالإسلام (جكت سنغ سابقا) " همدم (۷) شودهري فتح محمد المحترم الطالب في الكلية الحكومية بلاهور.ولا يسعني أن أمتنع من البيان هنا أن القرآن الكريم الذي ظل ينتقل بكل تقدير واحترام كابرا عن كابر في هذه العائلة ضمن مقتنيات خلفاء باوا نانك المحترم المقدسة، ويأتي السيخ لزيارته من مئات الفراسخ ويقدمون آلاف الروبيات كنذر يمثل دليلا واضحا على أن باوا نانك المحترم وخلفاءه وأتباعه والمرشدين كانوا يؤمنون به بصدق القلب وكانوا يحترمونه معتبرين إياه كلام الله في الحقيقة.ولو أنكر أحد ذلك تجاهلا منه فلا يهمنا ذلك.ولكن ذلك يشكل دليلا بينا على إسلام باوا نانك المحترم وخلفائه إذ لا يتصوّر دليل أوضح منه.ثم حين نرى إلى جانب ذلك دليلا يتبين لنا من الشيء المقدس والموجود في "ديره نانك" في محافظة غورداسبور - الذي ذكرته مفصلا في كتابي: "ست
۳۳۲ بجن" أي عباءة باوا نانك المحترم الذي كتبت عليه الشهادة: "أشهد ألا إله إلا " الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إضافة إلى الآيات القرآنية الكثيرة، فلا بد من القول التزاما بصدق المقال بأن باوا نانك المحترم لم يكن مسلما فحسب مثل بقية المسلمين، بل يجب عدّه من أولياء الإسلام وصلحائه الذين خلوا في هذا البلد.والآن أسجل فيما يلي بعضا من ملفوظات باوا نانك نقلا عن "غرنته" و"جنم ساكهي"" وأترك الحكم للقراء الكرام ليقولوا منصفين: ألا يثبت من قراءتها بنظرة شاملة أنه لم تكن لباوا نانك المحترم أدنى علاقة مع السيخ من حيث الدين، بل كان بطل الله الكامل هذا مسلما من المسلمين، وأنه ولد في قوم الآريا ليعترف بصدق الإسلام بتلقى الإلهام من الله تعالى ويدين بشهادته هذه الهندوس جميعا أمام الله تعالى يوم القيامة؟ إذا إن وجود باوا نانك حجة الله على الهندوس جميعا ولاسيما على السيخ الذين يُدعون أتباعه.لقد خلق الله من بين الآريين شخصا مقدسا يشهد بصدق الإسلام، والذين يكذبون الإسلام يبصقون في وجه هذا الشخص.فيا أيها الناس الذين تُدعون سيخا لهذا المرشد المقدس، اتقوا الله! لا أدينكم أنا فقط بل يدينكم أيضا ذلك الرجل الصالح والمقدس الذي تدعون أتباعه.إن كنتم السيخ الصادقين الذين يتبعون ذلك المرشد المقدس فاقطعوا العلاقة مع الهندوس كما قطعها هو.واستنيروا أنتم أيضا هذا الدين الطاهر الذي استنار بنوره ذلك الرجل الصالح من قمة الرأس إلى أخمص القدمين.إن كنت كاذبا فلا تتبعوا قولي، وإن كنت صادقا فمن مقتضى الدين أن تقبلوا الصدق.بنور ا وهما من كتب السيخ الدينية.(المترجم)
لم يولد باوا نانك المحترم في بيت المسلمين بل كان من قوم آريين ولكن إلهام الله تعالى جذبه إلى الإسلام.يثبت من التاريخ أنه قبل دين الإسلام وتأذى كثيرا على أيدي بعض الهندوس ولكنه صبر على كل أذية برباطة الجأش.لقد قبل الإسلام عن بصيرة وليس تقليدا فقط.إن مثل البانديتات الآريين المعاصرين كمثل أعمى يرشد أعمى ولكن الله تعالى أعطى باوا نانك نورا سماويا.فرأى بهذا النور أن الإسلام حق، ثم بدأ يدعو الناس إلى الإسلام على بصيرة وليس على وجه التقليد.وقام بالمجاهدات في زوايا كثير من الصلحاء المسلمين وذهب مشيا على الأقدام متجشما معاناة السفر الشاق إلى مكة المعظمة وحجَّ ثم وصل إلى المدينة المنورة وزار روضة رسول الله الله.أيضا.ولا شك أنه قد ظهرت الخوارق والكرامات أيضا على يده بعد قبوله الإسلام، وأن جذبه الروحاني جرّ إليه آلاف الناس.واللافت في الموضوع أنه ظل خافيا عن أعين عامة الناس مع ظهوره.ولعل الحكمة في ذلك كانت أنه لو أسلم في ذلك الزمن نفسه وانفصل عن الهندوس، لانقطعت علاقاته مع الهندوس ولاقتصر تأثيره الروحاني على نفسه فقط.أما الآن فمن نتائج تأثيره الروحاني أن هناك مليوني هندوسي- وهم من السيخ بالاسم -.يتبعونه.والزمن قريب حين يتقدمون عقلا وتفكيرا نتيجة التعليم ثم لن يحبوا الانفصال عن دين مرشدهم الكامل كما هو الآن.وفيما يلي تعليمات باوا نانك المحترم المليئة بالمعرفة: بيت من غرنته: "إن" الذين لا يعملون بتعليم النبي حتما".أصحاب بيت من غرنته: "يا أيها الغافل أسلم بصدق القلب ستنال نجاة أبدية." بيت من جنم ساک كهي بهائي بالا والي الصفحة ١٧٢: لقد طبع هذا الكتاب في مطبعة كيكستن في أنار كلي لاهور، وقد طبع للمرة الثالثة.
٣٣٤ "لقد رددت شهادة واحدة: "لا إله إلا الله محمد رسول الله".ولا سبيل إلى النجاة سواها." بيت من جنم ساكهي بهائي بالا والي الصفحة ٢٧١: "يقول الهندوس كلمات قذرة بحق الله ورسوله، وإنهم أصحاب النار.فاعترفوا بصدق القلب بأن الله ورسوله حق ولا تبحثوا عن شيء غيرهما." جنم ساكهي بهائي بالا والي الصفحة ١٣٤: "لقد أرسل الله تعالى محمدا المصطفى الله رسولا إلى العالم.وقال الله تعالى لباوا نانك إن في القرآن الكريم ثلاثين جزءا، فعليك يا نانك أن تتجول في الجهات الأربع وتبلغ أن الله واحد لا شريك له.والذي يسمع كلام الله بالحق والصدق هو الذي سيتطهر.جنم 11 ساكهي بهائي بالا والي الصفحة ١٣٤: "قال نانك: يا ربي إن القرآن الكريم بالعربية والهنود يخافون هذه اللغة ولا يفقهون ما قاله الله تعالى." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ١٣٥: "قال الله تعالى لنانك قد أعطيت مرتبة ،الشيخ، فعليك أن تلغي الإلهة والإله وتقاليد الهندوس القديمة التي هي أساس الشرك." جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٣٦: "اذهب يا نانك إلى مكة والمدينة وقم بالحج." جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۳۷ "عندما جاء السيد "ركن الدين" قاضي مكة لإمامة الصلاة تبادل التحية مع " باوا المحترم."
جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۳٩: "يقول السيد نانك: من كان النبي ﷺ وليه وناصره فهو الذي سينال النجاة." جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۳٩: "إن كون المرء مسلما صعب." جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۳٩: "سموا أنفسكم مسلمين بقراءة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بصدق القلب.جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٣٩: "لقد أرسل الله تعالى النبي ﷺ رسولا إلى العالم.لقد قرأت الكتب الأربعة ولكن ليس هناك كتاب آخر سوى القرآن فهو واحد لا شريك له ولا نظير له.جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٤١: "اقرأوا الشهادة الطيبة: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وانضموا إلى أمة النبي جنم ومن فدى نفسه الله فهو حبيبه.ساكهي بهائي بالا والي نفسه الصفحة ١٤١: "لقد استمتعت بمشاهدة نور تعليم النبي الله الطاهر يا نانك حتى نسيتُ نفسي بالنظر إلى قدرة الله." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ١٤٣: "قال باوا نانك رحمه الله : يا ركن الدين اسمع الأجوبة الصحيحة، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم عن الذين لا ينطقون بكلمة الشهادة هم أهل جهنم، وعن الذين لا يصومون إن أكلهم وشربهم حرام، وسيتراكم على رؤوسهم
٣٣٦ عذاب فوق عذاب.الذين أضلهم الشيطان، أنّى لهم أن يصلوا.إنهم أهل النار التي تسمى الهاوية وسيُلقون فيها." جنم ساكهي الصفحة ١٤٣: قال باوا نانك لركن الدين: نل معرفة كلمة الشهادة فإنها روح الإيمان، وبها يثبت الإيمان." جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٤٧: " يقول باوا نانك: لقد قرأت وسمعت التوراة والإنجيل والزبور والفيدات ولكن القرآن الكريم وحده وسيلة النجاة في العالم كله." جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٤٧: والذين" يتركون الصوم والصلاة يُلقَى هؤلاء الطالحون في عذاب جهنم إذ ليست في جعبتهم أعمال صالحة." بيت من جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ١٤٧: " الدنيا تجر إلى الكفر خفية.الدين الصادق عند الله هو الإسلام وحده.وإن هتافات "الله أكبر" تدوّي في هذا الدين." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ١٤٨: "إن الكتاب المليء بالإيمان والصدق هو القرآن الكريم فقط." جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٤٩: "قال باوا نانك لركن الدين: اسمع يا ركن الدين جوابا صوابا، يجب أن تنشر دعوة الإسلام في كل أنحاء العالم عندها فقط ستنال ثوابا." جنم ساكهي نفسه الصفحة ١٤٩:
۳۳۷ "يقول باوا نانك بأن الذين يحلفون بالقرآن الكريم طمعا في الدنيا يقول النبي بأنهم سيلقون في جهنم بلا ريب.جنم ساكهي نفسه، الصفحة ۲۲۰ و ۲۲۲: "قال نانك رحمة الله عليه للقاضي ركن الدين يا قاضي ركن الدين اسمع هذه النصائح جيدا، فإنه كلام معقول وفيه نكات كثيرة.لا شك أن للقرآن ثلاثين حرفا وثلاثين جزءا، وفيه نصائح كثيرة فاسمعها واستيقن بها." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢١: "أخرج الأنانية من الأنانية من القلب والتزم بالشريعة واختر التواضع ولا تستخدم كلمات نابية بحق أحد." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢١: "لا يشعر بسعادة الإيمان إلا من كان ملتزما بالصلوات الخمس" جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢١: "صلوا على الذين خلوا كل يوم، الحق أنه كان سيد الذين يحبون الله تعالى." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢٢: "ردّدوا فقط: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فبهذا الورد تزول الأفكار الشيطانية." جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢٢: "لعنة الله على الذين يتركون الصلاة، فيضيعون بيديهم كل ما كسبوه." جنم ساكهي نفسه: آمن برسول الله ﷺ و آمن بالكتب الأربعة أي القرآن الكريم والتوراة والزبور والإنجيل، وآمن بالله الواحد الذي له بلاط خاص." بيت من غرنته:
الأعمال الصالحة هي من صلاحية الكعبة، والقول الحق من صلاحية المرشد، والنطق بشهادة: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يجلب الحظ السعيد.بيت من غرنته: لن ينال البركة أحد من المرشدين والمرسلين والسالكين والمتواضعين والشهداء والعلماء والمشايخ والقضاة والدراويش إلا الذين يصلون على محمد المصطفى.جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢٢: "قال باوا نانك لركن الدين إن الذين يتعاطون البنج والخمر سينالون عقوبة قاسية" جنم ساكهي بهائي بالا الصفحة ٢٢٢: " يا" غلام فكِّر في القلب ولا تنم ليل نهار، واستيقظ هزيعا من الليل واعبد الله، هذا أمر الله." هو جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۷۲: الأشقياء هم الذين ينامون في وقت الصلاة، والذي يستيقظ هو الذي سيسمع صوت الله العذب " عبارة من جنم ساكهى نفسه والصفحة نفسها: "لقد ردَّدت "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فقط." جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۷۸: "صُوموا وصلوا واعبدوا الله وجاهدوا، وامثلوا أمام الله بالأعمال الصالحة لأن هذا هو الصراط المستقيم " عبارة من جنم ساكهي نفسه
"القائلون بـ "لا إله إلا الله محمد رسول الله لن يدخلوا جهنم محرومين من الإيمان." عبارة من جنم ساكهي نفسه: قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله بصدق القلب، لأن بترديدها تزول الذنوب كلها." عبارة من جنم سا كهي نفسه "قول لا إله إلا الله محمد رسول الله بصدق القلب يرفع عذاب الدين والدنيا." عبارة من جنم ساكهى نفسه: "كيف يرى العذاب من ينطق بالشهادتين بصدق القلب ويتطهر من الذنوب؟" جنم ساکھي نفسه: "آمنوا بالرسول وآله الطاهرين دائما." جنم ساكهي نفسه الصفحة ۱۹۸: "لقد صام باوا المحترم في مكة لعام "كامل جنم ساكهي بهائي بالا والي ص :۱۹۰ "لقد فرضت خمس صلوات في خمسة أوقات وهناك ثلاثون يوما صوما".جنم ساکھی بھائی بالا والي ص ١٩٥."الذين اختاروا سبيل الشيطان رُموا بعيدا عن الله ، ولن يشفع لهم النبي ا." جنم ساكهي ص :١٩٦ "الرسول المصطفى الحق وله أربعة رفقاء: عمر بن الخطاب، وأبو بكر، وعثمان وعلي.هؤلاء هم الرفقاء الأربعة، وجُعلت أربع مصلات لهم.وجاء بعدهم أربعة أئمة آخرون: الإمام الأعظم والشافعي، ومالك وأحمد، والخامس
٣٤٠ هو سيدنا محمد المصطفى الذي أثبت صدق الإسلام.والأئمة الأربعة مسلّم بهم.فيجب أن يسلك المرء سبيلهم فقط.جنم ساكهي بهائي بالا 11 ص :۲۰۱ سيُحكَم" بحسب الأعمال، وهي التي ستنال القبول، ولن تنفع الأعذار، هذا ما قاله النبي المقدس.جنم ساكهي بهائي بالا ص ٢٠٣: "لقد أذن نانك واضعا أصبعيه في الأذنين" جنم ساكهي بهائي بالا ص ٢٠٤: قرأت خطبة سيدنا محمد المصطفى الهلال لو واطمأن القلب.بيت من جنم ساكهي بهائي بالا ص ٢٠٥: " "لقد جاء النبي ﷺ إلى الدنيا ليعبد الله الواحد الذي لا شريك له، ولكن الدنيا غرقت في الأطماع ونسيت." جنم ساكهي بهائي بالا ص ۲۰۷ ثم جلس باوا المحترم في مكة لابسا لباسا أزرق، وقال: إن الله واحد لا شريك له.ولبس لباسا أزرق وسجد على المصلى في الصلاة، وحمل معه عصا وكوز ماء لأن هذه من علامات المصلين.فقد حقق هذا الحديث أيضا".تاریخ الخالصة تأليف بهائي غيان سنغ غياني ص ٥٥: "اجمعوا اسم الله" اسم الله بأداء الصلاة خمس مرات يوميا لأنه لا ينفع شيء سوى الخالصة الجزء الأول تأليف بهائي غيان سنغ غياني ص ٢٦٢: "حيث نزل باوا المحترم كان في الجانب الشرقي من قبر السيدة حواء على شاطئ البحر بيت باوا المحترم.هذا ما يسمى زاوية الراهب نانك.وفي بلاد
العرب كان عند باوا العصا والكوز والسجادة والكتاب (القرآن الكريم) والفراش ذو اللون الأزرق والقبعة المصنوعة من لباس الحرير الذي يلبسه الصوفيون عادة، وكان يطلب ذلك من الأصدقاء أيضا." تاريخ الخالصة، الجزء الأول، تأليف بهائى كيان سنغ كياني ص ٢٦٤: "قال باوا أي نانك رحمة الله عليه لرفقائه: إنكم لستم حجاجا صادقين.إذا أفشيتم الحب واللطف والصدقة في الطريق ستنالون الثواب ولو قمتم بالمحاججة والسخرية والاستهزاء في الطريق لما نلتم درجة الحاج." مت
٣٤٢ جدير بانتباه القراء الكرام أيها القراء الأعزاء، ألهم الله قلوبكم الصدق، وجعل مجهودي الذي قمتُ به بمحض المواساة وحسن النية مفيدا لكم، آمين.الجزء الأول من هذا الكتاب الذي قرئ نيابة عني في جلسة الآريين قد ألحقته بنهاية الكتاب، إذ رأيت من المناسب أن أكتب أولا الردود على جملة الاعتراضات التي قُرئت لإيذاء قلوب الحضور من قبل الآريين في اجتماع عام بأسلوب سيّئ جدا وبسوء الأدب.وارتأيت أن ألحق بنهاية الكتاب مقالي الذي قُرئ في تلك الجلسة باسمي.لهذا السبب أرجأتُ طباعة الجزء الأول من الكتاب ريثما أكتب الرد على اعتراضات الآريين.فبحمد الله ومنته قد كتب الجواب بالكامل لذا ألحقتُ في نهاية الكتاب المقال الذي قُرئ في الجلسة.لا نتأسف على الآريين على توجيههم الاعتراضات إلى الإسلام ونبينا لأن لكل منكر حقا أن يقدم الاعتراض ملتزما بالأدب والنباهة بل نتأسف على أنهم لم يلتزموا بمقتضى النباهة والأدب واستخدموا في مقالهم الهمجية والخبث البالغ غايته وجعلوا مقالهم مجموعة شتائم وأرادوا بكل وضوح أن يؤذوا قلوب المسلمين المحترمين الذين دعوهم خدعة منهم واشترطوا من عند أنفسهم بأن المقالات ستقرأ برعاية مقتضى الأدب.من لا أنه لولا سوء النية وخبث الطوية لأمكن للمرء أن يقدم اعتراضه بأسلوب طيب وحسن، وإلا فيسع مفسدا شريرا أيضا أن يقدم يفهم كلاما
سليما وسديدا- يمكن بيانه بلين ونباهة بأسلوب الشتائم والاستهزاء.فالمرارة والشدة التي استخدمتهما ضدهم في بعض الأماكن ليس مرجعهما ثورة النفس بل رأيت تدارك موقفهم الشرير في أن أرد عليهم بالعملة نفسها.أنا أكره بشدة استخدام كلمة قاسية أو غير مستساغة، ولكن من المؤسف حقا أن معارضينا يبدأون بكيل الشتائم أخيرا في ثورة الإنكار.لو رجع الآريون إلى نفوسهم وحاسبوا أنفسهم لحظة لعلموا أن سبيل الاعتراض على الإسلام مسدود عليهم تماما.أقول بكل تحد إنه ليس في الإسلام معتقد لا يوافق ولا يتوارد مع فرقة من فرق الهندوس.من الواضح أنه ليس الآريون المعاصرون وحدهم الذين يدعون أتباع الفيدا بل هذه الفرقة تُعَدّ جديدة نسبيا، والفرق القديمة التي تدعي العمل بالفيدا وتوجد في البنجاب والهند بعشرات الملايين يجب الانتباه إليها أيضا ليعلم ما هي معتقداتهم، ففيهم عبدة النار وفيهم عبدة الشمس وعبدة الأوثان أيضا وفيهم من يجتمعون بمئات الآلاف كل سنة للمهرجان في مدينة "هردوار" ويسألون إلهة نهر "الغانج" مراداتهم، وفيهم من يعدّون رؤية "جكن ناته جي" وأن يداسوا تحت العجلة مدعاة لاعتزازهم، وفيهم من يقدمون إلى الآن قرابين الدواب على معبد في مدينة "كانغره".وكذلك فيهم الذين يبيحون قرابين الإنسان ويؤيدون تقليد جل" بروا" أيضا.فكل هؤلاء 1 تقليد هندوسي قديم يسلّم بحسبه الولد البكر لأمواج نهر الغانج ليهلك دون رحمة.(المترجم)
٣٤٤ يدعون أنهم يتبعون الفيدا.بل إن أتباع "شاكت مت" أيضا من القوم نفسه وقد ازدادوا فسقا وفجورا ووسعوا مجال المنكرات إلى درجة أنهم لا يرون ضيرا في الزنا حتى بالأم أو الأخت أو البنت الحقيقية.أليسوا هم الآخرون أيضا آريين؟ فما دام أتباع الفيدا بلغوا من الفسق والفجور والشرك وعبادة المخلوق درجة لا نظير لها في العالم، فهل كان ضروريا أن يعترضوا على دين مقدس وطاهر مثل الإسلام؟ أليس صحيحا أنه ليس في الإسلام أمر لا يوجد في فرع من فروع الهندوسية؟ والإسلام يمتاز من حيث تعليم التوحيد الكامل الذي لا جدوى من البحث عن مثيله في تعليم الفيدا.مع أننا نعتقد أن تعليم الفيدا الحالي مضل ولكن لا بد أن يكون الفيدا نزيها من هذه التعاليم السخيفة في زمن من الأزمان.ونؤمن بأنه كان في هذا البلد أنبياء الله لأن وجود الطبيب حيث المريض ضروري.من المؤسف أن الآريين دعوا المسلمين إلى بيتهم وضربوا بأخلاقهم مثلا سيئا لن ننساه أبد الدهر.إن النبل والنباهة أيضا شيء جدير بالاعتداد على أية حال.الراقم: مرزا غلام أحمد القادياني ١٩٠٨/٥/٢٠م
بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم ٣٤٥ أولا وقبل كل شيء نشكر الله الذي خلقنا، ولم يخلقنا فقط بل خلق كل ذرة من وجودنا وقواه.كذلك خلق أرواحنا كلها وقواها كلها لأنه إله كامل وليس ناقصا وإن فيضه يحيط بوجودنا كله وليس ببعض أجزائه.وكما هو خالقنا كذلك هو محيينا أيضا بقوته ولا نستطيع أن نعيش بدونه لأننا مخلوقون بيده.غير أنه لو جاءت أرواحنا إلى حيز الوجود من تلقائها لكان بإمكانها أن تعيش أيضا من تلقائها لأن الأرواح المستقلة في هذه الحالة ما كانت بحاجة إلى سنده.فكيف نستطيع أن نؤدي حق الشكر الله الذي لا يخرج أي جزء من وجودنا من دائرة فيضه ؟ كذلك يجب علينا في هذا المقام أن نشكر السلطنة الإنجليزية أيضا التي بسبب حكومتها المستقلة والعادلة قمنا لبيان محاسن ديننا دون أدنى خوف أو وجل.أما بعد، فيا أيها الآريون المحترمون نقرأ هذا المقال في الجلسة نزولا عند رغبتكم وطلبكم ردا على سؤال طرحتموه.ولقد حاولت جهد المستطيع مراعيا الأدب أن يكون المقال وجيزا ولكن لم يكن مناسبا أيضا أن أكتبه ناقصا.وفيما يلي أسجل الهدف الأصلي، وبالله التوفيق.والسؤال الذي طرحه مجلسكم هو : هل يوجد في العالم كتاب إلهامي ؟ وإذا كان فما هو؟ هذا السؤال يدفع الملتزمين بجميع الأديان المختلفة الموجودة في الدنيا إلى أن يردوا عليه بحسب أفكارهم ومعتقداتهم لذا رأيت من المناسب أن أكتب عنه
٣٤٦ شيئا.وليكن واضحا أنني قبل أن أتطرق إلى صلب الموضوع- أرى ضروريا بغية جعل هذا البحث مرتبا ومفيدا لعامة الناس أن أبين أن الذين يستطيعون أن يردوا بأسلوبهم الخاص على السؤال المذكور لهم عدة آراء: وجود (۱) منهم الذين ينكرون وجود خالق العالم نهائيا.فلما لا يثبت عندهم الله تعالى أصلا فلا يوجد بحسب رأيهم كتاب إلهامي يرتبط وجوده بوجود خالق العالم.الله، (۲) والفئة الثانية هم الذين لا ينكرون خالق العالم كليا، غير أنهم ينكرونه حتما إلى حد ما، كالذين لا يؤمنون أن الله تعالى هو الذي خلق ذرات العالم وقواها الاتصالية والانفصالية، أو أن الأرواح وقواها الدقيقة جدا هي من عند بل يعتقدون أن كل هذه الأشياء وُجدت تلقائيا وهي أزلية.لذا فالإلهام أيضا غير ممكن لديهم لأنه لا توجد بين الروح والإله أية علاقة بحسب هذ المبدأ، بينما فلسفة الإلهام هي أن الله تعالى يتكلم من داخل عبده بسبب الربط بين الخالقية والمخلوقية.فإذا افترضنا أن هذا الترابط بين الله وروح العبد غير موجود فلا بد من التسليم بأن الله بعيد ومنفصل عن العبد.وفي هذه الحالة، كما لا نستطيع نحن أن نكلم أحدا من داخل قلبه، سينطبق الأمر نفسه على الإله أيضا.(۳) وهناك بعض الناس الذين يعتقدون بالإلهام ولكن يزعمون أن كلام الله لا ينزل على أحد بل ما يخطر ببال الإنسان هو إلهام كله.(٤) وقد خلا أناس بل هم موجودون الآن أيضا لا يرون للإلهام أية ضرورة ويقولون بأنه لو استخدمت قوى الإنسان على أحسن صورة وبالكامل لكانت فيها كفاية للهداية.وهناك بعض الفرق الأخرى التي تعتقد أنه قد سبق أن نزل کلام الله في الدنيا ولكنه الله غير الآن سنته هذه ولن ينزل كلامه في
٣٤٧ المستقبل بل انقطع في الأزمنة الخالية.ويقولون بأن الله تعالى كان يكلم في زمن من الأزمان وكان يسمع أي قد تعطلت صفة قديمة من صفاته، وكأن صفاته في هذا العصر ناقصة عندهم وليست كاملة.وهناك بعض الناس الذين يؤمنون بكتاب إلهامي ويقولون أيضا إلى جانب ذلك بأن إلهام الله ظل مقتصرا منذ القدم على لغة واحدة وبلد واحد وأمة واحدة وأن دائرة إلهام الله ضيقة حتى أنه لم يُخلق في أية بقعة من بقاع الأرض ملهم قط سوى بضعة أشخاص خلوا في بلد معين منذ زمن سحيق.وليس ذلك فحسب بل هذا الباب موصد قطعا على جميع الأمم في المستقبل ما عدا قوم خاص وبلد خاص.أيضا غير أنه يسمع في الزمن الراهن ولكن لا يتكلم، هذه هی المذاهب المختلفة التي يكنّ أصحابها المعتقدات المذكورة عن الإلهام، أنا.ولكنني أنوي أن أبين هنا ما هو مذهبي فليكن واضحا أن ما تبتني الله عليه وما كشفه علي بواسطة كتابه الطاهر هو أن الله حق وإلهامه حق.ولأن ذلك الإله هو إله العالم كله وليس إله فئة معينة أو قوم معين لذا فقد أكرم ونوّر جميع بقاع الأرض بفيضه الضروري هذا أي بالإلهام الذي هو مصدر الهداية و لم يبخل على قوم.وكذلك كان هذا مفروضا أن يحدث لأننا نرى الأمور التي تعتمد عليها الحياة المادية مثل الأرض والماء والنار والهواء والشمس والقمر والغلال وغيرها، توجد كلها في البلاد والأمم أن هذه الأشياء ترتبط بالحياة المؤقتة فقط.فكيف يمكن الظن إذا أن كلها، مع الأمور والتعاليم والبركات السماوية التي هي مدار الحياة الروحانية وهي الحياة الأبدية تُوهب لقوم معين وبلد معين ويحرم منها الآخرون فيسقطون في هوة الهلاك؟ العقل النزيه عن العناد والانحياز لن يقبل ذلك بأي حال بل سيعد الله نزيها من تهمة أن يكون ربِّ قوم معين ويُعرض عن غيرهم.لقد تلقينا هذا
٣٤٨ اسمه التعليم الطاهر من الكتاب الطاهر الذي اسمه القرآن الكريم والفرقان الحميد كما يقول : وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ، أي ما خلا قوم ولا بلدة إلا خلا فيهم نبي.ويقول في آية أخرى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ.أي يا أيها المسلمون، آمنوا على هذا النحو وقولوا آمنا بالله الذي "الله"، الذي هو جامع الصفات الكاملة كلها وبريء من كل عيب كما ذكرت صفاته في القرآن الكريم وآمنا بكلام الله الذي نزل علينا أي القرآن الكريم، وآمنا أيضا بكلام الله الذي نزل على النبي إبراهيم وآمنا بكلام الله الذين نزل على إسماعيل والذي نزل على إسحاق وعلى يعقوب وعلى أولاد أُعطيه يعقوب وآمنا بكلام الله الذي أعطيه النبي موسى والكلام الذي النبي عيسى، وآمنا بجميع الكتب التي أعطيها النبيون من ربهم في العالم كله أي الله الذي رباهم ربوبية تامة وأثبت للعالم أنه حافظهم وناصرهم ومربيهم في أي قوم أو بلد ولدوا ولا نفرق بين الأنبياء بمعنى أن نؤمن ببعضهم وننكر بعضهم بل نؤمن بهم جميعا الذين جاءوا إلى الدنيا من الله تعالى.ونحن ندخل الإسلام كما علمنا الله تعالى ونسلم وتخضع أعناقنا أمام الله تعالى.فلو آمن كذلك بقية الناس أيضا الذين يعارضون الإسلام دون أن ينكروا نبيا جاء من الله تعالى لاهتدوا حتما.وإن أعرضوا وآمنوا ببعض الأنبياء وأنكروا بعضا النبي فاطر: ٢٥ البقرة: ۱۳۷-۱۳۹
٣٤٩ آخرين، فقد عارضوا الحق وأرادوا أن يخلقوا الفُرقة في سبيل الله.فاعلم أنهم لن يغلبوا على الإطلاق والله يكفي لمعاقبتهم.والله يسمع ما يقولون وكلامهم لا يخرج عن نطاق علمه.وقد علمكم الله هذا الطريق للاصطباغ، ومن أحسن من الله صبغة عليكم أن تقروا بأنكم تعبدون الله تعالى وحده.هذه ترجمة معاني الآيات القرآنية التي نقلتها آنفا، وكذلك هناك آية في نهاية سورة البقرة جاء فيها: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بالله وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ...ففي قولهم: لا نفرق بين أحد من رسله إقرار أننا لا نؤمن ببعض وننكر بعضا، بل نؤمن بالجميع...منهم يتبين من كل هذه الآيات أن القرآن يفرض على المسلمين أن يؤمنوا بجميع الأنبياء الذين ذاع قبولهم في العالم.ويكفي دليلا على صدق هؤلاء الأنبياء بحسب القرآن الكريم أن جزءا كبيرا من الدنيا آمن بهم، وأن نصرة الله وتأييده حالفهم في كل خطوة.حاشا لله أن يجعل عشرات ملايين الناس تابعين صادقين ومضحين بحياتهم لشخص يُعرف عنه أنه يفتري عليه ل ويخدع العالم ويكذب.وإذا أعطي الكاذب إكراما كما يُكرم الصادقون لارتفع الأمان واشتبه أمر النبوة الصادقة.صحيح وحق تماما المبدأ القائل بأن الأنبياء الذين يُكرمون بالقبول ويحالفهم تأييد الله ونصرته في كل خطوة ليسوا كاذبين قط.غير أنه من الممكن أن يحرّف الذين يأتون فيما بعد صحائفهم ويغيروها ويقلبوا معانيها بتفسيراتهم على أهوائهم بل ضروري أيضا للكتب القديمة أن يستنبط منها أناس ذوو أفكار مختلفة معاني بحسب رأيهم ثم تُعدُّ البقرة: ٢٨٦
٣٥٠ المعاني نفسها جزءا من الكتب رويدا رويدا ثم ينقسم الناس إلى فرق مختلفة بناء على جذب من تلك الأفكار المختلفة، وكل فرقة تستنبط معنى يعارض ما ذهبت إليه فرقة أخرى.فملخص الكلام أن هذا المعتقد الذي علمناه القرآن الكريم صادق ومحكم جدا لأن الفطرة تشهد بأن الأنبياء الذين ينالون قبولا عاما بين عشرات ملايين الناس ويترسخ حبهم وعظمتهم في القلوب بشدة وتنزل نصرة الله عليهم كالمطر لا يكونون كاذبين قط لأن المفتري الخبيث الذي يفتري على الله ويقول بأنه يتلقى الوحي من الله ويكلمه الله مع أنه لم ينزل عليه الوحي ولم يكلمه الله؛ لا يُكرَم على هذا المنوال قط.والذي يجيز أن المفتري أيضا يُكرم على هذا النحو، وينال هذا النوع من التأييد والنصرة والآيات السماوية الكذاب والدجالُ أيضا الذي يفتري على الله فهذا الشخص لا يؤمن بالله في الحقيقة بل هو ملحد خفية.هذا هو الدليل العظيم على الصدق الذي يلاحظ في سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد المصطفى أكثر من جميع الأنبياء في العالم لأن الازدهار والإكرام والتأييد والنصرة الإلهية التي حظي بها النبي لم يحظ بها أي نبي آخر.لقد جاء إلى العالم حين كان العالم مليئا بالشرك والوثنية.كان هناك من يعبد الحجارة، ومنهم كان منهمكا في عبادة النار، وفيهم من يعبد الشمس أو اتخذ الماء إلــــها له، ومنهم من ه إنسانا.وإضافة إلى ذلك كانت الأرض مليئة بأنواع الذنوب من أله والظلم والفساد كما شهد الله تعالى في القرآن الكريم على الحالة السائدة في ذلك الزمن فقال: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر.المراد من ذلك أنه قد فسد القوم الذين أعطوا الكتاب السماوي وكذلك فسد الذين لم يكن لديهم كتاب سماوي الروم: ٤٢
٣٥١ وكانوا كالقفر اليابس.هذا هو الأمر الحق الذي يشهد به تاريخ كل بلد.هل يسع المؤرخين العقلاء في الهند أن ينكروا أن زمن ظهور النبي ﷺ كان كذلك في الحقيقة؟ ونالت أماكن عبادة الأوثان تقديرا وكأن هذا هو دين الفيدات الحقيقي.وهل يسع المسيحيين الهروب من الإقرار أنه ما حلّ عيسى ال وحده في ذلك الزمن محل الله الواحد الذي لا شريك له فحسب، بل عُدت صورته أيضا إلــــها نوعا ما، واتَّخِذت أمه أيضا شريكة في تلك الألوهية.وعندما بعث نبينا الأكرم إلى الدنيا حدث فيها انقلاب عظيم، وفي أيام قليلة ملئت الجزيرة العربية كلها التي لم تعرف شيئا سوى الوثنية بوحدانية الله تعالى كالبحر الزخار.وإضافة إلى ذلك هناك أمر غريب آخر وهو أن الآيات والمعجزات التي أعطاها الله سيدنا ومولانا النبي لم تكن مقتصرة على ذلك الزمن فقط، بل سلسلتها جارية إلى القيامة.وكلّ نبي كان يُبعث في الأزمنة الخالية ما كان يُعَدٌ أَمَّةَ نبي سبقه وإن كان ينصر دين ني ويصدقه، ولكن نبينا الأكرم بوجه خاص قد أُعطي شرف أنه خاتم الأنبياء بمعنى أن جميع كمالات النبوة قد حُتمت عليه، هذا أولا.وثانيا: لن يأتي بعده رسول بشريعة جديدة ولن يكون نبي خارج أمته، بل كل من ينال شرف المكالمة الإلهية ينالها ببركته هو وبواسطته ويُدعى أمتيا وليس نبيا مستقلا.وفيما يتعلق بإقبال الخلق عليه فترى اليوم مئتي مليون مسلم على الأقل من كل فئة قائمين كالخدام له.ومنذ أن خلقه الله تعالى سقط على قدميه- كالعبيد الأذلاء- الملوك العظام والأقوياء الذين فتحوا عالما.كما أن الملوك المعاصرين أيضا يعدّون أنفسهم خداما أذلاء على عتباته وينزلون من عروشهم بمجرد ذكر اسمه أمامهم.يوم فلا بد من التفكير في هذا المقام هل يمكن لكاذب أن ينال كل هذا الاحترام والشوكة والازدهار والجلال وأن يحظى بهذه الآيات السماوية والبركات
الربانية التي تُعَدّ بالآلاف.نقول بكل اعتزاز وفخر بأن النبي الذي تمسكنا بأهدابه يحظى بفضل عظيم من الله هو ليس إلها ولكننا رأينا الله تعالى بواسطته.إن دينه الذي وصلنا هو مرآة لقدرات الله.لولا الإسلام لكان مستحيلا في هذا الزمن أن نعرف ما هي النبوة، أو هل المعجزات أيضا من الممكنات، وهل تندرج تحت قانون الله السائد في الطبيعة؟ إن بركة هذا النبي الدائمة هي التي حلّت هذه المعضلة، وببركته لا نعتمد على القصص فقط مثل بقية الأمم بل يحالفنا نور من الله ونصرته ته السماوية.ما حقيقتنا حتى نستطيع تأدية حق الشكر على أن الله المستور عن الآخرين ذلك الإله ذو الجلال وتلك القوة الكامنة الخافية في الحجب عن أعين ،الآخرين قد ظهر علينا ببركة هذا النبي الكريم فقط.والغريب في الأمر أن الأمم المعارضة تبغض هذا النبي الكامل أكثر من غيره! وقد نُشرت في العالم للإساءة إليه وتكذيبه كتب بكثرة لم يُنشر مثلها للإساءة إلى أي نبي منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا.وهذا يُثبت أن الذي يحبه الله الله أكثر ويعطيه نصيبا أكبر من جلاله وعظمته تعاديه هذه الدنيا العمياء أكثر من غيره.ولكن ذلك النبي العظيم نفسه قد علّمنا أن الأنبياء والرسل الذين ظلت أقوام العالم يؤمنون بهم ونشر الله تعالى عظمتهم وقبولهم في بعض بقاع العالم؛ الله تعالى في الحقيقة.وإن كتبهم السماوية – وإن أصابها بعض التبديل والتحريف مع مرور الزمان أو فُهمت معانيها على النقيض من الحقيقة هي من الله تعالى في الحقيقة وجديرة بالتقدير والتعظيم.هم من ذات مرة سُئل النبي عن الأنبياء في بلاد أخرى فقال ما مفاده بأنه قد خلا أنبياء الله في كل بلد وقال: "كان في الهند نبي أسود اللون اسمه كاهنا...أي "كنهيا" الذي يُسمَّى "كرشنا".وسُئل ل أيضا: هل كلّم الله تعالى في اللغة
٣٥٣ الفارسية أيضا في وقت من الأوقات؟ فقال ما مفاده: نعم، لقد نزل كلام الله بالفارسية أيضا، وقال في تلك اللغة: "ایں مشت خاك راگر نه بخشم چه کنم وقال الله أيضا في القرآن الكريم: مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصُ عَلَيْكَ، والمراد من ذلك أن على المسلمين أن يحسنوا الظن، وينظروا إلى جميع الأنبياء الذين خلوا في أية بقعة من بقاع الأرض بنظرة الاحترام والتعظيم هذا وارد في القرآن الكريم مرارا وتكرارا.والهدف من ذلك هو تعليم المسلمين ألا يحطوا من شأن نبي في أية بقعة من بقاع الأرض، بعث وآمن به عدد كبير من القوم.هذا المبدأ جميل جدا ومهما اعتز به المسلمون كان في محله لأن الأمم الأخرى تستعد لإطالة اللسان نتيجة أبسط الخلافات- لعدم التزامها بهذا المبدأ - على أنبياء آخرين في الدنيا نالوا قبولا عند عشرات ملايين الناس، ويكيلون شتائم بذيئة بوجه خاص ضد نبينا المقدس.إنهم يرددون "الصلح، الصلح" باللسان فقط ويُطلقون اللسان نفسه كسيف مسلول على نبينا الحبيب الذي أرواحنا تحت قدميه نحن قوم مظلومون بشكل غريب إذ نعظم كل نبي مقبول بين الأنام خلا في الدنيا ونبجّله ونؤمن به بحسب تعليم القرآن الكريم، أما ما يقوله معارضونا وما يكتبونه ضد نبينا الأكرم فيعلمه العالم كله.نحن نعلن ونرى نشر هذا الإقرار في العالم كله مدعاة لسعادتنا أن موسى وعيسى عليهما السلام وغيرهما من الأنبياء كلهم كانوا أنبياء أطهارا وأتقياء وأصفياء الله كذلك الصلحاء الذين بواسطتهم أنزل الله تعالى تعاليمه المقدسة في الهند وكذلك الذين جاءوا فيما بعد وكانوا زعماء مقدسين عند الآريين بمن فيهم الراجا رام" شندر" و"كرشنا كلهم كانوا مقدسين ومن أي ماذا أفعل إن لم أغفر لهذه الحفنة من التراب.(المترجم) ۲ غافر: ۷۹
٣٥٤ الذين ينزل عليهم فضل الله ولكن إلى من نشكو؟ وبمن نستغيث إذ لا تعاملنا الأمم الأخرى بالمعاملة نفسها؟! ما أجمل هذا التعليم الذي يضع أساس التصالح في العالم ويهدف إلى جعل الأمم كلها أمة ،واحدة وهذا التعليم هو : اذكروا صلحاء الأقوام الأخرى باحترام وتبجيل.ومن لا يعرف أن أساس العداوة القاسية هو تحقير الأنبياء والرسل الذين آمن بهم عشرات ملايين الناس من كل قوم؟ فالذي يسيء إلى نبي أو يؤيد المسيء أو يصادقه ثم يريد أن يتصالح مع القوم الذين يفدون ذلك النبي بالقلب والروح، إنما هو سفيه وغبي إلى درجة لا نظير له في العالم في السفاهة والغباوة.الذي يشتم أبا أحد ثم يريد أن يرضى به ابنه أنى له ذلك؟ والذين يؤكدون بلسانهم على التصالح مع قوم عليهم أن يقوموا بأعمال الصلح على صعيد الواقع أيضا.فيا مواطني الأعزاء، فكروا في كلامي هذا ولا تهملوه دون تفكير، فما دمنا نسكن في بلد واحد علينا أن نحب بعضنا حتى نصبح أعضاء لبعضنا.ولكن اعلموا أيضا أنه إذا كان الحب مبنيا على النفاق فهو ليس حبا بل هو بذرة سامة، ستحمل ثمارا فتاكة بعد حين.الصلح خير كله، ولكن بذاءة اللسان والصلح لا يجتمعان معا قط.فأيها السادة، هل أنتم مستعدون أم لا لأن نقبل، لوضع أساس الصلح، مبدأ طيبا أنه كما نعد نحن رجال دينكم وأنبياءكم الذين آمن بهم عشرات ملايين الناس من قومكم ويُذكرون بالاحترام والتقدير - صادقين بصدق القلب كذلك آمنوا أنتم أيضا بصدق القلب بشهادتي: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" لتشتركوا في خطوة خطوناها نحو الوحدة والصلح وترفعوا من هذا البلد الفُرقة التي تلتهمه رويدا رويدا.
٣٥٥ لا نطالبكم بشيء لم نساهم فيه أولا ، ولا نريد منكم أن تفعلوا شيئا لم نفعله نحن.يكفي لإقامة الصلح الصادق وإزالة الضغائن أن تؤمنوا بصدق نبينا الأكرم ، كما نعد رجال دينكم وأنبياءكم صادقين.وأعلنوا إقراركم هذا مثلنا.غير أننا مضطرون إلى عدم العمل بمعتقداتكم الرائجة حاليا، لأن الله تعالى قد أخبرنا و أن الكتب السابقة لم تعد قائمة على صدقها.كذلك إن الفرقة الدينية السائدة فيما بينكم أيضا تحول دون ذلك لأن مئات الفرق ذوات الآراء المختلفة الموجودة في الهند تنسب نفسها إلى الفيدا.فكم من تلك المعتقدات عسانا أن نصدقه؟ تعلمون جيدا أن اتباع المعتقدات المتناقضة مستحيل على الإنسان لأن كل فرقة ستشد إلى نفسها ولا جدوى من الدخول في هذا العراك لأن حكم الله الأخير، وهو القرآن الكريم قد أغنانا عن أتباع الأحكام الأخرى.وبالفعل لا نريد منكم من أجل التصالح معكم إلا أن تصدقوا القرآن الكريم إجمالا، كما نصدق نحن الله إجمالا، غير أنه لو أقدم على ذلك رجل سعيد منكم بعد ذلك فهو فضل من باختصار، قد جئناكم حاملين مبدأ أن تشهدوا بحسب المبدأ المذكور آنفا كما قبلنا أن صلحاءكم كانوا من الله تعالى، فنتوقع من طبيعتكم الميالة إلى الصلح أن تؤمنوا أنتم أيضا أي يجب أن تقروا فقط أن النبي ﷺ رسول الله الصادق.والدليل الذي قدمناه لكم هو برهان بين وواضح.وإن لم يتم الصلح بهذه الطريقة فاعلموا أنه لن يتم أبدا بل ستزداد الضغائن يوما إثر يوم.المسلمون قوم يضحون بأنفسهم في سبيل شرف نبيهم الكريم ، ويرون الموت خيرا لهم من إهانة أن يصافوا ويصادقوا قوما شغلهم الشاغل هو سب رسولهم ليل نهار ويذكرونه في كتبهم وجرائدهم ونشراتهم بكلمات نابية ونجسة للغاية.اعلموا أن هؤلاء الناس ليسوا مخلصين لقومهم أيضًا إذ يزرعون الأشواك في طريقهم.
٣٥٦ الحق والحق أقول إنه يمكننا أن نتصالح مع أفاعي الفلوات ووحوش البراري ولكن لا يمكننا الصلح مع الذين لا يكفون عن بذاءة اللسان في حق أنبياء الله الأطهار.إنهم يزعمون أن الانتصار يكمن في السباب وبذاءة اللسان فقط.ولكن الحق أن كل انتصار يأتي من السماء.إن أصحاب اللسان الطاهر يفتحون القلوب في نهاية المطاف ببركة كلامهم الطاهر ، ولكن أصحاب الطبائع الخبيثة لا يملكون شيئا إلا أن يعيثوا في البلاد فسادا وفُرقة.لو التزم الناس بمبادئ قدمها القرآن الكريم لامتلأ هذا البلد بالبركات، ولكن لسوء حظ البلاد لا يُحبّذ هذا المبدأ.اليوم هناك كتاب واحد تحت أديم السماء يركز على مبدأ أن الأنبياء والرسل، الذين ظلت أمم العالم تؤمن بصدقهم والذين نشر الله العظمتهم وقبولهم في بقاع واسعة في العالم هم من الله في الحقيقة.هناك مثل معروف في الأردية معناه: لسان الخلق بمنزلة صُور من الله؛ فلما ألهم الله تعالى قلوب عشرات ملايين الناس أن هؤلاء الأنبياء والرسل صادقون، وليس ذلك فحسب بل نصرهم وأيدهم أيضا بصورة خارقة للعادة؛ فكان ذلك دليلا قويا على أنهم أحباء الله في الحقيقة وأنّ الإساءة إليهم بمنزلة الإساءة إلى الله.والتجربة أيضا تشهد أن عاقبة ذوي اللسان البذيء مثلهم لا تكون حسنة.إن غيرة الله تُري لأحبائه شيئا في نهاية المطاف.فما من سكين أسوأ من سكين لسان المرء.ولم يرد في القرآن الكريم فقط أن اذكروا كرام الناس في العالم كله باحترام بل ورد أيضا أن عليكم أن تواسوا كل قوم كما تواسون قومكم.لذا كما حرم الإسلام على المسلم أخذ الربا من قومه كذلك حرّم عليه أن يأخذه من قوم آخرين.بل قال الله تعالى إن الأمر لا يقتصر على حرمة الربا فقط بل إذا كان مدينكم فقيرا فأسقطوا عنه الدين أو أعطوه مهلة على الأقل إلى ميسرة حتى يصبح قادرا على تسديده.وكما ورد الأمر في القرآن الكريم بالعفو عن ذنوب
٣٥٧ المسلمين كذلك جاء الحكم نفسه لأقوام أخرى كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.أي فاعفوا عن ذنوب الآخرين واعتدائهم وأخطائهم.....أن عيسى لقد علم الإنجيل أيضا الصبر والعفو ولكن لعل كثيرا من الناس لا يذكرون العليا يقول في الإنجيل أنه لا علاقة لي بالأمم الأخرى قط، إذ لم أَرْسَلْ إِلَّا إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، أي أن مواساتي محصورة في اليهود فقط.أما القرآن الكريم فقد جاء فيه بصراحة أن عليكم أن تواسوا الأمم الأخرى أيضا كما تواسون قومكم، واعفوا عن الأقوام الأخرى أيضا كما تعفون عن قومكم لأنه لم يرد في القرآن الكريم أن النبي لا الهلال بعث إلى قريش فقط بل ورد فيه أنه مبعوث إلى العالم كله كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ، أي قد أرسلت إلى العالم كله وليس إلى قوم واحد.وقال في آية أخرى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.أي لم ترسلك رحمة لقوم معين بل رحمة بالعالمين كلهم فكما أن الله تعالى رب العالمين كذلك النبي الله هو رسول للعالمين ورحمة للعالمين وإن مواساته تشمل العالمين كلهم وليست خاصة بقوم دون قوم.كذلك علم الله تعالى أمته بالمواساة الكاملة والعامة التي ما أُعطيها أي نبي آخر قط كما يقول: ﴿إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى.أي اعدلوا مع الناس جميعا أي خذوا بقدر حقكم وعاملوا البشر بالعدل.وقد جاء أمرٌ فوق ذلك أن أحسنوا النور: ٢٣ ٢ الأعراف: ١٥٩ الأنبياء: ۱۰۸ النحل: ٩١
٣٥٨ الحسنة الكاملة إلى بني البشر أي عاملوهم بما ليس فرضا عليكم بل هو من قبيل الإحسان فقط.ولكن لما كان في الإحسان أيضا عيب مخفي إذ يسخط المحسن أحيانا على مَن أحسن إليه ويُمن عليه بإحسانه لذلك قال في نهاية الآية المذكورة أن هي أن تحسنوا إلى البشر كما تحسن الأم إلى طفلها لأن إحسانها يكون ناجما عن حماس طبيعي وليس طمعا في جزاء إذ لا يخطر ببالها أن يعطيها الطفل شيئا مقابل برها.فالدرجة الكاملة للمواساة التي يقوم بها المرء تجاه بني البشر هي الدرجة الثالثة والمذكورة في : إيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى).وجدير بالذكر أن هذا التعليم لم يرد في الإنجيل بل كل ما ورد فيه من تعليم البر والإحسان والعفو هو مقتصر على بني إسرائيل فقط ولا علاقة له بغيرهم.كذلك كل ما تعطي كتب الأمم الأخرى الموحى بها سوى القرآن الكريم من تعليم المواساة والإحسان والعفو يقتصر على تلك الأمة فقط.والكتب الإلهامية للأمم السابقة لا تهتم بأناس غير قومها قط كما أن جُلّ مواساة الإنجيل وتعليم العفو والإحسان إنما هو لبني إسرائيل فقط ولا علاقة له بغيرهم قط.وأرجو ألا ينزعج أهل بلدي الأحبة الآريون من كلمة الحق أنه لا يليق بتعليم الفيدا أن يؤمر فيه أن يعفو الناس عن أخطاء المخطئين في حقهم لأنه ما دام الإله بنفسه يُدخل المذنب في دوامة التناسخ عشرات ملايين المرات نتيجة ذنب واحد فبأي وجه ينصح الناس أن يعفوا عن أخطاء المخطئين بحقهم؟ لعل إهانة الأنبياء الآخرين عمل ثواب بحسب الفيدا وقد يخطر ببال أحد أن المسلمين أيضا يستخدمون عند المناظرات كلمات غير لائقة بحق كبار قوم آخرين، فليكن معلوما أن أناسا مثلهم يخرجون عن تعليم القرآن الكريم وفي كثير من الأحيان يكون الذين يسبون النبي له هم السبب وراء سوء أدبهم.فكما هو معلوم أن المسلمين يحترمون عيسى اللة ويعظمونه ويوقنون بأنه رسول الله الحبيب
وصفيه، ولكن عندما لا يرتدع قسيس عنيد مثلا عن الإساءة إلى النبي ﷺ ويتجاوز الحدود في بذاءة اللسان يردّ عليه المسلم الذي تأذى بكلامه ردًّا إلزاميا فيستاء منه القسيس، ولكن المسلم مع ذلك لا يخرج عن دائرة الأدب بل يضمر في قلبه شيئا من النية الحسنة على أية حال لأن تحقير نبي كفر بحسب الإسلام والإيمان بالأنبياء جميعا فرضٌ.فالمسلمون يواجهون مشكلة عويصة إذ يوجد أحباؤهم في كلا الجانبين.ولكن الصبر مقابل الجاهلين أفضل على أية حال لأن الإساءة إلى أي نبي ولو تلميحا معصية كبيرة ومجلبة لغضب الله.وإن اعترض أحد أن الإسلام يأمر بقتال الكفار فكيف يمكن عده دين الصلح والسلام؟ فليكن واضحا أنه اتهام شنيع للقرآن الكريم والنبي ، ومن الكذب الصريح القولُ بأن الإسلام أمر بالجبر والإكراه لنشر الدين.لا يخفى على أحد أن النبي تحمّل المصائب في مكة المعظمة إلى ١٣ عاما على أيدي الكفار قساة القلوب وعانى بسببهم معاناة شديدة لا يقدر على تحملها إلا الأصفياء الذين يتوكلون على الله إلى أقصى الحدود.ففي تلك المرحلة قتل دون رحمة عديد من أصحاب النبي الله الأعزاء عليه، وضُرب بعضهم مرارا وتكرارا ضربات مبرحة حتى أوشكوا على الموت.ورشق بعض الظالمين النبي نفسه بالحجارة حتى تضرج بالدم من قمة الرأس إلى أخمص القدمين.وفي الأخير خطط الكفار أن يقتلوا النبي وبذلك يقضون على هذا الدين الفتي.حاصروا بيته بهذه النية، فأمر الله نبيه بأنه قد آن الأوان أن تهاجر من هذه البلدة، فخرج مع رفيق رفيق اسمه أبو بكر الله.وكانت معجزة من الله أنه لم يره أحد أن مئات الناس كانوا قد حاصروا بيته فخرج من مكة ووقف على الحزورة وقال مخاطبا مكة: إِنَّكِ لأحبّ أَرْضِ الله إلي، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهُ إِلَى اللَّه، لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجتُ.مع
٣٦٠ وبذلك تحققت النبوءة الواردة في الصحائف السابقة التي جاء فيها أن ذلك النبي سيُخرج من وطنه.و لم يصبر الكفار على ذلك بل قرروا ملاحقته وقتله في كل الأحوال ولكن الله تعالى أنقذ نبيه من شرهم فجاء إلى المدينة مهاجرا من مكة خفية.ومع ذلك ظل الكفار يخططون للقضاء على المسلمين ومحوهم كليا.لولا حماية الله ونصرته لكان استئصال المسلمين في تلك الأيام سهلا جدا لأن العدو كان يُعدّ بمئات الآلاف أما عدد الصحابة عند الهجرة من مكة فلم يكن أكثر من سبعين صحابيا وكانوا قد هاجروا إلى بلاد مختلفة.يستطيع كل لبيب أن يفهم كيف كان الجبر ممكنا في هذه الحالة على أية حال، لما بلغ ظلم الكفار منتهاه ولم يمتنعوا عن الإيذاء بأية طريقة وعقدوا عزما صميما على القضاء على المسلمين بالسيف، أذن الله تعالى لنبيه بالقتال الدفاعي.أي القتال الذي لم يكن الهدف من * ورائه إلا الدفاع عن النفس ودفع هجوم الكفار كما صرح بذلك في القرآن الكريم في آية: إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ حَوَّانٍ كَفُورٍ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.أي لقد أراد الله أن يدفع سوء الكفار وظلمهم عن المؤمنين أي يأذن لهم بالقتال الدفاعي...فيأذن الله للمؤمنين الذين صال عليهم الكفار صولا بعد صول ليقتلوهم، ويأمرهم الله أن يقاوموا الكفار لأنهم مظلومون وأن الله على نصرهم قدير وإن كانوا قلة.هذه الآية الأولى في القرآن الكريم التي أذن فيها للمسلمين بمواجهة الكفار.ففكروا بأنفسكم ماذا يستنبط منها؟ هل يُستنبط منها السبق إلى القتال أم المقاومة والدفاع عن النفس في حالة الاضطرار والمظلومية؟ إن معارضينا أيضا يعرفون جيدا أن القرآن الكريم الذي في يدنا اليوم هو القرآن نفسه الذي نشره النبي هي الحج: ٣٩-٤٠
٣٦١ فكل ما يُقال على النقيض من هذا البيان هو كذب وافتراء بحت.والكتاب الذي الله يستنبط منه تاريخ المسلمين القطعي واليقيني هو القرآن الكريم وحده.من الواضح تماما أن القرآن الكريم يقول بأن المسلمين أمروا بالقتال حين كانوا يُقتلون بغير حق وكانوا مظلومين عند الله فقط.ففي ظل هذه الظروف لم يخل الوضع من أمرين اثنين: إما أن يسمح الله تعالى أن يُقضى على المسلمين بسيوف الكفار أو يسمح لهم بالمقاومة وذلك أيضا كان مشروطا بأن ينصرهم من عنده لأنهم ما كانوا قادرين على القتال قط.وهناك آية أخرى إذ وضع تعالى شرطا آخر إلى جانب الإذن، وتلك الآية واردة في سورة البقرة في الجزء الثاني من القرآن الكريم: وَقَاتِلُوا فِي سَبيل الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.أي قاتلوا في سبيل الله الذين سبقوكم فيه وشنّوا عليكم هجوما بعد هجوم، ولكن مع ذلك عليكم ألا تعتدوا عليهم...ثم جاءت آية في سورة الممتحنة الجزء الثامن والعشرين: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.أي الذين لم يهاجموكم للقضاء على دينكم ولقتلكم و لم يُخرجوكم من وطنكم؛ لا ينهاكم الله أن تحسنوا إليهم وتعطوهم قسطا من مالكم واعدلوا معهم في المعاملات والله يحب الذين يعاملون العدو أيضا بالإحسان واللطف وخاصة العدو الذي سبق أن آذاكم كثيرا.ثم يقول تعالى في سورة التوبة، الجزء العاشر : ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهُ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ)، أي إذا أراد أحد البقرة: ۱۹۱ الممتحنة: ٩ التوبة ٦
٣٦٢ من المشركين أن يسمع كلام الله في أيام الحرب فأجره حتى يسمعه...إنهم قوم جاهلون لا يدرون من يحاربونه.ويقول في الجزء السابع عشر في سورة الحج: وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا.هنا يقول الله تعالى بأنه هو يضمن حماية هذه المعابد كلها ومن واجب الإسلام أنه إن سيطر المسلمون على بلد مسيحي مثلا فعليهم ألا يتعرضوا لمعابدهم بل يمنعوا هدم..كنائسهم.والتعليم نفسه يفهم من أحاديث النبي أيضا لأنه يتبين من الأحاديث أنه كلما كلّف قائد جيش المسلمين بمواجهة قوم كان يؤمر بألا يتعرض لمعابد المسيحيين واليهود وزوايا رهبانهم.فيتبين من ذلك بعد الإسلام عن طرق العناد وأنه يحمي كنائس النصارى ومعابد اليهود كما يحمي المساجد.غير أنه لم یرد الله الذي هو مؤسس الإسلام أن يفنى الإسلام نتيجة هجمات الأعداء فأذن بالحرب الدفاعية وأذن بالمواجهة دفاعا عن النفس كما يقول في القرآن الكريم: ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِحْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَعُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (التوبة (١٣) ويقول أيضا: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا )) (الأنفال: ٦٢) أي لماذا تخافون أنكم قليلون والكفار كثر فلا تستطيعون أن تقاتلوهم.ثم يقول تعالى في آية أخرى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا.أي أن الذي قتل شخصا لم يسفك دما بغير حق، أو قتل من لم يوقع الخلل في أمن البلاد بالتمرد و لم يُفسد في الأرض فكأنه قتل الناس جميعا.إذا، إن مثل قتل النفس دون مبرر معقول كمثل قتل البشر جميعا في نظر الله.هذه الآيات أن قتل النفس بغير وجه حق جريمة كبيرة عند الإسلام.يتبين من الحج ٤١ المائدة: ٣٣
٣٦٣ يتضح من كل هذه الآيات أن الله تعالى يعدّ في القرآن الكريم السبق بالقتال وبدءه جريمة نكراء ويأمر المؤمنين بالصبر والجلد مرارا وتكرارا كما يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.أَي عامل بالحسنى عدوّك الذي يعاملك بالسوء.ولو فعلت لصار لك صديقا كأنه قريب لك أيضا.ويقول في آية أخرى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ".صحيح أن الإنجيل أيضا يعلّم الصفح والعفو كما قلتُ من قبل ولكنه يقتصر على اليهود فقط، و لم يوسع عيسى الدائرة مواساته إلى غيرهم.وقال بكل صراحة بأنه لا علاقة له مع غير بني إسرائيل سواء أهلكوا أم نجوا.ولكن القرآن الكريم يقول: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا.أي يا أيها الناس الذين تمكنون على الأرض لقد جئت رسولا إليكم جميعا ولا تقتصر مواساتي على قوم دون قوم.كذلك قد أخبر في الأحاديث النبوية عن الزمن الأخير أنه عندما يأتي المسيح الموعود في الزمن الأخير سيأتي إلى الدنيا برسالة الصلح ويضع الحروب، أي سيلغي الحروب التي يشنّها المشايخ نتيجة سوء تصرفاتهم.وهذا الحديث مذكور في صحيح البخاري الذي يحتل مقام الصدارة في كتب الحديث.وورد في نص الحديث: "يضع الحرب"، ففي هذا الحديث نبوءة أن الناس في زمن الإسلام الأخير سيشرعون خطأ منهم في الحروب المزعومة باسم الإسلام، أو أن الجهال- من ساكني إقليم "سرحد" الذين هم كالسباع - سيعدّون قتل مسيحي أو غيره فصلت: ٣٥ آل عمران: ١٣٥ الأعراف : ١٥٩
٣٦٤ ثوابا وسيدعون أنفسهم مجاهدين.ولكن حين يأتي المسيح الموعود سيعلن لهم بكل وضوح: لا يجوز القتال من أجل الدين.وهذا الحديث على درجة عليا من الصحة لأن نبينا الأكرم لم يشنّ أية حرب لنشر الدين قهرا، بل كانت حروبه دفاعية لأن الذين قتلوا المسلمين وأولادهم ونساءهم ولم يرتدعوا عن القتل وتجاوزوا الحدود كلها قد أُمر بقتلهم.ومع ذلك خُفّف عنهم إلى درجة أنه من فهم صدق الإسلام وأراد الانضمام إليه برغبته القلبية كان يُرفع عنه القصاص لأن الانضمام إلى الإسلام في ذلك الزمن كان يساوي الموت بسبب المصائب الشديدة الوطأة.فمن كان يدخل الإسلام كأنه كان يقبل لنفسه الموت نوعا ما، وبذلك كان الانضمام إلى الإسلام يغدو بمنزلة الموت.باختصار، إن الأفكار القائلة بأن مسيحا ومهديا سيأتي في زمن من الأزمان لينشر الإسلام بقتال الكفار إنما هي أفكار سخيفة جدا ولاغية بحيث يكفي القرآن الكريم نفسه لدحضها.ما الحاجة إلى الأسلحة الأرضية لنشر دين تحالفه المعجزات والآيات السماوية دائما وفي كل عصر وهو زاخر بالحق والحكمة؟ إن قتاله يكون بتأييدات الله الساطعة وليس بسيف حديدي.ليت كفار مكة الأغبياء لم يحاولوا القضاء على الإسلام بحد السيف حتى لا يحب الله تعالى أن يُقتلوا بالسيف نفسه! فلما تبين بالقطع واليقين أن سيدنا ومولانا النبي لم يشن أي قتال لنشر الإسلام قهرا بل صبر على هجمات الكفار إلى مدة طويلة حتى خاض أخيرا مضطرا قتالا دفاعيا؛ فيثبت من الأفكار القائلة بمجيء المهدي الدموي أو المسيح السفاك أن ذلك المهدي أو المسيح سيخالف سنة النبي ﷺ وسيكون بحاجة إلى السيف بسبب ضعفه الروحاني.فأية فكرة تكون أكثر سخفا منها؟ كيف يجوز للمهدي والمسيح ما لم يفعله النبي بل واجه مئات المصائب وصبر؟
٣٦٥ كذلك هناك حديث في صحيح مسلم عن المسيح الموعود ويثبت منه أن المسيح الموعود لن يحارب.ونص الحديث هو : أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ.أي أيها المسيح الأخير قد أخرجتُ على الأرض عبادي الأقوياء- أي أمم أوروبية لا يقدر أحد على قتالهم، فلا تقاتلهم بل حرز عبادي إلى الطور، أي اهدِهم بواسطة التجليات السماوية والآيات الروحانية؛ فأرى أن هذا ما أُمرت به أنا.فليكن واضحا هنا أن المراد من هؤلاء العباد هم القوى الأوروبية التي تكاد تنتشر في العالم كله والمراد من الطور هو مقام التجليات الحقة الذي تصدر فيه الأنوار والبركات والمعجزات العظيمة والآيات المهيبة تتلخص هذه النبوءة في أنه عندما يأتي المسيح الموعود لن يحارب تلك القوى العظمى، بل ستتجلى عليه لنشر الإسلام في الأرض الأنوار الساطعة نفسها التي تجلت على النبي موسى على جبل الطور.فالمراد من الطور هي التجليات الإلهية الساطعة التي تظهر بصورة المعجزات والكرامات على وجه خارق للعادة، وستظهر في المستقبل، وسيرى العالم كيف يحيط ذلك السطوع بالعالم كله إن الله مستور جدا وخفي الأخفياء ولكن كما أظهر تجليا مهيبا في زمن موسى حتى أن موسی أيضا لم يستطع عندها أن يتحمله بل خرّ صعقا، كذلك سيُري بريقُ الله نفسه بما يفوق العادة حتى يطمئن به الباحثون عن الحق، كما خاطبني الله تعالى قبل ٢٥ عاما وأنبأ بنبوءة عظيمة وهي مذكورة في كتابي البراهين الأحمدية تعريبها: "إني سأري بريقي، وأرفعك من قدرتي.جاء نذير في الدنيا، فأنكروه أهلها وما قبلوه، ولكن الله يقبله، ويُظهر صدقه بصول قوي شديد صول بعد صول." المراد مما قاله الله في هذه العبارة الإلهامية: "إني سأري بريقي" هو البريق نفسه الذي يشبه البريق الذي تجلى على جبل الطور والمراد منه هو المعجزات
٣٦٦ وعدني الله الجلالية كما أُري بنو إسرائيل معجزات جلالية على جبل الطور.كذلك في البراهين الأحمدية نفسه الذي مضى على تأليفه ٢٥ عاما بأنه إن لم يسلك الناس مسلكي فسأنزل الطاعون وستتفشى الوفيات وتحدث الزلازل وتقع الآفات المخيفة.فقد تفشى الطاعون في هذا البلد بحسب هذه النبوءة ووقعت الزلازل، وهناك وعدٌ من الله أن وباء جديدا أيضا يجهله الناس سينتشر في هذا البلد وسيحتارون بسبب ما هو حادث فيقول الله تعالى: سأري الأمر نفسه أقواماً هم منهمكون في الاستهزاء والسخرية والإهانة والتكذيب وهم قساة القلب، وسأهدي بهذه المعجزات الجلالية عبادي الذين كان الإيمان في نصيبهم، وسأعيذهم في ملاذ المعجزات الجلالية التي أظهرت على جبل الطور.فالمعجزات الجلالية هي التي بدأ ظهورها في هذا الزمن وقد أنبأ بها الله تعالى من قبل بواسطتي أنا كما مضى ذكرها آنفا كذلك أظهر على يدي آيات كثيرة أخرى لو كتبت كلها لما وسعها كتاب ضخم.بإيجاز، إن معجزات الله تعالى الجلالية والبريق المخيف والآيات المهيبة التي ظهرت على جبل الطور، تظهر الآن آيات الغضب نفسها في العالم مرة أخرى.فمثلا يحصد الطاعونُ الأمم كلها حصدا، تقع الزلازل، وتسقط الشهب بصوت مهيب والإله الذي كان مختفيا عن أعين الغافلين من قبل يريد الآن أن.يُظهر نفسه على العالم بكل وضوح.أعود الآن إلى صلب الموضوع وأقول: كيف عرفنا أن القرآن الكريم هو كلام الله؟ فيا أيها الأصدقاء، إن الأمر الأول والجدير بالبيان هنا هو أنه من الضروري لكلام الله أن يمتاز عن كلام الإنسان بكل وضوح، لأنه إذا اقتصر الله أيضا على الهداية إلى وجود الله وصفاته بقدر ما يهدي إليه العقل کلام السليم، ولم يقدر على أن يوصل المرء إلى مرتبة اليقين والمعرفة أكثر من ذلك
٣٦٧ فما وجه أفضليته على عقل الإنسان؟ وكيف يُعَدُّ كلام الله في هذه الحالة؟ فمثلا يقدّم العقل السليم على وجود البارئ تعالى أدلة أن المرء يضطر إلى القبول نظرا إلى الترتيب المحكم والنظام الأبلغ في هذا العالم، أنه يجب أن يكون لهذا العالم خالق حتما.ولكن العقل لا يقدر على أن يُري أن ذلك الخالق موجود فعلا.فإذا كان الكتاب الذي يُعَدُّ كلام الله يهدي إلى ما يهدي إليه العقل السليم فقط فليس في جعبته للتقديم إلا ما قدمه العقل السليم من قبل، بينما كان من واجب ذلك الكتاب أن يثبت كونه متفوقا على كلام الإنسان ومتميزا عنه ليكون وسيلة المعرفة اليقينية.الإنسان يحتاج إلى كتاب إلهامي لسبب وحيد هو أن العقل الإنساني يضطر للقبول بعد أن يتدبر نظام العالم ويرى كيف تجرّ الأجرام الكبيرة عربة العالم نتيجة العلاقات المتبادلة، إذ ينال جرم ضوءا من نجم آخر، ومنها ما يدور حول غيره و لم يحدث فيها أي خلل أو فساد مع مرور مدة طويلة لا تُحصى- أن هناك في الخفاء قوة عظمى يجري كل شيء بمشيئتها وأمرها.وما دام العقل لم ير شيئا فغاية ما يحق له القول بعد تدبر هذه التصرفات بأنه يجب أن يكون لها خالق، وليس أن ذلك الخالق موجود فعلا والفرق بين "يجب أن يكون" و موجود فعلا كالفرق بين الظن واليقين.ومن واجب الكتاب الإلهامي أن يوصل المرء إلى مرتبة "موجود فعلا اليقينية والقطعية من مرتبة يجب أن يكون.وإن اقتصر على كلام يمكن أن يأتي به أي عاقل فطين أيضا، فلا يقوم على كونه موحی به دلیل قاطع ويقيني.ولو قبلناه كتابا موحى به أيضا لكان تعليمه بلا جدوى تماما لأنه لا يستطيع أن يوصل إلى مرتبة اليقين العليا.والجدير بالتذكر أيضا أنه لا بد أن توجد في الكتاب الإلهامي قوة إلهية.أما إذا وُجدت في كتاب الحقائق والمعارف والكلام المبني على المعرفة الجميلة والحكمة
٣٦٨ والفلسفة فلا يمكن عده إلهاميا بناء على هذه البيانات فقط لأن كل هذه الأمور تقع في دائرة قوى الإنسان كل ما اكتشفه ذهن الإنسان المتقد إلى يومنا هذا إلى حتى أظهر أسرار العلوم الخافية وخواصها بصبغة عملية وأوجد من الأدوات والصنائع ما يترك الإنسان في حيرة من أمره وما كتبه أرسطو وأفلاطون وأبقراط وغيرهم من الحقائق والمعارف الدقيقة من تلقاء أنفسهم وأبلغوا البحث عن النفس منتهاه على قدر زعمهم هل لنا أن تُطلق عليهم لقب نبي أو رسول بناء على ذلك؟ أو هل يمكننا القول عن كتبهم بأنها إلهامية أو كلام الله؟ كلا.الله فالقول بأن كتابا كذا وكذا وجد منذ أزمنة سحيقة وقديمة لذا هو من تعالى أيضا ليس حجة قوية لأنه أولا وقبل كل شيء لا علاقة قط لهذا الادعاء مع كون الكتاب من الله وإضافة إلى ذلك هذا ما تدّعيه أمم كثيرة كما قدمت الادعاء نفسه كتب أنبياء المجوس أيضا.كل من قرأ كتاب "الدساتير" لا بد وأن يعلم جيدا أن كتاب المجوس سبق الفيدا في ادعاء كونه أقدم من الفيدا.أما الفيدا فلا يبلغ واحدا بالألف من القدم مقارنة بالمدة التي يدعيها كتاب المجوس.فأي قاض سيحكم بعد المقارنة بينهما أي الكتابين صادق في ادعاء القدم وأيهما كاذب؟ الله؟ ولو افترضنا جدلا أن كتابا كذا قديم جدا، فهل يثبت من ذلك أنه كلام تذكروا، وتذكروا جيدا أن هذه القضية ستُحسم في نهاية المطاف لصالح كتاب يقدم ميزة فارقة بينة مقابل كلام الإنسان لأنه ما دام فعل الله تعالى، أي تصرفاته العملية، يمتاز تماما عن فعل الإنسان إلى درجة أن خَلْق مِثل ذبابة أيضا يفوق قدرة الإنسان، فكيف يمكن أن يساوي قولُ الله قول الإنسان ولا تكون فيه قدرة من القدرات الإلهية؟
٣٦٩ فيا أيها السادة، أقول بأن تلك العلامة الفارقة والمتميزة التي حددها العقل السليم لمعرفة الكتاب الإلهامي توجد في كتاب الله المقدس؛ القرآن الكريم فقط.وتلك المزايا التي يجب أن توجد في كتاب الله كعلامة متميزة لا توجد في هذا الزمن في كتب أخرى قط.من الممكن أن تكون تلك الصفات قد وُجدت فيها في الأزمنة الغابرة ولكنها لا توجد الآن.مع أننا نعدها كتبا إلهامية من منطلق دليل كتبناه من قبل، ولكنها وإن كانت إلهامية لا تجدي الآن شيئا في حالتها الحالية.ومثلها كمثل حصن ملكي صار خرابا يبابا راحت منه الثروة والقوة العسكرية كلها.والآن أبين فيما يلي مزايا القرآن الكريم المتميزة التي تفوق قدرة الإنسان.أولا: فيه قوة عظيمة توصل متَّبعه من المعرفة الظنية إلى المعرفة اليقينية، وهي أنه عندما يتبعه الإنسان اتباعا كاملا يُرَى نماذج قدرة الله تعالى بصورة المعجزات، ويكلّمه الله ويُطلعه على أمور غيبية بواسطة كلامه.لا أبين هذه البركات القرآنية كقصص فقط، بل أقدم معجزات أُريتُها وعددها يبلغ إلى مئة ألف معجزة، أو لعلها تربو على مئة ألف أيضا.لقد قال الله في القرآن الكريم بأن الذي يتبع كلامي هذا لن يقتصر على الإيمان بمعجزات هذا الكتاب فقط، بل سيعطى هو أيضا معجزات.فقد أُعطيتُ أنا أيضا بتأثير كلام الله معجزات تفوق قدرة الإنسان، وهي فعل الله وحده الزلازل التي وقعت على الأرض، والطاعون الذي يحصد العالم حصدا إنما هي ضمن المعجزات التي أعطيتها.لقد نشرت خبر هذه الحوادث في كتابي "البراهين الأحمدية" قبل أن يكون لها أدنى أثر أو علامة بخمسة وعشرين عاما كنبوءة وقلت بأن هذه الآفات على وشك الحلول، فحلّت كلها.ولا يقتصر الأمر على ذلك قط بل الآفات المقبلة أكثر
۳۷۰ من سابقتها بكثير.بعضها أو بئة جديدة لم تتفش في هذا البلد من قبل، وهى مخيفة ومهيبة.وهناك طاعون شديد ومرعب على وشك الحلول وسيتفشى في هذا البلد وبلاد أخرى وسيكون مخيفا بشدة.ولعل زلزالا آخر أيضا سيحدث إما في هذه السنة أو في العام المقبل، وسيقع بغتة ويكون شديد الوطأة.ولا يُعلم هل سيحدث في منطقة معينة من البلد أو سيكون عاما.لكن لو خشي الناسُ ربهم لأمكن اتقاء هذه الآفات لأن الله تعالى ملك الأرض والسماء، فهو قادر على أن يصدر أوامره وعلى أن يلغيها أيضا.ولكن لا يؤمل في الظاهر أن يلتزم الناس بخشية الله، لأن القلوب تجاوزت الحدود في قسوتها.ولا أتوقع أن يتنبهوا نتيجة إعلاني إلى هذه النبوءات قبل الأوان.ولا أتوقع إلا السخرية والاستهزاء أو الشتائم أو أن أتهم بنشر الذعر بين الناس.تذكروا نكتة أنه ليس ضروريا لزوال هذه البلايا أن يُسلم الناس، لأن المؤاخذة على الأخطاء الدينية ستكون يوم القيامة.غير أنه من الضروري أن يرتدع الناس عن سوء التصرفات بكل أنواعها وألا يستخدموا لسانا بذيئا بحق أنبياء الله ولا يظلموا المساكين، وأن يتصدقوا كثيرا وألا يشركوا بالله أحدا، لا حجرا ولا نارا ولا إنسانا ولا ماء ولا شمسا ولا ،قمرا وأن ينبذوا سبل الكبر والشر وألا يكيدوا سرًا لإيذاء الحكومة البريطانية التي يعيشون تحت ظلها بالأمن والراحة بل يجب أن يطيعوها لأنه مما لا شك فيه أن لهذه الحكومة أيادي بيضاء على كلا القومين الهندوس والمسلمين وليالي عهد هذه السلطنة أكثر أمنًا من نهار عهد السيخ.فلو نبذ الناسُ الضغائن كلها من قلوبهم واتقوا الله كثيرا، لكان ذلك مصلا روحانيا فيه شفاء دون أدنى شك.لقد خاطبني الله تعالى مرارا وقال: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.أَي أَن الله تعالى لن يغير شيئا قط من البلاء النازل
۳۷۱ على الدنيا ما لم يغير الناس ما في قلوبهم.وقال عمل أيضا مخاطبا إياي: إني أحافظ كل من في الدار، لولا الإكرام لهلك المقام.إني مع الرسول أقوم، وألوم من يلوم وأفطر وأصوم ولن أبرح الأرض إلى الوقت المعلوم." أي كل من كان داخل جدران بيتك سأحميه من الطاعون.لولا مراعاة إكرامك لأهلكتُ قاديان كلها لأنهم أساءوا السلوك مع كونهم جيرانا...ولن ينقطع عذابي عن هذا البلد ما لم يأت زمن قدرته.والمراد من الصوم والإفطار هو أن الطاعون سيكون شديدا أحيانا، وكأن الله تعالى سيُفطر بهلاك الناس كما يفطر الصائم، وفي بعض الأحيان سيرفع على الطاعون لبعض الوقت وكأنه صائم.كذلك هناك آية عظيمة أخرى من الله وهي أنني كنت قبل ٢٧ عاما أو أكثر في حالة كأني أحد من الناس وكنت خامل الذكر، و لم يعرفني إلا بضعة أشخاص بالكاد.و لم أملك عزة ولا وجاهة.وفي تلك الأيام جئت إلى هذه المدينة، أي لاهور، بالذات أكثر من مرة، ولا يسع أحدا أن يقول بأنه جاء لزيارتي من تلقاء نفسه نظرا إلى وجاهتي.فلم أكن في ذلك الزمن شيئا يعتد به.وهذا ما لا يشهد به المسلمون فقط في قاديان، بل يشهد به الآريون أيضا.ففي ذلك الزمن أنبأ الله تعالى بعروجي وشوكتي وجلالي في مستقبل الأيام، وقد نُشر وأشيع بعد عامين في كتابي البراهين الأحمدية الذي مضى عليه ٢٥ عاما.ونص ذلك النبأ هو : "إني جاعلك للناس إماما يأتون من كل فج عميق، يأتيك من كل فج عميق.ينصرك رجال نوحي إليهم من السماء.إذا جاء نصر والفتح وانتهى أمر الزمان إلينا أليس هذا بالحق.ولا تصعر لخلق تسأم من الناس ألقيتُ عليك محبة مني.ولتصنع على عيني"...أي سيقتدون بك وستكون مقتداهم...سيأتونك بأنواع سيأتونك بأنواع الغلال والنقود، سألهم قلوب الناس لينصروك بالمال فسينصرونك...عندما يُقبل العالم إلينا عندها سيقال: الله الله ولا
۳۷۲ ألم يكن حقا ما تحقق اليوم؟ لا تعامل خلق الله بسوء الخلق عندما يتوافدون عليك ولا تسأم من كثرتهم.لتُصنع على عيني؛ أي لتتربى أمام عيني وتُجهَّز للهدف المطلوب.فهكذا كان بالضبط وألقى الله تعالى في القلوب بعد مدة من الزمن حبي إلى درجة قبل بعض الموت أيضا في سبيلي إضافة إلى النصرة المالية، وقتلوا رجما و لم يتأوهوا.لقد تخلوا عن حياتهم من أجلي ولكن لم يخذلوني.تحمل البعض معاناة كثيرة من أجلى وهاجروا إلى قاديان من مسافة مئات الفراسخ، وبعضهم قدّموا لي آلاف الروبيات وعدد الذين جاءوا إلى قاديان للبيعة إلى يومنا هذا يربو على مئة ألف شخص.أما عدد المبايعين الإجمالي فيقارب أربع مئة ألف شخص.وقد جاءني أكثر من مئة ألف روبية، ويمكن إثباتها من الحوالات البريدية ويُنفق ما يقارب ١٥٠٠ روبية شهريا على دار الضيافة فقط، وكلما ازدادت النفقات ازداد الدخل أيضا.واللافت في الموضوع أن كلمات هذه النبوءة كلها من عبارات القرآن الكريم.وهذه إشارة إلى أن هذه المعجزة إنما هي معجزة النبي في الحقيقة.هناك جانبان لهذه النبوءة جديران بالتمحيص :أولا: هل صحيح فعلا أنني كنت في ذلك الزمن الذي مضى عليه أكثر من ٢٥ عاما خامل الذكر إلى درجة أن كنت ممن لا يسأل عنه أحد كما قلتُ؟ والأمر الآخر الجدير بالتمحيص هو: هل صحيح أن مئات الآلاف بايعوني إلى الآن؟ ومعظمهم زاروا قاديان؟ وهل صحيح أنه قد جاءني أكثر من مئة ألف روبية إلى الآن؟ فالأمر الأول الجدير بالتمحيص واضح بين لأنه لا أحدا من هذه المحافظة يسع أو محافظة أمرتسار ولاهور أن يدّعي أنه يعلم أنني كنت حائزا في الزمن الابتدائي على هذا العروج والصيت الذائع والفتوحات المالية.ولحسن الحظ يشهد على ذلك الآريون من قاديان أيضا بمن فيهم شخص يُدعى لاله شرمبت،
۳۷۳ والآخر اسمه لاله ملاوا مل لأنهما كانا يأتيانني وكانا مطلعين جيدا على حالة عزلتي وخمولي.وقد سافرا أيضا معي صدفة إلى أمرتسار حين كان كتابي "البراهين الأحمدية" قيد الطبع هنالك.كذلك يشهد جميع سكان قاديان.والأمر الثاني والجدير بالتمحيص أيضا بديهي وبين كذلك ولا تجهله الحكومة أيضا، وهو أن جماعتي منتشرة في البنجاب والهند كلها.ويوجد عدد لا بأس به منهم في ولاية كابول أيضا.وكما قلتُ إن مكاتب البريد الحكومية تكفي شهادة على الفتوحات المالية.ويجدر بالانتباه أن تاريخ هذه النبوءة يعود إلى ٢٧ عاما في الحقيقة وليس إلى ٢٥ عاما، إذ قد مضت ٢٥ عاما على طباعة "البراهين "الأحمدية علما أن مسودته ظلت في طيّ التأجيل إلى فترة من الزمن.و سيستمتع بهذه النبوءة من يحقق أولا في هذين الأمرين الجديرين بالتمحيص.والآن أتساءل هل علم الغيب العظيم بهذا القدر في قدرة الإنسان؟ وإذا كان الأمر كذلك فأين نظيره في العالم؟ ومن جملة الآيات التي أظهرها الله تعالى على يدي آيات شاهدها بعض الآريين من قاديان فأرى من المناسب أن أسجل بعضها هنا، لأن الآيات التي تتعلق بالآريين أنفسهم وهم شاهدو عيان عليها لا يمكن اعتبار أي آية أخرى أقوى منها في هذا الاجتماع؟ فمنها آية تتعلق بلاله شرمبت الآري، من قاديان، أن لاله المحترم واجه ذات مرة قبل ٣٥ عاما مصيبة أن أخاه لاله بسمبر وهي داس سُجن في قضية جنائية وسُجن معه شخص آخر اسمه "خوشحال" فجاءني لاله شرمبت ذات مرة وقال أرجو أن تدعو لنا لأننا قلقون جدا.فدعوت ليلا وأُريتُ أني وصلت إلى مكتب فيه سجلات مدة السجناء ففتحت سجلا فيه مدة سجن لاله بسمبر داس وشطبتُ نصف مدة السجن.وسردت ذلك للاله شرمبت.ثم حدث أن قدم لاله شرمبت وإخوته استئنافا في المحكمة العليا من
٣٧٤ قبل أخيهم المسجون.قال لي لاله شرمبت: اسأل إلهك ماذا سيكون مصير الاستئناف؟ عندها دعوت الله تعالى مرة أخرى من باب المواساة ليكشف الله على المصير.فكشف لي في عالم الرؤيا أن ملف القضية سيعود من المحكمة العليا إلى محكمة المحافظة وستخفف عقوبة لاله بسمبر داس أخي لاله شرمبت إلى النصف ولكن لن يُطلق سراحه.أما زميله أي المدعو "خوشحال" فسيقضي مدة سجنه كاملة ولن يُخفّف منها ولو يوم واحد ولن يُطلق سراحه أيضا.لقد سردت كل هذه الأحداث للاله شرمبت قبل الحكم في المرافعة، فحدث ذلك تماما دون أدنى اختلاف.عندها كتب لاله شرمبت إلي ورقة قال فيها بأن الله تعالى كشف عليك كل هذه الأشياء بسبب سعادتك.وبفضل الله تعالى ما زال لاله شرمبت حيا يُرزق في قاديان وسيضطر إلى سرد الأحداث كلها بصدق إن استحلف.ولقد سجّلت هذه القصة بالتفصيل في كتابي البراهين الأحمدية أيضا الذي مضى على نشره ٢٥ عاما.كل عاقل يستطيع أن يفهم أنه لو وردت هذه القصة فيه خلافا للواقع لاستحال أن يسكت لاله شرمبت إلى كل هذه المدة قط دون أن ينشر تكذيبها ودون أن يكذبني.والمعلوم أن افتراء الكذب البين مثله عمل شخص خبيث وملعون ولن ينكر الصدق إلا الذي لا يخاف إلهه أدنى خوف ولا يخشى اللعنة.كذلك هناك شخص آخر في قاديان اسمه "ملاوا مل".والمعلوم أن لاله شر مبت ولاله ملاوا مل آريان متحمسان جدا وهما اللذان أسسا آريا سماج في قاديان قبل ٣٠ عاما تقريبا أصيب لاله ملاوامل بمرض السل، وكان يصاب بحمى خفيفة مستمرة ليل نهار حتى يئس من حياته.فجاءني ذات يوم وأجهش بالبكاء أثناء الحديث وطلب مني الدعاء.فرق قلبي لحالته ودعوت له، وتلقيت من الله تعالى إلهاما نصه: "قلنا يا نار كوني بردا
وسلاما" أي قلنا لنار الحمى، كوني بردا وسلاما.ثم لم يمض أسبوع كامل إلا ونجا لاله ملاوامل من ذلك المرض المخيف.وقد نشرت هذا الحادث أيضا في كتابي البراهين الأحمدية، وقد مضى على نشره ٢٥ عاما، و لم ينشر لاله ملاوامل تكذيبه قط.الإيمان والأمانة أيضا شيء يُعتد به، وصدق المقال مبدأ الدين الصادق لذا إذا استحلف هو أيضا لما كان له بد المقال.ولكن من الأفضل أن يُبَت في ذلك في مجمع أدعى له أنا وكلا من صدق الشخصين المذكورين ويُستحلفان أمامي لأنه إن لم يُستحلفا فيمكن أن يكذبا مراعاة لقومهما، ويجب أن يُستحلفا بأولادهما.هذا، وهناك عديد من نبوءاتي الإلهامية الأخرى التي تتعلق بالآريين، وهناك خمس نبوءات قد تحققت ولكن لا أرى ذكرها مناسبا في هذا الاجتماع ولا حاجة إلى ذكرها أصلا لأنها منشورة في كتبي.فأي دليل يمكن أن أقدمه على آياتي للآريين أكبر من أنني أشهد الآريين أنفسهم؟ وهذه المعجزات ليست لي بل هي للقرآن الكريم، لأني أعمل ذلك بقوته وبروح أعطانيها.فزبدة الكلام أنه من قوى القرآن الكريم العظيمة أن متبعه يُعطى معجزات وخوارق، وتكون بكثرة فلا يسع الدنيا أن تبارزها فهذا ما أدّعيه وأقول بصوت عال بأنه لو اجتمع معارضي كلهم من الشرق والغرب في ميدان واحد وأرادوا أن يبارزوني في الآيات والخوارق فسأكون غالبا على الجميع بفضل الله وتوفيقه.ولن يكون سبب هذه الغلبة لأن في روحي قوة أكبر بل لأن الله تعالى أراد أن أُثبت قوة عظيمة في كلامه القرآن الكريم وأثبت قوة روحانية ومرتبة عليا لرسوله محمد المصطفى..وقد وفقني ل لهذا بمحض فضله وليس نتيجة مزية في شخصي، بل لأنني أتبع نبيه العظيم الشأن وكلامه القوي وأحبه.وأؤمن بكلامه الذي اسمه القرآن الكريم وهو مظهر القوى الربانية.وقد وعد
٣٧٦ القرآن الكريم: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ).ووعد أيضا: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحِ مِنْهُ ، ووعد أيضا: (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا.فقد أعطاني كل ذلك بحسب هذا الوعد.وتعني هذه الآيات أن الذين يؤمنون بالقرآن الكريم سيُعطون الرؤى المبشرة والإلهامات بكثرة، وإلا يمكن لأي شخص أن يرى رؤيا صادقة على سبيل الندرة.ولكن لا مجال للمقارنة بين القطرة والبحر، كما لا وجه لتشبيه المليم بالكنز.وقال تعالى بأن المتبعين الحقيقيين سيؤيدون القدس، أي بروح سيُعطى عقلُهم وفهمهم نورا من الغيب وتُجعَل كشوفهم صافية جدا.ويوضع في كلامهم وأعمالهم تأثير ويُقوَّى إيمانهم كثيرا.ثم قال لا بأنه سيضع بينهم وبين غيرهم فرقا بينا، أي ستكون الأمم الأخرى كلها عاجزة أمام ما يُعطون من المعارف الدقيقة والكرامات والخوارق.فنرى أن وعد الله هذا ظل يتحقق منذ القدم، وأنا شاهد عيان عليه في هذا الزمن.إلى هنا قد بينت قوة القرآن الكريم العظيمة التي تؤثر في متبعيه، وهو إلى جانب ذلك زاخر بمعجزات أخرى.لقد أنباً بتقدم الإسلام وشوكته وانتصاره في زمن كان النبي يتجول وحده في براري مكة و لم يكن معه إلا بضعة من الفقراء والضعفاء من المسلمين.وعندما غلب قيصر الروم في الحرب مع الفرس وسيطر كسرى إيران على رقعة واسعة من بلاده عندها أنبأ القرآن الكريم بأن قيصر الروم سيغلب مرة أخرى في غضون تسع سنين وسيهزم إيران، وهكذا كان.كذلك معجزة شق القمر العظيمة التي تُري يد قدرة الله أيضا مذكورة في القرآن الكريم بأن القمر انشق نصفين بإشارة إصبع النبي ﷺ وشاهد الكفار هذه يونس: ٦٥ المجادلة: ۲۳ الأنفال: ٣٠
۳۷۷ المعجزة.والقول مقابل ذلك بأن حدوث ذلك يتعارض مع علم الأفلاك كلام لغو تماما لأن القرآن الكريم يقول: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِنٌ....أي رأى الكفار هذه المعجزة وقالوا بأنه سحر قوي التأثير وقد بلغ تأثيره إلى السماء.هنا تبين من بوضوح أن هذا ليس ادّعاء بحتا، بل بالقرآن الكريم يُشهد عليها الكفار الذين كانوا أعداء ألداء وماتوا على الكفر.من الواضح أنه لو لم يحدث شق القمر فكيف كان للمعارضين في مكة الذين كانوا عطاشى للدماء أن يجلسوا صامتين واجمين؟ بل كانوا سيثيرون ضجة دون أدنى شك، ولقالوا بأنها تهمة علينا؛ إذ لم نر القمر ينشق نصفين.ولا يجيز العقل أن يرى هؤلاء الناس تلك المعجزة كذبا وافتراء محضا ثم يلزموا الصمت والوجوم كليا، ولا سيما حين أشهدهم النبي ﷺ على ذلك الحادث، فقد كان من واجبهم- إن لم يكن الحادث صحيحا- أن يفندوه بدلا من أن يختموا على صحته بسكوتهم.فيتبين يقينا أن هذا الحادث وقع حتما والقول مقابله أنه لا ينسجم مع قواعد علم الأفلاك أعذار واهية فقط.والحق أن المعجزات تكون خارقة للعادة دائما وإلا إذا كانت أمرا عاديا أنى لها أن تسمى معجزة؟ وإضافة إلى ذلك من ذا الذي أحاط بجميع قواعد الأفلاك علما؟ بل هناك غرائب سماوية تظهر للعيان في كل يوم جديد لا تُدرك أسرارها وتظهر بصورة خارقة للعادة حتى تترك العقل حيران مشدوها في أمرها.قبل بضعة أيام كشف الله على أن آية سماوية ستظهر في اليوم الأخير من شهر التقويم الميلادي فأسرعت إلى نشر هذه النبوءة في الجرائد.وحين 1 القمر : ٢-٣
۳۷۸ تاریخ ۳۱ من الشهر رأى آلاف الناس نجما ثاقبا ساقطا من السماء، وظن كل واحد أنه سقط في قريته.وكان مصحوبا برعد وصوت قوي.وقد سقط بعض الناس في بعض الأماكن مغشيا عليهم بسبب ضوء النجم وصوته.وقد أخبرنا بأن سقوط هذا النجم المهيب شوهد إلى مسافة سبع مئة فرسخ بل وصلنا الخبر " التيبت" أيضا أن الناس هنالك شاهدوا هذا النجم المضيء وقوي الصوت ساقطا وكان مصحوبا بصوت مهيب جدا.فليخبرني أحد علماء الأفلاك ما من هذا الحادث الذي حدث؟ فلباب القول بأن القرآن الكريم زاخر بآيات عظيمة لا هذا المقال من يسع ذكرها.وهناك أسلوب غريب ملحوظ في القرآن الكريم دون أي كتاب آخر وهو أنه لا يبين قدرة الله وعلمه ورحمته ومغفرته وصفاته الأخرى بوجه عام فقط مثل الإنسان العاجز، بل يقدم بنفسه دليلا حيا ومتجددا على أن الله عالم وقادر ورحيم ومنج، أي يجعل المرء يشاهد نموذج تلك الصفات المتجددة كالمعجزة والنبوءة ليستيقن المرء أن ما اشتهر من صفاته عل في العالم موجود فيه في الحقيقة.ولكي يبلغ قراؤه حق اليقين عن صفات الله تعالى.ومن محاسن القرآن الكريم السَّنيَّة تعليمه لأنه يطابق فطرة الإنسان ومصالحه تماما.فمثلا تعلّم التوراة: "سن" بسن وعين بعين".ويقول الإنجيل بألا تقاوموا الشر قط، بل إذا لطمك أحد على خدك الأيمن فأدر له الآخر، أما القرآن الكريم فيقول: جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ...أي من عفا عن المخطئ في حقه وكان ممكنا أن ينصلح المخطئ نتيجة العفو عنه، ويرتدع عن سيئته في المستقبل، فالعفو أفضل من الانتقام، وإلا فالعقوبة الشورى: ٤١
۳۷۹ أفضل، لأن الناس يتفاوتون في طبائعهم.فبعضهم لن يقربوا الذنب إذا عُفي عنهم مرة بل يرتدعون عنه.وهناك بعض آخرون يعودون إلى الذنب نفسه حتى بعد أن يخرجوا من السجن.ولأن طبائع الإنسان مختلفة لذا فالتعليم الذي قدمه القرآن الكريم هو الذي ينسجم مع طبائعهم.أما تعليم الإنجيل والتوراة فليس كاملا قط، أما بل يتعلق بفرع واحد من فروع شجرة البشرية.وكلا هذين التعليمين يشبه قانونا خاصا بقوم أو مقام.تعليم القرآن الكريم فيهتم بكافة الطبائع البشرية.يأمر الإنجيل بألا تنظروا إلى امرأة غير المحرمة بنظر الشهوة، ولكن القرآن الكريم يقول بألا تنظروا إليها ،قط لا بشهوة ولا بغير شهوة لأن ذلك أيضا سيكون مدعاة للعثار لكم في حين من الأحيان.وإذا اقتضت الحاجة إلى ذلك يمكن النظر بعين شبه مغمضة وليس بعين مفتوحة ومركزة تماما.يقول الإنجيل أيضا بألا تطلق زوجتك دون ارتكابها الزنا مطلقا.ولكن القرآن يراعي الحكمة في ذلك ويحكم بأن الطلاق ليس خاصا بالزنا فقط بل لو وقعت العداوة بين الرجل والمرأة ولم يبق بينهما انسجام أو إذا كان هناك خطر على الحياة، أو إن لم تكن المرأة زانية ولكن تصدر منها مقدمات الزنا وهي تلتقي مع رجال آخرين ففي كل هذه الحالات حصر الأمر في رأي الرجل أن يطلقها إن رأى ذلك مناسبا.ومع كل ذلك هناك تأكيد شديد على المرء ألا يستعجل في الطلاق.فمن الواضح أن تعليم القرآن الكريم يطابق حاجات الإنسان تماما وإن تركه سيؤدي إلى فساد حتما في حين الأحيان، لذلك اضطرت بعض الحكومات الأوروبية إلى سن قانون يجيز من الطلاق.أما ما ورد في الإنجيل عن النجاة أي صلب عيسى العليا والكفارة فلم يقبل القرآن الكريم هذا التعليم.لا شك أن القرآن الكريم يعُدّ عيسى العلم نبيا مقدسا وحبيب الله ومقربا ووجيها عنده ولكن مع كل ذلك يعُدّه إنسانا فقط، ولا يرى
۳۸۰ ضروريا للنجاة أن يُلقى وزر مذنب على بريء.ولا يقبل العقل السليم أن يُذنب زَيدٌ ويُبطش بدلا منه ببكر.والمعلوم أن حكومات البشر أيضا لم تعمل بهذا المبدأ.من المؤسف حقا أنه كما أخطأ المسيحيون في مسألة النجاة نال الآريون أيضا نصيبا من الخطأ نفسه، ونسوا الحقيقة الأصلية، لأن التوبة والاستغفار ليسا شيئا يُعتد به بحسب معتقد الآريين وأن النجاة مستحيلة ما لم يمر المرء عقوبة على ذنب واحد بكافة الولادات المتكررة المحددة لهذا الذنب على طريق التناسخ، ومع ذلك ينال النجاة لوقت محدود فقط.وأن الإله ليس بقادر على مغفرة الذنوب قط، وكأن التوبة الصادقة التي هي موت روحاني ونار يقبل الإنسان أن يصلاها ابتغاء مرضاة الله ليست شيئا يُذكر عندهم.وهذا يدل على ضيق آفاق الإله، والعياذ بالله وما دام الله يأمر عباده أن يعفوا عن أخطاء المخطئين بحقهم ويصفحوا عمن يعصونهم ولكنه بنفسه لا يلتزم بذلك فكأنه يريد أن يعلم عباده أخلاقا لا توجد فيه.وفي هذه الحالة لا بد أن يخطر ببال متبعي هذا الدين أنه ما دام الإله لا يعفو عن مذنب بحقه فأنى لنا أن نعمل ما يتنافى مع أخلاقه.وماذا أن تكون حالة الرعية التعيسة الحظ التي تعيش تحت ظل الحكام والملوك الذين لا يعفون قط مثل الإله عن المخطئين في حقهم؟ ثم من أين يثبت التناسخ عسى أصلا؟ فكما نرى زهوق روح أحد هل رأينا مرة أن الروح نفسها تعود وتدخل في جسد آخر؟ وهذه العقوبة أيضا لا تجدي نفعا قط لأنه إذا لم تُعرف الروحُ العائدة وإن لم تعط علما أنها أُحيلت إلى ولادة دنيا على طريق التناسخ لذنب كذا وكذا فأنّى لها أن ترتدع عن ذلك الذنب؟ ليكن معلوما أن في طبيعة الإنسان عيبا أيضا إلى جانب ميزات كثيرة وهو أنه يصدر منه الذنب والتقصير نتيجة ضعفه.والله القادر على كل شيء الذي خلق فطرة الإنسان لم يودعها النزعة إلى الذنب ليوقعه في عذاب دائم، بل ليجلي صفة العفو والمغفرة
۳۸۱ الموجودة فيه.الذنب سمٌ دون أدنى شك، ولكن نار التوبة والاستغفار تجعله ترياقا.فالذنب نفسه يصبح سببا لتقدم الإنسان بعد التوبة والندم ويقلع من داخل الإنسان جذر الأنانية ويستأصل عادات العُجب والكبر وإبراز النفس.أيها الأحبة، تذكروا أنه لا يمكن لأحد أن ينال النجاة بأعماله، بل النجاة تتأتى بمحض فضل الله.والإله الذي نؤمن به رحيم وكريم جدا، وقادر على كل شيء، وله القدرة كلها، لا ضعف فيه ولا عيب ولا نقيصة.هو مبدأ كل أنواع الظهور ومنبع كافة الفيوض ، وخالق المخلوقات كلها، ومالك الجود والفضل كله، وجامع الأخلاق الحميدة والأوصاف الكاملة، ومنبع الأنوار كلها، وهو روح جميع الأرواح وقيوم كل شيء.هو أقرب من كل شيء ولكن لا يمكن القول بأنه عين الأشياء هو أعلى من كل شيء ولكن لا يمكن القول بأن شيئا يحول بيننا وبينه هو أدق من كل دقيق وأخفى من كل خفي ومع وحده، ذلك أظهر من كل شيء.المتعة الصادقة والسعادة الحقيقية توجد فيه هذه هي الفلسفة الحقيقية للنجاة.فعن هذه النجاة علّمنا القرآن الكريم أنها تظهر وتتبين في هذه الدنيا كما قال تعالى: مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى.أي أن الحواس لرؤية الله وأسباب النجاة الأبدية يأخذها الإنسان معه من هذه الدنيا.وقد قال تعالى مرارا وتكرارا بأن الوسيلة التي يمكن للإنسان أن ينال النجاة بواسطتها موجودة منذ القدم مثل قدم الله تعالى ،وأزليته وليس أنه تعالى تذكر بعد مدة مديدة بأنه إذا كان بنو آدم لا يستطيعون أن ينالوا النجاة فلأهلكن نفسى لأنجيهم بشكل من الأشكال.الإسراء: ۷۳
يمكن أن يُدعى الإنسان ناجيا بصورة حقيقية حين تحترق جُلّ أهوائه النفسانية، ويصبح رضاه هو رضا الله، ويفنى في الله إلى درجة لا يبقى له شيء بل جميع يصبح كل شيء لله تعالى، ويكون كل قوله وفعله وحركته وسكونه وإراداته الأعماق أن لوجه الله فقط، ويشعر من لذاته مرتبطة الآن بالله تعالى وانفصاله عنه لحظة واحدة بمنزلة الموت ،له وأن تنشأ فيه نشوة حب الله ويكون سكران بها حتى يصبح كل ما سواه في نظره كالمعدوم.وإذا هاجمه العالم كله بالسيف وأراد إبعاده من الحق بالتخويف والترهيب، يبقى قائما على الاستقامة نفسها كالجبل الراسخ.وأن تشتعل فيه نار حب كامل وينفر من الذنب بطبيعته.وكما يحب الناس أولادهم وزوجاتهم وأصدقاءهم الأعزة عليهم فيداهم ذلك الحب قلوبهم إذ يضطربون بوفاتهم وكأنهم يوشكون على الموت بأنفسهم، يجب أن يتولد الحب نفسه بل أقوى منه تجاه ربه تعالى حتى يصبح بسبب غلبة هذا الحب كالمجانين وأن يقبل كل ألم وجرح بتحريض قوي من الحب الكامل ليرضى الله الله به بطريقة ما.عندما يستولي حب على الإنسان إلى هذا الحد تحترق الشوائب النفسانية كالعشب والكلاً بنار الحب، ويحدث في طبيعة الإنسان انقلاب عظيم فيُعطى قلبا لم يحظ به من قبل، ويُعطى عينين لم تكونا لديه من قبل، ويتمكن منه اليقين فكأنه اليقين فكأنه يرى الله في هذه الدنيا والحرقة واللوعة التي تلازم طبيعة الناس الماديين كالجحيم للحصول على الدنيا تزول نهائيا، ويُعطى حياة الراحة والهدوء والسعادة.فهذه الكيفية التي ينالها تُسمّى النجاة، لأن روحه تخرّ على عتبات الله بالحب وحرقة العشق وتنال السعادة الأبدية.ويتصل حب الله مع حبه، ويوصله إلى مقام الفناء في الله جل الذي يفوق البيان.إن للإنسان فطرة تُكنّ في طياتها حبَّ الله، فعندما يتزكى هذا الحب جيدا نتيجة تزكية النفس ويزيل صقل المجاهدات كدورتها، يصبح ذلك الحب في
حكم المرآة النقية لاستقبال تجلي الله تعالى.كما ترون أن المرآة النقية عندما توضع مقابل الشمس يملؤها ضوء الشمس حتى يبدو بسبب خطأ النظر وكأنها عين الشمس، ولكنها ليست بشمس في الحقيقة، بل استقبلت ضوءها كاملا بسبب النقاء التام.ثم هناك أمر آخر يبينه لنا كلام الله وهو أن للفطرة التي تستقبل ضوء الشمس الحقيقية بسبب نقائها التام أنواعا عدة تكون دائرة بعضها ضيقة، فيقبل أصحابها الضوء ولكن بقدر مساحة دائرتها.فمثلا المرآة الصغيرة التي تسمى العدسة المقعرة، فمع أنه يمكن أن تظهر فيها صورة ما، بل تنعكس فيها ملامح حقيقية لكل صورة، ولكنها تبدو صغيرة جدا، أما في مرآة كبيرة فتنعكس ملامح الصورة بحجم كبير.كذلك القدر من الضوء الذي تستقبله المرآة النقية حين تكون مقابل الشمس لا تستقبله مرآة أخرى فيها بعض الكدر..وهناك أمر آخر أيضا جدير بالذكر هنا وهو أن الحقيقة التي نسميها الشفاعة تضم في طياتها الفلسفة نفسها لأن القانون العام هو أنه عندما يقابل الظلام جوهرا ساطعا يتحول ذلك الظلام إلى النور.كذلك الفطرة النقية تصبح مثل المرآة النقية تماما عندما تقابل الشمس الحقيقية وتنال النور منها.يحدث أحيانا أنه عندما تقابل الفطرةُ المظلمة فطرةً منيرة ينعكس الضوء فيها أيضا بسبب المحاذاة فتصبح تلك الفطرة أيضا منورة.كما ترون أنه عندما يقع شعاع الشمس على مرآة نقية تنوّر المرآة بذلك الضوء جدارا يقابلها.هذه هي حقيقة الشفاعة."الشفع" في اللغة العربية تعني "الزوج"، وهو خلاف الوتر.فالذي ينشئ علاقته مع الإنسان الكامل وطاهر الفطرة وكأنه صار جزءا منه، فمن مقتضى قانون الطبيعة أن ينال نصيبا من أنواره.
٣٨٤ باختصار، إن فلسفة النجاة هي أن الذين ينشئون مع الله تعالى علاقة طيبة وكاملة يصبحون مظاهر نور لا يزول ويلقون أنفسهم في نار حبه ويتخلون عن وجودهم كما يتخذ الحديد صورة النار بعد دخوله النار، ولكنه ليس نارا في الحقيقة بل هو حديد وكما تحدث في أحباء الله تغيرات محيرة للعقول بسبب تجلياته كذلك يُحدث الله في نفسه أيضا تغييرات من أجلهم.صحيح تماما أن الله لا يتبدل وهو بريء من كل تغير ولكنه يُري من أجلهم أمورا غريبة وكأنه إله جديد وليس بالإله الذي هو إله عامة الناس، لأنه بقدر ما يتحرك إليه عباده الصالحون بأعمالهم الصالحة والصدق والوفاء وكأنهم يفنون من حيث وجودهم السابق كذلك يتحرك الله إليهم بالإكرام والنصرة فلا يُظهر لهم نصرته وتأييده وغيرته بشكل عادي بل تظهر تلك النصرة بصورة خارقة للعادة.إنه لمن المستحيل تماما ويتنافى مع سنة الله الكريمة أن يُلقي الله في جهنم عبدا يفنى في حبه بكل قلبه وروحه وإخلاصه الكامل.وكما هو مقتضى الحب الصادق فالمحب لا يرى أحدا يساوي حبيبه بل يعتبر كل واحد مقابله كالمعدوم ويستعد لإفناء نفسه في سبيله تعالى، فأنّى لشخص مثله أن يكون مورد العذاب؟ بل الحق أن الحب الكامل هو النجاة بعينها قولوا صدقا وحقا هل لكم أن تلقوا في النار عن قصد ولدكم الذي تحبونه كثيرا؟ فأنى لله الذي هو الحب كله أن يلقي في النار أولئك الذين يحبونه وكل ذرة من كيانهم غارقة في وعل حبه؟ فما من تضحية أفضل من أن يحب الإنسان ذلك الحبيب الحقيقي حتى يشعر بنفسه بأنه ما من أحد أحب إليه وأعز عليه منها في الحقيقة.وليس ذلك فحسب بل يتخلى من أجله عن حب نفسه أيضا ويختار حياة المرارة في سبيله.وعندما يصل نقطة الكمال هذه يكون ناجيا دون أدنى شك.وفي هذه المرتبة من الحب لا حاجة له إلى المرور بدوامة تناسخ ولا إلى صلب
٣٨٥ أحد.في هذه المرتبة من الحب لا يعدُّ الإنسان نفسه ناجيا كالخيال فقط بل يعلمه ذلك الحب باطنيا أن حب الله يحالفك ثم يحالفه حبُّ الله ويُنزل على قلبه السكينة والطمأنينة، ويبدأ الله تعالى بالمعاملة معه كما يعامل عباده الخواص والمقبولين؛ أي يجيب معظم أدعيته ويعلّمه دقائق المعرفة ويُطلعه على أمور غيبية كثيرة، ويتصرف في العالم بحسب رغبته، ويذيع صيته في العالم بالعزة والقبول.والذي لا يرتدع عن معارضته ويعكف على إهانته، فهو لا يذله ويخزيه في نهاية المطاف ويؤيد عبده هذا بوجه خارق للعادة.ويلقى حبه في قلوب مئات آلاف الناس ويُظهر على يده كرامات عجيبة وغريبة.فتنجذب قلوب الناس إليه بمحض إلهام من الله، فيسعون لخدمته بأنواع الهدايا وأصناف الغلال والنقود.ويكلّمه الله تعالى ويخاطبه بكلام عذب ومليء بالشوكة كما يخاطب الصديق صديقه.والله الذي هو خفي عن أعين الدنيا يُظهر نفسه عليه ويطمئنه بكلامه عند كل هم وغم ويكلّمه على أسلوب السؤال والجواب بكلامه الفصيح والعذب والمليء بالشوكة ويردّ على أسئلته ويخبره بالأمور التي تفوق علم الإنسان ،وقدرته ولكن ليس كالمنجمين بل كالملوك المقتدرين الذين يكون كلامهم كله مليئا بقدرة الملوك.ويكشف عليه نبوءات تحتوي على إكرامه وذلة عدوه، وانتصاره وهزيمة عدوه.باختصار، كذلك يُظهر الله تعالى عليه نفسه بكلامه وأعماله فيتطهر من كل ذنب ويبلغ الكمال الذي خُلق من أجله ولا يمكن لأحد أن يتخلّص من الذنوب بدونه.المشكلة الأكثر صعوبة على الإنسان هي أن ينال يقينا بوجود الله تعالى وينشأ في قلبه إيمان أن بطاعته تنال الراحة والسعادة في الدارين، وأن معصيته أساس كل ألم ومعاناة.فإذا تولّدت هذه المعرفة ابتعد الإنسان عن الذنب تلقائيا لأنه يعلم ويوقن أن الله يرى وهو قادر على أن يجعل هذه الدنيا
٣٨٦ جحيما له يعلم الجميع طبعا أنه عندما يعلم الإنسان بشيء مؤذ يهرب منه دائما لأنه يعلم أن في لمسه هلاكه.فمثلا لا يُقحم المرء يده في جحر حية لأنه 28 موقن أن فيه حيةً.كذلك لا يتناول المرء سُمَّا لعلمه أنه سم زعاف في الحقيقة.ولا يرى نفسه بحاجة إلى أية كفارة لاجتناب هذه الأشياء المؤذية ولا يرى حاجة إلى أن يُصلب أحد لينجو هو من هذه الأشياء المؤذية، بل كل ما يحتاج إليه هو أن يعلم علما يقينا أن شيئا ما مضر وفي لمسه يكمن هلاكه.فمثلا إذا علم المرء أن في هذا الجحر حية أو ذاك الشيء سمّ فتاك، يتولد في طبيعته خوف تلقائيا تجاه ذلك الشيء المؤذي بعد هذا العلم ولا يقترب منه قط بل يفر منه فرارا.فمثلا إذا رأى المريض أن تناوله شيئا معينا يؤذيه ويضر به ويهدد حياته، فهو يحترز من ذلك الشيء، بل لو أُعطي ذلك الشيء مجانا الرماه بعيدا.فلما كانت هذه المزية موجودة في طبيعة الإنسان في كل مكان ومناسبة ينشأ سؤال طبيعي: لماذا لا يجتنب الإنسانُ الذنب في حق الله؟ ولماذا لا يفر من هذا الشيء المؤذي كما يفر من الأشياء المؤذية الأخرى؟ الجواب الواضح على هذا السؤال هو أن الإنسان لا يوقن بضرر الذنب كيقينه بضرر الحية وغيرها.فلما عُلم بوضوح تام وتبين بجلاء أن الإنسان ليس بحاجة إلى كفارة لاجتناب الذنب بل هو بحاجة إلى أن يتسنى له يقين كامل بوجود الله ويوقن أن الذنب بحق سم زعاف، عندئذ سيحذر الذنب حذر الحية وغيرها.الله أيها الأحبة، السبب وراء عدم خوف الذنب هو أن الإنسان الغافل لا يؤمن إيمانا يقينيا بالله ولا بعقوبته، وإلا فالإنسان جبان في حد ذاته.فمثلا لو كان هناك بعض الناس جالسين تحت سقف بيت ووقع زلزال شديد فجأة، لأسرع
۳۸۷ الجميع إلى الخارج.والسبب الوحيد في ذلك هو يقينهم أنهم إذا بقوا تحت ذلك السقف بضع دقائق أخرى لوقعوا فريسة الموت.ولكن لأن المذنبين لا يوقنون بالله تعالى ولا بعقوبته، فيتشجعون على الذنب والذين يبحثون عن النجاة بطرق زائفة ومصطنعة يتشجعون على الذنوب أكثر لأن الوسيلة الزائفة لا تهب يقينا.أما من تسنى له علم اليقين بأن الله موجود في الحقيقة وأن المذنب لن يفلت من العقوبة، ولكن بشرط أن يكون العلم يقينيا وليس تقليدا فقط، فسينقذ نفسه من سبل الذنب حتما إن فلسفة النجاة اليقينية هي التي كشفها لنا القرآن الكريم فاقبلوها إن شئتم.وإذا طرح أحد في هذا المقام سؤالا: صحيح أن من طبيعة الإنسان أنه لا يقترب من شيء يحسبه مؤذيا له فعلا، بل يفر منه فرارا، ولكن كيف تتسنى للإنسان مرتبة يتأتى له منها يقين كامل بالله وعقابه حتى يهاب معصية الله وارتكاب كل ذنب كما يهاب حية أو شيئا مؤذيا آخر؟ جوابه: لقد رأيت بأم عيني وجربت شخصيا وكذلك الصلحاء الذين سبقوني أن في اتباع القرآن الكريم والنبي الله وبالصدق والإخلاص تكمن مزية أنه يؤدي إلى ترسيخ حب الله الواحد الذي لا شريك له في القلب رويدا رويدا، وأن قوة كلام الله الروحانية تهب روح الإنسان نورا تفتح به عينه فيرى عجائب العالم الثاني في نهاية المطاف؛ فمن ذلك اليوم يعلم علم اليقين أن الله.موجود ثم يظل ذلك اليقين في ازدياد مستمر حتى يبلغ من علم اليقين عين اليقين، ومن عين اليقين حق اليقين والذي يؤمن بالقرآن الكريم وبالنبي لا تتسنى له تزكية النفس في البداية بل يكون متورطا في عدة ذنوب ثم تأخذ رحمة الله بيده ويُقوَّى إيمانه بطرق خارقة للعادة.كما جاء الوعد في
من القرآن الكريم: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) أي يُعطى المؤمنون بشارات الله كذلك يتلقى هو أيضا بشارات عديدة الأنواع عن نفسه.وكلما تقوى إيمانه بواسطة تلك البشارات ظل يجتنب الذنوب ويتقدم إلى الحسنات.وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في القرآن الكريم بقوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ..أي المؤمنون ثلاثة أنواع: (۱) الظالمون أي الذين يرتكبون أنواع الذنوب وتكون كفة ذنوبهم ثقيلة.(۲) المقتصدون الذين يرتكبون الذنوب ويكسبون الحسنات أيضا إلى حد ما فيبقون على قدم المساواة في كلتا الحالتين.(۳) والناس في الدرجة الثالثة هم أولئك الذين يسبقون في الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.يتبين من إلقاء نظرة شاملة على زمن النبي الله الذي كان زمن صدر الإسلام، كيف أوصل تعليمه الله المؤمنين من الدرجة الأدنى المذكورة آنفا إلى الدرجة العليا؛ لأن حالة معظم المؤمنين الابتدائية التي جاءوا بها كانت أسوأ من وحوش البراري أيضا، فكانت حياتهم كالسباع وكانوا متورطين في أعمال وأخلاق سيئة حتى كانوا قد خرجوا من دائرة الإنسانية.وكانوا فاقدي الشعور حتى لم يدركوا أن أخلاقهم سيئة، أي تلاشت منهم حاسة التمييز بين الحسنة والسيئة.فالتأثير الأول الذي تركه فيهم تعليم القرآن و صحبة النبي الهلال لو كان أنهم شعروا بأنهم عراة تماما من لباس الطهارة ومتورطون في قذارة سوء الأعمال، كما يقول الله تعالى عن حالتهم الابتدائية أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ.ثم عندما يونس: ٦٥ فاطر: ۳۳ الأعراف: ۱۸۰
شعروا نتيجة صحبة النبي الله المقدسة وتأثير الفرقان الحميد الخلاب أن الحالة التي يقضون بها حياتهم هي حياة السبعية ومتلطخة بسوء الأعمال كليا، تحركوا إلى الأعمال الصالحة مستمدين القوة من روح القدس، كما يقول الله تعالى بحقهم: وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ.تلك كانت القوة الغيبية التي يُعطاها القدس الإنسان بعد الإيمان والصبر إلى حد ما.وبعد الحصول على تلك القوة لم يبقوا على درجة الشعور بعيوبهم وذنوبهم والنفور من رائحتها الكريهة، بل بدأوا يخطون خطوات حثيثة إلى الحسنات حتى طَوَوا مسافة كمال الصلاح إلى النصف ونشأت فيهم قوة لكسب الأعمال الصالحة مقابل الضعف وبذلك حازوا حالة وسطية.ثم خاضوا في المجاهدات بالاستفادة من قوة روح ليغلبوا الشيطان بأعمالهم الطيبة.فاختاروا ابتغاء مرضاة الله مجاهدات لا يمكن للإنسان أن يتصور أكبر منها.لم يعُدّوا في سبيل الله أرواحهم حتى كالعشب والكلأ فقُبلوا في حضرة الله وبرأ على قلوبهم من الذنوب كليا وألقى فيها حب الحسنات كما يقول: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا.باختصار، للمؤمنين ثلاث درجات الظالم والمقتصد، والسابق بالخيرات.ففي حال كونه ظالما يشعر الإنسان بسوء أعماله.وفي حال "مقتصد" يوفّق لكسب الحسنات، ولكنه لا يكسبها بالكامل.وفي حال "سابق بالخيرات" يكسب الحسنات بالكامل بقدر ما كان في وسع فطرته، ويسعى إلى الأمام لكسب الأعمال الصالحة، وفي هذه الدرجة يطلع الإنسان على عظمة الله وجلاله يراه لأن الله يُريه الطريق بتصرف رفاته الخارقة للعادة.وقدرته بحيث يبدو كأنه المجادلة: ۲۳ العنكبوت: ٧٠
۳۹۰ إن تأييد روح القدس الذي يحالف المؤمن هو إنعام من الله فقط ويناله الذين يؤمنون بالنبي الهلال وبالقرآن الكريم بصدق القلب ولا يُنال بمجاهدة بل بالإيمان وحده ويُنال مجانا.والشرط هو أن يكون المرء صادقا في الإيمان وثابت الأقدام وصابرا في الامتحان ولكن هداية الله اللدنية المذكورة في الآية: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا لا تُنال بدون المجاهدة.إن مثل المجاهد كمثل الأعمى إذ لا يزال بينه وبين البصير بعد شاسع ولكن تأييد روح القدس يجعله حَسَن الظن ويهبه قوة ليرغب في المجاهدة.وبعد المجاهدة يُعطى الإنسان روحا أقوى وأعظم كثيرا من الروح السابقة.ولكن ليس المراد من ذلك أن هناك روحين بل روح القدس واحدة غير أن هناك فرقا بين مراتب القوة.كما أنه ليس هناك إلهان اثنان بل إله واحد ولكن الإله نفسه ينصرهم بالتجليات الخاصة ويرتيهم ويُري من أجلهم العجائب الخارقة التي لا يُريها للآخرين قط.قد يفهم الجاهل من ذلك أن هناك إلهين اثنين لأن الإله الذي يعامله إله ضعيف نوعا ما في نظره والإله الذي يعامل المقبول يُري من أجله قوى عظيمة.والحق أن الله تعالى واحد والفرق الوحيد هو أن الذي يسعى إليه بصدق عظيم يُري الله أجله أعمالا عظيمة حتى أنه يجعل سماءه وأرضه جديدة هي من الله كالخدام له.ومن كان ضعيفا في صدقه وإخلاصه واستقامته وإيمانه يظهر أيضا له كضعيف ويتركه في أنواع الذلة والخيبة فيحصل هذا الشخص على الرزق بصعوبة بالغة، ويبقى أسير براثن الأسباب.أعود الآن إلى صلب الموضوع وأقول: الإله الذي يأمرنا القرآن الكريم بالإيمان به نشهد أنه قوي جدا وقادر على كل شيء ويملك القوى الكاملة.والذي يرجع إلى ذلك الإله بصدق القلب ويأتيه بالإخلاص وقدم الصدق تكون عاقبته أنه يصبح عديم المثال، كما أن الله عديم المثال، وتفتح عليه أبواب
۳۹۱ البركات السماوية.وكما أرى الله في السماء والأرض قدرات متنوعة، كذلك تظهر على يده أيضا القدرات العديدة والخوارق التي لا يقدر عليها الآخرون.وتُفتح عليه أبواب البركات السماوية ولا يغلبه أحد عند المبارزة لأن الله لسانه الذي يتكلم به ويده التي بها يستطيع أن يُظهر في الأرض تصرفات عجيبة.لا يمكن القول بأنه إله أو ابن لإله، ولكن الذي يتبع القرآن الكريم يصبح ويبلغ الحب والصدق منتهاهما يصبح مظهر صفات الله تعالى بصورة ظلية.الله وكل ذلك يكون نتيجة تلك القوة والخاصية العظيمة التي نلاحظها في كلام القرآن الكريم.وتلك القوة والخاصية العظيمة لا توجد في أي كتاب آخر يُعدّ كتابا إلهاميا عند أي قوم.قد يكون أي قوم.قد يكون سبب ذلك أن تلك الكتب قد أصابها التحريف والتبديل نتيجة مرور أزمنة سحيقة عليها، أو قد يكون السبب أن كلماتها لم تُحرَّف ولكن شوِّهت معانيها، أو لعل سببه عائد إلى أن الله سلب البركات من الكتب السابقة كلها لرفع الفُرقة في الزمن الأخير وجمع الناس من العالم كله على كتاب واحد فقط، وإلا ما السبب في أن الإنسان يستطيع أن يدخل في جماعة أولياء الله نتيجة اتباع صادق للقرآن الكريم والنبي ﷺ بينما لا توجد هذه المزية في تلك الكتب؟ لهذا السبب ينكر أتباع هذه الكتب كمالاتها التي يمكن أن تتسنى للإنسان في مقام القرب، بل يسخرون من الكرامات وخرق العادات ويستهزئون بها.ولكننا لا نستهزئ بهم قط غير أن نظرة على حرمانهم تثير بكاءنا حتما.لا أريد أن أسرد هنا قصصا قديمة بل أقول ما أعلمه شخصيا.لقد وجدت في القرآن الكريم قوة عظيمة، ورأيت في اتباع النبي ﷺ 1 الخامسة الآن غلبني نعاس خفيف وتلقيت إلهاما نصه: "أنت مني بمنزلة النجم الثاقب".أي أنت مني بمنزلة النجم الذي يهاجم الشيطان بالقوة والضوء.والساعة الآن والنصف صباحا من يوم الاثنين في ١٩٠٧/١٢/٢م منه.هي
۳۹۲ خاصية عجيبة لا توجد تلك الخاصية والقوة في أي دين آخر، وهي أن متبعه الصادق يصل إلى مقامات الولاية.ولا يُكرمه الله تعالى بكلامه فقط بل يُريه بفعله أنه هو الإله الذي خلق السماوات والأرض.عندئذ يسبق إيمانه في العلو نجوما عالية أيضا.فإنني صاحب تجربة في هذا المجال، إذ يكلمني الله، وقد أظهر على يدي أكثر من مئة ألف آية فمع أنني أحترم جميع الأنبياء في العالم وأبجل كتبهم ولكنني أعد الإسلام وحده هو الدين الحي لأن الله تعالى ظهر علي بواسطته هو.ومن كان يشك في بياني هذا عليه أن يأتيني للتحقيق في هذه الأمور ويمكث عندي شهرين على الأقل وسأتكفّل بنفقاته التي تكفيه لهذه المدة.إن الدين عندي هو ذلك الذي هو حى ويُري الله عيانا بمشاهد قدراته الحية والمتجددة، وإلا لا معنى لادّعاء صحة الدين ولا دليل عليه.
۳۹۳ ملخص المقال كما كتبت مفصلا في هذا المقال أن الأمر القاطع واليقيني هو أن هناك ضرورة إلى كتاب إلهامي للحصول على الهداية الكاملة واليقين الكامل، لأن المعرفة التامة التي بواسطتها يتحتم على كل إنسان أن يبلغ مرتبة عالية من أجل نجاته لا تتسنى بواسطة العقل وحده قط.وقد بينت في هذا المقال بالتفصيل أن النجاة تعتمد على الحب التام لأن الحب وحده يقطع العلاقات المجازية كلها ويجعل الله يقوم مقامها.لا يضحي الإنسان بنفسه لأحد ولا يتحمل المعاناة ولا يختار حياة المرارة من أجل أحد ولكن الذي يحبه يرى الموت من أجله حياة عندما تتقوى علاقة الإنسان بالله تعالى بحيث يرى الموت في سبيله مدعاة لسعادته بسبب كمال الحب وينجذب قلبه إليه فلا يذكر الله وعل طمعا في أنه سيُدخله الجنة أو ينجيه من الجحيم بل يتولد في داخله جذب مجهول فلا يعلم صاحبه أيضا لماذا ذلك الجذب وما حقيقته؟ إن معرفة المحبوب ضرورية لهذا الحب لتعرف محاسنه ومزاياه التي هي الدافع وراء العشق والحب.كما أن المحب الأسير في حب الحبيب لا يحتاج لنشوء الثورة في الحب إلا إلى الاطلاع على جمال الحبيب، وأن يلمح ملامحه الجميلة والخلابة، ولا يحتاج إلى العلم بوزن المخ في رأسه أو حجم كبده أو كمية العظام والأوردة والعضلات في جسده كله بل لا حاجة إلى هذه الشروح في سبيل الحب.كذلك الذين ينتشون ويسكرون في حب الله تعالى لا يكونون بحاجة إلى بحوث مثلا كيف يخلق الله الأرواح وبأي دليل يُفهم أن الذرات أيضا من خلقه لأنه لا حاجة إلى هذه البحوث في سبيل الحب.فكروا بأنفسكم بأنكم تحبون أولادكم وزوجاتكم إلى درجة لو أصيب الولد أو الزوجة بمرض خطير، لطار صوابكم
٣٩٤ وعمّ الظلام أمام أعينكم ولا يخطر ببالكم قط لتكميل هذا الحب أبدا أن تطلعوا على تركيبهم الداخلي، لأن اليقين الذي أنتم حائزون عليه، بأنه ولدكم أو زوجتكم، يجعلكم قلقين ومضطربين بسبب ذلك المرض.كذلك الاطلاع على الأسرار الداخلية غير المتناهية ليس ضروريا في سبيل الله ولحبه وعشقه.والحق أنه ليس بوسع الإنسان أصلا أن يطلع عليها كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ.أي أن العقول لا تصل كنهه ولكنه محيط بالعقول كلها.إذًا، فيكفي الاطلاع من أجل معرفة الله على أنه موجود فعلا ويتحلى بصفات القدرة والرحم والعلم والحكمة وغيرها التي هي ضرورية للربوبية الكاملة ،والجزاء، وأنه خالقنا أو أن فضله تعالى ومنته كذا وكذا علينا لأن هذا القدر من المعرفة ضروري لنشوء الحب.فمثلا إذا لم يعرف أحد أباه أو أمه تحت جنح الليل لن يحترمهما كما يجب.فالمعرفة ضرورية لنشوء الحب والأدب ولكن فقط بقدر ما يقتضيه الحب.وكما بينتُ من قبل فإن المعرفة تفوق الحب وإن الحب يتولد نتيجة المعرفة فقط.كذلك إن معرفة الله ضرورية قبل حبه، ولكن بالقدر الضروري للحب.ولكن لا علاقة في هذا المقام للمعرفة التي يتوصل إليها الجراح مثلا بتشريح البطن أو شق الرأس بل تكفي بقدر ما هي ضرورية للابن ليعرف أباه ولو قرأتم القرآن الكريم من البداية إلى النهاية لعلمتم أنه يعلم المعرفة نفسها التي بها يتولد الحب ويثور عشق الله في القلب.تستطيعون أن تفهموا أنه يكفي لجعل أحد يحب أحدا أن يقال إن ذلك الشخص وحيد عصره في الجمال وعديم النظير في الحسن، وصورته مليحة ١ الأنعام: ١٠٤
وعيناه تشدان القلوب إليهما، وشفتاه عذبتان وصوته رخيم ووجهه يلمع كالقمر وهو عديم المثال في حسنه وجماله وملاحته ولا شريك له في ذلك.وليس ضروريا أن تذكروا له تركيبه الداخلي وتذكروا كيفية معدته أو طحاله أو كليتيه أو رئتيه وغيرها لأنه لا علاقة لهذه الأشياء مع الجمال.كذلك ما ذكر الله تعالى من محاسنه ومزاياه في القرآن الكريم تبين كلها الحسن والأخلاق الفاضلة فقط، وبقراءتها يتبين بكل صراحة أن القرآن يريد أن يجعل قارئه عاشقا لله تعالى.والحق أنه جعل آلاف الناس عاشقين، وأنا العبد الضعيف أحدهم.ذا الذي يستطيع أن يشرح أحوال الله الباطنية.أي طبيب يستطيع أن يطلع على أوردة الله وعضلاته مثلا؟ وما دام الحال أنه لم ينته إلى الآن شرح تركيبة الإنسان الداخلية و لم يتسنّ إلى الآن مجهر تظهر به ديدان تملك الإنسان في لمح البصر، فكيف يمكن شرح صفات الله تعالى؟ فمن الوقاحة والتجاسر الادعاء أن الأرواح والذرات ليست من خلق الله، ولأنه لا يستطيع أن يخلق من العدم لذا لا يستطيع أن يهب النجاة الأبدية أيضا.وكأنه قد أُحيط بالله علما وقد اكتشف الإنسان قدراته كلها وأصبح الله تعالى محدودا في حدود.يا مواطني الأحباء، إن هذا الكلام ليس صحيحا ولن أقبل قط أن المراد من عبارة الفيدا هو كما فهمتموه إن وُجدت فيه عبارة مثلها.أنى لنا أن نصل إلى کنه قدرات الله العميقة فكل شأن من شؤونه يفوق علمنا.هل لنا أن نقدر أن الذي خلق الشمس والقمر والنجوم والأرض التي بسطها لنسكنها كان بحاجة إلى خلقها إلى مدة كحاجة الإنسان إليها لصنع شي ما؟ هل لأحد أن يقول أية عربة حملت الاسمنت أي اللبن وما شابهها من المستلزمات لصنع تلك الأشياء؟ ومن هم البناؤون الذين بنوها؟ بل الحق أن تلك الأشياء كلها خُلقت بأمره
٣٩٦ ول.فهل لنا أن نقيس أعماله على أعمال الإنسان؟ والذي يريد أن يحيط بقدراته هو ينكره في الحقيقة.لم يعطنا الله علما إلا أن الأرواح والأشياء كلها كلمات الله أي تُخلق بكلمة الله وهذا سر الربوبية، وهناك آلاف الأسرار في نظام قدرته، ومن يستطيع أن يحلها؟ تذكرت بالمناسبة أنني رأيت ذات مرة ربي ذا الجلال بصورة تمثلية في عالم الكشف وكتبتُ عدة نبوءات ووددت أن أطلب منه الله التوقيع عليها، إذ تراءت لي صورته في عالم التمثل.وعندما قدمت تلك الورقة وقع الله عليها بالحبر الأحمر.وقبل التوقيع هزّ القلم ووقعت قطرات السائل الأحمر على ثيابي كذلك سقط السائل الأحمر نفسه على شخص مخلص اسمه "عبد الله" سكان من مدينة "سنور" وهو موظف في ولاية بتياله وكان جالسا على مقربة مني.وقد بل قميصي بذلك السائل مع أننا كنا جالسين تحت السقف، وكان محالا أن يسقط السائل من مكان آخر.فقد أخذ ميان عبد الله السنوري ذلك القميص مني تيمنا ولا يزال موجودا.وسواء أقبل أحد بهذا الحادث أم لا ولكنني أؤمن به على أن الله قد خلق مادةً من العدم الاعتقاد بأن الله لا يستطيع الخلق من العدم لا يليق إلا بالذي اطلع على جميع أسرار الله تعالى، وإلا فهو تدخل دون أن كل ما يخلقه الله إنما هو خلق من العدم، ولكنه ليس نوع من مبرر.مع الله العدم الذي يستطيع الإنسان إدراكه ، بل هذا السر في علم الله وحده.وإذا نُبذ الاعتقاد القائل بأن كل شيء مخلوق بيد الله تعالى، سيصبح وتلك الأشياء سواسية، وتتلاشى سيطرة الله عليها ولا بد من قبول أن هذه الأشياء التي جاءت إلى حيز الوجود من تلقائها ليست بحاجة إلى سند قط، ولولا وجود الله فلا حرج عليها.وفي هذه الحالة يصبح الدعاء لتزكية من الله الروح عبثا ولغوا محضا، لأن الأشياء التي لم يخلقها الله تعالى أصلا كيف يمكن
۳۹۷ أن يتصرف بها؟ كذلك لا يبقى في هذه الحالة أي دليل على وجوده تعالى لأنه ما دامت الأرواح كلها وقواها جاءت إلى حيز الوجود من تلقائها، وكذلك ذرات الأجسام موجودة من تلقائها فأي دليل قاطع بقى على وجود الإله؟ فليوضح لنا هذا الأمر أحد، لأن الوصل والفصل بين الأرواح والذرات التي وجدت من تلقائها لا يكون دليلا على وجود الإله.ألا يجوز وألا يمكن أن يكون الاتصال والانفصال أيضا تلقائيا بين الأرواح والذرات التي وُجدت تلقائيا وأن تتصل ببعضها تلقائيا، وتنفصل أيضا تلقائيا؟ فليكن واضحا أنه إذا أراد الإنسان أن يقوم بالتحقيق في وجود الله وصفاته – مشغوفا بفلسفته الزائفة ومنطقه الكاذب- بالأسلوب الذي يحقق به في وجود المخلوقات فلن يخرج من هذه الدوامة سالما قط بل سيهلك حتما في مرحلة من المراحل.فمثلا سيفكر أن الله تعالى خلق هذا وخلق هذا وسينشأ في ذهنه سؤال: من الذي خلق الله؟ كذلك سوف تنشأ في قلبه أسئلة أخرى كثيرة ومضلة من هذا القبيل.منها مثلا: أين الله، ولماذا لا يُرى؟ فسيسحق إيمانه في دوامة هذه الأسئلة كما تُسحق الحبة في الرحى.بل يجب أن يكون معلوما أن هذا الأسلوب الذي اختارته الأمم الأخرى ليس أسلوبا صحيحا وسليما لمعرفة الله.وكانت نتيجة هذا التدخل غير المبرر دائما أن الناس مثلهم صاروا ملحدين الله حاسبين في نهاية المطاف، لأن الأمور التي اعتمدوا عليها للاطلاع على الشرح العقلي لوجود الله وصفاته لم تُطمئن قلوبهم طمئنة كاملة، فأنكروا وجود أدلتهم غير كافية.لذلك توجد فئة "ناستك "مت" في الهند بكثرة، وأكثر من بلاد أخرى لهذا السبب وُجدت فِرقُ اتخذوا لتسكين قلوبهم أشياء أخرى آلهة لهم.إذا، فإن عدد الفئات التي نشأت في الهند التي تعبد الشمس والقمر والنار والماء والأحجار وغيرها فقد نتجت هذه العبادة عن الاضطراب نفسه في
۳۹۸ الحقيقة.لولا التدخل غير المبرر في ذات الله وصفاته لنشأت هذه الفرق بعدد الله کشرح قليل جدا.لذلك ما عدَّ الله في القرآن الكريم الشرح عن وجود الطبيب أو الجراح جائزا وقال: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ أَي الله كما أن ذات الله تفوق علم الإنسان وفهمه كذلك أفعاله عل أيضا تفوق علم الإنسان وفهمه.ولقد أثبت الله تعالى ذاته وصفاته في القرآن الكريم بآيات عظيمة و لم يكلّف عقل الإنسان بما لا يطيقه.غير أنه ذكر بعض مخلوقاته أيضا وقال بأن العقل العادي ليس قادرا على فهمها كمثل الملائكة الذين سخرهم تعالى لبعض الخدمات مثل تبليغ الوحي والإلهام لعل جاهلا يقول هنا: إذا كان الله تعالى قادرا على كل شيء فما حاجته إلى خلق الملائكة؟ يكفي جوابا على ذلك أن مثل هذه الحاجة كمثل الحاجة مع كونه تعالى قادرا إلى الهواء لإيصال الصوت إلى الآذان أو الحاجة إلى الشمس لهداية الأعين إلى السبيل.والحق أنه كما وضع الله تعالى بعض الأسباب في النظام المادي لتكميل بعض الأشياء، كذلك وضع الأسباب نفسها في النظام الروحاني أيضا، ليتطابق كلا النظامين ويدلا على إله واحد.كذلك يعترض بعض من قليلي الفهم على وجود الشيطان أيضا، وكأن الله تعالى بنفسه أراد أن يضل الناس.ولكن الأمر ليس كذلك، بل كل فطين يستطيع أن يدرك أن في كل شخص توجد قوتان؛ تسمى إحداهما بالعربية لمَّة الشيطان" وتسمَّى الأخرى "لِمَّة الملك".أي من الملحوظ في فطرة الإنسان أن تنشأ تارة في قلبه فكرة حسنة لأسباب غير معروفة فيرغب قلبه في الأعمال الحسنة، وتارة أخرى تنشأ في قلبه فكرة سيئة، فتميل طبيعته إلى السيئة والمنكرات والظلم والشر.فالقوة التي هي منبع شيطان الأفكار السيئة هي بحسب القرآن الكريم والقوة التي هي منبع الأفكار الحسنة هي ملاك.ولا بد
۳۹۹ من الاعتراف بهاتين القوتين المشهودتين ،والملحوظتين أيا كان أسلوب اعترافكم بهما.كذلك هناك اعتراضات كثيرة وُجهت إلى القرآن الكريم نتيجة الجهل وقلة العلم فقط، لا مع أن تلك الأمور كلها منبع الحق والحكمة.ولكن العناد بلاء يسمح لصاحبه بالتفكير.وقد تلقيت في أثناء كتابة هذا المقال الإلهامات التالية التي رأيت من المناسب أن أسجلها هنا ونصها: "إنهم ما صنعوا هو كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى.أنت مني بمنزلة روحي.أنت مني بمنزلة النجم الثاقب.جاء الحق وزهق الباطل." والآن أنهي هذا المقال، وأدعو الله تعالى أن يهدي الحضور كلهم، بل العالم كله إلى الصراط المستقيم، آمين.والسلام على من اتبع الهدى.الراقم: العبد الضعيف: ميرزا غلام أحمد القادياني، المسيح الموعود في ۱۹۰٧/١٢/٢م، يوم الاثنين ٢٥ شوال ١٣٢٥ هجري، ۱۷ مغهر ١٩٦٤ سمت١ التقويم الهندي.(المترجم)